تهذيب اللغة - ج ١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

وهما القصيرانِ في دَمامة. وقد عَشُب عُشوبةً وعَشابة.

وقال ابن السكيت : إذا رعَى البعيرُ العُشبَ قيل عاشب. قال : وبَلَدٌ عاشبٌ وقد أعشَبَ ، أي ذو عُشْب. وأرضٌ مُعْشِبة وعَشيبة : كثيرة العُشب.

وقال اللِّحيانيّ : يقال هذه أرضٌ فيها تعاشيب ، إذا كانَ فيها ألوانُ العُشْب.

عبش : أهمله الليث. وروى أبو عُمَر عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : العَبْش الصَّلاح في كلّ شيء. قال : والعرب تقول : الخِتان عَبْشٌ لِلصَّبيِّ ، أي صلاحٌ ، بالباء. وذكره في موضع آخر العَمْش بالميم. وقد ذكره الليث في كتابه فهما لغتان. يقال الخِتان صلاحٌ للولد فاعمِشوه واعبِشُوه. وكلتا اللغتين صحيحة.

وقال ابن دريد : العَبْش : الغباوة. ورجلٌ به عُبْشة.

شعب : قال الله جلّ وعزّ : (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا) [الحُجرَات : ١٣] قال الفراء : الشُّعوب أكبر من القبائل ، والقبائل أكبر من الأفخاذ.

أبو عبيد عن ابن الكلبيّ أنه قال : الشَّعْب أكبر من القبيلة ، ثم القبيلة ، ثم العمارة ، ثم البطن ، ثم الفَخِذ.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب قال : أُخِذت القبائل من قبائل الرأس لاجتماعها. قال : ومنها الشَّعب والشُّعوب ، والقبائل دونها.

وقال الليث : الشَّعب : ما تشعَّب من قبائل العرب والعجم. والجميع الشُّعوب. قال : والشُّعوبيُ : الذي يصغِّر شأنَ العرب ولا يرى لهم فضلاً على غيرهم.

وروَى أبو عبيدٍ بإسنادٍ له حديثاً عن مسروق أنّ رجلاً من الشُّعوب أسلمَ فكانت تؤخذ منه الجزية ، فأمر عُمر بألّا تؤخَذ منه.

قال أبو عبيد : والشُّعوب هاهنا : العجم ، وفي غير هذا الموضع أكثر من القبائل.

وأخبرني المنذريُّ عن أبي الهيثم أنه قال : الشَّعب شَعْب الرأس : يعني شأنَه الذي يضُمُّ قبائله. قال : وفي الرأس أربعُ قبائل. وأنشد :

فإنْ أودَى معاويةُ بن صخرٍ

فبشِّر شَعبَ رأسك بانصداعِ

قال : والشَّعب : أبو القبائل الذي ينتسبون إليه ، يعني يجمعهم ويضمُّهم. قال : ويقال شَعَبتُه ، أي فرّقته. وشعَبتُه ، أي أصلحته.

قال : والشَّعيب : المزادة ، سمِّيت شعيباً لأنها من قطعتين شُعِبتْ إحداهما إلى الأخرى ، أي ضُمَّتْ. وأنشد أبو عبيدٍ لعليّ بن الغدير الغَنَويّ في الشَّعب بمعنى التفريق :

وإذا رأيت المرءَ يشعَبُ أمره

شَعْبَ العصا ويَلجُّ في العِصيانِ

قال : معناه يفرِّق في أمرَه.

وروي عن ابن عبّاس أنّ رجلاً قال له : ما هذه الفُتيا التي شعَبت الناس.

قال أبو عبيد : معنى شَعَبَتْ فرّقت الناسَ. وقال الأصمعيّ : شعبَ الرجلُ أمرَه ، إذا فرَّقَه وشتَّته. قال أبو عبيد : ويكون الشَّعب

٢٨١

بمعنى الإصلاح. وهذا الحرف من الأضداد. وأنشد للطِرمّاح :

شَتَ شَعبُ الحيِّ بعد التئامْ

وشجاكَ اليومَ رَبعُ المُقَامْ

إنّما هو شَتَّ الجميع ومنه شَعْب الصَّدع في الإناء ، إنّما هو إصلاحُه وملاءمته ونحو ذلك.

وقال ابن السكيت في الشعب إنه يكون بمعنيين : يكون إصلاحاً ، ويكون تفريقاً.

وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : يقال أقَصَّته شَعوبُ إقصاصاً ، إذا أشرف على المنية ثم نجا ، وشَعوبُ : اسم المنيّة معرفةٌ لا تنصرف.

أخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم : يقال شعَبتْه شَعوبُ فأشعَبَ ، أراد بشعوب المنية. فأشعَبَ ، أي مات.

وقال ابن السكيت : أشعبَ الرجلُ ، إذا ماتَ أو فارقَ فِراقاً لا يرجع. وقال غيره : انشعبَ الرجلُ ، إذا مات. وأنشد :

لاقَى التي تشعَبُ الأحياء فانشعبا

وقال الليث : الشَّعْب : الصَّدْع الذي يشعبه الشَّعَّاب. والمِشْعَب : مِثقَبُه. والشُّعْبة : القطعة التي يُوصَل بها الشَّعب من القَدَح.

قال ويقال أشعبَه فما يَنْشعِب ، أي ما يلتئم. قال : والتأم شَعب بني فلانٍ ، إذا كانوا متفرِّقين فاجتمعوا. قال : ويقال تفرَّق شَعبُهم. وهذا من عجائب كلامهم.

قال : وانشعبَ الطريقُ ، إذا تفرَّق.

وانشعَبَ النَّهر ، وانشعبت أغصانُ الشجرة. قال : ويقال هذه عَصاً في رأسها شُعبتانِ.

قلت : وسماعي من العرب عصاً في رأسها شُعبان بغير تاء.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إذا قَعَد الرجلُ من المرأة بين شُعَبها الأربع اغتسلَ» ، وقال بعضُهم : شُعَبها الأربع : يداها ورجلاها ، كُنِي به عن الإيلاج. وقال غيره : شُعَبها الأربع : رجلاها وشُفْرا فرجها كنَّى بذلك عن تغييبه الحشفة في فرجها.

وقال الليث : شُعَب الجبال رؤوسها. وأقطارُ الفرس : شُعَبُه ، وهي عُنقُه ومَنْسِجهُ وما أشرف منه. وأنشد :

أشمُّ خنذيذٌ منيفٌ شُعَبُه

وشُعَب الدهر : حالاته. وأنشد قول ذي الرمّة :

ولا تَقَسَّمَ شَعباً واحداً شُعَبُ

أي ظننتُ ألّا يتقسَّم الأمر الواحدَ أمورٌ كثيرة.

قلت : لم يجوِّد الليثُ في تفسير البيت. ومعناه أنّه وصف أحياءً كانوا مجتمعين في الرَّبيع ، فلمَّا قَصَدوا المَحاضرَ تقسَّمتهم المياه. وشُعَب القوم : نِيَّاتُهم في هذا البيت ، وكانت لكلّ فرقةٍ منهم نيَّةٌ غير نيَّة الآخرين ، فقال : ما كنت أظنُّ أنّ نيّات مختلفةً تفرِّق نيّةً مجتمعة. وذلك أنَّهم كانوا في منتواهم ومنتجعهم مجتمعين على نيّة واحدة ، فلمَّا هاجَ العُشبُ ونَشَّت الغُدرانُ توزَّعتْهم المحاضر ، فهذا معنى قوله :

٢٨٢

ولا تَقَسَّم شعباً واحداً شُعَبُ

وأوَّلُه :

لا أحسب الدهرَ يُبلِي جِدَّةً أبداً

ولا تَقسَّمَ شعباً واحداً شُعَبُ

وقال الليث : مَشعَب الحقّ : طريق الحق.

وقال الكميت :

وما ليَ إلّا مَشعَبَ الحقِ مَشْعَبُ

قال : وظبْيٌ أشعبُ ، إذا انفرقَ قرناه فتباينا بينونةً شديدة.

وقال ابن شميل : تَيسٌ أشعبُ ، إذا انكسر قرنُه. وعنزٌ شَعْباء.

وقال أبو عمرو : الأشعب : الظَّبْي الذي قد انشعَبَ قرناه ، أي تباعد ما بينهما.

وقال الليث : والشَّعب : ما انفرج بين جبلين. وقال ابن شميل : الشعب : مسيل الماء في بطن من الأرض له حرفان مشرفان ، وعرضُه بطحةُ رجلٍ إذا انبطح.

وقد يكون بين سندَيْ جبلين.

وقال الليث : الشُّعَب : الأصابع قال : والزرع يكون على ورقةٍ ثمّ يشعِّب. قال : ويقال للميت : قد انشعَبَ. وأنشد لسهمٍ الغنويّ :

حتّى يصادفَ مالاً أو يقالَ فتًى

لاقَى التي تَشعَبُ الفِتيانَ فانشعبا

قال : والشِّعب : سِمَةٌ لبني مِنقَر كهيئة المِحجَن وصورته. وجَمَلٌ مشعوب (١).

وشَعبان : اسم شهر. وشَعبانُ : حيٌّ من اليمن. وقال غيره : إليهم نُسِب الشَّعْبيّ.

والشُّعبة : صَدْعٌ في الجبل تأوي إليه الطُّيور.

وشَعَبعَب : موضع.

