شرح ابن طولون - ج ٢

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

فيقال : «باضّ» ، فيلتبس بـ «فاعل» (١) من المضاعف ، نحو «باضّ» (٢). وأمّا نحو «أهوى» ممّا أعلّت لامه ، فلو نقلت فيه الحركة ، لتوالى عليه الإعلال والتّحريك.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ومثل (٣) فعل في ذا الاعلال اسم

ضاهى مضارعا وفيه وسم

يعني : أنّ الفعل يشاركه في وجوب الإعلال بالنّقل المذكور كلّ (٤) اسم أشبه المضارع في زيادته لا في وزنه ، أو في وزنه لا في زيادته ، فشمل صورتين :

(الأولى) (٥) : أن تبني من «البيع» مثل «تحلىء» (٦) ، فتقول : «تبيع» ، وأصله «تبيع» ـ بسكون الباء ـ فأعلّ ، لأنّه أشبه الفعل المضارع في الزّيادة وهي التّاء ، وخالفه في الوزن.

والثّانية : نحو «مقام» ، أصله «مقوم» فأشبه الفعل المضارع في الوزن نحو «تشرب» وخالفه في الزّيادة ، لأنّ الميم لا تزاد في أوّل المضارع. وهذا معنى قوله : «وفيه وسم» أي : فيه علامة يمتاز بها عن الفعل.

وفهم منه : أنّ الاسم إذا كان شبيها / بالمضارع في الوزن والزّيادة ـ لم يعلّ ، نحو «أبيض ، وأسود» ، لأنّه لو أعلّ ، لالتبس بالفعل ، إذ ليس فيه علامة يمتاز بها عنه.

وفهم منه أيضا : أنّه إن لم يشابه الفعل المضارع لا في الوزن ولا في الزّيادة ـ

__________________

(١) قال ابن حمدون : وليس المراد بـ «فاعل» في كلامه اسم فاعل من «باض» ، لأن اسم الفاعل وإن كان على هذا الوزن أيضا ، لكنه منون ، والذي يقع في اللبس به إنما هو المفتوح الضاد الغير المنون ، وإن كان في التصريح صرح بأن اللبس يقع باسم الفاعل. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٩٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٣.

(٢) في الأصل : قاضي. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٦. وباض : فعل ماض من البضاضة ، والبضاضة : نعومة البشرة والجلد. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٩٦ ، اللسان : ١ / ٢٩٦ (بضض). وذهب الأزهري في التصريح (٢ / ٣٩٣) إلى أن «باض» اسم فاعل من البضاضة.

(٣) في الأصل : الواو. ساقط. انظر الألفية : ٢٠٩.

(٤) في الأصل : وكل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٦.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٦.

(٦) تحلىء : ـ بكسر التاء وسكون الحاء وكسر اللام وآخره همزة ـ القشر الذي على وجه الجلد مما يلي منبت الشعر ، ويطلق على وسخ الشعر وسواده ، وما فسد من الجلد إذا أزيل منه الشعر بالسكين. انظر اللسان : ٢ / ٩٥٥ (حلأ) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٩٦ ، حاشية الخضري : ٢ / ٢٠٤.

٤٤١

لم يعلّ ، كـ «مكيال». وقد فهم من هذا القانون أنّ نحو «مفعل» ، كـ «مخيط» ـ يعلّ ، لأنّه أشبه الفعل المضارع في الوزن دون الزّيادة ، لأنّه مثل «تفعل» بكسر التّاء (١) ـ (في لغة) (٢) كنانة (٣) ، فأخرجه بقوله رحمه تعالى :

ومفعل صحّح كالمفعال

 ...

يعني : إنّما صحّح «مفعل» ، وإن كان ظاهره يقتضي الإعلال ، لأنّه حمل على «مفعال» ـ بالألف ـ ، و «مفعال» لم يشبه الفعل لا في الوزن ولا في الزّيادة (٤).

وذكر كثير من أهل التّصريف : أنّه إنّما صحّح ، لأنّه مقصور منه ، فهو هو (٥).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

 ...

وألف الإفعال واستفعال

أزل لذا الإعلال والتّا الزم عوض

 ...

__________________

(١) في الأصل : يفعل بكسر الياء. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٦.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٦.

(٣) انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٦. وقال ابن مالك في شرح الكافية : لأنه على وزن «تعلم» على لغة بني أخيل. انتهى. وقال أبو حيان : فالحجاز تفتح ـ يقصد حرف المضارعة ـ نحو «تعلم وتنشأ ، ويتغافل وتنقاد وتستخرج» وغيرهم من العرب : قيس وتميم وربيعة ومن جاورهم يكسر إلا في الياء فيفتح ، إلا بعض كلب فيكسر فيها وفي غيرها من الثلاثة. انتهى.

وقال السيوطي في الهمع : وكسره أي : أول المضارع إلا الياء إن كسر ثاني الماضي كـ «تعلم» أو زيد أوله تاء كـ «يتدحرج ويتعلم» أو وصل كـ «يستعين» أو الياء أيضا مطلقا ، قرىء : فإنهم يألمون كما تيلمون بكسر الياء والتاء. انتهى.

انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٦. شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٣١٤١ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٨٨ ، الهمع : ٦ / ٣٤ ، الكتاب : ٢ / ٢٥٦ ، شرح الشافية للرضي : ١ / ١٤١ ، شرح الكافية للرضي : ٢ / ٢٢٨ ، التسهيل : ١٩٧ ـ ١٩٨.

(٤) قال ابن مالك في شرح الكافية (٤ / ٢١٤١): «مفعال» كـ «مسواك» مستحق للتصحيح ، لأنه غير موازن للفعل ، لأجل الألف التي قبل لامه ، و «مفعل» شبيه به لفظا ومعنى ، فصحح حملا عليه». وانظر شرح ابن الناظم : ٨٦٠ ، المقتضب : ١ / ٢٤٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ، شرح المكودي : ٢ / ١٩٦.

(٥) لا أنه محمول عليه ، قال سيبويه : «وسألته : أي : الخليل ـ عن «مفعل» لأي شيء أتم ، ولم يجر مجرى «أفعل» ، فقال : لأن «مفعلا» إنما هو من «مفعال» ألا ترى أنهما في الصفة سواء ... وقد يعتوران الشيء الواحد ، نحو «مفتح ومفتاح» ، و «منسج ومنساج» ، و «مقول ومقوال» ، فإنما أتممت فيما زعم الخليل أنها مقصورة من «مفعال» أبدا. انتهى.

انظر الكتاب : ٢ / ٣٦٧ ، شرح المرادي : ٦ / ٦٣ ، المنصف : ٣٢٣١ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢٢ ، شرح الملوكي : ٢٢٣ ، الممتع : ٢ / ٤٨٧ ، حاشية الخضري : ٢ / ٢٠٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٤ ، شرح ابن يعيش : ١٠ / ٨٦.

