تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

عنه الكفارة.

١٦٦٧. الثامن : حدّ العجز عن التكفير ، أن لا يجد ما يصرفه في الكفارة ، فاضلا عن قوته وقوت عياله ذلك اليوم.

١٦٦٨. التاسع : لا يسقط القضاء بسقوط الكفارة للعجز ، ولو عجز عنه أيضا ، سقط ، وكفاه الاستغفار.

١٦٦٩. العاشر : لو عجز عن صيام شهرين متتابعين ، ويمكن من صيامهما متفرّقة ، ولم يقدر على العتق ، ولا الإطعام ، فالوجه وجوب الشهرين متفرّقة ، ولو عجز ، صام ثمانية عشر يوما.

١٦٧٠. الحادي عشر : قال الشيخان : إذا عجز عن الأصناف الثلاثة ، صام ثمانية عشر يوما (١) ولا بدّ فيها من التتابع ؛ قاله المفيد (٢) والمرتضى (٣) ، فلو عجز عنه وتمكّن من صيامها متفرّقة ، فالوجه وجوبها على التفريق.

١٦٧١. الثاني عشر : لو عجز عن شهرين ، وقدر على شهر ، فالوجه وجوبه ، ولا ينتقل إلى ثمانية عشر ، وكذا لو قدر على عشرين يوما على إشكال في ذلك كلّه.

ولو عجز عن إطعام ستّين ، وتمكّن من إطعام ثلاثين وجب ، ولو تمكّن من صيام شهر ، والصدقة على ثلاثين ، فالأقرب وجوبهما معا.

١٦٧٢. الثالث عشر : الكفارة في إفطار قضاء رمضان بعد الزوال ، إطعام عشرة

__________________

(١) المقنعة : ٣٤٥ ، والنهاية : ١٥٤.

(٢) المقنعة : ٣٤٦.

(٣) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٥.

٤٨١

مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

وروي أنّ عليه كفارة رمضان (١) ، وحملها الشيخ على المستخف (٢) وروي لا شي‌ء عليه ، وحملها على العاجز (٣).

١٦٧٣. الرابع عشر : المشهور انّ كفارة نذر المتعيّن مثل كفارة رمضان ، وقيل :

كفارة يمين (٤).

١٦٧٤. الخامس عشر : لو أكل شاكّا في طلوع الفجر ، ولم يتبيّن طلوعه ولا عدمه ، واستمرّ به الشك ، فلا قضاء عليه ، وله الأكل حتى يتيقّن الطلوع.

ولو أكل شاكّا في غروب الشمس ، واستمرّ الشك ، وجب القضاء ، وفي وجوب الكفارة نظر.

ولو ظنّ أنّ الشمس قد غربت ثمّ استمرّ الظنّ ، فلا قضاء.

١٦٧٥. السادس عشر : لو كرّر السبب المقتضي لوجوب الكفارة في يومين ، تكرّرت الكفارة ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا.

ولو كرّره في يوم واحد ، قال الشيخ : ليس لأصحابنا فيه نصّ ، والّذي

__________________

(١) الوسائل : ٧ / ٢٥٤ ، الباب ٢٩ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ٣.

(٢) التهذيب : ٤ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، والمبسوط : ١ / ٢٨٧ ، ولاحظ الوسائل : ٧ / ٢٥٤ ، الباب ٢٩ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ٤.

(٣) التهذيب : ٤ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، والمبسوط : ١ / ٢٨٧ ، ولاحظ الوسائل : ٧ / ٢٥٤ ، الباب ٢٩ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ٤.

(٤) القائل هو الصدوق في الفقيه : ٣ / ٢٣٢ في ذيل الحديث ١٠٩٥.

٤٨٢

يقتضيه مذهبنا أنّه لا يتكرّر (١) ، وقال المرتضى بالتكرّر (٢) ، وقال ابن الجنيد (٣) : إن كفّر عن الأوّل كفّر ثانيا ، وإلّا كفّر كفارة واحدة عنهما ، سواء اتّحد السبب أو اختلف ، ولا يتكرّر القضاء بتكرّر السبب في يوم واحد إجماعا.

