أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]
المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الألف ثلاثة أحرف فصاعدا ، نحو «حمراء ، وأربعاء (١) ، وعلياء ، وعاشوراء (٢)».
وفهم من هذا البيت ، ومن البيت الّذي قبله : أنّ الهمزة لا تطّرد زيادتها وسطا ، ولا آخرا بعد غير الألف. وفهم : أنّه إن تقدّم على الألف أقلّ من ثلاثة أحرف ـ حكم بأصالتها / نحو «كساء ، ورداء (٣)».
ثمّ قال رحمهالله :
والنّون في الآخر كالهمز وفي |
|
نحو غضنفر أصالة كفي |
يعني : أنّ النّون يحكم بزيادتها في موضعين :
أحدهما : أن يكون آخرا بعد ألف قبلها أكثر من حرفين ، وهو الّذي عني بقوله : «كالهمز» ، وذلك نحو «سكران ، وعثمان ، وزعفران» (٤). وفهم منه أنّه لو كان (٥) قبلها أقلّ من ثلاثة أحرف ـ حكم بأصالتها ، نحو «بيان».
الآخر : أن تقع وسطا ، وقبلها حرفان ، وبعدها حرفان ، نحو «عقنقل (٦) ، وجحنفل (٧) ، وغضنفر ـ وهو الأسد ـ» (٨)(٩).
__________________
(١) في الأصل : رابعاء. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٥. أربعاء : يقال بكسر الياء وضمها وفتحها ، وهو اليوم الرابع من الأسبوع ، لأن أول الأيام عندهم الأحد ، بدليل هذه التسمية ، ثم الاثنان ثم الثلاثاء ، ثم الأربعاء ، لكنهم اختصوه بهذا البناء للفرق. انظر اللسان : ٣ / ١٥٦٨ (ربع) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٧٦.
(٢) عاشوراء : اليوم العاشر من المحرم ، وقيل : التاسع. انظر اللسان : ٤ / ٢٩٥٢ (عشر) ، المصباح المنير : ٢ / ٤١٢ (عشر).
(٣) في الأصل : ورد. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٦.
(٤) الزعفران : هو الصبغ المعروف ، وهو من الطيب ، والجمع : زعافر ، والزعفران : فرس عمير بن الحباب. انظر اللسان : ٣ / ١٨٣٣ (زعفر).
(٥) في الأصل : كانت. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٦.
(٦) في الأصل : عقيل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٥. والعقنقل : الكثيب العظيم المتداخل الرمل ، والجمع : عقاقل. انظر اللسان : ٤ / ٣٠٤٩ (عقل) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٧٦.
(٧) الجحنفل : الغليظ ، وهو الغليظ الشفتين ، ونونه ملحقة له ببناء سفرجل. انظر اللسان : ١ / ٥٥٢ (جحفل) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٧٦.
(٨) انظر اللسان : ٥ / ٣٢٦٨ (غضفر).
(٩) وكذا يحكم بزيادة النون في مواضع ثلاثة أخر ، وهي :
الأول : الانفعال وفروعه كالانطلاق. الثاني : الافعنلال وفروعه كالاحرنجام. الثالث : المضارع نحو «تضرب». قال المرادي : إنما لم يذكر الناظم هذه المواضع الثلاثة هنا مع أن زيادة النون فيها مطردة لوضوح أمرها. انظر شرح المرادي : ٥ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، الهمع : ٦ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٦٧ ، التسهيل : ٢٩٥ ، الممتع : ٢٥٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢٠٤٢.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والتّاء في التّأنيث والمضارعة |
|
ونحو الاستفعال والمطاوعه |
يعني : أنّ التّاء تطّرد زيادتها في التّأنيث ، نحو «قائمة ، وقامت» ، وفي المضارعة ، نحو «تقوم» ، ونحو الاستفعال ، كـ «الاستدراك ، والاستلزام» ، والمطاوعة نحو «تكسّر ، وتذكّر». وفهم من تمثيله بالاستعمال : أنّ السّين تزاد مع التّاء ، ولم ينصّ على زيادتها في حروف (١) الزّيادة (٢). وكان ينبغي له أن يذكر زيادة النّون والهمزة (والياء) (٣) في المضارعة ، نحو «يقوم (٤) ، ونقوم ، وأقوم» إذ لا فرق (٥).
