تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

القاعدة الأولى في العبادات

وهي كتب

كتاب الطهارة

٤١
٤٢

وفيه مقدّمة ومقاصد

أمّا المقدّمة

ففيها أبحاث :

٤. الأوّل : الطهارة في اللغة النظافة. وفي الشرع ما له صلاحية التأثير في استباحة الصلاة من الوضوء والغسل والتيمم. وهي أقسامها.

٥. الثاني : العلم بالطهارة واجب ، لوجوب فعلها المتوقف عليه ، وهو معلوم بالضرورة من دين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٦. الثالث : كل واحد من الثلاثة واجب وندب ، فالوضوء يجب للصلاة والطّواف الواجبين ، ولمسّ كتابة القرآن إن وجب ، ويستحب لمندوبي الأوّلين ، ولدخول المساجد ، وقراءة القرآن والكون على طهارة ، والتجديد ، وحمل المصحف ، والنوم ، وصلاة الجنازة ، والسّعي في الحاجة ، وزيارة المقابر ، ونوم المجنب (١) وجماع المحتلم ، والذّكر للحائض.

والغسل يجب للثلاثة المتقدّمة ودخول المساجد وقراءة العزائم ان وجبا ،

__________________

(١) في «ب» : الجنب.

٤٣

ولصوم (١) الجنب إذا بقي من الليل مقدار فعله ، وصوم المستحاضة إذا غمس الدم القطنة. ويستحب لثلاثين تأتي.

والتيمم يجب للصّلاة والطواف الواجبين ، ولخروج المجنب في أحد المسجدين منه ، ويستحب لما عداه ، ويشترك الثلاثة في وجوبها وبالنذر وشبهه.

__________________

(١) في «أ» أو لصوم.

٤٤

المقصد الأوّل : في المياه

وفصوله ثلاثة

[الفصل] الأوّل : في المطلق

وفيه ثلاثة مباحث :

٧. الأوّل : المطلق هو المستحقّ لصدق الاسم عليه من غير تقييد مع امتناع سلبه. وهو في الأصل طاهر مطهّر من الحدث والخبث ، وكذا لو مزج بطاهر ان بقي الإطلاق ، وان تغيّر الوصف. ولو زال الإطلاق فمضاف.

ثم المطلق إن كان جاريا نجس (١) بتغيّر لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة ، لا بملاقاتها. ولو تغيّر بعضه اختص بالحكم. والجرية مع تغيّرها لها حكم بانفرادها ، ولا معه طاهرة. ولو وقفت (٢) النجاسة في جانب النهر أو قراره لم ننجّس ، لجريان المادة عليها. ولو كان إلى جانب النهر ماء واقف متّصل بالجاري لم ينجس بالملاقاة وإن قلّ. ولو تغيّر بعض الواقف المتصل بالجاري ، اختصّ

__________________

(١) في «ب» ينجس.

(٢) في «ب» وقعت.

٤٥

بالتنجّس دون الآخر. ويشترط في ذلك كلّه زيادة الجاري على الكرّ.

وحكم ماء الحمام حكمه إذا كان له مادة تزيد على الكر. وحكم ماء المطر حال نزوله حكمه. ولو استقر على الأرض وانقطع تقاطره ثم لاقته نجاسة اعتبر فيه الكرّية.

٨. الثاني : الواقف غير البئر إن كان كثيرا ، وحدّه ألف ومائتا رطل بالعراقي ، أو ثلاثة أشبار ونصف طولا في عرض في (١) عمق هو كرّ. فما زاد ، لا ينجس بملاقاة النجاسة ، بل بتغيّر أحد أوصافه بها.

وما نقص عن الكر ينجس بملاقاة النجاسة وإن قلّت كرءوس الابر من الدّم.

ولو تغيّر أحد طرفي الكثير وكان الباقي كرّا اختص المتغيّر بالتنجيس ، ولو اضطرب فزال التغيّر طهر.