١٦٧٦. السابع عشر : من أفطر مستحلّا ، وقد ولد على الفطرة ، فهو مرتدّ ، ولو لم يعرف قواعد الإسلام ، عرّف ثمّ يعامل بعد ذلك بما يعامل به المولود على الفطرة.

ولو اعتقد التحريم عزّر ، فإن عاد عزّر ، فإن عاد قتل في الثالثة ، وقيل : في الرابعة (٤).

١٦٧٧. الثامن عشر : يعزّر من أكره امرأته على الجماع في رمضان بخمسين سوطا ، وعليه كفّارتان وقضاء واحد ، ولا كفارة عليها ولا قضاء ، ولو طاوعته ، عزّر كلّ واحد منهما بخمسة وعشرين سوطا.

١٦٧٨. التاسع عشر : قال الشيخ رحمه‌الله : لو وطئها نائمة أو مكرهة ، صحّ صومها ، وعليه كفارتان (٥) ، ونحن نمنع ذلك في النائمة.

قال : ولو أكرهها لا جبرا ، بل ضربها حتّى مكّنته من نفسها أفطرت ، ولزمها

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٧٤.

(٢) نقله عنه الشيخ في الخلاف : ٢ / ١٨٩ ، المسألة ٣٨ من كتاب الصوم ؛ ولاحظ المختلف : ٣ / ٤٤٩.

(٣) نقله عنه المحقّق في المعتبر : ٢ / ٦٨٠ ؛ والمصنّف في المختلف : ٣ / ٤٤٩.

(٤) لاحظ المعتبر : ٢ / ٦٨١ ، ومستمسك العروة الوثقى : ٨ / ١٩٤ ، كتاب الصوم.

(٥) الخلاف : ٢ / ١٨٣ ، المسألة ٢٧ من كتاب الصوم.

٤٨٣

القضاء ، ولا كفّارة عليها ، لأنّها دفعت الضّرر بالتمكين كالمريض (١) ، والحق عندي سقوط القضاء عنها.

١٦٧٩. العشرون : لو زنى بها ، فعلى كلّ منهما كفّارة ، ولو أكرهها ، قال بعض علمائنا : يتحمّل عنها الكفّارة أيضا ، وفيه نظر مع حسنه.

١٦٨٠. الحادي والعشرون : لو طلع الفجر وفي فيه طعام لفظه ، ولو ابتلعه ، فسد صومه ، وعليه مع القضاء الكفّارة.

١٦٨١. الثاني والعشرون : يجوز الجماع حتّى يبقى لطلوع الفجر مقدار إيقاعه والغسل ، ولو علم ضيق الوقت فجامع ، وجب القضاء والكفّارة.

ولو ظنّ فيه السّعة فواقع مع المراعاة ، فلا شي‌ء لو كذب الظنّ ، ولو كان لا مع المراعاة ، فالقضاء.

١٦٨٢. الثالث والعشرون : لو انفرد برؤية الهلال في رمضان وأفطر ، وجب القضاء والكفارة.

١٦٨٣. الرابع والعشرون : لو فعل ما يجب به الكفّارة ؛ ثمّ سقط عنه فرض ذلك ، لمرض ، أو حيض ، أو نفاس ، فالوجه عدم سقوط الكفّارة.

١٦٨٤. الخامس والعشرون : لو تبرّع متبرّع بالتكفير عمّن وجب عليه ، جاز ، سواء كان المكفّر عنه حيّا أو ميّتا ، إلّا في الصوم ، فانّه لا يقع نيابة إلّا مع الموت.

__________________

(١) الخلاف : ٢ / ١٨٣ ، المسألة ٢٧ من كتاب الصوم.

٤٨٤

المقصد الرابع : فيمن يصحّ صومه

وفيه أحد عشر بحثا :

١٦٨٥. الأوّل : البلوغ شرط في وجوب الصوم ، فلا يجب على الصبيّ وإن أطاقه ، وحدّ البلوغ في الذكر ، خمس عشرة سنة ، أو الإنبات ، أو الاحتلام ، وفي الأنثى ، بلوغ تسع سنين أو عشر ، أو الإنبات ، أو الاحتلام ، والحيض دلالة على سبق البلوغ.

