مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٨

ومشاهدة الصبي المرتضع ، لا اذن الزوج ، الّا مع منع حقّه ، ولا يجب تقسيط المسمى على أجزاء المدّة.

ويجوز استيجار الأرض لتعمل مسجدا.

______________________________________________________

بعض البئر ثم تعذّر حفر الكل بانهدام ونحوه أو أبطل صاحبه ورضي الأجير ، فتفاسخا أو عجز الأجير ، فالظاهر انّه يرجع في الكل إلى الأجرة بالنسبة إلى ما فعل أي يأخذ من المسمّى ما نسبته إليه كنسبة أجرة المثل المحفور إلى أجرة المثل ، وهو ظاهر ، وقد مرّ مثله.

قوله : ومشاهدة الصبي المرتضع إلخ. لا بدّ لعقد الرضاع من مشاهدة الصّبي المرتضع.

الظاهر أنّه يكفي هنا الوصف أيضا ، وكذا المرضعة.

ولا يشترط اذن الزوج في انعقاد عقد الرضاع لزوجته الا مع منع حقوق الزوجية مثل المضاجعة ، أو يحصل ما تنفر (يتنفّر ـ خ) منه الطبع من كثرة الإرضاع ، إذا كان مستلزما لذلك خارجا عن العادة.

قوله : ولا يجب تقسيط المسمّى على أجزاء المدة. أي لا يجب ان يقسّط أجزاء الأجرة المعلومة على أجزاء المدّة في العقد ، بان يقال نصفه لنصفها وعشره لعشرها.

وتظهر الفائدة بأنّه ان تعذر العمل وبطل بوجه ، فان قسط فلو كان الفائت نصفا يكون الساقط من الأجرة نصفا ، وان كان بحسب النفع أدون أو أكثر ، بخلاف عدم التقسيط فيمكن بالنسبة ، كما تقدم ، فتأمل.

قوله : ويجوز استيجار الأرض لتعمل مسجدا. لا مانع منه وعموم أدلة المسجد ـ والإجارة مع عدم ظهور مانع ـ يقتضيه فالمراد (والمراد ـ خ) بالملكية في المسجد ونحوه هو ملكية المنفعة ، ولكن في بعض قيود المحقّق الشيخ علي ، أنّه لا تثبت حرمة المسجد.

٢١

والدراهم والدنانير.

ولو زاد المحمول ، فان كان المعتبر المؤجر فلا ضمان ، وعليه الردّ ، وان كان المستأجر ضمن الأجرة ، ونصف الدابة ، ويحتمل الجميع ، وكذا الأجنبي.

______________________________________________________

كأنه يريد أنّه يصير مثل المسجد الذي يفعله الإنسان في داره مع بقائه على الملكيّة ، فيحصل ثواب المسجد دون احكامه ، من عدم لبث الجنب ، وإدخال النجاسة ، وكونه وقفا.

وهو محتمل ، ولكن الظاهر هو الأوّل من كلامه ، ولم نجد مانعا الّا عدم كون الأصل وقفا ، وما نعرف اشتراطه ، وان كان ظاهر العبارات ذلك ، فتأمل.

قوله : والدراهم والدنانير. أي يجوز استيجارهما ، لا شك في ذلك لو حصل منهما نفع محلّل مقصود للعقلاء شرعا.

قوله : ولو زاد المحمول إلخ. لو قرّر المحمول بمقدار معين ، فحمل على حامله ، فحصل عليه ضرر من الحمل ، فان لم يكن الحمل زائدا فلا ضمان ولا إثم على صاحب الحمل ، وان كان خارجا عن طاقته فالإثم على صاحبه والقادر على منعه العالم به.

وان كان زائدا ، فإن كان المعتبر (له ـ خ) المؤجر الذي هو صاحب الحمل فلا ضمان أيضا ، وعليه ردّ الزائد الى صاحبه ، بل في مكان (مكانه ـ خ) الذي حمله عنه ان أراد مالكه.

وان كان المعتبر هو المستأجر وصاحب الحمل ، ضمن أجرة الزائد ونصف الدابّة ، ان تلفت ، ونصف أرش النقص والعيب ان حصل ، ويحتمل ضمان الجميع.

وجه الأوّل أنّه حصل بالزائد والأصل ، فيكون ، مناصفة.

٢٢

ولو قال : آجرتك كلّ شهر بكذا بطل على رأي ، وصحّ في شهر على رأي.

______________________________________________________

ووجه الثاني أنّه حصل بحسب التعدي ، لاحتمال أنّه لو لم يكن زائدا لم يحصل.

ولكن أصل عدم الضمان ، وبرأيه الذمّة ، وعدم الغرامة ، ينفي هذا ، الّا فيما تحقق ، وليس بمحقق إسناده إلى الزائد ، لاحتمال تأثير الأصل ، بل الظاهر ذلك.

ويحتمل ثالثا ، وهو بالنسبة ، فتأمل ، والاحتياط هو الوسط وان كان الأخير هو مقتضى ظاهر الدليل.

ويحتمل رابعا ان يقسط على الزائد على ما علم أنّه لو كان الحمل ذلك فقط لم يحصل بها الضرر ، ثم بالنسبة ، فتأمل.

وكذا الحكم لو كان المعتبر هو الأجنبي.

