مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٨

والدكاكين المتجاورة بعضها في بعض قسمة إجبار ، ثمّ يخرج السهام على الأسماء ، بأن يكتب كل سهم في رفعة ، ويأمر الجاهل بإخراج بعضها على اسم أحدهما أو على السهام بان يكتب اسم كل واحد في رقعة ويأمر الجاهل بإخراج بعضها على سهم منها.

ويعدل السهام قيمة لا قدرا ، ولو كانا متساويين وكان الثلث

______________________________________________________

وان اختلفت أشجار إقطاعها بعضها في بعض ـ بعد التعديل.

وكذا يقسّم الدكاكين المتجاورة بعضها في بعض ، بحيث كان واحد لواحد والآخر لآخر ، ويقسّم كل ذلك قسمة إجبار ، مع حصول شرطه ، وعدم مانع فيه ، مثل الردّ بناء على ما ذكر.

وهذا العموم أيضا يشعر بالجواز مطلقا ، فيخصص ، كما تقدم (بما تقدم ـ خ).

والظاهر انّ هذا الطريق للتقسيم لانّه الأصلح والأنفع غالبا ، لا أنّه واجب دائما ، فلو رضى الشريكان فلهما ان يقسّما كيف أرادا ، إذا لم يكن مضرا وخارجا عن الرّشد ، بان يكون تضييعا محضا وسرفا وسفها ، وانّه ان رأى القسّام ـ أنّ المصلحة في تقسيم الأرض المزروعة والزّرع ، الظاهر ان يقسّم بعضها في بعض لا كل واحد لقلّته وعدم انتفاع كل أو بعض بحصّته ـ فعل (جاز ـ خ).

قوله : ثمّ يخرج السّهام إلخ. إخراج السّهام على الأسماء ان يكتب السّهام مثل الجزء الشمالي أو القسم الذي فيه الشي‌ء الفلاني سمّى العلامة المختصة به ، فيقال لجاهل أخرج واحدة من الرقاع باسم زيد وإخراج الأسماء على السّهام عكسه ، فيكتب في الرّقعة اسم زيد ، ثم يقال له اخرج قرعة بهذا الاسم (الفلاني ـ خ) وهو ظاهر.

قوله : ويعدّل السّهام إلخ. معلوم أنّه إذا كان المال غير متساوي

٢٢١

بإزاء الثلثين ، جعل الثلث محاذيا للثلثين.

ولو تساوت قيمة لا قدرا ، بان كان لأحدهما النصف من متساوي الأجزاء ، وللآخر الثلث ، وللثالث السّدس ، سوّيت على أقلّهم ، ويخرج على الأسماء ، ويجعل للسّهام أوّلا وثانيا وثالثا (١) فان خرج صاحب النصف فله الثلاثة الأول ، فإن خرج صاحب الثلث فله الأولان ، وكذا في المرتبة الثانية.

______________________________________________________

الأجزاء ، لا بدّ من تعديل السّهام قيمة لا قدرا وزنا أو كيلا ، فلو كان الشريكان متساويين وكان ثلث أصل المال المشترك قدرا مساويا قيمة للثلثين قدرا مثلا ، يجعل الثلث قدرا سهما والثلثين قدرا ، سهما آخر ، وهو ظاهر.

قوله : ولو تساوت قيمة إلخ. أي السّهام كلّها قيمة ، وهي الأموال المشتركة ، بمعنى ان يكون قيمة الثلث المقداري في المال المشترك مثل الآخر ، ولا يكون قدر نصيب كل واحد مساويا لنصيب الآخر ، بان كان مثلا لأحدهم النصف من متساوي الاجزاء وللآخر الثلث وللثالث السّدس ، سوّيت على أقلّ السّهام ، وهو السّدس في المثال المذكور ، ويخرج على الأسماء وميّزت السهام ، ويجعل للسهام أوّل وثالث ورابع وخامس وسادس ، وتكتب أسماء صاحبها مثل زيد وعمرو وبكر ، فانّ خرج صاحب السدس فله الأوّل وان خرج صاحب النصف فله الثلاثة الأول ، وان خرج صاحب الثلث فله الأوّلان ، وكذا في المرتبة الثانية أي أخرجت الباقية بعد ان أخذ الأوّل نصيب ثانيا بين الباقين مثلا فيخرج احد الاسمين على السّهام ، فان خرج اسم من له السهمان كان له السهم الذي خرجت عليه ، والذي يليه ، والباقي للباقي وبالعكس.

__________________

(١) في بعض النسخ : ويجعل للسهام أوّل وثان الى آخرها.

٢٢٢

ولو اختلفت قدرا وقيمة سوّيت على الأقل (١).

وقسمة الردّ تفتقر الى الرّضا.

ولو اتّفقا عليه ، وعدّلت السهام ، افتقر بعد القرعة إلى الرّضا ثانيا.

ولو ادعى الغلط كان عليه البينة ، فتبطل ، أو الإحلاف.

______________________________________________________

قوله : ولو اختلفت قدرا إلخ. أي ولو اختلفت السّهام كلّها أي الأموال المشتركة قدرا وقيمة ، ميّزت على الأقلّ الى ان يتعيّن جميع الحصص.

ويمكن في القسمين الإخراج على السّهام عكس المذكور ، وهو ظاهر.

قوله : وقسمة الردّ إلخ. قد مرّ التصريح به أيضا فيما تقدّم ، وكأنّه يريد بالرضا الأوّل الرضا قبل القسمة ، يعنى انّ قسمة الردّ لا بدّ فيه من الرضا ، ولا يمكن بالجبر ، وقد مرّ التأمل فيه.

