تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-65-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

وثلث ، ودونه أربعة دراهم ، وأدون منه مقدار درهم ، فإن تعذّر دفن بغير كافور ، ثمّ يرد القميص عليه.

ثمّ يأخذ الجريدتين فيجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع الترقوة ملصقة (١) بجلده ، والأخرى من الأيسر بين القميص والإزار ، ثمّ يعمّمه فيثنى وسط العمامة على رأسه بالتدوير ، ويحنكه بها ، ويطرح طرفيها على صدره ، ثم يلفّه (٢) في اللفافة ، فيطوي الجانب الأيسر على الأيمن ، والأيمن على الأيسر (٣) وكذا الحبرة ، ويعقد طرفيها من قبل رأسه ورجليه.

٣٣٠. الرابع عشر : يكره أن يجعل في سمعه وبصره وفيه شي‌ء من الكافور ، ويكره أيضا أن يجعل فيها قطن ، إلّا أن يخاف خروج شي‌ء منها ، فتنتفي الكراهيّة.

٣٣١. الخامس عشر : لا يجوز أن يقرب الميّت شيئا من الطّيب عدا الكافور والذريرة.

٣٣٢. السادس عشر : المحرم لا يجوز أن يقرب شيئا من الكافور ، لقوله عليه‌السلام :

«لا تقرّبوه طيبا فانّه يحشر يوم القيامة ملبّيا» (٤).

٣٣٣. السابع عشر : إذا فضل من الكافور شي‌ء ، مسحه الغاسل على صدره.

__________________

(١) في «أ» : ملتصقة.

(٢) في «ب» : يكفنه.

(٣) في «ب» : فيطوي الجانب الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن.

(٤) سنن ابن ماجه : ٢ / ١٠٣٠ الحديث ٣٠٨٤ وفيه : «لا تقربوه طيبا ، فانّه يبعث يوم القيامة ملبّيا».

وعوالي اللآلي : ٤ / ٦ وفيه : «لا تقربوه كافورا فانّه يحشر يوم القيامة ملبّيا».

١٢١

٣٣٤. الثامن عشر : هل الكافور المستعمل في الماء للغسلة الثانية ، محسوب من أكمل الفضل أو لا؟

فيه نظر.

٣٣٥. التاسع عشر : إذا لم يوجد للميّت كفن ، جاز أن يكفن في قميصه إذا كان نظيفا ، ويقطع أزراره دون الأكمام.

٣٣٦. العشرون : الصبيّ في التغسيل والتكفين كالبالغ ، وولد الزنا كغيره ، والنفساء كغيرها.

٣٣٧. الحادي والعشرون : الجريدة توضع مع جميع الأموات من البالغين وغيرهم ، إلّا المخالف ، فإن تعذّر وضعها في الكفن للتقية طرحت في القبر ، فإن تعذّر دفن بغير جريدة.

٣٣٨. الثاني والعشرون : إذا سقط من الميّت شي‌ء من شعره أو بدنه ، وجب طرحه معه في الكفن.

٣٣٩. الثالث والعشرون : لو خرجت منه نجاسة بعد التغسيل ، ولاقت جسده غسلت بالماء ، وإن لاقت كفنه فكذلك ، فإن خرجت بعد طرحه في القبر ، قرض الكفن.

٣٤٠. الرابع والعشرون : كفن المرأة على زوجها وإن كانت ذات يسار ، وانّما يلزمه قدر الواجب.

٣٤١. الخامس والعشرون : يؤخذ الكفن المفروض من أصل المال ، مقدّما على الديون والوصايا والميراث ، فما فضل صرف في الدين إن كان ، فإن فضل أو لم يكن ، صرف في الوصيّة ، فإن فضل أو لم تكن ، صرف إلى الورثة.

١٢٢

٣٤٢. السادس والعشرون : إذا لم يكن له كفن دفن عريانا ، ولا يجب على المسلمين (١) ، بل يستحبّ استحبابا مؤكّدا ، وكذا ما يحتاج إليه من كافور وغيره.

٣٤٣. السابع والعشرون : للورثة أن يمتنعوا (٢) من بذل الفاضل على القدر الواجب في الكفن ، ولبعضهم أيضا. ولو اتّفقوا على البذل وهناك دين والتركة قاصرة ، فللغرماء المنع.

٣٤٤. الثامن والعشرون : تجمير الأكفان (٣) مكروه ، وكذا اتباع الجنازة بالمجمرة.

