تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

وهل الاستحباب مختصّ عقيب كلّ صلاة ، أو الّتي يقصّر فيها؟ نظر.

١١٥٦. الثامن والعشرون : يجوز للمسافر أن يصلّي النافلة على الراحلة ، ويتوجّه حيث توجّهت اختيارا ، وفي الفريضة اضطرارا.

٣٤١
٣٤٢

كتاب الزكاة

٣٤٣
٣٤٤

وفيه مقدّمة ومقاصد

أمّا المقدّمة

ففيها ستة مباحث :

١١٥٧. الأوّل : الزكاة لغة : النموّ والطهارة ، وشرعا القدر المخرج من النصاب.

١١٥٨. الثاني : الزكاة أحد أركان الإسلام. وهي واجبة بالنص والإجماع. وفيها فضل كثير.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: «أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن، فإن صدقته تظلّه»(١).

وقال الباقر عليه‌السلام :

«بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد ، إذ قال : قم يا فلان قم يا فلان حتّى أخرج خمسة نفر. فقال : اخرجوا من مسجدنا ، لا تصلّوا فيه وانتم لا تزكّون» (٢).

__________________

(١) الوسائل : ٦ / ٢٥٦ ، الباب ١ من أبواب الصدقة ، الحديث ٧.

(٢) الوسائل : ٦ / ١٢ ، الباب ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة ، الحديث ٧ وقد تكرّر النداء في المصدر أربع مرّات.

٣٤٥

وقال الباقر عليه‌السلام : «البرّ والصدقة ينفيان الفقر ، ويزيدان في العمر ، ويدفعان عن سبعين ميتة سوء» (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : «إنّ الله فرض الزكاة كما فرض الصيام» (٢).

وقال الكاظم عليه‌السلام : «حصّنوا أموالكم بالزكاة» (٣).

١١٥٩. الثالث : من أنكر وجوب الزكاة ، وهو ممّن يجهل ذلك إمّا لقرب عهده بالإسلام ، أو لبعده عن أهل الأمصار لا يحكم بكفره (٤) ، وإلّا فهو مرتدّ.

١١٦٠. الرابع : من منع الزكاة معتقدا لوجوبها أخذت منه من غير زيادة ، فإن مانع قوتل حتّى يدفعها ، ولا يحكم بكفره ولا بسبي ذراريه.

١١٦١. الخامس : ليس في المال حقّ واجب سوى الزكاة والخمس ، وفي وجوب إخراج الضغث والكف عند الحصاد والجذاذ قولان (٥).

١١٦٢. السادس : الزكاة قسمان : زكاة المال ، وزكاة الفطر. وكلّ واحد منهما ضربان : واجب ، ومستحبّ. ونحن نسوق الكلام في ذلك كلّه ، ثم نتبعه بالخمس في مقاصد ثلاثة.

__________________

(١) الوسائل : ٦ / ٢٧٧ ، الباب ١٣ من أبواب الصدقة ، الحديث ٩.

(٢) كذا في النسختين ولكن الوارد في المصادر «الصلاة» لاحظ الوسائل : ٦ / ٣ ، الباب ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة ، الحديث ٣.

(٣) الوسائل : ٦ / ٦ ، الباب ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة ، الحديث ١١.

(٤) في «أ» : لم يحكم بكفره.

(٥) القائل بالوجوب الشيخ في الخلاف : ٢ / ٥ ، المسألة ١ من كتاب الزكاة.

٣٤٦

المقصد الأوّل : فيمن تجب عليه [الزكاة]

وفيه ثلاثة وعشرون بحثا :

١١٦٣. الأوّل : شرائط الوجوب : البلوغ ، والعقل ، والحريّة ، والملك التام ، وإمكان التصرف. فلا تجب الزكاة في مال الطفل ، سواء العين والغلّات والمواشي. في ذلك ، وانّما تجب على البالغ على مذهب أكثر علمائنا ، والشيخان (١) رحمهما‌الله أوجبا الزكاة في غلّاته ومواشيه ، والأقرب الاستحباب.

ولو اتّجر له وليّه في ماله إرفاقا ، استحبّ له أن يخرج عنه زكاة التجارة ، ولو ضمن المال وكان مليّا واتّجر لنفسه كان الربح له والزكاة عليه استحبابا ، ولو انتفى أحد وصفي الملاءة والولاية ضمن المال والربح لليتيم ، ولا زكاة هنا على واحد منهما.