هذا ان (إذا ـ خ) كان بغير إذنهما ظاهر ، والظاهر أنه كذلك مع الآذن ، واحتمال العدم فيكون على الآذن ، وان كان الإذن منهما فككونهما معتبرين معا حاضرين في الاعتبار ، فيحتمل كونه كحضور (صاحب ـ خ) الدابّة وكصاحب الحمل ، والأصل يقتضي الأوّل ، والاحتياط والعدل يقتضي الثاني ، ويحتمل تقسيط الضمان بالزيادة عليهما ، فتأمل.

قوله : ولو قال آجرتك كلّ شهر بكذا إلخ. من غير تعيين مجموع المدة ، بل قال مثلا كلّما جلست في البيت فأجرة كل شهر كذا.

قيل يبطل للجهالة بجميع الأجرة والمدة من حين العقد ، ومعرفتهما شرط ، ويلزم عليه اجرة مثل ما سكن.

وقيل صحّ في شهر وله في الزائد أجرة المثل ان سكن ، وهو مختار الشرائع والشيخين ، فإنّه معلوم وقوع العقد عليه بثمن معلوم ، وانّما الجهالة في الزيادة مدّة وثمنا ، فلا يمنع ذلك من صحته في شهر.

٢٣

ولو قال : إن خطّه فارسيا فدرهم ، وروميّا فدرهمان ، أو ان عملته اليوم فدرهم وغدا درهمان ، صحّ ، على اشكال.

______________________________________________________

واشتراط العلم المذكور في جميع المدّة والأجرة يقوي الأوّل ، ويضعف الثاني.

ولكن دليله غير ظاهر ، والأصل وعموم أدلة الإجارة ، وعدم المانع ، وصحيحة أبي حمزة الآتية (١) ـ تدل على الصحة في الشهر الأوّل بل في الكل ، ـ فتأمل.

وهنا احتمال ثالث ، وهو الصحة في كل ما جلس ، واشتراط العلم بحيث يمنع من هذا غير معلوم ، ولا غرر ولا ضرر ، إذ كلّما جلس شهرا يعطي ذلك ، ونصفه في نصفه ، وعلى هذا.

قوله : ولو قال ان خطه فارسيا إلخ. فسّر الرّومي بالدر زين والفارسيّ بالواحد ، وهذه المسألة كسابقتها في دليل البطلان وغيره.

ويزيد (يؤيّد ـ خ) احتمال كونها جعالة لا إجارة باطلة ، مستلزمة للضمان واجرة المثل ، فإنّ الأصل ينفي ذلك ، وأنّ التصرّف انّما كان بالاذن ، وان بطلت الإجارة وقد رضى بالتصرف بالمقدار المقرّر ، فلا يلزم الضمان ، ولا أكثر ممّا رضى ، ولا أقلّ ، فتأمّل.

ونقل عن ابن إدريس أنّه يصحّ جعالة ، وقال المحقق الثاني : يعني إذا قصدا كونه جعالة ، وهو حسن ، وما أعرف لقصد الجعل دخلا مع الاحتمال فتأمّل ، واحتط علما وعملا.

وممّا يدلّ على الصحة في المسألتين الآية الشريفة في إجارة موسى (٢) على

__________________

(١) الوسائل : الباب ٨ من أبواب كتاب الإجارة الرواية ١.

(٢) القصص : ٢٦.

٢٤

(الرابع) العلم بالأجرة إمّا بالكيل أو بالوزن ، وتكفي المشاهدة فيهما ، على اشكال ، وفي غيرهما.

______________________________________________________

الظاهر ، وما فسّرت به (١) ، فتأمّل ، وبعض الاخبار (٢).

وصحيحة أبي حمزة (كأنه الثمالي الثقة) عن أبي جعفر عليه الصلاة والسّلام قال سألته عن الرجل يكتري الدابة فيقول اكتريتها منك الى مكان كذا وكذا فان جاوزته فلك كذا وكذا زيادة ويسمّى ذلك قال : لا بأس به كلّه (٣) الدلالة واضحة ، فافهم.

وقريب منها رواية منصور بن يونس (٤) وكلاهما في إجارة التهذيب ، ومنصور واقفي عند الشيخ ، وثقة عند النجاشي.

قوله : الرابع العلم بالأجرة إلخ. لا شكّ في اشتراط العلم بالأجرة في الجملة ، أمّا كيلها ووزنها ففيه خلاف.

والمصنّف استشكل هنا في كفاية المشاهدة عنهما على اشكال ، وعدم الاشتراط مستحسن الشرائع ومنقول عن المبسوط والاشتراط عن ابن إدريس ، وأنّه مفهوم النهاية.

والأصل ـ وعموم أدلة الإجارة وعدم دليل صالح للاشتراط ـ دليل الأوّل ، إذ ليس الّا الغرر المنفي في البيع ، على ما نقل عنه صلّى الله عليه وآله (٥) فلو صحّ

__________________

(١) راجع تفسير مجمع البيان ، ج ٢ ص ٢٥٠ ، وج ٦ ، ص ٢٥٣ وتفسير على بن إبراهيم ، ص ٤٨٧ وتفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ١٢٣.

(٢) راجع الوسائل باب ٦٦ حديث ٢ من أبواب ما يكتسب به ج ١٢ ص ١٧٦.

(٣) الوسائل : الباب ٨ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ١ ، ج ١٣ ، ص ٢٤٩.

(٤) الوسائل : الباب ١٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٢.

(٥) مسند احمد بن حنبل ، ج ١ ، ص ١١٦ عن علي عليه السّلام وص ٣٠٢ منه وراجع ج ٢ ص ٢٤٨ من عوالي اللئالي ولاحظ ذيله المنقول عن عيون اخبار الرضا عليه السّلام.

