المرشد إلى قواعد اللغة العربيّة - ج ٣

خالدية محمود البيّاع

المرشد إلى قواعد اللغة العربيّة - ج ٣

المؤلف:

خالدية محمود البيّاع


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٠

إنّ الحرف الّذي لحق بها في جمل المجموعة الثّانية هو (ما).

ـ عندما لحقت (ما) بهذه الحروف تكوّنت منهما (إنّما ، كأنّما ، لكنما ، لعلما) هل بقي عملها في المبتدأ؟

لا ، لقد كفت (ما) هذه الحروف (إنّ وأخواتها) عن العمل فلم يعد لها دور في نصب المبتدأ ..

ـ ماذا تسمّى (ما) الّتي تكفّ (إنّ وأخواتها) عن العمل؟

تسمّى (ما) الزّائدة ، وتدخل على الأحرف المشبّهة بالفعل فتكفّها عن العمل ، وتبقي المبتدأ مرفوعا.

ـ ما علامة إعراب اسم (إنّ وأخواتها)؟

تدخل (إنّ) وأخواتها على المبتدأ فتنصبه وسنوضح ذلك بالمثل.

ـ إنّ الطّقس بارد.

ـ إنّ الدّنيا غرورة.

ـ ليت قلبي يخبرني عنه.

ـ إنّ عيني الهّر تلمعان.

ـ ليت المعتدين يشعرون بما نعاني.

ـ لعل أخا المروءة ينجد المستغيث.

ـ كأنّ الممرضات أخوات المرضى.

فاسم إنّ في المثال الأوّل منصوب بالفتحة (الطّقس).

وفي المثال الثّاني منصوب بالفتحة المقدّرة على الألف للتّعذّر. (الدّنيا).

وفي المثال الثّالث منصوب بالفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم. (قلبي).

٢٠١

وفي المثال الرّابع منصوب بالياء لأنّه مثنّى. (عيني).

وفي المثال الخامس منصوب بالياء لأنّه جمع مذكّر سالم. (المعتدين).

وفي المثال السّادس منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة. (أخا).

وفي المثال السّابع منصوب بالكسرة عوضا عن الفتحة لأنّه جمع مؤنّث سالم. (الممرضات).

ـ أما علامات إعراب الخبر فتتوضّح أيضا من خلال مجموعة من الأمثلة :

ـ إنّ رحمة الربّ عظيمة.

ـ إنّ قلب الطّفل أنقى القلوب.

ـ يعمل المرء جاهدا كأنّه باق في الدّنيا إلى الأبد.

ـ أحبّك كأنّك أخي.

ـ ليت عينيّ قادرتان على رؤية خفايا النّاس.

ـ إنّكم مدعوون إلى العمل من أجل بلادكم.

ـ ليتني ذو حكمة كحكمة سليمان.

فإنّ الخبر يكون :

ـ مرفوعا بالضمّة كما في المثال الأوّل.

ـ الخبر جملة فعليّة في المثال الثّاني.

ـ الخبر مرفوع بالضمّة المقدّرة على ياء المنقوص المحذوفة في المثال الثّالث. فكلمة (باق) هي الخبر وعلامة الرّفع مقدّرة على ياء المنقوص المحذوفة للثّقل منع من ظهورها اشتغال المحلّ بالحركة المناسبة وأصلها (باقي).

٢٠٢

ـ الخبر في المثال الرّابع (أحبّك كأنّك أخي).

فأخي (خبر مرفوع بالضمّة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم).

ـ في المثل الخامس (ليت عينيّ قادرتان ...)

الخبر قادرتان مرفوع بالألف لأنّه مثنّى.

ـ في المثال السّادس (أنكم مدعوون ...)

الخبر (مدعوون) مرفوع بالواو لأنّه جمع مذكّر سالم.

ـ في المثال السّابع (ليتني ذو حكمة كحكمة سليمان).

الخبر (ذو) مرفوع بالواو لأنّه من الأسماء الخمسة.

ـ هل يمكن أن يكون اسم (إنّ وأخواتها) اسما غير معرب؟

أجل ، يمكن أن يكون اسم (إنّ) وأخواتها غير معرب.

