تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

انسدّ المعتاد وانفتح غيره ، أمّا لو لم ينسدّ ، فإن ساواه في العادة نقض ، وإن شذّ فلا.

٦٩. العاشر : لو خرج البول من الأغلف ، حتّى صار في غلفته نقض.

٧٠. الحادي عشر : النوم ناقض مطلقا متى غلب على الحاسّتين.

وقول ابن بابويه : الرجل يرقد قاعدا لا وضوء عليه (١) لا يلتفت إليه. أمّا السنّة ، فإن حصل معها فقد الإحساس نقضت ، وإلّا فلا.

٧١. الثاني عشر : الاستحاضة القليلة الدّم ، ناقضة ، خلافا لابن أبي عقيل (٢).

ولا تجمع المستحاضة بين صلاتين بوضوء واحد ، سواء كانا فرضين أو أحدهما ، أو نفلين. ولو توضّأت قبل الوقت ، لم يصحّ.

ولو انقطع دمها بعد الطهارة قبل الدّخول ، استأنفت ، فلو صلّت من غير استئناف ، أعادت الصّلاة. ولو انقطعت في الأثناء ، فالوجه عدم الاستئناف. وهل يجب عليها مقارنة الطّهارة للصّلاة؟ نصّ في المبسوط عليه (٣) ، ونحن نتوقّف مع قربه.

__________________

(١) الفقيه : ١ / ٣٨ ، الحديث ١٤٤.

(٢) نقل عنه المصنف في التذكرة : ١ / ١٠٤.

(٣) المبسوط : ١ / ٦٨.

٦١

الفصل الثاني : في آداب الخلوة

والنظر في أمور ثلاثة

[النظر] الأوّل : في كيفيّة التخلّي

وفيه خمسة مباحث :

٧٢. الأوّل : يجب ستر العورة مطلقا. وهي : القبل والدّبر. ويستحبّ ستر جميع البدن.

٧٣. الثاني : يحرم عليه استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط ، في الصحاري والبنيان ، خلافا لابن الجنيد فيهما ، (١) وللمفيد (٢) وسلّار في الأخير (٣) ، ويجب الانحراف في موضع قد بنى على ذلك.

٧٤. الثالث : يكره استقبال الشمس والقمر بفرجه في البول والغائط ، واستقبال الرّيح بالبول ، والبول في الأرض الصّلبة ، وقائما ، وأن يطمح ببوله في الهواء ، وفي الماء جاريا وراكدا ، والجلوس للحدث في المشارع والشوارع ومواضع اللعن ، وتحت الأشجار المثمرة ، وفي‌ء النزال ، وجحرة الحيوان ، وأفنية الدور ، والمواضع التي يتأذّى الناس بها.

__________________

(١) نقل عنه المصنّف في المختلف : ١ / ٢٦٦.

(٢) المقنعة : ٣٩.

(٣) المراسم في الفقه الإمامي : ٣٢.

٦٢

٧٥. الرابع : يكره السّواك على حال الخلاء ، والأكل ، والشّرب ، والكلام إلّا بذكر الله تعالى ، أو حكاية الأذان ، أو قراءة آية الكرسي ، أو حاجة يضرّ فوتها.

٧٦. الخامس : يكره طول الجلوس على الخلاء ، وأن يمسّ الرّجل ذكره بيمينه عند البول ، ـ رواه ابن بابويه عن الباقر عليه‌السلام ، ـ (١) واستصحاب دراهم بيض ، ـ رواه الشيخ ، (٢) والرواية به ضعيفة ـ والاستنجاء باليمين مكروه ، وكذا باليسار إذا كان فيها خاتم عليه اسم من أسماء الله تعالى أو أسماء أنبيائه أو أحد من الأئمّة عليهم‌السلام أو فصّه من حجر زمزم ، فإن كان فيه حوّله.

النّظر الثاني : في آداب التخلّي

وفيه ثلاثة مباحث :

٧٧. الأوّل : يستحبّ تغطية الرأس عند دخول الخلاء ، وتقديم الرجل اليسرى عنده ، واليمنى عند الخروج ، بخلاف المسجد فيهما.