ثمّ قال رحمهالله :
والهاء وقفا كلمه ولم تره |
|
... |
يعني : أنّ الهاء تزاد في الوقف (٦) ، وهي هاء السّكت ، وقد تقدّم في الوقف مواضع زيادتها (٧).
والتّحقيق : أنّ هاء (٨) السّكت ليست كحروف الزّيادة ، لأنّ حروف الزّيادة
__________________
(١) في الأصل : حرف. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٦.
(٢) وقد نص عليه في جمع التكسير عند قوله :
والسّين والتّا من كمستدع أزل |
|
إذ ببنا الجمع بقاهما مخلّ |
انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٧٦.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧.
(٤) في الأصل : تقوم. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧.
(٥) قال ابن حمدون في حاشيته (٢ / ١٧٧) : وأجيب بأنه لم يبق عليه إلا النون ، وأما الهمزة فقد مرت في قوله :
وهكذا همز وميم سبقا |
|
... |
والياء قد مرت في قوله :
واليا كذا ... |
|
... |
(٦) والصحيح أن زيادتها في غير الوقف قليلة ، وذلك نحو «هجرع» ، و «هركولة» و «هبلع» ، و «أهراق» ، و «أهراج الماشية» ، و «أمهه» ، وأنكر المبرد زيادتها في ذلك.
انظر المقتضب : ١ / ١٩٨ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٦١ ، سر الصناعة : ٢ / ٥٦٣ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٠٦ ، الممتع : ١ / ٢٠٤ ، ٢١٧ ، شرح الملوكي : ٢٠١ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٣٨٢ ، الهمع : ٦ / ٢٣٦.
(٧) وذلك في قوله :
وقف بها السّكت على الفعل المعلّ |
|
بحذف آخر كأعط من سأل |
وفي قوله :
وما في الاستفهام إن جرّت حذف |
|
ألفها وأولها الها إن تقف |
مع ما بعده. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٧٧.
(٨) في الأصل : هاء. مكرر.
صارت من نفس بنية الكلمة ، وهاء السّكت جيء بها لبيان الحركة ، فهي كسائر / حروف المعاني ، لا حروف التّهجّي (١).
ثمّ مثّل ذلك بقوله : «كلمه» ، وهو على حذف القول ، أي : كقولك : «لمه» ، وقد اجتمع في هذا الّلفظ ـ أي : كلمه ـ ثلاثة أحرف ، وهي : كاف التّشبيه ، ولام الجرّ ، وهاء السّكت ، واسم : وهو «ما» الاستفهاميّة ، وقد ألغز (٢) المكوديّ هذا (٣) الّلفظ في (رجز) (٤) ، وهو :
يا قارئا ألفيّة ابن مالك |
|
وسالكا في أحسن المسالك |
في أيّ بيت جاء من كلامه |
|
لفظ بديع الشّكل في انتظامه |
حروفه أربعة تضمّ |
|
وإن تشأ فقل ثلاث واسم (٥) |
وهو إذا نظرت فيه أجمع |
|
مركّب من كلمات أربع |
وصار (٦) بالتّركيب بعد كلمه |
|
وقد ذكرت لفظه لتفهمه (٧) |
ثمّ قال رحمه الله تعالى :
... |
|
والّلام في الإشارة المشتهره |
يعني : أنّ الّلام تطّرد زيادتها مع اسم الإشارة (٨) ، نحو «ذلك ، وتلك ، وأولالك ، وهنالك» (٩).
__________________
(١) انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٠٦ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٦٣ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٧١.
(٢) في الأصل : لغز. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧.
(٣) في الأصل : في. بدل : هذا. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٢٣٠.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧.
