تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

وقال المفيد : تقضي الأنثى (١) ، والأوّل أقوى.

١٧٣٧. السابع : السيّد المرتضى أوجب الصدقة أوّلا ، فإن لم يكن له مال ، صام عنه وليّه (٢).

١٧٣٨. الثامن : إن كان الوليّ واحدا ، تعيّن عليه قضاء الجميع ، ولو كانوا جماعة في سنّ واحد ، قضوا عنه بالحصص ، أو يتطوّع به البعض ، فيسقط عن الآخرين.

ولو اتّحد اليوم أو انكسر ، فالأقرب أنّه عليهم كواجب الكفاية ، ولم أقف فيه على نصّ.

١٧٣٩. التاسع : قد بيّنا وجوب الصدقة مع عدم الوليّ ، ويخرج من صلب المال.

١٧٤٠. العاشر : لو صام أجنبيّ عن الميّت بغير قول الوليّ ، فالأقرب عدم الإجزاء ، ولو أمره أو استأجره ، ففي الإجزاء نظر.

١٧٤١. الحادي عشر : كلّ صوم واجب على المريض وغيره ، كالمنذور وغيره ، إذا مات مع إمكان القضاء ولم يقضه ، وجب على الوليّ القضاء عنه ، أو الصدقة.

ولو وجب عليه صوم شهرين متتابعين ، ثمّ مات ، تصدّق عنه عن شهر من مال الميّت ، والظاهر أنّه إمّا بمدّين عن كلّ يوم أو بمدّ ، وقضى وليّه شهرا ،

__________________

(١) المقنعة : ٣٥٣.

(٢) الانتصار : ٧٠.

٥٠١

وللوليّ أن يصوم الشهرين من غير صدقة ، سواء كان وجوبهما على التعيين أو التخيير.

نعم في المخيّر للوليّ أن يصوم شهرين ، أو يتصدّق من صلب مال الميّت ، أو يعتق من أصل المال.

١٧٤٢. الثاني عشر : قال الشيخ ) : حكم المرأة في ذلك حكم الرجل ، فما يفوتها من زمن الحيض أو السفر أو المرض ، لا يجب قضاؤه ، ولا الصدقة عنه ، إلّا مع تمكّنها من القضاء والإهمال ، فيجب على الوليّ القضاء أو الصدقة ، كما قلنا في الرجل ، خلافا لابن إدريس (٢).

١٧٤٣. الثالث عشر : إذا مات المسافر بعد تمكّنه من القضاء ، وجب أن يقضى عنه ، ولو مات في سفره ، فللشيخ قولان ففي الخلاف : لا يجب (٣) وفي التهذيب : يجب (٤) والأوّل أقوى.

١٧٤٤. الرابع عشر : يجوز لقاضي رمضان الإفطار قبل الزوال لا بعده ، فإن أفطر بعده لعذر فلا كفّارة عليه ، وإلّا أطعم عنه عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

١٧٤٥. الخامس عشر : لو أجنب في شهر رمضان وترك الاغتسال ساهيا من أوّل الشهر إلى آخره ، وجب قضاء الصلاة إجماعا ، وأوجب الشيخ قضاء

__________________

(١) النهاية : ١٥٨.

(٢) السرائر : ١ / ٣٩٩.

(٣) الخلاف : ٢ / ٢٠٧ ، المسألة ٦٤ من كتاب الصوم.

(٤) التهذيب : ٤ / ٢٤٩ في ذيل الحديث ٧٣٩.

٥٠٢

الصوم (١) ومنع ابن إدريس (٢) ، والأقوى عندي الأوّل ، لرواية الحلبي الصحيحة عن الصادق عليه‌السلام (٣).

١٧٤٦. السادس عشر : الأولى تتابع أيّام القضاء ، وليس واجبا.

١٧٤٧. السابع عشر : لا يجوز لمن عليه صوم واجب رمضان أو غيره ، أن يصوم تطوّعا حتّى يأتي به.

١٧٤٨. الثامن عشر : يجوز القضاء في جميع أيّام السنة ، إلّا العيدين وأيّام التشريق لمن كان بمنى ، وأيّام الحيض والنفاس والمرض والسفر ، ولا يكره القضاء في عشر ذي الحجة.

