مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية محمّد بن سنان (فيهما) عن أبي الحسن عليه الصلاة والسّلام قال : سألته عن الإجارة؟ فقال صالح لا بأس به (بها ـ خ) إذا نصح قدر طاقته وقد آجر نفسه موسى بن عمران عليه السّلام واشترط فقال : ان شئت ثمانية (ثمانيا ـ يب) وان شئت عشرا ، فانزل الله تعالى فيه (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ) (١).

ولا يضرّ عدم صحة السند لأنّها مؤيّدة ، ولوجودها في الفقيه المضمون.

والأخيرة تدل على أنّ الجهالة في المدّة أيضا في الجملة لا تضرّ ، وأنّ معنى الآية ذلك ، وأنّ حكمها باق في شريعتنا ، بل حجيّته شرع من قبلنا في الجملة.

والكلّ يدلّ على جواز الإجارة مطلقا ، وحيازة المباحات ، مثل الماء والكلاء والسّمك ، فتدل على عدم ملكيّتها بمحض الحيازة كما تقدم ، فتذكر ، فتأمّل.

ثم (انّ ـ خ) الظاهر أنّ نفقة الأجير على نفسه كما اختاره المصنف في التذكرة بل في القواعد أيضا.

وجهه ظاهر فانّ العقد انّما وقع على العمل ، واجرة معيّنة ، فاقتضاء غيرهما يحتاج الى دليل ، ولا دليل.

نعم لو كان هناك عادة مستمرة أو قرينة صريحة في ذلك ، أو شرطت ، تلزم المستأجر ، لذلك.

ويمكن حمل رواية سليمان بن سالم على ذلك (ان سلّمت صحتها ودلالتها) رواها في الكافي عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد ، عن العباس بن موسى ، عن يونس ، عن سليمان بن سالم ، قال : سألت أبا الحسن عليه الصلاة والسّلام عن رجل

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٦ من أبواب ما يكتسب به الرواية ٢ والآية الشريفة في القصص : ٢٨.

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

استأجر رجلا بنفقة ودراهم مسمّاة ، على ان يبعثه إلى أرض ، فلمّا أن قدم أقبل رجل من أصحابه يدعوه إلى منزله الشهر والشهرين فيصيب عنده ما يغنيه عن نفقة المستأجر فنظر الأجير الى ما كان ينفق عليه في الشهر إذا هو لم يدعه فكافأه به الذي يدعوه فمن مال من تلك المكافاة؟ أمن مال الأجير أو من مال المستأجر؟ قال : ان كان في مصلحة المستأجر (١) فهو من ماله ، والّا فهو على الأجير ، وعن رجل استأجر رجلا بنفقة مسمّاة ولم يفسّر (يعيّن ـ خ يب) شيئا على ان يبعثه إلى أرض أخرى ، فما كان من مؤنة الأجير من غسل الثياب والحمّام فعلى من؟ قال : على المستأجر (٢).

وأنت تعلم ما في السند من اشتراك يونس ، والظاهر أنّه ابن عبد الرّحمن ، فإنّه قيل في العباس بن موسى انّه من أصحاب يونس ، كأنّه الذي هو صاحب الأصحاب ، ولأنّه المشهور.

ولجهالة سليمان فانّى ما رأيته.

وكذا ما في الدلالة فإنّها صريحة فيما إذا استأجر بالنفقة ، فهي فيما إذا اشترط على المستأجر.

على أنّ هذه الرواية مشتملة على أمور لا يقول الأصحاب بها ، مثل كون النفقة مجملة ، وكون عوض ما أكل من مال من دعاه على المستأجر ، إذا كان الذي دعاه واطعمه في مصلحته ، والّا فمن مال الأجير.

وانّ غسل الثياب واجرة الحمّام داخل في النفقة وهم يشترطون تعيين النفقة ، كما مرّ ويقولون انّها تلزم المستأجر على تقدير كونها شرطت ، أو اجرة ، سواء أكل الأجير من ماله أو غيره.

__________________

(١) في النسخ المخطوطة ان كان ينفق عليه في مصلحة إلخ.

(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب الإجارة الرواية ١.

٨٢

ولا يضمن الأجير لو تسلمه صغيرا أو كبيرا حرّا أو عبدا.

ولو امره بعمل له اجرة بالعادة فعليه الأجرة ، وإلّا فلا.

______________________________________________________

وأنّه لا مكافأة ، لأنّه متبرّع ، فان كان المكافي يتبرع ، فمن ماله.

وأنّ دخول اجرة الغسل والحمّام غير معلوم دخولها في النفقة المشترطة ، ولهذا يحصل التردّد في وجوبها على الزّوج ونحوه لمن وجب عليه نفقته.

ولا يبعد ذلك ، فانّ الظاهر أنّهم يريدون بها ما يحتاج إليه الإنسان غالبا ، ولهذا يجب الكسوة والمسكن ، فتأمل.

فجعل هذه فقط ـ أو منضما بقولهم انّ الأجير إذا استوعب عمله المستأجر فما بقي له زمان كسب النفقة ، فيكون عليه دليلا على إيجابها على المستأجر ، مع عدم الشرط ، وعدم كونها اجرة ، والفتوى به كما نقل عن جماعة من أصحابنا ـ محل التأمل ، لما مرّ وجواز كون نفقته من أجرته ، وهو ظاهر ، ولعلّ لهم دليلا غير هذا.