٣٤٥. التاسع والعشرون : لو أراد أهل الميّت أن ينظروه (٤) لم يمنعوا.

وكذا لو أرادوا تقبيله ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبّل عثمان بن مظعون مرتين (٥).

٣٤٦. الثلاثون : المحرم يغطى رأسه ورجلاه ، كالحلال.

__________________

(١) في «ب» : ولا يجب على المسلم بذل الكفن.

(٢) في «ب» : أن يمنعوا.

(٣) أي تبخيرها وتدخينها. لاحظ مجمع البحرين. والنهاية.

(٤) في «ب» : يبصروه.

(٥) سنن أبي داود : ٣ / ٢٠١ الحديث ٣١٦٣ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٤٦٨ الحديث ١٤٥١ ؛ سنن البيهقي : ٣ / ٤٠٧.

١٢٣

المطلب الرابع : في الصلاة عليه

والنظر يتعلق بأمور ثلاثة

[النظر] الأوّل : من يصلّى عليه

وفيه عشرة مباحث :

٣٤٧. الأوّل : يجب الصلاة على كلّ ميّت مسلم ، أو في حكم المسلم كالصبي

إذا بلغ ستّ سنين ، ويستحب على من لم يبلغها إذا ولد حيّا ، أمّا السقط فلا يصلّى عليه وإن ولجته الروح. ولا فرق بين الحر والعبد والذكر والأنثى في ذلك كلّه.

٣٤٨. الثاني : الشهيد يصلّى عليه ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى على شهداء بدر وأحد (١) ، وكبّر على حمزة سبعين تكبيرة (٢).

٣٤٩. الثالث : الغائب لا يجوز الصلاة عليه ، سواء كان في البلد أو غيره ، وما نقل من صلاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على النجاشي (٣) محمول على الدعاء والترحّم.

٣٥٠. الرابع : النفساء يصلّى عليها ، وهو وفاق ، وخلاف الحسن البصري (٤)

__________________

(١) سنن ابن ماجه : ١ / ٤٨٥ الحديث ١٥١٣ ؛ سنن البيهقي : ٤ / ١٢.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٧٧٧ ، الباب ٦ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث ٣.

(٣) صحيح البخاري : ٢ / ١١٢ ؛ سنن أبي داود : ٣ / ٢١٢ و ...

(٤) أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري ، مولى الأنصار ، وأمّه خيرة مولاة أمّ سلمة ، روى عن : أبي بن كعب وسعد بن عبادة وعمر بن الخطاب ولم يدركهم ، وروى عنه : حميد الطويل وقتادة وعطاء وغيرهم ، مات سنة ١١٠ ه‍. لاحظ طبقات الفقهاء : ٩١ ؛ وتهذيب التهذيب : ٢ / ٢٦٣ ؛ وشذرات الذهب : ١ / ١٣٦.

١٢٤

لا اعتداد به (١) لانقراضه ، وفعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على خلافه (٢) ، فانّه صلّى على امرأة ماتت في نفاسها (٣).

٣٥١. الخامس : إذا اشتبه قتلى المشركين بقتلى المسلمين صلّى على الجميع صلاة واحدة ، وصرفها إلى المؤمنين بالنيّة.

٣٥٢. السادس : إذا وجد ميّت ، ولم يعلم إسلامه ، ولم يظهر عليه أثره كالختان ، فإن كان في دار الإسلام غسل وصلّى عليه ، وإلّا فلا.

٣٥٣. السابع : إذا وجد بعض الميّت ، فإن كان فيه الصدر ، أو الصدر وحده ، صلّى عليه ، وإلّا فلا.

٣٥٤. الثامن : قطاع الطريق وتارك الصلاة و [يصلّى عليهم]

المقتول قصاصا أو حدّا ، والميّت حتف أنفه في قتال الكفار ، والشهيد عندنا ، وقتيل الحربي اغتيالا من غير قتال أو بقتال ، والقتيل ظلما ، والمبطون والغريب ، يصلّى عليهم.

٣٥٥. التاسع : الخوارج والغلاة لا يصلّى عليهم.

٣٥٦. العاشر : يصلّى الإمام على الغالّ ، وهو الذي كتم غنيمته أو بعضها ليختص بها ، وعلى قاتل نفسه.

__________________

(١) لاحظ المغني لابن قدامة : ٢ / ٣٣٢.

قال الشيخ في الخلاف : ١ / ٧١٤ ، المسألة ٥٢٣ من كتاب الجنائز : النفساء تغسّل ويصلّى عليها ، وبه قال جميع الفقهاء ، وقال الحسن البصري : لا تغسّل ولا يصلّى عليها.