ـ هلّا يمكن أن يكون اسما مبنيّا؟

أجل يمكن أن يكون اسما مبنيّا. مثال : كأنّ هذه النّسيمات أنفاس المؤمنين.

فاسم كأنّ هو اسم الإشارة (هذه).

وكذلك الاسم الموصول. مثال : لعلّ الّذي غاب عنّا عائد إلينا.

فاسم لعلّ هو الاسم الموصول (الّذي).

ـ هل يمكن أن يكون اسم (إنّ) ضميرا متصلا؟

كثيرا ما يكون إسم (إنّ وأخواتها) ضميرا متصلا.

مثال : قال تعالى : (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).

فاسم إنّ هو الضمير المتّصل (الكاف).

ويمكن أن يكون اسما ممنوعا من الصّرف. مثال : «إنّ لبنان خالد».

٢٠٣

فكلمة لبنان لا تنصرف.

ـ إذا كان اسم (إنّ) متعدّد الأنواع ، فهل الخبر كذلك؟ وكيف يكون خبر إنّ؟

يكون الخبر اسما مفردا. مثال : إنّ العلم نور. فالخبر هو الكلمة (نور).

يكون الخبر جملة فعليّة. مثال : إنّ الكلمة الدّقيقة تقرّب القلوب.

فالخبر هو الجملة الفعليّة (تقرّب القلوب).

يكون الخبر جملة اسميّة. مثال : إنّ هذا الكتاب دروسه مفيدة.

فالخبر جملة اسميّة (دروسه مفيدة).

ويمكن أن يكون الخبر شبه جملة. مثال : إنّ أخي تحت الطاولة.

فشبه الجملة (تحت الطّاولة) متعلّق بخبر (إنّ) محذوف تقديره موجود.

ـ هل تختلف (إنّ) عن أخواتها بشيء؟

أجل تختلف إنّ عن أخواتها بكسرها وفتحها.

ـ متى تكسر همزة (إنّ) دائما؟

نعطي أمثلة توضح متى تكسر همزة إنّ :

ـ ينجح الذي إنه مجتهد.

ـ إنّ الكتاب رفيق صامت.

ـ قال أبي : «إنّ اتحادكم قوّة لكم».

ـ والله إنّ الأخلاق أثمن عندي من المال.

ـ ألا إنّ الحياة جهاد.

٢٠٤

ـ ما حركة همزة (إنّ) في الأمثلة الثّلاثة؟

حركة الهمزة في (إنّ) هي الكسرة.

ـ أين وقعت إنّ في المثال الأوّل ، في ابتداء الكلام أم في حشوه؟

وقعت (إنّ) في ابتداء الكلام.

ـ إذا وقعت (إنّ) في ابتداء الكلام هل تأتي همزتها مكسورة دائما؟

أجل ، عندما تتصدّر (إنّ) الكلام تكسر همزتها.

ـ نأخذ المثال الثّاني قال أبي : «إنّ اتحادكم قوّة لكم» ، ما الفعل الّذي وقعت بعده إنّ؟

وقعت (إنّ) بعد فعل القول.

ـ هل تكسر همزة (إنّ) بعد فعل القول؟

نعم تكسر همزة (إنّ) بعد فعل القول.

ـ نأخذ المثال الثّالث «والله إنّ الأخلاق أثمن عندي من المال» ، أين وقعت (إنّ) في الجملة المذكورة أعلاه؟

وقعت (إنّ) بعد القسم وكانت جوابا للقسم.

ـ هل تكسر همزة (إنّ) إذا كانت جوابا للقسم؟ دائما تكسر همزة (إنّ) بعد القسم.

ـ متى تكسر همزة (إنّ) إذا؟

تكسر همزة (إنّ) إذا لم يصح تأويلها مع معموليها بمصدر وذلك إذا وقعت في أحد المواضع الآتية :

١ ـ في ابتداء الكلام.

٢ ـ بعد فعل القول.

٢٠٥

٣ ـ بعد القسم (أي إذا كانت جوابا للقسم).

٤ ـ بعد (ألا) الاستفتاحية.

