تهذيب اللغة - ج ٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٦

ع ظ ف

استعمل من وجوهه : فظع.

فظع : قال ابن المظفر : فَظُع الأَمرُ يفظُع فَظَاعة فهو فَظِيع. وقد أفظعني هذا الأمرُ وفَظِعت به. واستفظعته إذا رأيتَه فظيعاً ، وأفظعته كذلك. قال : وأَفْظع الأمرُ فهو مُفْظِع.

وقال أبو زيد : فظِعت بالأمر أفظَع به فَظَاعة إذا هَالَك وغلبك فلم تثِق بأن تطيعه. وقال أبو وَجْزة :

ترى العِلَافيّ منها موفِداً فظِعاً

إذا احزألَّ به من ظهرها فِقَر

قال : فظِعاً أي ملآن ، وقد فَظِع يَفْظَع فَظَعاً إذا امتلأ.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الماء الفَظِيع : هو الماء الصافي الزُلَال ، وضده المُضَاض وهو الشديد الملوحة.

[باب العين والظاء مع الباء]

ع ظ ب

استعمل من وجوهه : عظب.

عظب : قال الليث : عَظَب الطائرُ ، وهو يَعْظِب عَظْباً ، وهو سرعة تحريك الزِمِكيّ. ورواه أبو تراب للأصمعي : حَظَب على العمل وعَظَب إذا مَرَن عليه. وقال : وقال أبو نصر : عَظَبت يدُه إذا غلظت على العمل. قال : وعَظَب جِلدُه إذا يبِس.

وقال عثمان الجعفري : إن فلاناً لحسن العُظُوب على المصيبة إذا نزلت به يعني أنه حسن التبصّر جميل العَزَاء. وقال مبتكر الأعرابي : عَظَب فلان على مالِه وهو عاظب إذا كان قائماً عليه ؛ وقد حَسُن عُظُوبه عليه. ثعلب عن ابن الأعرابي : العَظُوب : السمين. يقال : عَظِب يَعْظَب عَظْباً إذا سمِن.

وفي «النوادر» : كنت العام عَظِباً وعاظباً وعذياً وشظفاً وصاملاً وشذياً وشذباً ، وهو كله نزوله الفلاةَ ومواضعَ اليبس.

[باب العين والظاء مع الميم]

ع ظ م

استعمل من وجوهه : عظم ، مظع.

عظم : قال الله عزوجل : (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) [المؤمنون : ١٤] ويقرأ : (فكسونا العظم لحماً) والتوحيد والجمع ههنا جائزان ؛ لأنه يعلم أن الإنسان ذو عظام ، فإذا وحّد فلأنه يدلّ على الجمع ، ولأن معه اللحم لفظه لفظ الواحد. وقد يجوز من التوحيد إذا كان في الكلام دليل على الجمع ما هو أشدَّ من هذا قال الراجز :

في حَلْقكم عَظْم وقد شَجِينا

يريد : في حلوقكم عظام.

وقال عزوجل : (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس : ٧٨] قال : (الْعِظامَ) وهي جمع ثم قال : (رَمِيمٌ) فوحد. وفيه قولان ؛ أحدهما : أن العظام وإن كانت جمعاً فبناؤها بناء الواحد لأنها على بناء جِدار وكتاب وجِراب وما أشبهها ، فوحد النعت للفظ ؛ وقال الشاعر :

يا عمرو جيرانكم باكرُ

فالقلب لا لاه ولا صابرُ

١٨١

والجيران جمع جار ، والباكر نعت للواحد وجاز ذلك لأن الجِيران لم يُبن بناءُ الجمع ، وهو على بناء عِرفان وسِرْحان وما أشبهه. والقول الثاني أن الرميم فعيل بمعنى مرموم ، وذلك أن الإبل تَرُمّ العظام أي تَقْضُمها وتأكلها ، فهي رِمَّة ومرمومة ورَميم. ويجوز أن يكون رميم من رمَ العظمُ إذا بَلِيَ يرِمَّ فهو رامّ ورميم أي بال. ومن صفات الله عزوجل (الْعَلِيُ الْعَظِيمُ) ، ويسبّح العبد رَبَّه فيقول : سبحان ربّي العظيم.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أمّا الركوع فعظموا فيه الربّ» أي اجعلوه في أنفسكم ذا عظمة وعَظَمة الله لا تكيف ولا تُحَدّ ولا تمثَّل بشيء. ويجب على العباد أن يعلموا أنه عظيم كما وصف نفسَه وفوق ذلك بلا كيفيَّة ولا تحديد. وعَظَمة الذراع : مَستغلَظها.

وقال أبو عُبَيد : عَظَمة اللسان : مستغلَظه فوق العَكَدة ، قال : وعَكَدته : أصله. وإن لفلان عَظَمة عند الناس أي حُرْمة يعَّظم لها. وله معاظم مثله. وقال مرقّش :

والخال له معاظم وحُرَمْ

وإنه لعظيم المَعَاظِم أي عظيم الحُرْمة. ويقال : عظُم يعظُم عِظَماً فهو عظيم. وأما عَظْم اللحم فبتسكين الظاء ، يجمع عِظاماً وعِظَامة. وقال الراجز :

وَيْلٌ لبُعْران أبي نعامَهْ

منك ومن شَفْرتك الهُذَامَهْ

إذا ابتركت فحفرت قامَهْ

ثم نثرت الفَرْث والعِظَامَهْ

ومثله الفِحالة والذِكارة والحجارة والنِقَادة ـ جمع النَقَد ـ والجِمَالة جمع الجَمَل ؛ قال الله : (جِمالَتٌ صُفْرٌ) [المُرسَلات : ٣٣] هي جمع جمالة وجمال.

وقال الليث : العَظَمة : التعظّم والنّخْوة والزَهْو.

قلت : أمَّا عظمة الله فلا توصف بما وصفها به الليث. وإذا وُصف العبد بالعَظَمة فهو ذَمّ ؛ لأن العظمة في الحقيقة لله عزوجل ، وأمَّا عظمة العبد فهو كِبْره المذموم وتجبُّره. وعُظْم الشيء ومُعظمه : جُلّه وأكبره.

قال ابن السكيت : العرب تقول : عَظُم البطن بطنُك ، وعَظْم البطن بطنك بتخفيف الظاء ، وعُظْم البطن بطنك ، يسكّنون الظاء وينقلون ضمّتها إلى العين ، وإنما يكون النقل فيما كان مدحاً أو ذمّاً.

وقال الليث : استعظمت الأمر إذا أنكرته يقال والعَظِمية : المُلِمَّة إذا أعضلت. قال : ويقال : لا يتعاظمني ما أتيت إليك من عظيم العظِيمة. وسمعت خبراً فأعظمته.

قال ابن السكيت : يقال : أصابنا مَطَر لا يتعاظمه شيء أي لا يعظم عنده شيء. وقال اللحيانيّ : يقال : أعظمني ما قلتَ لي أي هالني وعَظُم عليّ. ويقال : ما يُعْظِمني أن أفعل ذاك أي ما يَهُولني ، ورماه بمُعْظِم أي بعَظيم ، وقد أعظم الأمرُ فهو مُعْظِم والعظمة : ما يلي المرفق من مستغلظ الذراع وفيه العضلة. والعَضَلة ، والنصف الآخر الذي يلي الكفّ يقال له الأسَلة ودخل في عُظْم الناس وعَظْمهم

١٨٢

أي في مُعْظَمهم.

قلت : ويقال : تعاظمني الأمر وتعاظمته إذا استعظمته. وهذا كما يقال : تهيَّبني الشيء وتهيَّبته.

أبو عبيد عن الفرّاء قال العُظْمة ، شيء تعظَّم به المرأة رِدْفها من مِرْفقة وغيرها. وهذا في كلام بني أسَد ، وغيرهم يقول : العِظَامة بكسر العين.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : عَظْم الرجْل : خَشَبة بلا أَنساع ولا أداة. وذو عظم : عِرْض من أعراض خَيْبَر ، فيه عيون جارية ونخيل عامرة وعَظَمات القوم. سادتهم وذوو شرفهم. ووصف الله عذاب النار فقال : (عَذابٌ عَظِيمٌ) [البَقَرَة : ١١٤] وكذلك العذاب في الدنيا ، ووصف كيد النساء ، فقال : (إِنَّ كَيْدَكُنَ عَظِيمٌ) [يُوسُف : ٢٨]. وهذا على الاستفظاع له. والله أعلم.

مظع : الليث : المُظْعة : بقيَّة من الكلأ.

قال : والريح تُمظّع الخشبة حتى تستخرج نُدُوَّته.

وقال غيره : مَظَعْت الخشبة إذا قطعتها رَطْبة ثم وضعتها بلِحَائها في الشمس حتى تتشرب ماءها ، ويُترك لِحَاؤها عليها لئلا يتصدَّع ويتشقَق. وقال أوس بن حَجَر يصف رجلاً قطع شجرة يتَّخِذ منها قوساً :

فمظَّعها حولين ماءَ لحائها

تُعالَى على ظهر العَرِيش وتُنزَلُ

أبو العباس عن عمرو عن أبيه : يقال للرجل إذا روَّى دسَمَ الثريد : قد روّغه ومرَّغه ومظّعه ومَرْطله وسَغْبله.

