مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٨

ولو وجده في داره أو صندوقه المختصين (المختصّ ـ خ) بالمتصرف (بالتصرف ـ خ) فهو له ، والمشترك لقطة.

______________________________________________________

الخمس في كل ما غنم ويقع بيده ، ولم يقل به الموجب هنا ، وقد مرّ البحث فيه في الخمس فتذكر وتأمّل.

ثم انّ عموم المتن ونحوه من العبارات ظاهر في عدم التخصيص بما ذكره في التذكرة ونحوها ، وما ثبت المقيد الّا من جهة الخمس على الوجه الذي مرّ ، أو ثبت حكم عموم اللقطة بحيث يشملها ولا يمكن تخصيصها ، فان فرض ذلك ، وثبت ، يكون حكمه حكم اللقطة.

وبالجملة مجرّد أثر الإسلام وكونه في بلاد الإسلام ، لا يدلّ على كونه لقطة ، ولا على كونه ملكا لمن يجب ردّه اليه والى الآن باق على تلك الحالة ، إذ الأصل عدم ذلك ، ومعلوم أنّه علم بالقرائن أنّه خرج عن ملك أوّل من وصل الى يده في خربة باد أهلها مثل الكوفة الآن ، بل يمكن ان يكون الى الامام عليه السّلام ، وهو ظاهر ، فان ذلك لمن يعرف ، بل يحكم بحفظه له أو التصدق على مساكين البلد أو أنه مباح للشيعة.

قوله : ولو وجده في داره أو صندوقه إلخ. دليله صحيحة جميل بن صالح ـ الثقة ـ قال : قلت : لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل وجد في بيته (منزله ـ يب ئل) دينارا ، قال : يدخل منزله غيره؟ قلت : نعم كثير. قال : هذه لقطة ، قلت : فرجل قد وجد في صندوقه دينارا قال : يدخل احد يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئا؟ قلت : لا ، قال : هو له (١).

وهذه تدل على حكم الدار المختصّة بالمفهوم ، والمشتركة بالمنطوق ، وفي الصندوق بالعكس.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من كتاب اللقطة الرواية ١.

٤٨١

ولا يملك الا بعد التعريف حولا ، ونية التملك ، وان بقيت أحوالا.

______________________________________________________

والظاهر عدم الاختصاص بالصندوق والبيت ، بل يعمهما (معهما ـ خ).

وكأنّ المصنف عبّر البيت بالدار إشارة الى عدم الاختصاص ، فالحكم جار في كل مشترك محتمل ، ومختص غير محتمل إلّا له ، وان لم يعرف ولم يعلم أنّه له ، الّا ان يعلم عدم كونه له فيتّبع.

وأيضا الظاهر (ظاهره ـ خ) ان التعريف حينئذ للمشتركين ـ ومن يحتمل كونه لهم ـ على وجه الاعلام لا تعريف اللقطة ، وهو ظاهر.

واعلم أنّ المختصّ والمشترك صفتان للدار والصندوق لكل واحد واحد ، وكأنّ التذكير للتغليب ، أو صفتان للصندوق. وحده وحذف صفتها للدار للظهور اكتفاء بالمذكور ، إذ ما ثبت كون الدار عنده مقتضيا لكونه صفة مؤنثا ، والأمر في ذلك هيّن.

قوله : ولا يملك الا بعد التعريف إلخ. إشارة إلى شرائط اللقطة ، وهو التعريف سنة ، لما تقدم ، وقصد التملك ، كما مرّ فلا يملك قبل السنّة ولا بعدها قهرا ، بل لا بدّ من نية التملّك ، وقد مرّ.

ولكن الظاهر أنّه لا يحتاج الى اللفظ ، للأصل ، وظاهر الروايات ، بل ظاهرها بغير النّية ، ولكن اعتبرت ، كأنّه بالإجماع أو غيره ، كما مرّ.

ويفهم من التذكرة الاحتياج ، حيث قال : اعتبرنا في تملك اللقطة النّية ، واللفظ إلخ.

وقال بعده أيضا ، ثم نوى التملك ويملك باللفظ إلخ.

وقال في موضع آخر : كلّما جاز التقاطه يملك بالتعريف حولا أثمانا أو عروضا عند علمائنا أجمع.

وغرضه هنا الإشارة إلى ردّ الخلاف بالفرق بين العروض والأثمان ،

٤٨٢

ولا يضمن إلّا بنيّة التملك ، أو التعدي.

ولو دفع الى الحاكم ، فباع ، دفع الثمن الى الملتقط ، ان طلبه.

وهي امانة في الحول.

______________________________________________________

فتأمّل.

قوله : ولا يضمن إلّا بنيّة التملّك إلخ. يعني اللقطة لا تضمن الّا بقصد التملك في أي وقت كان ، وكذا يضمن لو لم يقصد التملك وحفظه على أنّه امانة ، ثمّ تعدّى في الحفظ.

والمراد به هنا ترك ما يجب وفعل ما يحرم ممّا يوجب الضّمان.

ويشكل الحصر بأنّه إذا تصدّق أيضا يضمن ويمكن ان يقال المراد مع بقائه عنده لا يضمن الّا على أحد الوجهين أو الضمان الحتمي ، وفي التصدق (١) يحتمل الضمان بان لا يرضى ، وعدمه ان رضي ، فتأمّل.

قوله : ولو دفع الى الحاكم إلخ. وجه دفع الثمن الى الملتقط له ولاية فلا ينبغي إخراجه عنها من غير ظهور خيانة ، ولأنّه إنّما يتصدق أو يتملّك بعد التعريف ، وبالجملة ما زال ولاية الالتقاط وحكمه عن الملتقط بالبيع ، بل انتقل من المبيع الى الثمن ، الّا أنّه لا بد ان يعرّف المبيع كما مرّ ، وانما دفع اليه للبيع ، إذ ليس له ولاية البيع ، فان الحاكم هو وكيل الغائب عندهم على الظاهر ، فقوله : (ولو دفع) إشارة إلى وجوب البيع باذنه ، كما مرّ من كلام التذكرة مع التأمّل.

