تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

المقصد الرابع : في مستحق الزكاة

وفيه فصلان

[الفصل] الأوّل : في الأصناف

وهي ثمانية

[الصنف] الأوّل والثاني : الفقراء والمساكين

وفيه عشرة مباحث :

١٣٦١. الأوّل : لا تميز بين الفقير والمسكين مع الانفراد ، ومع الاجتماع لا بدّ من مائز ، والقدر المشترك بينهما هو عدم التمكّن من مئونة السنة.

واختلف في أيّهما أسوأ حالا ، فللشيخ قولان :

أحدهما : الفقير (١) ، لقوله عليه‌السلام :

«نعوذ بالله من الفقر» (٢).

وقال عليه‌السلام : «اللهم أحيني مسكينا ، وأمتني مسكينا ، واحشرني في

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ١ / ٢٤٦ ، والخلاف : ٤ / ٢٢٩ ، المسألة ١٠ من كتاب الصدقات.

(٢) سنن النسائي : ٨ / ٢٦١ ، والمستدرك للحاكم : ١ / ٥٤١.

٤٠١

زمرة المساكين» (١).

ولأنّ العرب تبدأ بالأهمّ ؛ ولأنّه مشتق من كسر الفقار ، فإنّه فعيل بمعنى مفعول أي مكسور فقارة الظهر ، وهو مهلك.

ولقوله تعالى : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) (٢).

والثاني : المسكين (٣) ، لقوله سبحانه : (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) (٤).

وهو المطروح على التراب ، لشدّة حاجته ، وللتّأكيد به.

ولقول الشاعر (٥) :

أمّا الفقير الذي كانت حلوبته

وفق العيال فلم يترك له سبد

ولنصّ أهل اللغة عليه ، وكذا نصّ أهل البيت عليهم‌السلام (٦).

ولا فائدة كثيرة في البحث عن ذلك بل الأصل عدم الغنى الشامل للمعنيين ، إن تحقّق استحق الزكاة إجماعا.

واختلف في الغنى المانع ، فللشيخ قولان : أحدهما من يملك نصابا تجب فيه الزكاة أو قيمته (٧) ، والثاني القدرة على كفايته وكفاية من يلزمه كفايته حولا كاملا (٨).

__________________

(١) سنن الترمذي : ٤ / ٥٧٧ ، برقم ٢٣٥٢.

(٢) الكهف : ٧٩.

(٣) النهاية : ١٨٤.

(٤) البلد : ١٦.

(٥) هو الراعي يمدح عبد الملك بن مروان ويشكو إليه سعاته. لاحظ الصحاح للجوهري : ٢ / ٢٨٢ ، ولسان العرب : ١٠ / ٢٩٩.

(٦) لاحظ الوسائل : ٤ / ١٤٤ ، الباب ١ من أبواب المستحقين للزكاة ، الحديث ٣.

(٧) الخلاف : ٢ / ١٤٦ ، المسألة ١٨٣ من كتاب الزكاة ؛ المبسوط : ١ / ٢٣٩.

(٨) الخلاف : ٤ / ٢٣٨ ، المسألة ٢٤ من كتاب الصدقات ؛ المبسوط : ١ / ٢٥٦. ولاحظ المختلف : ٣ / ٢١٤.

٤٠٢

١٣٦٢. الثاني : يجوز لصاحب الدار والخادم والفرس أخذ الزكاة مع حاجته واعتياده لذلك.

١٣٦٣. الثالث : لو كان له كفاية باكتساب أو صناعة لم يجز له أخذ الزكاة ، وكذا لو كان له أجرة عقار أو غيره مع الكفاية.

أمّا لو ملك نصابا زكويّا أو أكثر لا يتمّ به الكفاية ، جاز له أخذ الزكاة.

١٣٦٤. الرابع : لو أعدّ مالا للإنفاق وليس له كسب ولا صناعة ، اعتبرت الكفاية حولا ، فيعطى لا معها ولا ينتظر به إنفاق ما معه.

١٣٦٥. الخامس : لو كانت له دار غلّة يكفيه غلّتها ، لم يجز له أخذ الزكاة ، ولو لم تكفه جاز.

١٣٦٦. السادس : لو كان معه ما يمون نفسه وعياله بعض السنة ، جاز أن يتناولها من غير تقدير ، وقيل : لا يتجاوز التتمة ، وليس بمعتمد.

