تهذيب اللغة - ج ١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

الفاجرة العَيهَرَةُ. قالا : والياء فيها زائدة ، والأصل عَهَرة مثل ثمرة.

وأخبرني المنذريّ عن المفضّل بن سلمة أنه قال : لقي عبدُ الله بن صفوان بن أمية أبا حاضرٍ الأسيِّديّ ـ أسيّد بن عمرو بن تميم ـ فراعَه جمالُه فقال له : ممن أنت؟ قال : من بني أسيِّد بن عمرو ، وأنا أبو حاضر. فقال : أُفَّةً لك : عُهيرَةٌ تيّاس. قال أبو طالب : والعُهَيرة : تصغير العَهِر. قال : والعَهر : العاهر ، وهو الزّاني.

وقال ابن شُميل : قال رؤبة : العاهر : الذي يتبع الشرَّ ، زانياً كان أو سارقا.

وقال الليث : العَيْهرة من النساء : التي لا تستقرُّ نَزَقاً في مكانٍ في غير عِفّة.

هعر : قال الليث : يقال هيعرت المرأة وتهيعرت ، إذا كانت لا تستقرُّ في مكان.

قلت : كأنَّه عند الليث مقلوب من العيهرة ، لأنه جعل معناهما واحداً.

هرع : أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : يقال : للمجنون : مهروع مخفوع ممسوس.

وقال غيره : الهَرِعة من النساء : التي تُنزِل حين يخالطها الرجل قبلَه شَبَقاً وحِرصاً على جماعه إياها. والهَيْرَع : الرجل الجَبان ومنه قول ابن أحمر

ولستُ بهَيْرَعٍ خَفِقٍ حَشَاهُ

إذا ما طيّرتْه الريحُ طارا

وأما قول الله عزوجل : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) [هُود : ٧٨] فإنّ أبا الفضل أخبرني عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال : الإهراع : إسراعٌ في طمأنينة. ثم قيل له : إسراع في فَزَع؟ فقال : نعم.

وقال الكسائيّ : الإهراع : إسراعٌ في رِعدة. وقال المهلهل :

فجاءوا يُهرَعون وهم أسارَى

نَقُودهم على رغم الأنوفِ

وقال الليث : «يُهرَعون وهم أُسارى» ، أي يساقون ويعجّلون. يقال هُرِعوا وأهرِعوا قال : وإذا أشرعَ القومُ رماحَهم ثمَّ مضَوا بها قيل : هرّعوا بها. وقد تهرَّعت الرِّماحُ ، إذا أقبلت شَوارع. وأنشد قوله :

عند البديهة والرماح تهرّع

قال : ورجلٌ هَرِع : سريع البكاء.

أبو عبيد عن الأصمعي وأبي عمرو : الهَرِع : الجاري ، وقد هَرع وهَمع ، إذا سال. قالا : وريحٌ هَيْرَعٌ : تَسْفِي التراب.

وروى أبو تراب لأبي عمرٍو قال : المهروع : المصروع من الجهد. وقاله الكسائيّ.

وقال أبو عمرو : الهَيرع والهَيْلع : الضعيف ، وقال الباهليّ : هي الفَرَعة والهَرَعَة ، للقملة الصغيرة.

وقال أبو سعيد : هي الفَرْعة والهَرْعَة.

أبو عبيد عن أبي زيد : أُهرِع الرجلُ إهراعاً ، إذا أتاك وهو يُرعَد من البرد.

وقد يكون الرجلُ مُهرَعاً من الحمَّى والغَضَب ، وهو حين يُرعَد. والمُهرَع أيضاً : الحريص جاء به كلِّه أبو عبيد في باب ما جاء في لفظ مفعول بمعنى فاعل.

هعر : قال بعضُهم : الهَيْعرونُ : الدَّاهية. ويقال للعجوز المسنَّة هَيعرون ، كأنَّها

١٠١

سمِّيت بالداهية.

قلت : ولا أحقُ الهَيعَرون ولا أُثبته ، ولا أدري ما صحّته.

باب العين والهاء مع اللام

[ع ه ل]

استعمل من وجوهه : عله ، عهل ، لهع ، هلع.

عله : أبو عبيد قال : العَلِهُ : الذي يتردّد متحيّراً ، والمتبلّد مثله. ومنه قول لبيد يصف بقرة وحشيةً أكل السباعُ ولدَها :

عَلِهت تبلَّدُ في نِهاء صُعائدٍ

سَبعاً تُؤاماً كاملاً أيامُها

وقال غيره : فرسٌ عَلْهَى : نشيطة نزقة.

وقال الليث : العَلْهان : مَن تنازعه نفسُه إلى الشرّ. والفعلُ عَلِهَ عَلَهاً. قال : والعَلْهان : الجائع ، والمرأة عَلْهَى. قال : والعَلَه أصله الحِدّة والانهماك وأنشد :

وجُردٍ يَعْلَهُ الداعي إليها

متى ركب الفوارسُ أو متى لا

قال : والعَلْهان. الظَّليم. والعالِهُ : النّعامة. قال : والعَلَه أيضاً : خُبثُ النفْس وأذى الخُمار.

وقال أبو سعيد : رجلٌ عَلْهان عَلَّان.

فالعَلْهان : الجازع والعَلَّان : الجائع.

وقال شمر : قال خالد بن كلثوم : العَلْهاء : ثوبان يُندَف فيهما وبر الإبل يلبسهما الشُّجاع تحت الدِّرع يتوقّى بهما من الطعن. وقال عمرو بن قمئة :

وتَصَدَّى لِتَصرَعَ البَطَلَ الأر

وَعَ بين العَلْهاء والسِّربالِ

وقال شمر في كتابه في السلاح : من أسماء الدروع العلماء بالميم ، قال : ولم أسمعه إلا في بيت زهير بن جَنَاب :

وتصدَّى لتصرعَ البَطلَ الأر

وَعَ بين العَلْماء والسِّربالِ

قال : تصدَّى يعني المنية لتصيب البطل المتحصِّن بدرعه وثيابه. وقرأت القول الأول له بخطِّه أيضاً في كتابه «غريب الحديث» فظننتُ أنه رواه مرة بالهاء ومرة بالميم.

عهل : أبو عبيد : العيهل : السريعة من الإبل.

وقال الليث مثله. قال : وامرأة عيهلة : لا تستقرّ نَزقاً تَرَدَّدُ إقبالاً وإدباراً. قال : ويقال للمرأة عيهل وعيهلة ، ولا يقال للناقة إلا عيهل. وأنشد :

ليَبكِ أبا الجدعاء ضيفٌ مُعيَّلٌ

وأرملةٌ تغشى الدَّواخنَ عَيهلُ

وأنشد غيره :

فنعم مُناخ ضِيفانٍ وتَجْر

ومُلقَى زِفر عيهلةٍ بَجَالِ

وقال شمر : ناقة عَيْهلة : ضخمة عظيمة.

قال : ولا يقال جمل عيهل ، ويقال ناقة عيهلة وعَيهل ، وقال عبد الله بن الزبير الأسديّ :

جُماليّة أو عَيْهل شَدْقمية

بها من نُدوب النِّسعِ والكُور عاذرُ

لهع : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : في فلانٍ لهيعةٌ ، إذا كان فيه فترة وكسل.

وقال الليث : اللهِع من الرجال :

١٠٢

المسترسل إلى كلٍّ. وقد لَهِعَ لَهَعاً ، فهو لَهِعٌ ولهيع.

وقال غيره : رجلٌ فيه لَهيعةٌ ولهاعةٌ ، أي غفلة. وقيل : اللهِيعة : التَّواني في الشراء والبيع حتَّى يُغبَن.

وقال الأصمعيّ : تَلَهْيَعَ في كلامه ، إذا أفرطَ ، وكذلك تَبلتَعَ. قال : ودخل مَعْبَد بن طَوق العنبريّ على أمير فتكلَّم وهو قائمٌ فأحسن ، فلما جلس تَلهيَعَ في كلامه فقيل له : يا معبد ، ما أظرفك قائماً وأمْوَقك جالساً! فقال : إذا قُمت جَدَدْت ، وإذا جلستُ هزلت.

هلع : قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) [المعَارج : ١٩]. أخبرني المنذريّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء أنه قال : الهَلُوع : الضَّجور ، وصفتُه كما قال الله تعالى ذكره : (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) [المعَارج : ٢٠ ، ٢١]. فهذه صفة الهَلُوع. وقد هَلِعَ يَهلَعُ هَلَعاً.

وروى أبو العباس عن سلمة عن الفراء أنه قال : ناقة هِلواعٌ ، وهي التي تضجر فتسرع بالسير.

وقال أبو إسحاق : الهَلُوع : الذي يفزع ويجزع من الشر.

