تهذيب اللغة - ج ٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٦

الحيَّات ضخم عظيم أحمر يصيد الفأر. وقال : وهي ببعض المواضع تستعار للفأر ، وهي أنفع في البيت من السنانير. وقال حُمَيد بن ثَور :

شديداً توقّيه الإمامَ كأنما

يَرى بتوقّيه الخِشاشة أرقما

فلما أنته أنشبت في خِشاشه

زِماماً كثعبان الحَمَاطة محكما

قال الأزهري : ومَثْعب الحوض : صُنْبُوره وهو ثَقْبه الذي يخرج منه الماء. قال : وروي عن ثعلب في قوله تعالى وتشبيهه عصا موسى بثعبان مبين في موضع ، وقد شبَّهها في موضع آخر بالجان فقيل الثعبان : أضخم الحَيَّات جُثّة ، والجانّ : أخفُ الحيَّات وألطفها غَلْقاً فكيف شبّهت العصا مرة بالثعبان ومرَّة بالجانّ؟ فقال شبَّهها في ضخمها بالثعبان ، وفي خفَّتها بالجان ونحو ذلك قال الزجاج.

بثع : أبو زيد : بَثِعت لِثَةُ الرجل تَبْثَع بُثُوعاً إذا خرجت وارتفعت حتى كأنَّ بها وَرَماً ، وذلك عيب وإذا ضحك الرجل فانقلبت شفته فهي باثعة أيضاً.

وقال الليث : البَثَغ ظهور الدم في الشفتين وغيرهما من الجَسَد. قال : وهو البَثَغ ـ بالغين ـ في الجسد.

قلت : لم أسمع البَثَغ ـ بالغين ـ لغيره.

بعث : قال الليث : بَعَث البعير فانبعث إذا حللت عِقَاله وأرسلته لو كان باركاً فأثرته. قال : بعثته من نومه فانبعث. قال والبَعْث : بَعْث الجُنْد إلى العَدُوّ. قال والبَعْث يكون نَعْتاً للقوم يُبْعثون إلى وجه من الوجوه ؛ مثل السفَر والرَكْب. بَعيث : اسم رجل. قلت : هو شاعر معروف من بني تميم ؛ وبَعيث لقب له ، وإنما بعَّثَه قولُه :

تبعَّث مني ما تبعَّث بعد ما استمرْ

قلت : وبُعاث ـ بالعين ـ : يوم من أيام الأوس والخزرج معروف ذكره الواقدي ومحمد بن إسحاق في «كتابيهما». وذكر ابن المظفّر هذا في كتاب «الغين» فجعله يوم بُغَاث فصحّفه. وما كان الخليل رَحِمَه الله يخفي عليه يومُ بعاث ؛ لأنه من مشاهير أيَّام العرب ، وإنما صحَّفه الليث وعزاه إلى خليل نفسِه ، وهو لسانه. والله أعلم.

وقال الله جلّ وعزّ : (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) [يس : ٥٢] هذا وقف التَمَام وهو قول المشركين يوم النُشُور وقوله جلّ وعزّ : (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يس : ٥٢] قول المؤمنين و (هذا) رفع بالابتداء والخبر (ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) وقرىء (يا ويلنا مِن بَعْثِنا من مرقدنا) أي مِن بَعْث الله إيانا من مرقدنا. والبعث في كلام العرب على وجهين أحدهما الإرسال ؛ كقول الله تعالى : (ثُمَ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى) [الأعراف : ١٠٣] معناه : أرسلنا. والبَعْث : إثارة بارِكٍ أو قاعد. تقول بعثت البعير فانبعث أي أثرته فثار. والبَعْث أيضاً : الإحياء من الله للموتى. ومنه قوله جلّ وعزّ : (ثُمَ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) [البَقَرَة : ٥٦] أي

٢٠١

أحييناكم.

وفي حديث حذيفة : «إن للفتنة بَعْثات ووَقَفات فمن استطاع أن يموت في وَقفاتها فليفعل».

وقال شمر في قوله : «بعثات» أي إثارات وهَيْجات. قال : وكلّ شيء أثرتَه فقد بعثتَه. وبعثت النائم إذا أهْبَبتَه. قال : والبَعْث : القوم المبعوثون المُشْخصون. ويُقَال : هم البَعْث بسكون العين.

وفي «النوادر» : يقال : ابْتَعَثْنا الشام عَيْراً إذا أرسلوا إليها رِكَاباً للميرة. وباعِيثاء : موضع معروف. الأصمعيّ : رجل بَعِث : لا يكاد ينام ، وناقة بَعِثة : لا تكاد تَبْرُك.

[باب العين والثاء مع الميم]

ع ث م

عثم ، مثع ، ثعم : مستعملة.

عثم : أبو عبيد عن الكسائي : عَثَمت يَدُه تعثِم ، وعثَمتها أنا إذا جَبَرتها على غير استواء. وقال أبو زيد في العثم مثله.

وقال الفرّاء : تَعْثُم ـ بضم الثاء ـ وتعْثُل مثله.

وقال الليث : العَثْم : إساءة الجَبْر حتى يبقى فيه أَوَد كهيئة المَشَش. ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العَيْثُوم : الأنثى من الفِيلة. وقال أبو عبيد : العَيْثُوم : الضَبُع والذكر ضِبْعان.

وقال الليث : العَيْثوم : الضخم الشديد من كل شيء. ويقال للفيلَة الأنثى عَيْثوم. قال : ويقال للفيل الذكر : عَيْثُوم وجمعُه عَيَاثيم.

وقال الشاعر :

وقد أسير أمام الحيّ تحملني

والفضلتين كِنَازُ اللحم عَيثوم

وصف ناقته فجعلها عَيْثُوماً. قال : والعَيْثام : شجر يقال له البيضاء ، الواحد عَيْثامة. أبو عبيد عن عمرو : العَثْمْثَم : الشديد العظيم من الإبل. وقال الليث : العَثمْثَم من الإبل : الطويل في غِلَظ ، والجمع عَثَمْثَات. قال : والأسد عَثَمْثَم ، يقال ذلك من ثِقَل وَطْئه. بَغْل عَثَمْثَم : قويّ. وقال الجعديّ يصف جملاً :

أتاك أبو ليلى يجوب به الدُجَى

دُجَى الليل جَوّابُ الفلاة عَثَمْثَم

أبو العباس عن ابن الأعرابي : إني لأعْثِم له شيئاً من الرَجَز أي أنتف. وقال ابن الفرج : سمعت جماعة من قيس يقولون : فلان يَعْثِم ويَعْثِن أي يجتهد في الأمر ويُعْمِل نَفْسه فيه. وقال ابن شميل : العَثْم في الكسر والجرح : تداني العظم حتى هَمّ أن يَجْبُر ولم يَجْبُر بعد كما ينبغي. يقال : أجبَر عظمُ البعير؟ فيقال : لا ولكنه عَثَم ولم يَجْبُر. وقد عَثَمَ الجرح وهو أن يُكْنب ويَجْلُب ولم يبرأ بعد. ثعلب عن ابن الأعرابي : العُثْمُ جمع عاثم وهم المُجبَّرون ، عَثَمه إذا جَبَره. عمرو عن أبيه قال : العُثْمان : الجانّ ، جاء به في باب الحيَّات : أبو عبيد ابن عمرو : العَثْمْثَم : الشديد العظيم من الإبل. قال الأزهري : عُثمان : فُعْلان من العَثْم.

ثعم : الليث : الثَّعْم : النَزْعُ والجرُّ. ويقال : تثعَّمتْ فلاناً أرضُ بني فلان إذا أعجبَتْه

٢٠٢

وجرَّته إليها ، ونحوُ ذلكَ كذلك. قلت ولا أبعده من الصواب وما سمعت الثعْم في شيء من كلامهم غير ما ذكره الليث.

مثع : أهمله الليث وهو معروف. روى أبو عبيد عن أبي عمرو قال : المَثَع : مشية قبيحة للنساء وقد مَثَعث تَمْثَع. وقال شمر : تَمْثَع وتَمْثُع : وأنشد :

كالضبع المثعاء عنَّاها السُدُم

قال : المَثْعاء : الضبع المُنْتِنة.

أبواب العين والراء

[باب العين والراء مع اللام]

ع ر ل

استعمل من وجوهه : رعل.

رعل : أبو حاتم عن الأصمعيّ : الأَرْعل : الأحمق ، وأنكر الأرعن. قال : ومَثَل للعرب : زاده الله رَعَالة ، كلَّما ازداد مَثَالة : أي كلَّما ازداد غِنى زاده الله حُمْقاً.

