تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

فلم يقطعها حتّى بدا صلاحها ، فإن طالب البائع بالقطع أو المشتري أو اتّفقا جاز.

وهل تسقط الزكاة عن المشتري؟ قال الشيخ : نعم (١) وعندي فيه إشكال.

ولو اتّفقا على التبقية ، أو بقيت (٢) برضا المالك ، فانّ الزكاة تجب على المشتري قولا واحدا.

١٢٨٣. السابع والعشرون : الحنطة والشعير هنا جنسان إجماعا ، لا تضمّ أحدهما إلى الآخر ، وإن اتّحدا في باب الربا على الأقوى ، خلافا لابن إدريس (٣).

الفصل السابع : في الأحكام

وفيه أحد عشر بحثا :

١٢٨٤. الأوّل : لو ثلم النصاب قبل الحول سقطت ، وإن فعله فرارا ، وكذا لو بادل جنسا بجنس مماثل أو مخالف ، ويستأنف في البدل الحول من حين الانتقال.

ولو وجد به عيبا قبل الحول ردّه ، واسترجع النصاب ، واستأنف الحول من حين الرجوع ، وإن كان بعد الحول وقبل الأداء ، بطل الردّ إلّا أن يؤدّي (٤) الزكاة من غير العين على إشكال ، وإن كان بعد الأداء من العين فكذلك وإن كان من غير العين جاز الرد.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢١٩.

(٢) في «ب» : ولو اتفقا على التبقية جاز أو بقيت.

(٣) السرائر : ٢ / ٢٥٤.

(٤) في «أ» : بطل الرد إلى أن يؤدّي.

٣٨١

ولو كانت المبادلة فاسدة لم يزل ملك واحد منهما ، فإذا تمّ الحول وجبت الزكاة على إشكال.

١٢٨٥. الثاني : لو باع النصاب بعد الحول قبل الأداء ، صحّ في نصيبه ، ووقف نصيب الفقراء ، فإن أدّى الزكاة من غيره صحّ الجميع ، وإلّا بطل نصيب الفقراء فيتخيّر المشتري حينئذ.

ولو عزل نصيبهم وباع الباقي ، صحّ ، ولو وهبه بعد الحول صحّ في نصيبه ، ووقف نصيب الفقراء ، فإن أدّى المالك من غيره ، صحّ ، وإلّا فلا.

١٢٨٦. الثالث : لا تسقط الزكاة بموت المالك إذا وجبت عليه ، سواء أوصى بها أو لم يوص ، ويخرج من صلب المال.

١٢٨٧. الرابع : لو تلف المال من غير تفريط سقطت الزكاة ، وإن كان بتفريط أو بعد إمكان الأداء ، وجبت.

١٢٨٨. الخامس : يجوز إخراج القيمة في الأنعام وغيرها ، ومنع المفيد في الأنعام (١) بعيد.

ويجوز إخراج مهما شاء قيمة ، والقيمة تخرج على أنّها قيمة لا أصل (٢) ، والأقرب جواز إخراج المنافع (٣).

١٢٨٩. السادس : لا اعتبار بالخلطة ) في الزكاة ، بل يخرج كلّ من المالكين ما

__________________

(١) المقنعة : ٢٥٣.

(٢) كذا في «ب» : ولكن في «أ» : «على انّها قيمة الأصل» والصحيح ما في المتن.

(٣) قال المصنّف في المنتهى : هل يجوز اخراج المنافع كسكنى الدار؟ والأقرب عندي الجواز ، خلافا للجمهور ، لنا انّه حقّ ماليّ فجاز إخراجه قيمة كالأعيان. منتهى المطلب : ١ / ٥٠٤ (ط القديم).

(٤) في «ب» : بالخليط.

٣٨٢

يخصّه من ماله إن بلغ النصاب ، وإلّا فلا شي‌ء ولو بلغ المجموع النصاب أو أكثر ، سواء كانت خلطة أعيان ، أو أوصاف ، كما لو اشتركا في المسرح ، والمرعى ، والمحلب ، والمشرب ، والفحل ، والراعي.

وكذا لا أثر للخلطة في نقصان الفريضة ، فلو كان لثلاثة مائة وعشرون وجب على كلّ واحد شاة ، ولا فرق في سقوط اعتبار الخلطة بين الماشية وغيرها.

