أسرار العربيّة

كمال الدين أبي البركات عبد الرحمن بن محمّد بن أبي سعيد الأنباري النحوي [ ابن انباري ]

أسرار العربيّة

المؤلف:

كمال الدين أبي البركات عبد الرحمن بن محمّد بن أبي سعيد الأنباري النحوي [ ابن انباري ]


المحقق: بركات يوسف هبّود
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٤

الباب الخامس

باب التّثنية والجمع

إن قال قائل : ما التّثنية؟ قيل : التّثنية صيغة مبنيّة للدّلالة على الاثنين ؛ وأصل التّثنية العطف ؛ تقول : قام الزّيدان ، وذهب العمران ؛ والأصل : قام زيد وزيد ، وذهب عمرو وعمرو إلّا أنّهم حذفوا أحدهما ، وزادوا على الآخر زيادة دالّة على التّثنية للإيجاز والاختصار ، والذي يدلّ على أنّ الأصل هو العطف ، أنّهم يفكّون التّثنية في حال الاضطرار ، ويعدلون عنها إلى التّكرار ؛ كقول الشّاعر (١) : [الرّجز]

كأنّ بين فكّها والفكّ

فارة مسك ذبحت في سكّ (٢)

وقال الآخر : (٣) [الرّجز]

كأنّ بين خلفها والخلف

كشّة أفعى في يبيس قفّ (٤)

__________________

(١) لم ينسب إلى قائل معيّن.

(٢) المفردات الغريبة : الفكّ : اللّحي ، وفي الرّأس فكّان ؛ أعلى وأسفل. القاموس المحيط : مادة (فكك) ، ص ٨٥٥. فارة المسك : وعاؤه. السّكّ : ضرب من الطّيب.

موطن الشّاهد : «فكّها والفكّ». وجه الاستشهاد : الأصل أن يقول : كأنّ بين فكّيها ، ولكنّه عدل عن تثنية الفكّ مراعاة للوزن ؛ وهذا كثير شائع.

(٣) لم ينسب إلى قائل معيّن.

(٤) المفردات الغريبة : كشّة أفعى : يقال : كشكشت الحيّة ، إذا صاتت من جلدها لا من فيها. يبيس قفّ : يقال : قفّ العشب قفوفا إذا يبس. وقفّ : إذا انضمّ بعضه إلى بعض حتّى صار كالقفّة. والقفّ : ما ارتفع من الأرض. ويطلق على الشّجرة اليابسة البالية.

القاموس المحيط : مادة (قفف) ، ص ٧٦١.

موطن الشّاهد : «كأنّ بين خلفها والخلف» وجه الاستشهاد : فكّ الشّاعر التّثنية للضّرورة الشّعريّة ـ كما في الشّاهد السّابق ـ لأنّ الأصل في هذا الاستعمال : كأنّ بين خلفيها.

٦١

وقال الرّاجز (١) : [الرّجز]

ليث وليث في مجال ضنك (٢)

أراد «ليثان» إلّا أنّه عدل إلى التّكرار في حالة الاضطرار ؛ لأنّه الأصل.

فإن قيل : ما الجمع؟ قيل : صيغة مبنيّة للدّلالة على العدد الزّائد على الاثنين ، والأصل فيه ـ أيضا ـ العطف كالتّثنية ، إلّا أنّهم لمّا عدلوا عن التّكرار في التّثنية طلبا للاختصار ، كان ذلك في الجمع أولى.

فإن قيل : فلم كان إعراب التّثنية والجمع بالحروف دون الحركات؟ قيل : لأنّ التّثنية والجمع فرع على المفرد ، (والإعراب بالحروف فرع على الحركات ، فكما أعرب المفرد) (٣) الذي هو الأصل بالحركات التي هي الأصل ، فكذلك ، أعرب التّثنية والجمع اللّذان هما فرع بالحروف التي هي فرع ، فأعطي الفرع الفرع ، كما أعطي الأصل الأصل ؛ وكانت الألف والواو والياء أولى من غيرها ؛ لأنّها أشبه الحروف بالحركات. فإن قيل : فلم خصّوا التّثنية في حال الرّفع بالألف ، والجمع السّالم بالواو ، وأشركوا بينهما في الجرّ والنّصب؟ قيل : إنّما خصّوا التّثنية بالألف ، والجمع بالواو ؛ لأنّ التّثنية أكثر من الجمع ؛ لأنّها تدخل على من يعقل ، وعلى ما لا يعقل ، وعلى الحيوان ، وعلى غير الحيوان من الجمادات والنّبات ، بخلاف الجمع السّالم ، فإنّه في الأصل لأولي العلم خاصّة ، فلمّا كانت التّثنية أكثر ، والجمع أقلّ ؛ جعلوا الأخفّ ، وهو الألف للأكثر ، والأثقل وهو الواو للأقلّ ؛ ليعادلوا بين التّثنية والجمع ؛ وإنّما أشركوا بينهما في النّصب والجرّ ؛ لأنّ التّثنية والجمع لهما ستّة أحوال وليس إلّا ثلاثة أحرف ، فوقعت الشّركة ضرورة.

__________________

(١) ينسب الشّاهد إلى واثلة بن الأسقع ، أو لجحدر بن مالك ، كما في خزانة الأدب ٧ / ٤٦١ ـ ٤٦٤.

(٢) المفردات الغريبة : اللّيث : الأسد. وعنى باللّيث الأوّل ـ هنا ـ نفسه ، وباللّيث الثّاني بطريقا من بطارقة الرّوم ؛ إذا كان الشّعر لواثلة.

موطن الشّاهد : «ليث وليث» وجه الاستشهاد : ترك التّثنية والعدول عنها إلى التّكرار ؛ كما في الشّاهدين السّابقين. وفي الشّاهد دليل على أنّ أصل المثنّى العطف بالواو.

(٣) سقط من (س) ما بين القوسين.

٦٢

[حمل النّصب على الجرّ]

فإن قيل : هل النّصب محمول على الجر ، أو الجرّ محمول على النصب؟ قيل : النّصب محمول على الجرّ ؛ لأنّ دلالة الياء على الجرّ ، أشبه من دلالتها على النّصب ؛ لأن الياء من جنس الكسرة ، والكسرة في الأصل ، تدلّ على الجرّ ، فكذلك ما أشبهها.

فإن قيل : فلم حمل النّصب على الجرّ دون الرّفع؟ قيل : لخمسة أوجه :

الوجه الأوّل : أنّ الجرّ ألزم للأسماء من الرّفع ؛ لأنّه لا يدخل على الفعل ، فلمّا وجب الحمل على أحدهما ، كان حمله على الألزم أولى من حمله على غيره.

والوجه الثّاني : أنّهما يقعان في الكلام فضلة ، ألا ترى أنّك تقول : «مررت» فلا تفتقر إلى أن تقول : بزيد أو نحوه ، كما أنّك إذا قلت : رأيت ، فلا تفتقر إلى أن تقول : زيدا ، أو نحوه.

