تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ١

السيّد علي الحسيني الميلاني

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ١

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: وفا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-2501-03-1
الصفحات: ٤٧٢

ورابعا : إنه قد ورد بطرق ليس فيها أحد من الرواة الذين حاول تضعيفهم .. ومن ذلك :

رواية البزار في ( مسنده ) عن عبد الله بن الزبير.

ورواية الخطيب البغدادي في ( تاريخه ) عن أنس.

ورواية الدولابي بالإسناد عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ... (١).

ورواية أبي عبدالله القضاعي الأندلسي ، الشهير بابن الأبار ، في ( معجمه ) بالإسناد عن زاذان عن أبي ذر ... (٢).

وخامسا : إنه يشهد بصحة حديث السفينة روايات أخرى :

كالذي أخرجه ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : « إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح ، وكباب حطة في بني إسرائيل » (٤).

وسادسا : لقد أخرج الحاكم هذا الحديث بطريقين (٥) :

أحدهما : « أخبرني ميمون بن إسحاق الهاشمي ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، ثنا المفضل بن صالح ، عن أبي إسحاق ، عن حنش الكناني ، قال : سمعت أبا ذر يقول ـ وهو آخذ بباب الكعبة ـ : أيها الناس ، من عرفني فأنا من عرفتم ، ومن أنكرني فأنا أبو ذر ، سمعت رسول الله

__________________

(١) الكنى والأسماء ١ | ٧٦.

(٢) المعجم ـ لابن الأدبار ـ : ٨٧ ـ ٨٩.

(٣) الدر المنثور ١ | ٧١ ـ ٧٢.

(٤) كنز العمال ٢ | ٢٧٧.

(٥) ويلاحظ أنه يصحح أحدهما على شرط مسلم ، ويسكت عن الآخر ، وهذا مما يدل على دقة الحاكم وتثبته في الحديث ، وأنه لم يكن متساهلا في كتابه ـ كما يدعي بعض القوم ـ.

١٢١

صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق.

وهذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه » (١).

والثاني : « أخبرني أحمد بن جعفر بن حمدان الزاهد ببغداد ، حدثنا العباس بن إبراهيم القراطيسي ، ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، ثنا مفضل ابن صالح ، عن أبي اسحاق ، عن حنش الكناني ، قال : سمعت أبا ذر ـ وهو آخذ باب الكعبة ـ : من عرفني فأنا نم عرفني ، ومن أنكرني فأنا أبو ذر ، سمعت النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، ومثل حطة لبني إسرائيل » (٢).

والحافظ الذهبي ـ وهو من أتباع ابن تيمية وإمام أتباعه ـ لم يخدش في السندين إلا من جهة « المفضل بن صالح ». فقد جاء في « تلخيص المستدرك » في آخر الحديث الأول :

« م. قلت : مفضل خرّج له الترمذي فقط. ضعفوه » (٣).

وفي آخر الحديث الثاني :

« صحيح. قلت : مفضل واه » (٤).

لكن صاحبنا أضاف التكلم في « حنش الكناني » التابعي المشهور ، وكأنه أشد تعصبا من الذهبي!!

وسابعا : إن المفضل بن صالح ـ الذي ضعفه الذهبي ـ من رجال الترمذي كما اعترف ...

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٢ | ٣٤٣.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ | ١٥١.

(٣) تلخيص المستدرك ـ المطبوع بذيل المستدرك ـ ٢ | ٣٤٣.

(٤) تلخيص المستدرك ـ المطبوع بذيل المستدرك ـ ٣ | ١٥١.

١٢٢

وهو على شرط مسلم كما نص عليه الحاكم واعترف الذهبي به أيضا.

والذي أوجب التكلم فيه منهم ما ذكره الترمذي بقوله : « ليس عند أهل الحديث بذاك الحافظ » فهم غير قادحين في ثقته ، ولا في حفظه ، إلا أنه ليس بذاك الحافظ!

وظاهر كلماتهم أن ذنب الرجل رواية فضائل أهل البيت :

قال ابن عدي ـ بعد أن أورد له أحاديث ـ : « أنكر ما رأيت له حديث الحسن بن علي ، وسائره أرجو أن يكون مستقيما ».

