حديث الثقلين تواتره ـ فقهه

السيّد علي الحسيني الميلاني

حديث الثقلين تواتره ـ فقهه

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ١٦٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

الواهية ) ... فقال : « هذا حديث لا يصح » ثم جعل يطعن في السّند (١).

فمعنى قوله : « لا يصح » أي : « ضعيف » وليس معناه كونه « موضوعاً » عنده ... إذ لو كان يراه موضوعاً لذكره في كتابه الآخر الذي اسماه ب‍ ( الموضوعات ) (٢).

فابن الجوزي قد ضعّف حديث الثقلين ، لكن على أساس الطريق الذي ذكره ، ولذا احتمل القوم كونه لم يستحضر بقيّة طرقه ...!!

لكنّ « الدكتور » اغترّ بابن الجوزي ، ونسب إليه أنّه « اعتبر هذا الحديث من الأحاديث الموضوعة » ولا يخفى ما في هذا التعبير! إنّه يوهم ذكر ابن الجوزي هذا الحديث في الأحاديث الموضوعة التي أدرجها في كتابه ( الموضوعات ) وقد عرفت واقع الحال !

إلاّ أنّه يضطرب في كلامه ويتلعثم ... فيقول بعد ذلك مباشرةً :

« وإنْ كانت الروايات في جملتها كما يبدو لا تجعل الحديث ينزل إلى درجة الموضوع ».

ثم يعود فيقول :

إننا قد نوافق على عدم جعل الحديث من الموضوعات. ومع هذا فابن الجوزي قد يكون له ما يؤيّد رأيه ! ».

أنظر إلى هذا الرجل ! كيف يتلّون ويضطرب !

يحذّر العلماء من الاغترار بذكر ابن الجوزي حديث الثقلين في ( العلل المتناهية ) ويحملون عمله على الصحّة ب‍ « لعلّ » و « وكأنّ » ابن الجوزي لم يستحضر

__________________

(١) العلل المتناهية ١ / ٢٦٨.

(٢) طبع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء.

١٢١

من طرقه غير الطريق الذي ذكره ...

و « الدكتور » ينسب إليه القول بوضع الحديث جازماً بذلك ، وكأنّه موضوع عند ابن الجوزي ! وبكلّ طرقه وأسانيده !

ثم يقول تارةً : « لا ينزل إلى درجة الموضوع » ! وأخرى : « قد يكون له ما يؤيّد رأيه » !

ثم ما هو المؤيّد الذي قد يكون ؟!

استمع إليه :

« فليس من المستبعد أن يكون هذا الحديث كوفي النشأة » !

بالله عليك ! يجعل ابن الجوزي قائلاً بوضع الحديث ! ثم يقول « قد يكون » ! له « ما يؤيّد » ! وهو « فليس من المستبعد ... » !!

سبحان الله !!

يتكلّم « الدكتور » وكأنّه قد اكتشف حقيقةً عجز عن كشفها جهابذة الحديث والرجال وغيرهما من الفنون ... وتوصّل إلى ما خفي على أئمة قومه ... بعد قرون ...!!

لكنّه يعلم أن في علماء هذا العصر ، ممّن يعتقد بهم علماً وتحقيقاً ، وهم لا يقلّون عنه عناداً وتعصّباً ... من لم يغتر بتضعيف ابن الجوزي ، بل يقول بخطئه ، ويعترف بصحّة حديث الثّقلين ...

« وفي عصرنا وجدنا العلاّمة المحقّق الشيخ ناصر الدين الألباني ... » (١).

ويقول عن الدكتور أحمد محمود صبحي :

__________________

(١) أنظر : ص ٢٥.

١٢٢

« اعتبر حديث التمسّك بالكتاب والعترة من الأحاديث المتفق على صحتها عند أهل السنة » (١).

أقول :

وكذلك غيرهما :

كالعلامة المحقق الشيخ أحمد البنّا في كتابه : ( الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني ١ / ١٨٦ ) وفي كتابه : ( بلوغ الأماني. المطبوع في ذيل الفتح الرباني ٤ / ٢٦ ) حيث أخرجه ثم قال : « وهو في صحيح مسلم وغيره ».

