تهذيب اللغة - ج ١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

والسوابع والخوامس.

أبو عبيد عن الأصمعي قال : إذا وردت الإبل كلَّ يوم قيل : وردَتْ رِفْهاً ، فإن وردَتْ يوماً ويوماً لا قيل : وردتْ غِبّاً ، فإذا ارتفعتْ عن الغِبِّ فالظِّمْء الرِّبع ، وليس في الورد ثِلثٌ ، ثم الخِمس إلى العِشْر. فإن زادت فليس لها تسميةُ وِردٍ ، ولكن يقال : هي ترِدُ عشراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبعاً إلى العشرين ، فيقال حينئذٍ ظِمؤها عِشرانِ. فإذا جاوزَت العشرين فهي جوازىء.

وقال الليث : إذا زادت على العشرة قالوا : وردنا رِفهاً بعد عِشر. قال : وعشّرتُ الشيءَ تعشيراً ، إذا كان تسعةً فزدت واحداً حتّى تَمَ عَشرة. قال : وعَشَرْتُ ، خفيفةً : أخذتُ واحداً من عشرة فصار تسعة. فالعشور نُقصان والتعشير زيادة وتمام.

وقال الليث : قلتُ للخليل : ما معنى العشرين؟ قال : جماعة عِشْر قلت : فالعِشْر كم يكون؟ قال : تسعة. قلت : فعشرون ليس بتمام إنَّما هو عِشْران ويومان. قال : لمّا كان من العِشْر الثالث يومانِ جمعتَه بالعشرين. قلت : وإن لم يستوعب الجزء الثالث؟ قال : نعم ، ألا ترى قول أبي حنيفة إذا طلقَّها تطليقتين وعُشر تطليقة فإنه يجعلها ثلاثاً ، وإنما من الطلقة الثالثة فيه جزء. فالعشرون هذا قياسُه. قلت : لا يُشبه العِشْرُ التطليقة ، لأنّ بعض التطليقة تطليقة تامّة ، ولا يكون بعض العِشْر عِشراً كاملاً.

ألا تَرى أنّه لو قال لامرأته : أنت طالقٌ نصفَ تطليقة أو جزءاً من مائة تطليقةٍ كان تطليقة تامّة ، ولا يكون نصف العِشر وثلث العِشْر عِشراً كاملاً.

وقال الليث : ويوم عاشُوراء هو اليوم العاشر من المحرَّم.

قلت : ولم أسمع في أمثلة الأسماء اسماً على فاعولاء إلّا أحرفاً قليلة. قال ابن بزرج : الضَّاروراء : الضَّراء ، والسّاروراءُ : السّرّاء ، والدَّالولاءُ : الدَّالّة. وقال ابنُ الأعرابيّ : الخابوراءُ : موضع.

وروي عن ابن عبّاس أنه قال في صوم عاشوراء : «لئن سَلِمْتُ إلى قابل لأصومنَّ اليوم التاسع». وروي عنه أنه قال : رعَت الإبل عشراً ، وإنما هي تسعةُ أيّام.

قلت : ولقول ابن عباسٍ وجوهٌ من التأويلات : أحدها أنّه كره موافقةَ اليهود لأنَّهم يصومون اليومَ العاشر. وروى ابن عيينة عن عُبيد الله بن أبي يزيد قال : سمعتُ ابن عباسٍ يقول : «صوموا التاسع والعاشر ولا تشبَّهوا باليهود». والوجه الثاني ما قال إسماعيل بن يحيى المزَني : يحتمل أن يكون التاسع هو العاشر.

قلت : كأنه تأوّلَ فيه عِشر الورد أنّها تسعة أيام ، وهو الذي حكاه الليث عن الخليل ، وليس ببعيدٍ من الصواب.

وقال الليث : المعشِّر : الحمارُ الشديد النَّهيق الذي لا يزال يوالي بين عشرِ ترجيعات في نهيقِهِ ، ونهيقُه يقال له التعشير. ويقال عشّر يعشّر تعشيراً.

وقال الله تعالى : (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) [التّكوير : ٤]. قال الفراء : العِشار لُقَّحُ

٢٦١

الإبل ، عطّلَها أهلُها لاشتغالهم بأنفسهم. وقال أبو إسحاق : العِشار النُّوقُ التي في بطونها أولادُها إذا أتت عليها عشرة أشهر.

قال : وأحسن ما تكون الإبل وأنْفَسُها عند أهلها إذا كانت عِشاراً.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا بلغت الناقةُ في حملها عشرةَ أشهرٍ فهي عُشَراء ، ثم لا يزال ذلك اسمَها حتَّى تَضَعَ وبعدما تضعُ لا يزايلُها ؛ وجمعها عِشار. وقال غيره : إذا وضعَتْ فهي عائذٌ وجمعُها عُوذٌ.

قلت : العرب يسمُّونها عِشاراً بعد ما تضع ما في بطونها ، للزومِ الاسمِ لها بعد الوضع ، كما يسمُّونها لِقاحاً.

وقال الليث : يقال عَشَّرَتْ فهي عُشَرَاء ، والعدد عُشَرَاوات ، والجميع العِشَار.

قال : ويقال يقع اسمُ العِشار على النُّوق التي نُتِج بعضُها وبعضها مَقاريب.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّه قال للنساء : «إنّكنَّ أكثر أهل النار ، لأنكنَّ تُكْثِرنَ اللَّعنَ وتَكفُرنَ العشير» ، قال أبو عبيد : أراد بالعشير الزَّوج ، سمِّي عشيراً لأنَّه يعاشِرها وتُعاشِره. وقال الله جلّ وعزّ : (لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) [الحَجّ : ١٣] ، أي لبئس المعاشر.

وأخبرني المنذرِيّ عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال : المَعْشَر والنَّفَر والقوم والرّهط ، هؤلاء معناهم الجمع ؛ لا واحدَ لهم من لفظهم ، للرجال دون النساء. قال : والعشيرة أيضاً للرجال. قال : والعالَم أيضاً للرجال.

وقال أبو عبيد : العشيرة تكون للقبيلة ولمن هو أقربُ إليه من العشيرة ، ولمن دونهم. وقال ابن شميل : العشيرة العامّة ؛ مثل بني تميم وبني عمرو بن تميم.

وقال الليث : المَعشَر : كلُّ جماعةٍ أمرُهم واحد ، نحو معشر المسلمين ومعشر المشركين.

وقال الليث : العاشرة : حلْقة التعشير من عواشر المصحف ، وهي لفظةٌ مولَّدة.

والعرب تقول : بُرمةٌ أعشار ، أي متكسِّرة ، ومنه قول امرىء القيس في عشيقتِهِ :

وما ذَرفت عيناكِ إلا لتضربي

بسهميكِ في أعشار قلبٍ مقتَّلِ

وفيه قولٌ آخر أعجَبُ إلىَّ من هذا القول ، قال أبو العباس أحمد بن يحيى : أراد بقوله «بسهميك» هاهنا سهْمَي قِداح الميسر ، وهما المعلَّى والرَّقيب ، فللمعَلّى سبعة أنصباء ، وللرقيب ثلاثة ، فإذا فاز الرجلُ بهما غَلب على جزور الميسِر كلِّها فلا يطمع غيرُه في شيء منها. قال : فالمعنى أنها ضربت بسهامها على قلبِهِ فخرجَ لها السَّهمانِ ، فغلبتْه على قلبِه كلِّه وفتنتْه فملكتْه. قال : ويقال أراد بسهميها عينيها.

قلت : وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم في تفسير هذا البيت بنحوٍ مما فسَّره أبو العباس ، إلا أنّه جعل اسمَ السَّهم الذي له ثلاثة أنصباء الضَّريبَ ، وجعله ثعلبٌ الرَّقيب. ونظرت في باب الميسر للِّحياني في «نوادره» فذكر أن بعض العرب يسمِّيه

٢٦٢

الرقيب ، وبعضهم يسميه الضَّريب. وهذا التفسير في هذا البيت هو الصحيح.

وقال الليث : يقال عشَّرت القَدَح تعشيراً ، إذا كسَّرتَه فصيّرته أعشاراً. قال وعَشر الحبُّ قلبَه ، إذا أضناه. وأعشَرْنا منذ لم نلتق ، أي أتى علينا عشر ليال.

وأما قول لبيد يصف مَرتعاً :

هَمَلٍ عشائرُه على أولادها

من راشحٍ متقوِّب وفَطِيمِ

فإنّ شمراً روى لأبي عمرو الشيبانيّ أنه قال : العشائر : الظِّباء الحديثات العهد بالنتاج.

قلت : كأنّ العشائر في بيت لبيدٍ بهذا المعنى جمع عِشارٍ ، وعشائرُ هو جمع الجمع ، كما يقال جمالٌ وجمائلُ ، وحبال وحبائل.

وقال ابن السكيت : يقال ذهبَ القومُ عُشارَياتٍ وعُسَارَياتٍ ، إذا ذهبوا أيَادي سَبا متفرِّقين في كل وجه.

وواحد العُشارَيات عُشارَى ، مثل حُبارى وحُبارَيات.

والعُشارة : القطعة من كلِّ شيء ، قومٌ عُشارة وعشارات. وقال حاتم طيء يذكر طيّئاً وتفرُّقَهم :

فصاروا عُشاراتٍ بكلِّ مكانِ

وروي عن ابن شميلٍ أنه قال : رجلٌ أعْشَر ، أي أحمق.