قوله : وهي أمانة في الحول. وذلك معلوم حيث أخذه بأمر الشرع وحفظه أيضا في الحول كذلك باذنه ، فلا ضمان الّا مع التعدي.

ويفهم من التذكرة أنه لو ترك التعريف أيضا كان أمانة ، وكأنّ وجهه أنّ هذا المال أمانة ، ولو فعل الأمين حراما لم يكن متعدّيا في الامانة ولم يخرج عنها.

__________________

(١) في النسختين المخطوطتين ، الصندوق بدل التصدق ، والصواب ما أثبتناه.

٤٨٣

والزيادة فيه للمالك. ولا يضمن الا بالتفريط وبعده كذلك ، ان لم ينو التملّك ، فان نواه ضمن ، والزيادة المنفصلة له.

______________________________________________________

ويمكن ان يقال : هذا تفريط في الأمانة ، إذ قد يعلم المالك بتعجيل التعريف (١) ويفوت عنه بالترك ، فكأنّه ترك الحفظ والتعليم الى المالك.

ولو قيل انّ التعريف فوريّ لا شك في ذلك ، وقد مرّ البحث في ذلك أيضا.

و (قد ـ خ) علم أيضا كونه مضمونا بعد الحول ونيّة التملك ممّا سبق ، فتذكر.

قوله : والزيادة فيه للمالك إلخ. وهو ظاهر متّصلة كانت أو منفصلة ، لأنه فما وملكه ، ما دامت العين باقية على ملكه ، وهو قبل التصدق ونيّة التملك كذلك ، فيكون النّماء له ، بخلاف النماء المنفصل بعد النّية ، فإنّه للملتقط ، وان كان ضامنا ، ويرجع الملك الى مالكه بعد الوجدان ، لأنّ الملك كان للملتقط الى ان يجد المالك ويطلب ، ووجود المالك وطلبه ليس بمبطل للملك السابق ، بل موجب للانقطاع دون المتصل حينئذ.

ولكن (٢) وجوب ردّ المثل أو القيمة لا العين ، مشعر بكونه ينبغي أن لا يكون حينئذ النماء المتصل أيضا بعد التملك والضمان للمالك ، بل للمتلقط ، لأنّه نماء ملكه ، ولا يجب ردّه كالقرض ، فقيد المنفصلة محلّ تأمّل ، وكذا قوله : (ولا يجب دفع العين) مع أنّه لا يلائم قيد المنفصلة ، فتأمّل.

وأيضا لا يلائم توسط (الّا بالتفريط) وكان ينبغي تقديم (لا يضمن الا بالتفريط) على قوله : (والزيادة) أو تأخيره عن قوله : (وبعده كذلك ان لم ينو

__________________

(١) في النسختين من النسخ المخطوطة : بتعجيل التفريط ، والصواب ما أثبتناه.

(٢) في النسختين من النسخ المخطوطة : ويمكن وجوب ردّ المثل ، والصواب ما أثبتناه.

٤٨٤

ولا يجب دفع العين مع المتصلة.

______________________________________________________

التملك) بل ما كان يحتاج اليه الّا الى قوله : (وان فان نواه ضمن) لما تقدّم عن قريب ، وكأنّ الإعادة للإشارة إلى ضمان الزيادة.

قوله : ولا يجب دفع العين إلخ. قد مرّ البحث أيضا في الجملة ، وهو الظاهر من التذكرة أيضا.

قال في التذكرة : ولو لم يدفع العين الملتقطة ، فالأقرب أنّه ليس للمالك انتزاعها ، لأنّها قد صارت للملتقط ، فلا تنتقل عنه الّا بوجه شرعي كالقرض (فإنّه ـ خ) ليس للمقترض بعد تملك المقبوض الرّجوع في العين ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثّاني ـ وهو الأظهر عندهم ـ أنّ له انتزاع العين إلخ.

وفيه تأمّل ، فإنّ الظاهر وجوب ردّ العين مع الوجود ، والّا القيمة أو المثل ، فانّ دليل وجوب الردّ هو بطلان التملك حين وجدان المالك والمطالبة ، وذلك يقتضي وجوب ردّ عين المال مع النّماء المتصل ، فإذا ثبت الردّ ، ثبت ردّ العين ، فإنّه المقتضي للدليل.

ودليل التذكرة يقتضي عدم وجوب ردّ العوض أيضا ، فتأمّل.

وبالجملة ظاهر الاخبار دفع العين على ايّ وجه كانت.

نعم لو كان هناك نماء منفصل ، يمكن ان يكون للملتقط ، لأنّه نماء ملكه ، من غير نزاع واشكال ، كالقرض.

وقال في التذكرة : إذا زادت اللقطة بعد تملك الملتقط بها ، ثم جاء المالك ، فان كانت الزيادة متّصلة تبعت العين ، وأخذها المالك وزيادتها ، لأنّ الزيادة المتّصلة تتبع العين في الردّ بالعيب وفي الإقالة ، فكذا هنا ، لأنّها انما تبعت هناك ، لكونها بمنزله الجزء من العين ، وهذا المقتضى موجود هنا ، وان كانت الزيادة منفصلة فهي للملتقط خاصّة ، ويأخذ العين المالك مسلوبة الزيادة ، كالولد والثمرة ، لأنّ الزيادة نمت على ملك الملتقط ، وهي مميّزة غير تابعة للعين في الفسوخ.

٤٨٥

بل المثل أو القيمة وقت الانتقال.

ولا يضمن المولى بتفريط العبد ، ولو أخذها المولى ، أو أمره بالالتقاط ، ضمن.