(٥) في الأصل : أو اسم. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧.
(٦) في الأصل : وجاز. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧.
(٧) انظر هذا الرجز في شرح المكودي : ٢ / ١٧٧ ، شرح دحلان : ١٩٤ ، حاشية الصبان : ٤ / ٢٦٩ ، حاشية الخضري : ٢ / ١٨٧.
(٨) انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧ ، وقال أبو حيان في الارتشاف (١ / ١٠٨): «وقيل : تزاد في اسم الإشارة ، وليس بجيد ، لأنها ليست في بنية الكلمة». وانظر شرح الأشموني : ٤ / ٢٧١ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٦٤.
(٩) وزيادة هذه اللام ، قيل : لتوكيد الإشارة ، وقيل : للدلالة على البعد. وزيادتها في غير ذلك قليل ، نحو «عبدل» بمعنى : العبد ، و «فحجل» بمعنى : الأفحيح ، و «زيدل» بمعنى : زيد ، وأنكر الجرمي زيادتها في ذلك.
انظر شرح المرادي : ٥ / ٢٦٣ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٣٨١ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٠٨ ، الممتع : ١ / ٢١٣ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٧١ ، شرح الملوكي : ٢١٠.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وامنع زيادة بلا قيد ثبت |
|
إن لم تبيّن حجّة كحظلت |
يعني : أنّ كلّ ما خالف المواضع المذكورة في هذا الباب في اطّراد الزّيادة ـ تمتنع زيادته ، إلا إذا قام على زيادته دليل ، من اشتقاق ، أو غيره. فيحكم على نون «حنظل» بالزّيادة ، وإن لم تكن في موضع اطّراد زيادة النّون ، كقولهم : «حظلت الإبل» ـ بكسر الظّاء ـ إذا أكثرت من أكل الحنظل (١) ، وهو نوع من الشّوك (٢) ، فسقوط (٣) النّون في «حظلت» دليل على زيادتها / في «حنظل» ، وأمثال ذلك كثيرة (٤).
__________________
(١) وقال أبو حنيفة : حظل البعير فهو حظل : رعى الحنظل فمرض عنه. انظر اللسان : ٢ / ٩٢٠ ، ٩٢٥ (حظل). انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧ ، المصباح المنير : ١ / ١٤١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢٠٥٧.
(٢) وقال ابن منظور : الحنظل : الشجر المر. انظر اللسان : ٢ / ١٠٢٥ (حنظل) ، شرح المكودي : ٢ / ١٧٧.
(٣) في الأصل : بسقوط. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٧.
(٤) ومن ذلك زيادة همزة «شمأل» بدليل قولهم : «شملت الريح» أي : هبت شمالا ، وميم «دلامص» بدليل قولهم : دلصت الدرع فهي دلاص ، ودلاص ـ بكسر الدال المهملة وضمها ـ أي : براقة ، وهاء «أمهات» بدليل سقوط هائها في الأمومة ، ولام «فحجل» بدليل قولهم فيه : «الفحج».
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢٠٥٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٨٨ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٦٣ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٣٨١ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٩٤ ، ١٠٦ ، ١٠٧ ، شرح المكودي : ١٤٤ ، ١٥٩ ، ٢٠١ ، ٢٠٩ ، الممتع : ١ / ٢١٣ ، ٢١٧ ، ٢٢٧ ، ٢٣٩.
فصل في زيادة همزة الوصل
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
فصل في زيادة همزة (١) الوصل
هذا الفصل هو تتميم لباب التّصريف ، لأنّه من باب زيادة الهمزة ، وقد اشتمل هذا الفصل (٢) على التّعريف بهمزة الوصل ، وعلى مواضعها من الكلم ، وإلى تعريفها (٣) أشار فقال رحمهالله تعالى :
للوصل همز سابق لا يثبت |
|
إلا إذا ابتدي به كاستثبتوا |
يعني : أنّ همزة الوصل هي الهمزة السّابقة الّتي تثبت ابتداء ، وتسقط وصلا.