(٢) في «ب» : بخلافه.

(٣) صحيح البخاري : ٢ / ١١١ ؛ صحيح مسلم : ٢ / ٦٦٤ ؛ سنن أبي داود : ٣ / ٢٠٩ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٤٧٩ ؛ مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ١٩ ؛ سنن النسائي : ٤ / ٧٢.

١٢٥

النظر الثاني : في المصلي

وفيه اثنا عشر بحثا :

٣٥٧. الأوّل : أولى الناس بالصلاة عليه أولاهم بميراثه ، والأب أولى من الابن ، (١) والولد أولى من الجدّ ، وكذا ولد الولد أولى منه ، والأخ المتقرّب من الطرفين أولى من المتقرّب بأحدهما ، والزوج أولى بالمرأة (٢) من كلّ أحد ، والذكر أولى من الأنثى ، والحرّ أولى من العبد.

٣٥٨. الثاني : انّما يتقدّم الوليّ مع استجماع شرائط الإمامة ، فإن فقدها استناب.

٣٥٩. الثالث : إذا تساوى الأولياء ، قدّم الأفقه فالأقرأ فالأسنّ فالأصبح (٣).

٣٦٠. الرابع : لو كان هناك عبد فقيه ، وحرّ غير فقيه ، أو أخ رقيق وعمّ حرّ ، فالأقرب تقديم الحرّ.

٣٦١. الخامس : لو تساويا في الصفات رجع إلى القرعة أو التّراضي.

٣٦٢. السادس : لا يجوز لأحد أن يتقدّم إلّا بإذن الوليّ ، وإن كملت فيه الشرائط.

٣٦٣. السابع : إمام الأصل أولى من كلّ أحد ، ويجب على الوليّ تقديمه ، فإن لم يقدّمه ، قيل (٤) لم يجز له التقدم (٥) ، لأنّه حقّ الوليّ ، والأقرب الجواز ، لأنّه من الأمر بالمعروف.

__________________

(١) في «أ» : من الأخ.

(٢) في «ب» : من المرأة.

(٣) قال الفيومي : صبح الوجه ـ بالضم ـ : صباحة أشرق وأنار ، فهو صبيح. المصباح المنير.

(٤) القائل هو الشيخ في المبسوط : ١ / ١٨٣.

(٥) في «أ» : التقديم.

١٢٦

والهاشمي أولى من غيره مع استجماع الشرائط وتقديم الوليّ له ، ويستحبّ له تقديمه.

٣٦٤. الثامن : للمرأة أن تؤمّ بمثلها جماعة.

٣٦٥. التاسع : الوليّ أولى ممن أوصى الميّت إليه بالصلاة ومن الأمير.

٣٦٦. العاشر : إذا قدّم الوليّ غيره ، فهل لذلك الغير الاستنابة؟

فيه نظر ، أقربه أنّه ليس له ذلك ، لأنّ رغبة الوليّ يجوز ان يستند إلى علمه باستجابة دعائه ، وهو غير متحقّق في النائب.

٣٦٧. الحادي عشر : يجوز للنساء أن يصلّين جماعة ومنفردات.

ومع اجتماعهنّ تقف إمامتهنّ في وسطهنّ.

٣٦٨. الثاني عشر : إذا اجتمعت جنائز ، وتشاحّ أولياؤهم فيمن يتقدّم للصلاة عليهم ، قدّم الأولى بالإمامة.

النظر الثالث : في كيفيّة الصلاة

وفيه ثمانية عشر بحثا :

٣٦٩. الأوّل : يستحبّ لمن شيّع الجنازة أن يمشي خلفها ، أو إلى أحد جانبيها ، متفكّرا (١) في أمر الآخرة ، وإعلام المؤمنين ليتوفّروا على تشييع المؤمن (٢) ، وتربيع الجنازة : وهو حملها بجوانبها الأربع ، بأن يبدأ بالجانب الأيمن من مقدم

__________________

(١) في «ب» : يتفكر.

(٢) في «أ» : على تشييع المؤمنين.

١٢٧

السرير ، فيضعه على كتفه الأيمن ، ثمّ يضع القائمة اليمنى من عند رجليه على كتفه الأيمن أيضا ، ثمّ يضع القائمة اليسرى من عند رجليه على كتفه الأيسر ، ثمّ القائمة اليسرى من عند رأسه على كتفه الأيسر ، وأن يقول من رأى جنازة : الحمد لله الّذي لم يجعلني من السواد المخترم ، والإسراع بها ، وأن لا يجلس حتّى يوضع الجنازة عن أعناق الرجال.

