حديث الثقلين تواتره ـ فقهه

السيّد علي الحسيني الميلاني

حديث الثقلين تواتره ـ فقهه

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ١٦٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

حديث الثقلين وتواتره

لكنّ الحق أنّ هذا الحديث متواتر بالنظر إلى رواته في القرون المختلفة :

١ ـ رواته من الأصحاب :

ذكر الترمذي بعد أن أخرج حديث الثقلين عن جابر :

« وفي الباب عن : أبي ذر ، وأبي سعيد ، وزيد بن أرقم ، وحذيفة بن أسيد ».

وقد عرفت روايته عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وعن زيد بن ثابت وأم سلمة.

وعرفت من عبارة ابن حجر المكي : « أنّ لحديث التمسّك بذلك طرقاً كثيرةً وردت عن نيف وعشرين صحابّياً ».

ولكنك اذا تتّبعت وجدتها واردةً عن نيف وثلاثين ... ولكن لا حاجة ، لثبوت التواتر بالعدد الذي ذكر بل بالأقلّ منه.

٢ ـ رواته من التّابعين :

وبالنظر في تلك الطرق الكثيرة التي أشار اليها ابن حجر المكي وغيره يعرف رواة الحديث من التابعين ، الذين أثنى عليهم القرآن الكريم والنبيّ العظيم كما يروي القوم ويقولون ... وهذه أسماء ثلّة من رواة حديث الثقلين من التابعين :

١ ـ أبو الطفيل عامر بن واثلة ، وعداده في الصحابة كما تقدم عن ابن حجر العسقلاني.

٤١

٢ ـ عطية بن سعد العوفي.

٣ ـ حنش بن المعتمر.

٤ ـ الحارث الهمداني.

٥ ـ حبيب بن أبي ثابت.

٦ ـ علي بن ربيعة.

٧ ـ القاسم بن حسّان.

٨ ـ حصين بن سبرة.

٩ ـ عمر بن مسلم.

١٠ ـ أبو الضحى مسلم بن صبيح.

١١ ـ يحيى بن جعدة.

١٢ ـ الأصبغ بن نباتة.

١٣ ـ عبد الله بن أبي رافع.

١٤ ـ المطلب بن عبد الله بن حنطب.

١٥ ـ عمر بن علي بن أبي طالب.

٣ ـ رواته عبر القرون :

وأمّا من رواه من بعد الصحابة والتابعين من أعلام الأمة وحفّاظ الحديث ومشاهير رجال العلم عبر القرون فلا يحصون كثرةً ، فإليك أسماء أشهرهم في كلّ قرن حسب الطّبقات.

القرن الثّاني :

١ ـ سعد بن مسروق الثوري المتوفي سنة ١٢٦.

٢ ـ أبو إسحاق السبيعي سنة ١٢٩.

٤ ـ الركين بن الربيع ١٣١.

٤٢

٤ ـ أبو حيان التيمي ١٤٥.

٥ ـ سليمان بن مهران الأعمش ١٤٧.

٦ ـ زكريا بن أبي زائدة ١٤٨.

٧ ـ محمد بن اسحاق المدني ١٥١.

٨ ـ كثير بن زيد ١٥٨.

٩ ـ معروف بن خرّبوذ المكي.

١٠ ـ أبو عوانة وضّاح بن عبد الله الواسطي ١٧٥.

١١ ـ حاتم بن إسماعيل ١٨٦.

١٢ ـ أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم البصري المعروف بابن علية ١٩٣.

القرن الثالث :

١٣ ـ محمد بن عبد الله أبو أحمد الزبيري الحبّال المتوفى سنة ٢٠٣.

١٤ ـ أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ٢٠٤.

١٥ ـ جعفر بن عون المخزومي ٢٠٦.

١٦ ـ الأسود بن عامر الشامي ٢٠٨.

١٧ ـ يعلى بن عبيد الطنافسي ٢٠٩.

١٨ ـ أبو غسّان مالك بن إسماعيل النهدي ٢١٩.

١٩ ـ أبو جعفر محمد بن حبيب البغدادي ٢٢٥.

٢٠ ـ سعيد بن سليمان الواسطي ٢٢٥.

٢١ ـ سعيد بن منصور الخراساني ٢٢٧.

٢٢ ـ محمد بن سعد الزهري البصري ٢٣٠.

٢٣ ـ أبو محمد خلف بن سالم المخرّمي السندي ٢٣١.