٢٥

ومع الإطلاق أو اشتراط التعجيل ، فهي معجّلة.

______________________________________________________

كان دليلا في البيع فقط.

الّا ان يعلم أنّ السبب هو الغرر فقط ، من حيث هو وأنّه الموجب للفساد ، وأنه موجود فيما نحن فيه فكان دليلا على الثاني (على الاشتراط ـ خ) أيضا.

ولكن أنّى إثبات ذلك كلّه ، فانّ المراد بالغرر المنفي غير واضح ، وكذا عليّته فقط ، ووجوده فيما نحن فيه. إذ يعلم انتفائه في مشاهدة غير المكيل والموزون بالاتفاق.

فالظاهر أنّه يكفي العلم بالمشاهدة في المكيل والموزون والمعدود والمذروع بالطريق الأولى.

ويؤيده بطلان القياس ، وكون الإجارة غير بيع عندنا ، وقال في الشرح ، قلت : الحديث ورد في البيع ، والإجارة محمولة عليه عند بعض العامة ، لأنّها بيع ، وأمّا عندنا فلا يأتي الّا من طريق اتّحاد المسألتين الى آخره.

وقد عرفت عدم إمكان إثبات الاتّحاد بحيث لا يكون قياسا باطلا.

وضمير (فيهما) و (غيرهما) راجع الى المكيل والموزون المفهوم من الكيل والوزن.

قوله : ومع الإطلاق أو اشتراط التعجيل فهي معجلّة. الظاهر عدم الخلاف في أنّ الأجرة معجلة غير مؤجلة مع إطلاقها ، ومع قيد التأجيل ، كعدم الخلاف في التأجيل مع شرطه صرح في التذكرة (١) بعدم الخلاف في القيدين (المقيدين ـ خ) وأنّ في المطلق يملكها المؤجر بنفس العقد ، ويستحق استيفاءها ، إذا سلّم العين إلى المستأجر عند علمائنا (٢).

__________________

(١) قال في التذكرة : الأجرة ان شرط تعجيلها في العقد كانت معجلة ، وان شرط تأجيلها إلى آخر المدّة أو نجوما معيّنة كانت على الشرط لقوله عليه السّلام المسلمون عند شروطهم ولا نعلم في ذلك خلافا ، وان أطلق كانت معجّلة وملكها الموجر بنفس العقد الى آخره.

(٢) الى هنا عبارة التذكرة.

٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والتعجيل يفيد التأكيد ويمكن التسلّط على الفسخ على تقدير التخلّف ، كما هو مقتضى الشرط المذكور في العقود اللازمة ، على ما تقدم في البيع ، واختاره الشهيد الثاني.

وقد مرّ البحث في أنّه هل يتوقف على تسليم ما في يده ممّا يعمل فيه مثل الثوب ، أو على إتمام العمل فقط ، وذلك لا ينافي التعجيل المراد هنا ، فانّ المراد التعجيل (بالتعجل ـ خ) الذي هو مقتضى العقد وبعد ذلك من دون تأجيل بأجل.

ولعله لا خلاف في التعجيل حينئذ كما مرّ ، وسنده اقتضاء العرف ذلك ، وترك التأجيل ، فإنّه لو كان مؤجلا لذكر الأجل كما هو العادة ، وأنّه لو كان مؤجّلا لزم الاجمال ، ولأنّه كثمن المبيع وعوض سائر العقود ، فيجب التسليم مع الطلب بلا تأخير عرفي.

ويدل عليه الروايات أيضا مثل حسنة هشام بن الحكم (لإبراهيم) عن أبي عبد الله عليه السّلام في الحمال والأجير قال : لا يجفّ عرقه حتى تعطيه أجرته (١).

ورواية أخرى عن شعيب (سعيد ـ يب) قال : تكارينا لأبي عبد الله عليه الصلاة والسّلام قوما يعملون في بستان له وكان أجلهم إلى العصر قال فلمّا فرغوا قال لمعتّب : أعطهم أجورهم قبل ان يجفّ عرقهم (٢).

ولا يضر أنّ في الطريق حنّان وشعيب مشتركين.

وأمّا تعجيل المنفعة في زمانها مع التعيين ومع الإطلاق ، فلا شك في التعجيل إذا كان مثل منفعة دار أو عقار متصلا بما بعد العقد ، لما تقدم من اقتضاء

__________________

(١) الوسائل : الباب ٤ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ١ ، وفيه كما في التهذيب وفي بعض النسخ المخطوطة الجمّال بدل الحمال.

(٢) الوسائل : الباب ٤ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٢.

٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

العرف ذلك ، والّا يلزم البطلان ، الّا مع القرينة ، فهي كالقيد ، ويحتمل الصحة أيضا كما مر.

وبالجملة في جميع ما هو مقيّد بزمان ، يجب في أوّل ذلك الزمان ، وقد عرفت أنّ أوّله بعد العقد بلا فصل مع الإطلاق.

وامّا إذا كان منفعة دابّة لحمل مثلا فمع الإطلاق وعدم القرينة فهو كذلك ، مع تعيين الزمان ، وأمّا مع عدمه فيمكن ان يجب التسليم مع الطلب ، كما تقدم.

وأمّا إذا كان عملا مثل بناء وخياطة وصوم وصلاة ، فيمكن ذلك أيضا ، مع عدم التعيين وأمّا معه فالظاهر الوجوب في أوّله كما تقدم.

