الفاجرة العَيهَرَةُ. قالا : والياء فيها زائدة ، والأصل عَهَرة مثل ثمرة.
وأخبرني المنذريّ عن المفضّل بن سلمة أنه قال : لقي عبدُ الله بن صفوان بن أمية أبا حاضرٍ الأسيِّديّ ـ أسيّد بن عمرو بن تميم ـ فراعَه جمالُه فقال له : ممن أنت؟ قال : من بني أسيِّد بن عمرو ، وأنا أبو حاضر. فقال : أُفَّةً لك : عُهيرَةٌ تيّاس. قال أبو طالب : والعُهَيرة : تصغير العَهِر. قال : والعَهر : العاهر ، وهو الزّاني.
وقال ابن شُميل : قال رؤبة : العاهر : الذي يتبع الشرَّ ، زانياً كان أو سارقا.
وقال الليث : العَيْهرة من النساء : التي لا تستقرُّ نَزَقاً في مكانٍ في غير عِفّة.
هعر : قال الليث : يقال هيعرت المرأة وتهيعرت ، إذا كانت لا تستقرُّ في مكان.
قلت : كأنَّه عند الليث مقلوب من العيهرة ، لأنه جعل معناهما واحداً.
هرع : أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : يقال : للمجنون : مهروع مخفوع ممسوس.
وقال غيره : الهَرِعة من النساء : التي تُنزِل حين يخالطها الرجل قبلَه شَبَقاً وحِرصاً على جماعه إياها. والهَيْرَع : الرجل الجَبان ومنه قول ابن أحمر
ولستُ بهَيْرَعٍ خَفِقٍ حَشَاهُ |
إذا ما طيّرتْه الريحُ طارا |
وأما قول الله عزوجل : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) [هُود : ٧٨] فإنّ أبا الفضل أخبرني عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال : الإهراع : إسراعٌ في طمأنينة. ثم قيل له : إسراع في فَزَع؟ فقال : نعم.
وقال الكسائيّ : الإهراع : إسراعٌ في رِعدة. وقال المهلهل :
فجاءوا يُهرَعون وهم أسارَى |
نَقُودهم على رغم الأنوفِ |
وقال الليث : «يُهرَعون وهم أُسارى» ، أي يساقون ويعجّلون. يقال هُرِعوا وأهرِعوا قال : وإذا أشرعَ القومُ رماحَهم ثمَّ مضَوا بها قيل : هرّعوا بها. وقد تهرَّعت الرِّماحُ ، إذا أقبلت شَوارع. وأنشد قوله :
عند البديهة والرماح تهرّع
قال : ورجلٌ هَرِع : سريع البكاء.
أبو عبيد عن الأصمعي وأبي عمرو : الهَرِع : الجاري ، وقد هَرع وهَمع ، إذا سال. قالا : وريحٌ هَيْرَعٌ : تَسْفِي التراب.
وروى أبو تراب لأبي عمرٍو قال : المهروع : المصروع من الجهد. وقاله الكسائيّ.
وقال أبو عمرو : الهَيرع والهَيْلع : الضعيف ، وقال الباهليّ : هي الفَرَعة والهَرَعَة ، للقملة الصغيرة.
وقال أبو سعيد : هي الفَرْعة والهَرْعَة.
أبو عبيد عن أبي زيد : أُهرِع الرجلُ إهراعاً ، إذا أتاك وهو يُرعَد من البرد.
وقد يكون الرجلُ مُهرَعاً من الحمَّى والغَضَب ، وهو حين يُرعَد. والمُهرَع أيضاً : الحريص جاء به كلِّه أبو عبيد في باب ما جاء في لفظ مفعول بمعنى فاعل.
هعر : قال بعضُهم : الهَيْعرونُ : الدَّاهية. ويقال للعجوز المسنَّة هَيعرون ، كأنَّها
سمِّيت بالداهية.
قلت : ولا أحقُ الهَيعَرون ولا أُثبته ، ولا أدري ما صحّته.
باب العين والهاء مع اللام
[ع ه ل]
استعمل من وجوهه : عله ، عهل ، لهع ، هلع.
عله : أبو عبيد قال : العَلِهُ : الذي يتردّد متحيّراً ، والمتبلّد مثله. ومنه قول لبيد يصف بقرة وحشيةً أكل السباعُ ولدَها :
عَلِهت تبلَّدُ في نِهاء صُعائدٍ |
سَبعاً تُؤاماً كاملاً أيامُها |
وقال غيره : فرسٌ عَلْهَى : نشيطة نزقة.
وقال الليث : العَلْهان : مَن تنازعه نفسُه إلى الشرّ. والفعلُ عَلِهَ عَلَهاً. قال : والعَلْهان : الجائع ، والمرأة عَلْهَى. قال : والعَلَه أصله الحِدّة والانهماك وأنشد :
وجُردٍ يَعْلَهُ الداعي إليها |
متى ركب الفوارسُ أو متى لا |
قال : والعَلْهان. الظَّليم. والعالِهُ : النّعامة. قال : والعَلَه أيضاً : خُبثُ النفْس وأذى الخُمار.
وقال أبو سعيد : رجلٌ عَلْهان عَلَّان.
فالعَلْهان : الجازع والعَلَّان : الجائع.
وقال شمر : قال خالد بن كلثوم : العَلْهاء : ثوبان يُندَف فيهما وبر الإبل يلبسهما الشُّجاع تحت الدِّرع يتوقّى بهما من الطعن. وقال عمرو بن قمئة :
وتَصَدَّى لِتَصرَعَ البَطَلَ الأر |
وَعَ بين العَلْهاء والسِّربالِ |
وقال شمر في كتابه في السلاح : من أسماء الدروع العلماء بالميم ، قال : ولم أسمعه إلا في بيت زهير بن جَنَاب :
وتصدَّى لتصرعَ البَطلَ الأر |
وَعَ بين العَلْماء والسِّربالِ |
قال : تصدَّى يعني المنية لتصيب البطل المتحصِّن بدرعه وثيابه. وقرأت القول الأول له بخطِّه أيضاً في كتابه «غريب الحديث» فظننتُ أنه رواه مرة بالهاء ومرة بالميم.
عهل : أبو عبيد : العيهل : السريعة من الإبل.
وقال الليث مثله. قال : وامرأة عيهلة : لا تستقرّ نَزقاً تَرَدَّدُ إقبالاً وإدباراً. قال : ويقال للمرأة عيهل وعيهلة ، ولا يقال للناقة إلا عيهل. وأنشد :
ليَبكِ أبا الجدعاء ضيفٌ مُعيَّلٌ |
وأرملةٌ تغشى الدَّواخنَ عَيهلُ |
وأنشد غيره :
فنعم مُناخ ضِيفانٍ وتَجْر |
ومُلقَى زِفر عيهلةٍ بَجَالِ |
وقال شمر : ناقة عَيْهلة : ضخمة عظيمة.
قال : ولا يقال جمل عيهل ، ويقال ناقة عيهلة وعَيهل ، وقال عبد الله بن الزبير الأسديّ :
جُماليّة أو عَيْهل شَدْقمية |
بها من نُدوب النِّسعِ والكُور عاذرُ |
لهع : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : في فلانٍ لهيعةٌ ، إذا كان فيه فترة وكسل.
وقال الليث : اللهِع من الرجال :
المسترسل إلى كلٍّ. وقد لَهِعَ لَهَعاً ، فهو لَهِعٌ ولهيع.
وقال غيره : رجلٌ فيه لَهيعةٌ ولهاعةٌ ، أي غفلة. وقيل : اللهِيعة : التَّواني في الشراء والبيع حتَّى يُغبَن.
وقال الأصمعيّ : تَلَهْيَعَ في كلامه ، إذا أفرطَ ، وكذلك تَبلتَعَ. قال : ودخل مَعْبَد بن طَوق العنبريّ على أمير فتكلَّم وهو قائمٌ فأحسن ، فلما جلس تَلهيَعَ في كلامه فقيل له : يا معبد ، ما أظرفك قائماً وأمْوَقك جالساً! فقال : إذا قُمت جَدَدْت ، وإذا جلستُ هزلت.
هلع : قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) [المعَارج : ١٩]. أخبرني المنذريّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء أنه قال : الهَلُوع : الضَّجور ، وصفتُه كما قال الله تعالى ذكره : (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) [المعَارج : ٢٠ ، ٢١]. فهذه صفة الهَلُوع. وقد هَلِعَ يَهلَعُ هَلَعاً.
وروى أبو العباس عن سلمة عن الفراء أنه قال : ناقة هِلواعٌ ، وهي التي تضجر فتسرع بالسير.
وقال أبو إسحاق : الهَلُوع : الذي يفزع ويجزع من الشر.
