شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ١

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤

______________________________________________________

واعلم أنه قد استثني من الأصل المذكور مما همزته زائدة نحو لأواء وعشواء وهو كل كلمة لامها واو فأوجب فيه التصحيح كالأصلية كراهة أن تقلب الهمزة واوا فيؤدي إلى اجتماع واوين بينهما حاجز غير حصين وهو الألف. نبه على ذلك السيرافي (١).

ونقل صاحب الإفصاح عن ابن الأنباري ما يقتضي جواز الإبدال مرجوحا (٢).

وأشار بقوله : وربّما قلبت الأصليّة واوا إلى أنّ بعضهم قال في تثنية قراء : قراوان وهو نادر ، ولم يذكر سيبويه إلا الإقرار (٣).

وأشار بقوله : وفعل ذلك بالملحقة أولى من تصحيحها والمبدلة من أصل بالعكس :

إلى أن في كل منهما وجهين :

الإبدال واوا والإقرار همزة إلا أن الأولى في الملحقة الإبدال ، والأولى في المبدلة من أصل الإقرار فعلباوان أولى من علبايين وكساءان أولى من كساوين وكذا رداءان أولى من رداوين.

فالحاصل : أن المقيس عليه سلامة الأصلية كقراءين وقلب المبدلة من ألف التأنيث واوا كصحراوين وإجازة وجهين في الملحقة مع ترجيح القلب كعلباوين وعلباءين وإجازة الوجهين في المبدلة من أصل مع ترجيح السلامة ككساءين وكساوين ـ

__________________

والألف معا ، والجيد الجاري على القياس : قاصعاوان وعاشوران».

(١) قال أبو حيان : «وقال أبو سعيد : ممّا استثقل وقوع الألف بين واوين فعدلوا به عن القياس قولهم في تثنية لأواء وعشواء : لأواءان وعشواءان وهمزة التّأنيث تقلب في التثنية واوا فيقال حمراوان وكرهوا لأواوان لأجل الواوين فهمزوا». التذييل والتكميل (٢ / ٢٥).

وانظر مثله في : حاشية الصبان (٤ / ١١٢). ثم قال بعده : «وجوّز الكوفيّون في ذلك الوجهين».

(٢) قال أبو حيان : «وفي الإفصاح إذا ثنيت حواء فالاختيار حواءان ؛ لأن قبل الهمزة واوا مشددة والواو المشددة واوان فكرهوا الجمع بين ثلاث واوات. وكذلك لأواءان بالهمز ولأواوان بالواو. والهمز أكثر في كلام العرب قاله ابن الأنباري» التذييل والتكميل (٢ / ٢٥).

(٣) لم يذكره سيبويه صراحة في كتابه وإنما ذكر حكم الممدود كله : أي الذي همزته بدل من أصل ومثّل له بكساء وغطاء والذي همزته للتأنيث ومثل له بخنفساء والذي همزته للإلحاق ومثل له بعلباء. ثم ترك ما همزته أصلية فعلم أنه كالصحيح لا يجوز تغيير همزته. وانظر ذلك كله في كتاب سيبويه : (٣ / ٣٩١ ، ٣٩٢) تحت عنوان : «هذا باب تثنية الممدود».

٣٨١

______________________________________________________

ورداءين ورداوين.

ونقل الشيخ (١) عن أبي موسى فيه أنه قال : «وما انقلبت فيه عن أصل أو عن زائد ملحق بالأصل فأجره إن شئت على الأصل وإن شئت على الزائد والأول أحسن» قال :

«فسوّى بين المسألتين وجعل الإقرار فيهما أحسن وهكذا نصّ عليه سيبويه» قال (٢) :

«وذلك قولك : رداءان وكساءان وعلباءان ، فهذا الأجود والأكثر» ثم قال :

«واعلم أن ناسا كثيرا من العرب يقولون : علباوان». ثم قال : «وقال ناس : كساوان ورداوان». ثم قال : «وعلباوان أكثر من قولك كساوان في كلام العرب» انتهى (٣).

وفهم من كلام سيبويه أن الإقرار فيهما أكثر وأجود وأنه إذا حصل القلب كان في الملحقة أكثر منه في المبدلة من أصل.

وأشار بقوله : وقد تقلب ياء إلى أنه يقال في كساء ورداء : كسايان وردايان وقاس [١ / ١٠٨] الكسائي على ذلك.

قال الشيخ : حكى أبو زيد أنّها لغة لبني فزارة ، قال : فيصح قياس الكسائي عليه ؛ لأنها لغة لقبيلة من العرب (٤).

__________________

(١) هو أبو حيان. وانظر التذييل والتكميل له : (٢ / ٢٧).

وأبو موسى الذي نقل عنه هو عيسى بن عبد العزيز الملقب بالجزولي (سبقت ترجمته). وهو صاحب كتاب المقدمة الجزولية في النحو تحقيق شعبان عبد الوهاب. وانظر النص المنقول في هذا الكتاب (ص ٤٧).

(٢) أي سيبويه. وانظر النصوص المنقولة عن سيبويه في كتابه : (٣ / ٣٩١ ، ٣٩٢).

(٣) بنصه في التذييل والتكميل (٢ / ٢٧).

(٤) قال الأشموني في شرحه على الألفية (٤ / ١١٤): «والذي شذّ من الممدود خمسة أشياء ؛ وذكر منها كسايان» ثم قال : «وقاس عليه الكسائي ونقله أبو زيد عن لغة فزارة». ومعناه أنه يجوز في تثنية الممدود الذي همزته بدل من أصل أن تقلب ياء عند الكسائي والجمهور على قلبها واوا وبقائها والأخير أرجح.

وانظر نصه أيضا في : التذييل والتكميل (٢ / ٢٨).

٣٨٢

[تثنية خاصة لبعض الأسماء]

قال ابن مالك : (وصحّحوا مذروين وثنايين تصحيح شقاوة وسقاية للزوم علمي التّثنية والتّأنيث).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : المذروان : طرفا الألية وطرفا القوس وجانبا الرأس ولا يستعمل مفردهما ، كذا قال أبو علي القالي (١) في الأمالي (٢).

والمشهور إطلاقه على طرفي الألية.

قال عنترة :

١٣٦ ـ أحولي تنفض استك مذرويها

لتقتلني فها أنا ذا عمارا (٣)

وهي في الأصل تثنية مذرى إلا أنه لا يفرد فشبه بمفرد في حشوه واو مفتوحة ـ

__________________

(١) هو أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي المعروف بالقالي نسبة إلى قالي قلا من أعمال أرمينية. ولد سنة (٢٨٨ ه‍) وقدم بغداد سنة (٣٠٣ ه‍). قرأ النحو على ابن درستويه والزجاج ونفطويه وابن دريد وابن السراج وابن شقير ؛ فكان أعلم الناس بنحو البصريين وأحفظ أهل زمانه للغة والأخبار ورحل إلى قرطبة سنة (٣٣٠ ه‍) وظل بها حتى مات سنة (٣٥٦ ه‍) بعد عمر حافل بالعلم والتعليم.

مصنفاته : صنف الأمالي وهو الكتاب المذكور في الشرح وهو سفر ضخم من أجزاء طبع مرارا (الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة ١٩٧٥ م) وهو كتاب عظيم في الأدب واللغة.

وانظر ترجمة أبي علي في بغية الوعاة (١ / ٤٥٣).

(٢) انظر (١ / ٢٤٥) من الكتاب المذكور (الهيئة المصرية العامة للكتاب) قال أبو علي : «المذروان ناحيتا الرأس وأطراف الأليتين وأنشد بيت عنترة المذكور ثم قال : «وليس لهما واحد لأنه لو كان لهما واحد فقيل مذرى لقيل في التثنية مذريان بالياء وما كانت بالواو».

