تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

ولو فعله للتقيّة أو للضرورة ، صحّ وضوؤه ، فلو زال السبب ، ففي الإعادة نظر.

١٦٣. الخامس : لو أراد التنظيف قدّم غسلهما على الطهارة أو أخّره.

١٦٤. السادس : يجوز المسح على النعل العربيّة وإن لم يدخل يده تحت الشراك.

الفصل السادس : في الأحكام

وفيه أربعة عشر بحثا :

١٦٥. الأوّل : الترتيب واجب ، يبدأ بالوجه ، ثم باليد اليمنى ، ثم اليسرى ، ثم يمسح الرأس ، ثم الرجلين ، فلو خالف عمدا أعاده ، ونسيانا يعيد إن كان جف الوضوء ، وإلّا على ما يحصل معه الترتيب ، فلو نكس صحّ غسل الوجه ، ولو نكس ثانيا مع بقاء الرطوبة حصل به وباليمنى ، ولو نكس ثالثا معه حصل باليسرى ما لم يستأنف ، ولو غسل أعضاءه دفعة حصل بالوجه ، ولو تواردت عليه في الماء الجاري جريات ثلاث ، حصل بالأعضاء المغسولة ، ولو انغمس في الواقف ناويا دفعة حصل بالوجه ، ولو أخرج أعضاءه مرتّبا حصل بالمغسولة ، ولو لم يرتّب حصل بالوجه إدخالا ، وباليمنى إخراجا.

١٦٦. الثاني : الموالاة واجبة. وهي المتابعة بين الأعضاء مع الاختيار ، ومراعاة الجفاف مع الاضطرار.

٨١

ولو أخلّ بها فعل محرما ، والوجه انّه لا يبطل وضوؤه إلّا مع الجفاف قبل الإكمال. ولو فرّق لعذر لم يجب الإعادة إلّا مع الجفاف في الهواء المعتدل.

ولو جفّ ماء الوضوء لحرارة الهواء المفرطة جاز البناء ، (ومع إفراط حرارته يغسل متواليا ، بحيث لو اعتدل لم يحكم بجفاف السابق حينئذ) (١) ولا يجوز استئناف ماء جديد للمسح.

١٦٧. الثالث : الفرض في الغسلات مرّة مرّة ، والثانية سنّة وقول ابن بابويه متروك (٢) ، والثالثة بدعة ، ولا تكرار في المسح إجماعا.

ولو غسل بعض أعضائه مرّة ، وبعضها مرّتين ، جاز ، ولو اعتقد وجوب الثانية لم يثب بفعلها عليه ، وهل يخرج ماؤها عن كونه ماء الوضوء ، ويحرم المسح به؟ إشكال ، أقربه ذلك.

١٦٨. الرابع : كلّ ما يمنع من إيصال الماء إلى البشرة ، يجب إزالته ، أو تحريكه بحيث يصل الماء إلى البشرة ، ولو كان الخاتم واسعا ، استحبّ تحريكه.

١٦٩. الخامس : الجبائر تنزع ويمسح على العضو مع المكنة ، أو يكرّر الماء حتّى يصل إلى البشرة ، وإلّا مسح عليها ، سواء كان العضو تحتها طاهرا ، أو نجسا ، ولو زال العذر استأنف على إشكال.

ولو استوعبت الجبيرة محلّ الفرض مسح عليها أجمع ، ولو تعدته مسح على المحاذي خاصّة ، ولو تجاوزت محلّ الكسر بما لا بدّ منه ، فكالمكسور ، بخلاف ما منه بدّ.

__________________

(١) ما بين القوسين موجود في «أ».

(٢) قال ابن بابويه : من توضّأ مرّتين لم يوجر. الفقيه : ١ / ٢٩ ، باب حد الوضوء برقم ٥.

٨٢

ولا توقيت في المسح عليها ، ولا فرق بين الطهارتين فيها ، ولا بين شدّها على طهارة وغيرها ، وإذا اختصّت بعضو مسح عليها ، وغسل الباقي ، فلا تيمّم معه ، ولو عمّت مسح على الجميع. ولو استضرّ بالمسح تيمّم.

١٧٠. السادس : يحرم أن يوضّئه غيره مع المكنة ، ويجوز مع الضرورة. ويكره الاستعانة.

١٧١. السابع : من توضّأ لصلاة جاز أن يدخل به في غيرها ، وكذا من توضّأ لنافلة دخل به في الفريضة ، وبالعكس.

