تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ١

السيّد علي الحسيني الميلاني

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ١

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: وفا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-2501-03-1
الصفحات: ٤٧٢

الأجر على أداء الرسالة ، فإن المشركين كافرون ومكذبون لأصل هذه الرسالة ، فكيف يطلب منهم الأجر؟!

وثانيا : إن هذه الآية مدنية ، وقد ذكرت في سبب نزولها روايات تتعلق بالأنصار.

وثالثا : على فرض كونها مكية فالخطاب للمسلمين لا للمشركين كما بينا.

وبعد ، فلو تنزلنا وجوزنا الأخذ سندا ودلالة بما جاء في المسند وكتابي البخاري ومسلم عن طاووس عن ابن عباس ، فلا ريب في أنه نص في ذهاب سعيد بن جبير إلى القول الحق.

وأما رأي ابن عباس فمتعارض ، والتعارض يؤدي إلى التساقط ، فلا يبقى دليل للقول بأن المراد « القرابة » بين النبي وقريش ، لأن المفروض أن لا دليل عليه إلا هذا الخبر.

لكن الصحيح أن ابن عباس ـ وهو من أهل البيت وتلميذهم ـ لا يخالف قولهم ، وقد عرفت أن أمير المؤمنين عليه‌السلام ينص على نزول الآية فيهم ، وكذا الإمام السجاد ... ولم يناقش أحد في سند الخبرين ، وكذا الإمامان السبطان ولإمامان الصادقان ... فكيف يخالفهم ابن عباس في الرأي؟!

لكن قد تمادى بعض القوم في التزوير والتعصب ، فوضعوا على لسان ابن عباس أشياء ، ونسبوا إليه المخالفة لأمير المؤمنين عليه‌السلام في قضايا ، منها قضية المتعة ، حتى وضعوا حديثا في أن عليا عليه‌السلام كان يقول بحرمة المتعة فبلغه أن ابن عباس يقول بحليتها ، فخاطبه بقوله :

٣٠١

« إنك رجل تائه »! ومع ذلك لم يرجع ابن عباس عن القول بالحلية! (١).

ولهذا نظائر لا نطيل المقام بذكرها ...

والمقصود أن القوم لما رأوا رواية غير واحد من الصحابة ـ وبأسانيد معتبرة ـ نزول الآية المباركة في « أهل البيت » ووجدوا أئمة أهل البيت عليهم‌السلام مجمعين على هذا القول ... حاولوا أولا تضعيف تلك الأخبار ثم وضع شيء في مقابلها عن واحد من علماء أهل البيت ليعارضوها به ، وليلقوا الخلاف بينهم بزعمهم ... ثم يأتي مثل ابن تيمية ـ ومن تبعه ـ فيستدل بالحديث الموضوع ويكذب الحديث الصحيح المتفق عليه بين المسلمين.

تنبيهان :

الأول :

قد تنبه الفخر الرازي إلى أن ما ذكره في ذيل الآية من الأدلة على وجوب محبة أهل البيت وإطاعتهم واحترامهم ، وحرمة بغضهم وعدائهم ... يتنافى مع القول بإمامة الشيخين وتعظيم الصحابة قاطبة ... مع ما كان منهم بالنسبة إلى أهل البيت وصدر منهم تجاههم ، فحاول أن يتدارك ذلك فقال :

« قوله ( إلا المودة في القربى ) فيه منصب عظيم للصحابة!! لأنه تعالى قال : ( والسابقون السابقون * أولئك المقربون ). فكل من أطاع الله كان مقربا عند الله تعالى فدخل تحت قوله : ( إلا المودة في

__________________

(١) راجع : رسالتنا في المتعتين ، تراثنا ، العدد : ٢٥.

٣٠٢

القربى )!

والحاصل : إن هذه الآية تدل على وجوب حب آل رسول الله وحب أصحابه ، وهذا المنصب لا يسلم إلا على قول أصحابنا أهل السنة والجماعة الذين جمعوا بين حب العترة والصحابة.

وسمعت بعض المذكرين قال : إنه صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا. وقال : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ؛ ونحن الآن في بحر التكليف وتضربنا أمواج الشبهات والشهوات ، وراكب البحر يحتاج إلى أمرين : أحدهما : السفينة الخالية عن العيوب والثقب. والثاني : الكواكب الظاهرة الطالعة النيرة ، فإذا ركب تلك السفينة ووقع نظره على تلك الكواكب الظاهرة كان رجاء السلامة غالبا. فكذلكك ركب أصحابنا أهل السنة سفينة حب آل محمد ووضعوا أبصارهم على نجوز الصحابة ، فرجوا من الله تعالى أن يفوزوا بالسلامة والسعادة في الدنيا والآخرة »!! (١).