قلت : لم يَروه لي ثقةٌ أعتمده ، ولم أسمعه لغيره ، ولعله رجل أعسَر ، ولا أحقُّ واحداً منهما.

وجمع العَشِير أعشراء. وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «تسعة أعشراء الرِّزق في التجارة ، وجزءٌ منها في السابِياء». أراد تسعة أعشار الرزق.

والعَشير والعُشر واحد ، مثل الثَّمين والثُّمن ، والسَّديس والسُّدس. والعَشير في حساب مساحة الأرض : عُشر القَفِيز ، والقفيز : عُشر الجريب.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أن أعرابياً ذكر ناقةً فقال : «إنها لمِعشارٌ مِشْكار» ، قال : معشار : غزيرةٌ ليلةَ تُنتَج ، ومشكار : تغزر في أوَّل نبت الربيع.

وذو العُشيرة : موضع بالصَّمَّان معروف ، نسب إلى عُشَرة نابتة فيه. والعُشَر من كبار الشَّجر ، وله صمغٌ حلو يقال له سُكّر العُشَر.

وتِعْشار : موضع بالدهناء ، وقيل وهو ماء.

عرش : قال الله جلّ وعزّ : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه : ٥] ، وقال في موضع آخر : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) [الحَاقَّة : ١٧]. وروى سفيانُ الثوري عن عَمّار الدُّهْني عن مسلمٍ البَطِين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : «الكرسِيُّ موضع القدمين ، والعَرْش لا يُقْدر قدره».

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : قال ابن عباس : «العرش مجلس الرحمن» أرسله ابن الأعرابي إرسالاً ولم يُسنده. وحديث الثَّوري متصل صحيح.

والعرش في كلام العرب : سرير المَلِك ، يدلُّك على ذلك سرير ملكة سبأ ، سماه

٢٦٣

الله جلّ وعزّ عرشاً فقال : (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) [النَّمل : ٢٣]. قلت : والعرش في كلام العرب أيضاً : سَقْف البيت ، وجمعه عروش ؛ ومنه قول الله جلّ وعزّ : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) [البَقَرَة : ٢٥٩] قال الكسائي في قوله : (وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) : على أركانها. وقال غيره من أهل اللغة : على سقوفها ، أراد أنَّ حيطانها قائمةٌ وقد تهدَّمت سقوفُها فصارت في قرارها ، وانقعرت الحيطان من قواعدها فتساقطت على السقوف المتهدِّمة قبلها. ومعنى الخاوية والمنقعرة واحد ، يدلُّك على ذلك قولُ الله عزوجل في قصة قوم عاد : (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) [الحَاقَّة : ٧] ، وقال في موضع آخر يذكر هلاكهم أيضاً : (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) [القَمَر : ٢٠] ، فمعنى الخاوية والمنقعر في الآيتين واحد ، وهي المنقلعة من أصولها حتَّى خَوَى مَنبِتها. ويقال انقعرت الشجرةُ ، إذا انقلعت ، وانقعر البيت ، إذا انقلعَ من أصله فانهدم. وهذه الصفة في خراب المنازل من أبلغ الصِّفات. وقد ذكر الله جلّ وعزّ في موضع آخر من كتابه ما دلَّ على ما ذكرته ، وهو قوله : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النّحل : ٢٦] أي قلع أبنيتَهم من أساسها ، وهي القواعد ، فتساقطت سقوفُها وعَلتها القواعد وحيطانُها وهم فيها. وإنما قيل للمنقعر خاوٍ لأنَّ الحائط إذا انقلعَ من أُسِّه خَوَى مكانُه ، أي خلا. ودارٌ خاوية ، أي خالية.

وقال بعضهم في قوله : (وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) [البَقَرَة : ٢٥٩] أي خاوية عن عروشها لتهدُّمها ، جعل على بمعنى عن ، كما قال الله تعالى : (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) [المطفّفِين : ٢] أي اكتالوا عنهم لأنفسهم.

وقال ابن الأعرابي أيضاً : العرش : بناءٌ فوق البئر يقوم عليه الساقي. وأنشد :

أكلَّ يومٍ عَرشُها مَقيلي

قال : والعرش : المُلْك ، يقال ثُلَ عرشُه ، أي زالَ مُلكه وعزُّه. قال زهير :

تداركتما الأحلافَ قد ثُلّ عرشُها

وذِبْيانَ إذْ زَلَّت بأقدامها النعلُ

قلت : وقد رأيتُ العرب تسمِّي المَظَالَّ التي تُسوَّى من جريد النَّخل ويُطرَح فوقَها الثُّمامُ عُروشاً ، والواحد منها عريشٌ ، ثم يُجمَع عُرُشاً ، ثم عروشاً جمعُ الجمع. ومنه حديث ابن عمر أنّه كان يقطع التلبيةَ إذا نظرَ إلى عروش مكّة ، يعني بيوت أهل الحاجة منهم. ومنه حديث سعدٍ أنه قال : «تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفلانٌ كافرٌ بالعُرُش» ، يعني وهو مقيمٌ بعروش مكَّة ـ وهي بيوتها ـ في حال كفره.

ويقال للحظيرة التي تسوَّى للماشية تُكنُّها من البرد : عريش.

وقال ابن شميل : الإعراش : أن تُمنع الغنم أن ترتع ؛ وقد أعرشتها ، إذا منعتَها أن ترتع. وأنشد :

يُمحَى به المَحلُ وإعراشُ الرُّمُمْ

ويقال اعرَوّشْتُ الدّابةَ ، واعترشته ،

٢٦٤

وتعَرْوشته ، إذا ركبته.

وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : بئر معروشة ، وهي التي تُطوَى قدرَ قامةٍ من أسفلها بالحجارة ثم يُطوَى سائرها بالخشب وحدَه فذلك الخشبُ هو العرش. يقال منه عرشت البئر أعْرِشُها. فإذا كانت كلُّها بالحجارة فهي مطوّيةٌ وليست بمعروشة. وقال غيره : المَثَاب : مَقام الساقي فوق العروش. ومنه قول الشاعر :

وما لمِثَابات العروش بقيةٌ

إذا استُلّ من تحت العروش الدعائمُ

وقال الليث : العرش : السَّرير للملك والعرش والعريش : ما يُستظَلّ به. قال : وعرشُ الرجُل : قِوامُ أمره ، فإذا زال قِوام أمره قيل : ثُلَ عرشُه.

وقيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم بدر : ألا نَبني لك عريشاً تتظلَّل به؟

ويقال عرّشت الكرْمَ تعريشاً ، إذا عطَفت العيدَان التي تُرسَل عليها قُضبان الكرم ، والواحد عرش والجميع عروش ، ويقال عريشٌ وجمعه عُرُش

والعريش : شِبه الهودج يُتَّخذ للمرأة تقعد فيه على بعيرها. وقال رؤبة :

أطْرَ الصَّناعَينِ العريشَ القَعضا

ويقال عرّش الحمارُ بِعانته تعريشاً ، وذلك إذا حَمَل على عانته فرفع رأسَه شاخساً فاه. وقال رؤبة أيضاً :

كأنّ حيثُ عرَّش القبائلا

من الصَّبيبين وحِنواً ناصلا

وللعُنق عُرشان بينهما القفا ، وفيهما الأخدعان ، وهما لحمتان مستطيلتان عَدَاء العنُق. وقال الشاعر :

وعبد يغوث تحجل الطير حوله

وقد هذّ عُرشيه الحسَام المذكَّرُ

والعرش في القدم : ما بين الحِمارِ والإصبع من ظهر القدم ، والجمع الأعراش.

وقال ابن الأعرابي : ظهر القدم العَرش وباطنه الأَخْمص. وقال الأصمعيّ : العُرشان : ما زال عن العِلباوَين. قال : والأُذنان تسمَّيان عُرشين لمجاورتهما العُرشين. يقال أراد فلانٌ أن يُقرَّ بحقّي فنفثَ فلانٌ في عُرشيه. وإذا سارّه في أذنيه فقد دنا من عُرشيه.

وإذا نبتَت رواكيبُ أربعٌ أو خمسٌ على جذع النَّخلة فهي العَرِيش ، قال ذلك أبو عمرو.

وعَرش الثريَّا : كواكب قريبٌ منها.

ويقال اعترشَ العنبُ العريش اعتراشاً ، إذا علَاه ، وقد عَرشوهُ عَرشاً.

وبعيرٌ معروش الجنبين : عظيمهُما ، كما تُعرش البئر إذا طويتْ.

أبو زيد : تعرَّشنا ببلاد كذا ، أي ثبتنا.

وتَعَرَّشَ فلانٌ بها.

وقال شمر : عَرِشَ فلانٌ وعَرِسَ.

وقال ابن دريد : العُرشان من الفرس : آخر شعر العُرف.

وقال شمر : وبَطِر وبَهِتَ مثل عَرِشَ وعَرِسَ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال للكلب إذا

٢٦٥

خَرِق فلم يدنُ للصَّيد : عَرِشَ وعَرِسَ.