وقال الأصمعيّ : شَعَبه يَشعَبه شعباً ، إذا صَرَفَه. وشعَبَ اللجامُ الفرسَ ، إذا كفَّه.

وأنشد :

شاحِيَ فيه واللجامُ يشعَبُه

وقال ابن شميل : الشِّعاب : سِمةٌ في الفخذ في طولها ، خَطَّان يُلاقَى بين طرفيهما الأعليين ، والأسفلان متفرّقان. وأنشد :

نارٌ عليها سِمَةٌ الغواضرْ

الحَلْقتان والشِّعابُ الفاجرْ

يقال بعير مشعوب وإبل مشعَّبة. وقال غيره : شُعَبَى : اسم موضع في جبل طيّىء.

وقال الكسائيّ : العرب تقول : أبي لك وشعبي لك ، معناه فديتك. وأنشد :

قالت رأيت رجلاً شَعْبِي لكِ

مُرَجّلاً حسبتُه ترجيلَك

قال : ومعناه رأيت رجلاً فديتك شبَّهتُه إياك.

وقال الأصمعيّ : يسمَّى الرَّحْلُ شَعِيباً.

ومنه قول المرّار يصف ناقةً :

إذا هي خَرَّت خَرَّ مِن عَن شِمالها

شَعِيبٌ به إجمامُها ولُغوبها

يعني الرَّحْلَ لأنّه مشعوبٌ بعضُه إلى بعض ، أي مضموم ، وكذلك المزادَة

__________________

(١) في «اللسان» (شعب): «جمل مشعوب ، وإبل مشعَّبة : موسوم بها.

٢٨٣

سميت شَعيباً لأنَّه ضُمَّ بعضُها إلى بعض.

وقال شمر عن ابن الأعرابيّ : الشَّعِيب : المزادة من أديمَين يُقابَلان ليس فيهما فئام في زواياهما. وقال الراعي يصف إبلاً ترعى في العَزيب :

إذا لم تَرُح أدَّى إليها معجِّلٌ

شعيبَ أديم ذا فِراغَينِ مُترعا

يعني : ذا أديمين قُوبِل بينهما. قال : والشَّعيب مثل السَّطيحة.

شبع : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «المتشبِّع بما لا يَملك كلابسِ ثَوبَيْ زُور» قال أبو عبيد : يعني المتزيِّن بأكثر ممّا عنده يتكثَّر بذلك ويتزيَّن بالباطل ، كالمرأة تكون للرجل ولها ضرائر ، فتتشبّع تدَّعي من الحُظوة عند زوجها بأكثر مما عنده لها ، تريد بذلك غَيظَ جارتها وإدخالَ الأذى عليها ، وكذلك هذا في الرجال. ومعنى ثَوْبَي الزُّور : أن يُعمَد إلى الكُمَّينِ فيُوصَلَ بهما كُمَّانِ آخَرانِ ، فمن نظر إليهما ظنَّهما ثوبين.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الشِّبْع من الطعام : ما يكفيك. والشِّبَع المصدر. يقال قدِّمْ إليَ شِبْعي. قال : والشَّبْع : غلظ السَّاقين. والشِّبْع : مصدر شَبِع يشبَعُ شِبَعاً.

قال الليث قال : الشِّبْع : اسم ما أشبعَ من الطَّعام وغيره. وأنشد :

وكلُّكمُ قد نال شِبْعاً لبطنه

وشِبْع الفتى لؤمٌ إذا جاعَ صاحبُه

ورجلٌ شَبْعانُ وامرأةٌ شَبْعى وشَبعانة. وقال غيره : امرأةٌ شَبعَى الوشاحِ ، إذا كانت مُفاضةً. وامرأته شَبعى الدِّرع ، إذا كانت ضخمةً. ويقال : أشبعتُ الثوبَ صِبْغاً. وكلُّ شيءٍ توفّره فقد أشبعتَه حتّى الكلام يُشْبَع فيوفَّر حروفُه.

وجاء في الحديث أنّ زمزمَ كان يقال لها شُباعة في الجاهلية ؛ لأنّ ماءها يُروِي العَطْشان ويُشْبع الغَرثان.

وقال أبو زيد : هذا ثوبٌ شَبيع وثيابٌ شُبُع ، إذا أكثروا غزل الثوب وثَلّة الحَبْل ، وهو صوفُه أو شعره وَوبره.

ابن السكيت : يقال هذا بلدٌ قد شَبِعتْ غنمُه ، إذا وُصِف بكثرة النَّبْت ، وهذا بلدٌ قد شُبِّعتْ غنمُه ، إذا قاربت الشِّبَع ولم تَشْبَعْ.

وقال ابن الأعرابيّ : شَبُع عقلُه فهو شَبيع ؛ ورجلٌ مُشْبَع العقل وشبيع العقل ، أخبرني بذلك المنذريّ عن ثعلب عنه.

بشع : قال الليث : البَشَع : طعمٌ كريةٌ فيه حُفوفٌ ومرارةٌ كطعم الهَليلَج قال : ورجلٌ بَشِع الفم وامرأةٌ بشِعة الفم ، إذا كان رائحة فمهما كريهة لا يتخللان ولا يستاكان والمصدر البَشَع والبَشاعة. ورجلٌ بَشِع الخُلُق ، إذا كان سيِّيء العِشرة والخُلق. ورجلٌ بَشِع المنظر ، إذا كان دميماً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : البَشِع : الخَشِن من الطَّعام واللِّباس والكلام.

وقال ابن شميل : رجلٌ بَشِع النَّفس ، أي خبيث النَّفْس. وبَشِع الوجْه ، إذا كان

٢٨٤

عابساً باسراً. وثوبٌ بَشِعٌ : خَشِن. وأكلنا طعاماً بَشِعاً ، أي حافّاً يابساً لا أُدْمَ فيه.

وخَشَبة بَشِعة : كثيرةُ الأُبَن.

وقال ابن دُريد : البَشَع : تَضايُق الحَلْق بطعامٍ خَشِن. قال : وبَشِعَ الوادي بشَعاً ، إذا تضايقَ بالماء. وبَشِعْتُ بهذا الأمر : ضِقتُ به ذَرْعاً. وكلامٌ بَشِعٌ : خَشِن.

باب العين والشين مع الميم

[ع ش م]

عشم ، عمش ، شعم ، شمع ، معش ، مشع : مستعملات.

عشم : أبو عبيد عن الأصمعي : شيخٌ عَشَمة.

وقاله أبو عبيدة.

وقال أبو عمرو : العَشَم : الشيوخ. وقال ابن الأعرابي : العُشُم : ضربٌ من الشجر ، واحده عاشم وعَشِم.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : العَيشوم ؛ نبت.

وقال الليث : هو ما يبِس من الحُمَّاض.

وأنشد :

كما تَناوحَ يومَ الرِّيح عَيشومُ

قلت : العَيشوم : نبتٌ غير الحُمَّاض ، وهو من الخُلَّة يشبه الثُّدَّاء.

وقال الليث : عَشمَ الخبزُ يَعشِم عُشوماً ، وخبزٌ عاشم.

قلت : لا أعرف العاشم في باب الخُبز.

والعُسوم بالسين : كِسَر الخُبز اليابسة ، قاله يونس فيما رواه شمر.

عمش : أبو زيد : الأعمش : الفاسد العين الذي تَغْسِق عيناه. ومثله الأرمَص.

وقال الليث العَمَش : ألّا تزال العينُ تُسيل الدَّمع ، ولا يكاد الأعمش يُبصر بها. والمرأة عمشاءُ. والفعل عَمِشَ يَعمِشُ عَمَشاً.

قال : والعَمْش : ما يكون فيه صلاحُ البدن. يقال الخِتان عَمْشٌ للغلام ؛ لأنه يُرَى فيه بعد ذلك زيادة. وهذا طعامٌ عَمِشٌ لك ، أي موافقٌ لك.

وقال ابن الأعرابي مثله في العَمْش ، أنّه صلاحُ البدن. وقال : يقال اعمِشُوه ، أي طهِّروه ، يعني الغلام.

وقال غيره : عَمِشَ جسمُ المريضُ ، إذا ثابَ إليه. وقد عمَّشه الله تعميشاً. وفلانٌ لا تَعمِش فيه الموعظةُ ، أي لا تنجع. وقد عَمَش فيه قولُك ، أي نجع.

وقال ابن الأعرابي : العُمْشوش : العُنقود يؤكل ما عليه ويُترك بعضُه ، وهو العُمشوقُ أيضاً ، حكاه أحمد بن يحيى عنه.

ويقال تعامَشْتُ أمر كذا وتعامستُه وتعامصتُه ، وتغاطسته وتغاطشته ، وتعاشيتُه ، كلُّه بمعنى تغابيتُه.

شعم : أهمله الليث. روى أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : الشَّعْم : الإصلاح بين الناس. وهو حرفٌ غَريب.

وقال أبو الحسن اللِّحياني : رجلٌ شُعمومٌ وشُغْمومٌ ، بالعين والغين ، أي طويل.

معش : أهمله اللّيث : وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنّه قال : المَعْش بالشين : الدَّلك الرَّفيق.

قلت : وهو المَعْس بالسِّين أيضاً ، يقال

٢٨٥

مَعَسَ إهابَه مَعْساً. وكأنَ المَعْشَ أهْوَنُ من المَعْس.

