تهذيب اللغة - ج ٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٦

صاحبك وطلَعتُ على صاحبي طلوعاً إذا أقبلت عليه. أبو عبيد في باب الحروف التي فيها اختلاف اللغات والمعاني : طلِعْت الجبل أطلَعُه ، وطَلَعت على القوم أطْلُع. قال : وقال أبو عبيدة فيهما جميعاً : طَلَعت أطْلُع وأقرأني الإيَاديّ عن شمر لأبي عبيد عن أبي زيد في باب الأضداد : طَلَعت على القوم أطْلُع طُلُوعاً إذا غِبت عنهم حتى لا يَرَوك ، وطَلَعت عليهم إذا أقبلت إليهم حتى يروك. قلت : وهكذا رَوَى الحرّاني عن ابن السكيت : طَلَعت عليهم إذا غِبْت عنهم ، وهو صحيح جُعِل عَلَى فيه بمعنى عن كما قال الله جلَّ وعزّ : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ) [المطففين : ١ ، ٢] معناه إذا اكتالوا عن الناس ومن الناس ، كذلك قال أهل اللغة أجمعون. وأخبرني المنذري عن أبي الحسن الصَيْدَاوِيّ عن الرياشيّ عن الأصمعي قال : الطِّلْعُ : كل مطمئن من الأرض ذاتِ الربْوة إذا أطْلَعْتَه رأيت ما فيه. ومن ثمّ يقال أطْلِعْنِي طِلْعَ أمرك. ويقال : أطلَع الرجل إطلاعاً إذا قاء.

وقال الليث : طليعة القوم : الذين يبعثون ليطّلعوا طِلْع العدوّ. ويسمّى الرجل الواحد طليعة والجميع طليعة والطلائع الجماعات. قلت : وكذلك الرَبِيئة والشِّيفة والبَغِيَّة بمعنى الطليعة ، كل لفظة منها تصلح للواحد والجماعة.

ورُوي عن عمر بن الخطاب أنه قال عند موته : لو أنَّ لي ما في الأرض جميعاً لافتديت به من هَوْل المُطّلَع.

قال أبو عبيد قال الأصمعي : المُطَّلَع هو موضع الاطّلاع من إشرافٍ إلى الانحدار ، فشبّه ما أشرف عليه من أمر الآخرة بذلك. قال : وقد يكون المُطَّلَع المَصْعَد من أسفل إلى المكان المُشْرِف. قال : وهذا من الأضداد.

ومنه حديث عبد الله بن مسعود في ذكر القرآن : «لكل حرف حَدّ ولكل حَدّ مُطَّلَع» معناه : لكل حَد مَصْعَدٌ يُصْعد إليه ، يعني : من معرفة علمه. ومنه قول جرير :

إني إذا مُضَرٌ عَلَي تحدَّبتْ

لاقيتُ مُطَّلَعَ الجبال وُعُورا

ويقال : مُطَّلَعُ هذا الجبل من كذا وكذا أي مَصْعَده ومأتاه.

وقد رُوي في حديث عمر هذا أنه قال : لو أن لي طِلَاعَ الأرض ذهباً لافتديت به من هول المُطَّلَع.

قال أبوعبيد :وطِلَاع الأرض : مِلْؤها حتى يطالع أعلى الأرض فيساويه ، ومنه قول أوس بن حَجَر يصف قوساً وأن مَعْجِسها يملأ الكفّ فقال :

كَتُومٌ طِلَاع الكفّ لا دون مِلئها

ولا عَجْسُهَا عن موضع الكفّ أفْضَلَا

وقال الليث : طِلَاع الأرض في قول عمر : ما طلعَتْ عليه الشمس من الأرض.

والقول ما قاله أبو عبيد. وقال الليث : والطلاع هو الاطّلاع نفسه في قول حُمَيد بن ثور :

وكان طِلَاعاً من خَصاصٍ ورِقْبَةً

بأعين أعداء وطَرْفاً مُقَسَّمَا

١٠١

قلت : قوله : وكان طِلَاعاً أي مُطالعة يقال طالعته مطالعة وطِلَاعاً. وهو أحسن من أن تجعله اطِّلَاعاً ؛ لأنه القياس في العربية.

وقال الليث : يقال : إن نفسك لطُلَعَةٌ إلى هذا الأمر ، وإنها لَتَطَّلِعُ إليه أي لِتُنَازِع إليه. وامرأة طُلَعَةٌ قُبَعَةٌ : تنظر ساعة ثم تختبىء ساعة. وقول الله جلّ وعزّ : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) [الهمزة : ٦ ، ٧] قال الفرّاء : يقول يبلغ ألَمُها الأفئدة. قال والاطِّلَاع والبلوغ قد يكونان بمعنًى واحد. والعرب تقول متى طَلَعْتَ أرضنا أي متى بلغْتَ أرضنا. وقال غيره : (تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) توفِي عليها فتحرقها ، من اطّلعت إذا أشرفت. قلت : وقول الفرّاء أحَبّ إليّ وإليه ذهب الزجّاج. ويقال : طَلَعْتُ الجبل إذا عَلَوته أطْلُعُهُ طُلُوعاً وفلان طَلَّاع الثَنَايا وطَلَّاع أنْجُد إذا كان يعلو الأمور فيقهرها بمعرفته وتجاربه وجَوْدة رأيه والأنجد جمع النَجْد وهو الطريق في الجبل ، وكذلك الثَنِيَّة. ومن أمثال العرب : هذه يمين قد طَلَعَتْ في المخارم وهي اليمين التي تجعل لصاحبها مَخْرَجاً. ومن هذا قول جرير :

ولا خير في مال عليه ألِيَّة

ولا في يمين غيرِ ذات مخارِمِ

والمخارِم : الطرق في الجبال أيضاً ، واحدها مَخْرِمٌ. والطالِعُ من السهام : الذي يقع وراء الهَدَف ، ويُعْدَلُ بالمُقَرْطِس. وقال المرّار :

لها أسهمٌ لا قاصراتٌ عن الحَشَى

ولا شاخصاتٌ عن فؤادي طوالِعُ

أخبَر أن سهامها تصيب فؤاده وليست بالتي تَقْصُر دونه أو تجاوزه فتخطئه.

وقال ابن الأعرابي : رُوي عن بعض الملوك أنه كان يسجد للطالع معناه : أنه كان يخفض رأسه إذا شخص سَهْمُه فارتفع عن الرَمِيَّة ، فكان يطأطىء رأسه ليتقوّم السهمُ فيصيب الدارة. ويقال اطَّلَعْتُ الفجرَ اطّلاعاً أي نظرت إليه حين طلع. وقال :

نسيمُ الصَبَا من حيث يُطّلَعُ الفجرُ

وحكى أبو زيد : عافى الله رَجُلاً لم يتطّلع في فيك ، أي لم يتعقب كلامك. ويقال : فلان بِطِلْعِ الوادي ، وفلان طِلْعَ الوادي ، بغير الباء. قال : واستطلَعْتُ رأي فلان إذا نظرت ما رأيه. وطَلَعَ الزرع إذا بدا يَطلع إذا ظهر نباته. وأطْلَعَتِ النخلةُ إذا أخرجت طَلْعَهَا. وطَلْعُهَا : كُفُرَّاها قبل أن تنشقّ عن الغَرِيض. والغَريض يسمّى طَلْعاً أيضاً. وحكى ابن الأعرابي عن المفضّل الضّبيّ أنه قال : ثلاثة تؤكل ولا تُسَمِّن ، فذكر الجُمَّار والطَّلْع والكَمْأة ، أراد بالطَّلْع : الغَرِيض الذي ينشَقّ عنه كافوره ، وهو أول ما يُرَى من عِذْق النخلة. الواحدة : طَلْعَة. وقال ابن الأعرابي : الطَّوْلَعُ الطُّلَعَاء وهو القيء. عمرو عن أبيه : من أسماء الحيّة الطِّلْع والطِلّ. وأخبرني بعض مشايخ أهل الأدب عن بعضهم أنه قال : يقال أطْلَعْت إليه معروفاً مثل أزْلَلْتُ.

وقال شمر : يقال ما لهذا الأمر مُطَّلَعٌ ولا

١٠٢

مَطْلَع أي ما له وجه ولا مَأْتًى يُؤْتَى منه.

ويقال مَطْلَع هذا الجبل من مكان كذا أي مَصْعَدة ومأتاه. وأنشد أبو زيد :

ما سُدَّ من مَطْلَع ضاقت ثنِيّته

إلّا وَجَدتُ سواء الضِّيق مُطَّلَعا

ويقال أطلعَني فلان وأرهقني وأذْلقني وأقحمني أي أعجلني. وطُوَيْلع : رَكِيّة عادِيّة بناحية الشواجن عَذْبة الماء قريبة الرِشاء وطَلَّعْتُ كيله أي ملأته جِدّاً حتى تَطَلَّع أي فاض قال :

كنت أراها وهي توقى محلباً

حتى إذا ما كيلها تَطَلَّعَا

وقَدَح طِلاع : ممتلىء. وعين طِلَاعة : ممتلئة. قال :

أمَرُّوا أمرهم لِنَوًى شَطُونٍ

فنفسي من ورائهم شَعَاعُ

وعيني يوم بانوا واستمرُّوا

لنِيَّتهم وما رَبَعُوا طِلَاعُ

وطَلَعْتُ الجَبَل : علوته. وأطْلَعْتُ منه : انحدرت نحو فَرَعتُ الجبل عَلوته وأفرعتُ انحدرتُ ومَرَّ مُطَّلِعاً لذلك الأمر أي غالباً له ومالكاً. وهو على مَطْلع الأكمة أي ظاهر بَيِّنٌ. وهذا مَثَل يضرب للشيء في التقريب. يقال : الشرّ يُلقَى مَطَالِع الأكم ، أي ظاهر بارز. قال ابن هَرْمة :

صادتك يوم المَلَا من مَصْغَرٍ عَرَضاً

وقد تُلَاقِي المنايا مَطلِعَ الأكمِ

وطَلْعُ الشمس : طُلُوعُهَا. قال :

باكر عَوفاً قبل طَلْعِ الشمس

لطع : الليث : لَطِعَ الإنسان الشيء يَلْطَعُهُ لَطْعاً إذا لحسَه بلسانه. قال : والألطع : الرجل الذي قد ذهبت أسنانه ، وبقيت أسناخها في الدُرْدُر. قال ويقال بل اللَّطَعُ : رِقّة في شَفَة الرجل الألطع وامرأة لَطْعَاء. وأخبرني المنذري عن ثعلب عن سلمة عن الفرّاء : امرأة لَطْعَاء بيّنة اللَّطَع إذا انسحقت أسنانها فلصِقت باللِثَة ، وقد لَطَعت الشيء ألْطَعُهُ لَطْعاً إذا لعِقته. قال : وقال غيره لَطِعْتُهُ بكسر الطاء. وقيل : امرأة لطعاء : قليلة لحم الرَكَب.