١١٦٤. الثاني : العقل شرط في وجوب الزكاة ، فلا تجب في مال المجنون مطلقا ، وأوجب الشيخان ٢ الزكاة في غلّاته ومواشيه ، والأقرب الاستحباب ، والبحث في التجارة بماله كالبحث في الطفل سواء.

والتكليف بالوجوب على رأي الشيخين ، وبالاستحباب على رأينا في

__________________

(١) ١ و ٢. المقنعة : ٢٣٨ ، والمبسوط : ١ / ٢٣٢ ، والنهاية : ١٧٤.

٣٤٧

الطفل والمجنون متعلّق بالوليّ دونهما.

١١٦٥. الثالث : الحريّة شرط في الوجوب ، فلا تجب الزكاة على المملوك ، سواء قلنا إنّه يملك ما يملكه مولاه أولا ، وإنما تجب على السيّد.

ولو كان بعضه حرّا ، وملك من كسبه أو غيره بقدر حريّته ما يبلغ نصابا ، وجبت الزكاة وإلّا فلا.

والمكاتب المشروط والّذي لم يؤدّ من كتابته شيئا ، والمدبّر وأمّ الولد ، كالقنّ ، ولو عجز المشروط عليه ، فردّ في الرقّ استقرّ ملك السيّد لما في يده ، واستأنف الحول وضمّه إلى ماله.

١١٦٦. الرابع : الإسلام ليس شرطا فلا يسقط الوجوب عن الكافر ، نعم لا يصحّ منه أداؤها ، ولو أسلم سقطت ، وأستأنف الحول عند الإسلام.

١١٦٧. الخامس : إنّما تجب الزكاة على من ملك أحد النصب الزكويّة ، على ما يأتي بيانها ، فلا تجب على الفقير ، وهو من قصر ماله من أحد النصب ، وتجب الزكاة على المديون إذا ملك نصابا ، وإن قصر عن الدين.

١١٦٨. السادس : من شرط الوجوب كون الملك تامّا ، فلو وهب نصابا ، لم يجز في الحول إلّا بعد القبض ، وكذا لو اقترض اعتبر الحول بعد القبض ، ولو أوصي له اعتبر الحول بعد القبول والوفاة.

ولو راجع الواهب في هبته في موضع يسوغ له الرجوع فيه ، فإن كان قبل الحول ، سقطت ، ولو كان بعده لم تسقط ، والأقرب أنّ الموهوب لا يضمنه ، ولو فسخ البائع بخياره ، فالبحث فيه كالهبة ، إلّا أنّ المشتري يضمن هنا.

٣٤٨

١١٦٩. السابع : الغانم يملك بالحيازة ، فإذا بلغ حصّته نصابا ، وحال عليه الحول ، وجبت الزكاة ، والأقرب ابتداء الحول من القسمة ، سواء كانت الغنيمة من جنس واحد أو أجناس مختلفة ، ولو قيل : بوجوبها في الجنس الواحد دون المتعدّد كان وجها.

ولو عزل الإمام حصّة الغانم وكان حاضرا ، وجبت الزكاة مع الحول ، وإن كان غائبا اعتبر الحول عند وصوله إليه ، أو إلى وكيله.

وخمس الغنيمة نصفه للإمام ، إن بلغ نصابا وجبت الزكاة ، وإلّا فلا ، ونصفه لباقي الأصناف لا زكاة فيه ، لعدم تعيّن أربابه ، والأنفال للإمام خاصّة ، إن بلغت نصابا ، وجبت الزكاة ، وإلّا فلا.

١١٧٠. الثامن : الوقف لا زكاة فيه ، ولو ولدت الغنم الموقوفة ، وبلغت الأولاد نصابا ، وجبت الزكاة فيها خاصة.

قال الشيخ : ولو شرط الواقف كون الغنم وما يتوالد منها وقفا فلا زكاة (١).

١١٧١. التاسع : لو خلف المسافر نفقة لأهله قدر النصاب وحال الحول ، وجبت الزكاة إن كان حاضرا ، وإلّا فلا.

١١٧٢. العاشر : لو نذر الصدقة بالنصاب في الحول سقطت الزكاة ، ولو نذرها بعد الحول أخرج الزكاة ، وتصدّق بالباقي ، وكذا يخرج الزكاة لو نذر الصّدقة بقدر النصاب من غير تعيين.

١١٧٣. الحادي عشر : لو اشترى بخيار ملك بالعقد ، اختصّ الخيار بأحدهما أو

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٠٥.