شمع : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «مَن يتتبَّع المَشْمَعَة يُشمِّع الله به». قال القتيبيّ :

المَشْمعة : المُزاح والضّحِك. وقال المتنخّل الهذلي :

سأبدؤهم بمَشمَعةٍ وأَثْنِي

بجُهدي من طعامٍ أو بِساطِ

يريد أنَّه يبدأ أضيافَه عند نزولهم بالمُزاح والمضاحكة ، ليؤنسهم بذلك.

قال : ويقال شَمَع الرجلُ يَشمَع شُموعاً ، إذا لم يَجِدَّ. ومنه قول أبي ذؤيب الهذليّ :

فيجِدُّ حيناً في العلاج ويَشْمَعُ

وأراد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ مَن كان مِن شأنه العبثُ بالناس والاستهزاء ، أصاره الله إلى حالةٍ يُعبَث به فيها ويُستهزأ به منه.

وقال أبو عبيد : الشَّموع : المرأة اللعوب الضَّحوك.

وقال ابن السكّيت : قُلِ الشَّمَع للمُومِ ولا تقل الشَّمْع.

وقال الليث : أشمَع السِّراجُ ، إذا سطع نورُه. وأنشد :

كلمعِ بَرقٍ أو سراجٍ أَشمَعا

مشع : قال الليث : المَشْع : نوعٌ من الأكل.

يقال مَشَعتُ القِثّاءَ مشعاً ، أي مَضَغته.

ثعلب عن ابن الأعرابي : المَشْع : السَّير السهل. والمَشْع : أكل القِثّاء وغيره مما له جَرْسٌ عند الأكل. قال : ويقال مشّعْنا القَصْعة تمشيعاً ، أي أكلنا كلَّ ما فيها.

أبو عبيد عن الفراء : مَشع فلانٌ يَمشَع مَشْعاً ، إذا جَمَع وكسَب.

الأصمعي : امتشع السيف من غمده ، إذا امتعَدَه وسلّه مُسرِعاً.

وقال ابن الفرج : سمعت خليفةَ الحصينيَّ يقول : امتشعتُ ما في الضرع وامتشقته ، إذا لم تدع فيه شيئاً. قال : وكذلك امتشعت ما في يد الرجل وامتشقته ، إذا أخذت ما في يده كله. قال : وامتَشَعَ سيفَه وامتلخه ، إذا استلّه.

وروى ابن شميل حديثاً أنه نُهِيَ أن يتَمشّع برَوْثٍ أو عَظْم.

قال : والتمشُّع : التَّمسُّح في الاستنجاء.

قلت : وهو حرف صحيح. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : تمشَّعَ الرجُل وامتشَّ ، إذا أزالَ الأذى عنه.

أبواب العين والضاد

(ع ض ص) ـ (ع ض س) ـ (ع ض ز)

مهملات الوجوه.

باب العين والضاد مع الطاء

[ع ض ط]

عضط : قال ابن دريد : العِضيَوط : الذي يُحدث إذا جامَعَ ، ويقال له العِذْيَوطُ.

ويقال للأحمق : أذوَط وأضْوَط.

باب العين والضاد مع الدال

[ع ض د]

استعمل من وجوهه : عضد : قال الله جلّ وعزّ : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) [القَصَص : ٣٥] قال الزجاج : أي سنُعينك بأخيك. قال : ولفظ العضد على

٢٨٦

جهة المثل ، لأنّ اليدَ فوقها عضدها ؛ وكلّ معينٍ فهو عَضُد. وعاضَدَني فلانٌ على فلانٍ ، أي عاونَني.

أبو عبيد عن أبي زيد : أهل تهامة يقولون العُضُد والعُجُز. فيؤنّثونهما ، وتميم تقول العَضُد والعَجُز ويذكِّرون ، وفيه لغتان أخريان عَضْدٌ وعُضْد. وقال جلّ وعزّ : (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) [الكهف : ٥١]. وقرىء : (كنتَ) ، أي ما كنت يا محمد لتتّخذ المضلِّين أنصاراً.

وعضُد الرجل : أنصارُه وأعوانه.

والاعتضاد : التقوِّي والاستعانة.

وقال الليث : العضُد : ما بين المَرفِق إلى الكتف ، وهما العَضُدَان ، والجميع الأعضاد. وفلانٌ يَعضُد فلاناً ، أي يُعِينه. قال : واليَعْضِيد : بقلةٌ من بقول الربيع فيه مرارة.

أبو عبيد عن أبي زيد : عَضُد الحوض : من إزائه إلى مؤخّره. والإزاء : مصبُّ الماء فيه. قال الليث : وجمعه أعضادٌ.

وأنشد للبيد :

راسخ الدِّمْنِ على أعضاده

ثلمتْهُ كلُّ ريحٍ وسَبَلْ

يصف الحوضَ الذي قد طال عهدُه بالواردة.

وقال أبو عبيد : المعضّد : الثوب المخطَّط. قال : وقال أبو زيد : يقال لأعلى ظَلِفَتي الرَّحْل ممّا يلي العَرَاقِي العَضُدان ، وأسفلهما الظَّلِفتان ، وهما ما سَفَلَ من الحِنْوَين : الواسط والمؤخرة.

وقال الليث : للرَّحْل العَضُدان ، وهما خشبتان لصيقتانِ بأسفل الواسط. قال : وعِضادتا الإبزيم من الجانبين ، وما كان نحو ذلك فهو العِضادة.

قلت : وعضادتا الباب : الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل وشِماله.

ويقال فلانٌ عَضُدُ فلانٍ ، وعِضادته ، ومُعاضِده ، إذا كان يعاونه ويرافقه. وقال لبيد :

أو مِسحَلٌ سَنِقٌ عِضادةُ سَمحجٍ

بسَراتها نَدَبٌ له وكُلومُ

يقول : هو يَعضُدها يكون مرّةً عن يمينها ومرّةً عن يسارها لا يفارقها : والعاضد : الذي يمشي إلى جانب دابّةٍ عن يمينه أو عن يساره. وقد عَضَد يعضُد عُضوداً ، والبعير معضود. وقال الراجز :

ساقَتُها أربعةٌ كالأشطانْ

يَعضُدها اثنان ويتلوها اثنانْ

ويقال اعضُدْ بعيرك ولا تَتْلُه. وعضَد البعيرُ البعيرَ ، إذا أخذَه بِعضُده فصرعه ، وضَبَعَه إذا أخذه بضَبْعه. وحمار عَضِدٌ وعاضد ، إذا ضمَّ الأتُن من جوانبها.

وقال أبو عمرو : العضادتان : العودان اللذان في النِّير الذي يكون على عُنُق ثور العَجَلة. قال : والواسط : الذي يكون وسطَ النِّير.

وقال الكسائيّ : يقال للدُّملج المِعضَدَةُ ، وجمعها مَعاضد.

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا صار للنخلة جِذعٌ يتناول منه المتناوِل فتلك النَّخلةُ

٢٨٧

العَضِيد ، وجمعها عِضْدانٌ. وقال غيره : عَضَدَ القتبُ البعيرَ عضْداً ، إذا عضَّه فعقَره. وقال ذو الرمة :

وهُنَّ على عَضْدِ الرِّحال صوابرُ

وعضَدَتها الرِّحالُ ، إذا ألحّتْ عليها.

وأعضاد البيت : نواحيه. والعَضَد : ما عُضِدَ من الشَّجر ، بمنزلة المعضود.

وقال النضر : أعضاد المزارع : جُدورها.

والعَضَد : داء يأخذ البعير في عَضُده ، ومنه قول النابغة :

شَكَّ المُبيطِرِ إذْ يَشفي من العَضَدِ

ورجلٌ عُضاديٌ : ضخم العضُد.

أبو عبيد عن أبي زيد : عضَدتُ الرجلَ أعضُده ، إذا أصبتَ عَضُده ، وكذلك إذا أعنتَه وكنت له عَضُداً.

وقال ابن شميل : اليَعضِيد : التَّرْخَجْقُوق.

وقال ابن السكيت : امرأةٌ عَضَادٌ. وقال المؤرّج : ويقال للرجل القصير عَضَاد.

وأنشد قول الهذليّ :

لها عُنُق لم تُبْلِهِ جَيْدريَّةٌ

عَضَادٌ ولا مكنوزةُ اللَّحم ضَمْرَزُ

عمرو عن أبيه : ناقةٌ عَضادٌ ، وهي التي لا تردُ النَّضيح حتى يَخلُوَ لها ، تنصرمُ عن الإبل. ويقال لها القَذُور.

ثعلب عن ابن الأعرابي : العرب تقول : فلانٌ يفُتُّ في عَضُد فلانٍ ويَقدح في ساقه. قال : فالعَضُد : أهل بيته. وساقُه : نَفسُه.

وقال أبو زيد : يقال : إذا نحرت الرِّيح من هذه العضُد أتاك الغيث ، يعني ناحية اليمين.

الأصمعيّ : السيف الذي يُمتَهَنُ في قطع الشجر يقال له المِعضَد. وقال ابن شميل : المعضاد : سيف يكون مع القصّابين يُقطَع به العظام.

(ع ض ت) ـ (ع ض ظ) ـ (ع ض ذ)

([ع ض ث])

أهملت وجوهها غير حرف واحدٍ.

[تعض] : في «نوادر الأعراب» : امرأة تَعضوضة. قلت : أراها الضيِّقة. والتَّعضوض : نوع من التَّمر.

قلت : والتاء فيهما ليست بأصلية ، وهي مثل ترنوق المَسِيل.