٤٤٢

يعني : إذا كان المستحقّ للنّقل والإعلال المذكورين مصدرا على «إفعال» أو «استفعال» ـ حمل على فعله ، فنقلت حركة عينه إلى فائه ، ثمّ تقلب (١) ألفا ، لمجانسة الفتح ، فيجتمع ألفان ، الأولى : المنقلبة عن العين ، والثّانية الألف الّتي كانت بعد العين (٢) ، فتحذف الثّانية ويلزم حينئذ التّاء ، عوضا عن الألف المحذوفة ، وذلك نحو : «إجازة ، واستقامة» ، أصلهما «إجوازا (٣) / ، واستقواما ، ونظير «إجواز» من الصّحيح «إكرام» ، ونظير «الاستقوام» من الصّحيح «استدراك» ، فنقلت حركة العين فيهما إلى السّاكن قبلهما ، وفعل فيهما ما تقدّم من الحذف والتّعويض.

وقد صرّح بأنّ المحذوف هي الألف الزّائدة بقوله :

 ...

وألف الإفعال واستفعال

أزل ...

 ...

وهو مذهب سيبويه (٤). ثمّ إنّ هذه التّاء الّتي هي عوض قد تحذف ، وإليه أشار ، فقال رحمه‌الله تعالى :

 ...

وحذفها بالنّقل ربّما عرض

يعني : أنّ هذه التّاء الّتي تلحق عوضا قد تحذف ، ويقتصر في حذفها على السّماع ، كقولهم : «أرى إراء ، واستقام استقاما».

ويكثر ذلك مع الإضافة ، كقوله (٥) : (وَإِقامَ الصَّلاةِ) [الأنبياء : ٧٣].

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وما لإفعال من الحذف ومن

نقل فمفعول به أيضا قمن

يعني : أنّه إذا بني مثال «مفعول» من فعل ثلاثيّ ، معتلّ العين ، فعل به

__________________

(١) في الأصل : نقلت. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٧.

(٢) في الأصل : بعد العين كانت. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٧.

(٣) في الأصل : استجوازا. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٧.

(٤) والخليل أيضا. وذهب الأخفش والفراء إلى أن المحذوفة بدل من عين الكلمة.

انظر الكتاب : ٢ / ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٦٦ ، المنصف : ١ / ٢٩١ ، المقتضب : ١ / ٢٤٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٤ ، الممتع : ٢ / ٤٩٠ ، شرح المرادي : ٦ / ٦٤ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢٣ ، المقرب : ٢ / ١٨٧ ، شرح المكودي : ٢ / ١٩٧ ، الهمع : ٦ / ٢٧٥.

(٥) في الأصل : كقولهم.

٤٤٣

ما (١) فعل بـ «إفعال» من نقل الحركة إلى السّاكن قبلها (وحذف واو مفعول) (٢)(٣).

وشمل ما كانت عينه ياء ، وما كانت واوا ، ولذلك أتى بمثالين ، فقال رحمه‌الله تعالى :

نحو مبيع ومصون ...

 ...

فأصل «مبيع» : «مبيوع» ، فنقلت حركة الياء إلى الباء ، وبقيت الياء ساكنة بعد ضمّة ، فأبدلت الضّمّة كسرة لتصحّ الياء ، ثمّ حذفت واو «مبيوع» ، فقالوا : «مبيع». وأمّا «مصون» ، فأصله : «مصوون» ، فنقلت حركة الواو إلى الصّاد ، وبقيت الواو / ساكنة ، وحذفت (٤) الواو الّتي بعدها ، وهي واو «مفعول».

وقد يصحّ كلّ واحد من النّوعين ، وإلى ذلك أشار فقال رحمه‌الله تعالى :

 ... وندر

تصحيح ذي الواو وفي ذي اليا اشتهر

يعني : أنّ ما عينه واو من «مفعول» ، قد يصحّح ـ أي : ينطق به على الأصل ـ ، وذلك قليل كقولهم : «ثوب مصوون» (٥) ، وما عينه ياء وهو مشهور (٦).

__________________

(١) في الأصل : ما. مكرر.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٧.

(٣) وذلك لزيادتها ، ولقربها من الطرف ، هذا مذهب سيبويه والخليل. وذهب الأخفش إلى أن المحذوف عين الكلمة ، لأن واو مفعول لمعنى ، ولأن الساكنين إذا التقيا في كلمة حذف الأول. قال المازني : وكلا القولين حسن جميل.

انظر الكتاب : ٢ / ٣٦٣ ، المنصف شرح تصريف المازني : ١ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨ ، شرح المرادي : ٦ / ٦٦ ، شرح الملوكي : ٣٥١ ـ ٣٥٢ ، الممتع : ٢ / ٤٥٥ ـ ٤٥٦ ، شرح ابن يعيش : ١٠ / ٧٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٥ ، المقتضب : ١ / ٢٣٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢ ، الهمع : ٦ / ٢٧٥ ، الإيضاح لابن الحاجب : ٢ / ٤٣٥.

(٤) في الأصل : وحذف. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٧.

(٥) قال ابن مالك في شرح الكافية : ومن العرب من يصحح «مفعولا» من ذوات الواو ، فيقول : «ثوب مصوون» و «فرس مقوود» ، وهو قليل». انتهى. وذهب المبرد في المقتضب إلى جواز تصحيح «مفعول» في ضرورة الشعر ونسب إليه ابن جني وغيره ذلك مطلقا. ونسب الرضي إلى الكسائي إجازة ذلك مطلقا ، فقال : وحكى الكسائي «خاتم مصووغ» وأجاز فيه كله أن يأتي على الأصل قياسا. انتهى.

انظر الكتاب : ٢ / ٣٦٧ ، المقتضب : ١ / ٢٤٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢١٤٤ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ١٤٩ ـ ١٥٠ ، المنصف : ١ / ٢٨٥ ، الممتع : ٢ / ٤٦١ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢٤ ، شرح المرادي : ٦ / ٦٧ ، شرح الملوكي : ٣٥٥ ، الهمع : ٦ / ٢٧٥ ، شرح ابن يعيش : ١٠ / ٨٠.

(٦) وذلك لأن الياء أخف من الواو ، كقوله :

وكأنّها تفّاحة مطيوبة

٤٤٤

وقيل : إنّ تصحيحه لغة بني تميم ، ومنه قولهم : «مبيوع ، ومخيوط» (١).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وصحّح المفعول من نحو عدا

وأعلل ان لم تتحرّ الأجودا

يعني : إذا بني مثل «مفعول» من فعل ثلاثيّ ، واويّ اللام ـ جاز فيه التّصحيح باعتبار تحصّن الواو بالإدغام ، والإعلال لقربها من الطّرف ، وذلك نحو «عدا يعدو (فهو معدوّ) (٢) ، ومعديّ».

وفهم من قوله : «إن لم تتحرّ الأجود» أنّ التّصحيح أجود ، لأنّ معنى «تتحرّى» : تقصد (٣) ، والمعنى : وأعلل إن لم تقصد الأجود ، فمفهومه : أنّك إذا قصدت الأجود لا تعلّ.

