ليالي بيشاور

السيّد محمّد الموسوي الشيرازي

ليالي بيشاور

المؤلف:

السيّد محمّد الموسوي الشيرازي


المحقق: السيّد حسين الموسوي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الثقلين الثقافيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١١٩١

وكذّاب عند سيّدنا الإمام عليّ عليه‌السلام ، وعند مولاكم عمر الفاروق ، وعند أمّ المؤمنين عائشة ، وعند كثير من الصحابة والتابعين ، والعلماء المحقّقين!!

كما إنّ شيوخ المعتزلة وعلماء المذهب الحنفي كلّهم رفضوا مرويّاته وردّوها ، وأعلنوا : أنّ كلّ حكم وفتوى صدرت على أساس رواية عن طريق أبي هريرة ، باطل وغير مقبول.

كما إنّ النووي في «شرح صحيح مسلم» في المجلّد الرابع يتعرّض لهذا الأمر بالتفصيل.

وكان إمامكم الأعظم أبو حنيفة يقول : أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّهم عندي ثقات وعدول ، والحديث الواصل عن طريقهم عندي صحيح ومقبول ، إلاّ الأحاديث الواصلة عن طريق أبي هريرة وأنس بن مالك وسمرة بن جندب ، فلا أقبلها ، وهي مردودة ومرفوضة.

(وصل الحديث إلى هنا فصار وقت صلاة العشاء).

وبعد أداء الصلاة وتناول الشاي.

قلت : نظرا إلى ما سبق من أقوال العلماء والأئمّة حول أبي هريرة ونظرائه ، لا بدّ لنا أن نحتاط في قبول مطلق الأحاديث ، والاحتياط الذي هو سبيل النجاة يقتضي التحقيق والتدقيق في ما يروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكما ورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «كلّما حدّثتم بحديث عنّي فاعرضوه على كتاب الله سبحانه ، فإذا كان موافقا فخذوه ، وإن كان مخالفا لكلام الله تعالى فاتركوه».

٣٢١

ردّ الحديث في فضل أبي بكر

وأمّا الكلام حول الحديث الذي نقله الشيخ عبد السّلام عن أبي هريرة : أنّ جبرئيل نزل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إنّ الله تعالى يقول : إنّي راض عن أبي بكر فاسأله هل هو راض عنّي؟!

فأقول :

أوّلا : نجد في سند هذا الحديث أبا هريرة ، وهو عندنا وعند كثير من علمائكم مردود وساقط ، ورواياته غير مقبولة ، كما مرّ.

ثانيا : حينما نعرض الحديث على كتاب الله تعالى كما أمرنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نجده مخالفا للقرآن المجيد ، فإنّه سبحانه يقول : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (١).

وقال : (... فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (٢).

وقوله تعالى : (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى) (٣).

وقوله سبحانه : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) (٤).

فبحكم هذه الآيات الكريمة ، وبحكم العقل السليم ، فإنّ الله عزّ وجلّ يعلم كلّ ما هو في قرارة نفس الإنسان ومكنون سره ، وكلّ ما يختلج في صدره.

__________________

(١) سورة ق ، الآية ١٦.

(٢) سورة طه ، الآية ٧.

(٣) سورة الأعلى ، الآية ٧.

(٤) سورة إبراهيم ، الآية ٣٨.

٣٢٢

فالحديث الذي يقول : «سل أبا بكر هل هو عنّي راض؟!».

مفهومه : إنّ الأمر يخفى على الله سبحانه ، فيسأل ليعلم!! وهذا ينافي القرآن الحكيم والعقل السليم.

ثمّ ممّا لا شكّ فيه أنّ رضا الباري عزّ وجلّ يحصل بالنسبة للعبد الذي هو راض عن ربّه. فالعبد إذا لم يصل إلى درجة الرضا ، أي : لا يرضى بقضاء الله وقدره ، فإنّ الله لا يرضى عنه ، ولا يكون مقرّبا إليه تعالى.

فعلى هذا ، كيف يبدي الله جلّ وعلا رضاه عن أبي بكر وهو لا يدري هل إنّ أبا بكر وصل إلى درجة الرضا أم لا؟!

الشيخ عبد السّلام : لا بأس ، نترك هذا الحديث الذي تشكّكون فيه ، ولكن عندنا أحاديث لا شكّ فيها أنّها صدرت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شأن الخليفة أبي بكر ، منها أنّه :

قال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : إنّ الله يتجلّى للناس عامّة ، ويتجلّى لأبي بكر خاصّة.