(٣) البيت من بحر الوافر مطلع قصيدة لعنترة بن شداد يهجو فيها عمارة بن زياد وكان هذا ذكر عنترة بسوء والقصيدة في ديوان عنترة (ص ١٧٨) وفي الأمالي الشجرية أيضا : (١ / ٢١). وبعد بيت الشاهد قوله :

متى ما تلقني فردين ترجف

روانف أليتيك وتستطارا

اللغة : المذروان : طرفا الألية ومن كلامهم : جاء ينفض مذرويه إذ جاء يهدد. وثنى بالواو وكان حقه أن يثنى بالياء كملهيان ؛ لأنها رابعة إلا أنها صحت لأنهم بنوه على التثنية فلم يقولوا مذرى كما قالوا ملهى وهو موضع الشاهد. عمارا : منادى بنداء محذوف مرخم.

فردين : منفردين وهو حال من الفاعل والمفعول. الروانف : جمع رانف وهو ما استرخى من الأليين.

تستطارا : تطير وفي نصبه أو جزمه حديث ممتع انظره في الأمالي الشجرية (١ / ٢١) وملخصه أن فيه ما في الفعل المعطوف بعد الشرط والجواب.

وانظر البيت في شرح التسهيل (١ / ٩٤) ، وفي التذييل والتكميل (٢ / ٢٨) ، وفي معجم الشواهد (ص ١٤٤).

٣٨٣

[جمع المقصور والمنقوص الجمع الصحيح]

قال ابن مالك : (وحكم ما ألحق به علامة جمع التّصحيح القياسيّة حكم ما ألحق به علامة التّثنية ؛ إلّا أنّ آخر المقصور والمنقوص يحذف في جمع التّذكير ، وتلي علامتاه فتحة المقصور مطلقا ؛ خلافا للكوفيين في إلحاق ذي الألف الزّائدة بالمنقوص).

______________________________________________________

كشقاوة ، ولو أفرد لقيل في تثنيته مذريان ، كما يقال في تثنية ملهى ملهيان ؛ لأن ألف المقصور إذا كانت رابعة فصاعدا ، قلبت في التثنية ياء مطلقا.

والثنايان : طرفا العقال لا يستعمل إلا بلفظ التثنية. هكذا قال الأئمة الموثوق بقولهم ؛ ولو أفرد لقيل في إفراده ثناء وفي تثنيته ثناءان وثناوان كما يفعل بكل ممدود همزته مبدلة من أصل ؛ لكنه لم يفرد فشبه بمفرد في حشوه ياء كسقاية (١).

قال ناظر الجيش : لما ذكر أن من الأسماء ما يسلم آخره عند لحاق علامة التثنية وأن منها ما يتغير آخره ـ أردف ذلك بذكر حكم الأسماء إذا لحقتها علامة جمع التصحيح بالنسبة إلى التغيير وعدمه ، وأحال الأمر في ذلك على التثنية.

فالحكم في التغيير وعدم التغيير عند لحاق علامة الجمع كالحكم عند لحاق علامة التثنية ، فما سلم آخره حال التثنية سلم آخره حال الجمع ، وما حصل له تغيير حال التثنية حصل له نظيره حال الجمع ؛ ولم يحصل المخالفة بين البابين إلا في ثلاثة أشياء :

المقصور والمنقوص إذا جمعا بالواو والنون وقد استثناهما. والمؤنّث بالتّاء وسنذكره.

إذا علم هذا علم أن الصحيح الآخر غير المؤنث بالتاء والمعتل الجاري مجرى الصحيح والمهموز والممدود الذي همزته أصل ، تلحقه علامة جمع التصحيح دون تغيير ، كما تلحقه علامة التثنية ، وأن الممدود الذي همزته غير أصل ينال همزته ما نالها في التثنية ؛ فيقال في : زيد وهند وعلي وأمر مقضيّ ورجل محبو وأمر مرجوّ ـ

__________________

(١) في لسان العرب : (ثنا): «وعقلت البعير بثنايين غير مهموز ؛ لأنه لا واحد له إذا عقلت يديه جميعا بحبل أو بطرفي حبل ، وإنما لم يهمز لأنه لفظ جاء مثنى لا يفرد واحده فيقال ثناء».

وفي كتاب سيبويه : (٣ / ٣٩٢) : يقول :

«وسألت الخليل عن قولهم : عقلته بثنايين (بمعنى الأول) : لم لم يهمزوا؟ فقال : تركوا ذلك حيث لم يفرد الواحد».

٣٨٤

______________________________________________________

ورجل مرجأ وأمر مرجأ وقرّاء وزكريّاء وصحراء علما لرجل وسماء : زيدون وهندات وعليّون وأمور مقضيّات ورجال محبوّون وأمور مرجوات ورجال مرجوّون وأمور مرجآت وقرّاءون في قرّاء اسم رجل ، وقرّاءات فيه اسم امرأة وزكرياوون وصحراوات وعطاوون بالقلب وعطاءون بالتصحيح [١ / ١٠٩] وسماوات وسماءات بالتصحيح ؛ فيصح ما صح في التثنية ، ويعل ما أعل فيها.

وأما المقصور والمنقوص فيحذف آخرهما في جمعي التذكير ويلي الياء والواو فتحة المقصور. ويستوي في ذلك ما ألفه منقلبة عن أصل كالأعلى ، وما ألفه زائدة كحبلى اسم رجل. فيقال : جاء الأعلون والحبلون ومررت بالأعلين والحبلين ؛ هذا مذهب البصريين.

وأما الكوفيون فيضمون ما قبل الألف الزائدة مع الواو ، ويكسرونه مع الياء فيقولون : جاء الحبلون ومررت بالحبلين.

فإن كان المقصور أعجميّا أجازوا فيه الوجهين لاحتمال الزيادة وعدمها ، نحو موسى (١).

وأما المنقوص فيضم ما قبل يائه مع الواو ويترك على حاله مع الياء (٢) نحو : جاء القاضون ومررت بالقاضين.

وللمقصور والمنقوص مع ألف جمع التأنيث ما لهما مع ألف التثنية ، كقولك في : حبلى وأمر باد : حبليات وأمور باديات. ولهذا قيد المصنف حذف آخرهما بقوله : في جمع التّذكير. وقوله : علامة جمع التّصحيح يشمل المذكر والمؤنث.

وأما القياسية فقال المصنف : «احترز بها من نحو : بنين وعلانين وربعين في جمع ـ

__________________

(١) لم تذكر هذه المسألة من مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين. وانظر ما ذكره في الأشموني (٤ / ١١٤).

قال بعد أبيات ابن مالك :

واحذف من المقصور في جمع على

حدّ المثنّى ما به تكمّلا

والفتح أبق مشعرا بما حذف ......

إلخ قال : «أفهم إطلاقه أنه لا فرق فيما ذكره بين ما ألفه زائدة وما ألفه غير زائدة وهذا مذهب البصريّين.

وأما الكوفيون فنقل عنهم أنهم أجازوا ضمّ ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء مطلقا.

قال في شرح التّسهيل : «فإن كان أعجميّا نحو عيسى أجازوا فيه الوجهين لاحتمال الزيادة وعدمها».

(٢) مراده بالواو والياء هنا علامتا الرفع والنصب والجر في الجمع.

٣٨٥

[تثنية خاصة لأسماء مخصوصة]

قال ابن مالك : (وربّما حذفت خامسة فصاعدا في التّثنية والجمع بالألف والتّاء ، وكذا الألف والهمزة من قاصعاء ونحوه ، ولا يقاس على ذلك ؛ خلافا للكوفيّين).

______________________________________________________

ابن ورجل علانية وربعة ؛ فإن مقتضى القياس أن يقال في ابن ابنون ، كما يقال في التثنية : ابنان وأن يقال في علانية وربعة علانيات وربعات ، كما يفعل بكل ما فيه تاء التأنيث». انتهى (١).

أما احترازه بالقياسية من نحو بنين فظاهر ، وأما احترازه من نحو علانية وربعة فلا يظهر ؛ لأن جمع علانية وربعة بالواو والنون وإن كان على غير قياس (٢) ، ليس في لحاقهما علامة جمع التصحيح لمذكر أو لمؤنث مخالفة للتثنية بتغيير كما في بنين وابنين ؛ ولا يفيده أن تقول إن التاء من علانية وربعة تحذف في الجمع دون التثنية.

