أسرار العربيّة

كمال الدين أبي البركات عبد الرحمن بن محمّد بن أبي سعيد الأنباري النحوي [ ابن انباري ]

أسرار العربيّة

المؤلف:

كمال الدين أبي البركات عبد الرحمن بن محمّد بن أبي سعيد الأنباري النحوي [ ابن انباري ]


المحقق: بركات يوسف هبّود
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٤

الباب الخامس عشر

باب التّعجّب

[علّة زيادة ما في التّعجّب]

إن قال قائل : لم زيدت «ما» في التّعجّب ؛ نحو : «ما أحسن زيدا!» دون غيرها؟ قيل : لأنّ «ما» في غاية الإبهام ، والشّيء إذا كان مبهما ؛ كان أعظم في النّفس (١) ؛ لاحتماله أمورا كثيرة ؛ فلهذا كانت زيادتها في التّعجّب أولى من غيرها. فإن قيل : فما معناها؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب سيبويه وأكثر البصريّين إلى أنّها بمعنى شيء ، وهو في موضع رفع بالابتداء ، «وأحسن» خبره ؛ تقديره : شيء أحسن زيدا ؛ وذهب بعض النّحويّين من البصريّين إلى أنّها بمعنى الذي ، وهو موضع رفع بالابتداء ، و «أحسن» صلته ، وخبره محذوف ؛ وتقديره : الذي أحسن زيدا شيء ؛ وما ذهب إليه سيبويه والأكثرون أولى ؛ لأنّ الكلام على قولهم مستقلّ بنفسه ، لا يفتقر إلى تقدير شيء ، وعلى القول الآخر ، يفتقر إلى تقدير شيء ، وإذا كان الكلام مستقلّا بنفسه ، مستغنيا عن تقدير ، كان أولى ممّا يفتقر إلى تقدير.

[خلافهم في فعليّة حبّذا]

فإن قيل : هل : «أحسن» فعل أو اسم؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب البصريّون إلى أنّه فعل ماض ، واستدلّوا على ذلك من ثلاثة أوجه :

[استدلالات البصريّين على فعليّة حبّذا]

/ الوجه / (٢) الأوّل : إنّهم قالوا : الدّليل على أنّه فعل ، أنّه إذا وصل بياء الضّمير ، فإنّ نون الوقاية تصحبه ؛ نحو : «ما أحسنني» وما أشبه ذلك ، وهذه النّون إنّما تصحب / ياء / (٣) الضّمير في الفعل خاصّة ؛ لتقيه من الكسر ، ألا ترى أنّك تقول : أكرمني ، وأعطاني ، وما أشبه ذلك؟ ولو قلت في نحو / غلامي

__________________

(١) في (س) في النّفوس.

(٢) سقطت من (ط).

(٣) سقطت من (ط).

١٠١

وصاحبي / (١) : غلامني ، وصاحبني ، لم يجز ، فلمّا دخلت هذه النّون عليه ؛ دلّا على أنّه فعل.

والوجه الثّاني : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه فعل ، أنّه ينصب المعارف والنّكرات ، و «أفعل» إذا كان اسما ، إنّما ينصب النّكرات خاصّة على التّمييز ؛ نحو : هذا أكبر منك سنّا ، وأكثر منك علما ، وما أشبه ذلك ، فلمّا نصب ـ ههنا ـ المعارف ، دلّ على أنّه فعل ماض.

والوجه الثّالث : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه فعل ماض ، أنّه مفتوح الآخر ؛ فلو لم يكن فعلا ، لما كان لبنائه على الفتح وجه ، إذ لو كان اسما ؛ لكان يجب أن يكون مرفوعا ؛ لوقوعه خبرا ل «ما» قبله بالإجماع ، فلمّا وجب أن يكون مفتوحا ، دلّ على أنّه فعل ماض.

[استدلالات الكوفيّين على اسميّة حبّذا]

وذهب الكوفيّون إلى أنّه اسم ، واستدلّوا على ذلك من ثلاثة أوجه :

الوجه الأوّل : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه اسم أنّه لا يتصرّف ، ولو كان فعلا ؛ لوجب (٢) أن يكون متصرّفا ؛ لأنّ التصرّف من خصائص الأفعال ، فلمّا لم يتصرّف ، دلّ على أنّه ليس بفعل ؛ فوجب أن يلحق الأسماء.

والوجه الثّاني : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه اسم أنّه يدخله التّصغير ؛ والتّصغير من خصائص الأسماء ؛ قال الشّاعر (٣) : [البسيط]

يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا

من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر (٤)

والوجه الثّالث : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه اسم أنّه يصحّ نحو : ما

__________________

(١) سقطت من (ط).

(٢) في (س) لكان يجب ؛ وكلاهما صحيح.

(٣) نسب البيت إلى عدد من الشّعراء ؛ منهم المجنون ؛ والبيت في ديوانه ص ١٣٠ ؛ والعرجيّ ، وذو الرّمّة ، والحسين بن عبد الله.

(٤) المفردات الغريبة شدنّ : يقال شدن الظّبي : إذا قوي ، وطلع قرناه ، واستغنى عن أمّه.

هؤليّائكنّ : تصغير هؤلاء. الضّال : شجر السّدر البرّي. السّمر : شجر الطّلح. راجع القاموس : مادة (سمر) ص ٣٦٩.

موطن الشّاهد : (أميلح). وجه الاستشهاد : تصغير فعل التّعجّب ، واستدلّ به الكوفيّون على أنّه اسم ؛ لأنّ التصغير من خصائص الأسماء ؛ والصّواب ما ذهب إليه البصريّون.

ـ وفي البيت شاهد آخر على تصغير اسم الإشارة «أولاء» مع اقترانه بالهاء.

١٠٢

أقومه! ، وما أبيعه! ، كما يصحّ الاسم في نحو : هذا أقوم منك ، وأبيع منك ، ولو أنّه فعل ؛ لوجب أن يعتلّ كالفعل ؛ نحو : أقام وأباع في قولهم : «أباع الشّيء» إذا عرّضه للبيع ، فلمّا لم يعتل ، وصحّ كالأسماء مع ما دخله من الجمود والتّصغير ، دلّ على أنّه اسم.

[رجحان مذهب البصريّين]

والصّحيح ما ذهب إليه البصريّون ، وأمّا ما استدلّ به الكوفيّون ففاسد ؛ أمّا قولهم : إنّه لا يتصرّف ، فلا حجّة فيه ، ولأنّا أجمعنا على أنّ : عسى وليس فعلان ، ومع هذا لا يتصرّفان وكذلك ـ ههنا ـ وإنّما لم يتصرّف فعل التّعجّب لوجهين :

أحدهما : أنّهم لمّا لم يصرغوا للتّعجّب حرفا يدلّ عليه ، جعلوا له صيغة لا تختلف ؛ لتكون دلالة على المعنى الذي أرادوه ، وأنّه مضمّن معنى ليس في أصله.