والاستاذ العلامة توفيق أبو علم ... في كتابة ( أهل البيت ٧٧ ـ ٨٠ ) وذكر : « أحاديث الثقلين من الأحاديث التي رواها أجلاء علماء أهل السنة ، وأكابر محدثيهم ، في صحاحهم ، بأسانيدهم المتعددة ، واتفق على روايتها الفريقان ... » وسنذكر مجمل كلامه في ( فقه الحديث ).

والعلامة المحدث الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي ، في تعاليقه على كتاب الحافظ ابن حجر العسقلاني : ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ٤ / ٦٤ ).

والعلاّمة المحقق الكبير الشيخ محمود أبو ريّة حيث قال : « وقد جاء هذا الحديث بروايات مختلفة ـ والمعنى واحد ـ في كثير من كتب أهل السنة. وإذا أردت الوقوف على هذه الرّوايات فارجع إلى كتاب ( المراجعات ) التي جرت بين العلاّمة شرف الدين الموسوي رحمه‌الله ، وبين الاستاذ الكبير الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر سابقاً ، في الصّفحات من (٢٠) وما بعدها من الطبعة الرابعة » (٢).

__________________

(١) هامش ص : ٤٠.

(٢) أضواء على السنّة المحمدية : ٤٠٤.

١٢٣

« الدكتور » وكتاب « المراجعات » :

لكنّ « الدكتور » له غيظ شديد من كتاب « المراجعات » !! ومنزعج من سعيه جادّاً للدخول إلى كلّ بيت على حدّ تعبيره !!

يقول :

« وفي عصرنا أيضاً نجد كتاباً يسعى جادّاً للدخول إلى كلّ بيت ، رأيت طبعته العشرين في عام ١٤٠٢ ه‍ ، ويوزّع على سبيل الهديّة في الغالب الأعم ، واسم الكتاب ( المراجعات ). ذكر مؤلّفه شرف الدين الموسوي هذا الحديث بالمتن الذي بيّنا ضعف أسانيده وقال بأنه حديث متواتر. ثم نسب للشيخ سليم البشري رحمه‌الله شيخ الأزهر والمالكية : أنه تلقى هذا القول بالقبول ، وأنّه طلب المزيد. ثم ذكر صاحب المراجعات بعد ذلك روايات أشد ضعفاً ، ونسب للشّيخ البشري أيضاً أنه أعجب بها ، ورآها حججاً ملزمة ... ».

أقول :

أولاً : إن ( السّيد شرف الدين العاملي ) من كبار علماء الطائفة الشّيعية ، لكنّك ترى « الدكتور » حيث يذكره يقول : « مؤلّفه شرف الدين الموسوي » في حين يذكر الشيخ البشري باحترام مترحّماً عليه ، ويذكر الشيخ الالباني ب‍ « العلاّمة المحقّق الشيخ ناصر الدين الالباني ـ حفظه الله ـ » و « الشّيخ الجليل » مرةً بعد أخرى ...

فانْ كان يجهل بمنزلة السيّد شرف الدين وجب عليه أن يسأل ! لكنّ نسبه « الدكتور » إلى الجهل حمل على الصحّة ، فالسيّد شرف الدين أعرف وأشهر وأجل ... يقول الاستاذ عمر رضا كحّالة : « عبد الحسين شرف الدين الموسوي

١٢٤

العاملي : عالم ، فقيه ، مجتهد ، ولد بالمشهد الكاظمي مستهل جمادى الآخرة ، وأخذ عن طائفةٍ من علماء العراق ، وقدم لبنان ، ورحل إلى الحجاز ومصر ودمشق وإيران ، وعاد إلى لبنان فكان مرجع الطائفة الشيعيّة ، وأسس الكلية الجعفرية بصور ، وتوفي ببيروت في ٨ جمادى الآخرة ( سنة ١٣٧٧ ) ونقل جثمانه الى العراق فدفن بالنجف.

من آثاره : المراجعات. وهي أسئلة وجّهها سليم البشري إلى المترجم فأجاب عليها. أبو هريرة. الشيعة والمنار. إلى المجمع العلمي العربي بدمشق. والفصول المهمة في تأليف الأمة » (١).

وثانياً : إنْ كتاب ( المراجعات ) من أجلّ الكتب المؤلفة في مسألة الامامة في العصور المتأخّرة ، أهداه مؤلّفه « إلى أولي الألباب من كلّ علامة محقق ، وبحّاثه مدقق ، لا بس الحياة العلميّة فمحّص حقائقها. ومن كلّ حافظ محدّث جهبذ حجّة في السنن والآثار. وكل فيلسوف متضلّع في علم الكلام. وكلّ شابٍ حي مثقّف حرّ قد تحلّل من القيود وتملّص من الأغلال ممن نؤملهم للحياة الجديدة الحرة ».

