مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٨

وله الرجوع في الاذن ، والمطالبة بالقسمة متى شاء.

______________________________________________________

فان اذن أحدهما الآخر (لآخر ـ خ) اختصّ المأذون بالتصرّف ، ولا يجوز للآذن التصرف إلّا بإذن المأذون ، والاذن توكيل فلا يتعدى ، فان كان عامّا يتصرّف كذلك ، وان كان خاصّا فكذلك.

وأنّه تابع للمصلحة ، الّا ان يصرّح فلا يجوز البيع نسيئة ، ولا بغير نقد البلد ولا يشترى ولا يبيع بالغبن الفاحش الذي ليس للوكيل الّا مع اذن الشريك ، فان خالف لزم في حصّته ، ويبطل في حصّة الشريك ، أو يكون موقوفا على تقدير جواز الفضولي ، فمع البطلان يتخير المشتري مع الجهل ، لتبعّض الصفقة فإنّه عيب موجب للخيار عند الأصحاب.

وبالجملة قد صرّح في التذكرة مرارا انّ اذن الشريك توكيل ، فلا يجوزه الى غير ما يجوز للوكيل ، فلا بدّ ان يقتصر على ما اذن له فيه.

ولو أطلق الاذن وعمّمه فله التصرف كيف شاء بحيث لا يخرج عن مقتضاه شرعا وان عيّن جهة فتجاوزها كان ضامنا وآثما بل غاصبا.

وليس لأحدهما السّفر بمال الشركة ، فلو اذن في التجارة في البلد فسافر به أو اذن به الى جهة وسافر إلى أخرى ، أو تعدى أثم وضمن وبالجملة لا يجوز التجاوز عن الاذن ، والتصرف بغيره موجب لهما (للإثم والضمان ـ خ ل).

قوله : وله الرّجوع في الاذن إلخ. لما عرفت انّ الشركة عقد جائز ، وأنّه ليس من العقود اللازمة بالإجماع ، قاله في التذكرة (١) : فإذا اذن أحدهما الآخر في التصرف لا يلزمه المضي في ذلك فيجوز له الرّجوع ، فله فسخ الشركة والرّجوع عن الاذن ، ولانّه توكيل وتوكّل ، فيجوز الفسخ بالعزل والانعزال ، فتبقى الشركة بالمعنى الأوّل ، وتبطل بالمعنى الثاني أي العقد ، فيصحّ العزل والرجوع بقوله : لا تتصرّف

__________________

(١) في بعض النسخ : قال في التذكرة.

٢٠١

وليس له المطالبة بالإنضاض.

والشريك أمين لا يضمن ، بدون التعدّي.

______________________________________________________

وعزلتك ، ولا ينعزل العازل الّا بعزل صاحبه ، ولو عزل نفسه ينعزل ، والظاهر انه لا يحتاج حينئذ إلى إذن جديد كما مرّ في الوكيل ، فتذكر.

قال في التذكرة : ولو قال أحدهما : فسخت الشركة ارتفع العقد وانفسخ من تلك الحال وانعزلا جميعا عن التصرف لارتفاع العقد (١).

وفيه تأمل لأنّ أحدهما تكلّم فقط ، فقوله : فسخت الشركة ، يؤول الى عدم اذنه للآخر بالتصرف وعزله وابطال وكالته لأنّه قد مرّ مرارا انّ هذا العقد توكيل واذن (٢) وغاية ما يكون عزلا لنفسه (٣) أيضا ، فإذا بدا له يجوز التصرف ، إذا قلنا انّ الوكيل لا ينعزل بمجرد عزله ، ولا يحتاج إلى إذن جديد ، الّا ان يعلم الآخر الموكل ، بل يرضى بعزله ، أو يعزله فتأمّل.

وكذا تنفسخ بموت أحدهما (٤) وجنونه وإغمائه وحجره ، وبالجملة أنّه كالتوكيل (كالوكيل ـ خ) بل توكيل.

قوله : وليس له المطالبة إلخ. ليس لأحد الشركاء مطالبة الشريك بان ينقد المال حتى يقسم ، فإنه تكليف يحتاج الى دليل ، ولا دليل ، والأصل براءة الذمة ، وهو ظاهر.

قوله : والشريك أمين إلخ. قال في التذكرة : كل واحد من الشريكين أمين يده يد امانة على ما تحت يده ، كالمستودع والوكيل ، يقبل قوله في الخسران والتلف مع اليمين ، كالمستودع إذا ادّعى التلف ، سواء أسند التلف الى سبب ظاهر

__________________

(١) راجع التذكرة ج ٢ ص ٢٢٤.

(٢) في النسخ المخطوطة هكذا : انّ هذا العقد والاذن ، توكيل.

(٣) مراده قدّس سرّه انّ غاية ما يكون أنّه يكون عزلا لنفسه.

(٤) سيأتي تعرض المتن لذلك.

٢٠٢

ويقبل قوله في عدمه ، وعدم الخيانة ، واختصاص الشراء واشتراكه ، ويبطل الاذن بالجنون والموت.

ولو دفع اليه اثنان دابّة وراوية على الشركة لم يصح ، والحاصل للسّقاء ، وعليه أجرتهما ، وقيل يقسّم أثلاثا ، ويرجع كل منهم على صاحبه بثلث أجرته.

______________________________________________________

أو خفي (١).

فلا يضمن الّا مع الإفراط والتفريط كالوكيل وللأصل (٢).

ويقبل قوله في عدم ما يوجب الضمان من التعدي وكذلك في عدم الخيانة أي أخذ (٣) بعض المال من المال المشترك والتصرف فيه ، ونحو ذلك ، ويقبل قوله أيضا في عدم الشراء بالمال المشترك بل بما يخصّه ، وكذا إذا ادّعى الشراء بالمشترك.

وقوله : (يبطل الإذن إلخ) قد علم.