١٢٩٠. السابع : لو كان النصاب لواحد ، وجبت الزكاة عليه ، وإن كان متفرّقا في أماكن مختلفة ، كما لو كان له أربعون شاة متفرّقة في البلاد ، سواء تباعدت البلدان أو تقاربت ، ولو كان له ثمانون في بلدين وجبت شاة واحدة.

١٢٩١. الثامن : الزكاة تجب في العين لا في الذمة ، سواء كان المال حيوانا أو أثمانا أو غلّات ، فلو كان له نصاب واحد حال عليه حولان ، ولم يؤدّ ، وجبت عليه فريضة واحدة ، ولو أدّى من غير العين وجب عليه الإخراج ثانيا.

١٢٩٢. التاسع : لا يضمّ جنس إلى غيره ، فلو كان عنده أربع من الإبل ، وعشرون من البقر ، وثلاثون من الغنم ، لم يجب عليه شي‌ء ، وكذا باقي الأصناف.

١٢٩٣. العاشر : الدين لا يمنع الزكاة وإن استوعب ، سواء في ذلك الأموال الظاهرة والباطنة ، ولا فرق بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميّين.

١٢٩٤. الحادي عشر : لو حال الحول على النصاب ، فتصدّق به أجمع ، صحّ ، ثم إن نوى الزكاة أجزأه ، وإلّا ضمن حصّة الفقراء.

٣٨٣

الفصل الثامن : فيما يستحبّ فيه الزكاة

وفيه مطلبان

[المطلب] الأوّل : في مال التجارة

وفيه ثلاثة وعشرون بحثا :

١٢٩٥. الأوّل : يستحبّ الزكاة في مال التجارة على أقوى القولين ، وهو المال المنتقل بعقد معاوضة ، يقصد به الاكتساب عند التملّك ، ولا يكفي النيّة من دون الشراء ، ولو انتقل بهبة أو ميراث أو نوى القنية فلا زكاة.

١٢٩٦. الثاني : شرط ثبوت الزكاة فيها ـ استحبابا عندنا ، ووجوبا عند بعض علمائنا ) ـ الحول ، وبلوغ القيمة النصاب ، ونيّة الاكتساب بها عند التملّك ، وأن يكون الاكتساب بفعله ، كالابتياع ، والاكتسابات المحلّلة ، لا بما يملكه بميراث وإن نواه للتجارة.

والأقرب اشتراط كون التملّك بعوض لا بالهبة والاحتطاب والاحتشاش والنكاح والخلع وقبول الوصيّة.

ويشترط وجود رأس المال طول الحول ، فلو كان عنده متاع قيمته نصاب ،

__________________

(١) يظهر القول بالوجوب من الصدوق في الفقيه : ٢ / ١١ ، والمقنع : ١٦٨ ؛ ونقل المصنّف عن الصدوق ووالده الوجوب ، لاحظ المختلف : ٣ / ١٩٢.

٣٨٤

فزاد في أثناء الحول ، لم يبن حول الزيادة على الأصل ، بل يثبت زكاة رأس المال عند تمام حول الأصل ، وزكاة الزيادة عند تمام حولها إن بلغت نصابا ، سواء نضّ المال في أثناء الحول أو لم ينضّ.

١٢٩٧. الثالث : قال الشيخ : لو اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو دنانير لم ينقطع حول الدراهم ، بل يبنى حول العرض على حول الأصل ، ولو اشترى بنصاب من غير الأثمان ، كخمسة من الإبل ، استأنف الحول ، ولو كان معه سلعة ستّة أشهر ثمّ باعها بنى على حول الأصل (١).

١٢٩٨. الرابع : لو اشترى سلعة للتجارة بسلعة للقنية ، جرت في الحول من حين انتقالها إليه.

١٢٩٩. الخامس : عروض التجارة يبنى حول بعضها على بعض ، فلو كان في يده عرض للتجارة ثبت فيه الزكاة إذا أقام في يده ستّة أشهر ، ثمّ اشترى به عرضا آخر للتجارة ، وأقام ستّة أخرى تثبت الزكاة ، بخلاف الزكاة الواجبة لو بادل أحد النصب بغيره ، وكذا لو نضّ المال ، بنى على حول العرض.