١٧٤٩. التاسع عشر : لو أصبح جنبا في قضاء رمضان ، أفطر ذلك اليوم ، ولم يجز له صومه ، وكذا في النافلة وكلّ ما لا يتعيّن صومه.

أمّا لو أكل أو شرب ناسيا في قضاء رمضان ، فالوجه أنّه يتمّ صومه ، وللشيخ (٤) قول آخر ضعيف.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٨٨ ؛ النهاية : ١٦٥.

(٢) السرائر : ١ / ٤٠٧.

(٣) الوسائل : ٧ / ١٧١ ، الباب ٣٠ من أبواب من يصح الصوم منه ، الحديث ٣.

(٤) نقله عنه المصنّف أيضا في التذكرة : ٦ / ١٨٦.

٥٠٣
٥٠٤

المقصد السابع : في بقيّة أقسام الصوم

وهو أقسام

القسم الأوّل : في الواجب منه

وفيه (١) أحد عشر بحثا :

١٧٥٠. الأوّل : صوم كفّارة قتل الخطاء واجب بعد العجز عن العتق ، وهو شهران متتابعان ، وكذا صوم كفّارة الظهار.

١٧٥١. الثاني : صوم كفّارة من أفطر يوما من شهر رمضان واجب ، وهو شهران متتابعان ، لكن وجوبه على التخيير بينه وبين الإطعام والعتق.

١٧٥٢. الثالث : صوم كفّارة قتل العمد ، وهو شهران متتابعان ، واجب مع الصدقة والعتق.

١٧٥٣. الرابع : صوم بدل الهدي للمتمتّع إذا لم يجد الهدي ولا ثمنه واجب ، وهو عشرة أيام ، ثلاثة متتابعة في الحجّ ، وسبعة إذا رجع إلى أهله ، ولا يجب فيها التتابع.

__________________

(١) أي في المقصد السابع.

٥٠٥

١٧٥٤. الخامس : صوم كفّارة اليمين وباقي الكفّارات واجب ، وصوم الاعتكاف المنذور (١) واجب ، واليوم الثالث منه على خلاف (٢) ، وصوم كفّارة من أفاض من عرفات قبل غروب الشمس عامدا ، ولم يجد الجزور ، وقدره ثمانية عشر يوما ، وصوم ما يجب بالنذر واليمين والعهد واجب ، فهذه أقسام الصوم الواجب.

[القسم الثاني : في الصوم المندوب]

١٧٥٥. السادس : الصوم المندوب على أقسام كثيرة ، والمتأكّد قد ذكرناه من جملته : أوّل خميس في العشر الأوّل ، وأوّل أربعاء في العشر الثاني ، وآخر خميس في العشر الأخير ، وفي رواية (٣) انّه في الشهر الأوّل كذلك ، وفي الثاني خميس بين أربعاءين.

ويجوز تأخيرها من الصيف إلى الشتاء للخفّة ، وإذا أخّرها إلى الشتاء ، جاز صومها متوالية ومتفرّقة ، ولو عجز عن صيامها ، تصدّق عن كلّ يوم بمدّ استحبابا.

١٧٥٦. السابع : يستحبّ صوم الأيّام الأربعة في السنة : يوم مبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، ومولده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ودحو الأرض ، والغدير (٤). والتاسع والعشرين من ذي القعدة ،

__________________

(١) في «ب» : «المندوب» بدل «المنذور» والصحيح ما في المتن.

(٢) لاحظ المختلف : ٣ / ٥٨١.

(٣) لاحظ الوسائل : ٧ / ٣١٣ ، الباب ٨ من أبواب الصوم المندوب ، الحديث ٢.

(٤) علّل المصنف قدس‌سره صوم هذه الأيام الأربعة بانّها أيّام شريفة انعم الله تعالى بأعظم البركات ، فاستحبّ شكره بالصوم فيها ، ونقل الأحاديث الواردة في ذلك. لاحظ التذكرة : ٦ / ١٩٠ و ١٩١.

٥٠٦

وأوّل يوم في المحرّم ، وثالثه وسابعه ، ويستحبّ صوم العشر بأسره ، فإذا كان اليوم العاشر أمسك عن الطعام والشراب إلى بعد العصر ثمّ يتناول شيئا من التربة ، وروي استحباب المحرّم بأسره (١) ، ويوم النصف من جمادى الأولى ، وستّة أيّام من شوّال بعد يوم الفطر ، ويوم الخميس دائما ، والاثنين ، وكلّ جمعة سواء أفرده أو لا ، وسواء وافق يوم صومه أو لا.