قوله : ولو دفع إليه اثنان إلخ. أي لو اعطى لزيد اثنان أحدهما دابّة والآخر راوية ـ ليستقي زيد عليها بالرواية ، فيبيع الماء على الشركة ، ويكون الحاصل بينهم مثلثا ـ ، لم تصح الشركة ، لما عرفت ان لا شركة في البدن ، بل لا بدّ ان تكون في المال الممتزج الذي لا امتياز له أصلا ، وحيث لا امتزاج لا شركة ، فيكون الحاصل للسقاء لانّه حائز للماء فيملكه ، وعليه اجرة الدابة وأجرة الراوية لصاحبهما ويحتمل الأقلّ من الأجرة والحصّة ، أي ثلث الحاصل ، لما مرّ.

وقيل يقسّم الحاصل أثلاثا ، فإن كانت اجرة مثلهم متساوية فلا بحث ، وان كانت متفاضلة فيرجع كل واحد منهم على صاحبه بثلث اجرة مثله.

__________________

(١) انتهى كلام التذكرة ج ٢ ص ٢٢٥.

(٢) يعني لأنّه كالوكيل وللأصل ، فهو عطف على المعنى.

(٣) هذا تفسير المضاف إليه (يعني الخيانة).

٢٠٣

ويكره مشاركة الكفّار.

______________________________________________________

مثلا كان الحاصل ستّة دراهم ، واقتسموا أثلاثا صار لكل واحد منهم درهمان ، وكان اجرة المثل للسقّاء ثلاثة دراهم ، ولصاحب الرواية ، درهمان ، ولصاحب الدابّة درهم ، فيرجع السّقاء بثلث أجرته على صاحب الرواية ، وبثلثها على صاحب الدابّة ، فصار معه أربعة دراهم ، ويرجع صاحب الرواية على كل منهما بثلثي درهم ، فصار معه درهمان وثلث درهم ، ويرجع صاحب الدابّة على كل منهما بثلث درهم ، فصار معه درهم ، فبقي عند كل واحد اجرة مثله ، وهي ثلاثة للسقّاء واثنان لصاحب الراوية ، وواحد لصاحب الدابّة ، وهي أجرة مثلهم.

قواعدهم تقتضي الأوّل ، والثاني يقتضيه النظر في الجملة ، والثالث لا وجه له ، الّا أن يرجع الى أجرة المثل.

قوله : ويكره مشاركة الكفار. لأنّه موجب لسلطنته على المسلم ، ولانّه تستلزم المخالطة ، ولانّه ظالم ، ويكره معاملة الظلمة ، ولانّه لا بد من الحكم بكونه أمينا ، ولا امانة له.

ويحتمل أمانته في المعاملة ، وقد يكون أمينا حينئذ ، ولهذا قال الله تعالى (مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) (١).

وأكثر الوجوه يجري في الفاسق والظالم ، خصوصا الّذي لا يجتنب أموال الناس مطلقا ، فتأمّل.

وكأنّ وجه الاختصاص هو الرواية ، مثل صحيحة ابن رئاب (أي علي الثقة) قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام ، لا ينبغي للرّجل المسلم ان يشارك الذمّي ، ولا يبضعه بضاعة ، ولا يودعه وديعة ، ولا يصافيه المودّة (٢).

ورواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، انّ أمير المؤمنين عليه السّلام

__________________

(١) آل عمران : ٦٨.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب الشركة الرواية ١.

٢٠٤

ولو باعا سلعة صفقة وقبض أحدهما نصيبه شاركه الآخر.

______________________________________________________

كره مشاركة اليهودي والنصراني والمجوسي ، الّا ان تكون تجارة حاضرة ، لا يغيب عنها المسلم (١).

كأنّه استثناء منقطع والمدّعى أعم مما في الرواية ، فلا يتمّ ، الّا ان يقال : يفهم الباقي بالطريق الأولى.

قوله : ولو باعا سلعة إلخ. أي لو باع الشريكان سلعة مشتركة ، صحّ البيع ، وكان الثمن مشتركا بينهما ، فكلّ ما قبض أحدهما منه كان بينهما ، والباقي كذلك ، وان قال أحدهما للآخر : خذ أنت نصيبك منه.

وجهه انّ ما في الذمم لم يختص بأحدهما ، ولا يقبل القسمة ما دام كذلك ، لعدم تعيين شي‌ء بيقين قبل الأخذ ، فلا يختص به ، لانّه فرع التعيين.

وكأنّه لا خلاف عندهم الّا عن ابن إدريس في انّ ما في الذمة مطلقا لا يقبل القسمة ، فكل ما يأخذه أحدهما شاركه الآخر ، سواء كان في ذمم متعدّدة أو في ذمة واحدة ، والصورة المفروضة واحدة من تلك الصّور.

قال في التذكرة : لا يصحّ قسمة ما في الذّمم ـ الى قوله : ـ فلو تقاسما ، ثمّ توى بعض المال ، يرجع من توى ماله على من لم يتو ، وبه قال ابن سيرين (٢) إلخ.

وقال أيضا فيها : لو كان لرجلين دين بسبب واحد امّا عقد أو ميراث أو استهلاك أو غيره ، فقبض أحدهما منه شيئا ، فللآخر مشاركته فيه ، وهو ظاهر مذهب احمد بن حنبل ـ الى قوله ـ ولأنّ تملك القابض ما قبضه يقتضي قسمة الدّين في الذمّة من غير رضا الشريك ، وهو باطل ، فوجب أن يكون المأخوذ لهما ، والباقي بينهما ، ولغير القابض الرجوع على القابض

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب الشركة الرواية ٢.

(٢) راجع التذكرة : ذيل مسألة لو كان لرجلين دين بسبب واحد أمّا عقد إلخ ، ص ٢٢٨.