وقال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : ما صبّ الله في صدري شيئا إلاّ صبّه في صدر أبي بكر.

وقال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : أنا وأبو بكر كفرسي رهان.

وقال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : إنّ في السماء الدنيا ثمانون ألف ملك يستغفرون لمن أحبّ أبا بكر وعمر ، وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر.

وقال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : أبو بكر وعمر خير الأوّلين والآخرين.

٣٢٣

وقال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : خلقني الله من نوره وخلق أبا بكر من نوري وخلق عمر من نور أبي بكر وخلق أمّتي من نور عمر ، وعمر سراج أهل الجنّة.

هذه الأحاديث وأمثالها كثيرة ، وهي مرويّة في كتبنا المعتبرة ، وقد ذكرت بعضها لتعرف ويعرف الحاضرون فضل الشيخين ومقامهما الرفيع عند الله وعند رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

أحاديث مدسوسة

قلت : هذه الأحاديث تدلّ ظواهرها على بطلانها وفسادها. وحاشا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تصدر منه هكذا كلمات!!

فإنّ الحديث الأوّل : يدلّ بظاهره على تجسّم الباري عزّ وجلّ وسبحانه عن ذلك وعلا علوّا كبيرا.

والحديث الثاني : يصرّح بأنّ أبا بكر شريك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ما نزل عليه من الوحي.

والحديث الثالث : يدلّ على أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان أرفع درجة وأعلى رتبة من أبي بكر ، بل يساويه في المقام والمنزلة.

والخبران الأخيران ، مخالفان لأحاديث كثيرة متواترة ومقبولة عند الفريقين ، فالأحاديث الصحيحة تصرّح بأنّ خير أهل العالم محمد المصطفى وآله النجباء ، سلام الله عليهم أجمعين.

وأمّا الجملة الأخيرة : «وعمر سراج أهل الجنّة».

فأقول : إنّ أهل الجنّة مستغنون عن السراج فيها ؛ لأنّ وجوههم منيرة يومئذ ، كما قال تعالى : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى

٣٢٤

نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ ...) (١).

وقوله تعالى : (... يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ ...) (٢).

وقد ورد في الأخبار المروية في كتب الفريقين : أنّ الجنّة تكون مضيئة في حدّ ذاتها كالدرّة البيضاء والياقوتة الحمراء ، فلا قيمة فيها للسراج ، لأنّ السراج إنّما يفيد في الظلام ، ولا ظلام في الجنّة.

وإضافة على ما ذكرنا ، فإنّ كبار علمائكم في علم الدراية والرجال ، وكبار محدّثيكم الّذين يميّزون الأحاديث الصحيحة عن السقيمة مثل : العالم الجليل المقدسي في : «تذكرة الموضوعات».

والفيروزآبادي الشافعي ـ صاحب «القاموس» ـ في : «سفر السعادة».

والذهبي في : «ميزان الاعتدال».

والخطيب البغدادي في : «تاريخ بغداد».

وأبي الفرج ابن الجوزي في : «الموضوعات».

وجلال الدين السيوطي في : «اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة» هؤلاء صرّحوا : أنّ هذه الأخبار موضوعة ولا اعتبار بها ، لسببين :

١ ـ أسانيدها ضعيفة ؛ لأنّ في طريقها رجال متّهمون بالكذب وجعل الأحاديث.

٢ ـ عدم موافقتها للقواعد العقلية والآيات القرآنية.

__________________

(١) سورة الحديد ، الآية ١٢.

(٢) سورة التحريم ، الآية ٨.

٣٢٥

الشيخ عبد السّلام : لو فرضنا صحّة كلامكم في الأحاديث المذكورة ، فما تقول في هذا الحديث الشريف المشهور بين علماء المسلمين ، والمذكور في الكتب المعتبرة الموثوقة ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال «أبو بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنّة؟!»

قلت : أمّا قولك : «الحديث ... المشهور» ... فربّ مشهور لا أصل له!

وأمّا قولك : «والمذكور في الكتب» فليتك تذكر لنا هذه الكتب المعتبرة ، الموثوقة!!