وقال الليث : ناقة هِلواعٌ : حديدة سريعة مِذعان. قال الطِّرِمَّاح :
قد تبطّنتُ بهِلواعةٍ |
عُبْرِ أسفارٍ كَتوم البُغامْ |
وقد هَلْوَعَتْ هَلْوعةً ، إذا مضت وجدَّت.
قال : والهوالع من النَّعام ، الواحدة هالع وهالعة ، وهي الحديدة في مُضيِّها. وأنشد الباهليُّ قول المسيَّب بن عَلَس يصف ناقةً شبَّهها بالنعامة :
صَكَّاء ذِعلبة إذا استدبرتَها |
حَرَج إذا استقبلتها هِلواعِ |
قال : وقال الأصمعيّ : ناقة هِلواعٌ : فيها نَزَق وخِفّة. وقال غيره : هي النَّفور وقال الباهليّ : قوله «صَكّاء» شبّهها بالنعامة ثم وصفَ النعامة بالصَّكَك ، وليس الصكَّاء من صفة الناقة.
أبو عبيد عن أبي زَيد : يقال : ما لَهُ هِلّع ولا هِلّعة ، أي ماله جدي ولا عَنَاق.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الهَوْلع : الجَزَع.
وقال أبو الوازع عن الأشجعيّ : رجلٌ هَمَلَّع وهَوَلَّعٌ ، وهو من السُّرعة.
وقال غيره : ذئبٌ هُلَعٌ بُلَع. والهُلَع : الحريص على الشيء. والبُلَع من الابتلاع.
باب العين والهاء مع النون
[ع ه ن]
استعمل من وجوهه : عهن ، هنع ، نهع.
عهن : أبو العباس : عن سلمة عن الفراء : فلان عاهن ، أي مسترخٍ كسلان. وقاله ابن الأعرابي. وقال أبو العباس : أصل العاهن أن يتقصَّف القضيب من الشجرة ولا يَبِين منها فيبقى معلَّقاً مسترخياً. قال : والعاهن في غير هذا : الطَّعام الحاضر ، والشَّراب الحاضر.
وقال أبو عبيد : العاهن : الحاضر. وأنشد قول كثير :
وإذ معروفُها لك عاهنُ
قلت : ورأيت في البادية شجرةً لها وردة حمراءُ يسمُّونها العِهْنة.
والعِهْنُ : الصُّوف المصبوغ ألواناً ، وجمعه عُهونٌ. ومنه قوله جلَّ وعزَّ : (كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القَارعَة : ٥].
وقال الليث : يقال لكلّ صُوفٍ عِهنٌ ، والقطعة عِهنة وأنشد أبو عبيدٍ :
فاضَ فيه مثلُ العهون من الرَّوْ |
ضِ وما ضَنَّ بالإخاذ غُدُرْ |
وقال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : يقال للسَّعَفات اللواتي يَلِينَ القِلَبةَ العَواهن في لغة أهل الحجاز قال : وأمّا أهل نجد فيسمُّونها الخَوَافي.
قال : وقال أبو عمرو الشيبانيّ : العَواهن : عُروق في رحم الناقة. وقال ابنُ الرِّقاع :
أوكَتْ عليه مَضِيقاً من عواهنها |
كما تضمَّنَ كشحُ الحُرَّةِ الحبَلَا |
«عليه» : على الجنين. وقال شمر : قال ابن الأعرابي : عَواهنها : موضع رحمها من باطن ، كعواهن النخل.
وقال أبو الجراح : عَهَنت عواهنُ النخل تَعهَنُ ، إذا يبِست. قال : وهي الجرائد.
وقال أبو زيد : رمَى بالكلام على عواهنه ، إذا لم يبال أصابَ أم أخطأ.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العِهَان والإهان ، والعُرهون والعُرجون ، والفِتاق ، والعَسَق ، والطَّريدة ، واللَّعِين ، والضِّلَع والعُرجُدُّ ، واحد.
قلت : والكلُّ أصل الكِباسة وقال ابن الأعرابي : ويقال إنه ليَحْدِسُ الكلامَ على عواهنه ، وهو أن يتعسَّف الكلامَ ولا يتأتّى. ويقال إنّه لعِهْنُ مالٍ ، إذا كان حسنَ القيام عليه. ويقال : خُذْ من عاهن المال وآهنِه ، أي من عاجله وحاضره. ويقال عَهنتُ على كذا أعْهَنُ ، المعنى أي أُثبِّى منه مَعرِفةً.
هنع : أبو عبيد عن أبي زيد : الهَنْعَة من سمات الإبل في منخفض العنق ؛ يقال بعير مهنوع ، وقد هُنِع هَنْعاً.
والهَنْعة : كوكبان أبيضان بينهما قِيدُ سَوط يَطلُعان على إثر الهَقْعة في المجرَّة. وقال بعضهم : الهَنْعة قوس الجوزاء يرمِي بها ذراعَ الأسد ، وهي ثمانية أنجم في صورة قوس.
والهَنَع : تطامنٌ والتواءٌ في عُنق البعير.
وقد هَنِع هَنْعاً. وظليمٌ أهنَع ونعامةٌ هَنْعاء ، وهو التواءٌ في عنقها حتى يقصر لذلك عما يفعل الطائر الطويل العنق من بنات الماء والبرّ.
وفي الحديث ذكر رجل فيه هَنَعٌ قال شمر : الهَنَع : أن يكون فيه انحناءٌ قليل مثل الجنأ. وقال رؤبة :
والجنّ والإنس إليها هُنَّعُ
أي خُضوع.
وقال أبو زيد : الهَنْعاء من النوق : التي انحدرت قَصَرتُها وأشرفَ حاركُها. وقال بعض العرب : ندعو البعير القائل بعنقه إلى الأرض أهنَع ، وهو عيبٌ. قال : والهَنَع في العُفر من الظّباء خاصّة دون الأُدْم ، وذلك أنّ في أعناق العُفْر قِصَراً. قاله ابن الأعرابي.
نهع : قال الليث : نهع يَنهَع نُهوعاً ، إذا تهوَّع للقيء ولم يَقْلِسْ شيئاً.
قلت : هذا حرف مُريبٌ ولا أحقّه.
باب العين والهاء مع الفاء
[ع ه ف]
عفه : أهمله الليث وغيره. وروَى بعضهم بيت الشَّنفرَى :
عُفاهيّة لا يُقصر السِّترُ دونَها |
ولا تُرتجى للبيت ما لم تُبَيِّتِ |
قيل العُفاهيّة : الضَّخمة ، وقيل هي مثل العُفاهمة. يقال عَيش عُفاهمٌ ، أي ناعم.
قلت : أمّا العُفاهية فلا أعرفها ، وأما العُفاهمة فمعروف صحيح.
باب العين والهاء مع الباء
[ع ه ب]
استعمل من وجوهه : هبع ، عهب.
هبع : أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الهُبَع : الحُوار الذي يُنْتج في الصيف في آخر النِتاج ، والأنثى هُبَعة. وسمِّي هُبَعاً لأنه يهبَع إذا مشَى ، أي يمدُّ عنقَه ويتكاره ليدرك أمّه.
وأنشد الأصمعي :
كأنَّ أوبَ ضَبْعِه المَلَّاذِ |
ذَرعُ اليمانينَ سَدَى المِشواذِ |
|
يستهبع المُواهِقَ المحاذي |
عافيهِ سَهواً غير ما إجراذِ |
قوله «يستهبع المواهق» أي يُبطره ذَرْعَه فيحمله على أن يهبع. والمواهقُ : المبارى.
وقيل الحُمُر كلُّها تَهبَع في مشيتها ، أي تمدّ عنقَها.
وقال ابن السكيت : العرب تقول : ما له هُبَع ولا رُبَع. فالرُّبع : ما نُتج في أوّل الربيع. والهُبَع : ما نتج في الصَّيف. قال : وقال الأصمعيّ : سألت جبر بن حبيب : لمَ سُمِّي الهُبَع هُبَعاً؟ فقال لأنّ الرِّباعَ تنتج في رِبْعيّة النّتاج ، أي في أوله ، ويُنتَج الهُبَع في الصيفية ، فإذا ماشَى الرِّباعَ أبطرْنَهُ ذَرْعَه لأنَّها أقوى منه فهَبَع ، أي استعان بعنقه في مِشيته.
عهب : أبو العباس عن عمرو عن أبيه أنه قال : أتيتُه في رُبَّى شبابه ، وحِدْثَى وعِهِبَّى شبابه وعِهِبَّاء شبابه ، يقصر ويمد. وأنشد :
على عِهِبَّى عَيشِها المخرفَجِ
وقال أبو عمرو : يقال عَوهَبَه وعَوهَقَه ، إذا ضلَّله. وهو العِيهابُ والعِيهاق.