٢٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

بنصفه ، سواء كان باقيا في يده أو أخرجه عنها ، وله ان يرجع على الغريم ، لأنّ الحق ثابت في ذمّته لهما على وجه سوى ، فليس له تسليم حق أحدهما إلى الآخر ، فان أخذ من الغريم ، لم يرجع على الشريك بشي‌ء لأنّ حقّه ثابت في أحد المحلّين فإذا اختار أحدهما سقط حقّه من الآخر ، وليس للقابض منعه من الغريم ، بان يقول : انا أعطيك نصف ما قبضت ، بل الخيرة له من أيّهما شاء قبض ، فان قبض من شريكه شيئا رجع الشريك على الغريم بمثله ، وان هلك المقبوض في يد القابض ، تعيّن حقّه فيه ، ولم يضمنه الشريك ، لانّه قدر حقّه فيما تعدّى بالقبض ، وانّما كان لشريكه مشاركته ، لثبوته في الأصل مشتركا ولو أبرأ أحد الشريكين الغريم من حقّه برأ ، لأنّه بمنزلة قبضه منه وليس للشريك (لشريكه ـ خ) الرّجوع عليه بشي‌ء ، لأنّه لم يقبض شيئا من حقّ الشريك (١).

ولا يخفى ما في هذا الحكم من الإشكال ، لأنّ الذي قبضه الشريك ان تعين كونه من الدين المشترك ، فليس لشريكه الرّجوع الى الغريم في حصته منه ، وأنّه لو تلف في يده يكون التالف منهما ، لأنّ الحق المشترك قد تعيّن في المأخوذ ، فهو لهما ، ولا يجوز حينئذ للشريك التصرّف فيه بوجه ، الّا ان يأذن شريكه ، ولا يجب الأداء على المديون ، بل لا يجوز.

وقد ادّعى الإجماع على ذلك في شرح الشرائع ، وانّ هذا التعيين بغير اذنه مشكل ، بل مع الاذن وقصد الآخذ قبضه لنفسه لا له أيضا لأنّه ليس بأكثر من الوكيل إذا قصد بالأخذ غير الموكّل فيه ، ومع قصد الغريم أنّه للقابض فقط أشكل ، فتأمّل.

وان لم يتعيّن أصلا ، يكون ملك الغريم ، ولا يتعيّن حقّ (من ـ خ) القابض

__________________

(١) انتهى كلام التذكرة ص ٢٢٨.

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضا ، وهم لا يقولون به.

وان تعيّن كون الكلّ حقّه ، كما يدلّ عليه الحكم بأنّه لو تلف في يده تعين حقّه فيه ، ولم يضمنه الشريك ـ فلا معنى لرجوع الشريك اليه ، وكونه شريكا وكون الدين غير قابل للقسمة.

وان تعين حصّته فيه مشاعة ، فلا معنى لكون التالف كلّه من ماله.

وبالجملة الحكم الذي حكموا في نحو هذه المسألة ـ من عدم قابلية الدّين للقسمة ، بمعنى عدم اختصاصه بالقابض ، بل اشتراك المقبوض بينهما بالمعنى المتقدم ، مع الاحكام التي نقلناها من التذكرة ـ مشكل ، لأنّه ما قبض الّا لنفسه مال الغريم بغير اذن الشريك ، فتأمّل.

على أنّ قوله من غير رضا الشريك يشعر بأنّه مع الرّضا يصحّ القسمة.

وأيضا قوله : فوجب ان يكون المأخوذ لهما والباقي بينهما صريح في كونهما شريكين في المقبوض ، فينبغي ان يكون التالف منهما ، ولا يكون للشريك الرّجوع الى الغريم.

وأيضا كيف يكون ذلك مع قصد القابض لنفسه وعدم اذن الشريك ، ومعه لا ينبغي الرجوع الى الغريم ، وينبغي الشركة في الضمان ، كما مرّ.

وأيضا قوله : فليس له تسليم حق أحدهما إلى الآخر صريح في عدم تعيّن حق له فيه ، مع أنّه قد نقل جواز ذلك اتفاقا ، وكذا قوله : تعدى ، فتأمّل ، فالحكم المذكور المشهور مشكل.

وكذا قول ابن إدريس اختصاص القابض بما قبض ، لأنّه ما أخذ إلا الثمن مثلا ، وهو مشترك ، وليس له شي‌ء مخصوص ، وهو دليل الجماعة على المشهور مع الروايات ، فينبغي التأمل في دليل المسألة.

والذي يعلم من كلامهم أنّ الدين المشترك لم يقبل القسمة ، سواء كان

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

في ذمة واحدة أم متعددة ، بمعنى أنّه على تقدير القسمة برضاهما ، ما يحصل لكل منهما ، وما يبقى ويتلف فهو لهما ، فيرجع (فرجع ـ خ) حينئذ بحصته ممّا حصل ، على الآخر.

ولا تدلّ الروايات أيضا على أكثر من ذلك ، مثل رواية أبي حمزة ، قال : سئل أبو جعفر عليه السّلام ، عن رجلين بينهما مال منه بأيديهما ومنه غائب عنهما ، فاقتسما الّذي بأيديهما ، وأحال كل واحد منهما بنصيبه (من نصيبه الغائب ـ ئل) من الغائب ، فاقتضى (فاقبض ـ خ) أحدهما ، ولم يقتض (يقبض ـ خ) الآخر؟ قال : ما اقتضى أحدهما فهو بينهما ، ما يذهب بماله (١).

أي لا يأكل الآخر ماله الذي لم يقتض.

وأبو حمزة كأنه الثّمالي ، ولكن في الطريق على بن الحكم ، عن بعضهم ، الّا أنّه لا يضرّ ، لقبول الأصحاب ومثلها رواية محمّد بن مسلم ، عن أحدهما (٢) ، مع ضعف السند.

ورواية معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجلين الى آخر ما نقلناه عن أبي حمزة بعينه (٣).