٣٤٩

اشترك ، ووجبت الزكاة بعد الحول وإن كان الخيار باقيا ، وقول الشيخ رحمه‌الله (١) هنا ضعيف.

ولو رد على البائع ، استأنف الحول من حين الرد ، ويتفرّع على قول الشيخ رحمه‌الله بوجوب الزكاة على البائع في الخيار المشترك أو المختصّ به ، ثبوت الخيار للمشتري لو أخرج من العين.

١١٧٤. الثاني عشر : إمكان التصرف شرط في الوجوب ، فلا تجب في المال المغصوب والمسروق والمجحود والضالّ والموروث عن غائب حتّى يصل إليه ، أو إلى وكيله ، والساقط في البحر ، والغائب مع عدم تمكّنه أو وكيله منه.

١١٧٥. الثالث عشر : لو عاد المغصوب أو الضالّ أو الغائب ، استحبّ له أن يزكّيه لسنة واحدة ، ولو ضلّت شاة من الأربعين في أثناء الحول ، انقطع الحول ، فإن عادت استأنف (٢). ولو أسره المشركون ، وله مال في بلد الإسلام لا يتمكّن منه ، سقط الوجوب.

١١٧٦. الرابع عشر : المرتدّ إن كان عن فطرة ، فإن كان بعد الحول أخذت الزكاة من المال ، وإن كان قبله استأنف ورثته الحول.

وإن كان عن غير فطرة ، ولم يخرج ملكه عنه بالقتل ، ولا الفرار إلى دار الحرب ، وجبت الزكاة إن تمّ الحول ، وإلّا أتممناه.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٢٧.

(٢) في «ب» : استأنفه.

٣٥٠

ولو خرج عن ملكه بالقتل أو الفرار استأنف ورثته الحول ، ولو أخذ الإمام أو نائبه الزكاة من المرتدّ ، ثمّ أسلم ، أجزأت عنه ، ولو أخذها غيرهما لم يجز عنه ، وكذا لو أدّاها بنفسه.

ولو أخفى بعض ماله ، لئلّا يؤخذ منه زكاة ، عزّر ، إلّا أن يدّعي الشبهة المحتملة ، ويؤخذ منه الزكاة من غير زيادة.

ولو أخذ الظالم الزكاة لم يجز عن المالك ، وبالإجزاء روايات (١).

١١٧٧. الخامس عشر : الدين لا زكاة فيه ، وأوجب الشيخان (٢) رحمهما‌الله الزكاة فيه ، إن كان تأخّره من جهة مالكه ، بأن يكون حالّا على مليّ باذل ، ولو كان من جهة من عليه الدين ، سقطت الزكاة. والاعتماد على الأوّل ، نعم يستحبّ له أن يزكّيه لسنة مع عوده إليه.

١١٧٨. السادس عشر : اللقطة إن كانت نصابا في غير الحرم ، ملكها إن شاء بعد التعريف حولا ، ولا زكاة إلّا بعد استئناف حول آخر من حين التملك.

١١٧٩. السابع عشر : المرأة تملك الصداق بالعقد ، فلو حال الحول بعد قبضه ، وجبت الزكاة ، وإن لم يدخل ، فلو طلّقها قبل الدخول انقطع الحول في النصف ، وتمّمت في المتخلّف إن بلغ نصابا ، ولو لم تقبضه فلا زكاة كالدّين.

ولو فسخ العقد لعيب ، فسقط المهر ، فلا زكاة مع عدم القبض ، ولو قبضته ، فالأقرب الوجوب بعد الحول ، وتضمن المأخوذ في الزكاة.

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ٦ / ١٧٣ ، الباب ٢٠ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) المقنعة : ٢٣٩ ، والمبسوط : ١ / ٢١١.

٣٥١

ولو قبضته حولا ثم طلّقها قبل الدخول ، فإن كانت قد أخرجت الزكاة رجع عليها بالنصف كملا ، وإن لم تكن أخرجت ، فالنصف كملا للزوج ، وعليها حقّ الفقراء.

ولو أراد قسمة المال قبل الإخراج جاز ، فلو قسماه أخذ الساعي من نصفها ، ولو لم يجد لها شيئا أخذ ممّا في يد الزوج ، والأقرب صحة القسمة ورجوع الزوج عليها بقيمة المأخوذ.

ولو أصدقها حيوانا في الذمة ، سقط وجوب الزكاة واستحبابها ، ولو طلّقها قبل الدخول وقبل الإخراج ، لم يخرج من العين إلّا بعد القسمة ، ولو أصدقها نصابا ، وطلّقها قبل الدخول وقبل تمكّنها من الإخراج ، فالوجه سقوط نصف الفريضة.