وقال الليث : يقال : مظَّع فلان وَتَره تمظيعاً إذا ملَّسه ويَبّسه. وكذلك الخشبة. ولقد تمظَّع فلان ما عندك أي تلحَّسه كله.

الأصمعي : فلان يتمظَّع الظِلّ أي يتتبَّعه من موضع إلى موضع.

أبواب العين والذال

ع ذ ث

مهمل.

[باب العين والذال مع الراء]

[ع ذ ر]

عذر ، ذرع ، ذعر : مستعملة.

عذر : قال الله عزوجل : (قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٦٤] نزلت في قوم من بني إسرائيل وَعظوا الذين اعتدَوا في السبت من اليهود ، فقالت طائفة منهم : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ) [الأعراف : ١٦٤] ، فقالوا ـ يعني الواعظين ـ : (مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ). المعنى : قالوا : موعظتنا إيَّاهم معذِرة إلى ربكم. فالمعنى : أنهم قالوا : الأمر بالمعروف واجب علينا ، فعلينا موعظة هؤلاء ولعلّهم يتّقون. ويجوز النصب في مَعْذِرَةً فيكون المعنى : نعتذر معذرة بوعظنا إيّاهم إلى ربّنا. والمَعْذِرة : اسم على مفعِلة من عَذَر ، يعذِر ، وأقيم مُقَام الاعتذار ؛ كأنهم قالوا : موعظتنا اعتذار إلى ربّنا ، فأقيم الاسم مُقام الاعتذار.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ) [التّوبَة : ٩٠] رَوَى الضحّاك عن ابن عباس أنه قرأ : (وجاء المُعْذِرون من الأعراب). وقال : لعن الله

١٨٣

المعذِّرين قلت : يذهب ابن عبّاس إلى أن المُعْذِرين هم الذين لهم عُذْر والمعذّرون ـ بالتشديد ـ الذين يعتذرون بلا عذر ، وكأنهم المقصرون الذين لا عُذْر لهم والعرب تقول : أعذر فلان أي كان منه ما يُعذَر به.

ومنه قولهم : قد أعذر من أنذر. ويكون أعذر بمعنى اعتذر اعتذاراً يُعذَر به.

ومنه قول لَبيد يخاطب ابنتيه :

فقوما فقولا بالذي قد علمتما

ولا تخمِشا وجهاً ولا تحلقا الشَعَرْ

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذرْ

فجعل الاعتذار بمعنى الإعذار ، والمعتذِر يكون مُحِقاً ويكون غير مُحِقّ ؛ والمعاذير يشوبها الكذب.

واعتذر رجل إلى عمر بن عبد العزيز ، فقال له : عَذَرتك غير معتذِر.

ويقول : عذرتك دون أن تعتذر وقرأ يعقوب الحضرميّ وحده : (وجاء المُعْذِرون) ساكنة العين ، وسائر قرّاء الأمصار قرءوا : (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ) [التوبة : ٩٠] بفتح العين وتشديد الذال ، ممن قرأ الْمُعَذِّرُونَ فهو في الأصل : المعتذرون ، فأدغمت التاء في الذال لقرب المخرجين ، ومعنى المعتذرين : الذين يعتذرون ، كان لهم عذر أو لم يكن ، وهو ههنا شبيه بأن يكون لهم عذر. ويجوز في كلام العرب : المعِذّرون بكسر العين ؛ لأن الأصل : المعتذرون فأسكنت التاء وأدغمت في الذال ونُقِلت حركتها إلى العين ، فصار الفتح في العين أولى الأشياء ، ومن كسر العين جرّه لالتقاء الساكنين ، ولم يُقرأ بهذا.

ويجوز أن يكون الْمُعَذِّرُونَ : الذين يعذّرون يوهمون أن لهم عذراً ولا عذر لهم.

وأخبرني المنذري عن ابن فهم عن محمد بن سَلَّام الجُمَحيّ عن يونس النحويّ أنه سأله عن قوله تعالى : (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) [التوبة : ٩٠] فقال : قلت ليونس : (المُعْذرون) مخفّفة كأنها أقيس ؛ لأن المُعْذِر : الذي له عُذْر ، والمعذّر : الذي يعتذر ولا عذر له. فقال يونس : قال أبو عمرو بن العلاء : كِلَا الفريقين كان مسيئاً ، جاء قوم فعذَّروا ، وجَلَّح آخرون فقعدوا.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال في قوله : (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ). قال : معناه : المعتذرون.

ويقال : عذَّر الرجل يَعِذّر عِذّاراً في معنى اعتذر.

ويجوز عِذِّر يَعِذّر فهو مُعِذِّر ، واللغة الأولى أجودهما.

قال : ومثله هَدّى يَهدّى هِدّاءً إذا اهتدى. هِدَّى يهِدِّي.

قال الله جل وعزّ : (أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) [يُونس : ٣٥].

قلت : ويكون الْمُعَذِّرُونَ بمعنى المقصّرين على مفعِّلين من التعذير وهو التقصير. يقال : قام فلان قيام تعذير فيما استكفيتُه إذا لم

١٨٤

يبالغ وقصّر فيما اعتُمد عليه. وفي الحديث أن بني إسرائيل كانوا إذا عُمِل فيهم بالمعاصي نهاهم أحبارهم تعذيراً ، فعمَّهم الله بالعقاب ، وذلك إذا لم يبالغوا في نهيهم عن المعاصي وداهنوهم ولم ينكروا أعمالَهم بالمعاصي حقّ الإنكار.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لن يهلك الناس حتى يُعْذِروا من أنفسهم».

قال أبو عبيد : قال أبو عُبيدة : يقول حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم.

قال : وفيه لغتان ، يقال أعذر الرجل إعذاراً إذا صار ذا عيب وفساد.

وكان بعضهم يقول : عَذَر يَعْذِر بمعناه ، ولم يعرفه الأصمعيَّ.

قال أبو عبيد : ولا أرى أخذ هذا إلَّا من العُذْر ، يعني : يعذِروا من أنفسهم باستيجابهم العقوبة فيكون لمن يعذّبهم العذرُ في ذلك.

قال : وهو كالحديث الآخر : «لن يهلِك على الله إلا هالك» ، ومنه قول الأخطل :

فإن تك حَرْبُ ابنَيْ نِزَارٍ تواضعت

فقد عَذَرْتنا في كلاب وفي كعب

ويروى : أعذرتْنا أي جعلَتْ لنا عذراً فيما صنَعْنا. ومنه قول الناس : من يَعْذِرني من فلان. وقال ذو الإصبع العَدْوانيّ :

عذَيرَ الحيّ من عَدْوا

ن كانوا حَيَّة الأرض

أي هاتِ عَذِير الحيّ من عَدْوان أي من يَعْذِرني ، كأنه قال : هات من يَعْذِرني. ومنه قوله :

عَذِيرَك مِن خليلك من مراد

وهذا يروى عن عليّ رضي اللهُ عَنْه. وقال الليث : يقال : مَن عَذِيري من فلان أي مَن يَعْذِرني منه ، كأنه يخبر بإساءته إليه واستيجابه المجازاة ، فيقول : من يَعْذِرني منه إذا جازيتُه بسوء فعله. قال : وعذير الرجل : ما يروم وما يحاول ممَّا يُعْذَر عليه إذا فعله. قال العجَّاج يخاطب امرأته :

جاريَ لا تستنكري عذيري

سَعْيي وإشفاقي على بعيري

وذلك أنه عزم على السفر فكان يرُمّ رَحْل راحلتِه لسفره ، فقالت له امرأته : ما هذا الذي تَرُمّ؟ فخاطبها بهذا الشعر ، أي لا تنكري ما أحاول. وقال شمر : قال أبو عبيدة : أَعْذَر فلان من نفسه أي أُتِي من قِبَل نَفْسه. قال : وعَذّر يُعَذّر من نفسه أي أُتِي من نفسه. قال يونس : هي لغة للعرب. قال : وقال خالد بن جَنْبة. يقال : أَما تُعْذِرني من هذا بمعنى : أما تُنْصفني منه ، يقال : أعذِرني من هذا أي أنصِفني منه. ويقال : لا يُعْذِرك من هذا الرجل أحد ، معناه : لا يُلزِمه الذنبَ فيما تضيف إليه وتشكوه به. ومنه قولهم : من يَعذرني من فلان أي من يقوم بعُذْري إن أنا جازيته بسُوء صنيعه فلا يُلزمني لوماً على ما يكون منّي إليه. ويقال : اعتذر فلان اعتذاراً وعِذْرة ومَعْذِرة من ذنبه فعذَرته. قال : وتعذَّر عليَّ هذا الأمرُ إذا لم يستقم. أبو عبيد عن الأصمعيّ : عذيري من فلان أي من يَعْذِرني. ونصبه على إضمار هلمّ معذرتَك إيَّاي. قال : والعذير أيضاً :

١٨٥

الحال ، وجمعه عُذُر ، وربما خُفِّفَ فقيل :

عُذْر. وقال حاتم :

وقد عذرتْني في طِلابكم العُذْرُ

قال : والعُذْرة : الناصية ، وجمعها عُذَر. وقال طَرَفة :

وهِضَبَّاتٍ إذا ابتل العُذْر

والعُذْرة : وَجَع في الحلق ، يقال منه : رجل معذور. وقال جرير :

