شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ١

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤

[الأمثلة الخمسة عند النصب والجزم]

قال ابن مالك : (وتحذف جزما ونصبا ولنون التّوكيد ، وقد تحذف لنون الوقاية أو تدغم فيها وندر حذفها مفردة في الرّفع نظما ونثرا).

______________________________________________________

وأما الفارسي فلا يقوم له دليل على ما ادعاه في هذه المسألة (١).

قال ناظر الجيش : اعلم أن نون الرفع تحذف كثيرا ونادرا وحذفها كثيرا قسمان : واجب وجائز ، فأما الواجب فالمقتضي له ثلاثة أمور :

الجزم والنصب ونون التوكيد.

وأما الجائز فالمقتضي له أمر واحد : وهو نون الوقاية فيجوز معها إثبات نون الرفع وحذفها ، وإذا أثبتت فقد تدغم في نون الوقاية وقد لا تدغم ، فصار لنون الرفع مع نون الوقاية ثلاثة أحوال :

الفك والإدغام والحذف ، وقرئ بالأوجه الثلاثة قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي)(٢).

واختار المصنف أن المحذوف هو نون الرفع لا نون الوقاية وهو مذهب سيبويه (٣).

وقال الأخفش والمبرد وأكثر المتأخرين : إنّ المحذوف نون الوقاية لا نون الرّفع (٤).

وصحح المصنف مذهب سيبويه بوجوه (٥) : ـ

__________________

(١) والذي ادعاه هو قوله : إنها معربة ولا إعراب فيها ، وهو مردود لأنه لا بد من علامة تدل على الإعراب.

(٢) سورة الزمر : ٦٤. وانظر في تخريج هذه القراءات الثلاثة والتفصيل فيها كتاب النشر لابن الجزري : (٢ / ٣٦٣) ، والكشف عن وجوه القراءات لمكي (٢ / ٢٤٠). وانظر أيضا : التبيان في إعراب القرآن للعكبري (٢ / ١١١٣).

قال : «قرأ ابن عامر بنونين ظاهرتين. وقرأ نافع بنون واحدة ، وهي إما نون الرّفع وإمّا نون الوقاية ، وقرأ الباقون بنون مشدّدة» ، وانظر أيضا كتاب سيبويه (٣ / ٥١٩).

(٣) الكتاب : (٣ / ٥١٩) قال في حذف نون الرفع بعد أن تكلم في حذفها مع نون التوكيد : وقد حذفوها فيما هو أشد من ذا ، بلغنا أن بعض القراء قرأ : أتحاجوني [الأنعام : ٨٠] وكان يقرأ : فبما تبشرون [الحجر : ٥٤] وهي قراءة أهل المدينة وذلك لأنهم استثقلوا التضعيف.

(٤) انظر في تخريج رأي الأخفش والمبرد : التذييل والتكميل (١ / ١٩٤). وانظر في تخريج رأي المبرد أيضا كتابه المقتضب (١ / ٢٥٢) وعلل حذف الثانية بأنها منفصلة عن الأولى.

(٥) انظر : شرح التسهيل (١ / ٥٢).

٢٨١

______________________________________________________

أحدها : أن نون الرفع قد تحذف دون سبب مع عدم ملاقاتها لنون الوقاية ، ولا تحذف نون الوقاية المتصلة بفعل محض غير مرفوع بالنون ، وحذف ما عهد حذفه أولى من حذف ما لم يعهد حذفه.

ثانيها : أن نون الرفع نائبة عن الضمة ، وقد حذفت الضمة تخفيفا في فعل واسم ، كقراءة السوسي (١) : وما يشعركم (٢).

وقراءة مسلمة بن محارب (٣) : وبعولتهن (٤) ، وكرواية أبي يزيد (٥) : (ورسلنا لديهم يكتبون) (٦) بسكون اللام. فحذف النون النائبة عنها تخفيفا أولى وليؤمن بذلك تفضيل الفرع على الأصل (٧). ـ

__________________

(١) هو صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود الملقب بالثقة مقرئ ضابط للقراءة ثقة أخذ القراءة عرضا وسماعا عن أبي محمد الزيدي وهو من أجلّ أصحابه ، كما قرأ على حفص عن عاصم وروى القراءة عنه ابنه محمد وموسى بن جرير النحوي وأبو الحارث الطرسوسي ، عاش ما يقرب من تسعين سنة ؛ حيث ولد سنة ١٧٣ ه‍ وتوفي سنة ٢٦١ ه‍.

ترجمته في الأعلام (٣ / ٢٧٦) ، غاية النهاية في طبقات القراء (١ / ٣٣٢).

(٢) سورة الأنعام : ١٠٩ ، وبقيتها : (... أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ ،) وانظر القراءة في المحتسب لابن جني (١ / ٢٢٧) ، قال : «هو من إسكان المرفوع تخفيفا» ثم أتى بأمثلة كثيرة من كلام العرب :

سيروا بني العمّ فالأهواز منزلكم

ونهر تيرى فلا تعرفكم العرب

فاليوم أشرب غير مستحقب

إثما من الله ولا واغل

ورد على المبرد ردّا عنيفا حين اعترض على سيبويه في هذه الشواهد.

(انظر ذلك كله في المحتسب : ١ / ١١٠).

(٣) هو أبو عبد الله مسلمة بن عبد الله بن محارب الفهري البصري النحوي له اختيار في القراءة.

قال فيه ابن الجزري : قال محمد بن سلام : كان مسلمة بن عبد الله مع ابن أبي إسحاق وأبي عمرو بن العلاء ، وقال ابن مجاهد : كان من العلماء بالعربية وكان يقرأ بالإدغام الكبير كأبي عمرو وروى حروفا لم يدغمها أبو عمرو (غاية النهاية : ٢ / ٢٢٨).

(٤) سورة البقرة : ٢٢٨ ، وبقيتها قوله : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.) وانظر القراءة في المحتسب لابن جني (١ / ١٢٢).

(٥) لم أعثر له على ترجمة في كتب تراجم العلماء عامة كالأعلام للزركلي ، وكتب تراجم القراء خاصة كغاية النهاية لابن الجزري ، ولم أقف على اسمه.

(٦) سورة الزخرف : ٨٠ ، وبعدها قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ.)

وانظر القراءة في المحتسب لابن جني : (١ / ١٠٩) ، وهو من باب التسكين للتخفيف أيضا.

(٧) جعل ابن عصفور من الضرائر : تسكين المضارع دون ناصب أو جازم وذكر أن المبرد والزجاج أنكرا

٢٨٢

______________________________________________________

ثالثها : أن حذف نون الرفع يؤمن معه حذف نون الوقاية ؛ إذ لا يعرض لها سبب آخر يدعو إلى حذفها ، وحذف نون الوقاية لا يؤمن معه حذف نون الرفع عند الجزم والنصب ، وحذف ما يؤمن بحذفه حذف أولى من حذف ما لا يؤمن بحذفه حذف.

رابعها : لو حذفت نون الوقاية لاحتيج إلى كسر نون الرفع بعد الواو والياء ، وإذا حذفت نون الرفع لم يحتج إلى تغيير ثان ، وتغيير يؤمن معه تغيير أولى من تغيير لا يؤمن معه تغيير (١).

