شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ١٠

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ١٠

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢

١
٢

الباب الخامس والسبعون

باب التّصغير

[تعريف التصغير وبيان أغراضه وصيغه وشروطه وكيفيته]

قال ابن مالك : (يصغّر الاسم المتمكّن الخالي من التّوغّل في شبه الحرف ، ومن صيغ التّصغير وشبهها ، ومنافاة معناه ، بضمّ أوّله وفتح ثانيه ، وزيادة ياء ساكنة بعده ، يحذف لها أوّل ياءين ولياها ، ويقلب ياء ما وليها من واو وجوبا إن سكنت أو اعتلّت أو كانت لاما ، واختيارا إن تحرّكت لفظا في إفراد وتكسير ولم تكن لاما).

______________________________________________________

الشّرح : يشير ابن مالك إلى تصغير الاسم ؛ لأن التصغير هو تحويل بنية الكلمة لغرض ؛ إما التحقير لما يتوهم أنه عظيم نحو : زييد وعمير ورجيل وأسيد ، أو تقليل الكثير نحو : دريهمات ودنينير ، أو تقريب ما يتوهم أنه (١) بعيد نحو : بعيد المغرب وقبيل العشاء ، وزاد الكوفيون التعظيم كقول لبيد :

٤٢٨٠ ـ وكلّ أناس سوف تدخل بينهم

دويهية تصفرّ منها الأنامل (٢)

فقد صغر الداهية ، وهي الموت ، ولا داهية أعظم منه ، فيكون تصغيرها للتعظيم ويدخل فيه التصغير المفيد للعطف والتلطف نحو : يا بنيّ ، يا أخيّ ، يا صديّقي. ثم ذكر شروط الاسم الذي يراد تصغيره ، بأنه لا بد أن يكون المصغر اسما ، فلا تصغير للأفعال والحروف ؛ لأن التصغير وصف في المعنى ، والفعل والحرف لا يوصفان ، ولا بد أن يكون المصغر غير متوغل في شبه الحرف ، فلا تصغير للمضمرات ولا الموصولات نحو : من وكيف ومتى وأين ، إلا ما شذ منها ، وأن يكون خاليا من صيغ التصغير نحو : كميت وكعيت ـ البلبل ـ ، وكذا مثل شبه صيغة التصغير كقليل ؛ لأن معنى التصغير فيه ، وأن يكون قابلا للتصغير بأن لا ينافيه ، فلا يصغر مثل كبير وجسيم ، وكذلك أسماء الله وأنبيائه وملائكته ، ولا جمع الكثرة ، ولا أسماء ـ

__________________

(١) انظر الشافية (١ / ١٨٩).

(٢) البيت من الطويل والشاهد فيه : تصغير داهية على دويهية للتعظيم على رأي الكوفيين ، وانظر الشافية (١ / ١٩١).

٣

[حكم تصغير ما فيه ألف]

قال ابن مالك : (ويجعل المفتوح للتّصغير واوا وجوبا إن كان منقلبا عنها ، أو ألفا زائدة ، أو مجهولة الأصل ، أو بدل همزة يلي همزة ، وجوازا مرجوحا إن كان ياء أو منقلبا عنها ، وللمجموع على مثال «مفاعل» أو «مفاعيل» من هذا الجعل الواجب ما للمصغّر).

______________________________________________________

الشهور كالمحرم والأسبوع كالسبت والأحد ، ولا الأسماء العاملة عمل الفعل ، وكذلك حسب ، وأحد ، وكل ، وبعض ، وأي ، وغير ذلك مما ينافي معنى التصغير (١).

ثم بين ذلك صيغة التصغير بأن يضم أوله ، وفتح ثانيه ، وزيادة ياء ساكنة بعده نحو : رجيل ، وجعيفر ، وعضيفير ؛ فأوزان التصغير ثلاثة : فعيل ، وفعيعل ، وفعيعيل وينظر فيه مجرد الهيئة اللفظية من حيث الحركات والسكنات وعدد الحروف بقطع النظر عن الأصالة والزيادة ، وهذا اصطلاح خاص بهذا الباب فلا تغيير فيه.

ويحذف لها أي : للياء أول ياءين ولياها كما إذا صغرت صبيّا تقول : صبيّ ، كما تقلب لها الواو الساكنة التي تليها مثل عجوز تقول فيها : عجيّز أو كانت معتلة مثل مقام تقول : مقيّم ، أو كانت الواو لاما مثل غزو تقول : غزيّ. بقلب الواو ياء وإدغامها ، ويجوز قلب الواو ياء أو بقاؤها إن تحركت لفظا في إفراد وتكسير ، مثل أسود وأساود ، وجدول ، وجداول فتقول في التصغير : أسيّد وجديّل بقلب الواو ياء والإدغام (٢) وهو القياس ، وأسيود وجديول ببقاء الواو ، واحترز بقوله : ولم تكن لاما من كروان فقد قالوا في جمعه : كراوين ، ومع هذا لا يقال في تصغيره إلا :كريّان أو كريّين بقلب الواو والإدغام ، ولم يعتدوا بكراوين لشذوذه.

الشّرح : يشير إلى حكم المفتوح مع المصغر فتقلب واوا وجوبا إن كانت منقلبة عن الواو ، والتصغير يرد الأشياء إلى أصولها فتقول في : مال ، ريح ، ريان ، قيمة :مويل ، رويح ، رويّان ، قويمة ، وعويد (٣) في عيد ، أو كان ألفا زائدة تقول في ـ

__________________

(١) انظر في ذلك شرح ابن الناظم (٢ / ٢٨٨) ، وشرح الشافية (١ / ١٩٠) ، والمساعد (٣ / ٤٩٤) ، وشفاء العليل (٣ / ١٠٥٥) ، والكتاب (٣ / ٤١٥) ، والوافي (ص ١٠ ، ١١).

(٢) انظر المساعد (٣ / ٤٩٥).

(٣) المساعد (٣ / ٤٩٨).

٤

[كسر ما بعد ياء التصغير]

قال ابن مالك : (ويكسر ما ولي ياء التّصغير غير آخر ولا متّصل بهاء التّأنيث أو اسم منزّل منزلتها ، أو ألف التّأنيث أو الألف قبلها أو ألف «أفعال» (١) جمعا أو مفردا أو ألف ونون مزيدتين لم يعلم جمع ما هما فيه على «فعالين» دون شذوذ إلّا في حال لا يصغّر فيها).