فقد حصل تغيير لأن حذف التاء لا خصوصية لعلانية وربعة به ؛ إذ هو عام في كل ذي تاء قصد جمعه فإذا لا فائدة في ذكر علانية وربعة هنا.

قال ناظر الجيش : الضمير في «حذفت» عائد على الألف الزائدة ، قال المصنف (٣) : «والإشارة بذلك إلى ما روى الفراء من قول بعض العرب في تثنية : الخوزلى وخنفساء وباقلّاء وعاشوراء : خوزلان وخنفسان وباقلّان وعاشوران ، وأنشد (٤) :

١٣٧ ـ تروّح في عمّيّة وأغاثه

على الماء قوم بالهراوات هوج (٥)

__________________

(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٩٤). وقولهم : رجل علانية يقال : رجل علانية من علانين وعلانيّ من علانيين أي ظاهر أمره (القاموس : علن) ويقال : رجل ربعة بسكون الباء وفتحها أي مربوع الخلق لا بالطويل ولا بالقصير (اللسان : ربع).

(٢) وذلك لوجود التاء فيهما ولا يجمع هذا الجمع ما فيه التاء.

(٣) انظر : شرح التسهيل (١ / ٩٥) والخوزلى المذكور بعده : مشية فيها تثاقل وتراجع.

(٤) أي الفراء وانظر معاني القرآن له (٢ / ٨١) وأنشد بعده (من الطويل) :

مؤخّر عن أنيابه جلد رأسه

لهنّ كأشباه الزّجاج خروج

وشاهد الفراء في البيت الثاني حيث فصل الشاعر بين المضاف والمضاف إليه بوصف (مؤخّر عن أنيابه جلد رأسه).

(٥) البيت من بحر الطويل ولم أعثر عليه إلا في معاني القرآن للفراء (٢ / ٨١) وفي التذييل والتكميل (٢ / ٣٦) وفي شرح التسهيل لابن مالك (١ / ٩٦) والشاعر في البيت يصف رجلا غارقا في الضلال

٣٨٦

[جمع بعض الأسماء الجمع الصحيح]

قال ابن مالك : (وتحذف تاء التّأنيث عند تصحيح ما هي فيه ؛ فيعامل معاملة مؤنّث عار منها لو صحّح ، ويقال في المراد به من يعقل من ابن وأب وأخ وهن وذي : بنون وأخون وهنون وذوو ، وفي بنت وابنة وأخت وهنت وذات : بنات وأخوات وهنات وهنوات وذوات ؛ وأمهات في الأمّ من النّاس أكثر من أمّات وغيرها بالعكس).

______________________________________________________

بفتح هاء الهراوات وهو جمع هراوى ، وهراوى جمع هراوة وهذا يدل على أن الألف قد تحذف وإن لم تكن زائدة ؛ لأن ألف هراوى مبدلة من لام الكلمة ، والكوفيون يقيسون على هذا. والمنصفون من غيرهم يقبلون ما سمع منه ولا يقيسون عليه ؛ لقلّته». هذا كلام المصنف (١) [١ / ١١٠].

قال ناظر الجيش : ما فيه تاء التأنيث مما خالفت فيه كيفية جمع التصحيح كيفية التثنية كفاطمة وقائمة ؛ فإن التأنيث يبقى في التثنية ويحذف في الجمع ؛ وهذا هو الأمر الثالث الذي تقدم الوعد بذكره وأنه مما حصلت فيه المخالفة بين البابين.

وأشار بقوله : فيعامل معاملة مؤنّث عار منها لو صحّح إلى حكم الاسم بعد حذف التاء ما هو حال الجمع فقال :

«يفرض أن الاسم كان بغير تاء فتعامله بما يستحقه اسم مؤنث بغير تاء من ـ

__________________

وهو مجهول القائل.

اللغة : تروّح : راح. العمّيّة : بضم العين أو كسرها ثم ميم وياء مشددتين : الكبر أو الضلال (القاموس المحيط : عمي). أغاثه : يروى مكانه أعانه. الهراوات : جمع هراوة وهي العصيّ. هوج : جمع أهوج والجمع على وزن فعل بسكون عينه ولا يجوز تشديدها وذلك ليستقيم مع البيت الذي بعده ؛ فهو من ضرب الطويل المحذوف. والأهوج هو المتسرع العجل. الزجاج : جمع زج وهي الحديدة في أسفل الرمح.

واستشهد به الشارح هنا تبعا لابن مالك ـ وكذلك ذهب أبو حيان ـ إلى أن لفظ الهراوات جمع سالم مفرده جمع تكسير آخر هو هراوى وأنه حين أريد جمعه جمعا سالما حذفت ألفه ، وكان يجب أن تقلب ياء وأن المفرد لهذا الجمع هو هراوة بكسر الهاء.

وأرى أنه لا داعي إلى ارتكاب هذه الصعوبات ثم تكون هراوات جمعا سالما لهراوة بالتاء ، وهو جمع قياسي غاية ما فيه فتح الهاء في الجمع ـ إن روي ـ ومثله في التغيير لا مانع منه.

(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٩٦).

٣٨٧

______________________________________________________

سلامة الآخر أو تغييره حسبما عرف مما تقدم. فعلى هذا ما قبل التاء المحذوفة إن لم يكن ألفا ولا همزة ممدودة مبدلة لم يغير كقولك في : مسلمة وجارية وعرقوة وقارئة وقراءة : مسلمات وجاريات وعرقوات وقارئات وقراءات.

وإن كان ما قبل التاء ألفا أو همزة ممدودة مبدلة أجري على ما تقدم من القاعدة فيقال في فتاة فتيات وفي قناة قنوات وفي باقلاء باقلاوات وفي سقاءة سقاوات وسقاءات» (١).

وقد تكلم المصنف على خمس كلمات وهي : ابن وأب وأخ وهن وذو وعلى مؤنثاتها وهي : بنت وابنة وأخت وهنة وذات ، ولما لم يكن للأب مؤنث من لفظه ذكر المؤنث الذي يقابله من غير لفظه وهو الأم.

وإنما تكلم على هذه الكلمات ؛ لأن في جمعها عملا تصريفيّا فذكر كيفيته ، وناسب ذكرها بعد المؤنث بالتاء لمشابهة الأربعة الأول في أنه يحذف منها في الجمع ما لا يحذف في التثنية وهو الهمزة من ابن والواو من أب وأخ وهن فكأنها مستثنيات أيضا من قوله قبل : وحكم ما ألحق به علامة جمع التّصحيح إلى آخره.

فأما ابن وابنة فكان حقهما أن يقال في تصحيحهما : ابنون وابنات كما قيل في تثنيتهما : ابنان وابنتان إلا أن المسموع في ابن بنون وفي بنت بنات.

قال المصنف (٢) : «وحاملهم على ذلك الإشعار بأن أصل الباء في الإفراد الفتح». وأما أب وأخ وهن وإن قيل في تثنيتهما أبوان وأخوان وهنوان فإنهم قالوا في جمعها : أبون وأخون وهنون (٣) وذلك أن التصريف أدى إلى حذف الواو التي هي ـ

__________________

(١) أما فتاة : فإنه بعد حذف تائها تقع ألفها ثالثة فترد إلى أصلها وهو الياء فقيل في جمعها فتيات ، وأما قناة : فألفها ثالثة أيضا فترد إلى أصلها أيضا وهو الواو فقيل قنوات ، وأما باقلاء : فهمزته للتأنيث فتقلب واوا ؛ فيقال فيها : باقلاوات ، وأما سقاءة : فهمزته مبدلة من أصل فيجوز فيها التصحيح ويجوز فيها القلب.

والباقلاء : مخففة ممدودة الفول الواحدة بهاء أو الواحد والجميع سواء.

ويقال : هو سقاء من سقائين أي يسقي الماء وهي سقاءة وسقاية.

(٢) أي في شرح التسهيل وانظر القول فيه : (١ / ٩٦).