ويكره المشي أمامها إلّا لعارض ، والركوب خلفها إلّا لضرورة ، والتحدث بشي‌ء من أمور الدنيا ، والضحك ، ورفع الصوت ، ولا يستحبّ القيام لرائي الجنازة (١).

٣٧٠. الثاني : كيفيّة الصلاة :

أن يكبّر المصلّي خمس تكبيرات ، بأن يكبّر ويتشهد الشهادتين ، ثمّ يكبّر ويصلّي على النبيّ وآله عليهم‌السلام ، ثم يكبّر ويدعو للمؤمنين ، ثمّ يكبّر ويدعو للميّت إن كان مؤمنا ، وعليه إن كان منافقا ، وبدعاء المستضعفين إن كان كذلك (٢).

وإن جهل حاله سأل الله تعالى أن يحشره مع من يتولّاه ، وإن كان طفلا سأل الله تعالى أن يجعله له ولأبويه فرطا ، ثمّ يكبّر الخامسة وينصرف.

٣٧١. الثالث : يجب فيها النيّة ، واستقبال القبلة ، وجعل رأس الجنازة إلى يمين المصلّي ، والتكبيرات.

وهل الدعاء بينها واجب أم لا؟ الأقرب وجوبه ، ولا يشترط فيها الطهارة ، بل يستحبّ.

__________________

(١) في «أ» : لو رأى الجنازة.

(٢) في «أ» : وبدعاء المؤمنين المستضعفين إن كان كذلك.

١٢٨

٣٧٢. الرابع : لا يجوز التباعد عن الجنازة بما يعتدّ به ، إلّا مع اتّصال الصفوف ، ولا الصلاة عليه إلّا بعد تغسيله وتكفينه ، فإن تعذّر الكفن طرح في القبر ، وسترت عورته ، ثم صلّى عليه.

٣٧٣. الخامس : يستحبّ فيها الجماعة ، ووقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة ، وأن ينزع نعليه ، ويرفع يديه في كلّ تكبيرة على أقوى القولين ، والوقوف بعد الصلاة حتّى ترفع الجنازة ، والصلاة في المواضع المعتادة لها ، ويجوز في المساجد.

٣٧٤. السادس : يكره أن يصلّى على الجنازة الواحدة مرّتين ، لأنّ المراد المبادرة ، وهو ينافي ذلك.

٣٧٥. السابع : يقتصر المصلّي على المنافق على أربع تكبيرات ، وينصرف بالرابعة.

٣٧٦. الثامن : العراة يقف إمامهم في وسطهم ، ولا يبرز عنهم كالنساء ، وغيرهم من الأئمّة يتقدّم إمام الصف وإن كان المؤتمّ واحدا.

ولو اقتدى النساء بالرجال ، وقفن خلفهم ، والحائض تنفرد عن النساء في صف بانفرادها.

٣٧٧. التاسع : إذا اجتمعت جنازة رجل وامرأة ، جعل الرجل ممّا يلي الإمام ويجعل صدرها عند وسطه ، ليقف الإمام موضع الفضيلة بالنسبة إليهما معا ، ولو كان معهما طفل لا يصلّى عليه ، جعل وراء المرأة مما يلي القبلة ، لأنّ المرأة أحوج إلى الشفاعة منه ، وإن كان معهم عبد ، جعل متوسّطا بين الرجل والمرأة ، وإن

١٢٩

كان معهم خنثى ، جعل متوسّطا بين العبد والمرأة ، والأفضل تفريق الصلاة ، ومع الجمع ينبغي التقديم بخصال دينيّة ، ترغب في الصلاة عليه. وعند التساوي لا يستحق القرب إلّا بالقرعة ، أو التراضي.

٣٧٨. العاشر : لو سبق الإمام بالتكبير ، تابعه المأموم ، ثم يكبّر الفائت ولاء ، وان رفعت الجنازة ، ولو دفنت أتمّ على القبر ، ولو أدرك الإمام بين تكبيرتين لم ينتظر تكبيرة الإمام ، ولو سبق المأموم ، أعاد مع الإمام استحبابا.

٣٧٩. الحادي عشر : من لم يصلّ على الجنازة ، يستحبّ له أن يصلّي على القبر يوما وليلة ، ثمّ لا يصلّي بعد ذلك على أظهر القولين.