١١٨٠. الثامن عشر : القرض يجب فيه الزكاة على المقترض إن تركه حولا ، ولو أداره في التجارة استحبت الزكاة فيه ، ولو استعاده القارض لم يجب الزكاة حتّى يحول عنده الحول كملا.

ولو اشترط المقترض الزكاة على القارض لم يسقط الزكاة عنه ، وللشيخ رحمه‌الله (١) هنا قول غير معتمد.

أمّا لو أدّى القارض الزكاة عن المقترض ، فإنّ ذمّته تبرأ بذلك.

١١٨١. التاسع عشر : إمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب ، فلو تلف بعد الحول من النصاب شي‌ء قبل التمكّن من الإخراج ، سقط من الفريضة

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢١٣.

٣٥٢

بحسابه ، ولو تمكّن ولم يخرج وجبت عليه الفريضة كملا.

١١٨٢. العشرون : لو تمكّن من الدفع إلى الإمام أو النائب ولم يدفع ضمن ، سواء طالبه الإمام أو النائب أو لا ، وإن دفعها إلى الساعي فتلفت في يده فلا ضمان ، ولو مات المالك بعد إمكانه الأداء (١) لم تسقط الزكاة ، وكذا لو مات قبل التمكّن وبعد الحول.

١١٨٣. الحادي والعشرون : لو كان له نصاب فاقترض آخر ، ورهن ) الأوّل ، وجبت عليه الزكاة في القرض ، ولا زكاة في الرهن ، لعدم تمكّنه.

وللشيخ رحمه‌الله قول يعطي وجوب الزكاة في الرهن أيضا على الراهن. ويكلّف الإخراج من غير الرهن مع يساره ، ومنه لا معه (٣).

١١٨٤. الثاني والعشرون : لو كان معه أربعون شاة فاستأجر راعيا بشاة منها ، سقطت الزكاة ، ولو استأجر بشاة في الذمة وجبت الزكاة ، ولو استأجر بنصاب معيّن وجبت الزكاة على الأجير ، ولو استأجر في الذمة انتفى على القولين.

١١٨٥. الثالث والعشرون : وفي وجوب الزكاة في مال التجارة قولان. أقربهما الاستحباب (٤).

__________________

(١) في «ب» : بعد إمكان الأداء.

(٢) في «أ» : وأرهن.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٠٨.

(٤) لاحظ المختلف : ٣ / ١٩١.

٣٥٣
٣٥٤

المقصد الثاني : فيما يجب فيه وما يستحبّ

وفيه فصول

الفصل الأوّل

انّما تجب الزكاة في تسعة أشياء : الإبل ، والبقر ، والغنم ، والذهب ، والفضّة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب.

ولا تجب فيما عدا ذلك ، سواء كان ممّا يكال أو يوزن ، أو لا ، وسواء كان ممّا يصحّ بقاؤه ، أو لا ، وسواء كان ممّا ينبته الآدميّون ، أو لا ، وسواء كان ممّا يقتات به ، أو لا ، وسواء قصد بزراعته نماء الأرض ، أو لا ، وسواء كان (١) عسلا في الأرض الخراجية أو لا.

والعلس (٢) عند الشيخ رحمه‌الله نوع من الحنطة (٣) والسّلت عنده نوع من الشعير (٤) والأقرب عندي عدم الوجوب فيهما.

__________________

(١) ضمير الفعل يرجع إلى «ما عدا التسعة». قال المصنّف في التذكرة : ٥ / ١٧٧ : وقال أبو حنيفة : إن كان (العسل) في غير أرض الخراج وجب فيه العشر ، لأنّ العشر والخراج لا يجتمعان ...

(٢) هذا كلام مستقل لا صلة له بما سبق كما يظهر من التذكرة : ٥ / ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٣) المبسوط : ١ / ٢١٧.

(٤) الخلاف : ٢ / ٦٥ ، المسألة ٧٧ من كتاب الزكاة.

٣٥٥

الفصل الثاني : في زكاة الإبل

وفيه اثنان وعشرون بحثا :

١١٨٦. الأوّل : شروط زكاة الإبل : الملك ، والنصاب ، والسوم ، والحول ، وإمكان التصرّف ، وكمال العقل ، وقد تقدّما.

ونصب الإبل اثنا عشر :

١١٨٧. أوّلها : خمس ، فلا يجب فيما دونها شي‌ء إجماعا ، فإذا بلغت خمسا ، ففيها شاة.