______________________________________________________

ضارب ، كاهل ، قاصعاء : ضويرب ، كويهل ، قويصعاء ، أو مجهولة الأصل نحو صاب ـ عصارة شجر مر ـ ، وعاج تقول : صويب ، عويج ، أو بدل همزة تلي همزة نحو آدم تقول : أويدم.

وجوازا مرجوحا إن كان ياء نحو (٢) بيت ، شيخ تقول : بييت ، وشييخ ، أو منقلبا عنها نحو ناب ، باب تقول : نييب ونويب ، بييب وبويب وللمجموع على مثال مفاعل أو مفاعيل من هذا الجعل الواجب ما للمصغر ، فينقلب فيهما إلى الواو وعلى الحد المذكور في التصغير فتقول : أوارم وقواصع وخواتيم ، وفي ميزان :موازين.

الشّرح : يشير بذلك إلى حكم الحركة بعد ياء التصغير ، وأنه يجب فيها الكسر نحو : دريهم وقد كان مفتوحا قبل التصغير ، فإن كان مكسورا بقي على كسره نحو : زبيرح في زبرح ، وذلك بشرط ألا يتصل (٣) بهاء التأنيث ، فإن كان متصلا بها وجب الفتح نحو : نميرة ، وإلّا كسر نحو : دحيرجة أو اسم منزل منزلتها فيفتح المتصل كبعلبك بفتح اللام ؛ لأن العجز منه كتاء التأنيث من المؤنث ، أو ألف التأنيث المقصورة نحو : حبيلى في حبلى ، أو الممدودة مثل : حميراء في حمراء.

فإن كانت ألفه للإلحاق نحو : علقى ، أو بألف قبلها كعلباء فإنه يكسر عليّقى وعليّبى أو ألف «أفعال» جمعا أو مفردا ، جمعا مثل أثيّاب في أثواب ، وأجيمال في أجمال ، فلو سميت بأجمال كان مفردا فتقول : أجيمال (٤). ـ

__________________

(١) المساعد (٣ / ٥٠٠) ، والكافية الشافية (٢ / ٢٨٥).

(٢) شفاء العليل (٣ / ١٠٥٦).

(٣) انظر الشافية (١ / ١٩٤) ، وشرح ابن الناظم (٢ / ٥٦٢) ، والكتاب (٣ / ٤٧٥).

(٤) انظر المساعد (٣ / ٥٠٠) ، والشافية (١ / ١٨٩).

٥

[تصغير ما حذف أحد أصوله]

قال ابن مالك : (ويتوصّل إلى مثال «فعيل» في الثنائي بردّ ما حذف منه إن كان منقوصا (١) ، وإلّا فإلحاقه بدم أولى من إلحاقه بأفّ (٢) ، ولا اعتداد بما فيه من هاء تأنيث أو تائه ، وتزال ألف الوصل مما هي فيه ، وإن تأتى «فعيل» بما بقي من منقوص لم يردّ إلى أصله وما شذّ ردّه لم يقس عليه ، خلافا لأبي عمرو).

______________________________________________________

أو ألف ونون مزيدتين كسكران وحسّان من الحسّ تقول : سكيران وحسيسان فالألف والنون فيهما زائدتان ، لم يعلم جمع ما فيه على فعالين مثل : سكران وعثمان فلم يقل العرب في جمعه : سكارين ولا عثامين ، فإن علم بأن العرب جمعته على فعالين قلبت ألفه ياء نحو : سرحان وسلطان فقيل : سريحين وسليطين ، وكذلك كروان دون شذوذ نحو : عراثين في عرثان ـ جائع ـ وأناسين في إنسان فهذان شاذان فلا يعتد بهما ولا يقال : عريثين ولا : أنيسين. إلا في حال لا يصغر فيها هذا احتراز من عقبان فإنهم جمعوه على عقابين ، ومع هذا فلا يقال : عقيبين ؛ لأنه في حال لا يصغر فيها ؛ لأنه جمع كثرة ، وجمع الكثرة لا يصغر (٣) على لفظه.

الشّرح : يشير بذلك إلى حكم تصغير ما نقص منه حرف على سبيل الحذف سواء كان المحذوف فاء كعدة أم عينا كسنة أم لاما كيد ؛ فيردّ ما حذف عند التصغير تقول : وعيدة ، وسنيّة ، ويديّ وفي سنة : سنيّة ، سنيهة ، فإن كان ثنائي الوضع كمن وعن فيكون تصغيره بزيادة ياء ثالثة له تقول : منيّ وعنيّ كتصغير دم دميّ ، ويجوز أن يجعل المحذوف من لفظ الثاني تقول : منين وعنين كأفّ وأفيف ، ولا اعتداد بما فيه من هاء التأنيث كعدة وشفة أو تائه كأخت وزيت ، فلا يصير بذلك (٤) ثلاثيّا بل هو ثنائي ، يرد إليه ما حذف منه فتقول : وعيدة وشفيهة وأخيّة وزييّة. ـ

__________________

(١) المراد ما نقص منه حرف.

(٢) بأن كان ثنائي الوضع. انظر التسهيل (ص ٢٨٥).

(٣) شرح ابن الناظم (٢ / ٥٦٢).

(٤) انظر شفاء العليل (٣ / ١٠٥٧) ، والوافي (ص ٤٣) ، والمساعد (٣ / ٥٠٢).

٦

[التوصل إلى صيغة فعيعل وفعيعيل بما توصل به إلى جمع تكسيره]

قال ابن مالك : (ويتوصّل إلى مثال «فعيعل» أو «فعيعيل» فيما يكسّر على مثال «مفاعل» أو «مفاعيل» بما توصّل إليهما فيه ، وللحاذف فيه من التّرجيح والتّخيير ماله في التّكسير ، إلّا أنّ هاء التّأنيث ، وألفه الممدودة ، وياء النّسب ، والألف والنون المزيدتين بعد أربعة أحرف فصاعدا لا يحذفن في التّصغير ، ولا يعتدّ بهنّ ، وتحذف واو جلولاء وشبهها ، خلافا للمبرّد ، ونحو : ثلاثين مطلقا ، وظريفين علما ، ملحق بجلولاء).