وقد رَعِل يَرْعل فهو أرعل. وعُشْب أرعل إذا انثنى وطال ، وأنشد :

أرعل مجَّاج الندى مَثّاثا

وناقة رعلاء ، وهو أن يُشَقّ أُذُنُها ثم يُتْرَك نائساً. وقال الفِنْد الزِمَّاني :

رأيت الفِتية الأعزا

ل مثل الأيْنُق الرُّعْل

وفي «النوادر» : شجرة مُرْعِلة ومُقْصِدة أي رَطْبَة. فإذا عَسَتْ رَعْلتها فهي مُمْشِرة إذا غَلظت. أبو عبيد عن الأصمعيّ يقال لفحل الدَقَل : الراعل. قال : والرِّعَال : الدَّقَل من النخيل واحدتها رَعْلة. قال : وقال أبو شَنْبَل الأعرابيّ : استرعلت الغَنَمُ إذا تتابعت في السير. وروي عن الأحمر : من السمات في قَطْع الجِلْد الرَّعْلة ، وهو من يُشقَّ من الأذن شيء ثم يترك معلَّقاً. قال أبو عبيد : ويسمّى ذلك المعلّق الرَّعْل. قلت : وكلّ شيء متدلّ مسترخٍ فهو أَرْعَل. ويقال للقلفاء من النساء إذا طال موضع خَفْضها حتى يسترخي : أرعل. ومنه قول جرير :

رَعَثاتِ عُنْبُلها الغِدَفْل الأرعل

أراد بعُنْبُلها بَظْرها. والغِدَفل : العريض الواسع. وقال الليث الرَّعْل : شدَّة الطعن ، يقال : رَعَله بالرمح ، وأرعل الطعنَ. قال : والرَّعْلة : القَطِيع من الخيل تكون في أوائلها ، وهو الرَّعِيل. وتجمع الرَّعَلة رِعَالاً. وقال امرؤ القيس :

وغارةٍ ذات قيروان

كأن أسرابها الرِّعَالُ

وقال بعضهم : يقال للقطعة من الفرسان : رَعْلة ، ولجماعة الخيل : رَعيل. والمُسْتَرعِل : الذي ينهض في الرعيل الأول. وأنشد أبو عبيد وابن الأعرابي قول تأبَّط شَرّاً :

متى تبغني ما دمتُ حيّاً مسلَّماً

تجدني مع المسترعل المُتَعَبْهِل

وقال الليث : الرَّعْلة النعامة ، سميت بذلك لأنها لا تكاد تُرَى إلا سابقة للظليم. قال : وتجمع الرَّعْلة من الخيل أرعالاً ثم أراعيل. قال : والرَّعْلة : هي القُلْفة. وهي أيضاً : الجِلدة من أذن الشاة تُشَقّ فتترك نائسة معلَّقة في مؤخر الأُذُن. وقال

٢٠٣

قُطْرُب : الرِّعْل : ذكر النَحْل ، وبه سمّي رِعْل بن ذَكْوان. وقال أبو زيد : رَعَله بالسيف رَعْلاً إذا نفحه به ، وهو سيف مِرْعَل ومِخْذَم. ثعلب عن ابن الأعرابيّ عن المفضل : هو أخبث من أبي رِعْلة وهو الذئب ، وكذلك أبو عِسْلَة. وقال ابن الأعرابي : العرب تقول للأحمق : كلما ازددت مَثَالة ، زادك الله رعالة. قال : والرعالة : الرعونة ، والمَثَالة : الغِنى.

[باب العين والراء مع النون]

ع ر ن

رعن ، رنع ، عرن ، نعر : مستعملة.

عرن : أبو عبيد عن الأصمعيّ : العَرَن : قَرْح يخرج بقوائم الفُصْلان وأعناقها. قلت : وأما عَرَن الدوابّ فهو غير عَرَن الفِصْلان ، وهو جُسُوء في رُسْغ رجل الدابَّة وموضع ثُنَنها من أُخُر لشيء يصيبه من الشُقَاق أو المَشَقّة من أن يرمح جَبلاً أو حجراً. وقال الليث : العَرَن مثل السَّحَج يكون في الجِلد فيُذهِب الشعر فهو عَرِن وبه عَرَن وعُرْنة وعِرَان ، على لفظ العِضَاض والخِرَاط. أبو عبيد عن الأصمعيّ قال : الخِشاش : ما كان من عود أو غيره يجعل في عَظْم أنف البعير. قال : والعِرَان : ما كان في اللحم فوق الأنف. وقد عرنت البعير ، فهو معرون. قلت : وأصل هذا من العَرَن والعِرَين وهو اللحم. قال أبو عبيد : قال الأمويّ والعَرِين : اللحم وأنشد لغادية الدُبَيريَّة :

موشَّمة الأطراف رَخْص عَرِينها

وقال الأصمعيّ العِرَان : عُود يجعل في وَتَرَة الأنف ، وهو ما بين المنخرين ، وهو الذي يكون للبَخَاتيّ. وقال الليث : العِرْنين : الأنْف ، وجمعه عَرَانين. قلت : وعرانين الناس : وجوههم وأشرافهم. وعرانين السحاب : أوائل مَطَره. ومنه قول امرىء القيس يصف غيثاً :

كأن ثبيراً في عرانين وَبْله

من السيل والغُثَّاء فلكَةُ مِغْزَل

أبو العباس عن ابن الأعرابي وعن عمرو وعن أبيه قالا : الظِمْخ واحدتها ظِمْخة ، وهو العِرْن واحدته عِرْنة : شجرة على صورة الدُلْب تُقطع منه خُشُب القصَّارين التي تدفن ، ويقال لبائعها : عَرّان. وقال ابن السكيت : يقال : سِقَاء معرون : مدبوغ بالعِرْنة وهو خَشَب الظِمْخ. قال : وهو شجر خشِن يشبه العَوْسجَ إلّا أنه أضخم منه ، وهو أثِيث الفَرْع وليس له سوق طوال ، يُدَقّ ثم يطبخ فيجيء أديمه أحمر. قال : وقال أبو عمرو : العِرْنة : عروق العَرَتُن. وقال شمر : العَرتُن ـ بضم التاء ـ : شجر واحدتها عَرَتُنة. وقال غيره : يقال منه أدِيم مُعَرْتَن. أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العَرِين : صِياح الفاختة. والعَرِين : اللحم المطبوخ. والعرين : الفِناء. والعَرِين : الشَوْك وفي الحديث : دُفِن بعض الخلفاء بعرين مكَّة أي في فنائها. والعران : القتال. والعران : الدار البعيدة. وقال أبو عبيد : العران : البعد ، يقال : دارهم عارنة أي بعيدة. وأنشد قول ذي الرُمَّة :

٢٠٤

ألا أيها القلب الذي برَّحت به

منازل مَيّ والعِرَان الشواسِعُ

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أعرن الرجل إذا تشقَّقت سيقان فِصْلانه. وأعرن إذا وقعت الحِكَّة في إبله. وأعرن إذا دام على أكل العَرَن وهو اللحم المطبوخ.

وقال الليث : العَرَين : مأوى الأسد. وقال الطِرِمّاح يصف رَحْلاً :

أحمّ سراةِ أعلى اللون منه

كلون سراة ثعبان العَرِين

وقيل : العرين : الأجمة ههنا.

وقيل الليث : عُرَينة : حيّ من اليَمَن.

وعَرِين : حيّ من تميم ولهم يقول جرير :

عَرِين من عُرَينة ليس مِنّا

برئت إلى عُرَينة من عَرِين

وقال أبو عمرو : العَرَن : رائحة لحم له غمَر ؛ يقال : إني لأجد رائحة عَرَنِ يدك. قال : وهو العَرَم أيضاً.

أبو عبيد عن الفراء قال : إذا كان الرجل صِرّيعاً خبيثاً قيل : هو عِرْنة لا يُطاق. وقال ابن أحمر يصف ضعفه :

ولست بعِرْنة عَرِك سلاحي

عصا مثقوفَة تقص الحمارا

يقول : لست بقويّ. ثم ابتدأ فقال : سلاحي عصا أسوق بها حماري ولست بِمُقرِن لقِرني. وقال أبو عبيد : يقال : هذا ماء ذو عُرانية إذا كثروا وارتفع عُبَابه.

قال : ومنه قول عديّ بن زيد العِبَاديّ :

كانت رياح وماء ذو عُرانية

وظُلمة لم تدع فَتْقاً ولا خَلَلا

وعِرْنان : اسم واد معروف. وبطن عُرَنة : وادٍ بِحذَاء عرفات.

رعن : الرَّعْن : الأنْف العظيم من الجَبَل تراه متقدّماً. ومنه قيل للجيش العظيم : أرْعن ، شبّه بالرَّعْن من الجبل. قلت : وقد جعل الطِرِمّاح ظلمة الليل رَعُونا. شبّهها بجبل من الظلام في قوله يصف ناقة تشقّ به ظُلَم الليل :

تشُقّ مُغَمِّضات الليل عنها

إذا طرقت بمِرْداس رَعُون

ومغمِّضات الليل : دياجيرُ ظُلَمِها. بمرداس رعون : بجَبَل من الظلام عظيم.