ولا فرق في ذلك بين مياه الغدران والحياض والأواني. ولو وصل بين الغديرين بساقية اتّحدا واعتبرت الكرّية فيهما مع الساقية جميعا. أمّا لو كان أحدهما أقلّ من كرّ ، فوقعت فيه نجاسة ثم وصل بغدير بالغ كرّا ، فالأولى زوال النجاسة.

أمّا ماء البئر فالأقرب عدم تنجيسه بملاقاة النجاسة ، ولا خلاف في نجاسته بالتغيّر بها.

٩. الثالث : تطهير الجاري المتغير بالنجاسة بإكثار الماء المتدافع حتّى

__________________

(١) في «أ» : وعمق.

٤٦

يزول التغيّر ، والواقف بإلقاء كرّ دفعة ، فإن زال تغيّره ، وإلّا ألقى آخر وهكذا.

والقليل بإلقاء كرّ دفعة ، لا بإتمامه كر على الأصحّ ، ولا بالنبع من تحته.

ولا يطهر المتغيّر من هذه المياه بزوال التغيّر من نفسها ، أو من طول المكث ، أو من تصفيق الرياح ، أو من إلقاء أجسام طاهرة غير الماء.

وتطهير البئر بالنزح حتى يزول التغيّر. وعلى القول بالتنجيس بالملاقاة تطهر بنزح الجميع إن وقع فيها مسكر ، أو فقّاع ، أو منيّ ، أو دم حيض ، أو استحاضة ، أو نفاس ، أو مات فيها بعير.

ولو تعذر تراوح عليها أربعة رجال اثنين اثنين يوما إلى الليل.

وينزح كرّ (١) لموت الدابّة أو الحمار أو البقرة ، وسبعين دلوا لموت الإنسان ، وخمسين للعذرة الذائبة والرطبة والدّم الكثير ، وأربعين لموت الثعلب أو الأرنب أو الخنزير أو السّنور أو الكلب ، ولبول الرّجل ، وثلاثين لماء المطر المخالط للبول والعذرة وخرء الكلاب ، وعشر للعذرة اليابسة ، والدّم القليل ، كدم الطير والرّعاف اليسير ، وسبع لموت الطير من النعامة والحمامة وما بينهما ، والفارة إذا تفسخت أو انتفخت ، وبول الصّبي غير البالغ ، واغتسال الجنب ـ ولا يطهر عند الشيخ (٢) ـ ولوقوع الكلب إذا خرج حيّا ، وخمس لذرق جلّال الدجاج ، وثلاث لموت الفارة والحيّة. ودلو للعصفور وشبهه ، وبول الرضيع الّذي لم يغتذ بالطعام.

__________________

(١) كذا في النسخ الّتي بأيدينا والظاهر انّ الأصح «وبنزح كرّ».

(٢) قال في المبسوط : ١ / ١٢ : وان ارتمس فيها جنب نزح منها سبع دلاء ولم يطهر. (إي الجنب).

٤٧

فروع :

١٠. الأوّل : لا فرق بين صغير الحيوان وكبيره ، ولا بين الذكر والأنثى ، والسّمين والمهزول ، ولا بين المسلم والكافر ، خلافا لقوم (١).

١١. الثاني : لا فرق بين بول المسلم والكافر. والأقرب عدم الفرق بين الذكر والأنثى.

١٢. الثالث : قيل : وجوب السّبع في الجنب يتعلّق بالارتماس بحيث يغطّي ماء البئر رأسه ، والروايات غير مساعدة له ، وفي رواية محمد بن مسلم الصّحيحة عن أحدهما عليهما‌السلام تعليق الحكم على الدّخول (٢). والظاهر انّ نزح السّبع مع خلوّ البدن عن النجاسة.

١٣. الرابع : يستحبّ نزح ثلاث دلاء للوزغ والعقرب.