وبالرضا الثاني الرّضا بعد القسمة والتعديل وإخراج القرعة ، يعني الرّضا الأوّل معها لا يكفي ، بل لا بدّ من الرّضا مرّة أخرى لما تقدم ، أنّه عوض ومعاملة ، فلا بد من الرضا به ، كما قيل ، وقد قيّده البعض بكون القاسم غير نائب ، وقد مرّ تفصيله ، والتأمّل فيه ، فتأمّل.

قوله : ولو ادّعى الغلط إلخ. أي لو ادّعى احد الشركاء الغلط في القسمة ، وأنكره الآخرون ، فعلى المدّعي البينة على ذلك ، كما هو المقرّر ، فان شهدت البيّنة له به تبطل القسمة ، فتستأنف القسمة ، أو يصطلحون ، وللمدّعي إحلاف الباقين أيضا ، مع عدم الاشهاد على عدم علمهم الغلط ، ان ادّعي عليهم العلم بذلك ، وهو ظاهر ، ولا يحلفوا الّا مع العلم بعدم العلم (٢) ، وهو أيضا ظاهر.

__________________

(١) في بعض النسخ : ميزت على الأقلّ.

(٢) في بعض النسخ المخطوطة : ولا يحلفوا الّا مع عدم تقدم العلم.

٢٢٣

ولو ظهر استحقاق البعض ، بطلت ، ان كان معيّنا مع أحدهما أو معهما ، لا بالسّوية أو مشاعا.

ولو كان معيّنا بالسّوية لم تبطل.

ولو ظهر دين بعد قسمة الوارث (الورثة ـ خ) فان دفعوه ، والّا بطلت.

______________________________________________________

قوله : ولو ظهر استحقاق البعض إلخ. أي ولو ظهر كون بعض المال المقسوم مال الغير تبطل القسمة ، ويعطى ذلك إلى مستحقه ، وتستأنف القسمة أو يصطلحون.

هذا ان (إذا ـ خ) كان المال المستحق معيّنا مع احد الشريكين فقط ، أو معهما ـ لكن لا بالسّوية ، بأن يكون مقدار منه قيمته أكثر ممّا عند الآخر بالنسبة إلى سهامهما ـ وجهه ظاهر ، أو يكون عندهما مشاعا.

وأمّا ان كان بالسّوية أي قسم ذلك المستحق المعيّن بينهما على مقتضى سهامهما ، فلا تبطل القسمة ، لأنّه إذا أعطى كل مال الغير ، يبقى الباقي متساوية فلا فضل لأحدهما على الآخر.

وأيضا كان أصل المال منقسما على مقتضى السهام ، فوجود المستحق مثل عدمه.

ويحتمل البطلان مطلقا ، لأنّه قد علم أنّ ما حصل للكل ، كان على غير وجه شرعي.

ويحتمل الصحة أيضا مطلقا ، فيردّ على الآخر من عنده الزيادة ان أمكن.

قوله : ولو ظهر دين إلخ. يعني إذا ظهر على الميّت دين بعد قسمة الورثة الميراث ، فان دفعوا الدين ـ وهو بالنسبة إلى السّهام ، فيعطى من أخذ نصف الإرث نصف الدين وصاحب الثمن الثمن إلى أهله ـ صحت القسمة ولزمت ، والا بطلت ،

٢٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فيدفع الدين من أصل التركة ، فيقسم الباقي ، فلا يجوز التصرف قبل أداء الدين ، ولا حكم لتلك القسمة حيث حكم ببطلانها ، فتأمّل.

وهذا الكلام مشعر بانّ تصرّف الوارث في الميراث مع الدين ـ وان كان فاضلا عنه ـ ماض ومتوقف لزومه على الأداء ، لا أنّه يبطل ، ولا يصحّ (١) ، والمسألة مشكلة ، وسيجي‌ء إنشاء الله تعالى.

__________________

(١) في النسخة المطبوعة : هكذا : الّا أنّه يبطل والّا يصحّ.

٢٢٥

«المقصد السادس في المضاربة»

______________________________________________________

«المقصد السادس في المضاربة»

قوله : المقصد السادس في المضاربة وهي جائزة من الطرفين إلخ. ترك هنا أيضا تعريفها ، كأنّه للظهور ، ويقال للمضاربة القراض أيضا.

قال في التذكرة : القراض عقد شرع لتجارة الإنسان بمال غيره بحصّة من الرّبح ، فإذا دفع الإنسان إلى غيره مالا ليتجر فيه ، فلا يخلو امّا ان يشترطا قدر الرّبح بينهما أو لا ، فان لم يشترطا ، فالرّبح بأجمعه لصاحب المال ، وعليه اجرة المثل للعامل ، وان شرطا ، فان جعلا جميع الرّبح للعامل كان المال قرضا ودينا عليه ، والرّبح والخسارة عليه ، وان جعلا الرّبح بأجمعه للمالك كان بضاعة ، وان جعل الرّبح بينهما فهو القراض الذي عقد الباب لأجله ، ويسمّى المضاربة أيضا والقراض لغة أهل الحجاز والمضاربة لغة أهل العراق ، ثمّ ذكر وجه اشتقاقه من القراض والضرب ، هكذا ذكره في شرح الشرائع أيضا.