باب العين والضاد مع الراء

[ع ض ر]

عرض ، عضر ، ضرع ، رضع : مستعملة.

عرض : قال الله جلَّ وعزَّ : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا) [البَقَرَة : ٢٢٤] قال سلمة عن الفراء : يقول : لا تجعلوا الحلف بالله معترضاً مانعاً لكم أن تَبرُّوا ، فجعل العُرضة بمعنى المعترض.

ونحوَ ذلك قال أبو إسحاق الزجّاج.

وقال ابن دريد : يقال جعلتُ فلاناً عُرضةً لكذا وكذا ، أي نصبتُه له.

قلت : وهذا قريبٌ مما قاله النحويون ، لأنه إذا نُصِب فقد صار معترضاً مانعاً.

قلت : وقوله عُرضَة : فُعلة مِن عَرضَ يَعرِض.

٢٨٨

وكلُّ مانعٍ منعَكَ من شُغل وغيره من الأمراض فهو عارضٌ ، وقد عَرضَ عارضٌ ، أي حال حائلٌ ومنع مانع. ومنه قيل لا تَعرِضْ لفلانٍ ، أي لا تعترضْ له فتمنعَه باعتراضك أن يقصد مُرادَه ويذهب مذهبَه. ويقال سلكتُ طريقَ كذا فعرض لي في الطَّريق عارضٌ ، أي جبلٌ شامخ قطع عليَّ مذهبِي على صَوْبي.

وقال أبو عبيد عن الأصمعيّ : فلانٌ عُرضة للشَّرّ ، أي قويٌّ عليه. وفلانة عُرضةٌ للأزواج ، أي قويَّة على الزَّوْج.

قلت : وللعُرضة معنًى آخر ، وهو الذي يَعرِض له الناسُ بالمكروه ويقَعون فيه.

ومنه قول الشاعر :

وإنْ يَتركوا رهط الفَدَوْكسِ عُصبةً

يتامَى أيامَى عُرضةً للقبائل

أي نَصباً للقبائل يعترضهم بالمكروه مَن شاء.

وقال الليث : فلانٌ عُرضَةٌ للناس : لا يزالون يَقعون فيه.

وقول الله جلّ وعزّ : (يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) [الأعرَاف : ١٦٩] قال أبو عبيد : جميع متاع الدُّنيَا عَرَضٌ ، بفتح الراء. يقال : إنّ الدُّنيا عَرضٌ حاضر ، يأكل منها البَرُّ والفاجر. وأما العَرْض بسكون الراء فما خالفَ الثمنَين : الدَّنانيرَ والدراهم ، من متاع الدُّنيا وأثاثها ، وجمعه عُروض. فكل عَرْضٍ داخلٌ في العَرَض ، وليس كلُ عَرَضٍ عَرْضاً.

وقال الأصمعي : يقال عَرَضْتُ لفلانٍ من حقِّه ثوباً فأنا أعرِضه عَرضاً ، إذا أعطيتَه ثوباً أو متاعاً مكانَ حقِّه. و «من» في قولك عرضت له من حقّه بمعنى البدل ، كقول الله عزوجل : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) [الزّخرُف : ٦٠] يقول : لو نشاء لجعلنا بدلكم في الأرض ملائكة.

وقال الليث : عَرضَ فلانٌ من سِلعته ، إذا عارضَ بها : أعطى واحدةً وأخذَ أخرى.

وأنشد قول الراجز :

هل لكِ والعارِضُ منكِ عائضُ

في مائة يُسْئِر منها القابضُ

قلت : وهذا الرجز لأبي محمد الفقعسيّ يخاطب امرأةً خطبَها إلى نفسها ورغّبها في أن تنكحه بمائة من الإبل يَجعلها لها مهراً. وفيه تقديم وتأخير ، والمعنى : هل لكِ في مائة من الإبل يُسئر منها قابضُها الذي يسوقها لكثرتها. ثم قال : والعارض منك عائض ، أي المعطِي بدل بُضْعكِ عَرْضاً عائض ، أي آخذ عِوضاً يكون كِفاءً لما عَرَضَ منك. يقال عِضْتُ أَعاضُ ، إذا اعتضتَ عوضاً ، وعُضْتُ أعوض ، إذا عوَّضت عوضاً ، أي دفعت. فقوله عائض من عِضْت لا من عُضْت.

وقال الليث : العَرَض من أحداث الدهر من الموت والمرض ونحو ذلك. وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : العَرَض : الأمر يَعرِضُ للرجل يُبتَلَى به. قال : وقال أبو زيد : يقال أصابه سهمُ عَرَضٍ ، مضاف ، وَحَجَر عَرَض ، إذا تُعُمِّد به غيرُه فأصابه. فإن سقَطَ عليه حجرٌ من غير أن يَرمِيَ به أحدٌ فليس بعَرَض. ونحوَ ذلك قال النضر.

٢٨٩

ويقال : ما جاءك من الرأي عَرَضاً خيرٌ مما جاءك مُستكرَهاً ، أي ما جاءك من غير تروية ولا فكر. ويقال : عُلِّق فلانٌ فلانةَ عَرَضاً ، إذا رآها بغتةً من غير أنْ قصَدَ لرؤيتها فَعَلِقَها.

وقال ابن السكيت في قوله : «عُلِّقْتُها عرضاً» : أي كانت عَرَضاً من الأعراض اعترضَني من غير أن أطلبه. وأنشد :

وإمّا حُبّها عَرَضٌ وإمّا

بشاشة كلّ علقٍ مستفادِ

يقول : إما أن يكون الذي بي من حبِّها عَرَضاً لم أطلبه ، أو يكون عِلْقاً.

وقال اللِّحياني : العَرَض : ما عَرَضَ للإنسان من أمرٍ يحبِسُه ، من مرضٍ أو لُصوص. قال : وسألته عُراضةَ مالٍ ، وعَرْض مالٍ ، وعَرَض مالٍ فلم يُعطِنيهِ.

وقال ابن السكيت : عرضْت الجُندَ عَرْضاً.

قال : وقال يونس : فاتَه العَرَض بفتح الراء ، كما يقال قبضَ الشيء قَبْضاً ، وقد ألقاه ودخَلَ في القَبَض.

أبو عبيد عن الأصمعي : العَرْضَ : خِلاف الطُّول. ويقال عَرَضتُ العُودَ على الإناء أَعرُضُه. وقال غير الأصمعيّ : أعرِضُه.

وفي الحديث : «ولو بعودٍ تَعرُضُه عليه» ، أي تضعه معروضاً عليه.

وقال الأصمعي : العَرْض : الجبل. وأنشد :

كما تَدَهْدَى من العَرْض الجلاميدُ

ويشبّه الجيش الكثيف به فيقال : ما هو إلّا عَرْضٌ ، أي جبل. وأنشد :

إنّا إذا قُدنا لقومٍ عَرْضا

لم نُبقِ من بَغْي الأعادي عِضّا

والعَرْض : السَّحاب أيضاً ، يقال له عَرْض إذا استكثَفَ. قاله ابن السكيت وغيره.

يقال عرضتُ المتاعَ وغيره على البيع عَرْضاً. وكذلك عَرْض الجُنْدِ والكِتاب.

ويقال لا تَعرِضَ عَرْض فلان ، أي لا تذكرهُ بسوء.

ويقال عَرضَ الفرسُ يَعرِض عرضاً ، إذا مرَّ عارضاً في عَدْوه. وقال رؤبة :

يَعرِض حتَّى يَنصِبَ الخيشوما

وذلك إذا عدَا عارضاً صدرَه ورأسَه مائلاً.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه ذكر أهل الجنّة فقال : «لا يُبولُون ولا يتغوَّطون ، إنما هو عَرَق يَجرِي في أعراضهم مثل ريح المِسْك» قال أبو عبيد : قال الأمويّ : واحد الأعراضِ عِرْض ، وهو كل موضع يعرق من الجسد. يقال فلان طيّب العِرْض ، أي طيّب الريح. قال أبو عبيد : المعنى هاهنا في العِرْض أنه كل شيء في الجسد من المَغَابن ، وهي الأعراض. قال : وليس العِرض في النسب من هذا بشيء.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : العِرض : بدن كلِّ الحيوان.

والعِرضُ : النَّفْس.

قلت : فقوله «عَرَق يجري من أعراضهم» ، معناه من أبدانهم على قول ابن الأعرابيّ ، وهو أحْسَنُ من أن يُذهب به إلى أعراض المغابن.

وقال الأصمعيّ : رجل خبيث العِرض ، إذا

٢٩٠

كان مُنتِن الرِّيح. وسِقاءٌ خبيثُ العِرض ، أي مُنْتن الريح.

وقال اللحياني : لبَن طيِّب العِرض ، وامرأة طيّبة العرض ، أي الرِّيح. قال : والعِرْض : عِرض الإنسان ذُمَّ أو مُدِحَ ، وهو الجَسد.

قال : ورجلٌ عِرضٌ وامرأةٌ عِرضة ، وعِرَضْنٌ وعِرَضْنَة ، إذا كان يعترض الناسَ بالباطل.

وأخبرنا السعديّ عن الحسين بن الفرج عن علي بن عبد الله قال : قال سفيان في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «لَيُّ الواجد يُحِلُ عِرضَه وعقوبته» قال : عِرضُه أن يُغَلَّظ له.

وعقوبته الحَبْس.