١١٨٨. الثاني : عشر ، وفيه شاتان.

١١٨٩. الثالث : خمس عشرة ،وفيه ثلاث شياه.

١١٩٠. الرابع : عشرون ، وفيه أربع شياه.

١١٩١. الخامس : خمس وعشرون ، وفيه خمس شياه عند أكثر علمائنا ، وقال ابن أبي عقيل : يجب فيها بنت مخاض (١). وليس بمعتمد.

١١٩٢. السادس : ستّ وعشرون ، وفيه بنت مخاض.

١١٩٣. السابع : ستّ وثلاثون ، وفيه بنت لبون.

١١٩٤. الثامن : ستّ وأربعون ، وفيه حقّة.

__________________

(١) حكى عنه المصنّف في المختلف أيضا : ٣ / ١٦٨.

٣٥٦

١١٩٥. التاسع : إحدى وستّون ، وفيه جذعة.

١١٩٦. العاشر : ستّ وسبعون ، وفيه بنتا لبون.

١١٩٧. الحادي عشر : إحدى وتسعون ، وفيه حقّتان.

١١٩٨. الثاني عشر : مائة وإحدى وعشرون ، فيؤخذ من كلّ أربعين بنت لبون ، ومن كلّ خمسين حقّة ، وهكذا بالغا ما بلغت ، فيكون في مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون ، وفي مائة وثلاثين حقّة وبنتا لبون ، وفي مائة وأربعين حقّتان وبنت لبون ، وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق ، وعلى هذا الحساب.

١١٩٩. الثاني : لو كانت الزيادة على مائة وعشرين بجزء من بعير وجبت الفريضة عن إحدى وتسعين.

ولو اجتمع في مال ما يمكن إخراج الفريضتين منه كالمائتين ، تخيّر المالك ، والأفضل ، أن يدفع أرفع الأسنان وهي الحقاق.

ولو كان عنده أحد الصنفين ، أخرجه المالك ، أو اشترى الصنف الآخر وأخرجه ، ولو لم يكونا عنده تخيّر في شراء أيّهما شاء ، والأولى الحقاق ، وإن شاء أخرج أربع جذعات ، واسترجع ثماني شياه أو ثمانين درهما ، أو أخرج خمس بنات مخاض ، ومعها عشر شياه أو مائة درهم.

ولا خيار للساعي في الصعود والنزول ، وليس لوليّ الطفل والمجنون إخراج أعلى الفريضتين ، إن قلنا بالوجوب.

ولو كان عنده أربعمائة ، جاز أن يخرج متماثلا ومتفرّقا. ولو كان عنده خمس بنات لبون وثلاث حقاق ، أخرج الخمس عن المائتين ، وليس له

٣٥٧

إخراج الحقاق وبنت اللبون مع الجبران الشرعي ، ولا إخراج أربع بنات لبون وحقة ، ويطالب بالجبران.

أمّا لو كانا ناقصين كأربع بنات لبون وثلاث حقاق ، تخيّر مع الجبران ، فيدفع بنات اللبون وحقة ، ويطالب بالجبران ، أو ثلاث حقاق وبنت لبون والجبران ، وليس له دفع حقّة وثلاث بنات لبون مع الجبران لكلّ واحدة إلّا بالقيمة.

١٢٠٠. الثالث : لا زكاة فيما دون الخمس ، ولا فيما بين النصب من الأشناق (١) لا منضمّة ولا منفردة ، ولا يجب الأزيد من السنّ الواجب باعتباره.

ولو تلف أربع من تسع وجبت الشاة كملا ، سواء تلفت قبل الحول أو بعده ، وقبل إمكان الأداء أو بعده ، ولو تلف خمس قبل الحول ، فلا زكاة ، وبعده يسقط خمس الشاة ، إن كان قبل إمكان الأداء.

ولو هلك ستّ من ستّ وعشرين بعد الحول قبل إمكان الأداء ، سقط من بنت المخاض بنسبة التالف ، وكذا لو هلك خمس من ستّ وعشرين ، قال الشيخ رحمه‌الله : هنا يكون قد هلك خمس المال إلّا خمس الخمس ، فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض ، وأربعة أخماس خمسها ، وعلى المساكين خمس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خمسها (٢).

