السيّد علي الحسيني الميلاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: وفا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-2501-03-1
الصفحات: ٤٧٢
* وما معنى قول خامس في الإمام الحسن العسكري عليهالسلام :
« ليس بشيء » (١).
ففي القوم من يقول ـ أو يرتضي أن يقال ـ مثل هذه الأشياء في أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، ومع ذلك يدعي بعضهم أنهم هم المقتدون بأهل البيت والمتمسكون بحبل ودادهم.
لكنهم إذا ما نقل الشيعي عن تاريخ ابن خلكان وغيره : أن مالكا ـ أحد الأئمة الأربعة ـ بقي في بطن اُمّه ثلاث سنين ... قالوا : لماذا نقل هذا؟! وإذا كان الناقلون لهذه القضية : قاضي القضاة ابن خلكان الشافعي ، وحافظ المغرب ابن عبد البر المالكي ، والمؤرخ الشهير ابن قتيبة .. وأمثالهم ، فما ذنب الشيعي إذا نقلها عنهم؟! بل لقد حكى الحافظ الذهبي ذلك ولم يتعقبه بشيء ، فقال :
« قال معن والواقدي ومحمد بن الضحاك : حملت أم مالك بمالك ثلاث سنين. وعن الواقدي قال : حملت به سنتين » (٢).
وقال : « قال معن القزاز وجماعة : حملت بمالك أمه ثلاث سنين » (٣).
وقال الحافظ المالكي القاضي عياض في كتابه المؤلف في فضائل مالك وعلماء مذهبه : « باب في مولد مالك ـ رحمهالله تعالى ـ والحمل به ومدة حياته ووقت وفاته » : « واختلف في حمل أمه به ، فقال ابن نافع الصائغ والواقدي ومعن ومحمد ابن الضحاك : حملت به أمه ثلاث سنين وقال نحوه بكّار بن عبد الله الزبيري وقال : أنضجته ـ والله ـ الرحم. وأنشد الطرماح :
تضن بحملنا الأرحام حتى |
|
تنضجنـا بطون الحاملات |
__________________
(١) اللآلي المصنوعة ١ | ٣٩٦ ، الموضوعات ١ | ٤١٥.
(٢) سير أعلام النبلاء ٨ | ١٣٢.
(٣) العبر في خبر من غبر ١ | ٢١٠
قال ابن المنذر : وهو المعروف.
وروي عن الواقدي أيضا : « إن حمل أمه به سنتان. قاله عطاف بن خالد » (١).
هذه كلمات أئمة القوم ، وفيهم رؤساء أتباع مالك ، كالقاضي عياض وابن عبد البر.
والسيد رحمهالله لم يقل إلا : « ذكر ابن خلكان في أحوال مالك من وفيات الأعيان : إن مالكا بقي جنينا في بطن أمه ثلاث سنوات. ونص على ذلك ابن قتيبة حيث ذكر مالكا في أصحاب الرأي من كتابه ( المعارف ) ص ١٧٠ ، وحيث أورد جماعة زعم أنهم قد حملت بهم أمهاتهم أكثر من وقت الحمل ، صفحة ١٩٨ من ( المعارف ) أيضا ».
فقيل :
« ليس في وفيات الأعيان في ترجمة مالك ما ادعى المؤلف ، بل فيه : وقال ابن السمعاني في كتاب الأنساب في ترجمة الأصبحي : إنه ولد في سنة ثلاث أو أربعة وتسعين. والله أعلم بالصواب ».
أقول :
جاء في « وفيات الأعيان » بترجمة مالك : « وكانت ولادته في سنة خمس وتسعين للهجرة ، وحمل به ثلاث سنين.
وتوفي في شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة ، رضي الله عنه ، فعاش أربع وثمانين سنة. وقال الواقدي : مات وله تسعون سنة. وقال ابن الفرات في تاريخه المرتب على السنين : وتوفي مالك بن أنس الأصبحي لعشر
__________________
(١) ترتيب المدارك ١ | ١١١.
مضين من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة. وقيل : إنه توفي سنة ثمان وسبعين ومائة. وقيل : إن مولده سنة تسعين للهجرة. وقال السمعاني في كتاب ( الأنساب ) في ترجمة الأصبحي : إنه ولد في سنة ثلاث أو أربع وتسعين.
والله أعلم بالصواب » (١).
فلماذا التكذيب والإنكار؟!
* قال السيد رحمهالله :
٢ ـ على أنه لا دليل للجمهور على رجحان شيء من مذاهبهم فضلا عن وجوبها ... وما أظن أحدا يجرؤ على القول بتفضيلهم ـ في علم أو عمل ـ على أئمتنا ، وهم أئمّة العترة الطاهرة ...
