تهذيب اللغة - ج ١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

وفلان شديد العريكة ، إذا كان شديد النَّفس أبيّاً.

وأرضٌ معروكة ، وقد عَرِكت ، إذا جرَدتها الماشيةُ من الرَّعي.

وناقةٌ عَرُوك ، إذا لم يُعلَم سِمنُها من هُزالها إلّا بالجسّ.

ويقال لقيتُه عَرْكةً أو عَرْكتين ، أي مرةً أو مرَّتين. ولقيتُه عَرَكات.

وفي الحديث : أن بعض أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانت مُحرِمةً فذكرت العِراك قبل أن تُفِيض.

والعِراك : المَحيض. وامرأة عارك ، أي حائض. وقد عَرَكت تَعْركُ عِراكاً. ونساءٌ عواركُ ، أي حُيَّض.

ورجلٌ عَرِكٌ ، إذا كان شديداً صِرِّيعاً لا يُطاق. وقوم عركون.

أبو عبيد عن العَدَبَّس الكناني قال : العَرْك والحازّ واحد ، وهو أن يَحُزَّ المِرفَق في الذِّراع حتّى يخلُص إلى اللحم ويقطع الجلدَ بحدِّ الكِرْكِرة. وقال الشاعر يصف بعيراً بائن المِرفَق ، فقال :

قليل العرك يَهجر مِرفقاها

أبو عبيد عن أبي زيد قال : العركركة من النساء : الكثيرة اللَّحم الرَّسحاء القبيحة.

وسمعتُ غير واحدٍ من العرب يقول : ناقةٌ عَركركةٌ وجمعها عَرَكْركات ، إذا كانت ضخمةً سمينة. وأنشدني أعرابي :

يا صاحبَيْ رحلي بلَيلٍ قوما

وقرِّبا عَركركاتٍ كُوما

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : بعيرٌ به ضاغطٌ عركرك. وأنشد :

أصبر من ذي ضاغطٍ عَرَكْركِ

ألقَى بَوَانِي زَوْره للمبرَكِ

وقال الليث : ركَبٌ عركرك ، وهو الضَّخم من أركاب النساء. قال : وأصله ثلاثي ، ولفظه خماسيّ.

وقال شجاعٌ السُّلمي : اعترك القوم واعتوَكوا ، إذا ازدحموا.

عمرو عن أبيه : فلانٌ ميمون العريكة ، والحريكة ، والسَّليقة ، والنقيمة ، والنقيبة ، والنخيجة ، والجَبِيلة ، والطبيعة ، بمعنًى واحد.

كرع : شمر عن أبي عمرو : أكرعَ القومُ ، إذا صَبَّتْ عليهم السماءُ فاستنقع الماءُ حتَّى سقَوا إبلَهم من ماء السماء.

قلت : وسمعت العرب تقول لماء السماء إذا اجتمع في غدير كَرَعٌ ، وقد شرِبنا الكَرَع ، وأروينا نَعمَنا بالكَرَع. ومنه قول الراعي يصف إبلاً وراعيَها :

يَسُنُّها آبِلٌ ما إنْ يجزِّئها

جَزْءاً شديداً وما إنْ ترتَوي كَرَعا

وروي عن عكرمة أنه كرِه الكَرْع في النهر.

شمر عن أبي زيد : الكَرْع : أن يشرب الرجل بفيهِ من النَّهر غير أن يشرب بكفَّيه أو بإناء. وكلُّ شيء شربتَ منه بفيك من إناء أو غيره فقد كرَعتَ فيه. وقال الأخطل :

يُروى العِطاشَ لها عَذْبٌ مقَبَّلهُ

إذا العِطاشُ على أمثاله كَرَعوا

والكارع : الذي رمَى بفمه في الماء.

٢٠١

وقال أبو عمرو : الكَرِيع : الذي يشرب بيديه من النهر إذا فَقَد الإناء.

وقال أبو عبيد : الكارعات والمُكْرِعات من النخيل : التي على الماء. وقد أكرعَتْ وكرعت ، وهي كارعةٌ ومُكْرِعة. وقال ابن الأعرابي : المكرِعات من الإبل : اللواتي تدخل رؤوسها إلى الصِّلاء فيسودُّ أعناقها.

وقال الأخطل :

ولا تنزلْ بجعديٍّ إذا ما

تردَّى المُكرَعاتُ من الدُّخانِ

وجعل غيره المكرعات هاهنا النَّخيلَ النابتةَ على الماء ، كما قال لبيدٌ يصف نخلاً :

يشربن رِفْهاً عراكا غير صادرة

فكلُّها كارعٌ في الماء مغتَمرُ

وقال الليث : كرعَ الإنسان في الماء يكرع كرْعاً وكُروعاً ، إذا تناولَه بفيه من موضعه.

وكرع في الإناء ، إذا أمال نحوه عنقَه فشرِب منه. وقال النابغة :

بصهباء في حافاتها المسك كارع

أي مجعول فيه. وقال شمر : أنشدَنيه أبو عدنان :

بزوراء في أكنافها المسك كارع

قال : والكارع الإنسان ، أي أنتَ المِسك لأنّك أنت الكارعُ فيها ، أي نَفَسُك مثل المسك.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا سالَ أنفٌ من الحَرَّة فهو كُراع. وقال غيره : الكُراع : ركنٌ من الجبل يعترض في الطريق.

وكُراع الغَمِيم : موضع معروف بناحية الحجاز. وفرسٌ مُكرَع القوائم : شديدها.

قال أبو النجم :

أحقبُ مجلوزٌ شَواهُ مُكرَعْ

وأكارعُ الأرضِ : أطرافُها القاصية ، شبِّهت بأكارع الشاة ، وهي قوائمها. والأكارع من الناس : السَّفِلة ، شُبِّهوا بأكارع الدوابّ ، وهي قوائمها. وفي الحديث : «لا بأس بالطلَب في أكارع الأرض». وقال الليث : جارية كرعةٌ : مِغْليمٌ. ورجل كرِعٌ ، وقد كَرِعت إلى العمل كَرَعاً.

قال : والكُراع من الإنسان : ما دونَ الرُّكبة ، ومن الدوابّ : ما دُونَ كعوبها.

ويقال هذه كُراعٌ ؛ وهي الوظيف. قال : وكُراع كلِّ شيء : طرَفه. وكُراع الأرض : ناحيتُها.

أبو عبيد عن أبي عمرو : الأكرع : الدقيق مقدَّم الساقين ، وفيه كَرَعٌ ، أي دقّة. وقال أبو عمرو أيضاً فيما روى عَمرو عنه : تطهَّر الغلام ، وتكرَّعَ ، وتمكَّى ، إذا تطهَّر للصلاة.

وقال الليث : الكُراع : اسمٌ يجمع الخَيلَ والسِّلاح إذا ذُكر مع السلاح. والكُراع :الخيلُ نفسُها. ورِجلا الجنْدَب : كُراعاه.

ومنه قول أبي زُبَيدٍ الطائي :

ونفى الجُندَبُ الحَصَى بكُرَاعي

ه وأوفى في عُوده الحِرباءُ

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال أكرعَك الصَّيدُ ، وأخْطَبك ، وأصقبك ، وأقنى لك ، بمعنى أمكنك. وكرِع الرجلُ ، إذا تطيَّبَ بطيبٍ فصاكَ به ، أي لصِقَ به. والكَرَّاع : الذي يخادِن الكَرَعَ ، وهم السِّفَلُ من

٢٠٢

الناس ، يقال للواحد كَرَعٌ ثم هلَّم جرّا. والكرَّاع : الذي يسقى مالَه بالكَرَع ، وهو ماء السماء وفي الحديث : أن رجلا سمع قائلاً يقول في سحابة : «اسقِي كَرَعَ فلان» ، وإنَّما أراد موضعاً يجتمع فيه ماء السماء فيسقي به صاحبُه زرعَه.

أبو عبيد عن أبي زيد : أكرعَ القومُ ، إذا أصابوا الكرَع ، وهو ماء السَّماء ، فأوردوه إبلَهم.

كعر : أبو عبيد عن الأصمعي : إذا حَمَل الحُوارُ في سَنامه شحماً فهو مُكْعِرٌ ، وقد أكعرَ إكعاراً.

وفي «النوادر» : مرَّ فلانٌ مُكعِراً ، إذا مرَّ يعدو مُسرِعاً. والكَيْعَر من الأشبال : الذي قد سَمِن وحَدَرَ لحمُه.

الليث : كَعِر الصبيُ كَعَراً ، إذا امتلأ بطنُه من كثرة الأكل. وكَعِرَ بطنُه كَعَراً أيضاً ، إذا سَمِن. وقال ابن الأعرابي في كَعِر الصبيّ وكَعِر بطنُه مثله.

ركع : صلاة الصُّبح ركعتان ، وصلاة الظهر أربع ركعات. وكلُّ قَومةٍ يتلوها الركوع والسجدتان من الصَّلواتِ كلِّها فهي ركعة.