(٣) قال سيبويه (١ / ٤٠٥) : وسألت الخليل عن أب فقال : «إن ألحقت به النون والزيادة التي قبلها قلت : أبون وكذلك أن تقول أخون لا تغير البناء إلّا أن تحدث العرب شيئا كما تقول دمون ولا تغيّر بناء الأب عن حال الحرفين ؛ لأنه عليه بني ثم أنشد قول الشاعر (من المتقارب) :

فلمّا تبيّن أصواتنا

بكين وفدّيننا بالأبينا»

٣٨٨

______________________________________________________

لام الكلم الثلاث ؛ لأن أصله أبوون وأخوون وهنوون ؛ فأتبعت حركة العين فيها اللام ، ثم حذفت ضمة الواو تخفيفا ؛ فالتقى ساكنان فحذف سابقهما وبقيت ضمة العين مباشرة في اللفظ واو الجمع.

ويقال في غير الرفع : أبين وأخين وهنين ، والأصل أبوين بالإتباع ثم عرض سكون الواو وقلبها وحذفها ؛ وكذا فعل في أخوين وهنوين [١ / ١١١](١).

ومن شواهد أبين قراءة بعض السلف : (قالوا نعبد إلهك وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق) (٢).

ومنها (٣) قول أبي طالب :

١٣٨ ـ ألم ترني من بعد همّ هممته

بفرقة حرّ من أبين كرام (٤)

__________________

(١) أبين : أصله أبوين أتبعت حركة العين (الباء) فيها اللام فكسرت الباء ، ثم سكنت الواو ثم قلبت ياء لسكونها وكسر ما قبلها كما في ميزان ثم حذفت الياء الأولى (لام الكلمة) لالتقاء الساكنين فصارت أبين.

ومثل ذلك يقال في أخين وهنين.

(٢) سورة البقرة : ١٣٣ والقراءة لابن عباس والحسن ويحيى بن يعمر وآخرين ، وهي من الشواذ ذكرها ابن جني في كتابه : (المحتسب : ١ / ١١٢).

وخرجها ابن جني فقال : أكثر القراءة : وإله آبائك جمعا كما ترى فإذا كان أبيك واحدا كان مخالفا لقراءة الجماعة فتحتاج حينئذ إلى أن يكون أبين هنا واحدا في معنى الجماعة. فإذا أمكن أن يكون جمعا كان كقراءة الجماعة ولم يحتج فيه إلى التأول لوقوع الواحد موقع الجماعة وطريق ذلك أن يكون أبيك جمع أب على الصحة على قولك للجماعة : هؤلاء أبون أحرار أي آباء أحرار وقد اتسع ذلك عنهم. ثم ذكر شواهد على ذلك وهي بعض ما ذكره الشارح.

ولأبي حيان رأي في الآية يخالف ما ذهب إليه ابن جني فضل فيه أن تكون كلمة أبيك في القراءة مفردا.

انظره بالتفصيل في كتابه : التذييل والتكميل (٢ / ٤١).

(٣) أي من شواهد أبين وأخين وهنين.

(٤) البيت من بحر الطويل مطلع قصيدة لأبي طالب يذكر فيها ما جرى بينه وبين ابن أخيه محمد ـ عليه الصلاة والسّلام ـ حين عزم أبو طالب على السفر إلى الشام دون محمد ؛ فبكى محمد وتعلق بعمه فاستصحبه معه في السفر وبعد بيت الشاهد قوله :

بأحمد لمّا أن شددت مطيّتى

برحلي وقد ودّعته بسلام

والشاهد فيه : جمع أب على أبين جمع مذكر سالم بدليل وصفه بالجمع.

وانظر مراجع البيت في معجم الشواهد (ص ٣٦٦). وهو أيضا في شرح التسهيل لابن مالك (١ / ٩٧)

٣٨٩

______________________________________________________

وأنشد ابن دريد (١) :

١٣٩ ـ كريم طابت الأعراق منه

وأشبه فعله فعل الأبينا

كريم لا تغيّره اللّيالي

ولا الّلأواء عن عهد الأخينا (٢)

وأنشد الفراء :

١٤٠ ـ فقلنا أسلموا إنّا أخوكم

وقد برئت من الإحن الصّدور (٣)

__________________

ولأبي حيان (٢ / ٣٩).

وقد روي البيت برواية أخرى لا تختلف كثيرا عما ذكرناه ، وانظر القصيدة في ديوان أبي طالب (ص ١٥٩).

(١) هو محمد بن الحسن بن دريد يمتد نسبه حتى يصل إلى يعرب بن قحطان ، ولد بالبصرة في خلافة المعتصم سنة ٢٢٣ ه‍ وقرأ فيها ثم انتقل الى عمان ثم إلى فارس ، حتى استقر به المقام في بغداد. كان أحفظ الناس وأوسعهم علما ، تصدر للتدريس ستين عاما ومن تلاميذه : أبو سعيد السيرافي وأبو الفرج الأصفهاني وغيرهما. ومع علمه الغزير كان كثير الشراب طويل السكر. عمر ابن دريد طويلا حتى جاوز التسعين حيث مات سنة ٣٢١ ه‍ ببغداد.

مصنفاته : له كتاب الجمهرة في اللغة وهو مشهور به ، وكتاب الأمالي ، وكتاب أدب الكاتب على مثال كتاب ابن قتيبة ، وكتاب غريب القرآن. وانظر ترجمته في : كتاب معجم الأدباء (١١ / ١٢٧).

(٢) البيتان من بحر الوافر وهما لقائل مجهول يمدح رجلا بالكرم والإخلاص والوفاء ، لم يستشهد بهما في كتب النحو ؛ ولذلك لم يردا في معجم الشواهد وقد وردا في شرح التسهيل لابن مالك (١ / ٩٧) ولأبي حيان (٢ / ٤٠) وفي جمهرة اللغة لابن دريد (٣ / ٤٨٤).

وفي لسان العرب (١ / ١٦) ورد البيت الأول وحده هكذا.

كريم طابت الأعراق منه

يفدّى بالأعمّ وبالأبينا

والاستشهاد به هنا على جمع الأب والأخ جمع مذكر سالم.

(٣) البيت من بحر الوافر من قصيدة طويلة للعباس بن مرداس قالها يذكر فرار قارب بن الأسود يوم حنين ويذكر ثقيفا بهزيمتها من هوازن.

والإحن : جمع إحنة وهي البغضاء والعداوة ، وأسلموا : ادخلوا في السلم.

ويستشهد بالبيت على أن أخا في البيت جمع مذكر سالم وقد حذفت نونه للإضافة ؛ وقيل المراد : إنا إخوتكم فوضع الواحد موضع الجمع (المقتضب : ٢ / ١٧٤).

وانظر مراجع البيت الكثيرة في معجم الشواهد (ص ١٦٧) وهو أيضا في شرح التسهيل (١ / ٩٧) وفي التذييل والتكميل (٢ / ٤٠) وفي جمهرة اللغة لابن دريد (٣ / ٤٨٤).

ترجمة الشاعر : هو العباس بن مرداس السلمي ، صحابي أسلم قبل فتح مكة ، وحضر مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الفتح في تسعمائة فارس من قومه سليم. واشترك في موقعة حنين وأعطاه النبي عليه‌السلام يومها أقل من مائة ناقة وأعطى أبا سفيان وصفوان بن أمية كل واحد منهما مائة ، فقام العباس فأنشد قصيدة في ذلك جاء

٣٩٠

______________________________________________________

وأنشد غيره :

١٤١ ـ وما رحم الأهلين إن سالموا العدى

بمجدية إلّا مضاعفة الكرب

ولكن أخو المرء الذين إذا دعوا

أجابوا بما يرضيه في السّلم والحرب (١)

وقال آخر في هنين :

١٤٢ ـ أريد هنات من هنين ويلتوي

عليّ وآتي من هنين هنات (٢)

قال المصنف : «ولو قيل حمون في حم لم يمتنع ؛ لكن لا أعلم أنّه سمع» (٣).