قلت : معنى قوله «يُحلُ عِرضه» أن يُحِلّ ذمّ عِرضه لأنّه ظالم ، بعدما كان محرَّماً منه لا يحلّ له اقتراضه والطعن عليه.

وقال الليث : عِرض الرجل : حَسَبه. وقال غيره : العِرْض : وادي اليمامة. ويقال لكلِّ وادٍ فيه قُرًى ومياهٌ : عِرْض. وقال الراجز :

ألا ترى في كل عِرضٍ مُعْرِضِ

كلَّ رَدَاحٍ دَوْحة المحوَّضِ

وقال الأصمعيّ : أخصبَ ذلك العِرض ، وأخصبت أعراضُ المدينة ، وهي قُراها التي في أوديتها. وقال شمر : أعراض اليمامة هي بطونُ سوادِها حيث الزّرعُ والنخل.

وعَرَضَ الجيشَ عَرْضاً. وقد فاته العَرَض ، وهو العطاء والطمع. وقال عديّ بن زيد :

وما هذا بأول ما ألاقي

من الحَدَثان والعَرَض القريبِ

أي الطَّمع القريب. يقال أخذ القومُ أطماعَهم ، أي أرزاقهم.

وأمَّا العُرْض فهو ناحيةُ الشيء من أي جهةٍ جئتَه. يقال استعرض الخوارجُ الناس ، إذا قتلوهم من أيّ وجهٍ أمكنَهم. وقيل : استعرضوهم أي قتلوا من قدَروا عليه أو ظفِروا به ويقال اضربْ بهذا عُرضَ الحائط ، أي ناحيته وقال أبو عبيدة : عُرْضا أنفِ الفرس : مبتدأ ما انحدرَ من قصبة الأنف في حافتيه جميعاً.

وروي عن محمد بن علي أنه قال : «كُلِ الجُبُنَ عُرْضاً» قال أبو عبيدة : معناه اعترضْه واشترِه ممَّن وجدتَه ، ولا تسأل عن عَمَلِه ، أعمِلَه مسلمٌ أو غيره. وهو مأخوذ من عُرض الشيء ، وهو ناحيته.

وقال اللِّحياني : ألقِهِ في أيّ أعراض الدار شئتَ. الواحد عُرْضٌ وعَرْض وقال : خُذْهُ من عُرض الناس وعَرْضهم ، أي من أيّ شقٍّ شئتَ. وكلُّ شيء أمكنكَ من عُرضِه فهو مُعْرِض لك ، يقال أعرضَ لك الظَّبيُ فارمِه ، أي ولّاك عُرضَه ، أي ناحيته.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : العُرض : الجانب من كل شيء. والعُرُض مثقَّل : السَّير في جانب ، وهو محمودٌ في الخيل مذموم في الإبل. ومنه قوله

معترضاتٍ غيرَ عُرضيَّاتِ

أي يَلزَمْن المَحَجّة.

قال : والعَرَض : ما يَعرِض للإنسان من الهموم والأشغال. يقال عَرَض لي يَعرِض ، وعَرِضَ يَعرَض ، لغتان. قال :

٢٩١

والعِرْض : بدن كلّ الحيوان.

وقال الليث : العَروض : طريقٌ في عُرض الجبل ، والجميع عُرُضٌ ، وهو ما اعترضَ في عُرض الجبل. قال : وعُرض البحر والنهر كذلك.

ويقال جَرَى في عُرض الحديث ، ويقال في عُرض الناس ، كلُّ ذلك يُوصَف به الوسَط. قال لبيد :

فتوسَّطَا عُرضَ السَّرِيّ وصدّعا

مَسجورةً متجاوراً قُلَّامُهَا

قال : ويقال نظرتُ إليه عن عُرُض ، أي جانب. وأنشد :

ترَى الريشَ عن عُرضِهِ طامياً

كعَرضك فوقَ نِصالٍ نصالا

يصف ماءً صار ريشُ الطائر فوقَه بعضُه فوق بعض ، كما تعرِضُ نصلاً فوق نصل.

وفي حديث عمر أنه خطب فقال : «ألَا إنَّ الأُسَيفِعَ أُسَيفِعَ جُهينة رضيَ عن دينه وأمانته بأن يقال سابِقُ الحاجّ ، فادّانَ مُعرِضاً قد رِينَ به». قال أبو عبيد : قال أبو زيد في قوله «فادّانَ مُعرِضاً» يعني استدانَ مُعرضاً ، وهو الذي يعترضُ الناس فيستدِين ممَّن أمكنَه.

وروى أبو حاتم عن الأصمعيّ في قوله «فادّانَ مُعْرِضاً» ، أي أخذ الدَّينَ ولم يُبالِ ألّا يؤدّيَه. وقال شمر في مؤلَّفه : المُعرِض هاهنا بمعنى المعترض الذي يعترض لكل من يُقْرضه. قال : والعرب تقول : عَرَض لي الشيءُ وأعرض وتعرَّضَ واعترضَ بمعنًى واحد. قال شمر : ومن جَعَل المُعرِضَ مُعرضاً هاهنا بمعنى الممكن فهو وجْهٌ بعيد ، لأنَ معرِضاً منصوب على الحال لقولك ادّان ، فإذا فسَّرته أنه يأخذ ممن يمكنُه فالمُعْرِض هو الذي يُقرِضه ، لأنّه هو الممكن. قال شمر : ويكون المُعْرِضُ من قولك أعرضَ ثَوبُ المُلْبِس ، أي اتّسَعَ وعَرُض. وأنشد لطائي في أعرض بمعنى اعترض :

إذا أعرضَتْ للناظرِينَ بدا لهمْ

غِفارٌ بأعلى خدِّها وغِفارُ

قال : وغِفارٌ : مِيسمٌ يكون على الخدّ.

قال : ويقال أعرضَ لك الشيءُ ، أي بدا وظهَرَ. وأنشد :

إذا أعْرَضَتْ داويّةٌ مُدلهمَّةٌ

وغرّدَ حاديها فَرَيْنَ بها فِلْقَا

أي بدت.

وقال الفرَّاء في قول الله جلّ وعزّ : (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً) [الكهف : ١٠٠] أي أبرزْناهَا حتّى رأوها. قال : ولو جعلتَ الفعل لها زدتَ ألفاً فقلتَ أعرضَتْ ، أي استبانتْ وظهرتْ.

وأخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه قال في بيت ابن كلثوم :

وأعرضتِ اليمامةُ واشمخرَّتْ

أي أبدتْ عُرضَها. ويقال ذلك لجَبَلها وهو عارضُها.

وقال ابن قتيبة في قوله «فادّان مُعْرِضاً» أي استدانَ مُعْرِضاً عن الأداء مولِّياً عنه.

قال : ولم نجدْ أعرضَ بمعنى اعترض في

٢٩٢

كلام العرب. وقال ابن شميل في قوله «فادّانَ مُعْرِضاً» قال : يعرِض إذا قيل له لا تستدِنْ فلا يَقبَل.

أبو عبيد عن الأصمعيّ يقال عَرّضْتُ أهلي عُراضةً ؛ وهي الهديّةُ تُهديها لهم إذا قدِمتَ من سفَر. وأنشد للراجز :

يَقدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيانْ

حَمراء من مُعَرَّضات الغِربانْ

يعني أنها تَقْدُم الإبل فيسقُط الغرابُ على حِملها إن كان تمراً فيأكله ، فكأنّها أهدته له.

قال : ويقال قوسٌ عُرَاضة ، أي عريضة. ويقال للإبل : إنّها العُراضاتُ أثراً. وقال ساجعهم : «وأرْسِل العُراضاتِ أثراً ، يَبغينك في الأرض مَعْمراً» ، أي أرسل الإبلَ العريضة الآثار عليها رُكبانُها ليرتادوا لك منزلاً تنتجعه.

وقال ابن شميل : يقال تعرَّضَ لي فلانٌ ، وعَرَض لي يَعرِض ، واعترض لي يشتُمني ويؤذيني ، وما يُعْرِضك لفلان.

ويقال عَتودٌ عَروض ، وهو الذي يأكل الشجرَ بعُرْضِ شِدقه. قال : ويقال للماعز إذا نَبَّ وأراد السِّفاد عَريض ، وجمعه عِرْضان. ويقال عريض عَروض ، إذا اعترضَ المرعَى بشِدقه فأكله.

ويقال تعرَّضَ فلانٌ في الجبل ، إذا أخذَ في عَرُوضٍ منه فاحتاجَ أن يأخذ فيه يميناً وشمالاً. ومنه

قول عبد الله ذي البِجادين المزَنيّ يخاطب ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقودها على ثنّيةٍ رَكوبة ، فقال :

تعرَّضي مَدَارجاً وسُومِي

تعرُّضَ الجوزاءِ للنجوم

وهو أبو القاسم فاستقيمي

ويقال : تعرَّضتُ الرِّفاقَ أسألهم ، أي تصدَّيت لهم أسألهم.

وقال اللِّحياني : يقال تعرَّضت معروفَهم ولمعروفهم ، أي تصدَّيت. ويقال استُعمل فلانٌ على العَروض ، يُعنَى مكةُ والمدينةُ واليمن. ويقال أخذ في عَروضٍ منكرة ، يعني طريقاً في هَبوط.

وقال الليث : يقال تعرَّضَ فلانٌ بما أكره.