ويقال : الرَّعُون : الكثير الحركة.

وقال الليث : الرَّعْن من الجبال ليس بطويل ، وجمعه رُعُون.

ويقال : بل هو الطويل.

وقال رؤبة :

يعدلُ عنه رَعْنُ كل صُدّ

قال : ورَعُن الرجلُ يرْعُن رَعَناً ورُعُونة فهو أرعن : أهوج. والمرأة : رَعْناء.

قال : ورُعِن الرجل فهو مَرعون إذا غُشي عليه. وأنشد :

كأنه من أوار الشمس مرعون

أي مَغْشِيّ عليه. ورُعَيْن : اسم جبل باليمن فيه حِصْن ينسب إليه. وذو رُعَين : ملك من الأذواء معروف. وكان يقال للبصرة :

٢٠٥

الرَّعْناء لِما يكثر بها من وَمَد البحر وعكِيكه.

وقال الله جلّ وعزّ : (لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا) [البَقَرَة : ١٠٤] كان الحسن يقرؤها : (لا تقولوا راعناً) بالتنوين. والذي عليه قراءة القُرَّاء : راعِنا غير منوّن.

وقيل في راعِنا غير منوّن ثلاثة أقوال قد فسّرناها في معتلّ العين عند ذكرنا المراعاة وما يُشتقّ منها.

وقيل : إن (راعنا) كلمة كانت تجري مجرى الهُزْء فنُهِي المسلمون أن يَلْفِظوا بها بحضرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذلك أن اليهود لعنهم الله كانوا اغتنموها فكانوا يَسُبّون بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في نفوسهم ، ويتستّرون من ذلك بظاهر المراعاة منها ، فأمِروا أن يخاطبوه بالتعزير والتوقير.

وقيل لهم : (لا تَقُولُوا راعِنا) كما يقول بعضكم لبعض (وَقُولُوا انْظُرْنا) أي انتظرنا. وأما قراءة الحسن (راعناً) بالتنوين فالمعنى : لا تقولوا : حُمْقاً ، من الرعونة.

نعر : الحرّانيّ عن ابن السكيت : نَعَر الرجل يَنْعَر نَعِيراً ، من الصوت. قال : وقال الأصمعيّ في حديث ذكره : ما كانت فتنة إلا نَعَر فيها فلان

أي نَعَق فيها. وإن فلاناً لنعَّار في الفِتَن. وقد نَعَر العِرْق بالدَم يَنْعَرُ ، وهو عِرْق نعَّار بالدم إذا ارتفع دَمُه. ونَعِر الفرس والحمار يَنْعَرُ نَعراً إذا دخلت في أنفه النُّعَرة. أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال : من أين نَعَرت إلينا؟ أي من أي أقبلت. وقال شمر : الناعر : على وجهين : الناعر : المصوّت ، والناعر : العِرْق الذي يسيل دماً. وقال المخبَّل السعديّ :

إذا ما هُم أصلحوا أمرهم

نَعَرت كما يَنْعَر الأخدع

يعني : أنه يُفسِد على قومه أمرهم. أبو عبيد عن الأصمعيّ : إن في رأسه لنُعَرة أي كبْراً. قال : والنَّعرة أيضاً : ذبابة. قال وقال الأُموي : إن في رأسه لنَعَرة ـ بفتح النون ـ أمراً يهُمّ به. قال : ويقال للمرأة ولكل أنثى : ما حملت نَعَرة قط ـ بالفتح ـ : أي ما حملت مَلقوحاً أي ولداً. ويقال : نَعَر الجرح بالدم إذا فار ، يَنْعَر. وجرح نَعَّار : لا يكاد يَرْقأ. ونَعَر الرجل وغيره يَنْعِر إذا صوَّت. أبو عمرو : النَّعِر : الذي لا يستقرّ في مكان. الأحمر : النُّعَرة : ذبابة تسقط على الدواب فتؤذيها. ومنها يقال : حمار نَعِر.

وقال ابن مقبل :

ترى النُّعَرات الخُضْر حول لَبَانه

أُحَاد ومثنَى أصعقتها صواهلُهْ

أي قتلها صهيله. وقال الليث : نَعَر يَنْعِر نَعِيراً ، وهو صوت الخيشوم. قال : والنُّعَرة : هي الخيشوم ، ومنها يَنْعِر الناعر. قال : وجرح نَعُور بصوته من شدَّة خروج دمه منه. قال : والنُّعَرة : ذبابة الحمير الأزرق. والنُّعَرة : ما أجنَّت الْحمرُ في أرحامها ، شبه بالذباب ، وأنشد :

والشَدَنيات يساقطن النُّعَر

قال : وامرأة نعَّارة : صَخَّابة. ويقال غَيْرى

٢٠٦

نَعْرى للمرأة. قلت : نَعْرى لا يجوز أن يكون تأنيث نَعْران وهو الصخَّاب ؛ لأن فعلان وفَعْلى يجيئان في باب فَعِل يَفْعَل ولا يجيء في باب فَعَل يَفعِل. وأمَّا قول الليث في النعير : إنه صوت في الخيشوم ، وقوله : النُّعَرة : الخَيشوم فما سمعته لأحد من الأئمّة ، وما أُرى الليث حفِظه. ويقال : سَفَر نَعُور إذا كان بعيداً. ومنه قول طرفة :

ومثلي ـ فاعلمي يا أم عمرو ـ

إذا ما اعتاده سفر نَعُور

وهِمَّة نَعُور : بعيدة والنعُور من الحاجات : البعيدة. ونَعَرت الرِيح إذا هبَّت مع صوت ، ورياح نواعر ، وقد نَعَرت نُعَاراً. والنَّعْرة : مثل البَغرة من النَوْء إذا اشتدّ به هبوب الريح ومنه قوله :

عمِل الأنامل ساقطٍ أوراقهُ

متزحّر نَعَرَت به الجوزاء

ويقال : لأُطيرنّ نُعَرتك أي كِبْرك وجهلك من رأسك. والأصل في ذلك أن الحمار إذا نَعِر ركب رأسه. فيقال لكل من ركب رأسه : فيه نُعَرة.

رنع : أهمله الليث. وقال شمر : قال الفرّاء : كان لنا البارحة مَرْنَعة وهي الأصوات واللعب. وقال غيره : يقال للدّابة إذا طَرَدت الذباب برأسها : رَنَعت. وأنشد شمر لمصاد بن زهير :

سما بالرانعات من المطايا

قويّ لا يضلّ ولا يجورُ

أبو عبيد عن الكسائي : أصبنا عنده مَرْنعة من طعام أو شراب ، كما تقول : أصبنا مَرْنعة من الصيد أي قطعة. سَلَمة عن الفرّاء : قال : المَرْنَعَة : الروضة. وقال أبو عمرو : هي المرنعة والمرغدة للروضة. وفي «النوادر» : يقال : فلان رانع اللون ، وقد رَنَع لونهُ يَرْنَع رُنُوعاً إذا تغيَّر وذَبَل.

[باب العين والراء مع الفاء]

ع ر ف

عرف ، عفر ، رفع ، رعف ، فرع ، فعر : مستعملات.

عرف : الليث : عَرَف يَعْرف عِرْفاناً ومَعْرِفة. وأمر عارف : معروف عَرِيف. قلت : لم أسمع أمر عارف أي معروف لغير الليث.

والذي حصَّلناه للأئِمَّة : رجل عارف أي صَبُور. قال أبو عبيد وغيره : يقال : نزلت به مصيبة فوُجِد صَبُوراً عارفاً. قلت : ونفس عارفة ـ بالهاء ـ مثله. وقال غيره :

فصبرتُ عارفة لذلك حُرَّة

ترسو إذا نفسُ الجَبَان تَطَلَّعُ

ونفس عَرُوف : صبور. إذا حُمِلت على أمر احتملَتْه. وأنشد ابن الأعرابي :

فآبُوا بالنساء مردَّفاتٍ

عوارفَ بعد كِنٍّ وائتحاح

أراد : أنهن أقررن بالذلّ بعد النِعمة.

ويروى :

... (وابتحاح)

فمن رَوَى :

... (وائتجاح)

فهو من الوِجَاح وهو السِتْر. ومن رَوَى :

... (وابتحاح)

فهو من البحوحة ، وهكذا رواه ابن الأعرابي. ويقال : اعترف فلان إذا ذَلَّ وانقاد. وانشد الفرّاء :

أتضجرين والمطِيّ معترفْ

٢٠٧

أين تعترف وتصبر. وذكّر (معترف) لأن لفظ المطيّ مذكَّر. وأمَّا قول الله جلّ ذكره (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) [المُرسَلات : ١] فقال بعض المفسّرين فيها : إنها أُرسلت بالمعروف ، والعرف والعارفة والمعروف واحد ، وهو كلّ ما تعرفه النفْس من الخير وتَبْسَأ به وتطمئنّ إليه. قال الله جلّ وعزّ (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [الأعرَاف : ١٩٩]. وقيل في قوله : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) [المرسلات : ١] : إنها الملائكة أُرسلت متتابعة كعُرف الفرس. وقرئت (عُرْفاً) و (عُرُفاً) والمعنى واحد. وقيل (الْمُرْسَلاتِ) : هي الرُسُل. أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : عَرَف الرجل إذا أكثر من الطِيب ، وعرِف إذا ترك الطيب. وقول الله جلّ وعزّ : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) [التَّحْريم : ٣] وقرىء (عَرَف بعضه) بالتخفيف.