شعر : قال الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) [المَائدة : ٢] قال الفراء : كانت العربُ عامّةً لا يرون الصّفا والمروةَ من الشعائر ، ولا يطوفون بينهما ، فأنزل الله جلّ وعزّ : (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) [المَائدة : ٢] ، أي لا تستحلُّوا تَركَ ذلك وقال أبو عبيدة : شعائر الله واحدها شعيرة ، وهي ما أُشعرَ ليُهدَى إلى بيت الله وقال الزجاج : شعائر الله يُعنَى بها جميع متعبَّدات الله التي أشعرَها الله ، أي جعلها أعلاماً لنا ، وهي كلُّ ما كان من موقفٍ أو مسعًى أو ذِبْح. وإنّما قيل شعائر الله لكلِّ عَلَمٍ مما تُعُبِّد به لأنَّ قولهم شَعَرت به : علمتُه ، فلهذا سمِّيت الأعلام التي هي متعبَّداتُ الله شعائر.

وأما إشعار الهَدْي فإنّ أبا عبيدٍ روى عن الأصمعي أنّه قال : إشعار الهَدْي هو أن يُطعَن في أسنمتها في أحد الجانبين بمبضعٍ أو نحوه بقدر ما يسيل الدم ، وهو الذي كان أبو حنيفة يكرهه ، وزعَمَ أنّه مُثْلة وسنّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أولى بالاتِّباع.

وقال الأصمعي : الإشعار : الإعلام. والشِّعار : العَلَامة. قال : ولا أرى مشاعر الحجّ إلّا من هذا لأنَّها علاماتٌ له.

وفي حديث آخر أن جبريل أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له : «مُرْ أمَّتَك أن يرفعوا أصواتَهم بالتلبية فإنَّها من شِعار الحجّ». ومنه شِعار العَساكر ، إنّما يَسِمُون لها علامة ينصبونها ليعرف بها الرجل رُفقَتَه.

وفي حديث آخر أن شعار أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان : يا منصورُ أمِتْ أَمِتْ! وروي عن عمر بن الخطاب أنَّ رجلاً رمى الجمرةَ فأصاب صَلَعَتَه بحجرِ فسال الدم فقال رجل : أُشعِر أميرُ المؤمنين! ونادى رجل آخر : يا خليفة ، وهو اسم رجلٍ ، فقال رجل من بني لِهْبٍ : ليُقتَلَنَّ أمير المؤمنين. فرجَع فقُتِل في تلك السَّنة. ولِهْبٌ : قبيلة من اليمن فيهم عِيافةٌ وزَجْر ، وتشاءم هذا اللِّهبي بِقول أُشعِرَ أميرُ المؤمنين فقال ليقتلن. وكان مُراد الرجل أنه أُعلِمَ بسيلان الدمِ عليه من الشُّجّة ، كما يُشعَر الهدي ، وذهب به اللِّهبيُّ إلى القتل ؛ لأنّ العرب كانت تقول للملوك إذا قُتلوا : أُشعِروا.

وكانوا يقولون في الجاهلية : دية المُشعَرة ألفُ بعير ، يريدون دية الملوك. فلمّا قال الرجل أُشعِر أمير المؤمنين جعله اللِّهبيُّ قتلاً فيما توجَّه له من علم العيافة ، وإن كان مُراد الرجل أنه دُمِّيَ كما يدمَّى الهديُ إذا أُشعِر.

وروى شمر بإسنادٍ له عن بعضهم أنه قال : «لا سَلَبَ إلّا لمن أشعَرَ عِلْجاً ، فأمّا من لم يُشعِرْ فلا سَلَبَ له» : قال شمر : قوله إلّا لمن أشعرَ عِلجاً ، أي طعنه حتّى دخَل السنانُ جَوفَه. قال : والإشعار : الإدماء بطعن أو رمي أو وَجْءٍ بحديدة. وأنشد لكثيِّر :

عليها ولمّا يبلغا كلَّ جهدها

وقد أشعرَاها في أظل ومَدْمَعِ

أشعراها : أدمياها وطعناها وقال الآخر :

يقول للمُهْر والنُّشَّابُ يُشعره

لا تَجزعَنَّ فشرُّ الشَّيمة الجزُع

قال : ومنه إشعار الهدي. ودخل التَّجُوبيُ

٢٦٦

على عُثمان فأشعره مِشقَصاً. وأنشد أبو عبيدة :

نقتِّلهم جيلاً فجِيلاً تراهُمُ

شعائر قُربان بها يُتقرَّبُ

وقال الله جلّ وعزّ : (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) [البَقَرَة : ١٩٨] هو مُزدلِفة ، وهي جَمْع ، تسمَّى بهما جميعاً. والمَشْعَر : المَعْلَم المتعبِّد من متعبّداته.

وأمّا قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لغَسَلةِ ابنته حين طرحَ إليهنَّ حَقوَه فقال : «أشعِرْنَها إيّاه» فإنَّ أبا عبيد قال : معناه اجعلْنَه شِعارها الذي يلي جسَدها.

وجمع الشِّعار شُعُر. والدِّثار : الذي فوقه ، وجمعه دُثُر.

وقال الليث : الشِّعار : ما استشعرتَ من الثِّياب تحتها. قال : وسمِّي شعاراً لأنّه يلي شعَر الجسد دون ما سواه من اللِّباس. قال : والشِّعار : ما ينادِي به القومُ في الحروب ليعرفَ بعضُهم بعضاً. وقال في قول الأعشى :

في حيثُ وارَى الأديمُ الشِّعارا

أراد في حيث وارَى الشعار الأديم ، فقلَبه.

قال : وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم للأنصار : «أنتم الشِّعار وغيركم الدِّثار» ، أراد أنَّهم أخصُّ أصحابه ، كما سمّاهم عيبتَه وكَرِشَه.

وروى عمرو عن أبيه أنه قال : الشِّعار : الرَّعد. وأنشد :

وقطار غادية بغير شعارِ

الغادية : السحابة التي تجيء غدوة.

وقال شمر : قال ابن شميل : الشِّعار : ما كان من شجرٍ في لينٍ ووَطاء من الأرض يحلُّه الناس ، نحو الدَّهناء وما أشبهها ، يستدفئون بها في الشتاء ، ويستظلُّون بها في القيظ ، فهو الشِّعار.

يقال أرضٌ ذاتُ شِعار. وأنشد :

تعدَّى الجانبَ الوحشي يأدو

مَدِبَّ السَّيل واجتنبَ الشِّعارا

قلت : قيّده شمر بخطِّه شِعار بكسر الشين ، وهكذا رواه أبو حاتم عن الأصمعي بكسر الشين مثل شعار المرأة. وأما ابن السكيت فرواه عن أبي عمرو الشيباني «شَعار» بفتح الشين في الشجر.

وأخبرني المنذري عن الصيداويّ عن الرياشيّ قال : قال أبو زيد : الشَّعار كله مكسور إلّا شَعار الشجر. قال : والشِّعار : كثرة الشجر.

قلت : فيها لغتان : شِعار وشَعار ، في كثرة الشجر.

وقال ابن دريد : روضةٌ شَعْراء : كثيرة الشَّجر. ورملة شَعْراء : تُنبت النَّصِيَّ.

وروى شمر عن ابن الأعرابي وأبي عمرو أنهما قالا : استشعر القومُ ، إذا تداعَوا بالشِّعار في الحرب. وقال النابغة الذبياني فيه :

مستشعِرين قد الفَوْا في ديارهم

دُعاء سُوعٍ ودُعْميٍّ وأيوبِ

يقول : غزاهم هؤلاء فتداعَوْا بينهم في بيوتهم بشِعارهم.

أبو عبيد : أشعرتُ السِّكِّينَ : جعلتُ لها شَعيرة.

٢٦٧

ثعلب عن ابن الأعرابي : الشَّعْراء : ذُبابٌ يلسَع الحمار فيدور. قال : وشَعَر لكذا ، أي فطِن له. وشَعِر ، إذا ملك عبيداً.

وقال الليث : الشَّعيرة : البَدَنة التي تُهدَى ، وجمعها الشَّعائر. قال : وشعائر الله : مناسك الحجّ ، أي علاماته. والمشعَر : مَوضع المَنْسَك من مَناسك الحج. قال : والشَّعَر : ما ليس بصوفٍ ولا وبَر ، والوَاحدة شَعَرة ، ويُجمع على الشعور والأشعار. ورجلٌ أشعَرُ شَعْرانيٌ : طويل الشعر.

وقال ابن السكيت : رجل أشعرُ : طويل الشَّعر. ورجلٌ أظفَر : طويل الأظفار. ورجل أعنَقُ : طويل العنُق. ويقال رجلٌ رأَى الشعرة ، إذا رأى الشَّيبَ في رأسه.

وقال الليث : الأشعر : ما استدار بالحافر من منتهى الجلد حيثُ ينبت الشُّعَيرات حوالَي الحافر ، وجمعه الأشاعر.

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم عن نُصير الرازيّ قال : يقال لناحيتَي فرج المرأة الأَسْكَتانِ ، ولطرفيهما الشُّفْران ، وللذي يليهما الأشعران.

وقال اللحياني : أشعَرُ خفِّ البعير حيث ينقطع ، وأشعر الحافرِ مثله ، وأشعر الحياءِ حيث ينقطع الشَّعَر. قال : والأشعر : شيء يخرج بين ظِلفي الشاة كأنّه ثؤلول تُكوَى منه.