٢٤ ـ أبو خيثمة زهير بن حرب ٢٣٤.

٤٣

٢٥ ـ أبو الفضل شجاع بن مخلد الفلاس البغوي ٢٣٥.

٢٦ ـ أبو بكر ابن أبي شيبة ٢٣٥.

٢٧ ـ أبو يعقوب إسحاق بن راهويه ٢٣٨.

٢٨ ـ أحمد بن حنبل ٢٤١.

٢٩ ـ سفيان بن وكيع الجراح ٢٤٧.

٣٠ ـ أبو محمد عبد بن حميد الكسي ٢٤٩.

٣١ ـ عباد بن يعقوب الرواجني ٢٥٠.

٣٢ ـ أبو موسى محمد بن المثنى العنزي ٢٥٢.

٣٣ ـ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ٢٥٥.

٣٤ ـ مسلم بن الحجاج النيسابوري ٢٦١.

٣٥ ـ أحمد بن المنصور الرمادي ٢٦٥.

٣٦ ـ أحمد بن يونس أبو العباس الضبي ٢٦٨.

٣٧ ـ أبو عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجة القزويني ٢٧٣.

٣٨ ـ أبو داود سليمان بن الأشعت السجستاني ٢٧٥.

٣٩ ـ يعقوب بن سفيان الفسوي ٢٧٧.

٤٠ ـ أبو عيسى محمد بن عيسى االترمذي ٢٧٩.

٤١ ـ أبو بكر ابن أبي الدنيا البغدادي ٢٨١.

٤٢ ـ أبو عبد الله الحكيم الترمذي ٢٨٥.

٤٣ ـ أبو بكر ابن أبي عاصم الشيباني ٢٨٧.

٤٤ ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل ٢٩٠.

٤٥ ـ أبو العباس ثعلب البغدادي ٢٩١.

٤٦ ـ أبو بكر البزار البصري ٢٩٢.

٤٧ ـ أبو جعفر المطين ٢٩٧.

٤٤

القرن الرّابع :

٤٨ ـ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ٣٠٣.

٤٩ ـ الحسن بن سفيان النسوي ٣٠٣.

٥٠ ـ أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي ٣٠٧.

٥١ ـ أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي ٣٠٧.

٥٢ ـ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ٣١٠.

٥٣ ـ أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ٣١١.

٥٤ ـ أبو بكر ابن أبي داود السجستاني ٣١٦.

٥٥ ـ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفرائيني ٣١٦.

٥٦ ـ أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي ٣٢١.

٥٧ ـ أبو عمر أحمد بن محمد بن عبدربه القرطبي ٣٢٨.

٥٨ ـ أبو عبد الله القاضي المحاملي ٣٣٠.

٥٩ ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة ٣٣٢.

٦٠ ـ أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم الشيباني ٣٤٤.

٦١ ـ أبو محمد دعلج بن أحمد السجزي ٣٥١.

٦٢ ـ أبو القاسم الطبراني ٣٦٠.

٦٣ ـ أبو الشيخ ابن حيان ٣٦٩.

٦٤ ـ أبو منصور الأزهري اللغوي ٣٧٠.

٦٥ ـ أبو الحسين محمد بن المظفر البغدادي ٣٧٩.

٦٦ ـ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ٣٨٥.

٦٧ ـ أبو طاهر المخلّص الذهبي ٣٩٣.

٤٥

القرن الخامس :

٦٨ ـ أبو عبيد الهروي ٤٠١.

٦٩ ـ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ٤٠٥.

٧٠ ـ أبو سعد الخركوشي النيسابوري ٤٠٧.

٧١ ـ أبو زكريا يحيى بن ابراهيم المزكي النيسابوري ٤١٤.

٧٢ ـ أبو إسحاق الثعلبي ٤٢٧.

٧٣ ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني ٤٣٠.

٧٤ ـ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ٤٥٨.

٧٥ ـ أبو غالب ابن بشران النحوي ٤٦٢.

٧٦ ـ أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عبدالبر القرطبي ٤٦٣.

٧٧ ـ أبو بكر الخطيب البغدادي ٤٦٣.

٧٨ ـ أبو محمد الحسن بن أحمد الغندجاني ٤٦٧.

٧٩ ـ أبو عبد الله الحميدي الازدي ٤٨٨.

٨٠ ـ أبو المظفر السمعاني ٤٨٩.