______________________________________________________

وتزال ألف الوصل مما هي فيه عند تصغيره ؛ لأن ثاني المصغر يتحرك فلا حاجة إليها فتقول في تصغير اسم ، انطلاق ، استضراب : سميّ ، نطيليق ، تضيريب ، وعند صياغة فعيل حذف منه حرف لم يرجع إلى أصله نحو هار ـ الأرض المتصدعة ، والرجل الكبير الضعيف ـ ، وميت ، وخير فتصغيرها على لفظها ، تقول : هوير ، ومييت ، وخيير.

وما ورد شذوذا عند تصغيره ، لا يصح القياس عليه مثل قول بعضهم : هوير في هار ، و: رويجل في رجل ، خلافا لأبي عمرو ويونس اللذين أجازا الرد ، وقال سيبويه (١) : لا يجوز.

الشّرح : يشير ابن مالك : إلى أنه يتوصل في تصغير فعيعل وفعيعيل إلى طريق ما توصّل به إلى جمع تكسيره مثل خدبّ ، وخداب ، وبهلول (٢) وبهاليل ، وعطوّد وعطاويد ، تقول في تصغيره : خديّيب ، وبهيليل ، وعطيّيد ، ويحذف في التصغير ما يحذف في التكسير ترجيحا أو تخييرا فكلاهما سواء في الحكم فتقول في عيطموس ـ التامة الخلق من النساء والإبل ـ : عطيميس ، كما تقول : عطاميس أي بحذف الياء تصغيرا وجمعا ، وتقول في منطلق : مطيليق ، كما تقول :مطاليق ، وفي استخراج : تخيريج كما تقول : تخاريج ، وتقول في حبنطى ـ القصير الغليظ ـ : حبينط ، وحبيط كما تقول : حبانط ، وحباطى. إلا أن هاء ـ

__________________

(١) انظر المساعد (٣ / ٥٠٣).

(٢) السيد الكريم.

٧

.................................................................................................

______________________________________________________

التأنيث ، وألفه الممدودة ، وياء النسب ، والألف والنون المزيدتين بعد أربعة أحرف فصاعدا ، لا يحذفن في التصغير ؛ وعلى ذلك تحذف هاء التأنيث للتكسير دون التصغير مثل : دحارج في دحرجة ، وفي التصغير : دحيرجة ، والألف الممدودة فيقول في التكسير : قواصع في قاصعاء والتصغير قويصعاء ، والمقصور لا يحذف فيهما نحو : حبالى وحبيلى إلا إن كان قبلها أربعة فصاعدا فتحذف في الجمع والتصغير نحو : قراقر وشقاقر ، وقريقير وشقيقير ، وكذا ياء النسب تقول في لوذعيّ (١) في الجمع : لواذع ، وفي التصغير : لويذعيّ ، وكذا مثل زعفران تقول في جمعه : زعافر ، وفي تصغيره : زعيفران ، وذلك بعد أربعة أحرف فإن كان بعد ثلاثة لم تحذف في تكسير ولا تصغير ، تقول في سرحان : سراحين ، وسريحين ، وخرج النون الأصلية كنون أسطوانة فلا حذف لها نحو (٢) : أساطين جمعا ، وتصغيرا :أسيطنة ولا يعتد بهاء التأنيث وألفه الممدودة وياء النسب والألف والنون المزيدتين ؛ لأن التاء وباقيها ككلمة منفصلة وكأنما صغر دحرج ، وقاصع ، ولوذع ، وزعفر ، ومثلها عجز المركب ، وعلامة التثنية والجمع الصحيح فتقول : بعيلبك ، ومسيلمين ، ومسيلمين ، ومسيلمات. وتحذف واو جلولاء (٣) وشبهها نحو براكاء (٤) ، وقريثاء ، فتقول عند سيبويه : جليلاء وقريثاء ، وبريكاء بحذف الألف والواو والياء ، تشبيها بألف مبارك ، وواو فدوكى (٥) وياء سميذع (٦).

والمبرد (٧) يخالفه في إقراره الواو والياء والألف ، وتدغم ياء التصغير فيها بعد قلب الواو ياء تقول جليّلاء ، وبريّكاء ، فعاملها معاملة ما فيه تاء التأنيث. ـ

__________________

(١) اللوذعي : الرجل الظريف الحديد الفؤاد ، والياء للنسب.

(٢) في الصحاح : الأسطوانة بالسين معروفة والنون أصلية وهو أفعوالة مثل أقحوانة ، وانظر فيما سبق الشافية (٢ / ٢٠٠) ، وشفاء العليل (٣ / ١٠٥٧) ، والمساعد (٣ / ٥٠٥) ، والتسهيل (ص ٢٨١).

(٣) بلدة ببغداد قرب خانقين بمرحلة.

(٤) الثبات في الحرب والعدد. والقريثاء : ضرب من التمر ومنه نخل قريثاء.

(٥) فدوكى : الأسد ، ورهط الشاعر الأخطل.

(٦) السّميذع : السيد الموطأ الأكناف بفتح السين لا بضمها.

(٧) انظر المقتضب (٢ / ٢٦٢) فقد حكم على رأي سيبويه بالغلط البين وأن احتجاجه بألف مبارك ليس بحجة ؛ لأن كاف مبارك من الكلمة ، فلذلك حذف الألف ؛ لأنه لا يصغر خمسة أحرف ، وأنه يلزمه في تحقير بروكة أن تقول : بريكة.

٨

[ما يرد إلى أصله عند التصغير وما لا يرد]

قال ابن مالك : (فصل : يردّ إلى أصله في التّصغير والتّكسير على مثال «مفاعل» أو «مفاعيل» أو «أفعال» أو «أفعلة» أو «فعال» ذو البدل الكائن آخرا مطلقا ، فإن لم يكن آخرا فيشترط كونه حرف لين بدل غير همزة تلي همزة.

وما ورد بخلاف ذلك فمن مادة أخرى ، أو شاذ ، ولا تغيّر تاء متّعد ومتّسر ونحوهما ، خلافا لقوم ، وإن صغّر ذو القلب أو كسّر فعلى لفظه لا أصله).

______________________________________________________

وحجة سيبويه (١) : أن لها شبها بتاء التأنيث وبالمقصورة ، فبالأولى بقيت في التصغير ، وشبهها بالألف المقصورة سقطت الأحرف الثلاثة ؛ لأنها كألف حبارى.

ونحو : ثلاثين مطلقا ، وظريفين علما ، ملحق بجلولاء ، فتقول عند تصغيرها على رأي سيبويه : ثليثين ، وظريفين ، وظريفين ، وظريفات علما ، فتحذف الألف والياء كما حذفت واو جلولاء.