قال الفراء : من قرأ : (عَرَّفَ) بالتشديد فمعناه : أنه عرَّف حَفْصة بعضَ الحديث وترك بعضاً. قال : وكأنّ من قرأ (عَرَف) بالتخفيف قال : غَضِب من ذلك وجازى عليه ؛ كما تقول للرجل يسيء إليك : والله لأعرفنَ لك ذلك. قال : وقد ـ لعمري ـ جازى حفصةَ بطلاقها. قال الفرّاء : وهو وجه حسن ، قرأ بذلك أبو عبد الرحمن السُلَميّ. قلت : وذهب أبو إسحاق إبراهيم ابن السريّ في معنى (عَرَّفَ) و (عَرَف) إلى نحو ممَّا قاله الفرّاء. قلت : وقرأ الكسائي والأعشى عن أبي بكر عن عاصم : (عَرَفَ بعضه) خفيفةً. وقرأ حمزة ونافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر اليحصبيّ (عَرَّفَ بَعْضَهُ) بالتشديد.

وأما قول الله جلّ وعزّ : (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) [محَمَّد : ٦] فإن الفرّاء قال : يعرَّفون منازلهم إذا دخلوها ، حتى يكون أحدهم أعرف بمنزله في الجنة منه بمنزله إذا رجع من الجمعة إلى أهله. وقلت : وهذا قول جماعة من المفسّرين ، وقد قال بعض اللغويين : إن معنى (عَرَّفَها لَهُمْ) أي طيَّبها ، يقال : طعام معرَّف أي مطيَّب. وقال الأصمعي في قول الأسود بن يعفر يهجو عِقَال بن محمد بن شفين :

فتُدخَل أيد في حناجر أُقْنِعت

لعادتها من الخَزِير المعرَّف

أُقنعت أي مُدَّت ورُفِعت للَّقْم. والله أعلم بما أراده. وقال أبو العباس : قال بعضهم في قول الله عزوجل : (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) : وهو وضعك الطعام بعضَه على بعض من كثرته. وخَزِير معرَّف : بعضه على بعض.

وقال ابن الأعرابي : العَرْف : الرائحة ، تكون طيّبة وغير طيّبة. وأما قول الله جلّ وعزّ : (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ) [الأعراف : ٤٨] فالأعراف في اللغة : جمع عُرْف ، وهو كل عال مرتفع. وقال بعض المفسّرين : الأعراف : أعالي سُور بين أهل الجَنَّة وأهل النار. وأصحابها قوم استوت حسناتهم وسيّئاتهم ، فلم يستحقُّوا الجنَّة بالحسنات ،

٢٠٨

ولا النارَ بالسّيئات ، فكانوا على الحِجَاب الذي بين الجَنَّة والنار. قلت : رَوَى ذلك جرير بن حازم عن قَتَادة عن ابن عباس ، حدَّثني بذلك أبو الحسن الخُلْديّ عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن جرير. وقال قوم : هم ملائكة ، وأنهم يعرفون أهل الجنة بإسفار وجوههم ، وأهلَ النار باسوداد وجوههم. وقال أبو إسحاق : ويجوز أن يكون جمعه على الأعراف على معرفة أهل الجنة وأهل النار. والله أعلم بما أراد. ويقال : عَرَف الرجل ذنبه إذا أقرَّ به. وقال أعرابي : ما أعرف لأحد يصرعني ، أي لا أقِرّ به. ويقال : أتيت فلاناً متنكّراً ثم استعرفت أي عرَّفته مَن أنا. وقال مزاحم العُقَيليّ :

فاستعرِفا ثم قولا إن ذا رحمٍ

هَيْمانَ كلَّفَنا من شأنكم عَسِراً

فإن بغَتْ آية تستعرفان بها

يوماً فقولا لها العُودُ الذي اختُضرا

أبو عبيدة : اعترفت القوم : سألتهم.

وأنشد قول بشْر :

أسائلةٌ عُمَيرةُ عن أبيها

خلال الركب تعترف الركابا

وأمّا الحديث الذي جاء في اللقطة : «فإن جاء من يعترفها» فمعناه : معرفته إيَّاها بصفتها وإن لم يرها في يدك.

وقال الفرّاء : رجل عَرُوفة بالأمر أي عارف. أو ناقة عَرْفاء إذا كانت مذكَّرة يُشْبه الجِمال. وقيل لها : عَرْفاء لطول عُرْفها والضَبُع يقال لها : عَرْفاء لطول عُرْفها. والمعارف : الوجوه. وقال الهذليّ :

متكورين على المعارف بينهم

ضرب كتعطيط المزاد الأثجل

والمَعْرَف واحد. وقيل : ناقة عرفاء : مشرِفة السَنَام. ومعارف الأرض : ما عُرِف منها. وسَنَام أعرف : طويل. ويقال للرجل إذا ولّى عنك بودّه : قد هاجت معارف فلان ، ومعارفه : ما كنت تعرفه من ضنّه بك. ومعنى هاجت : أي يَبِست كما يهيج النبات إذا يبس. وأعراف الرياح والسحاب : أوائلها وأعاليها. الحرَّانيّ عن ابن السكيت : أصابت فلاناً عَرْفة ، وهي قُرْحة تخرج في بياض الكفّ. وهو رجل مَعْروف إذا أصابته العَرْفة. قال : وهو يوم عَرَفة غير منوَّن ، ولا يقال : العرفة. وقد عرَّف الناسُ إذا شهدوا عرفة. وهو المعرَّف للموقف بعرفات. والأعراف : ضرب من النخل. وأنشد بعضهم :

يغرس فيها الزاد والأعرافا

والنابجيَّ مُسْدِفاً إسدافاً

ويقال للحازي عرَّاف. وللقُناقِن : عَراف. وللطبيب عرَّاف لمعرفة كل منهم بعلمه. وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «من أتى عَرَّافاً أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد» ، أراد بالعَرَّاف : الحازي أو المنجّم الذي يدَّعي علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه. وعريف القوم : سيِّدهم ، وقد عَرَف عليهم يَعْرُف عَرافة. وقال علقمة بن عَبَدة :

٢٠٩

بل كلّ حيّ وإن عزُّوا وإن كرُموا

عريفهم بأثافي الشرّ مرجوم

والعُرُفَّان : دويْبَّة صغيرة تكون في رمال عالج ورمال الدَهْنى. ويقال : اعرورف الدم إذا صار له من الزَبد شِبْه العُرْف. وقال الهذليّ :

مستنَّة سنَنَ الفَلو مِرشَّة

تنفي التراب بقاحِز معرورف

يصف طعنة فارت بدم غالب. ويقال : اعرورف فلان للشرّ كقولك : اجْثَألّ وتشزّن.

وقال الليث : العُرْف : عُرْف الفرس : ومَعْرَفة الفرس : أصل عُرْفه. وقال غيره : هو اللحم الذي ينبت عليه العُرْف.

ثعلب عن ابن الأعرابي : العُرْف : المعروف ، بالضمّ. والعِرْف ـ بالكسر ـ : الصبر ، وأنشد :

قل لابن قيس أخي الرقيَّات

ما أحسن العِرْف في المصيبات

وقال : أعرف فلان فلاناً وَعرَّفه إذا وقَفَه على ذنبه ثم عفا عنه.

رعف : أبو عبيد عن الأصمعيّ : رَعَف يَرْعَف ، ورَعَفَ يَرْعُف ، هكذا رواه عنه.

وقال أبو عبيد : الرَّعْف : السَبْق رَعَفت أَرْعُف. وقال الأعشى :

به تَرعُف الألفُ إذا أرسلت

غداةَ الصباح إذا النَقْعُ ثارا

قلت : وقيل للدم الذي يخرج من الأنف : رُعاف لسَبْقه علْمِ الراعف.

وقال عُمَر بن لَجَأ :

حتى ترى العُلْبة من إذرائها

يَرعُف أعلاها من امتلائها

وقال الليث : الراعف : أنف الجبل ، وجمعه الرواعف. والراعف : طَرَف الأرْنَبة. وفي حديث عائشة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سُحِر وجعل سِحْره في جُفّ طَلْعة ودُفِن تحت راعوفة البئر.

قال أبو عبيد : راعوفة البئر : صخرة تُترك في أسفل البئر إذا احتُفرت ، تكون نابتة هناك ، فإذا أرادوا تَنْقية البئر جلس المنقي عليها.