٣٨٠. الثاني عشر : يصلّى على الجنازة في كلّ وقت وإن كان أحد الأوقات الخمسة ، ما لم يتضيّق وقت فريضة حاضرة ، ولو كان في ابتدائه قدّمت الفريضة ما لم يخف على الميت.

٣٨١. الثالث عشر : لا بأس بالصلاة والدفن ليلا ، وإن فعل بالنهار فهو أفضل ، إلّا أن يخاف على الميّت.

٣٨٢. الرابع عشر : لو صلّى بعض الصلاة ، فأحضرت جنازة أخرى ، تخير بين استيناف الصلاة عليها من رأس ، وبين إتمام الصلاة على الأولى ، واستينافها للثانية.

٣٨٣. الخامس عشر : لا قراءة في هذه الصلاة ولا تسليم ولا افتتاح ولا استعاذة.

٣٨٤. السادس عشر : لا يشترط في الصلاة أربعة نفر ولا الذكور ، بل يكفي الواحد وإن كان امرأة.

١٣٠

٣٨٥. السابع عشر : إذا صلّى على جنازة ، ثمّ تبيّن أنها كانت مقلوبة ، أعاد الصلاة عليها بعد تسويتها ، وإن دفنت فقد مضت الصلاة.

٣٨٦. الثامن عشر : لو لم يكبّر المأموم الثانية قصدا حتى كبّر الإمام الثالثة ، فالوجه أن صلاته لا تبطل ، بل يكبّر الثانية له وإن كانت ثالثة للامام ، ثمّ يتابعه ، ويكبّر بعد فراغ الإمام الخامسة.

المطلب الخامس : في الدفن

وفيه أربعة وعشرون بحثا :

٣٨٧. الأوّل : دفن الميّت واجب على الكفاية ، وأقلّ الفرض حفيرة تحرس الميّت عن السباع ، وتكتم رائحته مع القدرة ، بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه ، وأن يضجع على جانبه الأيمن ، مستقبل القبلة ، بحيث لا ينكب ولا يستلقى.

٣٨٨. الثاني : يستحبّ أن يحفر القبر قدر قامة (١) أو إلى الترقوة (٢) ، ويجعل اللحد ممّا يلي القبلة ، وهو أفضل من الشق ، ويجعل سعة اللحد قدر ما يتمكّن الرجل فيه من الجلوس ، ثمّ توضع الجنازة على الأرض إذا وصلت إلى القبر ، ممّا يلي رجليه إن كان الميّت رجلا ، وقدّام القبر إن كانت امرأة ، وأن ينقل في ثلاث دفعات ، وأن يرسل إلى القبر سابقا برأسه ، والمرأة عرضا ، وأن ينزل من يتناوله حافيا كاشفا رأسه ، حالّا أزراره ، داعيا عند إنزاله ، وأن يحلّ عقد الأكفان من قبل رأسه ورجليه ، وأن يوضع شي‌ء من تربة الحسين عليه‌السلام معه ، والتّلقين والدعاء له ،

__________________

(١) في «أ» : قدر قامته.

(٢) في «ب» : قدر قامة إلى الترقوة.

١٣١

وشرج اللبن ، والخروج من قبل رجلي القبر ، وإهالة الحاضرين التراب بظهور الأكف مسترجعين ، ورفع القبر مقدار أربع أصابع ، وأن لا يطرح فيه من غير ترابه ، وتربيعه ، وصبّ الماء عليه من قبل رأسه دورا وإلقاء الفاضل على الوسط ، ووضع اليد عليه ، والترحم ، ووضع لبنة أو لوح عند رأسه ، وترك شي‌ء من الحصا على القبر ، وتلقين الوليّ له بعد انصراف الناس رافعا صوته.

٣٨٩. الثالث : يكره فرش القبر بالساج إلّا مع الضرورة ، ونزول ذي الرحم القبر إلّا في المرأة ، وزوجها أفضل ، فإن تعذّر فأحد ذوي أرحامها ، فإن تعذّر فالنساء ، فإن تعذّرت فبعض المؤمنين ، وإهالة التراب على ذي الرحم ، وتجصيص القبور ، وتجديدها بعد اندراسها ، ولا بأس بتطيينها ابتداء ، ونقل الميّت إلى غير بلد موته ، إلّا إلى أحد المشاهد ، فانّه مستحبّ ، والاستناد إلى القبر والاتّكاء عليه ، والمشي ، والتغوط بين القبور ، وحفر قبر مع العلم بدفن آخر ، إلّا لضرورة ، وبناء المسجد على القبر ، والصلاة عليه.