٧٨. الثاني : يستحبّ التسمية والدّعاء عند الدخول ، وعند الاستنجاء ، وعند الفراغ ، وعند الخروج ، وأن يمسح بطنه عنده.

٧٩. الثالث : يستحبّ الاستبراء في البول للرّجل ، فإن وجد بللا بعده ، كان طاهرا ، ولا يعيد وضوءه. ولو لم يستبرئ أجزأه ، فإن وجد بللا أعاد طهارته ، ولو وجده بعد الصّلاة أعاد الوضوء خاصّة ، ويغسل الموضع.

__________________

(١) الفقيه : ١ / ١٩ ، الحديث ٥٦ و ٥٥.

(٢) التهذيب : ١ / ٣٥٣ ، الحديث ١٠٤٦.

٦٣

النّظر الثّالث : في الاستنجاء

(١) وفيه واحد وعشرون بحثا :

٨٠. الأوّل : يجب غسل مخرج البول بالماء. ولا يجزي سواه مع القدرة. وأقلّ ما يجزيه مثلا ما عليه. والبكر كالثيب ، والأغلف إن كان مرتتقا (٢) فكالمختتن ، وإلّا كشف البشرة إذا بال ، وغسل المخرج ، ولو لم يكشفها وجب كشفها لغسل المخرج (٣) ، ويجب غسلها مع نجاستها.

٨١. الثاني : لو تعذّر الماء أجزأه المسح بالحجر وشبهه ، فإذا تمكّن بعد ذلك وجب الغسل ، ولو خرج من الذكر دود أو حصا أو غيره ممّا ليس ببول ولا دم ولا مني ، لم يجب غسله ، سواء كان جامدا أو مائعا.

٨٢. الثالث : لو توضّأ قبل غسل المخرج جاز. ولو صلّى أعاد الصّلاة خاصّة. وقول ابن بابويه : يعيد الوضوء أيضا ، (٤) ليس بمعتمد.

٨٣. الرابع : لو بال لم يجب عليه سوى غسل مخرج البول لا غيره ، وكذا لو تغوّط ولم يبل لم يجب عليه غسل مخرج البول.

٨٤. الخامس : لا يجب على المرأة إدخال اصبعها في فرجها.

٨٥. السادس : الاستنجاء من الغائط واجب ، ثم إن تعدّى المخرج لم يجز غير الماء ، وإلّا تخيّر بينه وبين الأحجار ، والماء أفضل ، والجمع أكمل ، وحدّه

__________________

(١) في «ب» : كيفية الاستنجاء.

(٢) في حاشية نسخة «ب» : هو التصاق الغلفة بالحشفة بحيث يعسر انكشافها.

(٣) في «أ» : بغسل المخرج.

(٤) المقنع : ٤ ؛ والفقيه : ١ / ٢١.

٦٤

الإنقاء من العين والأثر ولا اعتبار بالرائحة. ويكفي في الأحجار إزالة العين.

٨٦. السابع : يشترط في الأحجار العدد ، وهو ثلاثة ، فلا يجزي الأقلّ وإن نقى به ، خلافا للمفيد (١). ولو لم يحصل النقاء بالثلاثة وجب الزائد حتى ينقى. ويستحب أن يقطع على وتر.

ولو استعمل الواحد ذا الشّعب الثلاث أجزأه. وخلاف الشيخ (٢) ضعيف. ولو استعمل ثلاثة أنفس ثلاثة أحجار ، كلّ واحد منهم من كلّ حجر بشعبة ، أجزأهم.

ويشترط الطّهارة ، فلا يجزي النجس إجماعا.

٨٧. الثامن : يجوز استعمال ما شابه (٣) الحجر في الإزالة ، كالخزف والمدر والخشب والجلد.

٨٨. التاسع : لا يجوز استعمال الصّقيل ، (٤) كالزّجاج والفحم الرخو وما شابهه ممّا يزلج عن النجاسة.

٨٩. العاشر : لا يجوز استعمال العظم والروث ، ولا المطعوم ، ولا ماله حرمة كحجر زمزم.

٩٠. الحادي عشر : لو استعمل ما نهى عنه لحرمته ، فالأقرب الطهارة.