وأما حذفها النادر فهو إذا لم يكن سبب من الأسباب المتقدمة الذكر.

فمن حذفها في النظم قول الراجز :

٦٩ ـ أبيت أسري وتبيتي تدلكي

وجهك بالعنبر والمسك الزّكي (٢)

ومنه قول أبي طالب (٣) : ـ

__________________

هذه الأمثلة وتلك الروايات. ثم قال : «والصحيح أنّ ذلك جائز سماعا وقياسا : أما القياس فإن النحويين اتّفقوا على جواز ذهاب حركة الإعراب للإدغام.

وأما السّماع فقد قرأ ابن محارب وبعولتهن [البقرة : ٢٢٨] : بإسكان التاء.

وقرأ الحسن : وما يعدهم [الإسراء : ٦٤] : بإسكان الدال. وقرأ مسلمة بن محارب : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ) [الأنفال : ٧] بإسكان الدال ثم قال : «والذي حسّن مجيء هذا التخفيف في حالة السعة شدة اتّصال الضمير بما قبله من حيث كان غير مستقلّ بنفسه ، فصار التّخفيف كأنه واقع من كلمة واحدة كعضد (الضرائر الشعرية : ص ٧٤).

(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٥٢).

(٢) البيتان : من الرجز المشطور ، وقد ذكرا في مراجع كثيرة غير منسوبين.

اللغة : أسري : من السرى وهو السير ليلا. تدلكي : من الدّلك وهو الدعك باليد.

والشاعر : يقرع امرأته على شقائه وتنعمها.

قال ابن منظور : (لسان العرب مادة دلك): «حذف النّون من تبيتي كما تحذف الحركة للضرورة في قول امرئ القيس (من السريع) : فاليوم أشرب غير مستحقب .. إلخ.

وحذفها من تدلكي أيضا لأنه جعلها بدلا من تبيتي أو حالا قال : وقد يجوز أن يكون في موضع النصب بإضمار أن في غير الجواب كما جاء في بيت الأعشى (من الطويل) :

لنا هضبة لا ينزل الذل وسطها

ويأوي إليها المستجير فيعصما

والبيت في معجم الشواهد (ص ٥١٥) وفي شرح التسهيل (١ / ٥٣) وفي التذييل والتكميل (١ / ١٩٥).

(٣) عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم من قريش ، والد علي رضي‌الله‌عنه وعم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكافله ومربيه

٢٨٣

______________________________________________________

٧٠ ـ فإن يك قوم سرّهم ما صنعتم

ستحتلبوها لاقحا غير باهل (١)

ومن حذفها في النثر قراءة أبي عمرو (٢) من بعض طرقه :

قالوا ساحران تظاهرا (٣) ، بتشديد الظاء ، أصله تتظاهران فأدغم أي : قالوا ـ

__________________

وناصره ضد أعدائه من قريش ، دعاه النبي إلى الإسلام ، فامتنع خوفا من أن تعيره قريش فنزل فيه قوله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) [القصص : ٥٦] وقيل : كان مسلما ولكنه أخفى الإسلام لصالح النبي ، عاش أكثر من ثمانين سنة حيث ولد سنة ٨٥ قبل الهجرة وتوفي قبلها بثلاث سنين. له ديوان شعر مطبوع. (انظر ترجمته في الأعلام : ٤ / ٣١٥).

(١) البيت من بحر الطويل قاله أبو طالب عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قصيدة في الديوان (ص ١٢٧) ، قالها عند ما تحالفت قريش وكتبت صحيفة علقتها في الكعبة تنص على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب ومحاصرتهم في شعب أبي طالب (انظر القصيدة أيضا في خزانة الأدب : ٢ / ٥٩).

اللغة : اللاقح : الحامل من النوق ، الباهل : الناقة التي لا صرار عليها ، والصرار ككتاب ما يشد على ضرع الناقة لئلا تحلب ولئلا يرضعها ولدها. وأبو طالب يهدد قريشا بقيام حرب تعمهم جميعا.

وشاهده قوله : ستحتلبوها حيث حذفت نونه دون ناصب أو جازم وهو نادر.

والبيت ليس في معجم الشواهد ، وهو في شرح التسهيل (١ / ٥٣) وفي التذييل والتكميل (١ / ١٩٥).

(٢) هو أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن عبد الله المازني ، ولد بمكة سنة (٦٨ ه‍) ، وهو أحد القراء السبعة المشهورين ، قرأ القرآن على سعيد بن جبير ومجاهد وروى عن أنس بن مالك وطائفة ، وكان أعلم الناس بالنحو والقراءات واللغة وأيام العرب والشعر والأدب وكان من أشراف العرب ووجهائها وقد مدحه الفرزدق ، وقال سفيان بن عيينة : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في النوم ، فقلت : يا رسول الله قد اختلفت عليّ القراءات فبقراءة من تأمرني؟ فقال : «بقراءة أبي عمرو بن العلاء». زهد في الدنيا وكتب على خاتمه :

وإنّ امرأ دنياه أكبر همّه

لمستمسك منها بحبل غرور

امتد به العمر حتى مات بالكوفة سنة (١٥٩ ه‍).

انظر ترجمته في بغية الوعاة (٢ / ٢٣١) ، معجم الأدباء (١١ / ١٥٦) ، غاية النهاية (١ / ٢٨٨) ، نزهة الألباء (ص ٢٤).

(٣) سورة القصص : ٤٨ ، قال أبو حيان (البحر المحيط : ٧ / ١٢٤): «قرأ الجمهور : (ساحران) ، وفسر بموسى ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقرأ عبد الله وزيد بن علي والكوفيون : سحران وفسر بالتوراة والفرقان».

وقال : «تظاهرا : تعاونا. قرأ الجمهور (تظهرا :) فعلا ماضيا على وزن تفاعل ، وقرأ طلحة والأعمش : اظاهرا بهمزة وصل وشد الظاء وأصله تظاهرا فأدغم التاء في الظاء فاجتلبت همزة الوصل لأجل سكون التاء المدغمة وقرأ محبوب عن الحسن ، وأبو خلاد عن اليزيدي : تظاهرا بالتاء وتشديد الظاء قال : قال ابن خالويه : وتشديده لحن لأنه فعل ماض وإنما يشدد في المضارع فقط.

وقال : وله تخريج في اللسان : ذلك أنه مضارع حذفت منه النون وقد جاء حذفها في قليل من الكلام

٢٨٤

[حد البناء وأنواعه]

قال ابن مالك : (وما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب وليس حكاية أو إتباعا أو نقلا أو تخلّصا من [١ / ٧٤] سكونين فهو بناء. وأنواعه : ضمّ وفتح وكسر ووقف).

______________________________________________________

أنتما ساحران تظاهرا.

وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «والّذي نفس محمّد بيده لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا» (١).

قال ناظر الجيش : قصد المصنف بهذا الكلام ثلاثة أمور :

أحدها : ذكر حد البناء كما ذكر حد الإعراب.

ثانيها : تبيين أن هيآت أواخر الكلمة ليست محصورة في الإعراب والبناء ، بل ثم أقسام أخر لا يصدق على هيآت أواخرها إعراب ولا بناء.