وصوم داود عليه‌السلام مستحبّ ، وهو صوم يوم وإفطار يوم.

[القسم الثالث : في صوم التأديب]

١٧٥٧. الثامن : يستحبّ الإمساك وإن لم يكن صوما للمسافر إذا قدم أهله أو بلدا يعزم فيه الإقامة عشرا وقد أفطر ، وللحائض وللنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار ، وللطاهر إذا جاءها أحد الدمين ، وللمريض إذا برأ وكان قد أفطر ، وللكافر إذا أسلم وللصبيّ إذا بلغ وإن لم يتناولا شيئا.

١٧٥٨. التاسع : يكره للمسافر أن يتملّأ من الطعام أو يروي من الشراب ، بل يتناول منهما قدر الحاجة ، وتشتدّ الكراهية في الجماع ، وليس بمحرّم ، خلافا للشيخ (٢) ، ولا تجب به الكفّارة إجماعا.

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ٧ / ٣٤٧ ، الباب ٢٥ من أبواب الصوم المندوب.

(٢) النهاية : ١٦٢.

٥٠٧

١٧٥٩. العاشر : المستحاضة يجب عليها الصوم كالطاهر ، ويشترط في صحّة صومها الاغتسال إن وجب عليها ، وإلّا فلا ، فلو أخلّت بالغسل (١) وجب القضاء.

[القسم الرابع : في الصوم المحظور]

١٧٦٠. الحادي عشر : يحرم صوم العيدين إجماعا ، واستثنى الشيخ (٢) القاتل في الأشهر الحرم ، فانّه يصوم شهرين متتابعين وإن دخل فيهما العيدان (٣) وأيّام التشريق ، وليس بمعتمد ، وكذا البحث في أيّام التشريق لمن كان بمنى.

وصوم الوصال حرام ، واختلف فيه ، ففي النهاية (٤) والمبسوط (٥) هو أن يجعل عشاءه سحوره ، وفي الاقتصاد : (٦) صوم يومين من غير فطر ، ولو أمسك عن الطعام لا بنيّة الصيام بل بنيّة الإفطار لم يكن محرّما.

وصوم الدهر حرام ، إذا دخل فيه العيدان وأيّام التشريق لمن كان بمنى ، ولو أفطر هذه الخمسة لم يكره الباقي.

__________________

(١) في «أ» : في الغسل.

(٢) النهاية : ١٦٦ ؛ والمبسوط : ١ / ٢٨١.

(٣) في «ب» : العيد.

(٤) النهاية : ١٧٠.

(٥) المبسوط : ١ / ٢٨٣.

(٦) الاقتصاد : ٢٩٣.

٥٠٨

المقصد الثامن : في التوابع

وفيه سبعة وعشرون بحثا :

١٧٦١. الأوّل : الشيخ الكبير والعجوز إذا عجزا عن الصوم أفطرا إجماعا ، وفي وجوب الكفّارة قولان : أحدهما الوجوب للشيخ (١) والثاني عدمه للسيّد (٢) وغيره (٣) ، وللمفيد هنا تفصيل فقال : إن عجزا بالكليّة ، فلا قضاء ولا صدقة ، وإن أطاقاه بمشقّة فلا قضاء ، ووجبت الصدقة (٤) ، قال الشيخ : لست أعرف بالتفصيل نصّا (٥) ولو عجزا عن الصدقة سقطت إجماعا.

١٧٦٢. الثاني : للشيخ قولان في قدر الصدقة ، ففي النهاية (٦) والمبسوط (٧) عن كلّ يوم مدّان مع القدرة ، ومع العجز مدّ ، وفي الاستبصار (٨) مدّ ، وهو جيّد.

__________________

(١) النهاية : ١٥٩ ؛ والمبسوط : ١ / ٢٥٨.

(٢) جعل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٦.

(٣) كالحلّي في السرائر : ١ / ٤٠٠.

(٤) المقنعة : ٣٥١.

(٥) التهذيب : ٤ / ٢٣٧.