قال : ويقال : بل هو حَجَر ناتىء في بعض البئر يكون صُلْباً لا يمكنهم حفره فيتركُ على حاله. ويقال : هو حجر يكون على رأس البئر يقوم عليه المستقي.

قال الليث : ويقال له : أرْعُوفة.

شمر عن خالد بن جَنْبة قال : راعوفة البئر : النَطَّافة. قال : وهي مثل عين على قدر جُحْر العقرب نيط في أعلى الركيَّة فيجاوزونها في الحَفْر خمس قِيَم وأكثر ، فربما وجدوا ماء كثيراً تَبَجُّسه. قال : وبالروبنج عين نَطَّافة عَذْبة وأسفلها عين زُعَاق ، فتسمع قطران النَطاقة فيها : طرَقْ طرَقْ.

قال شمر : من ذهب بالراعوفة إلى النطَّافة فكأنه أخذه من رُعَاف الأنف وهو سيلان دمه وقَطَرانُه. ويقال ذلك لسيلان الذَنِين. وأنشد قوله :

٢١٠

على منخريه سائفاً أو معشّراً

بما انفضّ من ماء الخياشيم راعف

وقال شمر : من ذهب بالراعوفة إلى الحجر الذي يتقدّم طيّ البئر ـ على ما ذكر عن الأصمعي ـ فهو من رَعَف الرجل أو الفرس إذا تقدّم وسَبَق. وكذلك استرعف. سَلَمة عن الفرّاء قال : الرُّعَافِيّ : الرجل الكثير العطاء مأخوذ من الرعاف وهو المطر الكثير.

وقال غيره : يقال للمرأة لُوثي على مراعفك أي تلثَّمي ومراعفها : الأنف وما حوله.

وقال أبو عبيدة : بينا نحن نذكر فلاناً رَعَف به الباب أي دخل علينا من الباب. أبو حاتم عن الأصمعيّ يقال : رَعَف يَرعَف ويَرعُف. ولم يعرف رُعِف ولا رَعُف في فعل الرعاف.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الرعوف : الأمطار الخِفاف. قال : ويقال للرجل إذا استقطر الشَحْمةَ وأخذ صُهَارتها : قد أودف واستودف ، واسترعف واستوكف واستدام واستدمى كله واحد.

عفر : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان إذا سجد جافي عَضُديه حتى يَرى مَنْ خَلْفه عُفرة إبطيه. قال أبو عبيد : قال أبو زيد والأصمعيّ : العُفْرة : البياض ، ولكن ليس بالبياض الناصع الشديد ، ولكنه لون الأرض. ومنه قيل للظباء : عُفْر إذا كانت ألوانها كذلك ، وإنما سميت بعَفَر الأرض وهو وجهها ويقال : ما على عَفَر الأرض مِثله أي ما على وجهها. وروي عن أبي هريرة أنه قال : لدَمُ عفراء أحبّ إليّ في الأضحية من دم سوداوين.

قال : ويقال : عفَّرت فلاناً في التراب إذا مرّغته فيه ، تعفيراً. قال أبو عبيد : والتعفير في غير هذا يقال للوحشيَّة : هي تعفّر ولدها. وذلك إذا أرادت فطامه قطعت عنه الرضاع يوماً أو يومين. فإن خافت أن يضرّه ذلك ردَّته إلى الرضاع أياماً ثم أعادته إلى الفِطَام ، تفعل ذلك مرات حتى يستمرّ عليه ، فذلك التعْفير ، والولد معفَّر.

قال أبو عبيد : والأمّ تفعل مثل ذلك بولدها الإنْسِيّ. وأنشد بيت لَبِيد يذكر بقرة وَحْشية وولدها :

لمعفَّر قَهْد تنازع شِلْوه

غُبْس كواسب ما يُمَنّ طعامُها

قلت : وقيل في تفسير المعفَّر في بيت لَبيد : إنه ولدها الذي افترسه الذئاب الغُبْس فعفَّرته في التراب أي مرَّغته. وهذا عندي أشبه بمعنى البيت. وقال الليث : يقال : عَفَرته في التراب عفراً وأنا أعفره وهو منعفر الوجه في التراب ومعفَّر الوجه وقد عفَّرته تعفيراً. وقال : اعتفرته اعتفاراً إذا ضربت به الأرض فمغَثْته. وقال الشاعر يصف شَعَر امرأة طال حتى مَسَّ الأرض :

تهلِك المِدْراة في أكنافه

وإذا ما أرسلته يعتفِرْ

أي يسقط شعرها على الأرض ، جعله من عَفَرته فاعتفر. وروي أن رجلاً جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له : إني ما قرِبت أهلي مذ

٢١١

عَفَار النخل وقد حَمَلت ، فلاعن بينهما. أبو عبيد عن الأصمعيّ : عَفَار النخل : تلقيحها وإصلاحها ، يقال : قد عَفَروا نخلهم يعفِرون. ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : العَفَار : أن تترك النخيل بعد التلقيح أربعين يوماً لا تسقى. قال : والعفَّار : لقّاح النخيل. أبو حاتم عن الأصمعي : العَفر : سُقي الزرع بعد إلقاء الحَبّ. قلت : عفر الزرع : أن يسقى سَقْية ينبت عنه ، ثم يترك أياماً لا يسقى فيها حتى يعطش ، ثم يسُقى فيصلح على ذلك. وأكثر ما يفعل ذلك بخِلْف الصيف وخضراواته. وقيل في قول الله جَل وعز ذكره : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها) [الواقعة : ٧١ ، ٧٢] : إنها المَرْخ والعَفَار ، وهما شجرتان فيهما نار ليس في غيرهما من الشجر ، ويسوَّى من أغصانهما الزِنَاد فيُقْتدح بها. وقد رأيتهما في البادية. والعرب تضرب المَثَل بهما في الشرف العالي فتقول : في كل الشجر نار ، واستَمجَد المَرْخ والعَفَار. استَمْجَد : استكثر. وذلك أن هاتين الشجرتين من أكثر الشجر ناراً ، وزنادهما أسرع الزناد وَرْياً ، والعُنَّاب من أقلّ الشجر ناراً ، وقال المبرد : يقال : رجل مَعَافرِيّ. ومَعَافر بن مُرّ أخو تميم بن مرّ. قال : ونسب على الجمع لأن مَعَافر اسم لشيء واحد ؛ كما تقول لرجل من بني كلاب أو من الضباب : كلابيّ وضِبابيّ. فأَمَّا النسب إلى الجماعة فإنما توقع النسب على واحد ؛ كالنسب إلى المساجد تقول : مسجديّ ، وكذلك ما أشبه. وتقول : بُرْد مَعافريّ ؛ لأنه نسب إلى رجل اسمه معافر. وقال أبو زيد : من الظباء العُفْر وهي التي تسكن القِفاف وصَلَابة الأرض وهي حُمْر. وكذلك قال أبو زياد الكلابيّ. أبو عبيد : اليَعْفور : ولد البقرة الوحشيَّة. وقال الليث : اليعفور : الخِشْف سمّي يعفوراً لكثرة لزوقه بالأرض.

وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : يقال للسَوِيق الذي لا يُلَتّ بالأُدْم عَفِير. وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : يقال : أكل فلان خبزاً قَفَاراً وعَفَاراً وعفيراً أي بلا شيء معه. وقال : عليه العَفَار والدبَار وسوء الدار. أبو عبيد عن الفرّاء قال : العفير من النساء : التي لا تُهدي شيئاً ؛ قال الكميت :

وإذا الخُرَّد اغْبررْن من المحْ

ل وصارت مِهداؤهن عفيرا

أبو عُبَيد : العِفْرية ـ خفيفة ـ على مثال فِعللة ، وهو من الإنسان : شَعَر الناصية ، ومن الدابّة : شَعَر القَفَا. قال وقال : الأصمعيُ : العِفْرية النِفْرية ؛ الرجل الخبيث المنكَر. ومثله العَفِر. وامرأة عَفِرة. قلت : ويقال : لعِفْرية الرأس : عِفْراةٌ. وقال الله عزوجل : (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ) [النَّمل : ٣٩] قالوا : العفريت : النافذ في الأمر المبالغ فيه مع خُبْث ودهاء يقال : رجل عِفْر وعفريت وعِفْرية وعُفَارية بمعنى واحد. وقال الفرّاء : من قال : عِفْرية فجمعه عفارٍ ، ومن قال : عفريت جمعه عفاريت.