وفي «نوادر الأعراب». لَطَعتُه بالعصا. قال والطِعْ اسمه أي أثبِتْهُ ، الطَعْهُ أي امحُه. وكذلك اطلِسْهُ. وقال ابن دريد : اللطْع بياض الشفة واللطَع قلة لحم الفرج واللطَعُ أن تتحاتّ الأسنان. واللطْعُ لَطْعُكَ الشيء بلسانك ولَطَعْتُه بالعصا : ضربته ولَطَعت عينَه : ضربتها ولطمتها. ولطَعتُ الغَرَض : رَمَيته فأصبته ولَطَعت البئرُ : ذهب ماؤها. والناقة اللطعَاء : التي ذهب فمها من الهَرَم. ولَطِعَ إصبعه ولعِق إذا مات. ولَطَعَ الشرابَ والتطعه : شرِبه. قال : ولَطْعَةُ الذئب على صوته وصنعَة السُرفة والدَّبرَ. واللطَع : الحَنَك والجميع : ألطاع.

باب العين والطاء مع النون

[ع ط ن]

عطن ، عنط ، نعط ، نطع ، طعن : مستعملات.

عطن : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نهى عن الصلاة في أعطان الإبل. أخبرني المنذريّ عن الحرّاني عن ابن السكيت قال : العَطَن :

١٠٣

مَبْرَك الإبل حول الماء. وقد عَطَنَت الإبلُ على الماء وعَطَّنَت ، وأعْطَنْتُها أنا إذا سقيتها ثم أنحتها في عَطَنِهَا لتعود فتشرب. وأخبرني عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : قومٌ عُطَّانٌ وعَطَنَةٌ وعُطُونٌ وعَاطِنُون إذا نزلوا في أعطان الإبل. ولا يقال : إبل عُطَّان. وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «رأيتُني أنزِعُ على قَلِيب ، فجاء أبو بكر فاستقى وفي نَزْعه ضَعْفٌ والله يغفر له ، فجاء عمر فنَزَعَ فاستحالت الدَلْو في يده غَرْباً فأروى الظَمِئة حتى ضَرَبت بعَطَن» قال ابن السكيت : قوله : «ضَرَبت بعَطَنٍ» يقال ضَرَبَت الإبلُ بعَطَنٍ إذا رَوِيَتْ ثم بَرَكَتْ على الماء. وأخبرني عبد الملك عن الربيع عن الشافعيّ في تفسير قوله : «ثم ضَرَبَتْ بعَطَنٍ» بنحوٍ ممّا قاله ابن السكيت. وقال الليث : كل مَبْرَك يكون مَألفاً للإبل فهو عَطَنٌ لها بمنزلة الوطن للغنم والبقر قال : ومعنى مَعَاطِن الإبل في الحديث : مواضعها. وأنشد :

ولا تكَلِّفُنِي نفسي ولا هَلَعِي

حِرْصاً أُقيم به في مَعْطِن الهُونِ

قلت ليس كل مُنَاخ للإبل يسمّى عَطَناً ولا مَعْطِناً. وأعطان الإبل ومَعَاطنها لا تكون إلّا مَبَارِكَها على الماء. وإنما تُعْطِن العربُ الإبلَ على الماء حين تَطْلُع الثريّا ، ويرجع الناس من النُجَع إلى المحاضِر ، وتُعْطَنُ يوم وِرْدها فلا يزالون كذلك إلى وقت طلوع سهيل في الخريف ، ثم لا يُعْطِنُونهَا بعد ذلك ، ولكنها تَرِد الماء فتشرب شَرْبتها وتَصْدُر من فَوْرها.

وفي حديث عمر أنه دخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفي بيته أُهُبٌ عَطِنَةٌ. قال أبو عبيد : العَطِنَة : المُنْتِنة الريح. قلت : ويقال عَطَنْتُ الجِلْد أعْطِنُهُ عَطْناً إذا جعلتَه في الدبَاغ وتركته فيه حتى يتمرّط شَعَرُه ويُنْتِن ، فهو معطونٌ وعَطِينٌ. وقد عَطِن الجِلد عَطَناً إذا أنْتَنَ وأمْرَق عنه وَبَرُه أو صُوفه. ويقال للذي يُسْتَقْذَر : ما هو إلّا عطِينة ، من نَتْنه. وقال أبو زيد : عَطِن الأديم إذا أنْتَنَ وسقط صوفه في العَطْن. والعَطْنُ أن يُجْعَل في الدِبَاغ.

قال أبو عبيد : وقال أبو زيد : موضع العَطِن العَطَنة قال : والعَطْنُ في الجِلد : أن يؤخذ الغَلْقة وَهو ضربٌ من النبات يدبغ به أو فَرْثٌ يُلْقى فيه الجِلْد حتى يُنْتِن ثم يلقى بعد ذلك في الدِبَاغ. وفلان واسع العَطَن والبَلَد ، وهو الرَحْب الذراعِ.

عنط : أبو عبيد عن الأصمعي : العَنَطْنَطُ : الطويل من الرجال. وقال الليث :

واشتقاقه من عنَط ولكنه أُرْدِف بحرفين في عَجُزه. وأنشد :

يَمْطو السُرَى بعُنُقٍ عَنَطْنَطِ

قال : وامرأة عَنَطْنَطَةٌ : طويلة العُنُق مع حُسْن قَوَام.

قال : وعَنَطُها : طول قَوَامها وعنقها لا يجعل مصدر ذلك إلا العَنَط. قال : ولو جاء في الشعر عَنَطْنَطَتُهَا في طول عنقها جاز ذلك في الشِعر. قال وكذلك أسدٌ غَشَمْشمٌ بين الغَشْم ، ويومٌ عَصَبْصَبٌ بين العَصَابة. ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : أعْنَط : جاء بولدٍ عَنَطْنَطٍ.

١٠٤

طعن : الليث : طعنه بالرمح يَطْعُنُهُ طَعْناً.

وطَعَنَ بالقول السَيّء يَطْعَن طَعَنَاناً. واحتجّ بقوله :

وأبى الكاشحون يا هندُ إلا

طَعَنَاناً وقول مالا يقال

ففرّق بين المصدرين ، وغيره لم يفرّق بينهما. وأجاز لِلشاعر طعناناً في البيت ؛ لأنه أراد : أنهم طعَنُوا فيه بالعيب فأكثروا ، وتطاول ذلك منهم ، وفَعَلَان يجيء في مصادر ما يَتَطَاول ويتمادَى ويكون مناسباً للميل والجَور. قال الليث : والعَين مِن يَطْعُنُ مضمومة. قال : وبعضهم يقول : يَطْعُنُ بالرمح ويَطْعَنُ بالقول فيفرّق بينهما. ثم قال الليث : وكلاهما يَطْعُنُ. وقال أبو العباس قال الكسائي : لم أسمع أحداً من العرب يقول يَطْعَنُ بالرمح ولا في الحسب ، إنما سمعت يَطْعُنُ. قال : وقال الفرّاء : سمعتُ أنا يطعَنُ بالرمح. وقال الليث : الإنسان يَطْعُنُ في المغازة ونحوها إذا مضى فيها قلت : ويقال : طَعَنَ فلان في السِنّ إذا شخص فيها وطَعَنَ غُصْنٌ من أغصان الشجرة في دار فلان إذا مال فيها شاخصاً. وأنشدني المنذري عن أبي العباس لمُدْرِك بن حُصَين يعاتب قومه :

وكنتم كأُمٍّ لَبَّة طَعَنَ ابنها

إليها فما دَرَّتْ عليه بسَاعِدِ

قال : طَعَنَ ابنها إليها أي نهض إليها وشخص برأسه إلى ثَدْيها ، كما يَطْعُن الحائط في دار فلان إذا شخص فيها.

ويقال : طَعَنَت المرأةُ في الحَيْضة الثالثة أي دخلتْ.

وقال بعضهم : الطَّعْنُ : الدخول في الشيء.

ويقال طُعِنَ فلان فهو مطعون وطَعِين إذا أصابه الداء الذي يقال له : الطاعون.

ويقال : تَطَاعَن القوم في الحرب واطَّعَنُوا إذا طَعَنَ بعضهم بعضاً : والتفاعل والافتعال لا يكاد يكون إلا باشتراك الفاعلين فيه ؛ مثل التخاصم والاختصام ، والتعاور والاعتِوار. ورجلٌ طِعِّين : حاذق بالطِعَان في الحرب.

نطع : أبو عبيد عن الكسائي : هو النَّطْع والنَّطَعُ والنِّطْعُ والنِّطَعُ. وجمعه أنطاع. وقال الليث : النِّطَعُ : ما ظهر من الغار الأعلى ، وهي الجِلدة المُلْزَقة بعظم الخُلَيْقَاء فيها آثار كالتحْزيز ، والجميع النُّطوع. والتَّنَطُّع في الكلام : التعمُّق فيه ، مأخوذ منه قلت : وفي الحديث : «هلك المتنطِّعون» وهم المتعمّقون الغالُون. ويكون : الذين يتكلمون بأقصى حلوقهم تكبّراً ؛ كما قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ أبغضكم إليّ الثرثارون المتفيهِقون». وسأفسّره في موضعه.