وأمّا الحديث ، إضافة على أنّه مردود وغير مقبول عند علمائكم ومحدّثيكم المتخصّصين في علم الدراية والرجال والحديث والرواية ، وقد حسبوه من الموضوعات ، فإنّ ظاهره يخالف الحقّ الذي يتجلّى في الأخبار الصحيحة المقبولة عند الفريقين.

أهل الجنّة كلّهم شباب

من معتقدات المسلمين أنّ الجنّة ليس فيها غير شباب ولا يدخلها شيوخ وكهول.

والخبر المشهور في كتب الفريقين صريح في الموضوع ، وهو أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لامرأة عجوز وهو يمازحها ، حين طلبت منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يدعو لها بالجنّة.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الجنة لا تدخلها العجائز» فحزنت المرأة وقالت : وا خيبتاه إذا لم أدخل الجنة!

فتبسّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : تدخلين الجنّة ولست يومئذ

٣٢٦

بعجوز ، بل تنقلبين إلى فتاة باكرة ، كما قال الله سبحانه : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً* فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً* عُرُباً أَتْراباً) (١).

وكما ورد في الحديث النبوي الشريف «المؤمنون يدخلون الجنّة جردا ، مردا ، بيضا ، جعادا ، مكحّلين ، أبناء ثلاث وثلاثين».

على هذا ، ذكر الفيروزآبادي في : «سفر السعادة : ١٤٢».

والسيوطي في : «اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة» وابن الجوزي في : «الموضوعات».

والمقدسي في : «تذكرة الموضوعات» والشيخ محمد البيروتي في : «أسنى المطالب : ١٢٣».

قالوا : في سند حديث : «أبو بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنّة» يحيى بن عنبسة.

وقال الذهبي : هو ضعيف.

وقال ابن جانّ : إنّ يحيى جعّال وضّاع للحديث!

لذلك هذا الحديث ساقط عن الاعتبار!

ونحتمل احتمالا معقولا ، أنّ هذا الحديث من جعل بني أميّة البكريّين ، لأنّهم كانوا يضعون الأحاديث قبال كلّ حديث نبوي صدر في فضل أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد وضعوا هذا الحديث مقابل حديث شريف متّفق عليه بين الشيعة والسنّة.

النوّاب : أيّ حديث تقصدوه ، بيّنوه للحاضرين؟!

قلت : الحديث النبويّ الشريف : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما. وفي بعض : أفضل منهما.

__________________

(١) سورة الواقعة ، الآية ٣٥ ـ ٣٧.

٣٢٧

وقد جاء هذا النصّ في كثير من كتبكم المعتبرة ، وصرّح به كبار علمائكم الأعلام ، منهم :

الخطيب الخوارزمي في «المناقب».

والمير السيد علي الهمداني في المودّة الثامنة من كتابه : «مودّة القربى».

والإمام النسائي في «الخصائص العلوية».

وابن الصبّاغ المالكي في : «الفصول المهمّة» ص ١٥٩.

وسليمان الحنفي القندوزي ، في الباب ٥٤ من : «ينابيع المودّة» نقلا عن الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد.

وسبط ابن الجوزي في ص ١٣٣ من : «التذكرة».

والإمام أحمد بن حنبل في «المسند».

والترمذي في «السنن».

ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي في الباب ٩٧ من «كفاية الطالب» بعد نقله للحديث الشريف بإسناده يقول : هذا حديث حسن ثابت ، لا أعلم أحدا رواه عن ابن عمر غير نافع ، تفرّد به : المعلّى عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذيب ، رزقناه عاليا بحمد الله ومنّه.

قال : وجمع إمام أهل الحديث ، أبو القاسم الطبراني في «معجمه الكبير» في ترجمة الحسن عليه‌السلام طرقه عن غير واحد من الصحابة ، منهم : عمر بن الخطّاب ، ومنهم : عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وطرقه عن عليّ بطرق شتّى ... الى آخره.

وبعد كلام طويل ، وذكره الحديث الشريف بشكليه : «وأبوهما خير منهما» .. «وأبوهما أفضل منهما» بأسانيد عديدة. قال : وانضمام

٣٢٨

هذه الأسانيد بعضها إلى بعض دليل على صحّته.

انتهى كلام الكنجي.

ونقله أبو نعيم في «الحلية» وابن عساكر في تاريخه الكبير ٤ / ٢٠٦ ، والحاكم في «المستدرك» وابن حجر في الصواعق : ٨٢.

