تهذيب اللغة - ج ١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

والعجوز : الخمر. ويقال للرجل عجوز وللمرأة عجوز. قال : ويقال للمرأة عجوزَةٌ بالهاء أيضاً.

وأخبرني المنذري عن ثعلب أنه قال : رجلٌ معجوز ، ومشفوه ، ومعروك ، ومنكود ، إذا ألِحَّ عليه في المسألة.

وقال ابن دريد : فحلٌ عَجِيز وعجيس ، إذا عَجَز عن الضراب.

قلت : وقال أبو عبيد في باب العنِّين : هو العَجِير بالراء ، للذي لا يأتي النساء.

قلت : وهذا هو الصحيح.

وقال الليث : العجيزة : عجيزةُ المرأة خاصّةً. وامرأة عجزاء ، وقد عَجِزَتْ عَجَزاً. قال : والجميع عجيزات ، ولا يقولون عجائز مخافة الالتباس.

وقال ابن السكيت : عَجُز الرجلُ : مؤخَّره ، والجميع الأعجاز ؛ ويصلح للرَّجل والمرأة.

وأما العجيزة فعجيزة المرأة خاصة.

أبو عبيد عن أبي زيد : العُجْز والعَجُز والعَجْز ، وكذلك العُضْد والعضُد والعَضْد ، ثلاثُ لغات. قال : وتعجّزت البعيرَ : ركبت عَجُزه.

وقال الليث : العجزاء من الرمال : حبل مرتفعٌ كأنّه جَلَد ، ليس برُكام رمل ، وهو مكرُمةٌ للنبت ، والجميع العُجْز لأنه نعتٌ لتلك الرَّملة.

وقال غيره : عُقابٌ عَجْزاء ، إذا كان في ذنبها ريشة بيضاء أو ريشتان. وقال الشاعر :

عَجْزاءَ ترزُق بالسُّلَيِّ عيالَها

ويقال لِدابرة الطائر : العِجازة. والعِجازةُ أيضاً : ما تعظِّم به المرأة عجيزتها. ويقال إعجازة ، مثل العِظامة والإعظامة. قاله ابن دريد.

أبو عبيد عن الكسائي : فلانٌ عِجزة ولد أبويه ، أي آخرهم ، وكَذلك كِبْرَة ولد أبويه. قال : والمذكر والمؤنث والجمع والواحد في ذلك سواء. قال : وقال أبو زيد في العِجزة مثله.

قلت : أراد بِكبرة ولد أبويه أكبرهم.

وقال الليث : العِجزة ابنُ العجزة ، هو آخر ولدِ الشيخ. ويقال وُلد لعِجزة ، أي بعدما كبِر أبواه. قال : ويقال اتَّقِي الله في شيبتكِ وعَجْزكِ ، أي بعد ما تصيرين عجوزاً. وعجّز فلانٌ رأيَ فلان ، إذا نسبه إلى خلاف الحزم ، كأنه نسبه إلى العجز.

وأعجزتُ فلاناً ، إذا ألفيتَه عاجزاً.

عزج : أهمله الليث. وقال ابن دريد في «كتابه» : العَزْج : الدَّفع. قال : وقد يكنى به عن النكاح.

وقال غيره : عَزَجَ الأرض بالمسحاة ، إذا قَلَبها. كأنّه عاقب بين عَزق وعَزَج.

جزع : قال الله جلّ وعزّ : (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ٢٠ وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ٢١). (١) [المعارج : ١٩ ـ ٢٠] والجَزوع ضدّ الصّبور على الشرّ. والجَزَع : نقيض الصبر. وقد جزِع يجزَع جزَعاً فهو جازع ، فإذا كثُر

__________________

(١) في المطبوع : «إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً و إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً».

٢٢١

منه الجزع فهو جَزُوع.

وأخبرني المنذري عن الحرّاني عن ابن السكيت قال : الجَزْع بفتح الجيم : الخَرَز اليماني. والجِزْع ، بكسر الجيم : جِزع الوادي ، وهو منعطَفهُ. وقال الأصمعي : هو مُنحَناهُ.

وقال أبو عبيدة : هو إذا قطعتَه إلى الجانب الآخر. والجميع أجزاع. وقال غيره : الجَزْع أيضاً قطعك وادياً أو مفازة أو موضعاً تقطعه عَرضاً. وناحيتاه جِزعاه.

وقال الأعشى :

جازعاتٍ بَطنَ العقيق كما تَم

ضِي رِفاقٌ أمامهنّ رِفاقُ

قال الليث : لا يسمَّى جِزعُ الوادي جِزعاً حتى تكون له سعةٌ تُنب الشجر وغيره. قال : والجازع : الخشبة التي ترفع بين خشبتين عرضاً منصوبتين ليوضع عليه سُروغ الكروم وقضبانها ، لترفعَها عن الأرض.

وقال ابن شُمَيل نحواً منه.

أبو عبيد عن الأصمعي قال : المجزِّع من الرُّطَب : الذي بَلغَ الإرطابُ نصفه.

قال شمر : قال المِسعريُّ : المجزِّع بالكسر. وهو عندي بنصب الزاي على وزن مخطَّم.

وقلت : وسماعي من الهجريِّين رُطَبٌ مجزِّع بكسر الزاي كما رواه المسعريّ عن أبي عبيد. يقال جزَّع فهو مجزِّع.

ويقال : في القِرْبة جِزعةٌ من الماء ، وفي الوَطْب جِزْعة من اللبن ، إذا كان فيه شيء قليل. وقال الليث : الجِزْعة من اللبن في السِّقاء ما كان أقلَّ من نِصْفه ، وكذلك الماء. وكذلك الماء في الحوض.

الأصمعي : مضَتْ جِزعة من الليل ، أي ساعةٌ من أوّلها وبقيت جزعة من آخرها.

أبو زيد : كلأ جُزَاع ، وهو الذي يقتُل الدوابّ. ولحمٌ مجزَّع : فيه بياضٌ وحمرة. ونوًى مجزَّع ، إذا كان محكوكاً.

وقال غيره : تجزّع السهمُ ، إذا تكسر.

وقال الشاعر :

إذا رُمحُه في الدَّارعينَ تجزَّعا

وقال ابن دريد : انجزعَ الحبلُ بنصفين ، إذا انقطع. وانجزعت العصا. قال : والجُزَع : المحور الذي تدور فيه المَحالة ، لغة يمانية. قال : والجُزَع أيضاً : الصِّبغ الأصفر الذي يسمَّى العُرُوق.

وقال ابن شميل : يقال في الحوض جِزعة ، وهو الثلث أو قريبٌ منه ، وهي الجِزَعُ. وقد جزَّع الحوضُ ، إذا لم يبق فيه إلّا جِزْعة. ويقال : في الغدير جِزعة ، ولا يقال : في الركيّة جزعة.

وقال ابن الأعرابي : الجِزعة ، والكُثبة ، والغُرقة ، والخَمْطة : البقيَّة من اللبن.

جعز : أهمله الليث. وقال ابن دريد : الجَعَز والجَأَزُ : الغَصص ؛ كأنه أبدل من الهمزة عيناً.

زعج : قال الليث : الإزعاج : نقيض الإقرار ، يقال أزعجته من بلاده فشَخَص ، ولا يقولون أزعجتُه فَزَعج. ولو قيل انزعج وازدعج لكان قياساً.

وقال ابن دريد : يقال زَعَجه وأزعَجه ، إذا أقلقَه.

٢٢٢

وقال غيره : الزّعَج : القَلَق. وقد أزعجه الأمرُ ، إذا أقلقه.

[ع ج ط] : أهملت وجوهه (١).

باب العين والجيم مع الدال

عجد ، جدع ، جعد ، دعج : مستعملات.

عجد : قال الليث : العُجْد : الزَّبيب. قال : وهو حبّ العنب أيضاً ، ويقال بل ثمرةٌ غير الزبيب شبيهةٌ به ، ويقال بل هو العُنْجُد.

ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضَّل ، وعمرو عن أبيه قال : العُنْجُد : عَجْم الزبيب. قال : وحاكم أعرابي رجلاً إلى القاضي فقال : بعتُ منه عُنْجُداً مُذْجَهْرٌ فغاب عنّي. قال ابن الأعرابي : الجَهْر : قطعة من الدهر.

وقال ابن دريد : العُنجدُ : رديء الزبيب ، ويقال عَنْجَد ، ويقال بل هو حبُّ الزبيب.

وقال الأصمعي : العَجَد : الغِربان ، واحدته عَجَدة. وقال الهذلي يصف خيلاً :

فأرسلوهنَّ يَهتلِكْنَ بهمْ

شَطْرَ سَوَامٍ كأنَّها العَجَدُ

جدع : أبو عبيد عن أبي زيد : جدعت الرجلَ أجدعُه جدعاً ، إذا سجنته ، فهو مجدوع.