وقال أبو سعيد : يقال وَطئنا نِطَاعَ بني فلان أي دخلنا أرضهم.

قال وجَنَاب القوم نِطاعهم. قلت : ونَطَاعِ بوزن قَطَامِ : ماءة في بلاد بني تميم قد وَرَدتُهَا يقال شَرِبَتْ إبلُنا من ماء نَطَاعِ ، وهي رَكيّة عَذْبة الماء غزيرته. ثعلب عن ابن الأعرابي قال : النُّطُعُ : المتشدّقون في

١٠٥

كلامهم وقال ابن الفرج : سمعت أبا السَمَيْدَع يقول : تَنَطَّعَ في الكلام وتَنَطَّسَ إذا تأنّق فيه.

وقال ابن الأعرابي : النُّطَاعَةُ والقُطَاعَةُ والعُضَاضَة : اللُقْمة يؤكل نصفها ثم تردّ إلى الخِوَان وهو عيبٌ. يقال : فلان لاطِع ناطِع قاطِع.

نعط : ناعِطٌ : حِصْن في رأس جبلٍ بناحية اليمن قديمٌ كان لبعض الأَذْواء.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : النُّعْطُ : المسافرون سفراً بعيداً ، بالعَين.

قال والنُّعْطُ : القاطعو اللُقَم بنصفين فيأكلون نِصفاً ويُلقون النصف الآخر في الغَضَار. وهم النُّعُط والنُّطُعُ واحدهم ناعِط وناطِع وهو السيّىء الأدبِ في أكله ومروءته وعَطائه. قال : ويقال : نعَط وأنطع إذا قطع لُقْمة قال : والنُغُط بالغين : الطِوال من الناس.

باب العين والطاء مع الفاء

[ع ط ف]

استعمل من وجوهه : عطف ، وعفط ، وأهمل باقي الوجوه.

عطف : قال الله جلّ وعزّ : (ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [الحج : ٩] جاء في التفسير أن معناه : لاوياً عُنُقه. وهذا يوصف به المتكبِّر. فالمعنى : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ثانياً عطفه. ونصب (ثانِيَ عِطْفِهِ) [الحج : ٩] على الحال ومعناه التنوين ؛ كقوله جلّ وعزّ : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة : ٩٥] معناه : بالغاً الكعبةَ. وعِطْفا الرجل : ناحيتاه عن يمين وشِمَال. ومَنْكِب الرجل : عِطْفه وإبطه عطفه ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «سبحان من تعطَّف العِزَّ وقال به» ، معناه والله أعلم : سبحان منْ تَرَدَّى بالعِزّ ، والعطاف : الرِدَاء. والمراد منه بهاء الله وجلاله وجماله. والعرب تضع الرداء موضع البهجة والحسن ، وتضعه موضع النعْمة والبهاء. وسمّي الرداء عِطافاً لوقوعه على عِطْفَيِ الرجُل وهما ناحيتا عُنُقه. فهذا معنى تعطّفِه العِزَّ. ويجمع العِطَاف عُطُفاً وأعْطِفَةً. والمِعْطَف : الرداء وجمعه المعاطف. وهو مثل مئزر وإزار وَمِلْحَف ولِحَاف ومِسْرَد وسِراد. وقال أبو زيد : امرأة عَطِيف وهي التي لا كِبْر لها اللينة الذليلة المِطواع فإذا قلت : امرأة عَطوف فهي الحانية على ولدها. وكذلك رجلٌ عَطُوفٌ. ويقال : عَطَفَ فلان إلى ناحية كذا يَعْطِفُ عَطْفاً إذا مال إليه ، وانعطف نحوه. وعَطَفَ رأسَ بعيره إليه إذا عَاجَهُ عَطْفاً. وعَطَفَ الله بقلب السلطان على رعيّته إذا جعله عَاطِفاً رحيماً. ويقال عَطَف الرجل وِساده إذا ثَنَاه ليرتفق عليه ويتّكىء. وَقال لَبيد :

وَمَجُودٍ من صُبَابات الكَرَى

عَاطِف النمرق صَدْق المُبْتَذَلْ

ثعلب عن ابن الأعرابي : العُطُوف : الأردية. والعُطوف الآباط. وعِطْفا كل إنسانٍ ودابّةٍ : شِقَّاه من لدن رأسه إلى وركيه شمر عن ابن شميل : العِطَاف

١٠٦

تَردّيك بالثوب على منكبيك كالذي يفعل الناس في الحرّ وقد تعطف بردائه. قال : والعطاف الرداء والطيلسان وكل ثوب تَعَطَفُهُ أي تَردَّى به فهو عطاف.

وقال الليث : العَطاف : الرجل الحَسن الْخُلُق العَطُوف على الناس بفضله. وظبية عَاطِف إذا رَبضتْ فعَطفتْ عُنقها. وكذلك الحاقِف من الظباء. وناقةٌ عطوفٌ إذا عَطِفَتْ على بَوّ فرئمته. والجميع العُطُف. ويقال فلان يتعاطف في مِشيته بمنزلة يتهادى ويتمايل من الخُيَلاء والتبختُر. وَيقال : عَطَفْتُ رأس الخَشَبة فانعطف إذا حَنَيته فانحنى. والعَطُوف ـ وبعضٌ يقول : العاطوف ـ مِصْيدة ، سمّيتْ به لانعطاف خشبتها. وقال غيره : العطائف : القِسيّ ، الواحدة عطِيفَة ، كما سمّوها حنِيَّةً وجمعها حَنيُّ.

قال والعطف : عطف أطراف الذَيل من الظهارة على البِطانة. وقال ذو الرمة في العطائف القسِيّ :

وأصفر بلَّى وشيَه خفقانُه

عَلَى البِيض في أغمادها والعطائف

أصفر يعني بردا يظلّل به. والبيض السيوف والعطَّاف في صفة قِداح الميسر. ويقال : العَطُوف : وهو الذي يَعطف على القداح فيخرج فائزاً.

وقال الهذلي يصف ماء وَرده :

فخضخضتُ صُفْنِيَ في جَمَّهِ

خِيَاض الْمدَابر قِدحاً عطُوفاً

وقال القتيبي في كتاب «الميسر» : العَطوف : القِدْح الذي لا غُرْم فيه ولا غُنْم له ، وهو أحد الأغفال الثلاثة في قِداح الميسر ، سُمّي عطُوفاً لأنه يُكَرُّ في كل رَبَابه يضرب بها. قال وقوله : قِدحاً عطوفاً واحد في معنى جميع ، ومنه قوله :

حتى يخضخض بالصُفْن السبيخ كما

خاض القِدَاح قَمِيرٌ طامِعٌ خَصِلُ

السبيخ : ما نَسَل من ريش الطير التي ترد الماء. والقمير : المقمور. والطامِع : الذي يطمع أن يعود إليه ما قُمِرَ. ويقال : إنه ليس يكون أحد أطمع من مقمور ، خَصِل : كثير خِصَال قَمْرِهِ. وأما قول ابن مقبل :

وأصفرَ عطَّاف إذا راح رَبُّهُ

غدا ابنا عِيانٍ بالشِوَاء المُضَهَّبِ

فإنه أراد بالعَطَّاف قِدْحاً يعطِف عن مآخذ القِداح وَينفرد. وَقال ابن شميل : العَطَفة هي التي تَعَلَّقُ الْحَبَلَةُ بها من الشجر. وأنشد :

تَلَبَّسَ حُبُّها بدمِي ولحمِي

تَلَبُّسَ عطْفةٍ بفروع ضَالِ

قال النضر : إنما هي عطَفَة فخفّفها ليستقيم له الشِعْر. عمرو عن أبيه قال : مِن غريب شجر البَرّ العَطْفُ واحده عطَفَة.

وقال ابن الأعرابي : يقال تَنَحَّ عن عطْف الطريق وعطْفِه وعلَبِهِ ودَعسِهِ وقَرِيّه وَقَرِقِه وقَارِعته.

وروى بعضهم عن المؤرِّج أنه قال في حَلْبة الخيل إذا سوبق بينها وفي أساميها : هو السَّابق ، والمصَلّى ، والمسَلّى ، والمجلِّي ، وَالتالي والعاطف ، والحظيّ ، وَالمؤمَّل ، وَاللَطِيم ، وَالسُكَيْت.

١٠٧

وقال أبو عبيد : لا يعرف منها إلا السابق وَالمصَلّى ثم الثالث وَالرابع إلى العاشر وَآخرها السُكَيت وَالفِسْكِل. قلت : وَقد رأيت لبعض العراقيين هذا الذي رُوي عن المؤرج ، وَلم أجد الروَاية ثابتة عن المؤرج من جهة مَن يوثق به فإن صحَّت الروَاية عنه فهو ثقة ، وقد جاء به ابن الأنباري. وَالعطَفة من خرَز النساء تتعلّقها طلب محبة أزوَاجها. وَسميت بذلك تفاؤلاً بها. وقوسٌ عَطُفٌ : ليّنة الانعطاف. قال :

فظل يمطو عُطُفاً رُجُوماً

وقيل للقوس : عُطفٌ لأنها معطوفة ، فُعُل بمعنى مفعولة ، كما قيل : قوس عُطُلٌ أي مُعَطَّلَة لا وَتَر عليها ، وقلبٌ فُرُغٌ أي مفرَّغ من الحزن ، ونحو ذلك كثير. والعَطَفُ : وجع في العُنق من تعادى الوسادة عِطف الرجل. وقوله في وصف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وفي أشفاره عَطَفٌ أي انعطافٌ. وعطَّفتُه ثوبي أي جعلته عِطافاً له. وقال ابن كُرَاع :

وإذا الرِكَابُ تكلفتها عُطِّفَتْ

ثمرَ السياط قطوفها وسِيَاعَهَا

أي جُعِلَتِ السياطُ عُطفاً لها جُنُوبها ، وإنما تُضْرَبُ بالثمر لأنها لا تدرَك فتضربَ بِالسياط. وثمر السياط : أطرافها. وعِطاف من أسماء الكلب. قال :