وكذلك النيسابوري ، فإنه قال : « قال بعض المذكرين : إن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها غرق. وعنه صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. فنحن نركب سفينة حب آل محمد ونضع أبصارنا على الكواكب النيرة ، أعني آثار الصحابة لنتخلص من بحر التكليف وظلمة الجهالة ، ومن أمواج الشبهة والضلالة »!! (٢).

وكذلك الآلوسي ، فإنه قال مثله وقد استظرف ما حكاه الرازي ، قال

__________________

(١) تفسير الرازي ٢٧ | ١٦٦.

(٢) تفسير النيسابوري ـ هامش الطبري ـ ٢٥ | ٣٥.

٣٠٣

الآلوسي بعد ما تقدم نقله عنه في وجوب محبة أهل البيت ومتابعتهم وحرمة بغضهم ومخالفتهم :

« ومع هذا ، لا أعد الخروج عما يعتقده أكابر أهل السنة في الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ دينا ، وأرى حبهم فرضا علي مبينا ، فقد أوجبه أيضا الشارع ، وقامت على ذلك البراهين السواطع. ومن الظرائف ما حكاه الإمام عن بعض المذكرين ... » (١).

أقول :

لقد أحسن النيسابوري والآلوسي إذ لم يتبعا الفخر الرازي في ما ذكره في صدر كلامه ، فإني لم أفهم وجه ارتباط مطلبه بآية المودة ... : على أن فيه مواضع للنظر ، نمها : إن قوله تعالى : ( والسابقون السابقون * أولئك المقربون ) قد فسر في كتب الفريقين في هذه الأمة بعلي أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢).

وأما الحكاية الظريفة عن بعض المذكرين فإن من سوء حظ هذا المذكر ـ وهولاء المذكرين!! ـ تنصيص عشرات من الأئمة المعتمدين على بطلان حديث النجوم ووضعه وسقوطه :

قال أحمد : حديث لا يصح.

وقال البزار : هذا الكلام لا يصح عن النبي.

وقال الدارقطني : ضعيف.

وقال ابن حزم : هذا خبر مكذوب موضوع باطل ، لم يصح قط.

__________________

(١) روح المعاني ٢٤ | ٣٢.

(٢) مجمع الزوائد ٩ | ١٠٢.

٣٠٤

وقال البيهقي : أسانيده كلها ضعيفة.

وقال ابن عبد البر : إسناده لا يصح.

وقال ابن الجوزي : هذا لا يصح.

وقال أبو حيان : لم يقل ذلك رسول الله ، وهو حديث موضوع لا يصح به عن رسول الله.

وقال الذهبي : هذا باطل.

وقال ابن القيم ـ بعد الإشارة إلى بعض طرقه ـ : لا يثبت شيء منها.

وضعفه أيضا : ابن حجر العسقلاني ، والسيوطي ، والسخاوي ، والمتقي الهندي ، والمناوي ، والخفاجي ، والشوكاني ... وغيرهم ...

ومن شاء التفصيل فليرجع إلى رسالتنا فيه (١).

الثاني :

قال الرازي ـ في وجوه الدالة على اختصاص الأربعة الأطهار بمزيد التعظيم ـ : « الثالث : إن الدعاء لآل منصب عظيم ، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وهو قوله : اللهم صل ... » وقد تعقب بعض علمائنا هذا الكلام بما يعجبني نقله بطوله ، قال :

« فائدة : قال القاضي النعماني : أجمل الله في كتابه قوله ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) فبينه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمته ، ونصب أولياءه لذلك من بعده ، وذلك مفخر لهم لا يوجد إلا فيهم ، ولا يعلم إلا فيهم ، فقال حين

__________________

(١) وهي مطبوعة في آخر كتابنا : الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية.

٣٠٥

سالوا عن الصلاة عليه قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد.