إنّه كتاب يحتوي على أسئلة الشيخ البشري ، يسوضحة فيها من آراء الامامية وعقائدهم ، وعلى أجوبة السيد شرف الدين عن تلك الأسئلة بالاستناد إلى كتب أهل السنّة في الحديث والرجال والتاريخ وغيرها ...

لقد أصبح كتاب ( المراجعات ) منذ انتشاره من أهم المصادر والمراجع المعتمدة في البحوث العلميّة ، وعاد كثير من الناس ببركة أساليبه الرصينة وبراهينه المتينة إلى الرشد والصواب والطريق الحقّ والصّراط المستقيم.

ثالثاً : إنّ ( الشيخ سليم البشري ) لمّا كان عالماً منصفاً يريد الاصلاح بين المسلمين مضطر إلى الاذعان بصحة حديث الثقلين وغيره ، وكذلك يكون كلّ فردٍ

__________________

(١) معجم المؤلفين ٥ / ٨٧.

١٢٥

طالب للحق ، داع ٍ الى الخير ... فلو لم يتلقّ ( الشيخ ) ما قاله ( السيّد ) بالاستناد إلى الكتب المعتمدة لدى ( الشيخ ) وطائفته ... لتُعُّجب منه ... كما تعجّب كبار الحفّاظ كالسخاوي والسمهودي وابن حجر المكي وغيرهم من إيراد ابن الجوزي الحدّيث في ( العلل المتناهية ) !

رابعاً : إنّ ( حديث الثقلين ) أوّل الأحاديث المطروحة في هذه ( المراجعات ) وهو لم يخرجه إلا عن : أحمد ، وابن أبي شيبة ، والترمذي ، والنسائي ، والحاكم ، وأبي يعلى ، وابن سعد ، والطبراني ، والسيوطي ، وابن حجر المكي ، والمتّقي الهندي ...

تنبيه :

قد تعرض « الدكتور » في هامش هذا الموضع من كتابه لثلاثةٍ أحاديث أوردها صاحب ( المراجعات ) عن كتب القوم ، رواها أئمتهم كالحافظ المطيّن ، والباوردي ، وابن جرير الطبري ، وابن شاهين ، وابن مندة ، وأبي نعيم ، والحاكم ، والطبراني ، والسيوطي ، والمتقي الهندي ... وغيرهم ... فنقل « الدكتور » عن الشيخ الألباني أنّ هذه الأحاديث الثلاثة موضوعة ...

ونقول :

أولاً : ما الدليل على تقدّم قول الألباني على قول مثل الحاكم حيث ينصّ على صحّة حديثٍ على شرط الشيخين ؟

وثانياً : إنّ تكذيب هذه الأحاديث وأمثالها إنّما هو طعن في رواة القوم وعلمائهم وكتبهم ، لأنّ هؤلاء الرواة والمحدثين إنْ كانوا يعتقدون بصحّة هذه الأحاديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهي أحاديث متفق عليها بين المسلمين ، وإنْ كانوا يعتقدون بكذبها واختلاقها عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٢٦

لزم أن يكونوا أيضاً كاذبين لأنّ ناقل الكذب كاذب ، وإنْ كانوا يروونها جاهلين بأحوالها ، ثم جاء الشّيخ الألباني فكان أعلم منهم فيما رووه ، فهذا ما لا أظنّ الألباني يقوله ، ولا « الدكتور » يصدّقه !!

وثالثاً : إن غرض الشيعي من نقل هذه الأحاديث هو إلزام رواتها بها ، وكذا إلزام من يمجّد بأولئك الرواة ويثني على كتبهم بالألقاب الضخمة !!

ورابعاً : الاعتراض على السيد شرف الدين بأنّه « حكى تصحيح الحاكم للحديث دون أن يتبعه بيان علّته ، أو على الأقل دون أن ينقل كلام الذهبي في نقده » مردود بوجوه :

الأول : إن الغرض هو الاحتجاج بكتب أهل السنّة ورواياتهم !

والثاني : إنّ الحديث لو كان له علة لبيّنها الحاكم نفسه ، كما بيّن في غير موضع.