وقال الليث : العيهب : الضَّعيف من الرجال عن طلبِ وِتره. وأنشد :
حللتُ به وِتري وأدركتُ ثُؤرتي |
إذا ما تناسَى ذَحلَه كلُ عَيهبِ |
وقال أبو زيد : عَهِبتُ الشيءَ أعهبَه ، وغَهِبته أغهَبه ، إذا جهلته. وأنشد :
وكائن ترى من آمل جمع همةٍ |
تقضَّت لياليه ولم تقضَ أنحبُهُ |
|
لُمِ المرءَ إن جاءَ الإساءة عامداً |
ولا تُحْفِ لوماً إنْ أتى الذنبَ يَعهبُه |
أي يجهله. وكأنَ العيهب مأخوذ من هذا.
قلت : والمعروف في هذه الحروف الغين ، وقد أوضحتُه في بابه.
باب العين والهاء مع الميم
[ع ه م]
استعمل منه : عهم ، عمه ، همع ، مهع.
همع : أبو عبيد عن أبي عمرو : هَمَعت عينُه إذا سالت دموعها. وقال : غيره : تهمَّع الرجلُ إذا تباكى. وسحابٌ هَمِعٌ : ماطر.
وإذا سقط الطَّلُّ على الشجر ثم سال قيل : هَمَع. وقال العجَّاج :
بادَرَ مِن ليل وطَلٍ أهمعا
الليث : الهَيْمَع : الموتُ الوحِيُ. قال : وذبحه ذبحاً هيمعاً ، أي سريعاً.
قلت : هكذا قال الليث الهيمع بالعين والياء قبل الميم. وقال أبو عبيد : سمعت الأصمعي يقول الهِمْيع : الموت. وأنشد للهذلي :
من المُربِعين ومن آزلٍ |
إذا جنَّه الليلُ كالناحط |
قبله :
إذا وَرَدُوا مِصرهم عُوجلوا |
من الموت بالهِميعِ الذَّاعطِ |
هكذا رواه الرواة بكسر الهاء والياء بعد الميم.
قلت : وهو الصواب. قلت : والهيمع عند البصراء تصحيف.
مهع : وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : المَهْع ، الميم قبل الهاء : تلوُّن الوجه من عارضٍ فادح. وأمّا المَهْيَع فهو مَفعَل من هاع يهيع ، والميم ليست بأصليّة.
عمه : قال الله جلّ وعزّ : (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [البَقَرَة : ١٥] قال أهل اللغة :
العَمِه والعامه : الذي يتردّد متحيّراً لا يهتدي لطريقه ومذهبِه. وقال رؤبة :
ومَهمهٍ أطرافُه في مَهمهِ |
أعمى الهُدى بالجاهلين العُمَّهِ |
ومعنى (يَعْمَهُونَ) يتحيّرون. وقد عَمِه يعمَه عَمَهاً. وقال بعضهم : العَمَه في الرأي والعَمَى في البصر.
قلت : ويكون العَمَى عَمَى القلب ، يقال رجلٌ عَمٍ ، إذا كان لا يبصر بقلبه.
عهم : أبو عبيد : ناقة عَيْهم عيهل ، وهي السَّريعة.
وقال غيره : عَيهم : موضع بالغَور من تِهامة.
وروى ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العَهْميُّ الضَّخم الطويل.
وقال ابن شميل : العَيهمانُ : الرجل الذي لا يُدلج ، ينام على ظهر الطريق. وأنشد :
وقد أُثيرُ العَيهَمانَ الراقدا
قال : والعياهيم : نجائب الإبل ، وقيل العياهيم الشدادُ من الإبل ، الواحد عَيهم وعيهوم. ويقال للفِيل الذكر عَيْهم.
وقال الليث : ناقة عيهامة : ماضية. قال : وعيهمتها : سرعتها. وجمعها عياهيم.
وقال ذو الرمّة :
هيهات خَرقاءُ إلّا أن يُقرِّبَها |
ذو العرش والشَّعشعاناتُ العياهيمُ |
وقال غيره : العَيهوم : الأديم الأملس.
وأنشد لأبي دُوَاد :
فتعفَّت بعد الرَّباب زماناً |
فهي قَفرٌ كأنَّها عيهومُ |
وقيل شبّه الدار في دروسها بالعَيْهم من الإبل ، وهو الذي أنضاه السَّيرُ حتّى بلّاه ، كما قال حُميد بن ثور :
عَفَتْ مثلما يَعفُو الطَّليحُ وأصبحتْ |
بها كِبرياءُ الصَّعب وهي رَكوبُ |
أبواب العين والخاء وما يليهما من الحروف
ع خ غ : مهمل ع خ ق : مهمل
ع خ ك : مهمل ع خ ج : مهمل
باب العين والخاء مع الشين
[ع خ ش]
استعمل من وجوهه : خشع.
وأهملت الوجوه الأُخر.
خشع : في الحديث : «كانت الكعبة خُشعةً على الماء ـ وبعضهم رواه : كانت حَشَفة ـ فدُحِيتْ منها الأرض».
وسمعتُ العرب تقول للحَثْمة اللاطئة بالأرض : هي الخُشْعة ، وجمعها خُشَع.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الخُشعة : الأكَمة. قال : وهي الحَثْمة ، والسَّرْوَعة ، والصائدة ، والقائدة.
وقال شمر : قال أبو زيد : خشعت الشمس وكَسفَتْ وخسفت بمعنًى واحد.
قال : وقال أبو صالح الكلابيّ : خشوع الكواكب إذا غارت فكادت تغيب في مَغيبها. وأنشد :
بدر تَكاد له الكواكبُ تخشعُ
وقال أبو عدنان : خشعت الكواكب ، إذا دنت من المغيب. وخضعت أيدي الكواكب ، إذا مالت لتغيب.
وقال الله جلّ ثناؤه : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) [القَمَر : ٧] وقرىء : (خاشعاً أبصارهم). قال الزجاج : نَصب خُشَّعاً على الحال ، المعنى يخرجون من الأجداث خُشَّعاً. قال : ومن قرأ خاشعاً فعلى أنَّ لك في أسماء الفاعلين إذا تقدّمت على الجماعة التوحيد نحو (خاشعاً أبصارهم) ، ولك التوحيد والتأنيث لتأنيث الجماعة كقولك : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ). قال : ولكَ الجمع نحو (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) [القَمَر : ٧] تقول مررت بشبابٍ حسن أوجههم ، وحسانٍ أوجههم ، وحسنة أوجههم. وأنشد :
وشبابٍ حَسَنٍ أوجهُهم |
من إياد بن نزار بن مَعَدّ |
وقال جلّ وعزّ : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) [طه : ١٠٨] أي سكنت. وكلُّ ساكن خاضع خاشع.
والتخشُّع لله : الإخبات والتذلُّل.
وإذا يبست الأرض ولم تُمطَر قيل : قد خشعت. قال الله تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) [الحَجّ : ٥]. سمعتُ العربَ تقول : رأيت أرض بني فلانٍ خاشعةً هامدة ما فيها خضراء. وخشَعَ سَنامُ البعير ، إذا أُنضِيَ
فذهب شحمُه وتطأطأ شرفُه. وجِدار خاشع ، إذا تداعى واستوى مع الأرض.
وقال النابغة :
ونُؤيٌ كجِذم الحوضِ أثلم خاشعُ
قال الليث : خشع الرجل يخشَع خشوعاً ، إذا رمَى ببصره إلى الأرض. واختَشَع ، إذا طأطأ صدره وتواضع. قال : والخُشُوع قريبٌ من الخضوع ، إلّا أن الخضوع في البدن والإقرار بالاستخداء ، والخشوع في البدن والصَّوت والبصر. قال الله : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) [طه : ١٠٨] : وقال ابنُ دَريد : خشَع الرجل خَراشيَّ صدرِه ، إذا رمَى بها.
قلت : جعل خشَع واقعاً ، ولم أسمعه لغيره.
باب الخاء والعين مع الضاد
[ع خ ض]
استعمل من وجوهه : خضع : قال الله جلّ وعزّ : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشُّعَرَاء : ٤]. أخبرني المنذري عن أبي جعفر الغسّاني عن سَلَمة عن أبي عبيدة ، أن يونس أخبره عن أبي عمرو أنه قال : خاضِعِينَ ليس من صفة الأعناق ، إنما هو من صفة الكناية عن القوم الذين في آخر الأعناق ، فكأنه في التمثيل : فظلَّت أعناق القوم خاضعين ، فالقومُ في موضع هم.