والوجه الثّالث : أنّهما يشتركان في الكتابة ؛ نحو : رأيتك ، ومررت بك.

والوجه الرّابع : أنّهما يتشركان في المعنى ؛ تقول : مررت بزيد ، فيكون في معنى : جزت زيدا.

والوجه الخامس : أنّ الجرّ أخفّ من الرّفع ، فلّما أرادوا الحمل على أحدهما ؛ كان الحمل على الأخفّ أولى من الحمل على الأثقل. ويحتمل ـ عندي ـ وجها سادسا (١) : وهو أنّ النّصب من أقصى الحلق ، والجرّ من وسط الفم ، والرّفع من الشّفتين ، وكان النّصب إلى الجرّ أقرب من الرّفع ؛ لأنّ أقصى الحلق أقرب إلى وسط الفم من الشّفتين ، فلمّا أرادوا حمل النّصب على أحدهما ؛ كان حمله على الأقرب أولى من حمله على الأبعد ، والجارّ أحقّ بصقبه (٢) ، والذي يدلّ على اعتبار هذه المناسبة بينهما ، أنّهم لما حملوا النّصب على الجرّ في باب التّثنية والجمع ؛ حملوا الجرّ على النّصب في باب ما لا ينصرف.

فإن قيل : فما حرف الإعراب في التّثنية والجمع؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب سيبويه (٣) إلى أنّ الألف ، والواو ، والياء ، هي حروف

__________________

(١) في (ط) وجه سادس ؛ والصّواب ما أثبتناه من (س).

(٢) بصقبه : أي بما جاوره ، وقرب منه.

(٣) مرّت ترجمته.

٦٣

الإعراب ، وذهب أبو الحسن الأخفش (١) ، وأبو العباس المبرّد (٢) ، ومن تابعهما ، إلى أنّها تدلّ على الإعراب ، وليست بإعراب ، ولا حروف إعراب ، وذهب أبو عمر الجرميّ (٣) إلى أنّ انقلابها هو الإعراب ، وذهب قطرب (٤) ، والفرّاء (٥) ، والزّياديّ إلى أنّها هي الإعراب ، والصّحيح هو الأوّل ؛ وأمّا من ذهب إلى أنّها تدلّ على الإعراب ، وليست بحروف إعراب ففاسد ؛ لأنّه لا يخلو إمّا أن تدلّ على الإعراب في الكلمة ، أو في غيرها ؛ فإن كانت تدلّ على الإعراب في الكلمة ، فلا بدّ من تقديره فيها ، فيرجع هذا القول إلى القول الأوّل ، وهو مذهب سيبويه ، وإن كانت تدلّ على إعراب في غير الكلمة ، فليس بصحيح ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن يكون التّثنية والجمع مبنيّين ، وليس بمذهب لقائل هذا القول ، وإلى أن يكون إعراب الكلمة ترك إعرابها ، وذلك محال ، وأمّا من ذهب إلى أنّ انقلابها هو الإعراب ، فقد ضعّفه بعض النّحويّين ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن يكون التّثنية والجمع مبنيّين في حالة الرّفع ؛ لأنّه لم ينقلب عن غيره ، إذ أوّل أحوال الاسم الرّفع ، وليس من مذهب هذا القائل بناء التّثنية والجمع في حال من الأحوال ؛ وأمّا من ذهب إلى أنّها أنفسها هي الإعراب فظاهر الفساد ، وذلك ؛ لأنّ الإعراب لا يخلّ سقوطه ببناء الكلمة ، ولو أسقطنا هذه الأحرف ؛ لبطل (٦) معنى التّثنية والجمع ، واختلّ معنى الكلمة ، فدلّ ذلك على أنّها ليست بإعراب ، وإنّما هي حروف إعراب على ما بيّنّا.

__________________

(١) الأخفش : هو الأخفش الأوسط ، سعيد بن مسعدة المجاشعيّ البلخيّ ، أخذ النّحو عن سيبويه ؛ صنّف كتبا ، وزاد في العروض بحر «الخبب» فصار مجموع مجموعها ستة عشر بحرا. مات سنة ٢١٥ ه‍.

(٢) المبرّد : أبو العبّاس ، محمد بن يزيد ، إمام أهل البصرة في العربيّة ؛ من آثاره : «الكامل في اللّغة والأدب والنّحو التّصريف» و «المقتضب في النّحو» ، وغيرهما. مات سنة ٢٨٥ ه‍. بغية الوعاة ١ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

(٣) الجرميّ : أبو عمر ، صالح بن إسحاق الجرميّ ، أخذ النّحو عن الأخفش ، ويونس بن حبيب ، وغيرهما. مات سنة ٢٢٥ ه‍. بغية الوعاة ٢ / ٨.

(٤) قطرب : هو محمّد بن المستنير ، لقّبه أستاذه سيبويه بقطرب ـ دويبة تبكّر في السّعي طلبا للرّزق ـ لنشاطه في تحصيل العلم والسّعي إليه قبل غيره. كان عالما في اللّغة ، والنّحو ، والأدب ، وهو أوّل من وضع المثلّثات اللّغويّة ؛ من آثاره : معاني القرآن ، والنّوادر ، والأزمنة ، وغريب الحديث ، وغيرها. مات سنة ٢٠٦ ه‍. إنباه الرّواة ٣ / ٢١٩.

(٥) الفرّاء : سبقت ترجمته.

(٦) في (س) بطل والصّواب ما أثبت في المتن ؛ لوقوع بطل في جواب «لو».

٦٤

[سبب فتح ما قبل ياء التّثنية]

فإن قيل : فلم فتحوا ما قبل ياء التّثنية دون ياء الجمع؟ قيل لثلاثة أوجه :

الوجه الأوّل : أنّ التّثنية أكثر من الجمع على ما بيّنّا ، فلمّا كانت التّثنية أكثر من الجمع ، والجمع أقلّ ، أعطوا الأكثر الحركة الخفيفة ، وهي الفتح ، والأقلّ الحركة الثّقيلة ، وهي الكسرة.

والوجه الثّاني : أنّ حرف التّثنية لمّا زيد على الواحد للدّلالة على التّثنية ، أشبه تاء التّأنيث التي تزاد على الواحد للدّلالة على التّأنيث ، وتاء التّأنيث يفتح ما قبلها ، فكذلك ما أشبهها ، وكانت التّثنية أولى بالفتح ، لهذا المعنى من الجمع ؛ لأنّها قبل الجمع.

والوجه الثّالث : أنّ بعض علامات التّثنية الألف ، والألف لا يكون ما قبلها إلّا مفتوحا ، ففتحوا ما قبل الياء لئلّا يختلف ، إذ لا علّة ـ ههنا ـ توجب المخالفة.