ولا يجب الدفع بالوصف ، وان خفي ، فلو ردّها به ضمن ، ان أقام غيره البينة ، ويستقرّ الرجوع على الآخذ ، ان لم يكن اعترف له بالملك.

______________________________________________________

هذه كالصريحة في عدم ردّ المنفصلة مع ردّ العين ، كما قلناه.

قوله : وقت الانتقال. إشارة إلى أنّه عليه قيمة يوم تملّك الملتقط له لا وقت الوجدان ، لأنّ ذلك الوقت انتقل عن ملك المالك ، ولزم العوض على الملتقط للمالك ، فتأمّل.

قوله : ولا يضمن المولى إلخ. وجه عدم ضمان المولى بتفريط عبده ظاهر ، على تقدير عدم اذنه.

وكذا يحتمل على تقدير الإذن فإنّه ما اذن له في التفريط ، بل وعلى تقدير الإذن أيضا لا يلزمه ، غاية الأمر أنّه فعل قبيحا.

وعلى تقدير ضمانه ينتظر حتى ينعتق ، كبعض الضمانات عليه ولكن قوله : ـ (ولو أخذها المولى أو أمره بالالتقاط ضمن) ـ مشعر بضمان تفريط العبد مع الاذن بالالتقاط له ، فيكون الأوّل مخصوصا بما إذا لم يؤذن.

ولعل وجهه انّ الاذن في الالتقاط مستلزم لالتزامه لوازم الالتقاط ، فكأنه الملتقط والمفرّط ، فتأمّل.

ولكنّ الأصل يقتضي العدم واللّزوم ممنوع ، فإنّ المأذون في التجارة إذا فرط لم يضمن المولى.

قوله : ولا يجب الدفع بالوصف إلخ. قد مرّ أنّه يجوز ولا يجب ، ولكن على

٤٨٦

ولو اقام كل منهما بيّنة ، أقرع مع عدم الترجيح.

فان كان دفعها بالبينة ، وحكم الحاكم إلى الأوّل ، لم يضمنها للثاني ، والّا ضمن.

ولو تملك بعد الحول ، ثم دفع الى المدعى بالبينة العوض ، ضمن للثاني على كل حال ، ويرجع على الأوّل.

______________________________________________________

تقدير الجواز يضمن للمالك ان جاء واثبت كونه له ، ويستقر المدفوع على الأخذ أوّلا يعني يرجع اليه الملتقط ان يعترف (١) بأنه صادق وانّه له.

قوله : ولو اقام كل بيّنة إلخ. الحكم بالقرعة ـ مع البينة من الجانبين وعدم الترجيح بالمرجحات المقرّرة ـ ظاهر ، وكذا الترجيح بها.

قوله : فان كان دفعها بالبيّنة إلخ. أي ان كان دفع الملتقط اللقطة إلى الأوّل بالبينة ، وحكم الحاكم له بها ، لم يضمنها للثاني ، وهو ظاهر ، وأمّا لو أعطاه إياها بغير ذلك ـ ولو كان بالبيّنة بدون حكم الحاكم ـ يضمن للثاني ، إذ لم يكف للوجوب عندهم البيّنة مطلقا ، بل لا بدّ من ضمّ حكم الحاكم إليها في الاحكام ، الّا ما استثنى مثل الهلال ، وسيأتي تحقيقه ، ومرّت الإشارة إليه ، وامّا بدون البيّنة فقد مرّ أنّه يضمن.

ولو اعطى بالوصف المخفيّ على غير المالك ، مع جواز إعطائه حينئذ أو بيّنة واحدة عدل مفيدة للظنّ الغالب ، وقد جوّز الإعطاء حينئذ على الاحتمال في التذكرة لحصول الظنّ.

قوله : ولو تملك بعد الحول إلخ. يعني إذا مضى الحول مع التعريف وحصل جواز شرائط الملك فتملّك ، ثم جاء شخص ادّعى كونه له ، وأثبت بالبينة ،

__________________

(١) هكذا في النسخ ، ولعلّ الصواب ، ان اعترف.

٤٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فالظاهر عموم الكراهة وعدم تملك القليل والكثير في الحرم على القول لكراهة لقطة الحرم والّا فيحرم فيه ويكره في غيره ، لما مرّ ، وان ثبت جواز تملكه في غير الحرم بالدليل ، والّا يمنع هناك أيضا ، فتأمّل ، وكأنّه ترك للإجماع.

وما روي في الصحيح ، عن الفضل بن غزوان ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام ، فقال له الطيّار : انّ ابني حمزة وجد دينارا في الطواف قد انسحق كتابته ، قال : هو له (١).

لجهل حال الفضل بن غزوان.

وما روي في الصحيح ، عن محمّد بن رجاء الخيّاط ، قال : كتبت اليه انّي كنت في المسجد الحرام فرأيت دينارا فأهويت إليه لآخذه فإذا أنا بآخر ثم بحثت الحصى ، فإذا أنا بثالث ، فأخذتها فعرفتها ، فلم يعرفها احد فما تأمرني في ذلك جعلت فداك؟ قال : فكتب الي قد فهمت ما ذكرت من أمر الدينارين تحت ذكري موضع الدينارين ، ثم كتب تحت قصة الثالث ، فان كنت محتاجا فتصدق بالثلث ، وان كنت غنيا فتصدق بالكلّ (٢)

إذ حال محمّد غير ظاهر ، مع المكاتبة ، وعدم ظهور المكتوب إليه اماما ، وعدم القائل بها ، وإمكان التأويل ، فإنّه مع الحاجة يكون بمنزلة التصدق ، فيكون دليلا على جواز ملقوط الحرم لنفسه ، (وـ خ) في مقام التصدق ، وذلك غير بعيد ، كما في الكفّارة وقد تقدمت الرواية في ذلك ، في الصوم ، فتذكر وتأمّل.

