شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ١

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤

[إعراب جمع المذكر السالم]

قال ابن مالك : (وإن كان لمذكّر فالمزيد في الرّفع واو بعد ضمّة وفي الجرّ والنّصب ياء بعد كسرة تليهما نون مفتوحة تكسر للضّرورة ، وتسقط للإضافة أو للضّرورة أو لتقصير صلة ؛ وربّما سقطت اختيارا قبل لام ساكنة غالبا).

______________________________________________________

قال : وهذا شيء قد كثر في الأسماء المحذوفة اللام المؤنثة بالهاء ؛ لأن هذا الجمع له مزية وبابه ما يعقل فجعل في هذا الباب عوضا من اللام المحذوفة (١).

وأما ابن عصفور فعنده أن سنين ونحوه اسم جمع قال (٢) : وليس بجمع سلامة لتغير لفظ سنة ولا جمع تكسير لكونه غير مطرد في نظائره نحو هنة وشفة.

فالمذاهب إذا في نحو سنين ثلاثة (٣). والظاهر منها ما ذكره ابن الباذش ؛ فهو جمع سلامة لما لم يستوف الشروط جمع على غير قياس ، وأما التغيير الذي حصل له فمثله محتمل في جمع السلامة بدليل تغيير جفنات وسدرات ونحوهما.

قال ناظر الجيش : تقدم أن جمع التصحيح نوعان ، [١ / ٩٢] فها هو يذكر زيادة كل نوع ما هي

__________________

والإعراب إمام نحو متقدم أخذ عن أبيه وأكثر الرواية عنه ، وشاركه في كثير من شيوخه. قال السيوطي : ألف الإقناع في القراءات لم يؤلف مثاله. لم يتجاوز الخمسين عاما حيث ولد سنة (٤٩١) ومات سنة (٥٤٠ ه‍).

انظر : ترجمته في بغية الوعاة (١ / ٣٣٨) ، الأعلام (١ / ١٦٧).

(١) انظر : نصه في التذييل والتكميل (١ / ٢٧٦). وقال سيبويه في الكتاب : (٣ / ٥٩٨): «وأما ما كان من بنات الحرفين وفيه الهاء للتأنيث فإنك إذا أردت الجمع لم تكسره على بناء يرد ما ذهب منه ، وذلك لأنها فعل بها ما لم يفعل بما فيه الهاء مما لم يحذف منه شيء ، وذلك أنهم يجمعونها بالتاء والواو والنون كما يجمعون المذكر نحو مسلمين فكأنه عوض فإذا جمعت بالتاء لم يتغير البناء وذلك قولك : هنة وهنات وفئة وفئات وشية وشيات وثبة وثبات وقلة وقلات ؛ وربما ردوها إلى الأصل إذا جمعوها بالتاء وذلك قولهم : سنوات وعضوات ، وإذا جمعوا بالواو والنون كسروا الحرف الأول وغيروا الاسم. وذلك قولهم : سنون وقلون وثبون ومئون فإنهم غيروا أول هذا لأنهم ألحقوا آخره شيئا ليس هو في الأصل للمؤنث. ولا يلحق شيئا فيه الهاء ليس على حرفين ؛ فلما كان كذلك غيروا أول الحرف كراهية أن يكون بمنزلة ما الواو والنون له في الأصل.

(٢) انظر شرح الجمل له : (ج ١ ص ٨٥).

(٣) أولها ـ وهو لابن مالك ـ أنه جمع تكسير جرى في الإعراب مجرى الصحيح.

ثانيها ـ وهو لابن الباذش ـ أنه جمع سلامة بالواو والنون وتغييره لحذف اللام منه وتعويض هاء عنها.

ثالثها ـ وهو لابن عصفور ـ أنه اسم جمع.

٣٤١

______________________________________________________

أما كون الزيادة في جمع المذكر واوا بعد ضمة حال الرفع وياء بعد كسرة حال الجر والنصب فواضح. ولا يخرج عن ذلك جمع المقصور نحو : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(١) ، (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ)(٢) ؛ لأن قبل الواو والياء ضمة وكسرة مقدرتين في الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين كتقدير الضمة والكسرة الإعرابيتين في نحو : أسنى الحلى العلم.

وأما حركة النون بالفتح فقال المصنف : «كان السكون أحق بها لأنها بمنزلة التنوين في كونها مسبوقة بالإعراب فحركت لالتقاء السّاكنين ، وكان الفتح أولى لأنه أخفّ من الضمّ والكسر ، ولأن توالي الأمثال للكسر بعد الياء وللضم بعد الواو لازم ، وأمن ذلك في الفتح فتعيّن» انتهى (٣).

ولو قيل : إنما حركت بالفتح للفرق بينها وبين نون التثنية لكان أولى.

ومثال كسرها للضرورة قول الشاعر :

١٢٠ ـ عرين من عرينة ليس منّا

برئت إلى عرينة من عرين

عرفنا جعفرا وبني عبيد

وأنكرنا زعانف آخرين (٤)

وسقوطها إما للإضافة وهو كثير ؛ ومنه قوله تعالى : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)(٥). ـ

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٣٩ ، سورة محمد : ٣٥.

(٢) سورة ص : ٤٧.

(٣) انظر : شرح التسهيل (١ / ٧٢) بنصه.

(٤) البيتان من بحر الوافر وهما مطلع مقطوعة قصيرة لجرير بن عطية الخطفي يخاطب بها فضالة العربي وقد توعده فضالة بالقتل (انظر المقطوعة في ديوان جرير ص ٤٧٥) والبيتان ليسا متتاليين في الديوان ولكن يفصلهما آخر وهو قوله :

قبيلته أناخ اللّوم فيها

فليس اللؤم تاركهم لحين

اللغة : عرين : بفتح فكسر علم وهو عرين بن ثعلبة بن يربوع وهو من آباء فضالة المهجو. عرينة : بطن من بجيلة. جعفر : أخو عرين فهو ابن ثعلبة أيضا. بني عبيد : يروى مكانه : بني أبيه وهم إخوته. زعانف : جمع زعنفة بالكسر والفتح : القصير والقصيرة وطائفة من كل شيء والرذل والقطعة من القبيلة تشذ وتنفر (القاموس المحيط : ٣ / ١٥٢) وهذه المعاني مقصودة هنا. ويستشهد بالبيت على كسر نون الجمع ضرورة ولا يصح أن يقال إن هذه الكسرة للإعراب ؛ لأن الكلمة صفة للمنصوب فهي منصوبة بالياء. وانظر مراجع البيت في معجم الشواهد (ص ٤٠٧) وهو في شرح التسهيل (١ / ٧٢) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢٧٨).

(٥) سورة المائدة : ١ وسقط قوله : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) من نسخة (ب) ، (ج) وهو في الأصل.

٣٤٢

______________________________________________________

وإما للضرورة كقول الشاعر :

١٢١ ـ لو كنتمو منجدي حين استعنتكمو

لم تعدموا ساعدا منّي ولا عضدا (١)

وقول الآخر :

١٢٢ ـ ولسنا إذا تأتون سلما بمذعني

لكم غير أنّا إن نسالم نسالم (٢)

وإما لتقصير الصلة كقراءة من قرأ : (والمقيمي الصّلاة) (٣) بالنصب.

وقال الشاعر :

١٢٣ ـ الحافظو عورة العشيرة لا

يأتيهم من ورائهم وكف (٤)

وقال الآخر :

١٢٤ ـ قتلنا ناجيا بقتيل عمرو

وخير الطّالبي التّرة الغشوم (٥)

__________________

(١) البيت من بحر البسيط وهو في العتاب والنصح ، وقد ذكر في الدرر (١ / ٢٤) ، والهمع (١ / ٥٠) ، ومعجم الشواهد (ص ٩٦) والتذييل والتكميل (١ / ٢٨٢) ولم ينسب في الجميع.