وقوله : وعليه اجرة المثل للعامل محلّ التأمّل ، إذ الأصل عدم لزوم الأجرة ، وما ذكر من أنّه إذا استعمل شخص بعمل له اجرة عادة لمثل هذا الشخص يستحق به اجرة المثل حينئذ ـ ان ثبت ذلك ، وكأنّ ما نحن فيه من ذلك القبيل ـ يكون له اجرة المثل.

٢٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالجملة ، إذا كان هناك ما يفيد ذلك ، ـ ويدل عليه بحيث يكون نصّا ومفيدا لذلك عرفا غالبا ـ لزم اجرة المثل ، والّا فهو متبرّع لما مرّ.

وكذا قوله (١) كان المال (قرضا ودينا) فانّ القرض يحتاج إلى صيغة خاصّة ، وله أحكام خاصّة ، والفرض عدم وجودها من المالك (وقصده وكذا من العامل ـ خ) فكيف يحكم بوجوده وترتّب احكامه عليه ، ولانّ خروج المال عن ملك مالكه ودخوله في ملك آخر يحتاج الى ناقل ، وما وجد الّا نحو قوله : (اتجر فيه ، ويكون الرّبح لك) ، وغير معلوم كون هذا المقدار مملّكا ، باعتبار ان كون الرّبح له فرع كون المال له ، فكأنّه قال : المال لك بالعوض ، فربحه لك ، لانّ الاكتفاء في خروج مال عن ملكه ودخوله في ملك آخر بمثله من غير ورود شرع به ، مشكل.

على أنّه قد يكون العامل أو القابل (القائل ـ خ) جاهلا ، لا يعلم أنّه لا يمكن كون المال باقيا على ملكه ، وكون الرّبح للعامل ، إذ قد يكون مقصوده إعطاء الرّبح للعامل بعد ان كان له.

وبالجملة ، ان وجد دليل مفيد لنقل الملك مع العوض يكون قرضا ، والّا فلا.

نعم لو تصرّف يكون المال دينا في ذمّته.

ويحتمل ان يكون المراد بقوله : (كان المال قرضا) هذا المقدار (٢) بقرينة قوله : (ودينا) ، وهو بعيد ، فتأمّل.

ثمّ انّ الظاهر ان لا خلاف بين المسلمين في جواز المضاربة نقله في التذكرة.

وتدلّ عليه الروايات ، مثل رواية الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ،

__________________

(١) يعني المصنف في التذكرة.

(٢) يعني ما قلناه بقولنا : نعم لو تصرّف إلخ.

٢٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : المال الذي يعمل به مضاربة له من الرّبح ، وليس عليه من الوضيعة شي‌ء ، الّا أن يخالف أمر صاحب المال (١).

قال في التذكرة : أنّها صحيحة.

وفي الطريق محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن ابان ، ويحيى (٢).

وفي محمّد بن عيسى كلام.

وهما مشتركان (٣) ، والظاهر ان ابان هو ابن عثمان ، وفيه أيضا كلام.

وصحيحه محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : سألته عن الرجل يعطى المال مضاربة ، وينهى ان يخرج به فيخرج به (فخرج ـ خ)؟ قال : يضمن المال ، والرّبح بينهما (٤).

وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في الرّجل يعطى الرجل مالا مضاربة فيخالف ما شرط عليه ، قال : هو ضامن والرّبح بينهما (٥) ، والروايات الدالّة عليه كثيرة جدّا (٦).

ثمّ قال في التذكرة : أركانه خمسة ، الأوّل العقد ، لا بد في هذه المعاملة من لفظ دالّ على الرّضا من المتعاقدين ، إذ الرّضا من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها الّا الله تعالى ، وهذه المعاملة مثل (وـ خ) غيرها من المعاملات يعتبر فيها الرّضا ، للآية (٧) ، فاللفظ الدالّ على الإيجاب ان يقول ربّ المال : ضاربتك أو قارضتك أو

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب المضاربة الرواية ٤ (ج ١٣ ص ١٨١).

(٢) وسندها كما في التهذيب هكذا : احمد بن محمّد ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن ابان ويحيى ، عن أبي المعزى ، عن الحلبي.

(٣) يعني أبان ويحيى.

(٤) الوسائل الباب ١ من أبواب المضاربة الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ١ من أبواب المضاربة الرواية ٥.

(٦) راجع روايات الباب ١.

(٧) قال الله تعالى (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (النساء ـ ٣٤).

٢٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

عاملتك على ان يكون الرّبح بيننا نصفين أو أثلاثا أو غير ذلك من الأجزاء ، بشرط تعيين الأكثر لمن هو منهما ، والأقلّ كذلك ، والقبول ان يقول العامل : قبلت أو رضيت أو غيرهما من الألفاظ الدالة على الرضا بالقبول ، وكذا الإيجاب لا يختص لفظا ، فلو قال : خذه واتّجر به على انّ ما سهل (١) الله تعالى في ذلك من ربح وفائدة يكون بيننا على السّوية أو متفاوتا ـ جاز.

ولا بد من القبول على التواصل المعتبر في سائر العقود.

وهل يعتبر اللفظ؟ الأقرب العدم ، فلو قال خذ هذه الدراهم ، واتجر بها ، على انّ الربح بيننا على كذا فأخذها واتجر ، فالأقرب الاكتفاء به في صحة العقد ، كالوكالة ، ويكون قراضا ـ الى قوله ـ : يجب التنجيز في العقد ، فلا يجوز تعليقه على شرط أو صفة ، مثل إذا دخلت الدار أو إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك وكذا لا يجوز تعليق البيع ونحوه ، لأنّ الأصل عصمة مال الغير (٢).