فابن عدي يوثق الرجل ، وإنما ينكر بعض أحاديثه ، وقد جعل أنكرها حديث الحسن. قال ابن حجر : « يعني : أتاني جابر فقال : اكشف لي عن بطنك. الحديث »! (١).

إذن ، فالرجل لا مجال للقدح فيه ولا في رواياته ، وما ذكره الذهبي ليس إلا تعصبا ، وهو مشهور بالتعصب كما عرفت سابقا.

وثامنا : قوله : « وروي الحديث من طريق أخرى فيها ضعيفان : الحسن ابن أبي جعفر الجفري ، وعلي بن زيد بن جدعان » فيه :

إن « الحسن بن أبي جعفر الجفري » يروي هذا الحديث عن « علي بن زيد » كما عند المحدث الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، حيث رواه بإسناده عن « الحسن بن أبي جعفر ، ثنا علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي ذر ... » (٢).

لكن قال الحافظ الهيثمي صاحب مجمع الزوائد :

« عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، ومن

__________________

(١) تهذيب التهذيب ١٠ | ٢٤٢.

(٢) مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ١٣٢.

١٢٣

قاتلنا في آخر الزمان كمن قاتل مع الدجال. رواه البزار والطبراني في الثلاثة. وفي إسناد البزار : الحسن بن أبي جعفر الجفري. وفي إسناد الطبراني : عبد الله ابن داهر. وهما متروكان » (٦١).

فيظهر أن الطريق التي فيها « الحسن » لا يوجد فيه « علي بن زيد بن جدعان » أو يوجد ولا كلام فيه.

ومثله الحديث الآخر قال الهيثمي :

« وعن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها غرق. رواه البزار والطبراني. وفيه : الحسن بن أبي جعفر. وهو متروك » (٦٢).

وذكر الحافظ الهيثمي الحديث بسند آخر ليس فيه واحد من الرجلين المذكورين. قال :

« وعن عبدالله بن الزبير : إن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها سلم ، ومن تركها غرق. رواه البزار. وفيه : ابن لهيعة ، وهو لين » (٦٣).

وتاسعا : لنا أن نحتج بكل من :

الحسن بن أبي جفعر الجفري.

وعلي بن زيد بن جدعان.

* أما « الحسن » فقد روى عنه : أبو داود الطيالسي ، وابن مهدي ، ويزيد ابن زريع ، وعثمان بن مطر ، ومسلم بن إبراهيم ، وجماعة آخرين من مشاهير الرواة الأئمة ، وروايتهم عنه تدل على جلالته بالإضافة إلى :

__________________

(١) مجمع الزوائد ٩ | ١٦٨.

(٢) مجمع الزوائد ٩ | ١٦٨.

(٣) مجمع الزوائد ٩ | ١٦٨.

١٢٤

أن مسلم بن إبراهيم قال : كان من خيار الناس.

وقال عمرو بن علي : صدوق : منكر الحديث.

وقال أبو بكر بن أبي الأسود : ترك ابن مهدي حديثه ثم حدث عنه وقال : ما كان لي حجة عند ربي.

وقال ابن عدي : والحسن بن أبي جعفر أحاديثه صالحة ، وهو يروي الغرائب وخاصة عن محمد بن جحادة ، له عنه نسخة يرويها المنذر بن الوليد الجارودي عن أبيه عنه. وله عن محمد بن جحادة غير ما ذكرت أحاديث مستقيمة صالحة ، وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب ، وهو صدوق.

وقال ابن حبان : من خيار عباد الله الخشن ، ضعفه يحيى وتركه أحمد ، وكان من المتعبدين المجابين الدعوة ، ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وهم وقلّب الأسانيد وهو لا يعلم ، حتى صار ممن لا يحتج به ، وإن كان فاضلا.

فنقول :

١ ـ الرجل من رجال الترمذي وابن ماجة.

٢ ـ روى عنه كبار الأئمة.

٣ ـ شهد بعدالته : مسلم بن إبراهيم فقال : كان من خيار الناس.

فقال المعترض : « وهو تلميذه ».

قلت : كأنه يريد إسقاط هذه الشهادة لكون الشاهد تلميذا ، وكأن الرجل لا يدري أن هذا المورد ليس من موارد عدم قبول الشهادة ، بل الأمر

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٢ | ٢٢٧.