ويقال ركَع المصلِّي ركعةً وركعتين وثلاث ركَعات. وأما الرُّكوع فهو أن يَخفض المصلّي رأسَه بعد القَومة التي فيها القراءةُ حتَّى يطمئنَّ ظهره راكعاً. يقال ركع ركوعاً ، والأول تقول فيه رَكع ركعةً.

وقال لبيد :

أدِبُّ كأنِّي كلَّما قُمتُ راكعُ

فالراكع المنحني في قول لبيد.

وكلُّ شيء ينكَبُّ لوجهه فتمسُّ ركبتُه الأرض أولاً تمسُّها بعد أن يخفض رأسه فهو راكع ، وجمع الراكع رُكَّعٌ ورُكوع.

وكانت العرب في الجاهلية تسمِّي الحنيفَ راكعاً ، إذا لم يعبُد الأوثان. ويقولون : ركَعَ إلى الله.

ومنه قول الشاعر :

إلى ربّه ربِّ البرية راكعُ

ويقال : ركع الرجلُ ، إذا افتقرَ بعد غنًى وانحطَّت حالُه. وقال الشاعر :

ولا تهينَ الفقير عَلَّكَ أن ترْ

كعَ يوماً والدَّهرُ قد رفَعَه

أراد : ولا تهيننْ ، فجعل النون ألفاً ساكنة ، فاستقبلها ساكن آخر فسقطت.

باب العين والكاف مع اللام

[ع ك ل]

[لعك : مهمل](١).

عكل ، علك ، كلع ، كعل ، لكع : مستعملات.

عكل : أبو عبيد عن الفراء : عكَل يعكُلُ عَكْلاً ، مثل حدس يحدِس حدساً ، إذا قال برأيه.

وقال أبو عمرو : العَوكل : المرأة الحمقاء.

وقال أبو عبيد : العَوكلة : الرَّملة العظيمة.

__________________

(١) كذا في «العين» (١ / ٢٠١) ، ولم ترد المادة في «اللسان».

٢٠٣

وقال ذو الرمة :

وقد قابلتْهُ عَوكلاتٌ عوانك

ثعلب عن ابن الأعرابي : العُكْل : اللَّئيم من الرجال ، وجمعه أعكال.

الليث عكَل السائق الإبلَ يَعكِلُها عَكلاً ، إذا ساقها وضمَّ قواسيها. وأنشد :

نَعَمٌ تُشَلُّ إلى الرئيس وتُعكَلُ

قال : والعَكَل : لغة في العَكَر من الإبل ، والراء أحسن.

وعُكْل وتيمٌ وعديٌّ : قبائل من الرِّباب.

والعربُ تذكر عُكلاً بالغباوة وقلَّة الفطنة ، ويقولون لمن يُستَحمَق : عُكليٌ.

وإيلٌ معكولة ، أي معقولة برِجْلٍ ، واسم الحبل عِكال. قال ذلك أبو عمرو. وقد عكلتُه أعكُلُه عَكلاً. رواه أبو عبيدٍ عنه.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : العوكلة : الأرنب ، وهي الرَّملة أيضاً.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العاكل ، والمُعْكِل ، والغَيذَانُ ، والمخمِّن : الذي يظنُّ فيصيب.

قال : ورجلٌ عاكل ، وهو القصير البخيل المشؤوم ، وجمعه عُكُلٌ. ويقال : أعكَلَ عليّ الأمر وأحكلَ ، واعتكل واحتكل ، إذا أشكلَ.

علك : يقال علكَ الفرسُ اللجام يعلُكه عَلْكاً.

وقال النابغة :

تحتَ العَجاج وأخرى تعلك اللُّجُما

والعَلِكَة : الشِّقشقة عند الهدير. قال رؤبة :

يجمعن زأراً وهديراً مَحْضا

في عَلِكاتٍ يعتلين النَّهْضا

والعِلْك : صمغ يُمضغ فلا يَمَّاع ، وجمعه عُلوكٌ وأعلاك.

وفي حديث جرير بن عبد الله أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سأله عن منزله ببِيشَةَ ، فوصَفَها جرير فقال : «سَهلٌ ودَكدَاك ، وسَلَم وأراك ، وحَمْضٌ وعَلاك». والعَلاك : شجر ينبت بناحية الحجاز ، ويقال له العَلَك. وقال لبيد :

لتقيَّظَتْ عَلَكَ الحجاز مقيمة

فجنوبَ ناصفةٍ لقاحُ الحَوْأبِ

أبو عبيد عن العدبّس الكنانيّ قال : العَولك : عِرق في الخيل والحُمر والغَنَم يكون في البُظارَة غامضاً داخلاً فيها.

قال : والبُظارة : ما بين الإسكَتَينِ.

وأنشدنا :

يا صاحِ ما أصبَرَ ظهرَ غنَّامْ

خشِيتُ أن يظْهَرَ فيه أوْرامْ

من عَوْلكَينِ غلَبا بالإبْلام

وذلك أن امرأتين ركبتا غنّاماً ، وهو اسمُ جمل. وجمع العولك عوالك.

وقال أبو عبيد : وقال الفراء : العَولك : عِرقٌ في رَحِم الشاة.

كلع : سلمة عن الفرّاء : الكُلاعيُّ مأخوذ من الكُلَاع ، وهو البأس والشدّة والصَّبر في المواطن.

وقال ابن الأعرابي : الكولَع : الوسَخ.

أبو عبيد عن الفراء : كَلَعَ عليه الوسخُ كَلَعاً ، إذا يبِس. وعن الأصمعي : كلِعَتْ

٢٠٤

رجلُه كَلَعاً ، إذا تشقَّقتْ وتوسّختْ.

الليث : كلِع البعيرُ كلَعاً ، إذا تشقَّقَ فِرْسِنُه ؛ وهو كَلِعٌ. قال : والكَلَعة : داء يأخذ البعير في مؤخّره ، وهو أن يَجرَد الشعرُ عن مؤخّره وينشقَّ ويسودّ ، وربَّما هلَكَ منه.

ورجلٌ كَلِعٌ ، وهو الأسود الذي سوادُه كالوسَخ.

وذو الكَلَاع : ملك من ملوك حمير. وقال ابن دريد : التكلُّع : التَّحَالف ؛ لغة يمَانية.

قال : وبه سمِّي ذو الكَلَاع لأنّهم تكلَّعوا على يده ، أي تجمَّعوا.

أبو عبيد عن الفراء : إذا كثرت الغنمُ فهي الكَلِعة. وقال النضر : الكلَع : أشدُّ الجرَب ، وهو الذي يَبِصُّ جرباً فييبس فلا ينجع فيه الهِنَاء.

وقال ابن حبيب : إذا اجتمعت القبائل وتناصرت فقد تكلَّعت. وأصل هذا من الكلَع يركب الرِّجْلَ.

لكع : في الحديث : «أسعد الناس في آخر الزَّمان لُكَعٌ ابن لُكَع» قال أبو عبيد : اللُّكع عند العرب : العبد اللئيم. وقال غيره : اللُّكَع : الأحمق. وامرأة لَكَاع ولكيعة.

وقال الليث : يقال لكِعَ الرجلُ يَلكَع لكَعاً ، فهو ألكَع لُكَعٌ مَلْكعان ، وامرأة لَكَاعِ مَلْكعانة. ورجلٌ لكيع وامرأة لكيعة ، كلُّ ذلك يوصَف به الحُمق والمُوق.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الملاكيع : ما يخرج مع الولد من سُخْدٍ وصاءةٍ وغيرها ، ومن ذلك قيل للعبد ومَن لا أصل له لُكَع.

وقال الليث : ويقال لَكوع. وأنشد :

أنت الفتى ما دام في الزَّهَر الندى

وأنت إذا اشتدَّ الزمانُ لَكُوعُ

أبو عبيدة : إذا سقطت أضراس الفَرَس فهو لُكَعٌ والأنثى لُكَعة. وإذا سقط فمُه فهو الألكع. ورجلٌ وكيع لكيع ، وَوَكوع لَكوع : لئيم.

وقال أبو تراب : سمعتُ شجاعاً السُّلميّ يقول : لكَع الرجلُ الشاةَ ، إذا نَهَزَها.

ونكعها ، إذا فعل بها ذلك عند حَلْبِها ، وهو أن يضرب ضرعَها لتدرّ. قال : وعبد ألكعُ أوكَع ، وامرأة لكعاء ووَكْعاء ، وهي الحمقاء.

قال البكري : هذا شتمٌ للعبد واللئيم.

شمر عن أبي نهشل : يقال هو لُكَعٌ لاكع. قال : وهو الضيِّق الصدر ، القليل الغَناء الذي تؤخّرهُ الرجال عن أمورها فلا يكون له موقع ، فذلك اللُّكَع.

وقال ابن شميل : يقال للرجل إذا كان خبيثَ الفَعالِ شحيحاً قليل الخير : إنه للَكُوع.

كعل : أهمله الليث.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الخِثْي للثَّور ، والكَعْل لكلِّ شيءٍ ، إذا وضَعَه.