فصَبَّحَهُ عند السروق عُدَيَّة

أخو قَنَصٍ يُشْلى عِطَافاً وأجذلَا

عفط : قال الليث : العَفْطُ والعَفِيط نَثْر الشاة بأنوفها كما يَنْثِر الحمار ، والعرب تقول : ما لفلان عَافِطَة ولا نافِطة فقال الأصمعي : العَافِطَة : الضائنة ، والنافِطة : الماعزة. وقال ابن السكيت : قال غير الأصمعي من الأعراب : العافطَة : الماعزة إذا عَطَست. وقال الليث : قال أبو الدُقَيش العافِطة : النعجة ، والنافِطة : العَنْز ، وقال غيره : العافِطة : الأَمَة ، والنافِطة : الشاة ، لأن الأمَة تَعْفِط في كلامها ، كما يَعْفِط الرجلُ العِفْطِيّ وهو الألكن الذي لا يُفْصح وهو العَفَّاط ، وقد عَفَطَ في كلامه عَفْطاً وعَفَتَ عَفْتاً ، وهو عَفَّاتٌ عَفَّاط. ولا يقال على جهة النسبة إلّا عِفْطِي. قلت : الأعْفَتُ والألْفَتُ : الأعسر الأخرق. وعَفَتَ الكلامَ إذا لواه عن وجهه. وكذلك لَفَته. والتاء تبدل طاءً لقرب مخرجيهما. وقال أبو عمرو : العَافِط الذي يصيح بالضأن لتأتِيَه. وقال بعض الرجّاز يصف غنماً :

يحار فيها سَالِىءٌ وآقِطُ

وحالبان ومَحَاحٌ عَافِطُ

ويقال حاحيت بالمِعْزَى حِيحاء ودعدعت بها دعدعة إذا دعوتها. وقال أبو تراب : سمعت عَرّاماً يقول : عَفَق بها وعَفَط بها إذا ضَرَط. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العَفْطُ الحُصَاص للشاة ، والنَّفْطُ : عُطَاسُها.

باب العين والطاء مع الباء

[ع ط ب]

عطب ، عبط ، طبع ، طعب ، بعط : مستعملة.

عطب : قال الليث : العَطَبُ : هلاك الشيء

١٠٨

والمال وعَطِبَ البعيرُ إذا انكسر أو قام على صاحبه ، وأعْطَبتُهُ أنا : أهلكته. أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العَوْطَبُ أعمقُ موضع في البحر. وقال في موضعٍ : العَوْطَبُ : المطمئنّ بين الموجتين. قال : والعَطْبُ : لِين القطن والصوف يقال : عَطَبَ يَعطُبُ عَطْباً وعُطُوباً. وهذا الكبش أعطَبُ من هذا أي ألين. أبو عبيد عن الأصمعي : هو العُطْبُ والعُطُبُ للقُطُن. وقال الليث : يقال إني لأجد ريح عُطْبَة أي أجد ريح قطنة محترِقة.

وقال أبو سعيد : التعطيبُ ، علاج الشراب ليطيب ريحُه. يقال : عَطْبَ الشرابَ تعطيباً. وأنشد بيت لَبيد :

يَمُجُّ سُلَافاً من رحيق مُعَطَّبِ

ورواه غيره :

... من رحيق مُقَطَّبِ

، وهو الممزوج ، ولا أدري ما مُعَطَّب. والمعَاطِبُ : المهالك واحدها معطب.

عبط : قال الليث : العَبْطُ : أن تَعْبِط ناقةً فتنحرها من غير داء ولا كَسْر. يقال : عَبَطَها يَعبِطُها عَبْطاً ، واعْتَبَطَها اعتِباطاً.

وقال ابن بُزُرْجَ ـ فيما وجدت له بخط أبي الهيثم ـ : العِبِيط من كلّ اللحم وذلك ما كان سليماً من الآفات إلا الكسر. قال : ولا يُقال للّحم الدَوِي المدخول من آفةٍ : عَبِيط ، ويقال للدابة عبيطة ومعتبَطة ، واللحم نفسه عبيط أي سليم إلا من كسر. ويقال مات فلان عَبْطَة ، أي شابًّا صحيحاً. واعتبطه الموتُ. وقال أمَيَّة بن أبي الصَلْت :

من لم يمت عَبْطَة يَمُتْ هَرَماً

للموت كأسٌ فالمرء ذائقها

ويقال لحمٌ عَبيط ومعبوط إذا كان طريًّا لم يُنَيِّبْ فيه سَبُعٌ ولم تُصبه عِلة. وقال لَبيد :

ولا أَضَنُ بمعبوطِ السَنَام إذا

كان القُتارُ كما يُسْتَرْوَحُ القُطُرُ

وقال الليث : زعفران عبيط : يشبّه بالدم العبيط. قال : ويقال : عَبَطَتْه الدواهي أي نالته من غير استحقاق. وقال الأُريقط :

بمنزلِ عَفٍّ ولم يخالِط

مُدَنّسَاتِ الرِيَبَ العَوَابِطِ

ويقال : عَبَط فلان الأرض عَبْطاً واعتبطها إذا حفر موضعاً لم يكن حُفِر قبل ذلك.

وقال المرَّار العَدَوي :

ظَلَّ في أعلى يَفَاعٍ جازلا

يعبط الأرض اعتباط المحتَفِر

أبو عبيد : العَبْط : الشقُ. ومنه قول القطامي :

وظلّت تعبُط الأيدي كلُوماً

وثوبٌ عبيط أي مشقوق وجمعه عُبُط.

ومنه قول أبي ذؤيب :

فتخالسا نفسيهما بنوافذٍ

كنوافذ العُبُطِ التي لا تُرْقَعُ

وأخبرني المنذريّ أن أبا طالب النحوي أنشده في كتاب «المعاني» للفرّاء : كنوافذ العُطُب.

ثم قال ويروى كنوافذ العُبُط. قال والعُطُب : القطن ، والنوافذ : الجيوب يعني جُيُوب الأقمصة. وأخبر أنها لا تُرقَع ،

١٠٩

شبّه سعة الجراحات بها. قال : ومن رواها : العُبُط أراد بها : جمع عبيط ، وهو الذي يُنحر لغير علّة ، وإذا كان كذلك كان خروج الدم أشدّ. أبو عبيد عن أبي زيد : اعتبط فلان عليّ الكذبَ ، وعَبَطَ يَعْبِط إذا كذب. ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العابط الكذّاب. والعَبْطُ : الكذب. والعَبْطُ : الغِيبة. والعَبْط الشَقُّ ويقال عَبَط الحمارُ الترابَ بحوافره إذا أثاره ، والترابُ عبيطٌ. وعَبَطَتِ الريح وجهَ الأرض إذا قَشَرتْهُ. وعَبَطْنَا عَرَق الفرس أي أجريناه حتى عَرِقَ. وقال الجعدي :

وقد عَبَطَ الماءَ الحميمَ فأسْهَلَا

طبع : الحرّاني عن ابن السكيت قال : الطَّبْع مصدر طَبَعْتُ الدرهم طَبْعاً. والطِّبْعُ النهر وجمعه أطباع ، عن الأصمعي. وأنشد للبيد :

فَتَولَّوْا فاتراً مَشْيُهمُ

كروايا الطِّبْع همَّت بالوحَلْ

ويجمع الطِّبعُ بمعنى النهر على الطُّبوع ، سمعته من العرب. والطَّبْع : ابتداءُ صنعة الشيء. تقول : طَبَعْتُ اللَبِن طَبْعاً وطَبَعْتُ السيف طَبْعاً والطَّبَّاع : الذي يأخذ الحديدة فيطَبَعُها ويُسَوِّيها إمّا سِكّيناً وإمّا سيفاً وإما سِناناً. وحِرْفَتُه الطِّبَاعَة. وطَبَعَ الله الخَلْق على الطبائع التي خلقها فأنشأهم عليها ، وهي خلائقهم. ويجمع طَبْع الإنسان طِبَاعاً ، وهو ما طُبِعَ عليه من طِبَاع الإنسان في مأكله ومشربه وسهولة أخلاقه وحُزُونتها وعُسرها ويُسرها وشدّته ورخاوته وبُخْله وسخائه. ويقال طَبَعَ الله على قلب الكافر ـ نعوذ بالله منه ـ أي ختم عليه فلا يعي وَعْظاً ولا يوفَّق لخير. والطَّابَع : الخاتَم. وقال أبو إسحاق النحوي : معنى طَبَعَ في اللغة وخَتَم واحدٌ وهو التغطية على الشيء والاستيثاق من أن يدخله شيء ؛ كما قال (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) [محمد : ٢٤](كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) [المطفيين : ١٤] معناه : غَطّى على قلوبهم ، وكذلك (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) [النحل : ١٠٨]. قلت : فهذا تفسير الطبع ـ بتسكين الباء ـ على القلب. وأما طَبَع القلب بِحركة الباء ـ فهو تلطُّخه بالأدناس. وأصل الطَّبَع : الصدأ يكثر على السيف وغيره. قال ابن السكيت : وذكر أن الأصمعي وغيره أنشده هذه الأرجوزة :

إنا إذا قلّتْ طخارير القَزَعْ

وصدر الشارب منها عن جُرَعْ

نَفْحَلها البِيضَ القليلاتِ الطَّبَعْ

من كل عَرَّاصٍ إذا هُزَّ اهْتَزَعْ

وفي الحديث : «نعوذ بالله من طَمَع يَهْدي إلى طبَع».

قال أبو عبيد : الطبَع الدنس والعيب ، وَكلُّ شَيْن في دِين أو دُنيا فهو طَبَع. ويقال منه : رجلٌ طَبِعٌ. ومنه قول عمر بن عبد العزيز : لا يتزوجُ من الموالي في العرب إلّا الأشِر البَطِر. ولا يتزوج من العرب في الموالي إلّا الطمِعُ الطَّبَعُ.