١٢٥

بالعكس ، إذ المفروض عدالة الشاهد ، فإذا كان تلميذا كان أكثر معرفة بحال المشهود له من غيره.

٤ ـ شهد بعدالته : عمرو بن علي الفلاس إذ قال : صدوق. وسيأتي الكلام على قوله بعد ذلك : « منكر الحديث ».

٥ ـ شهد بعدالته : ابن عدي.

٦ ـ قال ابن حبان : من خيار عباد الله الخشن ، وكان من المتعبدين المجابين الدعوة ، ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وههم قلّب الأسانيد وهو لا يعلم ، حتى صار ممن لا يحتج به وإن كان فاضلا.

أقول : هذه عبارة ابن حبان .. فقارن بينها وبين ما أورده المعترض :

« وقال ابن حبان : كان الجفري من المتعبدين المجابين الدعوة ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث ، فلا يحتج به ».

ولاحظ! ممن هذا التحريف والتصرف؟!

ولاحظ! ممن هذا التحريف والتصرف؟!

يقول ابن حبان ـ بعد الشهادة بكون « الحسن » من خيار عباد الله الخشن وأنه كان من المتعبدين المجابين الدعوة ـ : ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وهم قلّب الأسانيد وهو لا يعلم حتى صار ممن لا يحتج به وإن كان فاضلا.

فغاية ما كان « الحسن » أنه : « إذا حدث وهم وقلّب الأسانيد » لكن « وهو لا يعلم » أي : فهو ـ كما قال ابن عدي ـ : « ممن لا يتعمد الكذب ، وهو صدوق ». ولذا قال عنه الفلاس(١) ـ بعد أن قال : « صدوق » ـ : « منكر الحديث ».

فظهر :

أولا : لم ينقل المعترض كلمات التعديل والثناء.

__________________

(١) ولا يخفى أن « عمرو بن علي الفلاس » هو نفسه من رواة حديث السفينة ، عن طريق « الحسن ابن أبي جعفر الجفري » ، أخرجه عن أبو بكر البزار في مسنده ، وهذا مما يشهد بما ذكرناه.

١٢٦

وثانيا : قد حرّف بعض الكلمات في حق الرجال.

وثالثا : قد ظلم الرجل غذ لم يتحقق كلمات الجرح ، وأنها إنما ترجع إلى وهم الرجل في روايته عن غفلة ، وأما هو في ذاته فصدوق جليل من خيار عباد الله الخشّن.

* وأما « علي بن زيد » فقد أخرج عنه البخاري في « الأدب المفرد » ، ومسلم ، والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة ، كما ذكر ابن حجر (١) ، وهؤلاء أرباب الصحاح الستة عندهم.

وذكر ابن حجر كلمات عدة من الأئمة في وثاقته وصدقه والثناء عليه ... ونحن لا نحتاج إلى الإطناب في ترجمته لأمرين :

الأول : كونه من رجال مسلم والاربعة والبخاري في « الأدب المفرد » ، وهذا فوق المطلوب.

والثاني : إن السبب الأصلي لجرح من جرحه هو التشيع! فلاحظ عباراتهم في « تهذيب التهذيب » ونكتفي بإيراد واحدة منها :

« وقال يزيد بن زريع : رأيته ولم أحمل عنه لأنه كان رافضيا ».

وقد جعلوا أنكر مار روى : ما حدث به حماد بن سلمة ، عنه ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، رفعه : إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه قاله ابن حجر.

قلت : فإذا كان هذا الأمر ـ الحق الذي وافقه في روايته كثيرون ، وهو من الأحاديث الصادرة قطعا ـ هو أنكر ما روي عنه ، فاعرف حال بقية أحاديثه!

وعاشرا : لنا أن نحتج بكل من :

عبد الله بن داهر.

وابن لهيعة.

____________

(١) تهذيب التهذيب ٧ | ٢٨٣.

١٢٧

* أما « عبد الله بن داهر » فذنبه عند القوم أنه : « رافضي خبيث » وأن « عامة ما يرويه في فضائل علي وهو متهم في ذلك ».