وقال الليث : ناقة هِلواعٌ : حديدة سريعة مِذعان. قال الطِّرِمَّاح :

قد تبطّنتُ بهِلواعةٍ

عُبْرِ أسفارٍ كَتوم البُغامْ

وقد هَلْوَعَتْ هَلْوعةً ، إذا مضت وجدَّت.

قال : والهوالع من النَّعام ، الواحدة هالع وهالعة ، وهي الحديدة في مُضيِّها. وأنشد الباهليُّ قول المسيَّب بن عَلَس يصف ناقةً شبَّهها بالنعامة :

صَكَّاء ذِعلبة إذا استدبرتَها

حَرَج إذا استقبلتها هِلواعِ

قال : وقال الأصمعيّ : ناقة هِلواعٌ : فيها نَزَق وخِفّة. وقال غيره : هي النَّفور وقال الباهليّ : قوله «صَكّاء» شبّهها بالنعامة ثم وصفَ النعامة بالصَّكَك ، وليس الصكَّاء من صفة الناقة.

أبو عبيد عن أبي زَيد : يقال : ما لَهُ هِلّع ولا هِلّعة ، أي ماله جدي ولا عَنَاق.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الهَوْلع : الجَزَع.

وقال أبو الوازع عن الأشجعيّ : رجلٌ هَمَلَّع وهَوَلَّعٌ ، وهو من السُّرعة.

وقال غيره : ذئبٌ هُلَعٌ بُلَع. والهُلَع : الحريص على الشيء. والبُلَع من الابتلاع.

باب العين والهاء مع النون

[ع ه ن]

استعمل من وجوهه : عهن ، هنع ، نهع.

عهن : أبو العباس : عن سلمة عن الفراء : فلان عاهن ، أي مسترخٍ كسلان. وقاله ابن الأعرابي. وقال أبو العباس : أصل العاهن أن يتقصَّف القضيب من الشجرة ولا يَبِين منها فيبقى معلَّقاً مسترخياً. قال : والعاهن في غير هذا : الطَّعام الحاضر ، والشَّراب الحاضر.

وقال أبو عبيد : العاهن : الحاضر. وأنشد قول كثير :

١٠٣

وإذ معروفُها لك عاهنُ

قلت : ورأيت في البادية شجرةً لها وردة حمراءُ يسمُّونها العِهْنة.

والعِهْنُ : الصُّوف المصبوغ ألواناً ، وجمعه عُهونٌ. ومنه قوله جلَّ وعزَّ : (كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القَارعَة : ٥].

وقال الليث : يقال لكلّ صُوفٍ عِهنٌ ، والقطعة عِهنة وأنشد أبو عبيدٍ :

فاضَ فيه مثلُ العهون من الرَّوْ

ضِ وما ضَنَّ بالإخاذ غُدُرْ

وقال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : يقال للسَّعَفات اللواتي يَلِينَ القِلَبةَ العَواهن في لغة أهل الحجاز قال : وأمّا أهل نجد فيسمُّونها الخَوَافي.

قال : وقال أبو عمرو الشيبانيّ : العَواهن : عُروق في رحم الناقة. وقال ابنُ الرِّقاع :

أوكَتْ عليه مَضِيقاً من عواهنها

كما تضمَّنَ كشحُ الحُرَّةِ الحبَلَا

«عليه» : على الجنين. وقال شمر : قال ابن الأعرابي : عَواهنها : موضع رحمها من باطن ، كعواهن النخل.

وقال أبو الجراح : عَهَنت عواهنُ النخل تَعهَنُ ، إذا يبِست. قال : وهي الجرائد.

وقال أبو زيد : رمَى بالكلام على عواهنه ، إذا لم يبال أصابَ أم أخطأ.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العِهَان والإهان ، والعُرهون والعُرجون ، والفِتاق ، والعَسَق ، والطَّريدة ، واللَّعِين ، والضِّلَع والعُرجُدُّ ، واحد.

قلت : والكلُّ أصل الكِباسة وقال ابن الأعرابي : ويقال إنه ليَحْدِسُ الكلامَ على عواهنه ، وهو أن يتعسَّف الكلامَ ولا يتأتّى. ويقال إنّه لعِهْنُ مالٍ ، إذا كان حسنَ القيام عليه. ويقال : خُذْ من عاهن المال وآهنِه ، أي من عاجله وحاضره. ويقال عَهنتُ على كذا أعْهَنُ ، المعنى أي أُثبِّى منه مَعرِفةً.

هنع : أبو عبيد عن أبي زيد : الهَنْعَة من سمات الإبل في منخفض العنق ؛ يقال بعير مهنوع ، وقد هُنِع هَنْعاً.

والهَنْعة : كوكبان أبيضان بينهما قِيدُ سَوط يَطلُعان على إثر الهَقْعة في المجرَّة. وقال بعضهم : الهَنْعة قوس الجوزاء يرمِي بها ذراعَ الأسد ، وهي ثمانية أنجم في صورة قوس.

والهَنَع : تطامنٌ والتواءٌ في عُنق البعير.

وقد هَنِع هَنْعاً. وظليمٌ أهنَع ونعامةٌ هَنْعاء ، وهو التواءٌ في عنقها حتى يقصر لذلك عما يفعل الطائر الطويل العنق من بنات الماء والبرّ.

وفي الحديث ذكر رجل فيه هَنَعٌ قال شمر : الهَنَع : أن يكون فيه انحناءٌ قليل مثل الجنأ. وقال رؤبة :

والجنّ والإنس إليها هُنَّعُ

أي خُضوع.

وقال أبو زيد : الهَنْعاء من النوق : التي انحدرت قَصَرتُها وأشرفَ حاركُها. وقال بعض العرب : ندعو البعير القائل بعنقه إلى الأرض أهنَع ، وهو عيبٌ. قال : والهَنَع في العُفر من الظّباء خاصّة دون الأُدْم ، وذلك أنّ في أعناق العُفْر قِصَراً. قاله ابن الأعرابي.

١٠٤

نهع : قال الليث : نهع يَنهَع نُهوعاً ، إذا تهوَّع للقيء ولم يَقْلِسْ شيئاً.

قلت : هذا حرف مُريبٌ ولا أحقّه.

باب العين والهاء مع الفاء

[ع ه ف]

عفه : أهمله الليث وغيره. وروَى بعضهم بيت الشَّنفرَى :

عُفاهيّة لا يُقصر السِّترُ دونَها

ولا تُرتجى للبيت ما لم تُبَيِّتِ

قيل العُفاهيّة : الضَّخمة ، وقيل هي مثل العُفاهمة. يقال عَيش عُفاهمٌ ، أي ناعم.

قلت : أمّا العُفاهية فلا أعرفها ، وأما العُفاهمة فمعروف صحيح.

باب العين والهاء مع الباء

[ع ه ب]

استعمل من وجوهه : هبع ، عهب.

هبع : أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الهُبَع : الحُوار الذي يُنْتج في الصيف في آخر النِتاج ، والأنثى هُبَعة. وسمِّي هُبَعاً لأنه يهبَع إذا مشَى ، أي يمدُّ عنقَه ويتكاره ليدرك أمّه.

وأنشد الأصمعي :

كأنَّ أوبَ ضَبْعِه المَلَّاذِ

ذَرعُ اليمانينَ سَدَى المِشواذِ

يستهبع المُواهِقَ المحاذي

عافيهِ سَهواً غير ما إجراذِ

قوله «يستهبع المواهق» أي يُبطره ذَرْعَه فيحمله على أن يهبع. والمواهقُ : المبارى.

وقيل الحُمُر كلُّها تَهبَع في مشيتها ، أي تمدّ عنقَها.

وقال ابن السكيت : العرب تقول : ما له هُبَع ولا رُبَع. فالرُّبع : ما نُتج في أوّل الربيع. والهُبَع : ما نتج في الصَّيف. قال : وقال الأصمعيّ : سألت جبر بن حبيب : لمَ سُمِّي الهُبَع هُبَعاً؟ فقال لأنّ الرِّباعَ تنتج في رِبْعيّة النّتاج ، أي في أوله ، ويُنتَج الهُبَع في الصيفية ، فإذا ماشَى الرِّباعَ أبطرْنَهُ ذَرْعَه لأنَّها أقوى منه فهَبَع ، أي استعان بعنقه في مِشيته.

عهب : أبو العباس عن عمرو عن أبيه أنه قال : أتيتُه في رُبَّى شبابه ، وحِدْثَى وعِهِبَّى شبابه وعِهِبَّاء شبابه ، يقصر ويمد. وأنشد :

على عِهِبَّى عَيشِها المخرفَجِ

وقال أبو عمرو : يقال عَوهَبَه وعَوهَقَه ، إذا ضلَّله. وهو العِيهابُ والعِيهاق.