١٣٦٧. السابع : لو كان ذا كسب يكفيه ، حرم عليه أخذها ، ولو كان كسبه يمنعه عن التفقّه في الدين ، فالأقرب عندي جواز أخذها.

١٣٦٨. الثامن : لا يشترط في استحقاق الفقر الزمانة ، ولا التعفف عن السؤال.

١٣٦٩. التاسع : الزوجة الفقيرة إذا كان زوجها غنيّا ، فإن كان ينفق عليها ، حرمت عليها منه إجماعا ومن غيره ، ولو منعها النفقة ، جاز لها الأخذ من غيره.

١٣٧٠. العاشر : الولد المكتفي بنفقة أبيه ، أو الأب المكتفي بنفقة الابن ، لا يجوز لأحدهما أخذ الزكاة من صاحبه ، وفي الجواز من غيره إشكال ، ورواية عبد الرحمن الحجاج الصحيحة عن الكاظم عليه‌السلام تعطي تسويغه (١).

__________________

(١) الوسائل : ٦ / ١٦٣ ، الباب ١١ من أبواب المستحقين للزكاة ، الحديث ١.

٤٠٣

الصنف الثالث : العاملون على الزكاة

وهم جباة الصدقات

وفيه أربعة مباحث :

١٣٧١. الأوّل : إنّما يستحقّ العامل الصدقة إذا عمل ، ولو أخلّ لم يستحقّ.

١٣٧٢. الثاني : لو فرّقها الإمام لم يأخذ منها شيئا.

١٣٧٣. الثالث : إنّما يستحقّ العامل نصيبا من الزكاة ، لا عوضا وأجرة.

١٣٧٤. الرابع : يدخل في العاملين : الكاتب ، والقسام ، والحاسب ، والحافظ ، والعريف ، أمّا الإمام ونائبه والقاضي فلا.

الصنف الرابع : المؤلّفة قلوبهم

وفيه أربعة مباحث :

١٣٧٥. الأوّل : المؤلّفة وهم الذين يستمالون إلى الجهاد ، ويتألّفون بإسهامهم من الصدقة ، وهم قوم مشركون ، لهم نصيب من الزكاة لمعونة المسلمين في جهاد غيرهم من المشركين.

وهل هاهنا مؤلّفة غيرهم من المسلمين؟ قال الشيخ : لا يعرف اصحابنا مؤلّفة أهل الإسلام (١) ، وقال المفيد : المؤلّفة ضربان : مسلمون ومشركون (٢).

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٤٩.

(٢) حكى عنه المحقّق في المعتبر : ٢ / ٥٧٣ ، والمصنّف أيضا في التذكرة : ٥ / ٢٥١.

٤٠٤

واعلم أنّ المؤلّفة من المسلمين أربعة :

١٣٧٦. أحدها : أشراف مطاعون ، لهم نيّة حسنة في الإسلام ، ويعلم ثباتهم عليه ، لكن لهم نظراء من المشركين ، إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الإسلام.

١٣٧٧. الثاني : أشراف ، نيّتهم ضعيفة ، إذا أعطوا رجي حسن نيّتهم وثباتهم.

١٣٧٨. الثالث : مسلمون في طرف بلاد الإسلام ، لهم قوّة منع من يليهم من المشركين ، إن أعطوا قاتلوا عن المسلمين ، وإن منعوا لم يقاتلوا ، واحتاج الإمام في قتالهم إلى مئونة شديدة لتجهيز الجيوش.

١٣٧٩. الرابع : مسلمون في الأطراف ، بإزائهم قوم يؤدّون الصدقات خوفا منهم ، إن أعطاهم الإمام جبوها وإن منعهم لم يجبوها (١) واحتاج الإمام إلى مئونة في تحصيلها.

قال الشيخ : لا يمتنع أن نقول : إنّ للإمام أن يتألّف هؤلاء القوم ويعطيهم ، إن شاء من المؤلّفة ، وإن شاء من سهم المصالح ، لأنّ هذا من فرائض الإمام ، وفعله حجّة ، ولا يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم لسقوطه ، وفرضنا تجويز ذلك والشك فيه (٢) وقول الشيخ رحمه‌الله جيّد.