١٧٢. الثامن : لا يجوز للمحدث مسّ كتابة القرآن ، ويجوز لمس هامشه ، ولا فرق بين المنسوخ حكمه وغيره ، أمّا المنسوخ تلاوته فيجوز لمسه (١)

١٧٣. التاسع : من دام به السلس يتوضّأ لكلّ صلاة ، ومن به البطن إذا تجدّد حدثه في الصلاة ، قال الشيخ يتطهّر ويبني (٢).

١٧٤. العاشر : يستحبّ الدعاء عند غسل كلّ عضو ومسحه.

١٧٥. الحادي عشر : يستحبّ أن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه ، وفي الثانية بالباطن ، والمرأة بالعكس.

١٧٦. الثاني عشر : يستحبّ أن يتوضّأ بمدّ ، ويغتسل بصاع.

١٧٧. الثالث عشر : يكره مسح بلل الوضوء عن الأعضاء.

١٧٨. الرابع عشر : يجب أن يكون ماء الغسل والوضوء مملوكا ، أو في

__________________

(١) هذا على القول بوجود منسوخ التلاوة كآية رجم الشيخ والشيخة وهو بعد محل تأمل. (لاحظ البيان في تفسير القرآن ، ص ١٠١).

(٢) لاحظ التهذيب : ١ / ٣٥٠ برقم ١٠٣٦ ؛ الاستبصار : ١ / ٤٠١ برقم ١٥٣٣.

٨٣

حكمه ، فلو توضّأ أو اغتسل بالمغصوب مع علمه بالغصبية ، لم يرتفع حدثه ، ولا يعذر لو علم الغصب وجهل التحريم ، وكذا لو اشتراه بعين مغصوبة ، أمّا لو اشتراه شراء فاسدا ، أو كانت الآنية الّتي يغترف منها ، أو الّتي يفيض (١) بها الماء على بدنه ، أو كان مصبّ الماء مغصوبا ، فالوجه صحّة الطهارة على إشكال ، ولو استعمل المغصوب في إزالة النجاسة ، طهر وأثم.

الفصل السابع : في السّهو فيه

من تيقّن الحدث وشك في الطهارة تطهّر ، وكذا لو تيقّنهما وشك في المتقدّم ، ولو تيقّن ترك عضو أتى به وبما بعده ان لم يجف المتقدّم ، وإلا أعاد. ولو شكّ في شي‌ء من أفعال الطهارة ، فإن كان على حال الطهارة أعاد على ما شك فيه وما بعده ، إن لم يجف المتقدّم ، وإن انصرف لم يلتفت.

ولو ترك غسل أحد المخرجين ، وصلّى أعاد الصّلاة دون الطهارة ، عامدا وناسيا وجاهلا ، ولو جدّد ندبا ، وصلّى وذكر إخلال عضو مجهول ، أعاد إن اشترطنا نيّة الاستباحة أو رفع الحدث ، بخلاف الشك بعد الانصراف ، وإلّا فلا. ولو صلّى بكل منهما صلاة أعادهما على الأوّل ، وإلّا الأولى.

ولو أحدث عقيب طهارة منهما ، ولم يعلمها أعاد الصلاتين مع الاختلاف ، وإلّا واحدة ينوي بها ما في ذمّته ، وكذا لو صلّى بطهارة ، ثم أحدث وتوضّأ وصلّى

__________________

(١) في «ب» : يصبّ.

٨٤

أخرى ، وذكر إخلال عضو من إحداهما لا بعينها ، ولو صلّى الخمس ، وذكر الحدث عقيب إحدى الطهارات ، أعاد أربعا وثلاثا واثنتين.

فروع :

١٧٩. الأوّل : لو ظن الحدث مع تيقّن الطهارة لم يلتفت إلى الظن.

١٨٠. الثاني : لو تيقّن وقت الزوال انّه نقض طهارة ، وتوضّأ عن حدث وشكّ في السابق ، استصحب حال السابق على الزوال ، ولو شك في الطهارة والحدث ، نظر إلى ما قبل ذلك الزمان ، واستصحب حاله.

١٨١. الثالث : لا يجوز لمن لحقه الشك في تعيين ترك العضو من إحدى الطهارتين ، مع تخلّل الحدث ، أن يصلّي ثالثة إلّا بطهارة ثالثة ، ولا أن يقضي إحداهما إلّا بثالثة.

