تهذيب اللغة - ج ١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

مسدّهُ ؛ لأنه دُقِّق وطُوِّل. قال الأصمعي : ولم يدر الناس ما مَعاقص فقالوا مَشاقص ، للنصال التي ليست بعريضة. وأنشد للأعشى :

ولو كنتُم نبْلاً لكنتم معاقصا

ورواه غيره : «مشاقصا» قال : وعقص أمره ، إذا لواه فلبَّسَه.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : المِعقاص من الجواري : السيِّئة الخُلُق. قال : والمِعقاص هي النِّهاية في سوء الخلق. قال : والمِعقاص : الشاة المعوّجة القرن. وفي «النوادر» : يقال أخذْتُه معاقصة ومقاعصة ، أي مُعازَّةً ومُغالبة.

قعص : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «مَن خَرج في سبيلِ الله فقُتِل قَعْصاً فقد استوجب المآب». قلت : أراد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه استوجب حُسن المآب ، وهو قول الله جلّ وعزَّ : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) [ص : ٢٥] ، فاختصر الكلام.

قال أبو عبيد : القَعْص : أن يُضرب الرجلُ بالسِّلاح أو بغيره فيموت مكانَه قبلَ أن يَرِيمَه. وقد أقعصَه الضاربُ إقعاصاً.

وكذلك الصَّيد. وفي حديث آخر جاء في أشراط السّاعة قال : «ومُوتانٌ يكون في الناس كقُعاص الغنم» ، قال أبو عبيد : القُعاص : داءٌ يأخُذ الغنم لا يُلبِثها إلى أن تموت. قال : ومنه أُخذ الإقعاص في الصيد ، يُرمى فيموت مكانَه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : المِقعاص : الشاة التي بها القُعاص ، وهو داءٌ قاتل.

وقال بعض الأعراب : انقعص وانقعف وانغرفَ ، إذا مات. وأخذت المال منه قَعصاً ، وقعصتُه إياه ، إذا اعتززته.

الليث : شاةٌ قَعوص : تضرب حالبَها وتمنع دِرَّتها. وما كانت قعوصاً ولقد قَعِصتْ قَعَصاً.

قصع : في حديث روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّه «خطب على ناقة وهي تَقصَع بجِرّتها» قال أبو عبيد : القَصْع : ضمُّك الشيء على الشيء حتّى تقتله أو تهشمه. قال : ومنه قَصْع القملة. وإنّما قيل للصبيّ إذا كان بطيء الشباب قَصِيع يريدون أنّه مردّد الخلق بعضه إلى بعضٍ فليس يَطُول. قال :

وقَصْع الجِرَّة : شدّة المضْغ وضمّ بعض الأسنان إلى بعض.

وأخبرني المنذريُّ عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابيّ قال : قُصَعة اليربوع وقاصعاؤه : أن يحفر حُفيرةً ثم يسدُّ بابَها بترابها. وقال الفرزدَق يهجو جريراً

وإذا أخذتُ بقاصعائك لم تَجِدْ

أحداً يُعِينُك غيرَ من يتقصَّعُ

يقول : أنت في ضعفك إذا قصدتُ لك كبني يربوع لا يُعينك إلا ضعيفٌ مثلك. وإنّما شبههم بهذا لأنّه عنى جريراً ، وهو من بني يربوع.

وقال أبو الهيثم : القاصعاء والقُصَعة : فم حُجر اليربوع أوّلَ ما يبتدىء في حَفره. قال : ومأخذه من القَصْع ، وهو ضمُّ الشيء إلى الشيء.

١٢١

أبو عبيد : قَصَع العطشانُ غُلَّته بالماء ، إذا سكّنها. ومنه قول ذي الرمة يصف الوحش :

فانصاعت الحُقْبُ لم تقصَعْ جرائرَها

وقد نَشَحْنَ فلا ريٌّ ولا هِيمُ

وقال أبو سعيدٍ الضَّرير : قَصْع الناقةِ الجرَّةَ : استقامة خروجها من الجوف إلى الشِّدق غير منقطعةٍ ولا نَزْرة ، ومتابعةُ بعضها بعضاً. وإنّما تفعل الناقةُ ذلك إذا كانت مطمئنّةً ساكنة لا تسير ، فإذا خافت شيئاً قطعت الجِرّة. قال : وأصل هذا من تقصيع اليربوع ، وهو إخراجُه ترابَ جحره وقاصعائه. فجعلَ هذه الجرَّةَ إذا دَسَعتْ بها الناقة بمنزلة التُّراب الذي يُخرجه اليربوع من قاصعائه.

وقال أبو زيد : قصعت الناقةُ بجِرتها قَصْعاً ، وهو المضغ ، وهو بعد الدّسْع. والدسْع : أن تنزع الجِرّة من كَرشها ، ثم القَصْع بعد ذلك ، والمضْغ ، والإفاضة.

وقال ابن شميل : قصّع الزرعُ تقصيعاً ، إذا خرجَ من الأرض قال : وإذا صار له شُعَبٌ قيل : قد شعّبَ.

وقال غيره : قصَّع أوّلُ القوم من نَقْب الجبل ، إذا طلعوا. وسيفٌ مِقْصَعٌ ومِقصَلٌ : قطّاع.

وقال أبو سعيد : القَصِيع : الرَّحَى. ويقال تقصَّع الدُّمّل بالصَّديد ، إذا امتلأ منه.

وقَصَّع مثلُه. ويقال قصعتُه قصعاً وقمعتُه قمعاً بمعنى واحدٍ. وقصَّع الرجل في بيته ، إذا لزمه ولم يبرحه. وقال ابن الرُّقيات :

إنِّي لأُخلي لها الفراشَ إذا

قَصَّع في حِضْنِ عِرْسِه الفَرِقُ

وجمع القَصْعة قِصاع.

صعق : قال الله جلّ وعزّ : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الزُّمَر : ٦٨] فسَّروه الموتَ هاهنا. وقوله جلّ وعزّ : (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) [الأعرَاف : ١٤٣] معناه مَغْشِيّاً عليه. ونصب صَعِقاً [الأعرَاف : ١٤٣] على الحال ، وقيل إنّه خرَّ ميتاً. وقوله : (فَلَمَّا أَفاقَ) [الأعرَاف : ١٤٣] دليلٌ على الغَشْي ؛ لأنّه يقال للذي غُشِي عليه والذي يذهب عقله : قد أفاق. وقال الله في الذين ماتوا : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) [البَقَرَة : ٥٦].

والصَّاعقة والصَّعْقة : الصَّيحة يُغْشى منها على من يسمعها أو يموت. قال الله جلّ وعزّ : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) [الرّعد : ١٣] يعني أصواتَ الرعد. ويقال لها الصَّواقع أيضاً ، ومنه قولُ الأخطل :

كأنّما كانوا غراباً واقعا

فطار لمّا أبصَر الصواقعا

وقال رؤبة :

إذَا تتلَّاهنّ صلصالُ الصَّعَقْ

أراد الصَّعْق فثقّله ، وهو شدّة نهيقه وصوته.

وقال جلّ وعزّ : فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يَصعقون) وقرئت يُصْعَقُونَ [الطور : ٤٥] : أي فذرْهم إلى يوم القيامة حين يُنفَخ في الصور فيصعق

١٢٢

الخلقُ ، أي يموتون.

وقال الليث : الصَّعق : مثل الغَشْي يأخذ الإنسانَ من الحرّ وغيره. ويقال أصعقته الصيحةُ : قتلتْه. وأنشد الفرّاء :

أُحادَ ومَثْنَى أصعقتها صواهلُه

أي قتلها صَوتُه. ويقال للبرق والرعد إذا قتلا إنساناً : أصابته صاعقة. وقال لبيد يرثي أخاه :

فجّعنِي الرعدُ والصَّواعق بال

فارس يوم الكريهة النَّجُدِ

وقيل : أراد بالصواعق صوت الرعد ، يدلّ على ذلك قوله جلّ وعزّ : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) [البَقَرَة : ١٩] فلا يسدُّون آذانهم إلّا من شدّة صوت الرعد.

ويقال صَعِق وصُعِق. فمن قال صَعِق قال : فهو صَعِقٌ ، ومن قال صُعِق قال : فهو مصعوق. وقرىء : (يَصعَقون) و (يُصْعَقُونَ) ، يقال صعقتْه الصاعقةُ وأصعَقته.

صقع : أبو عبيد : صُقِعت الأرض ، إذا أصابها الصقيع.

شِمر عن ابن الأعرابي : صُقِعت الأرض وأُصقِعْنا ، وأرض صَقِعةٌ ومصقوعة.

وكذلك ضُرِبت الأرضُ وأُضرِبْنا ، وجُلِدت وأُجلِدَ الناسُ. وقد ضُرِبَ البقل ، وجُلِدَ ، وصُقِعَ.

وقال ابن بُزرج : يقال أصقع الصقيعُ الشجرَ ، فالشجر صَقِعٌ ومُصْقَع. وأصبحت الأرضُ صَقِعةً وضَرِبة. ويقال أضْربَ الضريبُ النباتَ ، فالنباتُ ضريبٌ ومُضرَبٌ.

أبو عبيد عن أبي زيد : صَقِعت الرّكيةُ تَصقَع صَقَعاً ، إذا انهارت.