١٤. الخامس : إذا وقع فيها نجاسة لم يقدّر لها منزوح ، فإن تغيّر الماء نزح حتّى يزول التغيّر ، وإلّا فلا شي‌ء عندنا. أمّا القائلون بالتنجيس ، فقال بعضهم : ينزح منها أربعون ، وآخرون أوجبوا نزح الجميع (٣).

١٥. السادس : الدلو التي ينزح بها دلو العادة ، فلو اتّخذ دلوا عظيما تسع العدد ، فالأقرب عدم الاكتفاء به.

١٦. السابع : لا ينجس جوانب البئر بما يصيبها من المنزوح ، ويحكم بالطهارة عند مفارقة آخر الدّلاء لوجه الماء ، والمتساقط معفوّ عنه وهو تخريج ،

__________________

(١) لاحظ المختلف : ١ / ١٩٥ ـ من الطبعة الحديثة ـ.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ١٤٢ ، الباب ٢٢ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢.

(٣) لاحظ المختلف : ١ / ٢١٦.

٤٨

ولا يجب غسل الدلو بعد الانتهاء.

١٧. الثامن : لا يجب النّيّة في النزح ، ويجوز ان يتولّاه الصّبي والبالغ المسلم وغيره مع عدم المباشرة.

١٨. التاسع : لو وجدت الجيفة في البئر فغيّرت ماءها ، حكم بالتنجيس من حين الوقوف على التغيّر ، ولو لم يتغيّر لم ينجس عندنا. وعند القائلين به يحكم بالنّجاسة من حين الوجدان.

١٩. العاشر : لو تكثّرت النجاسة فإن اتّحد النوع كفى المنزوح الواحد ، وإلّا تعدّد على قول ضعيف.

٢٠. الحادي عشر : الأقرب إلحاق جزء الحيوان بكلّه.

٢١. الثاني عشر : إنّما يجزي العدد بعد إخراج النجاسة أو استحالتها في البئر.

٢٢. الثالث عشر : لو صبّ الدلو الأوّل في البئر لم يجب نزح ما زاد على العدد ، لكن لا يحتسب منه. أمّا لو صبّ الأخير فيها ، فالأقرب إلحاقه بما لم يرد فيه نصّ إن زاد على الأربعين. وكذا لو صبّ في غيرها. ولو ألقيت النجاسة العينيّة وما وجب لها من المنزوح في الطاهرة ، فالأولى التداخل.

٢٣. الرابع عشر : لو غار ماؤها قبل النّزح ، ثم ظهر فيها بعد الجفاف سقط النزح ، لتعلّقه بالماء الّذي لا يعلم عوده بعينه ، لا بالبئر ، ولسقوطه عند الذّهاب ، مع عدم دليل تجدّده.

٢٤. الخامس عشر : لو سيق إليها الماء الجاري وصارت متّصلة به فالأولى الطهارة.

٤٩

الفصل الثاني : في المضاف والأسآر

وفيه ستة مباحث :

٢٥. الأوّل : المضاف ، وهو المعتصر أو الممتزج مزجا يسلبه إطلاق الاسم ، طاهر ما لم تقع فيه نجاسة ، فينجس وإن كثر. وطاهره لا يرفع الحدث إجماعا ولا الخبث على الأصحّ.

ولو مزج بالمطلق اعتبر في رفعهما ثبوت الإطلاق. ويستعمل فيما عداهما ، فإن نجس لم يجز استعماله في الأكل والشرب إلّا مع الضّرورة.

ويطهر بإلقاء كرّ من المطلق فما زاد عليه دفعة ، بشرط أن لا يسلبه الإطلاق ، ولا يغيّر أحد أوصافه.

٢٦. الثاني : كلّ حيوان طاهر العين فإنّ سؤره طاهر ، وكلّ ما هو نجس العين فسؤره نجس ، كالكلب والخنزير والكافر. والمسوخ إن قلنا بنجاستها فأسآرها نجسة وإلّا فلا.

والمسلمون على اختلاف مذاهبهم ، أطهار ، عدا الخوارج والغلاة.