وقد استشهد به هنا على حذف النون دون إضافة وهو ضرورة وأصله أن يكون منجدين.

(٢) البيت من بحر الطويل وقائله مجهول ولكن تبدو فيه روح شر الجاهلية. واستشهد به على ما في البيت قبله من حذف نون الجمع للضرورة.

والبيت ليس في معجم الشواهد وإنما هو في شروح التسهيل لابن مالك (١ / ٧٢) ، وللمرادي (١ / ٧٤) ، ولأبي حيان (١ / ٢٨٢).

(٣) سورة الحج : ٣٥ ، وانظر المحتسب (١ / ٨٠) قال ابن جني : «أراد المقيمين فحذف النّون تخفيفا لا لتعاقبهما الإضافة وشبّه باللذين والذين في قوله : وأنشد :

وإنّ الذي حانت بفلج ......

إلخ كما أنشد :

أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا ... إلخ».

(٤) البيت من بحر المنسرح مطلع قصيدة سبق الحديث عنها وعن الاختلاف في قائلها ، وانظر البيت في ديوان قيس بن الخطيم : (ص ٦٣ ، ١٧٢).

اللغة : العورة : كل مخوف وعورة الرجل في الحرب ظهره ، وكف : بفتحتين العيب والإثم ومثله النطف بوزنه ومعناه وقد روي مكانه ، كما روي من ورائها مكان من ورائهم. قال المبرد في البيت : أنشد هذا البيت منصوبا ولم يرد الإضافة ولكنه حذف النون لطول الاسم. إذ صار ما بعد الاسم صلة له (المقتضب ٤ / ١٤٥).

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٧٧) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢٨٣) وفي معجم الشواهد (ص ٢٣٩).

(٥) البيت من بحر الوافر وهو بهذه الرواية غير منسوب لأحد إلا أن الشطرة الثانية رويت مع أبيات

٣٤٣

______________________________________________________

أنشده ابن جني بنصب الترة (١).

وأما سقوطها في الاختيار قبل لام ساكنة فكرواية أبي زيد : (واعلموا أنّكم غير معجزي الله) (٢) بنصب الجلالة المعظمة ، وما حكاه ابن جني من قراءة من قرأ : (إنّكم لذائقوا العذاب الأليم) (٣) بالنصب.

وأنشد ابن جني (٤) :

١٢٥ ـ ومساميح بما ضنّ به

حابسو الأنفس عن سوء الطّمع (٥)

__________________

(١) انظر المحتسب له : (٢ / ٨٠). والفرق بين هذين البيتين وما قبلهما أن هذين الوصف فيهما صلة لأل بخلاف ما قبلهما ، ومن هنا حكم الشارح بالضرورة على سقوط النون في الأولين.

(٢) سورة التوبة : ٢. وانظر في القراءة المحتسب (٢ / ٨٠) ، قال ابن جني فيها : «فهذا يكاد يكون لحنا ؛ لأنه ليست معه لام التعريف المشابهة للذي ونحوه غير أنه شبه معجزي بالمعجزي».

(٣) سورة الصافات : ٣٨. وانظر المحتسب (١ / ٨١) ، قال ابن جني : ومثله قراءة عمارة : (ولا اللّيل سابق النّهار) [يس : ٤٠] بحذف التنوين والنصب.

(٤) انظر المحتسب له (٢ / ٨٠).

(٥) البيت من بحر الرمل من قصيدة طويلة لسويد بن أبي كاهل اليشكري كلها في الحكم والأمثال ، وقد فضلها واختارها النقاد (انظر المفضليات ١ / ٧٠٠). (الشعر والشعراء ١ / ٤٢٨) ومطلعها :

بسطت رابعة الخيل لنا

فوصلنا الحبل منها ما اتّسع

وبيت الشاهد في المدح وقبله :

لا يخاف الغدر من جاورهم

أبدا بل هو لا يخشى الطّبع

اللغة : الطبع : ما يعاب به. مساميح : جمع مسماح وهو الكريم الجواد. الضن : البخل. حابسو الأنفس : مبعدوها عن الطمع وهو خبر لمبتدأ محذوف. وقد استشهد بالبيت على مثل ما قبله ، والاستشهاد به إنما يكون على رواية فتح السين وأما على رواية كسرها كما في المفضليات فلا شاهد فيه.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٧٣) ، والتذييل والتكميل (١ / ٢٨٥) ومعجم الشواهد (ص ٢٠٨).

ترجمة الشاعر : هو سويد بن عطيف من بني يشكر شاعر مخضرم عاش في الجاهلية دهرا ومات بعد سنة ستين من الهجرة.

وكانت العرب تسمي قصيدته العينية التي منها الشاهد باليتيمة لما اشتملت عليه من الأمثال.

وقد تمثل الحجاج بأبيات منها في مواقف له وسيأتي منها شاهد آخر.

٣٤٤

______________________________________________________

بفتح سين الأنفس.

واحترز بقوله : غالبا من سقوطها في الاختيار دون لام ساكنة ، كقراءة الأعمش (١) : (وما هم بضارّي به من أحد) (٢) ، قال المصنف : وهذا في غاية من الشذوذ بخلاف الذي قبله فلا يليق بالاختيار وإنما يليق بالاضطرار نحو : بمذعني لكم. انتهى (٣).

وزعم الزمخشري (٤) : أنّ حذف النون في قراءة الأعمش للإضافة وأنّ (بضارّي) مضاف إلى قوله : (من أحد) بجعل من جزءا من أحد ثم فصل بين المتضايفين بقوله : (به).

كما قال الشاعر :

١٢٦ ـ هما أخوا في الحرب من لا أخا له

[إذا خاف يوما نبوة فدعاهما](٥)

__________________

وانظر ترجمته وأخباره في الشعر والشعراء (١ / ٤٢٨) ، الخزانة (٦ / ١٢٥). المفضليات (٢ / ٧٣٢).

(١) هو أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي بالولاء والملقب بالأعمش ، تابعي مشهور أصله من بلاد الري ، ولد سنة (٦١ ه‍) من الهجرة بالكوفة ونشأ بها ، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض ، وقد روى نحو ألف وثلاثمائة حديث ، قال الذهبي عنه : كان رأسا في العلم النافع والعمل الصالح ، وقال السخاوي : «لم ير السّلاطين والملوك والأغنياء في مجلس أحقر منهم في مجلس الأعمش مع شدّة حاجته وفقره».

توفي بالكوفة سنة (١٤٨ ه‍). انظر ترجمته في وفيات الأعيان (١ / ٢١٣) ، الأعلام (٣ / ١٩٨).

غاية النهاية (١ / ٣١٥ ، ٣١٦).

(٢) سورة البقرة : ١٠٢. وانظر في القراءة المحتسب (١ / ١٠٣).

(٣) انظر : شرح التسهيل (١ / ٧٣) وقوله : بمذعني لكم يشير إلى الشاهد السابق وهو قوله :

لو كنتمو منجدي حين استعنتكمو

لم تعدموا ساعدا منّي ولا عضدا

(٤) انظر الكشاف (١ / ١٢٩) وما قاله الزمخشري سبقه به ابن جني ، يقول ابن جني في القراءة المذكورة في الآية : «هذا من أبعد الشّاذ أعني حذف النون ها هنا وأمثل ما يقال فيه : أن يكون أراد : وما هم بضاري أحد ثم فصل بين المضاف والمضاف إليه بحرف الجر. وفيه شيء آخر : وهو أنّ هناك أيضا من في : من أحد غير أنه أجرى الجار مجرى جزء من المجرور فكأنه قال : وما هم بضاري به أحد وفيه ما ذكرنا» (المحتسب : ١ / ١٠٣).