٩١. الثاني عشر : لو استجمر بالنجس لم يجزه ، ولو كسره. واستعمل

__________________

(١) نقل عنه في السرائر : ١ / ٩٦.

(٢) المبسوط : ١ / ١٧.

(٣) في «ب» : ما يشابه.

(٤) الصقل : الجلاء ، صقل الشي‌ء فهو مصقول وصقيل : جلاه. لسان العرب.

٦٥

الطاهر جاز ، وكذا لو أزيلت النجاسة عنه بغسل ، أو استعمل الطرف الطاهر ، ولو تقادم عهد الحجر النجس وزالت عين النجاسة لم يطهر ، ولو استجمر بحجر ثم غسله ، أو كسر النّجس واستعمل الباقي ، أجزأه.

٩٢. الثالث عشر : لو استنجى بالخرقة ، وقلّبها ، جاز الاستنجاء بها ثانيا إن كانت صفيقة (١) تمنع من النفوذ ، وإلّا فلا ، ويلزم الشيخ إطلاق المنع (٢) ، ولو كانت طويلة ، جاز استعمال طرفيها ، ويحصل بالعدد ، خلافا للشيخ إلّا بعد القطع (٣).

٩٣. الرابع عشر : يجوز الاستنجاء ٤ بالصوف والشعر.

٩٤. الخامس عشر : محل الاستجمار بعد الأحجار المزيلة للعين طاهر.

٩٥. السادس عشر : إذا حصل الإنقاء طهر ، سواء تواردت الثلاثة على جميع المحلّ ، أو توزّعت أجزاؤه ، وقول بعضهم : إنّه تلفيق ، فيكون بمنزلة مسحة ٥ ، ولا يكون تكرارا ٦ ضعيف للفرق بينهما.

٩٦. السابع عشر : انّما يجب الاستنجاء في مخرج الغائط بخروجه ، أو خروج نجاسة كالدّم ، أمّا الدود والحصى والحقنة الطاهرة فلا.

٩٧. الثامن عشر : ليس على النائم ولا على من خرج منه ريح استنجاء ، وهو قول العلماء كافة.

٩٨. التاسع عشر : الواجب في الاستنجاء إزالة النجاسة عن الظاهر.

__________________

(١) ثوب صفيق : متين بيّن الصفاقة وجيّد النسج ، وقد صفق صفاقة : كشف نسجه. لسان العرب.

(٢) ٢ و ٣. المبسوط : ١ / ١٦.

(٣) ٤ في «أ» : يجوز الاستجمار.

(٤) ٥ في «ب» : بمنزلة مسحه.

(٥) ٦ لاحظ المغني والشرح الكبير : ١ / ١٤٤.

٦٦

٩٩. العشرون : لو انسد المخرج المعتاد ، وانفتح آخر ، ففي إجزاء الاستجمار ، فيه إشكال.

١٠٠. الحادي والعشرون : لا يفتقر مع استعمال الماء إلى تراب إجماعا.

الفصل الثالث : في آداب الوضوء

وفيه عشرة مباحث :

١٠١. الأوّل : السواك مندوب إليه ، مرغب فيه ، وفيه فضل كثير ، وليس بواجب ، وآكده عند الوضوء والصّلاة والسّحر ، ويكره في الخلاء والحمام ، ويجوز للصائم نهارا بالرطب واليابس في أوّل النهار وآخره. ويكره تركه أكثر من ثلاثة أيّام. وفيه اثنتا عشرة فائدة (١) رواه ابن بابويه عن الصادق عليه‌السلام ، قال :

«هو من السنّة ، ومطهرة للفم ، ومجلاة للبصر ، ويرضي الرحمن ، ويبيّض الأسنان ، ويذهب بالحفر ، ويشدّ اللّثة ، ويشهي الطعام ، ويذهب بالبلغم ، ويزيد في الحفظ ، ويضاعف الحسنات ، ويفرح به الملائكة» (٢).

١٠٢. الثاني : يستحب وضع الإناء على اليمين ، والاغتراف بها ، إن كانت الآنية يغترف منها (٣) باليد.

__________________

(١) في «أ» : اثنا عشر فائدة.