غَمْز الطبيب نغانغ المعذور

ويقال : فلان أبو عُذْر فلانة إذا كان افْترعها وقال الأصمعيّ : أعذرْت الغلام والجارية وعَذَرتهما ، لغتان إذا خُتِنا. وقال الراجز :

تلوية الخاتن زُبّ المُعْذَر

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العُذْرة : خاتَم البِكر ، والعُذْرة : وَجَع الحَلْق ، والعُذْرة : العَلَامة. وقال أبو الحسن اللِحياني : للجارية عُذْرتان ، إحداهما تخفِضها ، وهو موضع الخفض من الجارية ، والعُذْرة الثانية قِضَّتها ، سمّيتا عُذْرة بالعَذْر وهو القطع ؛ لأنها إذا خُفِضت قطعت نَوَاتها ، وإذا افْتُرِعَتْ انقطع خاتم عُذْرتها. ويقال لقُلْفة الصبيّ أيضاً عُذْرة. وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم استعذر أبا بكر من عائشة ، كأنه عَتَب عليها بعض الأمر فقال لأبي بكر : «اعذِرني منها إن أدّبتُها». وقال أبو زيد : سمعت أعرابيَّيْن تميميَّاً وقيسيّاً يقولان : تعذّرت إلى الرجل تعذُّراً في معنى اعتذرت اعتذاراً. وقال الأحوص بن محمَّد الأنصاريّ :

طريد تلافاه يزيد برَحْمَةٍ

فلم يُلْفَ من نَعمائه يتعذَّر

أي يعتذر ، يقول : أنعم عليه نعمة لم يحتج إلى أن يعتذر منها. ويجوز أن يكون معنى قوله يتعذر أي يذهب عنها. وقال ابن بُزُرْج : يقال : تعذّروا عليه أي فرّوا عنه وخَذَلوه. وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : قولهم : اعتذرت إليه هو قَطْع ما في قلبه ، يقال : اعتذرتِ المياهُ إذا تقطَّعت ، واعتذرت المنازلُ إذا دَرَسَتْ ، ومررت بمنزل معتذر : بالٍ. وقال لَبِيد :

شهورَ الصيف واعتذرت إليه

نِطافُ الشيطين من الشِمال

وقال ابن أحمر في الاعتذار بمعنى الدُرُوس :

قد كنتَ تعرف آيات فقد جَعَلت

أطلالُ إلْفِك بالوَدْكاء تعتذر

وأُخِذ الاعتذار من الذنب من هذا ؛ لأنّ من اعتذر شابَ اعتذارَه بكذب يعفي على ذَنْبه. قال : وإنما سُمِّيت البِكْر عَذْراء من ضِيقها ، ومنه يقال : تعذَّر عليَّ هذا الأمرُ. قال المنذري : وقال أبو طالب المفضَّل بن سلَمَة : الاعتذار قَطْع الرجل عن حاجته ، وقَطْعه عمَّا أمْسك في قلبه. قال : والاعتذار : مَحْو أثر الموجِدة من قولهم : اعتذرتِ المنازلُ إذا دَرَسَت. أبو عُبَيد عن الأصمعيّ يقال لأثر الجُرْح : عاذر. وقال ابن أحمر :

وبالظهر مني من قَرَا الباب عاذر

١٨٦

أبو عبيد عن أبي زيد : الإعذار : ما صُنع من الطعام عند الخِتان ، وقد أعذرت. وأنشد :

كلَّ الطعام تشتهي ربيعَهْ

الخُرْسَ والإعذارَ والنقيعَهْ

سَلَمة عن الفرّاء قال : العَذِيرة : طعام الخِتان. قال : وعَذَرْت الغلامَ وأعذرته. وفي حديث عليّ رضي اللهُ عنه أنه عاتب قوماً فقال : ما لكم لا تنظفون عَذِرَاتكم! قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : العَذِرة أصلها فِنَاء الدار ، وإيّاها أراد عليّ. قال أبو عبيد : وإنما سُمِّيت عَذِرة الناس بهذا لأنها كانت تُلْقَى بالأفنية ، فكُني عنها باسم الفِناء ؛ كما كني بالغائط ـ وهي الأرض المطمئنَّة ـ عنها. وقال الحطيئة يذكر الأفنية :

لعمري لقد جرّبتكم فوجدتكم

قِباح الوجوه سَيّئي العَذِرات

والمعاذر جمع مَعْذِرة ، ومن أمثالهم : المعاذر مكاذب. وقال الله عزوجل : (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) [القِيَامَة : ١٥] قال بعضهم : ولو أدلى بكلّ حُجَّة يَعتذِر بها. وجاء في التفسير أيضاً : ولو ألقى ستوره ، المعاذير : الستور بلغة أهل اليمن ، واحدها مِعْذار. ويقال : أعذر فلان في ظهر فلان بالسياط إعذاراً إذا ضربه فأثَّر فيه شَتَمه فبالغ في شتمه حتى أثر به فيه ، وقال الأخطل :

وقد أعذرن في وَضَح العِجَانِ

وترك المَطَرُ به عاذراً أي أثراً ، والعِذَار : سِمَة. وقال الأحمر : من السِمَات العُذُر ، وهي سِمَة في موضع العِذَار ، وقد عُذِر البعير فهو معذور. وقال ابن الأعرابيّ في قول الشاعر :

ومخاصمٍ قاومتُ في كَبَد

مثل الدِهَان فكان لي العُذْرُ

قال : العُذْر : النُجْحُ. ولي في هذا الأمر عُذْر وعُذْرَى ومَعْذِرة أي خروج من الذنب. ويقال في الحرب : لمن العُذْر أي النُجْح والغَلَبة. وقال الأصمعيّ : خلع فلان مُعَذَّره إذا لم يُطع مُرْشداً ، وأراد بالمعذَّر : الرَسَن ذا العِذارين. والعَذْراء : الرَمْلة التي لم توطأ. ودُرَّة عَذْراء : لم تُثْقب. ويقال : ما عندهم عَذِيرة أي لا يَعْذرون ، وما عندهم غَفِيرة أي لا يَغفرون. وعذراء : قرية بالشام معروفة. والعَذَارَى : هي الجوامع كالأغلال تجمع بها الأيدي إلى الأعناق ، واحدتها عذراء. وقال اللحيانيّ : هي العَذِرة والعَذِبة لِمَا سقط من الطعام إذا نُقِّي. ويقال : اتخذ فلان في كَرْمه عِذَاراً من الشجر أي سِكَّة مصطفَّة. وعذارا الحائط والوادي : جانباه. وقال أبو سعيد : يقال للرجل إذا عاتبك على أمر قبل التقدّم إليك فيه : والله ما استعذرت إليّ وما استنذرت ، أي لم تقدِّم إليَ المعذرة والإنذار. والاستعذار : أن تقول له : اعذِرني منك. وعذار اللجام : ما وقع منه على خدّي الدَّابة. وقال النضر : عذارُ اللجام : السَّيْران اللذان يُجمعان عند القفا. وقال الكسائي : أعذرْت الفرس : جعلت له عِذَاراً. وقال ابن الأعرابيّ : عَذَرت الفَرَس : جعلت له

١٨٧

عِذَاراً. وقال ابن المظفَّر : عَذَرت الفرس فأنا أَعْذِره بالعِذَار وأعذرته إذا جعلت له عِذَاراً ، وعذَّرته تعذيراً بالعِذار. قال : والعِذَار : طعام البِنَاء وأن يستفيد الرجل شيئاً جديداً يتَّخذ طعاماً يدعو عليه إخوانه. وعذَّر فلان تعذيراً للخِتان ونحوه. وحِمَار عذَوَّر ، وهو الواسع الجَوْف. ومُلْك عذَوَّر : واسع عريض. والعُذْرة : نجم إذا طلع اشتدَّ غَمّ الحَرّ ، وهي تطلع بعد الشعْرى ولها وَقْدَة ولا ريح لها وتأخذ بالنَفْس ثم يطلع سهيل بعدها.

وقال المازنيّ : العواذير : جمع العاذر وهو الأَثَر. وقال أبو وَجْزة السعديّ :

إذا الحَيّ والحَوْم المُيَسِّر وَسْطنا

وإذ نحن في حال من العيش صالح

وذو حَلَق نُقْضَى العواذيرُ بينه

يلوح بأخطار عظام اللقائح

وقال الأصمعيّ : الحَوْم : الإبل الكثيرة ، المُيَسِّر : الذي قد جاء لَبَنه. وذو حَلَق يعني إبلاً مِيسَمُها الْحَلَق. والعواذير : جمع عاذور ، وهو أن يكون بنو الأب ميسَمُهم واحداً فإذا اقتسموا ما لهم قال بعضهم لبعض : أَعْذِر عنّي ، فيخطّ في المِيسم خَطاً أو غيره ليعرف بذلك سِمَة بعضهم من بعض. والعاذُور أيضاً : ما يُقطع من مَخْفِض الجارية. وقال الله عزوجل : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً * عُذْراً أَوْ نُذْراً) [المرسلات : ٥ ، ٦] فيه قولان. أحدهما : والإنذار ، والقول الثاني : أنهما نصبا على البدل من قوله : (ذِكْراً). وفيه وجه ثالث وهو أن تنصبهما بقوله : (ذِكْراً) المعنى : الملقيات إن ذكرت (عُذْراً أَوْ نُذْراً). وهما اسمان أُقيما مُقام الإعذار والإنذار ، ويجوز تخفيفهما معاً وتثقيلهما معاً.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العُذُر جمع العاذر وهو الأبداء يقال : قد ظهر عاذِره ، وهو دَبُوقاؤه. والعُذُر جمع عِذَار وهو المستطِيل من الأرض. والعِذَار : استواء شَعَر الغلام ، يقال : ما أحسن عِذاره أي خَطَّ لِحيتِه. والعَذَر : العلامة ، يقال : أَعْذِر على نصيبك أي أعلِم عليه.