قوله : ولا يضمن إلخ. أي لا يضمن المستأجر ومن يقوم مقامه الأجير (الأخير ـ خ) إذا تسلمه وقبضه واستعمله في العمل الذي عليه ، مطلقا حرّا كان أو مملوكا صغيرا كان أو كبيرا ، وسواء كان كان برضاه و (أو ـ خ) رضا وليّه وعدمه.

ويمكن اشتراط اذن المولى والولي ، والظاهر العدم بعد العقد ولزوم التسليم والعمل ، ودليله الأصل ، وعدم الموجب.

قوله : ولو امره بعمل له اجرة إلخ. هذا الحكم مشهور (وـ خ) يحتمل ان يكون مجمعا عليه.

ولعل سنده اقتضاء العرف فإنّه يقتضي ان يكون مثل هذا العمل بالأجرة ، فالعرف مع الأمر بمنزلة قوله : اعمل هذا ولك علي الأجرة ، فيكون جعالة أو إجارة بطريق المعاطاة مع العلم بالأجرة ، ولو كان من العادة مثل اجرة الحمّالين ، ويبعد كونها إجارة باطلة.

وينبغي تقييده بأنّ المأمور أيضا ممّن يأخذ الأجرة ، ويمكن إدخاله في

٨٣

والقول قول منكر الإجارة ، وزيادة المدّة ، والمستأجر والردّ (١) ومنكر زيادة الأجرة والتفريط.

وقول المالك لو ادّعى قطعه قباء ، وادّعى الخيّاط قميصا.

______________________________________________________

العمل ، فتأمل.

ولو لم يكن عرف يقتضي الأجرة لا اجرة له ، وهو ظاهر.

ولا ينظر إلى أنّ الأصل عدم الأجرة والأمر أعمّ من كونه بالأجرة أم لا ، لما تقدم ، والاحتياط أيضا يقتضيها.

قوله : والقول قول منكر الإجارة إلخ. كأنّه قد ثبت بالنصّ والإجماع بل العقل أيضا أنّ القول قول المنكر.

ولكن لا بد من اليمين للأوّلين ، وهذا واضح ، في إنكار أصل الإجارة ، وإنكار الردّ والتفريط ، وكذا في زيادة المدّة والأجرة ، لأنّ الأقل داخل في الأكثر فبعد بطلان الأكثر لا نزاع في ثبوت الأقل ، ولأنّه متفق عليه ، ولأنّ دعوى الزيادة بمنزلة دعوى الإجارة ، فالقول بالتحالف ـ كما قال به المحقق الثاني ـ بعيد.

والظاهر ما ذكره المصنف رحمه الله لما مرّ ، وللأصل.

وأما في المستأجر فالظاهر فيه التحالف لأنه بإنكار أحدهما وحلفه لم ينقطع الدعوى والنزاع ، إذ قد ينقلب المنكر الحالف ، ويدّعى الاستيجار في العين. الآخر (٢) ، فلا بد من سماع دعواه ، وردّه على وجه شرعي ، وليس الّا بان يكون القول قول منكره مع اليمين.

وكذا هو الظاهر في دعوى قطعه قباء وقميصا.

ولعلّ المصنّف لم يذكر التحالف ، بناء على عدم دعوى الآخر.

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ ، ولعلّ الصواب : في الردّ.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، ولعلّ الصواب ، الأخرى.

٨٤

وكلما يتوقف استيفاء المنفعة عليه فعلى المؤجر ، كالخيوط على الخيّاط ، والمداد على الكاتب.

وعلى المؤجر تسليم المفتاح ، فان ضاع فلا ضمان ، وليس على المؤجر إبداله.

______________________________________________________

وامّا مع دعواه فالظاهر التحالف ، فتأمل.

وبعد التحالف لا تثبت الأجرة للخياطة (للخيّاط ـ خ) بل يلزمه أرش نقص الثوب عمّا كان ، وله فك ما خاطه مع ضمان النقص وأخذ خيوطه ان كان له ، والّا فيضمنه أيضا.

قوله : وكلما يتوقف استيفاء المنفعة عليه فعلى المؤجر إلخ. الظاهر أنّ المرجع في هذه الأمور إلى العرف والعادة المستمرة ان كانت ، والّا فينبغي الشرط فإنّ العادة الآن أنّ الخيوط على صاحب الثّوب ، كالكاغذ لصاحب الكتاب ، بخلاف المداد والقلم ، والإبرة فإنّها على العامل.

ولعلّ كلام المصنف في كون الخيوط على الخياط ، بناء على عرف زمانه وبلده ، ومعلوم أنّ المراد ب (كلّما يتوقف استيفاء المنفعة عليه على الموجر) غير العين الذي يعمل فيه ، وان توقف العمل عليه أيضا ، مثل الكاغذ الذي يكتب عليه ، والثوب الذي يخيطه.