وفهم منه : أنّ ما كان (٤) يائيّ الّلام نحو «مرميّ» أصله «مرمويّ» ، وقد تقدّم وجوب إعلاله (٥).

وفهم منه أيضا (٦) : أنّ ما كان واويّ الّلام (من المفعول المبنيّ) (٧) على «فعل» ـ لا يجوز فيه الوجهان ، بل يلزم إعلاله ، نحو «مرضيّ».

__________________

انظر شرح المرادي : ٦ / ٦٨ ، الممتع : ٢ / ٤٦٠ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢٤ ، شرح الملوكي : ٣٥٤.

(١) حكى ذلك المازني وغيره. وجعل المبرد تصحيح نحو هذا جائز للضرورة ، ولم يقل إنه لغة لبعض العرب كما قال سيبويه : «وبعض العرب يخرجه على الأصل فيقول : ومخيوط ومبيوع».

انظر المنصف شرح تصريف المازني : ١ / ٢٨٦ ، الكتاب : ٢ / ٣٦٣ ، المقتضب : ١ / ٢٣٩ ، شرح المرادي : ٦ / ٦٨ ، الممتع : ٢ / ٤٦٠ ، شرح المكودي : ٢ / ١٩٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢١٤٣ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ١٤٩ ، شرح ابن يعيش : ١٠ / ٧٩ ، شرح الملوكي : ٣٥٣.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٨.

(٣) قال ابن منظور : والتحري : القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول». انظر اللسان : ٢ / ٨٥٣ (حرى) ، شرح المكودي : ٢ / ١٩٨.

(٤) في الأصل : ما. ساقط. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٨.

(٥) وذلك عند قوله :

إن يسكن السّابق من واو ويا

واتّصلا ومن عروض عريا

انظر ص ٤٣٢ ـ ٤٣٣ / ٢ من هذا الكتاب.

(٦) في الأصل : أيضا منه. تقديم وتأخير. انظر المكودي : ٢ / ١٩٨.

(٧) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٨.

٤٤٥

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى / :

كذاك ذا وجهين جا الفعول (١) من

ذي الواو لام جمع أو فرد يعن (٢)

يعني : إذا كان مثال «الفعول» (٣) ممّا لامه واو ـ جاز في لامه وجهان :

الإعلال والتّصحيح ، وذلك في الجمع ، نحو «عصيّ» (٤) ، وفي المفرد ، نحو «عتى عتيّا» (٥) ، إلا أنّ إعلال الجمع أولى من التّصحيح ، وتصحيح المفرد أولى من الإعلال ، ولم ينبّه على ذلك النّاظم (٦) ، وفي تقديمه الجمع إشعار ما بذلك.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وشاع نحو نيّم في نوّم

ونحو نيّام شذوذه نمي

يعني : أنّه يجوز فيما كان على وزن «فعّل» ، جمعا ، وعينه واو ـ وجهان :

التّصحيح على الأصل ، نحو «نائم ونوّم ، وصائم وصوّم» ، والإعلال نحو «صيّم ، ونيّم» ، لقرب عينه من الطّرف.

(وأمّا «فعّال» : بالألف ـ فالوجه فيه التّصحيح ، لبعده من الطّرف) (٧) ، نحو «صوّام ، ونوّام».

وقد شذّ في «نوّام» : «نيّام» ، فيحفظ ولا يقاس عليه (٨).

__________________

(١) في الأصل : المفعول. انظر الألفية : ٢١٠.

(٢) في الأصل : يمن. انظر الألفية : ٢١٠.

(٣) في الأصل : المفعول. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٨.

(٤) عصي : جمع «عصا» ، ويجوز أن يقال : «عصو» أيضا بالتصحيح. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢٧.

(٥) أي : استكبر وجاوز الحد ، ويجوز أن يقال أيضا : «عتوا» بالتصحيح. انظر اللسان : ٤ / ٢٨٠٤ (عتا) ، شرح المكودي : ٢ / ١٩٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢٧.

(٦) ونبه على ذلك في الكافية ، حيث قال :

ورجح الإعلال في جمع وفي

مفرد التصحيح أولى ما اقتفي

وقال في شرحها : والتصحيح في المفرد أكثر نحو «علا علوا» ، و «نما نموا» ، والتصحيح في الجمع قليل ، نحو «أب وأبو» ، و «نجو ونجو». انتهى. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢١٤٥ ، شرح المرادي : ٦ / ٧٣ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢٧.

(٧) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٩.

(٨) وذلك لبعد الواو من الطرف ، ومنه قوله :

ألا طرقنا مية بن منذر

فما أرق النيام إلا كلامها

انظر شرح المرادي : ٦ / ٧٥ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ١٧٣ ، شرح المكودي : ٢ / ١٩٩ ، شرح ابن يعيش : ١٠ / ٩٣ ، الممتع : ٢ / ٤٩٨ ، شرح الملوكي : ٤٩٦ ، المنصف : ٢ / ٥ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٢٨.

٤٤٦

فصل

في إبدال فاء الافتعال تاء ، وتاء الافتعال طاء ودالا

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

فصل

[في إبدال فاء الافتعال تاء ، وتاء الافتعال طاء ودالا]

ذو اللّين فاتا في افتعال أبدلا

 ...

يعني : أنّ فاء «الافتعال» وما تصرّف منه ، إذا كان فاؤه حرف لين ، ـ أبدل تاء وأدغم في تاء «الافتعال».

وشمل قوله : «ذو اللّين» الواو نحو «اتّعد» ، أصله : «أو تعد» ، والياء نحو «اتّسر» ، أصله «إيتسر» ، لأنّه من اليسر.

ولا مدخل للألف هنا لأنّها لا تكون فاء ، (وإنّما) (١) أبدلوا منها تاء ، لأنّهم لو أقرّوها لتلاعبت بها الحركات.

فإن كانت بعد ضمّة قلبت واوا ، أو بعد فتحة قلبت ألفا ، أو بعد كسرة قلبت ياء فأبدلوا حرفا جلدا ، وهو التّاء ، لأنّها أقرب حروف (٢) الزّيادة إلى الواو.

فإن كان فاء الافتعال ياء مبدلة من همزة / فقد أشار إليه ، فقال :

 ...

وشذّ في ذي الهمز نحو ائتكلا

يعني : أنّه قد سمع إبدال التّاء من الياء (٣) المبدلة من الهمزة على وجه الشّذوذ. وظاهر تمثيله بـ «ائتكلا» أنّه ممّا سمع فيه الإبدال شذوذا ، والمسموع من ذلك إنّما هو «اتّزر» أي : لبس الإزار (٤) ، فينبغي أن يكون المثال راجعا (لذي

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٩٩.

(٢) في الأصل : حرف. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٣) في الأصل : سمع إبدال الياء من التاء. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٤) انظر اللسان : ١ / ٧١ (ازر) ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

٤٤٧

الهمز ، لا للبدل ، وفي كلام بعضهم ما يدلّ على أنّه مسموع ، فعلى هذا يكون المثال راجعا) (١) لما أبدل تاء من ذي الهمزة.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

طا تا افتعال ردّ إثر مطبق

 ...