(٥) البيت من بحر الطويل وهو من قصيدة لعمرة الخثعمية في رثاء ولدين لها قتلا في بعض الغزوات ومطلعها :

لقد زعموا أني جزعت عليهما

وهل جزع إن قلت وا بأباهما

والقصيدة وبيت الشاهد في شرح ديوان الخنساء ومراثي ستين شاعرة من شواعر العرب (ص ١٦٧) وهي أيضا في شرح ديوان الحماسة (١ / ١٠٨٣).

ويستشهد بالبيت على الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالجار والمجرور. وانظر مراجع البيت في معجم الشواهد (ص ٣٣٣) ، وهو في التذييل والتكميل (١ / ٢٨٦).

٣٤٥

[الآراء في إعراب المثنى وجمع المذكر والأسماء الستة]

قال ابن مالك : (وليس الإعراب انقلاب الألف والواو ياء ولا مقدّرا في الثّلاثة ولا مدلولا بها عليه ، ومقدّرا في متلوّها ولا النّون عوض من حركة الواحد ولا من تنوينه ولا منهما ولا من تنوينين فصاعدا خلافا لزاعمي ذلك ، بل الأحرف الثّلاثة إعراب والنّون لرفع توهّم الإضافة أو الإفراد).

______________________________________________________

[١ / ٩٣] وقد رد الشيخ ذلك بما يوقف عليه في كلامه (١).

قال ناظر الجيش : ذكر المصنف في إعراب المثنى والمجموع أربعة مذاهب ، أبطل ثلاثة منها واختار الرابع ، وذكر في النون أربعة مذاهب لكنه أبطلها واختار أمرا خامسا ، فقال (٢) : زعم قوم أن رفع المثنى والمجموع على حده بلا علامة وأن ترك العلامة له علامة ؛ فإذا حدث عامل جر أو نصب أوجب الانقلاب ياء كان إعرابا لحدوثه عن عامل ، وهذا ظاهر قول الجرمي واختيار ابن عصفور (٣) وهو مردود بوجوه :

أحدها : أن ترك العلامة لو صح جعله علامة الإعراب لكان النصب به أولى ؛ لأن الجر له الياء وهي به لائقة لمجانسة الكسرة ، والرفع له الواو وهي به لائقة لمجانسة الضمة وهي أصل ألف المثنى فأبدلت ألفا كما قيل في يوجل ياجل وفي يوتعد ياتعد فلم يبق للنصب إلا مشاركة الجر أو الرفع (٤). ـ

__________________

(١) قال أبو حيان : «وهذا التخريج ليس بجيد ؛ لأنّ الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظّرف والجار والمجرور من ضرائر الشّعر ، ولا يمكن أن تكون هذه القراءة من هذا أيضا ؛ لأنّ الّذي ادعاه أنه أضيف إليه هو مشغول بعامل آخر فهو المؤثر فيه لا الإضافة. وأما جعل حرف الجرّ جزءا من المجرور فليس بشيء ؛ لأنه مؤثر فيه وجزء الشّيء لا يؤثر في الشيء ؛ فالأحسن تخريجه على حذف النّون منه تخفيفا وإن لم يكن اسم الفاعل في صلة الألف واللام ولحذفها نظير في نظم العرب ونثرها». (التذييل والتكميل ١ / ٢٨٦).

(٢) انظر : شرح التسهيل (١ / ٧٤).

(٣) انظر : شرح الجمل له (١ / ٣١) ، وقال السيوطي في الهمع (١ / ٤٨) :

«وقيل الإعراب ببقاء الألف والواو رفعا. وانقلابها نصبا وجرّا وعليه الجرمي والمازني وابن عصفور وهذا بناء على أنّ الإعراب معنوي لا لفظيّ قال ابن عصفور : وكان الأصل قبل دخول العامل : زيدان وزيدون كاثنان وثلاثون ؛ فلما دخل العامل لم يحدث شيئا وكان ترك العلامة مقوما مقام العلامة فلما دخل عليها عامل النصب والجر قلب الألف والواو ياء فكان التغيير والانقلاب وعدمه هو الإعراب ولا إعراب ظاهر ولا مقدر».

(٤) ناقشه أبو حيان في قوله : إن الواو أصل ألف المثنّى فقال : غير مسلّم بل جاءت الألف على الأصل وهي كألف حبلى (التذييل والتكميل : ١ / ٢٩٠).

٣٤٦

______________________________________________________

الثاني من وجوه الرد : أن ذلك يستلزم مخالفة النظائر ؛ إذ ليس في المعربات غير المثنى والمجموع على

حده ما ترك العلامة له علامة وما أفضى إلى مخالفة النظائر دون ضرورة فمتروك (١).

الثالث : أن الرفع أقوى وجوه الإعراب ؛ فالاعتناء به أولى وتخصيصه بجعل علامته عدمية مناف لذلك فوجب اطّراحه (٢).

الرابع : أن تقدير الإعراب إذا أمكن راجح على عدمه بإجماع ، وقد أمكن فيما نحن بسبيله فلا عدول عنه ، وذلك أننا نقدر مغايرة الألف والواو في نحو : عندي اثنان وعشرون للألف والواو فيهما قبل التركيب ، كما نقدر مغايرة الألف والواو والياء في نحو : نعم الزيدان أنتما يا زيدان ونعم الزّيدون أنتم يا زيدون ، ومررت برجلين لا رجلين مثلهما. وكما نقدر ضمة حيث مرفوعا بعد تسمية امرأة به غير ضمته قبل التسمية به ، وضمة يضربون غير ضمة يضرب. وفتحة يا هندبنة عاصم غير فتحة ناد هندبنة عاصم وكسرة قمت أمس غير كسرة قمت بالأمس ، وكما نقدر ضمة فلك في الجمع غير ضمته في الإفراد وياء بخاتي مسمى به غير يائه منسوبا إليه ولذلك صرف في النسب وأمثال ذلك كثيرة (٣).

أما كون الإعراب مقدرا في الثلاثة (٤) فمردود أيضا ؛ إذ لازمه ظهور الفتحة في نحو : رأيت بنيك لأن ياءه كياء جواريك مع ما في جواريك من زيادة الثقل (٥) ، ـ

__________________

(١) ناقشه أبو حيان فيه ، فقال : مذهب الجرمي في الأسماء الستة أنها معربة بالتغير والانقلاب حالة النصب والجر وبعدم ذلك حالة الرفع (المرجع السابق).

(٢) ناقشه أبو حيان فيه فقال : لا يعني بالعدم العدم الصرف ؛ بل معناه بقاء الألف في المثنى وبقاء الواو في المجموع غير مغيرين ؛ فالإعراب هو بقاء اللفظ على حاله (المرجع السابق).

(٣) الألف والواو في اثنان وعشرون بعد التركيب علامتا إعراب ، وأما قبل التركيب فانظر الآراء في أسماء العدد ، باب إعراب الصحيح الآخر.

والألف والواو والياء في نعم الزيدان ... إلخ علامات إعراب تارة وعلامات للبناء تارة أخرى ، وهو واضح ؛ وحيث علما معرب وظرفا مبني وفتحة يا هند للبناء وفتحة ناد هند للإعراب وهكذا ... إلخ.

(٤) هذا هو المذهب الثاني من المذاهب في إعراب المثنى والمجموع على حده وهو أن الإعراب مقدر على أحرف العلة وهو مذهب سيبويه كما سيبينه. وفي النسخ الثلاثة : وأما كون الإعراب مقدرا في التثنية فمردود وهو خطأ والصواب ما أثبتناه وهو من شرح التسهيل لابن مالك (١ / ٧٤).