والوجه الثّاني : إنّما لم يتصرّف ؛ لأنّ الفعل المضارع يصلح للحال والاستقبال ، والتّعجّب إنّما يكون ممّا هو موجود في الحال ، أو كان فيما مضى ، ولا يكون التّعجّب ممّا لم يقع ، فلمّا كان المضارع يصلح للحال والاستقبال ، كرهوا أن يصرفوه إلى صيغة تحتمل الاستقبال الذي لا يقع التّعجّب منه.

[الرّد على قولهم : يدخله التّصغير]

وأما قولهم : إنّه يدخله التّصغير ، وهو من خصائص الأسماء ؛ قلنا : الجواب عنه من ثلاثة أوجه :

الوجه الأوّل : أنّ التصغير ـ ههنا ـ لفظيّ ؛ والمراد به : تصغير المصدر ، لا تصغير الفعل ؛ لأنّ هذا الفعل منع من التّصرّف ، والفعل متى منع من التصّرّف ، لا يؤكّد بذكر المصدر ، فلمّا أرادوا تصغير المصدر ، صغّروه بتصغير فعله ؛ لأنّه يقوم مقامه ، ويدلّ عليه ، فالتصغير في الحقيقة للمصدر ، لا للفعل.

والوجه الثّاني : أنّ التّصغير إنّما حسن في فعل التّعجّب ؛ لأنّه لمّا لزم طريقة واحدة ، أشبه الأسماء ، فدخله بعض أحكامها ، والشّيء إذا أشبه الشّيء من وجه ، لا يخرج بذلك عن أصله ، كما أنّ اسم الفاعل محمول على الفعل في العمل ، فلم يخرج بذلك عن كونه اسما ، والفعل محمول على الاسم في الإعراب ، ولم يخرج عن كونه فعلا ؛ فكذلك ههنا.

والوجه الثّالث : أنّه إنّما دخله التّصغير حملا على باب أفعل الذي

١٠٣

للتّفضيل والمبالغة ؛ لاشتراك اللّفظين في ذلك ، ألا ترى أنّك لا تقول : «ما أحسن زيدا» ، إلّا لمن بلغ غاية الحسن كما لا تقول : «زيد أحسن القوم» ، إلّا لمن كان أفضلهم في الحسن؟ فلهذه المشابهة بينهما ؛ جاز التّصغير في قوله : «يا أميلح غزلانا!» كما تقول : غزلانك أميلح الغزلان ، وما أشبه ذلك ، والذي يدلّ على اعتبار هذه المشابهة بينهما ، أنّهم حملوا : «أفعل منك ، وهو أفعل القوم» على قولهم : «ما أفعله» فجاز فيهما ما جاز فيه ، وامتنع فيهما ما امتنع فيه ، فلم يقولوا : «هذا أعور منك» ، ولا : أعور القوم» لأنّهم لم يقولوا : «ما أعوره» وقالوا : هو أقبح عورا منك ، وأقبح القوم عورا» كما قالوا : «ما أقبح عوره» وكذلك لم يقولوا «هو أحسن منك حسنا» فيؤكّدوا ، كما لم يقولوا : «ما أحسن زيدا حسنا» فلمّا كانت بينهما هذه المشابهة ، دخله التّصغير حملا على : «أفعل» الذي للتّفضيل والمبالغة.

وأمّا قولهم : إنّه يصحّ كما يصحّ الاسم ، قلنا : التصحيح حصل من حيث حصل التّصغير ، وذلك لحمله على باب : «أفعل» الذي للمفاضلة ، ولأنّه أشبه الأسماء ؛ لأنّه لزم طريقة واحدة ، فلمّا أشبه الاسم من هذين الوجهين ؛ وجب أن يصحّ كما يصحّ الاسم ؛ وشبهه الاسم من هذين الوجهين ، لا يخرجه / ذلك / (١) عن كونه فعلا ، كما أنّ ما لا ينصرف أشبه الفعل من وجهين ، ولم يخرجه / ذلك / (٢) عن كونه اسما ، فكذلك ـ ههنا ـ هذا الفعل ، وإن أشبه الاسم من وجهين ، لا يخرجه عن كونه فعلا ؛ على أنّ تصحيحه غير مستنكر ، فإنّ كثيرا من الأفعال المتصرّفة جاءت مصحّحة ؛ كقولهم : «أغيلت (٣) المرأة ، واستنوق (٤) الجمل ، واستتيست الشاة (٥) ، واستحوذ عليهم» ؛ قال الله تعالى : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ)(٦) وهذا كثير (٧) في كلامهم ، والذي يدلّ على أنّ تصحيحه لا يدلّ على كونه اسما أنّ «أفعل به» جاء في التّعجّب مصحّحا مع كونه فعلا ؛ نحو : أقوم به ، وابيع به» ، فكما أنّ التّصحيح في : أفعل به ، لا يخرجه عن كونه فعلا ، فكذلك التّصحيح (٨) في «ما

__________________

(١) سقطت من (س).

(٢) سقطت من (ط).

(٣) أغيلت المرأة : إذا حملت وهي ترضع طفلها ؛ ومثلها : استغيلت.

(٤) استنوق الجمل : إذا ذلّ ، وصار كالنّاقة في ذلّها.

(٥) استتيست الشّاة : إذا صارت كالتّيس في عنادها.

(٦) س : ٥٨ (المجادلة ، ن : ١٩ ، مد) ومعنى استحوذ عليهم : غلب عليهم وسيطر.

(٧) في (ط) أكثر ، وما أثبتناه من (س) وهو الأفضل.

(٨) في (ط) الصّحيح.

١٠٤

أفعله» لا يخرجه عن كونه فعلا ، وقد ذكرنا هذه المسألة مستوفاة في المسائل الخلافية (١).

[فعل التّعجّب منقول من الفعل الثّلاثي وعلّة ذلك]

فإن قيل : فلم كان فعل التّعجّب منقولا من الثّلاثيّ دون غيره؟ قيل لوجهين :

أحدهما : أنّ الأفعال على ضربين ؛ ثلاثيّ ورباعيّ ، فجاز نقل الثّلاثيّ إلى الرّباعيّ ؛ لأنّك تنقله من أصل إلى أصل ، ولم يجز نقل الرّباعيّ إلى الخماسّي ؛ لأنّك تنقله من أصل إلى غير أصل ؛ لأنّ الخماسيّ ليس بأصل.

والوجه الثّاني : أنّ الثّلاثيّ أخفّ من غيره ، فلمّا كان أخفّ من غيره ، احتمل زيادة الهمزة ، وأمّا ما زاد على الثّلاثيّ فهو ثقيل ، فلم يحتمل الزّيادة.