ونقل في شرح الشرائع أنّ الشهيد قال في بعض تحقيقاته : أنّ الإطلاق يقتضي التعجيل في كلّ الإجارات إذا كانت متعلقة بشخص معين ، محتجا بأن الإطلاق ينصرف الى التعجيل ، كما في الحجّ ، حتّى قال إنّه يصير كالأجير الخاص منهيا عن عمل غيره ، ويفسد ذلك العمل ، وان أوقع عقدا آخر فكذلك يبطل.

ومنع ذلك في شرح الشرائع بأصل عدم الفوريّة ، وأنّ الأمر المتوجه اليه بعد العقد لا يقتضي الفوريّة ، كما هو مذهب المحققين في الأصول.

وعلى تقديره لا يلزم النهي ، الّا ان يكون (كان ـ خ) الأمر مستلزما للنهي عن الضدّ الخاص ، وانّما يستلزم الضدّ العام والأمر الكلّي ، لا الأفراد الخاصّة.

وعلى تقديره النّهي في غير العبادات لا يدل على الفساد (١).

قلت : ان ثبت هناك عرف أو قرينة فلا كلام ، والّا فينبغي نفيه بأصل برأيه الذمّة ، كما قاله في شرح الشرائع بل ذلك جار في منفعة الدار ونحوها ، وعمل

__________________

(١) في بعض النسخ المخطوطة : لا يستلزم الفساد.

٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الدابة أيضا.

ولكن العرف يقتضي في المنفعة اتصال المدّة وفي الدابة يمكن حوالته إلى العادة ، فلا يجب التعجيل ، ولا يجوز التأخير ، بحيث يعدّ مهملا ومضيّعا.

وعلى تقدير الاشتغال والشروع فالظاهر أنّه يكفي كونه بحيث يعدّ شارعا في الجملة ، فلا يجب السعي التام والتعجيل ، وان كان أحوط ، بل كاد ان يكون واجبا في الجملة خصوصا العبادات ، فانّ حصول براءة ذمة الميت والأجير أمر ضروريّ وقد يعرض الموت ، ويشكل الأمر بانتقال الأمر الى وصيّه ، أو وصي الميت الأوّل ، وبطلان الإجارة ، وتحقيق الأمر مشكل ، الله الموفق (١).

ولهذا يوجب بعض المبادرة على الوصي ولا شك في الوجوب إذا كان ما يوصى به فوريّا ، مثل الزكاة والحج ، أو دلّت قرينة على ارادة الاستعجال ، بل القرينة موجودة دائما ، فانّ مقصود الموصى فعل ما يوصى به مستعجلا لينتفع به ، وان لا يهمل مثل ما أهمله ، والّا يتسلسل (٢).

الّا أنّ التأخير في الجملة بحيث يقضى العرف بعدم نفيه لا بأس به ، وحينئذ فالظاهر وجوب التعجيل على الوصي والعامل ، فتأمّل.

ثم اعلم أنّ الشهيد الثاني في شرح الشرائع اختار عدم وجوب اقتضاء الإطلاق التعجيل في تسليم المنفعة بل أبطل العقد مع الإطلاق وعدم القيد والقرينة ، محتجا بأنّ الإطلاق لا يقتضي معيّنا ، فيشترط ذكر المدّة ، ومع اقتضاء الأمر الفوريّة (الفور ـ خ) كما تقدّم ، ثمّ أوجب تعجيل الثمن في أوّل وقت التسليم وهو تمام العمل و (مع ـ خ) تسليم العين محتجا بأنّه يجب تسليم العوض عند تسليم

__________________

(١) في هامش بعض النسخ الخطية هكذا : ظاهر ع ل وز عدم الكلام في بطلان الإجارة إذا شرط ان يعمل الأجير بنفسه وظاهر أنّ العبادات كذلك وان لم يصرّحوا بالشرط ، فتأمل.

(٢) في بعض النسخ المخطوطة : ولا يتسلسل.

٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

المعوض كما هو مقتضى المعاوضة.

وفيه تأمل لما عرفت من اقتضاء العرف الاتّصال بأوّل العقد ، ويؤيّده الأصل والشهرة والآية (١) والاخبار (٢) فإنّ الظاهر من عدم ذكر الابتداء فيها (فيهما ـ خ) الصحة والاتصال ، فانّ (وانّ ـ خ) الظاهر أنّه يجب تسليم الأجرة بإتمام العمل للملكيّة وعموم الرواية (٣) وقد مرّ ، ويؤيّده الوجوب في المنافع بمحض العقد مع الطلب ، فتأمل.

ثمّ إنّ في قوله : لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاص ، ما قد عرفته مرارا من أنّه يقتضيه.

وأنّ تسليمه في الأمر الكلّي الذي هو الضدّ العام عنده ، كما فسّره ، مستلزم للضدّ الخاص ، وهو ظاهر.

وكذا في قوله : لا يدل على الفساد في غير العبادات ، لأنّ النهي متوجه على عدم صلاحية الوقت لعقد آخر ، فإنّه ينصرف الى زمان معين عنده ، وهو المتّصل بالعقد ، كالحج ، وقد سلّمه ، فلا معنى للمنع بعده.

نعم يمكن المنع أوّلا كما فعله فتأمل ، وهو كما في الأجير الخاصّ عنده ، وقد سلّمه الّا ان يفرّق ، فتأمّل فيه.