فالصلاة المأمور بها على النبي وآله ليست هي الدعاء لهم كما تزعم العامة ، إذ لا نعلم أحدا دعا للنبي فاستحسنه ، ولا أمر أحدا بالدعاء له ، وإلا لكان شافعا فيه ، ولأنه لو كان جواب قوله تعالى ( صلوا عليه ) اللهم صل على محمد وآل محمد ، لزم أن يكون ذلك ردا لأمره تعالى ، كمن قال لغيره : إفعل كذا ، فقال : إفعل أنت. ولو كانت الصلاة الدعاء ، لكان قولنا : اللهم صل على محمد وآل محمد ، بمعنى : اللهم ادع له ، وهذا لا يجوز.

وقد كان الصحابة عند ذكره يصلون عليه وعلى آله ، فلما تغلب بنو أمية قطعوا الصلاة عن آله في كتبهم وأقوالهم ، وعاقبوا الناس عليها بغضا لآله الواجبة مودتهم ، مع روايتهم أن النبي سمع رجلا يصلي عليه ولا يصلي على آله فقال : لا تصلو عليّ الصلاة البترة ، ثم علمه بما ذكرناه أولا. فلما تغلب بنو العباس أعادوها وأمروا الناس بها ، وبقي منهم بقية إلى اليوم لا يصلون على آله عند ذكره.

هذا فعلهم ، ولم يدركوا أن معنى الصلاة عليهم سوى الدعاء لهم ـ وفيه شمة لهضمة منزلتهم حيث إن فيه حاجة ما إلى دعاء رعيتهم ـ فكيف لو فهموا أن معنى الصلاة هنا المتابعة؟! ومنه المصلي من الخيل ، فأول من صلى النبي ، أي تبع جبريل حين علّمه الصلاة ، ثم صلى عليّ النبي ، إذ هو أول ذكر صلى بصلاته ، فبشر الله النبي أنه يصلي عليه بإقامة من ينصبه مصليا له في أمته ، وذلك لما سأل النبي بقوله : ( واجعل لي وزيرا من أهل ) عليا ( واشدد به أزري ) ثم قال تعالى : ( صلوا عليه ) أي : اعتقدوا ولاية عليّ وسلموا لأمره. وقول النبي : قولوا : اللهم

٣٠٦

صل على محمد وآل محمد. أي : اسألوا الله أي يقيم له ولاية ولاة يتبع بعضهم بعضا كما كان في آل إبراهيم ، وقوله : وبارك عليهم ، أي : أوقع النمو فيهم ، فلا تقطع الإمامة عنهم.

ولفظ الآل وإن عم غيرهم إلا أن المقصود هم ، لأن في الأتباع والأهل والأولاد فاجر وكافر لا تصلح الصلاة عليه.

فظهر أن الصلاة عليه هي اعتقاد وصيته والأئمة من ذريته ، إذ بهم كمال دينهم وتمام النعمة عليهم ، وهم الصلاة التي قال الله إنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، لأن الصلاة الراتبة لا تنهى عن ذلك في كثير من الموارد » (١).

دلالة الآية سواء كان الإستثناء متصلا أو منقطعا :

وتخلص : إن الآية المباركة دالة على وجوب مودة « أهل البيت »..

* سواء كانت مكية أو مدنية ، بغض النظر عن الروايات أو بالنظر إليها.

وسواء كان الإستثناء منقطعا كما ذهب إليه غير واحد من علماء العامة وبعض أكابر أصحابنا كالشيخ المفيد البغدادي رحمه‌الله ، نظرا إلى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يطلب أجرا على تبليغ الرسالة ، قال رحمه‌الله :

« لا يصح القول بأن الله تعالى جعل أجر نبيه مودة أهل بيته عليهم‌السلام ، ولا أنه جعل ذلك من أجره عليه‌السلام ، لأن أجر النبي في التقرب

__________________

(١) الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ١ | ١٩٠ ـ ١٩١.

٣٠٧

إلى الله تعالى هو الثواب الدائم ، وهو مستحق على الله تعالى في عدله وجوده وكرمه ، وليس المستحق على الأعمال يتعلق بالعباد ، لأن العمل يجب أن يكون لله تعالى خالصا ، وما كان لله فالأجر فيه على الله تعالى دون غيره.

هذا ، مع أن الله تعالى يقول : ( ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله ) وفي موضع آخر : ( ويا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني ).