وقد أورد في « الميزان » و « لسان الميزان » أحاديث عنه في فضل علي وأهل البيت عليهم‌السلام ، منها ما رواه بإسناده عن ابن عباس :

« ستكون فتنة فمن أدركها فعليه بالقرآن وعلي بن أبي طالب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ وهو آخذ بيد علي ـ : هذا أول من آمن بي ، وآول من يصافحني ، وهو فاروق هذه الأمة ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة ، وهو الصديق الأكبر ، وهو خليفتي من بعدي » (١).

* وأما « ابن لهيعة » فقد روى عنه كبار الأئمة من المتقدمين ، كالثوري ، والشعبي ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، وابن المبارك.

وهو من رجال : مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة.

قال أبو داود عن أحمد : ومن كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه؟!

وعن الثوري : عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع ، وحججت حجا لألقى ابن لهيعة.

وقال أبو الطاهر بن السرح : سمعت ابن وهب يقول : حدثني ـ والله ـ الصادق البار عبد الله بن لهيعة.

وقال يعقوب بن سفيان : سمعت أحمد بن صالح ـ وكان من خيار المتقنين ـ يثني عليه.

وعنه أيضا : ابن لهيعة صحيح الكتاب ...

وعن ابن معين : قد كتبت حديث ابن لهيعة ، وما زال ابن وهب يكتب

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٢ | ٤١٧ ، لسان الميزان ٣ | ٢٨٣.

١٢٨

عنه حتى مات.

وقال الحاكم : استشهد به مسلم في موضعين.

وقال ابن شاهين : قال أحمد بن صالح : ابن لهيعة ثقة ، وما روي عنه من الأحاديث فيها تخليط يطرح ذلك التخليط.

وقال مسعود عن الحاكم : لم يقصد الكذب ، وإنما حدث من حفظه بعد احتراق كتبه فأخطأ.

وقال ابن عدي : حديثه كأنه نسيان ، وهو ممن يكتب حديثه (١).

أقول : ألا يكفي هذا الاحتجاج بما رواه؟!

بقي الكلام :

في : « حنش الكناني » و « سويد بن سعيد ».

* أما « حنش » فقد عرفت أنه من التابيعين من المشاهير ، وقد دأب القوم على تعديل التابعين أخذا بما يروونه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أحاديث : خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ... بل ذكره ابن مندة وأبو نعيم في الصحابة كما ذكر ابن حجر.

وأورد ابن حجر كلمات التوثيق له عن أبي داود والعجلي وغيرهما.

وقد أخذ عليه أنه كان ينفرد عن علي بأشياء لا تشبه حديث الثقات!! حتى صار ممن لا يحتج بحديثه!! (٢).

* وأما « سويد بن سعيد » فهو من رجال صحيح مسلم وصحيح ابن ماجة. قال ابن حجر :

« وعنه : مسلم ، وابن ماجة ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، ويعقوب بن شيبة وعبد الله بن أحمد ، ومطين ، وبقي بن مخلد ، وأبو الأزهر ... ».

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٥ | ٣٧٢.

(٢) تهذيب التهذيب ٣ | ٥١.

١٢٩

قال ابن حجر : « قال عبد الله بن أحمد : عرضت على أبي أحاديث سويد عن ضمام بن إسماعيل فقال لي : اكتبها كلها فإنه صالح. أو قال : ثقة. وقال الميموني عن أحمد : ما علمت إلا خيرا. وقال البغوي : كان من الحفاظ ، وكان أحمد ينتقي عليه لولديه فيسمعان منه. وقال أبو داود عن أحمد : أرجو أن يكون صدوقا. وقال : لا بأس به. وقال أبو حاتم : كان صدوقا وكان يدلس ويكثر. وقال البخاري : كان قد عمي فيلقن ما ليس من حديثه. وقال يعقوب بن شيبة : صدوق مضطرب الحفظ ولا سيما بعدما عمي. وقال صالح بن محمد : صدوق إلا أنه كان عمي فكان يلقن أحاديث ليست من حديثه ... » (١).

وقال الذهبي : « الحافظ الرحال المعمر ، حدث عن مالك بالموطأ وعنه م ، ق ، مطين ، وابن ناجية ، وعبدالله بن أحمد ، والباغندي ، والبغوي ، وخلق وقال أبوحاتم : صدوق كثير التدليس. وقال أبو زرعة : أما كتبه فصحاح ، وأما إذا حدّث من حفظه فلا » (٢).