أما المبرد فقال : أقول : ثليّثين بالتثقيل وهو القياس ، وما قاله يونس خطأ. وحكى الفارسي أن ثليثين بالتخفيف قول جميع العرب وهذا يبطل قول المبرد في المسألتين.

الشّرح : يشير ابن مالك إلى أن التصغير والتكسير يرد الشيء إلى أصله ، وذلك ما كان على مثال : مفاعل كملاه ، ومفاعيل كصحاري وأفعال كأمواه ، وأفعلة كأسقية ، وفعال كمياه ، فنقول في التصغير : مليّه ، ومويّه ، وسقيّ ، وقوله : مطلقا أي سواء كان حرف لين كملهى فألفه منقلبة عن واو من اللهو ، أو غيره كماء فهمزته بدل من هاء ، فإن لم يكن ذو البدل آخرا فيشترط كونه حرف لين بدل غير همزة تلي همزة ، فقولك : مال ، ومويل ، وموقن ، ومييقن اجتمع فيهما الشرطان ، ـ

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ١١٧) بولاق ، وقد ذكرت دليله السابق ، الذي ذكره في (٢ / ١١٨) قال :«ولو جاء الكلام فعولاء ممدودة لم تحذف الواو ؛ لأنها تلحق الثلاثة بالأربعة ، فهي بمنزلة شيء من نفس الحرف ، وذلك حين تظهر الواو فيمن قال : أسيود فهذه الواو بمنزلة واو أسيود».

ورد ابن ولاد كلام المبرد في الانتصار (ص ٢٦٠ ـ ٢٦٤) فقال : أما إلزامه أن يجعل بروكاء في التحقير كبروكة ، فيثقل ، ويقول : بريكاء كما يقول : بريكة فليس بصحيح ؛ لأنه وإن جعل الألف الممدودة للتأنيث بمنزلة الهاء في حال فليست بمنزلتها في كل حال.

٩

[تصغير المؤنث الخالي من تاء التأنيث]

قال ابن مالك : (فصل : تلحق تاء التّأنيث في تصغير ما لم يشذّ من مؤنّث بلا علامة ، ثلاثي أو رباعي بمدّة قبل لام معتلّه ، إن لم يكن مصدرا في الأصل ولا اسم جنس مذكّر الأصل ، ولا اعتبار في العلم بما نقل عنه من تذكير أو تأنيث ، خلافا لابن الأنباريّ ، ولا تلحق دون شذوذ غير ما ذكر إلّا ما حذف منه ألف التّأنيث ، خامسة أو سادسة ، ولا تحذف الممدودة فيعوّض منها ، خلافا لابن الأنباريّ ، وتحذف تاء ما سمّي به مذكّر من بنت ونحوه بلا عوض).

______________________________________________________

فهو حرف لين ، وهو بدل غير همزة ، فإذا كان غير لين كتخمة لا يردّ إلى الأصل ، وكذا إن كان بدلا من همزة تلي همزة كآدم ؛ فالهمزة فيه بدل من همزة ، فلا يرد إلى أصله المبدل منه ، بل يصغر الأول على (١) لفظه تخيمة وتراث وتريث ، وتقلب الألف في الثاني واوا لضم ما قبلها تقول : أويدم ، وكذا التكسير تقول : أوادم.

وما ورد بخلاف ذلك فمن مادة أخرى أو شاذ.

مثال الأول : قولهم : فسيتيط. فلا تجعل التاء بدلا من الطاء في فسطاط بل هو تصغير فسيتاط ، وقالوا في الجمع (٢) : فساطط ، وفساطيط.

ومثال الثاني : قولهم في عيد : عييد وقياسه عويد ؛ لأنه من عاد يعود ، ولا تقيد تاء متعد ومتسر ونحوهما خلافا لقوم منهم الزجاج (٣) ، فتقول : متيعد ومتيسر بحذف تاء مفتعل لزيادتها ، وهذا مذهب سيبويه (٤) كما تقول : تخيمة وتريّث ، وقال الزجاج : ترد الواو والياء فتقول : مويعد ، ومييسر ، نظرا إلى زوال موجب التاء.

وإن صغّر ذو القلب أو كسّر فعلى لفظه لا على أصله ، فلو صغرت قسيّا قلت في تصغيره : قسي وأصله قؤوس ، ولو صغر على أصله لقيل : قويس ، وكذا جاه يصغر على جويه (٥) لا على أصله : وجيه ، وفي أينق : أيينق وأيانق.

الشّرح : يشير ابن مالك بذلك إلى أن تاء التأنيث تلحق الاسم الثلاثي المؤنث ـ

__________________

(١) انظر المساعد (٣ / ٥٠٩).

(٢) شفاء العليل (٣ / ١٠٥٨).

(٣) همع الهوامع (٢ / ١٨٨).

(٤) الكتاب (٢ / ١٢٩).

(٥) انظر المساعد (٣ / ٥١١) ، وشرح الكافية الشافية (٤ / ١٩٦٠) ، وشرح الناظم (٢ / ٥٩٠).

١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الذي ليس فيه علامة تأنيث نحو : دار وسنّ ويد (١) فتقول : دويرة ، وسنينة ، ويديّة ومن الشاذ ترك التاء في ألفاظ مثل : ذود ـ من الإبل ما بين الثلاثة إلى العشر ـ وشول ـ الماء القليل في أسفل القربة ـ ونصف ـ المرأة المتوسطة العمر ـ فنقول :ذويد ، وشويل ونصيف بدون تاء ، أو كان رباعيّا بمدة قبل لام معتلة نحو سماء تقول : سميّة. بحذف المتطرفة من الياءات الثلاث ، فيبقى ثلاثيّا فتلحقه التاء ، ما لم يكن مصدرا كحرب ، أو اسم جنس مذكر الأصل كناب تقول : حريب ونويب ، بدون تاء. وكذا إذا لم يحصل التباسه بمذكر كعشر وتسع وشجر وبقر (٢) فلا تدخل عليها تاء بعد تصغيرها.

ولا اعتبار في العلم بما نقل عنه من تذكير أو تأنيث فلو سميت امرأة برمح لقلب رميحة نظرا إلى أصله ، أو سميت مذكرا بأذن قلت : أذين ، لا : أذينة ؛ نظرا إلى الحال ؛ لأن الاعتبار بالموجود لا المفقود ، خلافا لابن الأنباري في اعتبار الأصل ، وهو منقول عن يونس في صورته الثانية محتجّا بقولهم : عروة بن أذينة ، وعيينة بن حصن ، ومالك بن نويرة ، ولكن الحقيقة أن التصغير بعد التسمية بالمكبّر.