أقول :
مضافا إلى :
١ ـ أن الأئمة الأربعة تنتهي علومهم إلى أئمة العترة.
٢ ـ أن تفضيلهم على غيرهم من أئمة المذاهب السنية غير معلوم.
٣ ـ أنه قد وقع الكلام فيما بين أهل السنة أنفسهم حول الأئمة الأربعة علما وعملا.
* قال السيد :
٣ ـ على أن أهل القرون الثلاثة مطلقا لم يدينوا بشيء من تلك المذاهب أصلا .. ولاشيعة يدينون بمذهب الأئمة من أهل البيت ـ وأهل البيت أدرى بالذي فيه ـ وغير الشيعة يعملون بمذاهب العلماء من الصحابة والتابعين ...
__________________
(١) وفيات الأعيان ٤ | ١٣٩.
قيل :
« قوله : وأهل البيت أدرى بالذي فه حجر على عباد الله وتضييق عليهم أن يعلموا ... ».
أقول :
أما أن أهل البيت أدرى بالذي فيه ، فلا يمتري فيه أحد ، لأنه مقتضى كونهم « أهل البيت ». ومقتضى كونهم « أدرى » أن يكونوا الأولى بالاقتداء والاتباع لمن يريد الوصول إلى « الذي فيه » وإلا لزم ترجيح المفضول ، وهو قبيح عند ذوي الالباب والعقول.
وقد نص الأئمة الشارحون للحديث على هذا المعنى ، ونكتفي بعبارة القاري إذ قال في شرحه في « المرقاة في شرح المشكاة » : « الأظهر هو أن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله ... » وستأتي عبارته كاملة.
وأما أن غير الشيعة يعملون بمذاهب العلماء من الصحابة والتابعين ، فهذا ما لا يخفى على من راجع سير الصحابة والتابعين وأخبارهم ، ولاحظ كتب غير الشيعة وأسفارهم .. وقد أورد السيد ـ رحمهالله ـ موارد كثيرة من تلك المذاهب ، وبيّن كيفيه مخالفتها للنصوص الشرعية الواجب العمل بها .. في كتابه « النص والاجتهاد » المطبوع غير مرة ، المنتشر في سائر البلاد ...
* قال السيد :
٤ ـ وما الذي أرتج باب الاجتهاد في وجوه المسلمين بعد أن كان في القرون الثلاثة متوحا على مصراعيه ..؟!
قيل :
« نرى المؤلف ف هذه الفقرة قد خرج عن القضية الأساسية في النقاش ، وأثار قضايا فرعية مثل قضية فتح باب الاجتهاد ، وهي قضية خلافية ليس بين السنة والشيعة ، بل بين أهل السنة أنفسهم ... ».
أقول :
لم يجب الرجل عن سؤال السيد! أما أن أهل السنة عادوا في هذه العصور يدعون إلى فتح باب الاجتهاد فذاك رد قطعي على أئمتهم السابقين الذين غلقوه ، وإن كان في القرون الماضية فيهم من يرد على سد باب الاجتهاد بشدة ، حتى ألف الحافظ السيوطي رسالة : « الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض »
هذا ، وقد ثبت تاريخيا أن الحكم في القرن السابع بسد باب الاجتهاد وانحصار المذاهب في الاربعة المعروفة إنما كان استجابة لأمر الحكام الذين ارتأوا ذلك لأغراض سياسية ، وللتفصيل في هذه القضية مجال آخر.
* قال السيد :
٥ ـ هلم بنا إلى المهمة التي نبهتنا إليها من لم شعث المسلمين ...
أقول :
ذكر السيد في جواب الشيخ نقطتين مهمتين للوصول إلى تلك المهمة :
الأولى : أن لم شعث المسلمين ليس موقوفا على عدول الشيعة عن مذهبهم ، ولا على عدول السنة عن مذهبهم.
وفي هذا رد لى بعض الكُتاب المعاصرين من أهل السنة ، وقول
بعضهم بأن المهمة لا تتحقق إلا بعدول الشيعة عن مذهبهم ، وقول البعض الآخر : بأن الشيعة يريدون من أهل السنة العدول عن مذهبهم بحجة تحقيق لم شعث المسلمين.
والثانية : إن تكليف الشيخ وغيره الشيعة بالأخذ بمذاهب الجمهور ، وعدولهم عن مذهبهم ـ لو دار الأمر بين عدولهم وعدول الجمهور ـ في غير محله ، لأن توجيه التكليف بذلك ـ في الفرض المذكور ـ إلى أحدهما دون الآخر يحتاج إلى مرجح ، وتكليف الشيعة دون غيرهم ترجيح بلا مرجح ، بل ترجيح للمرجوح ، بل تكليف بغير المقدور.