وإنّما سمّيت همزة وصل اتّساعا ، لأنّها تسقط في الوصل (٤).
وقيل : لأنّ الكلمة الّتي قبلها تتّصل بما دخلت عليه همزة الوصل ، لسقوطها (٥).
وقيل : لأنّ المتكلّم يتوصّل بها إلى النّطق بالسّاكن (٦).
وفهم من قوله : «سابق» أنّها لا تكون إلا أوّلا.
__________________
(١) في الأصل : همز. انظر الألفية ٢٠١.
(٢) في الأصل : اللفظ. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨.
(٣) في الأصل : تعريفه. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨.
(٤) انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨. شرح المرادي : ٥ / ٢٦٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٧٣ ، حاشية الخضري : ٢ / ١٨٨.
(٥) وهو قول الكوفيين ، وبه قال ابن الضائع. انظر شرح الأشموني : ٤ / ٢٧٣ ، شرح المكودي : ٢ / ١٧٨ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٦٨ ، حاشية الخضري : ٢ / ١٨٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٦٤.
(٦) وهو قول البصريين ، وكان الخليل يسميها سلم اللسان ، وبه قال الشلوبين. انظر شرح الأشموني : ٤ / ٢٧٣ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ١٧٨ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٦٨ ، سر الصناعة : ١ / ١١٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٦٤ ، حاشية الخضري : ٢ / ١٨٨.
وفهم من قوله : «لا يثبت (١) إلا إذا ابتدي به (٢)» أنّ سقوطها في الوصل واجب ، وقد تثبت في الوصل ضرورة (٣).
ويجوز ضبط «استثبتوا» بضمّ التّاء الأولى (٤) ، مبنيّا للمفعول ، فيكون الواو ضمير المفعول النّائب عن الفاعل ، وفتحها ، فيكون فعل أمر ، والواو ضمير الفاعل ، وبهذا الأخير جزم الشّارح ، وقال : «أمر للجماعة بالاستثبات ، وهو تحقيق الشّيء (٥)».
ثمّ انتقل إلى مواضعها (٦) ، وهي ستّة مواضع ، أشار إلى الأوّل منها ، فقال رحمهالله تعالى :
وهو لفعل ماض احتوى على |
|
أكثر من أربعة نحو انجلى / |
يعني : أنّ كلّ همزة (٧) افتتح بها الفعل الماضي الزّائد على أربعة أحرف ـ فهي همزة وصل ، وشمل الخماسيّ نحو «انطلق» ، والسّداسيّ نحو «استكبر» وهو منتهاه.
ثمّ أشار إلى الثّاني والثّالث ، فقال :
والأمر والمصدر منه ... |
|
... |
يعني : أنّ الهمزة في الأمر والمصدر من الفعل الزّائد على أربعة أحرف ـ همزة وصل ، نحو «انطلق انطلاقا ، واستخرج استخراجا».
ثمّ انتقل إلى الرّابع ، فقال رحمهالله تعالى :
... وكذا |
|
أمر الثّلاثي كاخش وامض وانفذا |
__________________
(١) في الأصل : تثبت. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨ ، الألفية : ٢٠١.
(٢) في الأصل : بها. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨ ، الألفية : ٢٠١.
(٣) كقوله :
ألا لا أرى اثنين أحسن شيمة |
|
على حدثان الدّهر منّي ومن جمل |
قال المرادي : وكثر ذلك في أوائل أنصاف الأبيات ، كقوله :
لا نسب اليوم ولا خلّة |
|
اتّسع الخرق على الرّاقع |
انظر شرح المرادي : ٥ / ٢٦٧ شرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٤٦٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٧٣.
(٤) في الأصل : أولى. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨.
(٥) انظر شرح ابن الناظم : ٨٣٣ ، انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨.
(٦) في الأصل : مواضع. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨.
(٧) في الأصل : همز. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨.