وقال غيره : الكَعْل من الرجال : القصير الأسود. وقال جَندلٌ الطُّهويّ :

وأصبحتْ ليلى لها زَوجٌ قَذِرْ

كَعْلٌ تَغشَّاهُ سَوادٌ وقِصَرْ

٢٠٥

باب العين والكاف مع النون

[ع ك ن]

عنك ، عكن ، كنع ، نكع ، كعن : مستعملة.

عنك : ابن شميل : جاء من السَّمَك بعِنْكٍ ، أي شيء كثير منه. وجاءنا من الطَّعام بعِنْكٍ ، أي بشيء كثير منه.

أبو عبيد عن الأصمعي قال العانك : الرَّملة التي فيها تعقُّد حتَّى يبقى فيها البعير لا يقدر على السَّير فيها. يقال قد اعتنك.

وقال الليث : العانك : لونٌ من الحمرة.

دم عانكٌ ، إذا كان في لونه صُفرة.

وأنشد :

أو عانكٍ كدم الذبيح مُدامِ

قال : والعانك من الرَّمل في لونه حُمرة.

قلت : كلُّ ما قاله الليث في العانك ، فهو خطأٌ وتصحيف. والذي أراده الليث من صفة الحُمرة فهو عاتك بالتاء ، وقد مرَّ تفسيره في بابه.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : سمعتُ أعرابيّاً يقول :

أتانا فلانٌ بنبيذ عاتكٍ

يصيِّر الناسكَ مثل الفاتك

وأما العانك من الرمال فهو الذي فسَّره الأصمعي ، لا ما فيه حُمرة.

وأما ما استشهد به من قوله :

أو عانكٍ كدم الذَّبيح مُدامِ

فإنِّي سمعت الإياديَّ يروي عن شمر أنَّ أبا عبيدٍ أنشده :

أو عاتقٍ كدم الذبيح ...

فإنْ كان وقع لليث بالكاف فهو عاتك بالتاء ، كما روى ابن الأعرابي عن من قال من الأعراب : أتانا بنبيذ عاتك ، أي بنبيذ أحمر.

وقال الليث : العِنْك : سُدفة من الليل. وقال الأصمعيّ وغيره : أتانا فلانٌ بعد عِنكٍ من الليل ، أي بعد ساعة وبعد هُدْء. ويقال مكث عِنكاً ، أي عصراً وزماناً.

ثعلب عن عمرو عن أبيه : أعنكَ الرجلُ ، إذا تَجَر في العُنوك ، وهي الأبواب.

وأعنكَ : وقَعَ في العِنْكة ، واحدها عِنْك ، وهو الرَّمل الكثير.

وقال ابن دريد : عنكْتُ البابَ وأعنكتُه ، إذا أغلقتَه ، لغة يمانية.

أبو تراب عن الأصمعي : العِنْك : الثلث الباقي من اللَّيل. وقال أبو عمرو : العِنْك ثلثُه الثاني.

وقال ابن الأعرابيّ : يقال للباب العِنْك ، ولصانِعه الفَيْتَق.

عكن : قال الليث وغيره : العُكَن : الأطواء في بطن الجارية من السِّمن. ولو قيل جارية عكْناءُ لجاز ، ولكنهم يقولون معكَّنة. وواحدة العُكَن عُكْنة.

ويقال تعكَّن الشيءُ تعكُّناً ، إذا رُكِمَ بعضُه على بعضٍ وانثنى.

وقال ابن الأعرابي : عُكَن الدِّرع : أثناؤها ؛ يقال درعٌ ذاتُ عُكَن ، إذا كانت واسعةً تَثَنَّى على اللابس من سَعَتها.

أبو عبيد عن الفراء قال : العَكْنانُ

٢٠٦

والعَكَنانُ : الإبل الكثيرة العظيمة. وأنشد :

هل باللِّوَى من عَكَرٍ عَكْنَانْ

كنع : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : قال أعرابيّ : «لا والذي أكنَعُ به» ، أي أحلف به. وروي عن الأصمعي أنه قال : سمعتُ أعرابياً يدعو : «ربِّ أعوذ بك من الخُنوع والكُنوع» فسألته عنهما فقال : الخُنوع : الغدر. والخانع : الذي يضع رأسه للسَّوءة يأتي أمراً قبيحاً فيرجع عارُه عليه فيستحي منه وينكِّس رأسه. قال : والكُنوع : التَّصاغُر عند المسألة. وقال غيره : الكنوع : الذلُّ والخضوع.

وفي الحديث : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث خالد بن الوليد إلى ذي الخَلَصَة ليهدمها ، وفيها صنم يعبدونه ، فقال له السَّادن : «لا تفعلْ فإنها مُكنِّعتُك» ، أخبرني المنذريّ عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابيّ قال : المكنَّع : المتقفِّع اليد. وقال أبو عبيد : الكانع : الذي تقبَّضت يده ويبِست. وأراد الكافر بقوله إنها مكنِّعتُك ، أي تخبل أعضاءَك وتيبِّسها.

وفي حديث آخر : أنّ المشركين يوم أُحُد لمَّا قَرُبوا من المدينة «كَنَّعوا عنها» ، ومعنى كنَّعُوا ، أي أحجموا عن الدُّخول فيها وانقبضوا.

ويقال اكتنع اللَّيل ، إذا حضَر ودنا. وقال الشاعر :

آبَ هذا الليل واكتنعا

وأما من روى بيت النابغة :

بزوراء في أكنافها المسكُ كانع

فمعناه اللاصق بها.

وأمرٌ أكنعُ : ناقص ؛ وأمور كُنْع. ومنه قول الأحنف بن قيس : «كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لم يُحمَدِ الله عليه فهو أكنع».

وقال أبو عمرو : الكُنوع : الطمع.

والكانع : السائل الخاضع. وروى بيتاً فيه :

رمَى الله في تلك الأكفّ الكوانع

ومعناه الدَّواني للسؤال والطمع.

أبو عبيد عن الأصمعي : الكانع : الذي قد تدانَى وتصاغر وتقاربَ بعضُه من بعض.

والمكتنع : الحاضر.

وقال ابن دريد : أسير كانع : قد ضمَّه القِدُّ. وأنشد بيت النابغة :

بَزَوراءَ في حافاتها المسكُ كانعُ

قال : أراد تكانفَ المسك وتراكُبَه.

وروى إسحاق بن الفرج للأصمعي : يقال بضَّعه ، وكنَّعه ، وكوّعه ، بمعنًى واحد.

عمرو عن أبيه : الكنيع : المكسور اليد.

والكنيع : العادل من طريقٍ إلى غيره. يقال كنَعوا عنّا ، أي عدلوا.

سلمة عن الفرّاء قال : المُكنَعَة : اليد الشَّلَّاء.

وقال ابن شميل : كُنِع الرجلُ ، إذا صُرع على حَنَكه. واكتنع فلانٌ منّي ، أي دنا منّي.

وقال الليث : الأكنع والكَنِع : الذي قد تشنَّجتْ يدُه. قال : وتكنَّعَ فلانٌ بفلانٍ ، إذا تضبَّثَ به وتعلَّق. وقال متمم :

وعانٍ ثَوَى في القِدِّ حتّى تكنَّعا

٢٠٧

أي تقبَّض واجتمع. وكنع الموتُ كنوعاً ، إذا دنا وقرب. وأنشد :

إنّي إذا الموتُ كنَعْ

وكنعت العُقابُ ، إذا ضمَّت جناحيها للانقضاض ، فهي كانعة جانحة. وقال في قوله :

رمى الله في تلك الأنوفِ الكوانعِ

قال : هي اللازقةُ بالوجوه. قال : والاكتناع : التعطُّف ؛ يقال اكتَنَع عليه ، أي عطفَ عليه.

قال : وكنعان بن سام بن نُوح ، إليه ينسب الكنعانيُّون ، وكانوا أمّة يتكلمون بلغةٍ تضارع العربيَّة. قال : وأكنع الرجل ، للشيء ، إذا ذلّ له وخضع. وقال العجاج :

مِن نفثهِ والرِّفقِ حتّى أكنَعا

نكع : أبو عبيد عن أبي عمرو : النَّكِعة من النساء : الحمراء اللون. قال : والنَّكوع : القصيرة من النساء ، وجمعها نُكُع. وأنشد لابن مقبل :

لا سُودٌ ولا نُكُعُ

وأخبرني المنذريّ عن الحرَّاني عن ابن السكِّيت قال : سمعت ابن الأعرابي يقول : أحمر كالنَّكَعة ، قال : وهي ثمرة النُّقاوَى ، وهو نبتٌ أحمر. قال : ويقال هو أحمر مثل نَكَعة الطُّرثوث. قال : وأخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابيّ حكى عن بعضهم أنه قال : «فكانت عيناه أشدَّ حمرةً من النُّكعة» هكذا رواه بضم النون لنا ـ قلت : وسماعي من الأعراب نَكَعة ـ قال : وهي جَنَاةُ ثمرِ شجرة حمراءُ كالنَّبق في استدارته.