١٦٨٦. الثاني : يستحبّ تمرين الصّبي بالصوم إذا أطاقه ، وكذا الصّبية ، ويشدّد عليهما ببلوغ سبع مع المكنة.

وصوم الصبيّ المميّز شرعيّ ، ونيّته صحيحة ، وينوى الندب ، وقال أبو حنيفة : ليس بشرعيّ ، بل هو إمساك للتأديب ، وفيه قوّة.

١٦٨٧. الثالث : العقل شرط في وجوب الصوم وصحّته ، فلا اعتبار بصوم المجنون ، ولا يؤمر به كما يؤمر الصّبيّ ، ولو كان يفيق يوما كاملا ، وجب صوم يوم الإفاقة.

١٦٨٨. الرابع : حكم المغمى عليه ، حكم المجنون ، سواء سبقت النيّة أو لا ،

٤٨٥

على الأصحّ ، ولا قضاء عليه مطلقا ، ولو تجدّد الإغماء في آخر جزء من النهار ، بطل صوم ذلك اليوم (١) ، خلافا للمفيد (٢).

١٦٨٩. الخامس : الإسلام شرط في صحّة الصوم لا في وجوبه ، والكافر يجب عليه ، ولا يصحّ منه ، ولو أسلم سقط قضاؤه.

وأمّا المرتدّ فيجب عليه ، ولا يصحّ منه حتّى يرجع ويقضي ما فاته مرتدّا.

١٦٩٠. السادس : الطهارة من الحيض والنفاس شرط في صحّة الصوم ، فلو وجد أحدهما ولو في آخر جزء من النهار بطل صوم ذلك اليوم ، ويستحبّ لهما الإمساك تأديبا إذا رأتاه بعد الزوال.

ولو أمسكت إحداهما ونوت الصوم ، لم ينعقد ، سواء علمتا التحريم أو لا ، ويجب عليهما القضاء عند الطهر.

ولو انقطع دم إحداهما بعد طلوع الفجر ، لم تعتدّا بصوم ذلك اليوم ، بل أمسكتا تأديبا ، ووجب القضاء.

١٦٩١. السابع : المستحاضة بحكم الطاهر ، يجب عليها الصوم ، ويصحّ منها إذا فعلت ما يجب عليها من الأغسال ، ولو أخلّت بها مع وجوبها ، بطل الصوم وقضته.

١٦٩٢. الثامن : لا يصحّ الصوم الواجب من المسافر الّذي يجب عليه قصر الصلاة ، إلّا ناذر الصوم المعيّن إذا قيّده بالسفر ، ومن عجز عن دم المتعة ، فإنّه

__________________

(١) في «أ» : بطل صومه في ذلك اليوم.

(٢) المقنعة : ٣٥٢.

٤٨٦

يصوم ثلاثة أيام في الحج وإن كان مسافرا ، ومن أفاض من عرفات عامدا عالما قبل الغروب وعجز عن البدنة ، فانّه يصوم ثمانية عشر يوما (١) وإن كان مسافرا.

وللمفيد رحمه‌الله قول بجواز صوم ما عدا رمضان من الواجبات (٢) وهو نادر.

أمّا صوم النافلة ، فالوجه انّه مكروه فيه إلّا ثلاثة أيّام للحاجة ندبا في المدينة.

١٦٩٣. التاسع : المريض لا يصحّ منه الصوم إن كان يضرّ به ، ولو تكلّفه حينئذ لم يجزئه ، ولو لم يضرّ به وقدر عليه وجب ، ولم يمنعه المرض.

ولا فرق في جواز الإفطار بسائر أنواع المرض مع المضرّة ، كوجع الأسنان والعين والحمى الدائمة (وغير الدائمة) (٣) ، والمرجع في الضّرر به إلى حال الإنسان نفسه ، أو قول العارف.

