الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٥٨
المقصد الثاني : فيما يقع الإمساك عنه
وهو واجب وندب
[القسم] الأوّل الواجب
وفيه ثمانية وأربعون بحثا :
١٥٧٣. الأوّل : يجب الإمساك عن الأكل ، والشرب ، والجماع ، والإنزال ، والكذب على الله وعلى رسوله والأئمة عليهمالسلام ، والارتماس في الماء ، وإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق ، والمقام على الجنابة حتّى يطلع الفجر اختيارا ، ومعاودة النوم بعد انتباهتين حتّى يطلع الفجر ، والقيء عامدا ، والحقنة ، وجميع المحرّمات.
١٥٧٤. الثاني : يحرم على الصائم الأكل والشرب نهارا ؛ سواء كان المأكول معتادا ، كالخبز والفواكه ؛ أو غير معتاد ، كالحجر ، والخشب ، والحصى لو ابتلعه ؛ وسواء كان المشروب معتادا ، كالماء ؛ أو غير معتاد ، كعصارة الأشجار.
وبالجملة كلّ ما يبتلعه معتادا كان أو غير معتاد ، محلّلا أو محرّما ، وسواء
تغذّى به ، أو لم يتغذّ ، وسواء كان ممّا يتداوى به أو لا ، أو يشربه كذلك ، مفطر (١) مع العمد.
١٥٧٥. الثالث : بقايا الغذاء المتخلّفة بين أسنانه إذا ابتلعها نهارا عمدا ، فسد صومه ، سواء أخرجها من فيه أو لم يخرجها ، وسواء كان يسيرا أو كثيرا ، وسواء كان ممّا يجري به الريق ولا يتميّز منه ، أو كان يتميّز.
١٥٧٦. الرابع : الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت به العادة ، لم يفطر به ، وكذا لو جمعه في فيه ثمّ ابتلعه ، ولو أخرجه من فيه إلى طرف ثوبه ، أو بين أصابعه ، ثمّ ابتلعه ، أفطر.
ولو ترك في فيه حصى أو شبهه فأخرجه وعليه ريق ، ثم أعاده في فيه والريق عليه ، فالوجه الإفطار ، ولو ابتلع ريق غيره أفطر ، ولو أبرز لسانه وعليه ريق ، ثمّ ابتلعه لم يفطر.
١٥٧٧. الخامس : لو جمع في فيه قلسا (٢) وابتلعه ، فإن كان خاليا من الطعام ، لم يفطر ، لرواية محمد بن مسلم عن الصادق عليهالسلام (٣) ، ولو مازجه غذاء وتعمّد اجتلابه ، أفطر وإن لم يبتلعه ، ولو لم يتعمّد ، لم يفطر باجتلابه ، وأفطر بابتلاعه عمدا.
١٥٧٨. السادس : لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه لم يفطر.
١٥٧٩. السابع : حكم الازدراد حكم الأكل فيما تقدّم ، فلو ابتلع المعتاد أو
__________________
(١) قوله : «مفطر» خبر لقوله : «كلّ ما يبتلعه».
(٢) القلس ـ بالتحريك ، وقيل بالسكون ـ ما خرج من الجوف ، ملأ الفم أو دونه. مجمع البحرين.
(٣) الوسائل : ٧ / ٧٢ ، الباب ٣٠ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ١.
غيره أبطل صومه ، وخلاف السيّد (١) هنا ضعيف.
١٥٨٠. الثامن : الجماع في القبل مفسد للصوم مع العمد إجماعا ، وكذا الوطء في الدّبر مع الإنزال ، ومع عدمه على أقوى القولين (٢) ، ولو جامعها في غير الفرجين ، فإن أنزل أفسد صومه ، ولو لم ينزل ، فلا إفساد.
١٥٨١. التاسع : وطء الميتة في القبل والدّبر كوطء الحيّة.
١٥٨٢. العاشر : لو وطئ بهيمة ، فإن أنزل أفسد صومه ، وإن لم ينزل تبع وجوب الغسل ، فإن أوجبناه أفسد صومه وإلّا فلا.
وقال الشيخ : لا يجب الغسل ويفطر (٣) ، والأقرب عندي عدم الإفطار على إشكال.
١٥٨٣. الحادي عشر : لو وطئ الغلام في دبره ، فإن أنزل أفسد صومه ، وكذا إن لم ينزل.