قوله : وعلى المؤجر تسليم المفتاح إلخ. وجه وجوب تسليم المفتاح ـ للغلق الذي منصوب على الباب وداخل في المستأجر ، على المؤجر ـ ظاهر ، لأنّه من تتمة الانتفاع وكمال التسليم التامّ.

ولكن لو ضاع فلا ضمان على المستأجر بان يعطي عوضه ، بل عليه إنّ فرّط أن يضمنه للمالك كأجزاء العين.

فلعل قوله : (فان ضاع فلا ضمان) مقيّد ، بعدم تفريط المستأجر في الحفظ ،

٨٥

ولو عدل من الزرع الى الغرس تعين اجرة المثل ، ولو عدل من (حمل ـ خ) خمسين رطلا الى مأة تعين المسمى ، وطلب اجرة المثل للزيادة.

______________________________________________________

حتّى ضاع.

ويحتمل ان يكون المراد نفي الضمان عن المؤجر ، ولكن يصير قوله : (وليس على المؤجر إبداله) مستدركا ، ويكون عطفا تفسيريّا.

قوله : ولو عدل من الزّرع الى الغرس إلخ. يعني لا يجوز للمستأجر ان يعدل عما شرط عليه ، فان آجر أرضا للزّرع فغرس فيها ، فعل حراما ، وعليه اجرة المثل للغرس ، لا المسمّى للزرع ، بل أرش نقص الأرض ، وقلع الأشجار وطمّ الحفر واستواء الأرض ، كما كان.

ولو عدل من حمل خمسين الى حمل مأة فيأثم ، ولكن لا يلزمه اجرة مثل المأة ، بل له المسمّى للخمسين ، واجرة مثل الزيادة وهي خمسون.

والفرق أنّه هنا ما خرج عمّا شرط بالكليّة بل عمل به ، وتعدى ، وزاد عليه ، فالذي فعل من المشروط ليس عليه الّا ما شرط له ، ولا بد للزيادة الغير المشروطة من اجرة مثله ، كما إذا استأجره إلى مكان فذهب ، اليه ، وتعدّى منه ، وكذا في جميع الصور التي يكون الأصل جزءا مما فعل.

ويحتمل هنا أيضا أجرة المثل لعدم إتيانه بما شرط لأنّه الخمسين (١) فقط ، وقد يتفاوت ، فإنه قد يكون لكل خمسين خمسين ، اجرة قليلة ، ويكون للمأة أجرة أضعاف مضاعف أجرتهما ، وهو ظاهر في الجزء القليل جدا ، فإنه لا اجرة لكل حبّ حبّ في التّغار ولجميع الحبوب فيه ، أجرة كثيرة.

ويحتمل الرجوع الى الأكثر أجرة ، وجعل التخيير في ذلك الى المؤجر.

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ ، ولعلّ الصواب ، الخمسون.

٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فمع تعيين كون المستأجر راكبا كيف له ان يركب غيره ، مع أنّهم قيدوا الجواز بعدم التخصيص ، وهو تخصيص.

لعلّها مبنيّة على الجواز مع الوصف ، ولكن مع عدم القيد بالوصف الذي يقوم مقام المشاهدة ، فإنّ ذلك غير ممكن فيحمل كلامهم على المبالغة.

ويحتمل ان يكون على تقدير الاكتفاء بوزن الراكب.

ولكن ذكروا في دليل اشتراط المشاهدة اختلاف الناس بكثرة الحركات وشدّتها وقلّتها وكثرة السكنات ، وضبطها بالوصف والوزن بعيد بل لا يمكن ، بل بالمشاهدة أيضا قد لا يعلم ، فكأنّهم يريدون المبالغة ، أو أرادوا بالتخصيص ذكر ان لا يركب غيره ، وهو أيضا بعيد ، إذ (وـ خ) الظاهر أنّ بعد تعيين الراكب لا يتعدى الى غيره ، وان لم نقل ذلك ، إذ قوله : تركب أنت مثلا ، لا يقتضي إلّا إيّاه.

وان كان هو ظاهر صحيحة علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن موسى عليهم السّلام قال سألته عن رجل استأجر دابّة فأعطاها غيره ، فنفقت فما عليه؟ قال : ان كان اشترط (شرط ـ ئل) ان لا يركبها غيره فهو ضامن لها ، وان لم يسمّ فليس عليه شي‌ء (١).

لكن الظاهر أنّ المراد ذلك ، ويشعر به قوله عليه السّلام : (وان لم يسمّ) وهو ظاهر.

ثم انّ ظاهر هذه الرواية عدم التفصيل بين الأثقل والمساوي والأخف ، فمقتضاها جواز الإركاب وعدم الضمان مطلقا ، الا مع التعيين والشرط ، فانّ ترك الاستفصال دليل العموم ، فهي بظاهرها تدل على عدم اشتراط المشاهدة ، بل الوصف المذكور أيضا ، بل العمل بظاهر الحال فإنّه يستأجر لنفسه أو مثله تخمينا

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الإجارة الرواية ١.

٨٧

ولو عدل من الأثقل ضررا إلى الأخفّ ، لم يكن له الرجوع بالتفاوت.