والثالث : كيف يطلب نقل كلام الذهبي في نقده مَن لم ينقل تصحيح الذهبي حديث الثقلين ـ تبعاً للحاكم ؟!

خلاصة البحث :

إنّه قد ذكرت بعض ألفاظ حديث التمسّك بالكتاب والعترة ، وأنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كرّر هذا الكلام في مواطن عديدة ، ثم ذكرت جملةً من مصادره ( الصّحاح ) وأسماء جماعةٍ من الأعلام المصرّحين بصحته وثبوته عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ثم أشرت إلى أنّه حديث متواتر ، وذكرت أسامي رواته من الأصحاب ثم التابعين ثم الأئمة والحفّاظ عبر القرون ...

١٢٧

أمّا « الدكتور » فقد اقتصر على بعض روايات الحديث ، وأخرجه تخريجاً يُوهم القرّاء أنْ ليس لهذا الحديث وجود في غير الكتب التي نقل عنها ، وحتى هذه الكتب لم يذكر الا بعض ما روي فيها ... فزعم أنّ أحمد لم يخرج في ( المسند ) لهذا الحديث إلا سبع روايات ، وقد عرفت أنّها أكثر ، والثامن منها سنده معتبر تام بلا كلام ... وعن المستدرك لم يذكر سوى روايتين ، وقد أخرج فيه أربع روايات ، صحّحها على شرط الشيخين ، ووافقه الحافظ الذهبي في ثلاثة منها بصراحةٍ ، فلم يشر « الدكتور » إلى موافقته ، لكنّه حيث ذكر الذهبي في الرّابعة جرح السّعدي الجوزجاني النّاصبي الشهير في أحد رواتها أشار « الدكتور » الى هذا الجرح واعتمده تبعاً لِمَن لا يجوز متابعته ، ولا يتابعه إلا من كان على شاكلته !

ومع ذلك كلّه ... تبيّن أنّ مناقشاته في أسانيد الرّوايات التي أوردها مردودة كلّها ، وقد اعتمدنا في الجواب عمّا تفوّة به على كتاب ( تهذيب التهذيب ) ، وهو الكتاب الذي طالما أرجع إليه في بحثه ... إلا أنّه كان ـ لدى النقل عنه ـ لا ينقل إلا ما يتوّهم دلالته على مدّعاه ويسقط ما عداه.

فروايات هذا الحديث الشريف كلها معتبرة سنداً ، سواء التي في ( صحيح مسلم ) وغيره من الصحاح ، والتي في ( مسند أحمد ) وغيره من المسانيد ، والتي في ( صحيح الترمذي ) وغيره من السنن.

وأمّا روايات الحاكم في المستدرك ، فما اتفق منها هو والذهبي على صحته على شرط الشيخين ، يكون بحكم الحديث المخرّج في ( الصحيحين ) كما نصَّ عليه أئمة القوم ...

من كلمات الأعلام في ابن الجوزي :

ومن هنا لا تجد من يقول بضعف الحديث الشريف ـ فضلاً عن وضعه ـ إلا

١٢٨

ابن الجوزي ... ولم يعبأ بقوله أحد ، بل تعجّبوا منه وحذّروا من الاغترار به ، بل تجد في كلماتهم حول الرّجل التصريح بأنّه لا يؤخذ بكلامه حول الأحاديث ولا يعتمد عليه ... وإليك بعض الشواهد على ذلك :

قال الذهبي بترجمة أبان بن يزيد العطّار : « وقد أورده العلامة أبو الفرج ابن الجوزي في الضعفاء ولم يذكر فيه أقوال من وثقه ، وهذا من عيوب كتابه ، يسرد الجرح ويسكت عن التوثيق » (١).

وبترجمة ابن الجوزي نفسه من ( تذكرة الحفاظ ) عن الموقاني : « وكان كثير الغلط فيما يصنّفه ، فإنه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره » فأضاف الذهبي : « قلت : له وهم كثير في تواليفه ، يدخل عليه الداخل من العجلة والتحوّل الى مصنف آخر ، ومن أن جلّ علمه من كتبٍ وصحف ما مارس فيه أرباب العلم كما ينبغي » (٢).

وقال ابن حجر بترجمة ثمامة بن الأشرس البصري بعد قصة : « دلّت هذه القصة على أن ابن الجوزي حاطب ليلٍ لا ينتقد ما يحدّث به » (٣).