فإن قال قائل : فما معنى قوله : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى )؟ أوليس هذا يفيد أنه قد سألهم مودة القربى لأجره على الأداء؟

قيل له : ليس الأمر على ما ظننت. لما قدمنا من حجة العقل والقرآن ، والاستثناء في هذا المكان ليس هو من الجملة ، لكنه استثناء منقطع. ومعناه : قل لا أسألكم عليه أجرا لكن ألزمكم المودة فيا لقربى وأسألكموها ، فيكون قوله : ( قل لا أسألكم أجرا ) كلاما تاما قد استوفى معناه ، ويكون قوله : ( إلا المودة في القربى ) كلاما مبتدأ فائدته : لكن المودة في القربى سألتكموها ، وهذا كقوله : ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ) والمعنى فيه : لكن إبليس ، وليس باستثناء من جملة. وكقوله : ( فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ) معناه : لكن رب العالمين ليس بعدو لي. قال الشاعر :

وبلدة ليس بها أنيس

إلا اليعافير وإلا العيس » (١)

__________________

(١) تصحيح الاعتقاد ـ مصنفات الشيخ المفيد ـ : ١٤٠ ـ ١٤٢.

٣٠٨

* أو كان متصلا كما جوزه آخرون ، من العامة كالزمخشري والنسفي (١) وغيرهما.

ومن أعلام أصحابنا كشيخ الطائفة ، قال : « في هذا الإستثناء قولان : أحدهما : انه استثناء منقطع ، لأن المودة في القربى ليس من الأجر ، ويكون التقدير : لكن أدكركم المودة في قرابتي. الثاني : إنه استثناء حقيقة ، ويكون : أجري المودة في القربى كأنه أجر وإن لم يكن أجر » (٢).

وكالشيخ الطبرسي ، قال : « وعلى الأقوال الثلاثة فقد قيل في ( إلا المودة ) قولان ، أحدهما : إنه استثناء منقطع ، لأن هذا مما يجب بالإسلامفلا يكون أجرا للنبوة. والآخر : إنه استثناء متصل ، والمعنى : لا أسألكم عليه أجرا إلا هذا فقد رضيت به أجرا ، كما أنك تسأل غيرك حاجة فيعرض المسؤول عليك برا فتقول له : إجعل بري قضاء حاجتي. وعلى هذا يجوز أن يكون المعنى : لا أسألكم عليه أجرا إلاهذا ، ونفعه أيضا عائد عليكم ، فكأني لم أسألكم أجرا ، كما مر بيانه في قوله : ( قل ما سألتكم من أجر فهو لكم ).

وذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره : حدثني عثمان بن عمير ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها : نأتي رسول الله فنقول له : تعروك الأمور ، فهذه أموالنا ... » (٣).

* هذا ، ولكن قد تقرر في محله ، أن الأصل في الإستثناء هو

__________________

(١) الكشّاف في تفسير القران ٤ | ٢٢١ ، تفسير النسفي ـ هامش الخازن ـ ٤ | ٩٤.

(٢) التبيان في تفسير القران ٩ | ١٥٨.

(٣) مجمع البيان في تفسير القران ٩ | ٢٩.

٣٠٩

الاتصال ، وأنه يحمل عليه ما أمكن ، ومن هنا اختار البعض ـ كالبيضاوي حيث ذكر الانقطاع قولا ـ الاتصال ، بل لم يجوّز بعض أصحابنا الانقطاع فقد قال السيد الشهيد التستري : « تقرر عند المحققين من أهل العربية والأصول أن الاستثناء المنقطع مجاز واقع على خلاف الأصل ، وأنه لا يحمل على المنقطع إلا لتعذر المتصل ، بل ربما عدلوا عن ظاهر اللفظ الذي هو المتبادر إلى الذهن المخالفين له ، لغرض الحمل على المتصل الذي هوالظاهر من الاستثناء كما صرح به الشارح العضدي حيث قال : واعلم أن الحق أن المتصل أظهر ، فلا يكون مشتركا ولا للمشترك ، بل حقيقة فيه ومجاز في المنقطع ، ولذلك لم يحمله علماء الأمصار على المنفصل إلا عند تعذر المتصل حتى عدلوا للحمل على المتصل من الظاهر وخالفوه ، ومن ثم قالوا في قوله : له عندي مائة درهم إلا ثوبا ، وله عليّ إبل إلا شاة ، معناه : إلا قيمة ثوب أو قيمة شاة ، فيرتكبون الإضمار وهو خلاف الظاهر ليصير متصلا ، ولو كان في المنقطع ظاهرا لم يرتكبوا مخالفة ظاهر حذرا عنه انتهى » (١).