ويقال تعرَّضَ وصلُ فلانٍ ، أي دخَلَه فساد. وأنشد :

فاقطعْ لُبانةَ مَن تَعرَّضَ وصلُه

وقيل : معنى «مَنْ تعَرَّضَ وصلُه» : أي زاغَ ولم يستَقِمْ ، كما يتعرَّض الرجل في عَروض الجبل يميناً وشمالاً.

وقال امرؤ القيس يصف الثريا :

إذا ما الثريَّا في السماء تعرَّضَتْ

تعرُّضَ أثناءِ الوشاحِ المفصَّلِ

أي لم تستقم في سيرها ومالت كالوشاح المعوَّج أثناؤه على جارية توشَّحت به.

ويقال اعترضَ الشيءُ ، إذا مَنَع ، كالخشبة المعترضة في الطريق تمنع السالكين سلوكَها. واعترضَ فلانٌ عِرضَ فلانٍ ، إذا وقع فيه وتنقَّصه في عِرضه وحَسَبه. ويقال اعترض له بسهمٍ ، إذا أقبلَ به قُبْلَه فأصابه. واعترضَ الفرسُ في رَسَنه ، إذا لم يستقمْ لقائده. وقال الطرمّاح :

وأماني المليك رُشدي وقد كن

تُ أخَا عُنجهيّةٍ واعتراضِ

٢٩٣

ويقال اعترضَ الجندُ على قائدهم.

واعتَرَضَهم القائد ، إذا عرضَهم واحداً واحداً ، وقول الراجز :

معترضاتٍ غيرَ عُرضيّات

يقول : اعترَاضهنَ من النشاط ، ليس اعترَاضَ صعوبة.

وقال ابن الأعرابي : العُرُض ـ محرّك ـ : السَّير في جانب. قال : وهو محمودٌ في الخيل مذمومٌ في الإبل. قال : ومنه قوله :

معترضاتٍ غيرَ عُرضيّات

أي يلزَمن المحَجَّة.

وقال الليث : يقال عارضَ فلانٌ فلاناً : إذا أخذَ في طريقٍ وأخذ في غيره فالتقيا. وعارضَ فلانٌ فلاناً ، إذا فعلَ مثلَ فعله وأتى إليه مثل الذي أتَى إليه. ويقال عارضتُ فلاناً في السَّير ، إذا سِرْت حيالَه وحاذيتَه. وعارضتُه بمتاعٍ أو دابّةٍ أو شيءٍ مُعارضةً ، إذا بادلتَه به. وعارضتُ كتابي بِكتابه. وفلانٌ يُعارضني ، أي يباريني. ويقال سِرنا في عِراض القوم ، إذا لم تستقبلهم ولكن جئتهم من عُرضهم.

وقال أبو عبيد : أُلقحتْ ناقة فلانٍ عِراضاً ، وذلك أن يُعارضها الفحل معارضةً فيضربها من غير أن تكون في الإبل التي كان الفحلُ رسيلاً فيها. وقال الراعي :

فلائص لا يُلقَحن إلَّا يَعارةً

عِراضاً ولا يُشرَينَ إلَّا غواليا

وقال ابن السكيت في قول البَعِيث :

مَدحنا لها رَوقَ الشَّباب فعارضَتْ

جَنَاب الصِّبا في كاتم السرِّ أعجما

قال : عارضَتْ : أخذَت في عُرضٍ ، أي ناحيةٍ منه. جَناب الصِّبا : إلى جَنْبه. وقال اللحياني : بعير مُعارِضٌ ، إذا لم يستقم في القطار. ويقال جاءت فلانةُ بولدٍ عن عِراض ومعارضة ، إذا لم يعرف أبوه ويقال للسَّفيح : هو ابن المعارَضة.

والمُعارَضة : أن يعارض الرجُلُ المرأة فيأتيهَا بلا نكاح ولا مِلْك.

أبو عبيد عن الأصمعي : يقال عرَّض لي فلانٌ تعريضاً ، إذا رَحرحَ بالشيء ولم يبيِّن وقال غيره : عرّضت الشيءَ : جعلتُه عريضاً. والمعَاريض من الكلام : ما عُرِّض به ولم يصرَّح. والتعريض في خِطبة المرأة في عِدّتها : أن يتكلَّم بكلام يُشْبه خِطبتها ولا يصرِّح به ، وهو أن يقول لها : إنّك لجميلة ، وإن فيكِ لبقيّةً ، وإن النساء لمِنْ حاجتي. والتعريض قد يكون بِضرب الأمثال وذكر الألغاز ، وهو خلافُ التصريح في جُملة المقال. وعَرَّض الكاتب تعريضاً ، إذا لم يبيِّن الحروفَ ولم يقوِّم الخطّ. ومنه قول الشَّمَّاخ :

بتيماءَ حَبرٌ ثمَ عَرَّضَ أسطُرا

ثعلب عن ابن الأعرابي : عَرَّضَ الرجلُ : إذا صار ذا عارضة. والعارضة : قوّة الكلام وتنقيحه ، والرأي الجيِّد. وعَرَّضَ فلانٌ ، إذا دامَ على أكل العَرِيض ، وهو الإمَّر. وإبلٌ معرَّضة : سِمَتُها العِراض في عَرض الفخذ لا في طوله. يقال منه عَرَضتُ البعير وعرّضته تعريضاً.

والعَرِيض من المِعزَى : ما فوقَ الفطيم ودون الجَذَع. وقال بعضهم : العريض من

٢٩٤

الظباء : الذي قارب الإثناء. والعريض عند أهل الحجاز خاصَّةً : الخصيُّ ، وجمعه عِرضان. ويقال أعرضْتُ العِرضانَ ، إذا خَصَيْتَها. ويقال أعرضتُ العِرضانَ ، إذا جعلتها للبيع ولا يكون العريض إلا ذكراً.

أبو عبيد عن أبي زيد : إذا رعَى الجَفْرُ من أولاد المِعزَى وقَوِيَ فهو عريضٌ ، وجمعه عِرضانٌ. وروى ثعلب عن ابن الأعرابي قال : إذا أجذَع الجدْيُ والعَناق سمِّي عريضاً وعَتُوداً ، وجمعه عِرضان. قال : والعارض جانب العِراق. والعارض : السَّحابُ المُطِلّ.

وقال الليث : أعرضْتُ الشيءَ ، أي جعلتُه عَريضاً. واعترضت عُرْضَ فلانٍ ، إذا نحوتَ نحوَه. قال : ونظرتُ إلى فلانة مُعارَضةً ، إذا نظَرتَ في عُرضٍ. ورجلٌ عِرِّيضٌ : إذا كان يتعرَّض للناس بالشرِّ. قال : والعَروض : عروض الشعر ، والجميع الأعاريض ، وهو فواصل أنصاف الشعر ، سمِّي عروضاً لأن الشعرَ يُعرَض عليه ، فالنصف الأوّل عروض ؛ لأنّ الثاني يُبنَى على الأول. والنصف الأخير الشَّطر. قال : ومنهم من يجعل العروض طرائقَ الشعر وعموده ، مثل الطويل ، تقول : هو عروضٌ واحد. واختلاف قوافيه يسمَّى ضروباً. قال : ولكلٍّ مقال. والعَروض عَرُوض الشعر مؤنثة ، وكذلك عَروض الجَبل.

أبو عبيد عن الأصمعي : عَتودٌ عَروضٌ ، وهو الذي يأكل الشيء بعُرض شِدقه. وأخَذ في عَروضٍ منكَرة.

وقال ابن السكيت : عَرَفتُ ذلك في عَروض كلامه ، أي فَحوى كلامه ومعنى كلامه. وقال التغلبي :

لكلّ أناسٍ من مَعدٍّ عِمارةٌ

عَروضٌ إليها يلجئون وجانبُ

قال : وتقول هي عَروض الشِّعر. وأخذ فلانٌ في عَروض ما تُعجِبني ، أي في ناحية. ويقال هذه ناقةٌ فيها عُرضِيَّةٌ ، إذا كانت ريِّضَاً لم تُذَلَّل. ويقال ناقةٌ عُرضيّةٌ وجَملٌ عُرْضيٌ. وقال الشاعر :

واعرورتِ العُلُطَ العُرضيَ تركضه

أم الفوارسِ بالدِّيداء والرَّبَعَه

وفي حديث عمر حين وصف نفسَه بالسياسة وحُسن النَّظر لرعيّته فقال : «إنّي أضمُّ العَنود ، وأُلْحِقُ العَطوف ، وأزجر العَروض» ، قال شمر : العَروض العُرْضيّة من الإبل : الصَّعبة الرأس الذَّلول وسطُها التي يُحمل عليها ثم تساق وسطَ الإبل المحمّلة ، وإن ركبها رجلٌ مضَتْ به قُدماً ولا تَصَرَّف لراكبها. قال : وإنّما قال : «أزجُر العَروضَ» لأنها تكون آخر الإبل.