ولا يخفى أنّ دليله لا يدل الّا على اعتبار ما يدلّ على الرّضا ، سواء كان لفظا أم لا ، ولهذا جوّز غير القول في القبول ، مع أنّه لا بد من رضا القابل أيضا ، لأنّه أحد الطرفين ، وقد اشترط التراضي في الآية (٣) ، وأنّه لا يشترط المقارنة للأصل وحصول التراضي الدالّ على الجواز ، للآية (٤) ، وصدق المضاربة ، فيجري فيه دليلها ، ويدل عليه أيضا عدم اشتراط القول في القبول عنده.

فقوله : (على التواصل المعتبر في سائر العقود) محلّ التأمّل ، لعدم الدليل ، ولأنّه مناف لعدم اعتبار القبول ، الّا ان يقول أنّه لا بد من التواصل ، سواء كان بين لفظ الإيجاب ولفظ القبول ، أو فعل دالّ على ذلك ، مثل الأخذ بعد صيغة الإيجاب

__________________

(١) في التذكرة : مهما سهل.

(٢) انتهى كلام التذكرة (ج ٢ ص ٢٢٩).

(٣) وهو قوله تعالى (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (النساء : ٣٤).

(٤) وهو قوله تعالى (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (النساء : ٣٤).

٢٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بلا فصل ، وهو لا يخلو عن بعد ، ويأبى عنه قوله : (المعتبر في سائر العقود) ، وقوله : (كالوكالة).

وأيضا دليله على اشتراط التنجيز لا يخلو عن شي‌ء ، إذ أدلة جواز هذا العقد يخرج المال عن عصمة صاحبه (مع التعليق أيضا ـ خ) ، فإنّه يصدق عليه عقد المضاربة المعرّفة ، ويدلّ عليه ظاهر الآية ، فإنّه تجارة عن تراض ، والدالّ على الرّضا موجود ، ولأنّه يصدق على التجارة التي فعلها العامل بهذه المضاربة ، مثل البيع والصّلح ، فيدلّ دليل جوازهما على جوازه.

الّا ان يقال لا دليل على المضاربة إلّا الإجماع ، ولا إجماع هنا ، ولكن ذلك ممنوع (لما مرّ من الاخبار ـ خ) ، أو يقال : انّه إجماع على عدم جواز التعليق ، لأنّه كالوكالة ، بل وكالة ، ويؤيّده ما سيجي‌ء في الثاني ، وهو أيضا ممنوع ، فتأمّل.

ثم قال : الثاني المتعاقدان ، وشرط كل واحد منهما البلوغ ـ الى قوله ـ والأصل فيه انّ القراض توكيل وتوكل في شي‌ء خاصّ ، وهو التجارة ، فيعتبر في العامل والمالك ما يعتبر في الوكيل والموكّل ، ولا نعلم فيه خلافا.

ثمّ قال : ولو قارض المريض في مرض موته صحّ ، وكان للعامل ما شرطه له ، سواء زاد عن اجرة المثل (مثل عمله ـ خ) أو ساواه أو نقص ، ولا يحتسب من الثلث لأنّ المحسوب من الثلث ما يفوته المريض من ماله والرّبح ليس بحاصل حتّى يفوته ، وانّما هو شي‌ء متوقّع حصوله وإذا حصل حصل بتصرفات العامل وكسبه ولو قارض (١) المريض في مرض موته (الموت ـ خ) وزاد الحاصل من اجرة المثل ، فالأولى انّ الزيادة عن اجرة المثل يحسب من الثلث لانّ للنّماء وقتا معلوما ينتظر ، وهي حاصلة من عين النّخل من غير عمل ، فكانت كالشي‌ء الحاصل ، بخلاف أرباح

__________________

(١) وفي بعض النسخ : ولو ساقى بدل ولو قارض ، وهو الصحيح كما في التذكرة.

٢٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

التجارات التي تحصل من عمل العامل ، وهذا أظهر وجهي الشافعي (الشافعيّة ـ خ) والثاني أنّه لا يحتسب من الثلث ، لانّ وقت العقد لم تكن ثمرة وحصولها منسوب الى عمل العامل وتعهّده (١).

هذا مبني على كون منجزّات المريض من الثلث ، وهو ظاهر ، ولا يبعد عدم اعتبار الثلث فيها ، لأنّ الأصل إمضاء تصرف المالك في ماله وعدم حجره الّا ما ثبت منعه ، وما ثبت إلّا في المال الموجود على تقديره.

ويحتمل فيهما اعتباره أيضا ، لأنّ التصرف في الحاصل منه هو التصرف في الموجود في الجملة ، وأيضا تصرف فيه بالمنع عن الورثة ، ولو كانت في أيديهم لأمكن أن يحصّلوا بالتجارة أكثر ممّا حصله العامل.

ولأنّ فتح مثل هذا الباب قد ينجرّ إلى محروميّة الورثة إذ قد يجعله مضاربة أو مساقاة ومزارعة بحصة كثيرة ، بحيث لا يكون. حصّة الوارث إلّا شي‌ء قليل جدّا ، ويكون المال دائما تحت يد الغير ينتفع به دونهم ، فهو بمنزلة العدم.

وأنّه لا يجوز انّ يجعله في يد الغير بحيث لا ينتفعون به ، فكذا هنا ، لعدم الفرق معنى.