(٢) الفقيه : ١ / ٣٤ ، الحديث ١٢٦ ؛ وسائل الشيعة : ١ / ٣٤٧ باب ١ من أبواب السواك ، الحديث ١٢.

(٣) في «ب» : عنها.

٦٧

١٠٣. الثالث : يستحبّ غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ، مرّة واحدة من حدث النّوم والبول ، ومرّتين من الغائط ، وثلاثا من الجنابة ، وليس بواجب ، والظاهر انّ المراد باليد هنا من الكوع ، وكراهة غمس بعضها قبل الغسل كالجميع ، وكذا غمسها قبل كمال العدد كغمسها قبل الشروع.

١٠٤. الرابع : لا فرق بين كون يد النائم مشدودة ، أو مطلقة ، أو في وعاء ، أو كون النائم مسرولا أو لا ، عملا بالعموم.

١٠٥. الخامس : هذا الاستحباب مختص بالمسلم المكلّف.

١٠٦. السادس : المراد من النوم ، الناقض ، قلّ زمانه أو كثر.

١٠٧. السابع : لا يفتقر غسل اليدين إلى نيّة ، ولا تسمية.

١٠٨. الثامن : لو اجتمعت الأحداث الثلاثة تداخل الغسل.

١٠٩. التاسع : يستحبّ التسمية عند الطهارة ، وليست بواجبة (١) ، ولو فعلها خلال الطهارة لم يأت بالمستحبّ ، وصورتها : بسم الله وبالله اللهمّ اجعلني من التّوابين واجعلني من المتطهّرين.

١١٠. العاشر : يستحب المضمضة والاستنشاق باليمنى ، ثلاثا ثلاثا قبل الوضوء ، وليسا بواجبين ، يبدأ بالمضمضة ثلاثا ، ثمّ يستنشق ثلاثا ، ويستحب فيهما الدعاء.

__________________

(١) في «أ» : ليست واجبة.

٦٨

الفصل الرابع : في آداب الحمّام وغيره

وفيه ستّة مباحث :

١١١. الأوّل : يجب عليه إذا دخل الحمام ستر عورتيه قبله ودبره. ويستحب دخوله بمئزر إذا لم يره غيره.

١١٢. الثاني : قال الصادق عليه‌السلام :

«إذا دخلت الحمام ، فقل في الوقت الّذي تنزع ثيابك : اللهمّ انزع عنّي ربقة النّفاق ، وثبّتني على الإيمان. فإذا دخلت البيت الأوّل ، فقل : اللهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ نفسي ، وأستعيذ بك من أذاه ؛ وإذا دخلت البيت الثاني ، فقل : اللهمّ اذهب عنّي الرّجس النجس ، وطهّر جسدي وقلبي ؛ وخذ من الماء الحارّ ، وضعه على هامتك ، وصبّ منه على رجليك ، وإن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل ، فانّه ينقي المثانة ، وألبث في البيت الثاني ساعة ؛ فإذا دخلت البيت الثالث ، فقل : نعوذ بالله من النار ونسأله الجنّة ، تردّدها إلى وقت خروجك من البيت الحارّ.

وإيّاك وشرب الماء البارد والفقّاع في الحمام ، فانّه يفسد المعدة ؛ ولا تصبّن عليك الماء البارد ، فانّه يضعف البدن ، وصبّ الماء البارد على قدميك إذا خرجت ، فانّه يسيل الداء من جسدك؛ فإذا لبست ثيابك ، فقل : اللهمّ البسني التّقوى ، وجنّبني الردّي. فإذا فعلت ذلك،

٦٩

أمنت من كلّ داء» (١).

١١٣. الثالث : يجوز قراءة القرآن في الحمام. ويكره للعريان ، ويجوز النكاح فيه.

١١٤. الرابع : روى عن الصادق عليه‌السلام قال :

«لا تتك في الحمام ، فإنّه يذيب شحم الكليتين ؛ ولا تسرّح في الحمام ، فإنّه يرقّق الشعر ؛ ولا تغسل رأسك بالطين ، فإنّه يسمج الوجه ؛ ولا تتدلّك بالخزف ، فإنّه يورث البرص ؛ ولا تمسح وجهك بالإزار ، فإنّه يذهب بماء الوجه» (٢).