ولا شك أنّ ما ذكره الشهيد رحمه الله أحوط بل أنّه المتبادر في أمثال هذه العقود ، خصوصا للعبادة (للعبادات ـ خ) الفوريّة ، إلّا مع القرينة ، وان لم يكن الأمر

__________________

(١) لعلها إشارة إلى قوله تعالى (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) (الطلاق ـ ٦) أو الى قوله تعالى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) الآية (النساء ـ ٢٤) فان التفريع بالفاء ظاهر في الاتصال ، الى غير ذلك من الآيات.

(٢) راجع الوسائل الباب ٤ من أبواب كتاب الإجارة وغير ذلك ، ج ١٣ ص ٢٤٦.

(٣) الوسائل الباب ٤ من أبواب كتاب الإجارة الرواية ٢ وغيرها من روايات الباب.

٣٠

والا بحسب الشرط إمّا في نجم أو أزيد بشرط العلم.

ولو وجد بها عيبا تخيّر بين الفسخ والعوض ، إذا (ان خ) كانت مطلقة ، وبين الفسخ والأرش ان كانت معيّنة.

______________________________________________________

مطلقا للفور ، فتأمل.

ولا شك في عدم التعجيل لو أجل ، أو دلّت القرينة على ذلك (فتأمّل ـ خ).

قوله : والّا فبحسب الشرط إلخ. ان لم يكن مطلقا ولا معجّلا يكون مؤجلا بحسب ما شرط من الأجل ، فإن شرط أجلا واحدا للكلّ يلزم ذلك ، وان تعدّد الأجل يلزم بعد كل أجل معين ما عين له من الثمن.

قوله : ولو وجد بها عيبا تخيّر إلخ. وجه التخيير ـ بين الفسخ والعوض ان كانت الأجرة المطلقة معينة ـ أنّ المطلق يتعيّن بتعيين المالك ، وقبض المستحق كالزكاة ، فحينئذ له الفسخ لكون المعينة معيبة ، وله الابدال بالصحيح الذي هو مقتضى العقد.

وهو غير واضح فإنّه مطلق غير معين ولا يلزم التعيين بتعيين المالك (بما ذكر ـ خ) مع كونه معيبا ، وهو ظاهر ، ومقتضى الأصل ، والاستصحاب ، والّا كان ينبغي له الأرش أو الفسخ لا البدل.

فالظاهر أنّ في الإطلاق له العوض فقط ، فان تعذر ولو بفوت بعض المنافع المطلوب عرفا بالتأخير يكون له الفسخ.

وإذا كانت معيّنة له الفسخ أو الأرش.

كأنّ دليله ظاهر ممّا تقدم في المبيع المعيب ، ويمكن اختصاص المبيع المعيب بالحكم ، لدليله ، ويكون هنا الفسخ فقط ، بل ويمكن الانفساخ أيضا ، لعدم وقوع الرضا به ، فيكون العقد كالعدم ، فتأمل.

٣١

ويجوز ان يؤجر ما استأجره ، أو بعضه بأكثر من مال الإجارة.

______________________________________________________

قوله : ويجوز ان يوجر ما استأجره إلخ. الظاهر عدم الخلاف في جواز استيجار الدار التي استأجرت مثلا ، على تقدير عدم اشتراط استيفاء المنفعة بحيث يمنع ذلك (تلك خ ل) الإجارة ، وعدم قرينة معيّنة لذلك ، بل وقعت الإجارة بحيث صارت المنفعة ملكا للمستأجر كالمؤجر ، فيفعل بها ما يريده ، قال في التذكرة لو استأجر دارا أو دابة أو غيرهما من الأعيان التي يصحّ استيجارها ، جاز له ان يؤجرها من غيره عند علمائنا اجمع إلخ.

ولكن قيل : ولكن لا يسلّم إلى المستأجر الثاني الّا بإذن المالك للعين ، حتى لا يكون ضامنا لها ، وما عرفت دليله ، فتأمل.

والظاهر عدم الاشتراط ، وعدم الضمان بدونه ، للأصل ، وللاذن بالاستيجار فرضا ، فيجوز له أن يؤجرها بأقلّ ممّا استأجر وبالمساوي ، من غير نزاع وخلاف.

والأصل والقاعدة وأدلة جوازها ، يقتضي جوازها بأكثر من الأجرة ، وان كان بجنسها أيضا ، وان لم يحدث حدثا من عمارة وشبهها.

قال في التذكرة : وهو يجوز عند أكثر علمائنا ، وحمل الرواية المانعة (١) على الكراهة قال في التذكرة قال الشيخ رحمه الله (تذنيب) لا يجوز ان يؤجر المسكن ولا الخان ولا الأجير بأكثر ممّا استأجره ، الّا ان يؤجر بغير جنس الأجرة ، أو يحدث ما يقابل التفاوت ، وكذا لو سكن بعض الملك لم يجز أن يؤجر الباقي بزيادة عن الأجرة والجنس واحد ، ويجوز بأكثر لرواية الحلبي عن الصادق عليه الصلاة والسّلام.

(كأنّها حسنة لإبراهيم) قال : لو أنّ رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم وسكن ثلثيها وآجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس ولا يؤاجرها بأكثر ممّا استأجرها

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٢١ و ٢٢ من أبواب كتاب الإجارة ، ج ١٣ ، ص ٢٦١. ، ص ٢٦٤.

٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

به الّا ان يحدث فيها شيئا (١).

ورواية أبي بصير (في الكافي) قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام انّى لأكره أن استأجر رحى وحدها ثم أو أجرها بأكثر ممّا استأجرتها به الّا ان يحدث فيها حدثا (حدث ـ خ) أو يغرم فيها غرامة (٢).