[لم كانت الهمزة أولى بالزّيادة]

فإن قيل : فلم كانت الهمزة أولى بالزّيادة؟ قيل : لأنّ الأصل في الزّيادة حروف المدّ واللّين ؛ وهي : الواو ، والياء ، والألف ، فأقاموا الهمزة مقام الألف ، لأنّها قريبة من الألف ، وإنّما أقاموها مقام الألف ؛ لأنّ الألف لا يتصوّر الابتداء بها ؛ لأنّها لا تكون إلّا ساكنة ، والابتداء بالسّاكن محال ، فكان تقدير زيادة الألف ـ ههنا ـ أولى ؛ لأنّها أخفّ حروف العلّة ، وقد كثرت زيادتها في هذا النّحو ؛ نحو : أبيض ، وأسود ، وما أشبه ذلك.

[انتصاب الاسم بفعل التّعجّب وعلّة ذلك]

فإن قيل : فبماذا ينتصب الاسم في قولهم : «ما أحسن زيدا»؟ قيل : ينتصب لأنّه مفعول أحسن ؛ لأنّ «أحسن» لمّا ثقّل بالهمزة ، صار متعدّيا ، بعد أن كان لازما ، فتعدّى إلى زيد ، فصار زيد منصوبا بوقوع الفعل عليه.

[عدم اشتقاق فعل التّعجّب من الألوان والخلق وعلة ذلك]

فإن قيل : فلم لا يشتقّ فعل التّعجّب من الألوان والخلق؟ قيل : لوجهين :

أحدهما : أنّ الأصل في أفعالها أن تستعمل على أكثر من ثلاثة أحرف ، وما زاد على ثلاثة أحرف لا يبنى منه فعل التّعجّب.

__________________

(١) راجع هذه المسألة في كتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريّين والكوفيّين» ١ / ٨١ ـ ٩٥.

١٠٥

والوجه الثّاني : أنّ هذه الأشياء لمّا كانت ثابتة في الشّخص ، لا تكاد تتغيّر ، جرت مجرى أعضائه التي لا معنى للأفعال فيها ، كاليد والرّجل وما أشبه ذلك ، فكما لا يجوز أن يقال : ما أيداه ، ولا ما أرجله من اليد والرّجل ، فكذلك لا يجوز أن يقال : ما أحمره و/ لا ما / (١) أسوده ؛ فإن كان المراد بقوله : ما أيداه! من اليد بمعنى النّعمة ، وما أرجله! من الرّجلة (٢) جاز ، وكذلك إن كان المراد بقوله : ما أحمره! من صفة البلادة ، لا من الحمرة ، وما أسوده ، من السّودد ، لا من السّواد جاز (٣) ، وإنّما جاز في هذه الأشياء ؛ لأنّها ليست بألوان ولا خلق.

[علّة استعمال لفظ الأمر في التّعجّب]

فإن قيل : فلم استعملوا لفظ الأمر في التّعجّب نحو «أحسن بزيد» وما أشبهه؟ قيل : إنّما فعلوا ذلك لضرب من المبالغة في المدح.

[الدّليل على أن «أفعل» ليس بفعل أمر]

فإن قيل : فما الدّليل على أنّه ليس بفعل أمر؟ قيل : الدّليل على ذلك أنّه يكون على صيغة واحدة في جميع الأحوال (٤) ، تقول : «يا رجل أحسن بزيد ، ويا رجلان أحسن بزيد ، ويا رجال أحسن بزيد ، ويا هند أحسن بزيد ، ويا هندان أحسن بزيد ، ويا هندات أحسن بزيد» فيكون مع الواحد والاثنين والجماعة والمؤنّث على صيغة واحدة ؛ لأنّه لا ضمير فيه ، ولو كان أمرا ؛ لكان ينبغي أن يختلف في التّثنية فتقول : «أحسنا بزيد» وفي جمع المذكّر : «أحسنوا» وفي إفراد المؤنّث : «أحسني» وفي جمع المؤنّث : «أحسنّ» فتأتي بضمير الاثنين والجماعة والمؤنّث ، فلمّا كان على صيغة واحدة ؛ دلّ على أنّ لفظه لفظ الأمر ، ومعناه الخبر.

__________________

(١) سقطت من (ط).

(٢) الرّجلة : القوّة على المشيء. القاموس : مادة (رجل) ص ٩٠٣.

(٣) في (س) كان جائزا.

(٤) التزم إفراده ؛ «لأنّه كلام جرى مجرى المثل ، وصار معنى «أفعل به» كمعنى «ما أفعله!» وهو يفيد محض التّعجّب ، ولم يبق فيه معنى الخطاب حتّى يثنّى ، ويجمع ، ويؤنّث باعتبار تثنية المخاطب ، وجمعه ، وتأنيثه». أسرار العربيّة ، ص ١٢٢ / حا ٤ نقلا عن «الموفي في النّحو الكوفي» ص ١٣١.

١٠٦

فإن قيل : فما موضع الجار والمجرور في قولهم : «أحسن بزيد»؟ قيل :موضعه الرّفع ؛ لأنّه فاعل «أحسن» لأنّه لمّا كان فعلا ، والفعل لا بدّ له من فاعل ، جعل الجار والمجرور في موضع رفع ؛ لأنّه فاعل ، قال الله تعالى :(وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً)(١) أي : وكفى الله وليا ، وكفى الله نصيرا / والباء زائدة / (٢) ؛ فكذلك ـ ههنا ـ الباء زائدة ؛ لأنّ الأصل في : «أحسن بزيد : أحسن زيد» أي : صار ذا حسن ، ثمّ نقل إلى لفظ الأمر ، وزيدت الباء عليه.

فإن قيل : فلم زيدت الباء / عليه / (٣)؟ قيل : لوجهين ؛ أحدهما : أنّه لمّا كان لفظ فعل التّعجّب لفظ الأمر ، فزادوا الباء فرقا بين لفظ الأمر الذي للتّعجّب ، وبين لفظ الأمر الذي لا يراد به التّعجّب.

والوجه الثّاني : أنّه لمّا كان معنى الكلام «يا حسن اثبت بزيد» أدخلوا الباء ؛ لأنّ «أثبت» يتعدّى بحرف الجرّ ؛ فلذلك ، أدخلوا الباء. وقد ذهب بعض النّحويّين إلى أنّ الجارّ والمجرور في موضع النّصب ؛ لأنّه يقدّر في الفعل ضميرا هو (٤) الفاعل ، كما يقدّر في : «ما أحسن زيدا» وإذا قدّر ـ ههنا ـ في الفعل ضمير ، هو الفاعل ، وقع الجارّ والمجرور في موضع المفعول ، فكانا في موضع نصب ، والذي اتّفق عليه أكثر النّحويّين هو الأوّل ، وكان الأوّل هو الأولى (٥) ؛ لأنّ الكلام إذا كان مستقلا بنفسه من غير إضمار ، كان أولى ممّا يفتقر إلى إضمار ، ثم حمل : «أحسن بزيد» على : «ما أحسن زيدا» في تقدير الإضمار لا يستقيم ؛ لأنّ «أحسن» إنّما أضمر فيه لتقدّم «ما» عليه ؛ لأنّ «ما» مبتدأ ، و «أحسن» خبره ، ولا بدّ فيه من ضمير يرجع إلى المبتدأ ، بخلاف : «أحسن بزيد» فإنّه لم يتقدّمه ما يوجب تقدير الضّمير ، فبان الفرق بينهما ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) س : ٤ (النّساء ، ن ٤٥ ، مد).