١٣٨٠. الثاني : قال الشيخ : سهم المؤلّفة ساقط الآن ، وليس بمنسوخ (٣).

١٣٨١. الثالث : لو احتيج إلى الجهاد حال غيبة الإمام ، فالوجه جواز صرف السهم إلى أربابه من المؤلفة.

__________________

(١) في «أ» : جمعوها وان منعهم لم يجمعوها.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٥٠.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٤٩.

٤٠٥

١٣٨٢. الرابع : إذا احتاج الإمام في قتال أهل البغي أو مانعي الزكاة إلى التأليف ، استعان بالمؤلّفة وصرف السهم إليهم.

الصنف الخامس : الرقاب

وفيه خمسة مباحث :

١٣٨٣. الأوّل : المراد بالرقاب المكاتبون والعبيد إذا كانوا في ضرّ وشدة ، يشترون ابتداء ويعتقون.

١٣٨٤. الثاني : لو وجبت عليه كفّارة عتق وهو فقير ، قال قوم من أصحابنا :

ويجوز أن يعطى من الزكاة ما يشتري به رقبة (١) ويعتقها في كفّارته من سهم الرقاب ، لأنّ القصد إعتاق الرقبة ، وقال الشيخ : الأحوط أن يعطى ثمن الرقبة من سهم الفقراء ، فيشتري هو ، ويعتق عن نفسه (٢) وقيل يعطى من سهم الغارمين (٣).

١٣٨٥. الثالث : لو لم يوجد مستحقّ ، جاز أن يشترى العبد من مال الزكاة ويعتق ، وإن لم يكن تحت شدّة.

١٣٨٦. الرابع : يجوز صرف السهم إلى السيّد بإذن المكاتب ، وإلى المكاتب بإذن السيّد وبغير إذنه.

١٣٨٧. الخامس : لا يعطى المكاتب من سهم الرقاب إلّا إذا فقد ما يؤدّيه في كتابته ، وهل يعطى قبل حلول النجم؟ فيه إشكال ، أقربه الجواز.

__________________

(١) في «أ» : ما يشتري به من الرقبة.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٥٠.

(٣) القائل هو المحقّق في المعتبر : ٢ / ٥٧٤.

٤٠٦

الصنف السادس : الغارمون

وهم المدينون في غير معصية وفيه سبعة مباحث :

١٣٨٨. الأوّل : لو أنفق الغارم ما استدانه في معصية ، لم يقض عنه من الزكاة ، سواء تاب أو لم يتب ، نعم لو تاب وكان فقيرا جاز أن يعطى من سهم الفقراء ، ويقضي هو.

١٣٨٩. الثاني : لو لم يعلم في ما ذا أنفقه ، قال الشيخ : لا يقضى عنه (١) ، والوجه عندي القضاء.

١٣٩٠. الثالث : لو قضى الغارم دينه من ماله أو من غيره ، لم يجز له أخذ عوضه من الزكاة ، إلّا أن يكون قضاه من دين آخر.

١٣٩١. الرابع : لو استغرق السهم الدين جاز للإمام أن يدفعه إلى الغرماء ، وأن يدفعه إلى الغارم ليقضي هو ، ولو قصر السهم عن الدين فطلب أخذه ليتّجر فيه ، ويستفضل ما يحصل به تمام الدين ، فالوجه الجواز.

١٣٩٢. الخامس : الغارم ضربان :

أحدهما : تحمّل مالا لإطفاء فتنة ، بأن يتلف مال رجل ويجهل متلفه ، وكاد يقع بسببه فتنة ، فتحمّل رجل قيمته لإسكان النائرة ، وسواء كان التحمّل لإطفاء الفتنة النائرة بالقتل أو بتلف المال.

__________________

(١) النهاية : ٣٠٦ ـ كتاب الديون ـ.

٤٠٧

والثاني : من استدان لمنفعة نفسه إمّا للإنفاق في الطاعة أو المباح ، والقسمان يعطيان من سهم الغارمين.

١٣٩٣. السادس : لو ضمن دينا ، وكان هو والمضمون عنه موسرين ، لم يؤدّه من سهم الغارم ، وإن كانا معسرين ، جاز.

ولو كان المضمون عنه مؤسرا دون الضامن ، احتمل أن لا يصرف إليه ، لعود النفع إلى المضمون عنه.

