مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

التعريف إليه لإمكان نيّة التملّك ، وبأنّ المقصود في المال حفظه ، ويمكن الاحتياط بالاستظهار بالتعريف وبنصب الحاكم من يعرّف ، وفي لقطة النّفس حفظ النّفس والنّسب ، وقد يهلكه خفية ويترك حفظه بالليل (والنهار ـ خ) ، ويدّعى رقيّته في البلدان البعيدة.

والأخير فرق لا بأس به وفي الأوّلين نظر ظاهر ، فافهم.

قال في التذكرة : وقيل : لا يشترط العدالة ولا ينزع اللقيط من يد الفاسق لإمكان حفظه في يده بالإشهاد عليه وبأمر الحاكم أمينا يشارفه عليه كلّ وقت ويتعهّده في كل زمان ويشيع امره فيعرف أنّه لقيط ، فيحصل بذلك من غير زوال ولايته ، جمعا بين الحقّين ، كما في اللّقطة.

ويعلم منه أنّه على تقدير جوازه لم يخلّ سبيله بل لا بدّ للحاكم من الاشهاد عليه واستظهار حاله بالإشراف عليه وتعهّد حاله وكذا فيما سيأتي.

ويمكن ان يقال هنا : ما قيل في اعتبار الإسلام فإن المعلوم بالإجماع هو لقطة العدل لا غير ، ولا دليل غيره فتأمّل ، فيصير هو مثل العبد والطفل ، فإذا أخذه يأخذه الحاكم عنه أو يكون منبوذا ، وعليه ان يأخذه ان كان في مضيعة.

ثم قال : من ظاهر حاله الأمانة ـ الّا أنّه لم يختبر حاله ـ لا ينزع من يده ، لانّ ظاهر المسلم العدالة ، ولم يوجد ما يعارض هذا الظاهر ، ولانّ حكمه حكم العدل في لقطة الأموال والولاية في النكاح وأكثر الأحكام ، ولكن يوكّل الامام من يراقبه من حيث لا يدري لئلا يتأذّى ، فإذا حصلت للحاكم الثقة به صار كمعلوم العدالة وهذا الكلام يدلّ على أنّ المسلم عدل ما لم يظهر فسقه.

وقال أيضا في ترجيح احد الملتقطين المتساويين : من ظهرت عدالته بالاختبار يقدّم (فقدّم ـ خ) على المستور على خلاف بين علمائنا.

وليس ذلك مذهبه في غير هذا الموضع وكذا مذهب الأكثر والأشهر.

٤٠١

ولو اذن المولى لمملوكه ، صحّ ،

ويقرّ في يد البدويّ على رأي ،

______________________________________________________

ويعلم أنّه لا يجوز التفتيش بحيث يحصل الأذى ، وهو غير بعيد.

وأنّه إذا حصل الوثوق يجوز بالاتفاق ، وان لم يكن عدلا ، وهو أيضا غير بعيد ، لحصول المقصود ، إذ قد يحصل الوثوق بحفظ من ليس بعدل باعتبار ترك بعض المروّات أو كذبه أحيانا ونحو ذلك مع حصول العلم بأنّه يحفظ الأطفال ويشفق عليهم أكثر من العدل لكثرة اهتمامه أو محبّته للأطفال والأيتام وكرمه وكثرة الملاحظة في المأكل والمشرب بخلاف العدل وحصول العلم أيضا بأنّه لم يسترقه ولم يلحق نسبه بغيره ، وهو ظاهر ، ولكنّه خلاف ضوابطهم ، فتأمّل.

ثم قال : يعتبر في الملتقط الرّشد ، فلا يصح التقاط المبذّر المحجور عليه ، فلو التقطه لم يقرّ في يده ، وانتزع منه ، فإنّه ليس مؤتمنا عليه شرعا ، وان كان عدلا.

وهذا الشرط ليس بظاهر وغير مذكور في بعض الكتب أيضا مثل المتن ، وعدم حفظ ماله لا يدلّ على عدم الأمانة ، إذ قد يكون في حفظ مال الغير ونفسه في غاية الحفظ.

وأيضا كيف يكون المبذّر عدلا ، مع انّ التبذر حرام بالنص (١) والإجماع ، الّا ان يقال أنّه صغيرة مع عدم الإصرار فتأمّل فإن الظاهر انّ المبذّر مصرّ ، فتأمّل.

قوله : ولو اذن المولى إلخ. بعد ان اذن المولى يصير هو الملتقط حقيقة ، كما مرّ ، فلا ينافي اشتراط الحريّة ، ولا يحتاج الى قيد (أو إذن المولى).

قوله : ويقرّ في يد البدوي على رأي. وجه الجواز عموم الجواز وعدم ما يصلح مانعا ، فإنّ البدوي يصلح للالتقاط كالقروي والبلدي ، وهو المفروض.

وقيل : لا يصلح لاحتمال تضييع نسبه بالارتحال من موضع الى موضع

__________________

(١) قال الله تعالى (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) الأسراء : ٢٧.

٤٠٢

ويجوز أخذ المملوك الصغير ، دون المميّز ، وشرط الثاني : الملك.

وانتفاء اليد عنه ، وعجزه (ويعجز ـ خ) عن السلامة ، وانتفاء العمران.

______________________________________________________

ومفارقة محل الالتقاط فلم يطلبه أهله إلّا هناك.

وهو دليل تعين ، الّا ان يقال لا دليل على الأصل إلّا الإجماع ، ولا إجماع هنا ، فتأمّل.