وقال أبو عبيد : الصِّقاع : خِرقة تكون على رأس المرأة توقِّي بها الخِمَار من الدُّهن.

وقال غيره : الصِّقاع : صِقاع الخباء ، وهو أن يؤخذَ حَبلٌ فيمدَّ على أعلاه ويوتَّر ويشدّ طرفاه إلى وتدين رُزَّا في الأرض من ناحيتي الخباء ، وذلك إذا اشتدَّت الريحُ فخافوا تقويضَها الأخبية.

وسمِعتُ العرب تقول : اصقعوا بيتكم فقد عَصَفت الريح. فيَصعقونه بالحبل كما وصفته.

والصَّقيع : صوت الدِّيك. وقد صقَع يصقَع إذا صاحَ.

قلت : والصِّقاع : حديدة تكون في موضع الحَكَمة من اللجام. وقال ربيعة بن مقروم الضبِّيُّ :

وخصمٍ يركب العَوصَاء طاطٍ

على المُثْلى غُناماه القِذاعُ

طَموحِ الرّأس كنتُ له لجاماً

يُخَيِّسُه ، له منه صِقاعُ

وقال أبو عبيد : يقال للخِرقة التي يشدُّ بها أنف الناقة إذا ظُئرت على ولد غيرها : الغِمامة ، وللذي يُشَدُّ به عيناها : الصِّقاع.

وأَنشد :

إذا رأسٌ رأيتُ به طِماحاً

شددت له الغمائم والصِّقاعا

ويقال : ما أدري أين صَقَع وبَقَع ، أي

١٢٣

ما أدري أين ذهَب ؛ قلّما يُتكلَّم به إلّا بحرف نفي.

وقال أبو زيد : الصَّقَعيّ : الحُوار الذي يُنتَج في الصَّقيع ، وهو من خير النتاج.

وأنشد بيت الراعي :

خَراخر تُحسِب الصَّقعيَ حتّى

يظلُّ يقُرُّه الراعي سِجالا

قال : الخراخر : الغزيرات اللَّبن ، الواحد خِرخِرٌ. يعني أنَّ اللبَن يكثُر حتى يأخذه الراعي فيصبّه في سقائه سِجالاً سِجالاً.

قال : والإحساب : الإكفاء.

وقال أبو نصر : الصَّقعيّ : أوّل النتاج ، وذلك حين تَصقَع الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً. قال : وبعضُ العرب يسمِّيه الشمسيَّ والقيظِيَّ ، ثم الصَّفَريُّ بعد الصَّقعيّ. وأنشد بيتَ الراعي : وقال أبو حاتم : سمعت طائفيّاً يقول لزُنبور عندهم : الصَّقيع.

والصُّقْع : الناحية ، والجميع الأصقاع.

وقد صَقَع فلانٌ نحو صُقْع كذا وكذا ، أي قَصَده.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : ما أدري أين صَقَع وبَقَع. والصَّقِع : الغائب البعيد الذي لا يُدرى أين هو. قال : ويقال صَهٍ صاقعُ إذا سمِع رجلاً يكذب قال : اسكتْ ، قد ضَلَلتَ عن الحقّ. قال : والصَّاقع : الذي يَصقع في كلّ النواحي.

ويقال صقعتُه بكَيٍّ ، إذا وسمتَه على رأسه أو وجهه. وصُقِع الرجلُ آمَّةً ، إذا شُجَّ آمَّة.

وظليمٌ أصقعُ : قد ابيضَّ رأسُه. وعُقَابٌ أصقع والجميع صُقْع ، إذا كان في رؤوسها بياض. وقال ذو الرمّة :

من الزُّرق أو صُقْع كأنَّ رؤوسها

من القَهْزِ والقُوهيّ بيضُ المقانعِ

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : الصَّوقعة من البرقُع : رأسه. قال : ويقال لكفِّ عين البرقُع الضَّرس ، ولخيطه الشَّبامان. ويقال صَوقعَ الثريدةَ ، إذا سطَحها. قال : وصومعَها وصعنَبَها إذا طوّلها.

أبو زيد : يقال ما يُدرَى أين صَقَع فلانٌ ، أي ما يُدرى أين توجَّه. وأنشد :

فلله صُعلوكٌ تشدَّد همُّه

عليه وفي الأرض العريضة مَصقَعُ

يقول : متوجَّه.

وقال الليث : الأصقَع من الفرس : ناصيتُه البيضاء.

وقال غيره : الأصقع طائر ، وهو الصُّفاريّة ، قاله قطرب.

وقال أبو حاتم : الصَّقْعاء : دُخَّلة كدراء اللون صغيرة ، ورأسها أصفر ، قصيرةُ الزمِكَّى.

قال أبو الوازع : الصُّقعة : بياضٌ في وسط رأس الشاة السوداء ؛ وموقعُها من الرأس الصَّوقعة.

باب العين والقاف مع السين

[ع ق س]

عسق ، عقس ، قعس ، سقع : مستعملة.

عسق : أبو عبيد عن أبي عمرو : عَسِق به الشيءُ يَعسَق عَسَقاً ، إذا لصِق به.

١٢٤

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : عَسِقَ به وعَكِس به بمعنى واحد. قال : والعُسُق : المتشدِّدُون على غرمائهم في التقاضي. قال : والعُسُق : اللقَّاحون. والعُسُق : عراجين النَّخل ، واحدها عَسَق.

وقال الليث وابن دريد : هو العَسَق للعُرجون الرديّ. والعرب تقول : عَسِق بي جُعَلُ فلانٍ ، إذا ألحَّ عليه في شيء يطالبه به.

عقس : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الأعقَس من الرجال : الشديد السّكّة في شرائه وبيعه. قال : وليس هذا مذموماً لأنّه يخاف الغَبْن ومنه

قول عمر في بعضهم : «عَقِسٌ لَقِسٌ».

وقال أبو زيد : العَوقس : ضربٌ من النبت. وقد ذكره ابن دريد في «كتابه» وقال : هو العَسَق.

وقال الليث : في خُلُقه عَقَسٌ ، أي التواء.

قعس : أبو عبيد عن الأصمعيّ : عزّة قعساء : ثابتة قال : وقال أبو عمرو : الأقعَس : الذي في عُنقه انكبابٌ إلى ظهره. وقال ابن الأعرابيّ : الأقعس : الذي في ظهره انكبابٌ وفي عنقه ارتداد. وقال في موضع آخر : الأقعس الذي قد خرجتْ عَجيزتُه.

وقال غيره : هو المنكبُّ على صدره. قال أبو العباس : والقول قول صاحبنا.

وأنشد :

أقعس أبْزى في استه استئخار

أبو زيد : بعيرٌ أقعَس : في رجليه قِصَر وفي حاركه انصِباب.

وقال الأصمعيّ : ليل أقعَس : شديد. وتقاعسَ الليلُ ، إذا طال.

وقال أبو عبيدة : الأقعسان هما أقعَس ومُقاعِس ابنا ضَمرة ، من بني مُجاشع.

وقال أبو عبيد : المُقْعنسس : الشديد. قال : وهو المتأخِّر أيضاً.

وقال اللِّحياني : اقعنسس البعير وغيرُه ، إذا امتنع فلم يتبع. وكلُّ ممتنع فهو مقعنسس. وقال الليث : القعَس : نقيض الحدَب. قال : والقعساء من النَّمل : الرّافعةُ صدرها وذنبَها. قال والقُعاس : التواءٌ يأخذ في العنق من ريح كأنها تهصره إلى ما وراءه. قال : والقَوعس : الغليظ العنق الشديد الظهر من كلِّ شيء. قال : والقَعْوَس : الشيخ الكبير.

وتقعْوَسَ البيت إذا تهدَّم. وتقعوسَ الشيخ ، إذا كبِر. ذكر ذلك أبو عبيدٍ عن الفراء.

سقع : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الأسقع : المتباعِد من الأعداء والحسَدة. وقال الخليل : كلُّ صادٍ تجيء قبل القاف وكل سينٍ تجيء قبل القاف فللعرب فيه لغتان : منهم من يجعلها سيناً ومنهم من يجعلها صاداً ، لا يبالون أمتصلة كانت بالقاف أو منفصلة ، بعد أن تكونا في كلمةٍ واحدة ، إلّا أن الصاد في بعضٍ أحسنُ والسينَ في بعضها أحسن.

قال : والسُّقع : ما تحت الركية وجُولُها من نواحيها ، والجميع الأسقاع ، وكلُّ ناحيةٍ سُقْع وصُقْع ، والسين أحسن.

١٢٥

والعُقاب أسقع وأصقع. والأسقع : اسم طويئرٍ كأنّه عصفور في ريشه خضرةٌ ورأسه أبيض ، يكون بقُرب الماء. والجميع الأساقع. وإن أردت بالأسقَع نعتاً فالجميع السُّقْع.

قال : والسَّوقعة من العمامة والرداء والخِمار : الموضع الذي يلي الرأس ، وهو أسرعه وسَخاً ، بالسين أحسن. قال : ووَقْبة الثَّريد سَوقعة ، بالسين أحسن.

وقال أبو تراب : قال النضر : هو صُقْع الركيّة وأصقاعها ، لنواحيها. قال : ويقال سُقْع. والديك يسقَع ويَصقَع.

ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : ضاف رجلٌ من العرب رجلاً فقدَّم إليه ثريدةً وقال له المُضيف : لا تَصقَعها ولا تَقعَرْهَا ولا تَشرِمْها. قال : فقال له الضيف : فمن أين آكل؟ قال : لا أدري. فانصرف جائعاً.

قلت : قوله لا تَصقَعْها ، أي لا تأكلها من أعلاها. وقوله لا تَقعَرها ، أي لا تبتدىء في أكلها من أسفلها. وقوله لا تشرِمْها ، أي تأكلها من حروفها وجوانبها. فلمَّا قال له المضيفُ ذلك لم يجد سبيلاً إلى أكلها.

باب العين والقاف مع الزاي

[ع ق ز]

عزق ، زعق ، زقع ، قزع : مستعملة.

عزق : أبو عبيد عن أبي زيد : أرضٌ معزوقة ، إذا شققتَها بفأسٍ أو غيرها. عزقتها أعزِقُها عَزْقاً. ولا يقال في غير الأرض.

قال شمِر : ويقال للفأس والمِسحاة مِعزَق ، وجمعه المَعَازق. وأنشد :

وإنا لنُمضِي بالأكفِّ رماحَنا

إذا أُرعِشَت أيديكمُ بالمعازقِ

قال : وهي البِيلة المعقَّفة. وقال بعضهم : هي الفؤوس ، واحدها معزَقة. قال : وهي فأسٌ لرأسها طَرَفان.

وقال الليث : رجلٌ عَزِقٌ ، أي في خُلقه عُسر وبُخل. قال : والعَزْوَقُ : حمل الفستق في السنة التي لا ينعقد لُبُّه. وهو دباغٌ. قال : وعَزْوَقتُه : تقبُّضه. وأنشد هو أو غيره :

ما تَصنع العنزُ بذي عَزْوَق

يثبتها في جِلْدِها العَزْوَقُ

وذلك أنّه يدبغ جلدُها بالعَزْوَق قال : والعَزَق : علاج في عسر.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : العَزْوَق : الفُستُق. قال : والعُزُق : السَّيِّئو الأخلاق ، واحدهم عَزِق. يقال هو عَزِقٌ نَزِقٌ زَنِقٌ زَعِق. قال : والعُزُق : مُذرُّو الحِنطة.

والعُزُق : الحفّارون. قال : وأعزَقَ ، إذا عمِل بالمِعْزقة ، وهي الحِفراءة والعَضْم.

وأعزقَ بالمِعزَقة ، وهي المَرُّ الذي يكون مع الحفّارين. وأنشد المفضّل :

يا كفّ ذوقي نَزوانَ المِعزقه

زعق : أبو عبيد عن الأصمعيّ : أزعقتُه فهو مزعوق ، ومعناه المذعور ، في باب أفعلته فهو مفعول. قال : وقال الأمويّ : زعقته بغير ألف فانزعق ، أي فَزِع. وأنشدنا :

تعلَّمي أنَّ عليكِ سائقا

١٢٦

لا مبطئاً ولا عنيفاً زاعقا

لَبّاً بأعجاز المطيّ لاحقا

وقال الليث وغيره : الزُّعاق الماء المُرُّ الغليظ الذي لا يُطاق شُربه من أُجوجته. قال : وطعام مزعوق : أكثر مِلحُه. وأزعق القومُ ، إذا حفَروا فهجموا على ماءٍ زُعاق.

قال : والزّعقوقة : فَرخُ القَبَج. وأنشد الليث :

كأنَ الزَّعاقيق والحَيقُطَانَ

يُبادِرْنَ في المنزل الضَّيْوَنا

وفي «نوادر الأعراب» : أرضٌ مزعوقة ، ومدعوقة ، وممعوقة ، ومبعوقة ، ومشحوذة ، ومَسْنِيَّة ، إذا أصابَها مطرٌ وابلٌ شديد.

قزع : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نهى عن القَزَع. قال أبو عبيد : هو أن يُحلق رأس الصبيّ ويترك منه مواضع فيها الشَّعَر متفرِّقة. وكذلك كل شيء يكون قطعاً متفرِّقة فهو قَزَع. ومنه قيل لقطع السحاب في السماء قَزَع.

وفي حديث علي رضي‌الله‌عنه حين ذكر يعسوبَ الدين فقال : «يجتمعون إليه كما يجتمع قَزَع الخريف» ، يعني قِطَع السَّحاب. وقال ذو الرمّة :

ترى عُصَب القطا هَمَلاً عليه

كأنَّ رِعالَه قَزَعُ الجَهَامِ

وقال الأصمعيّ قَزَع الفرسُ يعدو ، ومَزَع يعدو ، إذا أحْضَر. قال : ورجلٌ مقزَّعٌ ، إذا كان خفيفاً. وبشير مُقزَّعٌ ، إذا جُرِّد للبُشارة. قال متمّم :

وجئتَ به تعدو بشيراً مقزَّعا

وقال أبو عمرو : كلُّ إنسانٍ جرّدتَه لأمرٍ ولم تشغَلْه بغيره فقد قَزَّعتَه. والمقزَّع من الخيل : المهلوب الذي جُزَّ عُرفُه وناصيتُه. وقال أبو عبيد : هو الفرس الشديد الخَلْق والأَسْر. وقال ابن الأعرابيّ : التقزيع : الحُضْر الشديد.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : المقزّع : السَّريع الخفيف : قال ذو الرمة :

مُقَزَّعٌ أطلسُ الأطمارِ ليس له

إلّا الضِّراءَ وإلّا صيدَها نشَبُ

وقال الليث : رجلٌ مقزّع : لا يُرى على رأسه إلا شُعَيرات متفرِّقة تَطايَرُ في الرِّيح.

قال : والمقزَّع من الخيل ما تَنَتَّفُ ناصيتُه حتَّى تَرقّ. وأنشد :

نزائع لِلصّريحِ وأعْوَجِيٍ

من الجُرْدِ المقزَّعةِ العِجالِ

قال : والمقزَّع : الرقيق الناصيةِ خِلْقةً.

قال أبو سعيد : قَزَعُ الوادي : غُثاؤه. وقَزَع الجمل : لُغامه على نُخْرته.

وقال ابن السكيت : يقال قَوزَعَ الديك ولا يقال قنزعَ. وقال أبو حاتم عن الأصمعيّ : تقول العامة إذا اقتتل الديكان فهرب أحدُهما : قَنَزَع الدِّيك ؛ وإنما يقال قَوزَع الدِّيك إذا غُلِب ؛ ولا يقال : قَنزعَ.

قلت : والأصل فيه قَزَع ، إذا عدا هارباً وقَوزَعَ فَوعَلَ منه.

وقال إسحاق بنُ الفرج : تقول العرب : أقزَع له في المنطق وأقذعَ وأزهف ، إذا تعدَّى في القول.

وفي «النوادر» : القَزَعة : ولد الزِّنى.

١٢٧

سلمة عن الفراء : قَزَع قَزَعاناً ، وزمَعَ زَمَعاناً ، وهو مَشْيٌ متقارب.

وقال النضر نحوَه.

وقال ابن السكيت : ما عليه قِزَاع ولا قَزَعة ، أي ما عليه شيء من الثِّياب.

زقع : قال الليث : الزَّقْع : أشدُّ ضُراطِ الحمار وقد زَقَعَ زَقْعاً.

وقال النضر : الزَّقاقيع : فِراخ القَبَج. وقال الخليل : هي الزعاقيق ، واحدتها زُعقوقة.

باب العين والقاف مع الطاء

[ع ق ط]

استعمل من وجوهه : قعط ، قطع.

قعط : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه أمر المتعمِّم بالتلحِّي ونهى عن الاقتعاط.

قال أبو العباس أحمد بن يحيى : قال ابنُ الأعرابيّ : يقال للعمامة المِقْعطة. وجاء فلانٌ مقتعِطاً ، إذا جاء متعمِّماً طابِقيّاً. وقد نُهي عنها.

ونحوَ ذلك قال الليث. قال : ويقال قعطت العمامة قعطاً. وأنشد :

طُهَيّة مقعوطاً عليها العمائمُ

وقال أبو عمرو : القاعط : اليابس. وقَعَط شعرُه من الحُفوف إذا يبس.

وقال الأصمعيّ : قَعَط فلانٌ على غريمه ، إذا شدَّد عليه في التقاضي. وقعَّط وَثاقه ، إذا شدّده.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : المِعْسَر : الذي يقعِّط على غريمه في حال عُسرته.

ويقال قعّط على غريمه ، إذا ألحّ عليه.

قال : والقاعط : المضيِّق على غريمه.

وفي «نوادر الأعراب» : يقال قعَّط فلانٌ على غريمه ، إذا صاح أعلى صِياحه.

وكذلك جَوَّق ، وثَهَّتَ ، وجوَّر.

وقال أبو حاتم : يقال للأنثى من الحِجْلان قُعَيطة.

قال أبو عمرو : القَعْوطة : تقويض البناء ، مثل القَعْوشة.

وقال ابن السكّيت : القَعْط : الطرد. ورجلٌ قَعَّاطٌ : شديد السَّوق. قال : والقعط : الكَشْف. وقد أقعط القوم عنه إقعاطاً ، إذا انكشفوا انكشافاً.