ويمكن حملهما ـ مع كونهما غير صحيحتين ومهجورتين ـ على علمه عليه السّلام بجواز ذلك للواجد ، بان يكون له على صاحبه حقّ يستحقه ذلك ، أو يكون له

__________________

(١) الوسائل الباب ٥ من كتاب اللقطة الرواية ٤ وفيه ، الفضيل بن غزوان ، ورواها أيضا في الباب ١٧ من ذلك كتاب الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من كتاب اللقطة الرواية ٢.

٤٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السّلام : فبعه وتصدق بثمنه على أهل الولاية (١).

ولو كان قائلا به ما كان للقول به بأس ، كما تقدم في المال المجهول ، وهو مؤيّد لأخذ ما وجد في الخربة ونحوها والصندوق ، فتأمّل.

ويمكن حمل البعض على مثله ، وغير ذلك ، فتأمّل.

وأيضا تدل على جواز أخذ ما في بطن الحيوانات بعد تعريف البائع ـ صحيحة عبد الله جعفر الحميري ـ في الفقيه ، قال : كتبت الى الرّجل عليه السّلام أسأله عن رجل اشترى جزورا أو بقرة أو شاة (أو غيرهما ـ خ) للأضاحي ، فلما ذبحها وجد في جوفها صرّة فيها دراهم أو دنانير أو جواهر أو غير ذلك من المنافع ، لمن يكون ذلك ، وكيف يعمل به؟ فوقّع عليه السّلام : عرّفها البائع فان لم يعرفها ، فالشي‌ء لك رزقك الله إيّاه (٢)

وكأنّ هذه دليل ما ذكروه في الأرض المبتاعة أيضا ، فينبغي تعريف البائع فالبائع إلى المعلوم ، وان كان المذكور في الرواية البائع الأخير فقط.

واستشكل في القواعد تتبّع البائع فالبائع ، والأصل والرواية ينفيه ، ولا شكّ أنّه الأولى ، فإن علم بأن ادّعى أحد ذلك سلّم اليه ما وجد في ملكه ، بغير بينة ولا يمين وامارة ، لظاهر اليد الدالة على الملكية ، وظاهر الرواية المتقدمة.

وكأنّها دليل ما يوجد في بطن سمكة ، ففيها يحتمل التملك من غير تعريف ، على مذهب من يقول باعتبار النّية في تملك المباحات إذا كان ممّا صيدت.

وأمّا اعتبار النّية (٣) لو كانت في ملك البائع فيكون حكمها حكم البقرة

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من كتاب اللقطة الرواية ٢ وفيه كما في الفقيه ، قال : سألته عليه السّلام في كتاب عن رجل إلخ.

(٢) الوسائل الباب ٩ من كتاب اللقطة الرواية ٢.

(٣) في النسختين المخطوطتين البيّنة بدل النّية.

٤٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا في الغزلان ، ونحوه.

ولا شك أنّ الاولى والأحوط هو مضمون الرواية ، إذ قد يكون صيدا وأكل في ملكه بعد قبضه شيئا أو قصد تملك ما في جوفها أيضا ، أو يكون تابعا مثل بعض ما في بطنها من الأشياء.

وعموم الرواية للبقر يشمل البقر المصيد من البرّ وغيره.

وأيضا علّم عدم الفرق بين وجود أثر الإسلام فيه وعدمه ، فهي مؤيّدة لمّا تقدم من عدم الاعتبار فيما قدمناه ، فيما وجد في الخربة والمفازة ، فتذكر.

والظاهر أنّه لم يجب الخمس في مثله ولا تعريفه ، ولم يكن حكمه حكم اللقطة ، وان كان فيه أثر الإسلام ، لظاهر الرواية والأصل ، وقد منع انه وقع بيد المسلم ، لما تقدم فيما يوجد في المفازة ، وكأنّه لا خلاف فيه.

قال في التذكرة : ويحتمل ان يكون لقطة ، ولكن علمائنا على الأوّل ، على أنه أحق بعد تعريف البائع فقط ، فالخلاف من الناس (الثاني ـ خ) يخالف الرواية ، وقول علمائنا ، بل يتملك في الحال ، ولم يعلم اعتبار نيته حينئذ ، بل ظاهر الرواية عدمه ويمكن عدم التملك قهرا للأصل ، ويجوز إمساكه لأن يوجد المالك.

ويحتمل ان يكون عدم قصد العدم أو ما يستلزمه شرطا ، أو يكون ماله ويحفظه لان يوجد المالك تبرّعا ، والظاهر أنّ حكم سائر التملك كالبيع.

٤٩٠

«المقصد العاشر في الغصب»

وفيه مطلبان

الأوّل في أسباب الضمان.

______________________________________________________

المقصد العاشر

في

«الغصب»

قوله : في الغصب : قال في التذكرة الغصب أخذ مال الغير على جهة التعدي ، وقيل : الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا ، وقيل : الاستيلاء على مال الغير ، وهو أعم من الأوّل (الأولين ـ خ) ، وقيل : الاستيلاء على مال الغير بغير حق ، ولا حاجة الى التقييد (بالعدوان) بل يثبت الغصب وحكمه من غير عدوان ، كما لو أودعه (أودع ـ خ) ثوبا عند انسان ثم جاء وأخذ ثوبا للمستودع بظنّ (على ظنّ ـ خ) أنّه ثوبه ، وهذا أعمّ من الأوائل (١).

لعلّ المراد بالاستقلال عدم مشاركته مع المالك أو المتصرف بالحق والاذن كالمستأجر والجالس في الوقف ونحوه ، وان كان ظاهر العبارة لا يفيد ذلك ، بل يعتبر

__________________

(١) التذكرة ج ٢ ص ٣٧٣. وزاد فيها بعد قوله : بظنّ أنّه ثوبه ، أو لبسه المستودع على ظنّ أنّه ثوبه.