قوله : ويجوز أخذ المملوك الصغير إلخ. إشارة إلى أنّه لا فرق في الالتقاط بين كون الملتقط معلوم الرّق والملك وعدمه ، فيجوز أخذ المملوك الصغير معه باقي الشرائط ، ولا يجوز أخذ المميّز ، وقد مرّ دليله.

وأنّ هذا ينافي الاكتفاء بشرط الصغر ، الّا ان يفرّق بين المملوك وغيره ، ولكنه بعيد لفظا ومعنى.

كأنّه يريد بالصغير (من الصغير ـ خ) غير المميّز الذي يقدر على رعاية نفسه وحفظه ، وهو أيضا بعيد.

قوله : وشرط الثاني الملك. المراد به التقاط الحيوان ، وله أيضا أركان ثلاثة (الأركان الثلاثة خ) الأوّل المحلّ يشترط كونه مملوكا ، فلا يجوز التقاط حيوان غير مملوك ، فإنّه يملكه الآخذ.

قوله : وانتفاء اليد إلخ. إشارة إلى شرط ثان له وهو عدم كونه تحت يد أحد فلو كان تحت يد أحد يجب عليه ردّه الى مالكه ، وكذا من أخذه من يده فليس بملتقط.

وأشار الى الثالث بقوله : (وعجزه عن السلامة وانتفاء العمران) يعني يكون عاجزا عن ان يسلم من ضرر صغار السّباع إمّا لفضل قوّته كالإبل والحمير والبغال الصحيحة الكبيرة (الكثيرة ـ خ) أو لشدة عدوه كالغزال أو لطيرانه كالحمام قاله في التذكرة

٤٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ثمّ قال : وبالجملة كل ما يمتنع من صغار السّباع وصغار الثعالب وابن آوى وولد الذئب والسبع ، لا يجوز التقاطه ولا التعرض له ، سواء كان لكبر جثته كالإبل والبغال والحمير ، أو لطيرانه ، أو لسرعة عدوه ، أو لنابه كالكلاب والفهود.

وامّا إذا كان عاجزا عن ذلك مثل الغنم والحيوانات المتقدمة ، ولكن مريضا (١) أو ضعيفا ، فلا يكفي لجواز التقاطه ذلك ، بل لا بدّ ان لا يكون في العمران ـ أي لم يكن في المعمورة من البلدان ـ ، فإذا لم يكن كذلك يجوز التقاطه ، فيكون ملقوطا وسيجي‌ء حكمه.

وإذا لم يكن في الماء والكلاء ، بحيث يقدر ان يعيش فيه فهو مثل العاجز يجوز أخذه ، وكذا إذا كان احد هذه الحيوانات ، ولكن كان صغيرا عاجزا عن الامتناع ولم يكن في العمران فحكمه حكم الغنم.

قال في التذكرة : وهذا الحكم ـ أي عدم جواز أخذه في البعير ـ انّما هو إذا كان صحيحا ضلّ عن صاحبه أو تركه من غير جهد ولا تعب إذا كان مريضا أو ضعيفا أو لا يتبع صاحبه ، فان كان قد تركه من جهد في كلاء أو ماء فكذلك لا يجوز أخذه ، وان كان قد تركه في غير كلاء ولا ماء فهو لآخذه ، لأنّه كالتالف ويملكه الآخذ ، ولا ضمان عليه لصاحبه لأنّه كالمبيح له ، وهذا حكم الدابة والبقرة والحمار ، إذا ترك من جهد في غير كلاء ولا ماء وسيجي‌ء في الكتاب أيضا.

وأمّا دليل عدم جواز الأخذ بدون الشرط ، فهو أنّ الأصل بقاء مال المالك على حاله ، وعدم جواز التصرف في مال الغير إلا بأذنه.

ويدل عليه العقل والنقل كتابا وسنّة (٢) وإجماعا.

__________________

(١) يعني ولكن كان مريضا.

(٢) فمن الكتاب قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) البقرة : ١٨٨.

٤٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدل عليه أيضا بخصوصها الرواية من العامّة (١).

والخاصة ، مثل ما رواه هشام بن سالم ـ في الحسن ـ عن الصادق عليه السّلام ، قال : جاء رجل الى النبيّ صلّى الله عليه وآله ، فقال : يا رسول الله انّي وجدت شاة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : هي لك أو لأخيك أو للذئب ، فقال : يا رسول الله اني وجدت بعيرا ، فقال : معه حذائه وسقاؤه حذائه خفّه وسقاية كرشه فلا تهجه (٢).

ومثلها صحيحة الحلبي (٣) وصحيحه معاوية بن عمار (٤) وزاد فيها : وما أحبّ ان أمسّها.

وأمّا عدم جواز أخذ الشاة فيما لا يجوز فلما مرّ أيضا ، وكأنّه مجمع عليه أيضا كغير الممتنع ، فخصص ما في رواية هشام ، به ولعموم قوله صلّى الله عليه وآله : الضّوال كلّها لا يأكلها إلّا الضالون (٥) ويؤيّده ما في قوله : هي لك أو للذئب (٦) والرواية حذائه وسقاية (٧).

وأمّا جواز الأخذ في صورة يجوز فكأنّه إجماعيّ ، قال في التذكرة : (وـ خ) لو وجد شاة في الفلاة أو في مهلكة كان له أخذها عند علمائنا ، والأصل فيه ما رواه

__________________

(١) راجع صحيح مسلم ج ٣ ص ١٣٤٦ كتاب اللقطة وراجع أيضا صحيح البخاري ج ٣ ص ١٦٢ كتاب اللقطة.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من أبواب اللقطة الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من أبواب اللقطة الرواية بالسند الثاني عن الشيخ.

(٤) الوسائل الباب ١٣ من أبواب اللقطة الرواية ٥ وزاد فيها بعد قوله : أو للذئب : وما أحب ان أمسكها.