__________________

(١) في مجمع البحرين : الشنق بالتحريك في الصدقة : ما بين الفريضتين ، وهو ممّا لا تتعلّق به زكاة ، كالزائد من الإبل على الخمس إلى التسع وما زاد منها على العشر ، إلى أربع عشرة. والجمع أشناق ، مثل سبب وأسباب.

(٢) المبسوط : ١ / ١٩٤.

٣٥٨

١٢٠١. الرابع : الشاة المأخوذة ينبغي أن تكون الجذعة من الضأن أو الثنيّة من المعز ، وكذا شاة الجبران. ويجزئ الذكر والأنثى ، سواء كانت الإبل ذكورا أو إناثا ، ويجزئ من غنمه أو غير غنمه.

قال الشيخ رحمه‌الله : ويؤخذ من نوع البلد لا من نوع بلد آخر ، لأنّ المكيّة والعربيّة (١) والنبطيّة مختلفة (٢) ، والأقرب عندي الإخراج من أيّ نوع شاء ، لأنّ التناسب بين الشاتين أقرب من التناسب بين الضأن والمعز ، ويجزئ هاهنا أحدهما عن الآخر إجماعا.

١٢٠٢. الخامس : يجوز أن يخرج عن الإبل الكرام الشاة الكريمة واللئيمة والسمينة والمهزولة ، ولا يؤخذ المريضة من الإبل الصحاح ، ولو كانت مراضا وصحاحا ، وماكس (٣) قومت الخمس (٤) مريضة وصحيحة ، وأخذ الشاة ناقصة عن بدل الصحاح بنسبة النقصان.

١٢٠٣. السادس : لو أخرج بعيرا عن الشاة لم يجزئه إلّا إذا كانت قيمته تساوي قيمة الشاة أو تزيد ، ولو كانت قيمة الشاة تساوي قيمة بنت المخاض جاز إخراج الشاة عنها ، ولو لم يجد شاة ، اشترى شاة أو دفع قيمتها السوقية ، ولا يجزيه عشرة دراهم إذا كانت أدون.

١٢٠٤. السابع : من وجب عليه سنّ وفقدها ، ووجد الأعلى بدرجة ، دفعها واستردّ (٥) شاتين ، أو عشرين درهما ، ولو وجد الأدون دفعها ودفع شاتين أو

__________________

(١) في «أ» : المعربية.

(٢) المبسوط : ١ / ١٩٦.

(٣) امتنع من عليه الزكاة عن أداء الشاة الصحيحة.

(٤) المراد هو النصاب الأوّل للإبل وهو خمسة.

(٥) في «أ» : استعاد.

٣٥٩

عشرين درهما ، فمن وجب عليه بنت مخاض ، وعنده بنت لبون ، أخرجها ، واستعاد من المصدق ما قلناه ، ولو انعكس الفرض كان الجبران عليه.

ولو وجب عليه بنت مخاض ، وعنده ابن لبون ذكرا ، أجزأه مع عدم بنت المخاض من غير جبران ، ولو كانت عنده بنت مخاض معيبة أجزأه ابن اللبون لا المعيبة.

ولو كانت عنده بنت مخاض أعلى صفة من الواجب ، وعنده ابن لبون ، تعيّنت بنت المخاض ، ولو عدمهما جاز أن يشتري أيّهما شاء ، ولا يجبر علوّ السنّ في الذكر فائت الأنوثة في غير هذه الصورة ، فلو وجب عليه بنت لبون لم يجزئه أن يخرج حقا.

ولو أخرج عن ابن اللبون حقا أو جذعا أجزأه ، ولو أخرج عن بنت المخاض بنت لبون ، أو عن بنت لبون حقّة أجزأه ، ولا يجوز أن يؤخذ أنزل من بنت المخاض مع الجبران ، بل بالقيمة السوقيّة ، وكذا لا يؤخذ أعلى من الجذع إلّا بالقيمة.

١٢٠٥. الثامن : لو عدم السنّ وما يليها صعودا ونزولا ، لم ينتقل إلى الثالثة بتضاعف الجبران ، بل بالقيمة السوقية على أقوى القولين.

١٢٠٦. التاسع : لو أراد الجبر بشاة وعشرة دراهم لم يجز ، بل بشاتين (١) أو عشرين درهما ، إلّا على سبيل التقويم السوقيّ ، ولو كانت إبله مراضا والفريضة معدومة ، وعنده أدون وأعلى ، دفع الأدون والجبران ، وليس له دفع الأعلى بأخذ الجبران ، ولو انتفى الضرر عن الفقراء جاز.

__________________

(١) في «ب» : إلّا بشاتين.

٣٦٠