المتعة

السيّد علي الحسيني الميلاني

المتعة

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ٠
ISBN: 964-319-265-2
الصفحات: ٥٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

والحديث إذا كان متابعة في الاصطلاح فمعناه أنّه ليس هو مورد الاحتجاج ، وإنّما ذكر لتقوية حديث آخر ، ومسلم إنّما أخرج له حديثاً واحداً في المتعة ، هو نفس هذا الحديث ، متابعةً ، وقد نبّه على ذلك المزّي صاحب كتاب تهذيب الكمال ، ولاحظوا تهذيب التهذيب (١).

فظهر أنّ هذا الحديث ساقط سنداً عند الشيخين ، وابن معين ، وغيرهم ، من أعلام المحدّثين وأئمّة الجرح والتعديل.

وخلاصة البحث إلى الآن : إن أمر القوم يدور بين أمرين كما ذكر ابن قيّم الجوزيّة :

إمّا أن ينسبوا التحريم إلى عمر ويجعلوا سنّته سنّةً شرعيّة يجب اتّباعها على أساس الحديث الذي ذكرناه.

وأمّا إذا كان التحريم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلماذا نسبه عمر إلى نفسه ؟ ولماذا نسب كبار الصحابة إلى عمر التحريم ؟

ثمّ حينئذ يسألون عن وقت هذا التحريم ، وقد ظهر أنّه ليس في أوطاس ، ولا في فتح مكّة ، ولا في حجّة الوداع ، ولا ، ولا ، ولا ، فأين كان هذا التحريم الذي بلغ عمر ولم يبلغ سائر الصحابة أجمعين ؟

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٦ / ٣٤٩.

٤١

هنا يضطربون ـ لاحظوا ـ يقولون : إنّ التحريم والتحليل تكرّرا ، حلّلها رسول الله في موطن ، ثمّ في الموطن اللاحق حرّمها ، في الموطن الثالث حلّلها ، في الموطن الرابع حرّمها ... وهكذا ، حتّى يجمع بين هذه الأقوال والروايات.

لاحظوا عنوان مسلم يقول : باب نكاح المتعة وبيان أنّه أُبيح ثمّ نسخ ثمّ أبيح ثمّ نسخ واستقرّ حكمه إلى يوم القيامة.

لكنّ الروايات والأقوال هي أكثر من مرّتين ، تبلغ السبعة ، ولذا اضطرّ بعضهم أن يقول : أحلّ الرسول المتعة وحرّمها ، أحلّها وحرّمها إلى سبعة مواطن ، وهذا ما التزمه القرطبي في تفسيره (١).

لكنّ ابن القيّم يقول : هذا لم يعهد في الشريعة (٢) ولا يوجد عندنا حكم أحلّه الله سبحانه وتعالى وحرّمه مرّتين ، فكيف إلى سبعة مرّات ؟!

فيظهر أنّها محاولات فاشلة ، ولم يتمكّنوا من إثبات تحريم رسول الله ، وكان الأجدر بهم أن يلتزموا بالقول الثاني ، أي القول بأنّ التحريم من عمر وأنّ سنّته سنّة شرعيّة وتعتبر سنّته من سنّة رسول الله ، وعلى المسلمين أن يأخذوا بها.

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠.

(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد ٢ / ١٨٤.

٤٢

كان الأجدر بهم جميعاً أن يلتزموا بهذا ، إن أمكنهم تصحيح حديث « عليكم بسنّتي ... » وتماميّة هذا الحديث في دلالته.

وإلى الآن ... بقيت ذمّة عمر مشغولة ، والمشكلة غير محلولة.

٤٣
٤٤

الإفتراء على عليّ عليه‌السلام في مسألة المتعة

حينئذ يضطرّون إلى الإفتراء ، لأنّ المخالف الأوّل عليّ ، وعليّ هو الإمام العالم بالأحكام الشرعيّة ، الحريص على حفظها وتطبيقها بحذافيرها ، فالأولى أن يفتروا على علي ، ويضعوا على لسانه أحاديث في أنّ رسول الله حرّم المتعة ، فخرج عمر عن العهدة وشاركه في الحكم بالتحريم والنقل عن رسول الله علي عليه‌السلام.

وهذه طريقة أُخرى بعد أن فشلت المحاولات في إثبات أنّ الرسول هو الذي حرّم ، وإثبات أنّه حرّم ولم يعلم بهذا التحريم إلاّ عمر ، وأيضاً فشلوا في نسبة التحريم إلى عمر ، لعدم تمكّنهم من إثبات حديث عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين ، فماذا يفعلون ؟ حينئذ يفترون على من ؟ على عليّ بن أبي طالب ، فلو أنّ عليّاً وافق عمر في فتواه في التحريم في قول ، حينئذ ينتفي الخلاف ولا يبقى نزاع في البين.

