تهذيب اللغة - ج ١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

والتَّعضوض : تمر أسود ، التاء فيه ليست بأصلية. وفي الحديث أنّ وفْد عبد القيس قدِموا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكان فيما أهدَوا له قِرَبٌ من تعضوض.

وأنشد الرياشيُّ في صفة النخل :

أسود كاللَّيل تدجّى أخضره

مخالط تعضوضه وعُمُره

بَرنيَّ عَيدانٍ قليلٍ قِشَره

والعُمُر : نخل السكّر.

قلت : وقد أكلت التعضوض بالبحرين فما أعلمني أكلتُ تَمْراً أحمَتَ حلاوةً منه ، ومنبته هَجَر وقُراها.

ضع : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الضّعُ : تأديب الناقة والجمل إذا كانا قضيبَين.

قال أبو العباس : هو أن يقال له ضَعْ ليتأدّب.

قال : والضَّعضع : الضعيف.

وقال ابن شميل : رجلٌ ضَعضاع : لا رأي له ولا حَزْم. والضعضاع : الضعيف من كل شيء.

وقال غيره : تضعضعَ فلانٌ ، إذا خضع وذل.

وقد ضعضعه الدهر. والعرب تسمِّي الفقير متضعضِعاً. وقد تضعضع ، إذا افتقر.

قلت : وأصل الباب من الوضع.

باب العين والصاد

[ع ص]

عص ، صع : مستعملان.

عص : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العَصُ هو الأصل الكريم ، وكذلك الأَصّ. قال : والعَصعَص : عَجْب الذنَبِ ، بفتح العين وجمعه عَصاعص.

وقال ابن الأعرابي في موضع آخر : هو العُصعُص والعَصعَص والعُصَص والعُصُص ، لغاتٌ كلُّها صحيحة. وهو العُصعوص أيضاً.

وقال ابن دريد : عصَ الشيءُ ، إذا اشتدّ.

صع : ثعلب عن ابن الأعرابي : الصَّعصَع : المتفرِّق. وقال أبو حاتم : الصَّعصَع : طائر أبرشُ يصيد الجنادب ، وجمعه صعاصع.

وقال الأصمعيّ : الصَّعصعة : التفريق.

والصَّعصعة : التحريك. وأنشد لأبي النجم :

تحسبه يُنْحِى لها المعاولا

ليثاً إذا صعصعته مقاتلا

أي حرَّكتَه للقتال. وقال أبو النجم أيضاً في التفريق :

ومُرثعِنّ وَبْلُهُ يصعصِعُ

أي يفرّق الطَّيرَ وينفّرُه.

قلت : وأصله من صاعه يَصُوعه ، إذا فرَّقه.

وقال أبو سعيد : تصعصع وتضعضع بمعنًى واحد ، إذا ذلَّ وخضع. قال : وسمعت أبا المقدام السلمي يقول : تصرّع الرجل لصاحبه وتضرّع ، إذا تذلَّل واستخذى.

وقال أبو السميدع : تصعصع الرجُل ، إذا جبُن. قال : والصَّعصعة : الفَرَق.

وقال ابن شميل : صعصعهم حرَّكهم.

وقال أيضاً : إذا فرَّق ما بينهم.

٦١

وقال الأصمعيُّ : الزعزعة ، والصعصة ، بمعنًى واحد.

وقال أبو الحسن اللِّحياني : صعصعَ رأسَه بالدُّهن وصَغْصغَه ، إذا روّاه وروّغه.

وقال أبو سعيد : الصعصعة : نَبت يُستمشَى به.

وقال إسحاق بن الفرج : قال أبو الوازع : قال اليمامي : هو نبْتٌ يشرب ماؤه للمَشْي.

باب العين والسين

[ع س]

عس ، سع : مستعملان.

عس : قال الله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) [التّكوير : ١٧ ، ١٨] قال ابن جُريج : قال مجاهد في قوله : (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) قال : هو إقباله. وقال قتادة : هو إدباره وإليه ذهب الكلبيّ.

قال الفراء : اجتمع المفسِّرون على أن معنى عَسْعَسَ أدبَر. قال : وكان بعض أصحابنا يزعم أن عَسْعَسَ معناه دنا من أوّله وأظلم. وكان أبو البلاد النحويّ ينشد بيتاً :

عسعسَ حتَّى لو يشاء ادَّنا

كان له من ضَوئِه مَقْبِسُ

قال : ادَّنا : إذْ دنا ، فأدغم. قال الفراء : وكانوا يُرَون أنّ هذا البيت مصنوع.

وكان أبو حاتم وقطرب يذهبان إلى أنَّ هذا الحرف من الأضداد. وكان أبو عبيدة يقول ذلك أيضاً : عسعس الليلُ أي أقبل ، وعسعسَ إذا أدبر. وأنشد :

مدّرعات اللّيل لمّا عسعَسا

أي أقبلَ. وقال الزِّبرقان :

وردتُ بأفراس عتاقٍ وفتيةٍ

فوارِطَ في أعجازِ ليل معسعسِ

أي مدبر.

وقال أبو إسحاق بن السريّ : عسعس الليلُ إذا أقبل ، وعسعس إذا أدبر. قال : والمعنيان يرجعان إلى أصلٍ واحد ، وهو ابتداء الظلام في أوّله وإدباره في آخره.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العسعسة : ظلمة الليل كلّه ، ويقال إدباره وإقباله. قال أبو العباس : وهذا هو الاختيار.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : العَسوس الناقة التي إذا ثارت طوفت ثم دَرَّت.

ونحوَ ذلك قال أبو عبيد. وقال آخرون : ناقة عسوس ، إذا ضجرت وساء خلقُها عند الحلب. وأنشد أبو عبيدٍ لابن أحمرَ الباهلي :

وراحت الشَّولُ ولم يحبُها

فحلٌ ولم يعتسَ فيها مُدِرّ

قال شمِر : قال الهُجَيمي : لم يعتسَّها : لم يطلب لبنها.

وقال الليث : المَعَسُ ، المطلب. وأنشد قولَ الأخطل :

مُعقَّرة لا تنكرُ السيفَ وسْطَها

إذا لم يكن فيها مَعَسٌ لحالبِ

أبو زيد : عسست القوم أعُسُّهم ، إذا أطعمتَهم شيئاً قليلاً ، ومنه أخذ العَسوس

٦٢

من الإبل.

وقال الفراء : العَسُوس من الناس : التي لا تُبالي أن تدنُوَ من الرجال.

وقال أبو عمرو : إنّه لعسوسُ من الرّجال إذا قلَّ خَيره. وقد عَسَ عليّ بخيره ، وإنَّ فيه لعُسُساً قال : والاعتساس والاعتسام : الاكتساب.

وقال ابن المظفر : العَسُ : نَفض اللَّيل عن أهل الرِّيبة ؛ يقال عسّ يعُسُ عَسًّا فهو عاسّ. قال : والعاسّ اسمٌ يقع على الواحد والجمع.

قلت : العاسّ واحد وجمعه العَسَس ، كما يقال خادم وخدَم ، وحارس وحرس.

ثعلب عن ابن الأعرابي : العُسُ : القَدح الذي يعبّ فيه الاثنان والثلاثة والعِدّة.

قال : والرِّفد أكبر منه.

وقال أيضاً : العُسُس : التُّجار الحُرصاء ، والعُسُس : الآنية الكبار.

قال : والعَسِيس : الذئب الكثير الحركة.

أبو عبيد : من أمثالهم في الحثّ على الكسب قولهم : «كلبٌ عَسَ خيرٌ من كلبٍ ربَضَ» ، وبعضهم يقول : «كلبٌ عاسٌ خير من كلب رابضٍ». والعاسُ : الطالب ، يقال عَسّ يعُسُ إذا طلب. والذِّئب العَسوس : الطالب للصَّيد.

وقال الأصمعيّ : يقال للذِّئب العَسعَسُ لأنّه يعُسّ بالليل ويَطلُب ، وقال له العسعاس. والقنافذ يقال لها العَساعِس ؛ لكثرةِ تردُّدها بالليل.

ويقال : عسعس فلانٌ الأمرَ ، إذا لبَّسه وعمّاه ، وأصله من عسعسة الليل.

ويقال : جاء بالمال من عَسِّهِ وبَسِّه ، أي من طلبه وجهده.

قال : وعَسْعَسُ : موضعٌ معروف في بلاد العرب. وعسعسٌ : اسم رجل.

وقال الليث : عسعست السحابةُ ، إذا دنت من الأرض ، لا يقال ذلك إلّا بالليل في ظلمة وبَرق.

وقال أبو الوازع : العُسُ : الذّكر. وأنشد :

لاقت غلاماً قد تشظّى عُسُّهُ

ما كان إلّا مَسُّه فدسُّهُ

قال : عُسُّه : ذكَره.

