آكام المرجان

المؤلف:

إسحاق بن الحسين


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الطبعة: ١
الصفحات: ١٤٤

بلاد البربر وذكرها

وهي في الإقليم الرابع.

وهي واسعة ، آخذة [في] الشمال والجنوب في عرض الإقليم الرابع والثالث إلى أول حدود بلاد السودان في الجنوب ، وإلى البحر الشامي في الشمال ، وإلى البحر المغربي المحيط الأعظم في الغرب عند طنجة ، وإلى بلاد افريقية في الشرق.

فمن مدائنها مدينة تنس (١) ، وهي على البحر الشامي وهي مرسى لمن جاز من بحر الأندلس ، ودخل مدينة بجّانة (٢) وهي مدينة حسنة كثيرة الخيرات ، وفيها جامع ، وأهلها يأكلون الكلاب ، وبها جزارون يقطعون لحومها.

وبين قسطيلية (٣) وتاهرت مسيرة عشرة أيام ، وفاس خمسة عشر يوما ، في صحارى ورمال.

__________________

(١) جغرافية ابن سعيد ١٤٢.

(٢) وردت في المطبوع ، (بجابة) وضبط الاسم من الاصطخري ٣٨ ، وهي تبشينا الإسبانية.

(٣) ابن حوقل ٩٢.

١٠١

ومدينة فاس كثيرة الخيرات ، وبها مسجد جامع ، وبها مياه جارية وأشجار وأنهار (١).

وعلى البحر الشامي ، فيما يقابل جزيرة الأندلس مدائن كثيرة منها : مدينة قرطجنة ، ومدينة مليلة ، وتلمسان ، ومدينة ناكورة (٢) إلى مدينة طنجة ، وهي بقرب مدينة سبتة ، وهي المرسى والمجاز إلى جزيرة الأندلس وما فوق طنجة ، آخذة في جهة الجنوب مدينة اغمات (٣) وغيرها من المدائن ، إلى مدينة سجلماسة (٤) ، وهي آخر بلاد البربر مما يلي السودان.

__________________

(١) ابو الفداء ١٣٢ ، جغرافية ابن سعيد ١٤٠.

(٢) عند الاصطخري (ناكور) وبينها وبين تاهرت ٢٠ مرحلة.

(٣) البلدان ٣٦٠.

(٤) القزويني ، آثار البلاد ٤٢ يتحدث عن أهمية سجلماسة التجارية وعلاقاتها مع غانة ، معدن الذهب.

١٠٢

بلاد السودان

وهي كبيرة واسعة ، آخذة في الطول من بحر المغرب (١) إلى بحر القلزم. وهي عظيمة جليلة.

وبين مدينة غانة (٢) وبلاد النوبة ، بلاد كثيرة الصحارى ، ورمال ، وبلاد النوبة شديدة الحر ، قليلة الأمطار والأنهار والنبات والأشجار. وأهلها يمشون عراة لشدة الحر عندهم ، والمرأة تستر فرجها لا غير.

ويربون أولادهم في حفر يصنعونها في الرمال.

وهي بلاد كثيرة الأسد والوحوش والدواب الهائلة العظيمة.

وبلادهم كثيرة الذهب ، وهم يفضلون الصفر على

__________________

(١) في المطبوع (من البحر المغرب).

(٢) ابن سعيد ٩٢ ، القزويني ، آثار البلاد ٢٤.

ويذهب هاملتون جب إلى أن مدينة غانة حل محلها في القرن الثالث عشر الميلادي مدينة ايوالتان. واعتبر حسين مؤنس ذلك خطأ ، لأن مدينة غانة دثرت ، ثم حلّت محلها مدينة كوبي صالح ، إلى الغرب من تمبكتو (ابن بطوطة ورحلاته ٢٢٦).

١٠٣

الذهب ، يصنعون منه الحلى للنساء في الخواصر.

وبلاد النوبة [على شرقي النيل وقاعدتهم دنقلة] ، (١) وهم يتخذون جلود البغال ويلبسونها أعواما ، لا تتمزّق لصلابتها.