قال : وتقول ناقةٌ عَروض وفيها عَروض ، وناقة عُرْضية. وقال ابن السكيت : ناقةٌ عَروضٌ ، إذا قبِلتْ بعض الرياضة ولم تستحكم. قال شمر : وأما في قول حميد :

فما زالَ سَوطي في قِرابي ومِحجني

وما زلتُ منه في عَروضٍ أذودُها

أي في ناحيةٍ أداريه وفي اعتراض. وقال في قول ابن أحمر يصف جارية :

ومنَحتُها قولي على عُرْضيّة

عُلُطٍ أُدارىء ضِغنَها بتودُّدِ

٢٩٥

وقال ابنُ الأعرابيّ : شبّهها بناقةٍ صعبةٍ في كلامه إيَّاها ورفقِه بها. وقال غيره : منحتُها : أعَرتُها وأعطيتها. وعُرضيّة : صعوبة ، كأنّ كلامَه ناقةٌ صَعبة. ويقال إنه أراد كلَّمتها وأنا على ناقةٍ صعبة فيها اعتراض. والعُرضيُ : الذي فيه جفاءٌ واعتراض. والعُرضيُ : الذي فيه جفاءٌ واعتراض. وقال العجّاج :

ذو نَخْوةٍ حُمَارسٌ عُرضيُ

وقال الليث : المِعراض : سهمٌ يُرمَى به بلا ريش يَمضِي عَرْضاً. والمَعرَض : المكان الذي يُعرَض فيه الشيء. وثوبٌ مِعرضٌ : تُعرَض فيه الجارية والعارضة : عارضة الباب. وفلانٌ شديد العارضة : ذو جَلَد وصرامة. والعوارض : سقائف المحمل. والعوارض : الثنايا ، سمِّيت عوارضَ لأنّها في عُرض الفم. وقال الأصمعي : العوارض : الأسنان التي بعد الثَّنايا ، يقال فلانة نقيّة العوارض.

وقال اللحياني : العوارض من الأضراس. وقال غيره : العارض : ما بين الثنيّة إلى الضرس. وقِيل : عارض الفم : ما يبدو منه عند الضحك. وقال كعب :

تجلو عوارض ذي ظَلْم إذا ابتَسَمتْ

كأنّه مُنهَلٌ بالراح معلولُ

يصف الثنايا وما بعدها.

وفي الحديث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثَ أم سُلَيم لتنظرَ إلى امرأة فقال : «شمِّي عوارضَها» ، قال شمر : العوارض هي الأسنان التي في عُرض الفم ، وهي ما بين الثَّنايا والأضراس ، واحدها عارض. وقال جرير :

أتَذْكُر يومَ تَصقُلُ عارضَيها

بفَرعِ بَشامةٍ سُقِيَ البَشامُ

وقال شمر : العارض أيضاً : الخدُّ. يقال أخذَ الشَّعَرَ من عارضيه ، أي خدَّيه. وإنما أمرَ النبي بشمٍ عوارضها لتَبورَ بذلك ريحَ فمها ، أطيّب أَمْ خبيث.

وقال اللِّحياني : عارضا الوجه وعَروضاه : جانباه. وقال الأصمعيّ : يقال بنو فلان أكَّالون للعوارض ، جمع العارضة ، وهي الشاة أو البعير يصيبُه داءٌ أو سبُعٌ أو كسر.

وقال شمر : يقال عَرضَتْ من إبل فلان عارضةٌ ، أي مرِضت. قال : وبعضهم يقول عَرِضت. قال شمر : وأجوده عَرَضَت.

وأنشد :

إذا عَرِضَتْ منها كَهاةٌ سمينةٌ

فلا تُهدِ منها واتَّشِق وتَجَبجَبِ

الليث : يقال فلانٌ يعدو العِرَضْنةَ ، وهو الذي يشتقُّ في عَدْوه.

وقال اللحياني : يقال اشتر بهذا عُرَاضة لأهلك ، أي هديّة ، مثل الحنّاء ونحوه.

وقال أبو زيد في العُراضة : الهديّة التعريض ما كان من مِيرةٍ أو زادٍ بعد أن يكون على ظهر بعير. يقال عَرِّضونا من مِيرتكم.

وقال الأصمعي : العُراضة : ما أطعمَه الراكبُ من استطعَمَه من أهل المياه.

وقال هِميان :

وعرَّضوا المجلسَ محضاً ماهجاً

أي سقَوهم. ويقال : عَرَفت ذلك في

٢٩٦

مِعراض كلامه ، ومعاريض كلامه وفحواه أي في عروض كلامه. ومنه قول عِمرانَ بن حُصَين : «إنّ في المعاريض لمَندوحةً عن الكذب». ويقال عرضَتِ الشَّاةُ الشوكَ تعرُضه ، إذا تناولتْه وأكلتْه. ويقال رأيته عَرْضَ عين ، أي ظاهراً من قريب.

والمعَرَّضة من النساء : البكر قبل أن تُحجَب ، وذلك أنها تُعرَض على أهل الحيِ عَرضةً ليرغِّبوا فيها من رَغِب ، ثم يحجبونها. وقال الكميت :

لياليَنا إذْ لا تزالُ تَروعُنا

مُعرَّضةٌ منهنَّ بِكر وثيِّبُ

ويقال استُعرِضت الناقة باللحم ، فهي مستَعرَضَة ، كما يقال قُذِفت باللحم ولُدِسَت ، إذا سمنتْ. وقال ابن مقبل :

قَبَّاء قد لحقَتْ خسيسةَ سنِّها

واستُعرِضت ببضيعها المتبتِّرِ

قال : خسيسة سِنِّها : حين بَزَلتْ ، وهي أقصَى أسنانها.

ويقال : كان لي على فلانٍ نَقدٌ فأعسرته واعترضتُ منه ، أي أخذتُ العَرْض. وإذا طلب قومٌ عند قومٍ دماً فلم يُقِيدوهم قالوا : نحن نَعْرِض منه فاعترِضوا منه ، أي اقبلوا الدّيةَ عَرْضاً.

ويقال انطلق فلانٌ يتعرَّض بجَمله السوقَ ، إذا عرضَه على البيع. ويقال تَعرَّضْ به ، أي أقمْه في السُّوق. وفلانٌ معتَرَضٌ في خُلقه ، إذا ساءك كلُّ شيءٍ من أمره. وعَرضَ الرامي القوسَ ، إذا أضجعها ثم رمَى عنها عَرْضاً.

وقال الله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) [الأحقاف : ٢٤] أي قالوا : الذي وُعدنا به سحابٌ فيه الغيث. فقال الله : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) [الأحقاف : ٢٤].

ويقال للرِّجْل العظيم من الجراد : عارض ؛ يقال مرَّ بنا عارضٌ قد ملأ الأفق.

وقال أبو زيد : العارض : السحابة تراها في ناحيةِ السماء ، وهو مثل الجُلْب ، إلّا أنّ العارض يكون أبيضَ والجُلْبُ إلى السَّواد ، والجُلب يكون أضيقَ من العارض وأبعَدَ. والعوارض من الإبل : التي تأكل العِضاهَ عُرُضاً ، أي تأكله حيثُما وَجدته.

وقول ابن مُقبل :

مهاريق فَلُّوجٍ تعرَّضْنَ تاليا

أراد : تعرّضهنّ تالٍ يقرؤهن ؛ فقلب.

وقال ابن السكيت : يقال ما يَعْرُضك لفلان ، ولا يقال ما يُعَرِّضك. ويقال : هذه أرضٌ مُعْرِضة : يستعرضها المال ويعترضها ، أي هي أرضٌ مُعْرِضة فيها نبتٌ يرعاه المال إذا مرَّ فيها.

ضرع : الحراني عن ابن السكيت : الضَّرْع ضرع الشاة والناقة. والضَّرَع : الضعيف.

وقول الله جلّ وعزّ : (تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) [الأنعَام : ٦٣] قال أبو إسحاق : المعنى تَدْعون مُظهرِينَ الضَّرَاعة ، وهي شدّة الفقر إلى الشيء والحاجةِ إليه. وانتصابهما على الحال وإن كانا مصدرين.

وأما قول الله تعالى : (فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا) [الأنعَام : ٤٣] فمعناه تخشَّعُوا

٢٩٧

وتذلَّلوا وخضعوا.

وقال شمر : يقال ضَرِعَ فلان لفلان وضَرَع له ، إذا ما تخشَّعَ له وسأله أن يُعطيَه.

قال : ويقال قد أضرَعْتُ له مالي ، أي بذلْتُه له. وقال الأسود :

وإذا أخِلَّائي تنكَّبَ وُدُّهم

فأبُو الكُدادةِ مالُه ليَ مُضْرَعُ

أي مبذول. وقال الأعشى :

سائلْ تميماً به أيامَ صفقتهم

لمّا أتوه أُسارى ، كلُّهم ضَرَعا

أي ضرعَ كلُّ واحدٍ منهم وخضع. قال : ويقال ضَرَع له واستضرعَ. قال : وقال ابن شميل : لفلانٍ فرسٌ قد ضَرِعَ به ، أي غلبَه ، وهو في حديثٍ لِسَلْمان. وتضرَّع الظلُّ : قلَّ وقَلَص. وقال يوسف بن عَمرو :

فمِلنَ قُدَيداً بكرةً ، وظلالُه

تضرَّعُ في فَيءِ الغَداةِ تضرُّعا

مِلْنَ قُديداً ، أي من قُديد.

والضَّريع : الشَّراب الرقيق. وقال يصف ثغراً :

حَمشُ اللِّثاتِ شتيتٌ وهو معتدلٌ

كأنّه بضريع الدَّنِّ مصقولُ

والضريع : لغةٌ في الضرَع الضعيف.

وقال :

ومطويّةٍ طيَّ القَليبِ رفعتُها

بمستنبِحٍ جِنْحَ الظلام ضريعِ

المطويّة عنى به الأُذن. والمستنبح : الذي ينبح نبحَ الكلاب طلباً للقِرى.