ولا يخفى أنّهما لا يدلان على تمام المطلوب ، بل الأولى تدل على عدم استيجار الدار بأكثر ممّا استأجر ، الّا ان يحدث شيئا ، بل بعد سكون بيت منها ، فلا يدلّ على غيرها ، وعلى كون الحدث يقابل التفاوت ، بل سيجي‌ء أنّ أدنى شي‌ء ، يكفي.

ولا على اختصاص المنع بالجنس الّا ان يؤخذ من الأكثر ، فتأمّل.

مع أنها ليست بصحيحة ، لوجود إبراهيم (٣) ، مع اشتراك حمّاد والحلبي ، وان كان الظاهر أنّهما الثقتان ، فتأمل.

والثانية غير صحيحة لوجود عثمان بن عيسى ، عن زرعة عن سماعة (٤) ولا صريحة ، بل ليست دالة على مطلوب الشيخ ، الذي ذكر سابقا ، ولفظة (أكره) مؤيّدة للحمل على الكراهة ، فهو غير بعيد.

وأمّا الذي يدل على التقبيل بأقلّ ممّا قبله مع عمل ، فهو روايات كثيرة ،

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب كتاب الإجارة ، هكذا في الوسائل كما في الكافي أيضا : ولكن في التذكرة وبعض النسخ الخطية ، والمطبوعة ، وهكذا : وسكن بيتا منها وآجر بيتا منها بعشرة دراهم الى آخره.

وفي التهذيب : وآجر بيتا منها بعشرة دراهم لم يكن به بأس الى آخره فراجع.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٥.

(٣) سندها ـ كما في الكافي ـ هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي (باب الرّجل يستأجر : الرواية ٤).

(٤) وسندها ـ في الكافي في الباب المذكور ـ هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، ولا يخفى أنّه ليس فيها : زرعة عن سماعة.

٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل صحيحة أبي حمزة عن الباقر عليه الصلاة والسّلام قال : سألته عن الرجل يتقبل العمل فيقطعه ويعطيه من يخيطه ويستفضل؟ قال : لا بأس قد عمل فيه (١).

هكذا في شرح المتن والمختلف (٢) أيضا وأظنه غلطا ، فإنّ صحيحة أبي حمزة على ما رأيتها في التهذيب ، هكذا : عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : سألته عن الرجل يتقبل العمل فلا يعمل فيه ويدفعه الى آخر يربح فيه قال : لا (٣).

وفي التذكرة لا بأس به وجعلها دليلا على الجواز (٤) ، ونقل هذا المتن بعينه ، بسند صحيح ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام الّا انه زاد بعد قوله : لا ، الّا ان يكون قد عمل فيه شيئا (٥).

نعم ذلك مذكور بعينه ، إلّا بزيادة لفظ الخياط في صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن الرّجل الخيّاط يتقبل العمل ، ويقطعه ويعطيه من يخيطه ، ويستفضل؟ قال : لا بأس قد عمل فيه (٦).

وهذا هو دليل الشيخ ، ولكن دلالتها بالمفهوم.

وقريب منه رواية إسحاق بن عمار الآتية (٧) مع عدم الصحة بغياث بن كلوب البتري (٨) وغيرها.

__________________

(١) راجع الوسائل : الباب ٢٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٤.

(٢) راجع المختلف كتاب الإجارة ، ج ٢ ، ص ٤.

(٣) راجع الوسائل الباب ٢٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٤.

(٤) انتهى كلام العلامة قدّس سرّه في التذكرة (ج ٢ ص ٢٩١).

(٥) راجع الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ١.

(٦) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٥.

(٧) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٢.

(٨) وسندها ـ كما في التهذيب ـ هكذا : محمّد بن الحسن الصفّار ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمّار.

٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل رواية حكم الخيّاط قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام أتقبل الثوب بدرهم وأسلّمه بأقل (بأكثر ـ كا) من ذلك لا أزيد على أن أشقه؟ قال : لا بأس بذلك ، ثم قال : لا بأس فيما تقبّلت من عمل ثم استفضلت (١).

ودلالتها ظاهرة ، ولكن حكم مشترك كأنّه ابن أيمن لأنّه قال النجاشي حكم بن أيمن الخيّاط وهو مذكور في الفهرست أيضا من غير توثيق ، وغير مذكور في الخلاصة ورجال ابن داود.

الّا انّ في التهذيب : الخياط ، فلعل أراد في المختلف بقوله : في الصحيح عن حكم ، كونه صحيحا إليه ، فتأمل.

ورواية عليّ الصائغ قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : أتقبل العمل ، ثم أقبله من غلمان يعملون معى بالثلثين؟ فقال : لا يصلح ذلك ، الّا ان تعالج معهم فيه (قال ئل) قلت : فإنّي أذيبه لهم؟ قال : فقال : ذلك عمل فلا بأس (٢).

دلالتها لا بأس بها ، الّا أنّ علي الصائغ كأنّه علي بن ميمون الصائغ ، كما يفهم من حديث بعده في التهذيب ، ومن الرّجال ، وقال ابن داود النجاشي الغضائري ، حديثه يعرف وينكر.

وفي الطريق أيضا ابن مسكان (٣) وان كان الظاهر أنّه عبد الله ، لنقل علي بن نعمان عنه.

وفي خبر مجمع ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه الصلاة والسّلام أتقبل الثياب أخيطها ، ثمّ أعطيها الغلمان بالثلثين؟ فقال : أليس تعمل فيها؟ فقلت : أقطعها

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الإجارة الرواية ٧.