وقال أبو مالك عمرو بن كِرْكِرة : يقال : ضربوه فأعذروه أي ضربوه فأثقلوه.

ذعر : الليث : ذُعِر فلان ذُعْراً فهو مَذْعوراً أي أُخيف. والذُّعْر : الفَزَع ، وهو الاسم. ورجل متذعّر. ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الذَّعَر : الدَهَش من الحياء. قال : والذَّعْراء والذُّعْرة : الفُنْدُورة. وقال في موضع آخر : الذُّعرة : أم سُؤيد. والذَّعْرة : الفَزْعة. وقال ابن بزرج : ذَعَرته وأذعرته بمعنى واحد وأنشد :

غَيران شَمَّصَه الوُشاةُ فأذعروا

وَحْشاً عليك وجدتَهنَّ سُكُونا

والعرب تقول للناقة المجنونة : مذعورة ، ونُوق مذعَّرة : بها جُنون.

ذرع : في الحديث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أذرع ذِراعيه من أسفل الجُبَّة إذراعاً ، قال النضر : أذرع ذراعيه أي أخرجهما. ورجل ذَرِيع اليد بالكتابة أي سريع اليد. الحرّانيّ عن ابن السكيت : هذا ثوب سَبْع في

١٨٨

ثمانية فقالوا : سبع لأن الأذرع مؤنَّثة ، تقول : هذه ذراع ، وقلت : ثمانية لأن الأشبار مذكّرة. وقال الليث : الذراع من طَرَف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى. وقد ذَرَعت الثوب وغيره أَذْرَعه فأنا ذارع وهو مذروع. والرجل يذرِّع في سِبَاحته تذريعاً. قال : والذِّرَاع : اسم جامع في كل ما يسمَّى يداً من الروحانيين ذوي الأبدان. قال : ومذاريع الدابَّة : قوائمها ، واحدها مذراع ، ويقال : مذراع ، وثَوْر مَوْشِيّ المذَارع. ومذارع الأرض : نواحيها. أبو عبيد عن أبي عمرو قال : المذارع : هي البلاد التي بين الريف والبَر ؛ مثل القادسيَّة والأنبار ، وهي المَزَالِف أيضاً. وقال الليث : موت ذَريع : سريع فاشٍ ، لا يكاد الناس يتدافنون. والذِّرَاع : سِمَة بني ثعلبة من اليمَن. قال : وذِراع العامل صَدْر القناة. قال : والذَّرِيعة : حَلْقة يعلَّم عليها الرَّمْي. والذريعة : جَمَل يَستتِر به الرامي من الصيد فيرميه. ويسيَّب الجَمَل مع الصيد حتى يأتلفا ، ويمشي الصيَّاد إلى جَنْبه فيرمي الصيدَ إذا أكثبه. أبو عبيد : الذَّرَع : ولد البقرة الوحشيَّة ، وأُمّه مُذْرِع.

وقال الليث : هنّ المُذْرِعات أي ذوات ذِرْعان. قال : وأذرعات : بلد تنسب إليه الخمر.

وأنشد بعضهم :

تنوّرتُها من أذرعاتٍ وأهلها

بيثربَ أدنى دارِها نظر عال

قال : وهذا أكثر الرواية. وقد أنشد بالكسر بغير تنوين من أذرعات ، فأمّا الفتح فخطأ ، لأن نصب تاء الجميع وفتحه وحفضها كسر. قال والذي أجاز الكسر بلا صَرْف فلأنه اسم لفظه لفظ جماعة لواحد. والقول الجيد عند جميع النحويين الصرف ، وهو مثل عَرَفات ، والقُرّاء كلهم في قوله : (مِنْ عَرَفاتٍ) [البقرة : ١٩٨] على الكسر والتنوين ، وهو اسم لمكان واحد ، ولفظه لفظ جمع. أبو الهيثم : المذرَّع من الناس : الذي أُمّه أشرف من أبيه. قال : والهَجِين : الذي أبوه عربي وأمّه أَمَة. وأنشد هو أو غيره :

إذا باهليّ تحته حنظليَّة

له ولد منها فذاك المذرَّعُ

وإنما سمّي مذرَّعاً تشبيهاً بالبَغْل ، لأن في ذراعيه رَقْمين كرَقْمَتَيْ ذِرَاع الحِمَار نَزَع بهما إلى الحمار في الشّبَه ، وأُمّ البغل أكرم من أبيه. الذوارع الزِقاق ، واحدها ذارع. وقال الأعشى :

والشاربون إذا الذوارع أُغْليت

صَفْو الفِضَال بطارف وتِلاد

أبو عبيد : امرأة ذِرَاع إذا كانت خفيفة اليدين بالغَزْل. ويقال : ذرَّع فلان لبعيره إذا قَيَّده بفضل خِطامه في ذراعيه ، والعرب تسمّيه تذريعاً. ويقال : ضقت بالأمر ذَرْعاً وذِرَاعاً ، نصبت ذرْعاً لأنه خرج مفسراً محوَّلاً ؛ لأنه كان في الأصل ضاق ذرعي به ، فلمَّا حُوّل الفعل خرج قوله ذَرْعاً مفسراً. ومثله قَرِرْت به عَيناً وطِبت به نَفْساً.

والذَّرْع يوضع موضع الطاقة. والأصل فيه

١٨٩

أن يَذْرَع البَعِيرُ بيديه في سَيره ذَرْعاً على قَدْر سَعَة خَطْوه ، فإذا حملته على أكثر من طَوْقه قلت : قد أبطرت بعيرك ذَرْعَه ، أي حملته من السير على أكثر من طاقته حتى يَبْطَر ويَمُدَّ عنقه ضَعْفاً عمَّا حُمِل عليه.

ومن أمثال العرب السائرة : هو لك على حَبْل الذراع ، أي أُعَجِّله لك نَقْداً. والحَبْل عِرْق في الذراع ، ويقال : ما لي به ذَرْع ولا ذِرَاع أي ما لي به طاقة. وفَرَس ذَريع : شريع واسع الخَطْو. وفرس مذرّع إذا كان سابقاً ، وأصله الفرس يلحق الوحشيّ وفارسُه عليه ، فيطعُنه طعَنْة تفور بالدم فتلطِّخ ذراعي الفرس بذلك الدم فيكون علامة لسبْقه. ومنه قول تميم بن أُبَيْ بن مقبل يصف الخيل فقال :

خلال بيوت الحيّ منها مذرَّع

والضَبُع مُذَرَّعة لسواد في أذرعها ومنه قول الهذلي :

مذرَّعة أُمَيْمَ لها فَلِيل

وذرعات الدابَّة : قوائمه. ومنه قول ابن خذَّاق العبديّ يصف فرساً :

فأمْست كتيس الرَبْل تعدو إذا عدت

على ذَرِعات يعتلينَ خُنُوسا

أي على قوائم يعتلين مَن جاراهن وهنّ يخْنِسْن بعض جريهنّ أي يُبْقين منه ، يقول : لم يَبْذلن جميع ما عندهن من السَير. ويقال : فلان ذَريعتي الليلة أي سبَبي ووُصلتي الذي به أتسبَّب إليك ، أُخِذ من الذَّرِيعة. وهو البعير الذي يستتِر به الرامي من الصيد ويخاتله حتى يُكْثِبُه فيرميه.

وقال أبو وَجْزَة يصف امرأة :

طافت به ذات ألوان مشبّهة

ذَريعة الجِنّ لا تعطي ولا تدعُ

أراد كأنها جِنّية لا يُطمَع فيها ولا يُعلَم ما في نفسها. أبو عُبيد عن الأمويّ : التذريع : الخَنِق ، وقد ذرَّعته إذا خَنَقته. وقال أبو زيد : ذرّعته تذريعاً إذا جعلت عُنُقه بين ذراعك وعضدِك فخَنَقْته. وقال الأصمعي : تذرَّع فلان الجريدَ إذا وضعه على ذراعه فشَطَّبه. ومنه قول قيس بن الخَطيم :

ترى قَصَد المُرّان تُلْقَى كأنها

تَذَرُّعُ خِرصانٍ بأيدي الشواطب

قال : والخِرْصان أصلها القضبان من الجريد ، والشواطب جمع الشاطبة. وهي المرأة التي تقشُر العَسِيب ثم تلقيه إلى المنقّية فتأخذ كلّ ما عليه بسكّينها حتى تتركه رقيقاً ، ثم تلقيه المنقّية إلى الشاطبة ثانية فتشطُبه على ذراعها وتتذرّعه. وكل قضيب من شجرة خُرْص. وهذا كله قول الأصمعيّ حكاه عنه ابن السكيت. قال : وقال أبو عبيدة : التذرّع ، قدر ذراع ينكسر فيسقط. قال : والتذرّع والقِصَد عنده واحد. قال : والخِرْصان : أطراف الرماح التي تلي الأسِنَّة ، الواحد خِرْص وخُرْص وخَرْص. قلت : وقول الأصمعيّ أشبههما بالصواب. ويقال : ذرع البعير يده إذا مدَّها في السير. ويقال اقصِد بذرعك أي لا تَعْدُ بك قدرَك.