وقال السّيوطي : « قال الذهبي في التاريخ الكبير : لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة ، بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه » (٤).

وقال السّيوطي في تعقيباته : « واعلم أنّه جرت عادة الحفاظ كالحاكم وابن حبّان والعقيلي وغيرهم أنهم يحكمون على حديثٍ بالبطلان من حيثيّة سندٍ مخصوص ، لكون راويه اختلق ذلك السند لذلك المتن ، ويكون ذلك المتن معروفاً من وجهٍ آخر ، ويذكرون ذلك في ترجمة ذلك الراوي يجرحونه به ، فيغترّ ابن الجوزي بذلك ويحكم على المتن بالوضع مطلقاً ، ويورده في كتاب الموضوعات ،

__________________

(١) ميزان الاعتدال ١ / ١٦.

(٢) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٤٧.

(٣) لسان الميزان ٢ / ٨٣.

(٤) طبقات الحفّاظ : ٤٨٠.

١٢٩

وليس هذا بلائق ، وقد عاب عليه الناس ذلك ، آخرهم الحافظ ابن حجر ».

وقال السيوطي بشرح النووي : « وقد أكثر جامع الموضوعات في نحو مجلّدين ، أعني أبا الفرج ابن الجوزي ، فذكر في كتابه كثيراً ممّا لا دليل على وضعه بل هو ضعيف » وأضاف السيوطي : « بل وفيه الحسن بل والصحيح ، وأغرب من ذلك أن فيها حديثاً من صحيح مسلم كما سأبيّنه. قال الذهبي : ربما ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حسناً قويّةً ... » (١).

هذا ، وقد ذكروا بترجمته أنّه قد أودع السّجن مدةً من الزّمن بفتوى علماء عصره لبعض ما ارتكبه ... (٢).

فكان حال ابن الجوزي في نظر علماء القوم وفقهائهم حال ابن تيميّة الحرّاني الذي حكم عليه بالسّجن ـ بعد أنْ لم يفد معه البحث ، ولم تؤثّر فيه الموعظة والنصحيحة ـ فبقي مسجوناً الى أن مات في السّجن ... (٣).

__________________

(١) تدريب الراوي ١ / ٢٣٥.

(٢) مرآة الجنان ـ حوادث ٥٩٥.

(٣) راجع ترجمة ابن تيمّية في المصادر الرجالّية والتّاريخيّة ، من ذلك : الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر ١ / ١٤٧ ، البدر الطّالع للحافظ الشوكاني ٢ / ٢٦٠. وقال ابن حجر المكي صاحب الصواعق في فتوىً له : « ابن تيمية عبد خذله الله وأضلّه وأعماه وأصمّه وأذلّه ، وبذلك صرّح الأئمة الذين بيّنوا فساد أحواله وكذب أقواله ، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الامام المجتهد المتفق على على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي ، وولده التاج ، والشيخ الإمام العزّ ابن جماعة ، وأهل عصرهم ، وغيرهم من الشافعيّة والمالكية والحنفيّة. ولم يقصر اعتراضه على متأخّري الصوفية ، بل اعترض على مثل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ.

والحاصل : أنْ لا يقام لكلامه وزن ، بل يرمى في كلّ وعر وحزن ، ويعتقد فيه أنه ضال مضل غال ، عامله الله بعدله ، وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله. آمين » الفتاوى الحديثيّة : ٨٦.

١٣٠

١٣١

١٣٢

وهلّم لننظر في فقه حديث الثقلين ...

وفي هذا الباب أيضاً ... نرجع إلى كبار علماء القوم المحقّقين ، أصحاب الكتب المعتمدة المرجوع إليها في فهم السّنة النبويّة الكريمة ، والأحاديث الواردة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...

فلنرجع إلى :

المنهاج في شرح صحيح مسلم ، للنووي.

ونفع قوت المغتدي في شرح الترمذي ، للشّاذلي.

والمرقاة في شرح المشكاة ، للقاري.

ونسيم الرياض في شرح الشفاء ، للخفاجي.

وفيض القدير في شرح الجامع الصغير ، للمناوي.

وشرح المواهب اللدنية ، للزرقاني.

وأمثال هذه الكتب من الشروح وكتب اللغة وغيرها ...