١٥٨٤. الثاني عشر : الإجماع على أن الموطوءة في قبلها مختارة عالمة يفسد صومها ، أمّا الموطوءة في دبرها أو الغلام الموطوء فالأقرب فساد صومهما.
١٥٨٥. الثالث عشر : لو تساحقت امرأتان وأنزلتا أفسدتا صومهما ، وإن لم تنزلا فلا فساد ، ولو أنزلت إحداهما اختص الفساد بها ، وكذا لو ساحق المجبوب.
١٥٨٦. الرابع عشر : كلّ من أنزل نهارا عمدا أفسد صومه ، سواء كان باستمناء ،
__________________
(١) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٤.
(٢) لاحظ المختلف : ٣ / ٣٨٩.
(٣) الخلاف : ٢ / ١٩١ ، المسألة ٤٢ من كتاب الصوم.
أو ملامسة ، أو ملاعبة ، أو قبلة ، أو مباشرة ، وغير ذلك من أنواع ما يوجب الإنزال.
١٥٨٧. الخامس عشر : قال الشيخ : لو نظر إلى ما لا يحلّ له النظر إليه عامدا بشهوة فأمنى ، فعليه القضاء ، وإن كان نظره إلى ما يحلّ له النظر إليه فأمنى لم يكن عليه شيء ، فإن أصغى أو تسمع إلى حديث فأمنى لم يكن عليه شيء (١).
١٥٨٨. السادس عشر : لو كان ذا شهوة مفرطة ، بحيث يغلب على ظنّه أنّه إذا قبّل أنزل ، لم يجز له التقبيل ، وإلّا كان مكروها.
ولو قبّل أو لامس أو استمنى بيده ولم ينزل ، لم يفسد صومه إجماعا ، ولو أنزل من غير شهوة كالمريض عمدا ، أفسد صومه.
١٥٨٩. السابع عشر : لو فكّر فأمنى ، ففي الإفساد نظر ، ولو خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل ، لم يفسد صومه.
١٥٩٠. الثامن عشر : لو أمذى بالتقبيل لم يفطر.
١٥٩١. التاسع عشر : قال الشيخان رحمهماالله : الكذب على الله وعلى رسوله عليهالسلام وعلى الأئمة عليهمالسلام يفسد الصوم
(٢) ، وخالف السيّد المرتضى (٣) وهو قويّ.
١٥٩٢. العشرون : المشاتمة والتلفّظ بالقبيح لا يوجب الإفطار ، وكذا الكذب على غير الله وغير رسوله والأئمة عليهمالسلام.
__________________
(١) المبسوط : ١ / ٢٧٢.
(٢) المقنعة : ٣٤٤ ؛ والمبسوط : ١ / ٢٧٠.
(٣) جمل العلم والعمل ، في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٣.
١٥٩٣. الحادي والعشرون : إذا قلنا الكذب مفطر ، استوى الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهمالسلام في أمر الدين أو الدنيا (١).
١٥٩٤. الثاني والعشرون : الارتماس في الماء قال الشيخان : يفسد الصوم(٢) ، وقال المرتضى : لا يفسده (٣) وهو قويّ.
وللشيخ قول ثان بأنّه محرّم غير مفسد (٤) وهو حسن ، وعليه أعمل ، لصحة الروايات (٥) فيه ، مع أنّ الشيخ قال : لست أعرف حديثا في إيجاب القضاء والكفارة ، أو إيجاب أحدهما على المرتمس (٦).
١٥٩٥. الثالث والعشرون : لا بأس بصبّ الماء على الرأس للتبرّد ، والاغتسال ليس بمكروه.
١٥٩٦. الرابع والعشرون : إذا ارتمس مختارا ، فوصل الماء إلى حلقه ، أفسد صومه ، سواء كان قد وصل باختياره ، أو مضطرّا.
أمّا لو صبّ الماء على رأسه ، فدخل الماء حلقه ، فإن تعمّد الإدخال ، أو كان الصبّ يؤدّي إليه قطعا ، أفسد صومه ، وإلّا فلا.
ولا فرق في تحريم الارتماس ، بين الماء الجاري والراكد ، القليل والكثير.
__________________
(١) في «ب» : في أمر الدين والدنيا.
(٢) المقنعة : ٣٤٤ ؛ والمبسوط : ١ / ٢٧٠.
(٣) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٤.
(٤) الاستبصار : ٢ / ٨٥ في ذيل الحديث ٢٦٣.