(٣) وسندها ـ كما في التهذيب ـ هكذا : الحسين بن سعيد عن علي بن النعمان عن ابن مسكان ، عن علي الصائغ.

٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

واشترى لها الخيوط ، قال لا بأس (١).

وهذه الاخبار صريحة في أنّه يكفي أدنى العمل ، وما يصدق عليه لا الّذي نقل عن الشيخ في التذكرة من احداث ما يقل (٢) التفاوت في إجارة المسكن.

وحسنة أبي المعزى عن الصادق عليه السّلام في الرّجل : يستأجر (يؤاجر ـ ئل) الأرض ثم يؤاجرها بأكثر ممّا استأجرها ، فقال : لا بأس انّ هذا ليس كالحانوت و (لا ـ خ) الأجير ، انّ فضل الحانوت والأجير حرام (٣).

في دلالتها على تمام مطلوب الشيخ تأمل ، بل يدلّ على الجواز في الجملة.

والظاهر عدم البأس مطلقا ، الّا في الحانوت والأجير من غير عمل مطلقا ، لما مرّ ، والجمع بين الأدلة ، وعدم دليل صالح للمنع مطلقا ، والتصرف في جميع تلك الأدلة ، وجواز تصرف المالك في ماله بما يريد ، والاخبار (٤).

ثمّ اعلم أن الشارح قال : واعلم أنّ روايات أصحابنا دالّة على المنع في البيت والخان والأجير ، لا على المنع في غيرها ، فينبغي الاقتصار على مورد المنع ، وهو ظاهر مذهب نجم الدين في الشرائع حيث عدّ الثلاثة خاصّة.

وأنت قد عرفت أنّ المنع في الحانوت والرّحى أيضا موجود بل في غيرهما أيضا.

مثل موثقة إسحاق بن عمار (لغياث بن كلوب البتري الثقة على ما قيل) عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام أن أباه كان يقول : لا بأس بأن يستأجر الرّجل الدار

__________________

(١) الوسائل : الباب ٢٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٦.

(٢) عبارة التذكرة هكذا : تذنيب ، قال الشيخ رحمه الله : لا يجوز ان يوجر المسكن ولا الخان ولا الأجير بأكثر مما استأجره الّا أن يؤجر بغير جنس الأجرة ، أو يحدث ما يقابل التفاوت انتهى.

(٣) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٤.

(٤) راجع الوسائل الباب ٢٠ و ٢١ من أبواب أحكام الإجارة.

٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أو الأرض أو السفينة ، ثم يؤاجرها بأكثر ممّا استأجرها به إذا أصلح فيها شيئا (١).

وغيرها أيضا الّا أنها غير صحيحة ولا صريحة في المنع.

لكن الظاهر انّ الشيخ قد يستدلّ بمثلها ، ويجمع كما فعل (قيل ـ خ) ، فتأمل ، وان كانت بعض الروايات ظاهرة في اختصاص المنع بالأجير والحانوت ، كحسنة أبي المعزى المتقدمة (٢).

وانّ المنع (٣) ليس في البيت ، بل في الدار.

وقال في الشرائع : (المسكن) ، كالشيخ (٤) ، ويمكن ان يكون المراد ، الدار.

وأيضا أنه قال في الشرائع مثل ما نقل سابقا عن الشيخ ، من أنّ المنع بالأكثر في الجنس ، والروايات خالية عنه.

وقد عرفت أيضا أنّ مفاد الروايات ما يصدق العمل والحدث ، لا ما يقابل التفاوت كما قاله الشيخ على ما نقل عنه سابقا ، الّا ان يكون المراد ما يقابله في الحملة ، لا بالمساواة ، فتأمل.

وأيضا قال : واعلم أنّ هذه المسألة مفروضة في الإجارة المطلقة أمّا إذا عيّن العامل فلا بحث في المنع والضمان ، لو سلّم العين ، ولا ضمان في المطلقة بالتسليم لصحيحة على بن جعفر عليه السّلام الآتية (٥) ، وابن إدريس (٦) أوجب الضمان وابن الجنيد نفى الضمان ان سلّم إلى أمين.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٢ ، وقد تقدم ذكر سندها آنفا.

(٢) تقدم نقلها قبيل ذلك.

(٣) عطف على قوله انّ الشيخ إلخ.

(٤) يعني عبّر في الشرائع ب (المسكن) كالشيخ.

(٥) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ١.

(٦) زاد في هامش بعض النسخ المخطوطة ـ بعد قوله لصحيحة علي بن جعفر الآتية ـ ما هذا لفظه : في عدم ضمان الدابّة المستأجرة بالتسليم الى الغير ، وصورة النزاع أولى ، وابن إدريس إلخ.

٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد عرفت أنّه يجوز التسليم بغير اذن المالك لثبوت الملكية المقتضية له مع عدم المنع ، والأصل ، والاذن المسقط غالبا ، كما هو المفروض.

فإيجاب ابن إدريس بعيد ، كقول الشيخ على ما يفهم من بعض حواشيه مع تجويزه التسليم ، وهو الظاهر من الشرح أيضا ، وقول ابن الجنيد أقرب منه حيث استحسنه العقل ، وفي بعض الروايات في بحث اجارة التهذيب اشارة ما اليه.