روي أنّ المراد بذلك طين مصر وخزف الشام (٣).

وقال الكاظم عليه‌السلام :

«لا تدخلوا الحمام على الرّيق ، ولا تدخلوه حتّى تطعموا شيئا» (٤).

١١٥. الخامس : قال الصادق عليه‌السلام :

«غسل الرأس بالخطمي في كلّ جمعة أمان من البرص والجنون» (٥).

وقال عليه‌السلام : «غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ، ويزيد في الرزق» (٦).

١١٦. السادس : يستحب التنوير في كلّ خمسة عشر يوما مرّة.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٣٧١ ، الباب ١٣ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٣٧٢ ، الباب ١٣ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ٣.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٢ ، الباب ٢٣ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ٤.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٣٧٧ ، الباب ١٧ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ٣.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٧ ، الباب ١٧ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ، الحديث ١.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٣ و ٣٨٤ ، الباب ٢٥ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ١ و ٥.

٧٠

فصول في الفطرة

١١٧. الأوّل : حلق العانة مستحب ، والسنّة إزالتها بالنّورة.

١١٨. الثاني : نتف الإبط من الفطرة. وكان الصادق عليه‌السلام يطلي إبطيه في الحمام ويقول :

«نتف الإبط يضعف المنكبين ، ويوهن ويضعف البصر» (١). وقال عليه‌السلام :

«حلقه أفضل من نتفه ، وطليه أفضل من حلقه» (٢).

١١٩. الثالث : قصّ الأظفار من الفطرة. قال الرضا عليه‌السلام :

«قلّموا أظفاركم يوم الثلاثاء ، واستحمّوا يوم الاربعاء ، وأصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس ، وتطيّبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة» (٣).

١٢٠. الرابع : قصّ الشارب من الفطرة. وقال الصادق عليه‌السلام :

«أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام» (٤).

وعن الباقر عليه‌السلام قال : «من أخذ من أظفاره وشاربه كلّ جمعة ، وقال حين يأخذه : بسم الله وبالله وعلى سنّة محمّد وآل محمّد صلوات الله

__________________

(١) و (٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣٨ ، الباب ٨٥ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ٧ و ٨.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٥٥ ، الباب ٣٧ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ، الحديث ٧.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٨ ، الباب ٣٣ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ، الحديث ٥.

٧١

عليه وعليهم ، لم يسقط منه قلامة ولا جزازة إلّا كتب الله تعالى له بها عتق نسمة ، ولم يمرض إلّا مرضه الّذي يموت فيه» (١).

١٢١. الخامس : فرق الرأس من الفطرة. قال الصادق عليه‌السلام :

«من اتّخذ شعرا فلم يفرقه فرقه الله بمنشار من نار» (٢).

١٢٢. السادس : السّنن الحنيفيّة عشر : خمس في الرأس ، وهي : المضمضة والاستنشاق والسّواك وفرق الشعر وقصّ الشارب ، وخمس في البدن : قصّ الأظفار وحلق العانة والإبطين والختان والاستنجاء.

١٢٣. السابع : يستحب إزالة الشعر من الأنف. قال الصادق عليه‌السلام :

«إنّه يحسّن الوجه» (٣).

١٢٤. الثامن : اتّخاذ الشعر أفضل من إزالته.

١٢٥. التاسع : يستحب الخضاب. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«من أطلى واختضب بالحناء ، آمنه الله عزوجل من ثلاث خصال :

الجذام والبرص والآكلة إلى طلية مثلها» (٤).

وقال الصّادق عليه‌السلام :

«الخضاب بالسّواد أنس للنّساء ، ومهابة للعدو» (٥).

__________________

(١) الفقيه : ١ / ٧٣ ، الحديث ٣٠٤ رواها مع تفاوت يسير في الكافي : ٦ / ٤٩٠ ، الحديث ٩.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٧ ، الباب ٦٢ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٢٤ ، الباب ٦٨ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٣٩٣ ، الباب ٣٥ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ٧.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٤ ، الباب ٤٦ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ٣ و ٤.