وقاعدة بلاد الحبشة وهي مدينة جرمي (٢) ، وهي دار مملكة الحبشة ، وهي للنجاشي ، وبها يبتاع تبر الذهب بالنحاس ، وأهلها لا يفهمون.

فإذا أراد التاجر أن يتجر مع أحدهم جعل [ما يرغب أن](٣) يعطيه في الأرض ، فإن رضيه أخذه ، وإن لم يرض أخذ ذهبه ومضى.

ومن مدائنهم ، مدينة زغاوة (٤) ، وهي حدود بلاد النوبة على النيل ، ومدينة كوس ، ومدينة كوكو (٥) ومدينة علوة في بلاد النوبة على النيل (٦).

__________________

(١) فراغ في المطبوع والاستدراك من تقويم البلدان ١٥٣ ، وابن سعيد ٩٦ ، وانظر آثار البلاد ٣٩.

(٢) تقويم البلدان ١٥٧.

(٣) ساقط من المطبوع ، وانظر معجم البلدان (تبر).

(٤) تقويم البلدان ١٥٧ ، ابن سعيد ٩٧.

(٥) تقويم البلدان ١٥٧ ، ابن سعيد ٩٦ ، ويذكر كوشه ، عوضا عن كوس ، التي اعتبرها قاعدة زنج النوبة.

(٦) انظر ، ابن سعيد ٩٦ ، وتعليق محققه هامش رقم ٥٨.

١٠٤

وبلاد النوبة على الخليج الذي بين النيل والنهر الذي يأتي من تحت خط الاستواء ، وما خلف هذه البلدان في الجنوب فغير مسكونة لشدة الحرّ فيها.

١٠٥

جزيرة الأندلس

وهي كبيرة ، قد أحاطت بها البحار ، وهي آخذة من البحر المغربي في الطول عند مدينة أخشنبة (١) إلى منفرج البحر الجنوبي والمحيط ، عند جبل هيكل الزهرة (٢) ، فيما يجاوره ، ومدينة تركونة (٣) ومدينة برشلونة ، وهناك باب الأندلس.

وهي آخذة في عرض الإقليم الخامس والسادس من البحر الشامي في الجنوب إلى البحر المحيط في الشمال.

وقاعدة الأندلس ، مدينة قرطبة (٤) ، وهي دار السّنة ،

__________________

(١) أخشنبة عند الاصطخري ، وضبطها البكري ٦٣. أخشونبة ، وهي (فارو) الحديثة.

(٢) هيكل الزهرة ، هو حد الأندلس من جهة الشرق والشمال وكان يعبده أهل تلك البلاد قبل النصرانية ، وهو في طرف جبال البرت والبرانس قاله أبو الفداء ١٨٣.

(٣) ضبطها البكري في جغرافيته ١٧٠ (طرّكونة) وكذلك هي عند أبي الفداء ١٦٥.

(٤) انظر اخبارها في جغرافية البكري ١٠٠.

١٠٦

ومجمع كل آية ، وليس في الدنيا مثلها ، فاغنى ذلك عن ذكرها.

ومن مدائن الأندلس ، مدينة إشبيلية (١) ، وهي في الغرب. وهي مدينة كثيرة الخيرات وشجر الزيتون. وهي على النهر العظيم الذي [يمر في] قرطبة (٢).

ومن مدائنها : مدينة طليطلة (٣) ، وهي جليلة قديمة. وهي كانت القاعدة (٤) ودار المملكة للقوطيين ، وهي حصينة.

ومن مدائنها : مدينة سرقسطة (٥) ، وهي عظيمة عجيبة كثيرة الأنهار والبساتين والأشجار على وادي شلون.

وجلق (٦) ، وهي تضاهي العراق ، وتحكي السدير والخورنق ، والثغر الأعلى فيما يجاور بلاد الشماكسة.

ومن الثغر الشرقي وشقة (٧) ، ويقابلها بلاد الإفرنج ،

__________________

(١) انظر اخبارها عند البكري ١٠٩.