ويقال : اعتسستُ الشيء ، واجتسستُهُ ، واقتسستُه ، واشتممته ، واهتممته ، واختششته. والأصل في هذا أن تقول : شمِمتُ بلد كذا وخَشَشته ، إذَا وطئته فعَرفتَ خِبرته.

ويقال : عسَ عليَّ خَبَرُ فلان ، أي أبطأ.

سع : أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : السَّعِيع : الشَّيلَم. قال : وقال ابنُ الأعرابيّ : السَّعيع : الرديء من الطعام.

وقال ابن بُزرج : طعامٌ مسعوع من السَّعيع ، وهو الذي أصابَه السَّهام.

وفي حديث عمر أنه سافر في عقب رمضان فقال : «إنّ الشهر قد تَسعسَعَ فلو صُمْنا بقيّته» قال أبو عبيد : قوله «تَسَعسعَ» ، أي أدبرَ وفَنِيَ إلّا أقلَّه. وكذلك يقال للإنسان إذا كبِر حتّى يهرمَ ويولّيَ : قد تسعسَعَ. وأنشد لرؤبة يذكر امرأةً تخاطب صاحبةً لها ، فقال يذكرها :

٦٣

قال وما تألو به أن ينفعا

يا هندُ ما أسرعَ ما تسعسعا

يعني أنّها أخبرتْ صاحبتَها عن رؤبة أنه قد أدبَر وفني.

ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : السعسعة الفَنَاء. ونحوَ ذلك قال ابنُ الأعرابي.

وقال الفراء : سعسعتُ بالعَناقِ ، إذا زجرتَها فقلت لها : سَعْ سَعْ.

وقال غيره : سعسع شعرَه وسغسغه ، إذا روّاه بالدُّهن.

أبو الوازع : تسعسعت حاله ، إذا انحطّت.

وتسعسعت فمه ، إذا انحسرت شفتُه عن أسنانه.

شمر عن أبي حاتم : تسعسع الرجلُ ، إذا اضطربَ وأسنَّ. ولا يكون التسعسُع إلّا باضطراب مع الكبر. وقد تسعسعَ عُمره.

وقال عمرو بن شأس :

وما زال يُزْجِي حبَّ ليلى أمامَه

وليدَين حتى عُمْره قد تسعسعا

وكلُّ شيء بلي وتغيّر إلى الفساد فقد تسعسع.

وقال شمر : من روى حديث عمر : «إنَّ الشهر قد تشعشع» ، وذهب به إلى رقَّة الشَّهر وقلَّة ما بقي منه ، كما يُشعشَع اللبنُ وغيره إذا رُقِّق بالماء ، كان وجهاً.

باب العين والزاي

[ع ز] عز ، زع : مستعملان.

عزّ : (الْعَزِيزُ) من صفات الله جلّ وعزّ وأسمائه الحسنى. وقال أبو إسحاق بن السريّ : (الْعَزِيزُ) في صفة الله تعالى : الممتنع ، فلا يغلبه شيء. وقال غيره : هو القويّ الغالب على كلّ شيء ، وقيل : هو الذي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).

ويقال مَلكٌ أعزّ وعزيزٌ ، بمعنًى واحد.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) [ص : ٢٣] معناه غلبني. وقرأ بعضهم : (وعازني في الخطاب) أي غالبني.

وأخبرني المنذريّ عن الحراني عن ابن السكيت قال : يقال عزّه يعزُّه ، إذا غلبه وقهره. وأنشد في صفة جمل :

يَعُزُّ على الطريق بمنكِبَيْهِ

كما ابتركَ الخليعُ على القِداح

يقول : يغلب هذا الجملُ الإبلَ على لزوم الطريق ، فشبَّه حرصَه على لزوم الطَّريقِ وإلحاحَه على السَّير ، بحِرص هذا الخليعِ على الضَّرب بالقداح ، لعلَّه أن يسترجعَ بعضَ ما ذهبَ من ماله. والخليع : المخلوع المقمور ماله.

وأما قول الله عزّ وجلّ : (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) [يس : ١٤] فمعناه قوّيناه وشدّدناه. وقال الفراء : ويجوز (عزَزنا) مخفّفاً بهذا المعنى ، كقولك شدَدنا قال : ويقال عَزَّ يَعَزّ ، بفتح العين من يَعزّ ، إذا اشتدّ. ويقال عزّ كذا وكذا ، جامعٌ في كل شيء ، إذا قلّ حتَّى لا يكاد يوجد. وهو يَعِزُّ بكسر العين عِزَّةً فهو عزيز.

أبو عبيد عن أبي زيد : يقال عزّ الرجل يعِزّ عِزًّا وعِزّة إذا قوىَ بعد ذلّة. وعززت عليه

٦٤

أعِزّ عِزًّا وعَزَازة. قال : وعَزَّت الناقة تعُزُّ عُزوزاً فهي عَزُوزٌ ، إذا كانت ضيّقة الإحليل. قال : وأعززتُ الرجل : جعلتُه عزيزاً. وأعززته : أكرمته وأحببته.

وأخبرني الإياديّ أنه وجد شمراً يضعِّف قول أبي زيد في قوله أعززته أي أحببته.

وقال ابن شميل : شاة عَزوز : ضيّقة الإحليل لا تُدرّ حتَّى تحلب بجهد. وقد أعزّت ، إذا كانت عَزُوزاً.

وقال الليث : يقال تعزَّزَتْ ، لهذا المعنى.

أبو عبيد عن أبي زيد : إذا استبانَ حملُ الشاة وعظُم ضرعُها قيل رمّدت ، وأعزّت وأضرعَت ، بمعنى واحد.

وقول الله عزّ وجلّ : (لَيُخْرِجَنَ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) [المنَافِقون : ٨] وقرىء : (لَيَخرُجَنَ الأعز منها الأذل) أي ليخرجن العزيز منها ذليلا ، فأدخل الألف واللام على الحال.

وقال : جلّ وعزّ : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المَائدة : ٥٤] يقول : يتذللون للمؤمنين وإن كانوا أعزة ، ويتعززون على الكافرين وإن كانوا في شرف الأحساب دونهم.

والعرب تقول : «إذا عزّ أخوك فهُنْ» ، المعنى إذا غلبك وقهرَك فلم تقاومْه فتواضعْ له ؛ فإن اضطرابك عليه يزيدك ذُلًّا.

ومن كلام العرب : «مَن عَزّ بَزّ» ومعناه من غَلَب سَلب.

والعَزَاز : الأرض الضُّلبة.

ويقال للمطر الوابل إذا ضربَ الأرضَ السهلةَ بغيبتها فشدّدها حتَّى لا تسوخ فيها القوائم ويذهب وعوثتها : قد شدّد منها وعزّزَ منها. وقال

عزّزَ منه وهو معطي الإسهالْ

ضربُ السوارى متْنَه بالتَّهتال

ويقال أعززنا : أي وقَعنا في الأرض العَزاز ، كما يقال أسهلنا ، أي وقعنا في أرض سهلة.

وفي الحديث أنّه «استُعِزَّ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مرضه الذي مات فيه». قال أبو عمرو : واستُعِزَّ بفلان ، أي غُلِب ، يقال ذلك في كل شيءٍ من مرضٍ أو عاهة.

قال : واستعزَّ الله بفلانٍ. واستَعزَّ فلانٌ بحقّي ، أي غلبني. وفلانٌ مِعزازُ المرض ، إذا كان شديدَ المرض. ويقال له أيضاً إذا مات : استُعِزَّ به.

وفي حديث ابن عمر «أنّ قوماً اشتركوا في لحم صيدٍ وهم مُحرمون ، فسألوا بعض أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عمّا يجب عليهم ، فأمر كلّ واحدٍ منهم بكفّارة ثم سألوا عمر وَأخبروه بفتيا الذي أفتاهم ، فقال : إنكم معزَّزٌ بكم» ، أي مشدّد بكم ، ومثقَّل عليكم الأمر.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العِزُّ : المطر الشديد الوابل. قال : والعَزَّاء : الشدّة. وقال الفراء : يقال للأرض العَزَاز عَزّاءُ أيضاً.

وقال ابن شميل : العَزَاز : ما غلظ من الأرض وأسرع سيلُ مطره ، يكون من القِيعان والصَّحاصح وأسناد الجبال والآكام وظهور القِفاف. وقال العجّاج :

٦٥

من الصَّفا العاسي ويَدهَسْنَ الغَدَرْ

عَزَازَه ويهتمِرْن ما انْهمَرْ

وتعزَّز لحمُ الناقة ، إذا اشتدّ وصلُب.

وقال أبو عمرو في مسائل الوادي : أبعدها سيلا الرَّحَبة ، ثم الشُّعبة ، ثم التَّلْعة ، ثم المِذْنب ، ثم العَزَازة.