٧٢

وقال عليه‌السلام : في قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (١) ، قال :

«منه الخضاب بالسواد ، وقتل الحسين بن عليّ عليه‌السلام وهو مخضوب بالوسمة» (٢). وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : «يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل الله ، وفيه أربع عشرة خصلة : يطرد الرّيح من الأذنين ، ويجلو البصر ، ويلين الخياشيم ، ويطيب النكهة ، ويشدّ اللّثة ، ويذهب بالصّفار ، ويقلّ وسوسة الشيطان ، وتفرح به الملائكة ، ويستبشر به المؤمن ، ويغيظ به الكافر ، وهو زينة وطيب ، ويستحي منه منكر ونكير ، وهو براءة له في قبره» (٣).

__________________

(١) الأنفال : ٦٠.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٧ ، الباب ٤٩ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ٥.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠١ ، الباب ٤٢ من أبواب آداب الحمام ، الحديث ١.

٧٣

الفصل الخامس : في أفعال الوضوء وكيفيّته

وفيه خمسة مباحث :

[المبحث] الأوّل :

النيّة شرط في الطهارة المائية بنوعيها والترابية ، وهي القصد ، ومحلّها القلب ، فلا يشترط النطق ، ولو نطق بها ولم يخطر بباله لم يجزه ، ولو نطق بغير ما نواه ، فالمعتبر النيّة القلبيّة ، وكيفيّتها : أن ينوي التقرّب إلى الله تعالى على جهة الوجوب ، أو النّدب.

وهل يشترط استباحة شي‌ء لا يستباح إلّا بالطّهارة ، أو رفع الحدث ـ وهو إزالة المانع من كلّ فعل يفتقر إلى الطّهارة ـ أو لا يشترط؟ خلاف.

ووقتها عند غسل الكفين ، ويتضيّق عند غسل الوجه ، ويجب استدامتها حكما إلى الفراغ.

فروع :

١٢٦. الأوّل : لو نوى ما لا يشرع له الطهارة ، كالأكل مثلا ، لم يرتفع حدثه إجماعا.

١٢٧. الثاني : لو نوى ما ليس من شرطه الطّهارة ، بل من فضله ،

٧٤

كقراءة القرآن ، أو النوم ، قال الشيخ : لا يرتفع حدثه ، لأنّه لم ينو رفعه ولا ما يتضمّنه (١) ، وعندي فيه توقّف ، أمّا لو نوى وضوءا مطلقا ، فالوجه ما قاله الشيخ.

١٢٨. الثالث : لو جدّد الطهارة ، فتبيّن أنّه كان محدثا ، ففي الإجزاء إشكال.

١٢٩. الرابع : لو نوى المجنب الاستيطان في المسجد ، أو قراءة العزائم ، أو مسّ الكتابة ، ارتفع حدثه ، أمّا لو نوى الاجتياز ، نصّ الشيخ على عدمه (٢).

١٣٠. الخامس : لو ضمّ نيّة التبرّد إليها أجزأه ، لحصوله بدونها. أمّا لو ضم الرياء ، فالوجه عندي البطلان.

١٣١. السادس : لو غربت النيّة عن خاطره في أثناء الطهارة ، أجزأه.

١٣٢. السابع : لو نوى قطع النيّة في أثناء الطّهارة لم يبطل فعله الأوّل ، ولا اعتداد بما فعله بعده ، ولو أعاد النيّة أعاد ما فعله بغير نيّة ، بشرط عدم طول الفصل المؤدّي إلى الجفاف.

١٣٣. الثامن : لو شكّ في النيّة بعد الفراغ ، لم يلتفت. ولو كان في الأثناء أعاد.

١٣٤. التاسع : لو وضّأه غيره لعذر اعتبرت نيّة المتوضّي.

١٣٥. العاشر : الكافر لا يصحّ منه الطّهارة وإن وجبت عليه ، لاشتراط الإسلام في صحّة التقرّب.

١٣٦. الحادي عشر : لو نوى بطهارته صلاة معيّنة ، ارتفع حدثه ، وجاز الدّخول به في غيرها.

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ١ / ١٩.

٧٥

١٣٧. الثاني عشر : المستحاضة وصاحب السلس والمتيمّم ينوون استباحة الصلاة ، دون رفع الحدث.