ثالثها : حصر هيآت أواخر الكلم فيما ذكره.

والأقسام التي تضمنها كلامه منطوقا ومفهوما ستة :

الإعراب والبناء ، والحكاية ، والإتباع ، والنقل ، والتخلص من السكونين.

وإنما قال : من شبه الإعراب لأن هيآت المبني من حركة أو سكون ، وهيآت الأقسام الأربعة تشبه هيآت المعرب في الصورة.

وإنما الفرق بين هيآت المعرب وهيآت غيره : أن هيآت المعرب جيء بها لبيان مقتضى العامل وهيآت غيره لم يجأ بها كذلك.

قال المصنف : شبه الإعراب يعم البناء اللازم والعارض ، والوارد منه بسكون كمن وقم ولن (٢) ، وبفتحة كأين وذهب وسوف ، وبكسرة كأمس وجير ، وبضمة ـ

__________________

وفي الشعر. وساحران خبر مبتدأ محذوف أي أنتما ساحران».

(١) الحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل : (١ / ١٦٥) وهو في صحيح مسلم (١ / ٥٣) ونصه فيه : «لا تدخلون الجنّة حتّى تؤمنوا ...» وبهذه الرواية لا شاهد فيه.

(٢) يشير إلى أن البناء على السكون يدخل أنواع الكلم الثلاث وكذلك ما بعده ، وأما البناء على الكسر والضم فيدخل الاسم والحرف فقط.

٢٨٥

______________________________________________________

كنحن ومنذ ، وبنائب عن ضمة كيا زيدان ويا زيدون وبنائب عن فتحة كلا رجلين ، وبنائب عن سكون كاخش وافعلا.

ويعم الحكاية نحو : من زيد لقائل مررت بزيد ، ومنون لقائل : جاءني رجال.

ويعم الإتباع نحو : (الْحَمْدُ لِلَّهِ)(١) و (لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا)(٢).

والأولى قراءة زيد بن علي (٣). والثانية قراءة أبي جعفر المدني (٤).

والنقل : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ)(٥).

والتخلص من سكونين : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ)(٦) ولكل موضع يبين فيه إن شاء الله تعالى (٧).

قال الشيخ : «نقص المصنف حركة سابعة وهي حركة المضاف إلى ياء المتكلم ـ

__________________

(١) سورة فاتحة الكتاب : ٢ ، وانظر في القراءة المحتسب : (١ / ٣٧) ، ومعاني القرآن للفراء (١ / ٣) ، وفي تأويل القراءة قيل : إن جملة الحمد لله كثرت في كلامهم حتى صارت كالاسم الواحد فثقل عليهم أن يجتمع في اسم واحد كسر بعد ضم ووجدوا الكسرتين قد يجتمعان في الاسم الواحد مثل إبل ، فكسروا الدال ليكون على المثال من أسمائهم. وفي الآية قراءات أخرى (المحتسب : ١ / ٣٧).

(٢) سورة البقرة : ٣٤ ، وانظر في القراءة المحتسب : (١ / ٧١). قال ابن جني : وهذا ضعيف عندنا.

(٣) هو زيد بن علي بن أحمد بن محمد بن عمران بن أبي بلال أبو القاسم العجلي الكوفي شيخ العراق ، إمام حاذق ثقة ، قرأ على عبد الله بن عبد الجبار والحسين بن جعفر اللحياني وكثيرين ، وقرأ عليه بكر بن شاذان وأبو الحسن الحمامي وأحمد بن الصقر. توفي زيد ببغداد سنة (٣٥٨ ه‍). انظر ترجمته في غاية النهاية : (١ / ٢٩٨).

(٤) هو يزيد بن القعقاع المخزومي بالولاء المدني من التابعين ، كان مولى أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان أحد القراء العشرة ، وعرف بالقارئ فقد كان يقرئ الناس في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد أخذ القراءة عن عبد الله بن عباس وأبي هريرة وروى عنه نافع بن أبي نعيم ، كان ثقة قليل الحديث من المفتين والمجتهدين ، رؤي في المنام بعد وفاته على صورة حسنة ، فقال للذي رآه : بشر أصحابي وكل من قرأ قراءتي أن الله قد غفر لهم وأجاب فيهم دعوتي. توفي بالمدينة سنة ١٣٢ على أصح الآراء وللدكتور علي محمد فاخر كتاب كبير في توجيه قراءات الثلاثة بعد السبعة نحويّا وصرفيّا.

انظر ترجمته في (وفيات الأعيان : ٧ / ٢٧٤ ، غاية النهاية في طبقات القراء : ٢ / ٣٨٢ ، الأعلام ٩ / ٣٤١).

(٥) سورة البقرة : ١٠٦ وأولها : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) والقراءة المذكورة لورش.

(٦) سورة الأنعام : ٣٩ وأولها : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ ...) إلخ.

(٧) انظر : شرح التسهيل (١ / ٥٣ ، ٥٤).

٢٨٦

______________________________________________________

غير مثنى ولا مجموع على حده على مذهب الجمهور ؛ فإنها ليست حركة بناء عندهم ولا هي من الحركات التي عدها» (١) انتهى.

والظاهر : أن حركة ما قبل ياء المتكلم حال الإضافة كأنها تصير من الكلمات التي بنيت الكلمة عليها لشدة امتزاج الكلمة المضافة إلى الياء بها ، ولهذا لزم ما قبل الياء حركة واحدة وهي الكسرة ؛ فلم تعد حركة مستقلة لأنها ليست مقصودة في نفسها بخلاف الحركات فيما تقدم ذكره.

وأنواع البناء أربعة كما أن أنواع الإعراب أربعة ؛ لكنهم يعبرون عن هذه الأربعة بالضم والكسر والفتح والوقف ؛ ليعلم عند الإطلاق من أول وهلة حال الكلمة المعبر عنها بذلك : هل هي معربة أم مبنية.

فإذا قيل رفع علم أنه ضمة في معرب ، وإذا قيل ضمة علم أنه ضمة في مبني ، وكذلك البواقي.

والناس في هذا الإطلاق تبع لسيبويه ؛ حيث قال :

«وإنّما ذكرت ثمانية مجار لأفرّق ...» إلخ كلامه (٢) ومراده : لا فرق بين المعرب والمبني.

واختلف النحاة رحمهم‌الله تعالى (٣) : هل يطلق أحد أنواع القسمين على الآخر ، فيقال مثلا للمعرب مضموم وللمبني مرفوع أو لا؟ على ثلاثة مذاهب :

فمنهم من قال : لا يجوز الإطلاق ؛ لأن المراد الفرق وتجويز الإطلاق يعدم الفرق.

ومنهم من قال : يجوز ؛ لأن الإطلاق مجاز والقرينة تبينه.

ومنهم من قال : يطلق أنواع [١ / ٧٥] البناء على أنواع الإعراب ولا تنعكس ، فتقول في : هذا زيد مثلا : زيد مرفوع وإن شئت : زيد مضموم. وتقول في حيث مثلا : مضموم ولا تقول مرفوع.

__________________

(١) انظر : التذييل والتكميل (١ / ١٩٨).