وقال اللحياني : أحمر نكِعٌ وأحمر عاتك.

وقال الليث : الأنكع : المتقشِّر الأنف ، وقد نَكِع ينكَع نكَعاً مع حمرة لونٍ شديدة.

قلت : وقد رأيت نكَعة الطُّرثوث في أعلاها كأنها ثُومة ذكرِ الرجل مشربة حُمرة.

وقال الليث : يقال كسعه ونكَعه ، إذا ضربَ دبرَه بظهر قدمهِ. وأنشد :

بنِي ثُعَلٍ لا تَنكَعوا العنزَ إنّه

بنِي ثُعَلٍ من ينكَع العنزَ ظالمُ

وقال الأصمعيّ : النَّكْع : الإعجال عن الأمر ؛ يقال نكعته عن ذلك الأمر ، إذا أعجلتَه. وقال عديّ بن زيد :

تُقْنصك الخيل وتصطادك ال

طَّير ولا تُنكَع لَهْوَ القَنِيصْ

وقال ابن الأعرابي : لا تُنكَع : لا تُمنَع.

وقال ابن شميل : المنكَع : الراجع وراءه ، وقد أنكعَه.

وروى أبو ترابٍ عن واقعٍ السُّلميّ : نكَع عن الأمر ونَكلَ بمعنًى واحد. وأنشد أبو حاتم في الإنكاع بمعنى الإعجال :

أرى إبلي لا تُنكَعُ الوِردَ شُرَّداً

إذا شُلَّ قومٌ عن وُرودٍ وكُعْكِعوا

كعن : أبو عمرو : الإكعان : فتور النشاط.

وقد أكعنَ إكعاناً. وأنشد لطَلْق بن عديٍّ يصف نعامتين وقد شدَّ فارسٌ عليهما :

والمهرُ في آثارهنّ يَقبِصُ

٢٠٨

قَبصاً تخال الهِقلَ منه يَنكِصُ

حتى اشمعلَ مُكْعِناً ما يَهبِصُ

قلت : وأنا واقف في هذا الحرف.

باب العين والكاف مع الفاء

[ع ك ف]

استعمل من وجوهه : عكف ، عفك.

عكف : قال الله جلّ وعزّ : (وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) [البَقَرَة : ١٨٧]. عاكِفُونَ : مقيمون في المساجد ، عكَف يعكُف ويعكِفُ ، إذا أقام. ومنه قوله : (يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) [الأعرَاف : ١٣٨] أي يقيمون وأما قوله جلّ وعزّ : (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) [الفَتْح : ٢٥] فإنَّ مجاهداً وعطاءً قالا : محبوساً. وكذلك قال الفراء. يقال عكفته أعكفه عكفاً ، إذا حبستَه. وقد عكَّفْت القوم عن كذا ، أي حبَستهم. وقال الأعشى :

وكأنَّ السُّموط عكَّفها السِّل

كُ بعِطَفيْ جَيداءَ أُمِّ غزالِ

أي حبسَها ولم يدعْها تتفرَّق.

ويقال إنّك لتَعكفني عن حاجتي ، أي تصرِفني عنها.

قلت : يقال عكفتُه عكفاً ، فعكف يعكف عكوفاً. وهو لازمٌ وواقع ، كما يقال رجعتُه فرجَع ، إلّا أنّ مصدر اللازم العكوف ، ومصدر الواقع العَكْف.

وقال الليث : يقال عكَف يعكِفُ ويعكفُ عَكْفاً وعكوفاً ، وهو إقبالك على الشيء لا ترفع عنه وجهَك. وقال العجاج يصف ثوراً :

فهنَ يعكُفن به إذا حَجَا

أي يقْبلنَ عليه. قال : وعكَفت الخيلُ بقائدها ، إذا أقبلَتْ عليه. وعكفت الطَّير بالقتلى.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يعتكف في العَشْر الأواخر في المسجد والاعتكاف في المسجد : الإقامة فيه وتركُ الخروج منه إلّا لحاجة الإنسان ، يصلِّي فيه ويقرأ القرآن. وقومٌ عُكوف : مقيمون. وقال أبو ذؤيب يصف الأثافيّ :

فهنَ عُكُوفٌ كنوح الكري

م قد شفّ أكبادَهن الهوِيُ

وقوله : (ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً) [طه : ٩٧] أي مقيماً. وعكف على الشيء : أقام عليه.

عفك : أبو عبيد عن الأموي : الأعفك : الأحمق.

أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي : امرأةٌ عَفْتاء وعفكاء ولَفْتَاء ، إذا كانت خرقاء. قال : والعَفَك والعَفَت يكونان العَسَر والخُرْق.

وقال الليث : الأعفك : الأحمق الذي لا يثبت على كلمة واحدة ولا يتمُّ أمراً حتَّى يأخذ في غيره. قال : وهو المخلَّع من الرجال. وأنشد :

صاحِ ألم تعجب لقول الضيطرِ

الأعفكِ الأحدلِ ثُمَّ الأعسرِ

وقال بعض العرب : هؤلاء الطماطمة يعفِكون الكلامَ عفكاً ويَلفِتونه لفتاً.

وقال أبو عمرو : العَفِيك واللَّفيك : المشبَع حُمقاً.

٢٠٩

باب العين والكاف مع الباء

[ع ك ب]

عكب ، عبك ، كبع ، كعب ، بعك ، بكع : مستعملات.

عكب : أبو عبيد عن أبي عبيدة : العَكوب : الغبار ، بفتح العين. وأنشد قول بشر بن أبي خازم :

على كلِّ مَعْلُوبٍ يثور عَكوبُها

قال : والمعلوب : الطريق الذي يُعلَب بجَنْبَتَيْه.

وقال أبو عمرو : عكفت الخيل عكوفاً ، وعكبت عُكوباً ، بمعنًى واحد.

وقال الليث نحوه : طير عكوف وعُكوب.

وأنشد لمزاحم العُقَيلي :

تظلُّ نُسورٌ من شَمامِ عليهمُ

عُكوباً مع العِقْبانِ عِقبانِ يذبُلِ

قال : والباء لغة بني خَفاجة من بني عُقَيل.

ويقال عكبت القدر تعكُب عكوباً ، إذا ثار عُكابُها ، وهو بُخارُها وشدَّة غليانها.

وأنشد :

كأنّ مُغيرات الجيوش التقتْ بها

إذا استحمشَتْ غَلْياً وفاضتْ عُكوبُها

أبو العباس عن ابن الأعرابي : غلامٌ عَضْبٌ وعَصْبٌ وعَكْبٌ ، إذا كان خفيفاً نشيطاً في عمله. قال : والعكب : الشدَّةُ في الشرِّ والشَّيطنة ، ومنه قيل للمارد من الجنّ والإنس عِكَبّ. قال : والعَكْب : الغُبار ، ومنه قيل للأمة عَكْباء. وقال غيره : العِكَبُّ : الجافي الغليظ ، وكذلك الأعكب. والعِكبُّ العجليُّ : شاعر جيّد الشِّعر. والعاكب من الإبل : الكثيرة. وقال الراجز :

فغَشِيَ الذادةَ منها عاكبُ

وقال الليث : العَكَب : غِلظٌ في لَحْي الإنسان ؛ ومنه أمَةٌ عَكْباء : جافية الخَلْق عِلجةٌ ، من آمٍ عُكْب.

عبك : أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال ما أغْنَى عنّي عَبَكة. قال : والعَبَكة : ما يتعلَّق بالسِّقاء من الوضَر ، ويقال الشيء الهيِّن. قال : والعَبْك : السَّويق.

عمرو عن أبيه : ما ذُقتُ عَبَكةً ، وهي الحبّة من السَّويق ، ولا لَبَكةً ، وهي الحبّة من الثريد.

وقال الليث : ما ذقت عبكة ولا لبَكة ، والعَبَكة : قطعة من السويق أو كسرة ، واللَّبَكة : لُقْمة من ثريدٍ أو نحوه.

وقال ابن دريد : العَبْك : خَلْطُك الشيءَ.

كعب : قال الله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المَائدة : ٦] قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم وحمزة (وأرجلِكم) خفضاً ، والأعشى عن أبي بكر بالنصب مثل حفص. وقرأ يعقوب الحضرميّ والكسائيّ ونافع وابن عامر : (وَأَرْجُلَكُمْ) نصباً ، وهي قراءة ابن عباس ، يردُّه على قوله : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المَائدة : ٦]. وكان الشافعي يقرأ بالنصب (وَأَرْجُلَكُمْ).

واختلف الناس في الْكَعْبَيْنِ. وسأل ابن جابر أحمد بن يحيى عن الكعب ، فأومأ

٢١٠

ثعلب إلى رجله إلى المَفْصِل منها بسبَّابته فوضع السبّابة عليه ، ثم قال : هذا قول المفضَّل وابن الأعرابي : قال : ثم أومأ إلى المَنْجِمَيْن وقال : هذا قول أبي عمرو بن العلاء والأصمعي قال : وكلٌّ قد ذهبَ مذهباً.