وأمّا ذو : فقيل فيه ذوو بتصحيح العين بعد فتحة ولم يفعل به من الإتباع ما فعل بأخواته ؛ لإفضاء ذلك إلى حذف عينه بعد حذف لامه ؛ فتخلص من ذلك برد فائه إلى حركتها الأصلية كما فعل في التثنية.

وأما بنت (٤) وأخت : فكان حقهما أن يقال فيهما بنتات وأختات ؛ لأن تاءهما قد غيرت لأجل البنية ، وسكن ما قبلها فأشبهت تاء ملكوت. ولأجل ذلك جمع ـ

__________________

في آخرها (من المتقارب) :

وما كنت دون امرئ منهما

ومن تضع اليوم لا يرفع

فأتم له النبي المائة. اقرأ أخباره في الشعر والشعراء (٢ / ٧٥٠).

(١) البيتان من بحر الطويل وهما من الحكم الاجتماعية غير أن قائلهما مجهول.

يقول : إن الأهل إذا سالموا الأعداء ازداد المرء حزنا على حزن ولم يكونوا بأهل ، لأن الأهل هم الذين يكونون مع المرء فيحبون ما يحب ويبغضون ما يبغض.

وقد استشهد ابن مالك بهما مرتين : الأولى : (١ / ٨٨) : على جمع أهل على أهلين ، والثانية : على جمع أخ على أخون. وعلى ذلك استشهد أبو حيان : (٢ / ٤٠) ، وكذلك فعل شارحنا. ولم يرد البيتان في معجم الشواهد.

(٢) البيت من بحر الطويل ولم أجد له قائلا فيما ورد من مراجع.

ومعناه : أن الرجل يريد نساء من رجال ؛ لكنه لا يصل إلى ذلك ؛ بينما أمامه نساء من رجال غير أنه زاهد عنهن.

ويستشهد بالبيت على جمع هن على هنين جمعا مذكرا وعلى هنات جمعا مؤنثا ، والبيت في لسان العرب (هن) وفي شرح التسهيل (١ / ٩٨) وفي التذييل والتكميل (١ / ٤٠).

(٣) انظر : شرح التسهيل (١ / ٩٨).

(٤) بعد أن انتهى من الحديث على جمع ابن وأب وأخ وهن وذو ، وما في ذلك من تغيير ، بدأ الآن يتكلم على جمع مؤنثات هذه الكلمات كما وعد بذلك.

٣٩١

______________________________________________________

يونس (١) بينها وبين ياء النسب فقال : بنتيّ وأختيّ (٢) ؛ لكنه وافق هنا على الامتناع من بنتات وأختات ؛ لأن تاء بنت وأخت وإن خالف لحاقها لحاق تاء التأنيث ، فهي مخصوصة ببنية لا يراد بها إلا مؤنث ، ولفظها كلفظ المستقلة بالدلالة على التأنيث ، فكان اجتماعها مع تاء الجمع أثقل من اجتماعها مع ياء النسب ؛ فلذلك اتفق على حذفها. لكنهم ردوا المحذوف من أخت ، فقالوا أخوات ولم يردوه في بنت ؛ لأنهم قالوا بنات ؛ ولهذا كان أخوات جمعا مسلما ، وأما بنات فليس بجمع سلامة ؛ لأن اللفظ لم يسلم فيقال بنتات ، ولا ردت الواو لما حذفت التاء كما فعل في أخوات قبل ، وإنما الألف والتاء في بنات عوض من المحذوف ، كما أن الواو والنون في بنون عوض من المحذوف ، فهو ليس بجمع سلامة أيضا.

وأمّا هنة : فقيل فيها هنات بغير رد ، ونظيره لثات وشيات في : لثة وشية ، وهنوات بالرد ونظيره سنوات وعضوات في سنة وعضة (٣).

وأمّا ذات : فقيل في جمعها ذوات كقناة وقنوات ؛ لأن تاء ذات وجب لها من الحذف ما وجب لتاء قناة ؛ فباشرت الألف المبدلة من العين ألف الجمع ، فاستحقت ـ

__________________

(١) هو أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب الضبي مولى بني ضبة ، أخذ عن أبي عمرو وغيره ، وواجه العرب فسمع منهم حتى غدا مرجع الأدباء والنحويين في المشكلات ، وكانت له حلقة دراسة في المسجد الجامع بالبصرة يؤمها الأدباء والعلماء وفصحاء الأعراب.

وليونس مذاهب خاصة في النحو ومسائله ، انظر ذلك في كتاب : يونس البصري للدكتور أحمد مكي الأنصاري من (ص ٢١٣) إلى (ص ٣٢٣).

وله مسائل كثيرة في كتاب سيبويه. وقد سمع منه الكسائي والفراء ، عاش أكثر من تسعين سنة ؛ لم يتزوج ولم يتسرّ مات سنة (١٨٢ ه‍) وكان قد ولد عام (٩٠ ه‍).

انظر ترجمته في : بغية الوعاة (٢ / ٣٦٥) ، ونشأة النحو (ص ٦٥).

(٢) قال سيبويه (٣ / ٣٦٠) : وإذا أضفت إلى أخت قلت أخويّ هكذا ينبغي له أن يكون على القياس ... ثم قال : وأما يونس فيقول أختيّ وليس بقياس.

وفي موضع آخر (٣ / ٣٦٣) في النسب إلى بنت يقول : وأما يونس فيقول بنتيّ.

(٣) في كتاب سيبويه (٣ / ٣٦١) : وسمعنا من العرب من يقول في جمع هنت : هنوات ، قال الشاعر (من الطويل) :

أرى ابن نزار قد جفاني وملّني

على هنوات كلّها متتابع

وفي القاموس (هن): «وهن المرأة فرجها وهما هنان وهنوان ويجمع على هنات وهنوات».

٣٩٢

______________________________________________________

الفتح والرد إلى الأصل ، ولم يردوا اللام. ولو ردت لقيل ذوتات أو ذاتات.

وأمّا أمّ : فكان حقها ألا يجمع بالألف والتاء ؛ لأن ذلك حكم ما لا علامة فيه من أسماء الأجناس المؤنثة كعنز وعناق ؛ ولكن العرب [١ / ١١٢] جمعته بهما ، فلحق بما بابه السماع كسموات وأرضات ، وزادوا الهاء قبل العلامة في الأناسي ، وتركوها في غير الغالب وفعلوا في البهائم بالعكس. وقد اجتمع الأمران في قول الشاعر :

١٤٣ ـ إذا الأمّهات قبحن الوجوه

فرجت الظّلام بأمّاتكا (١)

ومن ورود أمّات في الأناسي قول كلثوم بن عياض (٢) :

١٤٤ ـ حماة الضّيم آباء كرام

وأمّات فأنجد واستغارا (٣)

__________________

(١) البيت من بحر المتقارب قاله مروان بن الحكم ، ذكر ذلك صاحب معجم الشواهد (ص ٢٥٦) وشراح شواهد الشافية : (٤ / ٣٠٨).

اللغة : قبحن الوجوه : يقال : قبحه يقبحه بفتح العين فيهما أخزاه وشوّهه والوجوه مفعوله.

فرجت الظلام : كشفته. أمات : جمع أم وهو موضع الشاهد.

والشاعر يصف أمهات المخاطب بنقاء الأعراض ، بينما أمهات أخر يقبحن وجوه أولادهن عند الناس بفجورهن.

والشاهد فيه : جمع الشاعر بين أمّهات وأمّات في الأناسي والأول كثير والثاني قليل.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ١٠٨) وفي التذييل والتكميل (٢ / ٤٤).

ترجمة الشاعر : هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أبو عبد الملك ولد بمكة ونشأ بالطائف ، تولى ولاية المدينة في زمن معاوية : سنة (٤٢ ـ ٤٩ ه‍) وتولى خلافة المسلمين مدة تقل عن عام ثم توفي بالطاعون سنة (٦٥ ه‍) ، وهو أول من ضرب الدنانير الشامية وكتب عليها : قل هو الله أحد. عاش أكثر من ستين عاما حيث ولد سنة (٢ ه‍) ، انظر ترجمته في الأعلام (٧ / ٩٥).