حديث الثقلين وصيّة الرسول :

وقبل الورود في البحث نشير إلى أنّ تكرار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث الثقلين ، وفي الأيام الأخيرة من عمره الشريف ، فيه دلالة على أنّه وصيّة منه لأمّته ، وهذا ما جاء في كلام غير واحدٍ من علماء القوم ، بل ذكر بعضهم الحديث بلفظ الوصيّة ... فقد قال في لسان العرب : « وفي حديث النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : أوصيكم بكتاب الله وعترتي ».

وقال ابن حجر المكي : « وقد جاءت الوصية الصّريحة بهم في عدّة أحاديث ، منها حديث : إني تارك فيكم ما إنْ تمسكتم به لن تضلّوا بعدي الثقلين

١٣٣

أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولنْ يتفرقا حتر يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. قال الترمذي : حسن غريب. وأخرجه آخرون. ولم يصب ابن الجوزي في إيراده في العلل المتناهية ، كيف ! وفي صحيح مسلم وغيره ... » (١).

وقال الحافظ السخاوي في ( استجلاب ارتقاء الغرف ) (٢) : « قد جاءت الوصية الصريحة بأهل البيت في غيرها من الاحاديث ، فعن سليمان بن مهران الأعمش ... » الى آخر عبارته وقد تقدمت.

وقال الحافظ السمهودي في ( جواهر العقدين ) (٣) : « الذكر الرابع : في حثّه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم الأمة على التمسّك بعده بكتاب ربهم ، وأهل بيت نبيّهم ، وأن يخلفوه فيهما بخير ، وسؤاله من يرد عليه الحوض عنهما ، وسؤال ربه عزّوجل الأمة كيف خلفوا نبيّهم فيهما ، ووصيّته بأهل بيته ، وأنّ الله تعالى أوصاه بهم ... ».

إذا عرفت هذا فلننظر في ألفاظ الحديث على ضوء كلمات علماء القوم :

فقه الحديث في صحيح مسلم :

* قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إني تارك فيكم الثقلين ».

وفي رواية الحافظ الدارقطني بدل « تارك » لفظ « مخلّف » ...

هكذا في رواية مسلم وكثيرين.

و « الثقلان » مثنى « ثقل » بفتحتين ، كما في ( القاموس ) وغيره ، قال في القاموس : « والثقل ـ محركة ـ : متاع المسافر وحشمه ، وكلّ شيء نفيس مصون ،

__________________

(١)الصواعق المحرقة : ٩٠.

(٢) كتاب لا يزال مخطوطاً وعندنا منه نسخة مصورة.

(٣) كتاب لا يزال مخطوطاً وعندنا منه نسخة مصوّرة.

١٣٤

ومنه الحديث : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي » (١).

أو مثنى « ثِقل » بكسر الثاء وسكون القاف ، كما قال جماعة آخرون من أهل الحديث واللغة ، قال في لسان العرب : « التهذيب (٢) : وروي عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنه قال في آخر عمره : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي. فجعلهما كتاب الله عزّوجل وعترته. وقد تقدم ذكر العترة. وقال ثعلب (٣) : سمّيا ثقلين لأن الأخذ بهما ثقيل والعمل بهما ثقيل. قال : وأصل الثقل أن العرب تقول لكلّ شيء نفيس خطير مصون : ثقل. فسمّاهما ثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما ... » (٤).

وقال الحافظ الزرندي المدني : « سمّاهما ثقلين ، لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما والمحافظة على رعايتهما ثقيل ... » (٥).

وقال ابن الأثير : « فيه (٦) : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي. سمّاهما ثقلين لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل. ويقال لكلّ شيء خطير نفيس : ثقل. فسمّاهما ثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما » (٧).

وقال النووي : « قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : وأنا تارك فيكم ثقلين. فذكر كتاب الله وأهل بيته. قال العلماء : سمّيا ثقلين لعضمهما وكبير شأنهما. وقيل : لثقل العمل بهما » (٨).

__________________

(١) القاموس المحيط : ثقل.

(٢) تهذيب اللغة للامام أبي منصور الأزهري المتوفى سنة : ٣٧٠.

(٣) أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب المتوفى سنة ٢٩١.

(٤) لسان العرب : ثقل.

(٥) نظم درر السمطين ٢٣١ ـ ٢٣٢.

(٦) أي : في الحديث.

(٧) النهاية في غريب الحديث « ثقل ».

(٨) المنهاج في شرح صحيح مسلم ١٥ / ١٨٠.