القرن السادس :

٨١ ـ أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي ٥٠٧.

٨٢ ـ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي المعروف بابن القيسراني ٥٠٧.

٨٣ ـ أبو شجاع شيرويه الديلمي ٥٠٩.

٨٤ ـ أبو محمد حسين بن مسعود البغوي ٥١٦.

٨٥ ـ أبو بكر المزرفي الشيباني ٥٢٧.

٨٦ ـ زاهر بن طاهر الشحامي ٥٣٣.

٤٦

٨٧ ـ أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري ٥٣٥.

٨٨ ـ جارالله الزمخشري ٥٣٨.

٨٩ ـ القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي ٥٤٤.

٩٠ ـ أبو الفضل ابن ناصر البغدادي ٥٥٠.

٩١ ـ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني ٥٦٩.

٩٢ ـ أبو القاسم علي بن الحسين ابن عساكر الدمشقي ٥٧١.

٩٣ ـ أبو موسى محمد بن عمر المديني ٥٨١.

٩٤ ـ سراج الدين أبو محمد الأوشي الفرغاني ٥٩٦.

القرن السابع :

٩٥ ـ أبو الفتح أسعد بن محمود العجلي ٦٠٠.

٩٦ ـ المبارك بن محمد المعروف بابن الأثير ٦٠٦.

٩٧ ـ أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر البغدادي ٦١١.

٩٨ ـ أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن الأثير ٦٣٠.

٩٩ ـ ضياء الدين المقدسي ٦٤٢.

١٠٠ ـ أبو عبد الله ابن النجار البغدادي ٦٤٣.

١٠١ ـ رضي الدين الصاغاني ٦٥٠.

١٠٢ ـ أبو سالم محمد بن طلحة القرشي ٦٥٢.

١٠٣ ـ شمس الدين أبو المظفر سبط ابن الجوزي ٦٥٤.

١٠٤ ـ أبو الفتح الأبيوردي ٦٦٧.

١٠٥ ـ أبو زكريا النووي ٦٧٦.

١٠٦ ـ القاضي ناصر الدين البيضاوي ٦٨٥.

١٠٧ ـ محّب الدين أبو العباس الطبري المكي ٦٩٤.

٤٧

القرن الثامن :

١٠٨ ـ جمال الدين ابن منظور الأفريقي ٧١١.

١٠٩ ـ صدر الدين إبراهيم بن محمد الحموئي ٧٢٢.

١١٠ ـ نجم الدين أبو العباس القمولي ٧٢٧.

١١١ ـ علاء الدين البغدادي الخازن ٧٤١.

١١٢ ـ أبو الحجاج المزي ٧٤٢.

١١٣ ـ أثير الدين أبو حيان الأندلسي ٧٤٥.

١١٤ ـ شمس الدين الذهبي ٧٤٨.

١١٥ ـ علاء الدين الترّكماني ٧٤٩.

١١٦ ـ أبو الفداء ابن كثير الدمشقي ٧٧٤.

١١٧ ـ سعد الدين التفتازاني ٧٩١.

القرن التاسع :

١١٨ ـ نور الدين أبو بكر الهيثمي ٨٠٧.

١١٩ ـ مجد الدين الفيروزابادي ٨١٧.

١٢٠ ـ أبو العباس تقي الدين المقريزي ٨٤٥.

١٢١ ـ ابن حجر العسقلاني ٨٥٢.

١٢٢ ـ نور الدين ابن الصبّاغ المالكي ٨٥٥.

القرن العاشر :

١٢٣ ـ أبو الخير شمس الدين السخاوي ٩٠٢.

١٢٤ ـ جلال الدين السيوطي ٩١١.

٤٨

١٢٥ ـ نور الدين السمهودي ٩١١.

١٢٦ ـ شهاب الدين القسطلاني ٩٢٣.

١٢٧ ـ شمس الدين العلقمي ٩٢٩.

١٢٨ ـ شمس الدين الصالحي ٩٤٢.

١٢٩ ـ ابن الديبع الشيباني ٩٤٣.

١٣٠ ـ شمس الدين ابن طولون ٩٥٣.

١٣١ ـ محمد بن أحمد الخطيب الشربيني ٩٦٨.

١٣٢ ـ شهاب الدين ابن حجر المكي ٩٧٣.

١٣٣ ـ علي بن حسام الدين المتقي ٩٧٥.