٥ ـ في أول جملة الصّلة.

ـ إذا كانت همزة (إنّ) مكسورة كما ذكرنا بشروط فهلّا يمكن فتحها؟

أجل ، يمكن فتحها بشروط وسأعطي مجموعة من الأمثلة تبيّنها :

(١)

(٢)

ـ يعجبني أنّ إبراهيم مجتهد.

ـ يعجبني اجتهاد إبراهيم.

ـ سمعت أنّ المهاجر عائد.

ـ سمعت عودة المهاجر.

ـ سررت من أنّ إبراهيم باق في وطنه.

ـ سررت من بقاء إبراهيم في وطنه.

ـ لاحظنا أنّ همزة (إنّ) في أمثلة المجموعة الأولى أتت مفتوحة وفي أمثلة المجموعة الثّانية حذفت منها (إنّ).

ـ كيف تمّ ذلك؟ ولماذا؟

تمّ ذلك بالتأويل بحيث أنّ همزة (أنّ) لا تفتح إلّا إذا أمكن أن المصدر سدّ مسدّها مع اسمها وخبرها.

ـ هل أمكن ذلك في الأمثلة التي عرضناها؟

أجل أمكن ذلك.

ـ كيف تمّ التأويل في المثل الأوّل؟

في المثل الأوّل تمّ تأويل (أن وما بعدها) بمصدر مرفوع هو (اجتهاد) في محل رفع فاعل.

٢٠٦

وفي المثل الثّاني أوّلت (أنّ) وما بعدها في محل نصب مفعول به (عودة).

وفي المثل الثّالث أوّلت (أنّ) وما بعدها في محل جر بحرف الجر (من بقاء إبراهيم).

ـ إذا متى تفتح همزة (إنّ)؟

تفتح همزة (إنّ) إذا أمكن أن تؤول مع اسمها وخبرها بمصدر مرفوع أو منصوب أو مجرور.

ـ ماذا نستنتج مما سبق كله؟

قاعدة عامّة :

ـ الأحرف المشبّهة بالفعل (إنّ وأخواتها) ، أحرف تدخل على المبتدأ والخبر ، فتنصب الأوّل اسما لها ، وتبقي الثاني مرفوعا خبرا لها.

مثال : إنّ العمل مفيد.

لعلّ المسافرين قادمون.

ـ إذا لحقت (ما) الزائدة الأحرف المشبّهة بالفعل ، كفتّها عن العمل وعاد ما بعدها مبتدأ وخبرا.

مثال : إنّما اللّيل مظلم.

مثال : كأنّما الأمّ عطاء.

ـ علامات نصب اسم (إنّ وأخواتها) هي الفتحة الظّاهرة ، الفتحة المقدّرة ، الياء (في المثنّى) ، الياء (في جمع المذكّر السّالم) ، الألف (في الأسماء الخمسة) ، الكسرة (في جمع المؤنّث السالم) ، الألف (في الأسماء الخمسة). مثال : إنّ الشّمس ساطعة ـ ليت صديقي يعود

٢٠٧

ـ لعل الولدين يشفيان ـ كأنّ صفحات الماء مرآة ـ دروسنا صعبة لكنّ الاجتهاد يسهّلها ـ إنّ ذا الأخلاق موقّر.

ـ علامات رفع الخبر هي الضمّة الظّاهرة ، الضمّة المقدّرة ، الألف (في المثنّى) الواو (في جمع المذكّر السّالم) ، الواو (في الأسماء الخمسة). مثال : إنّ أبي مجدّ ـ أحبّك ولكنّك خصمي ـ ليت المجدّين فائزان ـ لعلّ المهاجرين عائدون ـ إنّ معلمتنا ذو علم غزير.

ـ معاني الأحرف المشبّهة بالفعل هي :

إنّ ، أنّ ـ توكيد ونصب.

لكنّ ـ للاستدراك.

كأنّ ـ للتشبيه.

ليت ـ للتّمني.

لعلّ ـ للتّرجي.

وتكسر همزة (إنّ) حيث لا يصح أن يسدّ المصدر مسدّها مع اسمها وخبرها. ويكون ذلك في المواضع التالية :

١ ـ في ابتداء الكلام. مثال : إنّ العمل نشاط.