(٥) الوسائل الباب ٢ من أبواب اللقطة الرواية ٤ ومن طرق العامة عن علي عليه السّلام قال : لا يأكل الضالّة إلّا ضالّ. كنز العمال ج ١٥ ص ١٩١ تحت رقم ٤٠٥٤٧.

(٦) تقدم نقلها آنفا.

(٧) تقدم نقلها آنفا.

٤٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

العامة والخاصة ، حين سئل عليه السّلام عن ضالّة الغنم؟ فقال : خذها ، انّما هي لك أو لأخيك أو للذئب (١) وكذا الحيوان الذي لا يمتنع عن صغار السّباع ، مثل الثعلب وابن آوى وولد الذئب وولد الأسد ونحوها ، فانّ صغار الغنم كفصيلات (كفصلان ـ خ) الإبل وعجلان البقر وصغار الخيل والدّجاج والإوّز (٢) ونحوها ، فانّ ذلك كلّه يجوز التقاطه في الفلوات والمواضع المهلكة.

ثمّ قال : وهذا الحكم ـ في شاة وغيرها من صغار الأنعام التي لا تمتنع من صغار السباع ـ انّما يثبت لو وجدها في الصّحراء أو في موضع مهلكة ، أمّا لو وجدها في العمران فإنّه لا يجوز له التقاطها بحال.

ولا فرق بين ما يمتنع لكبره أو سرعة عدوه أو طيرانه ، وبين ما لا يمتنع كالشاة في تحريم الأخذ لعموم قوله صلّى الله عليه وآله : الضّوالّ لا يأكلها إلّا الضّالون (٣).

ثم استدل بمفهوم رواية معاوية بن عمار المتقدمة (٤) ، ولأنّه أعرض في غير الغنم عنه فيبيح.

ورواية السكوني عن الصادق عليه السّلام انّ أمير المؤمنين عليه السّلام قضى في رجل ترك دابته من جهد قال : ان (كان ـ خ) تركها في كلاء وماء وآمن فهي له يأخذها حيث أصابها ، وان تركها في خوف وعلى غير ماء ولا كلاء فهي لمن أصابها (٥).

__________________

(١) تقدم ذكرها آنفا.

(٢) الإوز بكسر الهمزة وفتح الواو وتشديد الزاء البط ، واحدته اوزّة.

(٣) تقدّم ذكرها آنفا.

(٤) راجع الوسائل الباب ١٣ من أبواب اللقطة الرواية ٥.

(٥) الوسائل الباب ١٣ من أبواب اللقطة الرواية ٤.

٤٠٦

فلو التقط كلب الهراش والخنزير ، لم يتعلّق به حكم ، ولو التقط ما يد غيره عليه ، الزم بدفعه اليه.

ولو التقط ما يمنع (يمتنع ـ خ) عن المؤذي ـ كالبعير ، إذا وجد في كلاء وماء ، أو كان صحيحا ، والغزلان واليحامير في الفلاة ، أو التقط الشاة وغيرها مطلقا في العمران ـ لم يجز.

______________________________________________________

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الأرض قد كلّت وقامت وسيّبها صاحبها ممّا (لما ـ خ) لم يتبعه فأخذها غيره فأقام عليها وأنفق نفقته حتّى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا سبيل له عليها وانّما هي مثل الشي‌ء المباح (١).

وعن مسمع عن الصادق عليه السّلام ، قال : ان أمير المؤمنين عليه السّلام (صلوات الله عليه ـ خ) كان يقول في الدابّة إذا سرّحها أهلها أو عجزوا عن علفها أو نفقتها فهي للذي أحياها ، قال : وقضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل ترك دابة (دابته ـ خ) في مضيعة (بمضيعة ـ خ) ، فقال : ان كان تركها في كلاء وماء وأمن فهي له يأخذها متى شاء وان (كان ـ خ) تركها في غير كلاء ولا ماء فهي للذي أحياها (٢).

قوله : فلو التقط كلب الهراش إلخ. هذا تفريع شرط الملك ، وكذا الخنزير.

وقوله (التقط ما يد غيره عليه) متفرّع على اشتراط انتفاء اليد ، ويتفرّع على عجزه قوله : (ولو التقط ما يمتنع من المؤذي) ـ إلى قوله ـ : (أو التقط الشاة) ، وهو متفرّع على قوله : (وانتفاء العمران).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من أبواب اللقطة الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من أبواب اللقطة الرواية ٣.

٤٠٧

ولا شرط (يشترط ـ خ) للآخذ سوى الأخذ ، فيجوز للصبي والمملوك والفاسق والمجنون والكافر ، الالتقاط.

وشرط الثالث الماليّة ، وانتفاء اليد (عنه ـ خ).

وأهلية اكتساب الآخذ.

ويتولى الولي التعريف عن الطفل والمجنون

ولو التقط العبد جاز ، ويكفي تعريفه في تملك مولاه.

______________________________________________________

قوله : ولا شرط للآخذ إلخ. إشارة إلى الركن الثالث وهو الملتقط ، ولا شرط سوى الأخذ فقط ، يعني يكفي لحكم الالتقاط الأخذ.

والظاهر أنّه يشترط فيه أهليّة الاكتساب والتملّك ، كما صرّح به في شرح الثالث في قوله (١) : (وشرط الثالث) إلخ هو المال.

وشرط ركنيّة الأوّل ان يكون مملوكا ومالا ، واليه أشار بقوله المالية :

وشرط ركنية الثاني يعني الملتقط ، هو أهلية الاكتساب فقط ، وركنيّة الثالث هو الالتقاط ، لا شرط له سوى الأخذ والقبض عرفا.