١٦٩٤. العاشر : النائم إذا سبقت [منه] النيّة صحّ صومه ، وإن استمرّ إلى الليل ، ولو طلع الفجر عليه نائما ، ولم ينو ، ثمّ استمرّ إلى الزوال ، وجب القضاء.

١٦٩٥. الحادي عشر : المجنب إذا ترك الغسل عامدا مع القدرة حتّى طلع الفجر ، لم يصحّ صومه ، ووجب القضاء ، ولو استيقظ جنبا ، انعقد صومه عن رمضان والنذر المعيّن ، ولا ينعقد عن قضاء رمضان ، ولا عن نذر مطلق ، قال الشيخ : ولا ندبا (٤).

__________________

(١) في «ب» : يصوم عشر يوما.

(٢) المقنعة : ٣٥٠.

(٣) ما بين القوسين موجود في «أ».

(٤) المبسوط : ١ / ٢٨٧.

٤٨٧
٤٨٨

المقصد الخامس : في الزمان الذي يصحّ فيه الصوم

وفيه خمسة مباحث :

١٦٩٦. الأوّل : إنّما يصحّ صوم النهار دون الليل ، ولو نذر صوم الليل منضمّا أو منفردا ، لم يصحّ إجماعا.

١٦٩٧. الثاني : لا يصحّ صوم العيدين بالإجماع ، ولو نذره لم ينعقد.

١٦٩٨. الثالث : صوم أيّام التشريق لمن كان بمنى حرام ، وفي اشتراط كونه محرما بحجّ أو عمرة ، نظر.

وهي اليوم الحادي عشر من ذي الحجة ، والثاني عشر ، والثالث عشر.

ولو نذر صومها وهو بمنى لم ينعقد ، ولو كان بغير منى من الأمصار صحّ صومها ندبا ، ونذرا ، وعن قضاء الواجب ، وبالجملة هي في غير منى كغيرها من الأيام الّتي يقع فيها الصوم.

١٦٩٩. الرابع : صوم يوم الشك على أنّه من شهر رمضان حرام ، وقد تقدّم.

١٧٠٠. الخامس : لو نذر صوم يوم معيّن ، واتّفق أحد هذه الأيّام ، لم يجز صومه ، والأقوى عدم وجوب القضاء.

٤٨٩
٤٩٠

المقصد السادس : في شهر رمضان

ومطالبه ثلاثة

المطلب الأوّل : في علامته

وفيه ستة عشر بحثا :

١٧٠١. الأوّل : يعلم الشهر برؤية الهلال ، فمن رآه وجب عليه الصوم وإن كان واحدا ، عدلا كان أو غير عدل ، شهد عند الحاكم أو لم يشهد ، قبلت شهادته أو ردّت.

١٧٠٢. الثاني : لو لم يره لعدم طلبه ، أو لعدم الحاسّة ، أو لغير ذلك ، اعتبر بالشهادة ، ولا خلاف في اعتبار الشهادة في رؤية الهلال ، وإنّما الخلاف في العدد ، فاختار سلّار قبول الواحد في أوّل رمضان خاصّة (١) وقال المفيد والمرتضى : انّما يقبل عدلان صحوا وغيما (٢) واشترط الشيخ خمسين من

__________________

(١) المراسم : ٢٣٣.

(٢) المقنعة : ٢٩٧ ، وجمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٤.

٤٩١

البلد مع العلّة ، أو اثنان من خارجه ، ومع عدم العلّة خمسين من البلد وخارجه (١) والوجه قول المفيد.

١٧٠٣. الثالث : لا يقبل شهادة النساء في ذلك ، ولا في شي‌ء من الأهلّة ، لا منفردات ولا منضمّات ، ولا يقبل في الإفطار إلّا شاهدان.

١٧٠٤. الرابع : لو شهد عدلان بأوّله فصاموا ثلاثين ، ثمّ لم ير الهلال مع الصحو ، لزم الفطر.

١٧٠٥. الخامس : لو انفرد برؤية شوّال ، وجب عليه الإفطار.

١٧٠٦. السادس : لو رآه عدلان ولم يشهدا عند الحاكم ، أو شهدا وردّت شهادتهما ، لعدم معرفته ، بهما ، جاز لمن سمعهما الإفطار ، ولكلّ منهما أن يفطر وإن لم يعرف عدالة صاحبه.