٢ ـ بعد فعل القول. مثال : أقول «إنّ الأمر بيدك».

٣ ـ بعد القسم مثال : والله إنّك خلوق.

٤ ـ بعد (ألا) الاستفتاحية : ألا إنّ وعد الله حق.

٥ ـ في أول جملة الصّلة : يحقّق المجد الّذي إنّه يسعى إليه.

ـ تفتح همزة (إنّ) إذا أمكن تأويلها هي وما بعدها بمصدر مرفوع أو منصوب أو مجرور ذلك في مواضع :

ـ أن يكون المصدر المؤوّل :

١ ـ فعلا. مثال : وصلني أنّك ناجح / وصلني نجاحك.

٢٠٨

٢ ـ نائب فاعل : نمي إليّ أنه أقفلت المدرسة البارحة ـ إقفال.

٣ ـ مبتدأ : من المفيد أن نتعاون ـ تعاوننا.

٤ ـ مفعولا به. مثال : علمت أنّك مسافر بعد أيام / علمت سفرك.

٥ ـ في موضع المجرور. مثال : سررت من أن صديقنا باق / سررت من بقاء صديقنا ...

تمارين تطبيقيّة :

١ ـ أدخل على كلّ من الجمل الآتية حرفا مشبّها بالفعل وأجر ما يلزم :

ـ الصّادقون في كلامهم مخلصون في أعمالهم.

ـ الرّوايات البوليسيّة تجتذب القرّاء.

ـ دفّتا الكتاب مزينتان بالصّور.

ـ لي في هذا الأمر نظرتان.

ـ ذو الغنى الفاحش لاه عمّا حوله.

ـ والدي ذو فضل عليك.

٢ ـ أحذف الحرف المشبّه بالفعل ممّا يلي وأعد كتابة الجمل مصبوطة بعلامات الإعراب :

ـ إنّ هذين الزّائرين شريفان.

ـ سرّني أنّ المتحاورين قد وصلوا إلى غاية حميدة.

٢٠٩

ـ لعلّ ذوي الثرّوات الطائلة يجودون على المعوزين.

ـ كأنّ الحاضنات أمّهات للأطفال.

ـ لعلّ السّاعين إلى السّلام بالغون هدفهم.

ـ رأيت أنّ أخاك ذو مطامح بعيدة.

٣ ـ ألّف أربع جمل على الوجه الآتي :

إنّ ـ اسمها من الأسماء الخمسة.

كأنّ ـ اسمها جمع مذكّر سالم.

ليت ـ خبرها مثنّى.

لكنّ ـ خبرها جملة فعليّة.

٤ ـ عيّن بين قوسين علامة إعراب كلّ من الاسم والخبر في ما يلي :

ـ إنّ يديّ الإنسان جناحاه.

ـ أيقنت أنّ القرويين سعيدون بعيشتهم.

ـ لعلّ أخا المكارم يدري بحال البائسين.

ـ بلغني أنّ سيّدات الصليب الأحمر يخاطرن بحياتهنّ.

ـ كأنّ زارع الفتنة ساع إلى حتفه.

٥ ـ إملأ المكان الخالي بإحدى الكلمات التّالية مضبوطة بعلامة الإعراب :

(ذو ، معلّم ، يلقي ، هذا ، الّتي ، ي).

ـ إنّ ... الدّرس صعب.

ـ كأنّهم ... أحمالهم على أكتاف النّاس.

لعلّ ... تعلّمنا الحساب يسهل لنا صعوباته.

٢١٠

وجدت أنهما ... قديران.

ـ ليت ... أستطيع إبطال الحروب كلّها.

٦ ـ ألحق (ما) الكافّة بالأحرف المشبّهة بالأفعال وأجر ما يلزم :

ـ إنّ عمل الخير واجب.

ـ ليت الغافلين عن الحقيقة يعونها.

ـ كأنّ هاتين السّاريتين عمودان من أعمدة الكهرباء.

ـ لعلّ رائدي الفضاء العاملين يكتشفان ما يهدي إلى السّلام.