(٥) لعل زيادة الثقل في الثاني ـ مع أنهما جمعان ـ صيغة منتهى الجموع.

٣٤٧

______________________________________________________

ولما انتفى اللازم وهو ظهور الفتحة علم انتفاء الملزوم وهو تقدير الضمة والكسرة.

وأما القول الثالث وهو أن الإعراب مقدر في الحرف الذي كان حرف الإعراب قبل طروء التثنية والجمع وأن حروف اللين المتجددة دلائل عليه ، فهو قول الأخفش والمبرد (١) وهو مردود أيضا من ثلاثة أوجه [١ / ٩٤] :

أحدها : أن الحروف المتجددة مكملة للاسم ؛ إذ هي مزيدة في آخره لمعنى لا يفهم بدونها كألف التأنيث وتائه وياء النسب. فكما لم يكن ما قبل هذه محلّا للإعراب كذلك لا يكون ما قبل الأحرف الثلاثة محلّا له إذا الإعراب لا يكون إلا آخرا.

الثاني : أن الإعراب لو كان مقدرا فيما قبلها لم تحتج إلى تغييرها كما لم تحتج إلى تغيير بعد الإعراب المقدر قبل ياء المتكلم وفي ألف المقصور.

الثالث : أن الإعراب إنما جيء به للدلالة على ما يحدث بالعامل والحروف المذكورة محصلة لذلك فلا عدول عنها.

وإذا بطلت الثلاثة تعين الحكم بصحة الرابع : وهو أن الأحرف الثلاثة هي الإعراب ، انتهى كلام المصنف (٢).

واعلم أن هذا المذهب الذي اختاره هو مذهب الكوفيين وقطرب. وقد رد المذهب المذكور بأن الإعراب زائد على الكلمة ولو قدر إسقاطه لم يخل بمعناها ، ولو ـ

__________________

(١) انظر المقتضب : (٢ / ١٥٣) وما بعدها. وقد نسب ابن مالك وأبو حيان وناظر الجيش هذا الرأي للمبرد وهو أن المثنى والمجموع معربان بحركات مقدرة على الحرف الذي كان حرف الإعراب قبل طروء التثنية والجمع. وفي المقتضب (١ / ٥) غير ذلك ، يقول المبرد :

إذا ثنيت الواحد ألحقته ألفا ونونا في الرفع أما الألف فإنها علامة الرفع ... أما إذا كان الاسم مجرورا أو منصوبا فعلامته ياء مكان الألف ... وإذا جمعته على حد التثنية ألحقته في الرفع واوا ونونا ، أما الواو فعلامة الرفع ... ويكون معه في الجر والنصب ياء مكان الواو. هذا رأيه عرضه صريحا وهو واضح.

وأعاد الكلام مرة أخرى في (٢ / ١٥٣).

هذا أقصى ما قاله المبرد في كتابه ولا أرى فيه ما رأى العلماء. والسيوطي يحشر في إعراب المثنى خمسة عشر علما منهم الأخفش ولا يذكر فيهم رأيا للمبرد. (الهمع ١ / ٤٧ ، ٤٨).

(٢) انظر : شرح التسهيل (١ / ٧٥).

ومعنى قوله : إن الأحرف الثلاثة إعراب أي أن الألف في الزيدان والواو في الزيدون والياء في الزيدين والزيدين علامات الإعراب وهو المشهور في أعاريب الناس إلى يومنا هذا.

٣٤٨

______________________________________________________

قدر زوال هذه الأحرف لاختل معنى التثنية والجمع ؛ لأن هذه الأحرف دالة عليهما كما لو قدر زوال تاء التأنيث وألفه وياء النسب لاختل معنى الكلمة الذي هو المقصود بدلالة هذه الأحرف عليه.

ومذهب سيبويه والخليل رحمهما‌الله تعالى : أنّ الإعراب مقدّر في الأحرف الثّلاثة (١).

وهو القياس ولا يرد عليه سوى ما تقدم من لزوم ظهور الفتحة في نحو : رأيت بنيك.

وقد أجيب عنه بأنهم لما حملوا حالة النصب على حالة الجر في التثنية والجمع في الياء جعلوا الحكم في الياء حكما واحدا. فلما قدروا الكسرة في الياء حالة الجر كذلك قدروا الفتحة حالة النصب.

وأما ما ألزمه ابن عصفور من أنه يجب أن تكون تثنية المنصوب والمخفوض بالألف لتحرك الياء فيهما وانفتاح ما قبلها (٢) ـ فليس بشيء لأن الحركة هنا عارضة والمعتبر في مثل هذا أصالة الحركة ؛ ولهذا لم تنقلب في نحو جيل مخفف جيأل.

وأما النون فقال المصنف : ليست عوضا من حركة الواحد ؛ لأن الأحرف الثلاثة ـ

__________________

(١) أخذ الناس رأي سيبويه هذا من قوله في الكتاب (١ / ١٧ ـ ١٨) ، قال : «واعلم أنك إذا ثنيت الواحد لحقته زيادتان : الأولى منهما حرف المد واللين وهو حرف الإعراب غير متحرك ولا منون يكون في الرفع ألفا ولم يكن واو ليفصل بين التثنية والجمع الذي على حد التثنية ويكون في الجر ياء مفتوحا ما قبلها ولم يكسر ليفصل بين التثنية والجمع الذي على حد التثنية ويكون في النصب كذلك ، ولم يجعلوا النصب ألفا ليكون مثله في الجمع. وكان مع ذا أن يكون تابعا لما الجرّ منه أولى ؛ لأن الجرّ للاسم لا يجاوزه والرفع قد ينتقل إلى الفعل فكان هذا أغلب وأقوى. وتكون الزيادة الثانية نونا كأنها عوض لما منع من الحركة والتنوين وهي النون وحركتها الكسر ، وذلك قولك : هما الرّجلان ورأيت الرّجلين ومررت بالرجلين. وإذا جمعت على حد التثنية لحقتها زائدتان. الأولى منهما حرف المد واللين والثانية نون. وحال الأولى في السكون وترك التنوين وأنها حرف الإعراب حال الأولى في التثنية إلا أنها واو مضموم ما قبلها في الرفع ، وفي الجر والنصب ياء مكسور ما قبلها ونونها مفتوحة فرقوا بينها وبين نون الاثنين كما أن حرف اللين الذي هو حرف الإعراب مختلف فيهما وذلك قولك : المسلمون ورأيت المسلمين ومررت بالمسلمين. ومن ثم جعلوا تاء الجمع في الجر والنصب مكسورة ؛ لأنهم جعلوا التاء التي هي حرف الإعراب كالواو والياء والتنوين بمنزلة النون ؛ لأنها في التأنيث نظيرة الواو والياء في التذكير فأجروها مجراها» .. كتاب سيبويه : (١ / ١٨).

(٢) انظر : ما قاله ابن عصفور في شرح الجمل له (١ / ٣١).

٣٤٩

______________________________________________________

نائبة عن الحركات وقائمة مقامها في بيان مقتضى العامل ؛ فلا حاجة إلى التعويض.

وليست عوضا من تنوينه لثبوتها فيما لا تنوين في واحده نحو : يا زيدان ولا رجلين فيها (١).

وإذا لم تكن عوضا من أحدهما (٢) فأن لا تكون عوضا منهما معا أو من تنوينين فصاعدا أحق وأولى.

وأشير بالتعويض من تنوينين فصاعدا إلى ما رآه ثعلب (٣) من أن نون التثنية عوض من تنوينين ، ونون الجمع عوض من تنوينات على حسب الآحاد.

وضعف هذا القول غير خاف ، عفا الله عن قائله وعنا.

وإذا بطلت الأوجه المتقدمة ثبت صحة ما قلناه : وهو كون النون رافعة لتوهم إضافة أو إفراد.