وقال الفرّاء : العَزَّة : بنت الظَّبية ، وبها سمِّيت المرأة عَزّة.

وقال أبو عبيدةَ في كتاب «الخيل» : العزيزاء وهما عُزَيزاوا الفرس : ما بين جاعرتيه. وقال أبو مالك : العُزَيزاء : عصبة رقيقة مركّبة في عظم الخَوْران إلى الورك. وأنشد في صفة الفرس :

أمِرَّت عُزيزاهُ ونيطت كُرومهُ

إلى كفلٍ رابٍ وصُلْبٍ موثِّقِ

قال : والكرمة : رأس الفخذ المستديرُ كأنّه جَوْزة ، وموضعها الذي تدور فيه من الورك القَلْت.

وقال ابنُ شميل : يقال للعنز إذا زُجرتْ : عَزْ عَزْ ، وعزعزتُ بها فلم تَعَزعَز ، أي لم تتنحَّ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : العَزعزُ الغلبة.

قال : والزَّعزع الفالوذ.

قال : وعزّ الماء يعزّ ، وعزّت القَرحة تَعِزّ ، إذا سال ما فيها وكذلك مَذَع وبَذَعَ ، وصَهَى ، وهمى ، وفزّ ، إذا سال ويقال عَزُزت الناقة ، إذا ضاق إحليلُها ولها لبنٌ كثير.

قلت : أظهر التضعيف في عَزُزت ، وليس ذلك بقياس.

وقول الله جلّ وعزّ : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) [النّجْم : ١٩] جاء في التفسير أن اللاتَ صنَم كان لثقيف ، وأن العُزَّى سمُرةٌ كانت لغطَفانَ يعبدونها ، وكانوا بنَوْا عليها بيتاً وأقاموا لها سَدَنة ، فبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن الوليد إليها ، فهدم البيت وأحْرق السَّمُرة.

والعُزَّى : تأنيث الأعزّ ، مثل الكبرى والأكبر. والأعزُّ بمعنى العزيز ، والعُزَّى بمعنى العزيزة.

وقال أبو زيد : يقال : إنّما فلانٌ عنزٌ عَزُوزٌ لها دَرٌّ جَمٌّ ، إذا كان كثير المال شحيحاً والعزوز : الضيّقة الإحليل.

وقال ابن شُميل : شاةٌ عَزوزٌ بيِّنة العِزاز.

زعّ : يقال للرِّيح الشديدة التي تقلع الأشجار وتحرّكها تحريكاً شديداً : ريح زَعزعانٌ وزَعْزَعٌ وزَعزاع ، كل ذلك مسموع من العرب ، والجميع الزعازع. وقال أبو ذؤيب :

وراحتْه بَلِيلٌ زَعزَعُ

وزعزعتُ الشيءَ ، إذا أرَغْتَ إزالته من مُثَبَّته فحرّكتَه تحريكاً. وقال :

لزُعزِعَ من هذا السَّريرِ جوانبُه

والزَّعزاعة : الكتيبة الكثيرة الخيل. وقال زهَيرٌ يمدح رجلاً :

يُعطِي جزيلاً ويسمو غير متّئدٍ

بالخيل للقوم في الزَّعزاعة الجُولِ

أراد في الكتيبة التي يتحرَّك جُلها ، أي ناحيتها ، وتترمّز. فأضاف الزعزاعة إلى الجول.

وزعزعت الإبلَ ، إذا سُقتَها سَوْقاً عنيفاً.

وسَيرٌ زَعزَعٌ : شديد.

أبو عمرو والأصمعيّ : الزَّعازع والزّلازل

٦٦

هي الشدائد.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : يقال للفالوذ الزَّعزَع ، والمُزَعزَع ، والملوَّص ، والمزَعفَر ، واللَّمْص.

باب العين والطاء

[ع ط]

عط ، طع : مستعملان.

عط : أبو العباس عن [ابن](١) الأعرابي قال : الأعطّ : الطويل. قال : والعطعطة : صِياح المُجّان.

وقال الليث : العطعطة : حكاية أصوات المُجّان إذا قالوا عِيط عِيط عند الغلبة.

فيقال : هم يعطعطون.

الحَرّاني عن ابن السكيت قال : العُطعُط : الجَدْي ، ويقال له العُتعُتُ أيضاً.

والعَطُّ : شَقُّ الثَوب. يقال عَطّ ثوبَه فانعطَّ. وعَطِّطْه ، أي شقِّقْه.

ويقال : ليثٌ عَطَاط : جسيمٌ شديد. قال ذلك أبو عمرو ، وأنشد قول المتنخل :

وذلك يَقتُل الفِتيانَ شفعاً

ويسلُب حُلّةَ اللَّيث العَطَاطِ

أبو عبيد عن أبي زيد : انعطَّ العُود انعطاطاً ، إذا تننَّى من غير كسر يَبين.

وقال غيره : العَطُّ في الفعل ، والعَتُّ في القول.

وقال أبو عمرو : عطَّ فلانٌ فلاناً إلى الأرض يعُطُّه عَطًّا ، إذا صَرَعه. ورجلٌ معطوط معتوت ، إذا غُلِبَ قولاً وفعلاً.

وقال ابن الأعرابيّ : العُطُطُ : الملاحف المقطّعة.

طع : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الطَّعُ : اللَّحس. قال : والطَّعطَع من الأرض : المطمئن.

وقال الليث : الطعطعة : حكاية صوت اللاطع والناطع والمتمطِّق ، وذلك إذا ألصقَ لسانَه بالغار الأعلى ثم لَطع من طيب شيء أكله.

باب العين والدال

[ع د]

عد ، دع : مستعملان.

عد : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنّ أبيضَ بن حَمَّالٍ المأْرِبيّ قدِمَ عليهِ ، فاستقطعه الملح الذي بمأرب ، فأقطعَه إيّاه ، فلما ولَّى قال رجلٌ : يا رسول الله أتدري ما أقطعته؟ إنما أَقْطعت له الماء العِدَّ. قال : فرجعَه منه.

قال ابن المظفّر : العِدّ : موضع يتَّخذه الناس يجتمع فيه ماء كثير ، والجميع الأعداد. قال : والعِدُّ : ماء يُجمَع ويُعَدّ. قلت : غلط الليثُ في تفسير العِدّ ، والصواب في تفسير العِدّ ما رواه أبو عبيد عن الأصمعيّ أنه قال : الماء العِدّ : الدائم الذي لا انقطاع له ، مثل ماء العين وماء البئر. وجمع العِدّ أعداد ، وأنشد لذي الرمة يذكر امرأةً حضرتْ ماءً عِدّاً بعد ما

__________________

(١) زيادة من «تاج العروس» مادة (عطط).

٦٧

نشّت مِياه الغُدران في القيظ ، فقال :

دعت ميَّةَ الأعدادُ واستبدلت بها

خَناطيل آجالٍ من العِين خُذَّلِ

استبدلت بها ، يعني منازلها التي ظعنت عنها حاضرةً أعداد المياه ، فخالفها إليها الوحش وأقامت في منازلها.

قال شمر : قال أبو عبيدة : العِدّ القديمة من الركايا. قال : ومنه قولهم : حسَبٌ عِدٌّ ، أي قديم. وأنشد :

فوردَتْ عِدًّا من الأعداد

أقدمَ من عادٍ وقوم عادِ

قال : وقال أبو عدنان : سألت أبا عبيدة عن الماء العِدّ فقال لي : الماء العِدّ بلغة تميم : الكثير. قال : وهو بلغة بكر بن وائل : الماء القليل. قال : بنو تميم يقولون : الماء العدّ مثل كاظمة جاهليٌّ إسلاميّ لم يَنزَح قطّ. قال : وقالت لي الكلابية : الماء العِدّ الرَّكيّ. يقال أمِن العِدِّ هذا أم من ماء السماء؟ وأنشدتني :

وماء ليس من عِدِّ الركايا

ولا حلَب السماءِ قد استقيت

وقالت : ماءُ كلِّ ركية عِدٌّ ، قلَّ أو كثُر.

وقال أبو زيد : حسبٌ عِدٌّ ، أي قديم.

وقال الحطيئة (١) :

....... والحسَبُ العِدُّ

وقال أبو زيد : يقال انْقضت عِدّةُ الرجل ، إذا انقضى أجَله ، وجمعها العِدَد. ومثله انقضت ، مُدّته ، وهي المُدَد.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : يقال : هذا عِدادُه وعِدُّه ، ونِدُّه ونديده ، وبِدّه وبديده ، وسِيُّه ، وزِنُّه وزَنّه ، وحَيدُه وحِيدُه ، وغَفْره وغَفَره ، ودِنُّه ، أي مثله.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ما زالت أُكْلة خَيبر تُعادُّني ، فهذا أوانَ قطعَتْ أبهَري» : قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : هو من العِداد ، وهو الشيء الذي يأتيك لوقتٍ ، مثل الحُمَّى الرِّبْع والغِبّ ؛ وكذلك السمّ الذي يقتل لوقتٍ. وأنشد :

يلاقي من تذكُّر آل ليلى

كما يلقى السَّليمُ من العِدادِ

ومعنى قوله «تعادُّني» أي تراجعني بألم السمّ في أوقات معدودة ، كما قال النابغة في حيّة عضّت رجلاً فقال :

تطلّقه حيناً وحيناً تراجعُ

وأما قول الهذليّ في العداد :

هل أنتِ عارفةُ العداد فتُقصِرِي

فمعناه هل تعرفين وقت وفاتي.