١٣٤ ـ شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني ٩٩٠.

القرن الحادي عشر :

١٣٥ ـ علي بن سلطان الهروي القاري ١٠١٣.

١٣٦ ـ عبد الرؤف المناوي ١٠٣١.

١٣٧ ـ نور الدين الحلبي ١٠٣٣.

١٣٨ ـ الشيخ عبد الحق الدهلوي ١٠٥٢.

١٣٩ ـ شهاب الدين الخفاجي المصري ١٠٦٩.

١٤٠ ـ علي بن أحمد العزيزي ١٠٧٠.

١٤١ ـ محمد بن محمد المغربي ١٠٩٤.

القرن الثاني عشر :

١٤٢ ـ صالح بن مهدي المقبلي الصنعاني المتوفى ١١٠٨.

١٤٣ ـ عبد الملك العصامي المكي ١١١١.

٤٩

١٤٤ ـ محمد أمين المحبّي ١١١١.

١٤٥ ـ إبن حمزة الحسيني ١١٢٠.

١٤٦ ـ محمد بن عبد الباقي الأزهري ١١٢٢.

١٤٧ ـ رضي الدين بن محمد الشّامي ١١٤٢.

١٤٨ ـ عبد الغني النابلسي ١١٤٣.

١٤٩ ـ إبراهيم الشبراوي ١١٦٢.

١٥٠ ـ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي ١١٧٦.

١٥١ ـ محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني ١١٨٢.

القرن الثالث عشر :

١٥٢ ـ أبو الفيض محمد مرتضى الزبيدي ١٢٠٥.

١٥٣ ـ مير غني الحسيني ١٢٠٧.

١٥٤ ـ محمد مبين بن محبّ الله الكهنوي ١٢٢٠.

١٥٥ ـ سليمان بن إبراهيم البلخي ١٢٩٣.

القرن الرابع عشر :

١٥٦ ـ حسن العدوي الحمزاوي ١٣٠٣.

١٥٧ ـ أحمد زيني دحلان ١٣٠٤.

١٥٨ ـ صديق حسن القنوجي ١٣٠٧.

١٥٩ ـ أحمد ضياء الدين الكمشخانوي ١٣١١.

١٦٠ ـ مؤمن بن حسن الشبلنجي.

١٦١ ـ القاضي بهجت بهلول أفندي.

١٦٢ ـ الشيخ منصور علي ناصف.

٥٠

١٦٣ ـ محمد بن عبد الرحمن المباركفوري ١٣٥٣.

١٦٤ ـ الشيخ محمود أبو ريّة.

١٦٥ ـ الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني.

* * *

٥١

٥٢

حديث الثقلين والمحاولات السقيمة

قد ذكرنا جملةً من ألفاظ حديث الثقلين وطائفةً من رواته في مختلف القرون ، فلا ريب في تواتره فضلاً عن صحّته. وإذْ لم يكن لأحدٍ مجال لأنْ يخدش في هذا الحديث من حيث السّند ، ترى بعضهم يحاول تحريف نصّه والتصرّف في متنه كي يسقط الاستدلال به :

* أخرج الخطيب البغدادي بإسناده عن مطيّن عن نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحسن الأنماطي ، عن معروف ، عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد : أن رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : يا أيّها الناس إني فرط لكم ، وأنتم واردون عليَّ الحوض ، وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني ، الثقل الأكبر كتاب الله ، سبب طرفه بيد الله ، وطرفه بايديكم ، فاستمسكوا به ولا تضلّوا ولا تبدّلوا » (١).

أقول :

وسيأتي النصّ الكامل للحديث بترجمة « زيد بن الحسن الأنماطي ».

* وأخرج أبو جعفر العقيلي في كتابه ( الضعفاء الكبير ) بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر : ان النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم خطب يوم عرفة فقال في خطبته : قد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إنْ اعتصمتم به : كتاب الله. وأنتم مسؤلون عني فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلّغت وأدّيت ونصحت. فقال

__________________

(١) تاريخ بغداد ٨ / ٤٤٢.

٥٣

بإصبعه السبّابة يرفعها إلى السماء ويكبّها إلى الأرض : اللهم اشهد ».

وهذا تحريف للحديث الذي أخرجه الترمذي في كتابه وقد تقدّم لفظه وسيأتي أيضاً مع البحث عن سنده.