قال شمر : المحفوظ جَذَعت الرجل بالذال بمعنى حبست. وأنشد :

كأنّه من طول جَذْع العَفْسِ

قال : وقال ابن الأعرابيّ : جَذع الرجلُ عياله ، إذا حَبَس عنهم الخير وقال أبو الهيثم : الذي عندنا في ذلك أنّ الجَدْع والجَذْع بمعنًى واحد ، وهو حَبْس من تحبسه على سوء ولايةٍ وعلى الإذالة منك له قال : والدليل على ذلك قول أوس :

وذاتُ هِدمٍ عارٍ نواشرها

تُصمِتُ بالماء تولَباً جَدِعاً

قال : وهو من قولك جَدَعته فجدِع ، كما تقول ضَربَ الصَّقيعُ النباتَ فضَرِبَ ، وكذلك صَقِع ، وعَقَرته فعَقِر أي سقط ، وقَرَحته فقَرِح.

أبو عبيد عن الكسائيّ : الجدِع : السيّء الغذاء. وقد أجدعته أمُّه. وقال الأصمعيّ : الجَدَاعُ : السَّنَة التي تُذهب كلَّ شيءٍ. وأنشد :

لقد آليتُ أَغدِر في جَدَاعِ

وإنْ مُنِّيتُ أُمّاتِ الرِّباعِ

ويقال جدَّع القحط النباتَ ، إذا لم يَزْكُ لانقطاع الغيث عنه وقال ابن مُقْبِل :

وغيث مَريع لم يجدَّعْ نباتُه

أبو عبيد عن أبي زيد : جادعت الرجل مُجادَعةً ، وهي المشاتَمة. والمشارَّةُ نحوها.

وقال الليث : الجَدْع : قطع الأنف والأذن والشَّفَة ، تقول جدعته جدعاً فأنا جادع.

وإذا لزِمه النعت قلت أجْدَعُ ، وقد جَدِعَ جَدَعاً. قال : والجَدَعة : موضع الجَدْع من المجدوع.

__________________

(١) في المطبوعة (١ / ٣٥٠) جاء ذكر هذا الباب بعد باب العين والجيم مع التاء ، ووضعناه هنا وفقاً لمنهاج الأزهري في ترتيب الأبواب.

٢٢٣

دعج : قال الليث : الدَّعَج : شدّة سواد [سوادِ] العين وشدة بياض بيَاضها ؛ عينٌ دعجاء ، وامرأةٌ دَعْجاء ، ورجلٌ أدعج بيِّن الدَّعَج.

وقال العجاج يصف انفلاق الصبح :

تسُور في أعجاز ليلٍ أدعجا

قال : جعل الليل أدعج لشدَّة سواده مع شدّة بياض الصبح.

قلت : وقد قال غير الليث : الدُّعجة والدَّعَج سوادٌ عامٌّ في كلِّ شيء. يقال رجل أدعج اللون ، وتيسٌ أدعج القرنين والعينين. وقال ذو الرمة يصف ثوراً وحشياً وقرنيه :

جرى أدعج الروقَين والعَينِ واضحُ ال

قَرَا أسفع الخدَّين بالبين بارحُ

فجعلَ القَرْنَ أدعجَ كما ترى.

قلت : ورأيت في البادية غليِّماً أسود كأنّه حُمَمةٌ ، وكان يسمَّى نُصَيراً ويلقَّب دُعيجاً ، لشدّة سواده.

وقال أبو نصر : سألت الأصمعيّ عن الدَّعَج والدُّعجة فقال : الدَّعَج : شدّة السواد ، ليلٌ أدعج وعين دعجاء بيِّنة الدعَج والدُّعْجة في الليل : شدةُ سواده.

قلت : وهذا هو الصواب ، والذي قاله الليث في الدَّعج إنّه شدّة سواد سوادِ العين مع شدة بياض بياضها ، خطأٌ ما قاله أحدٌ غيره.

وأمّا قول العجاج :

في أعجازِ ليلٍ أدعجا

فإنه أراد بالأدعج الليلَ المظلم الأسود.

جعد : قال الليث : الجَعْدة : حشيشة تنبُتُ على شاطىء الأنهار خضراء ، لها رَعْثة كرعثة الديك طيِّبة الريح تنبت في الربيع وتيبس في الشتاء ؛ وهي من البقول.

قلت : الجعدة بقلة بِرّيّة لا تنبت على شطوط الأنهار ، وليس لها رَعْثة.

وقال النضر بن شُميل : الجَعْدة : شجرة طيّبة الريح خضراء ، لها قُضُب في أطرافها ثمر أبيض ، يُحشَى بها الوسائد لطيب ريحها ، إلى المرارة ما هي ، وهي جهيدةٌ يصلُح عليها المال ، واحدتها وجَماعتها جَعدة.

وأجاد النضر في صفة الجعدة.

وقال النضر أيضاً : الجعاديد والصعارير أوّل ما ينفتح الإحليل باللبأ ، فيخرج شيءٌ أصفر غليظ يابس ، وفيه رخاوة وبلل كأنّه جُبْن ، فيندُصُ من الطُّبْي مُصَعْرَراً ، أي يخرج مدحرجاً.

ونحو ذلك قال أبو حاتم في الصَّعارير والجعاديد. وقال : يخرج اللبأ أولَ ما يخرج مصمِّغاً. وقال في كتابه في «الأضداد» : قال الأصمعي : زعموا أن الجعدَ السّخيُّ. قال : ولا أعرف ذلك ، والجعد : البخيل ، وهو معروف. قال : وقال كثيِّر في السخيّ كما زعموا يمدح بعض الخلفاء :

إلى الأبيض الجعد ابن عاتكة الذي

له فضل مُلكٍ في البرية غالبُ

قلت : وفي أشعار الأنصار ذِكرُ الجعدِ وُضِعَ موضعَ المدح ، أبياتٌ كثيرة ، وهم من أكثر الشعراء مدحاً بالجعد.

٢٢٤

وأخبرني المنذري عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال : الجَعْد من الرجال : المجتمع بعضه إلى بعض. والسَّبِط : الذي ليس بمجتمع. وأنشد :

قالت سُلَيمى لا أحبُ الجَعْدِينْ

ولا السِّباطَ إنهمْ مَناتِينْ

وأنشد أبو عبيد :

يا ربَ جعدٍ فيهمُ لو تدرينْ

يَضرب ضَر السُّبُط المقاديمْ

قلت : وإذا كان الرجل مداخَلاً مُدمَج الخلْقِ معصوباً فهو أشدُّ لأسْرِه ، وأخفُّ له إلى منازلة الأقران ، فإذا اضطرب خَلْقُه وأفرط في طوله فهو إلى الاسترخاء ما هو. والجَعْدُ إذا ذُهب به مذهبَ المدح فله معنيان مستحبان : أحدهما أن يكون معصوب الجوارح شديدَ الأسر غير مُسترخٍ ولا مضطرب. والثاني أن يكون شعره جعداً غير سَبِط ؛ لأنَّ سبوطة الشعر هي الغالبة على شعور العجم من الروم والفرس ، وجُعودةَ الشعر هي الغالبة على شُعور العرب. فإذا مُدِح الرجل بالجعد لم يَخرُج من هذين المعنَيين. وأما الجعد المذموم فله أيضاً معنيان كلاهما منفيٌّ عمَّن يُمدح : أحدهما أن يقالُ رجلٌ جَعْدٌ ، إذا كان قصيراً متردّد الخلف. والثاني أن يقال رجلٌ جعدٌ ، إذا كان بخيلاً لئيماً لا يَبِضُّ حَجَرُه. وإذا قالوا رجل جَعْد اليدين ، وجعد الأنامل ، لم يكن إلّا ذمّاً محضاً.

والجُعودة في الخدَّين : ضدُّ الأَسالة ، وهو ذَمٌّ أيضاً. والجعودة ضدُّ السُّبوطة مدحٌ ، إلّا أن يكون قَطَطاً مُفلفَلاً كشعر الزنج والنُّوبة ، فهو حينئذٍ ذم. وقال الراجز :

قد تيَّمتْني طَفلةٌ أُملودُ

بفاحمٍ زيَّنَه التجعيدُ

وثرًى جَعْد ، إذا ابتلّ فتعقَّد. وزَبَدٌ جَعد : مجتمع. ومنه قول ذي الرمة :

واعتمَّ بالزَّبَدِ الجعدِ الخراطيمُ

والعرب تسمِّي الذِّئب أبا جَعدة ، ومنه قول عَبيد بن الأبرص :

هي الخمرُ صِرفاً وتُكْنَى الطِلاءَ

كما الذِّئبُ يكنى أبا جَعدةِ

قال أبو عبيد : يقول : الذئب وإن كنّي أبا جعدة ونُوِّه بهذه الكنية فإنَّ فعلَه غير حَسَن ، وكذلك الطِّلاءُ وإن كان خائراً فإنّ فعلَه فِعلُ الخمر لإسكاره شاربَه. كلامٌ هذا معناه.

[ع ج ت] : أهملت وجوهه.

باب العين والجيم والظاء

[ع ج ظ]

استعمل من وجوهه : جعظ : روي عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ألا أنبئكم بأهل النار؟ كلُّ جَظٍّ جَعِظٍ مستكبِر» قلت : ما الجَظُّ؟ قال : «الضخم» قلت : ما الجَعِظ؟ قال : «العظيم في نفسه».

قلت : وتفسير الجَعِظ عند اللغويين يقرب من التفسير الذي جاء في الحديث. وقال الليث : الجَعِظ : الرجل السيّىء الخُلق يتسخَّط عند الطَّعام.