(٥) لاحظ الوسائل : ٧ / ٢٢ ، الباب ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(٦) الاستبصار : ٢ / ٨٥ ، في ذيل الحديث ٢٦٣.
١٥٩٧. الخامس والعشرون : إيصال الغبار الغليظ ، كغبار الدقيق والنفض إلى الحلق اختيارا ، مفسد للصوم ، ولو كان مضطرّا أو دخل بغير اختياره ، أو بغير شعور ، لم يفطر.
١٥٩٨. السادس والعشرون : من أجنب ليلا ، وتعمّد البقاء على الجنابة من غير ضرورة ولا عذر حتّى يطلع الفجر ، أفسد صومه.
١٥٩٩. السابع والعشرون : الأقرب أنّ حكم الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما قبل الفجر كذلك ، وقال ابن أبي عقيل : إذا طهر تا ليلا وتركتا الغسل حتّى يطلع الفجر عامدتين ، وجب عليهما القضاء خاصة (١).
١٦٠٠. الثامن والعشرون : إذا جامع قبل الفجر ، ثمّ طلع وهو على حاله ، فإن لم يعلم ضيق الوقت ، نزع وأتمّ صومه من غير أن يتحرّك حركة الجماع ، ووجب عليه الغسل والقضاء إن كان قد ترك المراعاة ، ولو نزعه بنيّة المجامعة ، أفطر ووجب عليه القضاء والكفارة.
ولو راعى الفجر ولم يظنّ قربه ، فجامع ثمّ نزع مع أوّل طلوعه ، لم يفسد صومه.
١٦٠١. التاسع والعشرون : لو طلع الفجر وفي فيه طعام ، لفظه ، فإن ابتلعه ، بطل صومه.
١٦٠٢. الثلاثون : لو أجنب ليلا ، ثمّ نام ناويا للغسل حتّى أصبح ، صحّ صومه ، ولو نام على عزم الترك ، أو لم يعزم على أحدهما ، فسد صومه.
__________________
(١) حكى عنه المصنّف أيضا في المختلف : ٣ / ٤٠٧.
١٦٠٣. الحادي والثلاثون : لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد ، لم يفسد صومه ، وجاز له تأخير الغسل إجماعا.
١٦٠٤. الثاني والثلاثون : القيء عمدا يفسد الصوم ، خلافا للسيد المرتضى (١) ، وابن إدريس (٢) ، ولو ذرعه القيء لم يفطر.
والقلس وهو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه وليس بقيء ، فإن عاد فهو القيء ، فعلى هذا لا يفسد الصوم.
وقيل : القلس خروج الطعام والشراب إلى الفم من البطن أعاده صاحبه أو ألقاه (٣) فإن ابتلع شيئا بعد خروجه من حلقه إلى فمه أو خارجه ، فإن تعمّد ، أفطر ، سواء قاء عامدا أو غير عامد ، وإن لم يتعمّد لم يفطر ، إذا كان القيء عن غير عمد.
١٦٠٥. الثالث والثلاثون : الاحتقان بالمائع حرام ، وهل يفسد الصوم؟ للشيخ قولان : أحدهما الإفساد (٤) وهو قول المفيد (٥) ، والثاني لا يفسد (٦) وهو اختيار المرتضى (٧) وابن إدريس (٨) وابن أبي عقيل (٩).
__________________
(١) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٤.
(٢) السرائر : ١ / ٣٨٧.
(٣) ذكره الزبيدي في تاج العروس ، مادة (قلس).
(٤) الخلاف : ٢ / ٢١٣ ، المسألة ٧٣ من كتاب الصوم ؛ والنهاية : ١٤٨.
(٥) المقنعة : ٣٤٤.
(٦) النهاية : ١٥٦ ؛ والاستبصار : ٢ / ٨٤.
(٧) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٤. ولاحظ السرائر : ١ / ٣٨٧ ؛ والمختلف : ٣ / ٤١٢.
(٨) السرائر : ١ / ٣٨٧.
(٩) لاحظ المختلف : ٣ / ٤١٢.
١٦٠٦. الرابع والثلاثون : يكره الاحتقان بالجامد ، ولا يفسد به الصوم ، خلافا لأبي الصلاح (١) وابن البراج (٢).
١٦٠٧. الخامس والثلاثون : قال الشيخ : لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه ، أفسد صومه (٣) ، والوجه عندي عدم الإفساد.
١٦٠٨. السادس والثلاثون : لو جرح نفسه برمح ، فوصل إلى جوفه ، أو أمر غيره بذلك ، قال الشيخ : يفسد صومه (٤) ، والأقرب خلافه.