وقال ابن السكيت : إذا كان لأهل الميت يومٌ أو ليلة يجتمع فيه النِّساء للنياحة عليه فهو عِدادٌ لهم. ويقال : فلانٌ عِدادُه في بني فلانٍ إذا كان ديوانُه معهم.

ثعلب عن عمرو عن أبيه قال : العِداد والبِداد : المناهدة. قال : وقال ابن الأعرابيّ : فلانٌ عِدُّ فلانٍ وبِدُّه أي قِرنه ،

__________________

(١) تمام البيت في «اللسان» (عدد) :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

٦٨

والجميع أعدادٌ وأبداد. والعدائد : النظراء ، واحدهم عديد.

أبو عبيدة عن الأصمعي : عِداد القوس : صوتها. وقال غيره : العِدّة جماعة قلّت أو كثرت يقال : رأيت عدّة رجال وعدّة نساء. والعِدّة مصدر عددت الشيء عداً وعدة. والعدة عدّة المرأة شهوراً كانت أو أقراءً أو وضع حَمْل كانت حملتْه من الذي تعتدّ منه. يقال : اعتدَّت المرأة عِدَّتَها من وفاة زوجها ومن تطليقه إياها اعتداداً. وجمع العِدّة عِدَد ، وأصل ذلك كلّه من العَدّ.

والعَدَدُ في قوله جلّ وعزّ : (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) [الجنّ : ٢٨] له معنيان : أحدهما : (أَحْصى) أي أحاط علمُه بكل شيء عَدَداً أي معدوداً ، فيكون نصبه على الحال. يقال عددت الدراهم عدًّا. وما عُدَّ فهو معدود وعَدَد ، كما يقال نفضتُ ثمر الشجر نفْضاً ، والمنفوض نَفَض. ويجوز أن يكون معنى قوله (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) [الجنّ : ٢٨] أي أحصاه إحصاءً. فالعدد اسم من العدّ أقيم مقام المصدر الذي هو معنى الإحصاء ، كما قال امرؤ القيس

ورُضْتُ فذلّتْ صعبةً أيَّ إذلالِ

والعديد : الكثرة ، يقال ما أكثر عديدَ بني فلان. وبنو فلانٍ عديدُ الحصى ، إذا كانوا لا يُحصَون كثرة كما لا يُحصَى الحصى.

ويقال : هذه الدراهم عَديدُ هذه الدراهِم ، إذا كانت بعددها.

ويقال : إنَّهم ليتعادُّون على عشرة آلاف أي يزيدون عليها في العدد. ويقال هم يتعادُّون كذا وكذا رَجلاً ويتعدّدون بمعناها.

وقال الليث : هم يتعدَّدون على عشرةِ آلاف ، أي يزيدون عليها في العدد. ويقال : هم يتعادُّون ، إذا اشتركوا فيما يعادُّ به بعضُهم بعضاً من المكارم وغيرها. والعُدَّة : ما أعِدَّ لأمرٍ يحدُث ، مثل الأُهبة. يقال أعددت للأمر عُدَّتَه.

وقال أبو عبيد : العِدَّان : الزَّمان. وأنشد قول الفرزدق :

ككِسرى على عِدَّانه أو كقيصرا

وقال الليث : يقال كان ذلك في عِدّان شبابه وعِدَّان مُلكه ، وهو أفضلُه وأكثرُه.

قال : واشتقاقه من أن ذلك كان مهيّأً مُعَدًّا. قلت : وأما العِدَّانُ الذي هو جمع عتود ، فهو مفسَّر في أبواب الثلاثي الصحيح من العين.

وقال ابن الأعرابيّ : العديدة : الحِصَّة ، والعدائد : الحِصَص في قول لبيد :

تطير عدائد الأشراك شفعاً

ووتراً والزعامةُ للغلامِ

قال شمر : وقيل العدائد الذين يعادُّ بعضُهم بعضاً في الميراث. وأمّا قول أبي دُوَاد في صفة الفرس :

وطِمِرَّةٍ كِهراوة ال

أعزابِ ليس لها عَدائدْ

فمعناه ليس لها نظائر.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العَدْعَدة : العَجَلة.

أبو العباس عن عمرو عن أبيه : العُدّ

٦٩

والعُدّة : البَثْر يخرج على وجوه المِلَاح ، يقال قد استَمْكَتَ العُدّ فاقْبَحْه ، أي ابيضّ رأسه من القيح فافضخه حتى تمسح عنه قيْحه.

وقال أبو العمثيل : العِداد : يوم العطاء ويوم العَرْض. وأنشد شمر لجهم بن سَبَل :

من البيض العقائل لم يقصِّر

بها الآباء في يوم العِدادِ

قال شمر : أراد في يوم الفخار ومعادّة بعضهم بعضاً.

وقال ابن شميل : يقال أتيتُ فلاناً في يوم عِدَاد ، أي يوم جمعة أو فِطر أو عيد.

والعرب تقول : ما يأتينا فلانٌ إلا عِدادَ القمر الثريا ، وإلَّا قِرانَ الثريا ؛ أي ما يأتينا في السنة إلا مرّة.

وأنشدني المنذري وذكر أنَّ أبا الهيثم أنشده :

إذا ما قارن القمرُ الثريا

لثالثةٍ فقد ذهبَ الشتاءُ

قال أبو الهيثم : وإنما يقارن القمر الثريا ليلةَ ثالثةٍ من الهِلال ، وذلك أوّلَ الربيع وآخر الشتاء.

وقال أبو عمرو : يقال به عِدادٌ من اللَّمَم وهو شبه الجنون يأخذ الإنسان في أوقات معلومة.

وقال الأصمعيّ : يقال ما نراكَ إلّا عِدّةَ الثريا القمر ، أي في عِدّة نزول القمر بالثريا.

وقال أبو زيد : يقال للبغل عَدْ عَدْ ، إذا زجرتَه. قال : وعَدَسْ مثله.

وقال أبو عبيدة : العدعدة : صوت القطا ، وكأنّه حكاية.

وقال طَرَفة :

أرى الموت أعدادَ النفوس ولا أرى

بعيداً غداً ما أقربَ اليومَ من غدِ

يقول : لكلّ إنسانٍ مِيتةٌ فإذا ذهبت النفوس ذهبت مِيَتُهم كلُّها.

وقال تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) [البَقَرَة : ٢٠٣] قال الشافعي : المعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النَّحر. ورُوي هذا عن ابن عباس ، وهو قول الضَّحّاك.

أبو الهيثم عن ابن بزرج : يقال فلانٌ إنّما يأتي أهله العَدَّة ، وهي من العداد ، أن يأتي أهله في الشهر والشهرين.

وقال ابن عباس في قوله عزوجل : (فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) قال : هي أيام التشريق. وقال الزّجّاج : كلُ عددٍ قلّ أو كثُر فهو معدود ، ولكن معدودات أدَلُّ على القِلّة ؛ لأن كلَّ قليل يجمع بالألف والتاء نحو دريهمات. وقد يجوز أن يقع الألف والتاء للتكثير.

دع : قال الله جلّ وعزّ : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) [الطُّور : ١٣] قال المفسِّرون وهو قول أهل اللُّغة يُدَعُّونَ : يدفَعون إلى نار جهنَّم دفعاً عنيفاً. والدّعُ : الدفْع. وقال مجاهد : (يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ) قال : دَفْراً في أقفيتهم. وقال ابن الأعرابي : الدَّفر : الدفع.

وكذلك قوله : (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُ الْيَتِيمَ) [المَاعون : ٢] ، أي يَعنُف به دفعاً وانتهاراً.

٧٠

ويقال : دعدعَ فلانٌ جفنتَه ، إذا ملأها من الثريد واللحم. ودعدَعَ السيلُ الواديَ. إذا ملأه. وقال لبيد :

فدعدعَا سُرَّة الرِّكاء كما

دعدعَ ساقي الأعاجم الغَرَبا

أبو عبيد عن أبي عمرو : الدَّعداع والدَّحداح : الرجل القصير.

وقال غيره : الدعدعة : أن يقول الراعي للمِعْزَى : داعْ داعْ ، وداعٍ داعٍ ، وهو زجرٌ لها.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للراعي : دُعْ دُعْ ، إذا أمرتَه بالنعيق بغنمه.