نعم ، لا ريب في أن أهل السنة أكثر عددا من الشيعة ، ولكن الأكثرية العددية لا تكون دليلا على الحقية فضلا عن الأحقية ، وإلا لزم أن يكون الحق مع غير المسلمين ، لأنهم أكثر عددا منهم في العالم ، وهذا باطل ، مضافا إلى الأدلة والشواهد من الكتاب والسنة.
قيل :
« ولم لا تكون المقابلة كاملة ، فيكون تكليف أهل السنة بذلك ترجيح (١) بلا مرجح ، بل ترجيح للمرجوح ».
أقول :
وهذا كلام في غير محله ، لأن الهدف هو لم شعث المسلمين ، وقد قال السيد : « الذي أراه أن ذلك ليس موقوفا على عدول الشيعة عن مذهبهم ، ولا على عدول أهل السنة عن مذهبهم » فهو لا يكلفهم بالعدول لتحقق لم الشعث حتى يكون ترجيحا بلا مرجح أو مع المرجح. لكن الشيخ هو الذي كلّف
__________________
(١) كذا.
الشيعة بالعدول عن مذهبهم ، فأجاب السيد بما أوضحناه.
على أن تكليف أهل اسنة بالعدول عن مذهبهم ترجيح مع المرجح ، وذلك للأدلة التي سيقيمها السيد بالتفصيل. وخلاصة الكلام في ذلك : أنه لو دار الأمر بين اتباع أحد المذاهب الأربعة واتباع مذهب أهل البيت فلا يشك المسلم ، بل العاقل الخبير ، في تقدم مذهب أهل البيت على المذاهب الأربعة المشكوك في تقدمها على سائر مذاهب السنية.
* قال السيد :
« نعم يلم الشعث وينتظم عقد الاجتماع بتحريركم مذهب أهل البيت ، واعتباركم إياه أحد مذاهبكم ، حتى يكون نظر كل من الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية ، إلى شيعة آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كنظر بعضهم إلى بعض. وبهذا يجتمع شمل المسلمين فينتظم عقد اجتماعهم ».
قيل :
[ بعد السب والشتم ] : « وأن من أبسط ما يرد به عليه : إن الأئمة الذين يزري بهم وبأتباعهم كل منهم يجل الآخر ، ويعترف بعلمه وفضله ، فالشافعي أخذ عن مالك ، وأخذ عن محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة ، وأحمد أخذ عن الشافعي. ولم يزل المسلمون يأخذون بعضهم عن بعض ، المالكي عن الشافعي ، والحنفي عن المالكي ، والحنبلي عن الشافعي. وكل منهم عن آخر ، فهل نظرة هذا المفتري وأمثاله إلى هؤلاء وأتباعهم هي نظرة بعضهم إلى بعض؟ ».
أقول :
كأن الرجل لا يفهم مراد السيد! أو لا يريد أن يفهمه! إن السيد يقول :
لينظر كل من أصحاب المذاهب الأربعة إلى شيعة آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كنظر بعضهم إلى بعض. أي : فكما يرى الشافعية أن مذهب الحنفية مذهب من مذاهب المسلمين ، ويرى الحنفية المالكية كذلك ... وهكذا ... فلينظروا إلى مذهب شيعة آل محمد كذلك ، فإذا نظروا إليهم بهذه النظرة ، وكانت المذاهب كلها من دين الاسلام اجتمع شمل المسلمين وانتظم عقد اجماعهم ، لأنه حين يرى شيعة آل محمد أن أرباب المذاهب الأربعة ينظرون إليهم كنظر بعضهم إلى بعض ، فإنهم أيضا سينظرون إليهم بتلك النظرة.
وقد اوضح السيد ـ رحمهالله ـ مقصوده من « النظر » في عباراته اللاحقة فقال فيها : « فإذا جاز أن تكون المذاهب أربعة ، فلماذا لا يجوز أن تكون خمسة؟! ».
وتلخص : أن تحقق « المهمة » ليس موقوفا على عدول أحد الجانبين إلى الآخر ، بل يكفي لتحققها قبول أهل السنة لأن تكون المذاهب خمسة.
وحينئذ ، فلو تباحث في هذا الظرف شيعي وسني على أصل من الأصول ، أو فرع من الفروع ، فاقتنع أحدهم بما يقوله الآخر وانتقل إلى مذهبه ، كان كانتقال الحنفي إلى الشافعية أو بالعكس ، وهكذا ... وما أكثره في تراجم الرجال وكتب السير (١).