٤٥

لكن المشكلة هي أنّ المفترين على علي لمّا تعدّدوا ، تعدّد الوضع عليه والإفتراء ، فجاء أحدهم فنقل عن علي أنّ التحريم من رسول الله ، وكان في الموطن الكذائي ، وجاء الآخر ـ وهو جاهل بتلك الفرية ـ وافترى عليه أنّ رسول الله حرّم في موطن آخر ، وجاء ثالث وهو لا يعلم بأنّ قبله من افترى على علي في موطنين ، فوضع موطناً ثالثاً ، وهكذا عادت المشكلة وتعدّدت الروايات ، فمتى حرّم رسول الله المتعة ؟ عادت المشكلة من جديد ، عندما يتعدّد المفترون ، وكلٌّ لا علم له باختلاق غيره ، حينئذ يتعدّد الاختلاق ، وإذا تعدّد الاختلاق حصل الاختلاف ، حتّى لو كانت الأحاديث موجودة في الصحيحين ، إذ الخبران حينئذ يتعارضان ، لأنّ التحريم من رسول الله واحد.

فمنهم من ينقل عن علي أنّ رسول ألله حرّم المتعة في تبوك ، ومنهم من ينقل عن علي أنّ رسول الله حرّم المتعة في حنين ، ومنهم من ينقل عن علي عن رسول الله أنّه حرّم المتعة في خيبر ، عادت المشكلة من جديد ، وقد أرادوا أن يجعلوا عليّاً موافقاً لعمر في التحريم ، فتورّطوا من جديد !!

لاحظوا الأسانيد بدقّة ، فالسند واحد ، السند الذي يقول عن علي التحريم في تبوك هو نفس السند الذي يقول عنه أنّ التحريم

٤٦

في خيبر ، وهو نفس السند الذي يقول أنّ التحريم في حنين ، فلاحظوا كيف يكون !!.

الحديث الأول : قال النووي : وذكر غير مسلم عن علي أنّ النبي نهى عنها في غزوة تبوك ، من رواية إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبد الله بن محمّد بن علي عن أبيه عن علي : أنّ رسول الله حرّم المتعة في تبوك.

إذن ، الراوي من ؟ الزهري ، عن عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة ، عن أبيه محمد بن الحنفية ، عن علي : إنّ رسول الله حرّم المتعة في تبوك (١).

الحديث الثاني :

أخرج النسائي : أخبرنا عمرو بن علي ومحمّد بن بشّار ومحمّد بن المثنّى ثلاثتهم قالوا : أنبأنا عبد الوهّاب قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : أخبرني مالك بن أنس ، أنّ ابن شهاب ـ أي الزهري ـ أخبره أنّ عبد الله والحسن ابني محمّد بن علي أخبراه ، أنّ أباهما محمّد بن علي بن الحنفيّة أخبرهما أنّ علي بن أبي طالب قال : نهى رسول الله يوم خيبر عن متعة النساء ، قال ابن المثنّى [ هذا

__________________

(١) المنهاج في شرح صحيح مسلم ٦ / ١١٩ هامش القسطلاني.

٤٧

أحد الثلاثة الذين روى عنهم النسائي ، لأنّه قال عمرو بن علي ومحمّد بن بشّار ومحمّد بن المثنّى ثلاثتهم ] قال ابن المثنّى : حنين بدل خيبر.

نفس السند ابن المثنّى يقول : حنين ، قال : هكذا حدّثنا عبد الوهّاب من كتابه.

ففي سند واحد ابن المثنّى يقول : حنين ، الآخران يقولان خيبر ، في سند واحد ، والسند ينتهي إلى الزهري ، الزهري عن ابني محمّد بن الحنفيّة ، ومحمّد عن أبيه علي عن رسول الله (١).

وأمّا أخبار خيبر ، ففي الصحيحين ، أخرج البخاري : حدّثنا مالك بن إسماعيل ، حدّثنا ابن عُيينة : إنّه سمع الزهري يقول : أخبرني الحسن بن محمّد بن علي وأخوه عبد الله ، عن أبيهما : إنّ عليّاً قال لابن عباس.

لاحظوا أيضاً قول علي لابن عباس ، هذه عبارة علي يخاطب ابن عباس ، لأنّ ابن عباس إلى آخر لحظة من حياته كان يقول بحليّة المتعة ، هذا ثابت ، وعلي كان من القائلين بالحرمة كما يزعمون.

__________________

(١) سنن النسائي ٦ / ١٢٦.

٤٨

فقال لابن عباس : إنّ النبي نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهليّة زمن خيبر (١).

وأخرج مسلم : حدّثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك على ابن شهاب [ عاد إلى الزهري ] عن عبد الله والحسن ابني محمّد ابن علي ، عن أبيهما ، عن علي بن أبي طالب : أنّ رسول الله نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل اللحوم الحمر الإنسيّة.