٢١٢

وجاز أن يقول : عفارٍ ؛ كقولهم في جمع الطاغوت : طواغيت وطواغٍ. وقال شمر : امرأة عِفِرَّة ورجل عِفِرّ بتشديد الراء. وأنشد في صفة امرأة غير محمودة الصفة :

وضِبَّرة مثل الأتان عِفِرَّة

ثجلاء ذات خواصر ما تشبع

قال الليث : ويقال للخبيث : عِفِرِّيّ أي عِفِرّ ، وهم العِفِرِّيُّون. قال : وأسد عَفَرْنى ولَبُؤة عَفَرْناة إذا كانا جريئين. قال : وأمّا لَيْثُ عِفِرِّين فَإن العرب تسمِّي به دوَيْبة يكون مأواها التراب والسهل في أصول الحيطان تدوِّر دُوّارة ، ثم تندس في جوفها : فإذا هجت رَمَت بالتراب صُعُداً. قال ويقال للرجل ابن الخمسين : ليثُ عِفِرين إذا كان كاملاً.

أبو عبيد عن الأصمعيّ وأبي عمرو : يقال : إنه لأشجع من ليث عفرّين هكذا قالا في حكاية المَثَل واختلفا في التفسير.

فقال أبو عمرو : هو الأسد.

وقال الأصمعيّ : هو دابَّة من الحرباء يتعرّض للراكب.

قال : وهو منسوب إلى عِفِرّين : اسم بلد ونحوَ ذلك.

رَوَى أبو حاتم عن الأصمعيّ يقال : إنه دابّة مثل الحرباء يتحدّى الراكب ويضرب بذَنَبه.

وقال الليث : العِفْر : الذكر الفحل من الخنازير.

أبو عبيد عن الأحمر : لقيته عن عُفْر أي بعد حين.

وعن أبي زيد : لقيته عن عُفْر : بعد شهر ونحوه.

وأما قول المرّار :

على عُفُر من عن تناء وإنما

تَدانى الهوى من عن تناء وعن عفر

وكان هجر أخاه في الحبس بالمدينة فيقول : هجرت أخي على عُفْر أي على بعد من الحيّ والقرابات أي ونحن غُرَباء ولم يكن ينبغي لي أن أهجره ونحن على هذه الحالة. قالوا : والعُفْر : البعد. ويقال : العُفْر : قلَّة الزيارة ، يقال : إلا عن عُفْر أي بعد قلَّة زيارة ، ويقال : دخلْت الماء فما انعفرتْ قدماي أي لم تبلغا الأرض. ومنه قول امرىء القيس :

وتر الضبّ حفيفاً ماهراً

ثانياً بُرْثُنه ما ينْعفرْ

وبُرْد معافري : منسوب إلى مَعَافر اليمن. ثم صار اسماً لها بغير نسبة فيقال : مَعافر. أبو سعيد : تعفّر الوحشيّ تعفُّراً إذا سمن. وأنشد :

ومجرُّ منتحر الطليْ تعفّرت

فيه الفِرَاء بجِزع واد مُمكِن

قال : هذا سحاب يمرّ مرّاً بطيئاً لكثرة مائه. كأنه قد انتحر لكثرة مائه وطليّه : مناتح مائه بمنزلة أطلاء الوحش وتعفّرت : سمنت. والفِراء : حُمُر الوحش. والممكن : الذي أمكن مرعاه. وقال ابن الأعرابي : أراد بالطليّ نَوْء الحَمَل ونَوْء الطَلِيّ والحَمَل واحد عنده. قال : ومنتحِر أراد أنه نحره فكان النَوْء بذلك المكان من

٢١٣

الحَمَل. قال : وقوله : واد ممكن يُنْبت المَكْنان وهو نَبْت من أحرار البقول.

ويقال : رماني عن قَرْن أعفر أي رماني بداهية. ومنه قول ابن أحمر :

وأصبح يرمي الناس عن قرن أعفرا

وذلك أنهم كانوا يتّخذون القرون مكان الأسِنَّة ، فصار مثلاً عندهم في الشدَّة ؛ تنزل بهم. ويقال للرجل إذا بات ليلته في شِدّة تُقْلقه : كنت على قَرْن أعفر. ومنه قول امرىء القيس :

كأني وأصحابي على قرن أعفرا

أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال للحمار الخفيف : فلْو ويَعْفور وهِنْبِر وزِهْلِق. وعَفَارة : اسم امرأة. ومنه قوله :

بانت لتحزننا عَفَارة

سميت عَفَارة بالعَفَار من الشجر الواحدة عَفَارة. وعُفَير من أسماء الرجال.

فرع : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا فَرَعة ولا عَتِيرة». قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : هي الفَرَعة والفَرَع ، بنصب الراء.

قال : وهو أوَّل ما تلِده الناقة. وكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم في الجاهلية فنهُوا عنه. وقال أوس بن حَجَر يذكر أَزْمَة في شدة البَرد :

وشُبّه الهَيْدَب العَبَام من الأق

وام سَقْباً مجَللاً فَرَعا

أراد : مجلَّلاً جِلد فَرَع فاختصر الكلام ؛ كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] : أهل القرية. ويقال : قد أفرع القوم إذا فعلت إبلهم ذلك. أبو عبيد عن أبي عمرو : فرَّع الرجل في الجبل إذا صَعِد فيه وفرّع إذا انحدر. قال : وقال مَعْن بن أوس في التفريع :

فساروا فأما جل حَيّي ففرّعوا

جميعاً وأما حَيّ دَعْد فصعَّدا

قال شمر : وأفرع أيضاً بالمعنيين. ورواه شمر : (فأفرعوا) أي انحدروا. وقال الشمّاخ :

لا يدركنَّكَ إفراعي وتصعيدي

قال : إفراعي : انحداري. شمر : استفرع القوم الحديث وافترعوه إذا ابتدءوه. وقال الشاعر يرثي عبيد بن أيُّوب :

ودلَّهتني بالحزن حتى تركتني

إذا استفرع القومُ الأحاديثَ ساهيا

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «فرّعوا إن شئتم ولكن لا تذبحوه غَرَاة حتى يَكْبَر». قال شمر : وقال أبو مالك : كان الرجل في الجاهلية إذا تمّت إبله مائة بعير قدَّم بَكْراً فنحره لصنمه. وذلك الفرع وأنشد :

إذا لا يزال قتيل تحت رايتنا

كما تشحَّط سَقْبُ الناسك الفَرَعُ

قال شمر : وقال يزيد بن مُرَّة : من أمثالهم : أول الصيد فَرَع. قال : وهو مشبَّه بأول النتاج. أبو عبيد عن الأصمعي :

من القِسِيّ القَضيب والفَرَع. فالقضيب : التي عُملت من غصن واحد غير مشقوق. والفَرَع : التي عملت من طَرَف القضيب. ويقال : افترعت الجارية إذا ابتكرتها.

٢١٤

ويقال له افتراع لأنه أول جماعها. ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أفرع : هبط ، وفرّع : صَعِد. وقال كثيِّر :

إذا أفرعت في تَلْعة أصعدت بها

ومن يطلب الحاجات يُفرِع ويصعد

قال : وفَرَع إذا علا. وأنشد :

أقول وقد جاوزن من صحن رابغ

صحاصح غُبْراً يَفْرَع الآل آلُها

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الفَرَعة : القَمْلة العظيمة. والفَرَعة أيضاً : أعلى الجبل ، وجمعها فِراع. ومنه قيل : جبل فارع إذا كان أطول ممّا يليه. وبه سمّيت المرأة فارِعة.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فَرَع بين جاريتين من بني عبد المطلب أي حَجَز وفرق بينهما ، يقال : فَرَعت بين المتخاصمين أَفْرَعُ إذا حجزت بينهما.

وقال أبو تراب : فرَّع بين القوم وفرّق بمعنى واحد. ورَوَى في ذلك حديثاً بإسناد له عن أبي الطُفَيل قال : كنت عند ابن عباس فجاء بنو أبي لَهَب يختصمون في شيء بينهم ، فاقتتلوا عنده في البيت ، فقام يفرّع بينهم أي يحجِز بينهم.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الفارع : عَوْن السلطان ، وجمعه فَرَعة.

قلت : هو مثل الوازع ، وجمعه وَزَعة أيضاً.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : فَرَعت فرسي أَفْرَعه أي قَدَعته. قال : وقال أبو عمرو : الفرع أيضاً : القِسْم.

وقال أبو زيد : تفرّع فلان القومَ إذا ركبهم وشتَمهم.

وقال غيره : تفرَّع فلان القوم إذا علاهم.

وقال الشاعر :

وتفرّعنا من ابني وائل

هامة العِزّ وجُرْثوم الكرم

ويقال : رجل فارع ، وَنقاً فارع : مرتفع طويل.

وقال أبو سعيد : الفَرَعة : جِلْدة تزاد في القِرْبة إذا لم تكن وفراء تامَّة. أبو عبيد : أفرعت المرأة : حاضت. وأفرعت إذا رأت دَماً قبل الولادة.