٤٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

عدم شركته معه في إثبات اليد عدوانا (١) ويكون عاديا وحده.

وأيضا الظاهر أنّ العدوان والتعدي يعتبر فيه كون الفاعل ظالما وآثما ، ولهذا لا يرخص العادي لأكل الميّت في حال الاضطرار.

فالظاهر أنّ التصرف في مال الغير غلطا ونسيانا لا يسمى عاديا ولا غاصبا ، والفرق بينه وبغير حق (٢) واضح ، لانّ كلاهما يصدق في المثال المذكور ، ويوجدان مع عدم الإثم وضع اليد.

بل يمكن ان يقال : ظاهر (بغير الحق) أيضا لم يشمل صورة الخطأ والنسيان ، مثل المذكور ، فإنه غير ممنوع شرعا بل مأذون شرعا للمتصرف (التصرف ـ خ) بناء على ظنّه ، ما لم يظهر خلافه ، كالظانّ للطهارة والواطئ للشبهة غير زوجته ، فإنّهما مأذونان بالدخول ، بل مأموران فكيف يكون بغير حقّ.

وأيضا لا بدّ ان يعتبر في الاستقلال الاستيلاء أيضا ، أي الاستقلال (الاستعلاء ـ خ) والتسلط حتّى يكون أعمّ منه مطلقا ، ومعلوم أنّ مطلق التصرف ووضع اليد ـ ولو كان بالاستقلال ـ ليس باستيلاء.

ويعلم الاستيلاء من مواضع من التذكرة ، قال فيها : ولو دخل دار غيره أو بستانه لم يضمن بنفس الدّخول من غير استيلاء ، سواء دخلها بإذنه أو بغير اذنه وسواء قصد ذلك أو ظنّ أنّها له إلخ.

وكأنّه يريد ب (الأوّل) (٣) ما تقدم من التعريفين ، وكأنّه لقرب مضمونهما قال : الأوّل ، وكان الأولى الأولين (الأولى ـ خ) الّا أن يريد الأوّل فقط.

وأيضا ليس بواضح وجود الغصب ولا حكمه مطلقا ، قال في المثال

__________________

(١) في النسختين المخطوطتين ، بعد قوله : في إثبات اليد واما ان يكون عاديا وحده.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، ولعل الصواب وبين غير حق.

(٣) المراد منه ما قاله قدّس سرّه في أوّل المبحث من قوله : وهو أعمّ من الأوّل.

٤٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المذكور : وكذا لو لبس الثوب المستودع بظنّ أنّه له على ما اصابه الشيخ علي في شرح القواعد ، لما مرّ ، وأنّ (لأنّ ـ خ) الودعي أمين ، ولا يخرج عنه الّا بالتعدي والتفريط ، أي جعل ما لا يجوز أو ترك ما يجب ، وليس هذا بشي‌ء منهما.

وظاهر أنّ في الأخذ ليس بغاصب يجرى عليه حكم من الضمان مطلقا وأخذه بأشقّ الأحوال ، وكونه ضامنا للأجرة ونحوها.

وأيضا ان ليس المراد بالمال هو عين المغصوب منه ، بل أعمّ ، حتّى يجري الغصب في الوقف ونحوه.

وأيضا معلوم أنّه ليس كلّ ضامن غاصب ، كما صرّح في القواعد والمتن ، فلا يضرّ عدم شمول التعريف لبعض الضمانات ، الا مع تحقق الغصبيّة وعدم جواز التعريف بالأعم ، ولو كان لفظيّا وكون الغصب كافيا للضمان ، إذ قد يقال : يمكن أن يكون له شرط آخر ، فتأمّل.

وإذا تأملت ما ذكرناه لعلّك تجد عدم ورود بعض المناقشات على التعريفات المذكورة وورود غيرها ، ولكن ذلك غير مهمّ ، انّما المهمّ تحقيق معنى الغصب الموجب للضمان.

اعلم أن الفقهاء رتّبوا على الغصب أحكاما مخصوصة من الضمان على وجه خاصّ وغيره ، فهو قسم خاصّ من الأقسام الموجبة للضمان الخاصّ ، ولهذا قالوا إنّه حرام وموجب للضّمان بالكتاب والسّنة (١) والإجماع ، وليس كلّ أسباب الضمان

__________________

(١) اما الكتاب فهو قوله تعالى ، (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) النساء ٢.

وقوله تعالى (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة ٨٧.

وقوله تعالى (وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) المائدة ٤٨.

وأمّا الاخبار فمن العامّة لا يحلّ مال امرء مسلم الّا بطيب نفس منه (كنز العمال ج ١ ح ٣٩٧).

ومن الخاصّة ما عن الصادق عليه السّلام عن آبائه عن النبي صلّى الله عليه وآله في حديث المناهي. قال

٤٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

كذلك.

الكتاب آية السرقة (١) ونحوها ممّا يدلّ على تحريم الظلم ، والاخبار كذلك من الخاصّة والعامّة (٢) والإجماع اتّفاق الأمّة ، مع أنّه ليس موارد مخصوصة في الكتاب والسّنة إلّا قليلا من السّنة ، وليس له معنى شرعيّ منقول من الشارع : وهو ظاهر متفق عليه ، بل انّما هو اصطلاح الفقهاء ، ولهذا وقع فيه الخلاف ، فيمكن ان يكتفى فيه بما يفهم من اللّغة ، وما ثبت له من الأحكام اليقينيّة ، لأنّ الأصل عدم النقل وعدم ثبوت حكمه الّا ما ثبت فيه بالإجماع والنّص ممّا يفيد اليقين أو الظنّ المعتبر شرعا.