(٢) هو الوادي الكبير.

(٣) أخبار طليطلة عند البكري ٨٦.

(٤) في المطبوع (القاعد) ، وعند أبي عبيد البكري ، (قاعدة القوط).

(٥) تقويم البلدان ١٨٠.

(٦) البكري ٧١ وهو اسم أطلقه الأمويون على موضع بالقرب من سرقسطة وبلاد الشماكسة ، لعلها البشاكسة (Basques) أو (Vasconia).

(٧) عند البكري ١٣٥ (أشقةHuesca).

١٠٧

وتطيلة (١) ، ويقابلها بلاد شلون ، وقلعة أيوب (٢) ومدينة سالم (٣) ويقابلها أرغون ، وبربشتر (٤) ولاردة (٥) ومسسون (٦) وقلهّرة (٧) ، ويقابلها بلاد قشتالة (٨).

ومن مدائن الأندلس مدينة ماردة (٩) ، وهي كانت قاعدة القوطيين ، وما خلف بلاد جيلقية (١٠) ، آخذ في الشمال الى البحر المحيط الجنوبي.

ومن مدائنها مدينة بلنسية (١١) ، وهي على قرب البحر ، وقاعدتها اليوم المريّة (١٢) ، وهي على البحر الشامي. وكذلك

__________________

(١) البكري ٩٠ ووردت في الأصل (ويقال).

(٢) البكري ٩٠ ، وهي مدينة محدثة.

(٣) مدينة سالم ، قاعدة الثغر الأوسط (ابو الفداء ١٧٩).

(٤) بربشتر ، انظر أخبارها في جغرافية البكري ٩٢.

(٥) جغرافية البكري ٦١.

(٦) كذا وردت.

(٧) ضبطها البكري ٦٢ بفتح ثم فتح ثم ضم ثم فتح.

(٨) جغرافية البكري ٧٢.

(٩) جغرافية البكري ٦٣.

(١٠) جغرافية البكري ٧١ ، وهي Galicia.

(١١) البكري ٦٢ وهي Valancia ، والبلدان ٣٥٥ ، وتقويم البلدان ١٧٨.

(١٢) تقويم البلدان ١٧٦.

١٠٨

مدينة مالقة (١) ، وهي كثيرة الخير ، ومدينة طرطوشة ، وهي على البحر (٢) الشامي مجاورة لبلاد الإفرنج ، ومدينة ابرارة (٣) ، وقاعدتها اليوم دانية ، مقابلة لجزيرتي منورقة وميورقة (٤).

وافتتحت جزيرة الأندلس في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين (٥) ، افتتحها طارق بن زياد النفزي (٦) ، عامل موسى بن نصير ، عامل الوليد بن عبد الملك على بلاد إفريقية.

وكان ملك القوطيين بالأندلس يسمى غطيشة (٧) ، وكان له أربع مدائن يتنقل إليها في فصول السنة الأربعة ، وكان في

__________________

(١) تقويم البلدان ١٧٤.

(٢) في المطبوع (بحر الشامي).

(٣) يذكر المؤلف هنا مدنا على شواطئ البحر المتوسط (البحر الشامي). والكلمة غير واضحة. وقد جعل البكري دانية من المدن التابعة لطليطلة ولعلها أندارة أو أباريه أو أبره (أيبرية) هو ما يخالف قوله (وقاعدتها اليوم دانية).

(٤) جزيرتا منورقة وميورقة Mallorca وMenorca في البحر المتوسط.

(٥) ابن عذارى ، البيان المغرب ٢ : ٩ ، ابن عبد الحكم ، فتوح مصر ، ٢٠٥.

(٦) في المطبوع غير واضحة ، ولعلها الصوفي ، وما أثبته من ابن عذاري وابن عبد الحكم.

(٧) كذا في المطبوع ، والمشهور عند العرب : غيطشة.