ولو كان الضامن مؤسرا دون المضمون عنه ، فالأقرب صرفه إلى الأصيل ، لإمكانه ولا يصرف إلى الضامن لإيساره مع إمكان الصرف إلى الأصيل.

١٣٩٤. السابع : يجوز القضاء عن الحيّ وإن كان ممّن يجب نفقته مع العجز. ويجوز أن يقاصّ بما عليه ، وكذا يقضى عن الميت ويقاصّ ، وإن كان ممّن يجب نفقته أيضا. والظاهر أنّ جواز المقاصّة انّما هو مع قصور التركة.

الصنف السابع : سبيل الله

وللشيخ قولان في تفسيره :

أحدهما : الجهاد خاصّة (١).

والثاني : جميع سبل الخير ومصالح المسلمين ، كمعونة الزائرين ، والحاجّ ، وقضاء الدين عن الحيّ والميّت ، وبناء القناطر والمساجد ، وأشباه ذلك (٢).

__________________

(١) النهاية : ١٨٤.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٥٢ ، والخلاف : ٤ / ٢٣٦ ، المسألة ٢١ من كتاب الصدقات.

٤٠٨

والثاني أقوى.

والغزاة قسمان :

المطوّعة الّذين ليسوا بمرابطين ، ولا أسهم لهم في الديوان ، وليسوا من الجند الذين لهم نصيب من الفي‌ء ، وإنّما يغزون إذا نشطوا.

والثاني الّذين لهم سهم من الفي‌ء ، وهم جند الديوان الّذين هم يرسم (١) الجهاد.

والأوّلون يأخذون النصيب إجماعا ، وتردّد الشيخ في الثاني (٢) والوجه عندي جواز إعطائهم ، ولو أراد كلّ من الصنفين الانتقال إلى صاحبه ، جاز.

الصنف الثامن : ابن السبيل

وفي تفسيره قولان :

احدهما للشيخ انّه المجتاز بغير بلده المنقطع به ، وإن كان غنيّا في بلده (٣) ويدخل الضيف فيه.

والثاني لابن الجنيد انّه المجتاز والمنشئ للسفر (٤) والأقرب عندي الأوّل ، فيعطى الثاني من سهم الفقراء مع فقره لا من سهم ابن السبيل.

__________________

(١) هكذا في النسختين ولعلّ الأصح «يرسمون» ، وفي الحديث : فاذا الناس يرسمون نحوه أي يذهبون إليه سراعا. لاحظ مجمع البحرين.

(٢) و (٣) المبسوط : ١ / ٢٥٢.

(٤) حكى عنه المحقّق في المعتبر : ٢ / ٥٧٨.

٤٠٩

إذا عرفت هذا فانّ ابن السبيل يعطى ما يكفيه لذهابه وعوده إن قصد غير بلده ، وما يكفيه لوصوله إلى بلده إن قصده ، ويعطى في سفر الطاعة والمباح لا المعصية.

الفصل الثاني : في الأوصاف

وهي ثلاثة : الإيمان ، وأن لا يكون ممّن تجب نفقته ، ولا هاشميّا من غيره

وهاهنا واحد وأربعون بحثا :

١٣٩٥. الأوّل : لا يجوز صرف الزكاة إلى الكافر غير المؤلّفة ، ولا إلى غير المؤمن من سائر أصناف المسلمين ، فلو خالف لم يجز ، سواء كان عمدا أو جهلا.

١٣٩٦. الثاني : لو لم يوجد المؤمن ، فالأصحّ منع غيره منها ، وينتظر الوجدان ، سواء كان غير المؤمن مستضعفا أو لا.

١٣٩٧. الثالث : حكم زكاة الفطرة حكم زكاة المال ، وجوّز بعض علمائنا دفعها إلى المستضعف مع عدم المستحق (١) والحق خلافه.

١٣٩٨. الرابع : يجوز أن يعطى زكاة المال والفطرة أطفال المؤمنين ، وإن كان

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ١ / ٢٤٢ : ولا يجوز إعطاؤها لمن لا معرفة له إلّا عند التقية أو عدم مستحقّيه.

٤١٠

آباؤهم فسّاقا ، ولا يجوز إعطاء أولاد المشركين ولا أولاد المخالفين للحقّ.