* * *

__________________

(١) إحقاق الحق وإزهاق الباطل ٣ | ٢١ ـ ٢٢.

٣١٠

الفصل الخامس

دلالة الآية على الإمامة والولاية

وكيف كان ... فالآية المباركة تدل على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام وأهل البيت عليهم‌السلام من وجوه :

١ ـ القرابة النسبية والإمامة :

إنه إن لم يكن النسبية دخل وأثر في الإمامة والخلافة ، فلا ريب في تقدم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إذ كلما يكون وجها لاستحقاقها فهو موجود فيه على النحو الأتم الأكمل الأفضل ... لكن لها دخلا وأثرا كما سنرى ..

ولقد أجاد السيد ابن طاووس المحلي حيث قال ـ ردا على الجاحظ في رسالته العثمانية ـ ما نصه :

« قال : وزعمت العثمانية : إن أحدا لا ينال الرئاسة في الدين بغير الدين. وتعلق في ذلك بكلام بسيط عريض يملأ كتابه ويكثر خطابه ، بألفاظ منضدة ، وحروف مسددة كانت أو غير مسددة. بيان ذلك :

إن الإمامية لا تذهب إلى أن استحقاق الرئاسة بالنسب ، فسقط جميع ما أسهب فيه الساقط ، ولكن الإمامية تقول : إن كان النسب وجه الإستحقاق فبنو هاشم أولى به ، ثم علي أولاهم به ، وإن يكن بالسبب فعلي أولى به إذ

٣١١

كان صهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن يكن بالتربية فعلي أولى به ، وإن يكن بالولادة من سيدة النساء فعلي أولى به ، وإن يكن بالهجرة فعلي مسببها بمبيته على الفراش ، فكل مهاجري بعد مبيته في ضيافته عدا رسول الله ، إذا الجميع في مقام عبيده وخوله ، وإن يكن بالجهاد فعلي أولى به ، وإن يكن بحفظ الكتاب فعلي أولى به ، وإن يكن بتفسيره فعلي أولى به على ما أسفلت ، وإن يكن بالعلم فعلي أولى به ، وإن يكن بالخطابة فعلي أولى به ، وإن يكن بالشعر فعلي أولى به.

قال الصولي فيما رواه : كان أبو بكر شاعرا وعمر شاعرا وعلي أشعرهم.

وإن يكن بفتح أبواب المباحث الكلامية فعلي أولى به ، وإن يكن بحسن الخلق فعلي أولى به ، إذ عمر شاهد به ، وإن يكن بالصدقات فعلي ـ على ما سلف ـ أولى به ، وإن يكن بالقوة البدنية فعلي أولى به ، بيانه : باب خيبر ، وإن يكن بالزهد فعلي أولى به في تقشفه وبكائه وخشوعه وفنون أسبابه وتقدم إيمانه ، وإن يكن بما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في فضله فعلي أولى به ، بيانه : ما رواه ابن حنبل وغيره على ما سلف ، وإن يكن بالقوة الواعية فعلي أولى به ، بيانه : قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك وتعي ، وحق على الله أن تعي » ، وإن يكن بالرأي والحكم فعلي أولى به ، بيانه : شهادة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له على ما مضى بالحكمة ، وغير ذلك مما نبهنا عليه فيما مضى.

وإذا تقرر هذا بأن معنى التعلق لمن يذكر النسب إذا ذكره ، ولهذا تعجب أمير المؤمنين عليه‌السلام حيث يستولى على الخلافة بالصحابة ،

٣١٢

ولا يستولى عليها بالقرابة والصحابة.

ثم إني أقول : إن أبا عثمان أخطأ في قوله : « إن أحدا لا ينال الرئاسة في الدين بغير الدين ».

بيانه : أنه لو تخلى صاحب الدين من السداد ما كان أهلا للرئاسة ، وهو منع أن ينالها أحد إلا بالدين ، والاستثناء من النفي إثبات حاضر في غير ذلك من صفات ذكرتها في كتابي المسمى « بالآداب الحكيمة » متكثرة جدا ، ومنها ما هو ضروري ، ومنها ما هو دون ذلك.