__________________
(١) ومن أطرف ما رأيته في الباب ما ذكره الذهبي ، وأنقله بنصه :
« محمد بن حمد بن خلف أبوبكر البندنيجي حنفش ، الفقيه ، تحنبل ثم تحنف ثم تشفع. فلذا لقب حنفش.
ولد سنة ٤٥٣ وسمع الصيريفيني وابن النقور وأبا عليّ بن البنّاء ، وتلا عليه.
وعنه : السمعاني ، وابن عساكر ، وابن سكينة.
قال أحمد بن صالح الختلي : كان يتهاون بالشرائع ، ويعطل ، ويستخف بالحديث وأهله ويلعنهم.
وقال السمعاني : كان يخل بالصلوات.
توفي سنة ٥٣٨ » ميزان الاعتدال ٣ | ٥٢٨.
وأما قوله : « إن الأئمة الذين يزري بهم وبأتباعهم كل يجل الآخر ويعترف بعلمه وبفضله » ففيه :
أولا : إنا لم نجد في كلمات السيد إزراء بأحد.
وثانياً : إن ما في كتب تراجم علمائهم وسير رجالهم مما يكذّب دعوى « كل يجل الآخر ... » كثير ... ولو شئت أن أذكر لذكرت ، لكن يطول بنا المقام ، ويكفيك إن تعلم أن مالكا كان يتكلم في أبي حنيفة كما ذكره الحافظ الخطيب في عداد من كان يتكلم فيه ويرد عليه ( تاريخ ١ | ٣٧١ وأن مالكا نفسه تكلم فيه أحمد بن حنبل ( العلل ومعرفة الرجال ١ | ١٧٩ ) وآخرون أيضا ( كما في تاريخ بغداد ١٠ | ٢٢٤ وجامع بيان العلم ـ للحافظ ابن عبد البر
__________________
أقول : كأن هذا الفقيه!! علم أنه لن يفلح بالعمل بمذهب ابن حنبل فالتجأ إلى مذهب أبي حنيفة ، ثم إلى مذهب الشافعي ، فلم ير شيئا من هذه المذاهب بمبرئ للذمة ، ولم يجد فيها ضالته ، وهو يحسب أن لا مذهب سواها! فخرج عن الدين وضل!!
أما التهاون والإخلال بالصلوات ... فهو موجود في أئمتهم في الفقه والحديث ... نكتفي بذكر واحد منهم ، وهو : الشيخ زاهر بن طاهر النيسابوري الشحامي المستملي ـ المتوفى سنة ٥٥٣ هـ ـ الموصوف في كلمات القوم بالشيخ العالم ، المحدث ، المفيد ، المعمر ، مسند خراسان!! الشاهد! العمدة في مجلس الحكم!! والذي حدث عنه ـ في خلق كثير ـ غير واحد من أئمتهم كأبي موسى المديني ، والسمعاني ، وابن عساكر ... فقد ذكروا بترجمته أنه كان يخل بالصلاة إخلالا ظاهرا ، حتى أن أخاه منعه من الخروج إلى أصبهان لئلا يفتضح ، لكنه سافر إلى هناك وظهر الأمر كما قال أخوه ، وعرف أهل اصبهان ذلك ، فترك الرواية عنه غير واحد من الحفاظ تورعا ، وكابر وتجاسر آخرون كما قال الذهبي.
ومن هنا ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ٢ | ٦٤ ، بل أدرجه في الضعفاء ١ | ٢٣٦ ، وابن حجر في لسان الميزان ٢ | ٤٧٠ ، وراجع ترجمته أيضا في سير أعلام النبلاء ٢٠ | ٩ ، والعبر ٢ | ٤٤٥.
وقال الذهبي بترجمة أخيه المشار إليه : « أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي ، أخو زاهر ... كان خيرا متواضعا متعبدا لا كأخيه ».
وهل ينفعه ـ بعد شهادة السمعاني والذهبي وغيرهم ـ الاعتذار له بشيء من المعاذير؟!
ولو شئت أن أذكر المزيد لذكرت!!
المالكي ٢ | ١٥٧ ـ ١٥٨ ) وكان من الفقهاء ، من يتكلم في الحنابلة ، ويبالغ في ذهمهم ، فدس الحنابلة عليه سما ، فمات هو وزوجته وولد له صغير!! ( المنتظم في تاريخ الأمم ١٠ | ٢٣٩ ) ومنهم من كان يقول : لو كان لي أمر لأخذت الجزية من الشافعية ( لسان الميزان ٥ | ٤٠٢ ).
* قال السيد :
في آخر المراجعة مخاطبا الشيخ : « ما هكذا الظن بكم ولا المعروف من مودتكم في القربى ».