١٦٠٩. السابع والثلاثون : لو قطر في أذنه دهنا أو غيره ، ووصل إلى الدماغ ، لم يفطر ، خلافا لأبي الصلاح (٥).
١٦١٠. الثامن والثلاثون : لو قطر في إحليله دواء ، أو غيره ، أو أدخل فيه ميلا ، لم يفطر ، سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل.
١٦١١. التاسع والثلاثون : يجب الاحتراز في الصوم عن جميع المحرّمات ، وهو فيه آكد منه في غيره.
١٦١٢. الأربعون : منع المفيد (٦) وأبو الصلاح (٧) من السعوط وهو ما يصل إلى الدماغ من الأنف ، وأفسدا به الصوم مطلقا.
وقال الشيخ : إنّه مكروه غير مفسد ما لم ينزل إلى الحلق (٩) ، وهو الأقوى.
١٦١٣. الحادي والأربعون : لا بأس بمضغ العلك وإن كان ذا طعم ، قويّا أو
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٨٣.
(٢) المهذب : ١ / ١٩٣.
(٣) ٣ و ٤. المبسوط : ١ / ٢٧٣.
(٤) ٥. الكافي في الفقه : ١٨٣.
(٥) ٦. المقنعة : ٣٤٤.
(٦) ٧. الكافي في الفقه : ١٨٣.
(٧) ٨. المبسوط : ١ / ٢٧٢.
ضعيفا ، إذا تحفّظ من ابتلاع أجزائه ، ولو وجد طعمه في حلقه لم يفطر.
١٦١٤. الثاني والأربعون : كلّ ما يدخل الفم ولا يتعدّى الحلق ، لا بأس به ، كمصّ الخاتم ، ومضغ الطعام للصبيّ ، وزقّ الطائر.
١٦١٥. الثالث والأربعون : لو أدخل شيئا في فمه وابتلعه سهوا ، فإن كان لغرض صحيح ، فلا قضاء عليه ، وإلّا وجب القضاء.
ولو تمضمض فابتلع الماء سهوا ، فإن كان للتبرّد ، فعليه القضاء ، وإن كان للصلاة ، فلا شيء عليه ، وكذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب ، ولو فعله عمدا أفطر.
١٦١٦. الرابع والأربعون : يجوز للصائم السواك ، سواء كان رطبا أو يابسا ، أوّل النهار أو آخره ، ولو كان السواك يابسا ، جاز أن يبل بالماء ويتسوّك به ، ويتحفّظ من ابتلاع رطوبته ، وكذا يجوز أن يتسوّك بالماء إذا قذفه.
١٦١٧. الخامس والأربعون : إنّما يبطل الصوم بما عددناه إذا وقع عمدا ، أمّا لو وقع نسيانا فلا ، وكذا ما يحصل من غير قصد ، كالغبار الّذي يدخل حلقه من الطريق (والذبابة) (١) وكذا لو صبّ في حلقه شيء كرها.
أمّا لو توعّد على ترك الإفطار ، وخوّف حتّى أكل ، فكذلك عندنا ، وقال الشيخ : يفطر (٢) وليس بجيّد.
١٦١٨. السادس والأربعون : لو فعل المفطر جاهلا بالتحريم ، فالوجه الإفساد ، وفي الكفارة نظر.
__________________
(١) ما بين القوسين موجود في «ب».
(٢) المبسوط : ١ / ٢٧٣.
١٦١٩. السابع والأربعون : لو أكل أو جامع ناسيا ، فظنّ فساد صومه ، فتعمّد الأكل والشرب ، قال الشيخ : يفطر ويقضي ويكفّر ـ وهو جيّد ـ قال : وذهب أصحابنا إلى وجوب القضاء خاصة (١).
١٦٢٠. الثامن والأربعون : لو عقد الصوم ثمّ نوى الإفطار ولم يفطر ، فإن عاد ونوى الصوم ، فالوجه الصّحة ، وإلّا فالأقوى وجوب القضاء.
أمّا لو نوى أنّه سيفطر بعد ساعة أخرى ، فانّه لا يفطر بذلك ، قال الشيخ :
ولو نوى الإفطار في يوم يعلمه من رمضان ، ثمّ جدد نيّة الصوم قبل الزوال ، لم ينعقد (٢) وفيه نظر.