قطع : قال الله جلّ وعز : (قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) [يُونس : ٢٧] و (قِطْعاً) : والقِطْع : اسم ما قُطِع. يقال قطعتُ الشيء قَطْعا ، واسم ما قُطِع فسقَطَ قِطْع.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب أنه قال : من قرأ (قِطْعاً) جعل المظلم من نعته ، ومن قرأ (قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ) [يُونس : ٢٧] فهو الذي له يقول البصريُّون الحال.

وأخبرني عن الحرَّانيّ عن ابن السكيت قال : القَطْع : مصدر قطعتُ. والقِطْع : الطائفة من الليل. قال : والقِطْع : طِنْفسة تكون تحت الرحل على كتفَي البعير. والجميع قُطوع. وأنشد :

أتتك العِيسُ تنفُخُ في بُراها

تَكَشَّفُ عن مناكبها القُطوعُ

قال : والقِطْع : نصلٌ قصير ، وجمعه أقطاع.

١٢٨

وقال الله جلّ وعزّ : (وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً) [الأعرَاف : ١٦٨] أي فرَّقناهم فرقاً. قال : (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) [البَقَرَة : ١٦٦] أي انقطعت أسبابُهم ووُصَلهم. وأما قوله : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً) [المؤمنون : ٥٣] فإنه واقعٌ ، كقولك : قطَّعوا أمرَهم.

وقال لبيدٌ بمعنى اللازم :

وتقطّعَتْ أسبابُها ورِمامُها

أي انقطعت حبالُ مودّتها.

وقوله : (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) [يُوسُف : ٣١] أي قطعنها قَطْعاً بعد قطع ، وخدشْنَ فيها خدوشاً كثيرة ، ولذلك ثُقِّل.

وقال جلّ وعزّ : (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَ لْيَقْطَعْ) [الحَجّ : ١٥] أجمع المفسّرون على أنّ تأويل قوله «ثُمَ لْيَقْطَعْ» : ثم ليختنق. وهو محتاجٌ إلى شرحٍ يزيد في بيانه ، والمعنى ـ والله أعلمُ ـ من كان يظنُّ من الكفّار أنّ الله لا ينصُر محمداً حتّى يُظْهره على المِلل كلّها فليمُتْ غيظاً ، وهو تفسير قوله (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ) والسَّبب : الحبل يشدُّه المختنقُ إلى سَقْف بيته. وسماءُ كلِّ شيءٍ : سقفُه. (ثُمَ لْيَقْطَعْ) ، أي ليمدَّ الحبل مشدوداً على حَلْقه مدّاً شديداً يوتِّره حتَّى يقطع حياتَه ونَفْسَه خَنْقاً.

وقال الفراء : أراد ثم ليجعل في سماء بيته حبلاً ثم ليختنقْ به ، فذلك قوله (ثُمَ لْيَقْطَعْ) اختناقاً. قال : وفي قراءة عبد الله : (ثم ليقطعه) يعني السبب ، وهو الحبْلُ المشدودُ في عنقه حتى تنقطع نفسُه فيموت.

وقال جلّ ذكره : (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) [الحَجّ : ١٩] أي خِيطَتْ وسُوِّيت وجُعِلتْ لَبُوساً لهم.

وفي حديث ابن عبَّاسٍ قال : «نخل الجنّة سَعَفُها كِسوةٌ لأهل الجنّة ، منها مقطّعاتُهم وحُلَلُهم». وفي حديث آخر «أنَّ رجلاً أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليه مقطَّعات له» ، وفي حديث ثالثٍ «وقت الضحى إذا تقطَّعت الظّلال» أي قَصُرت. قال أبو عبيد : قال الكسائيّ : المقطَّعات : الثِّياب القصار. قال : وسمِّيت الأراجيزُ مقطَّعاتٍ لقِصَرها. وقال شَمِر في كتابه في «غريب الحديث» : المقطَّعات من الثياب : كل ثوبٍ يقطَع من قميص وغيره. أراد أن من الثياب الأردية والمطارف ، والأكسيةَ والرِّياط التي لم تقطع وإنّما يتعطَّف بها مَرَّةً ويُتَلفَّع بها أخرى ؛ ومنها القُمُص والجِبَاب والسَّراويلات التي تقطع ثم تخاط ؛ فهذه هي المقطَّعات. وأنشد شمر لرؤبة يصف ثوراً وحشياً :

كأنَّ نصِعاً فوقه مقطَّعا

مخالطَ التقليص إذْ تدرَّعا

قال : وقال ابنُ الأعرابي : يقول : كأن عليه نِصعاً مقلِّصا عنه. يقول : تخال أنه ألبس ثوباً أبيض مقلِّصا عنه لم يَبلُغْ كُراعَه ، لأنَّها سُودٌ ليست على لونه. قال : والمقَطَّعات : برودٌ عليها وشيٌ مقطَّع. قال : ولا يقال للثياب القصار مقطَّعات. قال شمر : وممّا يقوّي قوله حديث ابن عباس في وصف سَعَف نخل الجنة : «منها مقطَّعاتهم». ولم يكن ليصف ثيابَهم بالقصَر ، لأنه ذمٌّ وعيب. وأمّا قوله «إذا

١٢٩

تقطَّعت الظلال» فإنّ أبا عبيد قال : الظِّلال تكون ممتدَّةً في أول النهار ، فكلَّما ارتفعت الشمسُ قصُرت الظلال ؛ فذلك تقطُّعها.

وفي حديث الأبيَض بن حَمّال المأرِبيّ أنه «استقطع» النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المِلْح الذي بمأرب فأقطعَه إيّاه». يقال استَقطع فلانٌ الإمامَ قَطيعةً من عفو البلاد فأقطعه إياها ، إذا سأله أن يُقطعها له مفروزةً محدودة يملّكه إياها ، فإذا أعطاه إياها كذلك فقد أقطعه إياها. والقطائع من السُّلطان إنما تجوز في عَفو البلاد التي لا ملك لأحدٍ عليها ولا عمارةَ توجب مِلْكاً لأحد ، فيُقْطع الإمامُ المستقطِعَ منها قدرَ ما يتهيّأ له عِمارته بإجراء الماء إليه ، أو باستخراج عينٍ فيه ، أو بتحجيرٍ عليه ببناءٍ أو حائطٍ يُحرزه.

وقال ابن السكيت : قال أبو عمرو : قِطاع النخل وقَطاعه ، مثل الصِّرام والصَّرام ، والجِداد والجَدَاد. قال : وأقطع النخلُ إقطاعاً ، إذا أصرمَ وحانَ قِطافُه. ومقاطع القرآن : مواضع الوقوف ، ومبادئه : مواضع الابتداء. وعَودٌ مُقْطَع ، إذا انقطع عن الضِّراب. قال النَّمر بن تولب يصف امرأته

قامت تَبَاكَى أن سَبأتُ لفتيةٍ

زِقّاً وخابيةً بعَودٍ مُقْطَعِ

وقد أُقطِعَ ، إذا جَفَر. وناقةٌ قَطُوع : ينقطع لبنُها سريعاً. ويقال هذا فرسٌ يقطِّع الجري ، أي يَجري ضروباً من الجري لمرحِهِ ونشاطه.

وقطّعت الخمرَ بالماء ، إذا مَزَجتَها. وقد تقطّع فيها الماء. وقال ذو الرمة :

تقطُّعَ ماء المُزْن في نُطف الخمرِ

ويقال أقطعَ القومُ ، إذا انقطعت مياه السماءِ المزنِ فرجعوا إلى أعداد المياه.

وقال أبو وَجْزة السعدي :

تَزُور بي القَرْمَ الحَواريَّ إنّهم

مناهلُ أعدادٌ إذا الناسُ أَقطعوا

وبئر مِقطاع : ينقطع ماؤها سريعاً.

وأقطعت الدجاجةُ ، إذا انقطعَ بيضُها.

أبو عبيد في «الشيات» : ومن الغُر المتقطِّة ، وهي التي ارتفع بياضها من المنخرين حتَّى تبلغ الغُرَّةُ عينَيه دون جبهته.

وقال غيره : المقطع من الحَلْي هو الشيء اليسير منه القليل. وفي الحديث : «نُهي عن لُبْس الذهب إلَّا مقطَّعاً» ، وهو مثل الحَلْقَة والخُرْص وما أشبهه.

والقُطَيعاء ممدود : التَّمْر الشِّهريز. وقال الشاعر :

باتوا يعشُّون القُطَيعاءَ ضيفَهم

وعندهم البَرنيُّ في جُلَل دُسْمِ

ويقال : مدَّ فلانٌ إلى فلانٍ بثدي غير أقطعَ ، ومَتَّ بالتَّاء مثلُه ، إذا توسَّلَ إليه بقرابةٍ. ومنه قول الشاعر :

دعاني فلم أُورَأ به فأجبتُه

فمدَّ بثدي بيننا غيرِ أقطعا

ويقال قطَّع فلانٌ على فلانٍ العذابَ ، إذا لَوَّن عليه ضروباً من العذاب.