(٢) انظر الكتاب : (١ / ١٣). ونص كلامه هو قوله : «وإنما ذكرت لك ثمانية مجار ؛ لأفرق بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة لما يحدث فيه العامل ، وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه وبين ما يبنى عليه الحرف بناء لا يزول عنه لغير شيء أحدث ذلك فيه من العوامل ...» إلخ.

(٣) جملة : رحمهم‌الله تعالى ، ناقصة من نسخة (ب) ، (ج).

٢٨٧
٢٨٨

الباب الثالث

باب إعراب المعتلّ الآخر

*[كيفية إعراب المضارع المعتل الآخر]

قال ابن مالك : (يظهر الإعراب بالحركة والسّكون أو يقدّر في حرفه وهو آخر المعرب ؛ فإن كان ألفا قدّر فيه غير الجزم وإن كان ياء أو واوا يشبهانه قدّر فيهما الرّفع وفي الياء الجرّ ، وينوب حذف الثّلاثة عن السّكون).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : لما أنهى الكلام على إعراب الصحيح الآخر شرع في الكلام على إعراب مقابله وهو المعتل الآخر ، وقد تقدم أن نحو دلو وظبي حكمها حكم الصحيح الآخر ، فالمراد بالمعتل الآخر في باب الإعراب ما آخره ألف ، أو ياء قبلها كسرة ، أو واو قبلها ضمة.

وإلى ذلك الإشارة بقوله : وإن كان ياء أو واوا يشبهانه أي يشبهان الألف في كون حركة ما قبلهما مجانسة لهما كما أن حركة ما قبل الآخر مجانسة لها.

فقوله : يظهر الإعراب بالحركة والسّكون أي في الصحيح الآخر.

وقوله : أو يقدّر في حرفه أي في المعتل الآخر.

فالمعنى : أو يقدر في حرف الإعراب. وحرف الإعراب في المعتل هو آخره كما في الصحيح ؛ فلا يذهب الوهم إلى أنا نقدر الإعراب في موضع الكلمة المعتلة المعربة ، كما يحكم على المحل بالإعراب في الكلمة المبنية ، وإن اشتركا في عدم ظهور الإعراب لفظا (١).

وعلم من كلام المصنف أن الإعراب إما ظاهر ، أو مقدر ، فلا واسطة بينهما.

وذكر الشيخ عن بعضهم أن الإعراب ظاهر ، ومقدر ، ومنوي ، ومعتبر.

فالظاهر : هو الملفوظ به.

والمقدر : في نحو ملهى ؛ لأن ألفه منقلبة عن ياء متحركة. ـ

__________________

(١) معناه أن الفعل المضارع المعتل يعرب بحركات مقدرة فوق حرف العلة نفسه : الألف أو الواو أو الياء ، ولا يقال إن الحركة مقدرة فوق الكلمة كلها ، كما يقال في الكلمة المبنية مثل هؤلاء : إنها مبنية على الكسر في محل جر ، وإن اشترك المعتل والمبني في عدم ظهور الإعراب لفظا.

٢٨٩

______________________________________________________

والمنوي : في نحو حبلى وأرطى ؛ لأن ألفيهما لم ينقلبا عن شيء ، وكذلك غلامي ؛ لأن تقدير حركة يؤول إلى اجتماع حركتين ولا يصح ، فالإعراب منوي لا مقدر.

والمعتبر : هو ما يحكم به على موضع الاسم المبني (١).

ثم إن كان آخر المعتل ألفا قدر فيه الرفع والنصب والجر. وإليه الإشارة بقوله : فإن كان ألفا قدّر فيه غير الجزم نحو الفتى رفعا ونصبا وجرّا ويخشى رفعا ونصبا.

وإن كان الآخر ياء أو واو يشبهان الألف قدّر فيهما الرّفع نحو :

القاضي يرمي ويغزو ، وقدر في الياء الجر نحو : (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ)(٢) وإنما خص الياء بالجر ؛ لأن الواو المشبهة الألف لا تكون حرف إعراب في غير الأفعال.

وسكوت المصنف عن النصب يدل على أنه يظهر في الياء والواو نحو :

(أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ)(٣) ، ونحو : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ)(٤).

فالحاصل : أن الرفع يقدر في الثلاثة والجر يقدر في الألف وفي الياء ، ولا يتصور مع الواو ، والنصب يقدر في الألف ويظهر في الياء والواو ، وأما الجزم فيحذف بسببه الثلاثة ، كما أشار إليه بقوله :

وينوب حذف الثّلاثة عن السّكون ، نحو : من يهد الله يخشه ويرجه.

ثم ها هنا أبحاث :

الأول :

استدرك الشيخ على المصنف نحو معدي كرب إذا أضفنا الجزء الأول إلى الثاني ؛ فإننا نقدر الفتحة حالة النصب ، ولم يستثن المصنف ذلك (٥).

والجواب : أن الشيء إذا كان خارجا عن قانونه اكتفي بالتنبيه عليه [١ / ٧٦] في محله وقد نبه المصنف على ذلك حيث ذكره في باب ما لا ينصرف فاستغنى بذلك عن التعرض له هنا (٦). ـ

__________________

(١) انظر : التذييل والتكميل (١ / ١٩٩).

(٢) سورة القمر : ٨.

(٣) سورة الأحقاف : ٣١.

(٤) سورة البقرة : ٢٣٧.

(٥) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٢٠٠).

(٦) انظر : تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد (ص ٢٢١ ـ ٢٢٢) ، وفيه يقول عن معدي كرب وأمثاله : ـ

٢٩٠

______________________________________________________

الثاني :

أجمع النحاة على أن الحروف الثلاثة تحذف عند وجود الجازم ، واختلفوا في حذفها ، لماذا؟

فالمحققون على أنها حذفت عند الجازم لا بالجازم (١). قيل : وهو الذي فهم من كلام سيبويه رحمه‌الله تعالى (٢) وعلل بأن هذه الحروف ليست علامة للرفع والجازم إنما يحذف ما كان علامة له (٣).

ومذهب ابن السراج وأكثر النحاة أن حذف هذه الحروف علامة للجزم (٤).

وهذا الخلاف مبني على أن حروف العلة التي في الفعل في حال الرفع هل فيها حركات مقدرة أو لا؟

فمذهب سيبويه : أن فيها حركات مقدرة في الرفع وفي الألف في النصب ، فهو إذا جزم يقول : الجازم حذف الحركات المقدرة ويكون حذف حرف العلة عنده ؛ لئلا يلتبس الرفع بالجزم.

فإن قيل : الفرق يحصل بينهما بالعامل كما يحصل الفرق في المقصور من ـ

__________________

ـ «قد يضاف صدر المركّب فيتأثّر بالعوامل ما لم يعتلّ ، وللعجز حينئذ ما له لو كان مفردا. وقد لا يصرف كرب مضافا إليه معدي ، وقد يبنى هذا المركّب تشبيها بخمسة عشر».

(١) أي والذي حذفه الجازم إنما هي الحركات المقدرة فوق حروف العلة ، ثم كان حذف هذه الحروف ؛ لئلا يلتبس الرفع بالجزم كما سيذكره.

(٢) جملة (رحمه‌الله تعالى) ناقصة من (ب) ، (ج).