٣٩٠. الرابع : يحرم نبش القبور ، ونقل الموتى بعد دفنهم ، وشقّ الثوب على غير الأب والأخ.

٣٩١. الخامس : راكب البحر إذا تعذّر دفنه في الأرض ، وضع في وعاء بعد تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ، ثمّ يترك في البحر ، أو يثقل بشي‌ء.

٣٩٢. السادس : يدفن الشهيد بثيابه ، وينزع عنه الخفان ، وإن أصابهما الدم على خلاف (١).

__________________

(١) لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف : ١ / ٤٠٢.

١٣٢

٣٩٣. السابع : الصبيّ والمجنون حكمهما في الشهادة وأحكامها حكم البالغ العاقل.

٣٩٤. الثامن : إذا ماتت الحامل دون الولد ، شقّ بطنها من الجانب الأيسر ، وأخرج الولد ، وخيط الموضع ، ولو مات الولد دونها أدخلت القابلة ، أو من يقوم مقامها ، يدها في فرجها ، وقطعت الصبيّ ، وأخرجته قطعة قطعة مع تعذّر خروجه.

٣٩٥. التاسع : الذميّة الحامل من مسلم ، تدفن في مقابر المسلمين لحرمة ولدها ، ويستقبل بظهرها القبلة.

٣٩٦. العاشر : لا يترك المصلوب على خشبته أكثر من ثلاثة أيّام ، ثمّ ينزل بعد ذلك ، ويدفن بعد الصلاة عليه.

٣٩٧. الحادي عشر : يستحبّ أن يدفن الميّت في أشرف البقاع ، فإن مات في بلد لا أحد من الأئمّة عليهم‌السلام فيه ، استحبّ نقله إلى بعض مشاهدهم (١) فإن تعذّر ، دفن في مقبرة من يذكر بخير وفضيلة من شهداء أو صالحين.

٣٩٨. الثاني عشر : الدفن في المقبرة أفضل من الدفن في البيت ، اقتداء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث دفن أصحابه في المقابر (٢) ، ولما فيه من التوسعة على الورثة في منازلهم.

__________________

(١) في «أ» : إلى بعض المشاهد.

(٢) قال المصنف في التذكرة : ٢ / ١٠٠ : الدفن في مقبرة المسلمين أفضل من الدفن في البيوت ، لأنّه أقلّ ضررا على الأحياء من ورثته ، وأشبه بمساكن الآخرة ، وأكثر للدعاء له والترحم عليه ، ولم تزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحاري ، واختاره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه وكان يدفنهم بالبقيع.

١٣٣

٣٩٩. الثالث عشر : يستحبّ للإنسان اتّخاذ مقبرة له ، يدفن فيها هو وأهله وعشيرته.

٤٠٠. الرابع عشر : يكره دفن الميّتين في قبر واحد.

٤٠١. الخامس عشر : السابق في المقبرة المسبّلة أولى ، ويقرع مع عدم السبق ، فإذا دفن في المسبلة لم يكن لغيره الدفن فيه ، إلّا بعد اندراسه والعلم بأنّه قد صار رميما ، فإن حفره فوجد عظما ردّه ، وحفر غيره.

٤٠٢. السادس عشر : لو استعار أرضا للدفن ، جاز للمالك الرجوع قبله لا بعده ، إلّا أن يبلى الميّت ، أمّا لو غصبها فدفن فيها ، كان للمالك قلع الميّت ، والأفضل تركه ، ولو كان أحد الوارثين غائبا ، فاختار الحاضر الدفن في أرض مشتركة بينهما ، استحب للغائب مع حضوره ترك نقله.

ولو اتّفقت الورثة على دفنه في موضع ، لم يكن لأحدهم نقله بعد ذلك ، ولو اختار بعضهم الملك وبعضهم المسبّل قدّم اختيار المسبّل.

٤٠٣. السابع عشر : قال الشيخ : إذا دفن ميّت في القبر ، ثم بيعت الأرض ، جاز للمشتري نقل الميّت ، والأفضل تركه (١) وفي الإطلاق نظر ، بل الصحيح انّ ذلك في المغصوب.

٤٠٤. الثامن عشر : إذا أخذ السيل الميّت ، أو أكله السبع ، كان الكفن للورثة ، إلّا إذا كان من متبرّع ، ففي العود إليه اشكال.

٤٠٥. التاسع عشر : يستحبّ أن يخمر قبر المرأة بثوب ، إذا أريد دفنها ، ويكره في الرجال.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ١٨٨.