وقال الليث : شعَرت بكذا أشعُر ، أي فطِنتُ له وعلمته. وليت شِعري : ليت علمي. وما يُشعِرك : ما يُدريك. قال : والشِّعر : القريض المحدود بعلامات لا يُجاوزها ، وقائله شاعرٌ لأنه يَشعُر ما لا يشعُر غيره ، أي يعلم. وجمعُه الشُّعراء. ويقال شَعَرتُ لفلانٍ ، أي قلتُ له شِعراً. وأنشد

شَعَرت لكم لما تبيَّنتُ فضلكم

على غيركم ما سائر الناس يَشْعُر

وقال اللحياني : يقال من الشِّعر شَعَر فلان ، وشعُر يشعُر شَعراً وشِعراً ، وهو الاسم.

قال : وشعرت بفلانٍ شِعرة وشِعراً ومشعورة ومشعوراً وشِعْرَى ـ وقال أبو الهيثم : لا أعرف شِعْرَى ـ قال : ويقال ما شعرت لفلان ، حكاه عن الكسائي. قال : وهو كلامُ العرب. ويقال ليتَ شعري لفلانٍ ما صنَعَ ، وليتَ شِعري عن فلان ما صنع ، وليتَ شعري فلاناً ما صنع.

وأنشد بيت أبي طالب بن عبد المطَّلب :

ليتَ شِعري مُسافرَ بنَ أبي عم

رٍو وليتٌ يقولُها المحزونُ

وأنشد في ليت شعري عَنْ :

يا ليت شعري عن فلانٍ ما صنَع

وعن أبي زيد وكم كان اضطجع

وقال آخر :

يا ليت شعري عنكم حنيفا

وقد جَدَعنا منكم الأنوفا

وقال الليث : الشَّعير : جنسٌ من الحبوب ، الواحدة شعيرة. قال : والشَّعارير : صغار القِثَّاء ، واحدُها شُعرور. وفي حديثٍ رُوي ، أنّه أهدي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شعارير. قال : والشَّعارير : لُعبةٌ للصِّبيان ، لا يُفردُ.

٢٦٨

يقال لَعبْنا الشَّعارير. والشَّعراء : فاكهة ، جمعُه وواحده سواء. والشَّعِيرة في الحُليّ : هَنَةٌ تُتَّخذ على خِلْقة الشَّعِيرة. وبنو الشُّعيراء : قبيلة معروفة.

وقال الله : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُ الشِّعْرى) [النّجْم : ٤٩]. الشِّعرى : كوكبٌ نيِّر يقال له المِرزَم ، وهما شِعريَانِ أحدهما تسمَّى الغُميصاء ، والأخرى يقال لها العَبُور. وقد عبَدَ الشِّعرى العَبورَ طائفةٌ من العرب في الجالية وقالوا إنها عَبَرت السماء عَرْضاً ، ولم يَعْبُرها عَرْضاً غيرُها. قال الله : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُ الشِّعْرى) [النّجْم : ٤٩] أي ربُ الشِّعرى التي تَعبُدون. وسمِّيت الأخرى الغُمَيصاء لأنَّ العرب قالت في أحاديثها إنها بكت على إثْر العَبور حتَّى غَمِصَتْ.

وشَعْر : جبل لبني سليم.

والشَّعرانُ : ضربٌ من الرِّمث أخضر يضرب إلى الغبرة.

والشِّعْرة : الشعَر على عانة الرَّجُل ورَكَب المرأة وعلى ما وراءهما.

قال اللحيانيّ : يقال تيسٌ أشعرُ وعَنْزة شعراء ، وقد شَعِر يَشعَر شَعَراً. وكذلك كلّ ما كثُر شعره. قال : وسألت أبا زيادٍ عن تصغير الشُّعور فقال : أُشَيعار ، رجع إلى أشعار. وهكذا جاء في الحديث : «على أشعارهم وأبشارهم».

ويقال استشعرت الشِّعار وأشعَرْتُه غيري.

ويقال أُشعِرتُ بفلانٍ ، أي أُطلِعت عليه.

وأشعَرتُ به ، أي أطْلَعْتُ عليه.

وتقول للرجل : استشعِرْ خشيةَ الله ، أي اجعله شعارَ قلبك.

ويقال : أشعرتُ الخُفَّ والقَلَنْسُوَةَ وما أشبههما. وشعَّرته وشَعَرته. وخفٌ مُشعَر ومَشعور.

وقال الكسائي : يقال أشعَرَ لفلانٍ ما عمِله ، وأشعَرَ فلاناً ما عمله.

وأخبرني المنذريّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء يقال الشّماطيط والعَبادِيد والشّعارير والأبابيل ، كل هذا لا يُفْرَد له واحد.

وقال أبو عبيد عن الفراء : ذهبوا شعاليلَ مِثل شعارير ـ بقِردَحْمةٍ ، أي تفرّقوا.

ويقال أُشعِر الجنينُ في بطن الأمّ ، إذا نبت شعره. وأنشد ابن السكيت في ذلك :

كلَّ جنينٍ مُشعَرٍ في الغِرسِ

واستشعر فلانٌ الخوفَ ، إذا أضمرَه.

وأشعَرَ فلانٌ جُبَّتَه ، إذا بطّنها بالشّعَر ، وكذلك أشعَرَ مِيثَرةَ سَرْجه.

وقال ابن السكيت : أرضٌ ذاتُ شِعارٍ ، أي ذاتُ شَجَر. وقيل الشِّعار : مكانٌ ذو شجر. قال : وقال أبو عمرو : بالموصل جبلٌ يقال له شَعْران ، سمِّي به لكثرة شجرِه قال : وأرضٌ شَعْراء : كثيرة الشجر.

وقال الطرمّاح :

شُمّ الأعالي شابك حولها

شَعْرَانُ مبيضٌّ ذرى هامها

أراد شَمٌ أعاليها ، فحذف الهاء وأدخل الألفَ واللام ، كما قال زهير :

حُجْنُ المخالبِ لا يَغْتاله الشِّبَعُ

أي حُجن مخالبه. قال والمشاعر : كلُّ موضعٍ فيه خَمَر وأشجار. وقال ذو الرمّة

٢٦٩

يصف ثوراً وحشياً :

يلوح إذا أفضى ويُخفِي بريقه

إذا ما أجنّتْه غُيوبُ المشاعرِ

وأمّا قول الشاعر :

على شَعْراء تُنقِضُ بالبِهامِ

فإنّه أرادَ بالشّعراء خصيةً كثيرة الشعَر النابت عليها. وقوله «تُنقِض بالبهام» عَنَى أُدرةً فيها إذا فُشّتْ خرجَ لها صَوتٌ كصوت المُنْقِض بالبَهْم إذا دعاها.

ويقال شاعَرْتُ فلانةَ ، إذا ضاجعتَها في ثوبٍ واحدٍ فكنتَ لها شِعاراً وكانت لك شِعاراً. ويقول الرجل لامرأته : شاعِرِيني.

أبو عبيد عن الأحمر قال : الشَّعِرة من المِعزَى : التي ينبُت الشّعر بين ظِلفَيْها فتَدمَى.

ويقال للرجل الشديد : فلانٌ أشعرَ الرقبة ، شبِّه بالأسد وإن لم يكن ثَمَ شَعَر. وكان زياد بن أبيه يقال له أشعَرُ بَرْكاً ، أي أنّه كثير شعر الصدر.

وأشعَر : قبيلة من العرب ، منهم أبو موسى الأشعريُ. ويُجْمَعون الأشعرِينَ بتخفيف يا النسبة كما يقال قوم يمانون.

رعش : قال الليث : يقال قد أخذتْ فلاناً رِعشةٌ عِند الحَرْب ضعفاً وجُبناً. وقال النضر : إنّه لرَعِشٌ إلى القتال وإلى المعروف ، أي سريع إليه. والرِّعشة : العَجَلة. وأنشد :

والمُرعَشِينَ بالقنا المقوَّمِ

كأنما أرعشوهم ، أي أعجلوهم.

قال : وتسمَّى الدابّة رعشاء لانتفاضها من شهامتها ونشاطها.

وقال الليث : يقال للجبان رِعشيش. ويقال ارتعشَتْ يدُه ، إذا ارتعدت. قال : وارتعشَ رأسُ الشَّيخ ، إذا رجَفَ من الكبر.

والرَّعشاء من النعام : السَّريعة ، والظليمُ رَعِشٌ ، وهو على تقدير فَعِلٍ ، بدلاً من أفعل. وكذلك الناقة الرَّعْشاء ، والجمل أرعَش. وهو الرَّعْشَنُ ، والرَّعشَنة. وأنشد :

من كلِ رعشاءَ وناجٍ رَعْشَنِ

والنون زائدة في الرَّعْشَنِ كما زادوها في الصَّيدَن ، وهو الأصيد من الملوك ، وكما قالوا للمرأة الخلَّابة خَلْبَن. ومنهم من يقول : الرَّعْشَنُ بناءٌ رباعيٌّ على حِدَة. والرُّعاش : رِعشة تعتري الإنسانَ من داءٍ يصيبُه لا يسكن.