قيل :
« ثم إن قوله : ما هكذا الظن بكم ولا المعروف من مودتكم في القربى » تناقض منه ، فإذا كان أهل السنة يحفظون المودة في القربى ، فلماذا يجهد الشيعة في اتهام أهل السنة بأنهم لم يودوا ذوي القربى ، بل ظلموهم وغصبوهم حقهم؟ ».
أقول :
لقد لمس السيد من الشيخ ـ لدى اجتماعه به ـ كما نص عليه في « بغية الراغبين » وكذا في مقدمة « المراجعات » المودة في القربى ، فهذا الخطاب للشيخ لا لكل أهل السنة ، فأين التناقض؟! أما أهل السنة فإن كثيرين منهم لم يحفظوا المودة في القربى ، وقد أوردنا فيما تقدم كلمات بعضهم في حق ذوي القربى ، تلك الكلمات التي أورثت جراحات لا تقل ألما وأثرا عن جراحات السيوف والأسنّة لأسلافهم في ذوي القربى وأشياعهم ، على مدى القرون المتمادية ...
* * *
المراجعة ـ ٦
* قال السيد :
١ ـ ولذا قرنهم بمحكم الكتاب وجعلهم قدوة ...
أقول :
هذا إشارة إلى عدة من الأحاديث النبوية الآمرة باتباع العترة والتمسك بهم الأخذ عنهم ، والناهية عن تعليمهم والتقدم عليهم والتخلف عنهم ... وسيتعرض لها بالتفصيل.
قال رحمهالله :
٢ ـ وقد قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « فأين تذهبون! وأنى تؤفكون! ... ».
وقال عليهالسلام : « انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم ... ».
وقال عليهالسلام : « عترته خير العتر ... ».
وقال عليهالسلام : « نحن الشعار والأصحاب ... ».
وقال عليهالسلام : « واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد ... ».
وقال عليهالسلام : « بنا اهتديتم في الظلماء ... ».
أقول :
هذه نصوص روايات واردة عن أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام في كتاب « نهج البلاغة » فهنا مطالب :
١ ـ إن هذه الأوصاف التي نقلها السيد عن نهج البلاغة عن أمير المؤمنين
عليهالسلام لا يشك مسلم في كونها حقا وحقيقة واقعة ، سواء كانت أسانيد هذه الكلمات معتبرة أو لا ، وسواء كانت في « نهج البلاغة » أو غيره من الكتب ، وسواء كان « نهج البلاغة » للشريف الرضي أو لأخيه أو غيرهما ... وبالجملة فإن متونها تشهد بصدقها!
فهل تشكون ـ أيها المسلمون ـ في أن أهل بيت النبوة « لن يخرجوكم من هدى ولن يعيدوكم في ردى »؟! وأنهم يصلحون لأن يكونوا قدوة لكم « فإن لبدوا فالبدوا ، وإن نهضوا فانهضوا ، ولا تسبقوهم فتضلوا ، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا »؟!
وهل يشك عاقل فاهم في جلالة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن « عترته خير العتر ، وأسرته خير الأسر ، وشجرته خير الشجر ... »؟! فإن لم يكونوا كذلك ، فأي عترة خير العتر؟! وأي اسرة خير الأسر؟! وأي شجرة خير الشجر؟! آل فلان؟! أم فلان؟! أم بنو أمية؟!
أليس أهل بيته « شجرة النبوة ، ومحط الرسالة ، ومختلف الملائكة ... »؟!
ومن ينكر قوله « ناظرنا ومحبنا ينتظر الرحمة ، وعدونا ومبغضنا ينتظر السطوة » إلا العدو المبغض؟!
ومن المخالف في أن المخالفين لأهل البيت « آثروا عاجلا وأخروا آجلا ... »؟!
وتلخص : أن هذه حقائق ثابتة ، لا شك فيها كي تحتاج إلى سند أو برهان ...
٢ ـ على أن السيد ـ رحمهالله ـ إنما استدل بما جاء في « نهج البلاغة » باعتبار أن هذا الكتاب من الكتب المتفق عليها ، لأن الكثيرين من العلماء المحققين من غير الشيعة الإمامية تلقّوه بالقبول ، وتناولوه بالشرح والتفسير والتعليق.
وعلى الجملة ، فإن أحدا لم يشك في أن ما في « نهج البلاغة » من كلام الإمام علي عليهالسلام.
نعم ، قال بعضهم : « أكثره » من كلامه ... لوجود ( الخطبة الشقشقية ) فيه ، كما سنشير.