ورواية عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن رجلين بينهما مال منه دين ومنه عين ، فاقتسما العين والدّين ، فتوى (أي هلك وكلف) الذي كان لأحدهما من الدّين أو بعضه وخرج الذي للآخر ، أيردّ على صاحبه؟ قال : نعم ما يذهب بماله (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من كتاب الشركة الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب الشركة الرواية ١ بالسند الثالث.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب الشركة الرواية ١ بالسند الرابع ، الا أنّ في هذه الرواية على ما في التهذيب : «فهو بينهما ما لم يذهب بماله».

(٤) الوسائل الباب ٦ من أبواب الشركة الرواية ٢.

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد نقل هذا من معاوية بن عمّار في التذكرة ، والذي رأيته في التهذيب ما نقلته كما ترى.

وفي سند الكلّ ضعف في التهذيب ، والقول بمضمونها ـ وظاهر كلام الأصحاب على المعنى الذي تقدّم ـ ممكن من غير محذور ، وهو انّ القسمة مطلقا جائزة ومفيدة للتملك في الجملة ، الّا انّ لزومها متوقف على حصول الحصّة بيد الشريك أو وكيله ، ولا بعد في ذلك ، ولا محذور والذي يقتضيه النظر ان يكون الأمر كذلك على تقدير القسمة بغير رضاهما ، بأن يأخذ أحدهما من الغريم حصته فقط ، فلا يكون للشريك مزاحمته والأخذ منه ، لانّ حقّه في ذمة الغريم ، وللغريم ان يعطى ماله لمن يريد ، وقد ادّى بعض دينه من ماله ، ويمكنه تعيين البعض ، فيكون المال للقابض فقط ، عوض دينه يفعل به ما يريد ، الّا ان يكون لزوم القسمة ـ وصيرورة ما قبضه له بالكليّة ، بحيث لا يرجع اليه ـ موقوفا على وصول حق الشريك اليه وعدم تلفه ، ولا استبعاد في ذلك ولا محذور.

ولعلّه عليه يحمل كلام أكثر الأصحاب ، ولا تدلّ الرواية على أكثر من ذلك ، وقد لا يسلّم أنّ المأخوذ مشترك بالفعل ، بل حصّته متزلزلة.

ويمكن ان يتكلّف لما نقلناه من التذكرة انّ حق الآخر يكون كليّا مردّدا بين ما في ذمّة الغريم ، وما في يد القابض ، لأنّه بعض ماله وأخذه حصته من غير لزوم تعيين ، وان تعين كونه له في الجملة ، فإن رضى الشريك بأخذه يكون حكمه حكم قبضه وقبض وكيله ، والّا يتخلّص للقابض ، ويرجع هو الى الغريم.

ويمكن ان يكون جواز الأخذ للشريك على هذا الوجه ووجوب إعطاء الغريم له كذلك ، وكذا تصرف القابض.

ولكن فيه اشكال مّا ، ويكون له الالتزام مع التلف أيضا بما في يد القابض فيكون عنهما ، ومع عدمه يكون عن القابض فقط ، ويكون له الرّجوع عن

٢٠٩

«البحث الثاني في القسمة»

______________________________________________________

ذلك الرّضا ، ما دام لم يلزمه بوجه شرعي.

ويحتمل اللّزوم بمجرد القول والرّضا أوّلا ، كما في قسمة الأعيان ، ويدل على الأوّل كلام التذكرة.

ولو أجلّ أحدهما نصيبه من الدين جاز فإنه لو أسقط حقّه جاز ، فتأخيره أولى ، فإن قبض الشريك بعد ذلك لم يكن لشريكه الرّجوع عليه بشي‌ء.

هذا إذا أجّله في عقد لازم ، وان لم يكن في عقد لازم كان له الرّجوع ، لانّ الحالّ لا يتعجل بالتأجيل ، فوجوده (المعجّل ـ خ) كعدمه.

فتأمّل فيه ، فان المسألة من مشكلات الفنّ ، فان الحكم غير موافق لقاعدة العقل ، ولا تدل عليه الروايات ، مع ضعفها.

نعم تدل على عدم لزوم القسمة بعد تلف البعض ، ولا إجماع في المسألة ، حيث نقل عن ابن إدريس القول بصحة القسمة وتعيين (تعيّن ـ خ) ما قبضه للقابض ، لانّ المشترك هو العين ، وقد ذهب.

وفيه تأمّل ، ويمكن ان يقال كما مرّ في البحث مع التذكرة. وفي قوله طرح الروايات الكثيرة الصريحة المعمولة وترك الشهرة ، بل كاد ان يكون ترك الإجماع ، مع انّ ما ذمّته أمر مشترك مشاعا بعينه فتعيين شي‌ء لأحدهما تعيين لآخر.

«البحث الثاني في القسمة»

قوله : البحث الثاني في القسمة إلخ. ترك تعريفها لظهور أنّها تمييز الحقوق كما قيل ، وتعيينها أولى.

والظاهر أن لا خلاف من الأصحاب في أنّها أمر برأسها مملّك للشريك حصة الشريك بحصته ، سواء كان فيه تقويم أو ردّ أم لا ، فإذا حصلت القسمة مع

٢١٠

وكل من طلب القسمة مع انتفاء الضرر اجبر الممتنع.

ولو اتفق الشركاء مع الضرر لم تجز ، ويحصل الضرر بنقص القيمة.

______________________________________________________

شرائطها يحصل الملك بها.

وليست ببيع ولا صلح ولا غيرهما ، لعدم وجود خواصّ الغير فيها ، مثل (بمثل ـ خ) صيغة البيع وغيرها بالاتفاق ، فقول بعض العامّة أنّها بيع بعيد ، بل باطل ، فلا يجري فيها أحكام البيع وغيره.