شرع : قال الله جلّ وعزّ : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [المَائدة : ٤٨] وقال في موضع آخر : (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ) [الجَاثيَة : ١٨] وقال : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) [الشّورى : ١٣] قال أبو إسحاق في قوله : (شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) قال بعضهم : الشِّرعة في الدين والمنهاجُ : الطَّريق ، وقيل الشِّرعة والمنهاج جميعاً : الطَّريق. والطَّريق هاهنا : الدِّين ، ولكنَّ اللفظَ إذا اختَلف أُتي به بألفاظٍ تؤكد بها القصَّة والأمر ، كما قال عنترة :

أقوَى وأقفَرَ بعد أمِّ الهيثَمِ

فمعنى أقوى وأقفَرَ واحد يدلُّ على الخَلْوة ، إلّا أنّ اللَّفظين أوكدُ في الخَلْوة. قال : وقال محمد بن يزيد : شِرعةً معناها ابتداء الطريق. والمنهاج : الطريق المستمرّ.

٢٧٠

وقال الفرّاء في قوله : (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ) [الجَاثيَة : ١٨] ، قال : على دينٍ ومِلّة ومنهاج ، وكلُّ ذلك يقال. وقال القتيبيّ : (عَلى شَرِيعَةٍ) : على مِثال ومذْهب ، ومنه يقال شَرَع فلان في كذا وكذا ، أي أخذَ فيه. ومنه مَشارع الماء ، وهي الفُرَض التي تَشرع فيها الواردة.

وقوله جلّ وعزّ : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) [الشّورى : ١٣] قال ابن الأعرابيّ فيما روى عنه أبو العباس : شَرَعَ أي أظهَرَ.

وقال في قوله : (شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) [الشّورى : ٢١] قال : أظهروا لهم. قال : والشارع : الرَّبَّانيّ ، وهو العالم العامل المعلِّم. قال : وشرعَ فلانٌ إذا أظهرَ الحقَّ وقَمَعَ الباطل.

وقال ابن السكيت : الشَّرْع : مصدر شَرَعتُ الإهابَ ، إذا شققتَ ما بين الرِّجلين وسلختَه. قال : وهم في الأمر شَرَعٌ ، أي سواء.

قلت : فمعنى شَرَعَ بيَّنَ وأوضَحَ ، مأخوذ من شُرِع الإهابُ ، إذا شُقَّ ولم يُزقَّقْ ولم يُرجَّلْ. وهذه ضروبٌ من السَّلخ معروفة ، أوسعُها وأبيَنها الشرع.

وقيل في قوله : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) إنّ نُوحاً أوّلُ من أتى بِتحريم البنات والأخوات والأمَّهات. وقوله جلّ وعزّ : (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) [الشّورى : ١٣] أي وشرع لكم ما أوحينا إليك وما وصَّينا به الأنبياء قبلك. والشِّرعة والشريعة في كلام العرب : المَشْرعة التي يشرعُها الناس فيشربون منها ويستَقُون ، وربَّما شرَّعوها دوابَّهم حتى تشرعَها وتَشربَ منها. والعربُ لا تُسمِّيها شريعةً حتّى يكون الماء عِدّاً لا انقطاعَ له ويكونَ ظاهراً مَعِيناً لا يُستَقى منه بالرِّشاء. وإذا كان من ماء السماء والأمطار فهو الكَرَع ، وقد أكرعوه إبلَهم فكرعتْ فيه ، وقد سقَوها بالكَرَع.

ورُفع إلى عليّ رضي‌الله‌عنه أمرُ رجلٍ سافرَ مع أصحابٍ له فلم يَرجع حين قَفَلوا إلى أهاليهم ، فاتَّهم أهلُه أصحابَه فرافعوهم إلى شُريح ، فسأل الأولياءَ البيِّنةَ فعجَزوا عن إقامتها وأخبروا عليّاً بحكم شُريح ، فتمثّل بقوله :

أوردَها سعدٌ وسعدٌ مُشتَمِلْ

يا سعدُ لا تُروَى بهذاك الإبلْ

ثم قال : «إنّ أهوَنَ السَّقْي التشريع» ثم فرَّق بينهم وسألهم واحداً واحداً فاعترفوا بقتله فقتلَهم به : أراد عليٌّ أنّ الذي فعله شُريحٌ كان يسيراً هيِّناً ، وكان نَوْلُه أن يحتاط ويمتحِن بأيسر ما يُحتاط به في الدماء ، كما أنّ أهونَ السَّقْي للإبل تشريعها الماءَ ، وهو أن يوردَ ربُّ الإبل إبلَه شريعةً لا يُحتاج مع ظهور مائها إلى نَزْعٍ بالعَلَق من البئر ولا جَبْي في الحوض. أراد أنّ الذي فعله شُريح من طلب البيّنة كان هيّناً ، فأتى الأهوَنَ وتركَ الأحوطَ ، كما أن أهون السَّقي التشريع. وقال الليث : شرعت الواردةُ الشريعة ، إذا تناولت الماء بِفيها. والشريعة : المَشْرَعَة.

٢٧١

قال : وبها سُمِّي ما شرَع الله للعبادِ شريعةً ، من الصلاة والصوم والنكاح والحجّ وغيره.

قال : ويقال أشرعنا الرماحَ نحوهم وشرعْناها فشَرعَتْ ، فهي شَوارعُ. وأنشد :

أفاجوا من رماح الخطِّ لمَّا

رأونا قد شرعناها نِهالا

وكذلك السُّيوف. وقال الآخر :

غداةَ تعاورتْهم ثَمَّ بِيضٌ

شُرِعْن إليه في الرَّهَج المكِنِ

قال : وإبلٌ شُروع : قد شرعت الماءَ تشربُ. قال الشماخ :

تُسدُّ به نوائبُ تعتريه

من الأيام كالنَّهَل الشُّروعِ

والشارع من الطريق : الذي يشرع فيه الناس عامّةً. وهو على هذا المعنى ذو شَرْع من الخلق يشرعون فيه. ودورٌ شارعةٌ ، إذا كانت أبوابها شارعةً في طريق شارع.

وقال ابن دريد : دُورٌ شوارع : على نَهْج واحد.

قال أبو عبيد : الشِّراع : الأوتار ، وهي الشُّرُع. وقال لبيد :

إذا حَنَ بالشُّرعِ الدِّقاقِ الأناملُ

وقال آخر :

كما ازدهرت قَينةٌ بالشِّراع

لإسوارِها عَلَّ منها اصطباحا

وقال الليث : تسمَّى الأوتار شِراعاً ما دامت مشدودة على قوسٍ أو عُودٍ.

وأنشد للنابغة :

كقوس الماسخيّ أرنَّ فيها

من الشِّرْعيّ مربوعٌ متينُ

والشِّراع : شراع السفينة ، وهي جُلولُها وقلاعُها.

وقال الليث : إذا رفعَ البعير عنقَه قيل : رفعَ شِراعَه. وجمع الشِّراع أشرعة. قال : ويقال هذا شِرعةُ ذاك ، أي مثله. وأنشد للخليل يذمّ رجلاً

كفّاك لم تُخلقا للندى

ولم يك لؤمهما بدعَه

فكفٌّ عن الخير مقبوضة

كما حُطَّ عن مائة سبعه

وأخرى ثلاثة آلافها

وتِسعُ مئيها لها شِرعَه

أي مثلها. ويقال : هم في هذا الأمر شَرَعٌ واحد ، أي سواء.

قلت : كأنه جمع شارع ، أي يشرعون فيه معاً.

ويُقال شَرعُك هذا ، أي حسبُك. ومن أمثالهم :

شَرعُك ما بلَّغك المحَلَّا

وقال الليث : والشِّرعة : حِبالة من العَقَب يُجعَل شَركاً يُصطاد به القطا. ويُجمع شِرَعاً. وقال الراعي :

من آجنِ الماء محفوفاً بها الشِّرَعُ

والشَّراعة : الجُرأة. والشَّريع : الرجُل الشُّجاع. وقال أبو وَجْزة :

٢٧٢

وإذا خبَرتَهُم خَبَرتَ سماحةً

وشَراعةً تحت الوشيجِ المُورَدِ

وقال ابن شُميل : الشُّراعيّة ، الناقة الطويلة العنُق. وأنشد :

شُراعيّة الأعناق تلقى قلوصَها

قد استلأت في مَسْك كوماءَ بادنِ

قلت : لا أدري شُراعيّة ، أو شِراعيّة ، والكسر عندي أقرب ، شبّهت أعناقُها بِشراع السَّفينة لطولها. يعني الإبل. وأما السِّنان الشُّراعيّ فهو منسوبٌ إلى رجلٍ كان يَعمل الأسنَّة فيما أخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي وذكر أنه أنشده :

وأسمر عاتكٌ فيه سنانٌ

شُراعيٌ كساطعة الشُّعاعِ

أراد بالأسمر الرُّمحَ. والعاتك : المحمَرُّ من قِدمه.

والشَّريع من اللِّيف : ما اشتدَّ شوكُه وصَلَح لغِلظه أن يُخرَز به ، سمعتُ ذلك من الهَجَريِّين.

وفي جبال الدهناء جبلٌ يقال له شارع ، ذكر ذلك ذو الرمة في شعره.

وقال الليث : حِيتانٌ شُرُوع : رافعة رأسها.