١٣٥

* « أوّلهما » :

فقد ترك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئين سمّاهما ـ فيما أخرجه مسلم ـ ب‍ « ثقلين » أحدهما : كتاب الله ... فما هو الثاني ؟ إنه ليس إلاّ « أهل بيته » فلذا قال النووي بشرح صحيح مسلم : « فذكر كتاب الله وأهل بيته » ... وهو أيّ معنىً أراد من تسمية « الكتاب » ب‍ « الثقل » فنفس المعنى هو المراد من تسميته « العترة أهل البيت » ب‍ « الثقل » ، ولا ريب في أنّه إنّما ترك « الكتاب » في الأمة لكي تتمسّك به وتعمل به وتتبّعه وتطبّق ما جاء به ، فكذلك الأمر بالنسبة الى « العترة أهل البيت ».

إذن ، « فالكتاب والعترة » هما الخليفتان من بعده ، اللذان يملآن الفراغ الحاصل من فَقده.

* ومن هنا فقد جاء الحديث في غير واحدٍ من الروايات بلفظ « إني تارك فيكم خليفتين » ومن الذين أخرجوه كذلك :

أحمد بن حنبل ، عن زيد بن ثابت. وقد تقدم.

وابن أبي عاصم الشيباني المتوفي سنة ٢٨٧ (١) في ( كتاب السنّة ) (٢) عن زيد بن ثابت ، وفيه تسمية « الكتاب والعترة » ب‍ « الثقلين » و « الخليفتين » معاً ، وهذا مما يؤكّد ما قلناه. واعلم أنه قد أخرج حديث الثقلين عن عليّ ، وعبد الله بن عمر ، وزيد ابن أرقم ، وأبي سعيد الخدري ، وابن عباس ... بعشرة أسانيد (٣).

وأبو القاسم الطّبراني ، وعنه الحافظ أبو بكر الهيثمي قال : « عن رسول الله

__________________

(١) قال الذهبي في العبر ٢ / ٧٩ : « كان إماماً ، فقهياً ، ظاهرياً ، صالحاً ، ورعاً ، كبير القدر ، صاحب مناقب ».

(٢) نشر وتحقيق الشيخ ناصر الدين الألباني الذي ذكره « الدكتور » بكلّ احترام وأثنى عليه.

(٣) انظر كتاب السنة : ٦٢٨ ـ ٦٣١.

١٣٦

صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : إني تركت فيكم خليفتين كتاب الله وأهل بيتي ، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض. رواه الطبراني في الكبير ، ورجاله ثقات » (١).

وجلال الدين السّيوطي عن أحمد والطبراني وصحّحه.

قال شارحه المنّاوي : « إني تارك فيكم بعد وفاتي خليفتين. زاد في رواية : أحدهما أكبر من الآخر. وفي روايةٍ بدل خليفتين : ثقلين سمّاهما به لعظم شأنهما. كتاب الله القرآن ، حبل أي هو حبل ممدود ما بين السماء والأرض. قيل : أراد به عهده ، وقيل : السبب الموصل الى رضاه. وعترتي. بمثنّاة فوقية. أهل بيتي. تفصيل بعد إجمال بدلاً أو بياناً ، وهم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ... » (٢).

فالخليفتان من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلمهما : القرآن وأصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ...

* « أُذكّركم الله في أهل بيتي » :

ولمّا كان القرآن كلام الله ، وكان أصحاب الكساء معصومين مطهّرين بنصّ الكتاب ـ وهم المراد من « عترتي اهل بيتي » ـ كان من الواجب الأخذ بهما واتّباعهما ، والايتمار بأوامرهما والانتهاء بنواهيهما ، والتمسّك بها في جميع الأمور الدينية والدنيويّة ... ولهذا جاء لفظ « الأخذ » والأمر به في رواية غير واحدٍ :

كالترمذي في صحيحه.

وابن أبي شيبة في مصنفه.

__________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٦٣.

(٢) فيض القدير ٣ / ١٤.

١٣٧

وأحمد في مسنده.

وابن سعد في طبقاته.

والطبراني في معجمه الكبير.

وقد تقدمت رواياتهم ...

قال القاري : « والمراد بالأخذ بهم التمسّك بمحبتهّم ، ومحافظة حرمتهم ، والعمل بروايتهم ، والاعتماد على مقالتهم » (١).