١٠٩

فصل الشتاء بمدينة طليطلة وهي دار (١) مملكته. وكان في أيام الصيام بأشبيلية لأجل الحوت. إذ اللحم محرم عليهم في صيامهم.

وكان في أيام الربيع بمدينة ماردة لكثرة الصيد بها والسمن والعسل.

وكان بقرطبة في أيام العنصرة للفواكه والأشربة.

فلما دخل اشبيلية [بعد حصارها أشهرا](٢) فضامها على نفسها فعزّ ذلك على أهل مملكته ، فخرج العامل على الجزيرة وعمّر هناك.

وأتى موسى بن نصير وأعلنه بخبر الأندلس وطيبها وأمره بالنهوض إليها لمحاربتها (٣) ، فلم يعزم على ذلك حتى نهض إلى الوليد ، وأعلمه بذلك ، فمنعه الوليد وقال : ثغور المسلمين في البحر. فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا أرسل بجندي طارقا مع البرابرة ، فإن أصابوا فلنا ، وإن أصيبوا فليس علينا ، فكأنهم أعداء ، فأمره بالنهوض على ذلك.

فلما عبر طارق البحر ، خرج إلى الجبل المنسوب إليه ، ثم قدم السودان للحرب. فلما رأى القوطيون صورا هائلة

__________________

(١) في الأصل (دار في مملكته).

(٢) فراغ المطبوع ، والاستدراك من ابن عذارى ، ويذكر ابن عذارى أن القوط بنوا باجة بعد نزوحهم.

(٣) هذه الرواية يناقشها وغيرها من الروايات ابن عذارى.

١١٠

أفزعهم ذلك ، وكان السودان يأخذون الأسرى من القوطيين والنصارى ويذبحونهم ، ويظهرون أنهم يأكلونهم. فكان ذلك زيادة في خوفهم وجزعهم. فكان طارق لا يمر بمدينة إلّا فرّ أهلها خوفا منه ، حتى انتهى إلى طليطلة ، وكان قد قتل الملك ، واستخلف بعده لذريق مكانه ، فقتله طارق أيضا. فانهزمت النصرانية من البلدان والسهول ، حتى اعتصموا بالوعور والجبال. وبلغت الطاعة للمسلمين إلى جليقية ، وافرنجة فصالح أهلها ، فكانوا يؤدون الجراية حتى قلّت أموالهم ، فافتقروا وامتنعوا من ذلك ، فأخرج إليهم الجيوش ، وأدخلهم في أقاصي البلدان فهم بها.

١١١

الروم والإفرنج (١)

وهي بلاد كثيرة واسعة ، آخذة في طول ، من باب الأندلس مع البحر الشامي إلى مدينة القسطنطينية.

وفي العرض ، إلى بلاد الصقالبة (٢) في عرض الإقليم السابع.

وهم يحاربون الصقالبة ويسرقونهم. وهم في جزائر للبحر كثيرة ، وبلادهم باردة ، كثيرة الأمطار والأثمار والجبال والوعور.

[ومن] ضمن مدائنهم : مدينة رومية الكبرى ، وهي على البحر.

__________________

(١) إيطاليا وفرنسا بخاصة ، وأوروبا بعامة.

(٢) البلاد السلافية.

١١٢

مدينة رومية

وهي في الإقليم السادس.

وبعدها عن خط المغرب خمس وثلاثون درجة ، وعن خط الاستواء اثنتان وأربعون درجة.

وهي مدينة عظيمة ، دار مملكة الروم في القديم ليس في بلادهم [أجمل] منها ولا أعظم.

وطولها ثمانية وعشرون ميلا. ولها سوران ، وبينهما نهر عظيم ، يأتي من البحر ، عليه المنازل ودكاكين [بنيت بالصفر](١) لأن ذلك النهر مفترش بالصفر صفا وعرما ... (٢).

على جميع أهل عمله. فاجتمع من الصفر شيء عظيم ،

__________________

(١) ساقطة من المطبوع ، والاستدراك من جغرافية البكري ٢٠٣ ، حيث يذكر القصدير والرصاص.