١٣٠٠. السادس : تثبت زكاة التجارة في كلّ حول مع الشرائط.

١٣٠١. السابع : لو اشترى سلعا في أوقات متعاقبة ، فإن كانت قيمة كلّ واحدة نصابا ، زكّى كلّ سلعة عند تمام حولها ، وإن بلغ المجموع النصاب ، زكّاه عند حولان الحول عليه أجمع.

ولو كان الأوّل نصابا دون الباقي ، فكلّما حال عليه الحول ، ضم إلى الأوّل ، وزكّاه كالمال الواحد.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٢١.

٣٨٥

١٣٠٢. الثامن : لو ملك دون النصاب وحال عليه الحول ، لم تثبت الزكاة.

ويشترط وجود النصاب في جميع الحول. فلو كان دون النصاب ، ثمّ كمله بزيادة القيمة السوقيّة ، أو بنمائه ، أو بانضمام عرض آخر للتجارة في ملكه ، اعتبر الحول عند الكمال.

ولو نقص في أثنائه ثم كمل ، اعتبر الحول من حين الكمال.

١٣٠٣. التاسع : لو اشترى شقصا بعشرين ، فحال الحول وهو يساوي مائة ، وحال الحول على الزيادة ، تثبت زكاة مائة ، ويأخذ الشفيع بالعشرين ، ولو اشترى سلعة فحال الحول ، ثمّ وجد بها عيبا فردّها به تثبت الزكاة.

١٣٠٤. العاشر : لو باع السلعة في أثناء الحول استأنف حول الثمن.

١٣٠٥. الحادي عشر : تقوّم السلعة بعد الحول بالثمن الذي اشتريت به ، سواء كان نصابا أو أقلّ ، ولا تقوّم بنقد البلد ، ولو بلغت السلعة نصابا بأحد النقدين دون الآخر تثبت الزكاة.

١٣٠٦. الثاني عشر : القدر المخرج هو ربع عشر القيمة من النقد الّذي كان رأس المال.

١٣٠٧. الثالث عشر : لو نوى القنية وقت الشراء ، لم تثبت الزكاة ، ولو نوى التجارة بعد ذلك أو ورث مالا ، أو استوهب وقصد أنّه للتجارة ، لم يصر للتجارة بمجرّد النيّة.

١٣٠٨. الرابع عشر : لو نقص رأس المال في أثناء الحول ولو حبّة ، سقطت الزكاة وإن كان ثمنه أضعاف النصاب.

٣٨٦

ولو بلغ رأس المال استأنف الحول حينئذ ، ولو نقص بعد الحول وإمكان الأداء ، لم تسقط الزكاة في الناقص ، ولو كان قبل إمكان الأداء ، سقطت فيه خاصّة.

١٣٠٩. الخامس عشر : زكاة التجارة تتعلّق بالقيمة ، فيجوز بيع العروض قبل الأداء.

١٣١٠. السادس عشر : زكاة التجارة لا تمنع زكاة الفطرة ، فلو اشترى دقيقا للتجارة ، تثبت زكاتها ، ووجب على المالك زكاة الفطر عنه.

١٣١١. السابع عشر : لا تجتمع زكاة العين والتجارة في مال واحد ، فلو ملك أربعين سائمة للتجارة ، وقيمتها نصاب ، وحال الحول ، سقطت زكاة التجارة ، وتثبت زكاة العين.

١٣١٢. الثامن عشر : لو اشترى أرضا للتجارة فزرعها ، أو نخلا لها ، فأثمر ، ثمّ وجبت زكاة العين في الزرع والثمرة ، لم تسقط زكاة التجارة في الأرض والنخل ، وللشيخ رحمه‌الله (١) هنا قول ضعيف عندي.

١٣١٣. التاسع عشر : لو كان معه مائتا درهم ، فاشترى بمائة وخمسين عرضا ، فإن لم ينقص قيمته كمال الحول ضمّ إلى الخمسين ، وتثبت الزكاة.