وقال ابن شميل : مذارع الوادي : أضواجه ونواحيه. ويقال : هذه ناقة تذارع بُعْدَ

١٩٠

الطريق أي تمدّ باعها وذراعها لتقطعه. وهي تذارع الفلاة وتَذْرعها إذا أسرعت فيها كأنها تقيسها. وقال الراجز يصف الإبل :

وهن يَذْرَعن الرَقَاق السَمْلَقا

ذَرْع النواطي السُحُل المرقَّقا

والنواطي : النواسج ، الواحدة ناطية. ويقال : ذَرَّع فلان بكذا إذا أقرَّ به ، وبه سمّي المذرِّع أحد بني خَفَاجة بن عُقَيل وكان قتل رجلاً من بني عَجْلان ثم أقرَّ بقتله فأقيد به فسمّي المذرِّع. وفي «نوادر الأعراب» : أنت ذرَّعت بيننا هذا وأنت سحلته ، يريد : سبَّبْته ، ورجل ذَرِع : حَسَن العِشرة والمخالطة. ومنه قول خَنْساء :

جَلْد جميل مُخِيل بارع ذَرع

وفي الحروب إذا لاقيت مسعار

ويقال : ذراعته مذارعة إذا خالطته. أبو زيد : الإذراع : كثرة الكلام والإفراطُ فيه ، وقد أذرع إذا أفرط في الكلام. ويقال ذَرَعه القيء إذا سَبَق إلى فيه ، وقد أذرعه الرجل إذا أخرجه. أبو عبيد عن أبي زيد : ذَرَّع فلان تذريعاً إذا حرَّك ذِرَاعه في السعي واستعان بها. ثعلب عن ابن الأعرابيّ : اندرع وانذرع واندر أو رَعَف واسترعف إذا تقدّم. قال : والذَّرِع : الطويل اللسان بالشرّ. وهو السَيَّار الليلَ والنهار.

[باب العين والذال مع اللام]

ع ذ ل

عذل ، لذع ، ذعل [ذلع] : مستعملة.

عذل : قال الليث : العَذْل : اللَوْم. وقال غيره : العَذَل مثله. وهو مصدر عَذَل يَعْذِلُ عَذْلاً وعَذَلاً. والعُذَّال جمع العاذل. والعواذل من النساء جمع العاذلة ، ويجوز العاذلات.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العَذْل : الإحْراق ، فكأن اللائم يُحْرِق بعَذْله قلب المعذول. قال : وقول العرب : هذه أيّامٌ مُعْتَذِلات إذا كانت نهاية في الحر من هذا.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : هذه أيام معتذلات ـ بذال معجمة ـ إذا كانت شديدة الحَرّ.

وأنشد أبو نصر عن الأصمعيّ :

لوَّامة لامت بلومٍ شِهَبِ

قال : الشِهَب أراد : الشهاب ، كأن لومها يحرقه.

وقال ابن الأعرابيّ أيضاً : العُذُل : الأيَّام الحارَّة. قال : وجمع العاذل ـ العِرْقِ ـ عُذُل أيضاً. وفي حديث ابن عبّاس أنه سئل عن المستحاضة ، فقال : ذاك العاذل يغذو.

قال أبو عُبَيد : العاذل : هو اسم العِرْق الذي يسيل منه دم الاستحاضة.

أبو عُبَيد عن الأحمر : عَذَلْنا فلاناً فاعتذل أي لام نَفْسَه وأعْتب.

وقال ابن السكيت : سمعت الكِلابيّ يقول : رَمَى فلان فأخطأ ثم اعتذَل أي رمى ثانية.

وروى أبو العباس عن سَلَمة عن الفرّاء أنه قال : سمعت المفضّل الضّبيّ يقول : كانت

١٩١

العرب تقول في الجاهلية لشعبان : عاذل ، ولشهر رمضان : ناتق ، ولشوال : وَعِل ، ولذي القَعْدة : وَرْنة ، ولذي الحِجَّة : بُرَك ، ولمحرّم : مؤتمر ، ولصَفَر : ناجر ، ولربيع الأول : خَوّان ، ولربيع الآخِرِ : وَبْصان. ولجمادي الأولى : رُنَى ، وللآخرة : حُنَين ، ولرجب : الأصمّ.

لذع : قال الليث : لَذَع يَلْذَع لَذْعاً. وهي حُرْقة كحُرْقة النار. قال : ولذعتُ فلاناً بلساني. قال : والقَرْحة إذا قيَّحت تلتذع ، والقَيْح يلذعها. قال : والطائر يَلْذَع الجناحَ إذا رفرف ثم حَرّك شيئاً قليلاً جناحيه.

أبو عبيد : اللَّوْذَعِيّ : الحَدِيد الفؤادِ. وقال الهذليّ :

فما بالُ أهل الدار لم يتفرّقوا

وقد خَفَّ عنها اللوذعيُ الحُلاحِلُ

وقيل : هو الحَديد النفْس. ويقال : لَذَع فلان بعيره في فخذه لَذْعة أو لَذْعتين بطَرَف المِيسَم. وجمعها اللَّذَعات.

ذعل : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الذَّعَل : الإقرار بعد الجحود. قلت : وهذا حرف غريب ما رأيت له ذكراً في الكتب.

ذلع : قال بعض المصحِّفين : الأذلعيّ ـ بالعين ـ الضخم من الأيور الطويلُ. قلت : والصواب : الأذْلغِيّ ، بالغين لا غير.

[باب العين والذال مع النون]

ع ذ ن

أهملت وجوهها ما خلا : الإذعان ـ [عذن].

ذعن : قال الله جلّ وعزَّ : (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) [النُّور : ٤٩].

قال ابن الأعرابيّ : (مُذْعِنِينَ) مقرّين خاضعين.

وقال أبو إسحاق : جاء في التفسير : مسرعين. قال : والإذعان في اللغة : الإسراع مع الطاعة ، تقول : قد أذعن لي بحقّي معناه : قد طاوعني لِما كنت ألتمِسه منه ، وصار يُسرع إليه.

وقال الليث : الإذعان : الانقياد ، أذعن إذا انقاد وسَلِس بناؤه : ذَعِن يذْعن ذَعَناً. وناقة مذعان : سَلِسة الرأس منقادة لقائدها. قال : وقوله : مُذْعِنِينَ : منقادين.

عذن : أهمله الليث. وروى إسحاق بن الفرج عن عَرّام أنه قال : العذَانة : الإست والعرب تقول : كَذَبت عَذّانته وكذّانته بمعنى واحد.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : أعذن الرجل إذا آذى إنساناً بالمخالفة.

[باب العين والذال مع الفاء]

ع ذ ف

عذف ، ذعف : مستعملان.

ذعف : قال الليث : الذُّعَاف : سمّ ساعة. وطعام مذعوف : جُعل فيه الذعاف.

أبو عُبَيد عن الكسائيّ : موت ذُؤاف وذُعاف. وأنشد :

سقتهنّ كأساً من ذُعَاف وجَوْزلا

وحيَّة ذَعْف اللعَاب : سريعة القتل.

عذف : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ :

١٩٢

العُذُوف : السكوت. قال : والذُّعُوف : المرارات.

أبو عمرو : ما ذقت عَذُوفاً ولا عَدُوفاً أي ما ذقت شيئاً. وقد مرَّ تفسيره فيما تقدم.

[باب العين والذال مع الباء]

ع ذ ب

عذب ، بذع ، ذعب : مستعملة.

عذب : قال الليث : عَذُب الماء يَعْذُب عُذُوبة فهو عَذْب : طيب. وأعذب القوم إذا عَذُب ماؤهم. قال : واستعذَبوا إذا استقوا ماء عَذْباً. وعذب الحمار يَعذُب عُذوباً فهو عاذب وعَذُوب إذا لم يأكل العَلَف من شدّة العطش. قال : ويَعْذُب الرجل عن الأكل فهو عاذب : لا صائم ولا مفطر. وأعذبته إعذاباً ، وعذَّبته تعذيباً. كقولك فطمته عن هذا الأمر. وكل من مَنعته شيئاً فقد أعذبته وعذّبته. قال : وعذَّبته تعذيباً وعذاباً من العذاب. وعَذَبة السوط : طَرَفه ، وأطراف السيور عَذَبها وعَذَباتها. وعَذَبة قضيب الجَمَل : أسَلَته المستدِقّ في مقدَّمه. والجميع العَذَب. وعَذَبة شِرَاك النعل : المرسلةُ من الشراك. والعُذَيب : ماء معروف بين القادسية ومُغِيثة. وفي حديث عليّ أنه شَيَّع سريَّة فقال : أَعذِبوا عن النساء.