قوله : ويتولّى الوليّ إلخ. معلوم ان تعريف ملقوط المجنون والطفل الى وليّهما كسائر أمورهما.

وانّ تعريف العبد كاف لتملك مولاه فإنّه أهل للتعريف ، إذ الغرض ، الاعلام ، وقد حصل ، فيجزي.

والظاهر أنّ الالتقاط كان باذن المولى والتعريف أيضا.

ويحتمل في الأخير أنّه كاف عدم الإذن أيضا لحصول الغرض.

__________________

(١) في النسخة المطبوعة : في شرح الثالث ، قوله : وشرط الثالث إلخ.

٤٠٨

«المطلب الثاني في الاحكام»

يجب أخذ اللّقيط على الكفاية.

وهو حرّ على الأصل ، مسلم ، الّا ان يوجد في بلاد الشرك (١) ، وليس فيها مسلم واحد.

______________________________________________________

«المطلب الثاني في الأحكام»

قوله : يجب أخذ اللقيط على الكفاية. المراد وجوب أخذ الطفل الضّائع ، وقد مرّ دليله ، وهو خوف التّلف ودفع الضرر ، وقال في الشرائع باستحبابه ، ويمكن أنّه ان كان في محلّ الخوف بحيث يخاف تلفه ، يجب والّا يستحب ، ونقل ذلك عن المصنف.

قوله : وهو حرّ على الأصل إلخ. يعني اللقيط حرّ مسلم فيحكم بهما ما لم يظهر خلافه ، مثل كونه في بلاد الكفر ، وليس فيه المسلم الذي يمكن استيلاده منه ، وحينئذ يكون بحكم الكافر حتى يبلغ ، فإن أظهر الإسلام فهو مسلم ، وان أظهر الكفر فهو كافر.

وان كان البلاد بلاد شرك يجوز استرقاق أهلها ـ وليس فيها من لا يجوز استرقاقه يجوز استرقاقه للآخذ ـ ، وحينئذ ليس بلقيط وهو ظاهر.

قال في التذكرة : الإسلام قد يكون بالاستقلال ، وهو ان يظهر الإسلام بالعبارة ، ان لم يكن أخرس ، وبالإشارة المفهمة ان كان ، وبالتبعيّة وهو الصبي ، فلا يصح إسلامه لأنّه غير مكلّف ، ولا اعتبار لعبارته في العقود وغيرها ، سواء كان مميّزا أولا ، وقال الشيخ : المراهق إذا أسلم حكم بإسلامه ، فإن ارتدّ بعد ذلك يحكم

__________________

(١) في بعض النسخ : في بلاد الكفر ، (دار الشرك ـ خ).

٤٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بارتداده وان لم يتب قتل ـ الى قوله ـ ثم استدل (١) بروايات أصحابنا ، انّ الصّبي إذا بلغ عشر سنين أقيمت عليه الحدود التامة واقتصّ منه ونفذت وصيته وعتقه (٢) ، وذلك عام في جميع الحدود وبقوله : كل مولود بولد يولد على الفطرة (٣) إلخ. وقال أبو حنيفة : يصحّ إسلامه وهو مكلّف بالإسلام ، واليه ذهب بعض أصحابنا ، لأنّه يمكنه معرفة التوحيد بالنظر والاستدلال ، فصحّ منه كالبالغ ، ونقل الشيخ عن أصحابه أنّهم حكموا بإسلام علي عليه السلام (٤) وهو غير بالغ وحكم بإسلامه بالإجماع (٥).

والاستدلال بالرواية (٦) مشكل ، لعدم ظهور الصحة والدلالة على هذا المطلب ، وما نقل عن أمير المؤمنين عليه السّلام (بلغ فأمره ـ خ) ممّا لا يقاس عليه غيره ، فإن النبيّ صلّى الله عليه وآله والأئمة عليهم السّلام ليسوا من قبيل سائر الناس ، ولهذا حكموا لكون الحجّة صلوات الله وسلامه عليه اماما مع كونه ابن خمس سنين.

نعم الحكم بإسلام المراهق غير بعيد لعموم من قال : لا إله إلّا الله محمّد

__________________

(١) يعني الشيخ قدّس سرّه.

(٢) راجع الوسائل الباب ٢٢ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٥٢ وفي بعض الاخبار اجراء حدّ السرقة على من بلغ تسع سنين ، ولم نعثر على رواية مشتملة على ما في المتن وغيره من الأبواب المتفرقة.

(٣) أصول الكافي ج ٢ باب فطرة الخلق على التوحيد الحديث ٤ من كتاب الايمان والكفر ص ١٣. وفي صحيح مسلم ج ١ باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله محمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله.

وفي صحيح مسلم ج ٨ ص ٥٢ طبع مصر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة إلخ وفي عوالي اللئالي ج ١ ص ٣٥ الحديث ١٨.

(٤) في التذكرة : عن أصحابه بإسلام علي عليه السّلام ج ٢ ص ٢٧٤.

(٥) انتهى كلام التذكرة مع نقل بالمعنى في بعض عباراته ج ٢ ص ٢٧٤.

(٦) يعنى قوله كل مولود إلخ.

٤١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فهو مسلم (١) وقاتلوهم حتى يقولوا لا إله إلّا الله (٢) وأمثاله كثيرة.