يعني : أنّه يجب إبدال تا الافتعال وفروعه طاء بعد حروف الإطباق ، وهي : «الصّاد ، والضّاد ، والطّاء ، والظّاء» ، نحو «اصطبر ، واظطرم ، واطّعن ، واظّهر» (٢) ، أصلها «اصتبر ، واصترم ، واطتعن ، واظتهر» (٣) ، فاستثقل اجتماع التّاء مع حرف الإطباق ، لما بينهما من مقاربة المخرج ، ومباينة (٤) الوصف ، لأنّ التّاء من حروف الهمس ، والمطبق من حروف الاستعلاء فأبدل من التّاء حرف استعلاء (٥) من مخرجها وهو (٦) الطّاء (٧).

ثمّ قال رحمه‌الله :

 ...

في ادّان وازدد وادّكر دالا بقي

يعني : أنّه يبدل أيضا تاء الافتعال (٨) وفروعه دالا (٩) بعد «الدّال ، والزّاي ، والذّال» ، وقد استوفى مثلها.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٢) أصل «اظهر» : «اظتهر» ، أبدلت التاء طاء ، فصار «اظطهر» ، ثم أبدل الثاني من جنس الأول ، وأدغم الظاء في الظاء ، كما سيأتي في الهامش.

(٣) في الأصل : وأظهر. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٤) في الأصل : ماينة. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٥) في الأصل : الاستعلاء. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٦) في الأصل : وهي. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٢٤٤.

(٧) وإذا أبدلت التاء طاء بعد الطاء وجب الإدغام لاجتماع المثلين ، وإذا أبدلت بعد الظاء طاء في نحو «اظطلم» ففيه ثلاثة أوجه : البيان ، والإدغام مع إبدال الأول من جنس الثاني ، ومع عكسه ، وقد روي بالأوجه الثلاثة قول زهير :

هو الجواد الذي يعطيك نائله

عفوا ويظلم أحيانا فيظطلم

روي : «فيظطلم» و «فيظلم» و «فيطلم». انظر الكتاب : ٢ / ٤٢١ ، شرح المرادي : ٦ / ٨١ ، شرح الملوكي : ٣١٦ ، ٣١٩ ، المنصف : ٢ / ٣٢٩ ، شرح ابن يعيش : ١٠ / ٤٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩١ ، سر الصناعة : ١ / ٢١٩ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ٢٨٣ ، ٢٨٨.

(٨) في الأصل : الأفعال. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٩) في الأصل : إلا. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

٤٤٨

فـ «ادّان» أصله «ادّتان» إذا أخذ الدّين (١) ، فأبدل من التّاء دالا (٢).

و «ازدد» فعل أمر من «زاد» أصله «ازتد» ، فأبدل من التّاء دالا (٣).

و «ادّكر» فعل أمر من / «ذكر» ، (أصله : اذتكر) (٤) ، فأبدلت التّاء دالا (٥) ، ثمّ قلبت الذّال دالا (٦) ، وأدغمت الدّال في الدّال (٧).

__________________

(١) انظر اللسان : ٢ / ١٤٦٨ (دين) ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٢) في الأصل : إلا. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٣) في الأصل : إلا. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠ ، وفي الأصل أيضا : وأدغمت فيها الدال الأولى. زيادة ، وهي زيادة لا معنى لها هنا.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٥ ـ ٦) في الأصل : ذالا. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٧) وإذا أبدلت تاء الافتعال دالا بعد الدال وجب الإدغام لاجتماع المثلين ، وإذا أبدلت بعد الزاي جاز الإظهار والإدغام بقلب الثاني إلى الأول دون عكسه ، فيقال : «ازدجر ، وازجر» ، ولا يجوز : «ادجر» لفوات الصفير ، وإذا أبدلت دالا بعد الذال جاز ثلاثة أوجه : الإظهار والإدغام بوجهيه ، فيقال : «اذدكر» ، ومنه قول :

والهرم تذريه اذدراء عجبا

و «ادكر» ، و «اذكر» بذال معجمة ، وهذا الثالث قليل ، وقد قريء شاذا : فهل من مذكر بالمعجمة.

انظر شرح الأشموني : ٤ / ٣٣٢ ، المنصف : ٢ / ٣٣٠ ـ ٣٣١ ، شرح المرادي : ٦ / ٨٣ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ٢٢٧ ، سر الصناعة : ١ / ١٨٧ ـ ١٨٨ ، شرح ابن يعيش : ١ / ١٥٠ ـ ١٥١ ، الممتع : ١ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، شرح الملوكي : ٣٢٢ ـ ٣٢٤ ، المقرب : ٢ / ١٦٦.

٤٤٩

فصل في أنواع من الحذف

ثمّ قال :

فصل [في أنواع من الحذف]

فا أمر أو مضارع من كوعد

احذف وفي كعدة ذاك اطّرد

يعني : أنّه يجب حذف فاء الكلمة إذا كانت واوا في ثلاثة (١) مواضع :

الأوّل : فعل الأمر ، نحو «عد» ، وهو محمول (٢) على الفعل المضارع ، لوجود علّة الحذف في الفعل المضارع.

الثّاني : المضارع إذا كان على «يفعل» ـ بفتح الياء ، وكسر العين ـ نحو «يعد» ، لوقوع الواو ساكنة بين فتحة وكسرة لازمة ، وحمل عليه «أعد ، ونعد ، (وتعد)» (٣).

وفهم من قوله : «من كوعد» أنّ الواو تحذف في الأمر والمضارع ، إذا كان بعدها فتحة نائبة عن الكسرة ، نحو «وهب يهب» فإنّ قياسه «يهب» ـ بكسر الهاء ـ ، لكن فتحت لكونها من حروف الحلق.

وفهم منه أيضا أنّ حذف الواو المذكورة مشروط (٤) بأن يكون حرف المضارعة مفتوحا فلو كان مضموما لم يحذف ، نحو «يوعد» مبنيّا للمفعول ، وأن يكون ما بعد الواو مكسورا ، فلو كان غير مكسور نحو «يوجد» لم يحذف.

وفهم منه أيضا : أن يكون ذلك في فعل ، (فلو) (٥) بنيت من «الوعد» مثل «يقطين» قلت : «يوعيد» (٦).

__________________

(١) في الأصل : ثلاث. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٢) في الأصل : مجهول. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٠.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١.

(٤) في الأصل : مشروطة. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١.

(٦) في الأصل : يوعد. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١.

٤٥٠

الثّالث : المصدر من نحو «وعد» (١).

وفهم من قوله : «كعدة» أن يكون المحذوف منه مصدرا ، فلو كان اسما لم يحذف نحو «وجهة» (٢).

وفهم منه أيضا : أنّ المصدر / إذا أريد به الهيئة ، لم يحذف ، نحو «الوعدة».

ثم قال رحمه‌الله تعالى :

وحذف همز أفعل استمرّ في

مضارع وبنيتي متّصف

يعني : أنّه اطّرد حذف الهمزة من «أفعل» في المضارع ، وفي اسم الفاعل واسم المفعول ، وهو المعبّر عنهما بـ «بنيتي متّصف».