١٣٩٩. الخامس : اختار الشيخ ) والسيّد المرتضى رحمهما‌الله (٢) اشتراط العدالة في المستحقّ ، ومنعه آخرون (٣) وهو الأقوى ، وقال آخرون : يشترط مجانبة الكبائر ، فعلى قولنا يجوز إعطاء الفاسق إذا كان مؤمنا.

١٤٠٠. السادس : الإجماع على منع إعطاء من تجب نفقته على الدافع ، وهم الأبوان وإن علوا ، والأولاد وإن نزلوا ، والزوجة والمملوك ، من الزكاة الواجبة.

ويجوز للزوجة أن تعطي زوجها من زكاتها ، وهل له أن يعطي من تجب نفقته ما يزيد على النفقة الواجبة؟ فيه إشكال.

١٤٠١. السابع : من عدا من ذكرنا من الأقارب ، كالأخ والعمّ والخال ، لا يمنع من الزكاة مع الشرائط ، بل هو أولى من الأجنبيّ ، سواء كان وارثا أو لم يكن.

١٤٠٢. الثامن : لو كان في عائلته من لا تجب نفقته ، كيتيم أجنبيّ ، جاز دفع الزكاة إليه ، والإنفاق عليه من الزكاة.

١٤٠٣. التاسع : أجمع العلماء كافّة على تحريم الزكاة على بني هاشم من غيرهم ، وهم الآن أربعة : أولاد أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب.

وهل تحرم (٤) لبني المطّلب؟ أفتى به المفيد في الغرية (٥) والحقّ عندي خلافه.

__________________

(١) الخلاف : ٤ / ٢٢٤ ، المسألة ٣ من كتاب الصدقات ؛ المبسوط : ١ / ٢٥١ ؛ والنهاية : ١٨٥.

(٢) الانتصار : ٢١٨.

(٣) منهم ابن الجنيد ، لاحظ المختلف : ٣ / ٢٠٧.

(٤) في «أ» : «وهل يحلّ» والصحيح ما في المتن.

(٥) لاحظ المختلف : ٣ / ٢١٢ ، والمعتبر : ٢ / ٥٨٥.

٤١١

١٤٠٤. العاشر : يجوز لموالي بني هاشم ـ وهم من اعتقوه ـ أخذ الزكاة المفروضة ، ولا تحرم على زوجات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

١٤٠٥. الحادي عشر : يجوز للهاشميّ أن يتناول الزكاة من مثله من الهاشميين ، وأخذ المندوبة من غيرهم.

١٤٠٦. الثاني عشر : لو كان الهاشميّ فقيرا قد منع من الخمس ، جاز له تناول الزكاة ، وهل يتقدّر بقدر الحاجة أو يجوز له الزيادة؟ الأقرب الأوّل.

١٤٠٧. الثالث عشر : لو ادّعى شخص الفقر ، فإن عرف كذبه ، منع ، وإن عرف صدقه أعطي ، وإن جهل قبلت دعواه ، ولا يكلّف بيّنة ولا يمينا.

ولو عرف له مال وادّعى تلفه ، قال الشيخ : يكلّف البيّنة (١) وعندي فيه نظر ، ولو ادّعى العجز عن الاكتساب ، قبل قوله من غير يمين ، وإن كان شابا سليما.

١٤٠٨. الرابع عشر : لو ادّعى العبد الكتابة ، ولم يعلم صدقه ، فإن صدّقه السيّد ، قبل قوله ، وإن كذّبه افتقر إلى البيّنة.

١٤٠٩. الخامس عشر : لو ادّعى الغرم ، فإن كان لمصلحة ذات البين ، فأمره مشهور ، وإن كان لمصلحة نفسه ، ولم يعلم صدقه ، فإن صدّقه المدين ، أو انتفى تكذيبه ، فالوجه القبول من غير يمين ، وإن كذّبه لم يعط شيئا.

١٤١٠. السادس عشر : لو ادّعى ابن السبيل الحاجة ، قبل قوله من غير يمين ، وكذا لو ادّعى تلف ماله ، والشيخ كلّفه في الثاني اليمين (٢).

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٤٧ و ٢٥٣.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٥٤.

٤١٢

١٤١١. السابع عشر : لا يعطى الزكاة المملوك وإن كان طفلا ، لأنّه يكون إعطاء للمالك.