ولولا صحة إسناد الكتاب إلى الإمام علي عليهالسلام لما تكلم بعضهم في جامعة ، كابن خلكان حين شكك في أنه الرضي أو المرتضى ، وكالذهبي حين اختلف كلامه ... كما سيأتي.
ولولا صحة إسناده لما شكك آخرون استنادا إلى شبهات واهية كاشتمال الكتاب على « دقة الوصف » و « التنمي اللفظي » ونحو ذلك ... مما ستأتي الإشارة إليه.
ومن هنا :
قيل :
« والعجب كل العجب من الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد ، فإنه لما ساق حجج المتشككين في نسبة نهج البلاغة إلى عليّ ـ رضياللهعنه ـ لم يتعرض لقضية السند أبدا ، مع أنه كان ينبغي أن يتعرض لهذه القضية أولا فإذا صح اسند نظرنا في المتن ».
أقول :
كأنّ هذا القائل لم ير بعينه كلمة هذا الشيخ الصريحة في أن أحدا لم يشك في أنّ أكثر ما تضمنه نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام ... وستأتي عبارته ، مع التنبيه على السبب في تعبيره بـ « الأكثر ».
وعلى كل حال ، فإن ذكر هذا الشيخ وغيره الأوهام المشككة في « نهج البلاغة » من تلك الجهات ، هو من خير الأدلة على ثبوت الكتاب وصحة نسبته ،
لأنهم يعلمون أن التطرق إلى هذه الأمور إنما يكون بعد الفراغ من البحث السندي.
٣ ـ وإن ما حواه كتاب « نهج البلاغة » قد ثبت وتحقق وجوده في كتب العلماء المتقدمين على مؤلفه ، من شيعة وسنة (١).
٤ ـ نعم ، يصعب عليهم قبول ( الخطبة الشقشقية ) .. والظن الغالب أنه لولا وجودها في « نهج البلاغة لما شكك المتشككون منهم في نسبة شيء من الخطب والكتب والكلمات المروية فيه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام.
قيل :
« ومن قرأ خطبته المعروفة بالشقشقية جزم أنه لا يمكن لمن هو في مثل مقام علي ـ رضياللهعنه ـ أن يقول ذلك ، فإن هذا مما يتعارض مع ما صح عنه من أكثر من طريق من تفضيل أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ والثناء عليهما. وهذه الخطبة المنسوبة زورا وبهتانا إليه ـ رضياللهعنه ـ تنطوي على أسوأ الإزار بكبار الصحابة الكرام : أبي بكر وعمر وعثمان ، وباقي العشرة ، بل فيها سب صراح ، واتهام بخيانة الأمة ، وسخرية لا تصدر إلا عن أمثال الرافضة الذين يجل عليّ ويسمو عن مثل ما يقولون :
ففي الصحيحين : عن ابن عباس ، قال : وضع عمر على سريره ، فتكنّفه الناس يدعون ويثنون ، ويصلون عليه قبل أن يرفع ، وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي ، فالتفت فإذا هو علي ، وترحم على عمر ، وقال : ماخلقت أحداً أحب أن ألقى الله عز وجل بعمله منك ، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، وذلك أني كنت كثيرا ما أسمع النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : جئت أنا وأبو بكر وعمر .. ودخلت أنا
__________________
(١) يراجع بهذا الصدد كتاب : « مصادر نهج البلاغة ».
وأبو بكر وعمر .. وخرجت أنا وأبو بكر وعمر .. فإن كنت لأرجو أو أظن أن يجعلك الله معهما.
البخاري ٤ | ١٩٧ ، ومسلم ٢ | ١٨٥٨ ».
أقول :
ولعل وجود هذه الخطبة في « نهج البلاغة » هو السبب في قول بعضهم بأن أكثره من كلام الإمام عليهالسلام ، فهم من جهة لا يتمكنون من إنكار أصل الكتاب ، ومنجهة أخرى لا يتمكنون من تصديق الخطبة الشقشقية ، لأنها ـ في الحقيقة ـ تهدم أساس المذهب الذي هم عليه :
يقول الشيخ محمّد محيي الدين عبد الحميد : « وليس من شك عند أحد من أدباء هذا العصر ، ولا عند أحد ممن تقدمهم ، في أن أكثر ما تضمنه نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام. نعم ليس من شك عند أحد في ذلك ... » (١).
لكن الدليل على كونها من كلامه هو التعرض لها أو ذكرها في كلمات العلماء السابقين على الشريف الرضي والمتأخرين عنه ، من إمامية ومعتزلة وسنة ، وإن شئت التفصيل فراجع (٢).