ويقال قَطَعَ فلانٌ رحِمَه قَطْعاً ، إذا لم يَصِلْها ، والاسم القَطِيعة. وجاء في

١٣٠

الحديث : «مَن زَوّج كريمتَه من فاسق فقد قَطَع رحِمَها». وذلك أنّ الفاسق يطلِّقها ثم لا يُبالي أن يَغشاها.

ويقال قطعت الحبل قَطْعاً فانقطع ، وقطعت النهر قَطعاً وقُطوعاً. وقطعَتِ الطير تقطع قُطوعاً ، إذا جاءت من بلد إلى بلد في وقتِ حرٍّ أو برد ؛ وهي قواطع الطير.

وقال أبو زيد : قطعت الغِربانُ إلينا في الشتاء قُطوعاً. ورجعت في الصيف رُجوعاً. والطَّير المقيمة ببلد شتاءَها وصيفَها هي الأوابد.

وقُطِع بالرجُل ، إذا انقطع رجاؤه. ورجلٌ منقَطَعٌ به ، إذا كان مسافراً فأُبدع به وعَطِبتْ راحلتُه وذهب زادُه ومالُه.

ومنقطَع كلِّ شيءٍ : حيث ينقطع ، مثل منقطَع الرَّمل والحَرَّة وما أشبههما. والمنْقطِع الشيءُ نفسُه.

الحراني عن ابن السكيت قال : ما كان من شيءٍ قُطِع من شيءٍ فإنْ كان المقطوع قد يبقى منه الشيء ويقطع قلت أعطني قِطعة. ومثله الخرقة. وإذا أردت أن تجمع الشيء بأسره حتَّى تسمي به قلت : أعطني قُطعة. قال : وأما المرَّة من الفعل فبالفتح قطعت قَطْعة. وقال الفراء : سمعتُ بعضَ العرب يقول : غلبني فلانٌ على قُطعةٍ من أرضٍ ، يريد أرضاً مفروزة مثل القطيعة. فإذا أردتَ بها قِطعةً من شيء قُطِع منه قلت قِطعة. وقال غيره : القَطَعة موضع القطع من يد الأقطع ، يقال ضربَه بقطَعَتِه.

وقال الليث : يقولون قُطِع الرجل ، ولا يقولون قَطِع الأقطع لأنّ الأقطع لا يكون أقطعَ حتَّى يقطعه غيره. ولو لزمه ذلك من قِبَل نفسه لقيل قَطِع أو قَطُع. ويجمع الأقطع قُطعاناً. وامرأة قطيع الكلام ، إذا لم تكن سليطة. ورجلٌ قطيع القيام ، إذا كان ضعيفاً. وقد قطعت المرأةُ ، إذا صارت قطيعاً. ويقال أقطعَني فلانٌ نهراً ، إذا أذِن له في حفره. وأقطعَني قُضباناً. من كرمه ، إذا أذن له في قطعها. وقال الليث : القِطْع : القضيب الذي يُقطع لِبَرْي السِّهام ، وجمعه قُطعانٌ وأَقطُع. قال الهذليّ :

في كفِّه جَشْءٌ أجَشُّ وأقطُعُ

أراد بالأقطُع السِّهام.

قلت : هذا غلط ، قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : القِطع من النِّصال : القصير العريض. وكذلك قال غيره ، وسواءٌ كان النصل مركَّباً في السهم أو لم يكن مركَّباً. وسمِّي النَّصل قِطْعاً لأنّه مقطوع من الحديد ، وربَّما سمَّوه مقطوعاً وجمعه المقاطيع. وقال الشاعر :

أشفَّتْ مقاطيع الرُّماةِ فؤادَها

إذا سمعَتْ صوتَ المغرِّد تَصلِدُ

قال : المقاطيع : النصال هاهنا.

وقال الليث : يقال هذا الثوبُ يُقْطِعك قميصاً ، ويقطِّع لك تقطيعاً ، إذا صلح أن يقطع قميصاً. وروى أبو حاتم عن الأصمعي أنه قال : لا أعرف هذا ثوبٌ يُقْطِع ولا يُقطِّع ، ولا يقطِّعني ولا يَقْطعني ، هذا كلُّه من كلام المولَّدين.

١٣١

قال أبو حاتم : وقد حكاها أبو عبيدة عن العرب.

وقال الليث : يقال قاطعتُ فلاناً على كذا وكذا من الأجر والعمل مقاطعَةً. وقال : ومقطَّعة الشَّعَر : هَناتٌ صغارٌ مثل شعر الأرانب.

قلت : هذا ليس بشيء ، وأُراه أراد ما قاله ابن شُميل في كتاب «الصفات» : يقال للأرنب السَّريعة مقطِّعة النِّياط ، ومقطِّعة الأسحار ، ومقطِّعة السُّحور ، لشدّة عَدْوها ، أنَّها تقطّع رئاتِ مَن يعدو على إثرها ليصيدَها فلا يلحقها. ويقال للفرس الجواد : إنّه ليقطِّع الخَيْل تقطيعاً ، إذا كان يسبقهنَّ فلا يلحقنه. ومنه قولُ الجعديّ يصف فرساً :

يقطّعهنّ بتقريبه

ويأوي إلى حُضُرٍ مُلْهِبِ

ومن هذا قول عُمر في أبي بكر : «وليس فيكم من تَقَطَّعُ عليه الأعناقُ مثلُ أبي بكر» معناه ليس فيكم سابقٌ إلى الخيرات تَقَطَّعُ أعناقُ مسابقيه سبقاً إلى كلّ خير حتى يلحق شأوَه أحدٌ مثل أبي بكر ، رضي‌الله‌عنهما.

عمرو عن أبيه : يقال فلانٌ قطيعُ فلانٍ ، أي شبيهُه في قدِّه وخَلْقه ، وجمعه أقطعاء. والتقطيع : مَغْص يجده الإنسان في بطنه وأمعائه. ويقال جاءت الطَّيرَ مُقْطَوطِعاتٍ وقواطعَ ، بمعنًى واحد. وفلانٌ منقطع القرين ، إذا لم يكن له مِثْلٌ في سخاءٍ أو فضل. ويقال قاطع فلانٌ فلاناً بسيفيهما ، إذا نظرا أيُّهما أقطع. وسيفٌ قاطعٌ وقطّاع ومِقطَع. وكل شيءٍ يُقطع به فهو مِقطَع قال : والمَقطَع : موضع القَطْع. والمَقْطع : مصدر كالقَطع. والمَقْطَع : غاية ما قُطِع.

ويقال مَقْطع الثَّوب ، ومَقطع الرمل إلى حيث لا رمل وراءه. والمقطع : الموضع الذي يُقطع فيه النهرُ من المعابر.

ورجل قَطُوعٌ لإخوانه ومِقطاع : لا يثبتُ على مؤاخاةٍ.

وشيء حسنُ التقطيع ، إذا كان حسنَ القَدّ.

ويقال لقاطع رحمه : إنّه لقُطَعةٌ قُطَعٌ.

وبنو قُطَيعة : حيٌّ من العرب ، والنسبة إليهم قُطَعيّ.

وقال الليث : القَطِيع : السَّوط المتقطّع.

قلت : سمِّي السَّوط قَطِيعاً لأنَّهم يأخذون القِدَّ المحرَّم فيقطّعونه أربعة سيور ، ثم يفتلونه ويلوونه ويعلِّقونه حتّى يجفَّ ، فيقوم قائماً كأنه عصاً. سمِّي قطيعاً لأنه يقطع أربعَ طاقاتٍ ثم يلوي.

ومَقطَع الحق : حيث يُفصَل بين الخصوم بنصِّ الحكم. وقال زهير :

فإنّ الحقَ مقطَعُه ثلاثٌ

يمينٌ أو نفارٌ أو جِلاءُ

وقُطَّاع الطُّرق : الذين يُعارضون أبناء السبيل فيقطعون بهم الطريق.

وقال الليث : القاطع : مِثالٌ كالمِقْطَع يُقطَع عليه الأديمُ والثوبُ ونحوه.

وقال أبو الهيثم : إنما هو القِطاع لا القاطع. قال : وهو مثل لِحاف ومِلحف ، وسراد ومِسرد وقِرام ومِقرم ، وإزار ومئزر ، ونِطاق ومِنطَق.

١٣٢

وقَطَعات الشجر : أطراف أُبَنها التي تخرج منها إذا قُطِعت ، الواحدة قَطَعة.

والقُطع : البُهر. يقال قُطع الرجلُ فهو مقطوع. والفرس أيضاً يأخُذه القُطْع.

ويقال للفرس إذا انقطع عِرقٌ في بطنه أو شحمٌ : مقطوعٌ ، وقد قُطِع.

وقال الليث : الأُقطوعة : شيء تبعث به الجاريةُ إلى صاحبِها علامة أنَّها صارَمته.

وأنشد :

قالت لجاريتيها اذهبا

إليه بأُقطوعةٍ إذْ هَجَرْ

وتقطيع البيت في بيوت الشعر : تجزئته بالأفعال.

قال أبو ذؤيب :

كأنّ ابنةَ السَّهميّ دُرَّةُ قامسٍ

لها بعد تقطيع النُّبوح وهيجُ

أراد بعد هَدْءِ من الليل ، والأصل فيه القِطع وهو طائفةٌ من الليل. والنُّبُوح : الجماعات.