وقال غيره : دَعدِعْ بها. ومنه قول الفرزدق :

دَعدِعْ بأعنُقِك التَّوائِم إنّني

في باذخ يا ابنَ المراغة عالى

والدَّعدعة أيضاً : أن يقول الرجل للعاثر : دَعْ. ومنه قول رؤبة :

وإنْ هوَى العاثرُ قلنا دعدَعا

قال أبو سعيد : معناه دع العِثار.

أبو عبيد عن أبي زيد : إذا دُعيَ للعاثر قيل لعاً لك عالياً. ومثله دَعْ دَعْ. وأنشد :

لحا الله قوماً لم يقولوا لعائرِ

ولا لابن عَمٍ ناله العَثْرُ دَعْ دعا

قلتُ : جعل لعاً ودَعْ دعاً دُعاءً له بالانتعاش.

وروى ابن هانىء عن أبي زيد : دعدعتُ بالصبيّ دعدعة إذا عثَر فقلت له دع أي ارتفعْ.

وقال الليث نحوَه ، وقال : الدَّعدعة : أن تقول للعاثر : دَعْ دَعْ ، أي قُم وانتعش.

وقال شمْر في قول رؤبة :

وإن هوى العاثر قلنا دَعْ دعا

له وعالَينا بتنعيشٍ لَعَا

قال : قال الأصمعيّ : معناه إذا وقَع منا واقعٌ نَعَشْناه ولم ندَعْه يَهلِك. قال : وقال غيرهما : دَعْ دعا ، معناه أن يقول له : رفَعَك الله ، وهو مثل لعاً.

وروى الشاه عن المؤرّج بيت طرفة بالدال :

وعذاريكم مقلّصة

في دُعَاع النخل تصطرمه

وفسَّر الدّعاعَ ما بين النخلتين. وهكذا رأيته بخط شِمر رواية عن ابن الأعرابي ، قال : والدُّعاع : متفرّق النخل. قال : وقال أبو منجوف : الدُّعاع : النَّخل المتفرّق. وقال أبو عبيدة : ما بين النخلة إلى النخلة دُعاع. قلتُ : ورواه بعضُهم :

«في ذُعاع النخل ...»

بالذال ، أي في متفرِّقه ، من ذعذعت الشيء ، إذا فرّقتَه.

وقال الليث : الدّعدعة : عَدْوٌ في التواءٍ وبُطء. وأنشد :

أسقى على كلِّ قومٍ كان سعيُهم

وسطَ العشيرة سعياً غير دعداعِ

أي غير بطيء. قال : والدَّعدع : نبتٌ يكون فيه ماءٌ في الصيف يأكله البقرُ. وأنشد :

رعَى القَسْوَرَ الجونيّ من حول أشمس

ومن بطن سقمان الدعادع سِدْيَما

٧١

يصف فحلاً. وأنشد شمر للطرمّاح ، يصف امرأة :

لم تعالج دمحقاً بائتاً

شُجِّ بالطخف لِلَدْم الدَّعاعْ

قال : الطَّخْف : اللَّبن الحامض. واللَّدْم : اللَّعْق. والدَّعَاع : عيال الرجل الصغار.

يقال أدعَ الرجُلُ ، إذا كثر دَعاعُه.

قال شِمر : والدُّعاع بضم الدال : حبُّ شجرة برّيّة. وأنشد للطرمّاح أيضاً :

أُجُد كالأتانِ لم ترتعِ الف

ثَّ ولم ينتقل عليها الدُّعاعْ

والفَثُّ : حبُّ شجرة برّيّة أيضاً. والأتان : صخرة الماء.

وقال الليث : الدُّعاعة : حبّة سوداء يأكلها فقراء البادية إذا أجدبوا. قال : ويقال لنملةٍ سوداء تشاكل هذه الحبّة دُعاعةٌ ، والجميع دُعاع. ورجلٌ دَعّاع فثَّاثٌ ؛ يجمع الدُّعاع والفَثَّ ليأكلهما.

قلت : هما حبّتان بريّتان إذا جاعَ البدويّ في القحط دقّهما وعجنهما واختبزهما فأكلهما.

وقال الليث : الدعدعة : أن تحرِّك مكيالاً أو جُوالقاً أو غير ذلك حتى يكتنز. وأنشد للبيد :

المطمعون الجَفْنة المدعدَعه

دَعْد : من أسماء العرب. وقال بعض الأعراب : يقال لأمّ حُبَين : دعد.

قال الأزهريّ : لا أعرفه. وحكى أبو الوزاع ذلك عن بعض الأعراب.

وقال ابن الأعرابيّ : قال أعرابيٌّ : كم تدعُ ليلتكم هذه من الشهر؟ أي كم تُبقى سواها. وأنشد :

لسنا لأضيافكم بالدُّعُع

باب العين والتاء

[ع ت] عت ، تع : مستعملان.

عت : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : العُتْعُت : الجَدْي. وقال أبو عمرو : يقال للشابّ الشديد القويّ عُتعُت. وأنشد :

لما رأته مُؤْدَناً عِظْيَرّا

قالت أريدُ العُتعُتَ الذِّفِرّا

فلانا سقاها الوابلَ الجِوَرّا

إلهُها ولا وقَاها العَرّا

وقال ابن الأعرابيّ : العَتُ : غَطُّ الرجل بالكلام وغيرِه.

أبو عبيد عن أبي عمرو : وما زلتُ أُعاتُّه وأُصاتُّه عِتاتاً وصِتاتاً ، وهي الخُصومة.

ويقال عتّه عتّاً ، إذا ردَّ عليه قوله. وتعتَّت في الكلام تعتُّتًّا ، إذا تردَّدَ فيه.

عمرو عن أبيه : العتعَت : الجَدْي ، بالفتح.

وقال ابن الأعرابيّ : هو العُتعُت ، والعُطعُط ، والعَرِيض ، والإمَّر ، والهِلَّع ، والطَّلِيّ ، واليَعْر ، واليَعْمور ، والرَّعّام ، والعرّام ، والرغّام ، واللَّسَّاد.

وقرأ ابن مسعود : (عَتَّى حين) في موضع : (حَتَّى حِينٍ) [الصَّافات : ١٧٤].

٧٢

تع : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : التَّعُ : الاسترخاء. ورُوي عن عمرو عن أبيه أنّه قال : التَّعتَع : الفأفاء ، وهو التعتعة في الكلام.

ويقال تُعتِعَ فلانٌ ، إذا رُدَّ عليه قولهُ.

ولا أدري ما الذي تعتعَه؟ وقد تَعتَعَ البعيرُ وغيرُه ، إذا ساخَ في الخبارى أو في وُعُوثة الرمال. وقال الشاعر :

يُتعتع في الخَبار إذا عَلاه

ويعثُر في الطريق المستقيم

وقال أبو عمرو : تَعتَعْتُ الرجلَ وتلتلْتُه ، وهو أن تُقبِل به وتُدبر به وتعنفُ عليه في ذلك. وهي التعتعة والتلتلة.

باب العين والظاء

[ع ظ]

استعمل [من] وجهيه [عظ].

عظ : قال يونس بن حبيب فيما قرأت له بخط شِمر : يقال عظَّ فلانٌ فلاناً بالأرض ، إذا ألزقَه بها ، فهو معظوظ بالأرض قال : والعِظاظ شبه المِظَاظ ، يقال عاظَّه وماظَّه عِظاظاً ومِظاظاً إذا لاحاه ولاجّه.

وقال أبو سعيد : العِظاظ والعضاض واحد ، ولكنَّهم فرّقوا بين اللفظين لمّا فرقوا من المعنَيين. ويقال عضَّته الحُروب ، وعظَّتْه بمعنًى واحد.

عمرو عن أبيه : عظعظَ في الجبل ، وعصعص وبَرْقَط ، وبقَّط ، وعتَّب ، إذا صعِد فيه.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : المعظعِظ من السهام : الذي يضطرب إذا رُمي به.

وأنشد لرؤبة :

وعظعظَتْ سِهامُهم عِظعَاظا

وعظعظ الكلبُ ، إذا نكص عن الصَّيد وحاد في القتال.

أبو عبيد عن الأصمعي في باب ادّعاء الرجل علماً لا يُحسِنه : يقال «لا تَعظيني وتَعظعَظي» ، أي لا توصيني وأوصِي نفسَك. وقيل معنى تعظعظي ، أي كُفّي وارتدعي عن وعظك ، إيّاي. وقيل معنى تعظعظي ، اتّعظي ، أصله من الوعظ ، نقله إلى المضاعف.

باب العين والذال

[ع ذ]

استعمل من وجهيه [ذع].

ذع : قال الليث : الذعذعة : التفريق.