فيمكن ان يقال : هو أخذ الشي‌ء ظلما ، وهو التعريف الأوّل من التذكرة ، فتأمّل بل ان يعرّف باخصّ منه ، بأن يأخذ معه قيد الاستيلاء والقهر ، إذ في العرف لا يسمّى السارق في الخفية ضعيفا أنّه غصب ، فان الغصب يعتبرون (يعتبر ـ خ) معه استيلاء وغلبة ظاهرا وذلك الإحكام مشتركة إذا وجد الظلم ، سواء ووجد القهر والغلبة أم لا ، على الظاهر ، فتأمّل.

قال في القاموس : غصبه أخذه ظلما ، والمراد بالأخذ في التعريف القبض عندهم الذي يعدّ إثبات يد وتصرّفا موجبا للقبض والضمان ، كما سيجي‌ء تفصيله أنّه في المنقول ، وكذا في غير ذا (غيره ـ خ) كذا.

__________________

من خان جاره شبرا من الأرض جعله الله طوقا في عنقه من تخوم الأرض السابعة حتى يلقى الله يوم القيمة مطوّقا الّا ان يتوب ويرجع (الوسائل كتاب الغصب الباب ١ الرواية ٣).

وفي الرواية ٤ من هذا الباب عن صاحب الزمان عليه السّلام ، قال : لا يحلّ لأحد ان يتصرّف في مال غيره بغير اذنه وغيرهما ج ١٧ ص ٣٠٩ وراجع كتاب الدروس أيضا كتاب الغصب ص ٣٠٦ وكتاب الغصب من التذكرة ج ٢ ص ٣٧٣.

(١) وفي بعض النسخ المخطوطة ، الّا كتاب آية السرقة وفي بعضها إلا كتاب آية السرقة.

(٢) وفي النسختين المخطوطتين وإن صار كذلك والصواب ما أثبتناه.

٤٩٤

وهي ثلاثة مباشرة الإتلاف للعين ، أو المنفعة ، كقتل الحيوان ، وسكنى الدّار.

______________________________________________________

وقد مرّ (فسّر ـ خ) أيضا المراد بالظلم ، التعدي عن الحدّ الشرعي الذي هو قبيح وحرام عقلا ونقلا ، وموجب للّعن والغصب ، كما يدلّ عليه القرآن والحديث ، وبالجملة ما نتعب في تحقيق معناه إذ غير وارد في الشرع (١) بحيث يكون الحكم الواضح المقرّر متعلق (٢) به ، فمع تحققه يتحقق ، ويتبيّن الأمر ، بل لا بدّ من تحقيق معناه ان نتعب في استخراج حكمه ، وذلك كاف وقد مرّ مثله في تحقيق الجهة ، كما لا يحكم بثبوت حكمه ألّا فيما ثبت ذلك الحكم بالدليل ، فان كان دليل غير كونه غصبا ، فلا يحتاج الى تحقيق الغصب ، وان كان في موضع مجرد كونه غصبا فيقتصر بما قدّمناه من تعريفه ، فان وجدنا صادقا عليه تحقيقا ـ وعلمنا ان حكم الغصب بالدليل حكم الغصب ـ حكمنا به فيه ، والا رجعنا إلى أصل عدم كونه غصبا وعدم زيادة حكم في الغصب ، الّا ما ثبت ، فتأمّل.

قوله : وهي ثلاثة مباشرة إلخ. يعني أسباب الضمان المطلق التي يترتّب عليه الضمان في الجملة الذي أحد أسبابه الغصب الذي هو المقصود بالبيان لأنّه عظيم كثير والبحث عن غيره استطراديّ.

أوّلها مباشرة الإتلاف ، أي مباشرة شخص إتلاف المضمون بأن (٣) يباشر إخراجه عن الانتفاع بالمرّة ، أو عمّا كان عليه ، فنقص انتفاعه و (أو ـ خ) نفعه ، أو قيمته ، أو بعض من عتقه (٤) مثل من قتل شخصا بنفسه بالسيف أو رمى بالسهم فقتله.

والظاهر ان لا خلاف في كونه موجبا للضمان مطلقا ، سواء كان عمدا أو

__________________

(١) في النسختين من النسخ ، وغير وارد في الشرح ، والصواب ما أثبتناه.

(٢) هكذا في النسخ ، والصواب ، متعلقا به.

(٣) في النسختين من النسخ المخطوطة : وبان يباشر.

(٤) في بعض النسخ المخطوطة ، بعض من غصبه.

٤٩٥

والتسبيب ، وهو فعل ملزوم العلّة ، كحفر البئر في غير الملك.

______________________________________________________

خطأ عالما أو جاهلا ، من غير ان يكون مالا مملوكا مأذونا في إتلافه ، مثل أكل طعامه وذبح شاته باذنه ، وسواء كان إتلاف عين كقتل حيوان شخص محترم أو إتلاف منفعة بأن أخذ انتفاع عين مثل ان سكن دار شخص بغير اذنه.

الثاني السبب ، بان يكون سببا بعيدا للإتلاف ، وقيل هو فعل ملزوم للعلة المتلفة وهو فعل المباشر أي مباشر الإتلاف كحفر البئر في غير ملكه من غير إذن ، فإنّه ملزوم إلقاء المتلف ، هو علّة التلف القريبة.

اعلم أنّ الملزوميّة غير ظاهرة ، انّما الظاهر كونه موقوفا عليه للعلة ، وأنّها لم يتحقق الّا بعد تحقّقه ، لا أنّه لازم لوجوده ، فإنّه معلوم عدم استلزام الحفر للتردّي ، الإلقاء.

لعل المراد بالملزوميّة ذلك المقدار فقط ، إذ لا يحتاج إلى شي‌ء بعد وجوده إلّا المباشرة ، فتأمّل.

وقد نقل عن شرح المتن ، أنّه زيد على ذلك قصدا لتوقع تلك العلة واعترض بأنّه لم يصدق الّا على غاصب تقدم طعام الغير الى الآكل ، وأول بأن المراد شأنه ان يقصد.