(٦) النهاية : ١٥٩.

(٧) المبسوط : ١ / ٢٥٨.

(٨) الاستبصار : ٢ / ١٠٣.

٥٠٩

١٧٦٣. الثالث : ذو العطاش إذا كان لا يرجى زواله أفطر ، وتصدّق عن كلّ يوم بمدّ ، وقيل : بمدين (١) ولا قضاء ، وإن كان يرجى برؤه أفطر إجماعا ، ويجب القضاء مع البرء ، واختلف علماؤنا ، فقال المفيد والمرتضى : لا كفّارة عليه (٢) وأوجب الشيخ الكفارة (٣).

١٧٦٤. الرابع : لا ينبغي لهؤلاء أن يتملّئوا من الطعام والشراب ولا يواقعوا النساء ، والأقرب أنّ ذلك كلّه مكروه.

١٧٦٥. الخامس : الحامل المقرب ، والمرضعة القليلة اللبن ، إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وعليهما القضاء والصّدقة (٤) عن كلّ يوم بمدّ.

١٧٦٦. السادس : لو خافتا على الولد كان لهما الإفطار ، ويجب عليهما القضاء والصدقة ، وخالف سلّار في وجوب القضاء (٥) ، وليس بمعتمد.

١٧٦٧. السابع : صوم النافلة لا يجب بالشروع ، ويجوز إبطاله ولو قبل الغروب ، ولا قضاء ، لكن يستحبّ الإتمام ، ويتأكّد بعد الزوال ، وكذا جميع نوافل العبادات إلّا الحجّ والعمرة فإنّهما يجبان بالشروع.

ولو دخل في واجب معيّن لم يكن له الخروج منه ، ولو لم يتعيّن جاز الخروج منه ، إلّا في قضاء رمضان بعد الزوال.

__________________

(١) القائل الشيخ في النهاية : ١٥٩ ؛ والمبسوط : ١ / ٢٨٥.

(٢) المقنعة : ٣٥١ ؛ وجمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٦.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٨٥ ؛ والاقتصاد : ٢٩٤.

(٤) في «ب» : إذا خافتا على انفسهما كانا لهما الإفطار ويجب القضاء والصدقة.

(٥) المراسم : ٩٧.

٥١٠

١٧٦٨. الثامن : كلّ الصوم يلزم فيه التتابع إلّا أربعة : صوم النذر المجرّد عن التتابع ، وما في معناه من يمين وعهد ، وصوم قضاء رمضان ، وصوم جزاء الصّيد ، والسبعة في بدل المتعة.

١٧٦٩. التاسع : من وجب عليه شهران متتابعان ، إمّا لكفّارة أو نذر ، أو غير ذلك ، فأفطر في الأوّل ، أو بعد انتهائه قبل أن يصوم من الثاني شيئا ، فإن كان لعذر من مرض أو حيض ، لم ينقطع تتابعه ، بل يبني على ما فعله بعد زوال العذر ، وكذا كلّ عذر من قبله تعالى ، أمّا السفر فإن تمكّن من تركه ، لم يكن عذرا ، وإلّا فهو عذر. وإن كان إفطاره لغير عذر استأنف إجماعا.

ولو صام الأوّل ومن الثاني ولو يوما ثمّ أفطر لعذر وغيره فإنّه يبني على كلّ حال ، وهل يحرم الإفطار قبل إكمال الثاني لغير عذر وإن جاز البناء؟ قولان (١).

ولا يجوز لمن عليه شهران متتابعان أن يصوم ما لا يحصل معه صوم شهر ويوم ، مثل أن يصوم شعبان ولم يكن قد صام من رجب شيئا ، أو يصوم شوّالا خاصّة.

١٧٧٠. العاشر : من وجب عليه شهر متتابع لنذر وشبهه فصام خمسة عشر يوما ثمّ أفطر لعذر وغيره ، جاز له البناء ، ولو أفطر قبل ذلك استأنف إلّا أن يكون لعذر فإنّه يبني.

وكذا العبد إذا وجب عليه صوم شهر لكفّارة وغيرها فتابع خمسة عشر يوما جاز له تفريق الباقي ، وخالف فيه ابن إدريس (٢).

__________________

(١) لاحظ المختلف : ٣ / ٥٦١.