وقال الليث : العيهب : الضَّعيف من الرجال عن طلبِ وِتره. وأنشد :

حللتُ به وِتري وأدركتُ ثُؤرتي

إذا ما تناسَى ذَحلَه كلُ عَيهبِ

وقال أبو زيد : عَهِبتُ الشيءَ أعهبَه ، وغَهِبته أغهَبه ، إذا جهلته. وأنشد :

وكائن ترى من آمل جمع همةٍ

تقضَّت لياليه ولم تقضَ أنحبُهُ

لُمِ المرءَ إن جاءَ الإساءة عامداً

ولا تُحْفِ لوماً إنْ أتى الذنبَ يَعهبُه

أي يجهله. وكأنَ العيهب مأخوذ من هذا.

١٠٥

قلت : والمعروف في هذه الحروف الغين ، وقد أوضحتُه في بابه.

باب العين والهاء مع الميم

[ع ه م]

استعمل منه : عهم ، عمه ، همع ، مهع.

همع : أبو عبيد عن أبي عمرو : هَمَعت عينُه إذا سالت دموعها. وقال : غيره : تهمَّع الرجلُ إذا تباكى. وسحابٌ هَمِعٌ : ماطر.

وإذا سقط الطَّلُّ على الشجر ثم سال قيل : هَمَع. وقال العجَّاج :

بادَرَ مِن ليل وطَلٍ أهمعا

الليث : الهَيْمَع : الموتُ الوحِيُ. قال : وذبحه ذبحاً هيمعاً ، أي سريعاً.

قلت : هكذا قال الليث الهيمع بالعين والياء قبل الميم. وقال أبو عبيد : سمعت الأصمعي يقول الهِمْيع : الموت. وأنشد للهذلي :

من المُربِعين ومن آزلٍ

إذا جنَّه الليلُ كالناحط

قبله :

إذا وَرَدُوا مِصرهم عُوجلوا

من الموت بالهِميعِ الذَّاعطِ

هكذا رواه الرواة بكسر الهاء والياء بعد الميم.

قلت : وهو الصواب. قلت : والهيمع عند البصراء تصحيف.

مهع : وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : المَهْع ، الميم قبل الهاء : تلوُّن الوجه من عارضٍ فادح. وأمّا المَهْيَع فهو مَفعَل من هاع يهيع ، والميم ليست بأصليّة.

عمه : قال الله جلّ وعزّ : (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [البَقَرَة : ١٥] قال أهل اللغة :

العَمِه والعامه : الذي يتردّد متحيّراً لا يهتدي لطريقه ومذهبِه. وقال رؤبة :

ومَهمهٍ أطرافُه في مَهمهِ

أعمى الهُدى بالجاهلين العُمَّهِ

ومعنى (يَعْمَهُونَ) يتحيّرون. وقد عَمِه يعمَه عَمَهاً. وقال بعضهم : العَمَه في الرأي والعَمَى في البصر.

قلت : ويكون العَمَى عَمَى القلب ، يقال رجلٌ عَمٍ ، إذا كان لا يبصر بقلبه.

عهم : أبو عبيد : ناقة عَيْهم عيهل ، وهي السَّريعة.

وقال غيره : عَيهم : موضع بالغَور من تِهامة.

وروى ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العَهْميُّ الضَّخم الطويل.

وقال ابن شميل : العَيهمانُ : الرجل الذي لا يُدلج ، ينام على ظهر الطريق. وأنشد :

وقد أُثيرُ العَيهَمانَ الراقدا

قال : والعياهيم : نجائب الإبل ، وقيل العياهيم الشدادُ من الإبل ، الواحد عَيهم وعيهوم. ويقال للفِيل الذكر عَيْهم.

وقال الليث : ناقة عيهامة : ماضية. قال : وعيهمتها : سرعتها. وجمعها عياهيم.

وقال ذو الرمّة :

هيهات خَرقاءُ إلّا أن يُقرِّبَها

ذو العرش والشَّعشعاناتُ العياهيمُ

١٠٦

وقال غيره : العَيهوم : الأديم الأملس.

وأنشد لأبي دُوَاد :

فتعفَّت بعد الرَّباب زماناً

فهي قَفرٌ كأنَّها عيهومُ

وقيل شبّه الدار في دروسها بالعَيْهم من الإبل ، وهو الذي أنضاه السَّيرُ حتّى بلّاه ، كما قال حُميد بن ثور :

عَفَتْ مثلما يَعفُو الطَّليحُ وأصبحتْ

بها كِبرياءُ الصَّعب وهي رَكوبُ

أبواب العين والخاء وما يليهما من الحروف

ع خ غ : مهمل ع خ ق : مهمل

ع خ ك : مهمل ع خ ج : مهمل

باب العين والخاء مع الشين

[ع خ ش]

استعمل من وجوهه : خشع.

وأهملت الوجوه الأُخر.

خشع : في الحديث : «كانت الكعبة خُشعةً على الماء ـ وبعضهم رواه : كانت حَشَفة ـ فدُحِيتْ منها الأرض».

وسمعتُ العرب تقول للحَثْمة اللاطئة بالأرض : هي الخُشْعة ، وجمعها خُشَع.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الخُشعة : الأكَمة. قال : وهي الحَثْمة ، والسَّرْوَعة ، والصائدة ، والقائدة.

وقال شمر : قال أبو زيد : خشعت الشمس وكَسفَتْ وخسفت بمعنًى واحد.

قال : وقال أبو صالح الكلابيّ : خشوع الكواكب إذا غارت فكادت تغيب في مَغيبها. وأنشد :

بدر تَكاد له الكواكبُ تخشعُ

وقال أبو عدنان : خشعت الكواكب ، إذا دنت من المغيب. وخضعت أيدي الكواكب ، إذا مالت لتغيب.

وقال الله جلّ ثناؤه : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) [القَمَر : ٧] وقرىء : (خاشعاً أبصارهم). قال الزجاج : نَصب خُشَّعاً على الحال ، المعنى يخرجون من الأجداث خُشَّعاً. قال : ومن قرأ خاشعاً فعلى أنَّ لك في أسماء الفاعلين إذا تقدّمت على الجماعة التوحيد نحو (خاشعاً أبصارهم) ، ولك التوحيد والتأنيث لتأنيث الجماعة كقولك : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ). قال : ولكَ الجمع نحو (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) [القَمَر : ٧] تقول مررت بشبابٍ حسن أوجههم ، وحسانٍ أوجههم ، وحسنة أوجههم. وأنشد :

وشبابٍ حَسَنٍ أوجهُهم

من إياد بن نزار بن مَعَدّ

وقال جلّ وعزّ : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) [طه : ١٠٨] أي سكنت. وكلُّ ساكن خاضع خاشع.

والتخشُّع لله : الإخبات والتذلُّل.

وإذا يبست الأرض ولم تُمطَر قيل : قد خشعت. قال الله تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) [الحَجّ : ٥]. سمعتُ العربَ تقول : رأيت أرض بني فلانٍ خاشعةً هامدة ما فيها خضراء. وخشَعَ سَنامُ البعير ، إذا أُنضِيَ

١٠٧

فذهب شحمُه وتطأطأ شرفُه. وجِدار خاشع ، إذا تداعى واستوى مع الأرض.

وقال النابغة :

ونُؤيٌ كجِذم الحوضِ أثلم خاشعُ

قال الليث : خشع الرجل يخشَع خشوعاً ، إذا رمَى ببصره إلى الأرض. واختَشَع ، إذا طأطأ صدره وتواضع. قال : والخُشُوع قريبٌ من الخضوع ، إلّا أن الخضوع في البدن والإقرار بالاستخداء ، والخشوع في البدن والصَّوت والبصر. قال الله : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) [طه : ١٠٨] : وقال ابنُ دَريد : خشَع الرجل خَراشيَّ صدرِه ، إذا رمَى بها.

قلت : جعل خشَع واقعاً ، ولم أسمعه لغيره.

باب الخاء والعين مع الضاد

[ع خ ض]

استعمل من وجوهه : خضع : قال الله جلّ وعزّ : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشُّعَرَاء : ٤]. أخبرني المنذري عن أبي جعفر الغسّاني عن سَلَمة عن أبي عبيدة ، أن يونس أخبره عن أبي عمرو أنه قال : خاضِعِينَ ليس من صفة الأعناق ، إنما هو من صفة الكناية عن القوم الذين في آخر الأعناق ، فكأنه في التمثيل : فظلَّت أعناق القوم خاضعين ، فالقومُ في موضع هم.