فعلماؤكم قد اتّفقوا وأجمعوا على أنّ هذا الحديث الشريف صدر عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة ، وأبوهما خير منهما» وفي بعض الروايات : «وأبوهما أفضل منهما».

الشيخ عبد السّلام : سأذكر حديثا معتبرا مقبولا عند جميع علمائنا إذ لم ينكره أحد منهم ، وهو الحديث النبوي الشريف : «ما ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يتقدّم عليه غيره» وهذا أفضل دليل على أنّ أبا بكر بعد النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) هو إمام المسلمين والمقدّم عليهم.

قلت : أسفي عليكم ، أنتم علماء الامّة! إذ تتقبّلون الأخبار والأحاديث من غير تفكّر وتدبّر!

هلاّ فكّرتم أنّ هذا الخبر إن كان صحيحا ، فلما ذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسه لم يعمل به ، ولم يقدّم أبا بكر في قضايا كثيرة كانت مهمّة في تاريخ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتاريخ الإسلام ، مثل : يوم المباهلة ، إذ أخذ معه فاطمة وعليّا وابنيهما ، وقدّمهم على من سواهم.

وفي غزوة تبوك إذ خلّف الإمام عليّا عليه‌السلام في المدينة مكانه وقال له : «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ...» إلى آخره.

وفي تبليغ الآيات الأوائل من سورة براءة ، للمشركين ، إذ عزل أبا بكر وأرسل عليّا عليه‌السلام وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يبلّغ إلاّ أنا أو رجل منّي ـ أو

٣٢٩

قال : من أهل بيتي ـ (١).

وفي فتح خيبر حين أعطاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الراية وكان الفتح على يديه.

__________________

(١) أقول : خبر عزل أبي بكر من تبليغ آيات سورة براءة حديث مشهور بين المؤرّخين والمفسّرين والمحدّثين من علماء العامّة ، منهم :

١ ـ أبو الفداء ، إسماعيل بن عمر الدمشقي ، في : البداية والنهاية ٧ / ٣٥٧.

٢ ـ ابن حجر الهيتمي ، في : الصواعق المحرقة ، ص ١٩.

٣ ـ ابن حجر العسقلاني ، في : الإصابة ٢ / ٥٠٩.

٤ ـ الحاكم النيسابوري ، في المستدرك على الصحيحين ٢ / ٥١ ، و ٣٣١.

٥ ـ محمد بن عيسى الترمذي ، في صحيحه ٢ / ٤٦١.

٦ ـ المتّقي الهندي الحنفي ، في كنز العمّال ١ / ٢٤٦ و ٢٤٩ ، وج ٦ / ١٥٣.

٧ ـ الإمام أحمد بن حنبل ، في المسند ١ / ٣ ، وج ٣ / ٢٨٣ ، وج ٤ / ١٦٤.

٨ ـ محبّ الدين الطبري ، في ذخائر العقبى ص ٦٩.

٩ ـ الإمام النسائي ، في خصائصه ، ص ٤.

١٠ ـ الكنجي الشافعي ، في كفاية الطالب ، الباب السبعين ص ١٥٢ ، بسنده المتّصل بالحرث بن مالك ، قال : أتيت مكّة فلقيت سعد بن أبي وقّاص ، فقلت : هل سمعت لعليّ منقبة؟

قال : قد شهدت له أربعا لئن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من الدنيا اعمّر فيها عمر نوح.

إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش فسار بها يوما وليلة ، ثمّ قال لعليّ : اتبع أبا بكر فخذها وبلّغها. فردّ عليّ عليه‌السلام أبا بكر ، فرجع يبكي فقال : يا رسول الله! أنزل فيّ شيء؟!

قال : لا ، إلاّ خيرا ، إلاّ أنّه ليس يبلغ عنّي إلاّ أنا أو رجل منّي. أو قال : من أهل بيتي ... إلى آخره.

وبعد ما نقل الخبر بطوله قال العلاّمة الكنجي : هذا حديث حسن ، وأطرافه صحيحة ، أمّا طرفه الأوّل فرواه إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل وهو بعثت أبا بكر ببراءة ، وتابعة الطّبراني ... إلى آخر كلامه. «المترجم».

٣٣٠

ويوم فتح مكة ، رفع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام على كتفه فكسّر الأصنام التي على سطح الكعبة.