قال أبو عبيد : يقول : امنعوا أنفسكم عن ذكر النساء وشَغْل القلوب بهنّ ؛ فإن ذلك يكسركم عن الغَزْو. وكلّ مَن منعته شيئاً فقد أعذبته.

وقال عَبِيد بن الأبرص :

وتبدّلوا اليَعْبُوب بعد إلههم

صنما فقِرّوا يا جَدِيل وأَعْذِبوا

قال والعاذب والعَذُوب سواء.

ويقال للفرس وغيره : بات عَذُوباً إذا لم يأكل شيئاً ولم يشرب لأنه ممتنع من ذلك. وأنشد :

فبات عَذُوباً للسماء كأنه

سُهَيل إذا ما أفردته الكواكب

يصف ثوراً وَحْشياً بات فَرِداً لا يذوق شيئاً.

قال : والعَذُوب : الذي ليس بينه وبين السماء سُترة. وكذلك العاذب. قلت : وقول أبي عبيد في العَذُوب والعاذب : أنه الذي لا يأكل ولا يشرب أصوب من قول الليث : إن العَذُوب : الذي يمتنع عن الأكل لعطشه.

ويقال : أعذب عن الشيء إذا امتنع ، وأعذب غيره إذا منعه فيكون لازماً وواقعاً ، مثل أملق إذا افتقر ، وأملق غيره.

أبو عبيد : العَذَبة : الخَيط الذي يُرفع به الميزان ، وعَذَبة اللسان : طَرَفه.

وقال غيره : العَذَب : ما يخرج على أثَر الولد من الرَحِم. وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنه قال : العَذَابة : الرَحِم.

وأنشد :

وكنت كذاتِ الحيض لم تُبقِ ماءها

ولا هي من ماء العَذَابة طاهر

قال : والعذابة : رَحِم المرأة.

وقال اللحياني : استعذبت عنك : أي انتهيت.

١٩٣

ويقال : مررت بماء ما به عَذَبة أي لا رِعْيَ فيه ولا كلأ.

ويقال : اضرب عَذَبة ، الحوض حتى يظهر الماء أي اضرب عَرْمَضه.

وقال الكسائيّ : العَذَبة : الغُصْن وجمعها عَذَب. وعَذَب النوائح هي المآلي : وهي المعاذب أيضاً واحدها معذبة. وعَذُوبات الناقة : قوائمها.

وقال ابن الأعرابيّ : عذَّبت السوط فهو معذَّب إذا جعلت له عِلَاقة.

قال : وعَذَبة السوط : عِلَاقته.

وقال أبو زيد : يقال للجِلدة المعلَّقة خَلْف مُؤْخِرة الرحل من أعلاه عَذَبة وذوَابة.

وأنشد :

قالوا صدقت ورفَّعو لمطيّهم

سَيْراً يُطير ذوائبَ الأكوار

عمرو عن أبيه : يقال لخِرْقة النائحة عَذَبة ومِعْوَز. وجمع العذبة معاذب على غير قياس.

بذع : قال ابن المظفّر : البَذَع : شبه الفَزَع. والمبذوع كالمذعور.

ويقال : بُذِعوا فابذعَرُّوا أي فزعوا فتفرّقوا. قلت : وما سمعت هذا لغير الليث.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : البَذْع : قَطرْ حُبْ الماء.

قال وهو المَذْع أيضاً. يقال : مَذَع وبَذَع إذا قَطَر.

ذعب : أهمله الليث.

وروى أبو تراب للأصمعيّ أنه قال : رأيت القوم مذعاً بيِّن كأنهم عُرْف ضِبْعان ، ومثعابِّين بمعناه ، وهو أن يتلو بعضُهم بعضاً قلت : وهذا عندي مأخوذ من انثعب الماء وانذعب إذا سال واتصل جريانه في النهر.

[باب العين والذال مع الميم]

ع ذ م

استعمل من وجوهه : عذم ، مذع.

عذم : قال ابن المظفّر : العَذْم : الأخذ باللسان واللومُ ، وقد عَذَم يَعْذِم عَذْما إذا عَنَف في لومه. والعَذِيمة : الملامة.

وقال الراجز :

يظلّ من جاراه في عذائم

من عُنْفُوان جَرْيه العُفاهِم

وفرس عَذُوم أي عَضُوض. قال : والعُذّام : شجر من الْحَمْض يَنْتمىء ، وانتماؤه : انشداخ ورقه إذا مسِسَتْه ، وله ورق كورق القاقلّ ، والواحدة عُذَّامة. وأخبرني المنذريّ عن الصَيْداويّ عن الرياشيّ أنه قال : العَذْم : العَضُ. وذكر عن عُمَارة بإسناد له أنه قال : العَذْم : المَنْع ، يقال : لأعْذِمنَّك عن ذلك. قال : والمرأة تَعْذِم الرجل إذا أربع لها بالكلام أي تشتمه إذا سألها المكروه ، وهو الإرباع. أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العُذُم : البراغيث ، واحدها عَذُوم. والعُذُم : اللوّامون والمعاتِبون. وفي «النوادر» : عَذَمته عن كذا وكذا وأعذمته أي منعته.

مذع : أهمله الليث. وقال أبو عبيد : قال الكسائي : إذا أخبر الرجل ببعض الخبر وكتم بعضاً قلت : مَذَع يَمْذَع مَذْعاً وماش

١٩٤

يميش مَيْشاً. وقال غيره : يقال للكذّاب : المَذَّاع ، وقد مَذَع إذا كَذَب. وقال المفضل مَذَع فلان يميناً إذا حَلَف. أبو العباس عن ابن الأعرابي : المَذْع : سيلان المزادة. المَذْع : السيلان من العيونِ التي تكون في شَغَفَات الجبال. وقال أبو زيد : المَذّاع ، الكذوب الذي لا وفاء له ولا يَحفظ أحداً بظهر الغَيْب.

أبواب العين والثاء

[باب العين والثاء مع الراء]

ع ث ر

عثر ، ثعر ، رعث ، رثع ، ثرع : مستعملة.

عثر : قال الله جلّ وعزّ : (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) [المَائدة : ١٠٧] معناه : فإن اطُّلع على أنهما قد خانا. وقال الله جلَّ وعَزَّ (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ) [الكهف : ٢١] معناه : وكذلك أَطْلعنا. وقال الليث : عَثَر الرجل يَعْثُر عُثُوراً إذا هجم على أمر لم يهجُم عليه غيره وأعثرت فلاناً على أمر أي أطلعته. وعَثَر الرجل يَعْثُر عَثْرة ، وعَثَر الفرس عِثَاراً. وعيوب الدوابّ تجيء على فِعَال ؛ مثل العِثار والعِضَاض والخِراط والضِرَاح والرِمَاح وما شاكلها. أبو عُبيد عن أبي عمرو : العَثَرِيّ : العِذْي ، وهو ما سقته السماءُ. قلت : العَثَرِيّ من الزروع : ما سُقِي بماء السيل والمطر وأُجرِي إليه الماءُ في المسايلِ وحُفر له عاثور أي أتيّ يُجْرى فيه الماء إليه. وجمع العاثور عواثير. ومن هذا يقال : وقع فلان في عاثور شرّ وعافور شرّ إذا وقع في وَرْطة لم يحتسبها ولا شَعَر بها. وأصله الرجلُ يمشي في ظُلْمة الليل فيتعثّر بعاثور المَسِيل أو في خدّ خَدَّه سيلُ المطر فربما أصابه منه وَثْء أو عَنَت أو كسر.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إن قريشاً أهل أمانة ، مَن بغاها العواثر كبَّه الله لمنخره». قوله : «من بغاها العواثر» أي بغى لها المكايد التي تَعْثُر بها كالعاثور الذي يُخَدّ في الأرض فتعثّر به الإنسان إذا مَرَّ به ليلاً وهو لا يشعر به فربما أَعْنته. وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : يقال : جاء فلان رائقاً عَثَّرِيّاً بتشديد الثاء إذا جاء فارغاً قال أبو العباس : وهو غير العَثَريّ الذي جاء في الحديث ، لأن الذي في الحديث مخفّف الثاء ، وهذا مشدّد الثاء ، ونحو ذلك قال أبو الهيثم في العِذْي : إنه العَثَريّ بتخفيف الثاء ، وكان شمر يشدّد الثاء فيه ، والصواب تخفيفها ؛ كما قال أبو العباس وأبو الهيثم. وروى شمر عن ابن الأعرابيّ أنه قال : رجل عَثَريّ : ليس في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة. وقال الليثي في قول الراجز : «وبلدة كثيرة العاثور» قال : يعني المتالِف. أبو عبيد : العِثْيَر : الغُبَار. قال : وأنشده الأمويّ

ترى لهم حول الصِقَعْل عِثْيره

يعني الغبار. وقال الليث : العِثْيَر : الغبار الساطع. وأما قولهم : ما يرى لفلان أَثَرٌ ولا عَيْثَرٌ فإنه مبنيّ على مثال فَيْعَل. وروى الأصمعيّ عن أبي عمرو بن العَلَاء أنه قال : بُنيَتْ سَيْلَحُون : مدينة باليمن في

١٩٥

ثمانين أو سبعين سنة ، وبنيت بَرَاقِش وَمعين بِغُسالة أيديهم ، فلا يرى لسَيْلحين أَثَرٌ ولا عَيْثَرٌ ، وهاتان قائمتان. وأنشد قول عمرو بن معديكرب :

دعانا من بَرَاقِش أو مَعِين

فأَسمع واتلأَب بنا مليع

ومَلِيع : اسم طريق. وقال الأصمعيّ : العَيْثَر تبع لأثر. قال : وأما العِثْيَر فهو الغبار. وقال الرياشي : العَيْثَر : أخفى من الأَثَر ، يقال : إن العَيْثَر : عَين الشيء وشخصه في قوله : ماله أثر ولا عَيْثر وأنشد :

لعمر أبيك يا صخر بن عمرو

لقد عيثرت طيرك لو تعيفُ

يريد : لقد أبصرت وعاينت. وقال الليث : العَيْثَر : ما قَلَبْت من تراب أو مَدَر أو طين بأطراف أصابع رجليك إذا مشيتَ ولا يرى من القَدَم أثر غيره ، فيقال : ما رأيت له أثراً ولا عَيْثراً. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : العثْر : الكذِب ، يقال فلان في العَثْر والبائن ، يريد : في الحق والباطل.