وانظر رأي سيبويه في كتابه : (١ / ٢٣). يقول : «واعلم أنّ الآخر إذا كان يسكّن في الرّفع حذف في الجزم لئلّا يكون الجزم بمنزلة الرّفع فحذفوا كما حذفوا الحركة ونون الاثنين والجمع ، وذلك قولك : لم يرم ولم يغز ولم يخش ، وهو في الرّفع ساكن الآخر تقول : هو يغزو ويرمي ويخشى».

(٣) كحذف النون في الأفعال الخمسة والضمة في الأفعال الصحيحة الآخر.

كما علل أيضا بأن الأعراب زائد على ماهية الكلمة ، وهذه الحروف من أصلها.

(٤) قال ابن السراج في حديث له عن إعراب المضارع المعتل : «فإن دخل الجزم قلت : لم يغز ولم يرم فحذفت الياء والواو في الوقف ، وكذلك في الوصل تقول : لم يغز عمر ولم يرم بكر. وإنّما حذفت الياء والواو في الجزم إذ لم يصادف الجازم حركة يحذفها ، فحذفت الياء والواو ؛ لأنّ الحركة فيهما وليكون للجزم دليل ، والأمر كالجزم» (الأصول في النحو لابن السراج (٢ / ١٧٠) تحقيق عبد الحسين الفتلي).

٢٩١

______________________________________________________

الأسماء؟ أجيب بأنه يلتبس في مثل قولنا : زرني أعطك ؛ فإنه لو لم يحذف عند الجازم ، لما عرف هل أعطيك جواب الأمر أو مستأنف ولا يفيد الفرق إلا حذف الياء.

فأفاد حذف حرف العلة الفرق بين الجزم والرفع والمعنى المطلوب بكل واحد منهما وطرود الباب في الحذف حيث لا لبس. وعند ابن السراج أنه لا حركة مقدرة في الرفع ، قال : «ولمّا كان الإعراب في الأسماء لمعنى حافظنا عليه بأن نقدّره إذا لم يوجد في اللّفظ ولا كذلك الإعراب في الفعل ؛ فإنه لم يدخل في الفعل إلا لمشابهة الاسم لا للدّلالة على معنى فلا نحافظ عليه بأن نقدّره إذا لم يكن في اللفظ فالجازم لمّا لم يجد حركة يحذفها حذف الحرف».

ويدل على صحة مذهب سيبويه (١) أن الفعل يعرب على ما قد عرف والمعرب من الأسماء متى لم يظهر فيه علائم الإعراب إما للتعذر كعصا أو للاستثقال كالقاضي رفعا وجرّا قدرت فكذلك أيضا في الأفعال.

البحث الثالث :

قيد ابن عصفور حرف العلة المحذوف للجزم بكونه غير مبدل من همزة ، ثم قال : فإن كان مبدلا من همزة نحو يقرا ويقري ويوضو جاز فيه وجهان : حذف حرف العلّة إلحاقا بالمعتلّ المحض. وإثباته إجراء له مجرى الصّحيح.

وعلى الحذف قوله :

٧١ ـ جريّ متى يظلم يعاقب بظلمه

سريعا وإلّا يبد بالظّلم يظلم (٢)

انتهى (٣). ـ

__________________

(١) القائل : إن في هذه الحروف حركات مقدرة في الرفع وفي الألف في النصب.

(٢) البيت من بحر الطويل وهو من معلقة زهير بن أبي سلمى التي سبق الحديث عنها. وبيت الشاهد في وصف أسد وذلك حيث جاء قبله :

لدى أسد شاكي السّلاح مقذّف

له لبد أظفاره لم تقلّم

انظر شرح ديوان زهير (ص ٢٤). وشاهده قوله : وإلا يبد ؛ حيث حذفت الألف المبدلة من الهمزة عند دخول الجازم ، وذلك لأن الإبدال وقع قبل الجزم كما ذهب إليه ابن عصفور. والبيت في التذييل والتكميل (١ / ٢٠٥) ، وهو في معجم الشواهد (ص ٣٦٠).

(٣) انظر : المقرب لابن عصفور (١ / ٥٠) من المطبوع المحقق.

٢٩٢

______________________________________________________

ومراد ابن عصفور بذلك أن البدل حصل قبل دخول الجازم ، وهي لغة ضعيفة حكاها الأخفش (١).

أما إذا كان البدل بعد دخول الجازم فلا حذف أصلا لأن الجازم قد عمل عمله في حذف الضمة من الهمزة قبل الإبدال.

وقد رد على ابن عصفور ما ذكره من جواز الحذف ، وقالوا : لا يجوز إلّا الإقرار.

وقال ابن الضائع : «حكم الهمزة المسهّلة حكم الهمزة المخفّفة ، فلا يجوز إلّا : لم يقرا زيد بألف ساكنة على لغة من سهّل. وأمّا قوله : وإلّا يبد بالظّلم يظلم فضرورة. ووجهها مراعاة اللّفظ بعد التّسهيل ، كما أنّ منهم من يدغم [١ / ٧٧] رويا بعد التّسهيل». انتهى (٢).

وقال الشيخ بهاء الدين بن النحاس رحمه‌الله تعالى (٣) : «الوجهان اللّذان ذكرهما ابن عصفور مبنيّان على إبدال حرف العلّة : هل هو بدل قياسيّ أو غير قياسي؟

فإن قلنا : إنه بدل قياسي ثبت حرف العلّة مع الجازم ؛ لأنّه همزة كما كان قبل البدل ، وإن قلنا : إنه بدل غير قياسي صار حرف العلة متمحضا ، وليس بهمزة فيحذف كما يحذف حرف العلّة المحض في يغزو ويخشى» انتهى (٤) وهو كلام جيد.

وقد رد استشهاد ابن عصفور بأنه يقال في بدأ يبدأ : بدي يبدى كبقي يبقى (٥) فعلى هذا يكون قوله : «وإلّا يبد» من هذه اللغة فلا تكون ألفه إذ ذاك بدلا من همزة.

__________________

(١) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٢٠٤).

والذي حكاه الأخفش هو قولهم : قريت وتوضّيت ورقوت في قرأت وتوضّأت ورقأت.

(٢) انظر شرح الجمل لابن الضائع (مخطوط بدار الكتب رقم ١٩ نحو ، ج ١ ورقة ١٠) ، وفيه بحث مفيد عن حكم الهمز بأنواعه وبقية تعليقه على البيت ، يقول :

«حذف ألف يبدأ بعد التّسهيل للجزم فكأنّه جزمه مرّتين لأنّه لو لا الجزم الأوّل لم تسكّن الهمزة».

(٣) جملة الدعاء ناقصة من نسخة (ب) ، (ج).

(٤) انظر التعليقة لبهاء الدين بن النحاس (باب معرفة علامات الإعراب) وهو إملاء كتبه ابن النحاس على مقرب ابن عصفور.

(٥) في لسان العرب مادة بدأ (١ / ٢٢٣): «بديت بالشّيء قدّمته وبديت بالشّيء وبدأت : ابتدأت.