وأما أنها تتناقض وما رواه القوم عن الإمام عليهالسلام في الثناء على الشيخين وغيرهما ، فالجواب عن ذلك :
أولا : إن الخطبة مروية عند الشيعة وغيرهم ، فهي متفق عليها ، وما رووه عن أمير المؤمنين عليهالسلام من الثناء عليهم متفردون بروايته ، ولا تعارض بين المتفرد به والمتفق عليه.
__________________
(١) لاحظ مقدمة شرحه على « نهج البلاغة ».
(٢) مصار نهج البلاغة وأسانيده.
وثانيا : إن شرط التعارض هو الحجية في طرفي التعارض كليهما ، وحجية الخطبة ثابتة دون أخبارهم المشار إليها ، كما لا يخفى على من نظر في أسانيدها.
وثالثا : إن عمدة أخبارهم في ثناء الإمام عليهالسلام على القوم هو الخبر الذي أورده عن كتابي البخاري ومسلم المعروفين بالصحيحين. لكنك إذا لاحظت سنده ـ بغضّ النظر عن البخاري ومسلم ، المجروحَين لدى كبار أئمة القوم من السابقين واللاحقين ـ رأيته ينتهي في جميع طرقه إلى « ابن أبي مليكة » :
وهو رجل لا يجوز الاعتماد على روايته مطلقا ، لا سيما في مثل هذه الأمور! لأنه تيميّ من عشيرة أبي بكر ، ولأنه كان من مناوئي أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولأنه كان قاضي عبد الله بن الزبير في مكة! ولأنه كان مؤذن عبد الله بن الزبير!
وله قوادح غير ماذكر ، فراجع ترجمته (١).
على أنّا نكذب كل خبر جاء فيه أسماء الخلفاء الأربعة على ترتيب الخلافة ، وقد حققت ذلك في رسالة مفردة (٢).
شبهات حول نهج البلاغة :
٥ ـ وبقيت شبهات ذكرها المعترض ، وهي : إن في نهج البلاغة :
أ ـ التعريض بالصحابة.
ب ـ التنميق اللفظي.
ج ـ دقة الوصف.
__________________
(١) تهذيب التهذيب ٥ | ٢٦٨.
(٢) تراثنا ، العدد ٢٨ ، ص ١٥ ـ ٥٦ ، رجب ـ رمضان ١٤١٢ هـ.
د ـ عبارات يستشم منها ريح ادعاء صاحبها علم الغيب.
أقول :
لكن الشبهات أكثر من هذه الأربعة ... ولعل المعترض ملتفت إلى سقوط البقية فلم يتعرض لها ، لكنها مذكورة في كلمات غيره.
وقد أوردها كلها مؤلف كتاب « مصادر نهج البلاغة وأسانيده » تحت عنوان : « شبهات حول النهج » وأجاب عنها بالتفصيل ، فراجعه.
٦ ـ وأما أن « نهج البلاغة » هو للسيد شريف الرضي ، فهذا هو الثابت الواقع ، بالأدلة المتينة والشواهد القويمة ، وباعتراف السابقين واللاحقين من العلماء من مختلف فرق المسلمين.
وأول من شكك في المقام هو : قاضي القضاة ابن خلّكان ، صاحب « وفيات الأعيان » وتبعه بعض المتأخرين عنه كالذهبي والصفدي وأمثالهما.
قيل :
« وأما المتهم ـ عند المحدثين ـ بوضع النهج فهو أخوه علي.
قال في الميزان : علي بن الحسين العلوي الشريف المرتضى المتكلم الرافضي المعتزلي ، صاحب التصانيف ، حدث عن سهل الديباجي والمرزباني وغيرهما. وولي نقابة العلوية. ومات سنة ٤٣٦ عن ٨١ سنة ، وهو المتهم بوضع نهج البلاغة ، وله مشاركة قوية في العلوم. ومن طالع كتابه نهج البلاغة جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي رضياللهعنه ، ففيه السب الصراح والحط على السيدين : أبي بكر وعمر ، رضي الله عنهما. وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة ، وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين ، جزم بأن الكتاب أكثره باطل. رياض الجنة لمقبل الوداعي ١٦٢ ـ ١٦٣ ».
أقول :
أما مقبل الوادعي فلا أعرفه ، وما أدري لماذا نقل عبارة الميزان بواسطته.
و ( الميزان ) هو : « ميزان الاعتدال في نقد الرجال » للحافظ الذهبي ، والعبارة موجودة فيه ج ٣ | ١٢٤.