ولأنّهم ـ إذا قدروا على الاستدلال وفهموا أدلة وجود الواجب والتوحيد وما يتوقف عليه ووجوب المعرفة والنظر في المعرفة ـ يمكن ان يجيب عليهم ذلك ، لانّ دليل وجوب المعرفة عقلي ، فكلّ من يعرف ذلك يدخل تحته ، ولا خصوصية له بالبالغ ، ولا استثناء في الأدلة العقلية ، فلا يبعد تكليفهم ، بل يمكن ان يجب ذلك ، فإذا أوجب عليهم يجب ان يصحّ منهم ، بل يلزم من الحكم بالصحّة وجوبه أيضا ، ويترتب عليه الاحكام.

وأمّا لو ارتدّ أحد منهم بعده ، يمكن الحكم بعدم ارتداده لضعف عقله ، فإنّه لا استقلال بعقلهم ، إذ قد يعرض لهم لصبوبتهم وقلّة تعقلهم شك ، ولهذا يفعلون أفعالا غير مستقيمة مثل اللعب الذي يفعله الصبيان ، وإذا بلغوا لم يفعلوه يقينا ، وللشبهة ، فيدرأ الحدود بها ، فإذا درأ عنهم الحدود لم يكونوا مرتدين ، ولا يدلّ على عدم الإسلام وعدم اعتباره (وعدم ـ خ) اجراء هذه الاحكام عليهم ، لما مرّ ، لأنّ هذه من الفروعات الفقهيّة ، وقد اجمعوا على عدم وجوب الفروع عليهم وعدم تكليفهم بها ، ولهذا صرّح بعض العلماء بانّ الواجبات الأصوليّة العقليّة تجب على الصغير قبل بلوغه دون الفرعيّة.

والظاهر انّ ضابطه القدرة على الفهم والأخذ والاستدلال على وجه مقنع (يقنع ـ خ) ، ففي كل من وجد فيه ذلك يصحّ ويمكن ان يجب عليه ذلك المقدار ، ومن لم يوجد فيه ذلك لم يجب.

__________________

(١) وفي صحيح مسلم ج ١ الباب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله.

(٢) راجع المستدرك الباب ١٠ من أبواب جهاد العدوّ الرواية ١.

٤١١

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال في الدّروس ، وهو لمّا قاله الشيخ قريب ، ولا شك أنه أحوط ، وما استدل به الشيخ مؤيّد ، فقوله قريب.

قال في التذكرة : غير المميّز والمجنون لا يصحّ إسلامهما مباشرة إجماعا ، ولا يحكم بإسلامهما إلّا بالتبعيّة لغيره.

فيريد بهما من لا قدرة له على الاستدلال ، ولا يفهم وجوب المعرفة ، ونحوه ، وجنون (١) المجنون أخرجه عن الفهم والقدرة على الاستفهام والاستدلال مثل غير المميّز ، وأمّا إذا كان لهم فهم مستقل لا يبعد اعتباره حينئذ ، وإجراء الاحكام يمكن في حقه عليه فتأمّل.

ثمّ قال في التذكرة : جهة التبعيّة عندنا ثلاثة (الأوّل ـ خ) الإسلام وهو على وجهين أحدهما إسلام أحد الأبوين حال علوق الولد ، فيحكم بإسلام الولد من مسلم لأنه جزء من مسلم فان بلغ ووصف الإسلام فلا بحث وان أعرب عن نفسه بالكفر واعتقده حكم بارتداده عن ارتداد أو فطريّ ، يقتل من غير توبة ، ولو تاب لم تقبل توبته الثاني ان يكون أبواه كافرين حال (حالة ـ خ) العلوق ثم أسلما أو أحدهما قبل الولادة أو بعدها إلى قبل البلوغ بلحظة ، فيحكم بإسلام الولد من حين إسلام أحد الأبوين ، ويجرى عليه أحكام المسلمين (٢).

وهذه الاحكام ما نعرف لها دليلا ، فكأنّ دليلها إجماعهم أو نصوص ما نعرفها.

ثمّ انّ الظاهر قبول توبته ، إذا الظاهر أنّه مكلّف ـ ما لم يقتل ـ (٣) بالتوبة والعبادة ، ومع عدم القبول لا يمكن التكليف.

__________________

(١) في النسختين وصون المجنون إلخ.

(٢) انتهى كلام التذكرة مع اختصار وتفاوت في بعض التعابير فراجع ج ٢ ص ٢٧٤.

(٣) في النسختين : ما لم تقبل.

٤١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فكأنّه يريد بعدم قبول توبته ، قبولها بحيث يسقط عنه جميع أحكام الارتداد حتى القتل ، فتأمّل.

ثم قال : فلو أسلم أحد الأجداد فتبعه فيه ، وفي معنى الأبوين الأجداد والجدات لأب كانوا أو لامّ وارثين كانوا أم لا ، أقارب أو أباعد ، فلا اشكال مع عدم حياة الأبوين ، قال : ولو كان الأب حيّا فإشكال ينشأ من أنّ سبب التبعيّة القرابة وهي لا تختلف بحياة الأب وموته كسقوط القصاص وحدّ القذف ، ومن انتفاء ولاية الحضانة للجدين مع الأبوين.

ثم قال : ولا فرق بين ان يكون المسلم من الجدّين طرف أحد الأبوين أو مقابله ، فلو أسلم جدّ الأم ، والأب حيّ أو أسلم جدّ الأب ، والامّ حيّة جاء الاشكال ، وكذا البحث ان كان الأبوان أو الجدّان القريبان موتى وأسلم الجدّ البعيد والجدّة إمّا من قبل الأب أو من قبل الأمّ أو من قبلهما معا ، فان الولد يتبعه ، وكذا ذكر الإشكال في جميع المراتب (١).

ودليل الأصل هنا أيضا غير ظاهر ، الّا ان يكون إجماعيّا أو منصوصا ، كما مرّ.