ولا تلحق التاء الثلاثي الرباعي في غير ما ذكر ؛ فلا تلحق زينب وعقرب وعناق فإن لحقتها فهي شاذة مثل : قديّمة وأميّمة ، ووريّئة في : قدام وأمام ووراء. إلا ما حذف منه ألف التأنيث خامسة أو سادسة ، المراد أنك تقول في حبارى : حبيّرة وقيل : حبيّير (٣) ، الأولى بجعل التاء عوضا عن الألف المحذوفة وغير أبي عمرو لا يعوض فيقول : حبيّر. ومثال ألف التأنيث السادسة : لغّيزى بالتعويض عن المحذوف لغيغيزة ؛ فالتاء عوض عن الألف المحذوفة أو لغيغيز بدون تعويض. ولا تحذف الممدودة فيعوض عنها خلافا لابن (٤) الأنباري ؛ فتقول في باقلاء ، برناء ـ الناس ـ :بويقلة ، وبرينة قياسا على المقصورة ، وتحذف تاء ما سمي به من مذكر من بنت ونحوه بلا عوض ؛ فتقول في بنت وأخت علمي مذكر : بنيّ وأخيّ بحذف التاء ولا تعوض بل تصغرهما كتصغير ابن وأخ ، ولو سميت بهما مؤنثا أثبت التاء تقول : بنيّة وأخيّة كما كنت تصغرهما.

__________________

(١) انظر المساعد (٣ / ٥١٢) والكتاب (٢ / ١٢٩).

(٢) انظر شفاء العليل (٣ / ١٠٥٩).

(٣ ، ٤) الهمع (٢ / ١٨٩).

١١

[تصغير ما دلّ على جمع]

قال ابن مالك : (فصل : تصغّر أسماء الجموع وجموع القلّة ، ولا يصغّر جمع كثرة تصغير مشاكله من الآحاد خلافا للكوفيّين بل مع الرّدّ إلى تكسير قلّة ، أو تصحيح مفرد المذكور إن كان لمذكّر عاقل مطلقا ، وإلّا فجمع تصحيح الإناث مطلقا ، وإن كان جمعا مكسرا على واحد مهمل وله واحد مستعمل ردّ إليه لا إلى المهمل القياسي ، خلافا لأبي زيد ، فإن لم يكن له واحد مستعمل ردّ إلى المهمل القياسيّ ، وعومل معاملة مستعمل ، وسريّيل في سراويل أجود من سريّيلات ، ويقال في ركب وسفر : ركيب وسفير ، لا رويكبون ، ومسيفرون خلافا لأبي الحسن).

______________________________________________________

الشّرح : أشار ابن مالك إلى تصغير أسماء الجمع وجمع القلة بأنه يصغر على لفظه مثل قوم ورهط وأكلب وأرغفة ، تمر ، وغلمة فتصغر على لفظها فتقول :قويم ، ورهيط ، وأكيلب ، وأريغفة ، وتمير ، وغليمة ، وأجيمال في أجمال ونحو ذلك ، أما جمع الكثرة فلا يصغر على لفظه ؛ لأن الصيغتين متنافيتان وضعا فلا يجمع بينهما ، خلافا (١) للكوفيين محتجين بأصيلان تصغير أصلان جمع أصيل ، وهذا مردود ؛ لأنه لو كان كذلك لقيل : أصيلين ، ولا يصغر إلا مع الرد إلى جمع القلة مثل فلوس تصغيرها أفيلس ، وفتيان فتيّة إن كان له جمع قلة أو تجمعه جمع مذكر إن كان لمذكر عاقل تقول في زيدون : زييدون ، وفي غلمان غليّمون.

مطلقا أي : سواء كان المفرد مما يجمع بالواو والنون كزيد أم لا كغلام ، وسواء أكان له جمع أم لا كغلمان ورجال فما له قلة يرد إليها ويصغر أو إلى المفرد ويصغر ثم يجمع بالواو والنون وما لا قلة له يتعين فيه الثاني (٢).

وإلّا فجمع تصحيح الإناث أي : بأن كان لمذكر غير عاقل كدراهم ، أو لمؤنث مطلقا كجوار ورسائل فإنه يرد إلى المفرد ويصغر ، ويجمع بالألف والتاء نحو :دريهمات ، وجويريات ، ورسيّلات مطلقا سواء أكان مكبره يجوز جمعه بالألف ـ

__________________

(١) الهمع (٢ / ١٨٩).

(٢) المساعد (٣ / ٥١٩).

١٢

[الاستغناء بالمصغر عن المكبر ونحوه]

قال ابن مالك : (فصل : قد يستغنى بمصغّر عن مكبّر ، وبتصغير مهمل عن تصغير مستعمل ، وبتصغير أحد المترادفين عن تصغير الآخر ، ويطّرد ذلك فيهما جوازا إن جمعهما أصل واحد ، وقد يكون للاسم تصغيران : قياسي وشاذّ).

______________________________________________________

والتاء كمفرد جوار أم لا كمفرد دراهم ، وسواء أكان له جمع قلة كغواش أم لا كدراهم ، فإن كان له جمع قلة جاز الرد إليه فيقال : أغيشية. وإن كان جمعا مكسرا على واحد مهمل وله واحد مستعمل ردّ إليه مثل مذاكير وملاميح وواحدهما المهمل : مذكار وملمحة ، والمستعمل : ذكر ولمحة ، فتردهما إلى المستعمل فتقول : ذكيرات ولميحات حتى ينطق بنطق العرب ، خلافا لأبي (١) زيد الذي يرد إلى الواحد المهمل فيقول : مذيكرات ، ومليمحات. وردّ بأن هذا لم ينطق به العرب. فإن لم يكن له واحد مستعمل ردّ إلى المهمل القياسي ، وعومل معاملة مستعمل نحو عباديد ليس له مفرد مستعمل فيرد للضرورة إلى المهمل القياسي عبديد ـ الفريق من الناس ـ ثم يصغر ويعامل معاملة المستعمل ، فإن كان لمذكر عاقل قيل : عبيديدون أو لغيره قيل : عبيديدات. وسريّيل في سراويل أجود من سريّيلات ؛ لأنه ليس بجمع كدنانير علما ، فيصغر على

لفظه تقول : سريّيل ، ومن قال : إنه (٢) جمع سروالة صغره عليه ثم جمع بالألف والتاء سريّيلات ، ويقال في ركب وسفر : ركيب وسفير ؛ لأن أسماء الجموع تصغر على لفظها ، وبها جاء السماع :

٤٢٨١ ـ أخشى ركيبا أو رجيلا عاديا

والأخفش يرى أنه جمع تكسير فرده إلى المفرد وجمعه كما تقول : رويكبون ، ومسيفرون.