فإن قيل : فلم أدخلت النّون في التّثنية والجمع؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب سيبويه إلى أنّها بدل من الحركة والتّنوين ؛ وذهب بعض النّحويّين إلى أنّها تكون على ثلاثة أضرب ، فتارة تكون بدلا من الحركة والتّنوين ، وتارة بدلا من الحركة دون التّنوين ، وتارة تكون بدلا من التّنوين دون الحركة ، فأمّا كونها بدلا من الحركة والتّنوين ففي نحو : رجلان ، وفرسان ، وأمّا كونها بدلا من الحركة دون التّنوين ففي نحو : الرّجلان ، والفرسان ، وأمّا كونها بدلا من التّنوين فقط ففي نحو : رحيان ، وعصوان.

وذهب بعض الكوفيّين إلى أنّها زيدت للفرق بين التّثنية ، والواحد المنصوب في نحو قولك : رأيت زيدا.

[انكسار نون التّثنية وانفتاح نون الجمع]

فإن قيل : فلم كسروا نون التّثنية ، وفتحوا نون الجمع؟ قيل : للفرق بينهما.

فإن قيل : فما الحاجة إلى الفرق بينهما مع تباين صيغتيهما؟ قيل : لأنّهم لو لم يكسروا نون التّثنية ، ويفتحوا نون الجمع ؛ لالتبس جمع المقصور في حالة الجرّ والنّصب ، بتثنية الصّحيح ، ألا ترى أنّك تقول في جمع مصطفى : رأيت مصطفين ، ومررت بمصطفين ؛ قال الله تعالى : (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ

٦٥

الْأَخْيارِ)(١) فلفظ مصطفين ؛ كلفظ : زيدين ، فلو لم يكسروا نون التّثنية ، ويفتحوا نون الجمع ؛ لالتبس هذا الجمع بهذه التّثنية.

فإن قيل : فهلّا عكسوا ، ففتحوا نون التّثنية ، وكسروا نون الجمع ، وكان الفرق حاصلا؟ قيل : لثلاثة أوجه :

الوجه الأوّل : أنّ نون التّثنية تقع بعد ألف ، أو ياء مفتوح ما قبلها ، فلم يستثقلوا الكسرة فيها ، وأمّا نون الجمع ، فإنّها تقع بعد واو مضموم ما قبلها ، أو ياء مكسور ما قبلها ، فاختاروا لها الفتحة ؛ ليعادلوا خفّة الفتحة ثقل الواو والضّمّة ، والياء والكسرة ، ولو عكسوا ذلك ؛ لأدّى ذلك إلى الاستثقال ، إمّا لتوالي الأجناس ، وإمّا للخروج من الضّمّ إلى الكسر.

والوجه الثاني : أنّ التّثنية قبل الجمع ، والأصل في التقاء السّاكنين الكسر ، فحرّكت نون التّثنية بما وجب لها في الأصل ، وفتحت نون الجمع ؛ لأنّ الفتح أخفّ من الضّمّ.

والوجه الثّالث : أنّ الجمع أثقل من التّثنية ، والكسر أثقل من الفتح ، فأعطوا الأخفّ الأثقل ، والأثقل الأخفّ ؛ ليعادلوا بينهما.

[الأصل في الجمع السّالم لمن يعقل]

فإن قيل : فلم قلتم : إنّ الأصل في الجمع السّالم أن يكون لمن يعقل؟

قيل : تفضيلا لهم ؛ لأنّهم المقدّمون على سائر المخلوقات بتكريم الله ـ تعالى ـ لهم ، وتفضيله إيّاهم ؛ قال الله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً)(٢).

[ألفاظ العقود الملحقة بجمع المذكّر السّالم]

فإن قيل : فلم جاء هذا الجمع في الأعداد من العشرين إلى التّسعين؟ قيل : إنّما جاء هذا الجمع في الأعداد من العشرين إلى التّسعين ؛ لأنّ الأعداد لمّا كان يقع على من يعقل نحو : «عشرين رجلا» وعلى ما لا يعقل نحو «عشرين ثوبا» وكذلك إلى التّسعين ، غلّب جانب من يعقل على ما لا يعقل ، كما يغلّب جانب المذكّر على المؤنّث في نحو : أخواك هند وزيد ، وما أشبه ذلك.

__________________

(١) س : ٣٨ (ص : ٤٧ ، مك).

(٢) س : ١٧ (الإسراء : ٧٠ ، مك).

٦٦

فإن قيل : فمن أين جاء هذا الجمع في قوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ)(١)؟ قيل : لأنّه لمّا وصفهما بالقول ؛ والقول من صفات من يعقل ، أجراهما مجرى من يعقل ؛ وعلى هذا قوله تعالى : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ)(٢) لأنّه لمّا وصفها بالسّجود ، وهو من صفات من يعقل ، أجراها مجرى من يعقل ؛ فلهذا ، جمعت جمع من يعقل.

[قولهم في جمع أرض وسنة]

فإن قيل : فلم جاء هذا الجمع في قولهم في جمع أرض : «أرضون» وفي جمع سنة «سنون»؟ قيل : لأنّ الأصل في أرض : «أرضة» بدليل قولهم في التّصغير : أريضة ، وكان القياس يقتضي أن تجمع بالألف والتّاء ، إلّا أنّهم لمّا حذفوا التّاء من أرض ؛ جمعوه بالواو والنّون تعويضا عن حذف التّاء ، وتخصيصا له بشيء ، لا يكون في سائر أخواته ؛ وكذلك الأصل في سنة : «سنوة» بدليل قولهم في الجمع : «سنوات» و «سنهة» على قول بعضهم ، إلّا أنّهم لمّا حذفوا اللّام ، جمعوه بالواو والنّون تعويضا من حذف اللّام ، وتخصيصا له بشيء لا يكون في / الأمر / (٣) التّام ، وهذا التّعويض تعويض جواز ، لا تعويض وجوب ، لأنّهم لا يقولون في جمع : شمس «شمسون» ، ولا / في / (٤) جمع غد «غدون» فلهذا ، لمّا كان هذا الجمع في أرض ، وسنة ، على خلاف الأصل ، أدخل فيه ضرب من التّكثير ، ففتحت (٥) الرّاء من «أرضون» وكسرت السّين من «سنون» إشعارا بأنّه جمع جمع السّلامة على خلاف الأصل ؛ فاعرفه / تصب / (٦) إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) س : ٤١ (فصّلت (حم السّجدة) ، ن : ١١ ، مك).

(٢) س : ١٢ (يوسف ، ن : ٤ ، مك).

(٣) سقطت من (س).

(٤) سقطت من (س).

(٥) في (ط) وفتحت ، وما أثبتناه من (س) وهو الأفضل.

(٦) سقطت من (س).