فرفع توهم الإضافة بيّن ، وذلك أنه لو لم يكن بعد الأحرف المذكورة نون لم يعلم إضافة من عدمها في نحو : رأيت بني كرماء وعجبت من ناصري باغين (٤).

ورفع توهم الإفراد أيضا بيّن في مواضع :

منها : تثنية اسم الإشارة وبعض المقصورات نحو : هذان والخوزلان في تثنية الخوزلى (٥).

ومنها : جمع المنقوص [١ / ٩٥] في حال الجر نحو : مررت بالمهتدين وانتسبت إلى أبين كرام ، فلولا النون في هذه وما أشبهها لكان لفظ الواحد كلفظ الجمع. ـ

__________________

(١) وثبوتها أيضا مع الألف واللام والتنوين لا يثبت معهما (الهمع : ١ / ٤٨).

(٢) أي : من الحركة والتنوين.

(٣) في النسخ : إلى ما رواه ثعلب وما أثبتناه من شرح المصنف نفسه وهو أولى. وانظر إسناد هذا الرأي لثعلب في التذييل والتكميل (١ / ٢٩١).

(٤) أي تعين بحذف النون أن الأول مضاف إلى الثاني وأن المقصود : رأيت أبناء رجال كرماء. وعجبت من قوم ينصرون الباغين ، فإذا لم يكن المقصود بحذف النون الإضافة فإن المعنى على الوصف أي : رأيت أبناء كرماء. وعجبت من ناصرين باغين. وفرق كبير بين المعنيين.

(٥) الخوزلى : مشية فيها تثاقل. وفي النسخ اضطراب في هذا السطر ، صححناه من شرح التسهيل (١ / ٧٥).

٣٥٠

[تعريف جمع المؤنث السالم]

قال ابن مالك : (وإن كان التّصحيح لمؤنّث أو محمول عليه فالمزيد ألف وتاء).

______________________________________________________

انتهى كلام المصنف (١).

وقال ابن عصفور (٢) :

«إن مذهب سيبويه أن النون زيدت في الأحرف ليظهر فيها حكم الحركة والتنوين اللذين كانا في المفرد وليست بعوض قال : وهو الصحيح ، فأثبتت مع الألف واللام كالحركة ولم تحذف ؛ لبعدها عن موجب الحذف وهو الألف واللام ؛ وحذفت مع الإضافة كالتنوين لمجاورتها لموجب الحذف وهو الاسم المضاف إليه لحلوله محلّ التنوين».

قال ناظر الجيش : هذا الكلام قسيم لقوله : وإن كان لمذكّر (٣).

وقد تقدم أن الجمع نوعان ؛ فلما ذكر الزيادة الدالة على الجمع في النوع الأول ذكر الدالة عليه في النوع الثاني.

وإنما قال : أو محمول عليه ليدخل في ذلك ما جمع بألف وتاء وآحاده مذكرة ؛ وسيأتي ذلك مفردا في فصل في آخر : باب كيفيّة التّثنية وجمعي التّصحيح إن شاء الله تعالى (٤).

__________________

(١) انظر : شرح التسهيل له (١ / ٧٥).

(٢) انظر ما قاله ابن عصفور حتى آخر الشرح في شرح الجمل له (١ / ٩٠) من التحقيق (إميل يعقوب) وهو بنصه.

وانظر ما قاله سيبويه في هذا الأمر ، الذي سبق ذكره قريبا جدّا.

(٣) انظر ما ذكر في هذا التحقيق : زيادة جمع التصحيح وما تقتضيه تلك الزيادة.

(٤) انظر لاحقا في هذا التحقيق أن من ذلك : صفة المذكر الذي لا يعقل نحو جبال راسيات وأيام معدودات ، مصغر المذكر الذي لا يعقل نحو دريهمات وكتيبات ، بعض المذكرات الجامدة نحو حمامات وسرادقات.

٣٥١

[شروط جمع المذكر السالم]

قال ابن مالك : (وتصحيح المذكّر مشروط بالخلوّ من تاء التّأنيث المغايرة لما في نحو عدة وثبة علمين ، ومن إعراب بحرفين ، ومن تركيب إسناد أو مزج ، وبكونه لمن يعقل أو مشبّه به علما أو مصغّرا أو صفة تقبل تاء التّأنيث إن قصد معناه خلافا للكوفيين في الأول والآخر).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : لا يجمع الاسم بالواو والنون إلا بشروط. واشتمل كلامه على أنها في الاسم غير الصفة ستة :

وهي تذكير المسمى ، والخلو من تاء التأنيث ، ومن إعراب بحرفين ، ومن تركيب إسناد أو مزج ، وكونه لعاقل ، ثم السادس أحد أمور ثلاثة : إما كونه علما أو مصغرا أو صفة.

وإذا كان صفة اشترط سابع :

وهو أن تقبل الصفة تاء التأنيث.

واعلم أن المصنف اقتصر هنا على ذكر شروط ما يجمع جمع التصحيح بالواو والنون ، وبعض ما ذكره مشروط فيما جمع غير هذا الجمع أيضا.

ومفهوم كلامه : اختصاص الأمور المذكورة بالجمع المذكور ، وليس ذلك إلا أن يقال مجموعها هو المختص لا كل منها.

ونحن نذكر الشروط مستوفاة بالنسبة إلى ما يثنى وما يجمع مطلقا ، ثم نذكر ما يختص به المصحح بالواو والنون من زيادة الشروط ، ثم نرجع إلى شرح لفظ الكتاب فنقول : الاسم لا يثنى ولا يجمع إلا بشروط ستة :

الأول : أن يكون الاسم مفردا أي غير مركب ولا مشبه بالمركب ؛ فلا يثنى نحو : تأبط شرّا لتركيب الإسناد ، ولا نحو سيبويه ومعدي كرب لتركيب المزج ، ولا نحو بزيد ولعمرو ، ولا نحو : وعمرو ، ولا نحو إنما ، ولا كأنما إذا سميت بشيء منها لشبهه بالمركب.

الثاني : أن يكون معربا وأما اللذان وذان فإنهما جاءا على طريقة التثنية وليسا بمثنيين.

الثالث : ألا يكون معربا بحرفين نحو : زيدين وزيدين واثنين وعشرين إذا سميت بها. ـ

٣٥٢

______________________________________________________

الرابع : أن يكون منكرا فلا تثنى المعرفة ولا تجمع. وقد تقدم الجواب عن ذين واللذين.

الخامس : اتفاق الاسمين أو الأسماء [١ / ٩٦] في اللفظ.

السادس : الاتفاق في المعنى. فهذه الأمور لا بد منها في التثنية وكذا في الجمع مكسرا كان أو مصححا.

ثم المصحح إن كان بالألف والتاء فسيأتي الكلام على ما يطرد منه وما لا يطرد عند ذكر شروطه في الفصل الذي تقدمت الإشارة إليه إلى أنه سيذكر (١).

وإن كان بالواو والنون فيشترط في مفرده أمور زائدة على ذلك ، وهي أربعة في الاسم غير الصفة وخمس في الصفة :

الأول : أن يكون مسماه مذكرا فلا يجمع نحو زينب وهند لامرأتين.

الثاني : أن يكون خاليا من تاء التأنيث فلا يجمع نحو طلحة وحمزة.

الثالث : أن يكون لعاقل فلا يجمع نحو لاحق اسم لفرس ، ولا نحو سابق صفة له.

الرابع : أحد أمور ثلاثة : إما كونه علما كزيد أو مصغرا كرجيل أو صفة كمسلم ؛ فلا يجمع نحو رجل لعروه عن العلمية والتصغير والوصف. لكنه إذا كان صفة اشترط أمر خامس : وهو : ألا يمتنع جمع مؤنثه بالألف والتاء ، فلا يجمع بالواو والنون نحو أحمر وصبور وسكران ، بخلاف نحو الأفضل فإنه يقال فيه الأفضلون.