وقال الكسائيّ : أراد فظلت أعناقُهم خاضِعِيها هم ، كما تقول : يدُك باسطها ، تريد أنت ، فاكتفيتَ بما ابتدأتَ من الاسم أن تكُرَّه.
قلت : وهذا غير ما قال أبو عمرو.
وقال الفراء : الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون. فجعلَ الفعلَ أوّلاً للأعناق ثم جعل خاضعين للرجال. قال : وهذا كما تقول : خضعت لك ، فتكتفي من قولك خضعَتْ لك رقبتي.
وقال أبو إسحاق : قال خاضعين وذكّر الأعناق ، لأن معنى خضوع الأعناق هو خضوع أصحاب الأعناق ، لمَّا لم يكن الخضوع إلّا بخضوع الأعناق جاز أن يخبر عن المضاف إليه ، كما قال الشاعر :
رأت مَرَّ السِّنينَ أخذْنَ منّي |
كما أخذَ السِّرارُ من الهلالِ |
لمّا كانت السنون لا تكون إلا بمرّ أخبر عن السنين وإن كان أضافَ إليها المرور.
قال : وذكر بعضُهم وجهاً آخر ، قالوا : معناه فظلت أعناقهم لها خاضعين هم ، وأضمر «هُمْ» وأنشد :
ترى أرباقَهم متقلِّدِيها |
كما صَدِىء الحديدُ على الكُماةِ |
قال : وهذا لا يجوز مثلُه في القرآن. فهذا على بدلِ الغلَط يجوز في الشعر ، كأنه قال ترى أرباقهم ترى متقلّديها ، كأنه قال : ترى قوماً متقلّدي أرباقهم.
وقلت : وهذا الذي قاله الزجاج مذهب الخليل. ومذهب سيبويه أنّ بدل الغلط لا يجوز في كتاب الله عزوجل.
قلت : وخضَع في كلام العرب يكون لازماً وواقعاً ، تقول خضعتُه فخضَع ومنه قول جرير :
أعدّ الله للشعراء منّي |
صواعقَ يَخضَعون لها الرقابا |
فجعله واقعاً متعدياً. ويقال خضع الرجلُ رقبتَه فاختضعَتْ وخضَعت.
وقال ذو الرمّة :
يظلُ مختضِعاً يبدو فتنكرهُ |
حالاً ويسطع أحياناً فينتسبُ |
مختضعاً : مطأطىء الرأس. والسُّطوع : الانتصاب ، ومنه قيل للرجلِ الأَعنَق : أسطع. وفي حديث عمر أن رجلاً في زمانه مرّ برجلٍ وامرأة قد خَضَعا بينهما حديثا ، فضربَ الرجلَ حتّى شجَّه ، فرُفِع إلى عُمرَ فأهدرَه.
شِمر عن ابن الأعرابي قال : العرب تقول : اللهم إني أعوذ بك من الخُنوع والخضوع. فالخانع : الذي يدعو إلى السَّوءة ، والخاضع نحوه. وقال رؤبة :
مِن خالباتٍ يختلبن الخُضعا
قال ابن الأعرابي : الخُضَّع : اللواتي قد خضَعن بالقول ومِلْن. قال : والرجل يخاضع المرأة وهي تخاضعه ، إذا خضَع لها بكلام وخضعتْ له فيطمع فيها. ومن هذا قول الله عزوجل : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزَاب : ٣٢].
وقال الكميت يصف نساءً ذواتِ عفاف :
إذْ هُنّ لا خُضُع الحدي |
ث ولا تكشَّفت المَفاضِل |
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الاختضاع : المرّ السريع.
وأنشد في صفة فرسٍ جواد :
إذا اختلط المسيحُ بها تولّت |
بسَومٍ بين جَرْيٍ واختضاعِ |
المسيح : العَرق يقول : إذا عرقت أخرجت أفانينَ جَريها.
أبو عبيد : الخَيضَعة : البيضة.
وروى أبو العباس عن الأثرم عن أبي عبيدة قال : يقال لبيضة الحديد الخَيضَعَة ، والرّبيعة. وأنشد :
والضاربون الهامَ فوق الخيضَعَهْ
وقال شمر : قال ابن الأعرابيّ : الخيضعة : الغُبار. قال : وقال أبو عمرو : هو صوت القتال. قال : وقال الليث : الخيضعة حيث يخضع الأقرانُ بعضُهم لبعض. قال : ويقال «للسّيوف خَضَعة» ، وهو صوت وقعها.
أبو عبيد عن أبي زيد قال : الخَضِيعة : صَوتٌ يخرج من قنْب الفرس الحِصانِ ، وهو الوقيب. وأنشد :
كأن خَضِيعةَ بطن الجوا |
دِ وعوعةُ الذئب في الفدفدِ |
والأخضع من الرجال : الذي فيه جَنَأٌ ، وقد خَضِع يخضَع خَضَعاً ، فهو أخضَع.
وخضَعت أيدي الكواكب ، إذا مالت لتغيب. وقال ابن أحمر :
تكاد الشمس تخضع حين تبدو |
لهنَّ وما وَبِدنَ وما لُحِينا |
وقال ذو الرمة :
إذا جعلت أيدي الكواكب تخضعُ
وخضعت الإبل ، إذا جَدَّت في سيرها. وقال الكُميت :
خواضع في كلِّ ديمومة |
يكاد الظليم بها ينحَلُ |
وإنَّما قيل ذلك لأنّها خضعت أعناقَها حين جدّ بها السَّير. ومنه قول جرير :
ولقد ذكرتكِ والمطيُ خواضعٌ |
وكأنهنّ قطا فلاةٍ مَجهلِ |
ع خ ص ـ ع خ س
أهملت وجوهها.
باب العين والخاء مع الزاء
[ع خ ز]
استعمل من وجوهه [خزع].
خزع : يقال خَزَعت الشيء فانخزعَ ، كقولك قطعته فانقطع وخزَّعتُ اللحم تخزيعاً ، إذا قطّعته قِطَعاً. ويقال : تخزّعت من فلانٍ شيئاً ، إذا أخذته منه. وهذه خِزْعة لحم تخزَّعتها من الجَزُور ، أي اقتطعتها.
وقال مبتكر الكلابي : اختزعتُه عن القوم واختزلته ، إذا قطعته عنهم.
وقال إسحاق بن الفرج : سمعت خليفة الحُصينيّ يقول : اختزعَ فلاناً عِرْقُ سَوء فاختزله ، أي اقتطعه دونَ المكارم وقعدَ به.
وفي «نوادر الأعراب» : يقال به خَزعة ، وبه خَمعة ، وبه خزلة ، وبه قَزْلة ، إذا كان يظلع من إحدى رجليه.
وقال ابن السكيت : قال أبو عيسى : يبلغ الرجلَ عن مملوكه بعضُ ما يكره فيقول : ما يزالُ خُزَعَةٌ خَزَعَهُ ، أي شيء سَنَحه عن الطريق. ومعنى سنَحه أي عَدَله وصرفه ، وهو الرجل. قال : وخزغني ظَلْع في رجلي ، أي قطعني عن المشي.
وقال الليث : يقال خزعَ فلانٌ عن أصحابه ، إذا كان معهم في مَسيرٍ فخنسَ عنهم. قال : وسمِّيت خُزاعة بهذا الاسم لأنّهم لمّا ساروا مع قومهم من مأرِبَ فانتهوا إلى مكّة تخزَّعوا عنهم فأقاموا ، وسار الآخرون إلى الشام. وقال حسان :
فلما هبَطْنا بطْنَ مرٍّ تخزَّعتْ |
خُزاعةُ عنّا بالحُلول الكَراكرِ |
وقال ابن السكيت : قال ابن الكلبي : إنَّما سُمُّوا خُزَاعة لأنهم انخزعوا من قومهم حين أقبلوا من مأرب فنزلوا بظاهر مكة.
قال : وهم بنو عمرو بن ربيعة ـ وهو لحيّ ـ ابن حارثة ، أوّل من بَحر البحائر وغيّر دين إبراهيم عَلَيهِ السَّلام.
[ع خ ط]
أهملت وجوهه.
باب العين والخاء مع الدال
[ع خ د]
استعمل من وجوهه : خدع : قال أبو عبيد : قال أبو زيد : يقال خدعته خدعاً وخديعة. وأنشد قول رؤبة :
فقد أُداهي خِدْعَ مَن تخدَّعا
وأجاز غيره خَدْعاً بالفتح.
وقال أبو الحسن اللحياني : يقال خدعَتِ السوقُ وانخدعت ، أي كسدت. قال : وقال أبو الدِّينار في حديثه : والسُّوق خادعةٌ ، أي كاسدة. قال : ويقال رجل
خدّاع وخَدُوع وخُدَعة ، إذا كان خَبّاً. والخُدْعة : ما يُخدَع به.