وقال ابن المظفَّر : الكعب : العظم لكلِّ ذي أربع. وكعب الإنسان : ما أشرف فوق رُسغِه عند قدمه. وكعب الفرس : بين عظم الوظيف وعظم الساق الناتىء من خلف. والكعب من القصب والقنا : أُنبوب ما بين العُقدتين ، والجميع الكعوب. والعرب تقول : جارية دَرْماء الكعب ، إذا لم يكن لرؤوس عظامها حَجْم ، وذلك أؤثَر لها قال الراجز يصف جارية :

ساقاً بَخَنداةً وكعباً أدرما

أبو عبيد عن الأصمعي : الكَعْب من السمن : الكُتْلة. والكَعْب من الرُّمح : طرف الأنبوب الناشز. والكعبان : الناشزان من جانبي القدمين. وأنكر قول الناس إنّه في ظهر القدم.

أبو عبيد : الكاعب : الجارية التي كَعَب ثدياها وكعَّب ، بالتشديد والتخفيف ، والجميع الكواعب. وقال الله : (وَكَواعِبَ أَتْراباً) [النّبَأ : ٣٣]. ووجهٌ مكعَّبٌ ، إذا كان جافياً ناتئاً. ويقال جارية كَعابٌ أيضاً بمعنى الكاعب.

أبو عمرو وابن الأعرابي : الكُعبة : عُذرة الجارية. وأنشد قول الراجز :

ركَبٌ تَمَّ وتَمَّتْ رَبَّتُه

قد كان مختوماً ففُضَّتْ كُعبتُه

وأما البيت الحرام فهو الكَعبة بفتح الكاف ، سمِّي كعبةً لارتفاعه وتربُّعه. وكلُّ بيتٍ مربَّع عند العرب فهو كعبة. وذو الكَعَبات : بيتٌ كان لربيعة ، وقد ذكره الأسود بن يعفر في شعره فقال :

والبيت ذي الشُّرُفات من سِندادِ

وقال الليث : الثوب المكعَّب : المطويّ الشديد الإدراج. يقال كعَّبت الثوبَ تكعيباً. قال : والكعب من القَصَب : أنبوب ما بين العُقدتين ، وجمعه كعوب.

وقال أوس بن حجر يصف رمحاً واستواء كعوبه :

تَقاكَ بكعبٍ واحدٍ وتلَذُّه

يداك إذا ما هُزَّ بالكفّ يَعسِلُ

وقال الليث : ثديٌ كاعب ومكعِّب ، ومتكعِّبٌ ، بمعنى واحدٍ.

وقال الأصمعيّ : سمِّيت الكعبة للتربيع.

وقال أبو عبيد : الكعب : القطعة من السمن الجامس.

وقال الليث : كعبت الشيء تكعيباً : إذا ملأتَه.

أبو عبيد عن الفراء : المكعَّب من الثياب : المُوَشَّى.

وقال أبو سعيد : أعلى الله كعبه ، أي أعلى جَدَّه. وقال غيره : معناه أعلى الله شرفَه.

وقال أبو زيد : أكعبَ الرجلُ إكعاباً ، وهو الذي ينطلق مضارّاً لا يبالي ما وراءه. ومثله كلَّل تكليلاً.

عمرو عن أبيه : يقال للدَّوخلَّة : المكعَّبة والوشيجَة ، والمُقعَدة ، والشَّوغرة.

٢١١

كبع : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الكُبَع : جمل البحْر. ويقال للمرأة الدميمة : يا وجه الكُبع.

وقال أبو عمرو : الكَبْع : النَّقْد. وأنشد :

قالوا ليَ اكبَعْ قلت لستُ كابعا

والكَبْع : القَطْع. وأنشد :

تركتُ لصوص المِصر من بين بائسٍ

صليبٍ ومكبوع الكراسيع باركِ

والكبْع : المنْع. وقال أبو تراب : الكُبوع والكُنوع : الذلّ والخضوع.

بكع : في حديث أبي موسى الأشعري : «لقد خَشِيتُ أن تبكعَني بها».

أبو عبيد عن الأصمعي : التبكيت والبَكْع : أن تستقبل الرجل بما يكره. وقال شمر : يقال بكّعه تبكيعاً ، إذا واجَهَه بالسيف والكلام.

وقال الليث : البَكْع : شدَّة الضّرب المتتابع ، تقول بكعتُه بالسَّيف والعصا.

وقال ابن دريد : بكعتُه بالسيف : قطعتُه.

بعك : ابن السكيت : تقول العرب : وقعْنا في بَعكُوكاء ومَعْكوكاء ، أي في جَلَبةٍ وصِياح.

وقال غيره : البَعْكوكة من الإبل : المجتمعة العظيمة. وقال الراجز : يخرُجن من بَعكوكة الخِلاطِ

وقال اللِّحياني : تركته في بَعْكوكةِ القوم ، أيْ في جماعتهم. قال : وبَعْكوكة الشَّرّ : وسطه.

قلت : وهذا حرف جاء نادراً على فَعلولة ، وأكثر كلامهم على فُعلولة وفُعلول ، مثل بُهلول وكُهْلول وزُغلول.

وقال ابن دريد : البَعَك : الغِلَظ والكزازة في الجسم ، ومنه اشتق بَعْكَك.

قلت : ولم أجد هذا لغيره.

باب العين والكاف مع الميم

[ع ك م]

عكم ، كعم ، كمع ، معك : مستعملة.

عكم : أبو عبيد : عكم يعكِم ، إذا كرَّ راجعاً.

وقال لبيد :

فجال ولم يَعْكِم

أي هرب ولم يكرّ. وقال شمر : يكون عكَم في بيت لبيدٍ بمعنى انتظر ، فكأنّه قال : فجال ولم ينتظر ، يعني الثَّورَ هربَ ولم ينتظر. وأنشد شمر بيت الهذلي :

أزُهَيْرُ هَلْ عن شَيبةٍ من مَعْكِمِ

وقال أبو عمرو : العِكم : بَكَرة البئر.

وأنشد :

وعُنق مثل عمود السَّيْسَبِ

رُكِّبَ في زَورٍ وثيق المَشعَبِ

كالعِكم بين القامتين المُنْشَبِ

وحديث أمّ زَرْع : «عُكومها رَدَاح ، وبيتها فَيَاح». قال : قال أبو عبيد : العُكوم : الأحمال والأعدال التي فيها الأوعية من صُنوف الأطعمة والمتاع ، واحِدها عِكْم.

قلت : وسمعت العرب تقول يوم الظَّعن لخدَمهم : اعتكموا. وقد اعتكموا ، إذا سوَّوا الأعدال ليشدُّوها على الحَمُولة. وكلُّ عِدلٍ عِكمٌ ، وجمعه عكومٌ وأعكام.

وقال الفرّاء : يقول الرجل لصاحبه اعكُمني وأعكمِني ، فمعنى اعكُمني أي اعكُم لي ،

٢١٢

ويجوز بكسر الكاف. وأما أعكمني بقطع الألف فمعناه أعنّي على العَكْم. ومثله احلُبْني أي احلُبْ لي ، وأحلِبني أي أعنّى على الحَلْب ومثله المُسْنِي وألمِسني ، وابغِني وأبْغِني.

وقال الليث : عكمتُ المتاع أعكمه عكماً ، إذا بسطتَ ثوباً وجعلت فيه متاعاً فشددته ، ويسمَّى حينئذٍ عِكْماً. والعِكام : الحبل الذي يُعكم عليه. قال : والعِكْم عِكم الثِّياب الذي يشدُّ به العكَمة ، والعكَمتان تُشدَّان من جانبي الهودج بثوب. ويقال للدابّة إذا شرِبت فامتلأ بطنُها : ما بقيَتْ في جوفها هَزْمةٌ ولا عَكْمةٌ إلَّا امتلأت. وأنشد :

حتى إذا ما بلَّتْ العكوما

من قَصب الأجوافِ والهُزوما

قال : ويقال الهَزْم : داخل الخاصرة.

والعِكْم : داخل الجَنْب. قال : ويقال عُكِم عنّا فلانٌ يُعكَم ، إذا رُدَّ عن زيارتنا. وأنشد :

ولاحتْه من بعد الجُزُوء ظَماءةٌ

ولم يك عن وِرد المياه عُكومُ

وقال ابن السكيت : العِكم : نَمَط المرأة تجعله كالوِعاء وتجعل فيه ذخيرتها.

أبو العبَّاس عن ابن الأعرابيّ : يقال للغلام الشابل المنعَّم : معكَّم ، ومكتَّل ، ومصدَّر ، وكلثوم ، وحِضَجْر.

كعم : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نهى عن المكاعمة والمكامعة.

قال أبو عبيد : قال غير واحد : أما المكاعمة فأن يلثَم الرجلُ صاحبَه ، أُخِذ من كِعام البعير ، وهو أن يُشَدَّ فمُه إذا هاج ، يقال منه كَعَمته أكْعَمُه كَعْماً ، فهو مكعوم. وقال ذو الرمة :

يهماء خابِطُها بالخوف مكعوم

يقول : قد شدّ الخوف فمه فمنعَه من الكلام ، فجعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لثمَه إياه بمنزلة الكعام.