٦٧

الباب السّادس

باب جمع التّأنيث

[زيادة الألف والتّاء في جمع التّأنيث]

إن قال قائل : لم زادوا في آخر هذا الجمع ألفا وتاء ؛ نحو : مسلمات وصالحات؟ قيل : لأنّ أولى ما يزاد حروف المدّ واللّين ، وهي الألف والياء والواو ، وكانت الألف أولى من الياء والواو ، لأنّها أخفّ منهما ، ولم تجز زيادة أحدهما معها ؛ لأنّه كان يؤدّي إلى أن ينقلب عن أصله ؛ لأنّه كان يقع طرفا ، وقبله ألف زائدة فينقلب همزة ، فزادوا التّاء بدلا عن الواو ؛ لأنّها تبدل منها كثيرا ؛ نحو : تراث ، وتجاه ، وتهمة ، وتخمة ، وتكلة ، وما أشبه ذلك ، والأصل في مسلمات وصالحات : مسلمتات ، وصالحتات ، إلّا أنّهم حذفوا التّاء لئلّا يجمعوا بين علامتي تأنيث في كلمة واحدة ، وإذا كانوا قد حذفوا التّاء مع المذكّر في نحو قولهم : رجل بصريّ وكوفيّ ، في النّسب إلى البصرة والكوفة ، والأصل : بصرتيّ وكوفتي ؛ لئلّا يقولوا في المؤنّث : امرأة بصرتيّة ، وكوفتيّة ، فجمعوا بين علامتي تأنيث ، فلأن يحذفوا ـ ههنا ـ مع تحقّق الجمع ، كان ذلك من طريق الأولى.

فإن قيل : فلم كان حذف التّاء الأولى أولى؟ قيل : لأنّها تدلّ على التّأنيث فقط ، والثّانية تدلّ على الجمع والتّأنيث ، فلما كان في الثّانية زيادة معنى ، كان تبقيتها ، وحذف الأولى أولى.

فإن قيل : فلم لم يحذفوا الألف في جمع : حبلى ، كما حذفوا التّاء ، فيقولوا : حبلات ، كما قالوا مسلمات؟ قيل : لأنّ الألف تنزل منزلة حرف من نفس الكلمة ؛ لأنّها صيغت الكلمة عليها في أوّل أحوالها ، وأمّا التّاء ، فليست كذلك ؛ لأنّها ما صيغت الكلمة عليها في أوّل أحوالها ، وإنّما هي بمنزلة اسم ضمّ إلى اسم ؛ كحضرموت ، وبعلبك ، وما أشبه ذلك. فإنّ قيل : فلم وجب قلب الألف؟ قيل : لأنّها لو لم تقلب ؛ لكان ذلك يؤدّي إلى حذفها ؛لأنّها

٦٨

ساكنة ، وألف الجمع بعدها ساكن (١) ، وساكنان لا يجتمعان ؛ فيجب حذفها لالتقاء السّاكنين. فإن قيل : فلم قلبت الألف ياء ؛ فقيل : حبليات ، ولم تقلب واوا؟ قيل لوجهين :

أحدهما : أنّ الياء تكون علامة للتأنيث ، والواو ليست كذلك ، فلمّا وجب قلب الألف إلى أحدهما ، كان قلبها إلى الياء أولى من قلبها إلى الواو.

والوجه الثّاني : أنّ الياء أخفّ من الواو ، والواو أثقل ، فلمّا وجب قلبها إلى أحدهما ؛ كان قلبها إلى الأخفّ أولى من قلبها إلى الأثقل.

فإن قيل : فلم قلبوا الهمزة واوا في جمع صحراء ، فقالوا : صحراوات؟

قيل : لوجهين :

أحدهما : أنّهم لمّا أبدلوا من الواو همزة في نحو : أقّتت ، وأجوه ، أبدلت الهمزة ـ ههنا ـ واوا من النّقاض والتّعويض.

والوجه الثّاني : أنّهم / إنّما / (٢) أبدلوها واوا ، ولم يبدلوها ياء ؛ لأنّ الواو أبعد من الألف ، والياء أقرب إليه منها ، فلو أبدلوها ياء ؛ لأدى ذلك إلى أن تقع ياء بين ألفين ، فكان أقرب إلى اجتماع الأمثال ، وهم إنّما قلبوا الهمزة فرارا من اجتماع الأمثال ؛ لأنّها تشبه الألف ، وقد وقعت بين ألفين ، وإذا كانت الهمزة إنّما وجب قلبها فرارا من اجتماع الأمثال ، وجب قلبها واوا ؛ لأنّها أبعد من الياء في اجتماع الأمثال.

فإن قيل : فلم حمل النّصب على الجرّ في هذا الجمع ، قيل : لأنّه لمّا وجب حمل النّصب على الجرّ في جمع المذكّر الذي هو الأصل ؛ وجب ـ أيضا ـ حمل النّصب على الجرّ في جمع المؤنّث الذي هو الفرع ، حملا للفرع على الأصل ، وإذا كانوا قد حملوا : أعد ، ونعد ، وتعد ، على بعد في الاعتدال ، وإن لم يكن فرعا عليه ، فلأن يحمل جمع المؤنّث على جمع المذكّر وهو فرع عليه ؛ كان ذلك من طريق الأولى ، فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) في (س) ساكنة ؛ وكلاهما صحيح.

(٢) سقطت من (س).

٦٩

الباب السّابع باب جمع التّكسير

[جمع التّكسير وسبب تسميته]

إن قال قائل : لم سمّي جمع التّكسير تكسيرا (١)؟ قيل : إنّما سمّي بذلك على التّشبّه (٢) بتكسير الآنية ؛ لأنّ تكسيرها إنّما هو إزالة التئام أجزائها ؛ فلمّا أزيل نظم الواحد فكّ نضده (٣) في هذا الجمع ؛ فسمّي جمع التّكسير. وهو على أربعة أضرب :

[أضرب جمع التّكسير]

أحدها : أن يكون لفظ الجمع أكثر من لفظ الواحد.

والثّاني : أن يكون لفظ الواحد أكثر من لفظ الجمع.

والثّالث : أن يكون مثله في الحروف دون الحركات.

والرّابع : أن يكون مثله في الحروف والحركات ؛ فأمّا ما لفظ الجمع أكثر من لفظ الواحد ؛ فنحو : رجل ورجال ، ودرهم ودراهم ، وأمّا ما لفظ الواحد أكثر من لفظ الجمع ؛ فنحو : كتاب وكتب ، وإزار وأزر ، وأمّا ما لفظ الجمع كلفظ الواحد في الحروف (دون الحركات) ؛ (٤) فنحو : أسد وأسد ، ووثن ووثن ، وأمّا ما لفظ الجمع مثل / لفظ / (٥) الواحد في الحروف والحركات ؛ فنحو : الفلك ، فإنّه يكون واحدا ، ويكون جمعا ، فأمّا كونه واحدا ؛ فنحو قوله

__________________

(١) في (س) لم سمّي جمع التّكسير.

(٢) في (س) على التّشبيه ؛ وكلاهما صحيح.

(٣) نضده : النّضد ـ محرّكة ـ ما نضد من متاع ؛ والمراد ـ هنا ـ الالتئام ؛ أي فلمّا أزيل التئام الحروف واتّساقها في هذا الجمع ؛ سمّي جمع تكسير.

(٤) سقطت من (س).

(٥) سقطت من (ط).