ولو كان معه أربعون سائمة ، فعارضها (٢) بأربعين سائمة ، وكلاهما للتجارة ، وكمل الحول عليهما تثبت زكاة التجارة ، وعلى قول الشيخ (٣) تثبت زكاة العين.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٢٢.

(٢) المعارضة : بيع المتاع بالمتاع لا نقد فيه. النهاية.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٢٢.

٣٨٧

١٣١٤. العشرون : لو دفع ألفا قراضا على النصف ، فربح ألفا ، ضممنا حصّة المالك إلى رأس المال وتثبت الزكاة فيه ، وفي حصّة العامل أيضا ، إذا اتفق رأس المال والزيادة في الحول.

ولو اختلفا أخذنا زكاة رأس المال مع حوله ، وإذا حال الحول على الزيادة أخذت الزكاة من حصّته ، والباقي على العامل.

وتردّد الشيخ رحمه‌الله في تعجيل إخراج حصّة العامل لحصول الملك له بظهور الربح ، ـ ويملك الفقراء حصّتهم منه بظهوره ـ وبين تأخيره إلى القسمة لكونه وقاية (١) وهو عندي أقرب ، ولهذا لا يختص بربحه ، فإنّه لو كان رأس المال عشرة فربح عشرين ، ثمّ ثلاثين ، كانت الخمسون بينهما ، ولو استقرّ ملكه للربح لكان للعامل ثلاثون.

١٣١٥. الحادي والعشرون : لو نوى بنصاب التجارة القنية تعيّن البناء على ما تقدّم من الحول لزكاة المال.

١٣١٦. الثاني والعشرون : لو اشترى سلعة بدراهم ، فحال عليها الحول ، وباعها بالدنانير ، قوّمت السلعة دراهم ، ولو باعها قبل الحول بدنانير ، ثمّ حال الحول ، قوّمت الدنانير دراهم.

١٣١٧. الثالث والعشرون : لو نتج مال التجارة ، كان النتاج مال التجارة ، ويجزيه نقصان الولادة في نصاب التجارة ، وليس حوله حول الأصل على ما تقدّم.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٢٤.

٣٨٨

المطلب الثاني : في بقيّة ما يستحبّ فيه الزكاة

وفيه ثمانية مباحث :

١٣١٨. الأوّل : يستحبّ الزكاة في الخيل بشروط أربعة :

١٣١٩. الأوّل : الملك التام ، فلا يستحبّ في المستعار ، والمستأجر ، ولا المغصوب ، ولا الضال.

١٣٢٠. الثاني : السوم ، فلا زكاة في المعلوفة.

١٣٢١. الثالث : الحول.

١٣٢٢. الرابع : الأنوثة ، فلا زكاة في الذكور.

١٣٢٣. الثاني : يخرج عن كلّ عتيق في كلّ سنة ديناران ، وعن كلّ برذون في كلّ عام دينار.

١٣٢٤. الثالث : يستحبّ الزكاة في كلّ ما يخرج من الأرض غير الغلّات الأربع الّتي تجب فيها الزكاة بشرط الكيل أو الوزن ، والملك ، والنصاب ، كالأرز ، والعدس ، والذرة ، وأشباهها.

١٣٢٥. الرابع : النصاب هنا كما هو في الغلّات الأربع خمسة أوسق.

١٣٢٦. الخامس : القدر المخرج العشر إن كان قد سقي سيحا أو شبهه ، ونصف العشر إن كان قد سقي بالدوالي والنواضح وأشباهها ، ولو اجتمعا فكالغلّات.

١٣٢٧. السادس : لا يستحبّ الزكاة في الخضر ، كالبقول والبطيخ ، وأشباهه.

٣٨٩

١٣٢٨. السابع : يستحبّ الزكاة في المساكن ، والعقارات ، والدكاكين إذا كانت للغلّة ، ويخرج من غلّتها الزكاة ، ولو لم يكن الدار دار غلّة ولا عقارا متخذا للأجرة لم يستحبّ الزكاة.

١٣٢٩. الثامن : لا يستحبّ الزكاة في الأقمشة ، والأثاث ، والفرش ، والأواني ، والرقيق ، والماشية ، عدا ما تقدّم.