وقال الليث : الكِعْم : شيء من الأوعيَة يُوعَى فيه السلاحُ وغيره ، والجميع الكِعام. وقال أبو سعيد : كُعوم الطريق :

أفواهه. وأنشد :

ألَا نام الخليُّ وبتُّ حِلساً

بظهر الغَيب سُدَّ به الكُعومُ

قال : بات هذا الشاعر حِلساً لما يحفظ ويرعى ، كأنّه حِلسٌ قد سُدَّ به كُعوم الطريق ، وهي أفواهه.

كمع : قال أبو عبيد : المكامعة في الحديث : أن يُضاجع الرجلُ صاحبَه في ثوبٍ واحد ، أخذ من الكِمْع والكميع ، وهو الضَّجيع.

ومنه قيل لزَوْج المرأة هو كَمِيعها. وأنشد لأوس :

وهبّت الشمألُ البليلُ وإذْ

بات كَميعُ الفتاة مُلتفِعا

وقال الليث : يقال كامعتُ المرأة ، إذا ضمَّها إليه يصونُها.

وقال أبو عمرو : الكِمْع من الأرض : الغائط المتطأطىء. وأنشد :

فظلَّت على الأكماع أكماع دَعْلجٍ

على جِهَتَيها من ضُحَى وهَجيرِ

وقال شمر : الكِمْع : المطمئنّ من الأرض ، ويقال مستَقَرُّ الماء. قال : وقال أبو نصر : الأكماع : أماكن من الأرض

٢١٣

يرتفع حروفها وتطمئنّ أوساطها.

وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي : الكِمَع : الإمَّعة من الرجال ، والعامّة تسمّيه المعمعيّ واللِّبْديّ.

وقال ابن شميل : كَمَع في الإناء ، وكَرَع فيه ، وشرعَ. وأنشد :

أو أعوجيٍّ كبُردِ العَصْب ذي حجلٍ

وغُرّةٍ زيَّنَتْه كامعٍ فيها

قال إسحاق بن الفرج : سمعت أبا السَّمَيْدع يقول : كمع الفرسُ والرجلُ والبعير في الماء وكرع ، ومعناهما شرع.

معك : روي عن ابن مسعود أنه قال : «لو كان المعْك رجلاً كان رجلَ سَوء». وفي حديث آخر : «المعك طَرَفٌ من الظُّلْم». المعْك : المَطْل واللَّيُّ بالدَّين ، يقال معكَه بِدَينِه يمعكُه مَعْكاً ، إذا مَطَله ودافعه.

وماعَكَه ودالكَه ، إذا ماطَلَه. وقال زهير :

 ... ولا

تمعَكْ بعرضِك إنَّ الغادرَ المَعِكُ (١)

والمَعْك : الدَّلْك. يقال معكت الأديم أمعَكهُ معكاً ، إذا دلكته دلكاً شديداً.

ويقال معّكته في التراب تمعيكاً ، إذا مرَّغتَه فيه. وقد تمعَّك في التراب وتمرَّغ. والحمار يتمعَّك ويتمرَّغ في التراب. ومعَكت الرجلَ أمعكُه ، إذا ذَلَّلته وأهنته.

أبواب العين والجيم

ع ج ش

استعمل من وجوهه : شجع ، جشع ، جعش.

شجع : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «يجيء كنز أحدهم يوم القيامة شجاعاً أفرعَ له زبيبتان». أما الأقرع فقد مرّ تفسيره. وأما الشُّجاع فإن أبا عبيد وغيره قالوا : الشجاع : الحيَّة الذّكَر. وأنشد الأحمر :

قد سالمَ الحياتُ منه القدما

الأفعوانَ والشُّجاعَ الشجعمَا

نصب الأفعوانَ والشُّجاع بمعنى الكلام ، لأن الحيات إذا سالمت القدمَ فقد سالَمَها القدمُ ، فكأنه قال : قد سالم القدمُ الحياتِ ؛ ثم جَعَلَ الأفعوان بدلاً منها. والشَّجعم من الحيات الخبيث المارد.

وقال اللحياني : يقال للحية شُجاع وشِجاع.

وقال شمر في كتاب «الحيات» : الشُّجاع ضرب من الحيات لطيفٌ دقيق ، وهو ـ زعموا ـ أجرؤها. وقال ابن أحمر :

وحبَتْ له أذنٌ يراقبُ سمعَها

بصَرٌ كناصبة الشُّجاع المُسْخِدِ

حبَتْ : انتصبت. وناصبةُ الشجاعِ : عينه التي ينصبها للنَّظَر إذا نظر.

وقال الليث : جمع الشُّجاعِ الحيّةِ الشُّجعان ، وثلاثة أشجعة. قال : ورجلٌ شجاعٌ وامرأة شُجاعة ونسوة شجاعات ، وقوم شُجعاء وشُجْعان وشَجْعة. قال : ويقال رجل شَجِيع وشُجاع ، مثل عَجيب وعُجاب. قال : والشَّجاعة : شدَّة القلب.

__________________

(١) تمام صدر البيت في «اللسان» (معك) :

فأردد يساراً ولا نعتف علي ولاء

٢١٤

عند البأس. قال : ويقال للأسد أشجع ، وللبؤةِ شَجْعاء. وأنشد للعجّاج :

فولَدَت فَرَّاسَ أُسْدٍ أشجعا

يعني أمّ تميم ولدته أسداً من الأسود وأنشد للأعشى :

بأشجعَ أخّاذٍ على الدهر حُكمَه

فمن أيّ ما تأتي الحوادثُ أَفرَقُ

وقال غيره : يقال للحيّة الأشجعَ. وأنشد :

قد عضَّه فقضَى عليه الأشجعُ

والأشجع : المجنون ، وبه شجَع أي جنون.

وقال الليث : قد قيل أنَ الأشجع من الرِّجال : الذي كأنّ به جنوناً. قال : وهذا خطأ ، لو كان كذلك ما مَدَح به الشعراء.

قال : والشِّجِعة من النِّساء : الجريئة على الرجال في كلامها وسلاطتها.

وقال اللِّحياني : يقال للجبان الضعيف إنّه لشَجْعة.

وقال الأصمعيّ : شُجاع البطن : شدّة الجوع. وأنشد لأبي خِراش الهذلي :

أردُّ شُجاعَ البطنِ لو تعلمينه

وأُوثِر غيري من عِيالِك بالطُّعمِ

والشَّجْعة : الفصيل تضعُه أمُّه كالمخبَّل.

قلت : ومنه قيل للرجل الضعيف شَجْعة.

ويقال شجُع الرجلُ يشجُع شجاعة. قال : ويقال لقد تشجَّعَ فلانٌ أمراً عظيماً ، أي ركبه. والمشجوع : المغْلوب بالشجاعة.

والأشجع : الرجُل الطويل ، والمصدر الشَّجَع. وقال سُويد :

بصِلاب الأرض فيهنَ شَجَعْ

وقال الليث : الشَّجَع في الإبل : سرعة نقلها قوائمها. جَملٌ شَجِعٌ وناقة شَجِعة وأنشد :

على شَجِعاتٍ لا شِخاتٍ ولا عُصْلِ

أراد بالشَّجِعات قوائم الإبل أنَّها طِوال.

وقال ابن دريد : رجلٌ أشجع : طويل ؛ وامرأة شَجْعاء. قال : وشَجْع : قبيلة من عُذرة ، وشُجَعُ : قبيلة من كنانة وأشجع في قيس.

أبو عبيد عن الأصمعي وأبي عمرو قالا : الأشاجع : عروق ظاهر الكفّ ، وهو مَغْرِز الأصابع.

وقال ابن السكيت : واحدها أشجع.

وقال الليث : الأشجع في اليد والرجل : العصَب الممدود فوق السُّلامَى ما بين الرُّسغ إلى أصول الأصابع التي يقال لها أطناب الأصابع فوق ظهر الكفّ. قال : وقال بعضهم : هو العُظَيم الذي يصل الإصبعَ بالرُّسْغ ، لكلّ إصبعٍ أشجَع. قال : واحتجَّ الذي قال هو العصب بقولهم للذئب والأسد : عارِي الأشاجع. فمن جَعَل الأشاجعَ العصب قال لتلك العظام هي الأسناع ، واحدها سِنْع.

جشع : في الحديث أن مُعاذاً لما خرج إلى اليمن شيعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فبكى معاذٌ جشعاً لفراق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال ابن السكيت : الجَشَعُ : أسوأ الحرص. وقال سُوَيد :

وكلابُ الصَّيد فيهنَ جَشَعْ

٢١٥

وقال شمر : الجشَع. شدَّة الجزع لفراق الإلْف. قال : والجشَع : الحرص الشديد على الأكل وغيره. رجلٌ جَشِعٌ : وقومٌ جَشِعون.