وكان الأصل أن لا تحذف الهمزة في ذلك ، كما لا يحذف سائر الزّوائد من الفعل ، نحو «تدحرج ، وخاصم» ، لكن استثقل اجتماع همزتين في فعل المتكلّم في نحو «أكرم» ، فحذفت الهمزة ، وحمل على «أكرم» : «تكرم ، ونكرم ، ويكرم» ، واسم الفاعل ، واسم المفعول (٣).

والمراد بـ «أفعل» : الفعل الماضي.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ظلت وظلّت في ظللت استعملا

وقرن في اقررن وقرن نقلا

يعني : أنّ «ظللت» بكسر الّلام يجوز أن يحذف منه إحدى الّلامين ، مع كسر الظّاء وفتحها ، فتقول : «ظلت ، وظلت».

وظاهر النّظم أنّ هذا الحكم مخصوص بهذا الّلفظ ، وزاد سيبويه «مسست» (٤) ، وفي القياس عليهما خلاف (٥). وقوله :

__________________

(١) في الأصل : عدة. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١. وهو أيضا محمول على الفعل المضارع في الحذف. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١ ، شرح المرادي : ٦ / ٩٦.

(٢) قال ابن حمدون في حاشيته (٢ / ٢٠١): «وجهة» بكسر الواو اسم للمكان المتوجه إليه ، وليس اسم مصدر للتوجه ، ولو قلنا بذلك لكان إثبات الواو شاذا. انتهى.

(٣) وذلك كما حمل على «يعد» سائر أفعال المضارع. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١ ، شرح الملوكي : ٣٣٥ ، ٣٤٣.

(٤) قال سيبويه في الكتاب (٢ / ٤٠٠): «ومثل ذلك قولهم : «ظلت ، ومست» ، حذفوا ، وألقوا الحركة على الفاء ، كما قالوا : «خفت» ، وليس هذا النحو إلا شاذا ، والأصل في هذا عربي كثير ، وذلك قولك : «أحسست ومسست ، وظللت». انتهى. وانظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١ ، شرح المرادي : ٦ / ١٠٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٧ ، الهمع : ٦ / ٢٥٣.

(٥) فذهب الشلوبين إلى أن هذا الحذف مطرد في كل فعل مضاعف على «فعل» وصرح سيبويه

٤٥١

وقرن في اقررن وقرن نقلا

يعني : أنّه يستعمل هذا التّخفيف (١) في فعل الأمر ، فقيل فيه : «قرن» بكسر القاف ، وهي قراءة غير نافع وعاصم (٢) في قوله تعالى : (وَقَرْنَ / فِي بُيُوتِكُنَ)(٣) [الأحزاب : ٣٣].

وقوله : «وقرن نقلا» إشارة إلى قراءة عاصم ونافع (٤).

__________________

بأنه شاذ ، ولم يرد إلا في لفظين من الثلاثي ، وهما : «ظلت ، ومست» ، في «ظللت» و «مسست» ، وفي لفظ ثالث من الزائد على الثلاثة ، وهو «أحست» في «أحسست». وممن ذهب إلى عدم اطراده ابن عصفور وابن الضائع ، وحكي في التسهيل أن الحذف لغة سليم ، وبذلك يرد على ابن عصفور ومن وافقه. وحكى ابن الأنباري الحذف في لفظ من المفتوح ، وهو «همت» في «هممت» ، وإطلاق التسهيل شامل للمفتوح والمكسور والثلاثي ومزيده.

انظر الكتاب : ٢ / ٤٠٠ ، الهمع : ٦ / ٢٥٣ ، شرح المرادي : ٦ / ١٠٠ ، الممتع لابن عصفور : ٢ / ٦٦١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٧ ، التسهيل : ٣١٤.

(١) في الأصل : التحقيق. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١.

(٢) هو عاصم بن أبي النجود بهدلة الكوفي الأسدي بالولاء ، أبو بكر ، أحد القراء السبعة ، تابعي من أهل الكوفة ، ثقة من القراءات ، صدوقا في الحديث ، قيل : اسم أبيه عبيد ، وبهدلة : اسم أمه ، توفي بالكوفة سنة : ١٢٧ ه‍.

انظر ترجمته في طبقات القراء : ١ / ٣٤٦ ، ميزان الاعتدال : ٢ / ٥ ، الأعلام : ٣ / ٢٤٨ ، النشر في القراءات العشر : ١ / ١٥٥.

(٣) وفيه وجهان :

أحدهما : أنه أمر من «قر يقر» ، حذفت إحدى الراءين ، كما حذفت إحدى اللامين في «ظلت» ، فرارا من التكرير.

والثاني : أنه من «وقر يقر» إذا ثبت ، ومنه الوقار ، والفاء محذوفة.

وقرأ نافع وعاصم وأبو جعفر «وقرن» بفتح القاف ، وهو أمر من «قررن» ـ بكسر الراء الأولى ـ «يقررن» ـ بفتحها ـ ، فالأمر منه «اقررن» ، حذفت الراء الثانية الساكنة لاجتماع الراءين ، ثم نقلت فتحة الأولى إلى القاف ، وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها ، فصار «قرن» ، فوزنه حينئذ «فعن» فالمحذوف اللام ، وقيل : المحذوف الراء الأولى للساكنين ، ووزنه : «فلن».

انظر في ذلك حجة القراءات : ٥٧٧ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٣٤٨ ، إتحاف فضلاء البشر : ٣٥٥ ، المبسوط في القراءات العشر : ٣٥٨ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ١٩٢ ، إعراب النحاس : ٣ / ٣١٣ ، معاني الفراء : ٢ / ٣٤٢ ، البيان لابن الأنباري : ٢ / ٢٦٨ ، البهجة المرضية : ٢٠٦ ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٢ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٤ ، شرح دحلان : ٢٠٦ ، شرح المرادي : ٦ / ١٠١ ـ ١٠٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢١٧٠.

(٤) راجع الهامش السابق.

٤٥٢

ووجه من قرأ بالكسر ـ أنّ أصله : قرّ بالمكان ، يقرّ ـ بفتح العين في الماضي ، وكسرها في المضارع (١) ـ فلمّا لحقت الفعل نون الضّمير خفّف (٢) بحذف عينه ، بعد نقل حركتها إلى القاف ، وكذلك الأمر منه ، فتقول على هذا «يقرن» في المضارع ، و «قرن» في الأمر.

ووجه قراءة الفتح : أنّه من «قررت بالمكان أقرّ» ـ بكسر العين في الماضي ، وفتحها في المضارع (٣) ـ ففعل به ما تقدّم في الكسر من الحذف والنّقل ، فهما (٤) لغتان فصيحتان.

__________________

(١) انظر اللسان : ٥ / ٣٥٨٠ (قرر).

(٢) في الأصل : يحفف. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٢.

(٣) انظر اللسان : ٥ / ٣٥٨٠ (قرر).

(٤) في الأصل : فيهما. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٢.