ويقال قطعتُ الحوضَ قَطْعاً ، إذا ملأته إلى نصفه أو ثلثه ثم قطعتَ الماءَ منه. ومنه قول ابن مُقْبل ، يذكر إبلاً سقى لها في الحوض على عَجَلةٍ ولم يُروها :

قطعنا لهنَّ الحوضَ فابتلَّ شَطرُه

بشُربٍ غِشاشٍ وهو ظمآنُ سائرُه

وأقطعت السماءُ بموضع كذا وكذا ، إذا انقطع المطرُ هناك وأقلعت. ويقال : مَطرت السماء ببلد كذا وأقطعتْ ببلد كذا.

ورجلٌ مُقْطَعٌ : لا ديوانَ له. وقال شمر : القَطْع : مَغَسٌ يجده الإنسان في بطنه. يقال قُطِّع فلانٌ في بطنه تقطيعاً ، وهو مَغَس يجده في أمعائه. قال : ويقال للقوم إذا جفّتْ مياه ركاياهم : أصابتهم قُطعة منكرة. وقد قَطَع ماء قليبكم ، إذا ذهب ماؤُها.

وقال ابن شميل : تقول العربُ : اتَّقُوا القُطَيعاءَ ، أي أن ينقطع بعضُكم من بعضٍ في الحرب.

ويقال للرجل القصير : إنّه لمقطَّع مجذَّر.

أبو زيد : أقطعَ الرجلُ إقطاعاً فهو مُقطِعٌ ، إذا لم يُرد النساء ولم ينقشر عُجارِمُه. قال : وقُطع بفلانٍ قَطعاً ، إذا قطع به الطريق وإذا عجَز عن سفره لنفقةٍ هلكت أو راحلة عَطِبتْ ، فقد انقُطِع به. ويقال للرجل الغريب بالبلد : قد أُقطِع عن أهله إقطاعاً فهو مُقْطَعٌ عنهم. وأَقطعَ كلام الرجل إقطاعاً فهو مُقْطِع ، إذا بكتوه بالحقّ فلم يقدر على الجواب. وقَطَع ماء قليبكم قُطوعاً ، إذا قل ماؤها وذهب.

وروى ابن شُميل حديثاً مرفوعاً إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه «نَهى عن لُبْس الذَّهَب إلّا مقطَّعاً». قال النضر : المقطَّع : الخاتَم ، والقُرطُ ، والشَّنْف.

وقال أبو عُبيد : المقطَّع هو الشيء اليسير منه : مثل الحَلْقة والشَّذرة ونحوها.

وقال أبو سعيد : يقال : لأقطِّعن عُنق دابّتي ، أي لأبيعنَّه. وأنشد لأعرابيٍّ تزوّجَ امرأةً وساق إليها مهرها إبلاً فقال :

أقول والعَيساءُ تمشي والفُضُلْ

في جِلّةٍ منها عَراميسَ عُطُلْ

١٣٣

قطّعْتُ بالأحراحِ أعناقَ الإبلْ

يقول : اشتريتُ الأحراحَ بإبلي.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الأقطع : الأصمّ. قال : وأنشدني أبو المكارم :

إنَّ الأحيمِر حين أرجو رِفده

غَمْراً لأَقطَعُ سيِّىءٌ الإصْرَانِ

قال : والإصران : جمع إصْر ، وهو الخِنّابة ، وهو سَم الأنف. قال : والخنّابتان : مَجرَيَا النفَس في المنخرين. أراد أنه يتصامم عليَّ ولا مَشَمَّ له مع ذلك ، فهو أخشَمُ أصمّ.

وقال أبو تراب : القُطْعة في طيِّىءٍ كالعنعنة في تميم ، وهو أن يقول يا أبا الحَكَا ، يريد يا أبا الحكم ، فيقطع كلامَه.

قلت : وكلُّ ما مرَّ في الباب من هذه الألفاظ واختلاف معانيها فالأصل واحدٌ والمعاني متقاربة وإن اختلفت الألفاظ.

وكلام العرب آخذٌ بعضُه برقاب بعض ، وهذا يدلُّك على أنَّ لسانَ العرب أوسع الألسنة نطقاً وكلاماً.

باب العين والقاف مع الدال

[ع ق د]

عقد ، عدق ، قعد ، قدع ، دقع ، دعق : مستعملان.

عقد : قال الله جلّ وعزّ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المَائدة : ١] قيل العُقود العهود ، وقيل الفرائض التي أُلزموها. وقال الزَّجاج في قوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) : خاطب الله جلّ وعزّ المؤمنين بالوفاء بالعقود التي عقدها عليهم والعقود التي يَعقدها بعضُهم على بعضٍ على ما يوجبه الدِّين. قال : والعُقود : العهود ، واحدُها عَقْد ، وهي أوكدُ العهود. يقال : عهِدتُ إلى فلانٍ في كذا وكذا ، فتأويله ألزمتُه ذلك ، فإذا قلت عاقدتُه أو عَقَدتُ عليه ، فتأويله أنك ألزمته ذلك باستيثاق. ويقال : عقدتُ الحبلَ فهو معقود ، وكذلك العهد. وأعقدت العسل ونحوه فهو مُعْقَدٌ وعَقيد.

وروى بعضهم : عقدت العسل والكلامَ : أعقدت. وأنشد :

وكأنَّ رُبَّاً أو كُحَيلاً مُعْقداً

ويقال عقَد فلانٌ اليمين ، إذا وكَّدها.

وأخبرني المنذريّ عن ابن اليزيديّ عن أبي زيد في قوله عزوجل : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) [النِّساء : ٣٣] و (عاقدت أيمانكم) وقرىء : (عَقَّدت) بالتشديد ، معناه التوكيد كقوله : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) [النّحل : ٩١] في الحلف أيضاً. قال : فأما الحرف في سورة المائدة : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) [المَائدة : ٨٩] بالتشديد في القاف قراءة الأعمش وغيره ، وقد قرىء بالتخفيف : (عَقَدتم). وقال الحطيئة :

أولئك قومي إنْ بَنوْا أَحسنوا البنا

وإن عاهدوا أوفَوْا وإن عاقدوا شدُّوا

وقال في عَقَد :

قومٌ إذا عَقدوا عَقْداً لجارهم

فقال في بيتٍ : عقدوا ، وفي بيتٍ : عاقدوا. والحرف قرىء بالوجهين.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : عُقدة الكلب : قضيبه. وإنّما قيل له عُقدة إذا عَقَدت عليه

١٣٤

الكلبة فانتفخ طرَفه. قال : والعَقَد : تشبُّث ظَبية اللَّعوة ببُسرة قضيب الثَّمثَم. والثَّمثَم : كلب الصيد. واللَّعوة : الأنثى. وظَبيتُها : حياؤها.

وقال الأصمعيّ : العُقدة من الأرض : البُقعة الكثيرة الشجر ، ذكره أبو عبيد عنه.

وقال غيره : كلُّ ما يعتقده الإنسان من العَقَار فهو عُقْدَةٌ له.

ويقال : في أرض بني فلان عُقدةٌ تكفيهم سنَتَهم. معناه البلد ذو الشجر والكلأ والمرتع.

وقال أبو عبيد : العَقِدة من الرمل والعَقَدة : المتعقِّد بعضُه على بعض ، والجميع عَقِدٌ وعَقَد. وقال هميان :

يفتُق طُرْقَ العَقدِ الرَّواتجا

قال : وقال الأحمر : التعقُّد في البئر : أن يخرُج أسفل الطيّ ويدخل أعلاه إلى جِراب البئر. وجرابُها : اتساعها.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الذّنَب الأعقَد : المعْوَجّ. وفحلٌ أعقدُ ، إذا رفعَ ذنبَه ، وإنما يفعل ذلك من النشاط.

والعرب تقول : عَقد فلانٌ ناصيته ، إذا غضِب وتهيّأ للشرّ. وقال ابنُ مُقْبل :

أثابوا أخاهم إذْ أرادوا زياله

بأسواط قِدٍّ عاقدين النواصيا

والعَقْد : عَقد طاق البناء ، وجمعه عُقود ، وقد عقَّده البنَّاءُ تعقيداً. وموضع العَقْد من الحبل عُقْدة ، ومنه عُقدة النكاح.

والأعقد من التيوس : الذي في قرْنه التواء.

ورجلٌ أعقد ، إذا كان في لسانه رَتَج.

وأعقدت العسل فعَقَد وانعقَد ، وعسلٌ عقيد ، وكذلك عقيد عصير العنب. وتعقَّد القوسُ في السماء ، إذا صار كأنّه عَقْدٌ مبنّي.

والعاقد من الظباء : الذي ثنى عنقَه ، والجميع العواقد. وقال النابغة الذبياني :

حسانِ الوُجوهِ كالظِّباء العواقدِ

وهي العواطف أيضاً.

واليعقيد : طعام يُعقَد بالعسل.

والعِقْد : القلادة ، وجمعُه العقود.

وإذا أَرتَجَت الناقةُ على ماء الفحل فهي عاقدٌ ، وذلك أنها تَعقِد بذنبها فيعلم أنها قد حَمَلت وعَقَدت فمَ الرحم على الماء فارتتج.

والحاسب يعقد بأصابعه إذا حَسَب.

والعَقَد : قبيلة من العرب ينسب إليهم فلانٌ العَقَديّ.