وقال الكسائيّ : أراد فظلت أعناقُهم خاضِعِيها هم ، كما تقول : يدُك باسطها ، تريد أنت ، فاكتفيتَ بما ابتدأتَ من الاسم أن تكُرَّه.

قلت : وهذا غير ما قال أبو عمرو.

وقال الفراء : الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون. فجعلَ الفعلَ أوّلاً للأعناق ثم جعل خاضعين للرجال. قال : وهذا كما تقول : خضعت لك ، فتكتفي من قولك خضعَتْ لك رقبتي.

وقال أبو إسحاق : قال خاضعين وذكّر الأعناق ، لأن معنى خضوع الأعناق هو خضوع أصحاب الأعناق ، لمَّا لم يكن الخضوع إلّا بخضوع الأعناق جاز أن يخبر عن المضاف إليه ، كما قال الشاعر :

رأت مَرَّ السِّنينَ أخذْنَ منّي

كما أخذَ السِّرارُ من الهلالِ

لمّا كانت السنون لا تكون إلا بمرّ أخبر عن السنين وإن كان أضافَ إليها المرور.

قال : وذكر بعضُهم وجهاً آخر ، قالوا : معناه فظلت أعناقهم لها خاضعين هم ، وأضمر «هُمْ» وأنشد :

ترى أرباقَهم متقلِّدِيها

كما صَدِىء الحديدُ على الكُماةِ

قال : وهذا لا يجوز مثلُه في القرآن. فهذا على بدلِ الغلَط يجوز في الشعر ، كأنه قال ترى أرباقهم ترى متقلّديها ، كأنه قال : ترى قوماً متقلّدي أرباقهم.

وقلت : وهذا الذي قاله الزجاج مذهب الخليل. ومذهب سيبويه أنّ بدل الغلط لا يجوز في كتاب الله عزوجل.

قلت : وخضَع في كلام العرب يكون لازماً وواقعاً ، تقول خضعتُه فخضَع ومنه قول جرير :

١٠٨

أعدّ الله للشعراء منّي

صواعقَ يَخضَعون لها الرقابا

فجعله واقعاً متعدياً. ويقال خضع الرجلُ رقبتَه فاختضعَتْ وخضَعت.

وقال ذو الرمّة :

يظلُ مختضِعاً يبدو فتنكرهُ

حالاً ويسطع أحياناً فينتسبُ

مختضعاً : مطأطىء الرأس. والسُّطوع : الانتصاب ، ومنه قيل للرجلِ الأَعنَق : أسطع. وفي حديث عمر أن رجلاً في زمانه مرّ برجلٍ وامرأة قد خَضَعا بينهما حديثا ، فضربَ الرجلَ حتّى شجَّه ، فرُفِع إلى عُمرَ فأهدرَه.

شِمر عن ابن الأعرابي قال : العرب تقول : اللهم إني أعوذ بك من الخُنوع والخضوع. فالخانع : الذي يدعو إلى السَّوءة ، والخاضع نحوه. وقال رؤبة :

مِن خالباتٍ يختلبن الخُضعا

قال ابن الأعرابي : الخُضَّع : اللواتي قد خضَعن بالقول ومِلْن. قال : والرجل يخاضع المرأة وهي تخاضعه ، إذا خضَع لها بكلام وخضعتْ له فيطمع فيها. ومن هذا قول الله عزوجل : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزَاب : ٣٢].

وقال الكميت يصف نساءً ذواتِ عفاف :

إذْ هُنّ لا خُضُع الحدي

ث ولا تكشَّفت المَفاضِل

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الاختضاع : المرّ السريع.

وأنشد في صفة فرسٍ جواد :

إذا اختلط المسيحُ بها تولّت

بسَومٍ بين جَرْيٍ واختضاعِ

المسيح : العَرق يقول : إذا عرقت أخرجت أفانينَ جَريها.

أبو عبيد : الخَيضَعة : البيضة.

وروى أبو العباس عن الأثرم عن أبي عبيدة قال : يقال لبيضة الحديد الخَيضَعَة ، والرّبيعة. وأنشد :

والضاربون الهامَ فوق الخيضَعَهْ

وقال شمر : قال ابن الأعرابيّ : الخيضعة : الغُبار. قال : وقال أبو عمرو : هو صوت القتال. قال : وقال الليث : الخيضعة حيث يخضع الأقرانُ بعضُهم لبعض. قال : ويقال «للسّيوف خَضَعة» ، وهو صوت وقعها.

أبو عبيد عن أبي زيد قال : الخَضِيعة : صَوتٌ يخرج من قنْب الفرس الحِصانِ ، وهو الوقيب. وأنشد :

كأن خَضِيعةَ بطن الجوا

دِ وعوعةُ الذئب في الفدفدِ

والأخضع من الرجال : الذي فيه جَنَأٌ ، وقد خَضِع يخضَع خَضَعاً ، فهو أخضَع.

وخضَعت أيدي الكواكب ، إذا مالت لتغيب. وقال ابن أحمر :

تكاد الشمس تخضع حين تبدو

لهنَّ وما وَبِدنَ وما لُحِينا

وقال ذو الرمة :

إذا جعلت أيدي الكواكب تخضعُ

وخضعت الإبل ، إذا جَدَّت في سيرها. وقال الكُميت :

١٠٩

خواضع في كلِّ ديمومة

يكاد الظليم بها ينحَلُ

وإنَّما قيل ذلك لأنّها خضعت أعناقَها حين جدّ بها السَّير. ومنه قول جرير :

ولقد ذكرتكِ والمطيُ خواضعٌ

وكأنهنّ قطا فلاةٍ مَجهلِ

ع خ ص ـ ع خ س

أهملت وجوهها.

باب العين والخاء مع الزاء

[ع خ ز]

استعمل من وجوهه [خزع].

خزع : يقال خَزَعت الشيء فانخزعَ ، كقولك قطعته فانقطع وخزَّعتُ اللحم تخزيعاً ، إذا قطّعته قِطَعاً. ويقال : تخزّعت من فلانٍ شيئاً ، إذا أخذته منه. وهذه خِزْعة لحم تخزَّعتها من الجَزُور ، أي اقتطعتها.

وقال مبتكر الكلابي : اختزعتُه عن القوم واختزلته ، إذا قطعته عنهم.

وقال إسحاق بن الفرج : سمعت خليفة الحُصينيّ يقول : اختزعَ فلاناً عِرْقُ سَوء فاختزله ، أي اقتطعه دونَ المكارم وقعدَ به.

وفي «نوادر الأعراب» : يقال به خَزعة ، وبه خَمعة ، وبه خزلة ، وبه قَزْلة ، إذا كان يظلع من إحدى رجليه.

وقال ابن السكيت : قال أبو عيسى : يبلغ الرجلَ عن مملوكه بعضُ ما يكره فيقول : ما يزالُ خُزَعَةٌ خَزَعَهُ ، أي شيء سَنَحه عن الطريق. ومعنى سنَحه أي عَدَله وصرفه ، وهو الرجل. قال : وخزغني ظَلْع في رجلي ، أي قطعني عن المشي.

وقال الليث : يقال خزعَ فلانٌ عن أصحابه ، إذا كان معهم في مَسيرٍ فخنسَ عنهم. قال : وسمِّيت خُزاعة بهذا الاسم لأنّهم لمّا ساروا مع قومهم من مأرِبَ فانتهوا إلى مكّة تخزَّعوا عنهم فأقاموا ، وسار الآخرون إلى الشام. وقال حسان :

فلما هبَطْنا بطْنَ مرٍّ تخزَّعتْ

خُزاعةُ عنّا بالحُلول الكَراكرِ

وقال ابن السكيت : قال ابن الكلبي : إنَّما سُمُّوا خُزَاعة لأنهم انخزعوا من قومهم حين أقبلوا من مأرب فنزلوا بظاهر مكة.

قال : وهم بنو عمرو بن ربيعة ـ وهو لحيّ ـ ابن حارثة ، أوّل من بَحر البحائر وغيّر دين إبراهيم عَلَيهِ السَّلام.

[ع خ ط]

أهملت وجوهه.

باب العين والخاء مع الدال

[ع خ د]

استعمل من وجوهه : خدع : قال أبو عبيد : قال أبو زيد : يقال خدعته خدعاً وخديعة. وأنشد قول رؤبة :

فقد أُداهي خِدْعَ مَن تخدَّعا

وأجاز غيره خَدْعاً بالفتح.

وقال أبو الحسن اللحياني : يقال خدعَتِ السوقُ وانخدعت ، أي كسدت. قال : وقال أبو الدِّينار في حديثه : والسُّوق خادعةٌ ، أي كاسدة. قال : ويقال رجل

١١٠

خدّاع وخَدُوع وخُدَعة ، إذا كان خَبّاً. والخُدْعة : ما يُخدَع به.