(٢) السرائر : ١ / ٤١٣.

٥١١

١٧٧١. الحادي عشر : ثلاثة الأيّام في بدل هدي المتعة متتابعة ، فلو صام يومين ثمّ أفطر استأنف ، إلّا في موضع واحد وهو أن يكون قد صام يوم التروية وعرفة ، فإنّه يفطر العيد ويأتي بالثالث بعد أيّام التشريق.

ولو كان الفصل بغير العيد استأنف مطلقا ، وكذا يستأنف لو صام يوما ثمّ أفطر.

أمّا السبعة فالوجه عدم وجوب تتابعها.

١٧٧٢. الثاني عشر : كلّ صوم متتابع إذا أفطر في أثنائه لعذر بنى ، وإن كان لغير عذر استأنف إلّا في المواضع الثلاثة المستثناة.

١٧٧٣. الثالث عشر : هل يجوز صيام أيّام التشريق بدلا عن الهدى لمن كان بمنى؟ فيه روايتان (١) أصحهما المنع.

١٧٧٤. الرابع عشر : يكره للمسافر النكاح ، فلو قدم من سفره وهو مفطر ، وقد طهرت من الحيض ، جاز الوطء.

ولو غرّته وقالت : إنّي مفطرة ، فجامع ، فلا كفّارة عليه ، ووجب عليها خاصّة ، ولو علم بصومها فإن طاوعته وجبت عليها الكفّارة دونه ، ولو أكرهها فلا كفارة عليه عنه (٢) ، والأقرب وجوبها عليه عنها.

١٧٧٥. الخامس عشر : يكره السفر في رمضان للصائم إلّا لضرورة ، أو مضى ثلاثة وعشرين يوما منه.

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ٧ / ٣٨٥ ، الباب ٢ من أبواب الصوم المحرم والمكروه.

(٢) في «أ» : «عنها» والصحيح ما في المتن.

٥١٢

١٧٧٦. السادس عشر : من وجب عليه شهران متتابعان فعجز عن ذلك ، صام ثمانية عشر يوما.

١٧٧٧. السابع عشر : لو نذر صوم يوم من رمضان ، قيل : لا ينعقد (١) والأقوى انعقاده ، ولو نذر صوم يوم بعينه ، أو أيّام بأعيانها ، فوافق ذلك اليوم أو الأيّام أن يكون مسافرا ، أفطر وقضى.

ولو نذر صوم الدهر واستثنى الأيّام التي يحرم فيها الصوم انعقد نذره ، فلو كان عليه قضاء من رمضان ، أو وجب ذلك بعد النذر ، لزمه أن يصوم القضاء (٢) مقدّما على النذر ، ولا كفّارة عليه فيها (٣) إن كان الإفطار لعذر.

ولو وجب على صائم الدّهر واجبا كفّارة مخيّرة أو مرتبة ، فالوجه أنّه لا يصوم عنها ، بل ينتقل فرضه إلى غير الصوم في المرتّب والمخيّر.

١٧٧٨. الثامن عشر : لو نذر صوم يوم قدوم زيد لم ينعقد ، وقال الشيخ : إن وافق قدومه قبل الزوال ولم يكن تناول شيئا مفطرا ، جدّد النيّة وصام ذلك اليوم ، وإن كان بعده ، أفطر ولا قضاء فيما بعد (٤) ولو نذر يوم قدومه دائما ، سقط وجوب اليوم الذي جاء فيه ، ووجب صومه فيما بعد ، فلو اتّفق في رمضان صامه عن رمضان وسقط النذر ، ولا قضاء ، ولو صامه عن النذر وقع عن رمضان ولا قضاء.

١٧٧٩. التاسع عشر : لو نذر صوم يوم دائما فوجب عليه شهران متتابعان ،

__________________

(١) القائل أبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٨٥.

(٢) في «أ» : أن يصوم فيها القضاء.

(٣) في «أ» : فيهما.

(٤) المبسوط : ١ / ٢٨١.

٥١٣

قال الشيخ : يصوم في الأوّل عن الكفارة ليحصل التتابع ، فإذا صام من الثاني شيئا صام ما بقي من الأيّام عن النذر (١) وقيل : يسقط التكليف بالصوم (٢) والأقرب صيام ذلك اليوم عن النذر ، ولا يسقط به التتابع ، ولا فرق بين تقدّم وجوب الشهرين وتأخّره.