٧٠

تعالى : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)(١) فأراد به الواحد ؛ ولو أراد به الجمع ؛ لقال : المشحونة ، وأمّا كونه جمعا ؛ فنحو قوله تعالى : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ)(٢). وقال تعالى : (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ)(٣) فأراد به الجمع ؛ لقوله : وجرين ، والتي تجري ؛ غير أنّ الضّمّة فيه إذا كان واحدا ، غير الضّمّة فيه إذا كان جمعا ، وإن كان اللّفظ واحدا ؛ لأنّ الضّمّة فيه إذا كان واحدا كالضّمّة في : قفل ، وقلب (٤) ، وإذا كان جمعا ؛ كانت الضّمّة فيه كالضّمّة في : كتب ، وأزر ؛ وكذلك قولهم : هجان ودلاص ، يكون واحدا ويكون جمعا ؛ تقول : ناقة هجان ، ونوق هجان ، ودرع دلاص ، ودروع دلاص ، فإذا كان واحدا ؛ كانت الكسرة فيه كالكسرة في : كتاب ، وإذا كان جمعا ؛ كانت الكسرة فيه ؛ كالكسرة في : كلام ؛ والهجان : الكريم من الإبل ، والدّلاص : الدّروع البرّاقة ، ويقال : دلاص ، ودلامص ، ودمالص ودملص ، ، ودلمص ، بمعنى واحد ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) س : ٣٦ (يس ، ن : ٤١ ، مك).

(٢) س : ١٠ (يونس ، ن : ٢٢ ، مك).

(٣) س : ٢ (البقرة ، ن : ١٦٤ ، مد).

(٤) القلب : سوار المرأة ، والحيّة البيضاء ، وشحمة النّخل أو أجود خوصها. القاموس المحيط : (مادة قلب) ص ١١٧.

٧١

الباب الثّامن

باب المبتدأ

[تعريف المبتدأ]

إن قال قائل : ما المبتدأ؟ قيل : كلّ اسم عرّيته من العوامل اللّفظيّة لفظا وتقديرا ؛ فقولنا : اللّفظية احترازا (١) ؛ لأنّ العوامل تنقسم إلى قسمين ؛ إلى عامل لفظيّ ، وإلى عامل معنويّ ، فأمّا اللّفظي ؛ فنحو : كان وأخواتها ، وإنّ وأخواتها ، وظننت وأخواتها ؛ وقولنا : تقديرا ، احترازا من تقدير الفعل في نحو قوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(٢) وما أشبه ذلك ؛ وأما المعنويّ ، فلم يأت إلّا في موضعين عند سيبويه (٣) ، وأكثر البصريّين ؛ هذا أحدهما ، وهو الابتداء ؛ والثّاني وقوع الفعل المضارع موقع الاسم / في / (٤) نحو : مررت برجل يكتب ، فارتفع «يكتب» لوقوعه موقع «كاتب». وأضاف أبو الحسن الأخفش (٥) إليهما موضعا ثالثا ، وهو عامل الصّفة ، فذهب إلى أنّ الاسم يرتفع ؛ لكونه صفة لمرفوع ، وينتصب لكونه صفة لمنصوب ، وينجرّ لكونه صفة لمجرور ، وكونه صفة في هذه الأحوال معنى يعرف بالقلب ، ليس للّفظ فيه حظّ. وسيبويه وأكثر البصريّين يذهبون إلى أنّ العامل في الصّفة هو العامل في الموصوف ؛ ولهذا ، موضع نذكره فيه ، إن شاء الله تعالى.

[علّة ارتفاع المبتدأ عند البصريّين]

فإن قيل : فبماذا يرتفع الاسم المبتدأ؟ قيل اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب سيبويه ومن تابعه من البصريّين إلى أنّه يرتفع بتعرّيه من العوامل اللّفظيّة.

وذهب بعض البصريّين إلى أنّه يرتفع بما في النّفس من معنى الإخبار عنه ، وقد ضعّفه بعض النّحويّين ، وقال : لو كان الأمر كما زعم ؛ لوجب ألّا ينتصب إذا

__________________

(١) في (س) احتراز.

(٢) س : ٨٤ (الانشقاق : ١ ، مك).

(٣) سيبويه : سبقت ترجمته.

(٤) سقطت من (س).

(٥) سبقت ترجمته.

٧٢

دخل عليه عامل النّصب ؛ لأنّ دخوله عليه ، لم يغيّر معنى الإخبار عنه ، ولوجب ألّا يدخل عليه مع بقائه ، فلمّا جاز ذلك ؛ دلّ على فساد ما ذهب إليه.

[علة ارتفاع المبتدأ عند الكوفيّين]

وأمّا الكوفيّون ، فذهبوا إلى أنّه يرتفع بالخبر (١) ، وزعموا أنّهما يترافعان ، وأنّ كلّ واحد منهما يرفع الآخر ، وقد بيّنّا فساده في «مسائل الخلاف بين البصريّين والكوفيّين».

[علّة جعل التّعرّي عاملا]

فإن قيل : فلم جعلتم التّعرّي عاملا ، وهو عبارة عن عدم العوامل؟ قيل : لأنّ العوامل اللّفظية ، ليست مؤثّرة في المعمول حقيقة ، وإنّما هي أمارات وعلامات فإذا ثبت أنّ العوامل في محلّ الإجماع إنّما هي أمارات وعلامات ؛ فالعلامة تكون بعدم الشّيء ، كما تكون بوجود شيء ، ألا ترى أنّه لو كان معك ثوبان ، وأردت أن تميّز أحدهما عن (٢) الآخر ؛ لكنت تصبغ أحدهما مثلا ، وتترك صبغ الآخر ، فيكون عدم الصّبغ في أحدهما كصبغ الآخر ؛ فتبيّن (٣) بهذا أنّ العلامة تكون بعدم شيء ، كما تكون بوجود شيء ، وإذا ثبت هذا ؛ جاز أن يكون التّعرّي من العوامل اللّفظية عاملا.

[اختصاص المبتدأ بالرّفع]

فإن قيل : فلم خصّ المبتدأ بالرّفع دون غيره؟ قيل : لثلاثة أوجه :

أحدها : أنّ المبتدأ وقع في أقوى أحواله ، وهو الابتداء ، فأعطي أقوى الحركات ، وهو الرّفع.

والوجه الثّاني : أنّ المبتدأ أوّل ، والرّفع أوّل ، فأعطي الأوّل الأوّل.

والوجه الثّالث : أنّ المبتدأ مخبر عنه ، كما أنّ الفاعل مخبر عنه ، والفاعل مرفوع ، فكذلك ما أشبهه.

فإن قيل : لماذا لا يكون المبتدأ في الأمر العام إلّا معرفة؟ قيل : لأنّ المبتدأ مخبر عنه ، والإخبار عمّا (٤) لا يعرف لا فائدة منه (٥).

__________________

(١) راجع : الإنصاف في مسائل الخلاف» ص ٢٥.

(٢) في (ط) على ، والصّواب ما أثبتنا من (س).