٤٥٣

الباب الحادي والسبعون

الإدغام

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

الإدغام (١)

يقال : الإدغام ـ بسكون الدّال ـ مصدر أدغم ، والادّغام (٢) ـ بتشديدها مصدر ادّغم (٣).

قيل : والادّغام ـ بتشديد الدّال ـ : عبارة البصريّين ، وبالإسكان : عبارة الكوفيّين (٤). وهو في اللّغة : «الإدخال» (٥).

__________________

(١) وقيده ابن مالك في شرح الكافية بـ «اللائق بالتصريف» ، والاحتراز بهذا القيد عن الإدغام اللائق بالقراء ، فإنه أعم.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢١٧٥ ، الأشموني مع الصبان : ٤ / ٣٤٥ ، حاشية الخضري : ٢ / ٢١٠.

(٢) في الأصل : وإدغام : انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٢.

(٣) انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٢ ، وفي اللسان : يقال : أدغمت الحرف وأدغمته على «افتعلته».

انتهى. وقد استعمل الناظم في هذا النظم اللغتين ، فاستعمل الأولى في قوله :

أوّل مثلين محرّكين في

كلمة ادغم ...

واستعمل الثانية في قوله :

وحيي افكك وادّغم ...

 ...

انظر اللسان : ٢ / ١٣٩١ (دغم) ، ألفية ابن مالك : ٢١٢ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٢٠٣.

(٤) قاله ابن يعيش. انظر الكتاب : ٢ / ٤٠٤ ، شرح ابن يعيش : ١٠ / ١٢١ ، شرح المرادي : ٦ / ١٠٣ ، شرح الشافية للجاربردي (مجموعة الشافية) : ١ / ٣٢٧ ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٢ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٥ ، الهمع : ٦ / ٢٨٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٧ ، حاشية الخضري : ٢ / ٢١٠ ، البهجة المرضية : ٢٠٦ ، المعجم الكامل في لهجات الفصحى : ١٤١.

(٥) يقال : أدغمت اللجام في فم الدابة ، أي : أدخلته في فيها ، وأدغمت الثياب في الوعاء : أدخلتها فيه. انظر اللسان : ٢ / ١٣٩١ (دغم) ، تعريفات الجرجاني : ١٤ ، شرح المرادي : ٦ / ١٠٣ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ٢٣٥ ، شرح ابن يعيش : ١٠ / ١٢١ ، الهمع : ٦ / ٢٨٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٧ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٦٣ ، الأشموني مع الصبان : ٤ / ٣٤٥.

٤٥٤

وفي الاصطلاح : إدخال حرف في حرف (١).

وهو باب متّسع (٢) ، واقتصر منه هنا على إدغام المثلين المتحرّكين في كلمة.

واعلم أنّ ما اجتمع فيه مثلان في كلمة على ثلاثة أقسام : واجب الإدغام ، وواجب الإظهار ، وجائز الوجهين.

وقد أشار إلى الأوّل ، فقال :

أوّل مثلين محرّكين في

كلمة ادغم ...

يعني : أنّه إذا اجتمع في كلمة واحدة مثلان متحرّكان ـ وجب إدغام الأوّل في الثّاني ، ويلزم / من ذلك تسكين الأوّل ، لأنّ المتحرّك لا يمكن إدغامه إلا بعد تسكينه. وشمل نوعين :

الأوّل : أن يكون قبل المثل الأوّل متحرّك ، نحو «ردّ ، وظنّ» أصلهما «ردد ، وظنن» ، فيسكّن الأوّل ، ويدغم في الثّاني.

والآخر : أن يكون قبل المثل الأوّل ساكن نحو : «يردّ ، ويظنّ ، ومردّ (٣)» أصلها «يردد ، ويظنن ، ومردد» فنقلت حركة المثل الأوّل إلى (٤) السّاكن قبله ، وبقي ساكنا ، فأدغم في المثل الثّاني.

__________________

(١) وقال السيد الشريف : إسكان الحرف الأول وإدراجه في الثاني ، ويسمى الأول : مدغما ، والثاني : مدغما فيه ، وقيل : هو إلباث الحرف في مخرجه مقدار إلباث الحرفين ، نحو «مد وعد». وقال الصيمري : الإدغام جعل حرفين بمنزلة حرف واحد يرفع اللسان بهما رفعة واحدة طلبا للتخفيف. وقال ابن الحاجب : الإدغام أن تأتي بحرفين ساكن فمتحرك من مخرج واحد من غير فصل.

انظر تعريفات الشريف الجرجاني : ١٤ ، التبصرة والتذكرة : ٢ / ٩٣٣ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ٢٣٣ ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣ ، اللسان : ٢ / ١٣٩١ (دغم) ، الهمع : ٦ / ٢٨٠ ، حاشية الخضري : ٢ / ٢١٠ ، شرح المرادي : ٦ / ١٠٣ ، المقتضب : ١ / ٣٣٣ ، شرح ابن يعيش : ١٠ / ١٢١ ، الممتع : ٢ / ٦٣١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٨ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٦٣ ، معجم المصطلحات النحوية : ٨١ ، معجم مصطلحات النحو : ١٢٧.

(٢) لأنه يكون في المثلين وفي المتقاربين ، وفي كلمة وكلمتين. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ٢٠٣.

(٣) في الأصل : ومراد. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

(٤) في الأصل : إلى الأول. بدل : «الأول إلى» تقديم وتأخير. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

٤٥٥

وفهم منه : أنّ أوّل المثلين إذا كان في صدر الكلمة نحو «ددن» ـ وهو الّلهو (١) ـ لا يدغم ، إذ لا يصحّ الابتداء بالسّاكن.

ثمّ أشار إلى الثّاني ، فقال رحمه‌الله :

 ...

 ... لا كمثل صفف

وذلل وكلل ولبب

ولا كجسّس ولا كاخصص ابي

ولا كهيلل ...

 ...

فذكر سبعة مواضع اجتمع فيها مثلان ، ولا يجوز فيها الإدغام :

الأوّل : («صفف») (٢) جمع صفّة ، والصّفّة : صفّة السّرج (٣) ، وصفّة البنيان (٤) ، والصّفّة أيضا : الكلّة (٥).

الثّاني : «ذلل» ـ بضمّ (٦) الذّال المعجمة ـ (وهو جمع «ذلول») (٧) ، وهو ضد الصّعبة يقال : دابة ذلول (٨) بيّنة الذّلّ ـ بكسر الذّال ـ من دوابّ ذلل (٩).

الثّالث : «كلل» جمع «كلّة» ، والكلّة / : نوع من الثّياب معروف (١٠).

__________________

(١) الددن : اللهو واللعب. انظر اللسان : ٢ / ١٣٤٥ (ددن) ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٢٠٣.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

(٣) صفة السرج : قيل : هي القربوس ـ بفتح الراء ـ (والقربوس : حنو السرج) ، وقيل : هي الجلد الذي يضم دفتي السرج ، ودفتا السرج : جانباه من الخشب أو العود. انظر اللسان : ٤ / ٢٤٦٣ (صفف) ، ٥ / ٣٥٧٠ (قربس) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٢٠٣.