القسم الثاني : فيما يستحبّ اجتنابه
وفيه اثنا عشر بحثا :
١٦٢١. الأوّل : يكره مباشرة النساء ، تقبيلا ، ولمسا ، وملاعبة ، إلّا في حقّ الشيخ الكبير المالك إربه ، فإنّ القبلة ليست مكروهة له ، وكذا من لا تحرّك القبلة شهوته.
١٦٢٢. الثاني : لو قبّل ولم ينزل لم يفطر إجماعا ، ولو أنزل ، وجب القضاء والكفّارة.
__________________
(١) المبسوط : ١ / ٢٧٣.
(٢) المبسوط : ١ / ٢٧٧.
١٦٢٣. الثالث : «روى الشيخ في الصحيح عن الكاظم عليهالسلام : أنّه لا بأس للصائم أن يمصّ لسان المرأة ، وكذا المرأة (١) هو حسن لكن ينبغي خلوّ لسانهما من الرطوبة ، فإن وجدت فليتحفّظ من ابتلاعها.
١٦٢٤. الرابع : المذي لا ينقض الصيام ، ورواية رفاعة (٢) بالإتيان بالبدل شاذة ، ولو كلّم امرأته فأمنى ، لم يكن عليه شيء.
١٦٢٥. الخامس : يكره الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل إلى الحلق ، كالصبر ، وليس بمفطر ولا محظور.
١٦٢٦. السادس : يكره إخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة ، وليس ذلك بمحظور ، ولو لم يضعف لم يكن به بأس ، ولا يفطر الحاجم ولا المحجوم.
١٦٢٧. السابع : يجوز للصائم دخول الحمام ، فإن خاف الضعف أو العطش ، كره.
١٦٢٨. الثامن : شمّ الرياحين مكروه ، ويتأكّد في النرجس ، والمسك.
١٦٢٩. التاسع : الاحتقان بالجامد مكروه ، وليس بمحظور ولا مفطر.
١٦٣٠. العاشر : يكره بلّ الثوب على الجسد ، ولا بأس بالرجل يستنقع في الماء ، ويكره للمرأة الجلوس فيه ، وقال أبو الصلاح : إنّما يفطر (٣) وليس بمعتمد.
١٦٣١. الحادي عشر : يكره السعوط إذا لم يتعدّ إلى الحلق.
١٦٣٢. الثاني عشر : يكره المماراة في الصوم ، والتنازع ، وإنشاد الشعر ليلا ونهارا ، وإن كان شعر حقّ.
__________________
(١) لاحظ الوسائل : ٧ / ٧٢ ، الباب ٣٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ٢ و ٣.
(٢) لاحظ الوسائل : ٧ / ٩٢ ، الباب ٥٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ٣.
(٣) الكافي في الفقه : ١٧٩.
المقصد الثالث : فيما يوجب القضاء والكفارة أو القضاء خاصة وأحكام ذلك
وفيه فصلان
[الفصل] الأوّل : فيما يوجبهما أو يوجب القضاء
وفيه سبعة وعشرون بحثا :
١٦٣٣. الأوّل : إذا وطئ في فرج المرأة حتّى أدخل الحشفة ، والصوم واجب عليه ، وجب عليه القضاء والكفارة ، ولا يسقط وجوب القضاء بوجوب الكفارة ، ولا بالتكفير بالصوم.
ويتعلّق هذا الحكم بوطء البالغة ، والصّبية ، والميتة ، والحيّة ، والنائمة ، والمكرهة ، والمختارة ، والعاقلة ، والمجنونة ، والمزني بها ، والزوجة.
١٦٣٤. الثاني : يفسد صوم المرأة بذلك ، ويجب عليها القضاء والكفارة ، هذا إذا كانت مختارة ، ولو أكره امرأته عليه ، وهما صائمان ، وجب عليه كفارتان ، وعليه قضاء واحد ، ولا قضاء عليها.
١٦٣٥. الثالث : لو كان مجنونا فوطئها ، وهي صائمة ، فإن طاوعته ، لزمها كفارة واحدة ، وإلّا فلا شيء عليهما.
١٦٣٦. الرابع : لو زنى بامرأة في نهار رمضان ، فإن طاوعته ، لزمهما كفارتان ، وإن أكرهها ، وجب عليه كفارة عنه ، وهل يجب عليه أخرى عنها؟ قال الشيخ : لا (١).
١٦٣٧. الخامس : لو استدخلت ذكره وهو نائم ، أفطرت دونه ، وعليها كفّارة عن نفسها ، ولا كفارة عليه ولا عليها عنه.