وقال ابن حجر : « صدوق في نفسه ، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه. وأفحش فيه ابن معين القول » (٣).

أقول : تلخص :

١ ـ هو من رجال مسلم وابن ماجة ، ومن مشايخ كثير من الأئمة.

٢ ـ هو « صدوق » عند أحمد وجماعة من أئمة الجرح والتعديل.

٣ ـ عمدة ما انتقد عليه أنه لما عمي لقن ما ليس من حديثه.

٤ ـ أفحش القول فيه يحيى بن معين ... فقوله مردود عند الأئمة.

واعلم أن هذا المعترض ذكر العبارة التالية :

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٤ | ٢٧٢ ـ ٢٧٥.

(٢) تذكرة الحفاظ ٢ | ٤٥٤.

(٣) تقريب التهذيب ١ | ٣٤٠.

١٣٠

« وقال الحاكم : ويقال أن يحيى لما ذكر له هذا الحديث قال : لو كان لي فرس ورمح غزوت سويدا ».

لكن ما هو المراد من « هذا الحديث »؟!

حديث السفينة؟!

لا ، بل حديث آخر ... لكن الرجل دلّس وحرّف!!

قال ابن حجر : « وقال ابن حبان : كان أتى عن الثقات بالمعضلات : روى عن أبي مسهر ـ يعني عن أبي يحيى القتات ـ عن مجاهد ، عن ابن عباس ، رفعه : من عشق وكتم وعف ومات شهيدا. قال : ومن روى مثل هذا الخبر عن أبي مسهر تجب مجانبة رواياته. هذا إلى ما لا يحصى من الآثار وتلك الأخبار.

وقال فيه يحيى بن معين : لو كان لي فرس ورمح لكنت أغزوه. قاله لما روى سويد هذا الحديث.

وكذا قال الحاكم أن ابن معين قال هذا في هذا الحديث » (١).

أقول :

هكذا يريدون الرد على كتبنا ، فاعرفوهم أيها المنصفون! واحذروهم أيها المسلمون!!

* قال السيد رحمه‌الله :

« وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ( في الدين ) فإذا خالفتها قبيلة من العرب ( يعني : في أحكام الله عز وجل ) اختلفوا فصاروا حزب إبليس ».

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٤ | ٢٤١.

١٣١

قال في الهامش : « أخرجه الحاكم في ص١٤٩ من الجزء الثالث من المستدرك عن ابن عباس. ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ».

قيل :

« رواه الحاكم ٣ | ١٤٩. وفي سنده ابن أركون ، قال الذهبي : ضعفوه. وكذا خليد ضعفه أحمد وغيره. وهو حديث موضوع كما ذكر الذهبي ».

أقول :

قال الحاكم : « حدثنا مكرم بن أحمد القاضي ، ثنا أحمد بن علي الآبار ، ثنا إسحاق بن سعيد بن أركون الدمشقي ، ثنا خليد بن دعلج أبو عمرو سدوسي ، أظنه عن قتادة ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ... هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ».

وقد رواه عن الحاكم أعيان علماء الحديث المتأخرين عنه وارتضوا تصحيحه ، ومنهم :

الحافظ السيوطي ، في : الخصائص الكبرى ٣ | ٣٦٤ ، وإحياء الميت بفضائل أهل البيت : رقم ٢٩.

والحافظ السمهودي ، في : جواهر العقدين ق٢ ج١ | ١٢٠.

والشبراوي ، في : الإتحاف بحب الاشراف : ٢٠.

والحمزاوي ، في مشارق الأنوار : ٨٦.

والصبان ، في : إسعاف الراغبين ـ هامش نور الأبصار : ١٣٠.

فنحن نستدل برواية هؤلاء ...

أما الذهبي فقد عرفنا حاله وطريقته ، ولا يعتد بكلامه إلا من كان على شاكلته ...

١٣٢

ثم إن لهذا الحديث الشريف مؤيدات كثيرة ... كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « النجوم أمان لأهل الأرض ، وأهل بيتي أمان لأمتي ». أخرجه : ابن أبي شيبة ، ومسدد ، والحكيم الترمذي ، وأبو يعلى ، والطبراني ، وابن عساكر. وعنهم المتقي الهندي (١).