(٤) صفة البنيان : هي السقيفة التي تكون عند البيت ، وهي الخشبة العليا المسماة بالعتبة على رأس البيت. انظر اللسان : ٤ / ٢٤٦٣ (صفف) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٢٠٣.

(٥) في الأصل : الكلمة. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٢٤٦. وفي نسخة المكودي مع ابن حمدون (٢ / ٢٠٣): «والصفة أيضا الظلة». وانظر اللسان : ٤ / ٢٤٦٣ ، (ضعف). والكلة : الستر الرقيق يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق. والظلة ـ بضم الظاء ـ : ما يتقى به من الحر والبرد ، والظلة أيضا : ما سترك من فوق. والصفة أيضا : موضع مظلل من مسجد المدينة كان يأوي إليه الفقراء من المهاجرين.

انظر اللسان : ٤ / ٢٧٥٤ ، ٢٧٥٥ (ظلل) ، ٥ / ٣٩٢٠ (كلل) ، المصباح المنير : ٢ / ٥٣٩ (كلل) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٢٠٣.

(٦) في الأصل : بكسر. راجع اللسان : ٣ / ١٥١٣ (ذلل).

(٧) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

(٨) في الأصل : ذلو. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

(٩) انظر اللسان : ٣ / ١٥١٣ (ذلل) ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

(١٠) وهو الستر الرقيق يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق ، وهو المسمى بغطاء الناموسية. انظر اللسان : ٥ / ٣٩٢٠ (كلل) ، المصباح المنير : ٢ / ٥٣٩ (كلل) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٢٠٣.

٤٥٦

الرّابع : «لبب» اسم مفرد ، وهو موضع القلادة من الصّدر من كلّ شيء ، والجمع «الألباب». و «الّلبب» أيضا : ما يشدّ على صدر الدّابة والنّاقة ، تمنع الرّحل من الاستئخار ، و «اللّبب» أيضا : ما استرقّ من الرّمل (١).

الخامس : «جسّس» ، وهو جمع «جاسّ» اسم فاعل من «جسّ الشّيء» : إذا لمسه ، أو من «جسّ الخبر» : إذا فحص عنه ، وهو الجاسوس (٢).

السّادس : ما كانت فيه حركة ثاني المثلين عارضة ، نحو «اخصص ابي» أصله «اخصص» ـ بالسّكون ـ ، ثمّ نقلت حركة الهمزة من «أب» إلى الصّاد ، وحذفت الهمزة.

السّابع : ما كان فيه ثاني المثلين زائدا للإلحاق ، نحو «هيلل» إذا أكثر من قوله : «لا إله إلا الله» (٣) ، وهو ملحق بـ «دحرج».

وإنّما امتنع الإدغام في هذه المواضع السّبعة ، لمانع فيها.

أمّا الثّلاثة الأولى : فلأنّها مخالفة لوزن «الأفعال» ، والإدغام أصل في «الأفعال» ، فأظهرت لبعدها عنها.

وأمّا الرّابع : وهو «لبب» : فلخفّة الفتحة (٤).

وأمّا الخامس : وهو «جسّس» : فإنّه وإن اجتمع فيه متحرّكان ، (فإنّ) (٥) المثل الأوّل مدغم فيه ساكن قبله ، فلو أدغم المتحرّك الأوّل لالتقى السّاكنان.

وأمّا السّادس : وهو «اخصص ابي» ـ : فلأنّ الحركة الثّانية عارضة ، لأنّها (٦) منقولة من الهمزة.

__________________

(١) انظر اللسان : ٥ / ٣٩٨١ (لبب) ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

(٢) انظر اللسان : ١ / ٦٢٣ ، ٦٢٤ (جسس) ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٧.

(٣) انظر اللسان : ٦ / ٤٦٩١ (هلل) ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٨ ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

(٤) وليكون منبها على فرعية الإدغام في الأسماء ، حيث أدغم موازنه في الأفعال نحو «رد» ، فيعلم بذلك ضعف سبب الإدغام فيه وقوته في الفعل.

انظر شرح المرادي : ٦ / ١٠٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٧ ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٣.

(٦) في الأصل : لا. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٤.

٤٥٧

وأمّا / السّابع : وهو «هيلل» ـ فلأنّ ثاني المثلين متحرّك ، زائد للإلحاق (١) ، فلو أدغم لخالف الملحق به في الوزن المطلوب (٢) منه موافقته.

وقد جاء الفكّ فيما يجب فيه الإدغام لتوفّر الشّروط ، وإلى ذلك أشار ، فقال رحمه‌الله تعالى :

 ... وشذّ في ألل

ونحوه فكّ بنقل فقبل

يعني : أنّه قد شذّ التّفكيك في ألفاظ ممّا يجب إدغامه.

منها : «ألل السّقاء» إذا تغيّرت رائحته (٣).

وفهم من قوله : «ونحوه» أنّه سمع التّفكيك في غير «ألل» ، وذلك ثمانية ألفاظ أخر ، وهي :

«دبب الإنسان» : إذا نبت الشّعر في جبينه (٤) ، و «صكك الفرس» : إذا اصتكّ عرقوباه (٥) ، و «ضببت الأرض» : إذا كثر ضبابها (٦) ، و «قطط الشّعر» : إذا اشتدّت جعودته (٧) ، و «لححت العين» : إذا التصقت (٨) ، و «مششت الدّابّة» : إذا ظهر في

__________________

(١) جعل المؤلف هنا اللام الثانية مزيدة للإلحاق ، وقال ابن مالك في شرح الكافية : «فإن لامي «هيلل» متحركان في لفظ واحد ، ولم يدغم أحدهما في الآخر لأن الياء قبلهما مزيدة للإلحاق بدحرج». انتهى.

انظر شرح المرادي : ٦ / ١٠٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢١٧٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٤٨ ، حاشية الملوي : ٢٤٦.

(٢) في الأصل : والمطلوب. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٤.

(٣) وكذلك الأسنان إذا فسدت ، والأذن إذا رقت. انظر اللسان : ١ / ١١٢ (الل) ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٨ ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٤.

(٤) ورجل أدب ، وامرأة دباء ودببة : كثيرة الشعر في جبينها. انظر اللسان : ٢ / ١٣١٦ (دبب) ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٨ ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٤.

(٥) أي : ضرب أحدهما الآخر. والعرقوب : العصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان ، وعرقوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها.

انظر اللسان : ٤ / ٢٤٧٥ (صكك) ، ٤ / ٢٩٠٩ (عرقب) ، شرح الأشموني : ٢ / ٣٤٨ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٢٠٤.

(٦) انظر اللسان : ٤ / ٢٥٤٣ (ضبب) ، وانظر ٦ / ٤٢٠٨ (مشش) ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٨ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٢٠٤.

(٧) انظر اللسان : ٥ / ٣٦٧٢ (قطط) ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٤.