قلت : وأصله من باب ذاع يذيع ، وأذعته أنا ، فنقل إلى المكرر المضاعف ، كما يقال نخنخ بعيره فتنخنخ من الإناخة.

ويقال ذعذع فلانٌ مالَه ، إذا بذّره.

وذعذعت الرِّيحُ التراب ، إذا فرَّقته وذرَته وسَفَتْه ، كلُّ ذلك معناه واحد وقال النابغة :

غَشِيتُ لها منازلَ مُقْوِياتٍ

تذعذِعها مُذعذِعةٌ حَنونُ

ورجلٌ ذَعذاع ، إذا كان مِذياعاً للسرِّ نمّاماً لا يكتُم سرًّا.

وتذعذعَ شعرُه ، إذا تشعَّثَ وتمرَّط.

وقال بعضهم : رجلٌ مُذعذَع ، إذا كان دعيًّا.

٧٣

قلت : ولم يَصحَّ في هذا الحرف من جهةِ مَن يوثقْ به ، والمعروف بهذا المعنى رجل مدغدغ. وقرأت بخط أبي الهيثم :

وعذاريكم مقلّصة

في ذُعاع النَّخلِ تجترمه

قال أبو الهيثم : الرواية «في ذُعاع النَّخل». قال : ودُعاع تصحيف. قال : والذَّعاع : الفِرَق ، واحدتها ذَعاعة. قال : والذَّعاع النَّخل المتفرّق. قال : ويقال الدُّعاع : ما بين النخلتين ، بضم الدال.

باب العين والثاء

[ع ث]

عث ، ثع : مستعملان.

عث : أبو عبيد : العَثعَث : الكثيب من السهل ، وجمعه العثاعث. وقال رؤبة :

أقفرت الوعساءُ والعَثاعِثُ

وقال غيره : يقال عثعثَ فلانٌ متاعَه وحثحثَه وبثبثه ، إذا بذَّره وفرَّقه.

وأخبرني المنذريّ عن أحمد بن يحيى أنه قال : العثعث الفساد. قال : وعثعثَ متاعَه ، إذا حرَّكه. قال وذُكر لعليٍّ زمانٌ فقال : «ذاك زمن العَثَاعث» ، أي الشدائد.

وفي «نوادر الأعراب» : عثعثَ بالمكان وغثغث به ، إذا أقام به ، بالعين والغين. ويقال : أطعمني سَوِيقاً حُثًّا وعُثًّا ، إذا كان غير ملتوت بدسم.

والعُثُ : السُّوس ، الواحدة عُثّة. وقد عُثَ الصُّوف ، إذا أكله العُثّ.

ويقال للمرأة الزَّريّة : ما هي إلّا عُثَّة.

وقال ابن حبيب : العِثاث : رفع الصَّوت بالغِناء والترنُّمُ فيه. يقال عَثَّثَ وعاثَ عِثاثاً. وقال كثيّر يصف قوساً :

هتوفاً إذا ذاقها النازعون

سَمِعتَ لها بعد حَبضٍ عِثاثاً

وقال بعضُهم : هو شبه ترنُّم الطَّست إذا ضُرِب.

عمرو عن أبيه قال : العِثَاث : الأفاعي التي يأكل بعضُها بعضاً في الجدب. ويقال للحيّة : العَثَّاء والنكْزاء.

وفي «النوادر» : تعاثثت فلاناً وتعاللته.

ويقال اعتثه عِقُ سَوء واغتثَّه عِرقُ سَوء ، إذا تعقّله عن بلوغ الخير والشّرف.

ثع : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ امرأةً أتته بولدٍ لها فقالت : إنّ ابني هذا به جنونٌ يُصيبُه في الأوقات. فمسح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صدرَه ودعا له فثعَ ثَعَّةً فخرج من جوفه جِرْوٌ أسودٌ يسعَى. قال أبو عبيد : فقوله ثعَ ثعةً أي قاء قيئة. وقد ثَعَعت يا رجل.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ يقال : ثع يثعّ ، وانثعّ ينثعّ ، وهاع يَهَاع ، وأتاع يُتيع ، كلّ ذلك إذا قاء.

قلت : وقد جاء هذا الحرف في باب التاء والعين من «كتاب الليث» ، وهو خطأ ، وصوابه بالثاء.

وقال المبرّد : الثعثعة والثغثغة : كلامٌ فيه لُثغة.

وروى أبو العباس عن عَمرو عن أبيه أنه قال الثَّعثَع : اللؤلؤ قال : ويقال لِلصَّدَف ثَعثَع ، وللصوف الأحمر ثَعثع. قال أبو

٧٤

عمرو : وسألت المبرّد عنها فروى عن البصريين نحواً ممّا قال ثعلب وعَرَفه.

باب العين والراء

[ع ر]

عر ، رع : مستعملان.

عر : قال الله جلّ وعزّ : (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) [الحَجّ : ٣٦] قال أهل اللُّغة ـ وهو قول أهل التفسير ـ القانع : الذي يسأل.

والمعترُّ : الذي يُطيف بك يطلب ما عندك سألك أو سكت عن السؤال.

وقال أبو العباس : قال ابنُ الأعرابي : يقال عَرَوت فلاناً واعتريته ، وعَررته واعتررته ، إذا أتيتَه تطلب معروفَه.

وقال : وقال الله جلّ وعزّ : (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الفَتْح : ٢٥] قال شَمِر : قال عبد الله بن محم بن هانىء : المَعَرَّة : الجناية كجناية العَرّ ، وهو الجرب.

وأنشد :

قل للفوارسِ من غَزِيّة إنّهم

عند اللقاء مَعرَّةُ الأبطالِ

قال : وقال ابن شُميل : يقال عَرَّه بشَرٍّ ، أي ظَلمه وسَبَّه وأخذَ ماله.

وقال محمد بن إسحاق بن يسار : المَعَرَّة في تفسير الآية الغُرْم. يقول : لو لا أن تصيبوا منهم مؤمناً بغير علم فتغرموا ديتَه ، فأمّا إثمُه فإنّه لم يَخْشَه عليهم.

وقال شمر : المَعَرَّة : الأذى. ومَعرَّة الحبيش : أن ينزلوا بقوم فيأكلوا من زروعهم شيئاً بغير علم ، وهو الذًي أراده عمر بقوله : «اللهم إنّي أبرأ إليك من مَعرَّة الجيش».

فأمّا قول الله جلّ وعزّ : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الفَتْح : ٢٥] فالمعرة التي كانت تصيب المؤمنين أنهم لو كبسوا أهل مكّة ، وبين ظهرانيهم قومٌ مؤمنون لم يتميَّزوا من الكفار ، لم يأمنوا أن يطؤوا المؤمنين بغير علم فيقتلوهم فتلزمهم دياتهم ، وتلحقهم سُبَّةٌ بأنَّهم قتلوا مَن هم على دينهم إذا كانوا مختلطين بهم. يقول الله : لو تميَّز المؤمنون من الكفار لسلَّطناكم عليهم وعذّبناهم عذاباً أليماً. فهذه المعرّة التي صانَ الله المؤمنين عنها ، وهي غُرم الدِّيات ومَسَبّة الكُفّار إياهم.

وأما مَعرَّة الجيش التي تبرَّأ عمر منها ، فهي وطأتهم مَن مَرُّوا به من مسلم أو مُعاهَد ، وإصابتهم إياهم في حريمهم وأموالهم ومزارعهم بما لم يؤذَنْ لهم فيه. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنّه قال : المعَرَّة الشدّة. والمعرّة : كوكبٌ في السماء دون المجرَّة. والمعرَّة : الدية. والمَعرَّة : قتال الجيش دون إذن الأمير. والمعرّة : تلوُّن الوجه من الغضب.

قلت : روى أبو العبّاس هذا الحرف بتشديد الراء. فإن كان من تمعَّر وجهُه أي تغيّرَ فلا تشديد فيه. وإن كان مفعلة من العَرّ فهي مشدّدة كأخواتها.

وفي حديث حاطب بن أبي بَلتَعة أنّه لمَّا كتب إلى أهل مكة كتابَه يُنذرهم أمْرَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أطلعَ الله عزوجل رسولَه على الكتاب ، فلما عُوتِب حاطبٌ فيما كتب قال : «كنتُ رجلاً عريراً في أهل مكة ،

٧٥

فأحببتُ أن أتقرّب إليهم ليحفظوني في عيالاتي عندهم».أراد بقوله «كنت فيهم عريراً» أي غريباً مجاوراً لهم ، ولم أك من صميمهم ولا لي فيهم شُبكة رحم. والعرير فعيل بمعنى فاعل ، وأصله من قولك عررته عَرًّا فأنا عارٌّ وعرير ، إذا أتيتَه تطلب معروفه. واعتررته بمعناه.