١٦٣٨. السادس : لو أكرهته على الجماع ، وجب عليها كفارة عن نفسها ، وهل يجب عليه كفارة؟ فيه نظر ، أقربه الوجوب.
١٦٣٩. السابع : لو وطئ امرأة في دبرها فأنزل ، وجب القضاء والكفارة إجماعا ، ولو لم ينزل فالأصحّ أنّه كذلك.
ولو وطئ غلاما فأنزل ، وجب القضاء والكفارة ، ولو لم ينزل فكذلك ، وكذا يجب على المفعول رجلا أو امرأة.
١٦٤٠. الثامن : لو وطئ في فرج بهيمة فأنزل ، وجب القضاء والكفارة ، ولو لم ينزل قال الشيخ : لا نصّ فيه ، ويجب القضاء خاصّة ، للإجماع دون الكفارة (٢) ، ومنع ابن إدريس من القضاء أيضا (٣) وفيه قوّة.
١٦٤١. التاسع : لا فرق بين وطء الزّوجة وغيرها.
١٦٤٢. العاشر : لو استمنى بيده فأنزل ، أو أنزل عقيب الملاعبة ، أو الملامسة ، أو التقبيل ، أو الوطء في غير الفرجين ، وجب عليه القضاء والكفارة ، قال
__________________
(١) المبسوط : ١ / ٢٧٥.
(٢) الخلاف : ٢ / ١٩١ ، المسألة ٤٢ من كتاب الصوم.
(٣) السرائر : ١ / ٣٨٠.
أبو الصلاح (١) : لو أصغى فأمنى قضاه (٢).
١٦٤٣. الحادي عشر : لو تساحقت امرأتان فأنزلتا ، وجب القضاء ، والوجه وجوب الكفارة أيضا.
١٦٤٤. الثاني عشر : لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام الجماع ، فعليه القضاء والكفارة ، ولو نزع في الحال مع أوّل طلوع الفجر من غير تلوّم (٣) ، فإن فرّط في تحصيل الوقت وجب القضاء خاصّة ، وإلّا فلا.
١٦٤٥. الثالث عشر : لو ترك نيّة الصوم من الليل وجامع ، وجب القضاء والكفارة.
١٦٤٦. الرابع عشر : من أكل أو شرب عامدا في رمضان نهارا مع وجوب الصوم عليه وإسلامه اختيارا ، وجب عليه القضاء والكفارة ، ولا فرق بين الرجل ، والمرأة ، والحرّ ، والعبد ، والخنثى ، في ذلك ، وسواء أكل محلّلا أو محرّما ، وكذا المشروب ، وسواء كانا معتادين أو غير معتادين ، خلافا للسيّد (٤).
١٦٤٧. الخامس عشر : يجب بإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق ، القضاء والكفارة ، وقال السيّد المرتضى : لا يجب الكفارة (٥) وهو قويّ.
١٦٤٨. السادس عشر : أوجب الشيخان الكفارة والقضاء بتعمّد الكذب على
__________________
(١) في «ب» : وقال الشيخ وأبو الصلاح.
(٢) الكافي في الفقه : ١٨٣.
(٣) التلوّم : التمكث. مجمع البحرين.
(٤) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٤.
(٥) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٤.
الله وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهمالسلام (١) ، ومنع من ذلك السيد المرتضى (٢) وابن أبي عقيل (٣) وهو الأقوى عندي.
١٦٤٩. السابع عشر : لو أجنب ليلا ، وتعمّد البقاء على الجنابة ، حتّى طلع الفجر ، وجب القضاء والكفارة على قول الشيخين (٤) ، وعند ابن أبي عقيل القضاء خاصة (٥) ، وكذا لو نام غير نام للغسل حتّى طلع الفجر.
ولو نام على عزم الاغتسال ثمّ انتبه ، ثمّ نام ثانيا ثمّ انتبه ، ثمّ نام ثالثا واستمرّ حتّى طلع الفجر ، قال الشيخان : يجب القضاء (٦) وفي الكفارة عندي إشكال.
١٦٥٠. الثامن عشر : قد بينّا أنّ الارتماس حرام ، خلافا لابن أبي عقيل (٧) فلا يفسد الصوم ، خلافا للشيخ (٨) ولا يوجب القضاء والكفارة ، خلافا له في بعض أقواله (٩).