وقال ابن الأعرابي يقال : كانت بين القوم عَيْثَرة وغَيْثَرة شديدة ، وكأن العَيْثرة دون الغَيْثرَة. وقال الأصمعي : تركت القوم في غَيْثرة وعَيْثرة أي في قتال دون القتال. قال ويقال : ما رأيت له أثراً ولا عَيْثراً. قال : والعَيْثَر : الشخص العَثَر الاطلاع على سِرِّ الرجل. وعَثَّر : موضع وهو مأسَدة ، جاء على فَعَّل مثل بَقَّمَ. وقال أبو سعيد في قول الأعشى :

فبانت وقد أورثت في الفؤا

د صَدْعاً يخالط عَثَّارها

قال : عثَّارها هو الأعشى عَثَر بها فابتُليَ بهواها وتزوّد منها صَدْعاً في فؤاده.

وعُثَارى : اسم واد.

ثعر : رَوَى أبو الزبير عن جابر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إذا مُيّز أهل الجنَّة من أهل النار أُخرِجوا قد امْتُحِشوا فيُلْقَون في نهر الحياة فيخرجون بيضاً مثل الثعارير». والثعارير في هذا الحديث : رؤوس الطراثيث ، تراها إذا خرجت من الأرض بيضاً شُبّهوا في البياض بها. ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الثعارير : الثآليل واحدها ثُعرور. قال : والثَّعَر : كثرة الثآليل. قال : والثُّعْرور أيضاً : ثَمَر الذُؤْنُون وهي شجرة مُرَّة. ويقال لرأس الطُرْثُوث : ثُعْرور ، وكأنه كَمَرة ذَكَر الرجل في أعلاه. وقال الليث : الثُّعْرورة : الرجل القصير.

وقال ابن الأعرابيّ في موضع آخر : الثُّعْرور : قِثّاء صغار. قال : وهو الثُؤلول ، وهو قُرَاد الثَدْي وهو حَلَمته. قال : والثعارير : نبات يشبه الهِلْيَوْن. وقال الليث : الثَّعْر : لغة في الثُّعْر ، وهي شجرة السمّ إذا قُطِر منه في العين مات صاحبه وَجَعاً.

رعث : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يحلِّي بنات فلان ـ وكنّ في حجْره ـ رِعَاثاً من ذهب.

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : واحد الرَّعَاث رعَثَة ورَعْثة ، وهو القُرْط. قال : والرَّعْث في غير هذا : العِهْن من الصوف. وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن

١٩٦

الأعرابيّ قال : الرَّعَثة في أسفل الأُذُن الشَنْف في أعلى الأذن. وقال الليث : الرَّعْثة : رَعْثة الديك وهي لِحْيته قال : وَرَعثتَا المِعْزَى : زَنَمتاها. ورَعَثَتِ العَنْزُ رَعْثاً إذا ابيضَّت أطراف زَنَميتيْها. قال : وكلّ مِعْلاق كالقُرْط ونحوه يعلَّق من أذن أو قلادة فهو رِعَاث. قال : والرُّعُث : ذَبَاذب من العِهْن تعلَّق من الهوادج زينةً لها ، واحدها رَعْثة. قال : والرَّعْثة التَلْتَلة تتخَّذ من جُف الطَلْعة يُشرب بها. وحُكِي عن بعضهم أنه قال : يقال لراعوفة البئر : راعوثة. قال : وهي الأُرْعُوفة والأُرْعُوثة. وتفسيره في العين والراء. وبَشَّار المُرَعَّث سمّي مُرَعثاً لِرَعَاث كانت في أذنه.

ثرع : أهمله الليث. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : ثَرِع الرجل إذا طَفَّل على قوم.

رثع : أبو عبيد عن الكسائي : رجل راثع وهو الذي يرضى من العطيّة بالطفيف ، ويخادن أخدان السَوْء.

وقد رَثِع رَثَعاً. وقال الليث : رجل رَثِع وراثع : حريص ذو طَمَع.

[باب العين والثاء مع اللام]

ع ث ل

علث ، عثل ، ثعل ، لعث : مستعملة.

علث : أبو عبيد عن الفرّاء قال : المعلوث : ـ بالعين ـ : المخلوط. قال : وقد سمعناه بالغين : مغلوث ، وهو معروف. الحَرّانيّ عن ابن السكيت قال : العَلْث : أن يُخلط البُرّ بالشعير ، يقال : عَلَث الطعامَ يَعْلِثه عَلْثاً. ومنه اشتقّ عُلاثة. قال : والعَلَث : شدّة القتال. يقال : قد عَلِث بعضُ القوم ببعض قلت : والذي ذكره ابن السكيت بالعين يجوز في جميع ما ذكر في الغين. يقال : طعام مغلوث وغَلِيث وعَلِيث ورجل غَلِث : ملازم لمن طالب قتال أو غيره ، وهو صحيح كله. وعُلَاثة : اسم رجل ، وهو الذي يَجمع من ههنا وههنا. وقد عَلَث. قال : ويقال : اعتلث الزَنْدُ إذا لم يورِ ، واعتاص عِلَاثة. وأنشد :

فإني غير معتِلث الزِّنَاد

أي غير صَلْد الزناد. ويقال : اعتلث فلان زَنْداً إذا أخذه من شجر لا يُدرى أيُورى أم لا. والمعتلث من السِهَام : الذي لا خبر فيه ، قاله ابن شميل. أبو زيد : إذا خُلط البُرّ بالشعير فهو عَليث. وحكى النضر عن الجعديّ : غَلَثوا البُرّ بالشعير أي خلطوه ، وهو الغَلِيث. وقال أبو الجرّاح : الغَليث : أن يخلط الشعير بالبرّ للزراعة ثم يحصدان ويجمعان معاً. والجِرْبة : المزرعة ، وأنشد :

جفاه ذوات الدَرّ واجتزّ جِرْبَةً

عليثاً وأعْيا دَرُّ كل عَتُوم

عثل : أهمله الليث. وقال الفرّاء : يقال : عَثَمَتْ يَدُه وعثَلَت تَعْثُل إذا جَبَرت على غير استواء. وأنشد غيره :

ترى مُهجَ الرجال على يديه

كأن عظامه عَثَلت بجَبْر

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العَثَل : ثَرْب الشاة ، وهو الخِلْم والسِمْحاق. وقال أبو الهيثم : رجل عِثْوَلّ قِثْوَلّ إذا كان عَيِيّاً

١٩٧

فَدْماً ثقيلاً. قال : وقال لي أعرابيّ ولصاحب لي كان يستثقله ، وكنا معاً نختلف إليه ، فقال لي : أنت قُلْقُل بُلْبُل ، وصاحبك هذا عِثْوَلٌ قِثْوَلٌّ. ثعلب عن ابن الأعرابيّ : العَثُول : الأحمق ، وجمعه عُثُل.

ثعل : أخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم قال : الثُّعْل : زيادة طُبْي على سائر الأطباء ، وزيادة سِنّ على سِنّ. وأنشد :

ذمّوا لنا الدنيا وهم يرضعونها

أفاويق حتى ما يدرُّ لها ثُعْلُ

وقال الأصمعيّ : رجل أثعل إذا كان زائد السنّ. وتلك السن الزائدة يقال لها الراءول. الليث : رجل أثعل وامرأة ثعلاء وقد ثَعِل ثَعَلاً وهو زيادة سنّ أو دخول سن تحت سنّ في اختلاف من المَنْبت. قال : والأثعل : السيّد الضخم إذا كان له فضول. قال : والثَّعُول : الشاة التي تُحلب من ثلاثة أمكنة أو أربعة للزيادة التي في الطُبْي. الأصمعي : وِرد مُثْعِل إذا ازدحم بعضه على بعض من كثرته. الليث الأنثى من الثعالب يقال لها ثُعَالة. قلت : ويقال لجمع الثعلب ثعالب وثعالى بالباء والياء. ومنه قول الشاعر :

لها أشارير من لحم تُتَمرُه

من الثعالى ووَخْز من أرانيها

أراد : من الثعالب ومن أرانبها. وقال الليث : الثُّعْلُول : الرجل الغضبان وأنشد :

وليس بِثُعْلُول إذا سِيل واجتُدِي

ولا برماً يوماً إذا الضَّيْف أوهما

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : في أسنانه ثَعَل وهو تراكب بعضها على بعض. وقيل : أخبث الذئاب الأَثْعل وفي أسنانه شَخَس وهو اختلاف النِبتة. ابن شميل : الثعلب :

الذكر ، والأنثى ثعلبة. ويقال لكل ثعلب إذا كان ذكراً : هذا ثُعَالة ، كما ترى بغير صرف ، ولا يقال للأنثى : ثُعَالة ، ويقال للأَسَد : أُسامة بغير صرف ، ولا يقال للأنثى : أُسامة. وبنو ثُعَل : حَيّ من أحياء طيّء. وبَلَد مَثْعَلة : كثير الثعالب.