الشّرح : يشير ابن مالك بأن من الألفاظ ما ينطق (٣) به على صورة المصغر ـ

__________________

(١) السابق (٣ / ٥٢٠).

(٢) الكتاب (٣ / ٤٤٤).

(٣) انظر في ذلك المساعد (٣ / ٥٢١) وشفاء العليل (٣ / ١٠٦١).

١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا ينطق بالمكبر نحو الكميت من الخيل والخمر ، وكأنه تصغير أكمت تصغير ترخيم ؛ لأن قياس الألوان أفعل ، ونحو الكعيت وهو البلبل ، وكما يستغنى بتصغير مهمل عن تصغير مستعمل نحو قولهم في مغرب : مغيربان وفي رجل : رويجل وكأنه تصغير مغربات وراجل ونظيره : مذاكير وأعاريض جمع ذكر وعروض ـ وهي الناقة التي لم ترض ، وقيل غير ذلك ، كما يستغنى بتصغير أحد المترادفين عن تصغير الآخر مثل قصر بمعنى عشي يقال : أتيته قصرا ، أي : عشيّا ، ولم يصغروا قصرا ، استغناء بتصغير عشيّ ، وقالوا في تصغير عشيّ : عشيّانات ، وقالوا في تصغيره : عشيشيان ، والجمع عشيشيانات ، وهذا كما قالوا في تصغير عشية عشيشية والجمع عشيشيانات.

ويطرد ذلك فيهما جوازا إن جمعهما أصل واحد ، ولك أن تستغني بتصغير أحد المترادفين عن تصغير الآخر بشرط أن يجمعهما أصل واحد في الاشتقاق نحو جليس ومجالس فيجمعهما (١) الاشتقاق من الجلوس فيجوز أن تستغني بجليس عن مجيلس وبالعكس.

وقد يكون للاسم تصغيران : قياسي (٢) وشاذ وذلك نحو صبيّة جمع صبيّ ، وقالوا في تصغيره : صبيّة على لفظه ، وهو القياسي.

لأن جمع القلة يصغر على لفظه ، وقالوا : صبيبة على غير قياس كأنه تصغير أصبية ، ولم يتكلموا بهذا المكبر ، لكنه قياس جمع فعيل في القلة ، وقالت العرب في جمع غلام : غلمة ، وفي التصغير : أغيلمة كأنه تصغير أغلمة وهو قياس القلة في فعال (٣) كغراب وأغربة ، ولكنه لم يستعمل في غلام في التكسير ، وقد استغنوا بغلمة عن أغلمة وتصغير الغلمة : أغيلمة على غير مكبرة ، كأنهم صغروا أغلمة ، وإن كانوا لم يقولوه.

__________________

(١) انظر المقتضب (٢ / ٢٨٥).

(٢) انظر الهمع (٢ / ١٩٠).

(٣) انظر الكتاب (٣ / ٦٢٦).

١٤

[تصغير غير المتمكن]

قال ابن مالك : (فصل : لا يصغّر من غير المتمكّن إلّا «ذا» و «الّذي» وفروعهما الآتي ذكرها ، فيقال : «ذيّا» و «تيّا» و «اللّذيّا» و «اللّتيّا» و «ذيّان» و «تيّان» و «اللّذيّان» و «اللّتيّان» و «أليّا» و «أليّاء» و «اللذيّون» و «اللذيّون» في الذين ، و «اللّتيّات» و «اللّويتا» في اللاتي ، و «اللّويّاء» و «اللّويؤون» في اللّائي ، واللّائين ، فوافقت المتمكّن بزيادة الياء ثالثة بعد فتحة ، وخالفته بترك الأوّل على حاله وزيادة ألف عوضا منه.

وأصل «ذيّا» و «تيّا» و «ذييّا» و «تييّا» فخفّفا بحذف الياء الأولى ، ولهما ول «أليّا» و «أليّاء» من التّنبيه والخطاب ما لهن في التكبير ، وضم لام «اللّذيّا» و «اللّتيّا» لغيّة).

______________________________________________________

الشّرح : يشير ابن مالك بما سبق إلى تصغير المبهمات ، وكان حق اسم الإشارة أن لا يصغر ؛ لغلبة شبه الحرف عليه ، وأصله وهو ذا على حرفين ، لكنه تصرّف تصرّف الأسماء المتمكنة فوصف ووصف به وثني وجمع وأنث فأجري مجراها في التصغير ، وكذلك اسم الموصول لما كان كما سبق جاز تصغيره ، وتصغير ما تصرف منه دون غيرها من الموصولات كمن وما ، وخولف بتصغيرهما تصغير الأسماء المتمكنة ، فزيد في الآخر ألف بدل الضمة بعد أن كملوا لفظ «ذا» ثلاثة أحرف (١) بزيادة في آخره. فيقال في تصغير ذا والذي ، وفروعهما : ذيّا ، وتيّا والأصل ذييّا وتييّا ، واللذيّا واللتيّا في تصغير الذي والتي ، وذيان وتيان في تثنية ذا ، وتا ، واللذيّان واللتيّان في تثنية الذي والتي ، وأليّا في تصغير الألى ، وأوليّاء في تصغير أولاء ، واللذيّون ، واللّذيّون في الذين ، الأول قول سيبويه ، والثاني قول المبرد ، واللّتيّات واللّويتا في اللائي ، والثاني قول الأخفش ، واللّويّاء ، واللّويؤون في اللائي واللائين ، فالأول تصغير اللائي غير مهموز وهو قول الأخفش ، وأجاز بعضهم تصغيرها مهموزا فتقول : اللّويئا ، وتصغر اللائين فتقول : اللّويؤون. والحق أن ما سمع فيها ـ

__________________

(١) الشافية (٢ / ٢٨٤).