(٢) سقطت من (س).

(٣) سقطت من (س).

(٤) في (س) وهو.

(٥) في (س) الأوّل أولى.

١٠٧

الباب السّادس عشر

باب عسى

[عسى فعل جامد من أفعال المقاربة]

إن قال قائل : ما «عسى» من الكلام (١)؟ قيل : فعل ماض من أفعال المقاربة لا يتصرّف ، وقد حكي (٢) عن ابن السّرّاج (٣) أنّه حرف ، وهو قول شاذّ لا يعرّج عليه ، والصّحيح أنّه فعل ؛ والدّليل على ذلك ، أنّه يتّصل به تاء الضّمير ، وألفه ، وواوه ؛ نحو : «عسيت ، وعسيا ، وعسوا» ؛ قال الله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ)(٤) فلمّا دخلته هذه الضّمائر كما تدخل على الفعل ؛ نحو : قمت ، وقاما ، وقاموا ، وقمتم ، دلّ على أنّه فعل ، وكذلك ـ أيضا ـ تلحقه تاء التأنيث السّاكنة التي تختصّ بالفعل ؛ نحو : عست المرأة ؛ كما تقول : قامت وقعدت ؛ فدلّ على أنّه فعل.

[علّة عدم تصرّف عسى]

فإن قيل : فلم لا يتصرّف؟ قيل : لأنّه أشبه الحرف ، لأنّه لمّا كان فيه معنى الطّمع أشبه لعلّ ، ولعلّ حرف لا يتصرّف ، فكذلك ما أشبهه.

[عمل عسى]

فإن قيل : فما ذا تعمل (٥) عسى؟ قيل : ترفع الاسم ، وتنصب الخبر مثل كان ، إلّا أنّ خبرها لا يكون إلّا مع الفعل المستقبل ؛ نحو : عسى زيد أن يقوم.

__________________

(١) في (س) الكلم.

(٢) في (س) يحكى.

(٣) ابن السّرّاج : أبو بكر ، محمّد بن السّريّ ، أخذ النّحو عن المبرّد ، وخلفه في إمامة النّحو ؛ وأخذ عنه الزّجّاجي ، والسّيرافي ، والفارسيّ ، وغيرهم. مات سنة ٣١٦ ه‍.

إنباه الرّواة ٤ / ١٥٤.

(٤) س : ٤٧ (محمّد ، ن : ٢٢ ، مد).

(٥) في (ط) تفعل.

١٠٨

[علّة إدخال أن في خبر عسى]

فإن قيل فلم أدخلت في خبره أن؟ قيل : لأنّ «عسى» وضعت لمقارنة الاستقبال ، و «أن» إذا دخلت على الفعل المضارع أخلصته للاستقبال ، فلمّا كانت «عسى» موضوعة لمقارنة الاستقبال ، و «أن» تخلص الفعل للاستقبال ؛ ألزموا الفعل الذي وضع لمقارنة الاستقبال «أن» التي هي علم الاستقبال.

[دليل انتصاب أن وصلتها في خبر عسى]

فإن قيل : فما (١) الدّليل على أنّ موضع «أن» وصلتها النّصب؟ قيل : لأنّ معنى «عسى زيد أن يقوم : قارب زيد القيام» والذي يدلّ على ذلك قولهم : «عسى الغوير أبؤسا» (٢) ، وكان القياس أن يقال : عسى الغوير أن يبأس» إلّا أنّهم رجعوا إلى الأصل المتروك ، فقالوا : «عسى الغوير أبؤسا» فنصبوه بعسى ؛ لأنّهم أجروها مجرى قارب ، فكأنّه قيل : «قارب الغوير أبؤسا» ؛ وهو جمع بأس ، أو بؤس.

[علّة حذف أن في خبر عسى أحيانا]

فإن قيل فلم حذفوا «أن» / من خبره / (٣) في بعض أشعارهم؟ قيل : إنّما يحذفونها في بعض أشعارهم ؛ لأجل الاضطرار تشبيها لها ب «كاد» ، فإنّ كاد من أفعال المقاربة ، كما أنّ عسى من أفعال المقاربة ؛ ولهذا (٤) الشّبه بينهما ، جاز أن يحمل عليها في حذف «أن» من خبرها / في / (٥) نحو قوله (٦) : [الوافر]

عسى الهمّ الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

__________________

(١) في (س) وما.

(٢) ينسب هذا المثل إلى الزّبّاء ، ويقال : إنّها قالته حين علمت أنّ قصيرا بات مع رجاله في غار صغير في طريق عودته من العراق ؛ فانهار عليهم ، أو أتاهم أعداؤهم ، فقتلوهم فيه ، فصار مثلا لكلّ شيء يخاف أن يأتي منه شرّ ؛ وقيل غير ذلك. والغوير : تصغير الغار. راجع مجمع الأمثال (ط مصر ، ١٣٥٢ ه‍) ، ١ / ٤٧٧. واللّسان : مادة (عسي).

(٣) في (ط) في خبرها.

(٤) في (س) فلهذا.

(٥) سقطت من (س).

(٦) القائل : هو الشّاعر هدبة بن خشرم ، كان راوية للحطيئة ، وكان جميل بن معمر العذريّ راوية له. مات نحو سنة ٥٠ ه‍. الشّعر والشّعراء ٢ / ٦٩١ ، والأغاني ٢١ / ١٦٩.

موطن الشّاهد : (يكون وراءه).

وجه الاستشهاد : حذف «أن» في خبر «عسى» للضّرورة الشّعريّة ؛ لأنّ الأصل : عسى الكرب. . . أن يكون.

١٠٩

وكما أنّ عسى تشبّه ب «كاد» في حذف «أن» معها ، فكذلك كاد تشبّه ب «عسى» في إثباتها معها ؛ قال الشّاعر (١). [الرّجز]

[ربع عفاه الدّهر طورا فامّحى]

قد كاد من طول البلى أن يمصحا (٢)

فأثبت (أن) مع كاد ، وإن كان الاختيار حذفها ، حملا على عسى ؛ فدلّ على وجود المشابهة بينهما.

[علّة حذف أن من خبر كاد]

فإن قيل : ولم كان الاختيار مع كاد حذف «أن» وهي كعسى في المقاربة؟ قيل : هما وإن اشتركا في الدّلالة على المقاربة إلّا أنّ كاد أبلغ في تقريب الشّيء من الحال ، وعسى أذهب في الاستقبال ، ألا ترى أنّك لو قلت : «كاد زيد يذهب بعد عام» لم يجز ؛ لأنّ «كاد» توجب أن يكون الفعل شديد القرب من الحال ، ولو قلت : عسى الله أن يدخلني الجنّة برحمته ؛ لكان جائزا ، وإن لم يكن شديد القرب من الحال ، فلمّا كانت كاد أبلغ في تقريب الشّيء من الحال ، حذف معها «أن» التي هي علم الاستقبال ، ولمّا كانت عسى أذهب في الاستقبال ؛ أتي معها بأن التي هي علم الاستقبال.