لعث : أهمله الليث. وقال غيره : الألعث : الثقيل البطيء من الرجال ، وقد لعِث لَعَثاً وقال أبو وَجْزة السعديّ :

ونفضتُ عني نومَها فسرْيتها

بالقوم من تَهِمٍ وألعثَ وانِ

والتهِم والتهِن : الذي قد أثقله النُعَاس.

[باب العين والثاء مع النون]

ع ث ن

عثن ، عنث ، نثع : مستعملة.

عثن : في حديث سُرَاقة بن مالك أنه طلب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر حين خرجا مهاجِرَين ، فلمَّا بَصُر بهما دعا عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فساخت قوائم فرسه في الأرض ، فسألهما أن يخلّيا عنه ، فخرجت قوائمها ، ولها عُثَان. قال أبو عبيد : العُثان أصله الدُخَان. وجمع العُثَان عَوَاثن ، وكذلك جمع الدخان دواخن على غير قياس. وأراد بالعثان ههنا الغُبَار شبَّهه بالدخان ، كذلك قال أبو عمرو بن العلاء. ويقال : عَثَنَت المرأة بدخنتها إذا استجمرت ، وعَثَنْت الثوب

١٩٨

بالطِيب إذا دخنته عليه حتى عَبِق به. وطعام مَعْثون وعَثِن ومَدْخون ودَخِن إذا فسد لدخان خالطه ويقال للرجل إذا استوقد بحطب رَطْب ذي دُخَان : لا تُعَثِّن علينا. وقال الليث : عُثْنون اللحية : طَرَفها. وعثانين الرياح : أوائلها. وعثانين السحاب : ما تدلَّى من هَيْدبها. وعُثْنون البعير : شُعَيرات عند مذبحه. وعُثْنون التَيْس : ما تدلَّى من الشعر تحت مَذْبحه. وقال أبو زيد : العُثْنُون : ما فَضَل من اللحية بعد العارضين من باطنهما. ويقال لما ظهر منها : السَبَلة. وقد يجمع بين السَبَلة والعَثْنُون فيقال لهما : عُثْنُون وسَبَلة. أبو عبيد عن الكسائيّ : عَثْنت في الجبل وعَفَنت إذا صَعِدت فيه. وقال ابن شميل : العَثَن : الصَنَم الصغير ، والوثن : الكبير ، والجماعة : الأَعثان والأوثان. ويقال : عَثَن فلان بيننا تعثيناً أي خلَّط وأثار الفساد. وقال أبو تراب : سمعت زائدة البكريّ يقول : العرب تدعو ألوان الصوف العهن ، غير بني جعفر فإنهم يدعونه العِثْن بالثاء. قال : وسمعت مدرك بن غَزْوان الجعفريّ وأخاه يقولان : العِثْن : ضرب من الخُوصة يرعاه المال إذا كان رَطْباً ، فإذا يبِس لم ينفع. وقال مبتكِر : هي العِهْنة ، وهي شجرة غبراء ذات زهر أحمر.

عنث : الليث العُنْثُوة : يَبيس الحَلِيّ خاصّة إذا اسودَّ وبَلِيَ ويقال له : عُنْثة أيضاً. وشَبَّه الشاعر شعرات اللِمَّة به بعد الشيب فقال :

عليه من لِمَّته عَنَاثِي

قلت : عَنَاثي الحليّ : ثمرتها إذا ابيضّت ويَبِست قبل أن تسودَّ وتَبْلَى ، هكذا سمعت من العرب. وشبَّه الراجز بياض لِمَّته ببياضها.

نثع : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أنثع الرجلُ إذا قاء. وأنثع إذا خرج الدم من أنفه غالباً له. أبو عُبَيد عن أبي زيد : أنثع القَيْء مِن فيه إنثاعاً ، وكذلك الدم من الأنف.

[باب العين والثاء مع الفاء]

ع ث ف

استعمل من وجوهه : عفث.

عفث : وقد أهمله الليث. وفي الحديث أن الزُبَير بن العوّام كان أعفث. أخبرني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ : رجل أعفث : لا يواري شَوَاره أي فرجه. وقال غيره : هو الكثير التكشّف إذا جلس.

[باب العين والثاء مع الباء]

ع ث ب

عبث ، ثعب ، بثع ، بعث : مستعملة.

عبث : قال الله جلّ وعزّ : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) [المؤمنون : ١١٥] أي لَعِباً. وقد عبِث يَعْبَث عَبَثاً فهو عابث : لاعب بما لا يعنيه وليس من باله. قلت : نَصَب عَبَثاً لأنه مفعول له ، المعنى : خلقناكم للعبث.

أبو عُبيد عن الفرّاء : عَبَثْتُ الأقِط أَعْبَثُه عَبَثاً وَمِثْته ، ودُفته. قال أبو عبيد : وفيه لغة أخرى : غَبثته بالغَين. قال : وقال الأموي : الغَبِيثة بالغين : طعام يُطْبخ

١٩٩

ويجعل فيه جَرَاد وهو الغَثِيمة أيضاً.

الحرّانيّ عن ابن السكيت قال : العَبْث : مصدر عَبَث الأَقِط يَعْبَثه عَبْثاً إذا خلط رَطْبه بيابسه. وهي العَبِيثة. قال : والعَبَث أن يَعبَث بالشيء. قال : وعَبَثَت المرأة أقِطها إذا فرَّغَتْه على المُشَرّ اليابس ليحمِل يابسه رَطْبُه. قال : وقال أبو عُبَيدة : في نسب بني فلان عَبِيثة : أي مؤتشِب ، كما يقال : جاء بعَبِيثة في وِعَائه أي بُرّ وشعير قد خُلِطا.

وقال الليث : العَبِيث في لغةٍ : المَصْل. والعَبْث : الخَلْط ، وهو بالفارسيَّة : ترفْ تَرِين. قال وتقول : إن فلاناً لفي عَبِيثة من الناس ولَوِيثة من الناس ، وهم الذين ليسوا من أب واحد ، تهبَّشُوا من أماكن شَتى. وأنشد :

عَبِيثَة من جُشَم وجَرْم

ويقال مررنا على غَنَم بني فلان عَبِيثة واحدة أي اختلط بعضها ببعض.

ثعب : أبو عبيد عن أبي عمرو : الثَّعَب : مَسِيل الوادي ، وجمعه ثُعْبان. وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن سلمة عن الفرّاء قال : الثَّعْب والوَقِيعة والغَدِير كلّ ذا من مجامع الماء.

وقال الليث : الثَّعْب : الذي يجتمع في مَسِيل المَطَر من الغُثاء.

قلت : لم يجوّد الليث في تفسير الثَّعْب ، وهو عندي : المسيل نفسه ، لا ما يجتمع في المَسِيل من الغُثَاء.

وقال الليث : ثَعَبت الماء ثَعَباً إذا فَجَرْته فانثعَب كانثعاب الدم من الأنف. قال ومنه اشتُقّ مَثْعَب المَطَر. قال والثُعْبان : الحيَّة الضخم الطويل الذكر قال : الأَثْعَبيّ : الوجه الضخم في حُسْن وبياض.

قلت : ومنهم من يقول : وجه أُثْعبانيّ. قال : والثُّعْبة : ضَرْب من الوَزَغ يسمَّى سامَّ أبرص ، غير أنها خضراء الرأس والحَلْق جاحظة العينين ، لا تلقاها أبداً إلَّا فاتحة فاها. وهي من شرّ الدوابّ. وجمعها ثُعَب.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : من أسماء الفأر البِرّ والثُّعْبة والعَرِم.

وقال ابن دريد : الثُّعْبة : دابَّة أغلظ من الوَزَغة تلسع ، وربما قَتَلت. قال : ومَثَل من أمثالهم : ما الخَوَافِي كالقِلَبة ، ولا الخُنَّاز كالثُّعَبَة. قال والخُنّاز : الوَزَغة.

وقال ابن شميل : الحيَّات كلها ثعبان ، الصغير والكبير والإناث والذُكران.

وقال أبو خيرة : الثعبان الحيَّة الذكر ، ونحو ذلك قال الضحاك في تفسير قوله تعالى : (فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) [الأعرَاف : ١٠٧].

وقال قُطْرب : الثعبان : الحيَّة الذكر الأصفر الأشقر ، وهو من أعظم الحيَّات. وقال أبو تراب : قال الخليل : الثُّعْبان : ماء الواحد ثَعب. قال : وقال غيره : هو الثغب بالغين.

وقال شمر : قال بعضهم : الثعبان من

٢٠٠