يعني : أنّ كلّ همزة افتتح بها فعل الأمر من الثّلاثيّ ـ فهي همزة وصل ، سواء كان مضارعه على «يفعل» ، نحو «اخش» ، أو على «يفعل» ، نحو «امض» ، أو على «يفعل» ، نحو «انفذ» ، وهذه فائدة تعداد المثل.
وفهم منها أيضا : أنّ ذاك إنّما يكون إذا كان ثاني المضارع ساكنا ، نحو «يخشى ، ويرمي ، وينفذ» ، فلو كان متحرّكا ـ لم يؤت (١) بهمزة الوصل ، نحو «(يقول) (٢) ، ويعد» فتقول في الأمر فيهما : «قل ، وعد».
ثمّ أشار إلى الخامس ، فقال :
وفي اسم است ابن ابنم سمع |
|
واثنين وامرىء وتأنيث تبع |
وايمن ... |
|
... |
فذكر سبعة أسماء.
وفهم من قوله : وتأنيث تبع «أنّ مجموعها عشرة أسماء ، لأنّ مؤنّث «امرىء» : «امرأة» ، ومؤنّث «ابن» : «ابنة» ، ومؤنّث «اثنين» : «اثنتان».
أمّا (٣) «اسم» ، فأصله عند البصريّين «سمو» (٤) ، فحذفت الواو ، وسكّن أوّل الاسم ، ليجتلبوا همزة الوصل / ، فتكون عوضا من المحذوف (٥).
وأمّا «است» فأصله «ستة» بالهاء ، فحذفت ، وعوض منها الهمزة.
وأصل «ابن» : «بنو» ففعل به ما فعل بـ «اسم».
و «ابنم» هو «ابن» زيد عليه الميم.
__________________
(١) في الأصل : يؤتى. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٨.
(٣) في الأصل : وأما. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٩.
(٤) سمو : بكسر السّين كـ «قنو» عند سيبويه. وقيل : «سمو» بضم السين كـ «قفل».
انظر شرح المرادي : ٥ / ٢٧١ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٥٨ ، الأشموني مع الصبان : ٤ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، وانظر الكتاب : ٢ / ١٢٤.
(٥) وذهب الكوفيون إلى أن أصل «اسم» : «وسم» لكون الاسم كالعلامة على المسمى ، فحذف الفاء وبقي العين ساكنا ، فجيء بهمزة الوصل. قال الرضي : ولا نظير له على ما قالوا ، إذ لا يحذف الفاء ويؤتى بهمزة الوصل. وقال المرادي : وعند الكوفيين من الوسم ، ولكنه قلب ، فأخرت فاؤه فجعلت بعد اللام ، وجاءت تصاريفه على ذلك.
انظر شرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٧١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٦٤ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٧٥ ، شرح الشافية للجابردي (مجموعة الشافية) : ١ / ١٦٤ ، حاشية الخضري : ٢ / ١٨٩.
و «اثنين» أصله «ثني».
و «امرؤ» لم يحذف منه شيء ، لكن ألحق بهذه الأسماء المحذوف منها حرف ، لأنّ الهمزة بصدد (١) التّغيير ، فحكموا لها بحكم المحذوف منها حرف.
(وأمّا «ايمن» فهو المستعمل في) (٢) القسم ، وهو مشتقّ من «اليمن» ، فهمزته (٣) زائدة ، وهي همزة وصل. هذا مذهب البصريّين (٤).
ثمّ أشار إلى السّادس ، فقال :
... همز أل كذا ... |
|
... |
أي : والهمزة في «أل» همزة وصل ، كما (٥) كانت فيما ذكر.
وهذا الّذي ذكر في «أل» هو مذهب سيبويه (٦).
ومذهب الخليل : أنّها أصليّة (٧) ، حذفت في الوصل لكثرة الاستعمال.
ثمّ بيّن حكم همزة «أل» إذا دخل عليها همزة الاستفهام ، فقال رحمهالله تعالى :
... ويبدل |
|
مدّا في الاستفهام أو يسهّل |
__________________
(١) في الأصل : بصدر. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٩.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٩.