وقال ابن شُميل : رجلٌ جَشِعٌ بَشِع : يجمع جَزعاً وحِرصاً وخُبثَ نفس.

وقال بعض الأعراب : تجاشعنا الماء نتجاشعه تجَاشُعاً ، وتناهبناه ، وتشاححناه إذا تضايقنا عليه وتعاطشنا.

ومن الأسماء مجاشع.

جعش : أبو عبيد عن الأصمعي : الجُعشوش : الرجل الطويل. وقال شمر : الجُعشوش : الرجلُ الدقيقُ النحيف ، وكذلك الجعسوس. وقال غيره : رجلٌ جُعشوش وجُعسوسٌ ، إذا كان قمياً زريّاً. وقيل : الجُعشوش اللئيم.

وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال : الجُعشوش : النَّحيف الضامر. وأنشد :

يا ربَّ قَرْم سَرِسٍ عَنَطنَطِ

ليس بجعسُوسٍ ولا بأذْوَط

وقال ابن حِلِّزة :

بنو لُجيم وجَعَاسيسُ مُضَرْ

كل ذلك يقال بالسين والشين.

باب العين والجيم والضاد

[ع ج ض]

أهملت وجوهها غير حرف وهو : ضجع : قال النحويون : أصل بناء الفعل من الاضطجاع ، ضجع يضجَع فهو ضاجع.

وقلّما تستعمل. والافتعال منه اضطجع يضطجع اضطجاعاً فهو مضطجع.

وقال ابن المظفر : وكانت هذه الطاء في الأصل تاء ، ولكنَّه قَبُح عندهم أن يقولوا اضتجع فأبدلوا التاء طاء. وله نظائر أذكرها في مواضعها.

قلت : وقال الفراء : من العرب من يقول اضَّجَعَ بتشديد الضاد ، في موضع اضطجع. وأنشد :

لمّا رأى أن لا دَعَه ولا شِبَعْ

مالَ إلى أرطاةِ حِقْفٍ فاضَّجَعْ

وقال : أدغمَ الضاد في التاء فجعلها ضاداً شديدة.

وقال ابن الفرج : قال الفراء : يقال أضجعتُه فاضطجع. قال : وبعضهم يقول : «فالْضَجَعْ» بإظهار اللام ، وهو نادر. قال : وربّما أبدلوا اللام ضاداً كما أبدلوا الضاد لاماً ، قال بعضهم : الطراد واضْطِرادُ ، لطرادِ الخيل.

قال : وروى إسحاق عن المعتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد والحكم قالا : إذا كان عند اضطرادِ وعند ظلّ السيوف أجزَى الرجلَ أن تكون صلاته تكبيراً ، قال : وفسَّره ابن إسحاق الطِّراد.

ويقال ضاجعَ الرجلُ امرأتَه مضاجعةً ، إذا نام معَها في شعارٍ واحد ، وهو ضَجِيعها وهي ضجيعَتُه.

وقال الليث : يقال أضجعتُ فلاناً ، إذا وضعتَ جنبَه بالأرض ، وضَجَعَ ، وهو يَضجَع نَفْسُه. قال : وكلُّ شيء تَخفضه فقد

٢١٦

أضجعته. والإضجاع في باب الحركات مثلُ الإمالة والخفض. قال : والإضجاع في القوافي. وأنشد :

والأعوج الضاجع من إكفائها

وهو أن يختلف إعراب القوافي ، يقال : أكفأ وأضجعَ بمعنًى واحد.

وأخبرني المنذري عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ : رجلٌ ضاجع أي أحمق ، ودلوٌ ضاجعة أي ممتلئة. وغنم ضاجعة : كثيرة لازمة للحَمْض. ورَجلٌ ضُجْعيٌ ، ضِجْعِيٌ وقُعديٌ وقِعديّ : كثير الاضطجاع في بيته.

وقال الأصمعيّ : ضَجَعت الشمسُ للغروب وضَجَع النجمُ فهو ضاجع ، إذا مالَ للمغيب ؛ ونجومٌ ضواجع.

ويقال أراك ضاجعاً إلى فلانٍ : مائلاً إليه.

ويقال ضِجْع فلانٍ إلى فلان ، كقولك : صِغْوه إليه.

ومضاجع الغيث : مساقطه.

ورجلٌ أضجع الثنايا : مائلُها ؛ والجميع الضُّجْع.

ويقال تضاجعَ فلانٌ عن أمرِ كذا وكذا ، إذا تغافلَ عنه.

أبو عمرو : الضواجع : مصَابُّ الأودية ، واحدها ضاجعة ، كأنَ الضاجعة رَحْبةٌ ثم تستقيم بعدُ فتصير وادياً.

وسحابة ضَجوع : بطيئة من كثرة مائها.

والضَّجوع : رملة بعينها معروفة.

والضُّجوع : بضم الضاد : حيٌّ في بني عامر.

والمَضاجع : اسم موضع. والمضاجع : جمع المَضْجَع أيضاً. قال الله جلّ وعزّ : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) [السَّجدَة : ١٦] أي تتجافى عن مضاجعها التي اضطجعت فيها.

والاضطجاع في السجود : أن يتضامَّ ويُلصِقَ صدره بالأرض. وإذا قالوا : صلَّى مضطجعاً فمعناه أن يضطجع على شقِّه الأيمن مستقبلاً القبلة.

وقال ابن السكيت : الضَّجوع : موضع.

قال : ودلوٌ ضاجعة : ملأى ماءً ، تمِيل في ارتفاعها من البئر ، لثقلها. وأنشد لبعض الرجاز :

إن لم تجىء كالأجْدَل المسِفِ

ضاجعةً تَعدِلُ مَيل الدَّفّ

إذَنْ فلا آبَتْ إليَّ كفِّي

أوْ يُقطعَ العِرقُ من الألَفِ

قال : والألفُّ : عِرقٌ في العضُد.

وقال أبو عبيد : الضَّجوع : الناقة التي ترعى ناحيةً. والعَنود مثلُها. قال : وقال الفراء : إذا كثرت الغنم فهي الضاجعةُ والضَّجْعاء. ويقال أضجعَ فلانٌ جُوالقَه ، إذا كان ممتلئاً ففرَّغه. ومنه قول الراجز :

تُعجِلُ إضجاعَ الجَشيرِ القاعدِ

والجشير : الجُوالق. والقاعد : الممتلىء.

ع ج ص : مهمل.

باب العين والجيم مع السين

[ع ج س]

عجس ، عسج ، سجع ، جعس : مستعملات.

عجس : أبو عبيدٍ عن الفراء : عجسته عن حاجتِه : حبسته. وقال أبو عبيدة : عَجسني

٢١٧

عَجَاساءُ الأمور عنك. وقال : ما منعك فهو العَجَاساء.

أبو عمرو : العَجاساءُ من الإبل : الثقيلة العظيمة الحوساء ، الواحدة عَجَاساء والجميع عَجَاساء. قال : ولا يقال جَمَلٌ عَجاساء. قال : والعَجاساء يمدُّ ويُقصَر.

وأنشد :

وطافَ بالحوضِ عَجَاساً حُوسُ

قال أبو الهيثم : لا نعرف العَجاسا مقصورة. وقال شمر : عَجَاساء الليل :

ظُلمتُه المتراكبة ؛ ومن الإبل : الضخام ، يقال للواحد والجميع عَجاساء. وأنشد قول الراعي :

وإن بركَتْ منها عَجَاساءُ جِلَّةٌ

بمَحْنِيَةٍ أشلَى العِفاسَ وبَرْوَعا

يقول : إذا استأخرتْ من هذه الإبل عَجاساءُ دعا هاتين الناقتين فتبعتْهما الإبل.

أبو العباس أحمد بن يحيى : العُجوس : آخر ساعةٍ من الليل ؛ والعُجوس أيضاً : مشيُ العاجساء ، وهي النّاقة السمينة تتأخّر عن النُّوق لثقل قَتَالها ، وقَتالها : لحمها وشحمها. وقال ابن الأعرابي : العُجْسَة : السَّاعة من الليل ، وهي الهُتْكة والطَّبِيق.

أبو عبيد عن الأصمعي : المعجِس والعِجْس : مَقبض الرامي من القوس.

وقال الكسائي : العَجْس والعَجْس والعِجْس واحد.

وقال الليث : العَجْس : شدَّة القبض على الشيء.

أبو عبيد عن الأحمر : لا آتيك سَجيسَ عُجَيسٍ ، ومعناه الدَّهر. وأنشد :

فأقسمت لا آتي ابنَ ضَمرةَ طائعاً

سَجِيسَ عُجَيسٍ ما أبانَ لساني

أي لا آتيك أبداً. وهو مثل قولهم : «لا آتيك الأزلَمَ الجذَع» ، وهو الدَّهر.

وقال غيره : تعجّسَت بيَ الراحلةُ وعَجَستْ بي ، إذا تنكَّبَتْ به عن الطريق من نشاطها. وأنشد لذي الرمة :

إذا قال حادينا أيا عجَسَتْ بنا

صُهابيّةُ الأعراف عُوجُ السَّوالِفِ

ويروى : «عجَّستْ بنا» بالتشديد.