وقال أبو عبيد : سمعتُ الكسائيّ يقول الحربُ خُدَعة. قال : وقال أبو زيد مثلَه خُدَعة. قال : ورجلٌ خُدْعة ، إذا كان يُخدَع. وروى في الحديث : «الحربُ خَدْعةٌ» ، أي ينقضي أمرُها بخَدْعةٍ واحدة وقيل «الحربُ خُدْعة» ، ثلاث لغات ، وأجودها ما قال الكسائيّ وأبو زيد «خُدَعة».

ويقال : خدَعَتْ عينُ الرجل ، إذا غارت.

وخدعَ خَيرُ الرجل ، أي قلّ. وخدعت الضبعُ في وِجارها. وقال أبو العميثل : خَدَعَ الضبُّ إذا دخَلَ في وجارِه ملتوياً.

وخدَع الثعلب ، إذا أخذَ في الرَّوَغان.

ورفعَ رجلٌ إلى عمر ابن الخطّاب ما أهمَّه من قُحوط المطر ، فقال له : «خدَعَتِ الضِّباب وجاعت الأعراب».

والخَدُوع من النُّوق : التي تدُرُّ مرَّةً وترفع لبنَها مرّة. وطريقٌ خَدوع ، إذا كان يَبين مرّةً ويخفى أخرى وقال الشاعر :

ومستكرهٌ من دارس الدَّعس داثرٌ

إذا غفلت عنه العيون خَدوعُ

وقال اللِّحياني : خدعتُ ثوبي خَدْعاً وثنيتُه ثَنْياً ، بمعنى واحد. وخادعت الرجلَ بمعنى خدعته ، وعلى هذا يوجَّه قول الله جلّ وعزّ : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) [النِّساء : ١٤٢] معناه أنهم يقدِّرون في أنفسهم أنهم يخدعون الله والله هو الخادعُ لهم ، أي المجازي لهم جزاءَ خداعهم

وقال شمر : روى الأصمعيُّ بيتَ الراعي :

وخادعَ المجدَ أقوامٌ لهم وَرَقٌ

راحَ العضاهُ به والعرقُ مدخولُ

قال : خادعَ : ترك. قال شِمر : ورواه أبو عمرو : «وخادعَ الحمد» ، قال : وفسَّره أنهم تركوا الحمد ، أي أنهم ليسوا من أهله.

وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الخِداع : المنْع.

والخِداع : الحيلة.

وقال الليث : خادعتُه مخادعةً وخداعاً.

ورجلٌ مخدَّع : خُدِع مراراً. قال : والخَيْدع : الرجل الخدوع. وطريقٌ خَيدعٌ وخادع ، وغَوْلٌ خيدع : جائر عن القصد ولا يُفطَن له.

والأخدعان : عِرْقان في صفحتي العنق قد خفيا وبَطَنا. والأخادعُ الجميعُ. ورجلٌ مخدوع : قد أصيب أخدعُه.

والمُخْدَع والمِخدع : الخِزَانة.

وأخدعتُ الشيء ، إذا أخفيتَه.

ومن أمثال العرب : «أخدع من ضبٍّ حَرشْتَه» ، وهو من قولك خدَع منّي فلان ، إذا توارى ولم يظهر.

وروى ابن الأنباريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الخادع : الفاسد من الطعام وغيره. وأنشد قوله :

إذا الرِّيقُ خَدَعْ

قال أبو بكر : فتأويل قوله جلّ وعزّ : (يُخادِعُونَ اللهَ) [البَقَرَة : ٩] : يفسدون ما يُظهرون من الإيمان بما يُضمِرون من

١١١

الكفر ، كما أفسَد الله نِعَمهم في الدنيا بأن أصارَهم إلى عذاب النار.

وفي حديثٍ مرفوع : «يكون قبل خروج الدجّال سنونَ خَدّاعة» ، قال شِمر : السنون الخوادع : القليلة الخير الفواسد. قال : ويقال السوق خادعةٌ. إذا لم يُقدَر على الشيء إلّا بغلاء. قال : وكان فلانٌ يُعطِي فخَدَعَ ، أي أمسك ومَنَعَ.

وقال ابن الأعرابيّ : خدع الريقُ أي فسد. وقال غيره : نقصَ فتغيَّر. وماءٌ خادعٌ : لا يُهتدى له.

أبو عبيد عن الأحمر : خدعتِ السُّوق ، إذا قامت.

وقال الفراء : بنو أسد يقولون : إنَّ السُّوق لخادع ، وإن السِّعر لخادع. وقد خدعَ إذا ارتفع وغلا.

وقال الأصمعي في قوله «سنون خدّاعة» ، قال : سنون يقلُّ فيها المطر. يقال خدعَ المطرُ إذا قلّ ، وخدع الرِّيقُ في فمه إذا قلّ. وقال غيره : الخدّاعة التي يكثُر فيها المطر ، ويقلُّ النباتُ والرَّيع. كأنّه من الخديعة : والتفسير هو الأول.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الخَدْع : منع الحقّ. والختم : منع القلب من الإيمان.

قال : والخُدَعة هم ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.

ابنُ شميل : رجلٌ مخدَّع ، أي مجرَّس صاحب دهاء ومَكْر ، وقد خُدِّع. وأنشد :

أبايع بَيْعاً من أريب مخدّعِ

وإنه لذو خُدْعة ، وذو خُدَعاتٍ : أي ذو تجريب للأمور.

وبعيرٌ به خادع وخالع ، وهو أن يَزول عَصَبُهُ في وظيف رجله إذا برك. وبه خُويدِع وخُوَيلع والخادع أقلّ من الخالع.

وفلانٌ خادعُ الرأي ، إذا كان متلوِّناً لا يثبت على رأي واحد. وقد خدَعَ الدهرُ ، إذا تلوَّن.

باب العين والخاء مع التاء

[ع خ ت]

استعمل من وجوهه : ختع : أبو عبيد عن الأصمعيّ : دَليلٌ خُتَعٌ ، وهو الماهر بالدّلالة.

وقال الليث : يقال ختع يختع خُتوعاً ، وهو ركوبُ الظُّلمة والمضيّ على القصد بالليل كما يفعل الدليلُ بالقوم. قال رؤبة :

أعيَتْ إدلَّاءَ الفلاة الخُتَّعا

قال : والخُتْعة : النَّمِرة الأنثى. والخَتيعة : تتخذ من أَدمٍ يغشَّى بها الإبهام لرمي السِّهام.

قلت : وقال ابن شميل مثله في الخَتِيعَة.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الخِتاع : الدَّستبانات.

وقال شمر : يقال رجل خُتَعة وخُتَع ، وهو السريع المشي الدَّليلُ. تقول : وجدته خُتَعَ لا سُكَعَ ، أي لا يتحيّر. والخَوتع : الدليل أيضاً. وأنشد

بها يَضِلُ الخَوتعُ المشهَّرُ

والخَوتع : الذُّباب الأزرق ذبابُ العُشْب. ومن أمثالهم : «هو أشأم من خَوتعةَ» ،

١١٢

وكان رجلاً من بني غُفَيلةَ بن قاسط مشئوماً. رواه أبو عبيدٍ عن ابن الكلبيّ.

[ع خ ظ] : مهمل.

باب العين والخاء مع الذال

[ع خ ذ]

استعمل منه : خذع : قال الأصمعي : يقال خذّعته بالسيف تخذيعاً ، إذا قطّعته. وروى بيت أبي ذؤيب الهذليّ :

وكلاهما بطلُ اللِّقاءِ مخذَّعُ

معناه أنه مُعاودٌ للحروب قد جُرح فيها جَرحاً بعد جَرح ، وقد شُطّب بالسيوف.

قال : ومن رواه «مخدَّع» فمعناه المدرّب الذي خُدع مراراً حتى حَذِق.

وقال الليث : الخَذْع قَطع في اللحم ، أو في شيء رَطْب لا صلابة له ، مثل القَرعة تُخذَّع بالسكين ، ولا يكون قطعاً في عظم أو في شيء صُلْب.

وقال غيره : الخَذِيعة : طعام يتّخذ من اللحم بالشام.

وقول رؤبة :

كأنّه حاملُ جنبٍ أخذَعا

قال ابن الأعرابيّ : معناه أنه خُذع لحمُ جنبِه فتدلَّى عنه.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه يقال للشِّواء : المخذَّع ، والمَعلَّس ، والوزيم ، والسَّحساح.

[ع خ ث] : مهمل.

باب العين والخاء مع الراء

[ع خ ر]

استعمل من وجوهه : خرع : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : ثوب مخرَّع : مصبوغ بالخِرِّيع ، وهو العُصْفر.