ولهذا نجدهم يعقدون في كتبهم أبوابا بهذا العنوان :

قال الحافظ محبّ الدين الطبري : « ذكر أنهم أمان لأمة محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ... » (٢).

وقال الحافظ السخاوي : « باب الأمان ببقائهم والنجاة في اقتضائهم ... » (٣).

وقال الحافظ السمهودي : « الذكر الخامس : ذكر أنهم أمان الأمة ، وأنهم كسفينة نوح ... » (٤).

* * *

__________________

(١) كنز العمال ١٣ | ٨٨.

(٢) ذخائر العقبى : ١٧.

(٣) استجلاب ارتقاء الغرف ـ مخطوط.

(٤) جواهر العقدين ـ ق٢ ج١ | ١١٩.

١٣٣

المراجعة ـ ١٠

* قال السيد رحمة الله تعالى عليه

مجيبا على طلب المزيد من النصوص النبوية :

١ (١) ـ أخرج الطبراني في الكبير ، والرافعي في مسنده ، بالإسناد إلى ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من سره ان يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ».

قال في الهامش : « هذا الحديث بعين لفظه هو الحديث ٣٨١٩ من أحاديث الكنز ، في آخر ص ٢١٧ من جزئه ٦. وقد اورده في منتخب الكنز أيضا ، فراجع من المنتخب ما هو في أوائل هامش ص ٩٤ من الجزء ٥ من مسند أحمد ، غير أنه قال : « ورزقوا فهمي » ولم يقل : « وعلمي » ولعله غلط من الناسخ. وأخرجه الحافظ أبو نعيم في حليته ، ونقله عنه علامة المعتزلة في ص ٤٥٠ من المجلد الثاني من شرح النهج طبع مصر ، ونقل نحوه في ص٤٤٩ عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل في كل من مسنده وكتاب فضائل علي بن ابي طالب ».

٢ ـ وأخرج مطين ، والباوردي ، وابن جرير ، وابن شاهين ، وابن

__________________

(١) هذا الترقيم منا ، اقتضته ضرورة البحوث الآتية هنا كما سيتضح.

١٣٤

مندة ، من طريق أبي إسحاق ، عن زياد بن مطرف ، قال : « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من أحب أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنة التي وعدني ربي ـ وهي جنة الخلد ـ فليتول عليا وذريته من بعده ، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم باب ضلالة ».

قال في الهامش : « وهذا الحديث هو الحديث ٢٥٧٨ من أحاديث الكنز في ص١٥٥ من جزئه ٦ ، وأورده في المنتخب أيضا فراجع من المنتخب ما هو في السطر الأخير من هامش ص٣٢ من الحزء ٥ من مسند أحمد. وأورده ابن حجر العسقلاني مختصرا في ترجمة زياد بن مطرف ، في القسم الاول من إصابته ، ثم قال : قلت : في إسناده ( يحيى بن يعلى المحاربي ) وهو واهي.

أقول : هذا غريب من مثل العسقلاني ، فإن ( يحيى بن يعلى المحاربي ) ثقة بالاتفاق ، وقد أخرج له البخاري في عمرة الحديبيّة من صحيحه ، وأخرج له مسلم في الحدود من صحيحه أيضا ، سمع أباه عند البخاري ، وسمع عند مسلم غيلان بن جامع ، وأرسل الذهبي في الميزان توثيقه إرسال المسلمات ، وعده الإمام القيسراني وغيره ممن احتج بهم الشيخان وغيرهما ».

٣ ـ ومثله حديث زيد بن أرقم ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من يريد أن يحيا حياتي ، ويموت موتي ، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي ، فليتول علي بن ابي طالب ، فإنه لن يخرجكم من هدى ، ولن يدخلوكم في ضلالة ».

١٣٥

قال في الهامش : « أخرجه الحاكم في آخر ص١٢٨ من الجزء ٣ من صحيحه المستدرك ، ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وأخرجه الطبراني في الكبير ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة ، وهوالحديث ٢٥٧٧ من أحاديث الكنز في ص١٥٥ من جزئه ٦ ، وأورده في منتخب الكنز أيضا ، فراجع هامش ص ٣٢ من الجزء ٥ من المسند ».