أبو عبيد عن الأحمر : ضرّعت الشمسُ أيْ دنت للغروب. وقال غيره : رجلٌ ضارع ، أي نحيف ضاويّ. وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليه رأى ولدَيْ جعفرٍ الطيّار فقال : «ما لي أراهما ضارعين!». الضارع : الضاوِيُّ النحيف. ومنه قول الحجاج لسَلم بن قتيبة : «ما لي أراكَ ضارعَ الجسم؟».

أبو عبيد عن الأمويّ : الضريعة من الغنم : العظيمة الضَّرع. وقال أبو زيد : الضَّرْع جِماع ، وفيه الأطْباءُ وهي الأخلاف ، واحدها طِبْيٌ وخِلْف ، وفي الأطْباء الأحاليل ، وهي خُروق اللَّبَن.

أبو عبيد عن الكسائيّ قال : ضرَّعتِ القِدرُ تضريعاً ، إذا حانَ أن تُدرِك. وقال الأصمعيّ : التضرُّع : التلوّي والاستغاثة.

وقال الليث : رجلٌ ضَرَعٌ ، وهو الغُمر من الرجال الضعيفُ. وأنشد : فما أنا بالواني ولا الضَّرَعِ الغُمْرِ

ويقال جسدُك ضارعٌ ، وجَنْبك ضارع وأنشد :

من الحُسْن إنعاماً وجنبُك ضارعُ

قال : وقومٌ ضَرَع ورجلٌ ضَرَع. وأنشد :

وأنتُم لا أُشاباتٌ ولا ضَرَعُ

قال : وأضرعت الناقةُ فهي مُضْرِعٌ ، إذا قرُبَ نِتاجُها.

قال : والمضارعة للشيء : أن يضارعَه كأنّه مثلُه أو شِبْهه. وقال الأزهري : والنحويون يقول للفعل المستقبل : مضارع ؛ لمشاكلتِهِ الأسماء فيما يلحقه من الإعراب.

٢٩٨

ويقال هذا ضِرْع هذا وصِرعه ، بالضاد والصاد ، أي مثله. والضُّروع والصُّروع : قُوَى الحَبْل ، واحدها ضِرعٌ وصِرعٌ.

أبو عبيد عن الفراء : جاء فلانٌ يتضرَّع لي ويتأرض ، ويتصدّى ويتأتّى ، أي يتعرّض.

وقال الله تعالى : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) [الغَاشِيَة : ٦] قال الفراء : الضريع : نبتٌ يقال له الشِّبرِق ، وأهل الحجاز يسمُّونه الضَّريعَ إذا يَبِس. وهو اسمٌ. وجاء في التفسير أن الكفَّار قالوا : إنَ الضَّريع لتَسمَنُ عليه إبلُنا. فقال الله : (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) [الغَاشِيَة : ٧].

وقال الليث : يقال للجِلدة التي على العظم تحت اللَّحم من الضَّلَع : هي الضَّريع.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي قال : الضَّريع : العَوسَج الرَّطب ، فإذا جفَّ فهو عَوسَجٌ ، فإذا زادَ جُفوفُه فهو الخَزيز. قال : والضارع : المتذلِّل الغنيّ. والضَّرَع : الرجُل الجَبان. والضَّرَع : المتهالك من الحاجة للغنيّ. والضَّرَع : الجمل الضعيف.

عضر : أهمله الليث. وروى أبو العباس عن عمرو عن أبي عمرٍو قال : العاضر : المانع ، وكذلك الغاضر ، بالعين والغين.

رضع : قال الله جلّ وعزّ : (تَذْهَلُ كُلُ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) [الحَجّ : ٢] واختلف النحويون في علّة دخول الهاء في المرضِعة ، فقال الفراء : المرضِعة : الأم. والمُرضِع : التي معها صبيٌ تُرضِعُه. قال : ولو قيل في الأمّ مُرضِع لأنَ الرضاع لا يكون إلّا من الإناث ، كما قالوا امرأة حائض وطامث ، كانَ وجهاً. قال : ولو قيل في التي معها صبيٌ مرضعةٌ كان صواباً. وقال الأخفش : أدخل الهاء في المرضعة لأنه أراد ـ والله أعلم ـ الفِعلَ. ولو أراد الصفة لقال مُرضِع. وقال أبو العباس : الذي قاله الأخفش ليس بخطأ.

وأخبرني المنذريّ عن ابن اليزيدي عن أبي زيد قال : المُرضعة : التي ترضع. قال و (كُلُ مُرْضِعَةٍ) : كلّ أمٍّ. قال : والمرضع : التي قد دنا لها أن تُرضِع ولم تُرضِع بعد. والمُرضِع : التي معها الصبيُ الرضيع.

وقال الليث : قال الخليل : امرأةٌ مرضع : ذاتُ رضيع ، كما يقال امرأةٌ مُطفِل : ذات طفل ، بلا هاء ، لأنك لا تَصِفُها بفعلٍ منها واقعٍ أو لازم ، فإذا وصفتَها بفعلٍ هي تفعله قلت مُفْعِلة ، كقول الله تعالى : (تَذْهَلُ كُلُ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) [الحَجّ : ٢] وصفَها بالفعل فأدخل الهاء في نعتها. ولو وصفَها بأنَّ معها رضيعاً قال مُرضِع.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «انظرنَ ما إخْوانكنّ ، فإنّما الرضاعة من المَجَاعة» ، وتفسيره أن الرَّضاعَ الذي يحرِّم رِضَاعُ الصبي ؛ لأنه يُشْبِعه ويَغذوه ويسكِّن جَوعتَه ، فأمّا الكبير فرضاعُه لا يحرّم ؛ لأنه لا ينفعُه من جوعٍ ولا يُغنيه من طعام ، ولا يَغْذوه اللبن كما يغذو الصغيرَ الذي حياتُه به.

وقال الليث : تقول رضُع الرجل يرضُع رضاعة فهو رضيع راضع ، أي لئيم ، والجميع الراضعون. والعرب تقول : لئيم راضع. ويقال نُعِتَ به لأنّه يرضَع ناقتَه من

٢٩٩

لؤمه لئلَّا يُسمَع صوتُ الشَّخب فيطلب لبنه.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الراضع والرَّضِع : الخسيس من الأعراب ، الذي إذا نزل به الضَّعيف رضِع شاتَه بفمه لئلَّا يسمعه الضَّيف. يقال منه رَضِع يرضَع رَضْعاً وقال بعضهم : لو عيَّرتُ رجلاً بالرضع لخَشِيتُ أن يَحُور بي داؤه. قال : والرَّضَع : صِغار النخل ، واحدهُ رَضَعة. وامرأة مُرضِع : معها رضيع. وامرأة مرضِعةٌ : ثَديُها في فم ولدِها.

الليث : الراضعتان من السن : اللتان شرِب عليهما اللبن.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : رضَع الصبيُ يَرضِع ، ورضِعَ يرضَع. قال : وأخبرني عيسى بن عمر أنه سمع العربَ تُنشِد :

وذمُّوا لنا الدُّنيا وهم يَرضِعونها

أفاويقَ حتّى ما يُدرُّ لها ثُعْلُ

قال : وقال الأمويّ : الرَّضوعة من الغنم : التي تُرضِع. قال : ويقال رَضاعٌ ورِضاع ، ورَضاعة ورِضاعة.

وقال الله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) [البَقَرَة : ٢٣٣] اللفظ لفظ الخبر والمعنى معنى الأمر ، كما تقول حسبُك درهمٌ ، فاللفظ لفظ الخبر والمعنى معنى الأمر ، معناه اكتفِ بدرهم. وكذلك معنى الآية : لرتضعِ الوالداتُ. وقوله : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ)(١) [البَقَرَة : ٢٣٣] أي تطلبوا مُرضِعةً لأولادكم.

باب العين والضاد مع اللام

[ع ض ل]

استعمل من وجوهه : عضل ، علض ، ضلع ، ضعل.

عضل : قال الله عزوجل : (فَلا تَعْضُلُوهُنَ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ) [البَقَرَة : ٢٣٢]

نزلت في مَعقِل بن يَسار المُزَني ، وكان زوّج أختَه رجلاً فطلَّقهَا ، فلما انقضت عِدّتُها خطبَها ، فآلى ألّا يزوّجه إياها ، ورغبتْ أخته فيه ، فنزلت : (فَلا تَعْضُلُوهُنَ) الآية.

ويقال عَضَل فلانٌ أيِّمَه ، إذا منعها من التزويج يعضُلها ويعضِلها عَضْلاً. قاله الأصمعيّ وغيره.

وأما قول الله : (وَلا تَعْضُلُوهُنَ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [النِّساء : ١٩] فإنَ العَضْل في هذه الآية من الزَّوج لامرأته ، وهو أن يُضارَّها ولا يحسنَ معاشرتَها ليضطرّها بذلك إلى الافتداء منه بمهرها ؛ سماه الله عَضْلاً لأنه يمنعها حقَّها من النَّفقة وحُسن العِشرة والإنصاف في الفراش ، كما أن الوليّ إذا منع حريمتَه من التزويج ، قد منعها الحقَّ الذي أبيح لها من النكاح إذا دعَتْ إلى كفءٍ لها.

وروى معمر عن أيُّوب عن أبي قلابة أنه قال في الرجل يَطّلع من امرأته على فاحشة ، قال : لا بأس أن يضارَّها حتَّى

__________________

(١) في المطبوع : «ولا جناح عليكم أن تسترضعوا أولادكم».

٣٠٠