ولو أصبح صائما يوم الثلاثين من رمضان ، فشهد عدلان برؤيته في الماضية أفطر ، وصلّى العيد إذا كان قبل الزوال ، ولو كان بعده ، أفطر ولا صلاة.

١٧٠٧. السابع : لو رؤي في البلد رؤية شائعة ، وجب الصيام إجماعا.

١٧٠٨. الثامن : لو لم ير الهلال أصلا وغمّ على الناس أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما ، ثم صاموا وجوبا من رمضان ، فإن غمّ هلال شعبان ، أكملت عدة رجب ثلاثين ، وشعبان ثلاثين ، ثمّ صاموا.

ولو غمّت الأهلّة أكمل كلّ شهر ثلاثين يوما على قول بعض علمائنا (٢) ،

__________________

(١) النهاية : ١٥٠.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٦٧.

٤٩٢

والوجه عندي العمل برواية الخمسة (١).

١٧٠٩. التاسع : يستحبّ الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان ورمضان على الأعيان ، ويجب على الكفاية.

١٧١٠. العاشر : لا يجوز التعويل على الجدول ، ولا على كلام المنجّمين ، ولا على الاجتهاد فيه ، ولا على العدد ، خلافا لمن قسم السنة إلى تامّ وناقص ، وشعبان ناقص أبدا ورمضان تامّ أبدا (٢).

ولا اعتبار أيضا بغيبوبة القمر بعد الشفق ، ولا بتطوّقه ، ولا بعد خمسة أيّام من الماضية ، ولا برؤيته قبل الزوال.

١٧١١. الحادي عشر : لو أفطر يوم الشك ثمّ قامت البيّنة برؤيته ، قضاه بعد العيد ، ولو لم تقم بيّنة ، لكن أهلّ شوال بعد صوم ثمانية وعشرين ، قضى يوما واحدا إلّا أن تقوم البيّنة بيومين.

١٧١٢. الثاني عشر : إذا رأى الهلال أهل بلد ، وجب الصوم على أهل البلاد [و] جميع الناس ، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت.

والشيخ رحمه‌الله جعل البلاد المتقاربة الّتي لا تختلف في المطالع ، كبغداد والبصرة ، كالبلد الواحد ، والبلاد المتباعدة ، كبغداد ومصر لكلّ بلد حكم نفسه (٣)

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ٧ / ٢٠٥ ، الباب ١٠ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ١ ، وإليك نصّه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «صم في العام المستقبل اليوم الخامس من يوم صمت فيه عام أوّل». (وبقية أحاديث الباب).

(٢) قال المصنّف في التذكرة : ٦ / ١٣٨ : لا اعتبار بالعدد خلافا لقوم من الحشوية ذهبوا إلى أنّه معتبر ، وأنّ شهور السنة قسمان : تام وناقص فرمضان لا ينقص أبدا ، وشعبان لا يتمّ أبدا.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٦٨.

٤٩٣

وفيه قوّة ، فعلى قوله ، لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه لبعده فلم ير الهلال بعد ثلاثين ، فالوجه أنّه يصوم معهم بحكم الحال.

١٧١٣. الثالث عشر : لو كان بحيث لا يعلم الأهلّة كالمحبوس وشبهه ، إذا لم يعلم الشهر يجتهد ويغلب على ظنّه ، فإن ظنّ ، عمل عليه ، وإلّا توخّى شهرا وصامه ، فإن استمرّ الاشتباه أجزأه ، وإن وافق رمضان أو كان بعده فكذلك ، وإن وافق قبله لم يجزئه (١) ، والأقرب عدم وجوب البحث والاجتهاد بعد الصوم.

ولو وافق بعضه الشهر دون بعض ، صحّ فيما وافق الشهر وما بعده ، دون ما قبله ؛ وإذا وافق صومه بعد الشهر ، فالمعتبر صوم أيّام بعدّة ما فاته ، سواء وافق بين هلالين أو لم يوافق ، وسواء كان الشهران تامّين ، أو ناقصين ، أو مختلفين.