ومن بغي عدو الإسلام أن يأتي متلفظا بما تلفظ به ، وأمير المؤمنين عليه‌السلام الخصم ، وتيجان شرفه المصادمة ، ومجد سؤدده المدفوع ، إذ هو صاحب الدين ، وبه قام عموده ، ورست قواعده ، وبه نهض قاعده ، وأفرغت على جيد الإسلام قلائده.

وأقول بعد هذا : إن للنسب أثرا في الرئاسة قويا.

بيانه : أنه إذا تقدم على أرباب الشرف النسبي من لا يدانيهم ، وقادهم من لا يقاربهم ولا يضاهيهم ، كانوا بالأخلق عنه نافرين آنفين ، بل إذا تقدم على أهل الرئيس الفائت غير عصبته ، وقادهم غير القريب الأدنى من لحمته ، كانوا بالأخلق عنه حائدين متباعدين ، وله قالين ، وذلك مظنة الفساد في الدين والدنيا ، وقد ينخزم هذا اتفاقا ، لكن المناط الظاهر هو ما إليه أشرت ، وعليه عوّلت.

وأقول : إن القرآن المجيد لما تضمن العناية بالأقربين من ذرية رسول الله صلى الله عليهم ومواددتهم ، كان ذلك مادة تقديمهم مع الأهلية التي لا يرجح غيرهم عليهم فيها ، فكيف إذا كان المتقدم عليهم لا يناسبهم فيها ولا يدانيها؟!

٣١٣

قال الثعلبي بعد قوله تعالى ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) بعد أن حكى شيئا ثم قال : فأخبرني الحسين بن محمد [ قال : ] حدثنا برهان بن علي الصوفي ، [ قال : ] حدثنا حرب بن الحسين الطحان [ قال : ] حدثنا حسين الأشقر ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، ، قال : لما نزلت ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودتهم؟ قال : علي وفاطمة وابناهما.

وروى فنونا جمة غير هذا من البواعث على محبة أهل البيت ، فقال : أخبرنا أبو حسان المزكي ، [ قال : ] أخبرنا أبو العباس ، محمد بن إسحاق ، [ قال : ] حدثنا الحن بن علي بن زياد السري ، [ قال : ] حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، [ قال : ] حدثنا حسين الأشقر ، [ قال : ] حدثنا قيس ، [ قال : ] حدثنا الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى )فقالوا : يا رسول الله ، من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم؟ قال : علي وفاطمة وولدهما.

وقال : أخبرنا أبو بكر بن الحرث ، [ قال : ] حدثنا أبو السبح ، [ قال : ] حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، [ قال : ] أخبرنا إسماعيل بن يزيد ، [ قال : ] حدثنا قتيبة بن مهران ، [ قال : ] حدثنا عبد الغفور أبو الصباح ، عن أبي هاشم الرماني ، عن زاذان ، عن علي رضي‌الله‌عنه ، قال : فينا في آل حم ، إنه لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ، ثم قرأ ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ).

وقال الكلبي : قل لا أسألكم على الإيمان جعلا إلا أن توادوا قرابتي ،

٣١٤

وقد رايت أن اذكر شيئا من الآي الذي يحسن أن تتحدث عنده » (١).

أقول :

لا ريب في أن للنسب والقرب النسبي تأثيرا ، وأن للعناية الإلهية بـ « القربى » ـ أي : بعلي والزهراء بضعة النبي وولديهما ـ حكمة ، وفي السنة النبوية على ذلك شواهد وأدلة نشير إلى بعضها بإيجاز :

أخرج مسلم والترمذي وابن سعد وغيرهم عن واثلة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : « إن الله عز وجل اصطفى كنانة من ولد إسماعيل عليه الصلاة والسلام ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفى من بني هاشم » (٢).

قال النووي بشرحه : « استدل به أصحابنا على أن غير قريش من العرب ليس بكفء لهم ، ولا غير بني هاشم كفء لهم إلا بني عبد المطلب ، فإنهم هم وبنو هاشم شيء واحد ، كما صرّح به في الحديث الصحيح » (١).

وعقد الحافظ أبو نعيم : « الفصل الثاني : في ذكر فضيلته صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بطيب مولده وحسبه ونسبه وغير ذلك » فذكر فيه أحاديث كثيرة بالأسانيد ، منها ما تقدم ، ومنها الرواية التالية :

« إن الله عز وجل حين خلق الخلق جعلني من خير خلقه ، ثم حين

__________________

(١) بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية ٣٨٧ ـ ٣٩١.