وأما قول الله جلّ وعزّ في صفة الحِيتان : (يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ) [الأعرَاف : ١٦٣] فمعناه أنّ حيتانَ البحر كانت ترِدُ يومَ السبت عُنُقاً من البحر يُتاخم أَيْلة ، ألهمها الله أنّها لا تُصاد يوم السَّبت لنهيه اليهود عن صيدها ، فلما عَتَوْا وصادوها بحيلة توجَّهت لهم ، مُسِخوا قِرَدة. وروى شِمر عن محارب : يقال للنَّبت إذا اعتمَّ وشبِعت منه الإبل : قد أشرعت ، وهذا نبتٌ شُرَاع.

قال : والشوارع من النجوم : الدَّانية من المغيب. وكلُّ دانٍ من شيءٍ فهو شارع ، وقد شَرَع له ذلك. وكذلك الدار الشارعة : التي قد دنت من الطَّريق وقَرُبتْ من الناس. وهذا كلُّه راجعٌ إلى شيءٍ واحد ، إلى القُرب من الشيء والإشراف عليه.

وقال ابن شميل : يقال أشرعَ يدَه في المِطهرة ، إذا أدخلَها فيها إشراعاً. قال : وشَرَعتْ يدُه فيها. وشرعَت الإبلُ الماءَ وأشرعناها.

عمرو عن أبيه قال : الشَّريع : الكَتَّان ، وهو الأَبَقُ ، والزِّير ، والرازقيّ. ومُشَاقته السَّبيخة.

وقال ابن الأعرابي : الشَّرَّاع : الذي يبيع الشَّريع ، وهو الكتّان الجيّد واللِّيفُ الجيّد.

باب العين والشين واللام

[ع ش ل]

عشل ، علش ، شعل ، شلع : مستعملة.

عشل : أهملَ ابن المظفر عشل ، وشلع ، وهما مستعملان.

فأمّا عشل فإن أبا العباس روى عن ابن الأعرابيّ أنه قال : العاشل والعاشن والعاكل : المخمِّن الذي يظنُّ فيصيب وأما :

علش : فإنَّ ابن الأعرابيّ زعم أن العِلّوْشَ هو

٢٧٣

ابن آوَى. وقال الليث : علش لغة حميرية ، منه العلّوش ، وهو الذئب. قال : وقال الخليل : ليس في كلام العرب شين بعد لام ، ولكن كلُّها قبل اللام.

قلت : وقد وُجِد في كلامهم الشين بعد اللام. قال ابن الأعرابي وغيره : رجلٌ لشلاشٌ ، إذا كان خفيفاً.

وأمّا : شلع : فإنّ أبا عبيد روى عن الفراء أنه قال : الشعَلَّعُ : الطويل من الرجال.

قلتُ : ولا أدري أزِيدت العين الأولى أو الأخيرة. فإن كانت الأخيرة مزيدةً فالأصل شعل ، وإن كانت الأولى هي المزيدة فالأصل شلَع.

شعل : الشُّعلة : شبه الجِذْوة ، وهي قطعةُ خشبةٍ يُشعَل فيها النار ، وكذلك القَبَس والشِّهاب. وأما الشَّعيلةُ فهي الفَتيلة المُروّاة بالدُّهن يُستصبَح بها. وقال لبيد :

أصاح تَرى بُريقاً هبَّ وهناً

كمصباح الشَّعيلة في الذُّبالِ

ويقال أشعلتُ النار في الحطب فاشتعلت.

واشتعل فلانٌ غضباً ، واشتعل رأسُه شيباً ، أصله من اشتعال النار. ونصب «شيباً» على التفسير ، وإن شئتَ جعلتَه مصدراً ، وكذلك قال حُذَّاق النَّحويين.

أبو عبيدٍ عن الأصمعيّ وأبي عمرو قالا : الغارة المُشْعِلة : المتفرِّقة. وقد أشعلتْ ، إذا تفرّقت. قال ويقال أشعَلتِ القِربةُ والمزادة ، إذا سال ماؤها. والمِشعَلُ وجمعه المَشَاعل : أسَاقٍ لها قوائم. وأنشد الأصمعيّ لذي الرمّة :

أضَعْنَ مَواقِتَ الصلوَاتِ عمداً

وحالفْن المشاعِلَ والجِرارا

وقال : أشعَلَ فلانٌ إبلَها ، إذا عمَّها بالهِناء ولم يَطْلِ النُّقَبَ من الجَرب دون غيرها من بَدَن البعير الأجرب.

ويقال أشعلتُ جَمعَهم ، أي فرّقته. وقال أبو وجزة :

فعادَ زمانٌ بعد ذاكَ مفرِّقٌ

وأشعل وَلْيٌ من نوًى كلَ مُشعَلِ

وأشعَلتِ الطعنةُ ، إذا خرج دمُها. وأشعلَت العين : كثُر دمعُها.

وقال ابن السكيت : جاء جيشٌ كالجراد المُشْعِل ، وهو الذي يخرجُ في كلّ وجه.

وكتيبة مُشْعِلة ، إذا انتشرت. وأشعَلَتِ الطعنةُ ، إذا خرجَ دمُها متفرِّقاً. وجاء كالحريق المُشعَل ، بفتح العين.

أبو عبيدة : فرسٌ أشعَل. وغُرّةٌ شعلاء : تأخذ إحدى العينين حتّى تدخلَ فيها.

قال : قال : ويكون الشَّعَل في النَّواصي والأذناب في ناحية منها.

وقال الليث : الشَّعَل : بياضٌ في الناصية والذَّنَب ، والاسمُ الشُّعْلة. وقد اشعالّ الفرس اشعيلالاً ، إذا صار ذا شَعَل. وفرسٌ أشعلُ وشَعلاء. وقال أبو عمرو : إذا كان البياضُ في طرف الذنب فهو أشعَل ، فإذا كان في وسط الذنب فهو أصْبَغُ ، وإن كان في صدره فهو أدْعَم ، فإذا بلغ التحجيل إلى ركبتيه فهو مجبَّب ، فإن كان في يديه فهو مقفَّز.

٢٧٤

أبو عبيد عن الفراء : ذهَبوا شَعاليل وشعارير. وقال أبو وجزة :

حتّى إذا ما دنتْ منه سوابقُها

ولِلُّغَامِ بعطفيه شعاليلُ

أي فِرق وقِطع : يعني الكلاب والثور ، أي سوابق الكلاب.

باب العين والشين مع النون

[ع ش ن]

عشن ، عنش ، شنع ، شعن ، نعش ، نشع : مستعملات.

عشن : أبو عبيد عن الفراء : عَشَن برأيه واعتشَنَ ، إذا قال برأيه. وقال ابن الأعرابيّ : العاشِنُ : المخمِّن.

وأفادني المنذري عن أبي الهيثم قال : العُشَانة : اللُّقاطة من التمر. يقال : تَعشَّنتُ النخلةَ واعتشنتُها ، إذا تتبعت كُرابتَها فأخذتَه.

ابن نجدة عن أبي زيد : يقال لما يبقى في الكبَاسة من الرُّطَب إذا لقُطت النخلةُ العُشَانُ والعُشَانة ، والغُشَان ، والنُّدَار مثلُه.

عنش : روى ابن الأعرابيّ قول رؤبة :

فقلْ لذاك المُزعَج المعنوشِ

وفسَّره قال : المعنوش المستفَزُّ المَسُوقُ.

يقال عنشَه يعنِشه ، إذا ساقه.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : المعانَشة : المفاخرة. قال : والمعانَشة أيضاً : المعانَقة في الحرب.

وقال أبو عبيد : عانشتُه وعانقتُه بمعنًى واحدٍ وحكى ابن الأعرابي عن أبي المكارم أنه قال : فلانٌ صَديق العِناش ، أي العِناق في الحَرْب. وقال بعض أهل اللغة : من كلام أهل نجد : فلانٌ يعتنِشُ الناس ، أي يظلمُهم. وأنشد لرجلٍ من بني أسد :

وما قولُ عَبْسٍ وائلٌ هو ثأرنا

وقاتِلُنا إلّا اعتناشٌ بباطلِ

أي ظلم.

اللحيانيُّ : ما لَه عُنشُوشٌ ، أي ما له شيء.

وقال ابن السكيت : العَنَشْنَشُ : الطويل.

وقال :

عَنَشْنَشٌ تحمله عَنَشْنَشَه

للدِّرع فوق ساعديه خشخشه

شعن : تقول العرب : رأيت فلاناً مُشْعانَ الرأس ، إذا رأيتَه شَعِثاً منتفش الرأس مُغبرّاً.

وروى عمرو عن أبيه : أشْعَنَ الرجلُ ، إذا ناصَى عدوَّه فاشعانَ شعرُه. والشّعَن : ما تناثَر من ورق العُشْب بعد هَيجه ويُبسه.

وقد أهمل الليث (عشن) ، و (عنش) ، و (شعن) ، وهي مستعملة.

شنع : أبو عبيد عن الأصمعي : شنّعت الناقة في سيرها ، إذا شمَّرت تشنيعاً ، فهي مشنِّعة. والتشنُّع : الانكماش والجدّ.

وقال أبو سعيد : تَشنَّع فلانٌ لهذا الأمر ، إذا تهيّأ له.

ابن السكيت : حكى لي العامريّ : تشنَّع الرجلُ قِرنَه ، إذا ركبه. وتشنَّع الرجل راحلتَه ، إذا ركبها. وتشنَّع القومُ ، إذا جدُّوا وانكمشوا.