وقال الأعشى :

صددت عن الأعداء يوم عُبَاعب

صدودَ المذاكي أفرعتها المساحِلُ

أي أدْمتها اللُجُم كما تدمى الحائض أبو عبيدة : الفوارع : تلاع مشرفات المسايل. ورجل فَرْع قومه أي شريف قومه. وقال أبو سعيد في قول الهذليّ :

وذكّرها فَيْحُ نجم الفرو

ع من صَيْهَد الحَرّ برد الشَمَال

قال : هي فروع الجوزاء ، بالعين. قال : وهو أشدّ ما يكون الحرّ. فإذا جاءت الفروغ ـ بالغين ـ وهي من نجوم الدَلْ وـ كان الزمان حينئذٍ بارداً ، ولا فَيْح يومئذٍ. الليث : أعلى كل شيء : فَرْعه. وفَرَع فلان فلاناً إذا علاه. وفرعت رأس الجَبَل : علوته. قال : والفَرَع : المال الطائل المُعَدّ. وقال الشاعر :

٢١٥

فمنَّ واستبقى ولم يعتصرْ

من فرعه مالاً ولا المكسِر

قال : المكسر : ما تكسَّر من أصل ماله. قال : وفَرِعَ الرجل يفرع فَرَعاً : كثر شعره ، وهو أفرع. ورجل مُفْرع الكتف إذا كان مرتفع الكتف. ويقول : أفرعت بفلان فما أحمدته أي نزلت به وفرعت أرض بني فلان أي جَوَّلت فيها فعلمت عِلْمها. وفارعة الطريق : حواشيه. وتفرعت بني فلان : تزوّجت في الذُروة منهم والسَنام. وكذلك تذرَّيتهم وتنصَّيتهم. والمُفْرَع : الطويل من كل شيء.

وروي عن الشعبي أنه قال : كان شُرَيح يجعل المدبَّر من الثُّلُث ، وكان مسروق يجعله فارعاً من المال.

قال شمر : قال أبو عدنان : قال بعض بني كلاب : الفارع : المرتفع العالي الهيء الحسن. وكذلك الفاع من كل شيء.

عمرو عن أبيه يقال : أفرع العروسَ إذا قضى حاجته من غشيانه إياها. وأفرعت الفرس إذا كبحتَه باللجام فسال الدم.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الفارع : العالي. والفارع : المتسَفل. قال : وفرعت إذا صعدت ، وفرعت إذا نزلت.

فعر : أهمله الليث. وقال ابن دريد : الفَعْر لغة يمانية ، وهو ضرب النَبْت ، زعموا أنه الهَيْشَر ، ولا أَحُق ذاك.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الفعر : أكل الفَعَارير ، وهو صغار الذآنين.

قلت : وهذا يقوّي قول ابن دريد.

رفع : قال الله جلّ وعزّ في صفة القيامة : (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) [الواقعة : ٣] قال الزجّاج : المعنى : أنها تخفض أهل المعاصي وترفع أهل الطاعة. والرفع : ضد الخفض.

وفي الحديث : «إن الله يرفع القِسْط ويخفض». قلت : وتأويله : ـ والله أعلم ـ أنه يرفع القِسْط ـ وهو العَدْل ـ فيُعليه على الجَوْر وأهله ، ومرة يخفضه فيُظهر أهل الجَوْر على أهل العدل ابتلاء لخَلْقه. وهذا في الدنيا ، والعاقبة للمتقين. ويقال : ارتفع الشيء ارتفاعاً بنفسه إذا علا.

وقال ابن المظفَّر : بَرْق رافع : ساطع. وأنشد :

صاح ألم تَحزُنك ريح مريضة

وبَرْق تلألأ بالعقيقين رافع

قال : والمرفوع من سَيْر الفرس والبِرذَوْن دون الحُضْر وفوق الموضوع يقال : ارفع من دابَّتك ، هكذا كلام العرب. ورَفُع الرجل يرفُع رَفَاعة فهو رفيع إذا شَرُف ، وامرأة رفيعة. والحمار يُرفِّع وفي عَدوه ترفيعاً ، أي عدا عَدْواً بعضه أرفع من بعض. وكذلك لو أخذت شيئاً فرفعت الأول فالأول قلت رفعته ترفيعاً.

والرِّفعة : نقيض الذِلَّة.

وقال الأصمعي : رَفَعَ القوم فهم رافعون إذا أصعدوا في البلاد.

وقال الراعي :

٢١٦

دعاهن داع للخريف ولم تَكُن

لهنّ بلاداً فانتجعن روافعا

أي مصعِدات ، يريد : لم يَكن البلاد التي دعتهنّ لهنّ بلاداً. والرُّفَاعة : شيء تعظم به المرأة عَجِيزتها. والجميع رفائع. وقال الراعي :

عِرَاض القطا لا يتّخذن الرفائعا

القطا : الأعجاز والأصل فيه قطاة الدابَّة. والرِّفاع : حَبْل القيد يأخذه المقيَّد بيده يرفعه إليه ، حُكِي ذلك عن يونس النحويّ ؛ ورفعت فلاناً إلى الحاكم أي قدَّمته إليه. ورفعت قِصَّتي : قدَّمتها.

وقال الشاعر :

وهم رفعوا في الطعن أبناء مَذْحج

أي قدَّموهم للحرب. ويقال للتي رفعت لبنها فلم تدُرّ : رافع ، بالراء. وأما الدافع فهي الَّتي دفعت اللِبَأ في ضَرْعها.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : رَفع البعير ورفعته أنا وهو السير المرفوع.

الحرّاني عن ابن السكيت قال : يقال : جاء زمنُ الرِّفاع والرَّفاع إذا رُفع الزرع ، حكاه عن أبي عمرو.

قال : وقال الكسائيّ : لم أسمع الرِّفاع ، بالكسر. قال : والرَّفَاع : أن يُحصِد الزرع ويُرفع.

وقال الفرّاء : في صوته رُفاعة ورَفَاعة إذا كان رفيع الصوت.

ويقال : رافعت فلاناً إلى الحاكم إذا قدَّمته إليه لتحاكمه.

وقال النابغة الذبيانيّ :

ورفَّعته إلى السِّجْفَين فالنضد

أي بلغت بالحَفْر وقدَّمته إلى موضع السجْفَين ، وهما سِتْرا رُوَاق البيت.

قال : وهو من قولك : ارتفَع إليّ أي تقدم ، قال : وارفعه إلى الحاكم أي قدِّمه ، وليس من الارتفاع الذي هو بمعنى العُلُوّ.

قال ذلك كلَّه يعقوب بن السكيت ، وأنشد قوله :

وهم رفعوا بالطعن أبناء مَذْحِج

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «كل رافعة رفعت علينا من البلاغ فقد حرّمتها أن تُعْضَد أو تُخْبط إلا لعصفور قَتَب أو مَسَد مَحالَة».

قال عبد الله بن مسلم : معنى قوله : «كل رافعة رفعت علينا من البلاغ» يريد : كلّ جماعة مبلّغة تبلّغ عنا وتذيع ما تقوله.

وهذا كما تقول : رفع فلان على العامل إذا أذاع خبره. وحُكي عنه أن كل حاكية حكت عنَّا وبلَّغت فلْتحكِ أني قد حرّمتها ـ يعني المدينة ـ أن يُعضد شجرها. وفي «النوادر» : يقال : ارتفع الشيء بيده ورفعه.

قلت : المعروف في كلام العرب : رفعت الشيء فارتفع ، ولم أسمع ارتفع واقعاً بمعنى رفع ، إلا ما قرأته في «نوادر الأعراب».

ابن السكيت : إذا ارتفع البعير عن الهَمْلجة فذلك السير المرفوع ، يقال : رفع البعيرُ يَرْفَع فهو رافع. والروافع إذا رفعوا في

٢١٧

سيرهم ، ورفعت الدابَّة في سيرها. ودابة مرفوع.

[باب العين والراء مع الباء]

ع ر ب

عرب ، عبر ، ربع ، رعب ، برع ، بعر : مستعملات.

عرب : قال ابن المظفّر : العَرَب العاربة : الصريح منهم.

قال : والأعاريب : جماعة الأعراب.

وقال غيره : رجل عربيّ إذا كان نسبه في العرب ثابتاً وإن لم يكن فصيحاً. وجمعه العَرَب ؛ كما يقال : رجل مجوسيّ ويهوديّ ، والجمع بحذف ياء النسبة : المجوس واليهود. ورجل مُعْرِب إذا كان فصيحاً وإن كان عجميّ النسب. ورجل أعرابيّ ـ بالألف ـ إذا كان بدويّاً صاحب نُجْعة وانتواء وارتياد للكلأ وتتبّع لمساقط الغيث ، وسواء كان من العرب أو من مواليهم. ويجمع الأعرابيّ على الأعراب والأعاريب. والأعرابيّ إذا قيل له يا عربيّ فَرِح بذاك وهَشّ له. والعربيّ إذا قيل له : يا أعرابيّ غضِب له. فمن نزل البادية أو جاور البادين وظَعَنَ بظَعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب ، ومن نزل بلاد الريف واستوطن المدن والقُرَى العربية وغيرها مما ينتمي إلى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء.