أبو عبيد عن أبي زيد قال : الخرِيع : الفاجرة من النساء. قال شمر : وكان الأصمعي يكره أن تكون الخريع الفاجرة ، قال : وهي التي تتثنى من اللِّين. وأنشد لُعتْبة بن مرداس يَصِف مِشفر البعير :

تكفُّ شبا الأنياب عنها بِمشْفرٍ

خَريعٍ كسِبْتِ الأحوريّ المخصَّرِ

قال : والخَرَاعة : الرَّخاوة ، وكذلك الخَرَع. ومنه قيل لهذه الشجرة الخِرْوع ، لرخاوته ، وهي شجرة تحمل حَبّاً كأنّه بيضُ العصافير ، يسمَّى السِّمسم الهنديّ.

وقال غيره : يقال للمرأة الشابّة الناعمة اللينة خَرِيع. قال : وبعضهم يذهب بالمرأة الخَرِيع إلى الفجور. وقال كثير :

وفيهنَّ أشباه المها رعَت الملا

نواعمُ بيضٌ في الهوى غير خُرَّعِ

وإنَّما نَفى عنها المقابح لا الممادح. أراد غير فواجر.

ويقال : اخترعَ فلانٌ الباطل ، إذا اخترقه.

والخَرْع : الشقُّ ، يقال خرعته فانخرع ، أي شققته فانشقَّ. وانخرعت القناة ، إذا انشقّت. وانخرعت أعضاءُ البعير ، إذا زالت عن مواضعها. وقال العجاج :

ومن همزنا رأسَه تخرَّعا

١١٣

ورُوي عن بعض التابعين أنه قال : «لا يَجزي في الصَّدقة الخَرِع» ، وهو الفصيل الضعيف. وكلُّ ضعيفٍ خَرِعٌ. وغُصن خَرِعٌ : ليّن ناعم.

وقال الراعي يذكر ماءً :

معانقاً ساق رَيّا ساقُها خَرِعُ

أبو عمرو : الخَرَاوِيع من النساء : الحِسان. وامرأة خِرْوعة : رَخْصة ليّنة.

وقال أبو سعيد : الاختراع والاختزاع : الخيانة والأخذ من المال. وقال ابن شميل : الاختراع : الاستهلاك. وفي الحديث : «إن المُغيبةَ يُنفَق عليها من مال زَوجها ما لم تخترع مالَه». وتقول : اخترع فلانٌ عُوداً من الشجرة ، إذا كسرها.

أبو عبيد عن الكسائيّ : من أدواء الإبل الخُراع ، وهو جنونُها. وناقة مخروعة.

وقال غيره : ناقة خريع ومخروعة ، وهي التي أصابَها خُراع ، وهو انقطاعٌ في ظهرها فتصبح باركةً لا تقوم. قال : وهو مرضٌ يفاجئها فإذا هي مخروعة.

وقال شِمر : قال ابن بزرج : الجنون ، والطُّوفان ، والثَّوَلُ ، والخُراع ، واحد.

وروى أبو سعيد الخُدريّ عن النبي صلّى الله عَلَيه وَسلّم أنه قال : «لو سمع أحدكم ضغطةَ القبر لجزِع» أو «لخَرِع». قال شِمر : من رواه خرِع فمعناه انكسر وضعف. قال : وكلُّ رِخْو ضَعيف خَرِيع وخَرِع. وأنشد لرؤبة :

لا خرِعَ العظم ولا موصَّما

قال : وقال أبو عمرو : الخرِيع : الضَّعيف. وقال أبو النجم يصف جارية :

فهي تَمَطَّى في شباب خِروَعِ

أي ناعم.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : خَرِعَ الرجلُ إذا استرخى رأيه بعد قوّة ، وضُعف جسمهُ بعدَ صلابة. وقيل : الخرَع الدهَش. وقد خرِع خَرَعاً إذا دَهِش.

باب العين والخاء مع اللام

[ع خ ل]

استعمل من وجوهه : خلع ، خعل.

خلع : يقال خلع الرجل ثوبه. وخلعَ امرأته وخالعها ، إذا افتدت منه بمالها فطلَّقها وأبانَها من نَفْسه. وسمِّي ذلك الفراق خُلْعاً لأن الله جلّ وعزّ جعل النساء لباساً للرجال والرجالَ لبَاساً لهنّ ، فقال : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) [البَقَرَة : ١٨٧]. وهي ضجيعته وضَجِيعُه ، فإذا افتدت المرأة بمالٍ تعطيه لزوجها ليُبينَها منه فأجابها إلى ذلك فقد بانت منه وخلع كلُّ واحدٍ منهما لبَاس صاحبه ، والاسم من ذلك الخُلْع والمصدر الخَلْع. وقد اختلعت المرأة منه اختلاعاً ، إذا افتدتْ بمالها. فهذا معنى الخُلْع عند الفقهاء.

والخلع ، بفتح الخاء : اللحم يؤخذ من العظام ويطبخ ويبزّرُ ثم يجعل في وعاءٍ يقال له القَرف ويُتزوّد به في الأسفار. قال ذلك ابن السكيت وغيره.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنّه قال : الخَولع : الفزَع. والخَولع : الرجل الأحمق. والخولع : الحنظل المدقوق الملتوت بما يطيّبه ثم يؤكل ، وهو

١١٤

المبسَّل. قال : والخولع : اللحم يُغلَى بالخَلِّ ثم يُحمل في الأسفار. والخولع : الغُول. والخَولع : الذئب. والخولع : المقامر المحدود الذي يُقْمَر أبداً.

والخولع : الغلام الكثير الجنايات ، مثل الخليع. وأنشد غيره لجرير في الخولع : الفَزَع :

لا يعجبنك أن تَرى لمجاشعٍ

جَلَدَ الرِّجال وفي القلوب الخَولعُ

يعني الفزَع.

وخُلعة المال وخِلعته : خياره. أبو سعيد : سمِّي خِيار المال خُلْعة لأنّه يَخلع قلبَ الناظر إليه. وأنشد الزجاج :

وكانت خُلْعَةً دُهساً صَفايا

يَصُور عُنُوقَها أحوى زَنيم

يعني المِعزَى ، أنَّها كانت خياراً والخِلْعة من الثياب : ما خلعتَه فطرحتَه على آخر أَوْ لم تطرحه.

والخليع : الذي يجني الجنايات يؤخَذ بها أولياؤه فيتبرءون منه ومن جناياته ويقولون : إنّا قد خلعنا فُلاناً فلا نأخُذُ أحداً بجنايةٍ تُجنَى عليه ، ولا نؤاخَذ بجناياته التي يجنيها. وكان يسمَّى في الجاهلية الخليع.

ويقال للذئب خليع. ويقال للشَّاطر من الفتيان : خليع لأنه خَلَعَ رسَنَه. ويقال للصيّاد : خَليع.

والخَلْع كالنَّزْع إلّا أن فيه مُهلة.

وقال الليث : المخلَّع من الناس : الذي كأنَّ به هَبْتَةً أو مَسَّاً. ويقال فلانٌ يتخلَّع في مشيه ، وهو هزُّه يديه. ورجل مخلوع الفؤاد ، إذا كان فزِعاً قال : والمخلَّع من العروض : ضربٌ من البسيط ، كقول الأسود بن يعفر :

ماذا وقوفي على رسمٍ عفا

مُخلَولقٍ دارسٍ مستعجمِ

ويقال : أصابَه في بعض أعضائه خَلْع ، وهو زوال المفاصل من غير بينونة. قال : والبُسرة إذا نضجت كلُّها فهي خالع. وإذا أسفَى السُّنبل فهو خالع. يقال خلَع الزرع يَخلَع خَلاعَةً.

والخَلَعْلَع من أسماء الضِّباع.

ويقال : خَلُعَ الشيْخُ ، إذا أصابه الخالع ، وهو التواء العرقوب. وقال الراجز :

وجُرّةٍ تَنْشُصها فتنتَشِصْ

من خالعٍ يُدركه فيهتبصْ

الجُرَّة : خشبة يثقَّل بها حِباله الصائد ، فإذا نشب فيها الصيد أثقلتْه.

وقال الأصمعي : الخالع من الشجر : الهشيم الساقط.

وقال ابن الأعرابي فيما روى عنه أبو العباس : خَلَعت العضَاهُ ، إذا أورقت. وقال غيره : خلع الشجرُ ، إذا أنبتَ ورقاً طرياً.

والخالع : داء يأخذ في عرقوب الدابة.

وفي حديث عثمان أنّه كان إذا أُتيَ بالرجل الذي قد تخلَّع في الشراب المُسكِر جلدَه ثمانين جلدة.

وقال ابن شميل : معنى قوله تخلَّع في الشراب هو أن يدمنَ فيشربَ الليلَ والنهار. قال : والخليع : الذي قد خلعه أهلُه وتبرَّءوا منه.