٢٧٥

الليث : الشُّنْع والشَّناعة والشُّنوع ، كلُّ هذا من قُبح الشيء الذي يُستَشنَع قُبْحه ، وهو شنيعٌ أشنع ، وقِصَّةٌ شَنْعاء ، ورجلٌ أشنعُ الخَلْق. وأنشد شمر :

وفي الهام منها نظرة وشُنوعُ

أي قُبح يُتعجَّب منه.

وقال الليث : تقول رأيت أمراً شَنِعتُ به شُنْعاً ، أي استشنعته. وأنشد لمروان :

فوِّضْ إلى الله الأمورَ فإنه

سيكفيك لا يشنعْ برأيك شانعُ

قال : وشنَّعت على فلانٍ أمرَه تشنيعاً.

وقد اشتَشْنَعَ بفلانٍ جهلُه.

وفي «النوادر» : شنَعَنا فلانٌ وفَضَحنا.

قال : والمشنوع : المشهور.

نشع : الحراني عن ابن السكيت قال : النَّشوع والوَشوع : الوَجور الذي يُوجَره الصبيُّ أو المريض. ومنه قول المرّار :

إليكم يا لئام الناس إنّي

نُشِعتُ العزَّ في أنفي نُشوعاً

قال : والنَّشوع : السَّعوط. يقال أنشعته (١).

وقال أبو عبيد : كان الأصمعيّ ينشد بيت ذي الرمة :

فالأمُ مُرضَعٍ نُشِع المَحَارا

قال : وهو إيجارك الصبيَّ الدواء.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : نُشِع الصبيُّ ونُشِغ بالعين والغين ، إذا أُوجِرَ في الأنف. وقال الأصمعيّ فيما روى عنه أبو تراب : هو النُّشوع والنّشوغ ، للوَجُور.

وروى عمرو عن أبيه : أنشعَ الصبيَّ ، إذا سَعَطَه. وهو النَّشوع والنَّشوغ.

وقال الليث : النَّشوع : أن يُعطَى الكاهن جُعلاً على كِهانته. وأنشد للعجّاج :

قال الحوازي واستحَتْ أن تُنشَعا

ورواه ابن السكيت :

«... وأبَى أن يُنْشَعا»

. ويقال نُشِعت به نُشوعاً ، أي أُولعت به.

وفلانٌ منشوعٌ بكذا وكذا ، أي مُولعٌ به.

وقال أبو وجزة :

نَشِعٌ بماء البقل بين طرائقِ

من الخلق ما منهنَّ شيءٌ مضيَّعُ

وطرائقه : اختلاف ألوان البقل.

نعش : الليث : النعش : سرير الميت.

وأنشد :

أمحمولٌ على النَّعش الهُمامُ

وسمعتُ المنذريّ يقول : سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى وسئل عن قوله :

يتْبعن قُلَّةَ رأسه وكأنه

حَرَج على نعشٍ لهنَّ مخيِّم

فحكى عن ابن الأعرابي أنه قال : النَّعام منخوبُ الجوف لا عقل له. وقال أبو العباس : إنَّما وصَف الرئال أنَّها تتبع النعامة فتطمح بأبصارها قُلّة رأسه ، وكأنَّ قُلّة رأسه ميّت على سرير قال : والرواية «مخيِّم».

قال : ويقولون : النَّعش : الميّت ، والنَّعشُ : السرير. قال المنذريّ وحكاه عن الأصمعي فيما أحسب. قلت : وروى

__________________

(١) في «اللسان» (نشع): «ربما قالوا : أنشعته الكلام ، إذا لقَّنته».

٢٧٦

الباهلي هذا البيت في كتابه.

 ... وكأنّه

زَوْجٌ على نعشٍ لهنَّ مخيَّم

قال : هذه نعامٌ يتبعن الذكر. والمخيَّم : الذي جُعل بمنزلة الخيمة. والزَّوج : النَّمَط. وقُلَّة رأسه : أعلاه. يَتْبعن ، يعني الرئال.

قلت : ومن رواه

«حَرَج على نعش ...»

، فالحرَج : المشبَّك الذي يُطْبَق على المرأة إذا وُضعَتْ على سرير الموتى ، يسمِّيه الناس النَّعْش ، وإمّا النَّعشُ السريرُ نفسُه ، سمِّي حَرجاً لأنّه مشبَّك بعيدانٍ كأنّها حَرَج الهَودج.

وبناتُ نعشٍ : سبعة كواكب ، فأربعةٌ منها نعشٌ لأنها مربّعة ، وثلاثة منها بناتٌ يقال للواحد منها ابن نَعْش ، لأنَّ الكوكب مذكر. قلت : والشاعر إذا اضطُرَّ يجوز أن يقول بنو نَعش ، كما قال الشاعر :

إذا ما بَنو نَعشٍ دَنَوْا فتصوَّبوا

ووجه الكلام بناتُ نعش ، كما يقال بنات آوى وبنات عِرس ، والواحد منها ابن عِرس وابن مِقرَض. وهم يؤنّثون جميع ما خلا الآدميين.

أبو عبيد عن الكسائيّ : نَعَشه الله وأنعشَه. وقال ابن السكيت : نَعَشَه الله ، أي رفَعَه ، ولا يقال أنعشَه ، وهو من كلام العامّة.

وقال شمر : النَّعش : البقاء والارتفاع ، يقال نعشَه الله ، أي رفعه. قال : والنَّعش من هذا لأنّه مرتفعٌ على السَّرير. قال : ونعَشْتُ فلاناً إذا جبرتَه بعد فَقْر ، ورفعتَه بعد عَثْرة. قال : والنَّعش إذا مات الرجُل فهم ينعَشونه ، أي يذكرونه ويرفعون ذكره. وقال الليث : يقال انتعِشْ نعشَك الله. ومنه قوله : «تَعِسَ فلا انتعش ، وشِيكَ فلا انتَقَش». قال : والنَّعْش : الرّفْع ، يقال نعشه الله بعد فَقْر. ونعَشتُ الشجرةَ ، إذا كانت مائلةً فأقمتها. قال : ويقال أنعَشتُه بالألف أيضاً. وقال رؤبة :

أنعشَني منه بسَيبٍ مُقْعَثِ

وغيره يقول : «أقعثَني». والربيع ينعش الناسَ ، أي يُخْصبهم.

باب العين والشين مع الفاء

[ع ش ف]

عفش ، عشف ، شفع ، شعف : مستعملة.

شفع : قال الله تعالى جدّه : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً) [النِّساء : ٨٥] يقول : أي من يكتسب حسنةً يكن له نصيبٌ منها ، (وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها).

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنه قرأ : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً)؟! [النِّساء : ٨٥] أي يزداد عملاً إلى عمل. قال : والشَّفْع : الزيادة. وعينٌ شافعة : تنظُر نظَرين. وأنشد :

ولم أكُ خلت في بصري شفُوعا

وأنشد ابنُ الأعرابي :

ما كان أبصرَني بِغرّاتِ الصِّبا

فاليوم قد شُفِعَتْ ليَ الأشباحُ

أي أرى الشخص الواحد شخصين لضعف بصري.

٢٧٧

قال المنذري : وسمعتُ أبا العباس وسئل عن اشتقاق الشُّفعة في اللغة فقال : الشُّفعة : الزيادة ، وهو أن يشفِّعك فيما تطلب حتّى تضمَّه إلى ما عندك فتزيده وتشفعه بها ، أي تزِيدُه بها ، أي إنه كان وِتراً واحداً فضمَّ إليه ما زاده وشفعَه به. وروى أبو عُمر عن المبرد وثعلبٍ أنهما قالا في قول الله تبارك وتعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البَقَرَة : ٢٥٥] قالوا : الشفاعة : الدُّعاء هاهنا. والشفاعة : كلام الشَّفيع للملِكِ في حاجةٍ يسألها لغيره. وقال القتيبيّ في تفسير الشُّفعة : كان الرجلُ في الجاهلية إذا أراد بيعَ منزلٍ أتاه جارُه فشَفَع إليه فيما باع فشفّعه وجعَلَه أولى ممَّن بَعُدَ سببُه ، فسمِّيتْ شُفعةً وسمِّي طالبُها شفيعاً.

قلتُ : جعلَ القتيبيُ شفع إليه بمعنى طَلبَ إليه. وأصلُ الشُّفعة ما فسَّره أبو الهيثم وأبو العبَّاس أحمد بن يحيى.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) [الفَجر : ٣ ، ٤] قال الأسود بن يزيد : الشَّفْع : يوم الأضحى ؛ والوَتْر : يوم عرفة.

وقال عطاء : الوتر هو الله تعالى : والشَّفْع : خَلْقُه. وروى ابن عباس أنه قال : الوَتْر آدمُ شُفِع بزوجته. وقال في (الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) : إن الأعدادَ كلَّها شفعٌ ووتْر.

وقال الليث : الشَّفع من العدد : ما كان زوجاً ، تقول : كان وِتراً فشفعته بآخر.

قال : والشافع : الطالبُ لغيره يستشفِع به إلى المطلوب. وتقول : تشفّعت لفلانٍ إلى فلان فشفّعني فيه ، واسم الطالب شفِيع.