* وجاء ابن تيميّة الحراني فزعم أنّ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وعترتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض » غير صحيح ، قال : « فهذا رواه الترمذي ، وقد سئل عنه أحمد فضعّفه ، وضعّفه غير واحدٍ منْ أهل العلم وقالوا : لا يصح » (١).

أقول :

أوّلاً : يكفي للشيعي إخراج الترمذي وحده.

ثانياً : الترمذي غير منفرد به ، فقد أخرجه كثيرون قبله وبعده ، فمن المتقدّمين عليه الذين رووا هذا القول في حديث الثقلين :

١ ـ سليمان بن مهران الأعمش.

٢ ـ ومحمد بن إسحاق.

٣ ـ وأبو أحمد الزبيري الحبّال.

٤ ـ وأبو عامر العقدي.

٥ ـ ومحمّد بن سعد الزهري.

٦ ـ وابن بقيّة الواسطي.

٧ ـ وأحمد بن حنبل.

٨ ـ وعبّاد بن يعقوب الرواجني.

٩ ـ ونصر بن علي الجهضمي.

__________________

(١) منهاج السنّة ٤ / ١٠٤.

٥٤

١٠ ـ وعبد الملك بن محمد الرقاشي البصري.

ومن المتأخّرين عن الترمذي الرّواة لهذه الفقرة من الحديث :

١ ـ الحكيم الترمذي.

٢ ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل.

٣ ـ أبو بكر البزاز.

٤ ـ أبو نصر القباني.

٥ ـ أبو عبد الرحمن النسائي.

٦ ـ أبو يعلى الموصلي.

٧ ـ محمد بن جرير الطبري.

٨ ـ أبو القاسم الطبراني.

٩ ـ الحاكم النيسابوري.

١٠ ـ شمس الدين الذهبي.

وثالثاً : قوله عن أحمد أنه ضعّفه. لم نجد هذا النقل عن أحمد في شيء من كتب الحديث ، على أن أحمد نفسه من أكبر واشهر رواته في مسنده ، وسيأتي الكلام عن ذلك بالتفصيل.

رابعاً : قوله ضعّفه غير واحدٍ من أهل العلم لا أساس له ، لأنّ القوم بين راوٍ ومصحّح للحديث كلّه ، وبين مضعّف للحديث كلّه ، ولم نجد مضعّفاً لهذه الفقرة ، كما لم نجد مضعّفاً له من أصله غير ابن الجوزي وستعلم ما في ذلك ، وهلا ذكر ابن تيميّة واحداً من « غير واحد » !!

* وبما ذكرنا من رواية الأئمة الأعلام حديث الثقلين في مختلف القرون وهم من بلادٍ مختلفة ، فيهم المكي ، والمدني ، والشامي ، والكوفي ، والبصري ، والخراساني ... يظهر سقوط قول « الدكتور » عنه بأنّه « كوفي النّشأة ».

٥٥

فإنْ أراد أنْ رواته كلّهم من الشيعة ، لكون الكوفة مدينة شيعية.

قلنا : ليس الأمر كذلك ، فقد كان في الكوفة شيعة وغير شيعة ، بل كان في الكوفة أناس يسبّون علياً ، وعثمانيّون يبغضون علياً عليه‌السلام (١).

ولو سلّمنا كون الأمر كذلك فقد عرفت أنّ التشيع غير ضائر ، بل كان غير واحدٍ من شيوخ البخاري من الشيعة ...

* هذا ، ولا يعارض حديث التمسّك بالكتاب والعترة ما ورد في بعض كتب القوم من الوصية بالكتاب والسنة بعنوان « الثقلين » ونحوه ، وهذا واضح ، الاّ أنّه لا بدّ من الالتفات إلى ما يلي :

أولا :

لقد جاء في ( الموطّأ ) ما نّصه : « وحدثني عن مالك أنّه بلغه أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ قال : تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما كتاب الله وسنة نبيّه » (٢).