١٤١٢. الثامن عشر : يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين ، فيتولّى الأخذ وليّهم ، سواء كان رضيعا أولا ، أكل الطعام أو لا ، وكذا يجوز الدفع إلى وليّ المجنون.

١٤١٣. التاسع عشر : المخالف إذا أخرج زكاته إلى أهل نحلته ، ثمّ استبصر ، أعاد.

١٤١٤. العشرون : لو دفع الإمام أو الساعي إلى من يظنّه فقيرا فبان غنيّا ، لم يضمن الدافع ، ولا المالك ، وللإمام والنائب الاستعادة من المدفوع إليه مع ظهور غناه ، شرط ذلك حال الدفع أو لا ، أعلم أنّها زكاة أو لا ، ومع فقده ، يستعيد المثل أو القيمة ، ومع التعذر ، يذهب من المساكين.

ولو كان الدافع هو المالك ، فالأقرب عدم الضمان مع الاجتهاد ، وثبوته ، لا معه ، فإن وجد العين ، استعادها ، وإلّا المثل أو القيمة إن شرط وقت الدفع أنّها زكاة واجبة ، ولو لم يشرط فلا رجوع.

١٤١٥. الحادي والعشرون : لو بان أنّ المدفوع إليه عبد المالك ، فالوجه عدم الإجزاء مطلقا.

١٤١٦. الثاني والعشرون : لو دفع إلى من ظاهره الإسلام أو الحريّة ، فبان الخلاف ، أو بان هاشميّا ، أو من تجب نفقته عليه ، لم يضمن ، كما تقدّم.

١٤١٧. الثالث والعشرون : الفقراء والمساكين والعاملون والمؤلّفة يعطون عطاء مطلقا لا يراعى ما يفعلون بالصدقة.

٤١٣

أمّا الرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن السبيل ، فانّهم يعطون مراعى ، فإن صرف المكاتب ما أخذه في الكتابة ، وإلّا استعيد إن دفع إليه ليصرفه فيها ، ولو لم يف بما عليه واسترقه سيّده ، قال الشيخ رحمه‌الله : لا يرتجع (١).

والغارم إن صرف سهمه في الدين ، وإلّا فالوجه ارتجاعه ، خلافا للشيخ رحمه‌الله (٢).

والغازي إن صرف سهمه في الغزو ، وإلّا استعيد ، ولو فضل منه فضل (٣) بعد الغزو لم يستعد.

وابن السبيل إن دفع صرف سهمه في مئونة سفره ، وإلّا استعيد ، خلافا للشيخ (٤) ولو فضل معه شي‌ء في بلده من الصدقة استعيد.

١٤١٨. الرابع والعشرون : الغازي ، والعاملون عليها ، والغارم لمصلحة ذات البين ، يأخذون مع الغنى والفقر

والباقي انّما يأخذون مع الفقر لا غير ، وابن السبيل يأخذ وان كان غنيّا في بلده لفقره في بلد الأخذ (٥).

١٤١٩. الخامس والعشرون : من تجب نفقته ، لو كان غازيا ، أو عاملا ، أو مكاتبا ، جاز أن يدفع إليه من سهم من اتّصف بصفته ، ولو كان ابن سبيل ، دفع إليه ما يحتاج إليه لسفره ممّا يزيد عن النفقة الأصلية ، كالحمولة ومئونة الطريق.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٥٤ ؛ والخلاف : ٤ / ٢٣٥ ، المسألة ١٨ من كتاب الصدقات.

(٢) الخلاف : ٤ / ٢٣٥ ، المسألة ١٨ من كتاب الصدقات.

(٣) في «أ» : فضلة. في لسان العرب : الفضل والفضلة : البقية من الشي‌ء.

(٤) الخلاف : ٤ / ٢٣٥ ، المسألة ١٨ من كتاب الصدقات.

(٥) في «ب» : في بلد الآخر.

٤١٤

ولو كان مملوكه مكاتبا ، جاز أن يدفع إليه مولاه من زكاته ، ما يعينه على فكّ رقبته ، ومنع منه ابن جنيد (١).

١٤٢٠. السادس والعشرون : لو سافرت زوجته ، كان الزائد عن نفقة الحضر محتسبا من سهم ابن السبيل ، ولو كان بغير إذنه ، كانت عاصية فلا تعطى شيئا.