٣٩٠

المقصد الثالث : في وقت الإخراج والمتولّي له

وفيه مطلبان

المطلب الأوّل : في الوقت

وفيه خمسة عشر بحثا :

١٣٣٠. الأوّل : لا زكاة في الأنعام والأثمان حتّى يحول الحول ، وهو مضيّ أحد عشر شهرا فإذا (١) أهلّ الثاني عشر ، وجبت الزكاة إذا استمرت الشرائط كمال الحول ، ووجوبها على الفور.

وأمّا الغلّات فإذا صفت الغلّة واقتطفت الثمرة ، وجب الإخراج على الفور ، ولا يجوز له التأخير ، سواء طولب بها أو لا مع وجود المستحقّ.

١٣٣١. الثاني : لو أخّر الإخراج مع التمكّن ووجود المستحق ، ضمن ، وكذا لو بعث إليه زكاة ليفرقها ، فأخّر مع وجود المستحقّ وإمكان الإخراج ضمن ، وكذا الوصيّ لو أخّر دفع ما أوصي إليه بدفعه ، ولو كان عليه ضرر في الإخراج جاز التأخير.

__________________

(١) في «أ» : ثمّ إذا.

٣٩١

ولو أخّرها ليدفعها إلى من هو أحقّ بها ، كالقرابة ، أو ذي الحاجة الشديدة ، ضمن مع وجود المستحقّ ، قلّت أو كثرت ، ولا يكون قد فعل حراما إن قصر الزمان.

ولو كثر المستحقّون في البلد ، وطلب تعميم العطاء ، جاز له التأخير في الإعطاء لكلّ واحد بقدر ما يعطي غيره ، وفي الضمان حينئذ إشكال.

١٣٣٢. الثالث : يجوز للمالك عزل الزكاة من دون إذن الساعي ، ولو أخرجها عن ملكه ولم يسلّمها إلى الفقير ، ولا إلى الساعي ، ولا إلى الوالي مع المكنة (١) ضمن ، ولا يكفي الإفراد.

ولو أخرجها عن ملكه ، ولم يجد الساعي ، ولا الفقير ، وتلفت من غير تفريط ، فلا ضمان.

١٣٣٣. الرابع : لو دفع إلى الفقير الزكاة ، فأمره الفقير أن يشتري له بها ثوبا أو غيره ، ولم يقبضها ، فتلفت ضمن المالك ، لأنّ الفقير لم يملك لعدم القبض ، فالتوكيل فاسد ، أمّا لو قبض ، لم يضمن إلّا بالتفريط.

١٣٣٤. الخامس : روي جواز تأخير الزكاة شهرا أو شهرين (٢). وعندي انّه محمول على العذر ، وحينئذ لا يتقدّر بغير زواله (٣).

١٣٣٥. السادس : قد روي جواز تقديم الزكاة شهرا وشهرين وثلاثة وأربعة (٤)

__________________

(١) في «ب» : مع التمكن.

(٢) لاحظ الوسائل : ٦ / ٢١٠ ، الباب ٤٩ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) فالتأخير جائز إلى زوال العذر قلّ أو كثر.

(٤) الوسائل : ٦ / ٢١١ ، الباب ٤٩ و ٥٠ من أبواب المستحقين للزكاة.

٣٩٢

وعندي أنّ هذه الروايات محمولة على سبيل القرض على الزكاة ، لا أنّه زكاة معجّلة ، ويكون صاحبها ضامنا متى جاء الوقت ، وقد أيسر الآخذ ، ولا يضمن لو بقي على الاستحقاق.

١٣٣٦. السابع : لو كان معه أقلّ من نصاب فأخرج زكاة نصاب ناويا أنّه إن تمّ النصاب كان ما أخرجه زكاة معجّلة ، لم يجز إجماعا.

١٣٣٧. الثامن : إذا كان معه نصاب لا أزيد ، فدفع الزكاة منه قرضا قبل الحول ، سقط الوجوب. وعند الشيخ رحمه‌الله (١) تثبت الزكاة ما دامت عينها باقية ، ولو تلفت انقطع الحول ، وله استرجاع الثمن.

١٣٣٨. التاسع : إذا دفع الزكاة قبل الحول قرضا ، فإن بقي المال على صفة الوجوب ، والمستحقّ على صفة الاستحقاق ، احتسب القرض من الزكاة عند الحول ، ويجوز نقلها إلى غيره.