أقول :

لم أجد الوصية بالكتاب والسنة بهذا اللفظ في المصادر الأولية من الصحاح وغيرها ، وهذا الذي جاء في ( الموطّأ ) لا سند له ، وتعبير « الدكتور » عنه ب‍ « غير متصّل الاسناد » في غير محلّه ، وما في شرح السيوطي من أنه « وصله ابن عبد البر

__________________

(١) روي عن عبد الرحمن بن أخي زيد بن أرقم قال : « دخلت على أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها. فقالت : من أين أنتم ؟ فقلت : من أهل الكوفة. فقالت : أنتم الذين تشتمون النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ؟ فقلت : ما علمنا أحداً يشتم النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم. قالت : بلى أليس يلعنون علياً ويلعنون من يحبّه ؟! وكان رسول الله يحبّه » رواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ، بترجمة علي ٢ / ١٦٤ ورواه غيره أيضاً.

(٢) الموطّأ بشرح السيوطي ٢ / ٢٠٨.

٥٦

من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده » (١) لا يجدي ، فإنه لو كان سند ابن عبد البر معتبراً لنصّ عليه الجلال وغيره ، واشتهر في الكتب الحديثيّة. هذا أوّلاً.

وثانياً : إنه يمكن التأكّد مما ذكرنا بمراجعة ترجمة ( كثير بن عبد الله ) في تهذيب التهذيب ٨ / ٣٧٧ ففيها ما يلي :

قال أبو طالب عن أحمد : منكر الحديث ليس بشيء.

وقال عبد الله بن أحمد : ضرب أبي على حديث كثير بن عبد الله في المسند ولم يحدثنا عنه.

وقال أبو خيثمة : قال لي أحمد : لا تحدّث عنه شيئاً.

وقال الدوري عن ابن معين : لجدّه صحبه ، وهو ضعيف الحديث ، وقال مرةً ليس بشيء.

وقال الدارمي عن ابن معين أيضاً : ليس بشيء.

وقال الآجري : سئل أبو داود عنه فقال : أحد الكذّابين. سمعت محمد بن الوزير يقول : سمعت الشافعي ـ وذكر كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف فقال ـ ذاك أحد الكذابين ، أو أحد أركان الكذب.

وقال ابن أبي حاتم : سألت أبا زرعة عنه فقال : واهي الحديث.

وقال أبو حاتم : ليس بالمتين.

وقال النسائي في موضعٍ آخر : ليس بثقة.

وقال ابن عدي : عامّة ما يرويه لا يتابع عليه.

وقال أبو نعيم : ضعّفه علي بن المديني.

__________________

(١) تنوير الحوالك ٢ / ٢٠٨.

٥٧

وقال ابن سعد : كان قليل الحديث ، يستضعف.

وقال ابن حجر : ضعّفه الساجي.

وثالثاً : انه ضعيف عند ابن عبد البر نفسه بل قد ذكر انه مجمع على ضعفه.

ورابعاً : فالحديث يرويه عن أبيه عن جدّة وقد قال ابن حبان : روى عن أبيه عن جدّه نسخةً موضوعة لا يحلّ ذكرها في الكتب ولا الرواية إلاّ على وجهة التعجّب !

وقال ابن السّكن : يروي عن أبيه عن جدّه أحاديث فيها نظر. وقال الحاكم : حدّث عن أبيه عن جدّة نسخةً فيها مناكير.

وما ذكره الجلال من أنه « ما من مرسلٍ في الموطّأ إلاّ وله عاضد أو عواضد كما سأبيّن ذلك في هذا الشرح ، فالصواب إطلاق أنّ الموطّأ صحيح لا يستثنى منه شيء » (١).

رأي من عنده ، وقد نقل هو عن الحافظ ابن حزم قال : « وقال ابن حزم في كتاب مراتب الديانة : أحصيت ما في موطأ مالك ، فوجدت فيه من المسند خمسمائة ونيفاً ، وفيه ثلاثمائة ونيف مرسلاً ، وفيه نيف وسبعون حديثاً قد ترك مالك نفسه العمل بها ، وفيه أحاديث ضعيفة وهّاها جمهور العلماء » (٢).

على أنّ رأيه هنا منقوض بكلامه في ( تدريب الراوي ) حيث ذكر فيه فوائد قال : « الثالثة : صرّح الخطيب وغيره بأن الموطّأ مقدّم على كلّ كتاب من الجوامع والمسانيد » ثم قال السيوطي : « فعلى هذا هو بعد صحيح الحاكم » (٣).

__________________

(١) تنوير الحوالك ١ / ٨.

(٢) تنوير الحوالك ١ / ٩.

(٣) تدريب الراوي ١ / ٨٣.