ولو استأجر دابّة معيّنة للركوب فتلفت ، انفسخت ، ولو استأجر

______________________________________________________

ويمكن حمل كلامهم ـ وبعض الروايات مثل صحيحة أبي ولّاد (الحناط ـ خ) الطويلة (١) المشتملة على الأحكام الكثيرة ، فيمن تعدّى من المكان المشترط الى مكان آخر ، بلزوم المسمّى واجرة الزيادة ـ على الغالب والأكثر ، فتأمّل.

قوله : ولو عدل من الأثقل إلخ. وجه أنّه لم يكن للمستأجر حينئذ الرجوع ـ بالتفاوت بين ما استأجر عليه من الثقيل وبين ما حمله من الخفيف ـ ظاهر ، فإنّه لو لم يحمل أصلا مع مضى المدّة ، لم يكن يرجع على شي‌ء ، بل كان عليه الأجرة تامّة ، فهنا بالطريق الاولى.

قوله : ولو استأجر دابّة معينة للركوب إلخ. دليل انفساخ العقد ـ بموت الدابّة المعيّنة ـ واضح ، وهو استحالة استيفاء تلك المنفعة من غيرها ، بخلاف ما لو استأجر للركوب على دابّة إلى محلّ من غير تعيينها في العقد ، فإنّه لا يضرّ فوت التي (٢) ركبها.

ولا يتعين المطلقة بالتسليم ، أو التعيين ، بحيث يكون منحصرة فيها ، ولهذا يجوز للمالك تبديلها وهو أيضا ظاهر.

والظاهر أنّ تعذر استيفاء المنفعة المشترطة (المشروطة ـ خ) على الوجه المتعارف لنقص ومرض وضعف ، بمنزلة الموت ، ويحتمل الابدال (خصوصا مع التراضي فتأمّل ـ خ).

والظاهر أنّه لا خصوصية للدابّة ، ولا بالعين المستأجرة ، فإن تلف الراكب

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ١.

(٢) أي الدابة التي ركبها.

٨٨

للركوب مطلقا ، لم تبطل ، وله ان يركب ويركب مثله ، الّا مع التخصيص.

______________________________________________________

أو الحمل المعيّن فكتلفها ، مثل فوت الصبي المرتضع.

قوله : وله ان يركب ويركب مثله إلخ. يعني إذا استأجر دابّة مثلا للركوب من غير تخصيص احد بكونه هو الراكب الى موضع ، له ان يركب بنفسه ، وان يركب غيره بدله ، بشرط ان يكون الغير مثله في الثقل أو أخفّ ، بغير اذن المالك.

والظاهر أنّه يجوز التسليم (١) بغير إذنه ، ولم يضمن ، لما تقدم.

ولا يجوز الأثقل إلّا بالإذن ، فلا يضمن (حينئذ ـ خ) وبدونه يأثم ، ويضمن ، وكذا إذا فعل مع التخصيص.

والظاهر أنّ التناوب أيضا لا يجوز إلّا بالإذن لأنّا نرى ان المكارين (٢). أيضا يقولون في ذلك ، ويقولون انّ التّناوب يضرّ بالدابّة وان كان بالمثل أو أخفّ ، لكثرة النزول والركوب ، وكونها تارة ، أثقل وتارة أخفّ.

واعلم أنّ أكثر العبارات ـ في بيان هذه المسألة ـ مثل الكتاب ، ودليل الكل واضح ، الّا أنّ لي في ذلك تأملا لأنّه إذا كانت الإجارة للركوب قالوا : لا بد من تعيين الراكب.

قال في التذكرة : فيجب ان يعرف مؤجر الدابّة راكبها بالمشاهدة ، لاختلاف الأغراض في الراكب (الى قوله :) وهو قول أكثر الشافعيّة ، ومنهم من اكتفى بالأوصاف الرافعة للجهالة (إلى قوله :) والأصل في ذلك أن يقول : ان أمكن الوصف التامّ القائم مقام المشاهدة كفى ذكره عنها ، والّا فلا (٣).

__________________

(١) يعنى تسليم الدابة إلى الغير بغير اذن المالك.

(٢) في بعض النسخ لأنّا لا نرى إلخ والصواب ما أثبتناه.

(٣) انتهى كلام العلامة في التذكرة.

٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والآدمي المتعارف الذي أكثر الافراد على تلك الضخامة والطول والقصر من مستوي الخلقة.

ويحتمل حملها على ما ذكروه أيضا فتأمل.

ثمّ (١) تأمّل في قول القواعد أيضا : ويجوز مع عدم الشرط ان يؤجر لمثله أو أقلّ ضررا ، قال في شرحه : أي ان يوجر لركوب مثله مثلا ، (أو ـ خ) وسكنى مثله ، أو ان يوجر لمثل عمل الذي استأجر لأجله ، وكذا اللاقل (الأقل ـ خ) ضررا ، لأن المنفعة تصير ملكا له بالإجارة ، والنّاس مسلطون على أموالهم (٢) (٣).

شرط في المسكن الإجارة بمثله ، أو أقلّ ضررا مع الإطلاق ، وعدم كون السكنى له خاصة.