١٧٨٠. العشرون : لو نذر أن يصوم في بلد معيّن ، فللشيخ قولان : أحدهما سقوط التعيين ، فيصوم أين شاء (٣) والآخر ثبوته (٤).

١٧٨١. الحادي والعشرون : لو نذر صوم سنة معيّنة وجب ، وسقط العيدان وأيّام التشريق إن كان بمنى ، ثمّ إن لم يشترط التتابع حتى أفطر في أثنائها لغير عذر ، تمّم وقضى ما أفطره ، ووجب عليه الكفارة في كلّ يوم يفطره (ولو شرط التتابع استأنف ووجبت الكفارة في كل يوم يفطره) (٥) ، ولو كان الإفطار في ذلك كلّه لعذر ، فإنّه يبني ويقضي ما أفطره ، ولا كفّارة.

ولو نذر صوم سنة غير معيّنة تخيّر في التوالي والتفريق ، إن لم يشرط التتابع.

١٧٨٢. الثاني والعشرون : لو نذر صوم شهر ، تخيّر بين ثلاثين يوما ، وبين الصوم في ابتداء الهلال إلى آخره ، ويجزئه لو كان ناقصا ، ولو صام في أثناء الشهر أتمّ ثلاثين ، ولو نذر شهرا متتابعا توخّى ما يصحّ ذلك فيه ، ويجتزئ بالنصف.

__________________

(١) نقله عنه الحلّي في السرائر : ٣ / ٦٨ ، والمصنّف في التذكرة : ٦ / ٢٢٩.

(٢) القائل هو الحلّي في السرائر : ٣ / ٦٨.

(٣) نقله عنه المصنّف في التذكرة : ٦ / ٢٢٩ ، والمحقّق في الشرائع : ٣ / ١٨٩.

(٤) المبسوط : ١ / ٢٨٢.

(٥) ما بين القوسين موجود في «ب».

٥١٤

١٧٨٣. الثالث والعشرون : لو نذر أن يصوم يوما ويفطر يوما ، صوم داود عليه‌السلام فوالى الصوم ، قال ابن إدريس : وجب عليه كفّارة خلف النذر (١).

١٧٨٤. الرابع والعشرون : لو نذر صوم يوم بعينه ، فقدّم صومه لم يجزئه ، ولو نذر الصوم لا على وجه التقرّب ، لم ينعقد نذره.

ولو نذر صوما ولم يعيّن المقدار ، أجزأه يوم واحد.

ولو نذر أن يصوم زمانا ولم يعيّن ، كان عليه صيام خمسة أشهر.

ولو نذر حينا كان عليه ستة أشهر.

ولو نذر العبد بغير إذن مولاه ، أو الزوجة بغير إذن زوجها لم ينعقد.

١٧٨٥. الخامس والعشرون : السحور مستحبّ ، وكلّما قرب من الفجر كان أفضل ، قال ابن بابويه : أفضل السحور السويق والتمر (٢).

ويستحبّ تعجيل الإفطار بعد صلاة المغرب ، ولو كان هناك من ينتظره قدم الإفطار عليها.

ويستحبّ أن يفطر على التمر أو الزبيب أو الماء أو اللبن.

ويستحبّ الدعاء عند الإفطار ، قال الصادق عليه‌السلام :

«يستجاب دعاء الصائم عند الإفطار» (٣).

وكان علي عليه‌السلام يقول : «اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبّل منا إنك أنت السميع العليم» (٤).

__________________

(١) السرائر : ١ / ٤١٧.

(٢) المقنع : ٢٠٥ ؛ ولاحظ الوسائل : ٧ / ١٠٥ ، الباب ٥ من أبواب آداب الصائم ، الحديث ٤.

(٣) الوسائل : ٧ / ١٠٦ ، الباب ٦ من أبواب آداب الصائم ، الحديث ٤.

(٤) الوسائل : ٧ / ١٠٦ ، الباب ٦ من أبواب آداب الصائم ، الحديث ٣.

٥١٥

ويستحبّ إفطار الصائم. قال الصادق عليه‌السلام :

«إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل» (١).