٢٧. الثالث : يكره سؤر الجلّال وآكل الجيف مع خلوّ موضع الملاقاة من النجاسة ، والحائض المتّهمة والدّجاج والبغال والحمير والفارة والحيّة.

٢٨. الرابع : الأقوى أنّ سؤر ولد الزنا مكروه ، خلافا لابن بابويه (١).

__________________

(١) الفقيه : ١ / ٨.

٥٠

٢٩. الخامس : حكم الشيخ (١) بنجاسة سؤر المجسّمة والمجبّرة وابن إدريس بسؤر غير المؤمن والمستضعف (٢).

٣٠. السادس : يجوز للرّجل أن يستعمل فضل وضوء المرأة وغسلها ، ولا يكره وان خلت به ، وبالعكس.

الفصل الثالث : في الأحكام والأواني

وفيه تسعة وعشرون بحثا :

٣١. الأوّل : إذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة مطلقا ، ولا في الأكل والشرب ، إلّا عند الضرورة.

٣٢. الثاني : يستحب أن يكون بين البئر والبالوعة خمس أذرع إن كانت البئر فوقها ، أو كانت الأرض صلبة ، وإلّا فسبع. ولو تقاربتا لم يحكم بنجاسة البئر ما لم يعلم وصول ماء البالوعة إليها ، عند الأكثر ، وعندي ما لم يتغيّر بمائها.

٣٣. الثالث : الماء المسخّن بالشمس في الآنية ، يكره الطهارة به ، وتغسيل الأموات بماء أسخن بالنّار مكروه إلّا مع الضّرورة.

٣٤. الرابع : الماء المستعمل في إزالة النجاسة نجس ، سواء كان من الغسلة

__________________

(١) المبسوط : ١ / ١٤.

(٢) السرائر : ١ / ٨٤.

٥١

الأولى أو الثّانية ، تغيّر بالنجاسة أو لا. وللشيخ خلاف هنا (١) واستثنى أصحابنا عنه (٢) ماء الاستنجاء ، فانّه طاهر ما لم يتغيّر بالنجاسة ، أو يقع على نجاسة من خارج المخرج.

٣٥. الخامس : الماء المستعمل في الوضوء طاهر مطهّر إجماعا ، وكذا المستعمل في الغسل ، ومنع الشيخ من رفع الحدث به (٣).

٣٦. السادس : «روى ابن بابويه انّه يكره التّداوي بالمياه الحارّة من الجبال الّتي يشمّ منها رائحة الكبريت» (٤).

٣٧. السابع : ماء البحر طاهر مطهّر ، وخلاف ابن المسيّب (٥) وابن عمر (٦) لا اعتداد به مع إجماع المسلمين.

٣٨. الثامن : قد بيّنا انّ ماء المطر كالجاري ، فلو سال ميزابان أحدهما بول والآخر مطر ، وامتزجا كانا طاهرين ، وكذا لو وقع المطر على سطح نجس وسال ماؤه ، كان طاهرا ما لم يتغير بالنجاسة.

٣٩. التاسع : إذا مات في الماء القليل حيوان له نفس سائلة ، نجس الماء ، ولا ينجس لو لم تكن النفس سائلة.

٤٠. العاشر : قد بيّنا انّ المضاف طاهر غير مطهّر ، فلو كان معه مطلق

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٦.

(٢) في «ب» : أصحابنا هنا عنه.

(٣) المبسوط : ١ / ١١.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ١٦٠ ، الباب ١٢ من أبواب الماء المضاف ، الحديث ١.

(٥) المصنف لابن أبي شيبة : ١ / ١٥٥.

(٦) الاستذكار لابن عبد البر : ٢ / ٩٩ ؛ والمحلى لابن حزم : ١ / ٢٢١ و ٢ / ١٣٣.

٥٢

لا يكفيه للطهارة ، ومعه ماء ورد إذا تمّم به كفاه ولم يخرج عن الإطلاق ، جاز له التتميم ، والطهارة به ، وهل يجب؟ نصّ الشيخ على عدمه (١) ، وعندي فيه إشكال.