ولو كان رمضان تامّا فصام شوّالا ، وكان ناقصا ، لزمه قضاء يومين (٢) ؛ ولو انعكس الفرض لم يجب عليه شي‌ء ، ولو كانا تامّين لزمه قضاء يوم بدل العيد ، وكذا لو كانا ناقصين.

ولو صام قبل رمضان ، وظهر له ذلك قبل دخوله ، وجب عليه أن يصومه ، ولو صام تطوّعا فوافق شهر رمضان ، فالأقرب أنّه يجزئه.

١٧١٤. الرابع عشر : يستحبّ الدعاء عند رؤية الهلال بما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣) ، وغيره من الأدعية المأثورة.

١٧١٥. الخامس عشر : وقت وجوب الإمساك هو طلوع الفجر الثاني الّذي يجب معه صلاة الصبح إلى غروب الشمس الّذي يجب معه صلاة المغرب ،

__________________

(١) علّله المصنّف في التذكرة : ٦ / ١٤٣ ، بأنّه فعل العبادة قبل وقتها ، فلا يقع أداء ولا قضاء.

(٢) بدل يوم العيد والناقص.

(٣) لاحظ الوسائل : ٧ / ٢٣٤ ، الباب ٢٠ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ٦.

٤٩٤

وعلامته ، سقوط الحمرة المشرقية ، قاله الشيخ (١).

وقال بعض أصحابنا : علامته غيبوبة القرص ، فلو غاب عن الآفاق ، ثمّ شاهد ضوءه على بعض الجبال ، من بعيد ، أو بناء عال ، مثل منارة الاسكندرية ، جاز الإفطار (٢) ، وليس بمعتمد.

ولو اشتبه عليه الغيبوبة وجب عليه الإمساك ، ويستظهر حتى يتيقّن ، ولو غاب القرص وبقي له أمارة الظهور ، فأصحّ الروايتين (٣) وجوب الإمساك حتى تذهب علامة ظهوره.

١٧١٦. السادس عشر : يستحبّ تقديم الصلاة على الإفطار إلّا أن يكون له من ينتظره للإفطار معه.

المطلب الثاني : في شرائطه

وهي قسمان

[القسم] الأوّل : شرائط الوجوب

وفيه سبعة مباحث :

١٧١٧. الأوّل : العقل والبلوغ شرطان في وجوب الصوم ، ولو بلغ قبل الفجر ، وجب صوم ذلك اليوم ، ولو كان بعده لم يجب ، ويستحبّ له الإمساك ، مفطرا كان

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٦٩.

(٢) حكاه الشيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا ، لاحظ المبسوط : ١ / ٢٦٩.

(٣) لاحظ الوسائل : ٧ / ٨٨ ، الباب ٥٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٤٩٥

أو صائما ، ولا قضاء عليه.

ولو أفاق المجنون في أثناء الشهر ، وجب عليه صيام ما بقي ، وإن أفاق قبل الفجر ، وجب صوم ذلك اليوم ، وإلّا فلا ، وكذا المغمى عليه.

١٧١٨. الثاني : الإسلام شرط في الصّحة على ما قلناه ، فلو أسلم قبل الفجر ، وجب صوم ذلك اليوم وما بعده ، وإن أسلم بعد الفجر ، سقط ذلك اليوم خاصّة ، وأمسك استحبابا.

١٧١٩. الثالث : السلامة من المرض شرط في الوجوب إذا كان الصوم يزيد في المرض ، أو يبطئ البرء معه ، أمّا الصّحيح الّذي يخاف المرض بالصوم ، فالوجه وجوبه عليه ، وكذا لو كان به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشقّ أنثياه.

والمستحاضة إذا خافت المرض أفطرت.

١٧٢٠. الرابع : الإقامة أو حكمها شرط في الصوم ، فلا يجب على المسافر سفرا يجب معه قصر الصلاة ، ولو صام لم يجزئه إن كان عالما ، وإلّا أجزأه.