ولا يخفى عدم الحصر (وـ خ) في عدم الاحتياج الى هذا القيد مع التأويل ، وعدم الصحّة بدونه ، ونحن ما نقدر على الفهم المذكور في المتن فكيف مع الزيادة ، وقد عرفت بأنّه فعل ما يحصل عنده التلف ، لكن لعلّة اخرى ، ولفظة (عنده) (١) غير مناسب ، والّا فهو تعريف لا بأس به.

على أنّه (٢) بنى الشهيد رحمه الله وجّه عدم الضمان في كثير من المسائل بين

__________________

(١) يعني في قوله : ما يحصل عنده التلف.

(٢) والظاهر ان مراده قدّس سرّه وان كانت العبارة قاصرة عنه ، أنّ الشهيد رحمه الله تعالى فرّق بين الذوبان بحرارة الشمس والقلب بالهواء وبين المنع من الجلوس على البساط ونحوه بالضمان في الأوّل وعدمه في الثاني معلّلا بأنه ما قصد حصول العلة في الثاني حيث قال : ولو منعه من العقود على بساطه أو من إمساك دابّته

٤٩٦

وطرح (ترك ـ خ) المعاثر في المسالك ، وإلقاء الصبي ، أو الحيوان العاجز عن الفرار ، في مسبعة ، وفك قيد الدابة ، والعبد المجنون ، وفتح قفص الطائر ، وان تأخّر طيرانه.

ودلالة السرّاق.

______________________________________________________

الذّوبان بحرارة الشمس والقلب بالهواء والمنع من الجلوس على البساط ونحوه ، بأنّه ما قصد حصول العلّة.

الثالث قصر القصد (١) الذي تقدّم ، وسيجي‌ء في الكتاب.

وأعلم أنّ بين هذه الأسباب عموما وخصوصا من وجه ، بحسب التحقيق ، ويمكن الشأن بحسب الحمل (٢) ، فتأمّل.

ومن الأسباب المعدودة ، طرح ما يلزق منه الشي‌ء ، في المسالك ، سواء كان عامّا أو خاصّا بأرباب الزقاق ، وكذا إلقاء الصّبي أو المجنون العاجز من الفرار في مسبعة ، ويمكن ان يكون الكبير القادر أيضا كذلك ، ان عجز عن الفرار اتّفاقا ، ويمكن إدخاله تحت العاجز ، وكذا فك قيد الدابّة فانهزمت وضاعت وتلفت ، وكذا فك قيد العبد المجنون ، وكذا فتح قفص الطائر ، وان لم يطر في الحال ، بل بعده.

والظاهر أنّه في هذه الحالات لو تلفت ما تقدم بغير الجهة التي فعل السبب ، مثل ان مات الطير بعد فكّ قفص الطائر ، أو مات العبد أو الدابّة ، لم يكن فاعل السبب ضامنا ، لعدم مدخليّة السبب ، مع عدم وضع اليد الموجب للضمان مطلقا.

وكذا دلالة السّراق عند المصنف هنا ، لأنّه سبب وله دخل ، مجرد السّرقة ،

__________________

المرسلة فاتفق التلف فلا ضمان ـ الى ان قال ـ : ويضمن لو فتح رأس زق فسال ما فيه بنفسه أو بانقلابه أو تقاطر فيبتلّ أسفله أو باذابة الشمس أو انقلابه بالريح على الأقوى وغيرها من الأمثلة المذكورة في كلام الشهيد قدّس سرّه راجع الدروس ص ٣٠٦ و ٣٠٧ من الطبع الحجري.

(١) في بعض النسخ المخطوطة ، الغصب بدل القصد.

(٢) وفي بعض النسخ : ويمكن البنيان بحسب الحمل ، ولم نفهم المراد من هذه الجملة.

٤٩٧

وازالة وكاء الظرف ، فيسيل إذا لم يحبسه غيره ، أو يسيل ما ألان الأرض منه ، أو بانقلابه بالريح ، أو باذابة الشمس ، على اشكال.

أو قبض بالسّوم (للسّوم ـ خ) أو بالبيع الفاسد ، أو استوفى المنفعة بالإجارة الباطلة.

______________________________________________________

إذ لو لا الدالّ لما سرق ، إذ هو الفرض فيصدق عليه التعريف بالسبب ، إذ ليس المراد ملزوميّة (بلزوميّة ـ خ) الفعل ، لما عرفت ، فمنع الشارح قصد (١).

نعم يمكن ان يقال : المباشر أقوى.

وكذا ازالة الوكاء أي ما يشد به رأس ظرف ، فسال ما فيه ، وكان لا يحبسه الّا الوكاء أو فتح رأسه فسال قطرات ، وألانت الأرض التي هي أسفل الظرف فسقط فتلف ما فيه ، وكذا لو انقلب الظرف بعد فتح رأسه فتلف ما فيه ، أو تلف (٢) فأذاب الشمس ما فيه.

والظاهر عدم الإشكال في الصورتين ، إذا علم كون فعله سببا فقط ، لا غير ولم يعلم إسناده إلى غيره بالكليّة.

قوله : أو قبض بالسّوم إلخ. دليل الضمان بالقبض بالسّوم غير ظاهر ،

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ وينبغي نقل كلام شارح القواعد ، قال في جامع المقاصد ـ في شرح قول المصنّف : ولو فتح بابا على مال فسرق أو دلّ سارقا إلخ ـ : ما هذا لفظه ، قد وقع للمصنف في الإرشاد ان حكم بالضمان بدلالة السّراق ، وهذا لا ينطبق على أصول مذهبنا من انّ المباشر مقدّم على السّبب في الضمان ، حيث لا يكون ضعيفا ، وربما حمل على كون الدّالّ مستأمنا على ذلك المال ، فإنّه يضمن بذلك.