(٢) جامع الأصول ٩ | ٣٩٦ عن مسلم والترمذي ، الطبقات الكبرى ١ | ٢٠ ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ٦٢.

(٣) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ١٥ | ٣٦.

٣١٥

خلق القبائل جعلني من خير قبيلتهم ، وحين خلق الأنفس جعلني من خير أنفسهم ، ثم حين خلق البيوت جعلني من خير بيوتهم ، فأنا خيرهم أبا وخيرهم نفسا » (١).

وذكر الحافظ محب الدين الطبري بعض هذه الأحاديث تحت عنوان « ذكر اصطفائهم » و « ذكر أنهم خير الخلق » (٢).

وقال القاضي عياض : « الباب الثاني في تكميل الله تعالى له المحاسن خلقا وخلقا ، وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقا » فذكر فيه فوائد جمة في كلام طويل (٣).

إذن ، هناك ارتباط بين « آية المودة » و « آية التطهير » وأحاديث « الاصطفاء » و « أنهم خير خلق الله ».

ثم إن في أخبار السقيفة والاحتجاجات التي دارت هناك بين من حضرها من المهاجرين والأنصار ما يدل على ذلك دلالة واضحة ، فقد أخرج البخاري أن أبا بكر خاطب القوم بقوله : « لن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش ، هم أوسط العرب نسبا ودارا » (٤) ولا يستريب عاقل في أن عليا عليه‌السلام هو الأشرف ـ من المهاجرين والأنصار كلهم ـ نسبا ودارا ، فيجب أن يكون هو الإمام.

بل روى الطبري وغيره أنه قال كلمة أصرح وأقرب في الدلالة ، فقال

__________________

(١) دلائل النبوة ١ : ٦٦ | ١٦.

(٢) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : ١٠.

(٣) الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ٤٦.

(٤) صحيح البخاري | كتاب الحدود ـ الباب ٣١ ، وانظر : الطبري ٣ | ٢٠٣ ، سيرة ابن هشام ٢ | ٦٥٧ ، وغيرهما.

٣١٦

الطبري إنه قال في خطبته : « فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم ولدينهم ، وكل الناس لهم مخالف زار عليهم ، فلم يستوحشوا لقلة عددهم وشنف الناس لهم وإجماع قومهم عليهم.

فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن به وبالرسول ، وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ، ولا ينازعهم في ذلك إلا ظالم » (١).

وفي رواية ابن خلدون : « نحن أولياء النبي وعشيرته وأحق الناس بأمره ، ولا ننازع في ذلك » (٢).

وفي رواية المحب الطبري عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب : « فكنا ـ معشر المهاجرين ـ أول الناس إسلاما ، ونحن عشيرته وأقاربه وذوو رحمه ، ونحن أهل الخلافة ، وأوسط الناس أنسابا في العرب ، ولدتنا العرب كلها ، فليس منهم قبيلة إلا لقريش فيها ولادة ، ولن تصلح إلا لرجل من قريش ... » (٣).

وهل اجتمعت هذه الصفات ـ في أعلى مراتبها وأسمى درجاتها ـ إلا في علي عليه‌السلام؟! إن عليا عليه‌السلام هو الذي توفرت فيه هذه الصفات واجتمعت الشروط ... فهو « عشيرةالنبي » و « ذو رحمه » و « وليه » وهو « أول من عبد الله في الأرض وآمن به » فهو « أحق الناس بهذا الأمر من بعده » و « لا ينازعه في ذلك إلا ظالم »!!

__________________

(١) تاريخ الطبري ٣ | ٢١٩.

(٢) تاريخ ابن خلدون ٢ | ٨٥٤.

(٣) الرياض النضرة ١ | ٢١٣.

٣١٧

ومن هنا نراه عليه‌السلام يحتج على القوم في الشورى بـ « الأقربية » فيقول : « أنشدكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في الرحم منّي ، ومن جعله نفسه وأبناءه أبناءه ونساءه نساءه؟! قالوا : اللهم لا » الحديث (١).

وهذا ما اعترف به له عليه‌السلام طلحة والزبير ، حين راجعه الناس بعد قتل عثمان ليبايعوه ، فقال ـ في ما روي عن ابن حنفية ـ : « لا حاجة لي في ذلك ، عليكم بطلحة والزبير.