٤ ـ وكذلك حديث عمار بن ياسر ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن أحبه فقد أحبني ، ومن احبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل ».

قال في الهامش : « أخرجه الطبراني في الكبير ، وابن عساكر في تاريخه وهو الحديث ٢٥٧١ من أحاديث الكنز ، في آخر ص ١٥٤ من جزئه ٦ ».

٥ ـ وعن عمار أيضا ، مرفوعا « اللهم من آمن بي وصدقني ، فليتول عليّ ابن ابي طالب ، فإن ولايته ولايتي ، وولايتي ولاية الله تعالى ».

قال في الهامش : « أخرجه الطبراني في الكبير عن محمد بن أبي عبيدة ابن محمد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمار ؛ وهو الحديث ٢٥٧٦ من أحاديث الكنز ص١٥٥ من جزئه ٦ ، وأورده في المنتخب أيضا ».

تحقيق أسانيد هذه الأحاديث

أقول : ولا بد من تحقيق أسانيد هذه الأحاديث ، والنظر فيما قيل ذلك من السابقين واللاحقين ، فنقول وبالله نستعين :

* أما الحديث الأول وهو الذي نقله السيد عن « كنز العمال » عن الطبراني والرافعي ، فهذا سنده عند الرافعي :

« الحسن بن حمزة العلوي الرازي ، أبو طاهر ، قدم قزوين وحدث بها عن

١٣٦

سليمان بن أحمد ، روى عنه : أبو مضر ربيعة بن علي العجلي ، فقال :

ثنا أبو طاهر الحسن بن حمزة العلوي ـ قدم علينا قزوين سنة ٣٤٤ ـ ، ثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عمر بن حفس السدوسي ، ثنا إسحاق بن بشر الكاهلي ، ثنا يعقوب بن المغيرة الهاشمي ، عن ابن أبي رواد ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عكرمة ، عن ابن عباس » (١).

وبه يتبين سند الطبراني ، وهو سليمان بن أحمد.

قال السيد في الهامش : « وأخرجه الحافظ أبو نعيم في حليته ، ونقله عنه ... ».

أقول :

هذا نص عبارة الحافظ أبي نعيم :

« حدثنا فهد بن إبراهيم بن فهد ، ثنا محمد بن زكريا الغلابي ، ثنا بشر بن مهران ، ثنا شريك ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : من سره أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ، ويتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها الله بيده ثم قال لها : كوني فكانت ، فليتول علي بن ابي طالب من بعدي.

رواه شريك أيضا : عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم.

ورواه السدي عن زيد بن أرقم.

ورواه ابن عباس ، وهو غريب.

حدثنا محمد بن المظفر ، ثنا محمد بن جفعر بن عبدالرحيم ، ثنا أحمد ابن محمد بن يزيد بن سليم ، ثنا عبد الرحمن بن عمران بن أبي ليلى ـ أخو

__________________

(١) نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار ٤ | ٣٣٤ عن مسند الرافعي ـ مخطوط.

١٣٧

محمد بن عمران ـ ثنا يعقوب بن موسى الهاشمي ، عن ابن أبي رواد ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : من سره أن يحيا حياتي ... » (١).

فأبو نعيم أخرجه بعدة طرق عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون طعن في شيء منها ، كما سنرى.

وأخرجه الحافظان ابن عساكر والكنجي من طريق أبي نعيم ، ثم قال الأول : « هذا حديث منكر ، وفيه غير واحد من المجهولين » (٢).

وأيضا : أخرجه ابن عساكر بإسناد له عن : زيد بن وهب ، عن حذيفة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

وبإسناد آخر من طريق الحافظ الخطيب البغدادي ، عن أبي الطفيل ، عن سيدنا أبي ذر ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤).

فهذا الحديث مروي عندهم عن جماعة من الأصحاب ، وهم :

١ ـ عبد الله بن عباس.

٢ ـ أبو ذر الغفاري.

٣ ـ حذيفة بن يمان.

٤ ـ زيد بن أرقم.

تحقيق السند :

أما طريقة عن أبي ذر وزيد بن أرقم فلا نجد من هؤلاء الرواة عنهما طعنا

__________________

(١) حلية الأولياء ١ | ٨٦.