وقال الأعشى :

واستشفعتْ من سَراة الحيّ ذا ثقةٍ

فقد عَصاها أبوها والذي شَفَعا

قال : وتقول : إنّ فلاناً ليَشفَعُ لي بعداوةٍ ، أي يُضادُّني. قال الأحوص :

كأنَّ من لامَنِي لأصرمَها

كانوا علينا بلومهمْ شفعوا

معناه أنَّهم كأنّهم أغرَوْني بها حين لامُوني في هواها ، وهو كقوله :

... إنّ اللّومَ إغراءُ

عمرو عن أبيه : الشُّفْعة : الجنون ، وجمعها شُفَع.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال في وجهه شَفْعة وسَفْعةٌ ، وشُنْعة ، ورَدَّةٌ ونَظْرَةٌ ، بمعنى واحد.

وقال أبو عمرو : يقال للمجنون : مشفوع ومسفوع.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث مصدِّقاً فأتاه بشاةٍ شافع فردَّها وقال : «ائتني بمُعتاط».

قال أبو عبيد : الشافع : التي معها ولدها ، سمِّيت شافعاً لأنّ ولدها شَفَعها وشفعَتْه هي. وقال شمر : قال الفراء : ناقة شافعٌ ، إذا كان في بطنها ولدٌ ، يتلوها آخر. ونحوَ ذلك قال أبو عبيدة ، وأنشد :

وشافع في بطنها لها ولدْ

ومَعَها من خلفها له وَلَدْ

وقال :

ما كان في البطن طلاها شافعُ

ومعها لها وليدٌ تابعُ

٢٧٨

الأصمعيّ : ناقة شَفوع : تجمع بين مِحلبين في حَلْبة ، وهي القَرون.

وشُفعة الضُّحى : ركعتا الضُّحى ؛ جاء في الحديث.

شعف : قال الله جلّ وعزّ : (قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [يُوسُف : ٣٠]. وقد قرىء الحرف بالعين والغين ، فأخبرني المنذريّ عن الحسين بن فهم عن محمد بن سلّام ، عن يونس أنه قال : مَن قرأها (شعفها حبا) فمعناه تيَّمها. ومن قرأها : (شَغَفَها) قال : أصاب شغَافها.

وأخبرنا عن الحراني عن ابن السكيت أنه قال : شَعَفه الحبُّ ، إذا بلغ منه. وفلانٌ مشعوفٌ بفلانة ، وقد شعفَه حبُّها. ويقال شَعَفَ الهِناءُ البعير ، إذا بلغ منه ألمه.

وقال الفراء في قوله شعفها : زعموا أن الحسنَ كان يقرأ بها. قال : وهو من قوله شُعِفْتُ بها ، كأنه قد ذهب بها كلّ مذهب. والشَّعَف : رؤوس الجبال.

وقال أبو عبيد : الشَّعْف بالعين : إحراق الحبِّ القلبَ مع لذَّةٍ يجدها ، كما أنّ البعيرَ إذا هُنِىءَ بالقَطِران يبلغ منه مثل ذلك.

وقال شمر : شَعَفَها : ذهبَ بها كلَّ مذهب.

قال : والمشعوف : الذاهبُ القلب. وأهل هجر يقولون للمجنون : مشعوف.

وقال أبو سعيد في قوله :

كما شَعَفَ المنهوءَةَ الرجلُ الطالِي

يقول : أحرقْتُ فؤادها بحبِّي كما أحرقَ الطالي هذه المهنوءة.

وقال أبو زيد : شعَفه حبُّها يَشعَفُه ، إذا ذهبَ بفؤاده ، مثل شعَفَه المرضُ ، إذا أذابَه. قال : وقوله :

كما شَعَفَ المهنوءةَ الرجلُ الطالي

يقول : فؤادها طائر من لذّة الهِناء.

سلمة عن الفراء عن الدُّبيرية قالت : يقال ألقى عليه شَعَفَه وشغَفَه ، ومَلقَه ، وحُبَّه وحُبَّتَه ، وبِشرَه بمعنًى واحد.

وقال الأصمعي في قوله :

شَعَف الكلابُ الضارباتُ فؤادَهُ

قال : المشعوف : الذاهبُ الفؤاد. وبه شُعافٌ أي جنون. وقال جندلٌ الطُّهوَيّ :

وغير عَدْوَى من شُعافٍ وحَبَن

والحَبَن : الماء الأصفر.

وفي الحديث : «مِن خير الناس رجلٌ في شَعفَةٍ في غُنَيمةٍ له حتّى يأتيه الموت» ، قال أبو عبيد : الشَّعفة : رأس الجبل.

قلت : وتجمع شَعَفاتٍ.

وفي حديث آخر أنه ذكر يأجوجَ ومأجوج فقال : «عِراض الوجوه صِغار العيون ، صُهْب الشِّعاف ، (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)»

. قوله : صُهب الشِّعاف يريد شعور رؤوسهم ، واحدُها شَعَفة ، وهي أعلى الشَّعَر. وشَعَفَة كلّ شيء : أعلاه.

وقال رجل : ضرَبني عمرُ بدِرَّته فأغاثني الله بشَعفَتين في رأسي» ، يعني أنَّهما وقَتَاه الضَّربَ. وأراد بهما ذؤابتين على رأسه.

وقال أبو زيد : الشَّعْفة : المَطْرة الهيِّنة.

قال : ومثلٌ للعرب : «ما تنفَع الشَّعْفة في

٢٧٩

الوادي الرُّغُب». يضرب مثلاً للذي يعطيك قليلاً لا يقع منك مَوقعاً ولا يسدُّ مَسَدّاً. والوادِي الرُّغُب : الواسع الذي لا يملؤه إلا السيل الجُحاف.

ومن أمثالهم المعروفة : «لكِنْ بشَعْفينِ أنتِ جَدُود». يُضرب مثلاً لمن كان في حالٍ سيِّئة فحسنت حالُه. وشَعْفانِ : جبلانِ بالغَور.

وقال الليث : الشَّعَف : رؤوس الكمأة والأثافي المستديرة. قال : وشَعَفة القلب : رأسُه عند معلَّق النِّياط ، ولذلك يقال : شَعفَني حبُّها. قال : وشعفَات الأثافي والأبنية : رؤوسُها. وقال العجّاج :

دَواخساً في الأرضِ إلَّا شَعفَا

قلت : ما عملتُ أحداً جَعَلَ للقلب شَعَفةً غير الليث. والحبُّ الشديدُ يتمكّن من سواد القلب لا مِن طَرفه.

عشف : أهملَه الليث : وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العَشُوف : الشجرة اليابسة.

وقال ابن شميل في كتاب «المنطق» : البعير إذا جيء به أوّلَ ما يُجاءُ به لا يأكل القَتَّ والنَّوَى ، يقال إنّه لمُعْشِف. والمُعْشِف : الذي عُرضَ عليه ما لم يكن يأكل فلم يأكلْه. وأكلتُ طعاماً فأعشَفْتُ عنه ، أي مرِضتُ عنه ولم يهنأني. وإنّي لأعشِفُ هذا الطعامَ أي أقْذَره وأكرهه.

ووالله ما يُعشَف لي الأمر القبيح ، أي ما يُعرفُ لي. وقد ركبتَ أمراً ما كان يُعشَف لك ، أي ما كان يُعرف لك.

عفش : أهمله الليث. وفي «نوادر الأعراب» : بها عُفاشَة من الناس ، ونُخاعة ، ولُفاظة ، يعني من لا خير فيه من الناس.

باب العين والشين مع الباء

[ع ش ب]

عشب ، عبش ، شبع ، شعب ، بشع : مستعملات.

عشب : قال الليث : العُشْب : الكلأ الرَّطْب ، وهو سَرَعان الكلأ في الربيع يَهيج ولا يبقَى. وأرضٌ عَشِبةٌ ومُعْشِبة ، وقد أعشَبتْ واعشوشبتْ إذا كثُر عُشْبُها. وأعشبَ القومُ إذا أصابوا عُشْباً. قال : وأرضٌ عَشِبة بيّنة العَشَابة. ولا يقال عَشِبت الأرض ، وهو قياسٌ إنْ قيل.

وأنشد لأبي النجم :

يقُلْن للرائد أعشبتَ انزلِ

قلت : الكلأ عند العرب يقع على العُشْب وهو الرُّطْب ، وعلى العُرْوة والشجر والنصِيّ والصِّلِّيان الطيّب ، كلُّ ذلك من الكلأ ، فأمّا العُشْب فهو الرُّطْب من البقول البريّة تنبت في الربيع. ويقال روضٌ عاشب : ذو عُشْب. وروضٌ مُعْشِب. ويدخل في العُشب أحرار البقول وذكورها. فأحرارها : ما رقَّ منها وكان ناعماً. وذكورها : ما صُلب وغلُظ منها.

وقال الأصمعيّ : يقال شيخٌ عَشَمة بالميم. وقال أبو عبيدة : يقال شيخ عَشمة وعَشبة ، بالميم والباء. وقال غيرهما : عيالٌ عَشَبٌ : ليس فيهم صغير. وقال الراجز :

جمعتُ منهم عَشَباً شَهابرا

وقال الليث : رجلٌ عَشَبٌ وامرأةٌ عَشَبة ،

٢٨٠