ولو كانت مكاتبة جاز لزوجها دفع ما يعينها على فك رقبتها ، وكذا لو كانت غارمة.

١٤٢١. السابع والعشرون : يجوز أن يخصّ بالزكاة كلّها شخص من صنف واحد ، والأفضل صرفها إلى الأصناف بأسرهم.

ويجوز تفضيل بعضهم على بعض ، وأن يعطى الفقير ما يغنيه وما يزيد عليه دفعة ، فلو دفع إليه ما يغنيه حرم الزائد.

١٤٢٢. الثامن والعشرون : الغارم يعطى قدر الدّين خاصّة ، قلّ أو كثر ، وكذا المكاتب وابن السبيل ، والغازي يعطى ما يكفيه لغزوه.

والعامل يعطى سهمه أو أجرته ، ولو عيّن له الإمام أجرة ، وقصر السهم تمّمه الإمام من بيت المال أو من سهم غيره ، ولو زاد نصيبه عن أجرته ردّ الزائد على باقي السّهمان.

١٤٢٣. التاسع والعشرون : في تحريم نقل الصدقة من بلدها مع وجود المستحقّ قولان (٢) أقربهما الكراهيّة ، ولو نقلها ضمن ، أمّا لو لم يوجد المستحقّ

__________________

(١) حكى عنه المحقّق في المعتبر : ٢ / ٥٨٢.

(٢) لاحظ المختلف : ٣ / ٣١٢.

٤١٥

في بلدها فإنّ النقل سائغ مع ظنّ السلامة إجماعا ، ولا ضمان مع عدم التفريط.

١٤٢٤. الثلاثون : لو كان المالك في غير بلد المال ، استحبّ إخراجها في بلد المال ، ولو كان بعضه عنده استحبّ أن يخرج عن كلّ مال في بلده.

١٤٢٥. الواحد والثلاثون : لو فقد المستحقّ استحبّ له عزلها والإيصاء بها ، ولو أدركته الوفاة وجبت الوصيّة بها.

١٤٢٦. الثاني والثلاثون : لو اتّصف المستحقّ بصفات مختلفة ، جاز أن يأخذ بكلّ وصف قسطا.

١٤٢٧. الثالث والثلاثون : أقلّ ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأوّل وهو خمسة دراهم أو نصف دينار، قاله الشيخان (١) وابنا بابويه (٢) وهو الأشهر في الروايات (٣).

وقال ابن الجنيد (٤) وسلّار (٥) ما يجب في النصاب الثاني وهو درهم أو قيراطان ، ولم يقدّره المرتضى (٦) ولا حدّ لأكثر ما يعطى.

١٤٢٨. الرابع والثلاثون : يستحبّ أن يعطى زكاة الأثمان والغلّات أهل الفقر المعروفين بأخذ الزكوات ، وزكاة النعم أهل التجمّل.

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٢٤٣ ؛ والشيخ في النهاية : ١٨٩.

(٢) الفقيه : ٢ / ١٠ في ذيل الحديث ٢٧.

(٣) لاحظ الوسائل : ٦ / ١٧٧ ، الباب ٢٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) حكى عنه المحقّق في المعتبر : ٢ / ٥٩٠.

(٥) المراسم : ١٣٣.

(٦) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة) : ٧٩.

٤١٦

١٤٢٩. الخامس والثلاثون : لو كان الفقير يترفّع عن الزكاة ، جاز إعطاؤه ، ولا يشعر بأنّها زكاة.

١٤٣٠. السادس والثلاثون : يكره للفقير مع الحاجة الامتناع من قبولها.

١٤٣١. السابع والثلاثون : من أعطي شيئا ليفرّقه في قبيل وكان منهم ، فإن كان المالك قد عيّن لم يتعدّ تعيينه ، وإن لم يعيّن جاز أن يأخذ مثل غيره لا أزيد.

١٤٣٢. الثامن والثلاثون : أهل السّهمان إنّما يستحقّون عند القسمة إذا أخذوا نصيبهم ، فإذا مات فقير قبل الأخذ ، لم ينتقل إلى وارثه شي‌ء.