وأرسله النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأهل اليمن يبلّغهم الدين ويقضي فيهم.

وأهمّ من كلّ ذلك : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل عليّا عليه‌السلام وصيّه ، وأوصى إليه بكلّ ما أراد ليقوم به بعد موته. ولم يوص لأبي بكر!

وكان أبو بكر في كلّ هذه القضايا والأمور حاضرا ، لا غائبا ولا مسافرا ، والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اختار عليّا وقدّمه في تلك الامور وغيرها من القضايا الكثيرة وترك أبا بكر!!

الشيخ عبد السلام : مالكم كلّما نذكر حديثا في فضل أبي بكر صاحب رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) رفضتموه ولم تقبلوه؟!

قلت : ما ذنبنا ، إذا كانت الأحاديث التي تنقلها في هذا المجال ، يأباها العقل والنقل؟!

الشيخ عبد السلام : لقد وصلنا حديث ثابت صحيح غير قابل للإنكار ، وهو عن طريق عمرو بن العاص ، قال : سألت النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يوما عن أحبّ نساء العالم إليه؟ فقال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : عائشة!

قال : فسألته عن أحب الرجال إليه؟ فقال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : أبو بكر!

على هذا ، فهما مقدّمان ؛ لأنّ حبّ النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) لهما دليل على أنّ الله تعالى يحبّهما ؛ وهذا دليل قاطع على أحقّيّة أبي بكر (رض) بخلافة رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

٣٣١

قلت : بالإضافة إلى أنّ هذا الخبر من الموضوعات ، فهو يعارض الأخبار المعتبرة والأحاديث الصحيحة عند الفريقين من جهتين :

أوّلا : من جهة عائشة أمّ المؤمنين ، بأنّها أحبّ النساء إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّ هناك أحاديث جمّة تصرّح بأنّ أحبّ النساء إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخيرهنّ هي : فاطمة سيّدة النساء.

فقد أثبت ذلك علماء المسلمين عامّة ـ شيعة وسنّة ـ في أحاديث متواترة في كتبهم المعتبرة ، منهم :

١ ـ أبو بكر البيهقي ، في تاريخه.

٢ ـ الحافظ ابن عبد البرّ ، في «الاستيعاب».

٣ ـ المير السيّد علي الهمداني ، في «مودّة القربى».

وغيرهم من علمائكم وعلماء الشيعة ، كلّهم متّفقون على صحّة الحديث المرويّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال تكرارا : «فاطمة خير نساء أمّتي» أو : «خير نساء أمّتي فاطمة».

وروى الإمام أحمد في «المسند» والحافظ أبو بكر في «نزول القرآن في علي» عن محمّد بن الحنفية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وروى ابن عبد البرّ في «الاستيعاب» في قسم : التحدّث عن فاطمة الزهراء عليها‌السلام وخديجة أمّ المؤمنين ، عن عبد الوارث بن سفيان وأبي هريرة ، وفي قسم التحدّث عن خديجة أمّ المؤمنين ، روى عن أبي داود نقلا عن أبي هريرة وأنس بن مالك.

وروى الشيخ سليمان الحنفي ، في الباب ٥٥ من «ينابيع المودة» ..

والمير السيد علي الهمداني في المودّة الثالثة عشرة من «مودّة القربى» عن أنس بن مالك.

٣٣٢

وروى غيرهم عن طرق عديدة : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد عليهم‌السلام.

وروى الخطيب البغدادي في تاريخه ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عدّ هؤلاء النساء الأربع خير نساء العالمين وفضّل فاطمة في الدنيا والآخرة عليهنّ.

وروى البخاري في صحيحه ، والإمام أحمد في المسند ، عن عائشة بنت أبي بكر ، قالت : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفاطمة «يا فاطمة أبشري ، فإنّ الله اصطفاك وطهّرك على نساء العالمين ، وعلى نساء الإسلام ، وهو خير دين».

وروى البخاري في صحيحه ٤ / ٦٤ ، ومسلم في صحيحه ، في باب فضائل فاطمة ج ٢ ، والحميدي في «الجمع بين الصحيحين» والعبدي في «الجمع بين الصحاح الستّة» وابن عبد البرّ في «الاستيعاب» في قسم : الحديث عن فاطمة عليها‌السلام ، والإمام أحمد في المسند ٦ / ٢٨٢ ، ومحمد بن سعد في الطبقات ج ٢ في قسم أحاديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه ، وفي الجزء الثامن في قسم الحديث حول فاطمة عليها‌السلام ، نقلا عن أمّ المؤمنين عائشة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث طويل جاء فيه أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

«يا فاطمة! ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين؟!».