ولو نوى الإقامة في بلد عشرة أيّام ، وجب الصوم ، ولو ردّد نيّته صام بعد شهر ، وبالجملة كلّ من وجب عليه التقصير في الصلاة ، وجب عليه التقصير في الصوم.

وهل يشترط تبييت النيّة من الليل؟ قال الشيخ : نعم ، فلو بيّت نيّة السفر من الليل ، ثمّ خرج أيّ وقت كان من النهار وجب التقصير والقضاء ، ولو خرج بعد الزوال أمسك وعليه القضاء ، وإن لم يبيّت بنيّة من الليل لم يجز له التقصير ، وكان عليه صيام ذلك اليوم ، وليس عليه قضاؤه أيّ وقت خرج ، إلّا أن يكون قد

٤٩٦

خرج قبل طلوع الفجر فإنّه يجب عليه الإفطار على كل حال ، ولو قصّر وجب عليه القضاء والكفارة (١).

وقال المفيد رحمه‌الله : المعتبر خروجه قبل الزوال ، فإن خرج حينئذ لزمه الإفطار ، وإن خرج بعده ، أتمّ ، ولا اعتبار بالنيّة (٢).

وقال السيّد (٣) وابن بابويه (٤) : يقصر متى خرج وإن كان قبل الغروب ؛ ولم يعتبر [ا] التبييت. والأقوى اختيار المفيد.

١٧٢١. الخامس : لا يجوز الإفطار حتّى يغيب عنه أذان مصره ، أو يخفى عنه جدران بلده.

١٧٢٢. السادس : لو قدم المسافر ، أو برأ المريض مفطرين ، استحبّ لهما الإمساك ، وعليهما القضاء ، وكذا الحائض إذا طهرت ، والطاهر إذا حاضت.

ولو قدم المسافر أو برأ المريض صائمين ، فإن كان زوال عذرهما قبل الزوال وجب عليهما الإتمام وأجزأهما ، وإن كان بعد الزوال استحبّ الإمساك ، ووجب القضاء.

ولو عرف المسافر أنّه يصل إلى بلده أو موضع إقامته قبل الزوال ، جاز له الإفطار ، وإن أمسك حتّى دخل وأتمّ صومه ، كان أفضل.

١٧٢٣. السابع : الخلوّ من الحيض والنفاس شرط في الصوم ، فلو زال

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٨٤ ، والنهاية : ١٦١.

(٢) المقنعة : ٣٥٤.

(٣) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٥.

(٤) نقله عنه المصنّف في المختلف : ٣ / ٤٦٨ ، والحلّي في السرائر : ١ / ٣٩٢.

٤٩٧

عذرهما في أثناء النهار لم يصحّ صومها ، ووجب القضاء ، وكذا لو تجدّد في أثناء النهار ولو قبل الغروب بشي‌ء يسير.

القسم الثاني : شرائط القضاء

وفيه سبعة مباحث :

١٧٢٤. الأوّل : يشترط في وجوب القضاء البلوغ حال الفوات ، فلو فات الصّبي لم يجب القضاء ، سواء كان مميّزا أو غير مميّز.

١٧٢٥. الثاني : العقل شرط في القضاء ، فالمجنون إذا فاته شي‌ء من الأيّام أو الشهر كلّه ، وهو مجنون ، لم يجب عليه القضاء ، وكذا المغمى عليه ، واليوم الذي يفيق فيه لا يجب قضاؤه ، إلّا أن يفيق قبل الفجر ثمّ يفطر فيه ، واشترط بعض علمائنا (١) سبق النية في المغمى عليه ، وليس بجيّد.

١٧٢٦. الثالث : الإسلام شرط في وجوب القضاء ، فالكافر الأصلي لا يجب عليه قضاء ما فاته حال كفره ، ولو أسلم في أثناء الشهر لم يقض الفائت ، ويجب عليه صيام المستقبل ، واليوم الذي أسلم فيه لا يجب قضاؤه ، إلّا أن يسلم قبل الفجر ثم يفطر فيه ، ولو أسلم بعد الفجر ولم يكن أفطر لم يجب صوم ذلك اليوم.