١٦٥١. التاسع عشر : قال السيّد المرتضى : الحقنة محرّمة ، ولا توجب قضاء ولا كفارة (١٠) ، وقال أبو الصلاح : يجب القضاء مطلقا (١١) ، وقال الشيخ : يجب القضاء
__________________
(١) الشيخ المفيد في المقنعة : ٣٤٤ ؛ والشيخ الطوسي في المبسوط : ١ / ٢٧٠.
(٢) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٥٤.
(٣) نقله عنه المصنّف في المختلف : ٣ / ٣٩٧ ، والتذكرة : ٦ / ٥٠.
(٤) المقنعة : ٣٤٥ ، والمبسوط : ١ / ٢٧١.
(٥) نقله عنه المصنّف في المختلف : ٣ / ٤٠٧ ، والتذكرة : ٦ / ٤٨.
(٦) المقنعة : ٣٤٧ ، والمبسوط : ١ / ٢٧٢.
(٧) لاحظ المختلف : ٣ / ٤٠٠ ، والتذكرة : ٦ / ٥٠.
(٨) لاحظ المبسوط : ١ / ٢٧٠ ؛ والخلاف : ٢ / ٢٢١ ، المسألة ٨٥ من كتاب الصوم.
(٩) لاحظ المبسوط : ١ / ٢٧٠ ؛ والخلاف : ٢ / ٢٢١ ، المسألة ٨٥ من كتاب الصوم.
(١٠) لاحظ المختلف : ٣ / ٤١٢ ، ونقله عنه الحلي في السرائر : ١ / ٣٨٧.
(١١) الكافي في الفقه : ١٨٣.
خاصّة بالمائع خاصّة (١٢).
١٦٥٢. العشرون : لو ارتدّ عن الإسلام أفطر إجماعا ، وعليه قضاؤه ، فإن تناول شيئا من المفطر ، وجبت الكفارة أيضا.
١٦٥٣. الحادي والعشرون : لو سافر ، أو حاضت المرأة ، أو نفست ، أفطروا ، وعليهم القضاء خاصّة.
١٦٥٤. الثاني والعشرون : يجب القضاء خاصّة في الصوم الواجب المتعيّن ، بعشرة أشياء :
من أفطر مع ظنّ بقاء الليل ، ولم يرصد الفجر مع القدرة ، ثمّ بان طالعا.
ومن أخلد إلى غيره في عدم الطلوع ، مع ترك المراعاة ، وكان قادرا عليها ، ثمّ فعل المفطر.
ومن أخبره غيره بطلوع الفجر ، فظنّ كذبه ، وفعل المفطر ، وكان طالعا ، سواء كان المخبر عدلا أو فاسقا ، أمّا لو أخبره عدلان بالطلوع ، فلم يمتنع ، فالوجه وجوب الكفارة.
ومن أخبر بدخول الليل ، فأخلد إليه وأفطر ، ثمّ بان كذبه مع القدرة على المراعاة.
ومن ظنّ دخول الليل لظلمة عرضت من غيم أو غيره ، فأفطر ، ثمّ تبيّن فساد ظنّه ، خلافا للشيخ (١٣) في بعض أقواله.
__________________
(١٢) الخلاف : ٢ / ٢١٣ ، المسألة ٧٣ من كتاب الصوم.
(١٣) لاحظ التهذيب : ٤ / ٢٧٠ في ذيل الحديث ٨١٥.
ومن تعمّد القيء ، ولو ذرعه لم يفطر.
ومن احتقن بالمائع.
ومن تمضمض للتبرّد دون الطهارة ، فدخل الماء إلى حلقه.
ومن عاود النوم ثانيا وهو مجنب ، مع نيّة الغسل ، حتّى طلع الفجر.
ومن نظر إلى من يحرم عليه نظرها بشهوة فأمنى ، ولو كانت محلّلة لم يجب قضاء.
ولا كفارة في هذه المواضع العشرة.
١٦٥٥. الثالث والعشرون : في مساواة الاستنشاق للمضمضة في ذلك نظر ، أقربه العدم.
١٦٥٦. الرابع والعشرون : روى الشحام عن الصادق عليهالسلام : «انّ الصائم إذا تمضمض لا يبلع ريقه حتّى يبزق ثلاث مرات»(١).
١٦٥٧. الخامس والعشرون : المشهور بين علمائنا عدم الفرق بين صلاة الفرض والنفل ، وفي رواية صحيحة السّند عن الصادق عليهالسلام وجوب القضاء بدخول ماء المضمضة للصلاة المندوبة دون الواجبة (٢).