٥٨

أقول :

فالموطّأ من حيث الصحّة متأخر رتبةً عن ( المستدرك على الصحيحين ) للحاكم ، الذي أورده الحافظ ابن حجر العسقلاني في ( لسان الميزان ) وهذه هي العبارة كاملةً :

« إمام صدوق ولكنّه يصحّح في مستدركه أحاديث ساقطة فيكثر من ذلك ، فما أدري هل خفيت عليه ؟ فما هو ممّن يجهل ذلك ، وإنْ علم فهو خيانة عظيمة ، ثم هو شيعي مشهور بذلك من غير تعرّض للشيخين ، وقد قال أبو طاهر : سألت أبا اسماعيل عبد الله الانصاري عن الحاكم أبي عبد الله ، فقال : إمام في الحديث رافضي خبيث.

قلت : إنّ الله يحبّ الانصاف : ما الرجل رافضي بل شيعي فقط ، ومن شقاشقه قوله : اجتمعت الأمة على أنّ الضبي كذاب. وقوله في أن المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولد مسروراً مختوناً قد تواتر هذا. وقوله : ان علياً وصي.

فأمّا صدقه في نفسه ومعرفته بهذا الشأن فأمر مجمع عليه. مات سنة ٤٠٥.

والحاكم أجلّ قدراً وأعظم خطراً وأكبر ذكراً من أنْ يذكر في الضعفاء. لكن قيل في الاعتذار عنه أنّه عند تصنيفه للمستدرك كان في أواخر عمره. وذكر بعضهم أنّه قد حصل له تغيّر وغفلة في آخر عمره. ويدل على ذلك أنّه ذكر جماعةً في كتاب الضعفاء له وقطع بترك الرواية عنهم ، ومنع من الاحتجاج بهم ، ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصحّحها ... » (١).

موجز الكلام في مالك :

هذا ، ويبقي الكلام على ( مالك بن أنس ) ولا باس بنقل نقاطٍ مذكورةٍ في

__________________

(١) لسان الميزان ٥ / ٢٣٣.

٥٩

تراجمه في كتب القوم :

١ ـ كونه من الخوارج. قال أبو العباس المبرّد في بحثٍ له حول الخوارج : « وكان عدّة من الفقهاء يُنسبون إليهم ، منهم عكرمة مولى ابن عباس ، وكان يقال ذلك في مالك بن أنس. ويروي الزبيريّون : ان مالك بن أنس كان يذكر عثمان وعلياً وطلحة والزبير فيقول : والله ما اقتتلوا إلاّ على الثريد الأعفر » (١).

ويشهد بذلك تركه الرواية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في ( الموطأ ) حتى أنّ هارون الرّشيد الذي حمل الناس على أخذ ( الموطأ ) تعجّب من ذلك (٢). مع أنّه قد كذّب أناساً ثم أخرج عن بعضهم فيه ، مثل هشام بن عروة (٣).

٢ ـ كونه مدلّساً. ذكروا ذلك عنه في غير موضع. وقال الخطيب البغدادي في أخبار بعض المدلّسين : « يقال : إن ما رواه مالك بن أنس عن ثور بن زيد عن ابن عباس ، كان يرويه عن عكرمة عن ابن عباس ، وكان مالك يكره الرواية عن عكرمة ، فأسقط اسمه من الحديث وأرسله. وهذا لا يجوز ، وانْ كان مالك يرى الاحتجاج بالمراسيل ، لأنه قد علم أنّ الحديث عمّن ليس بحجة عنده » (٤).

٣ ـ إجتماعه بالأمراء وسكوته عن منكراتهم. قال عبد الله بن أحمد : « سمعت أبي يقول : كان ابن أبي ذئب ومالك يحضران عند الأمراء ، فيتكلّم ابن أبي ذئب ، يأمرهم وينهاهم ومالك ساكت. قال أبي : ابن أبي ذئب خير من مالك وأفضل » (٥).

٤ ـ كان يتغنّى بالآلات. حتّى ذكر ذلك أبو الفرج الاصبهاني في كتابه (٦).

__________________

(١) الكامل ١ / ١٥٩.

(٢) تنوير الحوالك ١ / ٧.

(٣) مقدمة فتح الباري ٢ / ١٦٩.

(٤) الكفاية في علم الرواية : ٣٦٥.

(٥) العلل ومعرفة الرجال ١ / ١٧٩.

(٦) الأغاني ٢ / ٧٥. وانظر نهاية الارب ٤ / ٢٢٩.

٦٠