١٨٢. الرابع : يمنع الصبيّ من مسّ كتابة القرآن.

١٨٣. الخامس : الدراهم المكتوب عليها القرآن يحرم مسّها للمحدث.

١٨٤. السادس : لو غسل المحدث بعض أعضائه ، لم يخرج عن المنع.

١٨٥. السابع : لو تصفّحه بكمّه ، أو قلّبه بعود ، أو كتب المصحف بيده ، لم يكن به بأس.

١٨٦. الثامن : يجوز مسّ كتب التفاسير والأحاديث وكتب الفقه للمحدث والجنب إجماعا.

٨٥
٨٦

المقصد الثالث : في الغسل

وفيه مقدمة وفصول

أمّا المقدّمة : ففي أنواعه

وهي ضربان : واجب وندب.

فالواجب ستّة : غسل الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، ومسّ الأموات من الناس بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل ، وغسل الأموات.

والندب ثلاثون : غسل يوم الجمعة ، ـ وليس بفرض على الأصحّ ، ووقته من الفجر الثاني إلى الزوال ، فلو اغتسل في أيّ زمان منه أجزأه ، وكلّما قرب منه كان أفضل ، ويقضى لو فات يوم السّبت. والأقرب بعد ظهر الجمعة نية القضاء ، ولو خاف عوز الماء قدّمه يوم الخميس ، ولو وجده فيه ، فالأقرب استحباب إعادته ، فلو تركها (١) ، أو تركه فيه تهاونا ، ففي استحباب قضائه يوم السّبت إشكال.

__________________

(١) الظاهر ان الضمير يرجع إلى الإعادة والمقصود من اغتسل يوم الخميس لخوف عوز الماء يوم الجمعة ثم وجد فيه الماء فترك الإعادة. وأمّا قوله بعده : أو تركه فيه تهاونا فالمراد من لم يغتسل يوم الجمعة تهاونا ، ولم يغتسل يوم الخميس أيضا لعدم الخوف عن عوز الماء يوم الجمعة.

٨٧

ولو أحدث عقيبه ، أجزأه ، وكفاه الوضوء ، وهو مستحب لآتي الجمعة وتاركها.

ولا بدّ فيه من النيّة. وكيفيته مثل غسل الجنابة ـ وأوّل ليلة من شهر رمضان ، وليلة نصفه ، وسبع عشرة وتسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وليلة الفطر ، ويومي العيدين ، وليلة نصف رجب ، ويوم المبعث ، وليلة نصف شعبان ، ويوم الغدير ، ويوم المباهلة ، ويوم عرفة ، ويوم نيروز الفرس ، وغسل الإحرام ، والطواف ، وزيارة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ، والمفرّط في صلاة الكسوف مع احتراق القرص كلّه على رأي ، والمولود ، ومن سعى إلى مصلوب بعد ثلاثة أيّام ليراه ، والتوبة عن فسق أو كفر ، وصلاة الحاجة ، وصلاة الاستخارة ، وغسل دخول الحرم ، والمسجد الحرام ، ومكّة ، والكعبة ، والمدينة ، ودخول مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وما يستحبّ للفعل والمكان يقدم عليهما ، وما يستحب للزمان يكون بعد دخوله.

ولو اجتمعت أغسال مندوبة لم يتداخل ، ولو انضمّ إليها غسل واجب ، كفاه نيّته على قول ضعيف ، والوجه جواز الإتيان بها للجنب والحائض كالمحدث.

٨٨

الفصل الأوّل : في الجنابة

ومطالبه ثلاثة

[المطلب] الأوّل : في السبب

وفيه أربعة عشر بحثا :

١٨٧. الأوّل : انّما تكون الجنابة بالجماع في القبل بحيث تغيب الحشفة ، أو الدبر على رأي ، وإنزال المنيّ : وهو الماء الغليظ الّذي يقارنه الشهوة وفتور الجسد ، ومنيّ المرأة رقيق أصفر. ويشترك فيهما الرجل والمرأة.

ولو لم يعلم كون الخارج منيّا ، اعتبر بالدفق والشهوة وفتور الجسد. ويكفي الشهوة والفتور في المريض ، ولو فقد الدفق والشهوة ، وعلم أنّه منيّ ، وجب الغسل وإلّا فلا.

١٨٨. الثاني : كيف خرج المنيّ وجب الغسل ، سواء كان بشهوة أو لا ، بدفق أو لا ، يقظة ونوما.