١٥

[تصغير الترخيم]

قال ابن مالك : (فصل : تصغير التّرخيم جعل المزيد فيه مجرّدا معطى ما يليق به من «فعيل» أو «فعيعل» ولا يخصّ الأعلام خلافا للفرّاء ، ولا يستغني «فعيل» عن هاء التأنيث إن كان لمؤنّث ، ولا يمتنع صرفه إن كان لمذكّر ، وقد يحذف لهذا التّصغير أصل يشبه الزّائد (١)).

______________________________________________________

قليل ؛ لأن تصغير المتوغل في البناء خارج عن القياس ، ثم يقول فارقا بين تصغير المبنيات والمعربات ومبينا الموافقة بينهما ويذكر أنها وافقت المعرب في زيادة الياء ثالثة بعد فتحة نحو اللذيا واللتيا ، وخالفته بترك الأول على حاله وزيادة ألف في آخره عوضا عما فاته من ضم أوله.

وأصل : ذيّا ، تيّا : ذييا وتييا فزادوا الياء حتى تكمل ثلاثة أحرف ، ثم خففت بحذف الياء الأولى ، والياء الثانية للتصغير ، والثالثة : يحتاج إليها لأجل الفتحة المستحقة للألف الزائدة عوضا.

ولهما ول «أليّا» و «أوليّاء» من التنبيه والخطاب ما لهن في التكبير (٢) أي :يثبت لذيّا وتيّا وما ذكر من فروعهما ما كان في التكبير ، من لحاق هاء التنبيه وكاف الخطاب مع اللام ودونها ، ومع التشديد والتخفيف فتقول : هاذيّا وذيّاك ، وهاذيّاك ، وذيّالك ، وتقول : هاذيّان وذيّانك ، وهاذيّانك ، وذيّانّك بتشديد النون أو إبدال إحدى النونين (٣) ياء ، وتمتنع هاء التنبيه عند التشديد أو البدل ، وهاؤليّا وأوليّاك ، وهؤلياك بالقصر ، وهؤليائك ، قال الشاعر :

٤٢٨٢ ـ يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا

من هؤليّائكن بين الضال والسمر (٤)

وتقول : اللّذيا واللّتيا بضم لامهما لغة (٥) شاذة.

الشّرح : يشير ابن مالك بذلك إلى أن تصغير الترخيم يقصد به تصغير بتجريد ـ

__________________

(١) نحو بريه وسميع في إبراهيم وإسماعيل.

(٢) المساعد (٣ / ٥٢٨).

(٣) شفاء العليل (٣ / ١٠٦١).

(٤) البيت من البسيط للعرجي ، وقيل : لغيره. والضال : السدر البري ، والسمر : شجر الطلح ، وهؤلياء : تصغير شاذ للإشارة.

(٥) انظر الكتاب (٣ / ٢٨٧) ، والشافية (٢ / ٢٨٤) ، والكافية الشافية (٢ / ٢٩٨).

١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الاسم من الزوائد فإن كانت أصوله ثلاثة ردّ إلى (١) «فعيل» وإن كانت أصوله أربعة ردّ إلى فعيعل فهو عبارة عن حذف جميع الزوائد ثم تصغر بعد ذلك على ما عرفت في التصغير السابق ، وفي ذلك يقول سيبويه (٢) : «اعلم أن كل شيء زيد في بنات الثلاثة فهو يجوز لك أن تحذفه في الترخيم ، متى تصير (٣) الكلمة على ثلاثة أحرف ؛ لأنها زائدة فيها وتكون على مثال فعيل وذلك قولك في حارث :حريث ، وفي أسود : سويد ، وفي غلاب : غليبة ـ وغلاب اسم امرأة ـ ويدخل هذا التصغير (٤) العلم وغيره ، وهذا رأي البصريين ، ويرى الفراء أنه لا يصغر تصغير ترخيم إلا العلم ؛ لأن ما أبقي منه دليل على ما ألقي لشهرته ، ولكن ورود هذا المثل (٥) «عرف حميق جمله» تصغير أحمق فهو غير علم ، وسمي بهذا الاسم ؛ لأن في حذف الزائد تسهيل الكلمة بتقليل لفظها والترخيم لغة التسهيل فتقول في أزهر : زهير ، وفي منطلق : طليق وفي مستخرج : خريج ، وفي مدحرج : دحيرج على فعيعل ، وفي تصغير إبراهيم وإسماعيل : بريه وسميع ، وهو السماع الوارد عن العرب وحكاه سيبويه (٦) ، وأمّا ما قاله المبرد فالتصغير فيها : أبيريه وأسيميع ، وقيل :يصغران على بريهيم وسميعيل وقال الرضي (٧) : وهما المشهوران ، وهما شاذان.

والقياس ما قال المبرد وبين تصغير الترخيم وخلافه من التصغير افتراق واتفاق ؛ فقد يفترقان في تصغير زعفران فالعادي زعيفران (٨) ، والترخيم زعيفر بتجريده من الزوائد وقد يتفقان كتصغير الثلاثي ، فتقول في سعد وفضل : سعيد وفضيل ولا يستغني فعيل عن هاء التأنيث ، إن كان لمؤنث ؛ فتقول في سعاد لمؤنث : سعيدة وحمراء : حميرة ، وفي سعاد لمذكر : سعيد بلا تاء ، وطامث : طميث ، ونصف :نصيف ، ولا يمتنع صرفه إن كان لمذكر ، فتقول في أحمد : حميد مصروفا. وقد يحذف لهذا التصغير ـ أي : تصغير الترخيم ـ أصل يشبه الزائد نحو بريه وسميع ـ

__________________

(١) انظر شرح الشافية (٤ / ١٩٢٦).

(٢) الكتاب (٣ / ٤٧٦).

(٣) انظر الكافية الشافية (ص ١٩٢٧).

(٤) انظر الشافية (٤ / ١٩٢٦).

(٥) مجمع الأمثال (١ / ٤٠١).

(٦) الكتاب (٣ / ٤٧٦).

(٧) الشافية (١ / ٢٨٤).

(٨) المساعد (٣ / ٥٢٩).

١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

في إبراهيم وإسماعيل. تحذف الهمزة والميم واللام ، ومذهب سيبويه أن الهمزة زائدة (١) فيصغران على بريهيم وسميعيل ، ومذهب المبرد أنها أصلية. فيصغران على أبيره وأسيمع ، وفي شرح الأشموني : أبيريه ، وأسيميع (٢).

__________________

(١) شفاء العليل (٣ / ١٠٦٣) ، وابن الناظم (ص ٥٦٣).