وقول الله جلّ وعزّ : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) [الحُجرَات : ١٤] هؤلاء قوم من بوادي العرب قدِموا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة طمعاً في الصدقات لا رغبة في الإسلام ، فسمَّاهم الله الأعرابَ ، ومثلهم الذين ذكرهم الله في سورة البَحُوث : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) [التوبة : ٩٧] الآية.

قلت : والذي لا يفرق بين العرب والأعراب والعربيّ والأعرابيّ ربما تحامل على العرب بما يتأوّله في هذه الآية ، وهو لا يميز بين العرب والأعراب. ولا يجوز أن يقال للمهاجرين والأنصار : أعراب ، إنما هم عرب ؛ لأنهم استوطنوا القُرَى العربية وسكنوا المُدُن ، سواء منهم الناشىء بالبَدْو ثم استوطن القرى والناشىء بمكة ثم هاجر إلى المدينة. فإن لحقت طائفةٌ منهم بأهل البَدْو بعد هجرتهم واقتَنوا نَعَماً ورعَوا مساقط الغيث بعد ما كانوا حاضرة أو مهاجرة قيل : قد تعرّبوا أي صاروا أعراباً بعد ما كانوا عَرَباً.

وقال أبو زيد الأنصاريّ يقال : أعرب الأعجمي إعراباً ، وتعرّب تعرُّباً واستعرب استعراباً كلّ هذا للأغْتَم دون الصبيّ.

قال : وأفصح الصبِيّ في منطقه إذا فهمت ما يقول أوّلَ ما يتكلم. وأفصح الأغتم إفصاحاً مثله. ويقال للعربي : أفصِحْ لي إن كنت صادقاً أي أَبِنْ لي كلامك.

قال : ويقال : عرَّبت له الكلام تعريباً وأعربته له إعراباً إذا بيَّنته له حتى لا يكون فيه حَضْرمة. قال : وفَصُح الرجل فَصَاحة وأفصح كلامُه إفصاحاً. قلت : وجعل الله جلّ وعزّ القرآن المنزَّل على النبي المرسل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم عربياً لأنه نَسَبه إلى العرب

٢١٨

الذين أنزله بلسانهم ، وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب في باديتها وقراها العربيّة. وجعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عربيّاً لأنه من صريح العرب. ولو أن قوماً من الأعراب الذين يسكنون البادية حضروا القُرَى العربية وغيرها وتَناءوْا معهم فيها سُمُّوا عرباً ولم يسمُّوا أعراباً. ويقال : رجل عربيّ اللسان إذا كان فصيحاً.

وقال الليث : يجوز أن يقال : رجل عَرَبانيّ اللسانيّ. قال : والعرب المستعربة هم الذين دخلوا فيهم بعد فاستعربوا. وقلت أنا : المستعربة عندي : قوم من العجم دخلوا في العرب فتكلموا بلسانهم وحَكَوا هَيئاتهم وليسوا بُصَرحاء فيهم.

وقال الليث : تعرّبوا مثل استعربوا.

وكذلك قال أبو زيد الأنصاري. قلت : ويكون التعرّب أن يرجع إلى البادية بعد ما كان مقيماً بالحَضَر فيلحَق بالأعراب. ويكون التعرّب المُقام في البادية. ومنه قول الشاعر :

تعرَّب آبائي فهلَّا وقاهم

من الموت رَمْلَا عالجٍ زَرُودِ

يقول : أقام آبائي بالبادية ولم يحضروا القُرَى.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «الثيب يُعْرب عنها لسانُها والبكر تُستأمَر في نفسها». وقال أبو عبيد : هذا الحرف جاء في الحديث : يُعْرِب ، بالتخفيف.

وقال الفرّاء : إنما هو يُعرِّب ، بالتشديد يقال : عرَّبت عن القوم إذا تكلمت عنهم واحتججت لهم. قلت : الإعراب والتعريب معناهما واحد ، وهو الإبانة. يقال : أعرب عنه لسانُه وعَرَّب أي أبان وأفصح. ويقال : أعرِبْ عما في ضميرك أي أبِنْ. ومن هذا يقال للرجل إذا أفصح في الكلام : قد أَعْرب.

ومنه قول الكميت :

وجدنا لكم في آل حاميمَ آيةً

تأوّلها مِنّا تَقِي ومُعْرِبُ

تقِيّ : يتوقّى إظهاره حِذارَ أن يناله مكروه من أعدائكم. ومعرب أي مفصح بالحق لا يتوقّاهم. والخطاب في هذا لبني هاشم حين ظهروا على بني أميَّة ، والآية قوله جلّ وعزّ : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشّورى : ٢٣].

وأمَّا حديث عمر بن الخطاب : «ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس ألَّا تعرِّبوا عليه» فليس هذا من التعريب الذي جاء في خبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنما هو من قولك : عرَّبت على الرجل قولَه إذا قبَّحته عليه.

قال أبو عبيد : وقال الأصمعي وأبو زيد الأنصاريّ في قوله : «ألَّا تعربوا عليه» معناه : ألَّا تفسدوا عليه ولا تقبّحوه.

ومنه قول أوس بن حَجَر :

ومثل ابن عَثْم إن ذُحول تُذُكّرت

وقتلى تِيَاسٍ عن صِلاح تعرِّب

ويروى : يعرّب. يعني أن هؤلاء الذين

٢١٩

قُتِلوا منا ولم نتَّئر بهم ولم نقتل الثأر إذا ذكر دماؤهم أفسدت المصالحة ومنعتْنا عنها. والصِلَاح : المصالحة.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : التعريب التبيين في قوله : «الثيب تُعرِب عن نفسها». قال : والتعريب : المَنْع في قول عمر : «ألا تعربوا» أي لا تمنعوا. وكذلك قوله : «عن صِلَاح تعرب» أي تمنع. قال : والتعريب : الإكثار من شرب العَرَب ، وهو الماء الكثير الصافي. قال : والتعريب : أن يتَّخذ فرساً عربيّاً. قال : والتعريب : تمريض العَرِب ، وهو الذرِب الَمعِدة.

وقال أبو عبيد : وقد يكون التعريب من الفُحْش ، وهو قريب من هذا المعنى. وقال ابن عباس في قول الله جلّ وعزّ (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ) [البَقَرَة : ١٩٧] : وهو العرَابة في كلام العرب. قال : والعِرَابة كأنه اسم موضوع من التعريب ، وهو ما قبح من الكلام يقال منه : عرّبت وأعربت. ومنه حديث عطاء : أنه كره الإعراب للمُحْرِم. وقال رؤبة يصف نساء يجمعن العَفَاف عند الغرباء والإعراب عند الأزواج ، وهو ما يستفحش من ألفاظ النكاح والجماع فقال :

والعُرْبُ في عفافة وإعراب

وهذا كقولهم : خير النساء المتبذِلة لزوجها ، الخِفرة في قومها ، والعُرُب : جمع العَرُوب من قول الله جلّ وعزّ : (عُرُباً أَتْراباً) [الواقعة : ٣٧] وهن المتحبّبات إلى أزواجهنّ. وقيل : العُرُب الغَنِجات.

وقيل : العُرُب المغتَلمات ، وكلّ ذلك راجع إلى معنى واحد.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : العَرُوب من النساء : المطيعة لزوجها المتحبّبة إليه. قال : والعَرُوب أيضاً : العاصية لزوجها ، الخائنة بفرجها ، الفاسدة في نفسها. وأنشد :

فما خلفٌ من أم عمران سَلْفَعٌ

من السود ورهاءُ العنان عَروبُ

وقال مجاهد في قول الله جلّ وعزّ : (عُرُباً أَتْراباً) قال : عواشق ، وقال غيره : هي الشكلات بلغة أهل مكَّة ، والمَغْنوجات بلغة أهل المدينة.

وقال أبو عبيد : العَرِبة مثل العَرُوب في صفات النساء.

وقال أبو زيد الأنصاريّ : فعلت كذا وكذا فما عرَّب عليَّ أحد أي ما غيَّر عليَّ أحد.

وقال شمر : التعريب : أن يتكلم الرجل بالكلمة فيُفحش فيها أو يخطىء فيقول له الآخر : ليس كذا ولكنه كذا للذي هو أصوب ، أراد معنى

حديث عمر : «ألَّا تعربوا عليه». قال شمر : والعِرْب مثل الإعراب من الفحش في الكلام.

أبو عبيد عن أبي زيد : عرِبتْ مَعِدته عَرَباً وذرِبت ذَرباً فهي عَرِبة وذَرِبة إذا فسدت.

قلت : ويحتمل أن يكون التعريب على من يقول بلسانه المنكر من هذا لأنه يفسد عليه كلامه كما فسدت مَعِدته.

وقال الليث : العَرَب : النشاط والأَرَن.

٢٢٠