١٨٩. الثالث : لو أحسّ بانتقال المنيّ ، فأمسك ذكره. فلم يخرج فلا غسل.

١٩٠. الرابع : ولو رأى في النوم أنّه قد احتلم ، فاستيقظ ، فلم يجد منيّا ، لم يجب الغسل إجماعا ، ولو استيقظ فوجد المنيّ وجب الغسل ، ولا اعتبار بالعلم بالخروج في وقته. ولو استيقظ فرأى مذيا ، لم يجب الغسل ، سواء تذكّر الاحتلام أو لا.

٨٩

ولو رأى في ثوبه منيّا ، فإن كان الثوب مختصا به ، وجب الغسل ، وإلّا فلا ، ويعيد الصلاة من آخر نومة ، إلّا أن تدلّ أمارة على التقدّم فيعيد من أدنى نومة يحتمل الإضافة إليها ، وقول الشيخ هنا مدخول. (١)

وهل يجوز لأحد المشتركين في الثوب الواجدين المنيّ فيه الائتمام بصاحبه؟ الأقرب نعم ، لأنّ الشرع أسقط نظره عنها (٢) ، ويجوز لكل منهما قراءة العزائم وغيرها.

١٩١. الخامس : لو خرج منيّ الرجل من فرج المرأة بعد غسلها ، لم يجب عليها الغسل.

١٩٢. السادس : الجماع الّذي يحصل معه التقاء الختانين ، موجب للغسل على الرجل والمرأة ، سواء حصل الإنزال أو لا.

١٩٣. السابع : الأصحّ عندي وجوب الغسل بالجماع في دبر المرأة على الرجل والمرأة ، وكذا بالجماع في دبر الغلام.

١٩٤. الثامن : في وطء البهيمة المجرّد عن الإنزال إشكال ، أقربه عدم الوجوب (٣).

١٩٥. التاسع : لا فرق بين وطء الحيّ والميّت ، البالغ وغيره ، المكره والطائع ، والنّائم والمستيقظ.

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ١ / ٢٨.

(٢) في «أ» : «عنهما» قال في المنتهى : ٢ / ١٧٩ : هل يجوز لواجد المنيّ في الثوب المشترك الائتمام بصاحبه في الصلاة؟ قال بعض الجمهور : لا ، لعلمنا بأنّ أحدهما جنب فلا تصحّ صلاتهما ، وعندي فيه اشكال ، فإنّ الشارع اسقط نظره عن هذه الجنابة ولم يعتل بها في أحكام الجنب ...

(٣) قال في المنتهى : ٢ / ١٨٦ : لو وطء بهيمة ، قال الشيخ في المبسوط والخلاف : لا نصّ فيه ، فلا يتعلّق به حكم ، وهو قول أبي حنيفة ، خلافا للشافعي وأحمد ، وكلام الشيخ قويّ.

٩٠

١٩٦. العاشر : لو غيّب بعض الحشفة ولم ينزل لم يجب الغسل ، ولو انقطعت الحشفة أو لم تكن له خلقة ، فأولج الباقي بقدر الحشفة ، وجب الغسل.

١٩٧. الحادي عشر : لو أولج ذكره في قبل خنثى مشكل ، أو أولج الخنثى المشكل ذكره ، أو وطأ أحدهما الآخر ، ففيه إشكال ينشأ من احتمال كون أحدهما زائدا ، ومن حيث تعلّق الحكم بالتقاء الختانين من غير اعتبار الأصالة والزيادة ، ومع الإنزال يختص الغسل بالمنزل.

١٩٨. الثاني عشر : لو وطء الصبيّ ، أو الصبيّة ، ففي لحوق حكم الجنابة بهما إشكال.

١٩٩. الثالث عشر : لو لحق الكافر السبب لحقه الحكم ، ولو أسلم وجب عليه الغسل ، سواء اغتسل حال كفره أو لا.

٢٠٠. الرابع عشر : لو ارتدّ المغتسل لم يبطل غسله.

المطلب الثاني : في أحكام الجنابة

وفيه سبعة مباحث :

٢٠١. الأوّل : يحرم على الجنب قراءة كل واحدة من العزائم : وهي سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرأ باسم ربك. ويتناول التحريم السورة وأبعاضها. ولو نوى بالتسمية جزأها حرم ، ولا يحرم قراءة غير العزائم.

ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غيرها ، وتتأكد الكراهيّة في سبعين

٩١

وما زاد ، وقول بعض أصحابنا : إنّ الزائد على السبعين حرام (١) ، ضعيف.

٢٠٢. الثاني : يحرم عليه مسّ كتابة القرآن ، وما عليه اسم الله تعالى ، وهل يحرم مسّ اسم أحد من الأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام ؛ قال الشيخان : نعم (٢) ، والأولى عندي الكراهية.

٢٠٣. الثالث : يكره له مسّ المصحف وحمله ، ويجوز مسّ كتب التفسير ، والأحاديث ، وحمل المصحف بغلافه ، ومسّ كتابة التوراة والإنجيل ، والقرآن المنسوخ تلاوته ، أمّا المنسوخ حكمه خاصّة فلا ، ويجوز له أن يذكر الله تعالى.

٢٠٤. الرابع : يحرم عليه اللبث في المساجد ، خلافا لسلّار (٣) ، ويجوز له الاجتياز إلّا في المسجد الحرام ، ومسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأنّ الجواز فيهما محرّم ، ولو احتلم في أحدهما تيمّم للخروج.

٢٠٥. الخامس : يحرم عليه وضع شي‌ء فيها. ويجوز له أخذ ما له منها.

٢٠٦. السادس : لو خاف الجنب على نفسه ، أو ماله ، ولم يمكنه الخروج من المسجد ، ولا الغسل ، تيمّم وجلس فيه إلى أن تزول الضرورة. ولو توضّأ لم يجز له الاستيطان فيه.

٢٠٧. السابع : يكره له النوم قبل الوضوء ، والأكل والشرب قبله ، أو قبل المضمضة والاستنشاق ، والجماع قبل الغسل للمحتلم ، ولا بأس بتكرير الجماع (٤) ، والخضاب والادهان.

__________________

(١) يظهر ذلك ، من كلام الشيخ الطوسي قدس‌سره في التهذيب : ١ / ١٢٨ ، والاستبصار : ١ / ١١٤.

قال العلّامة قدس‌سره في المختلف : ١ / ٣٣٤ : والحقّ عندي كراهة ما زاد على السبعين لا تحريمه ، والظاهر من كلام الشيخ في كتابي الأخبار التحريم.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٩ : ونقل عنهما المحقّق في المعتبر : ١ / ١٨٨.

(٣) المراسم : ٤٢.

(٤) في «ب» : بتكرار الجماع.

٩٢

المطلب الثالث : في الغسل

وفيه ثمانية عشر بحثا :

٢٠٨. الأوّل : إذا أجنب الرجل أو المرأة ، وجب عليهما الغسل. واختلف الفقهاء ، في وجوبه لنفسه أو لغيره ، والأقرب الأوّل ، وقد بيّنا وجه القولين وصحّحنا الحقّ منهما في كتاب منتهى المطلب وبيّنا خطاء ابن إدريس (١).

٢٠٩. الثاني : النّية شرط في الغسل ، ووقتها عند غسل اليدين ، ويتضيّق عند غسل الرأس ، ويجب استدامتها حكما ، ويكفيه أن ينوي مع الوجوب والقربة رفع الحدث ، وإن لم يذكر السبب.

٢١٠. الثالث : يجب إيصال الماء إلى كلّ البشرة بأقلّ ما يسمّى غسلا ، ولو كان بعض أجزاء البدن محتاجا إلى التخليل وجب ، وكذا يجب نقض الظفائر إن لم يصل الماء إلى أصولها إلّا به ، ويجب إيصال الماء إلى أصول الشعر.

ويستحبّ تخليل ما يصل إليه الماء.

٢١١. الرابع : الترتيب شرط فيه ، يبدأ بالرأس والرقبة ، ثم الجانب الأيمن ثم الأيسر ، فيعيد ما يحصل معه الترتيب لو خالف ، ويسقط عن المرتمس على الأقوى ، وعن الواقف تحت المطر ، أو الميزاب ، أو المجرى.

ولو بقيت لمعة في جسده أجزأه غسلها إن كانت في الأيسر ، وإلّا غسلها وأعاد الأيسر. ولو وجد المرتمس اللمعة ، ففي إعادة غسله نظر.

__________________

(١) لاحظ المنتهى : ٢ / ٢٥٦ ـ ٢٥٩.

٩٣

٢١٢. الخامس : لا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك كلّه.