أبو زيد : يقال هذه أرضٌ مضبوطة ، أي قد عمَّها المطر. وقد تعجَّستْها غيوث ، أي أصابتها غيوث بعد غيوث فتثاقلت عليها.

وفي «نوادر الأعراب» : تعجَّسَه عِرقُ سَوء وتعقَّله وتثقَّلَه ، إذا قصَّر به عن المكارم.

وروى ابن شميل في حديث «يتعجَّسكم عِندَ أهل مكة» ، قال النضر : معناه يضعِّف رأيَكم عندهم.

وقال الليث : عَجْزُ القوس وعَجْسُه.

عسج : أبو عبيد عن الأصمعيّ : العَسْج : ضربٌ من سير الإبل. ومنه قول ذي الرمة :

والعِيسُ من عاسجٍ أو واسجٍ خببا

وقال الليث : العَسْج : مدُّ العُنق في السَّير.

وأنشد :

عَسجْنَ بأعناق الظباء وأعين ال

جآذرِ وارتجَّت لهنَّ الروادفُ

وقال غيره : العوسج : شجر كثير الشوك

٢١٨

معروف ، وهي ضروبٌ منها ما يثمر ثمراً أحمرَ يقال له المُصَع.

وقال أبو عمرو : في بلاد باهلة معدِنٌ من مَعادن الفِضَّة يقال له عوسَجة. وعَوسَجةٌ من أسماء الرجال. والعواسج : قبيلة معروفة.

سجع : تقول العرب : سجعت الحمامة تَسجَع سجعاً ، إذا دعَتْ وطرَّبتْ في صوتها ، فهي سَجوعٌ وساجعة ، وحمامٌ سواجع.

وقال الليث : سجع الرجلُ ، إذا نطقَ بكلامٍ له فواصل. وصاحبُه سَجّاعةٌ.

قلت : ولمّا قضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في جَنين امرأةٍ ضربتها أخرى فسقطَ ميّتاً بغُرَّةٍ على عاقلة الضَّاربة قال رجلٌ منهم : «كيف نَدِي مَنْ لا شرِبَ ولا أكَل ، ولا صاحَ فاستهلّ ، ومثل دمه يُطَلُّ» قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إياكم وسجعَ الكُهَّان». ورُوي عنه عَلَيْه السَّلام أنه نَهَى عن السَّجْع في الكلام والدُّعاء ، لمشاكلة كلام الكهنَة وسجعهم فيما يتكهَّنون.

فأمّا فواصل الكلام المنظوم الذي لا يشاكل المسجَّع فهو مباحٌ في الخطب والرسائل. والله أعلم.

وقال أبو عبيد : بينهم أُسجوعة من السَّجع ، وجمعها الأساجيع والساجع : القاصد في سيره. وكل قَصدٍ سجْع. قال ذو الرمة :

قطعتُ بها أرضاً ترى وجهَ ركبِها

إذا علَوها مُكفأ غير ساجعِ

أراد أنّ السَّمومَ قابل هُبوبها وجوهَ الرّكْب فأكفئوها عن مهبِّها اتِّقاء لحرِّها.

وقال أبو عمرو : ناقة ساجع : طويلة.

قلت : ولم أسمع هذا لغيره.

ويقال ناقة ساجع ، إذا طرَّبت في حنينها.

جعس : قال الليث وغيره : الجَعْس العَذِرة.

وقد جَعَس يَجعَس جَعْساً. قال : والجُعسُوس : اللئيم الخِلقة والخُلقُ. وهم الجعاسيس. وقد مر تفسيره في باب جعش.

باب العين والجيم مع الزاي

[ع ج ز]

عجز ، عزج ، جزع ، جعز ، زعج : مستعملات.

عجز : قال الله جلّ وعزّ : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) [العَنكبوت : ٢٢] قال الفراء : يقول القائل كيف وصَفَهم الله أنّهم لا يُعجِزون في الأرض ولا في السماء وليسوا في أهل السماء؟ فالمعنى ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا من في السماء بمعجز. وقال أبو إسحاق : معناه ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا لو كنتم في السماء.

وقال أبو العباس : قال الأخفش : معناه ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء ، أي لا تعجزوننا هرباً في الأرض ولا في السماء. قال أبو العباس : وقول الفراء أشهر في المعنى ، ولو كان قال ولا أنتم لو كنتم في السماء بمعجزين لكان جائزاً.

قلت : ومعنى الإعجاز الفوت والسبق.

يقال أعجزني فلانٌ ، أي فاتني. وقال الليث : أعجزَني فلانٌ ، إذا عَجزتَ عن طلبه وإدراكه.

وقال الله في سورة سبأ [٥] : (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) وقرأه بعضهم :

٢١٩

(معجِّزين) وقال الفراء : من قرأ مُعاجِزِينَ فتفسيره معاندين. وقال بعضهم : مسابقين ، وهو قول الزجاج. ومن قرأ معجِّزين فالمعنى مثبِّطين عن الإيمان بها ، من العجز وهو نقيض الحَزْم. وأما الإعجاز فهو الفوت ، ومنه قول الأعشى :

فذاك ولم يُعجِزْ من الموت رَبَّه

ولكن أتاه الموتُ لا يتأبّقُ

أبو عبيد عن أبي زيد : إنّه ليُعاجِز إلى ثقةٍ ، إذا مالَ إليه. ويقال فلانٌ يُعاجز عن الحقِّ إلى الباطل ، أي يلجأ إليه. ويقال هو يُكارز إلى ثقةٍ مُكارَزةً ، إذا مال إليه.

وروي عن علي رَضي الله عنهُ أنه قال : «لنا حقٌ إنْ نُعْطَهُ نأخذْه ، وإن نُمنَعْه نركبْ أعجاز الإبل وإن طال السُّرى».

القتيبيُّ : أعجاز الإبل : مآخيرها ، جمع عَجُز ، وهو مركب شاقّ. قال : ومعناه إن مُنِعنا حَقَّنا ركبْنا المشقَّة وصَبَرنا عليه وإن طال ، ولم نَضجَرْ منه مُخِلِّين بحقِّنا.

قلت : لم يُرد عليّ رحمه‌الله بقوله هذا ركوبَ المشقَّة ، ولكنّه ضربَ أعجازَ الإبل مثلاً لتقدُّم غيره عليه وتأخيره إياه عن حقِّه ، فيقول : إن قُدِّمنا للإمامة تقدّمنا ، وإن مُنِعْنا حقَّنا منها وأخِّرنا عنها صبرنا على الأثَرة علينا وإن طالت الأيام.

وفي كلام بعض الحكماء : «لا تَدَبَّروا أعجازَ أمورٍ قد ولَّت صُدورها» ، يقول : إذا فاتك الأمر فلا تُتبعْه نفسَك متحسِّراً على ما فات ، وتعزَّ عنه متوكِّلاً على الله.

وقال الليث : العجوز : المرأة الشيخة ، والفعل عَجُزت تعجُز عَجْزاً.

قلت : وروى أبو عبيد عن الكسائيّ : عجَّزت المرأةُ فهي معجِّز. قال : وبعضهم عَجَزَتْ بالتخفيف. وقال ابن السكيت : عجَزت عن الأمر أعجِز عنه عَجْزاً ومَعجَزة. قال : وقد يقال عَجِزَتِ المرأة تَعْجَز ، إذا عظُمت عجيزتها. وعجَّزت تعجّز تعجيزاً ، إذا صارت عجوزاً. قال : وامرأةٌ معجَّزَة : ضخمة العجيزة. قال يونس : امرأة معجِّزة : طعنت في السنّ. وامرأة معجَّزة : ضخمة العجيزة. وقال ابن السكيت : تعجّزت البعيرَ ، إذا ركبت عَجُزَه.

وأخبرني أبو الفضل عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ ، قال رجل من بني ربيعة بن مالك : «إنْ الحقَّ بقَبَلٍ فمن تعدَّاه ظَلَم ، ومن قَصَّر عنه عَجَز ، ومن انتهى إليه اكتفى» قال : لا أقول عَجِزَ إلّا من العجيزة ، ومن العجز عَجَز. وقوله «بقَبَلٍ» أي يَضِحُ لك حيث تراه. وهو مثل قولهم «إنّ الحقَّ عارِي».

قلت : والعرب تقول لامرأة الرجل وإن كانت شابّة : هي عَجوزُهُ ، وللزوج وإن كان حدثاً : هو شَيْخُها.

وقلت لامرأةٍ من العرب : حالِبِي زوجَكِ.

فتذَّمَّرتْ وقالت : هلّا قلت : حالبي شَيخكِ؟ويقال للخمر إذا عَتُقت عجوز.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : الكلب : مسمار مَقبِض السيف. قال : ومعه آخرُ يقال له العَجوز.

وقال الليث : العجوز : نصل السيف.

قلت : والقول ما قال ابن الأعرابي. قال : والعجوز : القِبْلة. والعجوز : البقرة.

٢٢٠