وقال أبو عبيد قال أبو عبيدة : المُطَبَّعُ : المَلآن وأنشد غيره :

وأين وَسْق الناقة المُطَبَّعَهْ

١١٠

قال : المُطَبَّعَةُ : المثقّلة. قلت : وتكون المطبَّعَة الناقة التي مُلئتْ شَحْماً ولحماً فتَوثَّق خَلْقُها.

وقال الليث : طَبَّعْتُ الإناء تطبيعاً ، وقد تطبَّع النهرُ حتى إنّه ليتدفّق. قال : والطَّبْع مَلؤك السِقَاء حتى لا مَزِيد فيه من شدّة مَلْئه. وقال في قول لبيد :

كرَوَايَا الطِّبْع هَمَّت بالوَحَلْ

إن الطِّبْع كالمِلْء. قال : ولا يقال للمصدر : طَبْع ؛ لأن فِعله لا يخفّف كما يخفف فعل ملأت. قال ويقال : الطِّبْع في بيت لبيد : الماء الذي يُمْلأ به الرواية. قلت : ولم يعرف الليث الطِّبْع في بيت لبيد ، فتحيّر فيه ، فمرّةً جعله المِلء وهو ما أخذ الإناءُ من الماء ، ومرّةً جعله الماء ، وهو في المعنيين غير مصيب. والطِّبْع في بيت لبيد ما قاله الأصمعي أنه النهر. وسُمِيّ النهر طِبْعاً لأن الناس ابتدءوا حفره ، وهو بمعنى المفعول كالقِطْف بمعنى المقطوف والنِكث بمعنى المنكوث من الصوف ، وأمَّا الأنهار الكبار التي شَقّها الله تعالى في الأرض شَقًّا ـ مثل دِجْلة والفُرَات والنّيل وما أشبهها ـ فإنها لا تسمَّى طُبُوعاً ، إنما الطُّبُوع : الأنهار التي أحدثها بنو آدم واحتفروها لمرافقهم. وقول لَبيد : هَمَّتْ بالوحَل يدلّ على ما قال الأصمعي ؛ لأن الروايا إذا أوقرت بالمزايد مملوءةً ماء ثم خاضت أنهاراً فيها وَحَل عَسُر عليها المشي فيها والخروج منها. وربما ارتطمت فيها ارتطاماً إذا كثر الوحَل. فشَبّه لبيد القوم الذين حاجّوه عند النعمان بن المنذر فأدحض حججهم حتى ذلّوا فلم يتكلّموا بروايا مثقلة خاضت أنهاراً ذات وَحَل فتساقطتْ فيها والله أعلم. وقال شمر : يقال طَبِع إذا دَنِس وعِيبَ وطُبع وطُبِّعَ إذا دُنِّس وعِيبَ. قال وأنشدتنا أم سالم الكلابيّة :

ويحمدها الجيرانُ والأهلُ كلُّهم

وتبغِض أيضاً عن تُسَبَ فتُطْبَعَا

قال : ضمّت التاء وفتحت الباء. وقالت : الطَّبْع : الشَين فهي تبغِض أن تُطْبَع أي تُشان. وقال ابن الطَثْريّة :

وعَنْ تخلطي في طيّب الشِرب بيننا

من الكَدِر المأبيّ شِرباً مُطَبَّعا

أراد : وأن تخلطي وهي لغة تميم. قال : والمطَبَّع : الذي قد نُجِّسَ. والمأبيّ الماء الذي يأبى شُرْبه الإبل. أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الطَّبْعُ المثال ، يقال اضربه على طَبْع هذا وعلى غِراره وصِيغته وهِدْيته أي على قدره. وفي «نوادر الأعراب» : يقال قد قَذَذت قفا الغلام إذا ضربته بأطراف الأصابع ، فإذا مكَّنت اليد من القفا قلت طَبَعْتُ قفاه. والطَّبُّوع : دابّة من الحشرات شديدة الأذى بالشأم.

ولفلان طابِعٌ حَسَنٌ أي طبيعةٌ حسنةٌ. قال الرُؤَاسِيّ :

له طابِعٌ يجري عليه وإنما

تَفَاضَلُ ما بين الرجال الطَّبَائِعُ

أي تتفاضل.

وطُبْعَان الأمير : طينُه الذي يُختم به الكتب.

١١١

بعط : قال الليث : يقال أبعَط الرجلُ في كلامه إذا لم يرسله على وجهه. وقال رؤبة :

وقلتُ أقوالَ امرىءٍ لم يُبْعِطِ

أعْرِضْ عن الناس ولا تَسَخَّطِ

وقال الأصمعي وأبو زيد : يقال أبعط فلان في السَّوم إذا جاوز فيه القَدْر. وكذلك طمح في السوم وأشطّ فيه.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : هو المُعْتَنِز والمُبْعِطُ والصُنْتُوت والفَرِدُ والفَرَدُ والفَرْدُ والفَرُود. وروى أبو العباس عن سلمة عن الفرّاء أنه قال : يبدلون الدال طاء ، فيقولون : ما أبعط طَارَك يريدون ما أبْعَدَ دَارَك. ويقال بَعَطَ الشاة وسَحَطَهَا وذَمَطَها وبَرخَها وذَعَطَها إذا ذبحها.

طعب : أهمله الليث. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال : ما به من الطَّعْبِ أي ما به من اللذة والطِّيب.

باب العين والطاء مع الميم

[ع ط م]

عطم ، عمط ، طعم ، طمع ، مطع ، معط : مستعملات.

عطم : أهمله الليث. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العُطْمُ : الصوف المنفوش. قال والعُطُم : الهَلْكَى واحدهم عَطِيم وعاطِم.

عمط : أهمله الليث وقال غيره : اعتبط فلان عِرْض فلان واعتمطه إذا وقع فيه وقَصَبه بما ليس فيه.

طعم : قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) [البقرة : ٢٤٩] قال أبو إسحاق : معناه : من لم يتطعَّم به. وقال الليث : طَعْمُ كل شيء ذَوقه قال : والطَّعْمُ الأكل بالثنايا. وتقول إن فلاناً لحسن الطَّعْم وإنه ليَطعَمُ طَعْماً حَسَناً. قال : والطُّعْمُ : الحَبُّ الذي يُلْقَى للطير.

وقال الأصمعي فيما روى عنه الباهلي : الطعْمُ : الطعام ، والطَّعم : الشهوة. وَهو الذوق. وَأنشد لأبي خِرَاش الهذليّ :

أردُّ شُجاع البطن لو تعلمينه

وَأوثر غيري من عيالك بالطُّعْم

أي بالطعام. ثم أنشد قول أبي خراش في الطَّعْمِ :

وأغتبِقُ الماء القَرَاح فأنتهي

إذا الزاد أمسى للمزَلَّج ذا طَعْم

قال : ذا طَعم أي ذا شهوة. قال وَرجل ذو طَعمٍ أي ذو عقلٍ وَحزمٍ. وَأنشد :

فلا تأمري يا أم أسماء بالتي

تُجِرُّ الفتى ذا الطَّعْم أن يتكلَّما

وَيقال : ما بفلان طَعْمٌ وَلا نَوِيصٌ أي ليس له عقلٌ وَلا به حَراك. وَقيل في قول الله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) أي من لم يَذُقه. يقال طعم فلان الطَّعَام يطعَمُه طَعْماً إذا أكله بمقدم فيه ولم يُسرِف فيه. وطَعِمَ منه إذا ذاق منه. وإذا جعلته بمعنى الذوق جاز فيما يؤكل ويشرب. والطَّعَام : اسمٌ لما يؤكل ، والشراب : اسمٌ لما يُشرب. ويجمع الطعام أطْعِمة ثم أطعماتٍ

١١٢

جمع الجمع. وأهلَ الحِجَاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عَنَوا به البُرَّ خاصةً. قال أبو حاتم : يقال لَبَنٌ مُطَعِّمٌ وهو الذي أخَذ في السِقَاء طعماً وطِيباً. وهو ما دام في العُلْبة مَحْضٌ وإن تغيّر. ولا يأخذ اللبنُ طعماً ولا يُطَعِّمُ في العُلْبة والإناء أبداً. ولكن يتغيّر طعمه من الإنقاع. ويقال فلان طَيّبُ الطِّعمة وفلان خبيث الطِّعمة إذا كان من عادته ألّا يأكل إلّا حلالاً أو حراماً. ويقال : جعل السلطانُ ناحية كذا طُعْمة لفلان أي مَأكَلةً له. ويقال : في بستان فلان من الشجر المُطْعِم كذا أي من الشجر المثمِر الذي يؤكل ثمره. ويقال : اطَّعَمَت الثمرةُ على افتعَلَت أي أخَذَت الطَّعْم. ويقال : فلان مُطْعَمُ للصيد ومُطْعَمُ الصيد إذا كان مرزوقاً منه. ومنه قول امرىء القيس :

مُطعَم للصيد ليس له

غيرَها كسْبٌ على كِبَره

وقال ذو الرمة :

«وَمُطْعَمُ الصيد هَبَّال لبغيته»

وقال الليث : رجل مِطعام : يكثر إطعام الناس ، وامرأة مطعام بغير هاء ورجل مطعم : شديد الأكل وامرأة مِطْعَمَة. قال والمُطْعِمَتَان من رِجْل كل طائر : هما المتقدّمان المتقابلتان. والمُطْعِمة من الجوارح هي الإصبعُ الغليظة المتقدمة فاطَّرد هذا الاسم في الطير كلها. قال وقوسٌ مُطْعَمة : يصاد بها الصيد ، ويكثر الصواب عنها. وأنشد :