وقال أبو عبيد : سمعتُ الكسائيّ يقول الحربُ خُدَعة. قال : وقال أبو زيد مثلَه خُدَعة. قال : ورجلٌ خُدْعة ، إذا كان يُخدَع. وروى في الحديث : «الحربُ خَدْعةٌ» ، أي ينقضي أمرُها بخَدْعةٍ واحدة وقيل «الحربُ خُدْعة» ، ثلاث لغات ، وأجودها ما قال الكسائيّ وأبو زيد «خُدَعة».
ويقال : خدَعَتْ عينُ الرجل ، إذا غارت.
وخدعَ خَيرُ الرجل ، أي قلّ. وخدعت الضبعُ في وِجارها. وقال أبو العميثل : خَدَعَ الضبُّ إذا دخَلَ في وجارِه ملتوياً.
وخدَع الثعلب ، إذا أخذَ في الرَّوَغان.
ورفعَ رجلٌ إلى عمر ابن الخطّاب ما أهمَّه من قُحوط المطر ، فقال له : «خدَعَتِ الضِّباب وجاعت الأعراب».
والخَدُوع من النُّوق : التي تدُرُّ مرَّةً وترفع لبنَها مرّة. وطريقٌ خَدوع ، إذا كان يَبين مرّةً ويخفى أخرى وقال الشاعر :
ومستكرهٌ من دارس الدَّعس داثرٌ |
إذا غفلت عنه العيون خَدوعُ |
وقال اللِّحياني : خدعتُ ثوبي خَدْعاً وثنيتُه ثَنْياً ، بمعنى واحد. وخادعت الرجلَ بمعنى خدعته ، وعلى هذا يوجَّه قول الله جلّ وعزّ : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) [النِّساء : ١٤٢] معناه أنهم يقدِّرون في أنفسهم أنهم يخدعون الله والله هو الخادعُ لهم ، أي المجازي لهم جزاءَ خداعهم
وقال شمر : روى الأصمعيُّ بيتَ الراعي :
وخادعَ المجدَ أقوامٌ لهم وَرَقٌ |
راحَ العضاهُ به والعرقُ مدخولُ |
قال : خادعَ : ترك. قال شِمر : ورواه أبو عمرو : «وخادعَ الحمد» ، قال : وفسَّره أنهم تركوا الحمد ، أي أنهم ليسوا من أهله.
وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الخِداع : المنْع.
والخِداع : الحيلة.
وقال الليث : خادعتُه مخادعةً وخداعاً.
ورجلٌ مخدَّع : خُدِع مراراً. قال : والخَيْدع : الرجل الخدوع. وطريقٌ خَيدعٌ وخادع ، وغَوْلٌ خيدع : جائر عن القصد ولا يُفطَن له.
والأخدعان : عِرْقان في صفحتي العنق قد خفيا وبَطَنا. والأخادعُ الجميعُ. ورجلٌ مخدوع : قد أصيب أخدعُه.
والمُخْدَع والمِخدع : الخِزَانة.
وأخدعتُ الشيء ، إذا أخفيتَه.
ومن أمثال العرب : «أخدع من ضبٍّ حَرشْتَه» ، وهو من قولك خدَع منّي فلان ، إذا توارى ولم يظهر.
وروى ابن الأنباريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الخادع : الفاسد من الطعام وغيره. وأنشد قوله :
إذا الرِّيقُ خَدَعْ
قال أبو بكر : فتأويل قوله جلّ وعزّ : (يُخادِعُونَ اللهَ) [البَقَرَة : ٩] : يفسدون ما يُظهرون من الإيمان بما يُضمِرون من
الكفر ، كما أفسَد الله نِعَمهم في الدنيا بأن أصارَهم إلى عذاب النار.
وفي حديثٍ مرفوع : «يكون قبل خروج الدجّال سنونَ خَدّاعة» ، قال شِمر : السنون الخوادع : القليلة الخير الفواسد. قال : ويقال السوق خادعةٌ. إذا لم يُقدَر على الشيء إلّا بغلاء. قال : وكان فلانٌ يُعطِي فخَدَعَ ، أي أمسك ومَنَعَ.
وقال ابن الأعرابيّ : خدع الريقُ أي فسد. وقال غيره : نقصَ فتغيَّر. وماءٌ خادعٌ : لا يُهتدى له.
أبو عبيد عن الأحمر : خدعتِ السُّوق ، إذا قامت.
وقال الفراء : بنو أسد يقولون : إنَّ السُّوق لخادع ، وإن السِّعر لخادع. وقد خدعَ إذا ارتفع وغلا.
وقال الأصمعي في قوله «سنون خدّاعة» ، قال : سنون يقلُّ فيها المطر. يقال خدعَ المطرُ إذا قلّ ، وخدع الرِّيقُ في فمه إذا قلّ. وقال غيره : الخدّاعة التي يكثُر فيها المطر ، ويقلُّ النباتُ والرَّيع. كأنّه من الخديعة : والتفسير هو الأول.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الخَدْع : منع الحقّ. والختم : منع القلب من الإيمان.
قال : والخُدَعة هم ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.
ابنُ شميل : رجلٌ مخدَّع ، أي مجرَّس صاحب دهاء ومَكْر ، وقد خُدِّع. وأنشد :
أبايع بَيْعاً من أريب مخدّعِ
وإنه لذو خُدْعة ، وذو خُدَعاتٍ : أي ذو تجريب للأمور.
وبعيرٌ به خادع وخالع ، وهو أن يَزول عَصَبُهُ في وظيف رجله إذا برك. وبه خُويدِع وخُوَيلع والخادع أقلّ من الخالع.
وفلانٌ خادعُ الرأي ، إذا كان متلوِّناً لا يثبت على رأي واحد. وقد خدَعَ الدهرُ ، إذا تلوَّن.
باب العين والخاء مع التاء
[ع خ ت]
استعمل من وجوهه : ختع : أبو عبيد عن الأصمعيّ : دَليلٌ خُتَعٌ ، وهو الماهر بالدّلالة.
وقال الليث : يقال ختع يختع خُتوعاً ، وهو ركوبُ الظُّلمة والمضيّ على القصد بالليل كما يفعل الدليلُ بالقوم. قال رؤبة :
أعيَتْ إدلَّاءَ الفلاة الخُتَّعا
قال : والخُتْعة : النَّمِرة الأنثى. والخَتيعة : تتخذ من أَدمٍ يغشَّى بها الإبهام لرمي السِّهام.
قلت : وقال ابن شميل مثله في الخَتِيعَة.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الخِتاع : الدَّستبانات.
وقال شمر : يقال رجل خُتَعة وخُتَع ، وهو السريع المشي الدَّليلُ. تقول : وجدته خُتَعَ لا سُكَعَ ، أي لا يتحيّر. والخَوتع : الدليل أيضاً. وأنشد
بها يَضِلُ الخَوتعُ المشهَّرُ
والخَوتع : الذُّباب الأزرق ذبابُ العُشْب. ومن أمثالهم : «هو أشأم من خَوتعةَ» ،
وكان رجلاً من بني غُفَيلةَ بن قاسط مشئوماً. رواه أبو عبيدٍ عن ابن الكلبيّ.
[ع خ ظ] : مهمل.
باب العين والخاء مع الذال
[ع خ ذ]
استعمل منه : خذع : قال الأصمعي : يقال خذّعته بالسيف تخذيعاً ، إذا قطّعته. وروى بيت أبي ذؤيب الهذليّ :
وكلاهما بطلُ اللِّقاءِ مخذَّعُ
معناه أنه مُعاودٌ للحروب قد جُرح فيها جَرحاً بعد جَرح ، وقد شُطّب بالسيوف.
قال : ومن رواه «مخدَّع» فمعناه المدرّب الذي خُدع مراراً حتى حَذِق.
وقال الليث : الخَذْع قَطع في اللحم ، أو في شيء رَطْب لا صلابة له ، مثل القَرعة تُخذَّع بالسكين ، ولا يكون قطعاً في عظم أو في شيء صُلْب.
وقال غيره : الخَذِيعة : طعام يتّخذ من اللحم بالشام.
وقول رؤبة :
كأنّه حاملُ جنبٍ أخذَعا
قال ابن الأعرابيّ : معناه أنه خُذع لحمُ جنبِه فتدلَّى عنه.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه يقال للشِّواء : المخذَّع ، والمَعلَّس ، والوزيم ، والسَّحساح.
[ع خ ث] : مهمل.
باب العين والخاء مع الراء
[ع خ ر]
استعمل من وجوهه : خرع : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : ثوب مخرَّع : مصبوغ بالخِرِّيع ، وهو العُصْفر.