(٢) شرح الأشموني (٤ / ١٧٠).

١٨

الباب السادس والسبعون

باب التّصريف

[تعريف التصريف]

قال ابن مالك : (التّصريف علم يتعلّق ببنية الكلمة ، وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحّة وإعلال وشبه ذلك).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : التصريف في اللغة (١) : التقليب من حال إلى حال ، وهو مصدر صرفه ، أي : جعله يتقلب في أنحاء كثيرة ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا)(٢) أي : لم يكن ضربا واحدا ، بل جعلناه على أنحاء وجهات متعددة.

وأما في الاصطلاح : فقد عرفه المصنف في شرح الكافية بأنه : تحويل الكلمة من بنية إلى غيرها لغرض لفظي أو معنوي (٣) ، فاللفظي كتغيير : قول ، وبيع ، ورمي ، وأأيمة إلى : قال ، وباع ، ورمى ، وأئمّة ، والمعنوي كتغيير المفرد إلى المثنى والمجموع ، وتغيير المصدر إلى بناء الفعل واسمي الفاعل والمفعول ، وهذا التعريف يوافق التفسير اللغوي ، إلا أن ذلك عام ، وهذا تغيير خاص بالكلمة وعرّفه هنا ـ أعني في التسهيل ـ : بأنه علم يتعلق ببنية الكلمة ... إلى آخره ، وكذا عرّفه به في إيجاز التعريف له ، ولا اختلاف بين التعريفين ؛ لأن ذلك تعريف له باعتبار العمل ، وهذا التعريف له باعتبار العلم ، فلم يتواردا على محل واحد ، واعلم أن المصنف قصر هذا الباب على ذكر الأمور الراجعة إلى الغرض اللفظي ؛ وذلك لأنه أورد الكلام فيما يتعلق بما يرجع إلى الغرض المعنوي في أبواب متفرقة في الكتاب ، وقد فعل الأستاذ أبو الحسن ابن عصفور كما فعل المصنف معتذرا بأن هذا النّحو من التصريف جرت ـ

__________________

(١) التصريف في اللغة يأتي لمعنى : التبيين ، والتحويل ، والتقليب ، والاشتقاق ، والإنفاق وشرب الشيء صرفا ، فمن الأول : تصريف الآيات ، ومن الثاني : تصريف الرياح ، ومن الثالث : قولك : صرفته في الأمر ، ومن الرابع : تصريف الكلام ، ومن الخامس : تصريف الدراهم ، ومن السادس : تصريف الخمر. القاموس (٣ / ١٦٢). وأصله ـ أي : التصريف ـ تصررف براءين ؛ لأن فعله صرّف بشد الراء ، ويجب اشتمال المصدر على جميع حروف فعله ، أبدلت الثانية ياء من جنس حركة ما قبلها ، وخصت بذلك ؛ لأن ثقل التكرار إنما حصل بها ، وهكذا كل ما وازنه ، كتقديس وتكريم وتفضيل. انظر :الكتاب (٤ / ٢٤٢) ، والمنصف (١ / ٢) ، والممتع (١ / ٢٧) ، وحاشية الخضري (٢ / ١٨٣).

(٢) سورة الإسراء : ٤١.

(٣) شرح الكافية لابن مالك (٤ / ٢٠١٢).

١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عادة النحويين أن يذكروه مع ما ليس بتصريف (١) ، يعني أنهم يدرجون أبوابه مع أبواب علم الإعراب ، بقي أن يقال : فهل التعريف الذي ذكره هنا شامل للأمرين الراجعين إلى الغرضين ، أو هو مقصور على الأمر الراجع إلى الغرض اللفظي فقط ، كما أن الباب مقصور عليه والجواب الذي يقتضيه التبويب والترتيب ظاهر أن التعريف يكون مقصورا على ما قصر عليه الباب ، وهو الأمر الذي يرجع إلى الغرض اللفظي ، ولم يكن قصره إياه على ذلك ؛ ليخرج القسم الآخر ـ أعني المتعلق بالغرض المعنوي من التصريف ـ كيف وقد صرح بأنه منه ؛ بل لأنه قد أورد ذلك في أبواب أخر كما تقدم فصار الكلام حينئذ موجها إلى قصد ذكر ما يرجع إلى الغرض اللفظي ، ويمكن أن يقال : إن التعريف المذكور يكون شاملا للأمرين ؛ لأن معرفة المثنى والمجموع وأبنية الأفعال ومصادرها ، والصفات والمصغر والمنسوب والإمالة ، يمكن دخولها تحت قوله : علم يتعلق ببنية الكلمة ، ولا يضر شمول التعريف للأمرين مع قصر الباب على ذكر أحدهما إذا عرف ذلك فلنرجع إلى الكلام على مفردات التعريف ، فقوله : علم جنس يدخل تحته علم التصريف وغيره من العلوم ، وقوله :ببنية الكلمة فصل أخرج به ما عدا علم التصريف حتى علم الإعراب ؛ لأن علم الإعراب علم بحال الكلمة حال التركيب بالنسبة إلى ما لها من الأحكام ، لا علم ببنية ، إن كان العلمان داخلين تحت علم النحو. ويدخل في قوله : ببنية الكلمة ما تقدمت الإشارة إليه من الصيغ المختلفة لاختلاف المعاني وما تغير من الأبنية ؛ لا لاختلاف المعاني بل للتخفيف ، وهو الراجع إلى الغرض اللفظي ، كقال ، وباع ، ورمى وأئمّة ورسائل وأواصل ، ونحو ذلك ويدخل فيه ـ أيضا ـ أوزان الأبنية فإن معرفة الأوزان من علم التصريف ، وكذا يدخل ما لا يضطر إليه في الكلام مما يستعمله التصريفي على سبيل التدرب والامتحان ، كما إذا بنيت من كلمة مثل أخرى ، كضربت من دحرج (٢) ، وقوله : وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك ، قيل : أشار بقوله : وشبه ذلك إلى الحذف ، والنقل ، والإدغام ، ـ

__________________

(١) الممتع (١ / ٣١).

(٢) هذا تعريف الشارح للأبنية ، وانظر في ذلك : الجاربردي (١ / ١١) ، وحاشية ابن جماعة عليه (١ / ١١) ، وشرح الشافية للرضي (١ / ٢) ، والنكت للسيوطي (٢ / ٩٥٨).

٢٠