٤١. الحادي عشر : الماء إذا تغيّر بطول بقائه ، لم يخرج عن كونه مطهّرا ما لم يسلبه التغيّر الإطلاق ، لكنّه مكروه ، لقول الصادق عليه‌السلام في الماء الآجن :

«لا يتوضّأ منه إلّا أن لا تجد غيره» (٢).

٤٢. الثاني عشر : الحوض الصغير من الحمام ، إذا نجس لم يطهر بإجراء المادة إليه ما لم تغلب عليه.

٤٣. الثالث عشر : لو وجد في الكرّ نجاسة ، وشكّ في وقوعها قبل بلوغ الكرّية أو بعدها ، فالأصل الطهارة.

٤٤. الرابع عشر : لو شك في نجاسة متيقّن الطهارة ، أو في طهارة متيقّن النجاسة ، بنى على اليقين. ولو وجده متغيّرا ، وشك في استناد التغيّر (٣) إلى النجاسة ، بنى على الطّهارة.

٤٥. الخامس عشر : لو أخبره عدل بنجاسة الماء ، لم يجب القبول وإن أسندها (٤) إلى سبب. ولو شهد عدلان بالنجاسة ، وجب الاجتناب ، ولهذا يرده المشتري ، وخلاف ابن البرّاج ضعيف (٥).

٤٦. السادس عشر : لو علم بالنجاسة بعد الطهارة ، وشكّ في سبقها عليها ،

__________________

(١) المبسوط : ١ / ١٠.

(٢) لاحظ الوسائل الشيعة : ١ / ١٠٣ ، الباب ٣ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢.

(٣) في «ب» : في استناد التغيير.

(٤) في «أ» : ولو أسندها.

(٥) المهذب : ١ / ٣٠.

٥٣

فالأصل الصّحة. ولو علم سبقها على الطهارة ، وشكّ في بلوغ الكرّية أعاد ، ولو شكّ في نجاسة الواقع ، أو في كون الحيوان الميّت من ذوات الأنفس ، بنى على الطهارة.

٤٧. السابع عشر : إذا حصل الجنب عند غدير أو قليب ، وخشي إن نزل فساد الماء ، رشّ عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه ، ثمّ استعمله.

٤٨. الثامن عشر : إذا كان على جسد الجنب أو الحائض نجاسة عينيّة ، كان المستعمل نجسا إجماعا. أمّا لو خليا عنها ، فهو طاهر أيضا. وفي التطهير به خلاف سبق.

فلو بلغ المستعمل في الكبرى كرّا تردّد الشيخ في زوال المنع (١) ، وعندنا لا إشكال.

أمّا المستعمل في الأغسال المسنونة (٢) أو غسل الثوب أو الآنية الطاهرين ، فانّه مطهّر إجماعا.

٤٩. التاسع عشر : غسالة الحمام لا يجوز استعمالها. وفي رواية عن الكاظم عليه‌السلام : «لا بأس بها» (٣).

٥٠. العشرون : حيوان الماء إن كان ذا نفس سائلة كالتمساح ، ينجس الماء بموته فيه إن كان قليلا ، وإلّا فلا.

__________________

(١) لاحظ الخلاف : ١ / ١٧٣ ، المسألة ١٢٧ من كتاب الطهارة.

(٢) في «ب» : في الأغسال المندوبة.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ١٥٤ ، الباب ٩ من أبواب الماء المضاف ، الحديث ٩.

٥٤

٥١. الحادي والعشرون : الحيوان المتولّد من الأجسام الطاهرة كالفارة ، طاهر ، وكذا من النّجسة كدود العذرة. والآدمي ينجس بالموت إجماعا منّا.

٥٢. الثاني والعشرون : الصيد المحلّل إذا وقع في الماء القليل مجروحا خاليا من النجاسة ، فمات فيه ، فإن كان الجرح قاتلا ، فهو حلال ، والماء طاهر ، وإلّا فلا فيهما ، سواء علم استناد الموت إلى الماء أو اشتبه ، ولو قيل : انّه مع الاشتباه ، يكون الماء طاهرا ، والحيوان محرّما ، عملا بالأصلين كان قويّا.