لكن في « العبر » للحافظ الذهبي ، أثنى على الشريف المرتضى ، ولم يتعرض لكتاب نهج البلاغة ، فقال فيمن توفي سنة ٤٣٦ هـ : « والشريف المرتضى نقيب الطالبيين وشيخ الشيعة ورئيسهم بالعراق ، أبو طالب : عليّ بن الحسين بن موسى الحسيني الموسوي ، وله ٨١ سنة ، وكان إماما في التشيعة والكلام والشعر والبلاغة ، كثير التصانيف متبحرا في فنون العلم. أخذ عن الشيخ المفيد ، وروى الحديث عن سهل الديباجي الكذاب ، وولي النقابة بعده ابن أخيه عدنان ابن الشريف الرضي » (١).
وفي « سير أعلام النبلاء » للحافظ الذهبي أيضا ، ترجم له فقال : « هو جامع كتاب نهج البلاغة » ثم قال : « وقيل : بل جمع أخيه الشريف الرضي » فعلق عليه الناشرون له : « وهذا هو المشهور » (٢).
وهذه الاضطرابات في التشكيكات تكشف عن أن الغاية منها ليس إلا تضعيف الكتاب بكل وسيلة ، وليس إلا لأنهم منزعجون من الخطبة الشقشقية .. ولذا تراه يقول في « الميزان » موضحا علة الجزم بكون الكتاب مكذوبا : « ففيه السب الصراح ... » ويقول في « سير أعلام النبلاء » : « المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي رضياللهعنه ، ولا أسانيد لذلك ، وبعضها باطل ، وفيه حق ، ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها ».
__________________
(١) العبر في خبر من غبر ٢ | ٢٧٢.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٧ | ٥٨٩.
ولا يخفى الفرق بين العبارتين في الكتابين حول الكتاب ، وهذا دليل آخر على الاضطراب.
وعلى كل حال ، فقد حقق هذه القضية غير واحد من المحققين ، وجزموا بكون الكتاب للشريف الرضي محمد بن الحسين.
وقال الشيخ محمد عبده : « ذلك الكتاب الجليل هو جملة ما اختاره السيد لاشريف الرضي ـ رحمهالله ـ من كلام سيدنا ومولانا أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، جمع متفرقه وسماه هذا الاسم : نهج البلاغة ... » (١).
وقال الأستاذ محمد كرد عليّ ، في مقال نشرته مجلة المجمع العلمي السوري : « ونهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي من كلامه ... » (٦٢).
وقال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد : « نهج البلاغة هو ما اختاره الشريف الرضي ... » (٢).
وإن شئت الوقوف على حقيقة كتاب « نهج البلاغة » ومصادره ، وما قيل فيه ، ونصوص العلماء والمحققين على أنه خطب وكتب وكلمات أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأنه ما تأليف الشريف الرضي ، فراجع كتاب « مصادر نهج البلاغة وأسانيده ».
* قال السيد :
وقوله عليهالسلام : « نحن شجرة النبوة ، ومحط الرسالة ، وختلف الملائكة ، ومعدن العلم ، وينابيع الحكم ... ».
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ المقدمة.
(٢) تراثنا ، العدد ٣٤ ، ص ١٠٠ ـ ١٠١ ، محرم ـ ربيع الأول ١٤١٤ هـ.
(٣) شرح نهج البلاغة ـ المقدمة.
وأضاف في الهامش : « وقال ابن عباس : نحن أهل البيت ، شجرة النبوة ، ومختلف الملائكة ، وأهل البيت الرسالة ، وأهل بيت الرحمة ، ومعدن العلم » ( قال ) : نقل هذه الكلمة عنه جماعة من أثبات السنة ، وهي موجودة في آخر باب خصوصياتهم صفحة ١٤٢ من الصواعق المحرقة لابن حجر ».
أقول :
وأخرج الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده عن جابر بن عبد الله وعبد الله ابن عباس في خبر هبوط ملك الموت لقبض روح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنه وقف بالباب فقال : « السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ... » (١).
وروى الحمّوئي عن طريق الحافظ أبي نعيم ، عن الحافظ الطبراني ، بإسناده عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « نحن أهل البيت مفاتيح الرحمة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعدن العلم ... » (٢).
وقد ذكرنا من قبل : أن مضمون هذا الكلام حقيقة لا تحتاج إلى إثبات ، وهو بالإضافة إلى كونه مرويا عن ملك الموت مخاطبا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته ، كما في رواية الطبراني وغيره ، وعن أمير المؤمنين عليهالسلام ، كما في ( النهج ) مروي عن ابن عباس كما ذكر السيد في الهامش.
قيل :
« لم يبين لنا المؤلف من هم الأثبات الذين نقلوا هذه العبارة؟ ومع أنه
__________________
(١) إحقاق الحق ٩ | ٤٠١ عن « المعجم الكبير » للطبراني.
(٢) فرائد السمطين ١ | ٤٤.