٢٢٥

وقال أبو زيد الأنصاريّ : الجِعظايَة : الرجل القصير اللحِيم. وأنشد أبو سعيد بيت العجاج :

تواكلوا بالمِربد ، الغِناظا

والجُفرتين أُجعِظوا إجعاظا

قلت : معناه تعظَّموا في أنفسهم وزَمُّوا بآنُفِهم.

وقال ابن دريد : جعظه وأجعظه ، إذا رفَعه ومنعَه ، وأنشد بيت العجاج هذا.

وروى سلمة عن الفراء أنه قال : الجظُّ والجوّاظ : الطويل الجسيم ، الأكول الشروب ، البَطِر الكَفور. قال : وهو الجِعظار أيضاً.

قلت : والجَعْظَريُّ مثله.

باب العين والجيم مع الذال

[ع ج ذ]

استعمل من وجوهه : عذج ، جذع ، ذعج.

عذج : أهمله الليث. وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال : يقال رجل مِعْذَجٌ ، إذا كان كثير اللَّوم. وأنشد :

فعاجت علينا من طُوالٍ سَرعرعٍ

على خوف زَوج سيِّىء الظن مِعذَجٍ

ذعج : أهمله الليث. وقال ابن دريد : الذَّعْج : الدفع ، وربّما كني به عن النكاح. يقال ذعجها ذعجاً.

قلت : ولم أسمع الذَّعج بهذا المعنى لغير ابن دريد ، وهو من مناكيره.

جذع : أخبرني أبو الفضل عن أبي الحسن الصيداويّ عن الرياشي أنه قال : المجذوع : الذي يُحبَس على غير مرعى.

وهو الجَذْع. وأنشد :

كأنه من طول جَذْع العَفْس

ورَمَلان الخِمْسِ بعد الخِمسِ

وقال شمر : قال ابن الأعرابي : جذَع الرجل عيالَه ، إذا حبسَ عنهم خيراً. وقال ابن السكيت في الجَذْع نحواً مما قالا. وأما الجذَع فطنه يختلف في أسنان الإبل والخيل والبقر والشاء. وينبغي أن يفسَّر قولُ العرب فيه تفسيراً مُشْبَعاً ، لحاجة الناس إلى معرفته في أضاحيهم وصَدقاتهم وغيرها.

فأمَّا البعير فإنّه يُجذِع لاستكماله أربعة أعوام ودخوله في السنة الخامسة ، وهو قبل ذلك حِقٌّ. والذكر جَذَع والأنثى جَذَعة ، وهي التي أوجبها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في صدقة الإبل إذا جاوزتْ سِتِّين. وليس في صدقات الإبل سنٌّ فوق الجَذعة. ولا يَجزِي الجذع من الإبل في الأضاحي.

وأمّا الجَذَع من الخيل فإنّ المنذريّ أخبرني عن أبي العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : إذا استتمَّ الفرس سنتين ودخل في الثالثة فهو جَذَع ، وإذا استتمَّ الثالثة ودخل في الرابعة فهو ثَنِيّ.

وأما الْجذَع من البقر فإن أبا حاتم روى عن الأصمعي أنه قال : إذا طلعَ قرن العجل وقُبِضَ عليه فهو عَضْب. ثم بعد ذلك جَذَع ، وبعده ثَنِيٌّ وبعده رَبَاع وقال عتبة بن أبي حكيم : لا يكونُ الْجذَع من البقر حتّى

٢٢٦

يكون له سنتان وأول يوم من الثالث. قلت : ولا يَجزِي الجَذَع من البقر في الأضاحي.

وأما الجَذَع من الضأن فإنه يَجزِي في الضحيّة ، وقد اختلفوا في وقت إجذاعه ، فروى أبو عبيد عن أبي زيد في أسنَان الغنمِ فقال في المِعزَى خاصّةً : إذا أتى عليها الحولُ فالذكر تَيْسٌ والأنثى عَنْز ، ثم يكون جَذَعاً في السنة الثانية والأنثى جَذَعة ، ثم ثنيّاً في الثالثة ، ثمّ رباعياً في الرابعة. ولم يذكر الضأن.

وأخبرني المنذري عن أبي العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : الإجذاع وقتٌ وليس بسنٍّ. قال : والجَذَع من الغنم لسنة ، ومن الخيل لسنتين ، ومن الإبل لأربع سنين. قال : والعَنَاق تُجذِع لسنة ، وربّما أجذعت العَناقُ قبل تمام السنة للخصب ، وتَسمَن فيُسرع إجذاعها ، فهي جَذَعة لسنة ، وثنيّة لتمام سنتين.

وسمعت المنذرِي يقول : سمعت إبراهيم الحربي يقول في الْجَذَع من الضأن قال : إذا كان ابن شابَّين أجذع لستة أشهر إلى سبعة أشهر ، وإذا كان ابن هَرِمَين أجذعَ لثمانية أشهر إلى عشرة أشهر.

قلت : فابن الأعرابيّ فرَّق بين المعزى والضأن في الإجذاع ، فجعلَ الضأنَ أسرعَ إجذاعاً.

قلت : وهذا الذي قاله ابن الأعرابيّ إنما يكون مع خِصب السنة وكثرة اللبن والعُشْب.

قال المنذري : وقال الحربي : قال يحيى بن آدم : إنما يَجزي الْجذع من الضَّأن في الأضاحي لأنه ينزو فيُلقح ، فإذا كان من المعزى لم يُلقح حتى يثنَى.

وذكر أبو حاتم عن الأصمعي قال : الجَذَع من المعز لسنة ، ومن الضأن لثمانية أشهر أو تسعة.

وقال الليث : الجَذَع من الدوابّ والأنعام قبل أن يُثْنِيَ بسنة ، وهو أوّلُ ما يُسطاع ركوبُه والانتفاعُ به ، والجمع جُذْع وجِذْعان. قال : والدهر يسمَّى جَذَعاً لأنه جديد الدهر. ويقال : فلانٌ في هذا الأمر جَذَع ، إذا أخذَ فيه حديثاً. وإذا طَفِئَتْ حرب بين قوم فقال بعضهم : إن شئتم أعدناها جَذَعة ، أي أولَ ما يبْتَدأ فيها.

وقال غيره : الأزلم الجذَع هو الدَّهر ؛ يقال : لا آتيك الأزلم الجذَع : أي لا آتيك أبداً ، لأنَّ الدَّهرَ أبداً جديدٌ ، كأنه فَتِيٌّ لم يُسِنّ.

والجِذْع : جِذْع النخلة ، ولا يتبيَّن لها جذعٌ حتّى يتبيَّن ساقها.

والجِذاع : أحياءٌ من بني سَعْدٍ معروفون بهذا اللقب.

وجُذعان الجِبال : صغارُها. وقال ذو الرمّة :

جَواريه جُذعانَ القِضاف النَّوابكِ

والقَضَفَة : ما ارتفع من الأرض.

وروي عن علي رضي‌الله‌عنه أنه قال : «أسلم أبو بكر وأنا جَذَعمة» ، أراد : وأنا جَذَع ، أي حَدَث السنّ غير مدرك ، فزاد في آخرها ميماً كما زادوها في سُتْهُم للعظيم

٢٢٧

الاست ، وزُرقُم للأزرق ، وكما قالوا للابن ابنُمٌ.

وقال ابن شميل : يقال : ذهب القومُ جِذَعَ مِذَعَ ، إذا تفرَّقوا في كلّ وجه.

وفي «النوادر» : جَذَعت بين البعيرين ، إذا قرنتهما في قَرَن ، أي حبل.

باب العين والجيم [مع] الثاء

[ع ج ث]

استعمل من وجوهه : عثج ، ثعج.

عثج : قال ابن المظفر : العَثَج والثَّعج لغتان ، وأصوبهما العَثَج ، وهم جماعةٌ من الناس في السَّفر. قال الراجز :

لا هُمَّ لو لا أن بكراً دونكا

يَبَرُّك الناسُ ويفجُرونكا

ما زال مِنَّا عَثَجٌ يأتونكا

ذكر هذه الأرجوزة محمد بن إسحاق في كتاب «المَبعث» ، وأن بعض العرب في الجاهلية ارتجزَ بها.

وقال الليث : العَثَوْثَج : البعير السَّريع الضَّخم ، يقال قد اعثوثَجَ اعثيجاجاً.

وقال ابن دريد : رأيت عَثْجاً من الناس وعَثَجاً ، أي جماعة.

وقال الفراء فيما أقرأني المنذريّ له ، ورواه عن أبي طالب عن أبيه عنه : رأيت عُثَجاً من الناس وعَثَجاً ، أي جماعة.

ويقال للجماعة من الإبل تجتمع في المرعى عَثَج. وقال الراعي يصف فحلاً :

بناتُ لَبونِه عَثَجٌ إليه

يَسُفنَ اللِّيتَ منه والقَذَالا

وقال ابن الأعرابي : سألت المفضَّل عن معنى هذا البيت فأنشد :

لم تلتفتْ لِلِدَاتِها

ومَضَت على غُلَوائها

قال : قلت : أريد أبْيَنَ من هذا. قال : فأنشأ يقول :

خُمصانةٌ قَلِقٌ موشَّحُها

رُؤد الشباب غَلَا بها عَظْمُ

يقول : من نجابة هذا الفحل ساوى بناتُ اللَّبون من بنَاته قذَالَه ؛ لحُسْن نباتها.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العَثْجج : الجمع الكثير. قال : ويقال عَثِجَ يَعْثَج ، وهو أن يديم الشُّربَ شيئاً بعد شيء. وهي العُثْجة والعَثْج. ومثله غَفَق يَغفِق.