٥٣. الثالث والعشرون : لو لاقى الحيوان الميّت أو غيره من النجاسات(١) ما زاد على الكرّ من الماء الجامد ، ففي التنجيس إشكال ، ينشأ من قوله عليه‌السلام :

«إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شي‌ء» (٢).

واليبوسة غير مخرجة عن الحقيقة ، بل مؤكّدة لتحقّقها.

ولو نقص (٣) عن الكرّ ، فهل يكون حكمه حكم الجامدات أم لا؟ فيه تردّد.

٥٤. الرابع والعشرون : الثلج إن أمكن التطهير به بأن يعتمد المتطهر عليه حتّى يتحقّق مسمّى الغسل جاز ، وإلّا فلا.

ولو اتّصل بالثلج الكثير ماء قليل ووقع فيه نجاسة ، ففي نجاسته إشكال ، من حيث إنّه متّصل بالكر ، وانّه متّصل بالجامد اتّصال مماسّة لا ممازجة واتحاد.

٥٥. الخامس والعشرون : إذا كان معه إناء ان نجس أحدهما واشتبه ،

__________________

(١) في «ب» : من النجاسة.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ١١٧ الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢.

(٣) في «أ» : فلو نقص.

٥٥

اجتنبهما وتيمّم ، قال الشيخ : ويجب الإراقة (١) ، وليس بمعتمد عندي ، ولا يجوز له التحرّي.

وحكم ما زاد على إناءين حكمهما في المنع من التحرّي ، سواء كان هناك أمارة أو لم تكن ، وسواء كان الطاهر هو الأكثر أو لا ، وسواء كان المشتبه بالطاهر نجسا أو نجاسة أو مضافا ، ولو انقلب أحدهما لم يجز التحرّي أيضا ، ولو خاف العطش أمسك أيّهما شاء ، ويجوز له تناول أيّهما شاء ، ولا يلزمه التحرّي.

ولو لم يكونا مشتبهين ، شرب الطاهر وتيمّم.

ولو استعمل الإناءين ، وأحدهما نجس مشتبه ، وصلّى لم تصحّ صلاته ولم يرتفع حدثه ، سواء قدّم الطهارتين أو صلّى بكل واحد صلاة.

أمّا لو كان أحدهما مضافا ، فالوجه انّه يتطهّر بهما، وابن إدريس لم يحصّل الحقّ هنا(٢).

٥٦. السادس والعشرون : لو تعارضت البيّنتان في إناءين ، قال في الخلاف : سقطت شهادتهما ، ورجع إلى الأصل (٣) ، وفي المبسوط : إن أمكن الجمع نجسا (٤) ولم يتعرّض للنقيض.

والوجه فيه وجوب اجتنابهما ، والحكم بنجاسة أحدهما لا بعينه.

٥٧. السابع والعشرون : إذا عجن عجين بماء نجس وخبز ، لم يطهر ،

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٨.

(٢) السرائر : ١ / ١٨٥ و ١ / ٨٥.

(٣) الخلاف : ١ / ٢٠١ ، المسألة ١٦٢.

(٤) المبسوط : ١ / ٨.

٥٦

وقول الشيخ هنا ضعيف (١) ، وفي رواية :

«يباع على مستحلّي الميتة» (٢). وفي أخرى : «يدفن» (٣).

٥٨. الثامن والعشرون : إذا توضأ بالنجس لم يرتفع حدثه ، فان صلّى به كانت باطلة ، سواء خرج الوقت أولا ، أمّا لو غسل ثوبه بماء نجس عالما فكذلك ، وجاهلا يعيد صلاته في الوقت ، ولو سبقه العلم ، فكذلك على الأقوى.