ولا يمكن ردّ الأوّل بأنّ القراض عقد جائز فيجوز ان يبطله الورثة ، أو أنّه يبطل بموت المالك ، إذ قد يكون واجبا (٢) بان يكون شرطا في عقد لازم ونحوه.

ولكن الظاهر أنّه حينئذ أيضا (٣) يبطل بالموت ، فلا ينافي المحذور في المضاربة ، بل في غيرها ، فهو مؤيّد لاعتبار الثلث فيه ، كما هو أظهر وجهي الشافعية ، الّا ان يقال ببطلانه بالموت أيضا ، فتأمّل.

__________________

(١) إلى هنا كلام التذكرة (ج ٢ ص ٢٣٠).

(٢) يعني قد يكون القراض لازما باشتراطه في عقد لازم.

(٣) يعني كون القراض واجبا باشتراطه في عقد لازم.

٢٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم قال : يجوز تعدّد المضارب (العامل ـ خ) ووحدة المالك ، وبالعكس ، واشتراط استقلالهما ، ومراجعة كل الى صاحبه أو أحدهما فقط ، عملا بالشرط ، وأنّه لا يجوز للعامل ان يضارب غيره ، الّا بإذن المالك.

والظاهر أنّ المراد أنّه حينئذ يكون المضارب هو الثاني مع المالك ، والحصة بينهما ، وكون المضارب (الأوّل ـ خ) وكيلا في عقد المضاربة ، لا أنّه يكون المضارب الأوّل مضاربا أيضا بأخذ بعض الحصة ويعطي الثاني بعض الحصّة ، لأنّ المضاربة لا بدّ فيها من كون الموجب مالكا للمال على ما قالوه ، ولأنّ الحصّة لم تحصل الّا بالعمل أو بأصل المال ، ولا شي‌ء له.

وقال أيضا : يشترط أن يكون الدافع مالكا أو مأذونا في الدّفع ، بان يكون وكيلا ، فانّ هذا العقد يقبل الوكالة والنيابة ، أو وليّا لطفل أو مجنون ، سواء كان حاكما أو أمينه أو الأب أو الجدّ منه أو الوصي ، ولكن لا بد من المصلحة الراجحة على بقاء المال في يد الولي ، ومع ذلك فلا يسلّمه الّا الى أمين ، ودليله أنّه منصوب لمصلحته فيفعل ما فيه المصلحة ، وتدلّ عليه أيضا الآية ، مثل (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١) (وَأَحْسِنُوا) (٢) و (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (٣) ونحوها.

واستدل المصنف في التذكرة عليه ، بأنّه يجوز للولي ان يوكل عنهما في أمورهما ، فكذا يجوز ان يعامل على أموالهما قراضا.

وأنت خبير بان هذا قياس مع الفارق الظاهر ، مع عدم ظهور الاتفاق في الأصل والدليل عليه ، فتأمّل.

وأمّا رواية بكر بن حبيب ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : رجل دفع مال يتيم مضاربة ، فقال : ان كان ربح فلليتيم ، وان كان وضيعة فالّذي أعطى

__________________

(١) الانعام : ١٥٢ ، والاسراء : ٣٤.

(٢) البقرة : ١٩٢.

(٣) التوبة : ٩١.

٢٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ضامن (١).

فإنّها تدلّ على عدم جواز المضاربة الحقيقيّة في مال اليتيم ، وقد حملت على عدم كون الرّجل الدافع وليّا ، وفيه بعد مّا بترك التفصيل ، وهو يدلّ على العموم.

على أنّ بكر بن حبيب غير معلوم الحال ، لانّه غير مذكور ، الّا ان يكون ابن محمّد بن حبيب ، فيكون صحيحا.

وأنّه لا معنى حينئذ لكون الرّبح لليتيم ، الّا ان يقال انّ المدفوع عليه اشترى بالعين للطفل ، وقد جوّز الولي ذلك قبله وبعده على تقدير جواز الفضولي ، فتأمّل.

قال في بحث الحجر ، الضابط في تصرف المتولّي لأموال اليتامى والمجانين اعتبار الغبطة.

وقال أيضا : وإذا اتّجر لهم ينبغي ان يتجر في المواضع الآمنة ولا يدفعه إلّا لأمين وأجاب عن بضاعة عائشة مال أخيه محمّد في البحر ، بأنّه قد يكون المراد ساحل البحر ، أو أنّها ضمنت الغرم على تقدير التلف (٢).

وهذا يدل على جواز كون الوصي امرأة بل فاسقة ، وجواز البضاعة في المواضع الغير الآمنة بشرط الضمان ، وانّه لا يجوز في البحر ، لانه غير مأمون.

وقال أيضا : ويستحبّ له ذلك ، (أي للوليّ دفع مال الطفل والمجنون الى من يضارب) ، سواء كان الولي أبا أو جدّا له أو وصيّا أو حاكما أو أمينه ـ إلى قوله ـ ولا نعلم فيه خلافا الّا ما روي عن الحسن البصري.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب المضاربة الرواية ١ كذا في التهذيب ولكن في الوسائل عن أبي عبد الله عليه السّلام ، ج ١٣ ص ١٨٩.

(٢) قال في التذكرة : مسألة وإذا اتجر لهم ينبغي ان يتجر في المواضع الآمنة ، ولا يدفعه إلّا لأمين ولا يغرر بماله ، وقد روى انّ عائشة أبضعت مال محمّد بن أبي بكر في البحر ، ويحتمل ان يكون في موضع مأمون قريب من السّاحل ، أو أنّها ضمنته ان هلك غرمته هي إلخ (ج ٢ ص ٨٠ كتاب الحجر).