وأيضا لا خلاف عندهم في أنّه إذا طلب احد الشركاء القسمة يجب على الآخر اجابته ، وعدم منعه ، إذا لم يحصل له ضرر بالقسمة سواء كان في تركها ضرر أم لا ، وسواء كان أحدهما مضطرا إلى القسمة أم لا ، لأنّه يجب إيصال حق الغير اليه ، بمعنى تحريم ممانعته عن وصول حقه اليه وهو هنا بالقسمة فيجب القبول والالتزام ما يلزم فيها من الحضور أو نصب وكيل ونحو ذلك.

وأيضا الظاهر ان لا خلاف في أنّه مع الضرر بالنسبة إلى الكلّ مع عدم ضرورة لا يجوز القسمة ، لأنّه تضييع مال ، وهو سفه وإسراف ممنوع ، بل يلزم حجرهم (حينئذ ـ خ) في سائر أموالهم.

ولكن في حقيقة الضرر الذي عدمه شرط للإجبار خلاف ، فقيل نقصان في المال عينا ، أو قيمة نقصانا عرفيّا لا يتسامح ، ولا يرتكب مثله الّا مع الاحتياج التامّ ، فإذا انتفى مثل هذا الضرر عن الشريك ـ وطلب الآخر القسمة ، مع انتفاعه عنه أيضا ـ ، يجب الإجابة ، وهو ظاهر ، وقد مرّ.

وامّا عدم وجوبها مع ضرر الشريك فهو أيضا ظاهر ، الّا مع تضرّر الطالب بعدم القسمة ، فيرجح ما فيه مصلحتهما (مصلحتها ـ خ) ، ويرتكب أقل ضررا.

ومع التساوي يشكل الأمر ، فيحتمل القرعة ، ومع وجوده بالنسبة إليه فقط فعدمها مبنى على انّ الضرر مانع مطلقا ، كما هو ظاهر المتن ، حيث ذكر الضرر في

٢١١

وقيل بعدم الانتفاع.

______________________________________________________

الموضعين ، ثم فسّره (١) ، فلا يجوز له القسمة أيضا هنا ، الّا مع الاحتياج ، وللآخر الامتناع ، بل يجب الامتناع حينئذ ، لأنّه سفه.

ويمكن ان يحال الضرر والنقصان الى العرف ، فان كان قليلا ، وممّا يتسامح ، فمع وجوده في الشريك يجبر ، والّا لا يجبر ، ومع وجوده في طالب القسمة ، فان لم يكن قادحا في رشده ، ولا يعدّ ذلك سفها ـ يقسم والّا فلا.

نعم ان كان الضرر هو الخروج عن الانتفاع ـ كما أشار إليه بقوله : (وقيل إلخ) ـ صحّ منعهم عن القسمة ، مع الاتفاق أيضا ، لأنّه سفه ، ولكن الظاهر منه معنى (٢) الأوّل ، فتأمل ، وعلى تقديره لا بد ان يكون له غرض صحيح عند العقلاء ، متعلق بارتكاب ذلك النقصان ، ولو بالاحتمال وان لم يظهر ويجب الحمل عليه ، فيجبر الممتنع.

وامّا إذا وجد في جانب الممتنع هذا الضّرر ، فمع وجود مثله في جانب الطالب وعدمه أيضا تجب الإجابة عند هذا القائل ، كخلوه عن الضّرر بالكليّة ، وامّا عند القائل الأوّل فلا تجب ، وذلك غير بعيد ، وهو مذهب المصنف ، وأشار إليه بقوله : (ويحصل الضرر بنقص القيمة).

والظاهر انّ المراد المنع من القسمة مع الضرر مطلقا ، أعم من ان يكون لهما أو لأحدهما ، رضيا أم لا ، حيث ذكره بعدهما ، لاستصحاب الشركة.

ولانّ الناس مسلّطون على أموالهم (٣).

ولانّ التصرف في مال الغير بغير اذنه خلاف العقل والنقل.

ولأنّ التصرف في حصّة الشريك ـ وتملّكه بغير رضاه وتملك حصته له

__________________

(١) يعني بقوله قدّس سرّه : ويحصل الضرر بنقص القيمة إلخ.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، ولعلّ الصواب المعنى الأوّل.

(٣) عوالي اللئالي ج ١ ص ٤٥٧.

٢١٢

ولا يصحّ قسمة الوقف.

______________________________________________________

كذلك ـ خلاف العقل والنقل.

ولانّ الضرر موجود بالنسبة إليه دونه ، فيدل الخبر المشهور ـ لا ضرر ولا ضرار (١) ـ على نفيه.

وعلى تقدير الإجبار فالظاهر ان المجبر هو الحاكم بنفسه أو بأمينه ، فيكلّف بذلك من يقوم مقامه ، كما في سائرها ، ومع تعذّره فالظاهر انّ له ارتكابها بنفسه بحضور عدول أو عدل ، فتأمّل.

وقيل المراد بعدم الانتفاع بعد القسمة ، عدم انتفاع يعتدّ به ، ويعدّ عرفا عدم الانتفاع بالنسبة الى ذلك الشي‌ء ، كما في كسر الجوهر الكبير الذي له ثمن كثير ، وبعد الكسر (القسمة ـ خ ل) امّا لا يسوى شيئا أصلا ، أو يسوى شيئا قليلا.

وقيل عدم الانتفاع به منفردا انتفاعا كان يحصل منه حال الاجتماع وعدم القسمة.

والظاهر انّ الأوّل كاف (٢) ، لما مرّ ، واعتبار (٣) الثاني بعيد ، والثالث أبعد.

ويمكن ان يقال : ينبغي ان يجبر الممتنع مطلقا ، إذا كان الشركة حاصلة من جانبه فقط ، بان مزج مال غيره بماله اختيارا.