فإن قيل : فما موضع «أن» مع صلتها / في / (٣) نحو : «عسى أن يخرج زيد»؟ قيل ، موضعها (٤) مع صلتها (٥) الرّفع بأنّه فاعل كما كان زيد مرفوعا بأنّه فاعل في نحو : «عسى زيد أن يخرج».

[عدم جواز حذف أن حال كونها مع صلتها في محل رفع فاعل]

فإن قيل : فهل يجوز أن تحذف «أن» إذا كانت مع صلتها في موضع رفع؟ قيل : لا يجوز ذلك ؛ لأنّ (٦) من شرط الفاعل أن يكون اسما لفظا ومعنى ، وإذا قلت : عسى يخرج زيد ، فقد جعلت الفعل فاعلا ، والفعل لا يكون فاعلا ؛ لأنّ

__________________

(١) نسب هذا الشّاهد إلى رؤبة بن العجّاج ، وقد سبقت ترجمته.

(٢) المفردات الغريبة : الرّبع : المنزل. عفاه : درسه. البلى : الدّروس والاندثار. أمصح :أخلق.

موطن الشّاهد : (كاد. . . أن يمصحا).

وجه الاستشهاد : أثبت الشّاعر «أن» في خبر «كاد» حملا لها على «عسى» للضّرورة الشّعريّة ؛ لأنّ المشهور إسقاطها.

(٣) سقطت من (ط).

(٤) في (س) موضعه.

(٥) في (س) صلته.

(٦) في (س) لأنّه.

١١٠

الفاعل مخبر عنه ، والإخبار إنّما يكون عن الاسم لا عن الفعل ، بلى إن جعل زيد في نحو : «عسى يخرج زيد» فاعل عسى ، وجعل يخرج في موضع النّصب جازت المسألة ؛ لأنّ المفعول لا يبلغ / في / (١) اقتضاء الاسميّة مبلغ الفاعل ، ألا ترى أنّه قد يقوم مقام المفعول / الثّاني / (٢) ما ليس باسم ؛ نحو : «ظننت زيدا قام أبوه» فقام أبوه جملة فعليّة ، وقد قامت مقام المفعول الثّاني لظننت ، وأمّا الفاعل ، فلا يجوز أن يقع قطّ إلّا اسما لفظا ومعنى / لما / (٣) بيّنّاه ، فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) سقطت من (ط).

(٢) سقطت من (س).

(٣) في (ط) كما.

١١١

الباب السّابع عشر

باب كان وأخواتها

[كان وأخواتها أفعال وأدلّة ذلك]

إن قال قائل : أيّ شيء كان وأخواتها من الكلم؟ قيل : أفعال ، وذهب بعض النّحويّين إلى أنّها حروف وليست أفعالا ، لأنّها لا تدلّ على المصدر ، ولو كانت أفعالا ؛ لكان ينبغي أن تدلّ على المصدر ، ولمّا كانت لا تدلّ على المصدر ، دلّ على أنّها حروف (١) ؛ والصّحيح أنّها أفعال ، وهو مذهب الأكثرين والدّليل على ذلك من ثلاثة أوجه :

الوجه الأوّل : أنّها تلحقها تاء الضّمير وألفه وواوه ؛ نحو : كنت ، وكانا ، وكانوا (٢) ، كما تقول : قمت ، وقاما ، وقاموا ، وما أشبه ذلك.

والوجه الثّاني : أنّها تلحقها تاء التأنيث السّاكنة ؛ نحو : كانت المرأة ، كما تقول : قامت المرأة ، وهذه التّاء تختصّ بالأفعال.

والوجه الثّالث : أنّها تتصرّف ؛ نحو : كان يكون ، وصار يصير ، وأصبح يصبح ، وأمسى يمسي ، وكذلك سائرها ما عدا «ليس» وإنّما لم يدخلها التّصرّف ؛ لأنّها أشبهت «ما» وهي (٣) تنفي الحال (كما أنّ «ما» تنفي الحال) (٤) ؛ ولهذا تجري «ما» مجرى «ليس» في لغة أهل الحجاز ، فلمّا أشبهت «ما» وهي حرف لا يتصرّف ، وجب ألّا تتصرّف (٥). وأمّا قولهم : إنّها لا تدلّ على المصدر ، ولو كانت أفعالا ؛ لدلّت على المصدر ، قلنا : هذا إنّما يكون في الأفعال الحقيقيّة ، وهذه الأفعال غير حقيقيّة ؛ ولهذا المعنى تسمّى (٦) أفعال

__________________

(١) في (س) دلّ على أنّها ليست أفعالا.

(٢) في (س) تقول : كانت ، وكانا ، وكنتما.

(٣) في (س) لأنّها.

(٤) سقطت من (س).

(٥) في (ط) يتصرّف.

(٦) في (ط) يسمّى ، والصّواب ما أثبتناه من (س).

١١٢

العبارة ، فما ذكرناه (يدلّ على أنّها أفعال) (١) ، وما ذكرتموه يدلّ على أنّها أفعال غير حقيقيّة ، فقد عملنا بمقتضى الدّليلين ، على أنّهم قد جبروا هذا الكسر ، وألزموها الخبر عوضا عن دلالتها على المصدر ، وإذا وجد الجبر بلزوم الخبر عوضا عن المصدر كان في حكم الموجود الثّابت.

[انقسام كان على خمسة أوجه]

فإن قيل : فعلى كم تنقسم كان وأخواتها؟ قيل : أمّا كان فتنقسم على خمسة أوجه :

الوجه الأوّل : أنّها تكون ناقصة فتدلّ على الزّمان المجرّد عن الحدث ؛ نحو «كان زيد قائما» ويلزمها الخبر (٢) لما بيّنّا.

والوجه الثّاني : أنّها تكون تامّة ، فتدلّ على الزّمان والحدث كغيرها من الأفعال الحقيقيّة ، ولا تفتقر إلى خبر ؛ نحو : كان زيد ، وهي بمعنى : حدث ووقع ؛ قال الله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ)(٣) أي : حدث ووقع ، وقال تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ)(٤) وقال تعالى : (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها)(٥) في قراءة من قرأ بالرّفع ، وقال تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(٦) ، أي : وجد وحدث ؛ وصبيّا : منصوب على الحال ، ولا يجوز أن تكون / كان / (٧) ههنا النّاقصة ؛ / لأنّه / (٨) لا اختصاص لعيسى في ذلك ؛ لأنّ كلّا قد كان في المهد صبيّا ، ولا عجب في تكليم من كان فيما مضى في حال الصّبي (وإنّما العجب في تكليم من هو في المهد في حال الصّبي) (٩) ، فدلّ على أنّها ـ ههنا ـ بمعنى : وجد وحدث ، وعلى هذا قولهم : «أنا مذ كنت صديقك ؛ / أي وجدت / (١٠) ؛ قال الشّاعر (١١) : [الطّويل]

فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي

إذا كان يوم ذو كواكب أشهب (١٢)

__________________

(١) سقطت من (س).