(٢) هو كلثوم بن عياض أمير إفريقية وأحد الأشراف الشجعان القادة ولاه هشام بن عبد الملك إمارة جيش عظيم وسيره إلى إفريقية بعد عزل عبيد الله بن الحبحاب ، إلا أنه قتل في معركة مع البربر سنة (١٢٣ ه‍) في وادي سيوة. من أعمال طنجة بالمغرب. انظر ترجمته في الأعلام (٦ / ٩٠).

(٣) البيت من بحر الوافر قائله كلثوم بن عياض في المدح.

اللغة : حماة : جمع حام. الضّيم : الذل. أمّات : أمهات. أنجد : ارتفع. استغار : هبط.

والشاعر يمدح صاحبه أمهات وآباء.

وشاهده : على ما في البيت قبله. والبيت في شرح التسهيل : (١ / ٩٩) ، وفي التذييل والتكميل (٢ / ٤٤).

٣٩٣

______________________________________________________

وقول عبد الله بن عمرو اللخمي (١) :

١٤٥ ـ أولئك أمّاتي رفعن منابتي

إلى يافع في ذروة المجد صاعد (٢)

ومن وروده في البهائم قول حميد بن ثور :

١٤٦ ـ وأمّات أطلاء صغار كأنّها

دمالج يجلوها لينفق بائع (٣)

ومن ورود أمهات في البهائم أيضا قوله (٤) :

١٤٧ [قوّال معروف وفعّاله

عقّار مثنى أمّهات الرّباع](٥)

__________________

(١) لم أعثر له على ترجمة في كتب التراجم التي اطلعت عليها : معجم الأدباء لياقوت ، معجم الشعراء للمرزباني ، يتيمة الدهر ، طبقات الشعراء ، الشعر والشعراء ... إلخ.

(٢) البيت من بحر الطويل قائله عبد الله بن عمرو اللخمي ، كما في الشرح ، وكما في شرح التسهيل أيضا (١ / ١٠٨). والشاعر يفتخر بأصله.

اللغة : أمات : أمهات. منابتي : غرسي وأصلي. يافع : بمعنى صاعد وروي مكانه طالع.

وشاهده : كما في البيت قبله وهو استعمال أمات في الأناسي وذلك قليل.

والبيت في التذييل والتكميل وليس في معجم الشواهد.

(٣) البيت من بحر الطويل نسب إلى حميد بن ثور هنا وفي شرح التسهيل (١ / ٩٩) ، ولكنه ليس في ديوانه.

والشاعر يصف سربا من البهائم الكبار والصغار.

اللغة : أمات : جمع أم في البهائم. أطلاء : جمع طلا وهو الولد من ذوات الخف والظلف ، الدمالج : جمع دملج وهو ما يوضع في العضد من الحلي. يجلوها : يظهرها. ينفق : يدفع.

وشاهده : استعمال أمات في البهائم بلا هاء وهو الكثير.

(٤) في جميع النسخ يوجد بياض بعد قوله : ومن ورود أمهات في البهائم أيضا. وكذلك وجد هذا البياض في نسخ التذييل والتكميل ، هكذا قال محقق المخطوط (١ / ٣٣٨) (د / مصطفى حبالة) ومحقق المطبوع : (٢ / ٤٥) (د / حسن هنداوي).

وبحثت عن شاهد لذلك في كتب النحو واللغة فوجدت الشاهد السابق ووضعته بين معقوفين. وفي لسان العرب شواهد كثيرة لذلك (اللسان : أمم).

(٥) البيت من بحر السريع من قصيدة للسفاح بن بكير اليربوعي يرثي بها يحيى بن ميسرة ، وقبله :

يا سيّدا ما أنت من سيّد

موطّأ البيت رحيب الذّراع

اللغة : قوال وفعال وعقار : صفات مبالغة لقائل وفاعل وعاقر. مثنى : واحدة بعد أخرى. الرباع : جمع ربع وهو ما نتج في أول النتاج. وصفه بالكرم والوفاء.

وشاهده : استعمال لفظ أمهات في البهائم وهو قليل والكثير أمات.

والبيت في معجم الشواهد (٤ / ٢٠٨).

٣٩٤

[جمع فعلة جمعا مؤنثا وحكم العين فيه]

قال ابن مالك : (والمؤنّث بهاء أو مجرّدا ثلاثيّا صحيح العين ساكنة غير مضعّفة ، ولا صفة تتبع عينه فاءه في الحركة مطلقا ، وتفتح وتسكّن بعد الضّمة والكسرة ، وتمنع الضّمّة قبل الياء والكسرة قبل الواو باتفاق وقبل الياء بخلف ، ومطلقا عند الفرّاء فيما لم يسمع. وشذّ جروات والتزم فعلات في لجبة ، وغلّب في ربعة ؛ لقول بعضهم : لجبة وربعة ، ولا يقاس على ما ندر من كهلات خلافا لقطرب. ويسوغ في لجبة القياس ، وفاقا لأبي العبّاس ، ولا يقال فعلات اختيارا فيما استحقّ فعلات إلّا لاعتلال اللّام أو شبه الصّفة. وتفتح هذيل عين جوزات وبيضات ونحوهما واتّفق على عيرات شذوذا).

______________________________________________________

وربما قيل في أم أمّهة قال قصي بن كلاب (١) :

١٤٨ ـ إنّي لدى الحرب رخيّ لببي

عند تناديهم بهال وهبي

معتزم الضّربة عال نسبي

أمّهتي خندف والياس أبي (٢)

قال ناظر الجيش : مراده أن يذكر حكم الاسم الثلاثي المؤنث إذا جمع بألف وتاء ـ

__________________

(١) هو قصي بن كلاب بن مرة سيد قريش في عصره ورئيسها ، وهو الأب الخامس في سلسلة النسب النبوي. وسمي قصيّا لبعده عن دار قومه ؛ حيث انتقل إلى أطراف الشام مع أمه ، ولما كبر عاد إلى الحجاز وكان موصوفا بالدهاء ، هدم الكعبة وجدد بناءها ، ولقب مجمعا ؛ لأنه جمع قومه وأسكنهم مكة لتقوى بهم عصبيته ، وكانت له الحجابة والسقاية على البيت الحرام ، لم ينازعه أحد في الرئاسة على قريش ، وقد اتخذ لنفسه دار الندوة التي كانت قريش تقضي أمورها فيها ، وكان أمره في قومه كالدين المتبوع ، مات بمكة ودفن بالحجون. انظر ترجمته في الأعلام (٦ / ٤٣).

(٢) الأبيات أربعة من الرجز المشطور قالها قصي بن كلاب يفتخر بشجاعته وبأصله في العرب.

اللغة : رخيّ لببي : كناية عن كثرة مبارزته للأقران. هال : اسم فعل زجر للخيل. هبي : اسم فعل دعاء لها. أمهتي : أمي. خندف : هي ليلى بنت عمران زوجة إلياس بن مضر من أجداد النبي عليه‌السلام.

وقد استشهد النحاة بهذه الأبيات في مواضع مختلفة :

فابن جني : يستشهد بها في المحتسب : (٢ / ٢٢٤) : على أن همزة إلياس قد تأتي وصلا.

والرضي : في شواهد الكافية (ص ٣٠١) : على أن الهاء في أمهتي زائدة فوزن أمهة فعلهة.

وشراح التسهيل : على أنه قد يقال في أم أمهة.

والأبيات في معجم الشواهد (ص ٤٤٥) ، وفي شرح التسهيل (١ / ٩٩) وفي التذييل والتكميل (٢ / ٤٦).

٣٩٥

______________________________________________________

بالنسبة إلى إتباع عينه لفائه وعدمه.

والإتباع في مسائل هذا الفصل واجب وممتنع وجائز على ما يبين.