(٨) يقال : لححت العين ولخخت : إذا التصقت بالرمص ، والرمص وسخ يجتمع في حدقة العين ، فإن سال فهو غمص. انظر اللسان : ٥ / ٤٠٠٤ (لحح) ، شرح الأشموني : ٢ / ٣٤٨ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٢٠٤.

٤٥٨

وظيفها (١) نتوء (٢) ، و «عززت النّاقة» : إذا ضاق مجرى لبنها (٣) ، و «بحح الرّجل» : إذا كثر في صوته بحّة (٤).

فهذه الألفاظ كلّها شاذّة ، ولا يقاس عليها.

ثمّ انتقل إلى القسم الثّالث ، وهو ما يجوز فيه الإدغام والتّفكيك ، فقال :

وحيي افكك وادّغم دون حذر

كذاك نحو تتجلّى واستتر

فذكر ثلاثة مواضع يجوز فيها الإدغام والتّفكيك.

الأوّل : نحو «حيّ وعيّ» ، و «حيي وعيي» ، فمن أدغم : نظر إلى أنّهما (٥) مثلان متحرّكان بحركة لازمة في كلمة ، ومن فكّ : نظر إلى أنّ الحركة الثّانية كالعارضة ، لوجودها / في الماضي دون المضارع ، لأنّ مضارعه «يحيا».

قيل : والتّفكيك في ذلك أجود (٦) ، وفي تقديمه له في النّظم إشعار بذلك.

الثّاني : «تتجلّى» ، وقياسه الفكّ ، لتصدّر المثلين.

ومنهم من يدغم ، فيسكّن أوّله ، ويدخل همزة الوصل ، فيقول : «اتّجلّى» (٧).

قيل : وفيه نظر ، لأنّ همزة الوصل لا تدخل على أوّل المضارع (٨).

__________________

(١) في الأصل : وظيها. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٤. والوظيف لكل ذي أربع : ما فوق الرسغ إلى مفصل الساق ، وقيل : الوظيف من رسغي البعير إلى ركبتيه في يديه ، وأما في رجليه فمن رسغيه إلى عرقوبيه ، والجمع من كل ذلك : أوظفة ووظف. انظر اللسان : ٦ / ٤٨٦٩ (وظف).

(٢) وقال ابن منظور : ومششت الدابة ـ بالكسر ـ مششا ، وهو شيء يشخص في وظيفها حتى يكون له حجم ، وليس له صلابة العظم الصحيح. انظر اللسان : ٦ / ٤٢٠٨ (مشش) ، وانظر شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٨ ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٤.

(٣) انظر اللسان : ٤ / ٢٩٢٧ (عزز) ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٨ ، شرح المكودي : ٢ / ٢٠٤.

(٤) والبحة : شيء يصيب الإنسان في حلقه يغير صوته. انظر اللسان : ١ / ٢١٥ (بحح) ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٢٠٤.

(٥) في الأصل : أنها. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠٤.

(٦) قال أبو حيان في الارتشاف : نحو «عيي ، وحيي» فالإظهار أكثر ، ويجوز الإدغام. انتهى.

ومذهب سيبويه أن الإدغام في نحو هذا أكثر من الإظهار.

انظر ارتشاف الضرب : ١ / ١٦٦ ، الكتاب : ٢ / ٣٨٧ ، الهمع : ٦ / ٢٨٥ ، شرح المرادي : ٦ / ١١٠ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٤٠٠.

(٧) قال ابن مالك في شرح الكافية : «إذا أدغمت فيما اجتمعت في أوله تاءان زدت همزة وصل يتوصل بها إلى النطق بالتاء المسكنة للإدغام ، فقلت في «تتجلى» : «اتجلى».

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢١٨٥ ، شرح المرادي : ٦ / ١١١ ، الهمع : ٦ / ٢٨٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٤٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٤٠٠.

(٨) الذي ذكره كثير من النحويين أن الفعل المفتتح بتاءين إن كان ماضيا نحو «تتابع» يجوز فيه الإدغام واجتلاب همزة الوصل ، فيقال : «اتابع» ، وإذا كان مضارعا نحو «تتذكر» لم يجز فيه

٤٥٩

والثّالث : نحو «استتر» وهو كلّ فعل على «افتعل» اجتمع فيه تاآن ، فهذا أيضا قياسه التّفكيك ، ليبقى ما قبله ساكنا ، ويجوز إدغامه بعد نقل حركته إلى السّاكن قبله ، فتذهب همزة الوصل ، فتقول : «ستّر».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وما بتاءين ابتدي قد يقتصر

فيه على تاكتبيّن (١) العبر

هذا من باب «تتجلّى» وهو الفعل المضارع المجتمع في أوّله تاآن ، أولاهما للمضارعة ، والثّانية تاء «تفعّل» ، نحو «تذكّر» في «تتذكّر» ، و «تيسّر» في «تتيسّر».

وقد تقدّم أنّه يجوز فيه عنده : الإدغام ، واجتلاب همزة الوصل.

وذكر هنا أنّه يجوز فيه : حذف إحدى التّاءين ، والاستغناء بالأخرى عنها ، ولم يعيّن المحذوفة ، وفيها خلاف : والمشهور أنّها الثّانية ، لأنّ الأولى تدلّ على معنى المضارعة (٢).

والحاصل فيما اجتمع في أوّله من المضارع تاآن ـ أنّه يجوز فيه عنده ثلاثة أوجه : إثباتهما. وإدغام الأولى / في الثّانية مع اجتلاب همزة الوصل ، وحذف إحداهما.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفكّ حيث مدغم فيه سكن

لكونه بمضمر الرّفع اقترن

يعني : أنّه إذا التحق بالمدغم فيه ما يوجب تسكينه ، كاتّصال بعض ضمائر الرّفع به ـ وجب تفكيكه ، إذ لا يتصوّر الإدغام في ساكن ، وذلك أن يتّصل به ضمير متكلّم ، أو مخاطبة أو مخاطب ، أو نون إناث ، نحو «رددت ،

__________________

الإدغام إن ابتدىء به ولما يلزم من اجتلاب الهمزة ، وهي لا تكون في أول المضارع ، بل يجوز تخفيفه بحذف إحدى التاءين ، وسيأتي.

انظر الكتاب : ٢ / ٤٢٦ ، شرح المرادي : ٦ / ١١١ ـ ١١٢ ، الممتع : ٢ / ٦٣٦ ـ ٦٣٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٥٠ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٦٣ ، الهمع : ٦ / ٢٨٦ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ٢٤٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٤٠٠.

(١) في الأصل : لتبين. انظر الألفية : ٢١٣.

(٢) وهو مذهب سيبويه والبصريين. وذهب هشام الضرير وأصحابه من الكوفيين إلى أن المحذوف الأولى ، وهي حرف المضارعة. انظر الكتاب : ٢ / ٤٢٥ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٦٣ ، شرح المرادي : ٦ / ١١٣ ـ ١١٤ ، الهمع : ٦ / ٢٨٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٤٠١ ، التسهيل : ٣٢٤ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٥١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢١٨٧.

٤٦٠