أبو عبيد عن أبي زيد قال : الخرِيع : الفاجرة من النساء. قال شمر : وكان الأصمعي يكره أن تكون الخريع الفاجرة ، قال : وهي التي تتثنى من اللِّين. وأنشد لُعتْبة بن مرداس يَصِف مِشفر البعير :
تكفُّ شبا الأنياب عنها بِمشْفرٍ |
خَريعٍ كسِبْتِ الأحوريّ المخصَّرِ |
قال : والخَرَاعة : الرَّخاوة ، وكذلك الخَرَع. ومنه قيل لهذه الشجرة الخِرْوع ، لرخاوته ، وهي شجرة تحمل حَبّاً كأنّه بيضُ العصافير ، يسمَّى السِّمسم الهنديّ.
وقال غيره : يقال للمرأة الشابّة الناعمة اللينة خَرِيع. قال : وبعضهم يذهب بالمرأة الخَرِيع إلى الفجور. وقال كثير :
وفيهنَّ أشباه المها رعَت الملا |
نواعمُ بيضٌ في الهوى غير خُرَّعِ |
وإنَّما نَفى عنها المقابح لا الممادح. أراد غير فواجر.
ويقال : اخترعَ فلانٌ الباطل ، إذا اخترقه.
والخَرْع : الشقُّ ، يقال خرعته فانخرع ، أي شققته فانشقَّ. وانخرعت القناة ، إذا انشقّت. وانخرعت أعضاءُ البعير ، إذا زالت عن مواضعها. وقال العجاج :
ومن همزنا رأسَه تخرَّعا
ورُوي عن بعض التابعين أنه قال : «لا يَجزي في الصَّدقة الخَرِع» ، وهو الفصيل الضعيف. وكلُّ ضعيفٍ خَرِعٌ. وغُصن خَرِعٌ : ليّن ناعم.
وقال الراعي يذكر ماءً :
معانقاً ساق رَيّا ساقُها خَرِعُ
أبو عمرو : الخَرَاوِيع من النساء : الحِسان. وامرأة خِرْوعة : رَخْصة ليّنة.
وقال أبو سعيد : الاختراع والاختزاع : الخيانة والأخذ من المال. وقال ابن شميل : الاختراع : الاستهلاك. وفي الحديث : «إن المُغيبةَ يُنفَق عليها من مال زَوجها ما لم تخترع مالَه». وتقول : اخترع فلانٌ عُوداً من الشجرة ، إذا كسرها.
أبو عبيد عن الكسائيّ : من أدواء الإبل الخُراع ، وهو جنونُها. وناقة مخروعة.
وقال غيره : ناقة خريع ومخروعة ، وهي التي أصابَها خُراع ، وهو انقطاعٌ في ظهرها فتصبح باركةً لا تقوم. قال : وهو مرضٌ يفاجئها فإذا هي مخروعة.
وقال شِمر : قال ابن بزرج : الجنون ، والطُّوفان ، والثَّوَلُ ، والخُراع ، واحد.
وروى أبو سعيد الخُدريّ عن النبي صلّى الله عَلَيه وَسلّم أنه قال : «لو سمع أحدكم ضغطةَ القبر لجزِع» أو «لخَرِع». قال شِمر : من رواه خرِع فمعناه انكسر وضعف. قال : وكلُّ رِخْو ضَعيف خَرِيع وخَرِع. وأنشد لرؤبة :
لا خرِعَ العظم ولا موصَّما
قال : وقال أبو عمرو : الخرِيع : الضَّعيف. وقال أبو النجم يصف جارية :
فهي تَمَطَّى في شباب خِروَعِ
أي ناعم.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : خَرِعَ الرجلُ إذا استرخى رأيه بعد قوّة ، وضُعف جسمهُ بعدَ صلابة. وقيل : الخرَع الدهَش. وقد خرِع خَرَعاً إذا دَهِش.
باب العين والخاء مع اللام
[ع خ ل]
استعمل من وجوهه : خلع ، خعل.
خلع : يقال خلع الرجل ثوبه. وخلعَ امرأته وخالعها ، إذا افتدت منه بمالها فطلَّقها وأبانَها من نَفْسه. وسمِّي ذلك الفراق خُلْعاً لأن الله جلّ وعزّ جعل النساء لباساً للرجال والرجالَ لبَاساً لهنّ ، فقال : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) [البَقَرَة : ١٨٧]. وهي ضجيعته وضَجِيعُه ، فإذا افتدت المرأة بمالٍ تعطيه لزوجها ليُبينَها منه فأجابها إلى ذلك فقد بانت منه وخلع كلُّ واحدٍ منهما لبَاس صاحبه ، والاسم من ذلك الخُلْع والمصدر الخَلْع. وقد اختلعت المرأة منه اختلاعاً ، إذا افتدتْ بمالها. فهذا معنى الخُلْع عند الفقهاء.
والخلع ، بفتح الخاء : اللحم يؤخذ من العظام ويطبخ ويبزّرُ ثم يجعل في وعاءٍ يقال له القَرف ويُتزوّد به في الأسفار. قال ذلك ابن السكيت وغيره.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنّه قال : الخَولع : الفزَع. والخَولع : الرجل الأحمق. والخولع : الحنظل المدقوق الملتوت بما يطيّبه ثم يؤكل ، وهو
المبسَّل. قال : والخولع : اللحم يُغلَى بالخَلِّ ثم يُحمل في الأسفار. والخولع : الغُول. والخَولع : الذئب. والخولع : المقامر المحدود الذي يُقْمَر أبداً.
والخولع : الغلام الكثير الجنايات ، مثل الخليع. وأنشد غيره لجرير في الخولع : الفَزَع :
لا يعجبنك أن تَرى لمجاشعٍ |
جَلَدَ الرِّجال وفي القلوب الخَولعُ |
يعني الفزَع.
وخُلعة المال وخِلعته : خياره. أبو سعيد : سمِّي خِيار المال خُلْعة لأنّه يَخلع قلبَ الناظر إليه. وأنشد الزجاج :
وكانت خُلْعَةً دُهساً صَفايا |
يَصُور عُنُوقَها أحوى زَنيم |
يعني المِعزَى ، أنَّها كانت خياراً والخِلْعة من الثياب : ما خلعتَه فطرحتَه على آخر أَوْ لم تطرحه.
والخليع : الذي يجني الجنايات يؤخَذ بها أولياؤه فيتبرءون منه ومن جناياته ويقولون : إنّا قد خلعنا فُلاناً فلا نأخُذُ أحداً بجنايةٍ تُجنَى عليه ، ولا نؤاخَذ بجناياته التي يجنيها. وكان يسمَّى في الجاهلية الخليع.
ويقال للذئب خليع. ويقال للشَّاطر من الفتيان : خليع لأنه خَلَعَ رسَنَه. ويقال للصيّاد : خَليع.
والخَلْع كالنَّزْع إلّا أن فيه مُهلة.
وقال الليث : المخلَّع من الناس : الذي كأنَّ به هَبْتَةً أو مَسَّاً. ويقال فلانٌ يتخلَّع في مشيه ، وهو هزُّه يديه. ورجل مخلوع الفؤاد ، إذا كان فزِعاً قال : والمخلَّع من العروض : ضربٌ من البسيط ، كقول الأسود بن يعفر :
ماذا وقوفي على رسمٍ عفا |
مُخلَولقٍ دارسٍ مستعجمِ |
ويقال : أصابَه في بعض أعضائه خَلْع ، وهو زوال المفاصل من غير بينونة. قال : والبُسرة إذا نضجت كلُّها فهي خالع. وإذا أسفَى السُّنبل فهو خالع. يقال خلَع الزرع يَخلَع خَلاعَةً.
والخَلَعْلَع من أسماء الضِّباع.
ويقال : خَلُعَ الشيْخُ ، إذا أصابه الخالع ، وهو التواء العرقوب. وقال الراجز :
وجُرّةٍ تَنْشُصها فتنتَشِصْ |
من خالعٍ يُدركه فيهتبصْ |
الجُرَّة : خشبة يثقَّل بها حِباله الصائد ، فإذا نشب فيها الصيد أثقلتْه.
وقال الأصمعي : الخالع من الشجر : الهشيم الساقط.
وقال ابن الأعرابي فيما روى عنه أبو العباس : خَلَعت العضَاهُ ، إذا أورقت. وقال غيره : خلع الشجرُ ، إذا أنبتَ ورقاً طرياً.
والخالع : داء يأخذ في عرقوب الدابة.
وفي حديث عثمان أنّه كان إذا أُتيَ بالرجل الذي قد تخلَّع في الشراب المُسكِر جلدَه ثمانين جلدة.