ولو تغيّرت حال المالك أو حال القابض ، استعيدت العين إن كانت موجودة ، والقيمة عند القبض إن تلفت.

ولو زادت العين زيادة متّصلة أو منفصلة ، ففي استعادتها نظر ، قال الشيخ : يستعيدها ، لأنّ المالك انّما أقرضها زكاة فلا يملكها بذلك (٢).

١٣٣٩. العاشر : لو تسلّف الساعي الزكاة من غير مسألة المالك ولا الفقراء ، ثمّ حال الحول ، والمالك والقابض على الصفات المعتبرة ، وقعت موقعها.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٣١.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٢٩.

٣٩٣

وإن تغيّرت حال الدافع ، ردّها الإمام على المالك ، وإن تغيّرت حال المدفوع إليه ، ردّها الإمام على غيره.

ولو كان تغيّر المدفوع إليه قبل الدفع ، ضمنها الساعي مع التفريط وعدمه.

ولو تسلّف بمسألتهما ، وحال الحول ، ولم تتغيّر الحال ، فقد وقعت موقعها ، وإن تغيّرت بعد الدفع فالحكم ما مضى ، وإن كان قبله وهلكت من غير تفريط ، قال الشيخ : الأولى أن يكون منهما ، لأنّ كلّ واحد منهما أذن به (١) ولو تسلّف بمسألة الفقراء ولم تتغير الحال ، فقد وقعت موقعها ، وإن تغيّرت بعد الدفع ، فكما تقدّم ، وإن كان قبله وهلكت في يد الساعي ، قال الشيخ : يضمن أهل السّهمان (٢).

ولو تسلّفها بإذن المالك خاصّة ، ولم تتغيّر الحال ، وقعت موقعها ، وإن تغيّرت بعد الدفع فكما تقدّم ، وإن كان قبله وهلكت في يد الساعي فالمالك ضامن ، لأنّ الساعي أمينه.

١٣٤٠. الحادي عشر : ما يتعجّله المستحقون متردّد بين الزكاة والاسترداد ، فلو تغيّرت حال المالك أو الفقراء قبل الحول ، استعيد.

وكلّ موضع يستعيد المالك ، فإنّه يأخذ العين مع وجودها ، والمثل مع عدمها ، ولو تعذّر أو لم تكن مثليّة ، استعاد القيمة ، ويقع التردّد بين اعتبار (٣) القيمة يوم التلف أو يوم القبض.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٢٨.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٢٨. السّهمان ـ بضم السين ـ جمع السهم. لسان العرب.

(٣) في «أ» : ويقع التردّد من اعتبار.

٣٩٤

وانّما يستعيد المالك لو قال للفقير وقت الدفع : هذه زكاتي عجّلتها لك ، ولو أطلق ، أو قال : هذه صدقة ، لم يكن له الاسترجاع إلّا أن يدعي علم الفقير بالتعجيل ، فيرجع مع نكول الفقير عن اليمين ، ولو كان الدافع الوالي ، جاز له الاسترجاع ، أطلق أو قيّد.

١٣٤١. الثاني عشر : لو أيسر الفقير ، فإن كان بعين المدفوع جاز احتسابه من الزكاة ، وإن كان بغيره استرجع منه.

أمّا لو أيسر بنمائه ، كما لو كانت إبلا فتوالدت ، أو أموالا ، فاتّجر بها ، قال الشيخ : لا يرتجع الزكاة (١) وفيه نظر ، لأنّ المقبوض عنده قرض ، ونماء القرض للمقترض.

١٣٤٢. الثالث عشر : لو أيسر بعد الدفع ، ثمّ حال الحول عليه ، وهو فقير ، جاز الاحتساب ، وكذا لو دفعها إلى غنيّ ، ثمّ افتقر ، لأنّ الدفع عندنا على سبيل القرض.

١٣٤٣. الرابع عشر : لو دفع عن نصاب ثمّ أتلف بعضه قبل الحول ، سقطت الزكاة ، واسترجع ما دفعه وإن قصد بالإتلاف الاسترجاع.