ـ أنتم أصدقاؤنا لكنّ أعمالكم لا تتّفق والصّداقة.

٧ ـ حوّل في الجمل التّالية (إنّ) واسمها وخبرها إلى مصدر مؤول :

ـ علمت هذا الصّباح أنّ عامرا قد عاد من المهجر.

ـ بلغني عنك أنّك تندفع إلى عمل الخير.

ـ أعجبت بأنّك تنشد الشّعر أمام زملائك.

٨ ـ أعرب ما يلي :

كأنّ عمر الإنسان مركب يسير به فوق نهر الحياة.

إعراب تطبيقي :

ـ إنّ العازفات أناملهنّ رشيقة.

ـ لعلّ بعد الصّبر الفرج.

إنّ : حرف توكيد ونصب مبنيّ على الفتح وهو حرف مشبّه بالفعل يدخل على المبتدأ والخبر فينصب الأوّل اسما له ويرفع الثّاني خبرا له.

٢١١

العازفات : اسم إنّ منصوب بالكسرة عوضا عن الفتحة لأنّه جمع مؤنّث سالم.

أناملهن : مبتدأ مرفوع بالضّمّة وهو مضاف وهن ضمير متّصل مبني في محل جر بالإضافة.

رشيقة : خبر أنامل مرفوع بالضمّة الظّاهرة على آخره ، وجملة (أناملهن رشيقة) جملة اسميّة في محل رفع إنّ.

لعلّ : حرف ترجّي ونصب مبني على الفتح ، وهي حرف مشبّه بالفعل تدخل على المبتدأ والخبر ، فتنصب الأوّل اسما لها ، وترفع الثّاني خبرا لها.

بعد : ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.

الصّبر : مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة على آخره والظرف متعلق بخبر محذوف تقديره موجود.

الفرج : اسم لعلّ مؤخّر منصوب بالفتحة الظّاهرة على آخره.

٢١٢

الدّرس الثالث والعشرون :

ليس وأخواتها

الهدم والبناء

ما زال الإنسان منذ وجوده في هذه الدّنيا ، يبني بيد ، ويهدم بيد. وحتّى اليوم ما استراح لا من الهدم ولا من البناء. فما بناؤه ثابتا وما هدمه دائما. ولا أحد قادرا أن يحصي ما بناه الإنسان من مدن وحصون وقرى ، قبل التاريخ وبعده. ويا ليته كان في مستطاعي أو مستطاع أيّ إنسان أن يعرف ذلك ، إذن لأيقنتم أنّ مدينة تعيشون في ظلّها الآن ليست سوى بنيان متداع ، شيّدته مدنيّات تداعت ؛ ولأدركتم أنّ ما بذله الإنسان في عمره القصير مذ كان إلى اليوم ، ليس سوى أمنيات ترجو الخلود ، ولات ساعة رجاء.

خطّة البحث :

نأخذ أمثلة النّص ونضعها في مجموعتين :

(١)

(٢)

ـ البناء ثابت.

ـ ليس البناء ثابتا.

ـ العمران باق.

ـ ما البناء ثابتا.

٢١٣

ـ الإنسان قادر على البقاء.

ـ لا عمران باقيا.

ـ السّاعة ساعة رجاء.

ـ إن الإنسان قادرا على البقاء.

ـ لات ساعة رجاء.

ـ ليست السّاعة ساعة رجاء.

ـ نأخذ المجموعة الأولى : ما نوع كلّ من جمل المجموعة الأولى؟ ومما تتألف؟

إنها جمل اسميّة ، تتألّف كل منها من متبدأ وخبر.

ـ هل في جمل المجموعة الأولى أدوات نفي؟

لا ، لا يوجد أدوات نفي في جمل المجموعة الأولى.

ـ إذا أخذنا جمل المجموعة الثّانية : ماذا تصدّر المثال الأوّل «ليس البناء ثابتا»؟ وماذا تصدّر المثال الثّاني «ليس السّاعة ساعة رجاء»؟

تصدّر كل من هذين المثلين (ليس).