هنا لا يوجد خطاب لابن عباس ، فلاحظوا بقيّة الأحاديث :

وحدّثناه عبد الله بن محمّد بن أسماء الربيعي ، حدّثنا الجويرية ، عن مالك بهذا الإسناد [ نفس السند ] وقال : سمع علي بن أبي طالب يقول لفلان [ لا يوجد اسم ابن عباس ] : إنّك رجل تائه ، نهانا رسول الله عن متعة النساء يوم خيبر.

لاحظتم الفرق بين العبارات.

حديث آخر : حدّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة وابن نمير وزهير بن حرب ، جميعاً عن ابن عيينة. قال زهير : حدّثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن الحسن بن عبد الله بن محمّد بن علي ، عن أبيهما ، عن علي : إنّ رسول الله نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم

__________________

(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٩ / ١٣٦.

٤٩

الحمر الأهليّة.

هنا أيضاً لا يتعرض إلى ذكر ابن عباس.

وحدّثنا محمّد بن عبد الله بن نمير ، حدّثنا أبي حدّثنا عبيدالله ، عن ابن شهاب ، عن الحسن وعبد الله ابني محمّد بن علي ، عن أبيهما ، عن علي : إنّه سمع ابن عباس يليّن في متعة النساء فقال : مهلاً يابن عباس [ في هذا اللفظ مهلاً يابن عباس ، كان هناك : إنّك رجل تائه ، في لفظ آخر : قال لفلان ] : مهلاً يابن عباس ، فإنّ رسول الله نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسيّة.

وأيضاً حديث آخر : حدّثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا : أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن الحسن وعبد الله ابني محمّد بن علي بن أبي طالب ، عن أبيهما : إنّه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس : يابن عباس نهى رسول الله عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسيّة (١).

إذن ، لاحظتم أنّهم يروون عن علي بسند واحد أنّ رسول الله حرّم المتعة ، تارة ينقلون حرّمها في خيبر ، وتارة في تبوك ، وتارة في حنين ، وهذه الأحاديث وهي بسند واحد ، أليست تتعارض

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ، هامش القسطلاني ٦ / ١٢٩ ، ١٣٠.

٥٠

ويكذّب بعضها بعضاً ؟ وقد وجدتم الخبر عند النسائي بسند واحد وفيه خيبر وحنين ، كلاهما بسند واحد !

حديث التحريم في تبوك ، نصّ الحافظ ابن حجر بأنّه خطأ.

هذا واحد.

وحديث التحريم في خيبر خطّأه كبار الأئمّة وكذّبه أعلام الحديث والرجال والسير ، لاحظوا السهيلي يقول : هذا غلط هذا كذب.

فابن عبد البر ، والبيهقي ، وإبن حجر العسقلاني ، والقسطلاني صاحب إرشاد الساري ، والعيني صاحب عمدة القاري ، وابن كثير في تاريخه ، وإبن القيّم كلّهم قالوا : هذا غلط وخطأ (١) ، بل قالوا : النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر.

إذن ، فماذا يبقى ؟ وما الفائدة من الإفتراء على علي ، وبقي عمر في تحريم المتعة وحده.

وهذه الأحاديث كلّها ـ كما قرأنا ـ تنصّ على أنّ عبد الله بن عباس كان يقول بالحليّة ، وهناك أحاديث أُخرى أيضاً لم أقرأها ،

__________________

(١) فتح الباري ٩ : ١٣٨ ، عمدة القاري ١٧ : ٢٤٦ ، ارشاد الساري ٦ : ٥٣٦ و ٨ : ٤١ ، زاد المعاد ٢ : ١٨٤ ، البداية والنهاية ٤ : ١٩٣.

٥١

وعلي قال له : إنّك رجل تائه ، لأنّه كان يقول بالحليّة.

فإذن ، يكون ابن عباس مخالفاً لعمر ، وماذا فعلوا ؟ لابد من الإفتراء على ابن عباس أيضاً ، فرووا أنّ ابن عباس رجع عن القول بالحلّيّة ...

يقول ابن حجر في فتح الباري : كلّ أسانيد رجوع عبد الله بن عباس ضعيفة.

ينصّ الحافظ ابن حجر وينصّ ابن كثير على أنّ ابن عباس بالرغم من أنّه خاطبه عليّ بأنّك رجل تائه ، وقال له : مهلاً يابن عباس ... وإلى آخره ، لم يرجع عن القول بالحليّة إلى آخر حياته ، فوضعوا على لسانه أحاديث بأنّه رجع ، وابن حجر يقول : هذه الأحاديث كلّها ضعيفة سنداً ، وابن كثير أيضاً يكذّب الرجوع (١).