وفي الشِمَال من الشِرْيان مُطْعَمة

كبدَاء في عَجْسها عَطْفٌ وتقويمُ

سمِّيتْ كذلك لأنها تُطْعَم الصيد. قال : والمطعِمُ من الإبل : الذي تجد في مخِّه طعم الشحم من سمنه. وكل شيء وُجِد طعمهُ فقد أطعِم. قال وقول الله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) [البقرة : ٢٤٩] جَعَل ذواق الماء طَعْماً : نهاهم أن يأخذوا منه إلّا غَرْفَةً وكان فيها رِيّهم ورِيّ دوابّهم. وقال غيره : يقال إنك مُطْعَمٌ مَوَدّتي أي مرزوق مَوَدّتي. وقال الكميت :

بلَى إنَّ الغواني مُطْعَمات

مَوَدّتَنا وإن وَخَطَ القَتيرُ

أي يُحِبّهنّ وإن شِبْنَا. أبو زيد : إنه لمتطاعِم الخَلْق أي متتابع الخَلْق. ويقال هذا رجل لا يَطَّعِمُ بتثقيل الطاء أي لا يتأدّب ولا يَنْجَع فيه ما يُصلحه ، ولا يَعْقِل. ويقال : فلان تُجْبَى له الطُّعَمُ أي الخراج والإتاوات. وقال زهير :

مما تُيَسَّرُ أحياناً له الطُّعَمُ

وقال الحسَن : القِتال ثلاثة : قتال على كذا ، وقتال لكذا ، وقتال على هذه الطُّعْمَة يعني الفَيْء والخَرَاج. وقال أبو سعيد : يقال لك غَثُّ هذا وطَعُومُه أي غَثُه وسَمِينه. وناقةٌ طَعُوم : بها طِرْق ، وجَزُورٌ طَعُومٌ : سمينة. وقال ابن السكيت عن الفراء : جزور طَعُوم وطَعِيم إذا كانت بين الغَثّة والسمينة. وقال أبو عبيدة : مُسْتَطْعم الفرس : ما تحت مَرْسِنِه إلى أطراف جحافله. قال ويستحبُّ للفرس لُطْفُ مُسْتَطعَمه. ويقال استطعمْت الفرسَ إذا طلبت جَرْيه. وأنشد أبو عبيدة :

١١٣

تدارَكه سعيٌ وركضُ طِمِرَّة

سَبُوحٍ إذا استطعمتها الجري تَسْبَحُ

وقال النضر : أطعمتُ الغُصْن إطعاماً إذا وصلت به غصناً من غير شجره. وقد أطعمته فطَعِمَ أي وصلته به فقبل الوصل. وأطعَمتُ عينه قذًى فَطَعَمْتُه. ويقال : طَعِمَ يَطْعَمُ مَطْعَماً وإنه لطيبُ المَطْعَم كقولك طيّبُ المأكل. ورُوي عن ابن عباس أنه قال في زمزم : إنه طعَامُ طُعْمٍ وشفاء سُقْمٍ ، قال ابن شميل : طعامُ طُعْمٍ أي يَشبع منه الإنسان. ويقال : إني طاعِم عن طعامكم أي مستغنٍ عن طعامكم. ويقال : هذا الطعام طعام طُعْمٍ أي يَطْعَم مَن أكله أي يشبع ، وله جُزْء من الطعام ما لا جُزء له. وما يَطْعَمُ آكل هذا الطعام أي ما يشبع. قال : والطُّعْمُ أيضاً : القُدْرَة. يقال : طَعِمْتُ عليه أي قَدَرت عليه. وقال أبو زيد : يقال أخَذ فلان بمَطْعَمة فلان إذا أخذ بحَلْقِه يَعْصُره. ولا يقولونها إلّا عند الخَنْق والقتال. والمُطْعَمة : المأدُبة والتطاعم : إدخال الفم في الفم ، كما يَفعل الحمامُ عند التقبيل. وقال :

كما تَطَاعم في خضراء ناعمةٍ

مُطَوّقان صباحاً بعد تغريدِ

ونُهِيَ عن بيع الثمرة حتى تُطْعِم أي تُدْرِك وتأخذ الطَّعْم.

طمع : الحَرّاني عن ابن السكيت : رجلٌ طمِعٌ وطَمُعٌ بمعنًى واحدٍ. والطَّمَع : ضدّ اليأس. وقال عمر بن الخطاب : تعلَّمُنَّ أن الطمع فقر ، وأن اليأس غنًى. ويقال : ما أطمع فلاناً ، على التعجب من طَمَعه.

وقال الليث : يقال : إنه لَطمُع الرجلُ بضمّ الميم في التعجّب ؛ كقولك : إنه لحسن الرجُلُ. وربما قالوا : إنه لطَمْعَ الرجُلُ ، وكذلك التعجّب في كل شيء مضمومٌ ؛ كقولك : لخرُجَت المرأة فلانة إذا كثر خروجها ، ولقَضُوَا القاضي فلان ، ونحو ذلك أجمع ، إلّا ما قالوا في نِعم وبئس فإن الرواية جاءت فيهما بالكسر. وامرأة مِطماع وهي التي تُطمِعُ ولا تمكِّن. والمَطْمَعُ : ما طَمِعْتَ فيه. ويقال : إن قول المخاضعة من المرأة المَطْمَعة في الفساد أي ممَّا يُطمِع ذا الرِيبة فيها. وقال اللحياني : أخذ القومُ أطماعَهُم أي أرزاقهم ، الواحد طمَعٌ. وفعلتُ ذاك طَمَاعِيَةً في كذا ـ مِثال علانية ـ أي طمعاً فيه. قال الهذلي :

أما والذي مسّحتُ أركان بيته

طماعِيَةً أن يغفر الذنبَ غَافِرُهْ

والمُطْمِعُ : الطائر الذي يوضع في وسط الشَبَك ليصاد بدلالته الطيورُ.

معط : المَعْطُ : الجَذْب. يقال ضرب فلان يده إلى سيفه فامتعطه من غِمده ، وامتعده إذا استلّه. ومَعَطَ شعره إذا نتفه. ورجل أمْعَط أمْرَط : لا شَعر على جسده. وذئبٌ أمعط قد امَّرَطَ شَعرُه عنه. والأنثى مَعْطَاء. ولصٌ أمعَط : يشبّه بالذئب الأمعط لخُبْثه. ولُصُوص مُعْط. وقال الليث : يقال مَعِطَ الذئب ولا يقال مَعِطَ شَعره وقد امَّعَطَ شعره إذا مَعَطَه الداء. قال : ويقال : إنه لطويل مُمَّعِطُ كأنه قد مُدَّ. قلت : المعروف في الطول المُمَّغِط بالغين

١١٤

معجمة ، كذلك رواه أبو عبيد عن الأصمعي ولم أسمع مُمَّعطِ بهذا المعنى لغير الليث ، إلا ما قرأته في كتاب «الاعتقاب» لأبي ترابٍ ، قال : سمعت أبا زيد وفلان بن عبد الله التميمي يقولان : رجلٌ مُمَّغِط ومُمَّعِط أي طويل. قلت : ولا أبعد أن يكونا لغتين ، كما قالوا : لَعَنَّكَ ولَغَنَّك بمعنى لعلّك ، والمعَصُ والمَغَصُ : البِيض من الإبل ، وسُرُوعٌ وسُرُوغٌ للقُضْبان الرَخْصة. وقال الليث : المَعْطُ ضربٌ من النكاح يقال : مَعَطها إذا نكحها. وآل أبي مُعيط في قريش معروفون. وأمعَط : اسم موضعٍ ذكره الراعي في شعره فقال :

بقاعِ أمْعَطَ بين السهل والصبرِ

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : من أسماء السَوْءة المَعْطَاء والشَعْراء والدَفْراء. ومَعَطت الناقة بولدها : رَمَتْ به عند الولادة. والذئب يكنى أبا مُعْطَةَ. ومَعَطَ بها ومَرَطَ إذا خرجت منه ريح. وأرضٌ مَعْطَاء : لا نبت فيها.

مطع : قال الليث : المَطْعُ : ضربٌ من الأكل بأدنى الفم. يقال : هو مَاطِع إذا كان يأكل بالثنايا وما يليها من مقاديم الأسنان : وهو القَضْم أيضاً. وقال غيره : فلان مَاطِع ناطِع بمعنًى واحدٍ. والممطِعَة : الضَرْع التي تشخُب أطباؤها لَبَناً.

أبواب العين والدال

ع د ت

استعمل من وجوهها : [عتد].

عتد : قال الله جلّ وعزّ : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) [يوسف : ٣١] أي هيّأت وأعدّت. وقال الليث : العَتَاد : الشيء الذي تُعِدّه لأمرٍ ما وتهيئُه له. قال : ويقال : إنّ العُدَّة إنما هي العُتْدَةُ ، وأعَدّ يُعِدّ إنما هو أعتَد يُعْتِد ، ولكن أدغمت التاء في الدال.

قال : وأنكر آخرون فقالوا : اشتقاق أعَدّ من عين ودالين ؛ لأنهم يقولون : أعدَدْناه فيُظهرون الدالين. وأنشد :

أعددت للحرب صارِماً ذكراً

مجرَّب الوقع غير ذي عَتَبِ

ولم يقل : أعتدت. قلت : وجائز أن يكون الأصل أعددت ثم قلبت إحدى الدالين تاء ، وجائز أن يكون عتد بناء على حِدةٍ ، وعَدَّ بناء مضاعفاً. وهذا هو الأصوب عندي.

وقال الله جلّ وعزّ : (هذا ما لَدَيَ عَتِيدٌ) [ق : ٢٣] قال بعض المفسّرين : عَتِيدٌ أي حاضر. وقال بعضهم : قريبٌ. ويقال : أعتَدت الشيء فهو مُعْتَدُ ، وعتِيد. وقد عَتُدَ الشيءُ عَتَادَةً فهو عتِيد : حاضر. قاله الليث. قال : ومن هنالك سُمِّيت العَتِيدة التي فيها طِيب الرجُل وأدهانه. وقوله : (هذا ما لَدَيَ عَتِيدٌ) في رفعه ثلاثة أوجه عند النحويين. أحدها أنه على إضمار التكرير ، كأنه قال : هذا ما لديّ هذا عتِيد ويجوز أن ترفعه على أنه خبر بعد خبر ، كما تقول : هذا حُلْو حامض. فيكون المعنى : هذا شيء لديّ عتيد.