وفسّره ابن حجر العسقلاني في الإصابة ، في ترجمة فاطمة عليها‌السلام ، أي : أنت سيّدة نساء العالمين.

وروى محمد بن طلحة الشافعي في كتابه «مطالب السئول» ص ٧ ، أحاديث وأخبارا كثيرة في هذا الباب ، وقال بعدها : فثبت بهذه

٣٣٣

الأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة ، كون فاطمة كانت أحبّ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غيرها ، وأنّها سيّدة نساء أهل الجنّة ، وأنّها سيدة نساء هذه الأمّة ، وسيّدة نساء أهل المدينة.

وروى البخاري ومسلم في الصحيح ، والثعلبي في تفسيره ، والإمام أحمد في «المسند» والطبراني في «المعجم الكبير» وسليمان الحنفي في «الينابيع» الباب ٣٢ ، عن تفسير ابن أبي حاتم ، والحاكم في «المناقب» والواحدي في «الوسيط» وأبي نعيم في «حلية الأولياء» وعن الحمويني في «فرائد السمطين».

وروى ابن حجر الهيتمي في «الصواعق» في ذكر الآية الرابعة عشرة.

وروى محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول ، ص ٨.

والطبري في تفسيره ، والواحدي في أسباب النزول ، وابن المغازلي في المناقب ، ومحب الدين الطبري في الرياض ، والشبلنجي في نور الأبصار ، والزمخشري في تفسيره ، والسيوطي في الدرّ المنثور ، وابن عساكر في تاريخه ، والسمهودي في وفاء الوفاء ، والنيسابوري في تفسيره ، والبيضاوي في تفسيره ، والفخر الرازي في التفسير الكبير ، وأبو بكر شهاب الدين العلوي في رشفة الصادي : الباب الأوّل / صفحة ٢٢ ـ ٢٣ ، نقلا عن تفسير البغوي والثعلبي ، والملاّ في سيرته ، ومناقب أحمد ، والطبراني في المعجم الكبير والأوسط ، والسدّي ، والشيخ عبد الله بن محمد الشبراوي في كتابه «الإتحاف» صفحه ٥ عن الحاكم والطبراني وأحمد.

وروى السيوطي في «إحياء الميت» عن تفاسير ابن المنذر وابن

٣٣٤

أبي حاتم وابن مردويه و «المعجم الكبير» للطبراني.

كلّهم رووا عن ابن عبّاس حبر الامّة : أنّه لمّا نزلت الآية الكريمة : (... قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ...) (١).

قال جمع من الأصحاب : يا رسول الله! من قرابتك الّذين فرض الله علينا مودّتهم؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «عليّ وفاطمة والحسن والحسين».

وهذا الأمر ثابت ولا يشكّ فيه إلاّ الذي في قلبه مرض النفاق والعناد.

وإنّ هذا الأمر ثابت عند كبار علمائكم الأعلام ، حتّى روى ابن حجر في «الصواعق» صفحة ٨٨ ، والحافظ جمال الدين الزرندي في «معراج الوصول» والشيخ عبد الله الشبراوي في «الإتحاف» صفحة ٥٢٩ ومحمد بن علي الصبّان في اسعاف الراغبين صفحة ١١٩ ، وغير هؤلاء ذكروا : أنّ الامام محمد بن إدريس الشافعي أنشد شعرا في هذا الأمر ، فقال :

يا أهل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الشأن أنّكم

من لم يصلّ عليكم لا صلاة له

والآن ، أوجه سؤالي لكلّ منصف في المجلس وأقول :

بالله عليكم هل يقابل الحديث الذي ذكره الشيخ عن عمرو بن

__________________

(١) سورة الشورى ، الآية ٢٣.

٣٣٥

العاص الفاسق ، الذي خرج لقتال إمام زمانه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وسفك دماء المؤمنين عمّار بن ياسر ونظرائه الأخيار الأبرار ؛ هل يقابل حديثه بهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة المجمع على صحّتها بين المسلمين ، شيعة وسنّة؟!