باب العين والجيم مع الراء

[ع ج ر]

عرج ، عجر ، جرع ، جعر ، رجع ، رعج : مستعملات.

عرج : قال الله جلّ وعزّ : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) [المعَارج : ٤] أي تصعد. يقال : عَرَج يَعرُج عُروجاً. وقوله جلّ وعزّ : (مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) [المعَارج : ٣] قال قتادة : ذي المعارج ذي الفواضل والنِّعَم. وقيل مَعارجُ الملائكة ، وهي مَصاعدُها التي تصعَد فيها وتَعرُج فيها ، ذكر ذلك أبو إسحاق. وقال الفراء : (ذِي الْمَعارِجِ) من نعت (اللهِ) ، لأنَّ الملائكة تعرُج إلى الله ، فوصَف نفسَه بذلك. والقُرَّاء كلُّهم على التاء في قوله تَعْرُجُ [المعَارج : ٤] إلّا ما ذُكِر عن

٢٢٨

عبد الله ، وهو قول الكسائي.

وقال الليث : عَرَج يعرُج عُروجاً ومَعْرَجاً.

قال : والمَعْرج : المصعد. والمَعرَج : الطَّريق الذي تصعَد فيه الملائكة. قال : والمِعراجُ يقال : شبه سُلَّم أو درجة تعْرُج فيه الأرواح إذا قُبِضَتْ. يقال ليس شيء أحسَنُ منه ، إذا رآه الرُّوح لم يتمالك أن يَخرج. قال : ولو جمع على المعاريج لكان صواباً. فأمّا المعارج فجمع المعرَج.

قلت : ويجوز أن يجمع المعراج مَعارج.

الحراني عن ابن السكيت قال : العَرَج : مصدر عرِج الرجلُ يَعرَج ، إذا صار أعرج. قال : وحكى لنا أبو عمرو : العَرَج : غَيبوبة الشمس. وأنشد :

حتى إذا ما الشمسُ همَّتْ بعرَجْ

وقال الأصمعيّ : عرَج يعرُج ، إذا مشَى مِشيةَ العُرجان.

وقال الليث : عرِج يَعرَج ، وقد أعرجَه الله. قال : والتعريج : أن تحبِسَ مطيَّتَك مقيماً على رُفقتك أو لحاجةٍ. ويقال للطَّريق إذا مال : قد انعرَج. وانعرج الوادي ، ومنعرَجهُ : حيث يميل يَمنةً ويَسرة. قال : وانعرج القوم عن الطريق ، إذا مالُوا عنه. قال : وعرَّجنا النهر ، أي أملناه يَمنة ويَسْرة. والعَرْجاء : الضَّبُع ، والجميع عُرْج.

وقال شمر : العرب تجعل عُرْج معرفةً لا تنصرف ، تجعلها ـ يعني الضباعَ ـ بمنزلة قبيلة. وقال أبو مكعِّت الأسدي :

أفكانَ أول ما أُثِبْتَ تهارشت

أبناءُ عُرْجَ عليك عند وِجارِ

قال : أولاد عُرجَ ، لم يُجرِها بمنزلة قبيلة.

أبو عبيد عن أبي زيد : العَرْج : الكثير من الإبل. وقال أبو حاتم : إذا جاوزت الإبل المائتين وقاربت الألف فهي عَرْجٌ وعُروجٌ وأعراج.

وقال ابن السكيت : العَرْج من الإبل نحوٌ من الثمانين. وقال ابن الأعرابي : أعرجَ الرجلُ إذا كان له عَرْجٌ من الإبل. وأمرٌ عَرِيجٌ مَرِيجٌ : ملتبس. قال أبو ذؤيب :

كما نوَّر المِصباحُ للعُجْم ، أمرُهم

بُعَيدَ رقاد النائمين عَريجُ

والعَرْج : منزل بين مكة والمدينة.

وجمع الأعرج عُرج وعُرجان.

والأعَيرج من الحيات ، قال أبو خَيْرة : هي حيّةٌ صَمَّاء لا تَقبل الرُّقية ، وتَطفِر كما يطفر الأفعى ، والجميع الأُعيرجات.

وقال أبو زيد مثلَه.

شمر عن ابن شميل قال : الأعيرج : حيّةٌ عريض له قائمة واحدة ، عريضٌ مثل النَّبْث والترابِ تَنْبِثُه من ركيّة أو ما كانَ ، فهو نَبْثٌ. وهو نحو الأصَلَة.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : الأعيرج أخبثُ الحيات ، يقفز على الفارس حتَّى يصير معَه في سَرجه. قال : والعارج : الغائب.

وقال الليث : ولا يؤنّث الأعيرج. قال : والعَرَج في الإبل كالحقَب ، وهو ألّا يستقيم مخرجُ بَوله ، فيقال حَقِبَ البعيرُ وعَرِج ، حَقَباً وعَرَجاً ، ولا يكون ذلك إلّا

٢٢٩

للجمل إذا شُدَّ عليه الحقَب. يقال أخلِفْ عنه لئلَّا يحقَب.

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا وردت الإبلُ يوماً نصفَ النهار ويوماً غُدوة فتلك العُرَيجاء.

وقال ابن الأعرابي فيما روى عنه أبو العبّاس وأخبرني به المنذري عنه : العُرَيجاء : أن تردَ غَدوةً وتصدُر عن الماء فتكون سائرَ يومها في الكلأ وليلتَها ويومَها من غدِها ، ثم ترد ليلاً الماء ، ثم تصدر عن الماء ، تكون بقية ليلتها في الكلأ ويومها من الغد وليلتها ثم تصبِّح الماء غدوة ، فهذه العُريجاء. قال : وفي الرِّفْه الظاهرةُ ، والضاحية ، والآيِبة ، والعُريجاء. وقال الكسائيّ : يقال إن فلاناً ليأكل العُريجاء ، إذا أكلَ كلَّ يومٍ مرةً واحدة.

عجر : روي عن علي رضي‌الله‌عنه أنه طاف ليلةَ وقعةِ الجمل على القتلى مع مولاه قَنْبَر ، فوقَف على طلحة بن عبيد الله وهو صريع ، فبكى ثم قال : «عَزَّ عليَّ ، أبا محمد أن أراك معفَّراً تحت نجوم السَّماء! إلى الله أشكو عُجَري وبُجَرِي». قال أبو العباس محمد بن يزيد : معناه إلى الله أشكو همومي وأحزاني التي أُسِرُّها.

وأخبرني المنذري عن الكُدَيمي قال : سألت الأصمعيّ قلت : يا أبا سعيد ، ما عُجَري وبُجري؟ فقال : غمومي وأحزاني.

وقال أبو عبيد : يقال أفضيتُ إليه بعُجَرى وبُجَري ، أي أطلعْتُه من ثقتي به على معايبي. قال : وأصل العُجَر العُروقُ المتعقِّدة في الجسد. والبُجَر العروق المتعقّدة في البطن خاصّة. وقال أبو حاتم : قال الأصمعي في قولهم : حدَّثته بعُجَري وبُجَري ، فالعُجْرَةُ : الشيء يجتمع في الجسد كالسِّلْعة ، والبُجْرةُ نحوها.

فيراد أخبرتُه بكلّ شيء عندي لم أستُرْ عنه شيئاً من أمري.

وقال الأصمعي : عَجَر الفرسُ يعجرُ ، إذا مدَّ ذنبَه يعدو.

وقال أبو زُبَيد :

مِن بينِ مُودٍ بالبسيطة يعجُر

أي هالكٍ قد مدَّ ذنبه.

وقال أبو عبيد : فرسٌ عاجر ، وهو الذي يعجُر برجليه كقُماص الحمار. والمصدر العَجَران. وأما قول تميم بن أبيّ بن مقبل :

جُردٌ عواجرُ بالألبادِ واللُّحُمِ

فإنه يقول : عليها ألبادها ولحمها ، يصفها بالسِّمَن ، وهي رافعةٌ أذنابَها من نشاطها.

ورواه شمر :

أما الأداة ففينا ضُمَّر صُنُعٌ

جُردٌ عواجر بالألباد واللجُمِ

بالجيم. قال : ويقال الخيل عواجر بلُجمها وألبادها ، إذا عَدَتْ وعليها سُروجُها وألبادُها وأداتُها.

ورواه أبو الهيثم بالحاء.

قال شمر : ويقال عَجَر الريقُ على أنيابه ، إذا عَصَب به ولزِق ، كما يَعجِر الرجلُ بثوبه على رأسه. وقال مزرِّد بن ضرار أخو الشماخ :

إذ لا يزال نائساً لعابُه

بالطَّلَوَان عاجزاً أنيابُه

٢٣٠

قال : وقال الأصمعيّ : عَجَر الفرسُ يَعجِر عجراً ، إذا مرّ مرّاً سريعاً. وعَجَر عجراً ، إذا مدّ ذنبَه.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العَجَر : القُوّة مع عِظَم الجسَد. قال : والعَجير بالراء غير معجمة ، والقَحول ، والحَرِيك ، والضعيف ، والحصُور : العِنِّين.