وناقة معقودة القَرَا ، إذا كانت وثيقة الظَّهر.

وانعقَد النكاحُ بين الزَّوجين ، والبيع بين البيِّعين. وانعقد عَقدُ الحبل انعقاداً.

ومَوضع العقد من الحبل مَعقِد ، وجمعه مَعاقد.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : العَقَد : ترطُّب الرمل من كثرة المطر. وروضة عَقِدةٌ ، إذا اتَّصلَ نبتُها. والعَقْد : الجمل القصير الصَّبور على العمل.

وقال عرّام : عَقدَ فلانٌ عنقَه إلى فلانٍ وعكَدها ، إذا لجأ إليه.

شمر عن ابن الأعرابيّ : العُقدة من المرعى هي الجنْبة ما كان فيها من مَرعَى

١٣٥

عامٍ أوّل فهو عُقدةٌ وعُروة ، فهذا من الجَنْبة. وقد يُضطرُّ المالُ إلى الشجر فيسمَّى عُقدةً وعروة. فإذا كانت الجنبة لم يقل للشجر عقدة ولا عروة. قال : ومنه سمِّيت العُقدة. وأنشد :

خضَبَتْ لها عُقَدُ البِراق جَبينَها

من عَركها عَلجانَها وعرادَها

عدق : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : هي العَودقة والعَدْوقة لخُطَّاف الدّلو. قال : وجمعها عُدُق.

وقال الليث : العودقة : حديدة ثلاثُ شعب يستخرج بها الدَّلو من البئر. وأعدقَ بيده في نواحي البئر والحوض كأنه يطلب شيئاً ولا يراه.

وقال غيره : رجلٌ عادقُ الرأي ؛ ليس له صَيُّورٌ يصير إليه. يقال عَدَق بظنِّه عدقاً ، إذا رجمَ بظنِّه ووجّه الرأي إلى ما لا يستبين رُشده.

وقال ابن الأعرابيّ : العَدَق : الخطاطيف التي تُخرج بها الدِّلاء ، واحدها عَدَقة.

قعد : قال الله عزوجل : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) [النُّور : ٦٠].

أخبرني المنذريّ عن الحرّانيّ عن ابن السكيت قال : امرأةٌ قاعدٌ ، إذا قعدَتْ عن المَحيض. فإذا أردتَ القُعود قلتَ قاعدة.

قال : ويقولون : امرأةٌ واضعٌ ، إذا لم يكن عليها خِمار. وأتانٌ جامع ، إذا حملتْ.

قال : وقال أبو الهيثم : القواعد من صفات الإناث ، لا يقال رجالٌ قواعد.

قال : ويقال رجلٌ قاعدٌ عن الغَزْو ، ويقوم قُعَّادٌ وقاعدون.

قال : وقعيدة الرجُل : امرأته ، والجمع قعائد ، سمِّيت قعيدةً لأنها تقاعده.

أبو عبيد عن الكسائي : يقول قِعْدَك الله مثل نشدتك الله. وقال أيضاً قِعدَك الله ، أي الله معك. وأنشد :

قَعيدَكما الله الذي أنتما له

ألم تسمعا بالبيضَتَين المناديا

قال وأنشد غيره عَن قُرَيبة الأعرابية :

قعيدَكِ عَمرَ الله يا بنت مالكٍ

ألم تعلمينا نعِمَ مأوَى المعصِّبِ

قال : ولم أسمعْ بيتاً اجتمع فيه العَمْر والقَعِيد إلّا هذا.

قال : وقال الأصمعيّ : قِعدَك لا أفعلُ ذاك وقعيدَك. وقال متمِّم :

قَعيدَكِ ألا تُسمِعيني مَلامةً

ولا تنكئي قَرْحَ الفؤاد فييجَعا

وقال أبو عبيدٍ أيضاً في كتابه في «النحو» : عُليا مُضَر تقول : قَعيدَك لتفعلنَّ كذا.

قال : القَعيد : الأب.

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم قال : القَعيد : المُقاعد. وأنشد :

قعيدَكما الله الذي أنتما له

ألم تسمعا بالبيضتين المناديا

يقول : أينما قَعدت فأنت مُقاعِد لله ، أي هو معك. قال : ويقال قعيدَك الله لا تفعل كذا ، وقَعدك الله بفتح القاف ، وأما قِعْدَكَ فلا أعرفه.

ويقال قَعَدَ قَعْداً وقُعوداً. وأنشد :

فقَعْدكِ ألا تُسمعيني مَلامةً

١٣٦

قال : ويقال قعّدت الرجلَ وأقعدته ، أي خدمته ، فأنا مُقْعِدٌ له ومقعّد له. وأنشد :

تَخِذها سُرِّيّةً تقعِّده

أي تخدمه. وقال الآخر :

وليس لي مُقعِدٌ في البيت يُقْعدني

ولا سَوامٌ ولا مِن فضّةٍ كيسُ

وأما قول الله عزوجل : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) [ق : ١٧] فإن النحويين قالوا : معناه عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد ، فاكتفى بذكر الواحد عن صاحبه ، كما قال الشاعر :

نحن بما عندنا وأنت بما

عندك راضٍ والرأي مختلفُ

أراد : نحن بما عندنا راضون ، وأنت بما عندك راضٍ. وقال الفرزدق :

إنّي ضمنت لمن أتاني ما جنى

وأبى وكان وكنت غير غَدُورِ

ولم يقل غدورين.

سلمة عن الفراء : تقول العرب : قعد فلانٌ يشتُمني وقام يشتُمني ، بمعنى طفِق. وأنشد لبعض بني عامر :

لا يُقنِع الجاريةَ الخِضابُ

لا الوشاحانِ ولا الجلبابُ

من دون أن تلتقي الأركابُ

يَقعُدَ الأير له لعابُ

كقولك يصير.

وقول الله جلّ وعزّ (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) [البَقَرَة : ١٢٧] القواعد : الآساس ، واحدتها قاعدة.

وقال أبو عبيد : قواعد السَّحاب : أصولُها المعترِضة في آفاق السَّماء ، شبِّهت بقواعد البِناء ، قاله في تفسير حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين سأل عن سحابةٍ : «كيف ترون قواعدها وبواسقَها؟». فالقواعد : أسافلها. والبواسق : أعاليها.

ومن أمثال العرب السائرة : «إذا قام بك الشَّرُّ فاقعُدْ» يفسَّر على وجهين : أحدهما أنّ الشرَّ إذا غلبَك فذِلّ له ولا تضطربْ فيه. والوجه الثاني أنَّ معناه إذا انتصبَ لك الشرُّ ولم تجدْ منه بدّاً فانتصبْ وجاهدْه. وهذا يُروَى عن الفراء.

أبو عبيد عن أبي عُبيدة قال : القعيد : الذي يجيء مِن ورائك من الظباء التي يُتطيَّر منها. قال : ومنه قول عَبِيد بن الأبرص :

تَيسٌ قعيدٌ كالوشيجة أعضبُ

ذكره في باب السانح والبارح.

ومن دُعاء الأعراب على الرجل بالشرّ يقول أحدُهم للرجل : «حلبت قاعداً وشربتَ قائماً» ، يقول : لا ملكتَ غير الشاء التي تُحلب مِن قُعود ، ولا ملكت إبلاً تحلبها قائماً. والشاءُ مال الضَّعْفَى والذُّلّان ، والإبل مال الأشراف والأقوياء.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا صارت الفسيلة لها جِذع قيل قد قَعَدت ، وفي أرض فلانٌ من القاعِدِ كذا وكذا أصلاً.

وقال : فلانٌ مُقْعَد الحسب ، إذا لم يكن شرفٌ. وقد أقعَدَه آباؤه وتقعَّدوه. ومنه قول الطرِماح يهجو رجلاً :

١٣٧

ولكنَّه عبدٌ تقَعَّد رأيَه

لئامُ الفحول وارتخاصُ المناكح

أي أقعدَ حسبَه عن الكرم لؤمُ آبائه.

وقال الخليل : إذا كان بيتٌ فيه زحافٌ قيل له مُقْعَد.

قلتُ : وأما قولهم رجلٌ قُعدُدٌ وقُعدَدٌ إذا كان لئيماً ، فهو من الحسب المُقْعَد.

وقال أبو عبيد : قال أبو عبيدة : الإقواء : نُقصان الحرف من الفاصلة ، كقوله :

أفبعدَ مقتلِ مالك بن زُهَيرٍ

ترجو النساءُ عواقبَ الأطهارِ

فنقَص من عروضه قوّة. قال : وكان يسمِّي هذا المُقْعَد.

قلت : وهذا هو الصحيح عن الخليل ، وهذا غير الزِّحاف ، وهو عيبٌ في الشعر ، والزحاف ليس بعيب.

قلت : ويقال رجلٌ قعيدُ النسب ذو قُعدُد ، إذا كان قليل الآباء إلى الجدّ الأكبر. وفلانٌ أقعدُ بني فلانٍ ، إذا كان أقربَهم إلى الجدّ الأكبر. وكان عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العبّاس الهاشميّ أقعدَ بني العباس نسباً في زمانه. وليس هذا ذمّاً عندهم ، وأما القعدد المذموم فهو اللئيم في حسبه. وروى أبو العباس عن عمرٍو عن أبيه قال : القُعدُد القريب النسب من الجدّ الأكبر. والقُعدُد : البعيد النسب من الجدّ الأكبر ، وهو من الأضداد.