ويستحبّ الإكثار من البرّ في رمضان. قال ابن عباس : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان ، وكان أجود من الرّيح المرسلة). (٢)

١٧٨٦. السادس والعشرون : ليلة القدر ليلة شريفة عظيمة ، لم ترتفع إجماعا ، وأكثر العلماء على أنّها في شهر رمضان ، ويستحبّ طلبها في ليالي الشهر ، وفي العشر الأواخر آكد ، وأكثر الروايات (٣) انّها تطلب في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين.

فلو نذر أن يعتق بعد مضيّ ليلة القدر ، وجب عليه العتق بعد انسلاخ الشهر.

١٧٨٧. السابع والعشرون : روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه «يستحبّ للرجل أن يأتي أهله أوّل ليلة من شهر رمضان»(٤).

وعن الصادق عليه‌السلام قال :

«ليطعم يوم الفطر قبل أن يصلّي، ولا يطعم يوم الأضحى حتّى ينصرف الإمام»(٥).

__________________

(١) الفقيه : ٢ / ٨٥ ، الحديث ٣٨١.

(٢) صحيح مسلم : ٧ / ٧٣ ، كتاب الفضائل ، الباب ١٢ (كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجود الناس ...) رقم الحديث ٢٣٠٨ ؛ سنن النسائي : ٤ / ١٢٥ ؛ مسند أحمد : ١ / ٢٨٨ و ٣٦٣.

(٣) لاحظ الوسائل : ٧ / ٢٥٨ ، الباب ٣٢ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٤) الوسائل : ٧ / ٢٥٥ ، الباب ٣٠ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ١.

(٥) الوسائل : ٥ / ١١٣ ، الباب ١٢ من أبواب صلاة العيد ، الحديث ٥.

٥١٦

المقصد التاسع : في الاعتكاف

وفيه مطلبان

[المطلب] الأوّل : في ماهيته وشرائطه

وفيه واحد وعشرون بحثا :

١٧٨٨. الأوّل : الاعتكاف لغة : اللبث الطويل ، وفي الشرع : عبارة عن لبث مخصوص للعبادة ، وهو مشروع وسنّة إجماعا ، وليس بفرض ابتداء ، وإنّما يجب بالنذر وشبهه.

وأفضل أوقاته العشر الأواخر من رمضان ، روى ابن بابويه عن السكوني باسناده إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين وعمرتين» (١).

١٧٨٩. الثاني : لا يصحّ الاعتكاف إلّا من مكلّف مسلم حر ، أو عبد مأذون له ممّن يصحّ منه الصوم.

__________________

(١) الوسائل : ٧ / ٣٩٧ ، الباب ١ من كتاب الاعتكاف ، الحديث ٣.

٥١٧

وهو على ضربين : واجب وهو ما وجب بالنذر وشبهه ، ومندوب وهو ما عداه.

١٧٩٠. الثالث : يصحّ اعتكاف الصبيّ المميّز كما يصحّ صومه ، وهل يكون شرعيّا؟ البحث فيه كالصوم.

١٧٩١. الرابع : النيّة شرط في الاعتكاف ، ولا بدّ فيها من نيّة التقرّب ، فلو قصد اليمين ، أو منع النفس ، أو الغضب ، لم يعتدّ به.

ولا بد من الوجه إمّا واجبا أو مندوبا ، ولو نوى اعتكاف مدّة لم يلزمه ، نعم استمرار النيّة حكما شرط فيه.

١٧٩٢. الخامس : الصوم شرط في الاعتكاف ، ولا يشترط صوم معيّن ، بل أيّ صوم اتّفق صحّ الاعتكاف فيه ، سواء كان الصوم واجبا ، أو ندبا ، وسواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا ، فلو اعتكف في رمضان ، اكتفى فيه بصوم رمضان.

ولا يصحّ الاعتكاف في زمان لا يصحّ فيه الصوم ، كالعيدين ، وأيّام الحيض ، والنفاس ، والمرض ، مع التضرر بالصوم ، والسفر المانع من الصوم الواجب والندب.

١٧٩٣. السادس : الإسلام شرط في الاعتكاف ، ولو ارتدّ المعتكف ، بطل اعتكافه ، وللشيخ قول بعدمه ، بل يبني لو رجع (١) وليس بجيّد.