(٢) في (س) الجرّ ، وهو سهو من النّاسخ.

(٣) س : ٢ (البقرة ، ن : ٢٨٠ ، مد).

(٤) س : ٤ (النّساء ، ن : ٢٩ ، مد).

(٥) س : ٤ (النّساء ، ن : ٤٠ ، مد).

(٦) س : ١٩ (مريم ، ن : ٢٩ ، مك).

(٧) سقطت من (ط).

(٨) في (ط) لأنّها ؛ والصّواب ما أثبتنا من (س) لموافقة السّياق.

(٩) سقطت من (س).

(١٠) سقطت من (ط).

(١١) نسب صاحب «الأزهية في علم الحروف» هذا البيت إلى مقاس العائذيّ ، ولم أصطد له ترجمة وافية.

(١٢) المفردات الغريبة : ذهل بن شيبان : جدّ جاهليّ ، وبنوه بطن من بكر بن وائل

١١٣

أي حدث يوم ، وقال الآخر (١) : [الوافر]

إذا كان الشّتاء فأدفئوني

فإنّ الشّيخ يهدمه الشّتاء

أي : حدث الشّتاء.

والوجه الثّالث : أن يجعل فيها ضمير الشّأن والحديث ، فتكون الجملة خبرها ؛ نحو : «كان زيد قائم» ؛ أي : كان الشّأن والحديث (٢) زيد قائم ؛ قال الشّاعر (٣) : [الطّويل]

إذ متّ كان النّاس صنفان شامت

وآخر مثن بالذي كنت أصنع

أي : كان الشّأن والحديث النّاس صنفان.

والوجه الرّابع : أن تكون زائدة (غير عاملة) (٤) ؛ نحو : «زيد كان قائم» أي : زيد قائم ؛ قال الشّاعر : (٥) [الوافر]

سراة بني أبي بكر تسامى

على كان المسوّمة العراب (٦)

__________________

موطن الشّاهد : «كان يوم».

وجه الاستشهاد : مجيء فعل «كان» تامّا بمعنى «وقع أو حصل» ومجيئه بهذا المعنى كثير شائع.

(١) نسب هذا البيت إلى الرّبيع بن ضبع ، ولم أصطد له ترجمة وافية.

موطن الشّاهد : (كان الشّتاء).

وجه الاستشهاد : مجيء فعل «كان» بمعنى «حدث» ومجيئه بهذا المعنى كثير شائع.

(٢) في (س) والحدث.

(٣) الشّاعر : هو العجير بن عبد الله السّلوليّ ، شاعر إسلاميّ مقلّ ، من شعراء الدّولة الأمويّة ، ومن طبقة أبي زبيد الطّائيّ. تجريد الأغاني ٤ / ١٤٥٨.

موطن الشّاهد : (كان النّاس صنفان).

وجه الاستشهاد : مجيء اسم «كان» ضمير الشّأن ، وخبرها الجملة الاسميّة : (النّاس صنفان) ؛ ويروى : كان النّاس صنفين ؛ وعلى هذه الرّواية يكون «النّاس» اسما ل «كان» و «صنفين» خبرها.

(٤) سقطت من (س).

(٥) لم ينسب إلى شاعر معيّن.

(٦) المفردات الغريبة : سراة : جمع سريّ ، وهو السّيّد الشّريف. تسامى : أصله تتسامى ، من السّموّ والرّفعة. المسوّمة : المعلّمة ؛ لتترك في المرعى ، وتعرف من غيرها.

العراب : العربيّة.

موطن الشّاهد : (على كان المسوّمة).

وجه الاستشهاد : وقوع «كان» زائدة بين الجارّ والمجرور.

١١٤

(أي : على المسوّمة) (١) وقال الآخر (٢) : [الوافر]

فكيف إذا مررت بدار قوم

وجيران لنا كانوا كرام

(أي : جيران كرام) (٣).

والوجه الخامس : أن تكون بمعنى صار ؛ قال الله تعالى : (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ)(٤) ، (فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)(٥) ؛ أي : صار ، وعلى هذا حمل بعضهم قوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(٦) أي : صار ، وقال الشّاعر (٧) : [الطّويل]

بتيهاء قفر والمطيّ كأنّها

قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها (٨)

أي : صارت فراخا بيوضها (٩).

[صار ناقصة وتامّة]

وأمّا صار ، فتستعمل ناقصة وتامّة ، فأمّا النّاقصة ، فتدلّ / أيضا / (١٠) ، على الزّمان المجرّد عن الحدث ، ويفتقر (١١) إلى الخبر ؛ نحو : «صار زيد عالما» مثل

__________________

(١) ساقطة من (ط).

(٢) القائل : الفرزدق ، وقد سبقت ترجمته.

موطن الشّاهد : (وجيران لنا كانوا كرام).

وجه الاستشهاد : وقوع «كانوا» زائدة بين الصّفة والموصوف.

(٣) سقطت من (س).

(٤) س : ٢ (البقرة ، ن : ٣٤ ، مد).

(٥) س : ١١ (هود ، ن : ٤٣ ، مك) وفي (ط) وكان من المغرقين.

(٦) س : ١٩ (مريم ، ن : ٢٩ ، مك).

(٧) القائل : عمرو بن أحمر ، ولم أصطد له ترجمة وافية.

(٨) المفردات الغريبة : تيهاء قفر : صحراء مضلّة يضلّ فيها السّاري عن طريقه.

القطا : نوع من الطّيور ؛ مفرده : قطاة ؛ وأضاف القطا إلى الحزن ؛ ليبيّن مدى عطشها.

وشبّه النّوق بها ؛ لأنّها أشبهت القطا التي فارقت فراخها ؛ لتحمل إليها الماء لتسقيها ؛ وذلك أسرع لطيرانها (أسرار العربيّة : ١٣٧ / حا ٣).

موطن الشّاهد : (كانت).

(٩) وجه الاستشهاد : مجيء «كان» بمعنى «صار» وقد جاءت بمعنى صار في القرآن الكريم ؛ حيث قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) س : ٣ (آل عمران ، ن : ١١٠ ، مد).

(١٠) زيادة من (س).

(١١) في (ط) ويفتقر.

١١٥

«كان» إذا كانت ناقصة ؛ وأمّا التّامّة ، فتدلّ على الزّمان والحدث ، ولا تفتقر إلى خبر ؛ نحو : «صار زيد إلى عمرو» مثل كان إذا كانت تامّة ، وكذلك سائر أخواتها تستعمل ناقصة وتامّة ، إلّا : ظلّ ، وليس ، ومازال ، وما فتىء ، فإنّها لا تستعمل إلّا ناقصة.

[عمل الأفعال النّاقصة في شيئين وعلّة ذلك]

فإن قيل : فلم عملت هذه الأفعال في شيئين؟ قيل : لأنّها عبارة عن الجمل لا عن (١) المفردات ، فلّما اقتضت شيئين ؛ وجب أن تعمل فيهما (٢).