١٤٣٣. التاسع والثلاثون : يكره للرجل شراء صدقته واستيهابها ، وبالجملة يملكها اختيارا ، وليس بمحرّم ، ولا بأس بعودها إليه بميراث وشبهه من غير كراهية ، وكذا لو احتاج إلى شرائها ، زالت الكراهية.

١٤٣٤. الأربعون : العبد المبتاع من مال الزكاة إذا مات ولا وارث له ، ورثه أرباب الزكاة ، والرواية (١) به وان كانت ضعيفة (٢) إلّا أنّ محقّقي علمائنا عملوا بها.

١٤٣٥. الواحد والأربعون : لو ادّعى المالك الإخراج ، قبل قوله من غير بيّنة ولا يمين ، وكذا لو قال : هي وديعة ، أو لم يحل الحول.

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ٦ / ٢٠٣ ، الباب ٤٣ من أبواب المستحقين للزكاة ، الحديث ٢ و ٣.

(٢) قال المصنّف في التذكرة : ٥ / ٣٥١ : والرواية ضعيفة السند ، لأنّ في طريقها ابن فضال وابن بكير ، وهما فطحيان.

٤١٧
٤١٨

المقصد الخامس : في زكاة الفطرة

وفيه فصول

الفصل الأوّل : في من تجب عليه

وفيه واحد وثلاثون بحثا :

١٤٣٦. الأوّل : زكاة الفطرة واجبة بشرط الحريّة والتكليف والغنى ، فلا تجب على المملوك ، بل تجب على السيّد ابتداء.

وحكم أمّ الولد ، والمدبّر ، والمكاتب المشروط ، حكم القنّ ، أمّا المطلق فإن لم يؤدّ شيئا فالفطرة على المولى ، وكذا إن أدّى وعاله مولاه ، وإن أنفق من كسبه وجب عليه وعلى السيد بالحصص ، إن ملك بالحريّة ما يجب معه الزكاة.

١٤٣٧. الثاني : لا زكاة على الصبيّ والمجنون.

ولا يجب على الوليّ الإخراج عنهما إجماعا ، وكذا لا تجب على من أهلّ شوال وهو مغمى عليه.

١٤٣٨. الثالث : الفقير لا زكاة عليه ، وهو من يحلّ له أخذ زكاة المال ، وقال ابن الجنيد : يجب على من فضل عنده من مئونته ومئونة عياله صاع (١) وليس بمعتمد.

__________________

(١) حكى عنه المحقّق في المعتبر : ٢ / ٥٩٣.

٤١٩

١٤٣٩. الرابع : إنّما تجب على الغنيّ ، وهو من ملك قوت سنته له ولعياله ، أو يكون ذا كسب ، أو صنعة يقوم بأوده وأود عياله وزيادة مقدار الزكاة ، وللشيخ هنا قول آخر (١).

١٤٤٠. الخامس : النيّة معتبرة في إخراجها ، فالكافر تجب عليه ولا يصحّ منه أداؤها ، وتسقط بالإسلام بعد الهلال لا قبله.

ولو أسلم عبد الكافر قبل الهلال ولم يبع ، لم يكلّف مولاه الإخراج عنه.

١٤٤١. السادس : الفطرة تجب على أهل البادية ، كما تجب على أهل الحضر.

١٤٤٢. السابع : يجب أن يخرج الفطرة عن نفسه وعن جميع من يعوله ، سواء كان للعائل ولاية أو لا ، وسواء كان المعول مسلما أو كافرا ، حرّا أو عبدا ، قريبا أو بعيدا ، غنيّا أو فقيرا ، وسواء وجبت العيلولة أو تبرع بها.

ويجب عليه الإخراج عن زوجته وعبده إن لم يعلهما غيره ، ولو عالهما غيره ، وجبت على العائل.

١٤٤٣. الثامن : يجب على الزوج إخراج الفطرة عن زوجته وإن كانت غنيّة ، ولا يجب عليها ، وكذا كل من وجبت زكاته على غيره يسقط عنه ، وإن كان لو انفرد وجبت عليه كالضّيف الغنيّ والمرأة الموسرة.

ولو نشزت سقطت مئونتها ولم تجب عليه فطرتها ، وابن ادريس أخطأ هنا ، حيث أوجبها عليه وادّعى الإجماع (٢) وهو غريب.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٤٠.

(٢) السرائر : ١ / ٤٦٦.

٤٢٠