(٣) في (ط) فيتبيّن ؛ وكلاهما صحيح.

(٤) في (س) عمّن.

(٥) في (س) فيه.

٧٣

[تقديم خبر المبتدأ عليه]

فإن قيل : فهل يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه ؛ نحو : قائم زيد؟ قيل : اختلف النّحويّون فيه (١) ؛ فذهب البصريّون إلى أنّه جائز ، وذهب الكوفيّون إلى أنّه غير جائز ، وأنّه إذا تقدّم عليه الخبر ، يرتفع به ارتفاع الفاعل بفعله (٢) ، وقالوا : لو جوّزنا تقديم خبر المبتدأ عليه ؛ لأدّى ذلك إلى تقديم ضمير الاسم على ظاهره ، وذلك لا يجوز ، وهذا الذي ذهبوا إليه فاسد ، وذلك لأنّ اسم الفاعل أضعف من الفعل في العمل ؛ لأنّه فرع عليه ، فلا يعمل حتّى يعتمد ، ولم يوجد ـ ههنا ـ فوجب ألّا يعمل. وقولهم : إنّ هذا يؤدّي إلى تقديم ضمير الاسم على ظاهره فاسد ـ أيضا ـ لأنّه وإن كان مقدّما لفظا ، إلّا أنّه مؤخّر تقديرا ، وإذا كان مقدّما في اللّفظ ، مؤخّرا في التّقدير (٣) ، كان تقديمه جائزا ؛ قال الله تعالى : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)(٤) فالهاء في «نفسه» ضمير موسى ، وإن كان في اللّفظ مقدّما على موسى ، إلّا أنّه لمّا كان موسى مقدّما في التّقدير ؛ والضّمير في تقدير (٥) التّأخير ؛ كان ذلك جائزا ، فكذلك ههنا ، والذي يدلّ على / جواز / (٦) ذلك وقوع الإجماع على جواز ؛ ضرب غلامه زيد ؛ وهذا بيّن ؛ وكذلك اختلفوا في الظّرف إذا كان مقدّما على المبتدأ ؛ نحو : «عندك زيد» فذهب البصريّون إلى أنّه في موضع الخبر ، كما لو كان متأخّرا ، وذهب الكوفيّون إلى أنّ المبتدأ يرتفع بالظّرف (٧) ، ويخرج عن كونه مبتدأ ، ووافقهم على ذلك أبو الحسن الأخفش في أحد قوليه ؛ وفي هذه المسألة كلام طويل بيّنّاه في : «مسائل الخلاف بين البصريّين والكوفيّين» لا يليق ذكره (٨) بهذا المختصر.

__________________

(١) في (س) في ذلك.

(٢) والصّواب : يرتفع بالضّمير العائد إليه من الخبر «قائم» لا بالخبر.

(٣) في (ط) مقدّما في التّقدير ، مؤخّرا في اللّفظ ، وما أثبتناه من (س) وهو الصّواب.

(٤) س : ٢٠ (طه : ٦٧ ، مك).

(٥) في (ط) تقديم ، وما أثبتناه من (س) وهو الصّواب.

(٦) سقطت من (ط).

(٧) أي من غير اعتماد على الاستفهام ، أو النّفي ، ويكون إعراب الاسم في مثل قولنا : «في البستان ثمر» فاعلا للظّرف في مذهبهم.

(٨) في (ط) ذكرها ، والصّواب ما أثبتناه من (س).

٧٤

الباب التّاسع باب خبر المبتدأ

[الخبر مفرد وجملة]

إن قال قائل : على كم ضربا ينقسم خبر المبتدأ؟ قيل : على ضربين ؛ مفرد ، وجملة. فإن قيل : على كم ضربا ينقسم المفرد؟ قيل على ضربين ؛ أحدهما : أن يكون اسما غير صفة ، والآخر أن يكون صفة ؛ أمّا الاسم غير الصّفة ؛ فنحو : زيد أخوك ، وعمرو غلامك ؛ فزيد مبتدأ ، وأخوك خبره ، وكذلك عمرو مبتدأ ، وغلامك خبره ، وليس في شيء من هذا النّحو ضمير يرجع إلى المبتدأ عند البصريّين ، وذهب الكوفيّون إلى أنّ فيه ضميرا يرجع إلى المبتدأ ؛ وبه قال علي بن عيسى الرّمّانيّ (١) من البصريّين ؛ والأوّل هو الصّحيح ؛ لأنّ هذه أسماء محضة ، والأسماء المحضة لا تتضمّن الضّمائر ، وأمّا ما كان صفة ؛ فنحو : زيد ضارب ، وعمرو حسن ، وما أشبه ذلك ، ولا خلاف بين النّحويّين في أنّ هذا النّحو يحتمل (٢) ضميرا يرجع إلى المبتدأ ؛ لأنه يتنزّل (٣) منزلة الفعل ، ويتضمّن معناه.

[انقسام الجملة إلى اسميّة وفعليّة]

فإن قيل : على كم ضربا تنقسم الجملة؟ قيل : على ضربين ؛ / جملة / (٤) اسميّة ، وجملة فعليّة ؛ فأمّا الجملة الاسميّة ، فما كان الجزء (٥) الأوّل منها اسما ؛ وذلك نحو : «زيد أبوه منطلق» فزيد : مبتدأ أوّل ، وأبوه : مبتدأ ثان ،

__________________

(١) الرّمّاني : أبو الحسن ، عليّ بن عيسى ، عالم في اللّغة والنّحو والبلاغة والتّفسير ؛ من آثاره : شرح كتاب سيبويه ، والألفاظ المتقاربة ، ومعاني الحروف ، والحدود ، والنّكت في إعجاز القرآن ، وغيرها. مات سنة ٣٨٤ ه‍.

(٢) في (س) يتحمّل.

(٣) في (س) يتنزّل.

(٤) سقطت من (س).

(٥) في (ط) الخبر.