[علّة رفعها للاسم ونصبها للخبر]

فإن قيل : فلم رفعت الاسم ، ونصبت الخبر؟ قيل : تشبيها بالأفعال الحقيقيّة ، فرفعت الاسم تشبيها له بالفاعل ، ونصبت الخبر تشبيها / له / (٣) بالمفعول.

[جواز تقديم خبر الأفعال الناقصة على اسمها]

فإن قيل : فهل يجوز تقديم أخبارها على أسمائها؟ قيل : نعم يجوز ، وإنّما جاز / ذلك / (٤) لأنّها لمّا كانت أخبارها مشبّهة بالمفعول ، وأسماؤها مشبّهة بالفاعل ، والمفعول يجوز تقديمه على الفاعل ؛ فكذلك ما كان مشبّها به.

[جواز تقديم خبر بعض الأفعال الناقصة عليها وعلّة ذلك]

فإن قيل : فهل يجوز تقديم أخبارها عليها أنفسها؟ قيل : يجوز ذلك في ما لم يكن في أوّله «ما» ؛ نحو : «قائما كان زيد» وإنّما جاز ذلك ؛ لأنّه لمّا كان مشبّها بالمفعول ، والعامل فيه متصرّف ؛ جاز تقديمه عليه كالمفعول ؛ نحو : «عمرا ضرب زيد».

[عدم تقديم اسم الأفعال النّاقصة عليها وعلّة ذلك]

فإن قيل : فلم لم يجز تقديم أسمائها عليها أنفسها ، كما يجوز تقديم أخبارها عليها؟ قيل : إنّما لم يجز تقديم أسمائها عليها ؛ لأنّ أسماءها مشبّهة بالفاعل ، والفاعل لا يجوز تقديمه على الفعل ، فكذلك ما كان مشبّها به ، وجاز

__________________

(١) في (س) دون المفردات.

(٢) في (ط) فيها ؛ والصّواب ما أثبتنا من (س).

(٣) سقطت من (س).

(٤) سقطت من (ط).

١١٦

تقديم أخبارها عليها ؛ لأنّها مشبّهة بالمفعول ، والمفعول يجوز تقديمه على الفعل ، كما بيّنّا.

[علّة عدم تقديم خبر ما في أوّله «ما» عليه]

فإن قيل : فلم لم يجز تقديم خبر ما في أوّله «ما» عليه؟ قيل : لأنّ ما في أوّله «ما» ما عدا «ما دام» للّنفي ؛ / والنّفي / (١) له صدر الكلام كالاستفهام ، فكما أنّ الاستفهام لا يعمل ما بعده في ما قبله ؛ نحو : «أعمرا ضرب زيد» (٢) فكذلك النّفي لا يعمل ما بعده في ما قبله ؛ نحو : «قائما ما زال زيد».

[جواز تقديم خبر ما زال عليها عند بعضهم]

وقد ذهب بعض النّحويّين إلى أنّه يجوز تقديم خبر «ما زال» عليها ؛ وذلك لأنّ «ما» للنّفي ، و «زال» فيها معنى النّفي ، / والنّفي / (٣) إذا دخل على النّفي صار إيجابا ، / وإذا صار إيجابا / (٤) صار قولك : «ما زال زيد قائما» بمنزلة : «كان زيد قائما» وكما يجوز أن تقول : «قائما كان زيد» فكذلك يجوز أن تقول : «قائما ما زال زيد» وأجمعوا على أنّه لا يجوز تقديم خبر «ما دام» عليها ، وذلك ؛ لأنّ (٥) «ما» فيها مع الفعل بمنزلة المصدر ، ومعمول المصدر ، لا يتقدّم عليه.

[خلافهم في تقديم خبر ليس عليها وعلّة ذلك]

فإن قيل : فهل يجوز تقديم خبر «ليس» عليها؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب الكوفيّون إلى أنّه لا يجوز تقديم خبرها عليها / نفسها / (٦) وذهب أكثر البصريّين إلى جوازه ؛ لأنّه كما جاز تقديم خبرها على اسمها ، جاز تقديم خبرها عليها نفسها ، والاختيار عندي ما ذهب إليه الكوفيّون ؛ لأنّ «ليس» فعل لا يتصرّف ، والفعل إنّما يتصرّف عمله إذا كان متصرّفا في نفسه ، وإذا لم يكن متصرّفا في نفسه ، لم يتصرّف عمله ، وأمّا قولهم : إنّه كما جاز تقديم خبرها على اسمها ؛ جاز تقديم خبرها عليها ففاسد ؛ لأنّ تقديم خبرها على اسمها ، لا يخرجه عن كونه متأخّرا عنها ، وتقديم خبرها عليها ، يوجب كونه متقدّما عليها ، وليس من ضرورة أن يعمل الفعل في ما بعده ، يجب (٧) أن يعمل في ما قبله ؛

__________________

(١) سقطت من (س).

(٢) في (س) عمرا ؛ والصّواب ما في المتن.

(٣) سقطت من (ط).

(٤) سقطت من (ط).

(٥) في (س) أنّ.

(٦) زيادة من (س).

(٧) في (ط) ويجب ، والصّواب ما أثبتناه من (س).

١١٧

ثم نقول : إنّما جاز تقديم خبرها على اسمها ؛ لأنّها أضعف من «كان» لأنّها تتصرّف ، ويجوز تقديم خبرها عليها ، وأقوى من «ما» لأنّها حرف ، ولا يجوز تقديم خبرها على اسمها ، فجعل لها منزلة بين المنزلتين ، فلم يجز تقديم خبرها عليها نفسها ، لتنحطّ عن درجة «كان» وجوّزوا (١) تقديم خبرها على اسمها ؛ لترتفع عن درجة «ما».

[امتناع استعمال ما زال مع إلّا]

فإن قيل : لم جاز : «ما كان زيد إلّا قائما» ولم يجز : «ما زال زيد إلّا قائما»؟ قيل : لأنّ «إلّا» إذا دخلت في الكلام ، أبطلت معنى النّفي ، فإذا قلت : («ما كان زيد إلّا قائما» كان التّقدير فيه : «كان زيد قائما» وإذا قلت :) (٢) «ما زال زيد إلّا قائما» ؛ صار التقدير : «زال زيد قائما» و «زال» لا تستعمل إلّا بحرف النّفي ، فلمّا كان إدخال حرف الاستثناء يوجب إبطال معنى النّفي ، و «كان» يجوز استعمالها من غير حرف النّفي ، و «زال» لا يجوز استعمالها إلّا بإدخال حرف (٣) النّفي ، جاز : «ما كان زيد إلّا قائما» ولم يجز «ما زال زيد إلّا قائما» ؛ وأمّا قول الشّاعر : (٤) [الطّويل]

حراجيج ما تنفكّ إلّا مناخة

على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا (٥)

فالخبر قوله : على الخسف ، وتقديره : ما تنفكّ على الخسف إلّا أن تناخ أو نرمي (٦) بها بلدا قفرا ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) في (ط) ويجوز.