وهل يقبل العقل أن يفضّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدا ويحبّ أحدا أكثر من الّذين فرض الله حبّهم ومودّتهم على المسلمين؟!

وهل يتصوّر أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتّبع هواه فيغرم في حبّ زوجته عائشة من غير دليل معنوي ورجحان شرعي ، فيرجّحها على سائر زوجاته ويحبّها أكثر من سائر نسائه؟!

مع العلم أنّ الله عزّ وجلّ يطالب عباده بالعدل بين زوجاتهم فيقول : (... فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ...) (١).

أم هل من المعقول أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفضّل زوجته عائشة على ابنته فاطمة التي فضّلها الله تعالى ومدحها في آية التطهير والمباهلة ، وفرض مودّتها في آية القربى؟!

كلّنا نعلم ونؤمن بأنّ الأنبياء والأصفياء لا يتّبعون الهوى ، وإنّما تكون أفعالهم وأقوالهم وحبّهم وبغضهم لله وفي الله سبحانه ، فمعيار الحبّ والبغض عندهم هو : الله ، وليس الهوى!

والله عزّ وجلّ يرجّح فاطمة ويفضّلها على من سواها ويفرض حبّها والذي يقول غير ما نقول ، فيلزم أن يردّ كلّ الأحاديث والأخبار المعتضدة والمؤيّدة بالقرآن الحكيم والعقل السليم التي استدللنا بها على ما نقول!

__________________

(١) سورة النساء ، الآية ٣.

٣٣٦

أو أنّه ينسب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتّهمه ـ والعياذ بالله ـ بمتابعة الهوى ومخالفة الحقّ! وهذا كفر صريح.

أحبّ الرجال إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّ عليه‌السلام

ثانيا : أمّا من جهة أبي بكر ، كما يقول حديث عمرو بن العاص : «إنّ أحبّ الرجال إلى النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) هو أبو بكر» فهو ينافي الأخبار الكثيرة والأحاديث الصحيحة المعتبرة المروية في كتب كبار علمائكم ومحدّثيكم بأنّ أحبّ الرجال إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، منهم :

١ ـ روى الحافظ سليمان الحنفي في «ينابيع المودّة» الباب ٥٥ ، عن الترمذي بسنده عن بريدة ، أنّه قال : كان أحبّ النساء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة ومن الرجال عليّ عليه‌السلام.

٢ ـ العلاّمة محمد بن يوسف الكنجي روى مسندا في كتابه «كفاية الطالب» الباب ٩١ بسنده عن أمّ المؤمنين عائشة ، أنّها قالت : ما خلق الله خلقا كان أحبّ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عليّ بن أبي طالب.

ثمّ يقول الكنجي : هذا حديث حسن ، رواه ابن جرير في مناقبه ، وأخرجه ابن عساكر في ترجمته ، أي ترجمة الإمام علي عليه‌السلام (١).

__________________

(١) لقد خرّج الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥٤ حديثا بمعناه وفيه زيادة ، وهذا نصّه :

بحذف السند ، بسنده عن جميع بن عمير ، قال : دخلت مع أمّي على عائشة

٣٣٧

٣ ـ روى الحافظ الخجندي بسنده عن معاذة الغفارية ، أنّها قالت : دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في بيت عائشة ، وكان علي عليه‌السلام خارج الدار ، فسمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول لعائشة : إنّ هذا ـ أي عليّ عليه‌السلام ـ أحبّ الرجال إليّ ، وأكرمهم عليّ ، فاعرفي حقّه ، وأكرمي مثواه.

__________________

فسمعتها من وراء الحجاب وهي تسأل عن عليّ؟ فقالت : تسألني عن رجل ، والله ما أعلم رجلا كان أحبّ إلى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) من عليّ ، ولا في الأرض امرأة كانت أحبّ إلى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) من امرأته ـ أي : فاطمة عليها‌السلام ـ ثمّ قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ـ أي : البخاري ومسلم ـ.

وخرّج محبّ الدين الطبري في «ذخائر العقبى» صفحه ٣٥ ، حديثا بمعناه وهذا نصّه : عن عائشة أنّها سئلت : أيّ الناس كان أحبّ إلى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)؟ قالت : فاطمة ، فقيل : من الرجال؟ قالت : زوجها ، إن كان ما علمت صوّاما قوّاما.