(٢) ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق ٢ | ٩٥ رقم ٥٩٦ ، كفاية الطالب في مناقب علي ابن أبي طالب : ٢١٤.

(٣) ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق ٢ | ٩٩.

(٤) ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق ٢ | ٩٨.

١٣٨

في شيء من الأسانيد ... ولو كان لأفصحوا به ، كما وجدنا بالنسبة إلى حديث غيرهما :

فحديث ابن عباس ... قال ابن عساكر بعد إخراجه من طريق أبي نعيم : « هذا حديث منكر ، وفيه غير واحد من المجهولين » وقال أبو نعيم : « غريب ».

وحديث حذيفة ... وإن سكت عنه أبو نعيم وابن عساكر ... فقد طعن الذهبي في سنده ...

أما قول ابن عساكر : « فيه غير واحد من المجهولين » فيرده :

أولا : سكوت الطبراني والرافعي والمتقي الراوي عنهما ، مع طعنة في بعض الأحاديث كما سيأتي.

الثاني : كلام ابي نعيم ، إذ لم يقل إلا : « غريب » وسيأتي بيان معناه.

ثالثا : إن الراوي عن « ابن رواد » عند الطبراني والرافعي هو : « يعقوب بن المغيرة الهاشمي » وعند أبي نعيم وابن عساكر والكنجي هو : « يعقوب بن موسى الهاشمي » ، ولا استبعد أن تكون الجهالة على أثر اختلاف النسخ والاشتباه في اسم الراوي.

وأما قوله : « منكر » فلا يضر باعتبار الحديث ، لأن الحافظ النووي يقول في « معرفة المنكر » : « قال الحافظ البرديجي : هو الفرد الذي لا يعرف متنه عن غير راويه ، وكذا أطلقه كثيرون ... » (١).

وأما قول أبي نعيم : « وهو غريب » فلا يضر كذلك ، لأن « الغرابة » تجتمع مع « الصحة » السندية ، ولذا نرى كثيرا ما يقولون : « غريب صحيح ».

وقال الحافظ النووي : « الغريب والعزيز : إذا انفرد عن الزهري وشبهه ممن يجمع حديثه رجل بحديث سمي : غريبا ، فإن انفرد اثنان أو ثلاثة سمي

__________________

(١) تدريب الراوي ـ شرح تقريب النواوي ٢ | ١٦٣.

١٣٩

عزيزا ، فإن رواه جماعة سمي : مشهورا.

ويدخل في الغريب ما انفرد راو بروايته أو بزيادة في متنه أو إسناده ...

وينقسم إلى صحيح وغيره وهو الغالب » (١).

وأما طعن الذهبي في سند الحديث عن « حذيفة بن اليمان » فقد جاء بترجمة : « بشر بن مهران » إذ قال :

« بشر بن مهران الخصاف ، عن شريك. قال ابن أبي حاتم : ترك أبي حديثه. ويقال : بشير.

قلت : قد روى عنه محمد بن زكريا الغلابي ـ لكن الغلابي متهم ـ قال : حدثنا شريك ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسمل : من سره أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ، ويتمسك بالقضيب الياقوت ، فليتول عليّ بن أبي طالب من بعدي » (٢).

أقول :

أما ترك أبي حاتم حديث بشر فلا يعبأ به ، لقول الذهبي نفسه بترجمة أبي حاتم :

« إذا وثق أبو حاتم رجلا فتمسك بقوله ، فإنه لا يوثق إلا رجلا صحيح الحديث. وإذا لين رجلا أو قال فيه : لا يحتج به ، فلا ، توقف حتى ترى ما قال غيره فيه ، وإن وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم ، فإنه متعنت في الرجال ، قد قال في طائفة من رجال الصحاح : ليس بحجة ، ليس بقوي ، أو نحو ذلك » (٣).

وقال بترجمة أبي زرعة الرازي : « يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح

__________________

(١) تدريب الراوي ـ شرح تقريب الراوي ١ | ١٩٩.

(٢) ميزان الاعتدال ١ | ٣٢٥.

(٣) سير أعلام النبلاء ـ ترجمة أبي حاتم ١٣ | ٢٤٧.

١٤٠