١٣٤٤. الخامس عشر : لو عجّل عن أحد النصابين ، فهلك جاز احتسابه عن النصاب الثاني عند الحول.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٣٠.

٣٩٥

المطلب الثاني : في المتولّي للإخراج

وفيه ستة عشر بحثا :

١٣٤٥. الأوّل : يجوز للمالك تفريق الزكاة بنفسه في المال الظاهر والباطن ، والأفضل صرفها إلى الإمام العادل ، ولو كان غائبا فالأفضل دفعها إلى الفقيه المأمون ، من الإماميّة.

١٣٤٦. الثاني : لو أخذ الجائر الزكاة ، ففي إجزائها روايتان (١) ، الأقرب عدمه ، لكن لا يضمن حصّة الفقراء فيما أخذه.

١٣٤٧. الثالث : لا يجوز للمالك دفعها إلى الجائر طوعا ، ولو دفعها كذلك ضمن ، ولو عزلها فأخذها (٢) الظالم ، أو تلفت ، فلا ضمان.

١٣٤٨. الرابع : لو طلبها الإمام وجب صرفها إليه ، فلو فرّقها المالك حينئذ قيل لا يجزيه (٣) وعندي فيه نظر.

١٣٤٩. الخامس : لو فرّقها بنفسه ، أو حملها إلى الإمام أو إلى بعض إخوانه ليفرّقها ، سقط سهم السعاة منها.

١٣٥٠. السادس : يشترط في العامل شروط ستّة : البلوغ ، والعقل ، والحريّة

__________________

(١) الوسائل : ٦ / ١٧٣ ، الباب ٢٠ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) في «أ» : ممّا أخذه.

(٣) القائل هو الشيخ في المبسوط : ١ / ٢٤٤ ، ولاحظ المختلف : ٣ / ٢٣٢.

٣٩٦

على إشكال ، والإسلام ، والعدالة ، والفقه فيها (١) على إشكال.

وهل يجوز للهاشميّ أن يكون عاملا؟ منع الأصحاب منه ، أمّا لو تولّى جباية زكاة الهاشمي ، فالوجه جواز أخذ النصيب منها ، ولو تطوّع بالعمالة من غير سهم ولا أجرة جاز ، ويجوز لمولى الهاشمي أن يكون عاملا.

١٣٥١. السابع : الإمام مخيّر إن شاء استأجر الساعي بأجرة معلومة ، مدّة معلومة ، وإن شاء جعل له جعالة عن العمل يدفعها إليه مع توفيته ، فإن قصر النصيب عنه ، تمّم له من باقي السهام ، وإن فضل ، دفع الباقي إلى أهل الزكاة ، ولو قيل : إنّه ليس بلازم ، لأنّه تعالى جعل له نصيبا (٢) كان وجها.

١٣٥٢. الثامن : يجب على الإمام بعث ساع للجباية في كلّ سنة ، وأطلق الشيخ ذلك (٣) ، وعندي انّه لو علم من قوم أداءها إليه أو إلى المستحقين ، لم يجب البعث إليهم.

١٣٥٣. التاسع : أجرة الوزّان والكيّال والناقد على ربّ المال ، وأمّا الحاسب والكاتب فيعطيان من سهم العامل.

١٣٥٤. العاشر : ليس للساعي تفرقة الزكاة بنفسه من دون إذن الإمام ، ولا بيعها إلّا مع الحاجة أو العذر.

فلو باع لا لضرورة لم يصحّ البيع ، وتستعاد العين ، وأرشها من المشتري إن

__________________

(١) الضمير يرجع إلى الزكاة ، قال في المنتهى : انّما يشترط الفقه في الزكاة خاصة لا في بقية الأحكام ، وعندي فيه توقف. منتهى المطلب : ١ / ٥١٥ (ط القديم).

(٢) حيث قال : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها). التوبة : ٦٠.

(٣) لاحظ المبسوط : ١ / ٢٤٤.

٣٩٧

نقصت عنده ، والمثل إن كانت تالفة أو القيمة.

وينبغي أن يعرف أهل الصّدقات بأنسابهم وحلاهم (١) ويعرف قدر حاجتهم ، فإذا أعطى شخصا كتبه وحلاه ، ولا ينبغي له أن يؤخّر التفرقة إلّا مع الإذن.