وقال ابن شميل : معنى قوله تخلَّع في الشراب هو أن يدمنَ فيشربَ الليلَ والنهار. قال : والخليع : الذي قد خلعه أهلُه وتبرَّءوا منه.
ويقال خُلِع فلانٌ من الدِّين والحياء. وقومٌ
مبيِّنو الخلاعة.
خعل : أبو عبيد عن أبي عمرو قال : الخَيْعَل : قميص لا كُمَّيْ له. وقال غيره. قد يقلب فيقال الخَيْلع ، وربّما كان غير منصوح الفَرجَيْن. وقال تأبّط شراً :
مَشْي الهَلوكِ عليها الخَيْعَلُ الفُضُلُ
أبو العباس عن سلمة عن الفراء قال : الخَوْعلة : الاختباء من ريبة.
وفي «نوادر الأعراب» : اختلعوا فلاناً ، أي أخذوا ماله.
باب العين والخاء مع النون
[ع خ ن]
استعمل من وجوهه : خنع ، نخع.
خنع : روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنّ أنخعَ الأسماء عند الله أن يتسمَّى الرجلُ باسم مَلِكِ الأملاك» ، وبعضهم يرويه : «إن أخنع الأسماء». قال أبو عبيد : فمن رواه أنخع أراد : إن أفتلَ الأسماء وأهلكَها له. والنَّخْع هو القتل الشديد ، ومنه النَّخْع للذبيحة ، وهو أن يجوز بالذبح إلى النخاع.
ومن روى «إن أخنعَ الأسماء» ، أراد أن أشدَّ الأسماء ذلًّا وأوضعَها عند الله. والخانع : الذليل الخاضع.
أبو العباس عن سلمة عن الفراء عن الدُّبيرية : يقال للجمل المتَنوِّق مخنَّع وموضَّع.
وأخبرني المنذري عن الصيداويّ عن الرياشيّ : رجل ذو خُنُعات ، إذا كان فيه فساد. وقد خنع فلانٌ إلى الأمر السيّء ، إذا مالَ إليه. ويقال : لقيت فلاناً بخَنْعةٍ فقهرته ، أي لقيتُه بخلاء. ويقال لئن لقيتك بخَنْعة لا تُفلتْ منّي. وأنشد :
تمنّيت أن ألقى فلاناً بخَنْعةٍ |
معي صارمٌ قد أحدثَتْه صياقلُه |
وقال الليث : الخانع : الفاجر. يقال خَنَع إليها ، إذا مال إليها للفجور. واطّلعتُ منه على خَنْعة ، أي على فَجْرة. وقال الأعشى :
ولا يُرَونَ إلى جارَتهم خُنُعا
وخُنَاعة : قبيلة من هُذيل. والنَّخَع : قبيلة من الأزد.
وقال أبو زيد : خنَع له وإليه ، فهو يَخنع خُنوعاً ، إذا ضَرَعَ له وطلب إليه وليس بأهل أن يَطلُب إليه. وأخنعتْه إليه الحاجةُ ، أي اضطرَّتْه ، والاسم الخُنْعَةُ. واطّلعتُ منه على خُنْعة ، أي فَجْرة.
قلت : يقال خَنَعةٌ وخُنْعة للفجرة.
نخع : وفي الحديث : «ألّا لا تخنَعوا الذَّبيحة حتَّى تجِبَ». والنَّخْع للذَّبيحة : أن يَعجَل الذابحُ فيبلغ القطعُ إلى النُّخاع.
والنُّخاع فيما أخبر أبو العباس عن ابن الأعرابي : خيطٌ أبيض يكون داخلَ عظم الرقَبة ، ويكون ممتدّاً إلى الصُّلب. والمَنْخَع : مفصِل الفَهْقة بين الرأس والعُنق من باطن.
وقال ابن الأعرابي : يقال نَخَع فلانٌ لي بحقِّي وبَخَع ، بالباء والنون ، إذا أذْعن.
وهكذا حكى أبو عبيد عن أبي زيد. وقال ابن الأعرابي : الناخع : الذي يبيِّن
الأمور. قال : والنِّخاع والنُّخاع : خَيط الفَقَار المتّصل بالدِّماغ.
وتنخَّع السحابُ : إذا قاء ما فيه من المطر.
وقال الشاعر :
وحالكة الليالي من جُمادى |
تَنَخَّعَ في جَواشنِها السَّحابُ |
باب العين والخاء مع الفاء
[ع خ ف]
استعمل من وجوهه :
خفع : أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : المخفوع : المجنون.
وقال الليث : خُفِع الرجلُ من الجوع فهو مخفوع. وأنشد لجرير :
يمشونَ قد نفخَ الخزيرُ بطونَهم |
وغدَوا وضيفُ بني عِقالٍ يُخفَع |
قال : وانخفعت رئتُه ، إذا انشقَّتْ من داء يقال له الخُفاع. ورجلٌ خَوفَعٌ ، وهو الذي به اكتئاب ووجوم. وكلُّ من ضعف ووجَم فقد انخفَع وخُفِع ، وهو الخُفَاع.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال انجعفت النَّخلة وانخفعت وانقعرت ، وتجوّخت ، إذا انقلعتْ من أصلها.
باب العين والخاء مع الباء
[ع خ ب]
استعمل من وجوهه : بخع ، خبع ، خعب.
بخع : قال الله عزوجل : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ) [الكهف : ٦] قال الفراء : أي مخرجٌ نفسَك وقاتلٌ نفسَك. وقال الأخفش : يقال بخعت لك نفسي ونصحي ، أي جَهَدتهما ، أبخع بخوعاً.
وفي حديث عائشة أنها ذكرت عُمَر فقالت : «بَخع الأرضَ فقاءت أُكُلَها» ، أي استَخرجَ ما فيها من الكنوز وأموال الملوك. ويقال بخعتُ الأرضَ بالزراعة ، إذا نهكتَها وتابعت حراثتها ولم تجِمَّها عاماً ، وبخعَ الوجدُ نفسَه ، إذا نهكها. وقال الشاعر :
ألا أيُّهذا الباخعُ الوجدِ نفسَه |
لشيءٍ نَحتْه عن يديه المقادرُ |
وقال أبو زيد : بَخَع له بحقِّه ، إذا أقرَّ.
وبَخَع له بالطاعة بُخوعاً.
وفي حديث عُقْبة بن عامر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أتاكم أهلُ اليمنِ ، هم أرقُّ قلوباً وألينُ أفئدة وأبخعُ طاعة» ورواه نصر بن عليّ بإسنادٍ له ، قال نصر : قلت للأصمعيّ : ما أبخعُ طاعةً؟ قالت : أنصح طاعةً. وقال غيره : أبلغ طاعةً.
خبع : قال الليث : الخَبْع لغة تميم في الخَبْء. وامرأةٌ خُبْعَةٌ خُبأة بمعنًى واحد.
قال : وخبعَ الصبيُ خُبوعاً إذا فُحِم من البكاء ، أي انقطعَ نَفسُه.
خعب : الخَيعابة والخَيعامة : المأبون. وقال تأبط شراً :
ولا خَرعٍ خيعابةٍ ذي غوائل |
هَيامٍ كجفْر الأبطح المتَهَيِّلِ |
ويروى : «خيعامة».
باب العين والخاء مع الميم
[ع خ م]
استعمل من وجوهه : خمع ، خعم.
خمع : أبو عبيد عن الفراء : الخِمْع : الذِّئب ، وجمعه أخماعٌ قال : ومنه قيل للِّصّ خِمْع.
عمرو عن أبيه قال : الخِمع : اللصُّ. والخِمْع : الذئب.
وقال شمر : الخوامع : الضِّباع ، اسمٌ لها لازمٌ ؛ لأنّها تخمع خُماعاً وخَمَعاناً وخُموعاً.
وقال ابن المظفَّر : خَمَع في مشيه ، إذا عَرَجَ. والخُمَاع : العَرَج.
خعم : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الخَيْعامة : المأبون. قال : وقال أبو عمرو : الضَّمَج هَيَجان الخَيْعامة ، وهو المأبون.
وقال ابن الأعرابي : الخوعم : الأحمق.
وروى عمرو بن أبي عمرو عن أبيه قال : الخيعم والخيعامة ، والمجبوس والجَبِيس ، والمأبون والمتدثِّر ، والمِثْفرُ ، والمِثفار ، والممسوح واحد.
قال الليث : وقال الخليل بن أحمد : لم يأتلف العين والغين في شيء من كلام العرب.
[العين مع الغين : مهمل](١)
أبواب العين والقاف
ع ق ك ـ ع ق ج
أهملت وجوهها.
باب العين والقاف مع الشين
[ع ق ش]
عقش ، عشق ، قشع ، قعش ، شقع : مستعملة.