خرّجه الترمذي في صحيحه ٢ / ٤٧٥ ، وخرّجه ابن عبيد وزاد بعد قوله «قوّاما» : جديرا بقول الحقّ.

وعن بريدة ، قال : كان أحبّ النساء إلى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فاطمة ومن الرجال عليّ.

خرّجه أبو عمر.

انتهى ما ذكره الطبري في (الذخائر).

وقد خرّج الحديث ، الحاكم في المستدرك على الصحيحين في مورد آخر ، ج ٣ / ١٥٧ ، وخرّجه ابن الأثير في أسد الغابة ٣ / ٥٢٢ ، وابن عبد البرّ في الاستيعاب ٢ / ٧٧٢ ، والترمذي في صحيحه ٢ / ٤٧١ في مناقب اسامة ، وخرّجه الخوارزمي الحنفي في : تاريخ مقتل الحسين عليه‌السلام ١ / ٥٧ ، والمتّقي الهندي في : كنز العمّال ٦ / ٤٥٠ نقلا من كتب كثيرة لعلماء العامّة. «المترجم».

٣٣٨

٤ ـ روى ابن حجر في آخر الفصل الثاني من «الصواعق» بعد نقله أربعين حديثا في فضائل الإمام عليّ عليه‌السلام ، قال الترمذي : عن عائشة ، قالت : كانت فاطمة أحبّ النساء إلى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) وزوجها أحبّ الرجال إليه.

خبر الطير المشويّ

من أهمّ الأخبار في الموضوع ، خبر الطير المشويّ المرويّ في كتبنا وكتبكم المعتبرة كالصحاح والمسانيد ، منها :

صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، والسجستاني ، في صحاحهم ، والإمام أحمد في «المسند» وابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» وابن الصبّاغ المالكي في «الفصول المهمّة» صفحه ٢١ ، رواه بهذه العبارة : وأنّه صحّ النقل في كتب الأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة عن أنس بن مالك ... إلى آخره.

ورواه الشيخ سليمان الحنفي في «ينابيع المودّة» الباب الثامن ، وقد خصّصه لهذا الخبر من طرق شتّى ، فيرويه عن الإمام أحمد والترمذي والموفّق بن أحمد الخوارزمي وابن المغازلي وسنن أبي داود ، عن سفينة مولى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وعن أنس بن مالك وابن عبّاس.

ثمّ يقول : وقد روى أربعة وعشرون رجلا حديث الطير عن أنس ، منهم : سعيد بن المسيّب والسدّي وإسماعيل.

قال : ولابن المغازلي «حديث الطير» من عشرين طريقا.

ورواه سبط ابن الجوزي في التذكرة : ٢٣ ، عن فضائل أحمد

٣٣٩

وسنن الترمذي.

وأشار إليه المسعودي في مروج الذهب ٢ / ٤٩.

ورواه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في الحديث التاسع من «الخصائص».

وكتب كلّ من : الحافظ ابن عقدة ومحمد بن جرير الطبري والحافظ أبو نعيم ، كتابا خاصا بخبر الطير المشويّ وأسانيده وطرقه وتواتره.

كما إنّ العلاّمة المحقّق الورع ، الزاهد التقي ، السيّد حامد حسين الدهلوي ـ وأنتم الحاضرون لقرب جواركم منه تعرفون مكانته العلمية وتعرفون ورعه وزهده أحسن وأكثر من غيركم ـ خصّص مجلّدا ضخما من موسوعته العلمية الكريمة : «عبقات الأنوار» لخبر الطير المشويّ ، وقد جمع فيه أسناد ومصادر الخبر من طرقكم وكتب علمائكم فقط.

وأنا لا أذكر الآن كم بلغ عدد أسناد ومصادر هذا الخبر في ذلك الكتاب العظيم ، ولكنّي أذكر بأنّي عجبت حين مطالعته من سعة اطّلاع العلاّمة الدهلوي!

والخبر كما رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ، عن سفينة مولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أهدت امرأة من الأنصار طيرين مشويّين بين رغيفين ، فقال النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك والى رسولك فجاء عليّ عليه‌السلام فأكل معه من الطيرين حتى كفيا.

وجاء في بعض كتبكم مثل : «الفصول المهمّة» لابن الصبّاغ المالكي وتاريخ الحافظ النيسابوري ، و «كفاية الطالب» للعلاّمة الكنجي

٣٤٠