قوله : ولا يصحّ قسمة الوقف إلخ. أي لا يصحّ ان يقسم الوقف بين أربابه ، بأن يأخذ كل بعضا منه ، وينفرد بالانتفاع منه ، لأنّهم ليسوا بمالكين فقط ،

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٢ من كتاب احياء الموات ج ١٧ ص ٣٤٠.

(٢) الظاهر انّ المراد بالأول ما ذكره بقوله : والظاهر انّ المراد المنع من القسمة مع الضرر مطلقا ، وبالثاني قوله : وقيل المراد بعدم الانتفاع بعد القسمة عدم انتفاع يعتدّ به إلخ ، وبالثالث ما ذكره من قوله : وقيل عدم الانتفاع به منفردا إلخ.

(٣) وفي النسختين المخطوطتين : وعدم اعتبار الثاني.

٢١٣

ويصحّ قسمته مع الطلق.

ولا يشترط القاسم (١) ، ولا إسلامه ، لو تراضى الخصمان به.

وتكفي القرعة في التعيين بعد التعديل.

______________________________________________________

لتعلّقه بالبطون الأخر ، ولأنّه على خلاف وضع الواقف وتبديل.

نعم قد يتصور القسمة بحيث لا يحصل على احد ضرر بان وقف شخص على زيد وذرّيته نصف داره وآخر نصف ذلك الدار على عمرو وذرّيته وحينئذ لو قسّما هذه الدار لم يحصل ضرر على أحد ، ولكن الكلام في القسّام فكأنّه المتولّي مع المصلحة أو المالك ، وهو بعيد فتأمّل.

وامّا قسمته مع المطلق بان كان جزء شي‌ء وقفا وجزئه طلقا ، فيقسم ويميّز الوقف عن الطلق ، فذلك جائز ، ويكون الناظر بمنزلة الشريك فيقسم.

والظاهر ان لا نزاع فيه مع عدم اشتماله على الردّ ، قال في شرح الشرائع ، وكذا معه ان كان الرد من الموقوف عليهم ، وامّا العكس فلا ، لأنّه كالبيع ، فتأمّل.

قوله : ولا يشترط القاسم إلخ. لا يشترط في كل قسمة قاسم من جانب الحاكم ، وعلى تقدير وجوده لا يشترط إسلامه ، فلو تراضيا الشريكان بقاسم كافر جاز ، فيجوز ان يقسما بأنفسهما من دون قاسم ، ومعه وان كان كافرا ، مع رضاهما به.

قوله : وتكفي القرعة إلخ. يعني إذا عدّلت السهام على ما يقتضيه القسمة ، فلا بد من التعيين (للتعيين ـ خ) ، بحيث يصير كل قسم ملكا لكل واحد واحد منهم ، بحيث لا يجوز تغييره والأخذ منه الا برضاه (من القرعة ـ خ) وبعد إخراجها بالقرعة لا يحتاج الى رضا الشريك مرّة أخرى إذ يكفي الرّضا الأوّل بأصل القسمة ، وقد

__________________

(١) وفي بعض النسخ : ولا يشترط عدالة القاسم وفي بعض اخرى : ولا يشترط ايمان القاسم والصواب ما أثبتناه كما يظهر من الشرح.

٢١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

أخرجت القرعة التعيين.

وقيل ان كان القاسم من الامام فهو كاف ، والّا يحتاج الى الرضا بعدها ، ان اشتملت القسمة على ردّ ، لأنّه حينئذ مشتملة على المعاوضة ، فلا بدّ من لفظ يدل عليها ، واقلّه ما دل على الرضا.

فيه تأمّل إذ الرّضا الأوّل كاف والقرعة والتعديل بأنفسهما قد يكفيان ، على انّ منصوب الامام ليس بوكيل للشريك ، حتى يقبل له ، فإنه منصوب للقسمة والقرعة فقط ، على انّ القسمة والقرعة مطلقا معاوضة ، كما صرّح به الشهيد الثاني في شرح الشرائع ، فوجهه غير ظاهر ، كأنه نظر الى ما ذكرناه من أصل بقاء الملك على ملك مالكه ، وبقائه على الاشتراك وعدم خروج شي‌ء عن ملك أحدهم والدخول في ملك آخر حتّى يتحقق الدليل ، ومع الرّضا بعدها أو القرعة مع قاسم الامام ناقل بالإجماع ، والباقي غير ظاهر كونه ناقلا حتّى يتحقق.

ويمكن ان يقال القرعة مع الرّضا الأوّل ناقل ، فتأمّل.

واعلم انّ الظاهر انّ القرعة أو الرّضا ثانيا انّما هو محتاج اليه للتملّك بحيث لا يجوز لأحد العدول عنه ، والّا الظاهر أنّه يكفي الرّضا بأخذ كل واحد قسما بعد التعديل بالرّضا ، فإنّه إذا رضي بأن يأخذ عوض ماله من حصّة الآخر (الحصة الآخر ـ خ) في مال.

الظاهر أنّ له ذلك ، وهو مسلّط على ماله ، فله ان يفعل ما يريد ، الّا الممنوع ، ولا منع هنا.

ولانّ الظاهر أنّه تجارة عن تراض أيضا ، وأكل مال الغير بطيب نفس منه. والظاهر أنّه وان لم يكن مملكا ، فلا كلام في جواز التصرف فيه تصرّف الملاك ، مثل ما قيل في المعاطاة والهدايا والتحف وان كان دليل الملك.

ويحتمل ان يكون تصرفا بعقد باطل ، فيكون حراما ، وهو بعيد جدّا ،

٢١٥

ويستحب للإمام نصب قاسم.

ويشترط عدالته ومعرفته بالحساب.

ولا يكفي الواحد في قسمة الردّ ، الّا مع الرضا.

______________________________________________________

وعمل المسلمين على غير ذلك ، بل على الملك فتأمل.