والظاهر عدمه ، إذ لو استأجر لينتفع بسكناها مثلا ، لم لا يجوز أن يسكنها لمن هو أكثر منه ضررا بكثرة الناس والضيف والدوابّ وغير ذلك ، فإنه مالك للمنفعة ، فله ما يفعل ، كما قاله في الشرح.

نعم لا يجوز ان يتجاوز في سكناها عن المتعارف فلا يسكن في بيت الآدميّين الدوابّ ونحو ذلك.

وبالجملة لا يتعدّى عن المنفعة المتعارفة المطلوبة منها ، فكأنّ ذلك المراد (٤) ، والعبارة لا تخلو عن شي‌ء.

وكذا كلام الشارح ، الناس مسلطون إلخ ، فإنه لا يجوز لهم كلّما يريدون وخصوصا عنده ، فإنه يضمن بتسليمه بغير اذن المالك الأوّل ، والمراد واضح ، والأمر

__________________

(١) في بعض النسخ : ثم انّ لي تأمّلا.

(٢) عوالي اللئالي ج ٣ ص ٢٠٨ الحديث ٤٩.

(٣) الى هنا عبارة المحقق الثاني في جامع المقاصد (شرح القواعد).

(٤) يعنى مراد العلامة قدّس سرّه في القواعد.

٩٠

ويجوز للمستأجر ان يؤجر المالك ، ولو باع على المستأجر صحّ ، والأقرب بطلان الإجارة ، على اشكال.

______________________________________________________

في ذلك هيّن.

قوله : ويجوز للمستأجر أن يوجر المالك إلخ. لا مانع من إجارة المستأجر العين المستأجرة من مالك العين ، والذي استأجرها منه ، إذ ليس الّا كونه مالكا للعين ، وذلك لم يصلح للمانعيّة ، للأصل ، مع وجود المقتضى وهو تسلّطهم على أموالهم ، وعموم أدلة صحة الإجارة.

وكذا لا مانع من بيع العين المستأجرة على مستأجرها ، والتقريب مثل ما تقدم.

وأما بطلان الإجارة حينئذ فقرّبه المصنف مع اشكال ، لعلّ مقصوده من إظهار الإشكال مع قوله : (الأقرب) عدم الأقربيّة بالكليّة ، وضعف الرجحان في الجملة.

وجهه أنّ ملك المنفعة تابع لملك العين فإذا ملك العين يلزم ملكيتها تبعا أيضا ، فلو بقيت الإجارة يلزم ان تكون المنفعة ملكا بالإجارة والبيع أيضا ، وهو تحصيل الحاصل ، وجمع العلتين على معلول واحد ، ولأنّه كبطلان العقد بملكيّة الزّوجة.

ووجه عدم البطلان الأصل ، والاستصحاب ، وعدم ثبوت دليل على كون البيع مبطلا للإجارة ، فإن ذلك يحتاج الى دليل ، ولا دليل ، إذ تابعية المنفعة لملك العين مطلقا ممنوعة ولا دليل عليها ، ولذا يصح بيع العين من الأجنبي مع بقاء الإجارة ، وقد مرّ دليله ، ومسلّم أيضا عند المصنف.

نعم ذلك مسلّم ان لم تكن المنفعة منفكّة عن العين بسبب شرعي الى غير البائع.

وعلى تقدير المنافاة والتابعيّة قد يقال : ينبغي عدم صحة البيع لعدم حصول تابعه ترجيحا لإبقاء ما كان على ما كان ، ومنع خروج الحادث من العدم

٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

الى الوجود ، وبقائه (١) تحت العدم على ترجيح وجود الحادث وغلبته على العدم الأزلي ، وازالة البقاء عن الباقي واحداث عدمه ، وهو أظهر.

ولا شك انّ هذا ليس بأرجح من الأوّل ، بل أضعف من وجوه ، والقياس على النكاح باطل ، لثبوت عدم بقاء الزوجيّة والنكاح على مملوكة الزوج ، بالإجماع ونحوه ، ولو لم يكن ذلك لقيل في ذلك أيضا مثل ما قلناه هنا.

والظاهر عدم المنافاة بين بقاء الإجارة والبيع بل تكون المنفعة مملوكة بالإجارة مدّتها. ثم بملكية العين ، ولهذا اختار في القواعد عدم البطلان ، وقرّبه من غير اشكال.

__________________

(١) الظاهر انه عطف على قوله لا بقاء إلخ.

٩٢

«المقصد الثاني في المزارعة والمساقاة»

وفيه مطلبان ، الأوّل المزارعة عقد لازم من الطرفين.

______________________________________________________

«المقصد الثاني في المزارعة والمساقاة»

قوله : المقصد الثاني في المزارعة إلخ. قال في القواعد وغيره هي معاملة على الأرض بحصّة من نمائها (١).

ومعلوم خروج الإجارة منها والظاهر أنّ الأرض لا يجب ان يكون ملكا لأحد المزارعين ، بل يكفى كون منفعتها ملكا له ، كما إذا كانت الأرض مستأجرة

ولا يبعد الاكتفاء بالأولوية الحاصلة في الأرض الخراجيّة والمباحة بالتحجير وبالاحياء ، وان لم نقل بحصول الملك ، لأنّ الظاهر أنّه يكفي كون المنفعة له.