٢١٣. السادس : لا يجب غسل المسترسل من الشعر واللحية ، بل البشرة المستورة بهما ، سواء كان الشعر خفيفا أو كثيفا.

ويجب غسل الحاجبين والأهداب ليصل الماء إلى ما تحتها.

ويستحب تخليل الأذنين مع الوصول ، ويجب لا معه.

٢١٤. السابع : الموالاة غير واجبة هنا إجماعا.

٢١٥. الثامن : يستحبّ الاستبراء للرجل المجنب عن الإنزال ، بأن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ، ثمّ منه إلى طرفه ، ثم ينتره ثلاثا ثلاثا ، وللشيخ قول بالوجوب (١) ، والمضمضة ، والاستنشاق ثلاثا ثلاثا ، وإمرار اليد على الجسد ، وكذا في الوضوء على أعضائه ، والغسل بصاع فما زاد ، والدعاء.

٢١٦. التاسع : يكفي غسل الجنابة عن الوضوء ، فإن توضّأ معتقدا عدم الإجزاء كان مبدعا (٢) ، ولا يستحبّ وإن اعتقد الإجزاء. والأقرب عدم اكتفاء غيره عنه.

٢١٧. العاشر : لو اجتمعت أغسال واجبة كفى الواحد ، فإن نوى رفع الحدث أو الجنابة أجزأ عن الوضوء ، وإن نوى الحيض أو غيره فعلى عدم الإجزاء (٣) إشكال في رفع الجنابة ، فإن قلنا برفعه فلا وضوء ، وإلّا وجب.

وهل يرتفع مع الوضوء؟ فيه نظر ينشأ من الإذن في الدخول في الصلاة

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٩.

(٢) في «ب» : مبتدعا.

(٣) في «أ» : عدم الاجتزاء.

٩٤

للحائض معهما ، ومن كون الغسل غير رافع للجنابة ، لعدم إرادته ، ولا الوضوء ، لعدم صلاحيّته ، فنحن في هذا من المتوقّفين.

٢١٨. الحادي عشر : اذا جرى الماء تحت قدمي الجنب ، أجزأه ، وإلّا غسلهما.

٢١٩. الثاني عشر : اذا اغتسل المنزل ، ثمّ رأى بللا بعده ، فإن تيقّن أنّه منيّ ، أو لم يعلمه ولم يبل ولم يستبرأ ، أعاد. ولو بال ولم يجتهد ، توضّأ ، ولو بال واجتهد ، لم يلتفت.

٢٢٠. الثالث عشر : لو صلّى ثمّ رأى بللا علم أنّه منيّ ، أعاد الغسل لا الصّلاة على الأقوى.

٢٢١. الرابع عشر : لو جامع ولم ينزل ، لم يجب الاستبراء ، ولو رأى بللا يعلم أنّه منيّ ، أعاد الغسل ، أمّا المشتبه فلا ، بخلاف الموجود بعد الإنزال.

٢٢٢. الخامس عشر : الاستبراء على الرجال خاصّة ، فلو رأت المرأة بللا فلا إعادة ، لأنّ الظاهر أنّه من منيّ الرجل. وأوجب ابن إدريس الإعادة (١).

٢٢٣. السادس عشر : لو أحدث في أثناء الغسل ، قيل : يعيد. وقيل يتم ، ولا شي‌ء عليه. وقيل : يتم ويتوضّأ (٢). والأوّل أقرب.

__________________

(١) السرائر : ١ / ٢٣.

(٢) قال العلّامة قدس‌سره في المختلف : ١ / ٣٣٨ : إذا اغتسل مرتبا وتخلّل الحدث الأصغر قبل إكمال غسله في أثنائه ، أفتى الشيخ رحمه‌الله في النهاية والمبسوط بوجوب الإعادة من رأس وهو مذهب ابن بابويه.

وقال ابن البراج : يتمّ الغسل ولا شي‌ء عليه ، وهو اختيار ابن إدريس.

وقال السيد المرتضى رحمه‌الله : يتمّ الغسل ويتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة ، والحق الأوّل.

٩٥

ولو أحدث في أثناء غيره من الواجبات ، فالأقرب أنّه كذلك ، لكن إن كان قدّم الوضوء وجب إعادته ، ولو أحدث في أثناء المندوب ، فالوجه الإتمام ، إن قلنا بعدم رفع الحدث.

٢٢٤. السابع عشر : لا يجوز أن يغسّله غيره مع القدرة ، ويجوز لا معها ، ويكره الاستعانة.