وقال شهاب الدين الخفاجي : « أي : تمسّكتم وعملتم واتبعّتموه » (٢).

فاذن : « الأخذ » هو « الاتّباع ».

* وقد جاء الحديث بلفظ « الاتّباع » عند غير واحد :

كالحاكم في مستدركه. وقد تقدم لفظه.

وكابن حجر المكي في صواعقه ، في معنى قوله تعالى : ( وقفوهم إنهم مسئولون ).

* وكما حثّ على اتّباع كتاب الله عزّوجل ورغّب في التمسّك به ، كذلك حثَّ على اتّباع العترة أصحاب الكساء والتمسّك بهم فقال ثلاثاً : « أذكّركم الله في أهل بيتي » قال الزرقاني المالكي بشرح هذه الجملة :

« قال الحكيم الترمذيّ : حضٌّ على التمسّك بهم ، لأنّ الأمر لهم معاينة ، فهم أبعد عن المحنة » (٣).

وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي : « لقد كرّر هذه الكلمة للمبالغة والتوكيد ، وهي إشارة إلى وجوب أخذ السنّة منهم ، كما أنّ الأولى إشارة الى الأخذ بما في

__________________

(١) المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٦٠٠.

(٢) نسيم الرياض ـ شرح شفاء القاضي عياض ٣ / ٤١٠.

(٣) شرح الواهب اللدنية ٧ / ٥.

١٣٨

الكتاب. فعلى جميع الذين آمنوا أنْ يكونوا مطيعين لأهل بيت النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم » (١).

حاصل معنى الحديث :

ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا أحسّ بدنّو أجله ، أوصى أمّته بأهم الأمور لديه ، وهما الكتاب والعترة ، وجعلهما الخليفة من بعده ، وحثّ على التمسّك بهما واتّباعهما ، وحذّر من تركهما والتخلّف عنهما ، خوفاً عليها من الضلالة والهلاك ...

قال ابن حجر المكّي : « تنبيه : سمّى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم القرآن وعترته ـ وهي بالمثنّاة الفوقية : الأهل والنسل والرهط الأدنون ـ ثقلين ، لأنّ الثقل كلّ شيء نفيس خطير مصون ، وهذان كذلك ، إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنّية والأسرار والحكم العلية والأسرار الشرعية ، ولذا حثّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم على الاقتداء والتمسّك بهم والتعلّم منهم » (٢).

لا اختلاف بين روايات مسلم وروايات أحمد والترمذي :

وإذا كان الكتاب والعترة بتلك المثابة التي أفادتها روايات صحيح مسلم ـ كما شرح كبار علماء الحديث ـ فلا يبقى أيّ فرقٍ واختلاف بين مفاد حديث الثقلين في ( صحيح مسلم ) ومفاده في ( مسند أحمد ) و ( الترمذي ) و ( الطبراني ) و ( الحاكم ) و ( الذّهبي ) وغيرهم ...

غير أنّ في روايات هؤلاء زيادة توضيحيّة ليست موجودةً في روايات مسلم ...

__________________

(١) أشعة اللمعات في شرح المشكاة ٤ / ٦٧٧.

(٢) الصواعق المحرقة : ٩٠.

١٣٩

وإنْ شئت فقارن بين لفظ مسلم ففيه : « ألا أيّها الناس ، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله ، فيه الهدى والنور ، فخذوا كتاب الله واستمسكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه. ثم قال : وأهل بيتي.

أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ».

وبين لفظ أحمد : « إني أوشك أن أدعى فأجيب ، واني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله عزّوجل. وعترتي. كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروني بم تخلفوني فيهما ».

وبين لفظ الترمذي : « إني تارك فيكم ما انْ تمسّكتم به لن تضلّوا أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

فهل من فرق ؟

أمّا « لن تضلّوا بعدي ».

فبيان لنتيجة التمسّك بالثقلين ، وهذا أمر حتمي يفهمه كلّ أحدٍ ، فإنّ من تمسّك بالقرآن والعترة لن يضل ، ومن ترك اتّباعهما ضل ...

وأمّا « انّهما لنْ يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ».

فبيان لما يستلزمه كونهما معاً جنباً إلى جنبٍ في جميع الأزمنة ، اذ لو أمكن مفارقة العترة الكتابَ في يومٍ من الأيام لما سمّاهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلمب‍ « الثقلين ».

١٤٠