٢٩٣

[بناء حرف العلة مع الجازم للضرورة]

قال ابن مالك : (إلّا في الضّرورة فيقدّر لأجلها جزمها).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : هذا استثناء من قوله : وينوب حذف الثّلاثة عن السّكون ، يعني أن الأحرف المذكورة قد لا تحذف حال الجزم بل تقر للضرورة.

قال المصنف (١) : اكتفي بتقدير طرآن السكون مسبوقا بحركة ، وأنشد قول الشاعر :

٧٢ ـ إذا العجوز غضبت فطلّق

ولا ترضّاها ولا تملّق (٢)

وقول الآخر :

 ٧٣ ـ ألم يأتيك والأنباء تنمي

بما لاقت لبون بني زياد (٣)

__________________

(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٥٥).

(٢) البيتان من رجز رؤبة المشطور (ملحقات ديوان رؤبة ص ١٨٩) ، وهما أيضا في معجم الأدباء لياقوت (١١ / ١٥٠) في ترجمة رؤبة. وهو ينصح الرجال وبعدهما قوله :

واعمد لأخرى ذات دلّ مؤنق

ليّنة اللّمس كلمس الخرنق

اللغة : تملق : من معنى ترضى. دل مؤنق : أي معجب اسم فاعل من أنق. الخرنق : بكسر أوله وثالثه : ولد الأرنب.

وشاهده : واضح. وقال بعضهم : ليست لا الناهية الجازمة ، وإنما هي النافية والواو فيه للحال (حاشية يس على التصريح : ١ / ٨٧) والتمثيل بالأبيات الثلاثة للألف والياء والواو.

والبيت في التذييل والتكميل (١ / ٢٠٧) ، ومعجم الشواهد (ص ٥٠٨).

(٣) البيت من بحر الوافر مطلع قصيدة لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي قالها في قصة شحناء وقعت بينه وبين بني زياد بسبب درع أخذها الربيع بن زياد منه فأخذ قيس إبلهم ، فباعها لعبد الله ابن جدعان القرشي بمكة ، وذلك قوله بعد بيت الشاهد

ومحبسها على القرشيّ تشرى

بأدراع وأسياف حداد

انظر القصيدة في أمالي ابن الشجري (١ / ٨٥).

اللغة : الأنباء : الأخبار ، تنمي : تشيع وتنشر. لبون : الناقة الشابة ويروى مكانها قلوص. بنو زياد : هم الربيع وإخوته : عمارة وقيس وأنس وأمهم فاطمة بنت الخرشب الأنمارية إحدى المنجبات في العرب. وقيس يفتخر بشجاعته وقوته على بني زياد حيث اغتصب إبلهم. وشاهده كالذي قبله وقوله : بما لاقت : فاعل يأتيك زيدت فيه الباء ضرورة وقيل الفاعل مضمر وهذا يتعلق به ، والبيت في شرح التسهيل (١ / ٥٦) ، وفي التذييل والتكميل (١ / ٢٠٦) ، وفي معجم الشواهد (ص ١٢٣).

٢٩٤

______________________________________________________

وقول الآخر :

٧٤ ـ هجوت. زبّان ثمّ جئت معتذرا

من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع (١)

فاكتفى قائل ذلك بحذف الحركة المقدرة. وهذا مما يقوى به مذهب سيبويه ، وهو أن الفعل المعتل يقدر فيه الحركات كما يقدر في الاسم المعتل.

ومنع بعضهم إثبات الألف ، وعلله بأن الألف لا تقبل الحركة فلا يجوز لذلك إجراء ما هي فيه مجرى الصحيح. وبأن الجازم (٢) إذا حذف الحركة المقدرة فيها ، وجب رجوع الألف إلى أصلها لفقد الموجب لانقلابها وهو الحركة ، فيقال : لم يخش ؛ فلما لم يقولوا ذلك دل على أنهم لا يحذفون الحركة المقدرة في الألف.

وقد استدل على إثبات الألف حال الجزم بقوله تعالى : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى)(٣) وبقول القائل : «ولا ترضّاها» في البيت المتقدم. وبقول الآخر :

٧٥ ـ وتضحك منّي شيخة عبشميّة

كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا (٤)

__________________

(١) البيت من بحر البسيط وهو لأبي عمرو بن العلاء ، وقد احتج به صاحب نزهة الألباء على أن أبا عمرو اسمه زبان وأن الفرزدق كان قد هجاه ، ثم جاء يعتذر إليه ، فقال له أبو عمرو هذا البيت (نزهة الألباء ص ٢٤).

اللغة : زبان : أصله من الزبب وهو كثرة الشعر وطوله وهو أحد ألقاب أبي عمرو أو أحد أسمائه.

ولم تدع : لم تترك الهجو. ومعناه واضح.

والشاهد في هذه الأبيات الثلاثة : بقاء حرف العلة في المضارع المجزوم للضرورة وهو في الأول : الألف وفي الثاني : الياء وفي الثالث : الواو. ومثل ذلك قوله (من الوافر) :

فإنك إن ترى عرصات جمل

بعافية فأنت إذا سعيد

وقول امرئ القيس (من الطويل) وهو في الأمر : ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي. وبيت الشاهد في شرح التسهيل (١ / ٥٦) ، وفي التذييل والتكميل (١ / ٢٠٦) ، وفي معجم الشواهد (ص ٢٣٠).

(٢) علة ثانية لوجوب حذف الألف عند دخول الجازم.

(٣) سورة طه : ٧٧. وفي نسخة (ب) : لا تخاف ، والاستشهاد على أن لا فيه ناهية فيجب جزمه.

قال ابن خالويه (الحجة في القراءات ص ٢٤٥) : «أجمع القراء على الرفع في : لا تخاف إلا حمزة ؛ فإنه قرأه بالجزم على طريق النّهي فالحجة لمن رفع أنه جعل لا فيه بمعنى ليس. فإن قيل : فما حجّة حمزة في إثبات الياء في تخشى وحذفها علم الجزم؟

قيل : له في ذلك وجهان ....» انظر الشرح وانظر القراءات في كتاب النشر (٢ / ٣٢١).

(٤) البيت من بحر الطويل من قصيدة قالها عبد يغوث بن وقاص الحارثي ، وكان أسر يوم الكلاب مطلعها :

ألا لا تلوماني كفى اللّوم ما بيا

فما لكما في اللّوم خير ولا ليا

٢٩٥

______________________________________________________

وتأول السيرافي الآية الكريمة : على أن : ولا تخشى مجزوم بحذف الألف ، وأن هذه الألف جيء بها لمراعاة الفواصل ، وتأوله بعضهم على أنه مرفوع على الاستئناف أي : ولأنت لا تخشى (١).

وأما : ولا ترضّاها فيؤول على أنه فعل مرفوع خبر لمبتدأ محذوف ، والجملة حالية أو مستأنفة.

وأما : كأن لم ترى قبلي ، في رواية من رواه بالألف : فقيل : الألف إشباع.