وقد أورد المصنف ذلك في المتن والشرح أحسن إيراد ؛ فلنقتصر على كلامه ـ رحمه‌الله تعالى ـ إذ لا مزيد عليه ، قال (١) :

المراد بذي الهاء نحو تمرة وغرفة وكسرة ، وبالمجرّد نحو دعد وجمل وهند ؛ فإن سيبويه سوى بينهن فيما ذكرته ؛ فلدعد وجمل وهند ما لتمرة وغرفة وكسرة إذا جمعن بالألف والتاء (٢). واحترز بصحيح العين من معتله نحو جوزة وديمة ودولة. وبساكن العين من متحركه كشجرة وسمرة ونمرة. وبنفي التضعيف من نحو حجّة وحجّة وحجّة. وبنفي الوصفية من نحو ضخمة وجلفة وحلوة (٣).

وأشير بإطلاق الإتباع إلى عدم الفرق فيه بين المفتوح الفاء والمضمومة والمكسورة من ذي الهاء ، والمجرد : نحو تمرات وغرفات وكسرات ودعدات وجملات وهندات.

والضمير في تفتح وتسكن عائد إلى العين ، أي : ويجوز مع ضم العين في المضموم الفاء الفتح والتسكين وهما أيضا جائزان في المكسور الفاء فيكون في كل واحد منهما ثلاثة أوجه (٤).

وسكت عن ذكر عدم الإتباع في المفتوح الفاء ، فعلم أن الإتباع فيه لازم ، فلا يعدل عن فتح عينه وهو مستوف للشروط إلا إذا اعتلت لامه. فإن ذلك يسكن عند قوم من العرب لتسكين العين في الاختيار. ومن ذلك ظبيات وشريات في جمع ظبي وشرية ، حكاه أبو الفتح ، واللغة المشهورة ظبيات وشريات.

[١ / ١١٣] وربما عدل عن الفتح إلى السكون لشبه الصفة كقولهم : أهل ـ

__________________

(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ١٠٠).

(٢) قال سيبويه (٣ / ٥٩٩): «وسألت الخليل عن قول العرب : أرض وأرضات فقال : لمّا كانت مؤنثة وجمعت بالتّاء ثقلت كما ثقلت طلحات وصفحات».

ومراد ابن مالك أن ذا الهاء وغيره يجيء فيه إتباع العين للفاء.

(٣) أي فإن حكم هذه الأسماء كلها عند جمعها عدم إتباع العين للفاء بل تظل العين في الجمع كما كانت في المفرد.

(٤) هي الفتح والتسكين والإتباع «وهو الضم أو الكسر» وينطبق ذلك على جمل وهند وغرفة وكسرة.

٣٩٦

______________________________________________________

وأهلات وأهلات بالفتح أشهر (١). وأنشد سيبويه (٢) :

١٤٩ ـ وهم أهلات حول قيس بن عاصم

إذا أدلجوا باللّيل يدعون كوثرا (٣)

وقيل أيضا أهلة بمعنى أهل ، حكاه الفراء (٤) ، فالأولى بأهلات أن يكون جمعا له لا لأهل. وقد تسكن عين فعلات جمع فعلة إذا كان مصدرا كحسرات تشبيها بجمع فعل صفة ؛ لأن المصدر قد يوصف به.

وقال أبو الفتح : ظبيات أسهل من رفضات لاعتلال اللام ، ورفضات أسهل من ثمرات ؛ لأن المصدر يشبه الصفة (٥).

قلت : فإذا قيل امرأة كلبة ففي جمعه الفتح باعتبار الأصل والتسكين باعتبار العارض (٦) ، ولا يعدل عن فعلات إلى فعلات فيما سوى ذلك إلا في ضرورة وهو ـ

__________________

(١) في شرح الأشموني : (٤ / ١١٧) يقول : «أفهم كلامه أن نحو دعد وجفنة لا يجوز تسكين عينه مطلقا واستثنى من ذلك في التسهيل معتلّ اللام كظبيات ، وشبه الصفة نحو أهل وأهلات فيجوز فيهما التّسكين اختيارا».

(٢) انظر : الكتاب (٣ / ٦٠٠).

(٣) البيت من بحر الطويل قاله المخبل السعدي (انظر اللسان : أهل) وانظر أبياتا قبل بيت الشاهد في شرح المفصل : (٥ / ٣٣) وهي أبيات في المدح.

اللغة : وهم أهلات : أي هم أقارب. حول قيس بن عاصم : أي محيطون به حيث كان سيدهم. أدلجوا :

ساروا الليل كله. كوثرا : قيل : الجواد الكثير العطاء وقيل : إن كوثرا كان شعارا لهم وهم سائرون بالليل. ويستشهد بالبيت في فتح هاء أهلات لاسميته.

انظر مراجع البيت في معجم الشواهد (ص ١٤٠) ، وورد البيت في شرح التسهيل لابن مالك (١ / ١٠١).

ترجمة الشاعر : المخبل هو المجنون وبه سمي المخبل الشاعر واسمه ربيعة بن مالك من بني شماس بن لأي ابن أنف الناقة ، شاعر مخضرم عمر طويلا عاش في الجاهلية والإسلام ومات في خلافة عثمان ، انظر بعض أخبار له في الشعر والشعراء (١ / ٤٢٧) وخزانة الأدب (٦ / ٩٣).

(٤) في اللسان (أهل) والأهل : أهل الرجل وأهل الدار وكذلك الأهلة ، قال أبو الطمحان :

وأهلة ودّ قد تبرّيت ودّهم

وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلي

(٥) في النسخ روضات والصحيح ما أثبتناه بمقتضى التعليل بعده ، وهو أيضا كذلك في شرح التسهيل لابن مالك (١ / ١٠١) ومنه قول الشاعر :

أتت ذكر عودن أحشاء قلبه

خفوقا ورفضات الهوى في المفاصل

وانظر : شرح المفصل لابن يعيش (٥ / ٢٨).

(٦) الأصل هنا : هو الاسمية للحيوان المعروف ، والعارض : هو الوصفية ومعناه الذلة أو الإيذاء.

٣٩٧

______________________________________________________

من أسهل الضرورات (١) ؛ لأن العين المفتوحة قد تسكن في الضرورة وإن لم تكن في جمع ولا ساكنة في الأصل (٢) فلأن تسكن إذا كانت في جمع وكانت ساكنة في الأصل أحق وأولى (٣).

قلت : وإلى تسكين نحو ظبيات وأهلات أشار المصنف بقوله في أخريات الفصل : ولا يقال فعلات اختيارا فيما استحقّ فعلات إلا لاعتلال اللّام أو شبه الصّفة.

واحترز بالاختيار من التسكين في الضرورة دون اعتلال لام ولا شبه صفة نحو قوله :

١٥٠ ـ وحمّلت زفرات الضّحى فأطقتها

وما لي بزفرات العشيّ يدان (٤)

ونبهت بقولي : وتمنع الضّمّة قبل الياء والكسرة قبل الواو على أن نحو زبية لا يجوز ضم عينه ونحو ذروة لا يجوز كسر عينه ، بل يقتصر فيهما على التسكين أو الفتح تخييرا ؛ لأن الضمة قبل الياء والكسرة قبل الواو مستثقلتان ، لا سيما إذا كانت الياء والواو لامين مع وجدان مندوحة عن ذلك (٥). ـ

__________________

(١) وأمثلته قول الشاعر : فتستريح النّفس من زفراتها ... ومنه قول المتنبي مادحا :

إلى القابض الأرواح والضّيغم الّذي

تحدّث عن وقفاته الخيل والرّجل

انظر أبياتا أخرى دخلتها هذه الضرورة في رسالتي : (الأخطاء النحوية والصرفية في شعر المتنبي : ص ٤٤٩).

(٢) ومنه قول الشاعر (من الرجز) :

يا عمرو يا ابن الأكرمين نسبا

قد نحب المجد عليك نحبا

انظر أمثلة أخرى في : شرح التسهيل (١ / ١٠١).

(٣) هذا آخر كلام المصنف (شرح التسهيل : ١ / ١٠١) وقوله : قلت ، أول كلام ناظر الجيش.

(٤) البيت من بحر الطويل قاله عروة بن حزام العذري وهو في الغزل :

اللغة : حمّلت : كلفت. زفرات : جمع زفرة من زفر يزفر إذا أخرج نفسه. يدان : المراد بهما القوة.