ثم لا ينبغي الإشكال مع حياة احد الأقربين مثل الأبوين مثلا ، بل مع حياتهما معا ، لانّ الجدّ بمنزلة ولده أي الأب مثلا ، فكأنّ الأب مسلم والامّ كافرة فلا يضرّ ، وكذا في العكس ، وجميع هذه المراتب ، فتأمّل.

ثمّ ان أعرب الصبي بعد البلوغ الكفر بعد الحكم بإسلامه لإسلام متبوعة (٢) ، فظاهر التذكرة أنّه عندنا لا ينقص شي‌ء من الأحكام السابقة.

__________________

(١) التذكرة : ج ٢ ص ٢٧٤.

(٢) في النسخة المطبوعة ـ بعد قوله : متبوعة ما لفظه ـ فالتبعيّة غير ظاهر والّا فظاهرة ، وظاهر التذكرة إلخ.

٤١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال أيضا : الصّبي المحكوم بكفره إذا بلغ مجنونا كان حكمه حكم الصغير ، حتى أنّه لو أسلم أحد الأبوين تبعه ، امّا لو بلغ عاقلا ثمّ جنّ ففي التبعيّة إشكال.

لو كان دليل الأصل نص أو إجماع يعلم عدمه هنا ، فتأمّل.

ثمّ ذكر السبب الثاني وهو تبعيّة السّابي ، وقال : قال بعض علمائنا ان الصّبي يتبع السّابي في الإسلام ، فإذا سبي المسلم طفلا منفردا عن أحد أبويه حكم بإسلامه ، لأنّه صار تحت ولايته ، وليس معه من هو أقرب إليه ، فيتبعه كما يتبع الأبوين (١).

هذا الدليل ظاهر ضعفه ، وأصل الكفر المحكوم به فيه (٢) لم يزل بمثل هذا.

نعم قد يفهم تبعيّته له في الطهارة فإن كان إجماعيا ، فهو والّا ففيه أيضا ضعف ، وظاهر كلامهم عدم الخلاف فيها ، امّا في الإسلام ففيه تأمّل.

والظاهر ان لا خلاف في أنّه إذا كان مع أحد أبويه فحكمه حكمه ما دام طفلا ، ومتى أسلم يتبعه ، سواء كان السّابي واحدا أو متعددا.

ثمّ ذكر الجهة الثالثة وهي تبعية الدار وهي المقصود هنا ، وطول في الكلام ، وحاصله أنّه من لفظ في بلد ، ويوجد (وجد ـ خ) فيه مسلم يمكن كون ذلك الولد منه حكم بإسلامه ، ولا بدّ ان يكون ذلك المسلم ساكنا فيه ، ولا اعتبار بالطرق والاجتياز في ذلك والظاهر أنّه يكفي إمكان كون هذا الولد منه ، فتأمّل.

ولعل دليله أيضا هو الإجماع والنص ، والّا فهو بعيد (٣) لا يجد العقل من إلحاقه بالأكثر بدّا ولهذا يحكمون بإسلام أهل البلد لإسلام الأكثر ، فتأمّل.

وأمّا دليل كونه حرّا فهو انّ الأصل في الإنسان هو أنّه حرّ ، والملكيّة قد

__________________

(١) التذكرة ص ٢٧٥.

(٢) في النسخة المطبوعة المحكوم برقيّته.

(٣) في النسخة المطبوعة هكذا : لما يجد العقل من إلحاقه أكثر ولهذا إلخ.

٤١٤

وعاقلته الامام.

ولو توالى أحدا جاز (١).

______________________________________________________

تعرضه لأسبابها ، والأصل عدمه.

والرواية مثل صحيحة حريز في الفقيه ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : المنبوذ حرّ إنشاء جعل ولاه للذين ربّوه وان شاء لغيرهم (٢).

وفي صحيحة الحلبي ، قال : سئل أبو عبد الله عليه السّلام عن ولد الزنا أيشتري أو يباع أو يستخدم؟ قال : نعم ، إلّا جارية لقيطة فإنّها لا تشترى (٣).

قوله : عاقلته الإمام. أي ليس عاقلته ووارثه الملتقط ، بل هو سائب ، فان جعل لنفسه عاقلة وضامن جريرة ، والّا فعاقلته ووارثه الامام عليه السّلام ، لما تقرّر عندهم من أنّه عاقلة ووارث من لا عاقلة له ووارث له.

قوله : ولو توالى الى احد جاز. إشارة إلى أنّه سائب ، له ان يتوالى أحدا ، ويضمن جريرته (ويجعله ضامن جريرته ـ خ) بشرطه المذكور فيم محلّه.

ويدل عليه رواية حريز المتقدمة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : المنبوذ حرّ وولائه للذين ربّوا ان شاء وان شاء لغيرهم (٤).

وفي الفقيه وفي باب بيع حيوان التهذيب ، روى بإسناده عن قاسم (حاتم ـ خ) بن إسماعيل المدائني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : المنبوذ حرّ ، فإن أحبّ ان يتوالى غير الذي ربّاه ووالاه ، وان طلب منه الذي ربّاه النفقة ، وكان موسرا ردّ عليه ، وان كان معسرا كان ما أنفق عليه صدقة (٥).

__________________

(١) في نسخة المطبوعة : ولو توالى الى أحد.

(٢) الوسائل الباب ٦٢ من كتاب العتق الرواية ٣ ج ١٦ ص ٦٢.

(٣) الوسائل الباب ٦٢ من كتاب العتق الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٦٢ من كتاب العتق الرواية ٣.

(٥) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب اللقطة الرواية ٢.

٤١٥

ويستعين الملتقط في النفقة بالسلطان (١).