٥٩. التاسع والعشرون : الطهارة بماء زمزم غير مكروهة ويكره ما مات فيه العقرب والوزغة ، أو دخلتا (٤) فيه حيّين.

__________________

(١) النهاية : ٨.

(٢) لاحظ وسائل الشيعة : ١ / ١٧٤ ، الباب ١١ من أبواب الأسآر ، الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة : ١٧٤ ، الباب ١١ من أبواب الأسآر ، الحديث ٢.

(٤) في «ب» : لو دخلتا.

٥٧
٥٨

المقصد الثاني : في الوضوء

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل : في موجباته

وفيه اثنا عشر بحثا :

٦٠. الأوّل : يجب بخروج البول والغائط والريح ، والنّوم الغالب على السمع والبصر ، وكلّ ما أزال العقل من إغماء وجنون وسكر ، والاستحاضة القليلة.

٦١. الثاني : الاستحاضة إن كانت قليلة ، وجب بها الوضوء خاصّة ، وإن كانت كثيرة ، وجب الوضوء والغسل معا ، وكذا يجبان بالحيض والنفاس ومسّ الأموات.

٦٢. الثالث : لا يجب الوضوء بحدث سوى ما ذكرناه ، من مذي ، أو وذي ، أو قيح ، أو رعاف ، أو نخامة ، أو فتح خراج (١) ، أو مسّ ذكر ، أو دود خارج من أحد السّبيلين ما لم يكن متلطخا بالعذرة ، أو قي‌ء ، أو خروج دم ، سوى الدماء الثلاثة للمرأة ، أو مسّ قبل أو دبر. وقول ابن بابويه : من مسّ باطن ذكره باصبعه ، أو

__________________

(١) في لسان العرب : الخراج ما يخرج في البدن من القروح.

٥٩

باطن دبره انتقض وضوءه ؛ وقول ابن الجنيد (١) : من مسّ ما انضمّ عليه الثقبان نقض وضوءه ، ومن مسّ ظاهر الفرج من غير شهوة تطهّر ، إذا كان محرما ، ومن مسّ باطن الفرجين فعليه الوضوء ، من المحلّل والمحرّم (٢) ؛ بعيدان من الصواب.

٦٣. الرابع : القهقهة غير مبطلة للوضوء ، وإن أبطلت الصلاة ، خلافا لابن الجنيد في الحكم الأوّل (٣).

٦٤. الخامس : آكل ما مسّته النار لا ينقض الوضوء ، وكذا شرب اللّبن مطلقا.

٦٥. السادس : الردّة لا تنقض الوضوء ولا التيمّم ، وكذا إنشاد الشعر ، والكلام الباطل ، والغيبة ، والقذف ، ولا حلق الشّعر ولا نتفه ، ولا قصّ الأظفار ، ولا القرقرة في البطن.

٦٦. السابع : لو ظهرت مقعدته لعلّة ، لم ينتقض الوضوء إلّا مع خروج شي‌ء من الغائط ، وهل يشترط الانفصال؟ فيه إشكال.

٦٧. الثامن : لا تنتقض الطهارة بظنّ الحدث ، وهو وفاق.

٦٨. التاسع : لو خرج البول ، أو الغائط ، أو الرّيح من غير الموضع المعتاد ، لم ينتقض (٤) ما لم يصر معتادا. وللشيخ هاهنا تفصيل. (٥) ولو اتفق المخرج في غير الموضع المعتاد خلقة ، انتقضت الطهارة. بخروج الحدث منه إجماعا. وكذا لو

__________________

(١) عطف على قوله «ابن بابويه» وكلاهما مبتدئان خبرهما قوله ـ في ما يأتي ـ «بعيدان من الصواب».

(٢) الفقيه : ١ / ٣٩ ، نقل المصنّف عن ابن الجنيد في المختلف : ١ / ٢٥٧.

(٣) نقل عنه المصنّف في المختلف : ١ / ٢٦٠.

(٤) في «ب» : لم ينقض.

(٥) المبسوط : ١ / ٢٧.

٦٠