ويقال خُلِع فلانٌ من الدِّين والحياء. وقومٌ

١١٥

مبيِّنو الخلاعة.

خعل : أبو عبيد عن أبي عمرو قال : الخَيْعَل : قميص لا كُمَّيْ له. وقال غيره. قد يقلب فيقال الخَيْلع ، وربّما كان غير منصوح الفَرجَيْن. وقال تأبّط شراً :

مَشْي الهَلوكِ عليها الخَيْعَلُ الفُضُلُ

أبو العباس عن سلمة عن الفراء قال : الخَوْعلة : الاختباء من ريبة.

وفي «نوادر الأعراب» : اختلعوا فلاناً ، أي أخذوا ماله.

باب العين والخاء مع النون

[ع خ ن]

استعمل من وجوهه : خنع ، نخع.

خنع : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إنّ أنخعَ الأسماء عند الله أن يتسمَّى الرجلُ باسم مَلِكِ الأملاك» ، وبعضهم يرويه : «إن أخنع الأسماء». قال أبو عبيد : فمن رواه أنخع أراد : إن أفتلَ الأسماء وأهلكَها له. والنَّخْع هو القتل الشديد ، ومنه النَّخْع للذبيحة ، وهو أن يجوز بالذبح إلى النخاع.

ومن روى «إن أخنعَ الأسماء» ، أراد أن أشدَّ الأسماء ذلًّا وأوضعَها عند الله. والخانع : الذليل الخاضع.

أبو العباس عن سلمة عن الفراء عن الدُّبيرية : يقال للجمل المتَنوِّق مخنَّع وموضَّع.

وأخبرني المنذري عن الصيداويّ عن الرياشيّ : رجل ذو خُنُعات ، إذا كان فيه فساد. وقد خنع فلانٌ إلى الأمر السيّء ، إذا مالَ إليه. ويقال : لقيت فلاناً بخَنْعةٍ فقهرته ، أي لقيتُه بخلاء. ويقال لئن لقيتك بخَنْعة لا تُفلتْ منّي. وأنشد :

تمنّيت أن ألقى فلاناً بخَنْعةٍ

معي صارمٌ قد أحدثَتْه صياقلُه

وقال الليث : الخانع : الفاجر. يقال خَنَع إليها ، إذا مال إليها للفجور. واطّلعتُ منه على خَنْعة ، أي على فَجْرة. وقال الأعشى :

ولا يُرَونَ إلى جارَتهم خُنُعا

وخُنَاعة : قبيلة من هُذيل. والنَّخَع : قبيلة من الأزد.

وقال أبو زيد : خنَع له وإليه ، فهو يَخنع خُنوعاً ، إذا ضَرَعَ له وطلب إليه وليس بأهل أن يَطلُب إليه. وأخنعتْه إليه الحاجةُ ، أي اضطرَّتْه ، والاسم الخُنْعَةُ. واطّلعتُ منه على خُنْعة ، أي فَجْرة.

قلت : يقال خَنَعةٌ وخُنْعة للفجرة.

نخع : وفي الحديث : «ألّا لا تخنَعوا الذَّبيحة حتَّى تجِبَ». والنَّخْع للذَّبيحة : أن يَعجَل الذابحُ فيبلغ القطعُ إلى النُّخاع.

والنُّخاع فيما أخبر أبو العباس عن ابن الأعرابي : خيطٌ أبيض يكون داخلَ عظم الرقَبة ، ويكون ممتدّاً إلى الصُّلب. والمَنْخَع : مفصِل الفَهْقة بين الرأس والعُنق من باطن.

وقال ابن الأعرابي : يقال نَخَع فلانٌ لي بحقِّي وبَخَع ، بالباء والنون ، إذا أذْعن.

وهكذا حكى أبو عبيد عن أبي زيد. وقال ابن الأعرابي : الناخع : الذي يبيِّن

١١٦

الأمور. قال : والنِّخاع والنُّخاع : خَيط الفَقَار المتّصل بالدِّماغ.

وتنخَّع السحابُ : إذا قاء ما فيه من المطر.

وقال الشاعر :

وحالكة الليالي من جُمادى

تَنَخَّعَ في جَواشنِها السَّحابُ

باب العين والخاء مع الفاء

[ع خ ف]

استعمل من وجوهه :

خفع : أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : المخفوع : المجنون.

وقال الليث : خُفِع الرجلُ من الجوع فهو مخفوع. وأنشد لجرير :

يمشونَ قد نفخَ الخزيرُ بطونَهم

وغدَوا وضيفُ بني عِقالٍ يُخفَع

قال : وانخفعت رئتُه ، إذا انشقَّتْ من داء يقال له الخُفاع. ورجلٌ خَوفَعٌ ، وهو الذي به اكتئاب ووجوم. وكلُّ من ضعف ووجَم فقد انخفَع وخُفِع ، وهو الخُفَاع.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال انجعفت النَّخلة وانخفعت وانقعرت ، وتجوّخت ، إذا انقلعتْ من أصلها.

باب العين والخاء مع الباء

[ع خ ب]

استعمل من وجوهه : بخع ، خبع ، خعب.

بخع : قال الله عزوجل : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ) [الكهف : ٦] قال الفراء : أي مخرجٌ نفسَك وقاتلٌ نفسَك. وقال الأخفش : يقال بخعت لك نفسي ونصحي ، أي جَهَدتهما ، أبخع بخوعاً.

وفي حديث عائشة أنها ذكرت عُمَر فقالت : «بَخع الأرضَ فقاءت أُكُلَها» ، أي استَخرجَ ما فيها من الكنوز وأموال الملوك. ويقال بخعتُ الأرضَ بالزراعة ، إذا نهكتَها وتابعت حراثتها ولم تجِمَّها عاماً ، وبخعَ الوجدُ نفسَه ، إذا نهكها. وقال الشاعر :

ألا أيُّهذا الباخعُ الوجدِ نفسَه

لشيءٍ نَحتْه عن يديه المقادرُ

وقال أبو زيد : بَخَع له بحقِّه ، إذا أقرَّ.

وبَخَع له بالطاعة بُخوعاً.

وفي حديث عُقْبة بن عامر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أتاكم أهلُ اليمنِ ، هم أرقُّ قلوباً وألينُ أفئدة وأبخعُ طاعة» ورواه نصر بن عليّ بإسنادٍ له ، قال نصر : قلت للأصمعيّ : ما أبخعُ طاعةً؟ قالت : أنصح طاعةً. وقال غيره : أبلغ طاعةً.

خبع : قال الليث : الخَبْع لغة تميم في الخَبْء. وامرأةٌ خُبْعَةٌ خُبأة بمعنًى واحد.

قال : وخبعَ الصبيُ خُبوعاً إذا فُحِم من البكاء ، أي انقطعَ نَفسُه.

خعب : الخَيعابة والخَيعامة : المأبون. وقال تأبط شراً :

ولا خَرعٍ خيعابةٍ ذي غوائل

هَيامٍ كجفْر الأبطح المتَهَيِّلِ

ويروى : «خيعامة».

باب العين والخاء مع الميم

[ع خ م]

استعمل من وجوهه : خمع ، خعم.

١١٧

خمع : أبو عبيد عن الفراء : الخِمْع : الذِّئب ، وجمعه أخماعٌ قال : ومنه قيل للِّصّ خِمْع.

عمرو عن أبيه قال : الخِمع : اللصُّ. والخِمْع : الذئب.

وقال شمر : الخوامع : الضِّباع ، اسمٌ لها لازمٌ ؛ لأنّها تخمع خُماعاً وخَمَعاناً وخُموعاً.

وقال ابن المظفَّر : خَمَع في مشيه ، إذا عَرَجَ. والخُمَاع : العَرَج.

خعم : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الخَيْعامة : المأبون. قال : وقال أبو عمرو : الضَّمَج هَيَجان الخَيْعامة ، وهو المأبون.

وقال ابن الأعرابي : الخوعم : الأحمق.

وروى عمرو بن أبي عمرو عن أبيه قال : الخيعم والخيعامة ، والمجبوس والجَبِيس ، والمأبون والمتدثِّر ، والمِثْفرُ ، والمِثفار ، والممسوح واحد.

قال الليث : وقال الخليل بن أحمد : لم يأتلف العين والغين في شيء من كلام العرب.

[العين مع الغين : مهمل](١)

أبواب العين والقاف

ع ق ك ـ ع ق ج

أهملت وجوهها.

باب العين والقاف مع الشين

[ع ق ش]

عقش ، عشق ، قشع ، قعش ، شقع : مستعملة.