______________________________________________________

وروي أيضا عن عبد الرّحمن العرزمي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : المنبوذ حرّ ، فإذا كبر فان شاء توالى إلى الذي التقطه ، والّا فليرد عليه النفقة ، وليذهب فليوال (فليتوال ـ خ) من شاء (٢) وهي صحيحة على الظاهر.

وروي أيضا فيه (في الصحيح) عن ابن محبوب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن اللقيطة؟ فقال : لاتباع ولا تشتري ولكن استخدمها بما أنفقت عليها (٣).

وهذه تدل على جواز استخدامها عوضا عن النفقة ، ولا يتعدّى غيره من الأيتام وغيرهم ان يستخدمهم المنفق والمربي ويكون (ويمكن ـ خ) عوضا عن الحضانة أيضا ، وان أنفقها من ماله ، فتأمّل.

وروي فيه أيضا (في الحسن) عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام ، عن اللقيطة؟ فقال : حرّة لاتباع ولا توهب (٤).

قوله : ويتعين الملتقط بالسلطان في النفقة. يعني لا يجب على الملتقط إنفاق اللقيط.

قال في التذكرة : لا يجب على الملتقط النفقة على اللقيط إجماعا ، والأصل أيضا دليل ، وكذا حصر من وجب نفقته في الوالدين والزّوجة والوارث الصغير من الأخ وابن الأخ وغيره ، وفي صحيحة الحلبي ـ في الفقيه ـ قال : سئل الصادق

__________________

(١) في بعض النسخ : ويستعين الملتقط بالسلطان في النفقة.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب اللقطة الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب اللقطة الرواية ٤ وفيه عن ابن محبوب ، عن محمّد بن احمد قال : سألت إلخ.

(٤) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب اللقطة الرواية ٥ وفيه كما في الكافي أيضا : عن اللقيط؟ فقال : حرّ ، لا يباع ولا يوهب.

٤١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السّلام ، قال : قلت : من الذي أجير على نفقته؟ قال : الوالدان والولد والزوجة والوارث الصغير يعني الأخ وابن الأخ وغيره (١).

وإيجاب الالتقاط لا يوجب النفقة ، وهو ظاهر ، فان كان للقيط مال ينفق عليه منه.

ويمكن ان لا يجب استيذان الحاكم مع الإمكان أيضا ، للأصل ، ولولايته عليه في الجملة ، ويمكن ذلك وجوبا مع إمكانه ، لا مع عدمه.

قال في التذكرة : إذا كان للقيط مال فالأقرب عندي أنّ الملتقط لا يستولي (لا يستقل بحفظه ـ خ) لحفظه ، بل يحتاج إلى اذن الحاكم ، لأنّ إثبات اليد على المال انّما يكون بولاية إمّا عامة أو خاصّة ، ولا ولاية للملتقط ولهذا أوجبنا الرّجوع الى الحاكم في الإنفاق عليه من ماله (٢).

وقال في موضع آخر : إذا كان للقيط مال أنفق عليه إجماعا ـ إلى قوله ـ ولا يتولّى الملتقط الإنفاق عليه من ماله ، لاستقلال ، ما لم يأذن الحاكم ، إذا أمكن مراجعته.

وقال أيضا : فان اذن له في الإنفاق عليه جاز له ، كما يجعل أمينا للصغير ، إذا مات أبوه بغير وصيّة ، فإن أنفق عليه بغير اذن الحاكم مع إمكانه ضمن ما أنفقه ، ولم يكن له الرّجوع على اللقيط كمن في يده وديعة ليتيم فأنفقها عليه.

ثمّ قال : ولو لم يتمكن من مراجعة الحاكم أو لم يكن هناك حاكم ، فإنه ينفق الملتقط من مال الطفل عليه بنفسه ـ الى قوله ـ فهل يجب الإشهاد إلخ. الأقرب ذلك ، لأنّ الإشهاد مع عدم الحاكم قائم مقام اذن الحاكم مع وجوده ، كما في

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب النفقات من كتاب النكاح الرواية ٦ وغيرها ومن روايات الباب.

(٢) التذكرة : ج ٢ ص ٣٧٣.

٤١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الضّالة فإذا اشهد على الإنفاق لم يضمن ، ولو لم يشهد مع القدرة على الاشهاد ضمن ، ولا معها ، فلا ضمان (١).

إذا عرفت هذا ، فيحتمل ان يكون قول المصنف (ويستعين إلخ) إشارة إلى الرجوع الى الحاكم لانفاقه مطلقا مع وجود ماله وعدمه ، وسيجي‌ء أنه يجب اذن الحاكم في الإنفاق عن ماله.

وان يكون إشارة إلى أنّه ان لم يكن مال يستعين بالحاكم ، هذا هو الأظهر.

قال في الدروس : يجب حضانته بالمعروف وهو القيام بتعهّده على وجه المصلحة بنفسه أو زوجته أو غيرهما ، والأولى ترك إخراجه من البلد إلى القرية ومن القرية إلى البادية ـ إلى قوله ـ لو احتاج الملتقط إلى الاستعانة بالمسلمين في الإنفاق عليه رفع أمره الى الحاكم ليعيّن من يراه ، إذ التّوزيع غير ممكن ، والقرعة انّما تكون في المنحصر ، ولا رجوع في الإنفاق لمن تعيّن عليه الإنفاق ، لأنّه يؤدّى فرضا ، وربما احتمل ذلك ـ الى قوله ـ ويتّجه على قول المحقق بالاستحباب ، الرجوع ، ويؤيّده أن مطعم الغير في المخمصة يرجع عليه إذا أيسر ، ولو قلنا بالرّجوع فمحله بيت المال أو مال المنفق عليه أيّهما سبق أخذ منه (٢).