٧٥

ومنطلق : خبر عن المبتدأ الثّاني ، والمبتدأ الثّاني ، وخبره : خبر عن المبتدأ الأوّل. وأمّا الجملة الفعليّة فما كان الجزء (١) الأوّل منها فعلا ؛ نحو : زيد ذهب أبوه ، وعمرو إن تكرمه يكرمك ، وما أشبه ذلك ؛ أمّا الظّرف وحرف الجرّ ، فاختلف النّحويّون فيهما ، فذهب سيبويه وجماعة من النّحويّين إلى أنّهما يعدّان من الجمل ؛ لأنّهما يقدّر معهما الفعل ، فإذا قال : زيد عندك ، وعمرو في الدّار ؛ كان التّقدير : زيد استقرّ عندك ، وعمرو استقرّ في الدّار ؛ وذهب بعض النّحويّين إلى أنّهما يعدّان من المفردات ؛ لأنّه يقدّر معهما : مستقرّ ؛ وهو اسم الفاعل ، واسم الفاعل لا يكون مع الضّمير جملة ، والصّحيح : ما ذهب إليه سيبويه ، ومن تابعه ؛ والدّليل على ذلك : أنّا وجدنا الظّرف ، وحرف الجرّ يقعان في صلة الأسماء الموصولة ؛ نحو : الذي ، والتي ، ومن ، وما ، وما أشبه ذلك ؛ تقول : الذي عندك زيد ، والذي في الدّار عمرو ، وكذلك سائرها ، ومعلوم أنّ الصّلة لا تكون إلّا جملة ، فإذا وجدناهم يصلون بهما الأسماء الموصولة ، دلّنا ذلك على أنّهما يعدّان من الجمل ، لا من المفردات ، وأن التّقدير : «استقرّ» دون «مستقرّ» ؛ لأنّ «استقرّ» يصلح أن يكون صلة لأنّه جملة ، و «مستقرّ» لا يصلح أن يكون صلة ؛ لأنّه مفرد ، ولا بدّ في هذا النّحو ـ أعني الجملة ـ من ضمير يعود إلى المبتدأ ؛ تقول : زيد أبوه منطلق ، فيكون العائد إلى المبتدأ «الهاء» في أبوه ؛ فأمّا قولهم : «السّمن منوان (٢) بدرهم» ففيه ضمير محذوف يرجع إلى المبتدأ ؛ والتّقدير فيه : «منوان منه بدرهم» وإنّما حذف منه تخفيفا للعلم به ، ولو قلت : «زيد انطلق عمرو» لم يجز / قولا واحدا / (٣) فلو أضفت إلى ذلك : إليه ، أو معه ؛ صحّت المسألة ؛ لأنّه قد رجع من : إليه ، أو معه ، ضمير إلى المبتدأ ، وعلى هذا قياس كلّ جملة وقعت خبر المبتدأ (٤) ، وإنّما وجب ذلك ليرتبط (٥) الكلام الثّاني بالأوّل ، ولو لم يرجع منه ضمير / إلى / (٦) الأوّل ؛ لم يكن أولى به من غيره ، فتبطل فائدة الخبر.

فإن قيل : فلم إذا كان المبتدأ جثّة ، جاز أن يقع في خبره ظرف المكان دون ظرف الزّمان؟ قيل : إنّما جاز أن يقع في خبره ظرف المكان دون ظرف

__________________

(١) في (ط) الخبر.

(٢) منا ومناة : كيل أو ميزان ويثنّى على «منوان ومنيان» ويجمع على «أمناء».

(٣) سقطت من (س).

(٤) في (س) خبرا لمبتدأ ؛ وكلاهما صحيح.

(٥) في (ط) ليربط ، وما أثبتناه من (س) وهو الأفضل.

(٦) سقطت من (ط).

٧٦

الزّمان ؛ لأنّ في وقوع ظرف المكان خبرا عنه فائدة ، وليس في وقوع ظرف الزّمان خبرا عنه فائدة ، ألا ترى أنّك تقول في ظرف المكان : زيد أمامك فيكون مفيدا ؛ لأنّه يجوز ألّا يكون أمامك ، ولو قلت في ظرف الزّمان : زيد يوم الجمعة لم يكن مفيدا ؛ لأنّه لا يجوز أن يخلو عن يوم الجمعة ، وحكم الخبر أن يكون مفيدا.

فإن قيل : فكيف جاز الإخبار عنه بظرف الزّمان في قولهم «اللّيلة الهلال» قيل : إنّما جاز ؛ لأنّ التّقدير فيه «اللّيلة حدوث الهلال ، أو طلوعه» ؛ فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، والحدوث والطّلوع حدث ، ويجوز أن يكون خبر المبتدأ ظرف زمان ، إذا كان المبتدأ حدثا ؛ كقولك : «الصّلح يوم الجمعة ، والقتال يوم السّبت» وما أشبه ذلك ؛ لأنّ في وقوعه خبرا عنه فائدة.

[العامل في خبر المبتدأ]

فإن قيل : فما العامل في خبر المبتدأ؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب الكوفيّون إلى أنّ عامله المبتدأ على ما ذكرناه ، وذهب البصريّون (١) إلى أنّ الابتداء وحده هو العامل في الخبر ؛ لأنّه لمّا وجب أن يكون عاملا في المبتدأ ، وجب أن يكون عاملا في الخبر ، قياسا على العوامل اللّفظية التي تدخل على المبتدأ ؛ (وهو على رأي بعضهم) (٢). وذهب قوم / منهم أيضا / (٣) إلى أنّ الابتداء عمل في المبتدأ ؛ والمبتدأ عمل في الخبر ، وذهب سيبويه وجماعة معه إلى أنّ العامل في الخبر ، هو الابتداء والمبتدأ جميعا ؛ لأنّ الابتداء لا ينفكّ عن المبتدأ ، ولا يصحّ للخبر معنى إلّا بهما ، فدلّ على أنّهما العاملان فيه ، والذي اختاره أنّ العامل في الحقيقة ، هو الابتداء وحده دون المبتدأ ، وذلك ؛ لأنّ الأصل في الأسماء ألّا تعمل ، وإذا ثبت أنّ الابتداء له تأثير في العمل ، فإضافة ما لا تأثير له إلى ما له تأثير ، لا تأثير له ، والتّحقيق فيه أن تقول : إنّ الابتداء أعمل (٤) في الخبر بواسطة المبتدأ ؛ لأنّ المبتدأ مشارك له في العمل ، وفي كلّ واحد من هذه المذاهب كلام لا يليق ذكره بهذا المختصر ، (فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى) (٥).

__________________

(١) في (س) وأمّا البصريّون فاختلفوا ، فذهب قوم إلى أنّ. .

(٢) سقطت من (س).

(٣) سقطت من (س).

(٤) في (س) عمل.

(٥) سقطت من (س).

٧٧

الباب العاشر

باب الفاعل

[تعريف الفاعل]

إن قال قائل : ما الفاعل؟ قيل : / كلّ / (١) اسم ذكرته بعد فعل ، وأسندت ذلك الفعل إليه ؛ نحو : «قام زيد ، وذهب عمرو».

[الفاعل مرفوع وأوجه ذلك]

فإن قيل : فلم كان إعرابه الرّفع؟ قيل : فرقا بينه وبين المفعول.

فإن قيل : فهلّا عكسوا ، وكان الفرق واقعا؟ قيل : لخمسة أوجه :

الوجه الأوّل (٢) : وهو أنّ الفعل لا يكون له إلّا فاعل واحد ، ويكون له مفعولات كثيرة ؛ فمنه ما يتعدّى إلى مفعول واحد ، ومنه ما يتعدّى إلى مفعولين ، ومنه ما يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين ، مع أنّه يتعدّى إلى خمسة أشياء ؛ وهي : المصدر ، وظرف الزّمان ، وظرف المكان ، والمفعول / له / (٣) ، والحال ، وليس له إلّا فاعل واحد ، وكذلك كلّ فعل لازم يتعدّى إلى هذه الخمسة ، وليس له ـ أيضا ـ إلّا فاعل واحد ، فإذا ثبت هذا ، وأنّ الفاعل أقلّ من المفعول ، فالرّفع (٤) أثقل ، والفتح أخفّ ، فأعطوا الأقلّ الأثقل ، والأكثر الأخفّ ؛ ليكون ثقل الرّفع موازيا لقلة الفاعل ، وخفّة الفتح موازية لكثرة المفعول.