١٣٨. الثالث عشر : لو فرّق النيّة على أعضاء الوضوء ، لم يجز ، أمّا لو نوى لكلّ فعل بانفراده ، ففي الإجزاء نظر.

١٣٩. الرابع عشر : لا يعتبر النيّة في رفع الخبث عن البدن والثوب إجماعا.

١٤٠. الخامس عشر : لو اجتمعت أسباب توجب الوضوء كفى الواحد ، ولا يجب تعيين الحدث المرفوع ، ولو نوى رفع حدث معيّن ، ارتفع الباقي ، ولو كان عليه أغسال ، قال الشيخ رحمه‌الله : إن نوى غسل الجنابة أجزأ عن غيره ، وإن نوى غيره لم يجز عنه (١) وفيه قوة.

[المبحث] الثاني :

يجب غسل الوجه ، وحدّه من قصاص شعر الرأس إلى محادر (٢) شعر الذقن طولا ، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا ، فالخارج ليس من الوجه ، ويجب أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن ، فلو نكس لم يجزه على الأقوى. ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية ، ولا تخليلها ، بل يغسل الظاهر.

فروع :

١٤١. الأوّل : لو نبت للمرأة لحية فكالرّجل.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ١٩.

(٢) في «أ» «مجاوز» قال الطريحي : محادر شعر الذقن ـ بالدال المهملة ـ : أوّل انحدار الشعر عن الذقن ، وهو طرفه. مجمع البحرين.

٧٦

١٤٢. الثاني : لا يجب تخليل الأهداب ، ولا الشارب ، ولا العنفقة (١) ولا الحواجب ، سواء كانت كثيفة أو خفيفة ، بل يجب غسل هذه المواضع إن فقد الشعر ، وإلّا فإمرار الماء على ظاهر الشعر. وقول ابن أبي عقيل : متى خرجت اللحية ولم تكثر ، فعلى المتوضئ غسل الوجه حتى يصل الماء إلى بشرته (٢) ، غير معتمد.

١٤٣. الثالث : لا اعتبار بالأنزع ، ولا الأغم (٣) ، ولا من يفضل يداه عن المعتاد ، أو تقصر ، أو يخرج وجهه في القدر عن المعتاد ، بل يرجع كلّ منهم إلى مستوي الخلقة ، بمعنى أنّ كلّ ما يجب غسله في المستوي يجب هنا.

١٤٤. الرابع : لا يجب غسل ما خرج عمّا حددناه كالعذار ، ولا يستحب ، بل يحرم إن اعتقده.

١٤٥. الخامس : الأذنان ليستا (٤) من الوجه ، لا يجوز غسلهما ، للوضوء ولا تخليلهما.

١٤٦. السادس : لو غسل الشعر النابت على الوجه ، ثم زال عنه ، أو انقلعت جلدة من بدنه (٥) ، أو ظفره ، أو قصّه ، لم يؤثر في طهارته.

__________________

(١) العنفقة : الشعر الّذي في الشفة السفلى ، وقيل : هي الشعر الّذي بينها وبين الذقن ؛ مجمع البحرين.

(٢) وقد نقل ذلك القول في المنتهى : ٢ / ٢٤ ؛ والمختلف : ١ / ٢٨٠ عن ابن الجنيد فلاحظ.

(٣) الأغم : هو الّذي سال شعره حتى ضاقت جبهته. الصحاح «غمم».

(٤) في «ب» : ليسا.

(٥) وفي المنتهى : ١ / ٣٣ : «من يديه» وهو الأنسب للمقام.

٧٧

[المبحث] الثالث :

يجب غسل اليدين ، وحدّهما من المرفق إلى أطراف الأصابع ، ويجب أن يبدأ باليمين قبل اليسار ، وبالمرفق ، ثم ينتهى إلى الأصابع ، فلو نكس لم يجزه على الأقوى ، ويجب إدخال المرفق في الغسل. والواجب فيه وفي غسل الوجه ، ما يسمّى غسلا بأقل اسمه ، ولا يجزيه المسح.

فروع :

١٤٧. الأوّل : لو قطع بعض يديه. وجب غسل الباقي من المرفق ولو قطعت من المرفق ، سقط فرض غسلها.