عشق : سئل أبو العباس أحمد بن يحيى عن الحبّ والعِشْق أيهما أحمد؟ فقال الحبّ ؛ لأن العِشق فيه إفراط. قال : وقال ابنُ الأعرابيّ : العُشُق المصلحون غُروسَ الرياحين ومُسوُّوها. قال : والعُشُق من الإبل : الذي يلزم طَروقتَه ولا يحنُّ إلى غيرها. قال : والعَشَق : اللَّبلابُ ، واحدتها عَشَقةٌ. قال والعُشُق : الأراك أيضاً. قال : وسمِّي العاشق عاشقاً لأنّه يذبُل من شدَّة الهوى كما تذبُل العَشقَة إذا قُطعت.

وقال أبو عبيد : امرأةٌ عاشقٌ بغير هاء ، ورجلٌ عاشقٌ مثله.

قلت : والعرب خذَفت الهاء من نعت المرأة من حُروف كثيرة. منها قولهم : «تحسبها حَمقاء وهي باخس». ويقولون : امرأةٌ بالغٌ ، إذا أدركت. ويقولون للأمة خادم ، والرجلُ كذلك في هذه الحروف.

وقال الليث : يقال عَشِق يَعشَق عِشْقاً. قال والعَشَق المصدر والعِشْق الاسم. وقال رؤبة يصف العَير والأتان :

ولم يُضِعْها بين فِركٍ وعَشَق

وقال أبو تراب : العَشَق والعَسَق ، بالشين والسين : اللّزوم للشيء لا يفارقه ، ولذلك قيل للكَلِيفِ عاشقٌ للزومه هواه. والمَعْشَق

__________________

(١) انظر (ص ٤٩) من هذا الجزء.

١١٨

والعِشْقُ واحد وقال الأعشى :

وما بي من سُقْم وما بي مَعْشَقُ

عقش : أبو سعيد : العَقْش : أطراف قُضبان الكرم. وروى أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال العَقَش : ثَمر الأراك ، وهو الحَثَر ، والجَهَاض ، والغَيْلة والكبَاث.

قعش : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القُعوش من مراكب النساء شبه الهوادج ، وقال رؤبة يصف السَّنَة :

حدباء فكّت أُسُر القُعوشِ

قال : واحدها قَعْش.

وقال الليث نحواً مما قاله ، قال : والقَعْش كالقَعْض وهو العطف.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تَقَعْوَشَ البناء وتقعوَسَ ، إذا انهدمَ. قال : وانقعش الحائط ، إذا انقلع. وانقعشَ القومُ ، إذا انقلعوا فذهبوا.

قشع : روي عن أبي هريرة أنه قال : «لو حدّثتكم بكلِّ ما أعلم لرميتموني بالقشع». قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ وغيره :

القِشَع : الجلود اليابسة ، الواحد منها قَشْع.

قال أبو عبيد : وهذا على غير قياس العربية ولكنّه هكذا يقال. وأنشد قول متمِّم يرثي أخاه :

ولا بَرَمٍ تُهدِي النساءُ لعِرْسِهِ

إذا القَشْع من حِسِّ الشتاء تقعقعا

وقال ابن الأعرابيّ : القَشْعة : النُّخامة ، وجمعها قِشَع. كأنّه أراد رميتموني بها استخفافاً بي. وقال غيره : القَشْعة : ما تقلَّف من يابس الطِّين إذا نَشّت الغُدران عنه ورسَب فيها طينُ السَّيل فجفَّ وتشقَّق. وجمعها قِشَع. فكأنه أراد : لو حدثتكم بكلِّ ما أعلم لرميتموني بالحجر والمدر تكذيباً لحديثي. ويقال للجلد اليابس قَشْع وقِشْع.

أبو عبيد عن الكسائي : قشعت الريح السَّحابة فأقشعت. قال : وأقشع القومُ إذا تفرّقوا.

وقال الليث : القَشْع : السَّحاب المتقشِّع عن وجه السماء. قال : وانقشعَ الهمُّ عن القلب. قال : والقَشْعة : قطعةٌ من السحاب ، إذا انقشع الغيم تبقى القَشْعة في نواحي الأفُق. قال : والقَشْعة : بيتٌ من أدَمٍ يُتّخَد من جلود الإبل ، والجميع قَشْع.

قال : وربّما اتُّخِد من جلود الإبل صِوانٌ للمتاع يسمَّى قَشْعاً.

قال شمر : قال ابن المبارك : القَشْعة : النِّطَع. قال : وقال غيره : هي القِربة البالية.

قال : ومات رجلٌ بالبادية فأوصى أن ادفنوني في مكاني هذا ولا تنقُلوني عنه ، فقال :

لا تَجْتَوِي القَشْعةُ الخرقاءُ مَبناها

الناس ناسٌ وأرض الله سَوَّاها

قال : الخرقاء : المتخرِّقة. وقوله مبناها ، يعني به حيث بُنِيت القَشْعة. قال : والاجتواء : ألّا يوافقَك المكانُ ولا ماؤه.أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : القِشَع : الأنطاعُ المُخْلِقة. قال : وقول أبي

١١٩

هريرة : «لرميتموني القِشَع» قال : القِشَع هاهنا : البُزَاق. وقال أبو سعيد : القِشَع : النُّخامة يقشمها الرجلُ من صدره ، أي يخرجها بالتنخُّم ، أي لبزقتم في وجهي.

شقع : قال الليث : يقال شَقَع الرجل في الإناء ، إذا كرَع فيه. ومثله قَمَع ، ومَقَع ، وقَبَع ، كلُّ ذلك من شدّة الشُّرب.

وقال غيرُه : شَقَعه بعينه ، إذا لَقَعَه.

باب العين والقاف مع الضاد

[ع ق ض]

استعمل من وجوهه : قعض ، قضع.

قعض : قال الليث وغيره : القَعْض : عطفك الخشبة ، كما تُعطَف عُروش الكَرْم. وقد قعضه فانقعضَ ، أي انحنى. وقال رؤبة :

أَطْرَ الصَّنَاعَيْنِ العريشَ القَعْضا

قضع : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : قُضاعة مأخوذ من القَضْع ، وهو القهر. يقال قَضَعه قَضْعاً. قال : والقُضاعة أيضاً : كلبة الماء. قال : وكانوا أشدّاء كَلِبينَ في الحروب ونحوِ ذلك.

قال الليث : وقال ابن الأعرابي في موضع آخر القُضاعة : القَهْر. وبه سمِّيت قضاعة.

باب العين والقاف مع الصاد

[ع ق ص]

عقص ، صقع ، صعق ، قصع ، قعص : مستعملة.

عقص : روي عن عمر بن الخطّاب أنه قال : «من لبّد أو عَقَص فعليه الحلق» يعني من المحرِمينَ بالحج أو العمرة. قال أبو عبيد : العَقْص : ضربٌ من الضَّفْر ، وهو أن يُلوَى الشَّعَر على الرأس ، ولهذا يقال : للمرأة عِقْصة وجمعها عِقَصٌ وعِقاص.

وقال امرؤ القيس يصف شعر امرأة :

غدائره مستشزِراتٌ إلى العُلَا

تَضِلُ العِقاصُ في مثنَّى ومرسَلِ

وصفها بكثرة الشعر والتفافِه.

وقال الليث : العَقْص : أن تأخذ المرأة كل خُصْلة من شعرها فتلويَها ثم تَعقِدَها حتّى يبقى فيها التواءٌ ثمَّ تُرسلها ؛ وكلُّ خُصلة عقيصة. قال : والمرأة ربّما اتّخذَتْ عقيصةً من شعر غيرها.

وقال شمر : سمعتُ ابن الأعرابي يقول : العِقاص : المَدَارِي في قول امرىء القيس. قال : العَقْص والضَّفر ثلاث قُوًى ، وقُوَّتان. قال : والرجل يجعل شعره عقيصتين وضفيرتين فيرُخيهما من جانبيه.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : العِقاص ، والرَّبَض ، والحوِيّة ، والحاوية واحد ، وهي الدُّوَّارة التي في بطن الشاة.

أبو عبيد عن أبي زيد : العَقْصاء من المِعْزى : التي قد التوَى قرناها على أذنيها من خلفها. والقَصماء : المكسورة القرن الخارج. والعَضْباء : المكسورة القرن الداخل ، وهو المُشاش. والنَّصْباء : المنتصبة القرنين. وقال أبو عبيد : العَقِص من الرجال : الضيِّق البخيل. وقال أبو عمرو : العَقِص من الرَّمل كالعَقِد. وقال الأصمعيّ : المِعقَص : السهم ينكسر نصله فيبقى سِنْخُه في السهم ، فيُخرج ويُضرب حتى يُطَوَّل ويردّ إلى موضعه فلا يسدّ

١٢٠