ويدل عليه ما يوجد في الاخبار من جواز تقبيل الأرض الخراجيّة للزراعة مثل صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام (في حديث) قال : سألته عن مزارعة أهل الخراج بالرّبع والثلث والنصف؟ فقال : لا بأس به (الحديث) (٢).

وصحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن

__________________

(١) قال في القواعد : المزارعة مفاعلة من الزرع وهي معاملة على الأرض بالزراعة بحصة من نمائها إلخ.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب المزارعة الرواية ٨.

٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الرّجل تكون له الأرض من ارض الخراج فيدفعها الى الرّجل على ان يعمرها ويصلحها ويؤدّى خراجها ، وما كان من فضل فهو بينهما؟ قال : لا بأس (١) وغيرهما.

ويؤيّده ما يوجد في كلامهم : يجوز بيع الأرض الخراجيّة تبعا لآثارها.

وان لم يكن جيّدا في نظري ، إذ لا معنى لبيع مال الناس بواسطة مجاورة مال نفسه ، نعم يجوز بيع آثارها وماله في الأرض المفروضة مع وجود شرائط البيع فيه ، وهو ظاهر.

فقول شارح الشرائع : بأنه لا بدّ من كون الأرض ملكا لأحدهما ، لأنّه المستفاد من حقيقة المزارعة وصيغتها والتي يعقد عليها فلا يشرع في الأرض الخراجية إلّا باستعمال حيلة من الحيل الشرعية مثل جعل البذر منهما ثم قال فليحفظ ذلك أو غيره من الحيل الشرعية على تسويغ هذه المعاملة ، لأنّها متداولة في كثير من البلاد التي أرضها غير مملوكة ، فيحتاج الى وجه مجوّز إلخ.

محلّ التأمّل ، سيّما على ما هو مقتضى كلامه ، فيما تقدم : أنّه يجوز بيع الأرض تبعا لإثارة ، فيبعد عدم تجويز المزارعة على ارض مع تجويز بيعها الذي هو فرع الملك إجماعا عقلا ونقلا.

ومعلوم أن ليس في العقد على الأرض وصيغة المزارعة وتعريفها ما يدلّ على عدم جواز المزارعة إلّا مع الملك الطلق للعين.

نعم يفهم أنّه لا بد من كون المنفعة لأحدهما ، فافهم.

ثم انّ الدليل على جواز هذا العقد ، ومشروعيّته هو الإجماع المنقول ، قال في التذكرة هي جائزة عند علمائنا اجمع ، والاخبار الكثيرة من العامّة والخاصّة ، مثل

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب المزارعة الرواية ٢.

٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

صحيحة محمّد الحلبي ، وعبيد الله الحلبي ، عن الصادق عليه السّلام ، قال : لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس (١).

وما رواه محمّد وعبيد الله جميعا عنه ، (في الصحيح) انّ أباه عليه السّلام ، حدّثه انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ، اعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها ، فلمّا أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة ، فقوم عليه قيمة ، فقال لهم : إمّا ان تأخذوه وتعطوني نصف الثمرة (الثمن ـ خ) ، وإمّا أن أعطيكم نصف الثمرة وآخذه ، فقالوا : بهذا أقامت السموات والأرض (٢) ومثلها صحيحة يعقوب بن شعيب (٣).

وهي تدلّ على جواز المساقاة أيضا ، وجوازهما في الأرض الخراجيّة ، وجواز التقبيل ، وقبول الوكالة في التقبيل ، وجوازه مطلقا من دون شرط ، وكون القيّم واحدا ، بل غير عدل أيضا ، إذ ما ثبت عدالة عبد الله بن رواحة ، بل غير معدود في كتب الرجال ، فتأمّل.

وامّا كونها لازمة من الطرفين فهو للإجماع أيضا ، ولمثل أوفوا (٤) ، والمسلمون عند شروطهم (٥) ، وهو ظاهر ، ويمكن جواز فسخه بالتقايل ، لما مرّ في غيرها من العقود اللازمة.

قال في التذكرة : ولا تبطل الّا بالتقايل.

وامّا استلزام كونه لازما ، للإيجاب اللفظي ـ والقبول كذلك والماضويّة وتقديم الإيجاب والعربية والمقارنة وسائر ما قيل في العقود اللازمة ، كما ادّعاه شارح

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب المزارعة والمساقاة الرواية ٧.

(٢) روى صدره في الباب ٨ من أبواب المزارعة والمساقاة الرواية ٢ وروى تمام الحديث في الباب ١٠ من أبواب بيع الثمار (من كتاب التجارة) الرواية ٢ (ج ١٣ ص ١٩).

(٣) راجع الوسائل الباب ١٠ من أبواب المزارعة والمساقاة الرواية ١.

(٤) المائدة : ١.

(٥) تقدم مأخذه.

٩٥

والإيجاب زارعتك ، أو ازرع هذه ، أو سلمتها إليك ، أو ما شابهه ، مدّة معينة بحصّة معلومة من حاصلها ، والقبول قبلت.

______________________________________________________

الشرائع (١) وغيره. فغير ظاهر.