١٤٨. الثاني : لو خلق له لحم نابت ، أو جلد منبسط في محلّ الفرض ، أو يد زائدة ، أو اصبع ، وجب غسله ، ولو كانت فوق المرفق لم يجب غسلها ، سواء حاذى بعضها محلّ الفرض أو لا.

١٤٩. الثالث : لو لم يعلم اليد الزائدة من الأصليّة غسلهما.

١٥٠. الرابع : لو انقلعت جلدة من غير محلّ الفرض حتّى تدلّت من محلّ الفرض وجب غسلها ، وبالعكس لا يجب ، ولو انقلعت من أحد المحلّين ، فالتحم رأسها في الآخر ، وبقى وسطها متجافيا ، كان حكمها حكم النابت في المحلّين.

١٥١. الخامس : الوسخ تحت الظفر المانع من وصول الماء إلى ما تحته ، يجب إزالته إن لم يشقّ.

٧٨

[المبحث] الرابع :

يجب مسح الرأس. وأقلّه ما يحصل به اسم المسح ، ويستحب قدر ثلاث أصابع عرضا ، ومحلّه مقدّم الرأس ، ويجب بنداوة الوضوء ، فلا يجوز استئناف ماء جديد له ، ويجوز مقبلا ومدبرا على كراهية ، وعلى البشرة والشعر المختص بها ، ولو جمع عليه شعر غيره ، ومسح عليه ، لم يجز ، وكذا لو مسح على ساتر كالعمامة.

فروع :

١٥٢. الأوّل : لو جفّ ماء الوضوء أخذ من لحيته وأشفار عينيه ، ومسح برأسه ، فإن لم يبق نداوة استأنف الوضوء.

١٥٣. الثاني : لو مسح على حائل رقيق لا يمنع وصول الماء إلى البشرة ، لم يجزه.

١٥٤. الثالث : قد بيّنا أن المسح لا يتقدّر بقدر ، بل الواجب أقلّ اسم المسح ، فالزائد عليه لا يوصف بالوجوب ، وكذا في كلّ ما يشبهه.

١٥٥. الرابع : يستحبّ أن تضع المرأة القناع. ويتآكد في المغرب والصبح.

١٥٦. الخامس : لو غسل موضع المسح ، لم يجزه.

١٥٧. السادس : لا يمسح على الجمّة (١) ، ولا على ما يجمع على مقدّم الرأس من غير شعر المقدّم.

__________________

(١) الجمّة ـ بالضم ـ : مجتمع شعر الرأس ، وهي أكثر من الوفرة. الصحاح.

٧٩

ولو خضب رأسه بما يستره ، أو طيّنه ، لم يجز المسح عليه.

ولو كان على رأسه جمّة فأدخل يده تحتها ومسح ، أجزأه.

١٥٨. السابع : مسح جميع الرأس بدعة ، وكذا مسح الأذنين.

[المبحث] الخامس :

يجب مسح الرجلين من رءوس الأصابع إلى الكعبين : وهما النابتان في وسط القدم ، ويجوز منكوسا ، والبداءة بأيّهما كان ، ويجب المسح على البشرة ، ويحرم على الحائل كالخف وشبهه إلّا مع الضرورة أو التقيّة ، ولو زال السّبب أعاد الطهارة على أحوط القولين ، ولو قطع بعض موضع المسح ، مسح على ما بقى ، ولو قطع من الكعب سقط المسح.

فروع :

١٥٩. الأوّل : لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح ، بل يجزئ باصبع واحدة.

١٦٠. الثاني : يجب المسح بنداوة الوضوء ، كما قلنا في الرأس ، ولا يجوز استئناف ماء جديد ، فإن لم يبق نداوة أخذ من لحيته وأشفار عينيه ، ومسح برجليه ، فإن لم يبق استأنف ، ولو أخرج رجليه من الماء ، ومسح عليهما رطبتين ، ففي الإجزاء نظر.

١٦١. الثالث : يجب الانتهاء في المسح إلى الكعبين. وهما المفصلان اللّذان يجتمع عندهما القدم والساق ، ويجب إدخالهما في المسح.

١٦٢. الرابع : الواجب المسح فلا يجزي الغسل ، بل يبطل طهارته معه ،

٨٠