(٢) سقطت من (س).

(٣) في (س) بحرف.

(٤) الشّاعر : ذو الرّمّة ، غيلان بن عقبة بن بهيش ، من فحول الشّعراء العشّاق ؛ وشعره يعجب أهل البادية ، ويدلّ على فطنة وذكاء ليسا في غيره ؛ له ديوان شعر مطبوع. مات بحزوى من رمال الدّهناء سنة ١١٧ ه‍. الشّعر والشّعر ١ / ٥٢٤.

(٥) المفردات الغريبة : حراجيج : جمع حرجوج أو حرجيج ، وهي النّاقة الجسيمة الطّويلة.

الخسف : الجوع ، وهو أن تبيت النّاقة على غير علف.

موطن الشّاهد : (ما تنفكّ إلّا مناخة).

وجه الاستشهاد : مجيء خبر «تنفكّ» مقرونا ب «إلّا» على وجه الشّذوذ. وقيل : «تنفكّ» تامّة لا خبر لها ؛ أي : لا تنفصل من السّير إلّا في حال إناختها ؛ أو يكون خبرها : «على الخسف» و «مناخة» : منصوبة على الحال في الوجهين.

(٦) في (س) ترمي.

١١٨

الباب الثّامن عشر

باب ما

[علّة إعمال ما الحجازيّة]

إن قال قائل : لم عملت «ما» في لغة أهل الحجاز ، فرفعت الاسم ، ونصبت الخبر؟ قيل : لأنّ «ما» أشبهت «ليس» ووجه الشّبه بينهما من وجهين ؛

أحدهما : أنّ «ما» تنفي الحال ، كما أنّ «ليس» تنفي الحال.

والوجه الثّاني : أنّ «ما» تدخل على المبتدأ والخبر ، كما أنّ «ليس» تدخل على المبتدأ والخبر ؛ ويقوّي هذه المشابهة بينهما دخول الباء في خبرها ، كما تدخل في خبر «ليس» (فإذا ثبت أنّها أشبهت «ليس») (١) فوجب أن تعمل عملها ، فترفع الاسم ، وتنصب الخبر ، وهي لغة القرآن ؛ قال الله تعالى : (ما هذا بَشَراً)(٢) ، وذهب الكوفيّون إلى أن الخبر منصوب بحذف حرف الجرّ ، وهذا فاسد ؛ لأنّ حذف حرف الجرّ ، لا يوجب النّصب ؛ لأنّه لو كان حذف حرف الجرّ ، يوجب النّصب ؛ لكان ينبغي أن يكون ذلك في كلّ موضع ، ولا خلاف أنّ كثيرا من الأسماء يحذف منها حرف الجرّ ولا تنتصب (٣) بحذفه ؛ كقوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً)(٤) ، ولو حذف حرف الجرّ ؛ لكان : وكفى الله وليّا ، وكفى الله نصيرا / بالرّفع / (٥) كقول الشّاعر (٦) : [الطّويل]

عميرة ودّع إن تجهّزت غاديا

كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا

__________________

(١) سقطت من (س).

(٢) س : ١٢ (يوسف ، ن : ٣١ ، مك).

(٣) في (ط) ينتصب.

(٤) س : ٤ (النّساء ، ن : ٤٥ ، مد).

(٥) سقطت من (س).

(٦) الشّاعر هو : سحيم عبد بني الحسحاس كان عبدا نوبيّا ، فاشتراه بنو الحسحاس ، فنشأ فيهم ، رآه النّبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وكان يعجب بشعره ، قتله سيّده ، وقيل بنو الحسحاس ؛ لتشبيبه بنسائهم سنة ٤٠ ه‍.

موطن الشّاهد : (كفى الشّيب).

وجه الاستشهاد : سقوط الباء من فاعل «كفى» فدلّ ذلك على أنّ هذه الباء ، ليست واجبة الدّخول على فاعل هذا الفعل.

١١٩

وكذلك قولهم : «بحسبك زيد ، وما جاءني من أحد» / و/ (١) لو حذفت حرف الجرّ ، لقلت : «حسبك زيد ، وما جاءني أحد» بالرّفع ؛ فدلّ على أنّ حذف حرف الجرّ ، لا يوجب النّصب.

[علّة إهمال ما التّميميّة]

فإن قيل : لم لم تعمل على لغة بني تميم؟ قيل : لأنّ الحرف إنّما يعمل إذا كان مختصّا بالاسم ، كحرف الجرّ ، أو بالفعل كحرف الجزم [و](٢) إذا كان يدخل على الاسم والفعل لم يعمل كحرف العطف ، و «ما» تدخل على الاسم والفعل ، ألا ترى أنّك تقول : «ما زيد قائم ، وما يقوم زيد» فتدخل عليهما ، فلمّا كانت غير مختصّة ؛ وجب أن تكون غير عاملة.

فإن قيل : فلم (٣) دخلت الباء في خبرها ؛ نحو : «ما زيد بقائم»؟ قيل : لوجهين ؛ أحدهما : أنّها أدخلت (٤) توكيدا للنّفي ، والثّاني : أن يقدّر أنّها جواب لمن قال : «إنّ زيدا لقائم» فأدخلت الباء في خبرها ؛ لتكون بإزاء اللّام في خبر إنّ.

[إهمال ما الحجازيّة إذا توسّطت إلّا بينها وبين خبرها وعلّة ذلك]

فإن قيل : فلم (٥) بطل عملها في لغة أهل الحجاز ، إذا فصلت (٦) بين اسمها وخبرها بإلّا؟ قيل : لأنّ «ما» إنّما عملت ؛ لأنّها أشبهت «ليس» من جهة المعنى وهو ، النّفي ، و «إلّا» تبطل معنى النّفي ، فتزول المشابهة ، وإذا (٧) زالت المشابهة ؛ وجب ألّا تعمل.

[إهمال ما الحجازيّة إذا فصل بينها وبين اسمها وخبرها ب «إن» الخفيفة وعلّة ذلك]

فإن قيل : فلماذا بطل عملها ـ أيضا ـ إذا فصلت (٨) بينها وبين اسمها وخبرها ب «إن» الخفيفة؟ قيل : لأنّ «ما» ضعيفة في العمل ؛ لأنّها إنّما عملت لأنّها أشبهت فعلا لا يتصرّف شبها ضعيفا من جهة المعنى ؛ فلمّا كان عملها ضعيفا ؛ بطل عملها مع الفصل ؛ ولهذا المعنى ، يبطل (٩) عملها ـ أيضا ـ إذا

__________________

(١) سقطت الواو من (س).

(٢) زيادة يقتضيها السّياق.

(٣) في (س) لم.

(٤) في (س) دخلت.

(٣) في (س) لم.

(٥) في (س) فصل.

(٦) في (س) فإذا ؛ وكلاهما صحيح.

(٥) في (س) فصل.

(٧) في (س) بطل.

١٢٠