والأصل ينفيه ، مع عدم الدليل ، كما تقدم في البيع ونحوه ، ولهذا جوّز هنا بالأمر ، وصرّح في القواعد بالاكتفاء بالقبول الفعلي ، وهو ظاهر عبارة الشرائع.

وبالجملة الغرض حصول العلم بالرضا بالمعاملة بالعقد بأيّ شي‌ء يحصل المطلوب ، ويلزم ، لصدق العقد ، فلا يبعد الصحّة بغير العربية وغيرها ، وجريان المعاطاة فيها ، وفي سائر العقود والأمور ما لم يكن دليل على اشتراط الأمور المشترطة من إجماع ونحوه ، فتأمّل واحتط.

قوله : والإيجاب زارعتك إلخ. قال في التذكرة : مثل زارعتك الى قوله : أوخذ هذه الأرض على هذه المعاملة ، وما أشبه ذلك ، ولا ينحصر في لفظ معيّن ، بل كلّما يؤدّي الى هذا المعنى.

ويعلم من جوازها بالأمر وغيره وعدم اشتراط القبول اللفظي كما في القواعد عدم صحة الاستدلال بكونه عقدا لازما على اعتبار القبول اللفظي والماضويّة والعربية وغيرها ، ولا بأنّه متلقاة من الشرع كما قيل في مثله فتأمل.

والظاهر أن لا خلاف في الجواز بكل لفظ يدلّ على المطلوب مع كونه ماضيا ، والظاهر جوازها بالأمر أيضا.

قال المحقق الثاني : استشكل الإيجاب في القواعد بلفظ الأمر ، وبالجواز رواية ، والمعتمد عدم الجواز.

وفيه تأمل ، إذ لا دليل على تعيين الماضي ، غير كونه عقدا لازما ، ولا دليل على الكبرى غير ما قد أشاروا إليه ، من انّ غيره بعيد عن كونه لإنشاء العقد ، وهو

__________________

(١) في النسخة المطبوعة : في شرح الشرائع.

٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

كما ترى ، فعموم الأدلة ـ وعدم دليل مانع ـ دليل الجواز.

ويدل عليه ما في صحيحة يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن الرّجل يعطى الرجل أرضه فيها الرّمان والنخل والفاكهة ، فيقول : اسق من هذا الماء واعمره ، ولك نصف ما خرج؟ قال : لا بأس وسألته عن الرّجل يعطى الرّجل الأرض فيقول : أعمرها وهي لك ثلاث سنين أو خمسين سنين أو ما شاء الله؟ قال : لا بأس (١) ويدلّ عليه الرواية التي أشار إليها المحقق الثاني.

وصحيحة عبد الله بن سنان ، أنه قال في الرجل يزارع فيزرع ارض غيره ، فيقول ثلث للبقر وثلث للبذر وثلث للأرض ، قال : لا يسمّى شيئا من الحبّ والبقر ، ولكن يقول : ازرع فيها ولى فيها كذا وكذا ، ان شئت نصفا ، وان شئت ثلثا (٢).

وهي صريحة في جواز القبول بلفظ المضارع ، فلا يبعد انعقاد الإيجاب بالأمر ، بل ادّعى الأولويّة في الإيضاح ، وفيه تأمّل.

ورواية الحسن بن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، أنّه سئل عن رجل يزرع ارض رجل آخر ، فيشترط عليه ثلثا للبذر وثلثا للبقر؟ فقال : لا ينبغي ان يسمّى بذرا ولا بقرا ، ولكن يقول لصاحب الأرض ازرع في أرضك ، ولك منها كذا وكذا نصف أو ثلث أو ما كان من شرط ، ولا يسمّى بذرا ولا بقرا فإنما يحرّم الكلام (٣).

وسندها لا بأس به ، وفيه خالد بن جرير ، وهو ممدوح ، وأبو الربيع.

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب المزارعة والمساقاة الرواية ٢ بسند الشيخ راجع التهذيب وروى ذيلها في الوسائل الباب ١١ من تلك الأبواب الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب المزارعة والمساقاة الرواية ٥.

(٣) الوسائل الباب ٨ من أبواب المزارعة والمساقاة الرواية ١٠.

٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

واستدل في شرح المتن على توثيقه بان الحسن بن محبوب ممّن اجتمعت العصابة على تصحيح ما صحّ عنه.

ولكن فيه تأمّل وكذا في متنها ودلالتها ، فطرح المحقق الثاني ـ الرواية الصحيحة ظاهرا الدالة باعتقاده على جواز انعقاد المزارعة بالأمر ، مع عدم دليل يقتضي ذلك سوى ما قلناه وقول الأصحاب في غير المزارعة ـ غير جيّد.

وكذا قول الشهيد الثاني في شرح الشرائع : وامّا قوله (١) : ازرع هذه الأرض بصيغة الأمر ، فإن مثل ذلك لا يجوزونه (يجيزونه ـ خ) في نظائره من العقود ، لكن المصنف رحمه الله وجماعة أجازوه هنا ، استنادا إلى رواية (روايتي ـ خ) أبي الربيع الشامي ، والنضر بن سويد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام (٢) ، وهما قاصرتان عن الدلالة على ذلك (٣).