ـ ما إعراب (ليس)؟

(ليس) : فعل ماض ناقص جامد تدخل على المبتدأ والخبر ترفع المبتدأ اسما لها وتنصب الخبر خبرا لها مثال : ليس النّور ساطعا.

ـ أين اسم ليس المرفوع في المثال الأوّل «ليس البنّاء ثابتا»؟

وأين خبرها المنصوب؟

إنّ اسمها (البنّاء) وخبرها (ثابتا).

أمّا في المثال الثّاني «ليست السّاعة ساعة رجاء» إنّ اسمها (السّاعة) وخبرها (ساعة).

ـ ما الأحرف الّتي تصدّرت باقي الأمثلة في المجموعة الثّانية؟

٢١٤

إنّ الأحرف الّتي تصدّرت الجمل هي (ما ، لا ، إن ، لات).

ـ هل لهذه الأحرف أحكام (ليس)؟

أجل لهذه الأحرف أحكام (ليس) إعرابيّا ، أي أنّها ترفع اسمها وتنصب خبرها ولكنّها ليست بفعل بل هي حرف.

ـ ماذا نقول في هذه الأحرف؟

نقول إنّها أحرف مشبّهة بليس وتعمل عملها ، ولكل حرف منها شروط خاصة.

* فما شروط عمل (ما) و (إن) عمل ليس؟

ـ هذه الشروط هي :

١ ـ أن يتقدّم اسمهما على خبرهما : ما أخوك منصف : إن الجهاد واجب.

٢ ـ أن تدل الجملة على النفي ، فإن انتقض النفي بـ (إلّا) بطل عملها. فلو قلنا :

ما أنت إلّا طالب ، كان الخبر مرفوعا وتكون (ما) نافية غير عاملة.

٣ ـ ألّا تأتي بعد (ما) (إن) الزائدة. فإذا قلت : ما إن أحد خير من أحد إلّا بالعمل الصالح. فلا تعمل (ما) وتعرب : (أحد) مبتدأ و (خير) خبرا للمبتدأ.

* وما شروط عمل (لا) عمل ليس؟

ـ وضع النحاة شروطا ثلاثة لعمل (لا) عمل (ليس) ، هذه الشروط هي :

١ ـ ألّا يتقدم خبرها على اسمها.

٢١٥

٢ ـ ألا ينتقض النفي بـ (إلّا).

٣ ـ أن يكون اسمها وخبرها نكرتين. مثال : لا كسول ناجحا.

* وما شروط عمل (لات) عمل ليس؟

ـ لعمل (لات) عمل (ليس) شرطان أساسيان هما :

١ ـ أن يكون اسمها وخبرها من أسماء الزمان ، مثل الوقت والساعة واليوم والحين.

٢ ـ أن يكون اسمها محذوفا. نحو : لات ساعة مندم. التقدير لات الساعة ساعة مندم.

ـ ماذا تسمّى (ما) العاملة عمل (ليس)؟

تسمّى (ما) العاملة عمل (ليس) (ما) النّافية أو ما الحجازيّة وهي حرف يرفع المبتدأ وينصب الخبر. مثال : ما محمّد إلّا رسول.

ـ إذا كانت ما الحجازيّة تعمل عمل (ليس) فهل (لا) النّافية الّتي تسمّى (لا) الحجازيّة أيضا تعمل عمل (ليس)؟

أجل (إنّ) لا الحجازيّة تأخذ أحكام (ما) الحجازيّة وكلاهما حرف نفي يشبّهان بليس يدخلان على المبتدأ والخبر فيرفعان المبتدأ وينصبان الخبر خبرا لهما. أمّا (إن) ، مثال : «إن الإنسان قادرا على البقاء» فهي بمعنى (ما) النّافية تعمل عمل (ليس) فترفع المبتدأ وتنصب الخبر.

أمّا (لات) فلها نفس أحكام (ما) و (لا) و (إن) فهي عاملة عمل (ليس) ولكن يشترط أن يكون اسمها محذوفا وأن يدلّ اسمها وخبرها على الزّمان (أي يوم ـ ساعة ـ حين ... الخ).

قال تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ).

٢١٦

حيث حذف اسمها والتّقدير (ولات الحين حين مناص).