وقال ابن السكيت في قول البعيث :

لقىً مُقعَد الأنساب منقَطَعٌ به

قال معناه أنّه قصير النَّسب ، من القُعدد.

وقوله «منقطَع به» أي لا سَعْيَ به ، إن أراد أن يسعى لم يكن به على ذلك قُوّةُ بُلْغةٍ ، أي شيء يَتَبلّغ به.

وقال ابن شُميل : رجل مُقعَد الأنف ، وهو الذي في منخريه سَعةٌ وقصر.

وأما قول عاصم بن ثابت الأنصاريّ :

أبو سليمان وريشُ المقعَدِ

ومُجْنأ من مَسْكِ ثَورٍ أجردِ

فإنّ أبا العباس قال : قال ابنُ الأعرابيّ : المُقْعَد : فَرخ النَّسر ، وريشُه أجودُ الرِّيش.

قال : ومن رواه «المُعقد» فهو اسم رجلٍ كان يَريشُ السِّهام.

وقيل : المقعَد : النَّسر الذي قُشِّب له حتّى صِيدَ فأُخِذ ريشُه.

ورجلٌ مُقعَدٌ ، إذا أزمَنَه داءٌ في جَسَده حتّى لا حَرَاكَ به والإقعاد والقُعاد : داءٌ يأخذ النجائبَ في أوراكها ، وهو شِبهُ ميل العجُز إلى الأرض. يقال أُقعِدَ البعيرُ فهو مُقعَد. والمقعَدة من الآبار : التي احتفِرت فلم يُنبَط ماؤها فتُركت. وهي المُسهَبة عندهم. ويقال : اقتعَد فلاناً عن السَّخاء لؤمُ جِنْثِه. ومنه قول الشاعر :

فاز قِدْحُ الكلبيِّ واقتعدت مَغْ

راءً عن سعيه عروقُ لئيم

وقال الليث : القُعْدة من الدوابّ : الذي يقتعده الرجلُ للركوب خاصّة. قال : والقَعُود والقَعودة من الإبل خاصّةً : ما اقتعده الراعي فركبه وحمل عليه زادَه ومتاعَه. والجميع قِعدان. وقال النضر بن شميل : القَعود من الذكور ، والقَلوص من

١٣٨

الإناث.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : هي قَلوصٌ للبكْرة الأنثى ، والبكر قَعودٌ مثل القلوص ، إلى أن يُثْنِيا ، ثم هو جَمَلٌ.

قلت : وعلى هذا التفسير قولُ من شاهدتُ من العرب : لا يكون القَعودُ إلّا البكرَ الذّكَر ، وجمعه قِعدانٌ ، ثم القَعَادين جمع الجمع. ولم أسمعْ قعودة بالهاء لغير الليث.

وأخبرني المنذريّ أنه قرأ بخطّ أبي الهيثم للكسائي أنه سمع من يقول قَعودةٌ للقلوص ، وللذكر قَعود.

قلت : وهذا للكسائي من نوادر الكلام الذي سمِعه من بعضهم ، وكلام أكثر العرب على غيره.

وقال النضْر : القُعدة : أن يقتعد الراعي قَعوداً من إبله فيركبه. فجعل القُعدة والقَعودَ شيئاً واحداً.

وقال الليث : القعيدة الجراد الذي لم يستوِ جناحاه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَعَد : الشُّراة الذين يحكِّمون ولا يحاربون. قال : والقَعَد النَّخْلُ الصغار.

قلت : القَعَد جمع قاعدٍ في المعنيين ، كما يقال خادمٌ وخَدَم ، وحارسٌ وحَرَس. والقَعَديّ من الخوارج : الذي يرى رأي القَعَد الذين يَرَون التحكيم حقّاً غير أنَّهم قعدوا عن الخروج على الناس. وجعل ذو الرمّة فِراخ القَطَا قبل نهوضها للطَّيرَان مُقْعَدات ، فقال :

إلى مُقعَداتٍ تطرُد الريحُ بالضَّحى

عليهنَّ رَفْضاً من حَصاد القلاقلِ

والمقعَدات : الضَّفادع أيضاً.

وثَديٌ مقعَد ، إذا كان ناهداً.

والقِعدة : ضربٌ من القعود كالجِلسَة.

والقَعْدة : جلسة واحدة. وذو القَعْدة : الشَّهر الذي يلي شوالاً.

وقواعد الهودج : خشَبات معْترضاتٌ في أسفله يركّب عِيدان الهَودج فيها.

أبو عبيد عن أبي عمرو : القعيدة من الرمال : التي ليست بمستطيلة.

وقال ابن دريد : القُعُدات : الرحال والسُّروج.

عمرو عن أبيه قال : المُقعَدة : الدَّوخلة من الخوص. قال : ورجلٌ قُعدَد : لئيم الأصل. وقال : الإقعاد : قلّة الأجداد ، والإطراف كثرة الأجداد ؛ وكلاهما مدحٌ. وقال النضر : القُعدة : أن يقتعد الراعي قَعُوداً من إبله فيركبه. والاقتعاد : الركوب. يقول الرجل للراعي : نستأجرك بكذا وعلينا قُعدتك ، أي علينا مركبك ، تركب من الإبل ما شئت ومتى ما شئت. وأنشد أبو عبيد للكميت :

لم يقتعدها المعجِّلون ولم

يَمسخْ مطاها الوُسوقُ والحَقَبُ

وقال ابن بُزْرُج : قالوا : أقْعَدَ بذلك المكان ، كما يقال أقامَ. وأنشد :

أقعدَ حتّى لم يجد مُقْعندَدا

١٣٩

ولا غداً ولا الذي يلي غدا

وقال ابن الأعرابي في قول الراجز :

تُعجِل إضجاعَ الجَشير القاعدِ

قال : القاعد : الجوالق الممتلىء حبًّا ، كأنّه من امتلائه قاعد. والجشير : الجُوالق.

ورحًى قاعدة : بطحن الطاحن بها بالرائد بيده.

وقال ابن السكيت : يقال : ما تقعَّدني عن ذلك الأمر إلّا شُغل ، أي ما حبسني.

وقال ابن دريد : رجلٌ قُعدُد : قريب من الجدّ الأكبر ، ورجلٌ قُعدُد إذا كان خاملاً.

دعق : أبو حاتم عن الأصمعي : دعق الخيلَ يدعقُها دعقاً ، إذا دفَعها في الغارة. وقال : أساءَ لبيدٌ في قوله :

لا يهمُّون بإدعاق الشَّلَلْ

وقال غيره : دعقَها وأدعقها لغتان.

ويقال دعقت الإبل الحوضَ ، إذا خبطتْه حتى تَثلمه قال : وطريقٌ دعْق ومدعوقٌ ، أي موطوء. ودعقَت الإبلُ الحوضَ دعقاً ، إذا وردَت فازدحمت على الحوضِ. وقال الراجز :

كانت لنا كدَعقةٍ الوِرد الصَّدِي

وقال إسحاق بن الفرج : قال أبو عمرو : طريقٌ مدعوس ومدعوق ، وهو الذي دعقَه الناس. وقال الأصمعي : طريق دَعْسٌ ودعقٌ ، أي موطُوء كثير الآثار.

وفي «نوادر الأعراب» : مداعق الوادي ، ومَثادقه ، ومذابحه ، ومهارقه : مَدافعه.

ويقال أصابتنا دَعقةٌ من مطر ، أي دُفعة شديدة.

دقع : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال للنساء : «إنكنّ إذا جُعْتُنَ دَقِعْتُنَ ، وإذا شبعتُنُّ خجِلتُنَّ» قال أبو عبيد ؛ قال أبو عمرو : الدَّقَع : الخضوع في طلب الحاجة والحرصُ عليها. والخجَل : الكسل والتواني عن طلب الرزق. قال أبو عبيد : والدَّقَع مأخوذ من الدقعاء ، وهو التراب ، يعني أنهنَّ يلصقن بالأرض من الفقر والخضوع. وقال الكميت :

ولم يَدقعوا عندما نابهم

لوقْع الحروب ولم يخجلوا

يقول : لم يستكينوا للحرب.

وقال ابن الأعرابي : الدَّقَع : سوء احتمال الفقر. والخجَل : سوء احتمال الغنى.

أبو عبيد عن الأحمر : الجُوع الدَّيقوع : الشديد ، وهو اليرقوع أيضاً.

وقال النضر : جوعٌ أدقَع ودَيْقوع ، وهو من الدَّقعاء.

أبو عبيد : قال الفراء : المداقيع : الإبل التي تأكل النّبتَ حتّى تُلصقَه بالأرض. وقال أبو زيد : أدقعَ إليَّ فلانٌ في الشتيمة ، إذا لم يتكرَّم عن قبيح القول ولم يألُ قَذْعاً. والمُدقِع : الفقير الذي قد لصِق بالتُراب من الفقر.

وقال الليث : الداقع من الرجال : الذي يطلب مداقّ الكَسْب. قال : والداقع : الكئيب المهتمُّ أيضاً.

وقال شمر : أدقعَ فلانٌ فهو مُدقع ، إذا

١٤٠