وتأوله الفارسي : على أن أصله ترأى على لغة من قال : رأى يرأى بإثبات الهمزة في المضارع ، فلما دخل الجازم حذف الألف ، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الراء وأبدلت الهمزة ألفا ، كما قالوا في المرأة والكمأة : المراة والكماة. ولم تحذف الهمزة على قياس النّقل ، والتخفيف الكثير في كلامهم (٢). ـ

__________________

وبعد بيت الشاهد قوله :

وظلّ نساء الحيّ حولي ركّدا

يراودن منّي ما تريد نسائيا

وقد علمت عرسي مليكة أنني

أنا الليث معديّا عليه وعاديا

انظر القصيدة في المفضليات : (٢ / ٦٠٧) (الآباء اليسوعيين ـ بيروت سنة ١٩٢٠).

اللغة : شيخة عبشميّة : أي من بني عبد شمس ، وقد ضحكت منه لأن ابنها الأهوج أسره ، وكان عبد يغوث سيد قومه.

وشاهده : بقاء حرف العلة مع الجازم فقيل ضرورة وقيل الياء ليست حرف علة وإنما هي ياء المخاطبة وفي البيت التفات من الغيبة إلى الخطاب والفعل مجزوم بحذف النون. وانظر رأي الفارسي أيضا في الشرح.

والبيت في التذييل والتكميل (١ / ١٩٧) ، وفي معجم الشواهد (ص ٤٢٣).

ترجمة الشاعر : هو عبد يغوث بن وقاص الحارثي ، شاعر من أهل بيت شعر معروف في الجاهلية والإسلام.

كان فارسا وسيدا لقومه بني الحارث بن كعب وكان قائدهم في يوم الكلاب وفي هذا اليوم أسر وقتل.

انظر ترجمته وأخبار أسره وقتله وقصة بيت الشاهد في الخزانة (٢ / ١٧٢).

(١) قال السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه (٤ / ٤٥٩) (رسالة دكتوراه بكلية اللغة العربية) وتقول : «ذره يقل ذاك وذره يقول ذاك فالرفع من وجهين : أحدهما على الابتداء والآخر على قوله : ذره قائلا ذاك فتجعل يقول في موضع قائل. فمثال الجزم قوله تعالى : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) [الحجر : ٣].

ومثال الرفع قوله جل ثناؤه : (ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) [الأنعام : ٩١] ، وقال الله تعالى : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) فالرفع على الوجهين على الابتداء وعلى قوله : اضرب غير خائف ولا خاش».

(٢) انظر في تخريج رأي أبي علي الفارسي : المسائل العسكريات له (ص ٢٦٤) د / الشاطر.

٢٩٦

[الضرورة وإعراب الأفعال والأسماء]

قال ابن مالك : (ويظهر لأجلها جرّ الياء ورفعها ورفع الواو ويقدّر لأجلها كثيرا ، وفي السّعة قليلا نصبهما ورفع الحرف الصّحيح وجرّه ، وربّما قدّر جزم الياء في السّعة).

______________________________________________________

وقد روي : كأن لم تري على أن التاء للخطاب على طريق التفات إليه من الغيبة ، فلا شاهد في البيت على هذا.

وذهب بعضهم عند إثبات الحروف الثلاثة حال الجزم إلى أن المحذوف هو الضمة الظاهرة ، وأن ذلك على لغة من ضم الياء والواو [١ / ٧٨] حال الرفع ، كما سيأتي أن رفعهما قد يظهر في الضرورة. والقائلون بذلك منعوا إقرار الألف مع الجازم ؛ لأن الألف لا يظهر فيها الضمة ولا غيرها من الحركات.

وليس هذا القول بصحيح ؛ لأن إثبات هذه الأحرف مع الجازم قد جاء كثيرا. وتحريك الياء والواو بالضم إنما هو لغة ضعيفة على أن ذلك مسموع من غير أصحاب تلك اللغة أيضا.

واعلم أنه يجوز في الشعر الجزم بعد حذف هذه الأحرف تشبيها بما لم يحذف منه شيء تقول : لم يغز ، ولم يخش ، ولم يرم ؛ فيسكن بعد الحذف كما يسكن يضرب إذا دخل عليه جازم.

ومنه قول الشاعر :

٧٦ ـ ومن يتّق فإنّ الله معه

ورزق الله مؤتاب وغادي (١)

حذف حركة القاف من يتق بعد حذف الياء.

قال ناظر الجيش : أي : ويظهر لأجل الضرورة جر الياء ورفعها ورفع الواو ، ـ

__________________

(١) البيت من بحر الوافر ومع دورانه في كتب النحو واللغة لم ينسب إلى أحد.

اللغة : ومن يتق : من التقوى وهو موضع الشاهد حيث سكنت القاف وحقها الكسر.

مؤتاب وغادي : آت ورائح ، والبيت في لسان العرب (مادة : أوب) (١ / ١٦٧) مستشهدا به على أن آب وائتاب بمعنى واحد. ومعنى البيت من قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق : ٢ ، ٣].

وانظر البيت في التذييل والتكميل (١ / ٢١٠) وفي معجم الشواهد (ص ١٢٤).

٢٩٧

______________________________________________________

فظهور جر الياء كقول أبي طالب :

٧٧ ـ كذبتم وبيت الله نبزي محمّدا

ولم تختضب سمر العوالي بالدّم (١)

وقول الآخر :

٧٨ ـ ما إن رأيت ولا أرى في مدّتي

كجواري يلعبن في الصّحراء (٢)

وظهور رفعها في الاسم كقول جرير :

٧٩ ـ وعرق الفرزدق شرّ العروق

خبيث الثّرى كابي الأزند (٣)

__________________

(١) البيت من بحر الطويل قاله أبو طالب عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قصيدة يسفه فيها أحلام قريش ؛ حيث طلبوا منه أن يسلم لهم محمدا ليقتلوه.

اللغة : نبزي : نبطش به أو نقهره. تختضب : تتلون. العوالي : جمع عالية وهي رأس الرمح.

وأبو طالب يهدد قريشا بالحرب ويذكر أنه لن يسلم لهم محمدا إلا بالسيف وقتل الفرسان.

وقد روي البيت برواية أخرى.

يرجون أن نسخى بقتل محمّد

ولم تختضب سمر العوالي بالدّم

كما روي برواية ثالثة (لسان العرب مادة (بزا) :

كذبتم وبيت الله يبزى محمد

ولما نطاعن دونه ونناضل

ولا شاهد في البيت على هذه الرواية وشاهده قوله : سمر العوالي حيث ظهرت الكسرة فوق المعتل بالياء ضرورة.

والبيت في معجم الشواهد (ص ٣٦٢) وفي شرح التسهيل (١ / ٥٦) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢١١).

(٢) البيت من بحر الكامل قال عنه محقق شرح المفصل لابن يعيش : (١٠ / ١٠٤) : لم أقف على نسبة هذا البيت ولا وجدت أحدا ذكر له سابقا أو لاحقا.

اللغة : مدتي : أي مدة عمري. الجواري : جمع جارية وهي الشابة.

وفي البيت ضرورتان : إثبات الياء وتحريكها ، وكان حقه أن يحذفها فيقول : جوار.

الثانية : أنه صرف ما لا ينصرف ؛ وكان الوجه لما أثبت الياء إجراء لها مجرى الصحيح أن يمنع من الصرف فيقول : كجواري (شرح الشافية : ٤ / ٤٠٤). والبيت في معجم الشواهد (ص ٢٤) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢١١).