سلمة عن الفراء قال : الأعجر : الأحدب ، وهو الأفزر ، والأفرص ، والأفرس ، والأدنُّ ، والأثبج قال : والعجّار الذي يأكل العجاجير ، وهي كُتَل العجين تُلقى على النار ثم تؤكل. والعَجَّار : الصِّرِّيع الذي لا يُطاق جَنْبُهُ في الصِّراع المُشَغزِبُ لصَرِيعه.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : إذا قُطع العجيم كُتَلاً على الخوان قبل أن يُبسَط فهو المُشنَّق والعجاجير.

سلمة عن الفراء قال : العَجْر : ليُّكَ عُنقَ الرجل.

وفي «نوادر الأعراب» : عجر عنقَه إلى كذا وكذا يَعجِره ، إذا كان على وجهٍ فأرادَ أن يرجعَ عنه إلى شيءٍ خلفَه وهو يُنهى عنه ، أو أمرته بالشيء فعَجر عنقَه ولم يرد أن يذهب إليه لأمرك.

وقال أبو سعيد في قول الشاعر :

فلو كنتَ سيفاً كان أَثْرك عُجرة

وكنَت دَداناً لا يؤيِّسه الصَّقْلُ

يقول : لو كنت سيفاً كنت كَهاماً بمنزلة عُجْرة التِّكَّة لا تقطع شيئاً.

وقال شمر : يقال عَجَرتُ عليه ، وحَظَرت عليه ، وحَجَرتُ عليه ، بمعنًى واحد.

وقال الفراء : جاء فلان بالعُجَر والبُجَر ، أي جاء بالكذب. وقال أبو سعيد : هو الأمر العظيم. وجاء بالعَجَارِيّ والبَجاريّ ، وهي الدَّواهي.

وقال أبو عبيدة : عَجَره بالعصا وبَجره ، إذا ضرَبه بها فانتفخَ موضعُ الضَّرب منه.

والعَجاريُ : رؤوس العِظام. وقال رؤبة :

ومن عَجَاريهنَ كلَّ جنجنِ

فخفّف ياء العجاريّ وهو مشدّد وقال أبو عبيد : العَجِير : الذي لا يأتي النساء. وقال شمر : يقال عَجِير وعِجِّير.

وقال غيره : المِعجَر والعِجار : ثوبٌ تلفُّه المرأة على استدارة رأسها ثم تجلبِب فوقه بجلبابها. وجمع المِعجر المعاجر. قال شمر : ومنه أُخِذ الاعتجار ، وهو ليُّ الثوب على الرأس من غير إدارةٍ تحت الحنَك.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه «دخل مكةَ يوم الفتح معتجراً بعمامةٍ سوداء» المعنى أنه لفَّها على رأسه ولم يتَلحَّ بها. وقال الراجز :

جاءت به معتجراً ببُردهِ

سَفْواء تَخدِي بنسيجِ وَحدِهِ

وقال الليث : المعاجر من ثياب اليَمن.

قال : ومِعْجَر المرأة أصغر من الرِّداء وأكبر من المِقْنعة.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : العجراء : العصا الي فيها أُبَنٌ ؛ يقال ضربَه بعَجْراءَ من سَلَم.

٢٣١

وقال الليث : حافرٌ عَجِرٌ : صُلب شديد.

وقال المرَّار :

سَلِطُ السُّنْبُكِ ذو رُسغٍ عَجِرْ

قال : والأعجر : كلُّ شيء ترى فيه عُقداً.

قال : وكيسٌ أعجر ، وهو الممتلىء. وبطنٌ أعجرُ : ملآنُ ، وجمعه عُجْر. وقال عنترة :

أبَنِي زَبِيبةَ ما لمُهركمُ

متجرّداً وبطونُكم عُجْرُ

قال : والعُجْرة : كلُّ عقدةٍ في الخشبة.

والخَلنْجُ في وشيِه عُجَر. قال : والسيف في فرِندِه عُجَر.

جرع : الحراني عن ابن السكيت قال : الجَرْع مصدر جَرِع الماءَ يَجرَع جَرْعاً. والجَرْع : جمع جَرْعة ، وهي دِعصٌ من الرمل لا تنبت شيئاً.

قلت : الذي سمعته من العرب في الجرع غير ما قاله. والجَرَع عندهم : الرَّملة العَذاة الطيِّبة المَنبِت التي لا وُعوثةَ فيها ، ويقال لها الجَرْعاء والأجرع ، ويجمع أجارع وجَرْعاوات. وتُجمع الجَرَعة جَرَعاً ، غير أنَ الجرعاء والأجرع أكبر من الجَرَعة. وقال ذو الرمّة في الأجرع فجعله يُنبِت النبات :

بأجرعَ مِرباعٍ مَرَبٍّ مُحلَّلِ

ولا يكون مَرَبّاً محلَّلاً إلّا وهو يُنبِت النبات.

وقال غير ابن السكيت في الأجرَعِ والجَرَع نحواً مما قلته.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الجَرِع من الأوتار : أن يكون مستقيماً ويكون في مواضعَ منه نُتوٌّ ، فيمسَح بقطعة كساء حتّى يذهب.

وقال ابن شُميل : من الأوتار المجرَّع ، وهو الذي اختلف فتلُه وفيه عُجَر لم يُجَدْ فتلُه ولا إغارته ، فظهرَ بعضُ قُواه على بعض. يقال وترٌ مجرَّع وجَرِع.

ويقال جَرِع الماء يَجرَعُه جَرْعاً واجترعه ، فإذا تابعَ الجرعَ مرةً بعد أخرى كالمتكاره قِيلَ : تجرَّعه. قال تعالى : (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) [إبراهيم : ١٧]. والجُرعة : ملء الفم يبتلعُه. والجَرعة المرّة الواحدة.

وجمع الجُرعة جُرَع.

ويقال ما من جُرعة أحمد عُقباناً من جُرعةِ غيظ تكظمها.

ومن أمثال العرب : «أفلتَ فلانٌ جُرَيعةَ الذَّقَن» و «بجُريعة الذَّقَن» ، يريدون أن نفسه صارت في فيه فكاد يَهلِك فأفلتَ وتخلَّصَ.

أبو عبيد عن أبي زيد : من أمثالهم في إفلات الجبان : «أفلَتَني جُريعةَ الذَّقَن» ، إذا كان منه قريباً كقُرب الجُرعة من الذَّقَن ثم أفلتَه. ورَوَى غيره عن أبي زيد يقال «أفلتَني فلانٌ جَريضاً» إذا أفلتَك ولم يكَدْ و «أفلتَني فلانٌ جُريعةَ الرِّيق» ، إذا سبقَك فابتلعتَ عليه ريقَك غيظاً.

قلت : وما رواه أبو عبيد عن أبي زيد صحيحٌ لا شكَّ فيه.

جعر : أبو عبيد عن أبي الجراح العقيليّ والأصمعي : الجِعار : الحبل يُشَدُّ به وسطُ الرجُل إذا نزل في البئر وطرفُه في يد

٢٣٢

رجل ، فإن سقَطَ مدَّه به.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشده :

ليس الجِعارُ مُنْجياً من القِدرْ

وإنْ تجعَّرتَ بمحبوكٍ مُمَرّ

وفسّر ابن الأعرابي الجِعار كما فسّراه

أبو عبيد عن أبي زيد : من أمثالهم في فِرار الجبان وخضوعه :

روغِي جَعارِ وانظري أين المفَرّ

قال : وجَعَارِ هي الضّبُع : وقال الليث : يقال لها أمُ جَعَارِ لكثرة جعرها. وأنشد غيره :

عَشْنزَرةٌ جواعرُها ثمانٍ

فُويقَ زَماعِها خَدَم حُجُولُ

تراها الضَّبُع أعظمَهنَّ رأساً

جُراهِمةً لها حِرَةٌ وثِيلُ

قال بعضهم : إنّما قال جواعرُها ثمانٍ لأنّ للضّبُع خروقاً كثيرة. والجُراهمة : المغتلِمة. وجعلها خُنثَى لها حِرَةٌ وثِيلٌ قلت أنا : والذي عندي في تفسير قوله «جواعرها ثمان» أراد كثرة جعرها.

والجواعر : جمع الجاعرة ، وهو الجَعْر ، أخرجه على فاعلة وفواعل ومعناها المصدر ، كقول العرب : سمعت رواغي الإبل أي رُغاءَها ، وسمعت ثواغي الشاء أي ثُغاءها. وكذلك العافية مصدر وجمعها عَوافٍ. وقال الله جلّ وعزّ : (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) [النّجْم : ٥٨] ، أي ليس لها دونه جلَّ وعزّ كشْفٌ وظهور. وقال : (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) [الغَاشِيَة : ١١] أي لَغْواً.

ومثله كثيرٌ في كلام العرب. ولم يُرد عدداً محصوراً بقوله «جواعرها ثمان» ، ولكنه وصفها بكثرة الأكل والجعر وهي آكَلُ الدوابّ.