والبيت غاية في الحب والعشق : يتسلى بالنهار وبالليل تقطعه اللوعات.

وشاهده واضح وهو الضرورة الحسنة في تسكين عين فعلات.

والبيت في معجم الشواهد (ص ٣٩٧) وهو أيضا في التذييل والتكميل (٢ / ٥٥).

ترجمة الشاعر : هو عروة بن حزام العذري أحد العشاق المشهورين الذين قتلهم العشق ، وصاحبته عفراء بنت مالك العذرية ، أحبها حبّا عفيفا وخطبها من أبيها ، وكان عمّا له فأبى وزوجها لابن عم لها آخر ، فحزن عروة على ذلك حزنا شديدا ، وقال فيها شعرا كثيرا ، وكانت عفراء تحبه ، ويروى أنه لما مات ماتت بعده ، فبلغ الخبر معاوية بن أبي سفيان فقال : لو علمت بحال هذين الشريفين لجمعت بينهما.

انظر ترجمته في الشعر والشعراء (٢ / ٦٢٦). خزانة الأدب (١ / ٥٣٣).

(٥) المندوحة هنا هي التسكين على أصل الاسم.

٣٩٨

______________________________________________________

فلو كانت لام المكسور الفاء ياء كلحية ففي كسر عينه خلاف : فمن البصريين من منعه لاستثقال الياء بعد كسرتين (١) ومنهم من أجازه.

ومنع الفراء فعلات مطلقا : (يعني سواء كان من باب ذروة أو من باب لحية أو من باب كسرة وهند فلا يجيزه في الصحيح الآخر أيضا إلا إن سمع فيقتصر عليه) (٢).

واحتج بأن فعلات يتضمن فعلا. وفعل وزن أهمل إلا ما ندر كإبل وبلز ولم يثبت منه سيبويه (٣) [١ / ١١٤] إلا إبلا ، وما استثقل في الإفراد حتى كاد يكون مهملا حقيق بأن يهمل ما يتضمنه من أمثلة الجموع ؛ لأن الجمع أثقل من المفرد.

والجواب من أربعة أوجه :

أحدها : أن المفرد وإن كان أخف من الجمع ، فقد يستثقل فيه ما لا يستثقل في الجمع ؛ لأنه معرض لأن يتصرف فيه بتثنية وجمع ونسب. وإذا كان على هيئة مستثقلة تضاعف استثقالها بتعرض ما هي فيه إلى استعمالات متعددة بخلاف الجمع ، فإن ذلك فيه مأمون.

الثاني : أن فعلا أخف من فعل فمقتضى الدليل أن تكون أمثلة فعل أخف من أمثلة فعل ؛ إلا أن الاستعمال اتفق وقوعه بخلاف ذلك ، فأي تصرف أفضى إلى ما هو أحق بكثرة الاستعمال ، فلا ينبغي أن يجتنب ، بل يجوز أن يؤثر جبرا لما فات من كثرة الاستعمال. ويؤيد هذا أنهم لا يكادون يسكنون عين إبل بخلاف فعل فإنه يسكن كثيرا (٤).

الثالث : أن فعلات يتضمن فعلا وهو من أمثلة الجمع ، وفعلات يتضمن فعلا وليس من أمثلة الجمع ، وهو أحق بالجواز ؛ لأنه جمع لا يشبه جمع الجمع ، بخلاف ـ

__________________

(١) انظر مثل هذا في كتاب سيبويه (٣ / ٥٨١) : قال في لحية لحى ، وفرية فرى ، ورشوة رشى ، ولا يجمعون بالتاء كراهية أن تجيء الواو بعد كسرة واستثقلوا الياء هنا بعد كسرة فتركوا هذا استثقالا واجتزءوا ببناء الأكثر ومن قال كسرات قال لحيات.

(٢) ما بين القوسين كلام لناظر الجيش تخلل نقله كلام ابن مالك ، وهي زيادة موضحة.

(٣) قال في الكتاب ذاكرا أوزان الاسم الثلاثي (٤ / ٢٤٤): «ويكون فعلا في الاسم نحو إبل وهو قليل لا نعلم في الأسماء والصفات غيره».

والبلز : المرأة الضخمة الممتلئة.

(٤) ومن أمثلة تسكين عين فعل قولهم في عنق ورسل : عنق ورسل وهو مشهور.

وهذا الوجه في النسخ المخطوطة مضطرب وفيه عدة مواضع كتب بهامشها : هنا بياض في الأصل ، وقد صححته من شرح ابن مالك وهو الأصل المنقول عنه.

٣٩٩

______________________________________________________

فعلات فإنه جمع يشبه جمع الجمع ، والأصل في جمع الجمع الامتناع ؛ فما لا يشبهه أحق بالجواز مما يشبهه.

الرابع : أن فعلات قد استعملته العرب جمعا لفعلة كنعمة ونعمات ، وقد أشار سيبويه إلى أن العرب لم تجتنب استعماله ، كما لم تجتنب استعمال فعلات (١). وقد رجح بعض العرب فعلات على فعلات ؛ إذ قال في جمع جروة جروات فاستسهل النطق بكسر عين فعلات فيما لامه واو ، ولم يستسهل النطق بضم عين فعلات فيما لامه ياء كزبيات. فبان مما ذكرته أن فعلات في جمع فعلة كفعلات في جمع فعلة ، أو أحق منه بالجواز (٢).

وحكى يونس في جمع جروة جروات بكسر الراء ، وهو في غاية من الشذوذ (٣).

ويقال للشاة إذا قل لبنها : لجبة بسكون الجيم وفتح اللام وكسرها وضمها ، ويقال لها أيضا لجبة بفتح الجيم واللام. ولم يقل في جمعها إلا لجبات بفتح الجيم واللام. وأكثر النحويين يظنون أنه جمع لجبة الساكن الجيم ، فيحكمون عليه بالشذوذ ؛ لأن فعلة صفة لا يجمع على فعلات ، بل على فعلات ؛ وحملهم على ذلك عدم اطلاعهم على أن فتح الجيم في الإفراد ثابت (٤).

وكذلك اعتقدوا أن ربعات بفتح الباء جمع ربعة بالسكون ؛ وإنما هو جمع ربعة بمعنى ربعة للمعتدل القامة. ذكر ذلك ابن سيده (٥). ـ

__________________

(١) يقول سيبويه : وما كان فعلة فإنك إذا كسرته على بناء أدنى العدد أدخلت التّاء وحركت العين بكسرة ؛ وذلك قولك قربات وسدرات وكسرات ، ومن العرب من يفتح العين ... إلخ (كتاب سيبويه : ٣ / ٥٨٠).

(٢) هذا آخر الأوجه الأربعة التي ذكرها ابن مالك في شرحه ، انظر (١ / ١٠٣). وأما قوله : وحكى يونس فهو كلام آخر.

(٣) انظر رأي يونس في شرح التسهيل (١ / ١٠٢) وهو بنصه وكذلك في شرح الأشموني (٤ / ١١٧) قال : «وشذّ كسر جروة فيما حكاه يونس من قولهم جروات بكسر الراء ، وهو في غاية من الشّذوذ لما فيه من الكسرة قبل الواو».

(٤) والقول ما قالت حذام ، قال سيبويه (٣ / ٦٢٦): «وقالوا شياه لجبات فحرّكوا الحرف الأوسط ؛ لأنّ من العرب من يقول شاة لجبة ؛ فإنما جاءوا بالجمع على هذا».

(٥) انظر المحكم له (٢ / ١٠٠ ، ١٠١) قال : «ورجل مربوع ومرتبع ومرتبع وربع وربعة لا بالطويل ولا بالقصير ، وصف المذكر بهذا الاسم المؤنث كما وصف المذكر بخمسة ونحوها حين قالوا : رجال خمسة والمؤنث ربعة وربعة كالمذكر وأصله له وجمعها ربعات حركوا ثانيه وإن كان صفة لأن أصل ربعة اسم مؤنث وقع على المذكّر والمؤنث فوصف به وقد يقال ربعات بسكون الباء فيجمع على ما يجمع هذا ـ

٤٠٠