٢٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : الثالث رأس المال ، وله شروط ، ثلاثة الأوّل ان يكون من النقد (١) دراهم ودنانير مضروبة منقوشة عند علمائنا ـ إلى قوله ـ إذا ثبت هذا ، فلو دفع اليه كرّا من طعام مضاربة ، فباعه واتّجر بثمنه فان القراض فاسد ، وكان البيع والتجارة صحيحين بالأذن ، والربح بأجمعه لصاحب المال ، وعليه اجرة المثل للعامل لأنّه عمل على ان يكون شريكا في الرّبح ولم يثبت له ذلك للفساد (٢) فيكون له اجرة المثل.

وهذا صريح في أنّ الاذن معتبر ، وان كان في ضمن عقد فاسد ، فاحفظه ، وتأمّله.

ثمّ قال : الثاني ان يكون معلوما ، فلا يصحّ القراض على الجزاف ، وكأنّه لا خلاف فيه أيضا عند علمائنا ، ولأنّه لا بد من الرّجوع الى رأس المال ثمّ أخذ الرّبح ، وحينئذ لا يمكن ، وقال أبو حنيفة ، القول قول العامل مع يمينه ترجيح بلا مرجّح بل مرجوح.

ثمّ قال : الثالث ان يكون معيّنا ، فلو احضر المالك العين ، وقال للعامل : قارضتك على إحدى هاتين الألفين ، أو على أيّهما شئت لم تصحّ ، لعدم التعيين ـ الى قوله ـ نعم يصحّ القراض بالمال المشاع ، فلو كان له نصف ألف مشاعا ، فقارض غيره على ذلك صحّ ، لأنّه معيّن ، وكذا لو كانت غائبة عنهما حال العقد ، وأشار المالك إليها بما يميّزها عن غيرها حالة العقد ، صحّ ، امّا لو قارضه على ألف وأطلق ثم أحضر إليه ، ألفا في المجلس وعيّنها ، فإنّه لا يصحّ إلخ.

كأنّ دليل اشتراط الحضور أيضا بالمعنى المذكور إجماعنا ، فتأمّل.

قال في التذكرة : ولا يجوز القراض على الدّيون ، ولا نعلم فيه خلافا ـ الى قوله ـ وعلى ما رواه السكوني في الموثق ، عن الصادق عليه السّلام قال : قال أمير

__________________

(١) في التذكرة : من النقدين.

(٢) في التذكرة : لفساد العقد ج ٢ ص ٢٣١.

٢٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

المؤمنين عليه السّلام ، في رجل له على رجل مال ، فيتقاضاه ، ولا يكون عنده ، فيقول : هو عندك مضاربة ، قال : لا يصلح حتى تقبضه منه (١).

وهي مرويّة في التهذيب ، عن النوفلي ، عن السكوني ، وهما ليسا بموثقين قيل في الأوّل أنّه غلا في آخر عمره ، والثاني عامّي وفي السّند إبراهيم بن هاشم أيضا (٢) ، فتأمّل.

فلو لا الإجماع في اشتراط كونه غير دين لأمكن القول بعدمه ، وكذا في عدم التعيين ، فيكون له أخذ إحدى الألفين أراد ، وكذا في نحوهما فتأمّل.

ثمّ جوّز القراض على العارية والوديعة ، بل المغصوب مع من تحت يده ومع غيره ، بدليل استجماع الشرائط وعدم مانع.

ثمّ قال : الرّابع عمل العامل وهو عوض ربح رأس المال ، وشرطه ان يكون تجارة ، فلا يصحّ على الاعمال ، كالطبيخ والخبز ، وغيرهما ـ الى قوله ـ لو دفع اليه مالا على ان يقارضه عليه وشرطه ان يشترى مثلا حنطة ليطبخها (ليطحنها ـ خ) ـ الى قوله ـ لم يصح ، لما تقدم من انّ الاسترباح بالقرض انّما هو بالتجارة لا بالصنعة والحرفة. امّا لو اشترى العامل هذه الأعيان ، وعمل (فعل ـ خ) فيها هذه الصنائع من غير شرط ، فإنّه يصح ، ولا يخرج الدقيق ـ ولا الخبز ولا المطبوخ ولا الثوب المنسوج أو المقصور أو المصبوغ ـ عن كونه رأس مال القراض إلخ.

وليس الحكم باشتراط اختصاص الاسترباح بالتجارة فقط ظاهرا ، الّا ان يكون إجماعيّا ، كما يفهم من كلامه ، وليس بواضح ، نعم الذي واضح أنّه لا بدّ من التجارة ، فشرط أمثال ذلك ـ ليحصل به الاسترباح بالتجارة ـ لا يخرجه عن

__________________

(١) الوسائل الباب ٥ من أبواب المضاربة الرواية ١ (ج ١٣ ص ١٨٧).

(٢) وسندها كما في التهذيب هكذا : علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني.

٢٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

التجارة ، فكما أنّه يصحّ بغير اشتراط ، فيصحّ معه أيضا ، فهو بمنزلة أن يشترط نوع خاص للاسترباح ، فتأمّل (١).