(٢) فراغ في الأصل. ونستنتج أن ملك روما فرض على سكان المدينة جمع الصفر (النحاس).

١١٣

ففرش منه حافة النهر ، فيما يقابل المدينة. فمن حينئذ تورخ النصارى من الصفر.

وفي وسط المدينة الكنيسة العظمى (١) ، وطولها فرسخان ، وفيها قبر شمعون الحواري ، [من حواري عيسى بن مريم عليه السلام]. فإذا كان يوم العيد ، جاء الملك ففتح باب القصر ، ونزل فيه ، وحلق رأسه ، ثم خرج وأعطى كل واحد من الرجال من أهل مملكته شعرة ، فهم يتبركون بها.

وحيطان الكنيسة محلاة بالذهب ، وفيها ألف صليب من ذهب ، واثنا عشر صليبا على عدد الحواريين.

وفي الكنيسة خمسة آلاف قسيس وشماس ، وفيها ألف ومائتا كأس من ذهب ، مرصعة بالجوهر ، لشرب الخمر [و] للقربان. وفيها بيت طوله خمسون ذراعا ، مفروش بالديباج ، لجلوس الشمامسة ، وعليهم ثياب الديباج.

وفي الكنيسة عمود اسطوانة من ياقوتة حمراء يضيء منها البيت في الليل ، ولا يحتاج معها إلى مصباح.

وفي الكنيسة رجل مبنيّ بالنحاس ، وفي أعلاه زرزور من نحاس ، فإذا كان أيام الزيتون ، لم يبق زرزور إلّا أخذ زيتونة في فمه (٢) ، وألقاها على تلك الصورة ، حتى تجتمع`من

__________________

(١) هي كنيسة القديس بطرس ، وانظر جغرافية البكري ٢٠٣.

(٢) ابن خرداذبة ١١٥ ـ ١١٦.

١١٤

الزيتون أمدادا كثيرة ، فيعملون منه الزيت لمصابيح الكنائس خاصة.

وفي المدينة كنائس كثيرة ، نحو خمسة آلاف كنيسة ، وحواليها منارات الرهبان ، يسمرون بالليل. وفيها عشرة آلاف حمام (١). ويقعد (٢) أهل المدينة في الكنائس ، من يوم السبت إلى آخر يوم الأحد ، لا يشغلون بصناعة ولا تجارة.

وفيها مجلس لأهل العلم والحساب والفلسفة والتنجيم والحكماء بالطب. وفيها [ستة آلاف](٣) آلاف مصحف من الإنجيل ، مكتوبة بالذهب ، وخزائن عظيمة ، فيها الدواوين بالعلوم.

__________________

(١) وفي مختصر البلدان (ستمائة ألف حمّام).

(٢) في المطبوع (ويقورون).

(٣) فراغ في المطبوع. والاستدراك من الاعلاق النفيسة ١٣٢ ، حيث الخبر.

١١٥

مدينة القسطنطينية

وهي في الإقليم السادس.

وبعدها عن خط المغرب ، تسع وأربعون درجة ، وعن خط الاستواء خمس وأربعون درجة.

وهي مدينة عظيمة جليلة [لا] مثيل [لها ، ولها] ثلاثة (١) أبواب وجوانب. جانبان إلى البحر وجانب إلى البر مما يلي الروم.

ورومية الكبرى هي قد أحاطت بها أسوار عظيمة كثيرة ، ومنها رومية ، وهي أقدم منها.

وكان الذي بنى القسطنطينية ، قسطنطين ابن ملك الروم ، وذلك أنه أول من دخل في دين النصارى وأظهره وآمن بعيسى [عليه السلام] فأنكر عليه ذلك أهل مملكته رومية ، فرحل عنها وبنى القسطنطينية وسماها باسمه. ولم يزل يتنقل من الروم إليها ، حتى صارت القاعدة ودار المملكة (٢).

__________________

(١) في المطبوع (ثلاث).