١٣٥٥. الحادي عشر : إذا أخذ الساعي أو الإمام الزكاة دعا لصاحبها ، وللشيخ قولان (٢) في الوجوب ، أقربهما عندي الاستحباب.

١٣٥٦. الثاني عشر : ينبغي لوالي الصدقة أن يسم نعمها في أصلب موضع وأكشفه ، مثل أفخاذ الإبل والبقر وأصول آذان الغنم ، ويكون ميسم الإبل والبقر أكبر من ميسم الغنم.

ويكتب على الميسم ما أخذت له من صدقة أو زكاة أو جزية ، ويكتب اسم الله تعالى للتبرّك به.

١٣٥٧. الثالث عشر : النيّة شرط في أداء الزكاة ، ولا بدّ فيه من التقرّب ، والوجه ، وكونها زكاة مال ، أو فطرة ، أو صدقة ، ولا يفتقر إلى تعيين المال.

ويتولّاها الدافع ، سواء كان المالك ، أو الساعي ، أو الوالي ، أو الحاكم ، أو الوكيل ، ولو دفعها المالك إلى الإمام أو إلى الساعي ونوى وقت الدفع أجزأه ، سواء نوى الإمام أو الساعي حال دفعها إلى الفقراء أو لا.

أمّا لو دفعها إلى الوكيل ، ونوى حالة الدفع إليه ، ونوى الوكيل حال الدفع

__________________

(١) حلية الإنسان : ما يرى من لونه وظاهره.

(٢) قول بالوجوب ذهب إليه في الخلاف : ٢ / ١٢٥ ، المسألة ١٥٥ من كتاب الزكاة ؛ وقول بالاستحباب ، وهو خيرته في المبسوط : ١ / ٢٤٤.

٣٩٨

إلى الفقراء أجزأ إجماعا.

ولو نوى الوكيل خاصّة ، قال الشيخ : لا يجزئه (١) ، وعندي فيه نظر.

ولو نوى المالك حال الدفع إلى الوكيل ، ولم ينو الوكيل حال الدفع إلى الفقراء ، قال الشيخ : لا يجزئه أيضا (٢).

١٣٥٨. الرابع عشر : لو أخذ الإمام أو الساعي الزكاة ولم ينو المالك ، فإن كان أخذها كرها أجزأه ، وإن كان طوعا ، قال الشيخ رحمه‌الله : لا يجزئه ، وليس للإمام مطالبته بها ثانيا (٣).

١٣٥٩. الخامس عشر : يجب مقارنة النيّة للدفع ، ولو نوى بعد الدفع ففي الإجزاء نظر ، ولو تصدّق بجميع ماله ولم ينو بشي‌ء منه الزكاة لم يجزئه.

١٣٦٠. السادس عشر : لو كان له مال غائب ، فأخرج زكاة ، وقال : إن كان مالي سالما فهذه زكاته ، أو تطوّع ، لم يجزئه ، خلافا للشيخ رحمه‌الله (٤).

أمّا لو قال : إن كان سالما فهذه زكاته ، وإن كان تالفا فنفل ، أجزأه. ولو أخرج مالا ونوى بجميعه الزكاة والتطوّع ، لم يجزئه.

ولو كان له حاضر وغائب ، فقال : هذه عن أحدهما أجزأه ، وكذا يجزئه لو قال : هذه زكاة الغائب إن كان سالما ، وإن كان تالفا فعن الحاضر.

ولو أخرج عن الغائب ، فبان تالفا ، قال الشيخ : لم يجز له صرفه إلى غيره (٥) ، والوجه عندي الجواز.

__________________

(١) و (٢) و (٣) المبسوط : ١ / ٢٣٣.

(٤) و (٥) المبسوط : ١ / ٢٣٢.

٣٩٩

ولو دفع الزكاة إلى الساعي تطوّعا ، وقال : هذه عن مالي الغائب. فبان تالفا قبل الوجوب (١) رجع بها عليه مع بقائها ، وإن كان قد فرّقها ، رجع على الفقراء ، ولا يضمن الساعي.

__________________

(١) في «أ» : قبل الرجوع.

٤٠٠