وأما الجاعرتان اللتان تكتنفان الذَنَب والذنبُ بينهما فليستا من قول الهذلي في شيء.

وقال أبو زيد : والجاعرتان من البعير : العظمان المتكنّفان أصلَ الذنب والذنبُ بينهما. وقال الليث : الجاعرتان حيث يكوى من الحمار في مؤخّره على كاذَتَيه.

ويقال للدُّبُر الجاعرة والجعراء.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : الجَعْر يُبْس الطبيعة. ورجل مِجعارٌ إذا كان كذلك.

وقال الليث : الْجَعر : ما يَبِس في الدُّبر من العَذِرة ، أو خرجَ يابساً. قال : ولا يقال للكلب إلّا جَعَر يَجعَر جَعْراً. قال : وبنو الجَعْراء : حيٌّ من العرب يعيَّرون بهذا اللقب.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : الْجَعُور : خَبْراءُ لبني نهشَل. والجَعُور الأخرى : خَبْراء لبني عبد الله بن دارِم ، يملأ الغيث الواحد كلتَيهما ، فإذا امتلأتا وثِقوا بكَرع شتائهم.

وأنشد :

إذا أردت الجَفْر بالجَعور

فاعمل بكلِّ مارنٍ صَبورِ

وروى مالك بن أنس بإسنادٍ له أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «نَهَى عن لونين في الصَّدقة من التَّمر :

٢٣٣

الْجُعرور ، ولون الحُبَيْق». وقال الأصمعيّ : الْجُعرور : ضربٌ من الدَّقَل يحمل شيئاً صغاراً لا خيرَ فيه. ولون الحُبَيق من أردأ التُّمرانِ أيضاً.

ولصبيان الأعراب لعبةٌ يقال لها الْجِعِرَّى ، الراء شديدة ، وذلك أن يُحمل الصبيُّ بين اثنين على أيديهما. ولُعبةٌ أخرى يقال لها سَفْد اللِّقاح ، وذلك انتظامُ الصِّبيان بعضهم في إثر بعض ، كلُّ ذلك آخِذٌ بحُجزة صاحبِه من خلفه.

رعج : أبو عبيد عن الأصمعي في البرق الارتعاج ، وهو كثرته وتتابُعه.

وقال الليث : الإرعاج : تلألؤ البرق وتفرُّقه في السحاب. وأنشد العجَّاج :

سحّاً أهاضيبَ وبَرْقاً مُرعِجا

وروى ابنُ الفرج عن أبي سعيد أنه قال : الارتعاج والارتعاش والارتعاد واحد.

وقال ابن دريد : رعَجَني هذا الأمر وأرعجَني ، أي أقلقَني.

قلت : هذا منكَر ولا آمَنُ أنْ يكون مصحَّفاً ، فالصواب أزعجني بمعنى أقلقني ، بالزاي. وقد مرَّ في بابه.

رجع : قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) [الطّارق : ٨] قال مجاهد : إنه على ردّ الماء إلى الإحليل لقادر. وقال غيره : إنّه على بَعثِهِ يومَ القيامة لقادر ، واعتبار هذا بقوله جلّ وعزّ : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطّارق : ٩] المعنى إنّه على بعثه لقادرٌ يوم القيامة. وقيل (عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) ، أي على ردِّه إلى صلب الرجل وتَرِيبةِ المرأة. والله أعلم بما أراد.

وأما قوله تبارك وتعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) [الطّارق : ١١] فإنَّ الفراء قال : تبتدىء بالمطر ثم ترجع به كلَّ عام. وقال غيره : (ذاتِ الرَّجْعِ) ، أي ذات المطر ؛ لأنه يجيءُ ويرجع ويتكرَّر. وقال أبو عبيدة : الرَّجْع في كلام العرب الماء. وأنشد قولَ الهذلي يصف السيف وجعلَه كالماء :

أبيضُ كالرَّجع رسوبٌ إذا

ما ثاخَ في مُحتَفَل يَختَلي

وقرأت بخط أبي الهيثم لابن بزرج ، حكاه عن الأسدي قال : يقولون للرّعد رَجْع.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه «نَهى أن يُستنجَى بَرجيعٍ أو عظْم» قال أبو عبيد : الرَّجيع يكون الروثَ والعذِرة جميعاً ، وإنّما سمّي رجيعاً لأنَّه رجَع عن حاله الأولى بعد أن كان طعاماً أو علفَاً إلى غير ذلك. وكذلك كلُّ شيء يكون من قولٍ أو فعل تردَّدَ فهو رجيع لأنّ معناه مرجوع مردود. وقال الله جلّ وعزّ (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) [العَلق : ٨] أي الرُّجوع والمرجع ، مصدرٌ على فُعلَى.

وقال الأصمعيّ : يقال هذا رجيع السبُع ورَجعهُ. يعني نحوه.

وقال الليث : رَجْع الجواب ، ورجْع الرَّشْق في الرمي : ما يُردُّ عليه. والمرجوعة والمرجوع : جَواب الرِّسالة. قال : ويقال ليس لهذا البيع مرجوع ، أي لا يُرجَع فيه.

قال : ورجَع إليَّ فلانٌ من مرجوعِه كذا ، يعني ردَّه الجواب. قال : والرَّجْع : نبات الربيع ، وقيل الرَّجْع : الغدير ، وجمعه رُجْعان والرَّجِيع : العرق ، سمِّي رجيعاً لأنه كان ماءً فعاد عَرَقاً. وقال لبيد :

٢٣٤

رجيعاً في المغابن كالعصيم

أراد العرقَ الأصفَر ، شبَّهه بعَصيم الحِنّاء وهو أثَره. ويقال للجِرّة رجيعٌ أيضاً. وكلُّ طعامٍ بَرَد فأُعيد على النار فهو رجيع. ويقال سيفٌ نجيح الرَّجْع ونجيح الرجيع ، إذا كان ماضياً في الضريبة. وقال لبيدٌ يصف السيف :

بأخلقَ محمودٍ نجيحٍ رجيعهُ

وقال الله جلّ وعزّ : (قالَ رَبِ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) [المؤمنون : ٩٩ ـ ١٠٠] يعني العبدَ إذا بُعِث يومَ القيامة فأبصر وعرفَ ما كان يُنكره في الدنيا يقول لربه ارجعوني ، أي رُدُّوني إلى الدُّنيا ، وقوله (ارجعوني) واقعٌ هاهنا ، ويكون لازماً كقوله : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ) [الأعرَاف : ١٥٠] ومصدره لازماً الرُّجوعُ ، ومصدرهُ واقعاً الرَّجْع. يقال رجعتُه رجْعاً فرجَع رجوعاً ، يستوي فيه لفظ اللازم والواقع.

وقال الليث : الرَّجيع من الكلام : المردود إلى صاحبه. والرجيع من الدوابّ والإبل : ما رجَعْتَه من سفر إلى سفَر ، والأنثى رجيعة. وقال ذو الرمّة يصف ناقة :

رجيعةُ أسفارٍ كأن زمامَها

شُجاعٌ لدى يُسرَى الذارعين مطرقُ

قال : والرجْع : الخَطْو ، قال الهذليّ :

نَهْدٌ سليمٌ رجْعُه لا يظلعُ

أبو عبيد عن الأصمعيّ قال : إذا ضُرِبت الناقةُ مِراراً فلم تَلقَح فهي مُمارِنٌ ، فإنْ ظهر لهم أنّها قد لقِحتْ ثم لم يكن بها حملٌ فهي راجعٌ ومُخْلفة.

وقال أبو زيد : إذا ألقت الناقةُ حملَها قبل أن يستبِين خَلْقُه قيل قد رجَعت تَرجِع رِجاعاً. وأنشد أبو الهيثم للقِطاميّ يصف نجيبة لنجيبين :

ومن عَيرانةٍ عَقدت عليها

لَقاحاً ثمَّ ما كَسَرتْ رِجاعا

قال : أراد أن الناقةَ عقدت عليها لقاحاً ثم ما رمَتْ بماء الفحل وكسرت ذنبها بعد ما شالت به.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه أنشده للمرَّار يصف إبلاً :

مَتابيعُ بُسْطٌ مُتْئماتٌ رواجعٌ

كما رجَعتُ في ليلها أمُّ حائلِ

قال : بُسْط : مخلَّاةٌ على أولادها بُسِطتْ عليها لا تُقبَض عنها. مُتئمات : معها ابن مَخاضٍ وحُوار. رواجع : رجَعتْ على أولادها. ويقال رواجع : نُزَّع. أمُّ حائل : أمّ ولدها الأنثى.

أبو عبيد عن الأصمعي : أرجعَ الرجلُ يَده ، إذا أهوَى بها إلى كنانته ليأخذ سهماً.

قال : ويقال هذا متاعٌ مُرجِع ، أي له مرجوع.