وذكر ابن الضائع : أن نحو أحمر وصبور وسكران إذا صغّر يجوز جمعه بالواو والنّون قياسا فيقال : رجال أحيمرون وصبيّرون وسكيرانون ، وإن كانت هذه الأسماء لا يجوز جمعها مكبّرة.

وذكر أن مؤنثاتها تجمع بالألف والتّاء قياسا أيضا إذا كانت مصغّرة. فيقال : نساء صبيّرات وإن لم يجز صبورات وسكيرات وإن لم يجز سكرات وحميراوات وإن لم يجز حمراوات (٢). ـ

__________________

(١) انظر : تعريف جمع المؤنث السالم الذي سبق ذكره قريبا جدّا في هذا التحقيق.

(٢) انظر شرح الجمل لابن الضائع مخطوط رقم ٢٠ بدار الكتب المصرية قسم النحو ، قال في باب

٣٥٣

______________________________________________________

وإذا كان المؤنث يجمع بالألف والتاء فنحو أحيمر وصبير داخل في الضابط الذي ذكروه.

أما ألفاظ الكتاب :

فقوله : وتصحيح المذكّر أفاد أن الكلام فيه لا في المؤنث فاستغنى عن إيراد التذكير شرطا.

والمراد بالمذكر هنا المسمى لا اللفظ ؛ لأن تذكير اللفظ ليس شرطا في صحة هذا الجمع ، ولهذا لو سمي رجل بزينب أو سعدى أو أسماء لجاز بإجماع أن يقال فيه : زينبون وسعدون وأسماوون.

ولو سميت امرأة بزيد مثلا امتنع فيه الجمع لتأنيث مسماه ، وإن كان لفظه مذكرا.

وقوله : بالخلو من تاء التّأنيث إشارة إلى أحد الشروط فما فيه التاء لا يجمع هذا الجمع علما كان كطلحة أو غير علم كهمزة.

قال المصنف : «ولأجل الحاجة في النّوعين إلى الخلوّ من التّاء قدّم على سائر الشّروط» (١).

وعبر بتاء التأنيث دون هائه ليدخل في ذلك نحو أخت ومسلمات (٢) علمي رجلين ؛ فإنه لا يجمع هذا الجمع كما لا يجمع نحو طلحة وهمزة.

ونبه بقوله : المغايرة لما في نحو عدة وثبة علمين على أن ما صار علما من الثلاثي المعوض من لامه أو فائه هاء التأنيث فإنه يجمع بالواو والنون ، وإن كان يجمع بالألف والتاء ما لم يكسر قبل العلمية كشفة فيلزم تكسيره بعد التسمية أو يعتل ثانيه ـ

__________________

التثنية والجمع (ج ١ ورقة ١٤٧ أ) : «لا يجوز جمع صبور من قولهم رجل صبور بالواو والنّون ، فلا يقال : رجال صبورون ؛ لأنّ صبورا لا يجمع بالألف والتّاء فلا يقال نساء صبورات».

ثم قال في باب التصغير من الشرح المذكور : (ج ٢ ورقة ٩٨ أ): «إن كان الواحد يجوز أن يجمع جمع سلامة من غير تصغير لم يلزم تصغيره ... وإن كان لا يجوز جمعه جمع السّلامة لزم تصغيره ؛ لأنّ كلّ اسم مصغّر فإنّه يجوز جمعه جمع السّلامة».

التثنية والجمع (ج ١ ورقة ١٤٧ أ) : «لا يجوز جمع صبور من قولهم رجل صبور بالواو والنّون ، فلا يقال : رجال صبورون ؛ لأنّ صبورا لا يجمع بالألف والتّاء فلا يقال نساء صبورات».

ثم قال في باب التصغير من الشرح المذكور : (ج ٢ ورقة ٩٨ أ): «إن كان الواحد يجوز أن يجمع جمع سلامة من غير تصغير لم يلزم تصغيره ... وإن كان لا يجوز جمعه جمع السّلامة لزم تصغيره ؛ لأنّ كلّ اسم مصغّر فإنّه يجوز جمعه جمع السّلامة».

(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٧٧). والمراد بالنوعين : العلم كطلحة وغيره كهمزة.

(٢) في النسخ : ومسلمان وليس بالمقصود وما أثبتناه من شرح التسهيل لابن مالك (١ / ٧٧).

٣٥٤

______________________________________________________

كشية [١ / ٩٧] فيلزم جمعه بالألف والتاء أيضا (١) فيقال فيمن اسمه عدة وثبة : جاء عدون وثبون ورأيت عدين وثبين ، ذكر ذلك ابن السراج في الأصول (٢).

قال المصنف : «وهو مأخوذ من كلام سيبويه رحمه‌الله تعالى» (٣).

وأجاز سيبويه ـ رحمه‌الله تعالى ـ في ربت مسمى به رجل مخففة أن يقال فيها : ربون وربات (٤). وقد استشكل ذلك من حيث أن التاء ليست عوضا من فاء ولا لام.

وأما قوله : ومن إعراب بحرفين ومن تركيب إسناد أو مزج فقد علم أن ذلك شرط التثنية والجمع مطلقا لا بقيد كونه بالواو والنون وقد قال المصنف هنا بعد تمثيله بزيدين وزيدين واثنين وعشرين وبتأبّط شرّا وسيبويه : «إنّ هذه الأنواع لا تثنّى ولا تجمع ، فإن احتيج إلى تثنية شيء منها أضيف إليه ذو. وإن احتيج إلى جمعه أضيف إليه ذوو».

وبعض النحويين يعامل الممزوج في التثنية والجمع على حدها معاملته في النسب ، فيحذف العجز ويولي آخر الصدر العلامة فيقول :

جاء السّيبان والسّيبون ، ومررت بالسّيبين والسّيبين ومنهم من ألحق العلامة الاسم بكماله فيقول : سيبويهان وسيبويهون (٥). ـ

__________________

(١) ومعناه : أن شرطي جمع المعوض من لامه أو فائه جمع مذكر سالم : ألا يكسر قبل العلمية ، وألا يكون ثانيه معتلّا.

(٢) انظر : الأصول في النحو لابن السراج ، تحقيق : عبد الحسين الفتلي (٢ / ٤٤٤).

(٣) انظر : شرح التسهيل (١ / ٧٧) وانظر كتاب سيبويه (٣ / ٣٩٩) يقول سيبويه : «ولو سمّيت رجلا أو امرأة بسنة لكنت بالخيار إن شئت قلت سنوات وإن شئت قلت سنون لا تعدو جمعهم إياها قبل ذلك ... ولو سميته ثبة لم تجاوز أيضا جمعهم إيّاها قبل ذلك ثبات وثبون. ولو سميته بشية أو ظبة لم تجاوز شيات وظبات لأنّ هذا الاسم لم يجمعه العرب إلا هكذا».

(٤) انظر : نصه في كتاب سيبويه (٣ / ٤٠١).