ثمّ قال : إذا اذن المالك للعامل في التصرف وأطلق ، اقتضى الإطلاق فعل ما يتولاه المالك من عرض القماش على المشتري ـ الى قوله ـ لو خصص (خصّ ـ خ) المالك الاذن يخصّص ، فلا يجوز للعامل التعدي ، فإن خالف ضمن ، ولا يبطل القراض بالتخصيص ، فلو قال له : لا تشتر الّا من رجل بعينه أو سلعة بعينها ، أو لا تبع الّا على زيد أو لا تشتر إلّا ثمرة بستان معيّن أو نخلة بعينها ، أو لا تشتر الّا ثوبا بعينه جاز ولزم هذا الشرط وصحّ القراض ، سواء كان وجود ما عيّنه عاما في الأصقاع والأزمان أو في أحدهما ، وسواء قلّ وجوده وعزّ تحصيله وكان نادرا أو كثر ، عند علمائنا (٢).

مراده انّ القراض كما يصحّ عامّا يصحّ خاصّا أيضا ، ويلزم الشرط فلا يصحّ مخالفته ، وان فعل يكون ضامنا ، والمعاملة صحيح بأصل الاذن ، والرّبح بينهما ، ويكون العامل ضامنا لرأس المال ، فيكون عليه الخسران.

ويدلّ عليه أخبار كثيرة ، منها ما تقدّم في أوّل الباب مثل صحيحتي الحلبي ومحمّد بن مسلم (٣) وغيرهما.

مثل صحيحة جميل ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في رجل دفع الى رجل مالا ليشتري (يشتري يب ـ ئل) به ضربا من المتاع مضاربة ، فذهب فاشترى به غير

__________________

(١) وفي عدّة نسخ مخطوطة هكذا : نعم الذي واضح أنّه لا بد من دخل التجارة نقدا (نقد ـ خ) مثال ذلك لما يتوقف (فلا يتوقف ـ خ) عليه الاسترباح بالتجارة ، فليس بمعلوم شرط نصفين ، كما أنّه يصحّ بغير اشتراط ، فهو بمنزلة أن يشترط نوع خاصّ للاسترباح (الاسترباح ـ خ) فتأمّل.

(٢) إلى هنا كلام التذكرة (ج ٢ ص ٢٣٤).

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب المضاربة الرواية ٤ ـ ١.

٢٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الّذي أمره ، قال : هو ضامن ، والرّبح بينهما على ما شرط (١) والرّوايات كثيرة ، وهي أصحّها ، وكأنّ (كأنه ـ خ) لا خلاف فيه.

وفيه إشكال ، لأنّه قد مرّ مرارا أنّ القراض بمنزلة الوكالة ، فإذا لم يكن (كان ـ خ) وكيلا في شراء عين معيّنة كيف يصحّ ذلك ، وكذا في الشراء في جهة معيّنة أو عن شخص معين ، وقد قال (قالوا ـ خ) في الوكالة لا يصحّ ذلك ، وكيف يستحق ربح عمل لم يكن مأذونا فيه ، ولم يقارض عليه ، ويكون آثما فيه ضامنا ، فتأمّل.

ويمكن تأويل الرّوايات ، بان يقال : المراد مع الرّضا بما فعل (وتجويزه ـ خ) مقارضة على تقدير جواز الفضولي ، أو محمولة على صورة يكون معلوما انّ غرض المالك ، من الأمر إلى جهة والبيع على شخص أو شراء شي‌ء معيّن والنّهي عن غير ذلك ـ صحة البيع مع الوقوع وبقاء القراض ـ الّا انّ ذلك غير الاولى ، وما ذكره أولى ، أو (وـ خ) انّه حينئذ يكون ضامنا ، فكأنه قال : قارضتك على النصف مطلقا في جميع ما هو مصلحة القراض ، ولكن لا منع في السّفر وعلى زيد مثلا ، ولا يشترى المتاع الفلاني ، بمعنى انّى ما أنا براض على كونه قراضا مشروعا بأصل الشرع ، وهو الذي يقتضي عدم الضمان ، وكون القابض المضارب أمينا مقبولا قوله مطلقا ، بل مضاربا ضامنا هنا هذا مثل ما قيل ان الإجارة في الحج الأفرادي مثلا يجوز معها العدول الى غيره من التمتع ، لاعتقاده أنّه أفضل ولهذا عين ، فتأمّل.

وكأنّ الأصحاب حملوا قول المالك ، قارضتك الى آخره ، ولا تبع من زيد مثلا مطلقا محمولا (٢) على ما قلناه ، كما هو ظاهر الروايات.

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب المضاربة الرواية ٩.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، والصواب إسقاط كلمة (محمولا).

٢٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وكأنّه غير بعيد ، لانّ ظاهر قارضتك جواز القراض مطلقا ، وعلى أي وجه كان ، والمنع عن البيع على شخص معيّن لا ينافي ذلك ، لاحتمال كون النهي للضمان ولغرض آخر ، مع صحّة القراض على حاله ، فإنّه قد فهم جوازه وصحّته مطلقا ، وعلى أي وجه كان ، والمنع عن البيع على شخص معين ، مثلا لم يناف ذلك ، بما مرّ ، فيحكم بصحة العقد ، مع العمل بالنّهي ، والأمر ، بحيث لا يبقى منافاة أصلا ، كما قيل : ان النهي في المعاملات لا يدلّ على الفساد ، لعدم المنافاة ، لاحتمال كون الغرض من النهي محض الإثم ، لا عدم صحة المعاملة أيضا.