٢٢٥. الثامن عشر : هل يجب على الزوج ثمن الماء الّذي تغتسل به المرأة؟ الأقرب عدمه مع غنائها ، ووجوب تخليتها لتنتقل إلى الماء أو ينقل (١) الماء إليها.

الفصل الثاني : في الحيض

وهو الدم الأسود الغليظ الّذي يخرج بحرقة وحرارة غالبا ، ولقليله حدّ ، يقذفه الرحم مع بلوغ المرأة ، ثم يصير لها عادة في أوقات متداولة بحسب مزاجها لحكمة تربية الولد ، فإذا حملت صرفه الله تعالى إلى غذائه ، فإذا وضعت أزال الله تعالى عنه صورة الدم ، وكساه صورة اللبن ليغتذي به الطفل مدة رضاعه ، فإذا خلت من الحمل والرضاع ، بقى الدم ولا مصرف له ، فيستقرّ في مكان ، ثم يخرج غالبا في كلّ شهر ستّة أيام أو سبعة أو أقلّ أو أكثر ، بحسب قرب مزاجها من الحرارة وبعده. وقد علّق الشارع عليه أحكاما نحن نذكرها في مطالب.

__________________

(١) الضمير عائد إلى الزوج والمراد إعطاء الرخصة لتذهب المرأة إلى الاغتسال خارج البيت ، أو ينقل الزوج الماء لها فيه.

٩٦

[المطلب] الأوّل : في ماهيّته

وفيه ثلاث مباحث :

٢٢٦. الأوّل : الحيض غالبا هو الدم الغليظ (١) ؛ فإن اشتبه بدم العذرة ، أدخلت القطنة ، فإن خرجت منغمسة فحيض ، وإن خرجت مطوقة فعذرة ؛ وإن اشتبه بدم القرح أدخلت إصبعها ، فإن كان خارجا من الأيمن فقرح ، وإن كان من الأيسر فحيض على قول الشيخ (٢) وابن بابويه (٣) والرواية (٤) لا تساعدهما. وابن الجنيد عكس القول (٥).

٢٢٧. الثاني : لا حيض مع الصغر ، وهو ما نقص عن تسع سنين ، ولا مع الكبر ، وهو ما زاد على خمسين في غير القرشية والنبطية ، وستّين فيهما.

٢٢٨. الثالث : اضطرب قول علمائنا في الحبلى هل ترى الحيض أم لا؟ (٦) والأقرب عندي أنّها تراه ، فتفعل ما تفعل الحائض.

__________________

(١) في «أ» : الدم العبيط.

(٢) المبسوط : ١ / ٤٣ ، والنهاية : ٢٤.

(٣) الفقيه : ١ / ٥٤.

(٤) لاحظ التهذيب : ١ / ٣٨٥ ، ووسائل الشيعة : ٢ / ٥٦٠ ، الباب ١٦ من أبواب الحيض ، ح ١.

(٥) نقله عنه في المعتبر : ١ / ١٩٩ ، والمختلف : ١ / ٣٥٥.

(٦) لاحظ الأقوال في المختلف : ١ / ٣٥٦.

٩٧

المطلب الثاني : في وقته

وفيه ستّة مباحث :

٢٢٩. الأوّل : أقلّ الحيض ثلاثة أيّام فلو رأته دون الثلاثة لم يكن حيضا ، وأكثره عشرة ، فالزائد غير حيض.

وهل يشترط التوالي في الثلاثة أم يكفي كونها من جملة العشرة؟ الأقرب الأوّل ، والقولان للشيخ (١).

٢٣٠. الثاني : إذا رأته زائدا عن الثلاثة ، ولم يتجاوز العشرة وأمكن أن يكون حيضا ، فهو حيض ، ولا اعتبار باللون حينئذ.

٢٣١. الثالث : إذا رأت الدم في شهر أيّاما معيّنة ، ثمّ طهرت ، ثم رأته في آخر ثانيا بتلك العدة ، صار ذلك عادة ترجع إليها ، ولا حاجة إلى معاودة الدم ثالثا ، كما لا اعتداد في العادة بما رأته أوّلا.

٢٣٢. الرابع : أقلّ الطهر عشرة أيّام ، ولا حدّ لأكثره ، وتحديد أبي الصلاح بثلاثة أشهر (٢) على سبيل التغليب.