ويجوز أن يكون بإضمار هو ، كأنه قال : هذا ما لدي هو عتيد والعَتِيدة طَبْل العرائس أُعتِدت تحتاج إليه العَرُوس من

١١٥

طيب وأداة وبَخُور ومُشْط وغيره ، أدخل فيها الهاء على مذهب الأسماء.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نَدَب الناسَ إلى الصدقة. فقيل له : قد مَنَع خالد بن الوليد والعبّاس عمّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أمّا خالد فإنهم يظلمون خالداً ، إنّ خالداً جعل رَقيقه وأعْتُدَه حُبُساً في سبيل الله. وأمّا العباس فإنها عليه ومثلُها معه. والأعتُدُ يجمع العَتَاد : وهو ما أعدّه الرجل من السلاح والدوابّ والآلة للجهاد. ويجمع أعتِدَةً أيضاً.

ويقال : فرسٌ عَتِدٌ وعَتَدٌ وهو المُعَدّ للركوب. ومنه قول الشاعر :

راحوا بصائرُهُم على أكتافهم

وبصيرتي يعدو بها عَتِدٌ وَأي

وسمعت أبا بكر الإيادي يقول : سمعت شمراً يقول : فرسٌ عَتِدٌ وعَتَدٌ : مُعَدٌّ مُعْتَدٌ ؛ وهما لغتان. وقال ابن السكيت : فرسٌ عتِد وعَتَد وهو الشديد التامّ الخَلْق المُعَدّ للجري. قال ومثله رجل سبِطٌ وسَبَطٌ وشَعَر رَجِل ورَجَلٌ وثغْر رَتِل ورَتَل أي مفلّج. أبو عبيد عن أبي زيد قال : العَتُود من أولاد المعز : ما رَعَى وقَوي وجمعه أعتِدَة وعِدَّان ، وأصله عِتْدَان ، إلّا أنه أدغم قال : وهو العَرِيض أيضاً. وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : إذا أجذع الجَدْيُ أو العَنَاق سمِّي عَرِيضاً وعَتُوداً. وقال ابن شميل : ولد المِعْزَى إذا أجذع فهو عَرِيض ، فإذا أثْنَى فهو عَتُود. وقال الليث : العَتُود : الجَدْي إذا استَكْرَش. ويقال : بل هو إذا بلغ السِفَاد والجميع العِدان. وثلاثة أعتِدَة. وأصل عِدّان عِتْدَان. وأنشد أبو زيد

واذكر غُدَانَة عِدّاناً مُزَنَّمَةً

من الحَبَلَّقِ تُبْنَى حولها الصِّيَرُ

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العَتَاد : القَدَح وهو العَسْف والصَحْن. وقال شمر : أنشدني أبو عدنان وذكر أنّ أعرابياً من بني العنبر أنشده هذه الأرجوزة :

يا حَمْزَ هل شَبِعْتَ من هذا الخَبَطْ

أم أنت في شكٍّ فهذا مُنْتَقَدْ

صَقْبٌ جسيمٌ وشديدُ المعتَمَدْ

يعلو به كل عَتُودٍ ذاتَ وَدْ

عروقها في البحر يعمى بالزَبَدْ قال العَتود السِدْرة أو الطَلْحة قال : عَتْوَد ـ على بناء جَهْور ـ : مأسدة. قال ابن مقبل :

جلوساً به الشمّ العجافُ كأنهم

أسود تَبْرجٍ أو أسودٌ بعتودا

[باب العين والدال مع التاء]

ع د ت

دعت : سقط من النسخة. وقد ذكره ابن دريد فقال : الدَعْت : الدفع العنيف. دَعَته يدعَته دَعْتاً ، بالدال والذال.

ع د ظ

استعمل من وجوهها : [دعظ].

دعظ : قال الليث : الدَّعْظُ : إيعاب الذكر كله في فرج المرأة يقال دَعَظَها به ، ودعظه فيها إذا أدخله كلّه فيها. وقال ابن السكيت في «الألفاظ» ـ إن صحّ له ـ

١١٦

الدِّعْظاية القصير. وقال في موضع آخر من هذا الكتاب : ومن الرجال الدِّعْظَاية ، وقال أبو عمرو الدِعْكَاية وهما الكثير اللحم ، طالا أو قصُرا. وقال في موضع آخر : الجعْظَاية بهذا المعنى.

ع د ذ

أهملت وجوهه.

[باب العين والدال مع الثاء]

ع د ث

دعث ، عدث ، ثعد ، دثع. [مستعملات].

دعث : أبو عبيد عن الأُمويّ : أول المَرَض الدَّعْثُ ، وقد دُعِثَ الرجل. وقال شمر : قال محاربٌ : الدَّعْثُ تدقيقك التراب على وجه الأرض بالقَدَم أو باليد أو غير ذلك ، تَدْعَثُهُ دَعْثاً. قال وكل شيء وَطِيء عليه فقد اندَعث ومَدَرٌ مَدْعُوثٌ. قال : وقال أبو عمرو الشيباني : الدَّعْث : بقيّة الماء. وأنشد :

 ومنهَلٍ ناءٍ صُوَاه دَارِسِ

وَرَرْتُهُ بِذُبَّل خوامِسِ

فاسْتَفْنَ دِعْثاً بَالِدَ المَكَارِسِ

دَلَّيْتُ دلوي في صَرًى مُشَاوِسِ

المَكَارِسِ مواضع الكِرْس والدِمْن. قال : المُشاوِس ، الذي لا يكاد يُرى من قِلَّتِه ، بَالِد المكارِس قديم الدِمْن. ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الدِّعْثُ والدِئْثُ : الذَحْل.

عدث : عُدْثان : اسمٌ. قال ابن دريد في كتاب «الاشتقاق» له : العَدْث سهولة الخُلُق ، وبه سُمِّي الرجل عُدْثَان.

دثع : قال ابن دريد : الدَّثْع الوَطْء الشديد ، لغة يمانيَة. قال : والدَّعْثُ : الأرض السهلة. ويقال : الدَّعْث والدَّثْع واحد. قلت : أرجو أن يكون ما قال أبو بكر محفوظاً ، ولا أحُقّه يَقِيناً.

ثعد : أبو عبيد عن الأصمعي قال : إذا دخل البُسْرَة الإرطابُ وهي صُلبة لم تنهضم بعد فهي جُمْسَة ، فإذا لانت فهي ثَعْدَة وجمعها ثَعْدٌ.

باب العين والدال مع الراء

[ع د ر]

عدر ، عرد ، ردع ، رعد ، درع ، دعر : مستعملات.

عدر : ثعلب عن ابن الأعرابي : العَدَّار : المَلَّاح. قال : والعَدَر : القِيلَة الكبيرة. قلت : أراد بالقِيلة الأدَر ، وكأنّ الهمزة قُلبت عيناً فقيل : عَدِرَ عَدَراً ، والأصل : أدِرَ أدَراً. وقال ابن دريد : العُدْرَة الجُرْأة والإقدام وقد سَمّت العرب عُدَاراً. وقال الليث : العَدْرُ : المَطَر الكثير. وأرضٌ معدورة ممطورة ونحوَ ذلك.

قال شمر : قال : وعَنْدَرَ المطر فهو مُعندِرٌ.

وأنشد :

مُهْدَودراً مُعَنْدراً جُفَالا

عمرو عن أبيه : العادِر الكذّاب. قال : وهو العاثِر أيضاً.

عرد : الليث : العَرْدُ : الشديد من كل شيء الصُلْب المنتصب. يقال : إنه لعَرْد مَغْرِزِ العُنق. وقال العجّاج :

عَرْدَ التراقي حَشْوَراً مُعَقْرَباً

١١٧

ويقال : قد عَرَدَ النابُ يَعْرِدُ عُرُوداً إذا خرج كله واشتدّ وانتصب ، قاله أبو عمرو. وعَرَدَ الشجر عُرُوداً ونَجَم نُجُوماً أوّلَ ما يَطْلُع. وقال العجّاج :

وعُنقاً عَرْداً ورَأْساً مِرْأَسَا

وقال الأصمعي : عَرْداً : غليظاً ، مِرْأَساً : مِصَكًّا للرؤوس. قال : وَعَرَدَتْ أنيابُ الجمل إذا غَلُظت واشتدّت. قال ذو الرمة :

يُصَعِّدْنَ رُقشاً بين عُوج كأنها

زِجَاجُ القَنَا منها نَجِيمٌ وعَارِدُ

وقال في «النوادر» : عَرَدَ الشَجَرُ وأَعْرَدَ إذا غَلُظ وكَبُر.

الفرّاء : رمحٌ متَلٌّ ورمحٌ عُرُدٌّ وَوَتَرٌ عُرُدٌّ. وأنشد :

والقوس فيها وَتَر عُرُدٌّ

مِثْلُ ذراع البَكْر أو أشَدُّ

ويروى : مثل ذراع البَكْر.

شبّه الوتر بذراع البعير في توتّره. وقال ابن بُزُرْجَ : إنه لقويٌ عُرُدٌّ شديد. قال : والعَارِد : المُنْتَبِذُ. وأنشد :

ترى شؤون رأسه العَوَارِدَا

أي منتبِذة بعضُها من بعض. وقال ابن الأعرابي : العَرَادَة : شجرة صُلْبة العُود. وجمعها عَرَاد. وأخبرني محمد بن إسحاق السعديّ عن أبي الهيثم أنه قال : تقول العرب : قيل للضَبِّ : وِرْداً وِرْداً ، فقال :

أصبح قلبي صَرِداً

لا يشتهي أن يَردا

إلَّا عِرَاداً عَرِدَا

وَعَنْكَثاً مُلتبِدَا

وصلِّياناً بَرِدَا

قال : وعَرَادَ : نَبْت عَرِد صُلبٌ منتصبٌ. أبو عبيد عن الأصمعي : العَرَاد : نبت ، واحدته عَرَادة. وبه سُمّي الرجل.