١٧٩٤. السابع : العقل شرط في الاعتكاف ، فلا يقع من المجنون ، ولا المغمى عليه ، ولا الصبيّ ، ولا السّكران.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٩٤.

٥١٨

١٧٩٥. الثامن : إذن الزوج شرط في حق المرأة في الندب ، وكذا إذن السيّد في العبد والمدبّر والمكاتب وأم الولد.

ولو كان بعضه رقّا ، لم يجز له أن يعتكف بغير إذن مولاه ، أمّا لو اعتكف في أيّام نفسه فالوجه جوازه ، ولو أذن لعبده في الاعتكاف ، أو لزوجته ، جاز له الرجوع والمنع ما لم يجب.

ولو نذرت المرأة أو العبد اعتكافا فلم ينعقد إلّا بإذنهما ، فإن أذنا على المعيّن (١) فنذرا لم يكن لهما الرجوع ولا منعهما ، ولو أذنا مطلقا جاز المنع عن التعجيل كالموسّع.

١٧٩٦. التاسع : إذن المستأجر شرط في اعتكاف الأجير ، وكذا ينبغي في الضّيف ، لافتقاره في صوم التطوّع إلى الإذن.

١٧٩٧. العاشر : لو أذن لعبده في الاعتكاف فأعتق بعد التلبّس ، أتمّ واجبا إن كان منذورا ، أو مضى يومان على الخلاف ، وإلّا ندبا ، ولو دخل بغير إذن فاعتق ، قال الشيخ رحمه‌الله : يلزمه (٢) ، وليس بمعتمد.

١٧٩٨. الحادي عشر : المدّة شرط في الاعتكاف ، وأقلّ ما يكون ثلاثة أيّام بليلتين ، فلا يصحّ الاعتكاف أقلّ من ثلاثة ، ولو وجب عليه قضاء اعتكاف يوم ، قضاه وضمّ إليه آخرين ، ولا حصر في الزائد ، ولو نذر اعتكاف ما زاد على الثلاثة لزمه.

ولو نذر اعتكاف شهر ، ولم يعيّن ، تخيّر في التتابع والتفريق ثلاثة ثلاثة ، ولو قيّده بالتتابع وجب.

__________________

(١) في «ب» : «على التعيين» والمراد اليوم المعيّن.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٩٠.

٥١٩

وإذا نذر اعتكاف شهر ، فإنّه يأتي إن شاء بثلاثين يوما ، وإن شاء بما بين هلالين وإن كان ناقصا.

١٧٩٩. الثاني عشر : لو نذر اعتكاف شهر معيّن وجب التتابع ، فلو أفطر بعد مضيّ ثلاثة ، صحّ ما مضى ، وأتمّ ، وقضى ما فات ، ولا يجب التتابع في قضائه لو فات أجمع ، ولو نذره وشرط التتابع ، وجب ، فلو فات قضاه متتابعا.

ولو نذر اعتكاف أيّام لم يلزمه المتابعة إلّا في كلّ ثلاثة إذا لم يشرط المتابعة.

١٨٠٠. الثالث عشر : إذا نذر اعتكاف شهر دخل الأيّام والليالي ، ولو نذر اعتكاف أيّام معدودة ولم يعيّنها ، لم يجب التتابع ، إلّا أن يشرطه ، ولا يدخل فيه الليالي ، بل ليلتان من كلّ ثلاث.

ولو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام ولم يشرط التتابع ، لزمه ثلاثة بينهما ليلتان ، شرط التتابع أو لا ، وللشيخ (١) قول بعدم دخول الليالي ، وليس بجيّد.

ولو نذر اعتكاف أيّام متتابعة ، تضمّن ذلك نذر الصوم ، فلو اعتكف غير صائم ، وصام غير معتكف لم يجزئه.

ولو أفسد صومه ، انقطع التتابع ، ووجب عليه إعادة الاعتكاف ، ولو نذر الاعتكاف مصليا ، وجب عليه الجمع.

١٨٠١. الرابع عشر : لو نذر اعتكاف شهر معيّن ، وجب عليه الدخول فيه مع طلوع هلاله ، فإذا أهلّ الشهر الّذي بعده ، فقد وفى ، وخرج من الاعتكاف ، ولو

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٩٠.

٥٢٠