اعلم انّ كل ذلك يحتاج إلى الدليل ، وغير ثابت أمر الكلّ الى الحاكم حتى مال الملتقط مع ثبوت ولاية الحضانة له ، والظاهر أنّ ذلك تابعه ، واليه في القواعد أشار (اشارة ـ خ) قال : ولا يفتقر في احتفاظه ـ أي ماله ـ إلى اذن الحاكم ، وحمله على أنّه ليس له التصرف فيه من غير اذنه ـ وله الحفظ ـ محلّ التأمّل ، إذ ينبغي الاذن في الحفظ أيضا ، لأنّه على ذلك التقدير لا يصحّ بدون الإذن ، كالوديعة.

ثمّ انّه على تقدير عدمه ، كون الإشهاد قائما مقامه ـ كما مرّ ـ محلّ التأمّل ،

__________________

(١) التذكرة : ج ٢ ص ٢٧٣.

(٢) الدروس كتاب اللقطة ص ٢٩٨.

٤١٨

فان تعذّر ، فبالمسلمين (فللمسلمين ـ خ).

______________________________________________________

واحتياجه الى الدليل أكثر من الأوّل ، ولا شك أنهما أولى مع الإمكان ، وكأنّه لذلك ترك في الدروس ، كما يفهم من كلامه المنقول سابقا.

وقال أيضا : ويجب حينئذ الإنفاق من ماله من اذن الحاكم ، الّا ان يتعذّر ، وما ذكر الاشهاد حينئذ ،

ثم الحاكم ان تمكّن لانفاقه من بيت المال فذلك ، والّا فيمكن ان يكون من ماله ، لأنّ ولايته وميراثه له ، وهو عاقلته.

وقيل ميراثه لبيت مال المسلمين فنفقته منه ، وهو خلاف المشهور ، وان لم يكن بيت مال فوجب (يوجب ـ خ) على المسلمين كفاية كالفقير الزّمن والمجنون والميت إذا لم يكن له كفن.

قال في التذكرة : وفي وجوب الكفن تأمّل ، ثم قال : فإذا قام البعض سقط من الباقين ، والّا استحق العقاب كلّهم.

ثم قال : إذا احتاج الإمام إلى التقسيط على الأغنياء قسّط مع الإمكان ، ولو كثروا وتعذر التقسيط يضر بها السلطان على من يراه بحسب اجتهاده ، فان استووا في نظره تخيّر.

والمراد أغنياء تلك البلدة (أو ـ خ) والقرية ، ولو احتاج الى الاستعانة بغيرهم استعان ، ولو رأى المصلحة في التناوب عليه في الإنفاق منهم فعله ، فيمكن الرّجوع ، كما أشار إليه في الدروس في آخر كلامه ، لكن مع التعيين ، وقال في التذكرة أيضا : انّ تيسّر الاقتراض اقترض ، والّا قسّط فتأمّل.

قوله : فان تعذّر فبالمسلمين إلخ. أي تعذر الحاكم فيستعين بالمسلمين ، بالتوزيع ، كما قلناه في فعل الحاكم ، وذلك يجب عليهم كفاية ، لما مرّ ، فان فعل واحد فهو ، والّا يجب ان يجتمعوا ويعطى كل واحد شيئا حتى يحصل النفقة له ، أو يتناوبون ، وان كانوا منحصرين ، ولا يقبل التناوب والنفقة القسمة ، تقرع ، وبعدها

٤١٩

ويجب عليهم فان تعذر أنفق ، ورجع مع النية (مع نيّته ـ خ) ولا رجوع لو تبرّع ، أو وجد المعين.

ولو كان مملوكا ، باعه في النفقة ، مع تعذر الاستيفاء.

______________________________________________________

يتعيّن ، والكلام في الرّجوع مع التعيين ، ما تقدم ، وغير بعيد.

فان تعذّر من احد تعيّن عليه نفسه ، وله الرّجوع مع نيّته ، وهو مؤيّد للرّجوع (١) لغيره مع النّية.

ولو أمكن الاشهاد فعل وفي وجوبه معه بحث تقدم ، ومعلوم أنّه لو تبرّع لا رجوع له بل يمكن مع عدم قصد الرّجوع أيضا عدم الرّجوع للأصل ، أو (ولو ـ خ) وجد المعيّن يأخذ منه فلو لم يأخذ وأنفق حينئذ عن نفسه ، فلا رجوع له على التقديرين.

قوله : ولو كان مملوكا باعه إلخ. يعني لو كان اللقيط مملوكا عبدا أو أمة فأنفق عليه الملتقط ، أو استقرض لذلك بقصد الرّجوع ـ فما وجد سيده يوفي (يستوفي ـ خ) عنه ولا حاكم ـ يجوز له ان يبيعه في ذلك النفقة (٢) ويستوفي ما أنفق.

وكذا يجوز بيعه ابتداء في النفقة ، وان كفى بيع بعضه اكتفى به.

ويدلّ على جواز البيع بنفسه من غير قيد تعذر الحاكم ، ما في صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام ، قال : سألته عن اللقيطة إذا كانت جارية هل يحلّ فرجها لمن التقطها؟ قال : لا ، انّما يحل له بيعها بما أنفق عليها (٣).

ويدلّ على الإنفاق بنفسه وكذا الرّجوع أيضا ، فتأمّل.

__________________

(١) وفي النسختين ، للرجوع ولغيره مع النّية.

(٢) هكذا في جمع النسخ ، والصواب ، في تلك النفقة.

(٣) الوسائل باب ٢ من كتاب اللقطة حديث ٨ ج ١٧ ص ٢٥١.

٤٢٠