ـ إذا ، ما الأحرف المشبّهة بليس وما عملها؟

قاعدة عامّة :

الأحرف المشبّهة بليس هي (ما ، إن ، لا ، لات).

مثال : ـ ما التّلاميذ غائبين.

ـ إن الزّارع خاسرا.

ـ لا كاذب محترما.

ـ لات يوم نزهة.

ـ تختلف (ليس) عن أخواتها أنّها فعلا ماضيا ناقصا وأخواتها حروف مشبّهة بليس.

ـ تعمل (ليس) وأخواتها عمل الأفعال النّاقصة إذ ترفع المبتدأ وتنصب الخبر : ليس النّجّار ماهرا.

ـ يشترط بـ (لات) أن يكون اسمها محذوفا وأن يدلّ على الزّمان. مثال : لات يوم عيد.

ـ تسمّى (ما) بـ (ما) النّافية أو الحجازيّة.

مثال : ما الفقر عيبا.

ـ تسمّى (لا) بـ (لا) النّافية أو (لا) الحجازيّة. مثال : لا مال باقيا.

تمارين تطبيقيّة :

١ ـ دلّ على الأحرف المشبّهة بـ (ليس) وعلى اسم كلّ منها المرفوع والخبر المنصوب فيما يلي :

٢١٧

ـ ما الفقر في المرء عيبا.

ـ لا مال على الأرض باقيا.

ـ إن الثّوب نظيفا.

ـ لات ساعة رجاء.

٢ ـ أدخل كلّا من الأحرف المشبّهة بـ (ليس) على الجملة الّتي تناسبه فيما يلي.

ـ ... الإنسان آلة.

ـ ... بخيل محمود.

ـ ... هذا إلّا ملك كريم.

ـ ... وقت لعب.

٣ ـ أنقل الجمل التّالية من النّفي إلى الإثبات ، وذلك بحذف ليس وأخواتها المشبّهات بها ، واضبط أواخر الكلمات بعد الحذف بالشكل المناسب :

ـ لات يوم نزهة.

ـ ما التّلاميذ غائبين.

ـ ليس النّور القويّ بمضرّ بالأعين.

ـ إن الكسلان إلّا نادم.

٤ ـ هات خمس جمل وأدخل عليها (ليس) وأخواتها.

٥ ـ صحّح ما يلي وأجر التّعديل اللّازم :

ـ ليس الجبلين عاليين.

ـ ما أخيك جبان.

ـ لا شجرات مثمرات.

٢١٨

ـ إن الكسولون نادمون.

ـ لات الوقت وقت لعب.

٦ ـ أعرب ما يلي :

ـ ليس أبوك بمهمل عمله.

ـ لات حين مناص.

إعراب تطبيقي :

أعرب ما تحته خط :

ـ لات وقت عمل.

ـ (ما هذا بَشَراً) صدق الله العظيم.

ـ تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر ممّا قض الله واقيا

لات : حرف نفي مشبّه بليس مبني على الفتح ، يدخل على المبتدأ والخبر ، يرفع الأوّل اسما له وينصب الثّاني خبرا له.

وقت : خبر «لات» منصوب بالفتحة وهو مضاف ، واسم (لات) محذوف. والتّقدير «لات الوقت وقت عمل».

عمل : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة على آخره.

ـ (ما هذا بَشَراً).

ما : نافية تعمل عمل ليس.

هذا : الهاء : للتّنبيه : حرف مبني على الفتح لا محلّ له من الإعراب ، ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم ما.

بشرا : خبر ما منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

٢١٩

ـ تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا.

تعزّ : فعل أمر مبني على حذف حرف العلّة ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.

فلا : الفاء زائدة ، حرف لا محلّ له من الإعراب. لا : نافية تعمل عمل ليس ، حرف مبني على السكون.

شيء : اسم لا ، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

على : حرف جر.

الأرض : اسم مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظاهرة على آخره.

والجار والمجرور متعلقان بخبر (لا) (باقيا).

باقيا : خبر (لا) منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ملاحظة : (إعراب الشطر الثاني كإعراب الشطر الأول).

٢٢٠