وهذا غاية ما يمكن توجيه كلام الأصحاب والروايات ، فلو لم تكن كثرة الروايات الصحيحة مع عملهم بظاهرها (١) ، لأمكن التصرف بغير هذا الوجه ، بل بما تقدم ، أو (يحمل ـ خ) على انّ المراد بالرّبح في الروايات ربح إذا حصل فيما أمر ، لا في المنهي عنه.

لكنّه بعيد في كثير منها بل في بعضها لا يمكن.

مثل رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في الرّجل يعطى الرّجل مالا مضاربة ، وينهاه ان يخرج به الى أرض أخرى ، فعصاه ، فقال : هو له ضامن ، والرّبح بينهما ، إذا خالف شرطه وعصاه (٢).

وقريب منها ما في رواية الكناني ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن المضاربة يعطى الرجل المال يخرج به الى الأرض ، وينهى (نهى ـ خ) ان يخرج به الى أرض غيرها ، فعصى فخرج به الى أرض أخرى؟ فقال : هو ضامن ، فان سلم فربح (وربح ـ خ) فالرّبح بينهما (٣).

__________________

(١) وفي بعض النسخ بعد قوله : (الصحيحة) المحمولة على ما قالوهم بالاتفاق لأمكن إلخ.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب المضاربة الرواية ١٠.

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب المضاربة الرواية ٦ وفيه بعد قوله عليه السّلام (إلى أرض أخرى)

٢٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ولعلّ في الرواية (الروايات ـ خ) إشارة الى ما قلناه انّ المقصود صحة المضاربة عموما أو (وـ خ) الضمان في المخالفة.

مثل صحيحة رفاعة بن موسى ، قال : سمعته ، يقول : المضارب يقول لصاحبه ان أنت أدنته (أديته ـ خ) أو أكلته فأنت له ضامن قال : فهو ضامن (يضمن) إذا خالفه (١).

فكأن المراد بمخالفته ما شرط مثل الأكل وغيره.

وكذا يشعر به سائر الروايات ، مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، أنّه قال في المال الذي : يعمل به مضاربه له من الرّبح ، وليس عليه من الوضيعة شي‌ء ، الّا ان يخالف أمر صاحب المال (صاحبه ـ خ) فان العبّاس كان كثير المال ، وكان يعطي الرّجال يعملون به مضاربة ، ويشترط عليهم ان لا ينزلوا بطن واد ، ولا يشتروا ذا كبد رطبة ، فإن خالفت شيئا ممّا أمرتك به ، فأنت ضامن المال (للمال ـ خ) (٢).

والاشعار غير خفي ، وفي المتن شي‌ء ، وله الرّبح.

قال : (الركن ـ خ) الخامس في الربح ، قال في التذكرة : وشروطه أربعة الأوّل اختصاصه بالمتعاقدين ، فلو شرط بعض الرّبح لغيرهما لم يصحّ ، سواء كان قريبا أو بعيدا ، كما لو قال على ان يكون لك ثلث الرّبح ولي الثلث ولزوجتي أو لابنى الثلث الآخر أو للأجنبي (لأجنبيّ ـ خ) الثلث الآخر ، ويبطل القراض ، لأنّه ليس بعامل ولا مالك للمال امّا لو شرط عمل الثالث فإنه يصحّ ويكون في الحقيقة

__________________

فعطب المال؟

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب المضاربة الرواية ٨ وفيه : فهو له ضامن إذا خالف شرطه ، ورواه في التهذيب كما في الوسائل أيضا مسندا عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السّلام.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب المضاربة الرواية ٧.

٢٣٩

وهي جائزة من الطرفين ، لكل منهما فسخه ، وان كان بالمال عروض.

______________________________________________________

هنا عاملان لواحد (١).

كأنّه لا خلاف في ذلك.

ثمّ قال : الشرط الثاني ان يكون الرّبح مشتركا بينهما ، فلو شرط ان يكون جميع الرّبح للمالك ، بان يقول : قارضتك على ان يكون جميع الرّبح لي فسد القراض ، وبه قال الشافعي لمنافاة الشرط مقتضى القراض ، فان مقتضاه الاشتراك في الرّبح لأن إسحاق بن عمار سأل الكاظم عليه السّلام عن مال المضاربة ، قال : الرّبح بينهما والوضيعة على المال (٢).

الثالث (٣) ان تكون الحصة لكل منهما معلومة.

والرابع ان يكون العلم به من حيث الجزئية المشاعة كالنّصف أو الثلث والكلّ ممّا لا خلاف فيه ، وجهه ظاهر ، لانه مقتضى القراض المقرّر عندهم.

قوله : وهي جائزة من الطرفين إلخ. إذ قد عرفت انّه وكالة وبعد حصول الرّبح يصير شركة ، وهما جائزان.

والظاهر ان لا خلاف في عدم لزومها ، فهي مختصّة من بين العقود بالجواز فيخصّص دليل لزومها بدليل جوازها ، فلكل منهما فسخ العقد.

وان كان بالمال عروض ، أي وان كان المال الذي يضاربه عروضا غير النقد المسكوك الذي وقع العقد عليه.

وليس لصاحب المال تكليف المضارب بإنضاض المال أي صيرورته مثل النقد الذي كان وليس له أيضا ان يقول للمالك اصبر حتى ينضّ (٤) المال ، وهو ظاهر.

__________________

(١) الى هنا كلام التذكرة ج ٢ ص ٢٣٥.

(٢) الوسائل الباب ٣ من أبواب المضاربة الرواية ٥.

(٣) يعني الشرط الثالث.

(٤) في بعض النسخ : حتى أن ينضّ.

٢٤٠