١٣٤

٤٠٦. العشرون : يكره تسنيم القبور ، وانّما المستحبّ تسطيحها.

٤٠٧. الواحد والعشرون : جمع الأقارب في مقبرة واحدة حسن ، «فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما اقبر عثمان بن مظعون أمر بوضع حجر عند رأسه ، فلم يقدر المأمور ، فحسر عن ذراعيه عليه‌السلام ، ثمّ نقله فوضعه عند رأسه ، وقال : أعلم بها قبر أخي ، وأدفن إليه من مات من أهله (١)».

٤٠٨. الثاني والعشرون : لو بلع الميّت شيئا له قيمة كثيرة ، فإن كان له أو لغيره ، ففي جواز شقّ بطنه وإخراجه إشكال ، ينشأ من حرمة الميّت ، وجواز الأخذ من التركة ، ومن تضييع المال والإضرار بالوارث والمالك ، ولو وقع في القبر ماله قيمة ، جاز نبشه وأخذه.

٤٠٩. الثالث والعشرون : لو دفن من غير غسل ، أو وجّه إلى غير القبلة ، أخرج وغسّل ، أو وجّه إلى القبلة ، ثمّ دفن ، أمّا لو دفن بغير صلاة أو بغير تكفين ، فالأقرب ترك نبشه ، والأولى أنّ حكم التكفين حكم التغسيل ، ولو كفّن بثوب مغصوب ، فالوجه جواز نبشه ، وإعادة العين إلى صاحبها.

٤١٠. الرابع والعشرون : يستحبّ زيارة المقابر ، والترحّم على أهلها ، والدعاء لهم ، وقراءة القرآن عندهم للرجال والنساء ، وما يهدى إليه من ثواب القربات ينفعه.

٤١١. خاتمة : يستحبّ التعزية : وهو الحمل على الصبر بوعد الأجر ، والدعاء للميّت والمصاب ، بعد الدفن وقبله ، وأقلّه أن يراه صاحبها.

__________________

(١) سنن أبي داود : ٣ / ٢١٢ برقم ٣٢٠٦ ، وسنن البيهقي : ٣ / ٤١٢.

١٣٥

قال الشيخ رحمه‌الله : ويكره الجلوس للتعزية يومين وثلاثة (١) وفيه نظر ، قال : ويجوز لصاحب المصيبة أن يتميّز عن غيره بإرسال طرف العمامة ، أو أخذ مئزر فوقها في الأب والأخ ، ولا يجوز في غيرهما (٢).

وليس في التعزية شي‌ء موظّف ، ويستحبّ تعزية جميع أهل المصيبة ، من الرجال والنساء والصبيان ، إلّا الشابّ من النساء الأجانب.

ويكره تعزية أهل الذمة ، ويعزّى المسلم بقريبه الكافر ، والدعاء للحيّ ، ويعزّى الكافر بقريبه المسلم والدعاء للميّت.

ويستحبّ إصلاح طعام لأهل المصيبة ، كما أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في موت جعفر عليه‌السلام (٣).

والبكاء جائز غير مكروه ، فانّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكى على ابنه إبراهيم (٤) ، وعلى عثمان بن مظعون ، وعلى جماعة من أصحابه (٥).

ويحرم اللطم والخدش وجزّ الشعر والنوح بالباطل.

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ١ / ١٨٩.

(٣) جعفر الطيار بن أبي طالب أخو عليّ عليه‌السلام لأبويه ، كان أشبه الناس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلقا وخلقا ، وكان أسنّ من عليّ عليه‌السلام بعشر سنين ، وأخوه عقيل أسنّ منه بعشر سنين ، وأخوهم طالب أسنّ من عقيل بعشر سنين ، قتل شهيدا سنة ٨ ه‍. لاحظ أسد الغابة : ١ / ٢٨٦ ، وأعيان الشيعة : ٤ / ١١٨.

وقد ورد إصلاح الطعام في سنن أبي داود : ٣ / ١٩٥ برقم ٣١٣٢ ؛ وسنن الترمذي : ٣ / ٣٢٣ برقم ٩٩٨ ؛ وسنن الدارقطني : ٢ / ٧٩ و ٨٧.

(٤) إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمّه مارية أهداها إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير مصر عند ما بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليه كتابا يدعوه إلى الإسلام وعقيدة التوحيد ، فأجاب على كتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع إهدائها ، وقد توفي في السنة العاشرة من الهجرة وله من العمر ثمانية عشر شهرا. لاحظ السيرة الحلبية : ٣ / ٣١١ ؛ وبحار الأنوار : ٢٢ / ١٥٧.