والوجه الثّاني : أنّ الفاعل يشبه المبتدأ ، والمبتدأ مرفوع ، فكذلك ما أشبهه ، ووجه الشّبه بينهما : أنّ الفاعل يكون هو والفعل جملة ، كما يكون المبتدأ مع الخبر جملة ، فلمّا ثبت للمبتدأ الرّفع ؛ حمل الفاعل عليه.

__________________

(١) سقطت من (س).

(٢) في (ط) أحدها.

(٣) سقطت من (ط).

(٤) في (ط) والرّفع ، والصّواب ما أثبتناه من (س).

٧٨

والوجه الثّالث : أنّ الفاعل أقوى من المفعول ؛ فأعطي الفاعل الذي هو الأقوى ، الأقوى وهو الرّفع ، وأعطي المفعول الذي هو الأضعف ، الأضعف وهو النّصب.

والوجه الرّابع : أنّ الفاعل أوّل ، والرّفع أوّل ، والمفعول آخر ، والنّصب / آخر / (١) ؛ فأعطي الأوّل الأوّل ، والآخر الآخر.

والوجه الخامس : أنّ هذا السّؤال ، لا يلزم ؛ لأنّه لم يكن الغرض إلّا مجرد الفرق ، وقد حصل ، وبان أنّ هذا السّؤال لا يلزم : لأنّا لو عكسنا على ما أورده السّائل ، فنصبنا الفاعل ، ورفعنا المفعول ؛ لقال الآخر : فهلّا عكستم؟ فيؤدّي ذلك إلى أن ينقلب السّؤال ، والسّؤال متى انقلب ، كان مردودا ؛ وهذا الوجه ينبغي أن يكون مقدّما من جهة النّظر إلى ترتيب الإيراد ، وإنّما أخّرناه ؛ لأنّه بعيد من التّحقيق.

[بم يرتفع الفاعل]

فإن قيل : بماذا يرتفع الفاعل؟ قيل : يرتفع بإسناد الفعل إليه ؛ لا لأنّه أحدث فعلا على الحقيقة ، والذي يدلّ على ذلك أنّه يرتفع في النّفي ، كما يرتفع في الإيجاب ؛ تقول : ما قام زيد ، ولم يذهب عمرو ؛ فترفعه وإن كنت قد نفيت عنه القيام والذّهاب ، كما لو أوجبته له ؛ نحو : قام زيد ، وذهب عمرو ، وما أشبه ذلك (٢).

[الفاعل لا يتقدّم على الفعل]

فإن قيل : فلم لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل؟ قيل لأنّ الفاعل تنزّل منزلة الجزء من الكلمة ؛ وهو الفعل (٣) والدّليل على ذلك من سبعة أوجه :

أحدها : أنّهم يسكّنون لام الفعل ، إذا اتّصل به ضمير الفاعل ؛ قال الله تعالى : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)(٤) لئلّا يتوالى أربعة متحرّكات (٥) لوازم في كلمة واحدة (٦) إلّا أن يحذف من الكلمة / شيء / (٧) للتّخفيف ؛ نحو :

__________________

(١) سقطت من (س).

(٢) في (ط) وأشباه ذلك ؛ وكلاهما صحيح.

(٣) في (س) تنزّل منزلة الجزء من الفعل.

(٤) س : ٢ (البقرة ، ن : ٥١ ، مد).

(٥) في (ط) يتوالى إلى أربع حركات.

(٦) لأنّه لم يجىء في الكلام توالي أربعة متحرّكات في كلمة واحدة.

(٧) سقطت من (س).

٧٩

عجلط (١) ، وعكلط ، وعلبط ، فلو لم ينزّلوا ضمير الفاعل منزلة حرف من سنخ (٢) الفعل / وإلّا / (٣) لما سكّنوا لامه ، ألا ترى أنّ ضمير المفعول لا تسكّن (٤) له لام الفعل إذا اتّصل به ؛ لأنّه في نيّة الانفصال ؛ قال الله تعالى : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً)(٥) فلم يسكّن (٦) لام الفعل إذ (٧) كان في نيّة الانفصال ؛ بخلاف قوله تعالى : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى ؛) لأنّه / ليس / (٨) في نيّة الانفصال.

والوجه الثّاني : أنهم جعلوا النّون في الخمسة الأمثلة علامة للرّفع ، وحذفها علامة للجزم والنّصب ، فلو لا أنّهم جعلوا هذه الضّمائر التي هي : الألف ، والواو ، والياء في : يفعلان ، وتفعلان ويفعلون ، وتفعلون ، وتفعلين يا امرأة ، بمنزلة حرف من سنخ الكلمة ، وإلّا لما جعلوا الإعراب بعده.

والوجه الثّالث : أنّهم قالوا : «قامت هند» فألحقوا التّاء بالفعل ، والفعل لا يؤنّث ، وإنّما التّأنيث للاسم ، فلو لم يجعلوا الفاعل بمنزلة جزء من الفعل ، وإلّا لما جاز إلحاق / علامة / (٩) التّأنيث به.

والوجه الرّابع : أنّهم قالوا في النّسب إلى كنت «كنتيّ» ؛ قال الشّاعر : [الطّويل]

فأصبحت كنتيّا وأصبحت عاجنا

وشرّ خصال المرء كنت وعاجن (١٠)

__________________

(١) عجلط وعجالط ، وعكلط وعكالط ، وعلبط وعلابط صفة للّبن ؛ وهو كلّ لبن خاثر ثخين. راجع القاموس ، مادة : (علبط) ، ص ٦١٠.

(٢) من سنخ : من أصل.

(٣) سقطت من (س).

(٤) في (ط) يسكن.

(٥) س : ٣٣ (الأحزاب : ١٢ ، مد).

(٦) في (ط) يسكّن.

(٧) في (ط) إذا ، والصّواب ما أثبتنا من (س).

(٨) سقطت من (س).

(٩) سقطت من (ط).

(١٠) المفردات الغريبة : الكنتيّ : الكبير السّنّ والشّديد ؛ سمّي بذلك لكثرة قوله في شبابه :كنت في شبابي كذا وكذا. راجع القاموس (مادة كنت) : ١٤٦.

عاجن : شيخ كبير ، يقال : عجن الرّجل : إذا نهض معتمدا بيده على الأرض كبرا أو بدنا ، فهو عاجن ، ويقال : فلان عجن وخبز ، إذا شاخ وكبر. (أسرار العربية : ٨٢ / حا ٢).

موطن الشّاهد : «كنتيّا» وجه الاستشهاد : نسب الشّاعر إلى «كنت» فقال : «كنتيّ».

٨٠