١٦٥٨. السادس والعشرون : لو تمضمض متداويا ، أو طرح خرزا (٣) أو غيره في فيه ، لغرض صحيح ، فسبق إلى حلقه ، فلا قضاء ولا كفارة ، ولو كان عابثا قيل : وجب القضاء خاصّة ، وفيه نظر (٤).
__________________
(١) الوسائل : ٧ / ٦٤ ، الباب ٣١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ١.
(٢) الوسائل : ٧ / ٤٩ ، الباب ٢٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ١.
(٣) في لسان العرب : الخرز ـ بالتحريك ـ فصوص من حجارة ، واحدتها خرزة.
(٤) قال المصنّف في التذكرة : ٦ / ٧٩ : ولو كان للتبرّد أو العبث وجب عليه القضاء خاصة عند علمائنا.
١٦٥٩. السابع والعشرون : لو وصل إلى الجوف بغير الحلق شيء ، لم يفسد الصوم إلّا الحقنة بالمائع ، وما ينزل من الفضلات من رأسه إذا استرسل وتعدّى الحلق من غير قصد ، لم يفسد الصوم ، ولو تعمّد ابتلاعه فسد.
الفصل الثاني : في الأحكام
وفيه خمسة وعشرون بحثا :
١٦٦٠. الأوّل : إنّما تجب الكفارة في إفطار ما يتعيّن صومه ، كرمضان وقضائه بعد الزوال ، خلافا لابن أبي عقيل (١) ، والنذر المعيّن وشبهه ، وفي الاعتكاف الواجب.
وما عدا ذلك لا يجب فيه الكفارة ، سواء كان واجبا ، كالنذر المطلق ، وصوم الكفارة ، وقضاء غير رمضان ، وقضاء رمضان قبل الزوال ، أو مندوبا ، كالأيّام المستحبّ صومها ، والاعتكاف المندوب ، ويفسد الصوم في ذلك كلّه.
١٦٦١. الثاني : إنّما يفسد الصوم إذا وقع منه المفطر عمدا مختارا ، مع وجوب الصوم عليه ، فلو فعل المفطر ناسيا لم يفطر ، وكذا لو فعله نائما أو مكرها ، أمّا لو تعمّد وكان جاهلا بالتحريم ، لم يعذر.
__________________
(١) لاحظ المختلف : ٣ / ٤٥٣ ، والتذكرة : ٦ / ٦٠.
١٦٦٢. الثالث : كلّ موضع يجب فيه القضاء إمّا منفردا (١) أو منضمّا ، فإنّه يجب يوم مكان يوم ، لا غير.
١٦٦٣. الرابع : كفارة كلّ يوم من رمضان ، عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكينا مخيرا في ذلك سعة ، وقال ابن أبي عقيل : انّها على الترتيب (٢) ، وللسيّد المرتضى قولان (٣).
١٦٦٤. الخامس : الإطعام لكلّ مسكين مدّ ، لا فرق في ذلك بين الحنطة والشعير والتمر ، وقال الشيخ : لكلّ مسكين مدّان (٤).
١٦٦٥. السادس : روى الساباطي عن الصادق عليهالسلام :
«وقد سأله عن الصائم يصيبه عطش حتّى يخاف على نفسه ، قال : يشرب بقدر ما يمسك رمقه ، ولا يشرب حتّى يروي» (٥)
وهي جيّدة ، والأقرب عدم وجوب القضاء.
ولو شرب زيادة على ما يمسك ، به الرمق ، وجب القضاء والكفارة.
١٦٦٦. السابع : لو عجز عن الأصناف الثلاثة ، صام ثمانية عشر يوما ، فإن عجز ، تصدّق بما وجد ، أو صام ما استطاع ، فإن عجز ، استغفر الله ، وسقطت
__________________
(١) في «أ» : مفردا.
(٢) لاحظ المختلف : ٣ / ٤٣٨ ، والتذكرة : ٦ / ٥٢.
(٣) قول بالتخيير ذهب إليه في الانتصار : ٦٩ ، وقول بالترتيب نقله عنه المحقّق في المعتبر : ٢ / ٦٧٢ ، والمصنف في التذكرة : ٦ / ٥٢.
(٤) المبسوط : ١ / ٢٧١.
(٥) الوسائل : ٧ / ١٥٢ ، الباب ١٦ من أبواب من يصحّ منه الصوم ، الحديث ١.