وقد عرفت القصر عن الدلالة ، لأنّهما تدلان على المضارع لا الأمر.

ورواية النضر هي رواية عبد الله بن سنان المتقدمة (٤) ، وما رواها النضر ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، بل رواها عن عبد الله بن سنان مضمرا ، على ما رأيت في التهذيب (٥) والكافي ، فيمكن ان يكون غلطا ، ولكن الظاهر عدمه ، وحينئذ يكون مرسلا ، حيث ما سمّى الامام عليه السّلام ، وان كان الظاهر ذلك.

فالظاهر الجواز بالأمر أيضا لعدم القائل بالفرق على الظاهر ، ولأنّ العمدة هي عموم الأدلّة ، مع عدم المانع ، والروايتان مؤيّدتان ، ولصحيحة يعقوب بن

__________________

(١) أي قول المحقق في الشرائع.

(٢) تقدم ذكرهما آنفا.

(٣) انتهى كلام الشهيد الثاني في شرح الشرائع.

(٤) راجع الوسائل الباب ٨ من أبواب المزارعة والمساقاة الرواية ٨.

(٥) في النسخة التي عندنا من التهذيب هكذا : عن أبي عبد الله عليه السّلام (خ).

٩٨

ولا تبطل الا بالتفاسخ ، لا بالموت والبيع.

وشرطها شياع (مشاع ـ خ ل) النّماء ، وتعيين المدّة ، وإمكان زرع الأرض.

______________________________________________________

شعيب المتقدّمة (١).

ثمّ انّ ظاهر المتن اشتراط القبول اللفظي ، وقوّاه في التذكرة ، وفيه تأمّل علم.

قوله : ولا تبطل الّا بالتفاسخ إلخ. دليل البطلان بالتفاسخ ، كأنّه الإجماع ، وما تقدم في البيع ، فتأمل.

وامّا عدم البطلان بالبيع وبالموت وغيرهما ، فلأدلّة اللّزوم ، وعدم المنافاة بين البيع والموت وبقاء المزارعة ، وهو ظاهر ، والاستصحاب ، وما تقدم في الإجارة ، فتذكر ، وتأمّل.

قوله : وشرطها شياع النماء إلخ. لعلّ دليله الإجماع ، وأنّ المفهوم من الاخبار التي تدلّ عليها من فعله صلّى الله عليه وآله وفعلهم عليهم السّلام ، كان على سبيل الاشتراك في الحصّة ، وأنّه المفهوم من تعريفها.

ويدلّ عليه أيضا حسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لا تقبل الأرض بحنطة مسمّاة ، ولكن بالنصف والثلث والربع والخمس (٢).

ومعلوم أنّ عدم تعيين المدّة موجب للغرر والجهل.

وأنّه لو لم يمكن زراعة الأرض ، لا تصحّ ، فان كون إمكان الانتفاع شرطا ظاهر.

__________________

(١) تقدم ذكرها.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب المزارعة والمساقاة الرواية ٣ وتمامه : لا بأس به ، وقال : لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس.

٩٩

فلو شرط أحدهما النّماء لنفسه ـ أو نوعا من الزّرع ، أو قدرا من الحاصل ، والباقي بينهما ـ بطل.

ولو شرط أحدهما شيئا من غير الحاصل جاز ، ولا يجوز إجارة الأرض للزراعة بالحنطة أو الشعير ، ممّا يخرج منها.

______________________________________________________

قوله : فلو شرط أحدهما إلخ. تفريعه على ما تقدم ظاهر ، فإنّه إذا كان الاشتراك في النماء شرطا. لم يصحّ تخصيص أحدهما به ، سواء كان صاحب الأرض أو العامل.

وكذا لو شرط النوع الخاصّ من النماء ، مثل ما حصل أوّلا فهو له ، ويسمّى ذلك الهرف (١) ، وما يحصل آخرا فهو للآخر ، ويسمّى الأقلّ.

وكذا لو شرط قدرا معيّنا لأحدهما ، والباقي بينهما ، والكل ظاهر.

قوله : ولو شرط أحدهما شيئا إلخ. دليل جواز شرط شي‌ء آخر معين من غير الحاصل ولزومه ، وهو عموم أدلة الاشتراط.

قوله : ولا يجوز إجارة الأرض للزراعة إلخ. كان المناسب ذكر هذه المسألة في بحث الإجارة ، وانّما ذكرت هنا لأنّ أكثر أدلّتها مذكورة في باب المزارعة ، وهي أخبار دالّة على عدم جواز إجارة الأرض بجنس ما يزرع فيها.

مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لا تستأجر الأرض بالحنطة ، ثمّ تزرعها حنطة (٢).

وكأنّ المصنف والأكثر حملوها على الحنطة التي تحصل منها ، إذ لا مانع من الإجارة على القدر المعين من الحنطة ـ وان كانت زرعت فيها الحنطة ـ عقلا ونقلا ، بل لا ينبغي الخلاف في ذلك ، وعموم أدلة الإجارة مؤيّدة.

__________________

(١) اهرفت النخلة عجّلت اتاءها أي ثمرها.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب المزارعة والمساقاة الرواية ٣.

١٠٠