٢٣٣. الخامس : الصفرة والكدرة في أيّام الحيض حيض ، وفي أيّام الطهر طهر ، وكذا غيرهما من ألوان الدم.

٢٣٤. السادس : لو رأت ثلاثة أيّام ، ثمّ انقطع ، ثمّ عاد قبل العاشر وانقطع عليه ، فالدمان وما بينهما حيض ، ولو تجاوزت العشرة فله تفصيل يأتي.

__________________

(١) لاحظ النهاية : ٢٦ ، والمبسوط : ١ / ٤٢.

(٢) الكافي في الفقه : ١٢٨.

٩٨

ولو تأخّر عشرة ، ثمّ عاد ، كان الأوّل حيضا بانفراده ، والثاني كذلك إن اجتمعت فيه الشرائط.

المطلب الثالث : في المتجاوز عن العادة

وفيه ثمانية مباحث :

٢٣٥. الأوّل : قد بيّنا أنّ الأقلّ ثلاثة ، والأكثر عشرة ، فالمرأة إمّا مبتدأة ، أو ذات عادة مستقيمة ، أو مضطربة ، وإمّا ذات تميز أو لا ، فالأقسام أربعة جامعة وصفي التميز والعادة ، وفاقدتهما ، وفاقدة العادة ، أو التميز.

أمّا الجامعة لهما ، فإن اتّحد الزّمان ، فلا بحث إجماعا ، وان اختلف فللشيخ قولان (١) أصحّهما العمل على العادة.

وأمّا فاقدتهما المبتدأة فإن انقطع لعشرة فما دون إلى الثلاثة ، فهو حيض ، وإن تجاوز (٢) رجعت إلى عادة نسائها ، فإن فقدن ، فإلى أقرانها في السن ، فإن فقدن أو اختلفن ، تحيّضت في كلّ شهر سبعة أيّام أو ستّة ، وقيل : ثلاثة ، وقيل : عشرة ، وقيل : في الأوّل ثلاثة وفي الثاني عشرة ، وقيل : تجعل عشرة طهرا وعشرة حيضا (٣).

والوجه تخيّرها في تخصيص السبعة ، فما تخصّصه فهو الحيض ، ولا تقضي عبادة غيره.

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ١ / ٤٩ ، والنهاية : ٢٤.

(٢) في «أ» : وإن تجاوزت.

(٣) لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف : ١ / ٣٦٢.

٩٩

أمّا فاقدة العادة المستقيمة ، فإمّا مبتدأة أو مضطربة ، وكلاهما ترجعان إلى التميز بشروط اختلاف اللون ، وبلوغ ما هو بصفة دم الحيض ثلاثة ، وعدم تجاوزه الأكثر ومجاوزة المجموع العشرة.

ولا يشترط في التميز التكرار ، ولو رأت ثلاثة أيّام أسود ، وثلاثة أصفر ، ثم عشرة أسود ، قال الشيخ رحمه‌الله : تحيّضت بالعشرة الأخيرة ، وقضت ما تركته في الثلاثة الأولى (١) وقيل : لا تميز لهذه (٢).

ولو رأت خمسة أيّام دم الاستحاضة ، ثم الأسود بقيّة الشهر ، قال الشيخ : يحكم في أوّل يوم ترى ما هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة بأنّه حيض ، وما بعده استحاضة ، فإن استمرّ على هيئته ، جعلت بين الحيضة الأولى والثانية عشرة طهرا ، وما بعد ذلك من الحيضة الثانية (٣). والأقرب عندي الرجوع إلى الروايات.

وتثبت العادة بتساوي التميز مرّتين عددا ووصفا ، فتعمل في الثالثة عليه.

وأمّا فاقدة التميز ، فانّها ترجع إلى عادتها إن كانت مستقيمة ، وإن كانت مضطربة ولا تميز ، رجعت إلى الروايات ، ولها الخيار في التخصيص.

٢٣٦. الثاني : لو رأت ذات العادة المستقيمة عددها متقدّما أو متأخّرا ، لا فيها حكمت بأنّه حيض ، لتقدّمها تارة ، وتأخّرها أخرى ، سواء كان بصفة دم الحيض أو لا.

ولو رأت قبل العادة وفيها ، أو فيها وبعدها ، أو قبلها وفيها وبعدها ، ولم

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٥٠.

(٢) المعتبر : ١ / ٢٠٦.

(٣) المبسوط : ١ / ٤٦.

١٠٠