وقال الليث : العَرَادَة : نَبْت طيّب الريح. قلت : قد رأيت العَرادَة في البادية ، وهي صُلْبة العُود منتشرة الأغصان ولا رائحة لها. والذي أراد الليث العَرادة فيما أحسب ، فإنها بَهَار البَرّ.

أبو عبيد : عَرَّدَ الرجل عن قِرْنه إذا أحجم ونَكَل. قال : والتعريد : الفِرار. وقال الليث : التعريد : سرعة الذهاب في الهزيمة. وأنشد لبعضهم :

لما استباحُوا عَبدَ رَبَّ وَعرَّدَت

بأبي نَعَامة أمُّ رَأْلٍ خَيْفَق

يذكر هزيمة أبي نعامة الْحَرُوريّ قطري. وقال أبو نصر : عَرّدَ السهْمُ تعريداً إذا نَفَذ من الرَمِيَّة. وقال ساعدة الهُذَليّ :

فجالت وخالت أنه لم يقع بها

وقد خَلّهَا قِدِحٌ صَويبٌ مُعَرِّدُ

مُعَرِّدٌ أي نافذ ، خَلَّها أي دخل فيها ، صَويبٌ : صائبٌ قاصِد. وعَرَّدَ النجم إذا مال للغروب بعد ما يُكبّد السماء ؛ قال ذو الرمّة :

وهَمَّت الجوزاء بالتعريد

وقال الليث : العَرَادَة : الجَرَادة الأنثى. والعَرَّادَة : شِبْه مَنْجَنيق صغير. والجميع العَرَّدَات. ونِيقٌ مُعَرِّدٌ : مرتفع طويل. وقال الفرزدق :

فإني وإيّاكم ومَن في حبالكم

كمن حَبْله في رأس نِيق مُعَرِّدِ

١١٨

وقال شمر في قول الراعي :

بأطيَبَ من ثوبين تأوي إليهما

سُعَادُ إذا نجم السماكين عَرَّدَا

أي ارتفع. وقال أيضاً :

فجاء بأشوال إلى أهل خُبَّةٍ

طُرُوقاً وقد أقعى سُهَيْل فَعَرَّدا

قال : أقعى : ارتفع ثم لم يبرح. ويقال : قد عَرَّد فلان بحاجتنا إذا لم يقضها.

وقال الليث وغيره : العَرْد الذَكَر إذا انتشر واتمهَلَّ وصَلُبَ.

أبو العباس عن ابن الأعرابي عَرِد الرجل إذا هرب. وعَرِد إذا قوِي جسمه بعد المرض.

درع : الدِّرْع دِرْعُ المرأة مذكّر. ودِرْع الحديد تؤنّث. وتصغيرهما معاً دُرَيْع بغير هاء. ابن السكيت : هي دِرْع الحديد والجمع القليل أدْرُع وأدراع. فإذا كثرتْ فهي الدروع ، وهو دِرع المرأة لقميصها وجمعه أدراع. ورجلٌ دَارِع عليه دِرْع.

وقال الليث : ادَّرَع الرجل وتَدَرَّعَ إذا لبِس الدِّرْع. والدُّرَّاعَة : ضربٌ من الثياب التي تُلبس. والمِدْرَعة ضربٌ آخر ، ولا تكون إلّا من صوفٍ. فرّقوا بين أسماء الدِّرع والدُّرَّاعة والمِدْرَعة لاختلافها في الصنعة ؛ إرادة الإيجاز في المنطق. قال ويقال : لصُفَّة الرَحْل إذا بدا منها رأسا الواسِط والآخِرة : مُدَرَّعَة. أبو عبيد عن أبي زيد في شِيات الغنم من الضأن : إذا اسودّت العُنُق من النعجة فهي دَرْعَاء. وقال الليث : الدَّرَع في الشاة : بياض في صدرها ونحرها وسواد في الفخذ. قال : والليالي الدُّرَعُ هي التي يَطْلُع القمر فيها عند وجه الصبح وسائرها أسود مظلم. وقال أبو سعيد : شاة دَرْعاء : مختلفة اللون. وقال ابن شميل الدَّرْعاء : السوداء غير أن عنقها أبيض ، والحمراء وعنقها أبيض فتلك الدرعاء. قال : وإن ابيضّ رأسها مع عُنقها فهي دَرْعاء أيضاً. قلت : والقول ما قال أبو زيد. سُمِّيت دَرْعَاء إذا اسودّ مُقَدّمها تشبيهاً بالليالي الدُّرع ، وهي ليلة سِتّ عشرة وسبع عشرة وثمانيَ عشرة اسودّتْ أوائلها وابيضّ سائرها فسُمِّينَ دُرَعاً لم يختلف فيها قول الأصمعي وأبي زيد وابن شميل. وأخبرني المنذري عن المبرّد عن الرياشي عن الأصمعي أنه قال في ليالي الشهر بعد الليالي البيض : وثلاث دُرَع. وكذلك قال أبو عبيد غير أنه قال : القياس : دُرْعٌ جمع دَرْعَاء. فقال أبو الهيثم فيما أفادني عنه المنذري : ثلاث دُرَعٌ ، وثلاث ظُلَم جمع دُرْعَة وظُلْمَة لا جمع دَرْعَاء وظلماء. قلت : هذا صحيح وهو القياس.

وروى أبو حاتم عن أبي عبيدة أنه قال : الليالي الدُّرْع هي السود الصدور البيض الأعجاز من آخر الشهر ، والبِيض الصدور السود الأعجاز من أول الشهر. وكذلك غَنَم دُرْعٌ للبيض المآخير السُّود المقاديم ، أو السود المآخير البيض المقاديم. قال : والواحد من الغنم والليالي دَرْعَاء ، والذكر أدرع. وقال أبو عبيدة : ولغة أخرى : ليالٍ دُرَع بفتح الراء الواحدة دُرْعَة. قال أبو حاتم : ولم أسمع ذلك من غير أبي

١١٩

عبيدة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : ماء مُتَدرّع إذا أُكل ما حوله من المرعى فتباعد قليلاً وهو دون المُطْلِب. وقال الهجيمي : أدرَعَ القومُ إدرَاعاً ، وهم في دُرْعَةٍ إذا حَسَر كلؤهم عن حوالَيْ مياههم. ونحوَ ذلك قال ابن شميل. قال وإذا جاوزْت النصف من الشهر فقد أدْرَع ، وإدراعُه : سواد أوّله.

وقال ابن بُزُرْجَ : يقال للهجين إنه لمعَلهَجٌ وإنه لأدْرع. قال شمر وقال أبو عبيدة وابن الأعرابي : يقال دَرَعَ في عنقه حبلاً ثم اختنق. قلت : وأقرأني الإيادي لأبي عبيد عن الأموي : التذريع ـ بالذال ـ الخنقُ ، وقد ذَرَّعَه إذا خنقه. قلت : وأما شمر فإنه روى لأبي عبيدة وابن الأعرابي : ذَرَع في عنقه حبلاً ثم اختنق ، بالذال. أبو عبيد : الاندرَاع التقدم. وأنشد للقطامي :

أمامَ الخيل تندرع اندراعَا

قال أبو زيد : ذرَّعته تذريعاً إذا جعلت عُنقه ثِنْيَ ذراعك وعضدك فخنقته ، وهو الصواب.

وقال غيره : اندرأ يفعل كذا وكذا واندرع أي اندفع. وأنشد :

واندرعت كلُّ علَاة عَنْس

تَدَرُّعَ الليل إذا ما يُمسِي

وحكى شَمِر عن القزمُليّ قال : الدِّرع : ثوبٌ تجوب المرأة وَسَطه ، وتجعل له يدين وتخيط فرجيه ، فذلك الدِّرْع. ودُرِّعَت الصبيّةُ إذا أُلبست الدِّرع. ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : دُرعَ الزرعُ إذا أُكل بعضه. وقال بعض الأعراب : عُشْبٌ دَرِعٌ نَزَع ونَمِغٌ وذَمِطٌ ووَلخٌ إذا كان غَضًّا. وادَّرَعَ فلان الليلَ إذا دخل في ظلمته ليسري والأصل فيه ادترع كأنه ليس ظلمة الليل فاستتر به.

دعر : قال شمر : العُود النَخِر الذي إذا وضع على النار لم يَسْتوقد ودَخِن فهو دُعَرٌ وأنشد لابن مقبل :

باتت حَوَاطِبُ ليلى يلتمسن لها

جَزْل الجِذَى غير خَوَّارٍ ولا دُعَرِ

قال : وحَكى أبو عدنان عن أبي مالك : هذا زَنْد دُعَر ، وهو الذي لا يورِي وأنشد :

مُؤْتَشِبٌ يكبو به زَنْد دُعَرْ

وقال ابن كَثْوَةَ : الدُّعَر من الحطب البالي وهو الدَّعِر أيضاً. وقال الليث : الدُّعَر : ما احترق من الحطب فطَفِىء قبل أن يشتدّ احتراقه. والواحدة دُعَرَة. وهو من الزناد : ما قد قُدِحَ به مراراً حتى احترق طَرَفه فصار دُعَراً لا يُورِي. قال والدَّعَارَة : مصدر الداعر ، وهو الخبيث الفاجر. قلت : وسمعت العرب تقول لكل حطبٍ يُعَثِّنُ إذا استُوقِد به دُعَرٌ. وقال ابن شميل : دَعِرَ الرجلُ دَعَراً إذا كان يسرق ويزني ويؤذي الناس وهو الدَّاعِر. وقال أبو المِنْهال : سألت أبا زيد عن شيء فقال : مالك ولهذا هذا كلام المَدَاعِير. ويقال للنخلة إذا لم تقبل اللِقَاح : نخلة داعِرة ونخيل مَدَاعِير ، فتزاد تلقيحاً وتبخّق. قال : وتبخيقها ، أن توطأ عُسُفُهَا حتى تسترخي ، فذلك دواؤها. ثعلب عن

١٢٠