(٣) البيت من بحر المتقارب من قصيدة طويلة لجرير يهجو فيها الفرزدق مطلعها :

زار الفرزدق أهل الحجاز

فلم يحظ فيهم ولم يحمد

وأخزيت قومك عند الحطيم

وبين البقيعين والفرقد

انظر الديوان (ص ١٠٢).

اللغة : الحطيم : ما بين الركن وزمزم والمقام. البقيعين والفرقد : من بقاع المدينة. خبيث الثرى : لئيم الأصل. كابي الأزند : أي زنده لا يقدح ومعناه : لا خير فيه.

والبيت من أقذع أنواع الهجاء حيث إن المهجو لئيم في نفسه ولئيم في آبائه وأجداده.

٢٩٨

______________________________________________________

وفي الفعل كقول الآخر :

٨٠ ـ فعوضني منها غناي ولم تكن

تساوي عندي غير خمس دراهم (١)

وظهور رفع الواو كقول رجل من طيئ :

٨١ ـ إذا قلت علّ القلب يسلو قيّضت

هواجس لا تنفكّ تغريه بالوجد (٢)

وتقدر لأجل الضرورة كثيرا نصب الياء والواو ، فمثال الياء قول الشاعر :

٨٢ ـ كأنّ أيديهنّ بالقاع القرق

أيدي جوار يتعاطين الورق (٣)

وقول زهير : ـ

__________________

واستشهد به على ما في البيت قبله ؛ حيث حركت الياء بالضمة وهذا لا يجوز.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٥٧) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢١٢).

وهو في معجم الشواهد (ص ١٣٠).

(١) البيت من بحر الطويل لرجل من الأعراب يمدح عبد الله بن العباس رضي‌الله‌عنهما وكان عبد الله نزل به وهو متوجه إلى معاوية بالشام فأضافه الإعرابي وذبح له عنزا لا يملك سواها ، فأعطاه عبد الله ما أغناه ، فمدحه بأبيات مطلعها :

توسّمته لما رأيت مهابة

عليه وقلت المرء من آل هاشم

انظر خبر ذلك والأبيات في الدرر اللوامع : (١ / ٣٠). والبيت واضح بعد ذلك معنى وشاهدا.

وانظر مراجعه في معجم الشواهد (ص ٣٦٥) وفي التذييل والتكميل : (١ / ٢١٢).

(٢) البيت من بحر الطويل ولم ينسب إلا لرجل من طيئ كما في الشرح.

اللغة : قيضت : سلطت. الهواجس : الخواطر. لا تنفك : لا تزال. تغريه : تدفعه. والشاعر يمني نفسه بنسيان أحبابه ولكنه لا يستطيع. وشاهده واضح. وانظر : البيت في شرح التسهيل (١ / ٥٧).

وفي التذييل والتكميل (١ / ٢٠٧). وهو في معجم الشواهد (ص ١١٠).

(٣) البيتان من رجز رؤبة في ملحقات ديوانه (ص ١٧٩) وهما بيتان مفردان يصف فيهما إبلا.

اللغة : القاع : المكان المستوي. القرق : بفتح القاف وكسر الراء الأملس أو الذي فيه الحصى. جوار : جمع جارية وهي الشابة : يتعاطين الورق : يناول الدراهم بعضهن بعضا.

المعنى : يشبه رؤبة حذف مناسم الإبل للحصى بحذف الجواري للدراهم وهن يلعبن بها.

ويستشهد بالبيت على إسكان الياء في حالة النصب وهو جائز في الضرورة (الضرائر لابن عصفور : ص ١٦٥) بل من أحسن الضرورات.

انظر البيت في شرح التسهيل (١ / ٥٧) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢١٣) وفي معجم الشواهد (ص ٥٠٥).

٢٩٩

______________________________________________________

٨٣ ـ ومن يعص أطراف الرّماح فإنّه

يطيع العوالي ركّبت كلّ لهذم (١)

وقول الآخر [١ / ٧٩] :

٨٤ ـ ولو أنّ واش باليمامة داره

وداري بأعلى حضر موت اهتدى ليا (٢)

وقول الآخر :

٨٥ ـ وكسوت عار لحمه فتركته

جذلان يسحب ذيله ورداه (٣)

__________________

(١) البيت من بحر الطويل من معلقة زهير التي سبق الحديث عنها ، والبيت من حكمه المشهورة في تلك القصيدة التي أعجب بها عمر بن الخطاب وهي مشهورة.

ويلاحظ اختلاف رواية الشاهد في الديوان والشرح.

اللغة : اللهذم : القاطع والمقصود السيف الباتر.

والمعنى : من أبى الصلح وعصاه أطاع العوالي وجاء بالحرب. وهو كسابقه في الشاهد.

والبيت ليس في معجم الشواهد ، ولكنه في شرح التسهيل (١ / ٥٧) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢١٣).

(٢) البيت من بحر الطويل وهو لمجنون ليلى من قصيدة له اسمها المؤنسة وهي أطول قصائده قيل : كان يحفظها دون أشعاره وينشدها إذا خلا بنفسه ، وهي من السيولة والرقة بمكان ، انظرها في الديوان (ص ٢٠٤ ، ص ٢٩٤) طبعة دار الكتاب العربي ومطلعها :

تذكرت ليلى والسّنين الخواليا

وأيام لا نخشى على الدّهر ناهيا

ويستشهد بالبيت على عدم ظهور النصب في واش وهو عند أكثرهم ضرورة.

أقول : وتسكين المنقوص النكرة في حالة النصب قبيح ؛ حيث يخلو الاسم من الحركة والألف واللام بخلاف المعرفة الذي يفقد الحركة فقط (انظر الأخطاء النحوية والصرفية في شعر المتنبي ، رسالة ما جستير للدكتور / علي محمد فاخر بكلية اللغة ص ١٢٣). والبيت في معجم الشواهد (ص ١٢٤) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢١٣).

ترجمة الشاعر : هو قيس بن معاذ ويقال له قيس بن الملوح من بني عقيل بن كعب ، لقب بالمجنون لذهاب عقله من شدة عشقه ، تعلق حبه بليلى وهما صبيان حتى كبر فكبر حبه معه ونسي كل شيء إلا حبه لليلى ، وقد شبب بها حتى هدر السلطان دمه. ولما خطبها من أبيها أبى ؛ لأنه فضحها في شعره وكانت ليلى تبادله الحب وتحفظ شعره ـ هجر قيس الناس وعاش في الصحراء. وفي يوم طلبه أبوه وإخوته فوجدوه ميتا بها ، وكان ذلك سنة (٦٨ ه‍).

انظر ترجمة قيس في الشعر والشعراء (٢ / ٥٦٨) ، الأعلام (٦ / ٦٠).

(٣) البيت من بحر الكامل لم ينسب في مراجعه ، وقائله يفتخر أنه كسا عاريا وألبسه لباسا حسنا ؛ مما جعل ذلك المكسو مسرورا جذلا.

وشاهده قوله : عار وكان الأولى أن يقول عاريا ، فقدر الفتحة على المنقوص النكرة وهو قبيح. والبيت في معجم الشواهد (ص ١١٩) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢١٤).

٣٠٠