لكن قال شيخنا في شرح الإرشاد ونعم ما قال : انّ هذا الحمل تعسّف ، لأنّه قد ذكر في التحرير إشكالا في المسألة ، وعلى هذا الحمل فلا وجه للإشكال المذكور ، والأصحّ خلاف ذلك ، وعلى ما يظهر من شرح الإرشاد فالمصنّف خالف بذلك جميع الأصحاب انتهى ج ١ ص ٣٦٣ من الطبع الحجري واستشكل أيضا في المسالك ـ على المصنف بعد نقل كلامه عن الإرشاد (فراجع باب الغصب عند شرح قول الماتن : وكذا لو فتح بابا على مال إلخ).

(٢) وفي بعض النسخ أو تلفظ بدل تلف ، ولعل الصواب وانفلت.

٤٩٨

ولو غصب شاة فمات ولدها جوعا ـ أو حبس مالك الماشية عن الحفظ ، فتلفت ، أو غصب دابة فتبعها ، الولد ـ ففي الضمان نظر.

______________________________________________________

الّا الحديث المشهور ، على اليد ما أخذت حتى تؤدي (١) وصحته ودلالته غير واضحين ، والأصل براءة الذمة ، والغرض عدم التعدي والأخذ برضاء المالك ، فالضمان محل التأمّل ، بل خلافه قريب ، وان كان هو المشهور ، والظاهر أنّه ليس بإجماعيّ ، وقد مرّ.

ولهذا قال في القواعد : والسّوم على اشكال وكذا البيع الفاسد ، واستيفاء المنفعة بالإجارة الباطلة بأجرة المثل لا العين ، ويحتمل أقلّ الأمرين منها ومن المسمّى ظاهرا ، وضمان البيع الفاسد دليله القاعدة المشهورة : (فيما ـ خ) يضمن بصحيحة ، ما يضمن بفاسده وبالعكس ، وذلك غير واضح ، وكذا حجيّة على اليد ما أخذت ، وقد مرّ البحث في الباطلة ونحوها ، وفي كون ذلك كلّه من أسباب الضمان تأمّل.

وانّ مجرد الأخذ ليس بمعلوم كونه ملزوم علّة التلف الذي هو تعريف السبب ، كما تقدم معلوميّة ان الاستيفاء ليس بسبب ، وهو ظاهر.

قوله : ولو غصب شاة إلخ. ظاهر أنّ صدق السّبب الذي هو موجب للضمان في المسائل الثلاث ، يغني عن علم التّلف (٢) به فيكون ضامنا ، الّا ان يعلم (٣) موته بذلك السبب ، ولا يضرّ عدم التصرف بوضع اليد الذي هو الغصب ، لأنّه أحد أسباب الضمان ، بل لا بدّ ان يكون منفيّا ، لأنّ البحث في غير الغصب.

وكذلك الأصل (٤) يضمحلّ لما مرّ فلا يصلحان سببا فتأمّل.

__________________

(١) عوالي اللئالى ج ١ ص ٣٢٤ ح ١٠٦ وص ٣٨٩ ح ٢٢.

(٢) هكذا في النسخة المطبوعة وفي النسختين المخطوطتين ، يعنى عدم التّلف به فيكون إلخ والصواب ما أثبتناه.

(٣) هكذا في جميع النسخ ، ولعلّ الصواب ، الّا أن لا يعلم موته إلخ.

(٤) يعني أصالة البراءة تضمحلّ ، لما مرّ.

٤٩٩

ولو فتح بابا على مال فسرق ، أو نقب.

أو زال قيدا عن عاقل ، أو منع المالك عن القعود على بساطه فتلف ، أو منعه عن البيع فنقصت القيمة السوقية ، أو تلف عينه ، فلا ضمان.

______________________________________________________

قوله : ولو فتح بابا على مال إلخ. عدم الضمان ـ بمجرد فتح الباب أو نقب الحائط ، إذا سرق المال سارق ـ ظاهر ، لأنّه وان سلّم أنّه سبب الّا أن المباشر أقوى ، وقد تقرّر ـ كما سيجي‌ء ـ تقديم المباشر في الضمان ، والفرق بينه وبين دلالة السّراق به بفعله ، غير ظاهر ، لما مرّ.

قوله : أو أزال قيدا عن عاقل إلخ. سبب عدم الضّمان بسبب فك قيد العبد العاقل ، أنّه يتحفظ بنفسه ، ويقدر على منع نفسه من المهلكات وأخذ غيره ، وعلى عدم الإباق الواجب عليه ، فلو حصل شي‌ء يفوت العين أو المنفعة فهو مستقل ومباشر ، ان قلنا بمدخليّة الفك وسببيّته ، كما هو الظاهر ، فكأنّه أجمع (١) المباشر والسّبب ، والأوّل مقدّم.

وفيه تأمّل ، لأنّه لا شك في صدق السببيّة ، إذ المفروض أنّه لو لم يفك لم يقع ما وقع عن التلف والإباقة ، وليس هنا مباشر يمكن أخذ الحق ، كما في صورة قلب الريح الظرف ، وكونه قادرا على الحفظ مع عدمه لا ينفع ولهذا كان المالك قيده.

وقد استشكل في التذكرة ضمانه إن كان عبدا كبيرا آبقا ، ومنه يظهر انّ الضمان ـ في المنع عن القعود على الفراش والبساط حتى أقضى الى تلفه وعلم ذلك ـ اولى ، وأصل البراءة مع وجود السبب للنقص ، لأنّ نقصان القيمة السّوقيّة أو تلفه بما تلف كان يحصل يقينا منع ثم البيع أم لا (٢) ، فليس هو سببا لهما (٣) نعم منعه

__________________

(١) في النسخة المطبوعة ، فكأنّ اجتمع المباشر إلخ.

(٢) في النسخة المطبوعة ، منع عن البيع أم لا.

(٣) يعنى ان المانع من البيع ليس سببا للنقصان أو التلف ، لأنّ المفروض وجود السبب للنقص.

٥٠٠