وفي حديث سَلمان الفارسيّ أنه «كان إذا تعارَّ من الليل قال : سبحانَ ربِّ النبيِّين» قال أبو عبيد : قال الكسائيّ : تعارّ ، إذا استيقظ. يقال تعارّ يتَعارُّ تَعَارًّا ، إذا استيقظ من نومه. قال : ولا أحسب يكون ذلك إلا مع كلام.

قال أبو عبيد : وكان بعض أهل العلم يجعله مأخوذاً من عِرار الظليم ، وهو صوته. ولا أدري أهو من ذلك أم لا.

وقال أبو عمرو : يقال عَرَّ الظَّليم يَعِرُّ عِراراً. وقال أبو الجرَّاح : عارّ الظليم يُعارّ عِراراً ، وزمرت النعامة زِماراً.

وفي حديث أبي بكر أنه أعطي سيفاً محلًّى ، فنزع عمرُ الحليةَ وأتاه بها وقال : «أتيتك بهذا لما يَعْرُرُك من أمور الناس». قال أبو عبيد : أُراه : لما يَعرُوك ، أي لما يأتيك. ولو كان من العَرّ لقال : لما يعرُّك.

قلت : عرّه وعَرَاه بمعنًى واحد ، إذا أتاه.

وقال ابن أحمر :

ترعى القطاةُ الخمِسَ قَفُّورَها

ثم تعرُّ الماءَ فيمن يعُرّ

أي تأتي الماءَ وتَردُه.

وفي حديث سعد أنه «كان يدمُل أرضَه بالعُرَّة ويقول : مِكتَل عُرّةٍ مِكتَل بُر». قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : أراد بالعُرّة عذِرَةَ الناس. قال : ومنه قيل : عرَّ فلانٌ قومَه بشَرٍّ إذا لطَخهم به. قال أبو عبيدِ : وقد يكون عرَّهم بشرٍّ من العَرّ ، وهو الجرب ، أي أعداهم شرُّه. وقال الأخطل :

ونَعررْ بقومٍ عَرّةً يكرهونها

ونحيا جميعاً أو نموت فنقتلُ

ويقال : لقيتُ منه شَرًّا وعَرًّا ، وأنت شرٌّ منه وأعرّ.

أَبو عبيد عن الأمويّ : العَرّ : الجرَب.

يقال عَرَّت الإبلُ تَعِرُّ عرًّا فهي عارّة.

قال : والعَرُّ : قَرح يخرج مِن أعناق الفُصلان ، يقال قد عُرَّتْ فهي معرورة.

قال أبو عبيد : وقال أبو عبيدة : كلُّ شيءٍ باء بشيءٍ فهو له عَرار. وأنشد قول الأعشَى :

فقد كان لهم عَرار

ومن أمثال العرب : «باءت عَرارِ بكَحْلٍ» و «عَرَارِ بكَحْلَ» غير مُجْرًى. وأنشد ابن حبيب فيمن أَجْرى :

باءت عرار بكحلٍ والرِّفاقُ معاً

فلا تمنَّوْا أمانيَّ الأضاليلِ

قال : وكحل وعرار : ثور وبقرة كانا في سِبْطينِ من بني إسرائيل فعُقِر كحل وعقرت به عرارِ ، فوقعتْ حربٌ بينهما حتَّى تفانَوا ، فضُرِبا مثلاً في التساوي. وقال الآخر :

٧٦

باءت عرارِ بكَحْلَ فيما بيننا

والحقُّ يعرفُه ذَوُو الألباب

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال تزوّج فلانٌ في عرارة نساءٍ يلدن الذُّكور وفي شَرِيّةِ نساءٍ يلدن الإناث.

وقال أبو عبيد : العَرارة : الشدّة. وأنشد قولَ الأخطل :

إنّ العرارةَ والنُّبوحَ لدارمٍ

والمستخِفُّ أخوهم الأثقالا

قال : وقال الأصمعيّ : العَرار : بهَار البَرّ.

قلت : الواحدة عَرارة ، وهي الحَنْوة التي يتيمَّن العجم من الفُرس بها. وأُرى أنّ فرس كلحبة اليربوعيّ سمِّيت العرارة بها.

وهو القائل :

يسائلني بنو جُشَمَ بنِ بكر

أغرَّاء العرَارةُ أم بهيمُ

وقال بعضُهم : العرارة : الجرادة ، وبها سمِّيت الفرس. وقال بشر :

عرارةَ هَبْوةٍ فيها اصفرار

والعُرَّة : الأُبْنة في العصا ، وجمعها عُرَر.

وقال الليث : حمارٌ أعرُّ ، إذا كان السِّمَن منه في صدره وعنقه أكثرَ منه في سائر خَلْقه.

قال : والعَرّ والعَرَّة ، والعَرار والعَرارة : الغلام والجاريةُ المُعْجَلانِ عن الفطام.

والمعرور : المقرور. ورجلٌ معرور : أتاه ما لا قِوام له معه. وعُرعرة الجبل : أعلاه. وعُرعُرة السَّنام : غاربه. وعُراعر القوم : ساداتهم ، أُخِذ من عُرعرة الجبل وقال المهَلهِل :

خَلَعَ الملوكَ وسار تحت لوائه

شجرُ العُرَى وعَراعرُ الأقوامِ

وقال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : عُرعرة الجبل : غلظه ومعظمه. قال : وكتب يحيى بن يعمر إلى الحجّاج : «إنا نزلنا بعُرعرة الجبل والعدوُّ بحضيضه». فعرعرته : غِلظه وحَضيضُه : أصلُه.

قال أبو عبيد : ومن عُيوب الإبل العَرَر ، وهو قِصَر السَّنام يقال بعيرٌ أعرّ وناقة عرّاء.

وقال ابن الأعرابي : العَرعَر : شجرٌ يقال له السَّاسَم ، ويقال له الشَّيزَى. ويقال هو شجرٌ يُعمَل منه القطران.

وقال أبو عُبيد : عَرعارِ : لُعبةٌ لصبيان الأعراب. قال الكميت :

وبلدةٍ لا ينال الذئبُ أفرخَها

ولا وَحَى الوِلْدِة الداعِينَ عَرعارِ

أي ليس بها ذئبٌ لبُعدها عن الناسِ.

وقال ابن الأعرابي : يقال عرعرت القارورةَ ، إذا نزعتَ منها سِدَادَها. ويقال ذلك إذا سددتها. ويقال عَرعَرَتُها : سِدادها. قال : وعُرعُرتها : وكاؤها.

وعُرعُرة الإنسان : جلد رأسه.

قال الأصمعيّ : يقال للجارية العذراء عرّاء. وقال أبو عمرو في قول الشاعر يذكر امرأةً :

وركبَتْ صَومَها وعُرعُرَها

أي ساء خلقها وقال غيره : معناه أنّها ركبت القَذِر من أفعالها. وأراد بعرعرتها

٧٧

عُرّتها. وكذلك الصَّوم عُرَّة النعام.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال في مثل : «عُرَّ فقرَه بفيه لعلَّه يُلهيه». يقول : خَلِّه وغَيَّه إذا لم يُطِعْك في الإرشاد فلعلَّه أن يقع في هَلكة تُلهيه عنك وتشغله. وقال قيس بن زهير :

يا قومنا لا تعرُّونا بداهية

يا قومنا واذكروا الآباء والقُدَما

وقال ابنُ الأعرابيّ : يقال عُرّ فلانٌ ، إذا لقّب بلقبٍ يعرُّه.

قال : وعَرَّ ، إذا نقصَ ، وعَرَّه يعُرُّه ، إذا لقَّبه بما يَشينُه. وعَرّ يعُرُّ ، إذا صادفَ نوبتَه من الماء وغيره.

وقال أبو عمرو : العُرَّى : المَعِيهة من النساء.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العَرَّة : الخَلَّة القبيحة. وقال أبو عمرو : العِرار القتال ، يقال عاررتُه إذا قاتلتَه.

رع : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الرَّعّ السكون.

وقال أبو عبيد : المترعرِع هو المتحرِّك.

قلت : وسمعتُ العربَ تقول للقصَب الرَّطب إذا طال في منبته : قَصَبٌ رعراع.

ومنه قيل للغلام الذي شبَّ وامتدّت قامته : رعراعٌ ورَعْرَع ، والجميع رَعارع. ومنه قول لبيد :

ألَا إنَّ إخوانَ الشَّباب الرَّعارعُ

ويقال رعرعَ الفارسُ دابّتَه ، إذا كان ريّضاً فركِبه ليروضَه ويُذلَّه. وقال أبو وَجْزة السعديّ :

تَرِعاً يرعرعه الغلامُ كأنّه

صَدَعٌ ينازع هِزَّةً ومِراحا

وقال شِمر فيما قرأت بخطِّه : الرَّعاع كالرَّجاج من الناس ، وهم الرُّذَالُ والضُّعفاء ، وهم الذين إذا فزِعوا طاروا. قال : وقال أبو العميثل : يقال للنعامة رَعَاعة ، لأنها كأنّها أبداً منخوبة فزعة.