قالوا : فانطلق معنا. فخرج علي وأنا معه في جماعة من الناس ، حتى أتينا طلحة بن عبيدالله فقال له : إن الناس قد اجتمعوا ليبايعوني ولا حاجة لي في بيعتهم ، فابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله.

فقال له طلحة : أنت أولى بذلك مني وأحق ، لسابقتك وقرابتك ، وقد اجتمع لك من هؤلاء الناس من قد تفرق عني.

فقال له علي : أخاف أن تنكث بيعتي وتغدر بي!

قال : لا تخافن ذلك ، فوالله لا ترى من قبلي أبدا شيئا تكره.

قال : الله عليك كفيل.

ثم أتى الزبير بن العوام ـ ونحن معه ـ فقال له مثل ما قال لطلحة ورد عليه مثل الذي رد عليه طلحة » (٢).

هذا ، وقد كابر الجاحظ في ذلك ، في رسالته التي وضعها للدفاع عن العثمانية ، فرد عليه السيد ابن طاووس الحلي ـ طاب ثراه ـ قائلا :

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ٩٣ عن الدارقطني.

(٢) كنز العمال ٥ | ٧٤٧ ـ ٧٥٠.

٣١٨

« وتعلق بقوله تعالى : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ).

وليس هذا دافعا كون القرابة إذا كان ذا دين وأهلية أن يكون أولى من غيره وأحق ممن سواه بالرئاسة.

وتعلق بقول رسول الله لجماعة من بني عبد المطلب : إني لا أغني عنكم من الله شيئا.

وهي رواية لم يسندها عن رجال ، ولم يضفها إلى كتاب.

ومما يرد عليها ما رواه الثعلبي ، قال : وأخبرنا يعقوب بن السري ، [ قال : ] أخبرنا محمد بن عبدالله الحفيد ، [ قال : ] حدثنا عبد الله بن أحمد ابن عامر ، [ قال : ] حدثني أبي ، حديث علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، [ قال : ] حدثنا أبي جعفر بن محمد ، [ قال : ] حدثنا أبي محمد بن علي ، [ قال : ] حدثنا أبي علي بن الحسين ، [ قال : ] حدثنا أبي الحسين بن علي ، [ قال : ] حدثنا أبي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ، ومن اصطنع صنيعة إلى أحد ن ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها ، فأنا جازيه [ به ] غدا إذا لقيني في القيامة.

ومن كتاب الشيخ العالم أبي عبد الله محم بن عمران بن موسى المرزباني « في ما نزل من القران في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام » ما يشهد بتكذيب قصد الجاحظ ما حكايته :

ومن سورة النساء ، حدّثنا عليّ بن محمّد ، قال : حدّثني الحسن بن الحكم الحبري ، قال : حدّثنا حسن بن حسين ، قال : حدثنا حيان ابن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى : ( واتقوا الله

٣١٩

الذي تساءلون به والأرحام ) ... الآية ، نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وذوي أرحامه ، وذلك أن كل سبب ونسب منقطع [ يوم القيامة ] إلا ما كان من سببه ونسبه ( إن الله كان عليكم رقيبا ).

والرواية عن عمر شاهدة بمعنى هذه الرواية حيث ألح بالتزويج عند أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

وتعلق بقوله تعالى : ( واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون ).

أقول : إن الجاحظ جهل أو تجاهل ، إذ هي في شأن الكافرين ، لا في سادات المسلمين أو أقرباء رسول رب العالمين.

بيانه : قوله تعالى : ( ولا هم ينصرون ).

وتعلق بقوله تعالى : ( يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ) ولم يتمم الآية ، تدليسا وانحرافا ، أو جهلا ، أو غير ذلك ، والأقرب بالأمارات الأول ، لأن الله تعالى تمم ذلك بقوله : ( ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم ).

وخلصاء الذرية والقرابة مرحومون بالآي والأثر ، فسقط تعلقه ، مع أن هذا جميعه ليس داخلا في كون ذي الدين والأهلية لا يكون له ترجيح في الرئاسة وتعلق له بالرئاسة.

وتعلق بقوله تعالى : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم ) وليس هذا مما يدخل في تقريره الذي شرع فيه ، وإن كان حديثا خارجا عن ذلك ، فالجواب عنه : بما أن المفسرين أو بعضهم قالوا في معنى قوله تعالى : ( سليم ) أي : لا يشرك ، وهذا صحيح.

٣٢٠