(٢) ما أورده المؤلف عن سبب بناء القسطنطينية مغاير للحقيقة.

١١٦

وبها كنائس عظام ، ومساجد للمسلمين ، وهم يحسنون إلى المسلمين الأسرى الذين عندهم ، ويجرون عليهم الأرزاق.

ومملكتهم مملكة عظيمة ، وهم أهل بأس ونجدة ، وهم يحاربون الصقالبة والإفرنج ويحاربهم (١) أيضا المسلمون من بلاد الشامات.

وفيها طلسمات وآثار عجيبة للأوائل.

وأهل رومية وأعمالها يحلقون لحاهم وأوساط رؤوسهم ، تكفيرا لما صنعوا بحواريي عيسى بن مريم عليه السلام ، أرسله الله إليهم ، ففعلوا بهم كذلك (٢).

ومما يلي القسطنطينية وما يقابلها خلف الخليج ، بلاد عمورية والكهف والرقيم.

__________________

(١) في المطبوع (يحاربهم).

(٢) الخبر في الاعلاق النفيسة ١٣٠ ، حيث يقدم ابن رسته وصفا وافيا للقسطنطينية ، وما أورده المؤلف من حلق الشعر ، أورده ابن رسته في أخبار رومية. وانظر القصة في جغرافية البكري ٢٠٥.

١١٧

ذكر الرقيم والكهف

وهي في الإقليم الخامس ، بين عمورية وأنقرة (١).

هم جبل عظيم ، فيه كهف تحت الأرض ، وهو محل الأساطين ، وله باب من الحجارة ، وفي داخله قوم أموات كأنهم أحياء ، أعينهم مفتوحة في ظلمة عظيمة ، لا تستبان وجوههم إلّا بالمصابيح ، وعليهم مسوح شعر يتناثر بين اليد ، وأجسامهم قد يبست وجلودهم لا صقة بالعظام ، وشعورهم باقية لا يدخل عليهم أحد إلّا أخذته هيبة عظيمة.

* * *

وفرغ من [القسطنطينية وانتقل إلى جزائر](٢) البحر

__________________

(١) ابن الفقيه ١٤٧ ، أما ابو الفدا فيجعل الرقيم يقرب البلقاء ٢٢٧ ، وفي أحسن التقاسيم ١٧٥ ، ذكر المقدسي أن الرقيم قرية على فرسخ من عمّان. والاصطخري ٦٤ يجعله بقرب البلقاء.

(٢) ساقط من المطبوع ، ولا نستطيع تحديد ما سقط ، إذ ينقلنا ما سقط إلى المحيط الهندي. وأظن أن مما سقط ، قسم يتضمن أخبار

١١٨

الأعظم. وأعظم تلك الجزائر جزيرة سرنديب. ومن مدائن الهند ، مدينة الزابج.

__________________

الصين. إذ أن من عادة الجغرافيين التحدث عنها في مؤلفاتهم.

١١٩

مدينة الزابج في الهند

وهي مدينة عظيمة ، وعليها سور ولها أربعة أبواب ، وملكهم يعمر مدينة يقال لها ملجمان ، وهي مدينة الزابج ، على مسيرة عشرين يوما.

وهم يحاربون الزبج ويعرف ببلاد الذهب ، وبها جبال فيها معادن الذهب والرصاص (١) ، ومنها يحمل الرصاص إلى البلاد.

ولهم دنانير يتعاملون بها ، وعلى الدنانير صورة الملك ، وأهلها يشبهون الترك ، إلّا أنهم سمر طوال ، وعندهم القرنفل والجوز وأنواع الصندل وشحم الطيب (٢).

في أرض الهند ، الفيلة ، وهم يصطادونها (٣) يحفرون لها في الأرض ، يحيطونها بالحشيش ويقبلونها ويأخذون

__________________

(١) في مختصر كتاب البلدان ١٠ (وفيها معادن الذهب).

(٢) مختصر كتاب البلدان ١٦.

(٣) مختصر كتاب البلدان ١٠.

١٢٠