قوله : ويستحب للإمام عليه السّلام نصب قاسم إلخ. بل ينبغي ذلك للحاكم مطلقا ، لاحتياج الناس إليه ، إذ قد لا يحصل الرّضا في التعديل بقول بعضهم بعضا ، أو لا يعرفون ذلك خصوصا في قسمة الردّ.

ودليل اشتراط عدالته الوثوق بقوله ، إذ لا وثوق بغيره ، وكان هذا للحاكم ، والّا فالإمام عليه السّلام يعرف ما يحتاج اليه ويحتمل الذكر لمعرفتنا بأنّه لم ينصب الّا عدلا ، كما قيل ذلك في بيان أكثر أحكام للإمام عليه السّلام.

واما معرفته للحساب فلا بدّ منها مقدار ما يحتاج إليه في القسمة.

قوله : ولا يكفي الواحد إلخ. يعني إذا كانت القسمة قسمة ردّ بمعنى قسمته يحتاج الى التعديل بحسب القسمة حتى يتساوي الأقسام ، يعني ما لم يقوم الأمور المشتركة لم يحصل التعديل والتسوية بين الاقسام سواء تحقق حينئذ ردّ ثمن وقيمة من احد الجانبين الى الآخر أم لا.

فكأنها سميت قسمة الرّد لتحققه فيها في الجملة ، أو ردّ قيمة من بعض العروض وضمّه الى آخر ، حتّى يحصل التعديل ، كما هو الغالب.

وبالجملة ، المراد بقسمة الردّ التعديل لا الردّ الحقيقي ، كما نقل عن الدروس.

وامّا دليله فهو قولهم انّ التقويم لا بد له من مقوّمين عدلين فإنّهما حجة شرعية غالبا لا غير ، ولأنّه لم يحصل الوثوق في أمثال ذلك بحيث يلتزم ، الّا بقول عدلين ، هذا ان لم يرضيا الّا بهما ، والّا فلهما ان يفعلا ما يريدان بان يرضيا بأنفسهما أو بفاسق أو عدل أو نحو ذلك.

٢١٦

والأجرة من بيت المال ، فان ضاق ، فمنهما بالحصص.

ومتساوي الأجزاء يقسم قسمة إجبار ، وغيره ان التمس المتضرر القسمة (بالقسمة ـ خ) ، اجبر غيره عليها.

______________________________________________________

قوله : والأجرة من بيت المال إلخ. أي أجرة القسّام من بيت المال لأنّ القسمة من جملة مصالح العامّة ، ومؤنته من مصالح العامة ، وهو بيت مال المسلمين ، فان ضاق بيت مال المسلمين عن ذلك ، ولم يكن فيه شي‌ء يبذل له فمن مال الشركاء لأنّه لمصالحهم ولطلبهم فهو كالكيّال والوزّان لهما معا وينبغي ان يكون ذلك بالحصص بينهم بان يقسّم اجرة المثل على الحصص فيعطى كل بالنسبة ماله.

قوله : ومتساوي الأجزاء إلخ. المراد بمتساوي الاجزاء هو المثلي الذي يصدق على قليله وكثيرة اسم الكل ـ واجزائه متساوية في ذلك ، ولا تفاوت بينها (بينهما ـ خ) غالبا ، وقد مرّ تحقيقه ، وسيجي‌ء أيضا.

ولا يخلو عن اشكال وليس هذا محلّه. كالحبوبات والادهان ـ تقسّم قسمة إجبار ، يعني لمّا لم يكن فيه ضرر بالقسمة ، فيتحقق هنا قسمة الإجبار مطلقا ، فإذا (فإن ـ خ) رضيا ، والّا أجبر الممتنع دائما.

وفيه تأمل إذ قد يكون يسيرا بحيث لو قسّم لا يبقى لكل قسم أو لبعضه قيمة أصلا ، أو ينقص نقصانا فاحشا ، بخلاف ما لو بيع جميعا يحصل لكل واحد من الشركاء من القيمة (من القسمة ـ خ) ما ينتفع به ، وهو غير بعيد ، وحينئذ قد يمنع الكل من القسمة ومع اتفاقهما أيضا ، للضرر ، كما مرّ ، فينبغي تخصيصه ويراد به هنا ما لا يتضرّر بقسمته ، وهو بعيد ، فتأمّل.

فمع عدم الضرر يجبر الممتنع على القسمة مطلقا.

وأمّا غير المتساوي فإن كان هنا متضرّر والتمس مع ذلك القسمة أجبر غير المتضرر عليها.

والظاهر ان لا خلاف فيه ان لم يبلغ ضرره (الى ـ خ) حدّ السّفه ، كما مرّ ،

٢١٧

وتقسم ما اشتمل على الردّ قسمة تراض.

______________________________________________________

ولم يكن ضرر على الممتنع أيضا ، وان كان عليه ضرر أقلّ ، فلا يبعد رجحان الأوّل ، وامّا مع التساوي أو الأكثر فلا جبر.

وأيضا يجبر مع عدم الضرر على الممتنع ولا على الملتمس كما مرّ ، فالقيد موهم (١) ، فلا تتوهم ، فلو قال : ان التمس الشريك ، لم يتوهم شي‌ء.

قوله : ويقسّم ما اشتمل على الرّد إلخ. هذا صريح في أنّه انّما يجبر الممتنع على القسمة ، إذا لم تكن القسمة قسمة ردّ.

والظاهر انّ المراد هنا حقيقة أي إعطاء عوض الى الشريك ليحصل له القسم الذي أخرجته القرعة ، فيخصّص به كلامه من قبل ـ مثل قوله : (وكلّ من طلب إلخ) ـ وان كان ظاهرا في جبر الممتنع على القسمة مطلقا ، وكذا قوله : (وغيره ان التمس إلخ) ، فإنّه دالّ على انّ غير المتساوي الأجزاء الّذي لا يقسّم الّا بالتقويم والتعديل يجوز قسمته قسمة إجبار أيضا ، وهذا أيضا أعمّ من كونها مشتملة على الردّ أم لا ، وهو ظاهر.