(٥) قال المبرد في المقتضب (٤ / ٣١): «وأما قولهم عمرويه وما كان مثله فهو بمنزلة خمسة عشر في البناء إلا أن آخره مكسور وسبب كسره ؛ لأنه أعجمي فحطّ عن العربي» ثم قال : «وتثني وتجمع فتقول فيه اسم رجل : عمرويهان وعمرويهون ؛ لأن الهاء ليست للتأنيث ولو كان كذلك لكانت في الأصل تاء». ـ

٣٥٥

______________________________________________________

وأما قوله : وبكونه لمن يعقل فقد قال المصنف (١) : «لا حاجة إلى تنكّب التعبير بمن يعقل واستبداله بمن يعلم كما نص قوم ، لأن باعثهم على ذلك قصد دخول أسماء الله تعالى فيما يجمع هذا الجمع ، والعلم مما يخبر به عن الله تعالى دون العقل. وباعثهم على ذلك غير مأخوذ به إلا فيما سمع نحو : (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ)(٢) ؛ فليس لغير الله تعالى أن يجمع اسما من أسمائه. فقادرون ونحوه من المعبر به عن الله تعالى مقصور على السماع ، فإذا لم يدع داع إلى تنكب لفظ العقل فذكره أولى من لفظ العلم (٣) لأنه أدلّ على المقصود».

وأما قوله : أو مشبّه به فأشار بذلك إلى نحو : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ)(٤) ؛ لأن المراد به ما لا يعقل إلا أنه بنسبة السجود إليه أشبه ما يعقل فعومل معاملته في الجمع والإضمار.

وهذا مطرد فيما جرى هذا المجرى مما لا يعقل (٥).

ومنه قول الشاعر يصف قوسا ونبلا :

١٢٧ ـ فحالفني دون الأخلّاء نبعة

ترنّ إذا ما حرّكت وتزمجر

لها فتية ماضون حيث رمت بهم

شرابهمو قان من الدّم أحمر (٦)

__________________

ـ وقال السيوطي في الهمع (١ / ٤٢): «جوّز الكوفيون تثنية نحو بعلبكّ وجمعه واختاره ابن هشام الخضراوي وأبو الحسن بن الربيع وبعضهم بتثنية ما ختم بويه وجمعه وهو اختياري. وذهب بعضهم إلى أنه يحذف عجزه فيقال : سيبان وسيبون».

(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٧٨).

(٢) سورة المؤمنون : ١٨.

(٣) في النسخة (ج) : فذكره أولى من ذكر العلم.

(٤) سورة يوسف : ٤.

(٥) قال الزمخشري في هذه الآية : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ :) «فإن قلت فلم أجريت مجرى العقلاء؟

قلت : لأنّه لما وصفها بما هو للعقلاء وهو السجود أجرى عليها حكمهم كأنها عاقلة وهذا كثير شائع وفي كلامهم أن يلابس الشيء الشيء من بعض الوجوه فيعطى حكما من أحكامه إظهارا لأثر الملابسة».

تفسير الكشاف (٢ / ٣٠٣).

(٦) البيتان من بحر الطويل وهما في الفخر ولم أقف على قائلهما ، وقد وردا في شروح التسهيل لابن مالك (١ / ٧٨) ولأبي حيان (١ / ٣٠٧) وللمرادي (١ / ٧٩). وليسا في معجم الشواهد.

اللغة : النبع : شجر قوي تتخذ منه القسيّ ومن أغصانه السهام ، الواحد نبعة. الفتية : السهام ، قان : بمعنى أحمر.

٣٥٦

______________________________________________________

ومن المشبه بما يعقل : الدواهي والعجائب والأشياء المستعظمة نحو : أصابهم الأمرّون والفتكرون والبرحون (١) ، وعمل بهم العملّين أي الأعمال العجيبة التي كأنها تعلم غاية ما أريد منها ، وقالوا للمطر الذي يعظم شأنه ويعم نفعه : وابلون.

وقوله : علما واضح فنحو رجل وفتى لا يجمع بالواو والنون وإن اجتمعت الشروط لخلوه من العلمية.

ونقل الشيخ على المازني : «أنّه يمنع جمع العلم المعدول كعمر وتثنيته ، فلا يجمع جمع سلامة ولا جمع تكسير وإنه إذا قصد الجمع أو التثنية يقال : جاءني رجلان كلاهما عمر ورجال كلهم عمر» (٢).

وأما قولهم في الحكاية : أيّون. وإنه ليس بعلم فقيل : إنه من باب حرّون فجمع بالواو والنون عوضا عن [١ / ٩٨] النقص المتوهم بالإدغام (٣).

قال الشيخ أيضا (٤) : «أما لو صغّر نحو غلام وفتى لقيل غليّمون وفتيّون وكذا سكران وأحمر إذا صغّرا قيل فيهما : سكيرانون وأحيمرون». ـ

__________________

وهو يصف تفرق الإخوان عنه وبقاء سيفه الماضي معه وسهمه الباتر.

ويستشهد بهما على وصف ما لا يعقل بوصف العاقل في قوله : لها فتية ماضون.

(١) انظر : مجمع الأمثال (٣ / ١١٣) ونصه فيه : لقيت منه الأقورين والفتكرين والبرحين والأمرّون : بفتح الميم وتشديد الراء مضمومة أي الشر والأمر العظيم ، والفتكرون : بكسر الفاء وسكون التاء وفتح الكاف ومعناه الداهية والأمر العجيب. والبرحون بضم الباء وفتح الراء بمعنى ما سبق.

والأقورين في المثل بمعناه أيضا. وقوله : عمل بهم العملّين : هو بكسر العين والميم وتشديد اللام ومعناه : بالغ في أذاهم (انظر القاموس المحيط مواد الكلمات السابقة) وفيها ضوابط أخرى غير ما ذكر.

(٢) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٣٠٩) قال أبو حيان بعده : ولا أعلم أحدا منع من تثنيته ولا جمعه ؛ بل يجوز أن تقول : عمران وعمرون. وقالت العرب : سنوا بنا سنّة العمرين ... وإذا كان يثنّى على سبيل التّغليب فلأن يثنّى مع اتفاق اللّفظ والمعنى أولى وأحرى.

(٣) الحرّون : بفتح الحاء وتشديد الراء جمع حرة ولها معان كثيرة. انظر القاموس المحيط : مادة حرر (٢ / ٧) منها الكلمة الكبيرة والعذاب الموجع وموضع وقعة حنين ويروى بالهمزة «أحرّة» مفتوحة ومكسورة.

وفي كتاب سيبويه : (٣ / ٥٩٩): «وزعم يونس أنهم يقولون حرّة وحرّون يشبّهونها بقولهم : أرض وأرضون» وفيه (٣ / ٦٠٠): «وزعم يونس أنهم يقولون أيضا : حرّة وإحرون يعنون الحرار كأنه جمع إحرة ولكن لا يتكلم بها».

(٤) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٣٠٩) وهو منقول بالمعنى.

٣٥٧

______________________________________________________

أما في الأسماء فلأن التصغير وصف في المعنى ، وأما في الأوصاف التي كان يمتنع جمع مكبرها فلتعذر تكسيرها ؛ لأن التكسير يؤدي إلى حذف ياء التصغير فيذهب المعنى الذي جيء بها لأجله. وقد يجعل هذا علة لنحو رجل أيضا فتكون العلة في الأسماء والصفات واحدة.

ونبه الشيخ على أن الكلمة إذا كانت مبنية على التصغير جاز تكسيرها ، نحو كميت وكعيت فيقال : كمت وكعتان ، لأن المعنى الذي أوجب التصغير ملازم لهما بخلاف نحو رجيل وأحيمر ؛ فإنك إذا قلت فيهما رجال وحمر ، لم يدر هل هما جمع المكبر أو المصغر (١).

وأما قوله : أو صفة تقبل تاء التّأنيث فنبه به على أن الصفة إذا لم تقبل التاء لم يلحق بها هذا الجمع كأحمر وسكران في لغة غير بني أسد (٢) ، وكصبور وقتيل ؛ ويرد على هذه العبارة أفعل التفضيل ؛ فإنه لا يقبل تاء التأنيث ويجوز جمعه كالأفضلين.

والعبارة الجيدة ما قاله الجزولي (٣) : «وهو ألا يمتنع جمع مؤنّث ذلك الاسم بالألف والتّاء» فلا يرد أفعل التفضيل ، وتشمل هذه العبارة الأقسام كلها.