عشق : سئل أبو العباس أحمد بن يحيى عن الحبّ والعِشْق أيهما أحمد؟ فقال الحبّ ؛ لأن العِشق فيه إفراط. قال : وقال ابنُ الأعرابيّ : العُشُق المصلحون غُروسَ الرياحين ومُسوُّوها. قال : والعُشُق من الإبل : الذي يلزم طَروقتَه ولا يحنُّ إلى غيرها. قال : والعَشَق : اللَّبلابُ ، واحدتها عَشَقةٌ. قال والعُشُق : الأراك أيضاً. قال : وسمِّي العاشق عاشقاً لأنّه يذبُل من شدَّة الهوى كما تذبُل العَشقَة إذا قُطعت.
وقال أبو عبيد : امرأةٌ عاشقٌ بغير هاء ، ورجلٌ عاشقٌ مثله.
قلت : والعرب خذَفت الهاء من نعت المرأة من حُروف كثيرة. منها قولهم : «تحسبها حَمقاء وهي باخس». ويقولون : امرأةٌ بالغٌ ، إذا أدركت. ويقولون للأمة خادم ، والرجلُ كذلك في هذه الحروف.
وقال الليث : يقال عَشِق يَعشَق عِشْقاً. قال والعَشَق المصدر والعِشْق الاسم. وقال رؤبة يصف العَير والأتان :
ولم يُضِعْها بين فِركٍ وعَشَق
وقال أبو تراب : العَشَق والعَسَق ، بالشين والسين : اللّزوم للشيء لا يفارقه ، ولذلك قيل للكَلِيفِ عاشقٌ للزومه هواه. والمَعْشَق
__________________
(١) انظر (ص ٤٩) من هذا الجزء.
والعِشْقُ واحد وقال الأعشى :
وما بي من سُقْم وما بي مَعْشَقُ
عقش : أبو سعيد : العَقْش : أطراف قُضبان الكرم. وروى أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال العَقَش : ثَمر الأراك ، وهو الحَثَر ، والجَهَاض ، والغَيْلة والكبَاث.
قعش : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القُعوش من مراكب النساء شبه الهوادج ، وقال رؤبة يصف السَّنَة :
حدباء فكّت أُسُر القُعوشِ
قال : واحدها قَعْش.
وقال الليث نحواً مما قاله ، قال : والقَعْش كالقَعْض وهو العطف.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تَقَعْوَشَ البناء وتقعوَسَ ، إذا انهدمَ. قال : وانقعش الحائط ، إذا انقلع. وانقعشَ القومُ ، إذا انقلعوا فذهبوا.
قشع : روي عن أبي هريرة أنه قال : «لو حدّثتكم بكلِّ ما أعلم لرميتموني بالقشع». قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ وغيره :
القِشَع : الجلود اليابسة ، الواحد منها قَشْع.
قال أبو عبيد : وهذا على غير قياس العربية ولكنّه هكذا يقال. وأنشد قول متمِّم يرثي أخاه :
ولا بَرَمٍ تُهدِي النساءُ لعِرْسِهِ |
إذا القَشْع من حِسِّ الشتاء تقعقعا |
وقال ابن الأعرابيّ : القَشْعة : النُّخامة ، وجمعها قِشَع. كأنّه أراد رميتموني بها استخفافاً بي. وقال غيره : القَشْعة : ما تقلَّف من يابس الطِّين إذا نَشّت الغُدران عنه ورسَب فيها طينُ السَّيل فجفَّ وتشقَّق. وجمعها قِشَع. فكأنه أراد : لو حدثتكم بكلِّ ما أعلم لرميتموني بالحجر والمدر تكذيباً لحديثي. ويقال للجلد اليابس قَشْع وقِشْع.
أبو عبيد عن الكسائي : قشعت الريح السَّحابة فأقشعت. قال : وأقشع القومُ إذا تفرّقوا.
وقال الليث : القَشْع : السَّحاب المتقشِّع عن وجه السماء. قال : وانقشعَ الهمُّ عن القلب. قال : والقَشْعة : قطعةٌ من السحاب ، إذا انقشع الغيم تبقى القَشْعة في نواحي الأفُق. قال : والقَشْعة : بيتٌ من أدَمٍ يُتّخَد من جلود الإبل ، والجميع قَشْع.
قال : وربّما اتُّخِد من جلود الإبل صِوانٌ للمتاع يسمَّى قَشْعاً.
قال شمر : قال ابن المبارك : القَشْعة : النِّطَع. قال : وقال غيره : هي القِربة البالية.
قال : ومات رجلٌ بالبادية فأوصى أن ادفنوني في مكاني هذا ولا تنقُلوني عنه ، فقال :
لا تَجْتَوِي القَشْعةُ الخرقاءُ مَبناها |
الناس ناسٌ وأرض الله سَوَّاها |
قال : الخرقاء : المتخرِّقة. وقوله مبناها ، يعني به حيث بُنِيت القَشْعة. قال : والاجتواء : ألّا يوافقَك المكانُ ولا ماؤه.أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : القِشَع : الأنطاعُ المُخْلِقة. قال : وقول أبي
هريرة : «لرميتموني القِشَع» قال : القِشَع هاهنا : البُزَاق. وقال أبو سعيد : القِشَع : النُّخامة يقشمها الرجلُ من صدره ، أي يخرجها بالتنخُّم ، أي لبزقتم في وجهي.
شقع : قال الليث : يقال شَقَع الرجل في الإناء ، إذا كرَع فيه. ومثله قَمَع ، ومَقَع ، وقَبَع ، كلُّ ذلك من شدّة الشُّرب.
وقال غيرُه : شَقَعه بعينه ، إذا لَقَعَه.
باب العين والقاف مع الضاد
[ع ق ض]
استعمل من وجوهه : قعض ، قضع.
قعض : قال الليث وغيره : القَعْض : عطفك الخشبة ، كما تُعطَف عُروش الكَرْم. وقد قعضه فانقعضَ ، أي انحنى. وقال رؤبة :
أَطْرَ الصَّنَاعَيْنِ العريشَ القَعْضا
قضع : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : قُضاعة مأخوذ من القَضْع ، وهو القهر. يقال قَضَعه قَضْعاً. قال : والقُضاعة أيضاً : كلبة الماء. قال : وكانوا أشدّاء كَلِبينَ في الحروب ونحوِ ذلك.
قال الليث : وقال ابن الأعرابي في موضع آخر القُضاعة : القَهْر. وبه سمِّيت قضاعة.
باب العين والقاف مع الصاد
[ع ق ص]
عقص ، صقع ، صعق ، قصع ، قعص : مستعملة.
عقص : روي عن عمر بن الخطّاب أنه قال : «من لبّد أو عَقَص فعليه الحلق» يعني من المحرِمينَ بالحج أو العمرة. قال أبو عبيد : العَقْص : ضربٌ من الضَّفْر ، وهو أن يُلوَى الشَّعَر على الرأس ، ولهذا يقال : للمرأة عِقْصة وجمعها عِقَصٌ وعِقاص.
وقال امرؤ القيس يصف شعر امرأة :
غدائره مستشزِراتٌ إلى العُلَا |
تَضِلُ العِقاصُ في مثنَّى ومرسَلِ |
وصفها بكثرة الشعر والتفافِه.
وقال الليث : العَقْص : أن تأخذ المرأة كل خُصْلة من شعرها فتلويَها ثم تَعقِدَها حتّى يبقى فيها التواءٌ ثمَّ تُرسلها ؛ وكلُّ خُصلة عقيصة. قال : والمرأة ربّما اتّخذَتْ عقيصةً من شعر غيرها.
وقال شمر : سمعتُ ابن الأعرابي يقول : العِقاص : المَدَارِي في قول امرىء القيس. قال : العَقْص والضَّفر ثلاث قُوًى ، وقُوَّتان. قال : والرجل يجعل شعره عقيصتين وضفيرتين فيرُخيهما من جانبيه.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : العِقاص ، والرَّبَض ، والحوِيّة ، والحاوية واحد ، وهي الدُّوَّارة التي في بطن الشاة.
أبو عبيد عن أبي زيد : العَقْصاء من المِعْزى : التي قد التوَى قرناها على أذنيها من خلفها. والقَصماء : المكسورة القرن الخارج. والعَضْباء : المكسورة القرن الداخل ، وهو المُشاش. والنَّصْباء : المنتصبة القرنين. وقال أبو عبيد : العَقِص من الرجال : الضيِّق البخيل. وقال أبو عمرو : العَقِص من الرَّمل كالعَقِد. وقال الأصمعيّ : المِعقَص : السهم ينكسر نصله فيبقى سِنْخُه في السهم ، فيُخرج ويُضرب حتى يُطَوَّل ويردّ إلى موضعه فلا يسدّ