وبقي عمر وحده ، ولم يتمكّن أولياؤه من توجيه تحريم عمر وتبرير مقولته ، وماذا نفعل ؟ وما ذنبنا ؟ أرأيتم إنّنا نقلنا شيئاً عن أصحابنا ؟ أوجدتم رواية ذكرناها عن طرقنا ؟ وهل اعتمدنا في هذا البحث على كتاب من كتبنا ؟

أليس الحقّ ـ إذن ـ مع علمائنا ؟

__________________

(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٩ / ١٣٩ ، البداية والنهاية ٤ / ١٩٣.

٥٢

خاتمة البحث

وتبقى هنا نقاط أذكرها لكم :

النقطة الاُولى :

إنّ مدار هذه الأحاديث كما قرأناها على الزهري ، والزهري من أشهر المنحرفين عن علي عليه‌السلام ، وكان صاحب شرطة بني أُميّة ، مع أنّه فقيه كبير ، وكان من المقرّبين للبلاط ، وقد اتخذوا منه جسراً يعبرون عليه إلى مقاصدهم ، حتّى أنّ الإمام زين العابدين عليه‌السلام كتب إليه كتاباً وعظه فيه ونصحه ووبّخه ولم يؤثر فيه ، والكتاب موجود حتّى في الكتب الأخلاقيّة الوعظيّة العرفانيّة مثل إحياء علوم الدين (١) ، وهو أيضاً موجود في أحد كتبنا ، عثرت عليه في كتاب

__________________

(١) إحياء علوم الدين ٢ / ١٤٣.

٥٣

تحف العقول لابن شعبة الحرّاني (١).

هذا الرجل هذا شأنه ، والأسانيد كلّها تنتهي إليه ، والعجيب أنّه عندما يضع ، يضع الشيء على لسان أهل البيت وذريّة الأئمّة الطاهرين ، وقد قرأنا في بعض البحوث السابقة حديثاً في أنّ أبا بكر وعمر صلّيا على فاطمة الزهراء ، وهم يروون هذا الحديث عن الزهري عن أحد الأئمّة عليهم‌السلام وأولادهم ، وهذا فعلهم متى ما أرادوا أن يضعوا مثل هذه الأحاديث يحاولون أن يضعوها على لسان بعض أهل البيت أو أبنائهم.

النقطة الثانية :

ذكروا أنّ عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، هذا الفقيه الكبير ، المتوفى سنة ١٤٩ه‍ ، وهو من كبار التابعين ، ومن أئمّة الفقه والحديث ، ومن رجال الصحاح الستة ، هذا الرجل تزوّج بأكثر من تسعين إمرأة متعة ، وقد أوصى إلى أبنائه وحذّرهم من أن يتزوّجوا بشيء من هذه النساء لأنّهنّ زوجات والدهم ، وهذا من كبار التابعين في القرن الثاني ، لاحظوا سير أعلام النبلاء (٢) وغير

__________________

(١) تحف العقول عن آل الرسول : ١٩٨.

(٢) سير أعلام النبلاء ٦ / ٣٣٣.

٥٤

هذا الكتاب من المصادر بترجمة ابن جريج المكّي.

النقطة الثالثة :

ذكر الراغب الإصفهاني في كتاب المحاضرات : قال يحيى بن أكثم لشيخ بالبصرة : بمن اقتديت في جواز المتعة ؟ قال : بعمر بن الخطاب ، فقال : كيف هذا وعمر كان أشد الناس فيها ؟ قال : لأنّ الخبر الصحيح قد أتى أنّه صعد المنبر فقال : إنّ الله ورسوله أحلاّ لكم متعتين وإنّي أُحرّمهما عليكم وأُعاقب عليهما ، فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه (١).

النقطة الرابعة :

ذكر ابن خلّكان بترجمة يحيى بن أكثم : أنّ المأمون الخليفة العبّاسي أمير المؤمنين عندهم ، أمر بأنْ ينادى بحلّيّة المتعة ، قال : فدخل عليه محمّد بن منصور وأبو العيناء ، فوجداه يستاك ويقول وهو متغيّظ : متعتان كانتا على عهد رسول الله وعهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما ! ومن أنت يا جُعل حتّى تنهى عمّا فعله رسول الله وأبو

__________________

(١) محاضرات الأدباء ٢ / ٢١٤.

٥٥

بكر ! فأراد محمّد بن منصور أن يكلّمه فأومأ إليه أبو العيناء وقال : رجل يقول في عمر بن الخطّاب ما يقول ، نكلّمه نحن ؟! ودخل عليه يحيى بن أكثم فخلا به وخوّفه من الفتنة ولم يزل به حتّى صرف رأيه (١).

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

__________________

(١) وفيات الأعيان ٥ / ١٩٧.

٥٦