وأما قوله : إن قصد معناه فلا أدري مما احترز به ، إلا أن الشيخ أورد على المصنف نحو خصيّ وهو ما كان من الأوصاف مختص المعنى بالمذكر ؛ فإنه يجمع هذا ـ

__________________

(١) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٣٠٩). والكميت كزبير من لون الكمتة وهو الذي خالط حمرته سواد.

والكعيت : قال في اللسان (مادة كعت) : إنه البلبل مبني على التصغير كما ترى والجمع كعتان ... إلخ.

وفي نسخ المخطوطة : كتيع وهو خطأ. وانظر في جمع كميت وكعيت ، كتاب سيبويه : (١ / ٤٧٧).

(٢) انظر : شرح التسهيل (١ / ٧٩).

ومعناه أن لغة بني أسد لا تمنع التاء وصفا للمؤنث في سكران ؛ وعليه لا مانع من جمعه جمع مذكر سالم.

(٣) هو أبو موسى عيسى بن عبد العزيز سبقت ترجمته ، وانظر ما نقله عنه الشارح في كتابه القانون المسمى بالمقدمة الجزولية في النحو (ص ٢٢). يقول فيه : «المجموع جمع السّلامة من المذكّر إمّا أن يكون جامدا أو صفة ؛ فإن كان جامدا اشترط فيه أربعة شروط : الذّكوريّة والعلميّة والعقل وخلوّه من هاء التّأنيث. وإن كان صفة اشترط فيه ثلاثة شروط : الذّكوريّة والعقل وألّا يمتنع مؤنّثه من الجمع بالألف والتّاء».

٣٥٨

______________________________________________________

الجمع وهو لا يقبل التاء (١). فيمكن الجواب عن هذا الإيراد بأن يقال : خصيّ يقبل تاء التأنيث عند قصد معنى التأنيب فلو قصد لقبل. فاللفظ صالح للقبول عند الإرادة ؛ لكن لا يراد ذلك لانتفاء المقتضي لإرادته في المؤنث.

وقوله : خلافا للكوفيين في الأوّل والآخر أي في الشرط الأول وهو الخلو من تاء التأنيث وفي الشرط الآخر وهو قبول تاء التأنيث. فأجازوا أن يقال في هبيرة : الهبيرون ، وفي أحمر أحمرون. والبصريون لا يجيزون ذلك (٢) فإن سمع منه شيء عدوه نادرا كقول العرب : علانون في جمع علانية وهو الرجل المشهور.

وقولهم : رجال ربعون في جمع ربعة وهو المعتدل القامة.

وكذا قول الشاعر :

١٢٨ ـ منّا الّذي هو ما إن طرّ شاربه

والعانسون ومنّا المرد والشّيب (٣)

فجمع عانسا وهو لا يقبل التاء. ـ

__________________

(١) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٣١٠).

وقوله خصيّ على فعيل ويجوز فيه مخصيّ أيضا على مفعول. انظر القاموس المحيط (مادة : خصا).

(٢) انظر في المسألة الأولى الإنصاف (١ / ٤٠) ، والهمع (١ / ٤٥).

قال ابن الأنباري : «ذهب الكوفيون إلى أن الاسم الذي آخره تاء التأنيث إذا سميت به رجلا يجوز أن يجمع بالواو والنون وذلك نحو طلحة وطلحون .. وذهب البصريون إلى أن ذلك لا يجوز ، أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه يجوز جمعه بالواو والنون ؛ وذلك لأنه في التقدير جمع طلح ... إلخ.

أما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على امتناع جواز هذا الجمع بالواو والنون ؛ وذلك لأن في الواحد علامة التأنيث والواو والنون علامة التذكير ... إلخ. وانظر في المسألة الثانية التذييل والتكميل (١ / ٢٩٢) والهمع (١ / ٤٥) وهي بنص شارحنا.

(٣) البيت من بحر البسيط قاله قيس بن رفاعة وهو شاعر جاهلي كان معاصرا للنعمان بن المنذر اللخمي والحارث بن أبي شمر الغساني وكان يفد عليهما.

اللغة : طرّ : نبت وطلع. العانسون : جمع عانس وهي الجارية يطول مكثها في أهلها حتى تخرج من عداد الأبكار ولم تتزوج ويقال فيها عنست وأعنست والرجل عانس أيضا (القاموس : عنس).

المرد : جمع أمرد وهو الشاب يبلغ خروج لحيته ولا تخرج. الشيب : جمع أشيب وهو المبيض الرأس ؛ وأصله في الجمع فعل بالضم وكسرت فاؤه لتسلم عينه.

والشاعر : يفتخر بوجود أصناف الناس في قبيلته. وشاهده واضح من الشرح.

والبيت في التذييل والتكميل (١ / ٣١٤). وفي معجم الشواهد (ص ٤٧).

٣٥٩

______________________________________________________

وقول الآخر :

١٢٩ ـ فما وجدت نساء بني نزار

حلائل أسودين وأحمرينا (١)

وأسود وأحمر لا يقبلان التاء أيضا.

قيل : وإنما لم يجمع ما فيه التاء بالواو والنون لما يؤدي إليه الحال : أما من أثبت التاء فيلزم الجمع بين علامتين متضادتين وهما التاء الدالة على التأنيث والواو الدالة على التذكير ؛ وأما من حذفها فيلزم حصول الإخلال من جهة أنها حرف معنى وقد صارت بالعلمية لازمة للكلمة.

فأما ورقاوون فالواو فيه ليست بعلامة تأنيث ؛ إنما هي بدل من الهمزة المبدلة من ألف التأنيث.

وإنما اشترط قبول التاء في جمع الصفة لأنهم قالوا : إنما جمعت الصفة بشروطها المذكورة دون الاسم [١ / ٩٩] الجامد لشبه الصفة بالفعل من جهة أن الصفة فيها معنى الفعل ؛ وإذا كانت للمذكر لم تلحقها التاء ، وإذا كانت للمؤنث لحقتها كما أن الفعل كذلك.

فلما كانت الصفة التي للمذكر والمؤنث بغير تاء لا تشبه الفعل لم تجمع إذا كانت لمذكر بالواو والنون.

فأما جمعهم أفعل التفضيل مع أنه لا يشبه الفعل فيما ذكر فعللوه بأن هذه الصفة لا يجوز تنكيرها إلا في ضرورة ، فلما لزمت التعريف وهو فرع أشبهت لذلك ـ

__________________

(١) البيت من بحر الوافر من قصيدة لحكيم الأعور أحد شعراء الشام يهجو فيها الكميت بن زيد ، وكان قد هرب في ثياب امرأته من حبس خالد القسري له بأمر هشام بن عبد الملك لما كان يهجو بني أمية.

انظر خبر ذلك في خزانة الأدب في الشاهد رقم : ٢٤ (١ / ١٧٨).

اللغة : نزار : هو نزار بن معد بن عدنان والد مضر ، الحلائل : جمع حليل وهو الزوج وتسمى الزوجة حليلة وسميا بذلك لأن كلّا منهما يحل للآخر. أسودين وأحمرين : جمع أسود وأحمر أي لما فر الكميت لابسا ثيابا سودا وحمرا كشأن النساء.

وهو موضع الشاهد حيث جمعه جمع مذكر سالم وهو لا يجمع لأن مذكره أفعل ومؤنثه فعلاء ؛ وهذا الجمع خاص بما في مؤنثه التاء وأجازه الكوفيون.

وانظر مراجع البيت في معجم الشواهد (ص ٣٨٦) ، وهو في شرح التسهيل لابن مالك (١ / ٨٥) ولأبي حيان (١ / ٣٩٤).

٣٦٠