وقال ابن دريد : الرعرعة : اضطراب الماء الصافي الرَّقيق على الأرض ، ومنه قيل غلامٌ رعرَع. قال : ويقال ترعرعت سِنُّه وتزعزعت ، إذا نَغَضت.

باب العين واللام

[ع ل]

عل ، لع : مستعملان.

عل : قال أبو زيد في كتاب «النوادر» : يقال هما أخوان من عَلّة ، وهما ابنا عَلّةٍ ، إذا كانت أُمَّاتهما شتّى والأب واحد وهم بنو العَلَّات ، وهم من عَلَّات ، وهم إخوةٌ من عَلَّةٍ وعَلَّاتٍ. كلُّ هذا من كلامهم. ونحن أخَوَانِ من عَلّة ، وهو أخي من عَلّة : من ضَرّتين ، ولم يقولوا من ضَرّة. والعَلّة : الرابَّة. وبنو العَلَّات : بنو رجلٍ واحدٍ من أُمَّهاتٍ شتّى.

وقال ابن شميل : هو بنو عَلّةٍ وأولاد عَلّة.

وقال أوس بن حَجَر :

وهمْ لمقلِّ المال أولادُ عَلّةٍ

وإن كان محضاً في العمومة مُخْوَلا

أبو عبيد عن الأصمعيّ : تعلَّلتُ بالمرأة تعلُّلاً ، أي لهوتُ بها. ويقال علَّلَنا فلانٌ بأغانيهِ ، إذا غنّاهم بأغنيّة بعد أخرى.

وقال أبو عمرو : العليلة : المرأة المطيَّبة

٧٨

طيباً بعد طِيب. قال : ومنه قول امرىء القيس :

ولا تُبعِدِيني من جَنَاكِ المُعلَّلِ

أي المطيَّب مرة بعد أخرى. ومن رواه «المعلِّل» فهو الذي يعلِّل مُترشِّفه بالريق.

وقال ابن الأعرابي : المعلِّل : المُعِين بالبرّ بعد البرّ. قال : والمعلِّل : دافع جابي الخَراج بالعِلل.

وفي الحديث : «يتوارث بنو الأعيان من الأخوات دون بني العَلّات» ، أي يتوارث بنو الإخوة للأب والأمّ دون الإخوة للأب.

والعِلال هو الحلب قبل استيجاب الضرع للحلب بكثرة اللبن.

وقال بعض الأعراب فيه :

العَنز تعلم أنّى لا أكرّمها

عن العِلالِ ولا عن قِدر أضيافي

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : العُلالة والعُراكة والدُّلاكة : ما حلبتَه قبل الفِيقة الأولى وقبل أن تجتمع الثانية. ويقال لأوّل جري الفرس بُداهتُه ، وللذي يكون بعده عُلالته. وقال الأعشى :

إلّا عُلالةَ أو بُدا

هةَ سابحٍ نهد الجُزاره

علَ ولعلَ حرفان وُضِعا للترجّي في قول النحويّين. وأثبِتَ عن ابن الأنباريّ أنه قال : لعلّ يكون ترجياً ، ويكون بمعنى كي ، ويكون ظنّاً كقولك : لعلّي أحجّ العامَ ، معناه أظنُّني سأحجّ. ويكون بمعنى عَسَى لعل عبد الله يقوم معناه عسى عبد الله. ويكون بمعنى الاستفهام كقولك : لعلَّك تشتمني فأعاقبَك ، معناه هل تشتمني؟

وأخبرني المنذريّ عن الحسين بن فهم أنّ محمد بن سلّام أخبره عن يونس أنه سأله عن قول الله تعالى : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) [الكهف : ٦] ، و (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) [هود : ١٢] قال : معناه كأنّك فاعل ذلك إن لم يؤمنوا. قال : ولعلّ لها مواضع في كلام العرب ، من ذلك قوله : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النُّور : ٢٧] و (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [طه : ١١٣] و (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ) [طه : ٤٤] قال : معناه كي تذكروا ، وكي يتقوا ، كقولك : ابعثْ إليّ بدابّتك لعلّي أركبها ، بمعنى كي.

قال : وتقول انطلقْ بنا لعلّنا نتحدّث ، أي كي نتحدّث.

الحرّاني عن ابن السكيت : في لعلّ لغات ، يقول بعض العرب لعلّي ، وبعضهم لعلّني ، وبعضهم لعَنِّي ، وبعضهم عَلِّي ، وبعضهم علِّني ، وبعضهم لأنّي ، وبعضهم لأنّني ، وبعضهم لوَنَّني. وقال العجاج حاكياً قول ابنته :

يا أبتا عَلَّكَ أو عساكا

ويقال : تعاللتُ نفسي وتلوَّمْتها ، أي استزدتها.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا وردت الإبلُ الماءَ فالسَّقْية الأولى النَّهَل ، والثانية العَلَل.

قلت : وسمعتُ العرب تقول : عَلَّت الإبل تَعِلّ ، إذا شربت الشربة الثانية ، وقد عللتُها أنا أعُلُّها ، بضم العين.

٧٩

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ : علّ الرجلُ يَعِلُ من المرض ، وعلّ يعِلّ ويَعُلُ من عَلَل الشَّراب. وقد اعتلَ العليل عِلَّةً صعبة.

وقال أبو عبيد : يقال عرضَ عليَ سَومَ عالَّةٍ ، إذا عرضَ عليك الطّعامَ وأنت مُستغنٍ عنه ، وهو كقولهم : عَرْضَ سابِرِيٍّ.

أبو عبيد : العَلُ : الكبير المُسِنّ. والعَلُ : القُراد. والجمع أعلال. قاله الأصمعيّ ، قال : وبه شبِّه الرجل الضعيف ، فيقال كأنّه عَلّ.

أبو عبيد عن أبي عبيدة : اليعلول : المطر بعد المطر ، وجمعه اليعاليل. قال : واليعاليل أيضاً : حَباب الماء. قال : وقال الأصمعي : اليعلول : غدير أبيض مطّرد. قال : وهو السَّحاب المطَّرد أيضاً.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : العُلعُل : اسم ذكر الرجُل. والعُلعل : ذكر القَنَابر.

والعُلعُل : طرف الضِّلع التي تُشرف على الرَّهابة وهي طرف المعدة. قال : ويُجمع العلعلُ منها كلها على عُلُل وعَلالل. قال : والعُلُل أيضاً : جمع العَلول ، وهو ما يعلَّل به المريض من الطعام الخفيف ، فإذا قوِيَ أكله فهو الغُلُل جمع غَلول.

وقال اللِّحياني : عاللت الناقةَ عِلالاً ، إذا حلبتَها صباحاً ومساءً ونصف النهار وقال أبو زيد : العُلالة : أن تحلب الناقة أوّلَ النهار وآخرَه وتحلب وسط النهار ، فتلك الحلبة الوسطى هي العُلالة ، وقد يُدعَى كلُّهن عُلالة.

وقال الفراء : يقال إنه لفي عُلعُولِ شرٍّ وزُلزُول شَرّ ، أي في قتال واضطراب.

وقال أبو سعيد : تقول العرب : أنا عَلَّانُ بأرضِ كذا كذا ، أي جاهل.

قال : وامرأة علّانة : جاهلة. قال : وهي لغة معروفة.

قلت : لا أعرف هذا الحرف ولا أدري من رواه عن أبي سعيد.

وقال الفراء : العرب تقول للعاثر : لعاً لك وتقول عَلْ ولَعَلْ ، وعَلَّك ولعلَّك واحد.

وقال الفرزدق :

إذا عثَرت بي قلت عَلّكِ وانتهى

إلى باب أبواب الوليد كلالُها

وأنشد أيضاً :

فهنّ على أكتافهم ورماحهم

يقلن لمن أدركن تَعْساً ولا لَعَلْ

قلت : شُدِّدت اللام في قولهم عَلَّكِ لأنهم أرادوا عَلْ لك. وكذلك لعلَّك إنما هو لَعَلْ لك.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للبعير ذي السَّنامين : يَعلول ، وقِرعَوْس ، وعُصفوريّ.

لع : أبو عبيد عن أبي زيد : لعلع فلانٌ عظمَ فلانٍ ، إذا كسره. قال : وقال أبو عمرو : فلان يتلعلع من الجوع والعطش ، أي يتضوّر.

واللَّعلَع : السراب. ولعلعتُه : بصيصُه.

ولَعلَعٌ : ماء في البادية معروف ، وقد وردتُه.

أبو عبيد عن الفراء : اللُّعَاع : أوّل النبت ، وقد ألعَّتْ الأرضُ.

٨٠