وروى أبو عبيد في حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه «رأى في إبل الصَّدقة ناقةً كَوماء ، فسأل عنها فقال المُصَدِّق : إنّي ارتجعتُها بإبل. فسكَتَ». قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة : الارتجاع : أن يَقدَمَ الرجلُ المصرَ بإبله فيبيعها ثم يشتري بثمها مثلَها أو غيرها ،

٢٣٥

فتلك الرِّجْعة. وقال الكميت يصف الأثافيّ :

جُردٌ جلادٌ معطَّفات على ال

أورَقِ لا رِجعةٌ ولا جَلَبُ

قال : فإنْ ردَّ أثمانَها إلى منزله من غير أن يشتري بها شيئاً فليست برِجْعة. قال أبو عبيد : وكذلك هذا في الصَّدقة ، إذا وجَب على ربِّ المال سِنٌّ من الإبل فأخذ المصدِّق مكانها سِنّاً آخرَ فوقَها أو دونَها ، فتلك التي أخذ رِجعةٌ ، لأنه ارتجعها من التي وجبتْ له.

وقال الأصمعيّ : يقال باعَ فلانٌ إبلَه فارتجعَ منها رِجعةً صالحة.

قال : وشكت بنو تَغلِب إلى معاوية السنةَ فقال : كيف تَشْكون الحاجة مع اجتلاب المِهارة وارتجاع البِكارة؟ أي تجلبون أولاد الخيل فترتجعون بأثمانها البكارة للقِنْية.

وحكى ابنُ الأعرابيّ عن بعض العرب أنه قال : «أوصانا أبونا بالرِّجَع والنُّجَع» ، أي أوصانا بأن نبيع النِّيب والأكائل ، ونرتجع بأثمانها القُلُص للقِنية.

وقال ابن السكيت : الرَّجيعة : بعير ارتجعتَه ، أي اشتريتَه من أجلاب الناس ، ليس من البلد الذي هو به. وهي الرجائع. وأنشد قوله :

وبرَّحَ بي إنقاضُهنَ الرجائعُ

وقال غيره : أرجعَ الله همَّه سُروراً ، أي أبدلَ همَّه سروراً.

وقال الكسائيّ : أرجعَت الناقةُ فهي مُرجِعٌ ، إذا حسُنتْ بعد هُزال. وأرجَعَ من الرَّجيع ، إذا أنجى من النَّجْو. وراجعت الناقةُ رجاعاً ، إذا كانت في ضربٍ من السَّير فرجَعَتْ إلى سيرٍ سواه. وقال البعيث يصف ناقته :

وطول ارتماء البِيد بالبِيدِ تغتلي

بها ناقتي تختبُّ ثم تراجعُ

ويقال : رجَع فلانٌ على أنْف بعيره ، إذا انفسخ خطمُه فردَّه عليه. ثم يسمَّى الخِطام رِجاعاً.

والمُراجع من النساء : التي يموتُ زوجُها أو يطلِّقها فترجع إلى أهلها. ويقال لها أيضاً راجع.

ويقال للمريض إذا ثابت إليه نفسُه بعد تهوُّكٍ من العلّة : راجع. ويقال طَعنه في مَرجِع كتفيه.

ابن شميل : الراجعة : الناشغة من نواشغ الوادي. والرُّجْعان : أعالي التلاع قبل أن يجتمع ماء التلعة. وقال الليث : هي مثل الحُجْران.

ويقال : هذا أرجَعُ في يدي من هذا ، أي أنفع.

وقال ابن الفرج : سمعت بعض بني سُليم يقول : قد رجَع كلامي في الرجُل ونجَع فيه بمعنًى واحد. قال : ورجع في الدّابّةِ العَلَفُ ونَجَع ، إذا تبيَّن أثره. قال : والتَّرجيع في الأذان : أن يكرِّر قوله : أشهد أن لا إله إلّا الله أشهد أن محمداً رسولُ الله. ورجْع الوشم والنُّقوش وترجيعه : أن يُعاد عليه السَّوادُ مرَّةً بعد أخرى.

٢٣٦

ويقال : هل جاءتك رِجعةُ كتابك ورُجْعانُه ، أي جوابه. وكذلك الرِّجعة بعد الطلاق بالكسر. وأمّا قولهم : فلانٌ يؤمِن بالرَّجْعة فهو بالفتح. قلت : ويجوز الفتح في رِجعة الكتاب ورِجعة الطَّلاق. يقال طلّق فلانٌ فلانةَ طلاقاً يملك فيه الرَّجعة. وأمّا قول ذي الرمة يصف نساءً تجلَّلْن بجلابيبهنَّ

كأنَّ الرِّقاقَ المُلحَماتِ ارتجعنَها

على حَنوة القُريان ذات الهمائِم

أراد أنهنَّ رددنَها على وُجوهٍ ناضرة ناعمة كالرياض.

وقال الليث : الترجيع : تقارب ضروب الحركات في الصَّوت. قال : وترجيع وشْي النقش والوشم : خطوطه. وقال زهير :

مراجيع وشم في نَواشر مِعصَمِ

جمع المرجوع ، وهو الذي أعيد عليه سواده.

ويقال : جعلها الله سَفرةً مُرجِعة والمُرجعة : التي لها ثوابٌ وعاقبةٌ حسنة.

ويقال الشيخ يمرض يومينِ فلان يُرجِع شهراً ، أي لا يثوب إليه جسمه وقوّته شهراً. واسترجع فلانٌ عن مصيبةٍ نزلت به ، إذا قال : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ). فهو مسترجِعٌ.

باب العين والجيم مع اللام

[ع ج ل]

جعل ، عجل ، علج ، جلع ، لعج :مستعملات.

عجل : قال الله جلّ وعزّ : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبيَاء : ٣٧] قال الفراء : خلق الإنسانُ من عَجَل وعلى عَجَل كأنك قلت :

بِنيتُه العَجَلة وخِلقتُه العَجَلة وعلى العجلة. ونحو ذلك قال أبو إسحاق : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) وخُلِق (الْإِنْسانُ عَجُولاً) ، خُوطب العربُ بما تَعقِل ؛ والعربُ تقول للذي يُكثِر الشيء : خُلِقْتَ منه ، كما يقال خُلِقتَ من لعبٍ ، إذا بُولغ في وصفه باللَّعب.

وقال ابن اليزيديّ : سمعتُ أبا حاتم يقول في قوله : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبيَاء : ٣٧] : أي لو يعلمون ما استعجلوا ، والجوابُ مضمر. وروى أبو عُمر عن أبي العباس أنه قال : العَجَل : العَجَلة. قال : والعَجَل : الطِّين ، قاله ابن الأعرابي.

وقال ابن عرفة : قال بعض الناس : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) ، أي من طين. وأنشد :

والنخل ينبت بين الماء والعَجَلِ

قال : وليس عندي في هذا حكايةٌ عمّن يُرجَع إليه في علم اللغة.

وقال الله جلّ وعزّ : (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) [الأعرَاف : ١٥٠] : تقول عَجِلتُ الشيء ، أي سبقته. وأعجلته : استحثثته.

وأما قول الله تعالى : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) [يُونس : ١١] فإن الفرّاء قال : معناه لو أجيب الناسُ في دُعاء أحدهم على ابنه وشبيهه في قوله : لعنك الله وأخزاك وشبهه ، لهلكوا. قال : ونصب قوله اسْتِعْجالَهُمْ [يُونس : ١١] بوقوع الفعل وهو يعجِّل. وقال أبو إسحاق : نصب اسْتِعْجالَهُمْ على نعت

٢٣٧

مصدرٍ محذوفٍ ، المعنى ولو يعجِّل الله للناس الشرَّ تعجيلاً مثل استعجالهم. وقال القتيبيّ : معناه لو عجَّل الله للناس الشرَّ إذا دَعَوا به على أنفسهم عند الغضب وعلى أهليهم وأولادهم ، واستعجلوا به كما يستعجلون بالخير فيسألونه الخير والرحمةَ (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) ، أي ماتوا.

قلت : المعنى (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ) في الدعاء كتعجيله (اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) إذا دعَوه بالخير لهلكوا.

وقوله عزوجل : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ) [الإسرَاء : ١٨] العاجلة : الدُّنيا ، والآجلة الآخرة. والعاجل : نقيض الآجل ، عامٌّ في كل شيء.

وقال الليث : العَجَل : ما استُعجِل به من طعامٍ فقدِّم قبل إدراك الغَداء. وأنشد :

إن لم تُغِثني أكن ياذا الندى عَجَلاً

كلُقمةٍ وقعت في شِدق غَرْثانِ

أبو عبيد عن الأصمعيّ : العُجالة : ما تعجَّلتَه.

وقال اللحياني : «الثيِّبُ عُجالة الراكب» : تَمرٌ بسَويق.

وقال ابن شميل : العجاجيل هَنّاتٌ من الأقطِ يجعلونها طِوالاً بغلظ الكفّ وطولها ، مثل عجاجيل التَّمر والحيس ، والواحد عُجّال. ويقال أتانا بِعُجَّال وعِجَّول ، أي بجُمعةٍ من التمر قد عُجِن بالسَّويق أو بالأقط.

قلت : والإعجالة اللَّبَن الذي يعجِّله المعجّل إلى أهله إذا كانت إبله في العَزيب قبل ورود الإبل ، وجمعها الإعجالات. قال الكميت :

أتتكمْ بإعجالاتها وهي حُفَّلٌ

تَمُجُّ لكم قبل احتلابٍ ثُمالَها

يخاطب اليمن يقول : أتتكم مودَّة مَعَدٍّ بإعجالاتها. والثُّمال : الرغوة. يقول : لكم عندنا الصَّريح لا الرَّغوة.