أمّا المرتدّ فيقضي ما فاته زمان ردّته ، ولا فرق بين أن تكون الردة باعتقاد ما يوجب الكفر أو بشكه فيه (٢) ولو ارتدّ بعد عقد الصوم ، ثمّ عاد لم يفسد صومه ، وفيه نظر.

__________________

(١) الشيخ في الخلاف : ٢ / ١٩٨ ، المسألة ٥١ من كتاب الصوم ؛ والمفيد في المقنعة : ٣٥٢.

(٢) هكذا في «أ» ، ولكن في «ب» : أو بشكه فيما يكفر بالشك فيه.

٤٩٨

١٧٢٧. الرابع : لو أزال عقله بمسكر أو بشرب مرقد ، وجب عليه قضاء ما يفوته فيه.

١٧٢٨. الخامس : قال الشيخ رحمه‌الله : لو طرح في حلق المغمى عليه ، أو من زال عقله دواء

لزمه القضاء إذا أفاق (١) وليس بجيّد.

١٧٢٩. السادس : شرائط الكفّارة هي شرائط القضاء ، فكلّ موضع سقط فيه القضاء سقطت فيه الكفّارة.

١٧٣٠. السابع : يستحبّ للمغمى عليه والكافر القضاء.

المطلب الثالث : في الأحكام

وفيه تسعة عشر بحثا :

١٧٣١. الأوّل : يتعيّن قضاء الفائت في السنة الّتي فات فيها ما بينه وبين رمضان الآتي ، فلو أخّر المريض القضاء بعد برئه تهاونا حتّى دخل الثاني ولم يقض ، صام الحاضر ، وقضى الأوّل ، وكفّر عن كلّ يوم بمدّين ، وأقلّه مدّ ، خلافا لابن إدريس (٢).

ولو كان تأخيره مع العزم على القضاء حتى أدركه الثاني ولم يقض ، وجب القضاء خاصّة ، ولو استمرّ به المرض إلى رمضان الثاني ، ولم يصح فيما بينهما

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٦٦.

(٢) السرائر : ١ / ٣٩٦.

٤٩٩

صام الحاضر ، وهل يقضي الفائت؟ قال ابن بابويه : نعم ولا كفّارة (١) ، وقال الشيخان (٢) : يكفّر عن كلّ يوم بما تقدم ، ولا قضاء عليه ، والوجه عندي قول ابن بابويه ، وعلى قول الشيخين لو صام ولم يكفّر ، فالوجه الإجزاء.

١٧٣٢. الثاني : ظاهر كلام الشيخ في الخلاف ) تعميم الحكم في المريض وغيره ممّن فاته الصوم ، وفيه نظر.

١٧٣٣. الثالث : حكم ما زاد على رمضانين حكم الرمضانين سواء.

١٧٣٤. الرابع : لو أخّره سنتين فما زاد ، فيه إشكال ، والأقرب عدم تكرّر الكفارة (٤).

١٧٣٥. الخامس : لو استمر به المرض حتى مات سقط القضاء ولا كفارة ، لكن يستحبّ أن يقضى عنه ، أمّا لو برأ من مرضه ، وتمكّن من القضاء ولم يقضى حتّى مات ، قضي عنه.

١٧٣٦. السادس : الذي يقضي عن الميت أكبر أولاده الذكور ، سواء فاته بمرض أو غيره ، مع ترك الميت القضاء وتمكّنه.

ولو لم يكن له ولد ذكر ، وكان له إناث ، قال الشيخ رحمه‌الله : يتصدّق عن كلّ يوم بمدّين من ماله ، وأقلّه مدّ (٥).

__________________

(١) لاحظ المختلف : ٣ / ٥١٧ ؛ والسرائر : ١ / ٣٩٥.

(٢) المقنعة : ٥٧٠ ؛ والمبسوط : ١ / ٢٨٦.

(٣) الخلاف : ٢ / ٢٠٦ ، المسألة ٦٣ من كتاب الصوم.

(٤) في «ب» : عدم تكرير الكفارة.

(٥) المبسوط : ١ / ٢٨٦.

٥٠٠