وكذا دليل الحكم بالجبر ، فإنّه دفع الضرر ومنع المالك عن التصرف في ملكه ، خصوصا إذا كان الممتنع مفرطا في حصول المزج مال غيره بماله باختياره.

وهذا في غير قسمة الردّ ، وأمّا فيها فلا يجبر الممتنع ، بل انّما يصحّ مع التراضي ، لأنّها مشتملة على معاوضة ، وبمنزلة بيع جزء من المال ، فلا بدّ من الرضا به ، ولفظ دال عليه ، كما قيل مثل ذلك دليلا على الاحتياج الى الرضا بعد التعديل ، والقرعة ان لم يكن القاسم منصوب الامام مع كون القسمة قسمة ردّ.

وقد عرفت ما فيه من ان القسمة عندنا أمر برأسه غير بيع.

وأنّه لو كان كذلك لا فرق بين قسمة الردّ وغيرها ، فإنّ الأخير أيضا

__________________

(١) يعني بقوله قدّس سرّه : المتضرّر.

٢١٨

وتقسّم الثياب والعبيد بعد التعديل.

والعلو و (أو ـ خ) السّفل معا ، لا بان ينفرد أحدهما بواحد منهما ، ولا

______________________________________________________

معاوضة وكبيع جزء من المال ببعض آخر ، ولا بدّ فيه من الرضا واللفظ.

ولأنّ العلة الموجبة هو دفع الضرر والحرج المنفيّان بالعقل والنقل ، كتابا وسنّة وإجماعا.

والغرض ان لا ضرر على الممتنع بوجه ، بل يحصل له النفع بالقسمة بان يعطى مثلا بعض الدّراهم وبعض الأمتعة أو يؤخذ منه بعض الثمن ، ويعطى حصته من المشترك التي يحصل منه النفع له أكثر.

وبالجملة الفرق بين قسمة الردّ وغيرها مشكل ، خصوصا إذا كانت مشتملة على التقويم مثل العبيد والثياب وجميع المقومات التي ليست (من ـ خ) متساوي الأجزاء فإنّهم جوزوا فيه القسمة الإجبارية دون ما يشتمل على الردّ.

لعل دليله عدم جبر احد على بيع ماله ، وخرج القسمة الخالية عن الردّ بالإجماع ، وبقي الردّ تحته ، والضرر غر مضبوط فتأمل ، فإن الحكم لا يخلو عن إشكال ، فإن منع شخص عن التصرف في ملكه بعيد ، خصوصا إذا كان متضررا غير منتفع (مع كونه مشتركا ـ خ) فان ذلك ضرر عظيم ، الّا ان يخصّص مثل هذا الفرد بالجواز ، يعني إذا كان الطالب متضرّرا بترك القسمة ، والممتنع غير متضرّر بالقسمة ، يجوز التقسيم ، وان كان مشتملا على الردّ ، ولكن عبارة المتن وغيره مثل شرح الشرائع خال عن ذلك ، الله بعلم.

قوله : ويقسّم الثياب إلخ. يعني لا بدّ في قسمة غير المتساوي من تقويم وتعديل ، كالثياب والعبيد ، فان حصل التساوي على وجه يقتضيه النظر من غير ردّ فيقسم كذلك ، ويجري فيه الإجبار ، كما مرّ ، والّا ينضمّ اليه بعض الدراهم ، وما يقابل به القسم الآخر ، فيقسّم قسمة تراض قسمة الردّ.

قوله : والعلو والسفل إلخ. يعني إذا أريد قسمة الدّور المشتملة على

٢١٩

يقسم كلّ منهما على حدة.

والأرض المزروعة والزرع الظاهر ، والقرحان (١) المتعددة كل واحد بانفراده ، لا قسمتها بعضا في بعض.

والقراح الواحد وان اختلفت أشجار أقطاعه بعد التعديل ،

______________________________________________________

البيوت علوا وسفلا ، يجعل كل بيت علو مع بيت تحته قسما واحدا ، ويستخرج بالقرعة بعد التعديل بالردّ وعدمه.

ولا يقسّم بان يجعل العلو قسما والسفل قسما ، لانّه يحصل التعب والمشقة ، ولا بان يقسم البيوت الفوقانيّة على حدة.

وكذا البيوت التحتانية ، لاحتمال ان يقع الفوق لمن ليس له تحته ، فيقع المحذور المتقدم ، وهو واضح ، ولا شك أنّه أولى ان أمكن ، وامّا الوجوب فليس بمعلوم ، إذ مدار التقسيم على الرضا ، خصوصا في غير الإجباريّة ، فلهم ان يرضوا بما يريدون ، وأيضا قد لا يمكن ، وكأنّ المقصود بيان الأولى أو الوجوب في الإجباريّة على تقدير الإمكان.

قوله : والأرض المزروعة إلخ. أي يقسّم الأرض المزروعة بانفرادها حتى يصير بعضها لواحد وبعضها الآخر لآخر ، وكذا أصل الزّرع الظاهر على وجه الأرض المزروعة ، وكذا القرحان المتعددة ـ وهو جمع قراح ـ وهي في الأصل الأرض الخالية من الماء والشّجر يقسّم كل قراح على حدة ليحصل لكل واحد شيئا منها ، لا ان يقسّم الأرض المزروعة والزرع بعضها في بعض بحيث يصير الأرض لبعض والزّرع لآخر ، وكذا لا يقسّم القرحان بعضها في بعض حتى يصير بعضها بتمامه لشريك والبعض الآخر لآخر.

قوله : والقراح الواحد إلخ. يقسم القراح الواحد ـ المراد به ما فيه الشجر

__________________

(١) القراح المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر والجمع اقرحة ومنه الحديث انثر في القراح بذرك (مجمع البحرين).

٢٢٠