(٥) سنن ابن ماجة : ١ / ٤٦٨ ؛ وسنن الترمذي : ٣ / ٣١٤ ؛ وسنن البيهقي : ٣ / ٤٠٧ ؛ ومستدرك الحاكم : ١ / ٣٦١.

١٣٦

في غسل مسّ الأموات

٤١٢. تتمة : يجب على من مسّ ميّتا من الناس بعد برده بالموت ، وقبل تطهيره بالغسل ، الاغتسال ، وكذا لو مسّ قطعة منه فيها عظم ، سواء قطعت من حيّ ، أو ميّت ، ولو مسّ ما لا عظم فيه ، وجب عليه غسل موضع الملاقاة خاصّة ، وكذا لو مس ميّتا من غير الناس.

ولو مسّ الميّت بعد أن تيمّم لعذر وجب الغسل ، والأقرب وجوب الغسل على من مسّ الميّت بعد غسل الكافر له ، لا بعد القتل بالرجم والحدّ مع سبق الغسل قبل القتل ، ولا الشهيد ، وفي مسّ الميّت الكافر إشكال. (١)

__________________

(١) قال المصنف في المنتهى : ٢ / ٤٥٨ : الأقرب انّ الغسل يجب بمسّ الكافر ، لأنّه في حياته نجس وبالموت لا يزول عنه ذلك الحكم ، ويحتمل العدم ، لأنّ قولهم : «قبل تطهيره بالغسل» انّما يتحقّق في ميّت يقبل التطهير.

١٣٧
١٣٨

المقصد الرابع : في التيمّم

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل

في الأسباب المبيحة للتيمّم ، وينظمها شي‌ء واحد ، وهو العجز عن استعمال الماء، ثمّ إنّ العجز له أسباب ، نذكرها في مباحث (١).

السبب الأوّل : فقدان الماء

وفيه أحد عشر بحثا :

٤١٣. الأوّل : يجب مع فقدان الماء الطلب غلوة (٢) سهمين في كل جهة من الجهات الأربع ، مع سهولة الأرض ، وغلوة سهم من كل جهة مع حزونتها. (٣)

٤١٤. الثاني : لو تحقّق عدم الماء في هذه الأبعاد ، فالوجه عدم وجوب الطلب.

__________________

(١) في «ب» : يذكر في مباحث.

(٢) الغلوة : الغاية مقدار رمية. الصحاح.

(٣) الحزن : ما غلظ من الأرض. الصحاح.

١٣٩

٤١٥. الثالث : لو غلب على ظنّه وجود الماء في الزائد عنه ، وجب طلبه مع المكنة ، إلّا أن يضيق الوقت.

٤١٦. الرابع : لا فرق بين جوانب المنزل (١) ، وصوب المقصد.

٤١٧. الخامس : لو دخل عليه وقت صلاة أخرى ، وقد طلب في الأولى ، ففي وجوب الطلب ثانيا إشكال ، أقربه عدم الوجوب ، ولو انتقل عن ذلك المكان ، وجب إعادة الطلب ، ولا ينتقض تيمّمه إلّا بالوجدان.

٤١٨. السادس : قد بيّنا وجوب طلب الماء ، فلو أخلّ به ثمّ تيمّم وصلّى ، فإن استمرّ الفقد صحّت الصلاة وإن عصى بترك الطلب ، وإن وجد الماء مع أصحابه ، أو في رحله بعد التيمّم والصلاة ، توضّأ وأعاد الصلاة.

٤١٩. السابع : لو وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته ، تيمّم ، ولا يجب استعماله في بعض الأعضاء ، لا في الغسل ولا في الوضوء. ولو كان على جسده أو ثوبه نجاسة ، ومعه من الماء ما لا يكفيه لهما ، أزال النجاسة بالماء ، وتيمّم للصلاة.

٤٢٠. الثامن : لو أراق الماء في الوقت عصى ، وفي وجوب القضاء إشكال ، أمّا لو أراقه قبل الوقت ، فلا قضاء.

٤٢١. التاسع : لا فرق بين قصير السفر وطويله.

٤٢٢. العاشر : لا يشترط السفر ، بل لو عدم الماء في الحضر تيمّم وصلّى ، ولا إعادة.

__________________

(١) لا فرق بين جوانب النقطة التي نزل فيها المسافر ، والجهة التي يقصدها من السفر.

١٤٠