مثل صحيحة محمّد بن الحسن الصفار قال كتبت الى الفقيه عليه السّلام : في رجل دفع ثوبا الى القصّار ليقصّره فيدفعه (فدفعه ـ خ) القصّار الى غيره (إلى قصّار غيره ـ ئل) ليقصّره ، فضاع الثوب هل يجب على القصّار ان يردّه إذا دفعه الى غيره ، وان كان القصار ، مأمونا؟ فوقّع عليه السّلام : هو ضامن له ، الّا ان يكون ثقة مأمونا إنشاء الله (١).

ولكن ظاهرها أنّها في الأجير المعيّن ، ولا كلام في ضمانه مطلقا على ما مرّ فيمكن حملها على استحباب عدم تضمينه ان كان أمينا ثقة ، للجمع بين الأدلة ، وان أمكن الجمع بحمل المطلق على المقيد ، وهو واجب ومقدّم ، الّا أنّ الأوّل أولى ، ان كان المراد الأجير الخاص ، والّا فالثاني ، فتأمل.

وصحيحة علي بن جعفر عليهما السّلام (هي المذكورة في إجارة التهذيب والكافي أيضا) عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام قال : سألته عن رجل استأجر دابة فأعطاها غيره فنفقت ، فما (ما ـ ئل) عليه؟ قال : ان كان الشرط (شرط ـ ئل) ان لا يركبها غيره ، فهو ضامن لها ، وان لم يسمّ فليس عليه شي‌ء (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ١٨.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ١.

٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

قال في الشرح : يدل على المطلوب بالطريق الاولى.

كأنّ الأولويّة لأنّه إذا لم يثبت الضمان بالتلف في يد غير مالك المنفعة مع تسليمه إيّاه بغير الاذن فعدم الضمان مع تلفه في يد مالكها اولى ، والفرض أنّه استأجره الثاني ، فيملك المنفعة ، وهو ظاهر.

واليه أشار في المختلف واختار عدم الضمان لما تقدم.

ويدلّ على جواز الدفع وعدم الضمان أيضا ما سيجي‌ء في صحيحة محمّد بن الحسن الصفار الى الفقيه عليه السّلام في شرح قوله : ولو تلف إلخ (١).

ولا يخفى أنّ صحيحة عليّ بن جعفر عليه السّلام تدل على جواز الاستيجار وتسليم المستأجرة إلى الغير بغير اذنه ، وعدم الضمان ، ما لم يصرح بالمنع ، فإذا اكترى دابة للركوب يجوز له ان يركب غيره بالإجارة ، وعدمها ، كما مرّ ، الّا ان تدلّ قرينة على أنّ المراد المنع ، مثل ان يكون معلوما أنّ المراد ركوب المستأجر بنفسه ، لصلاحه (لعلمه خ) وتقواه أو كونه أخف فيمكن حمل الأخف أو مثله ، ان علم ، والّا فلا ، فتأمل.

واعلم أيضا ، أنّ عبارات الكتب مضطربة هنا ، فإنّ رواية أبي حمزة الموجودة في التهذيب عن أبي جعفر عليه السّلام (٢) نقلت في التذكرة دليلا على الجواز حيث كان فيه : (لا بأس) به مع أنّه ليس في التهذيب الّا (لا) ونقلت بعينها في الكافي عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام وزاد بعد (لا) : الّا ان يكون قد عمل فيه شيئا) ونقلت رواية محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام (٣) الموجودة في التهذيب على ما مرّ بعينها عن أبي حمزة عن الباقر عليه السّلام في شرح

__________________

(١) في المتن عند قوله قدّس سرّه المطلب الثاني في الأحكام.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ١.

٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

المتن والمختلف.

وقال في شرح القواعد حسنة الحلبي عن الصادق عليه السّلام وقد سئل عن إجارة المستأجر العين بأكثر ممّا استأجرها قال : لا يصلح ذلك الّا ان يحدث فيه شيئا (١) ومثله عن أبي بصير وزاد (أو يعزم فيها غرامة) (٢).

الحسنة ليست كذلك ، بل هي ، الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في الرّجل يستأجر الدّار ثم يؤاجرها بأكثر إلخ (٣).

وليس مثلها رواية أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : اني لأكره ان استأجر رحى وحدها ، ثم أؤاجرها بأكثر ممّا استأجرتها به ، الّا ان يحدث فيه حدثا ، أو يغرم فيها غرامة (٤).

وهذا دليل قوى على عدم الخروج عن الأصل والضابطة مهما أمكن ، فهو مؤيد للحمل على الكراهة ، كما اختاره العلامة قدّس الله سرّه ، ولو لا هذا لكان القول بالتحريم ـ مع عدم الأحداث والعمل ـ اولى.

وأيضا ما رأيت خبرا دالا على جواز الإجارة بأكثر من غير احداث والتقبيل بالأقل من غير عمل صريحا ، إلّا رواية أبي حمزة على الوجه المنقول في التذكرة ، وليست كذلك في الأصول ، كما مرّ فقول شرح القواعد : الروايتان محمولتان على الكراهة جمعا بين الاخبار (٥) محل التأمل ، ولو قال : بين الأدلة ، لكان

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٥.

(٣) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٤.

(٤) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أحكام الإجارة الرواية ٥.

(٥) قال في جامع المقاصد عند شرح قول المصنف : ويجوز أن يؤجر إلخ والروايتان (أي روايتي الحلبي وأبي بصير) محمولتان على الكراهية جمعا بين الاخبار على انّ في الثانية : (اني لأكره) وهو صريح في الكراهية وهو الأصح.

٤٠