قلت : والذي يجيء بالإعجالة من الإبل في العَزيب يقال له المعجِّل. وقال الكميت :

لم يقتعدها المعجِّلون ولم

يَمْسَخْ مَطاها الوُسوقُ والحَقَبُ

وقال الأصمعيّ : العُجَيلي : ضرب من السير سريع. قال الشاعر :

يَمشي العُجَيلَى والخَنيفَ ويَضْبِرُ

والعِجْلة : ضربٌ من النَّبتْ ، ومنه قوله :

ذا عِجلةٍ وذا نَصِيّ ضاحي

أبو عبيد : العَجَلة : الخشبة المعترضة على النعامتين ، والغَرْب معلَّق بالعَجَلة.

النضر : المِعجال من الحوامل : التي تضع ولدَها قبلَ إناه. وقد أعجلَتْ فهي مُعْجِلة ، والولد مُعْجَل. والمعاجيل : مختصَرات الطُّرق ، يقال : خُذْ مَعاجيل الطُّرق فإنَّها أقرب.

وفي «النوادر» : أخذتُ مستعجِلةً من الطريق ، وهذه مستعجِلات الطريق ، وهذه خُدعة من الطريق ، ومَخدَع ، ونَفَذٌ من الطريق ، ونَسَم ، ونَبَق وأنباق ، كلُّه بمعنى القُربة والخُصْرة.

ومن أمثال العرب : «لقد عَجِلَتْ بأيِّمكَ

٢٣٨

العَجول» ، أي عَجِل بها الزَّواج.

والإعجال في السير : أن يَثِبَ البعير إذا ركبه الراكب قبل استوائه عليه. يقال جملٌ مِعجال وناقةٌ معجال. وقال الراعي يصف راحلته :

فلا تُعجِل المرء قبل الورو

كِ وهْي بِرُكبته أبصَر

وقال أبو عبيد : رجل عَجِل وعَجُل ، لغتان. وقاله ابن السكيت وغيره.

وقال الليث : الاستعجال والإعجال والتعجُّل واحد.

قلت : هي بمعنى الاستحثاث وطلب العجلة.

ورجل عَجْلان وامرأة عَجْلَى ، وقوم عِجالٌ وعَجَالى وعُجالَى.

والعَجَل : عَجَل الثيران ، واحدته عجلة.

والعَجلة : المَنْجَنون الذي يُستَقى عليه.

وقال أبو عبيدة : العِجْلة : القِربة. وقال ابن الأعرابي : العِجلة : المزادة.

والعجلة : شجرة. والعِجلة : الدُّولاب أيضاً. قال : وأنشدني المفضّل في صفة فرس :

عَرِقَتْ وأنجى نحرها فكأنّما

خلفي وقدّامي عُجَيلةُ مُخْلِفِ

قال : أنجى ، إذا استخرج عرق فرسه.

والعَجُول من الإبل : الواله التي فَقدت ولدَها ، وهي الثَّكْلى من النساء ؛ وجمعه عُجُل. وقال الأعشى :

يَدفع بالراح عنه نِسوةٌ عُجُلُ

أبو عبيد عن الكسائي : ولد البقرة عِجْل والأنثى عجلة ، ويقال عِجَّولٌ وجمعه عجاجيل. وقال أبو حاتم : يُجمع العِجْل عِجَلة. وقال أبو خيرة : هو عِجلٌ حين تضعُه أمُّه إلى شهر ، ثم بَرغَزٌ وبُرغُزٌ نحواً من شهرين ونصف ، ثم هو الفرقد.

علج : ابن السكيت : إذا أكل البعيرُ العَلَجان قيل بعير عالج. وعالج : رمال معروفة في البادية. ويقال هذا عَلُوجُ صِدقٍ ، وعَلوك صِدق ، وألوك صِدق ، لِمَا يؤكل. وما تلوَّكت بأَلوكٍ ولا تعلَّجت بعَلوج.

وفي حديث علي رضي‌الله‌عنه أنه بعث رجلين وقال لهما : «إنكما عِلجان فعالجا». العِلج : الرجل القويّ الضّخم. وقد استعلجَ الغلامُ ، إذا خرج وجههُ وعَبُل بدنُه. وقوله «فعالجا» أي حارِسا العمَل الذي ندبتكما له وزاولاه. وكل شيءٍ زاولتَه ومارسته فقد عالجتَه. ويقال للعَير الوحشي إذا سَمِن وقوِيَ عِلجٌ ، ويجمع عُلوجاً ومَعلوجَى بالقصر ومَعلوجاء بالمدّ وأعلاجاً. والعُلَج : الشديد من الرجال الصِّرِّيع ؛ ويقال له عُلَّج بالتشديد.

ويقال : اعتلجَتْ أمواجُ البحر ، إذا تلاطمت. واعتلج القومُ ، إذا اتّخذوا صِراعاً وقتالاً.

ويقال : عالجتَ فلاناً فعلجتُه ، إذا زاولتَه فغلبتَه.

والعَلَجانُ : شجر يُشبه العَلَندَى ، وقد رأيتُهما في البادية ، وأغصانهما صليبة ، الواحدة عَلَجانة.

وناقة عَلِجةٌ : شديدة ، وتُجمع عَلِجات.

٢٣٩

وقال ابن شميل : المعتلجة : الأرض التي استأسد نباتُها والتفَّ وكثُر. ويقال للرَّغيف الغليظ الحروف عِلج ، ويقال للرجل القويّ الضخم من الكفّار عِلجٌ أيضاً.

والمُعالج : المداوِي ، سواء عالجَ جريحاً أو عليلاً أو دابَّة. وفي حديث عائشة أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر توفّي بالحُبْشِيّ على رأس أميالٍ من مكّة ، فنقله ابن صَفْوانَ إلى مكّة فقالت عائشة : «ما آسَى على شيءٍ من أمره إلّا خصلتين : أنه لم يُعالِجْ ولم يُدفَن حيث مات». قال شمر : معنى قولها لم يُعالِجْ ، أرادت أنه لم يعالج سكرةَ الموت فتكون كفّارة لذنوبه.

قلت : ويكون معناه أنّ علّته لم تمتدَّ به فيعالجَ شدّة الضَّنَى ويقاسيَ عَلَزَ الموت.

جعل : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : جَعَل : صيَّر. وجَعَل : أقبل. وجعل : خَلَق. وجعَلَ : قالَ ، ومنه قوله : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [الزّخرُف : ٣]. أي قلناه. وقال غيره : صيّرناه. ويقال جَعل فلانٌ يصنع كذا وكذا ، كقولك طَفِق وعَلِق يفعل كذا وكذا. ويقال جعلتُه أحذقَ الناس بعمله ، أي صيّرته. وقول الله عزوجل : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) [الفِيل : ٥] معناه صيَّرهم. وقال عزوجل : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) [الأنبيَاء : ٣٠] ؛ أي خلقْنا.

وإذا قال المخلوق جَعلْتُ هذا الباب من شجرةِ كذا ، فمعناه صيّرته.

أبو عبيد : الجِعال : الخِرقة التي تُنزَل بها القُدور ، قاله الأصمعي. قال : وقال الكسائيّ : أجعلتُ القدر إجعالاً ، إذا أنزلتَها بالجِعال. قال : وكذلك من الجُعْل في العطيّة أجعلتُ له بالألف. وقال الأصمعيّ : هي الجَعَالة بالفتح ، من الشيء تَجعَله للإنسان.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أجَعَلت الكلبةُ والسِّباعُ كلُّها ، إذا اشتهت الفحل. وقال غيره : استجعلَت أيضاً بمعناه.

وقال الليث : الجُعْل : ما جعلتَه للإنسان أجراً على عمله. قال : والجَعَالاتُ : ما يتجاعل الناس بينهم عند البَعْثِ أو الأمر يَحزُبُهم من السلطان. والجُعَل : دابّة سوداء من دوابّ الأرض ، تُجمَع جِعلاناً.

وماءٌ مُجْعِلٌ وجَعِلٌ ، إذا تهافتت فيه الجِعلان.

ومن أمثال العرب : «لزِقَ بامرىءٍ جُعَلُه» ، يقال ذلك عند التنغيص والإفساد. وأنشد أبو زيد :

إذا أتيتُ سُليمَى شُبَّ لي جُعَلٌ

إنّ الشقيَّ الذي يَصْلَى به الجُعَلُ

قاله رجلٌ كان يتحدَّث إلى امرأة ، فكلما أتاها وقَعد عندها صبَّ الله عليه مَنْ يقطع حديثهما.

وقال ابن بزرج : قالت الأعراب : لنا لُعبةٌ يلعب بها الصِّبيان نسمِّيها : جَبَّى جُعَلُ ، يضع الصبيُّ رأسَه على الأرض ثم ينقلب على ظهره. قال : ولا يُجْرون جَبَّى جُعَلُ إذا أرادوا به اسم رجل. فإذا قالوا هذا جعلٌ بغير جَبَّى أجرَوْه.

أبو عبيد عن الأصمعي : الجَعْل : قصار النخل. وقال لبيد :

٢٤٠