(٣) في الأصل : فهمزة. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٩.
(٤) وذهب الكوفيون إلى أن همزة «ايمن» همزة قطع سقطت لكثرة الاستعمال ، وهو عندهم جمع «يمين». انظر الإنصاف (مسألة : ٥٩) : ١ / ٤٠٤ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٧٣ ، الكتاب : ٢ / ٢٧٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٦٥ ، الجنى الداني : ٥٣٨ ، شرح الكافية للرضي : ٢ / ٣٣٧ ، مغني اللبيب : ١٣٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٧٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢٠٧٣ ، شرح الجاربردي (مجموعة الشافية) : ١ / ١٦٤ ـ ١٦٥.
(٥) في الأصل : كا. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٩.
(٦) انظر الكتاب : ٢ / ٢٧٣ ، شرح المكودي : ٢ / ١٧٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٣١٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٦٤ ، شرح الفريد : ٤٩٧ ، شرح الكافية للرضي : ٢ / ١٣٠ ، المقتضب : ١ / ٨٣ ، شرح ابن يعيش : ١ / ٢٤ ، ٩ / ١٧ ، الإيضاح لابن الحاجب : ٢ / ٢٦٩ ، حاشية الصبان : ١ / ١٧٧.
(٧) فهي عنده همزة قطع ، وصلت لكثرة الاستعمال ، وهو اختيار ابن مالك في شرح الكافية.
انظر الكتاب : ٢ / ٢٧٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٣١٩ ، شرح المكودي : ٢ / ١٧٩ ، شرح الكافية للرضي : ٢ / ١٣١ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٧٧ ، شرح ابن يعيش : ١ / ٢٤ ، ٩ / ١٧ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٧٤ ، الفوائد الضيائية : ١ / ١٨٥.
يعني : أنّ همزة «أل» إذا دخل عليها همزة الاستفهام ، جاز فيها ـ أي : في همزة «أل» ـ وجهان :
ـ إبدالها ألفا من جنس حركة الهمزة الّتي قبلها.
ـ وتسهيلها بين الألف والهمزة.
وقد قرئ بهما : (آلذَّكَرَيْنِ)(١) [الأنعام : ١٤٣].
وفهم منه أنّ غير همزة «أل» من همزة الوصل ـ تحذف إذا دخل عليها همزة الاستفهام لعدم الحاجة إليها / ، (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) [الصافات : ١٥٣]. وإنّما لم تحذف همزة «أل» إذا دخل عليها همزة الاستفهام ، وكان القياس حذفها ، لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر ، باشتراك الهمزتين بالفتحة.
__________________
(١) فالأكثرون على إبدال همزة «أل» الواقعة بعد همزة الاستفهام ألفا خالصة ، وجعلوا الإبدال لازما لها كما يلزم إبدال الهمزة إذا وجب تخفيفها في سائر الأحوال ، قال الداني : هذا قول أكثر النحويين ، وقال البناء : وهو المختار. وقال آخرون : تسهل بين بين لثبوتها في حال الوصل وتعذر حذفها فيه فهي كالهمزة اللازمة ، وليس إلى تخفيفها سبيل ، فوجب أن تسهل بين بين قياسا على سائر الهمزات المتحركات بالفتح إذا وليتهن همزة الاستفهام. قال الداني في الجامع : والقولان جيدان ، وقال غيره : إن هذا القول هو الأوجه في تسهيل هذه الهمزة.
انظر النشر في القراءات العشر : ١ / ٣٧٧ ، إتحاف فضلاء البشر : ٥٠ ، ٢١٩ ، شرح المرادي : ٥ / ٢٧٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٧٨ ، شرح المكودي : ٢ / ١٧٩.
الباب السبعون الإبدال
ثم انتقل إلى النّوع الثّاني من التّصريف ، فقال رحمهالله تعالى :
الإبدال
أحرف الابدال هدأت موطيا |
|
... |
حروف (١) الإبدال تصل إلى اثنين وعشرين حرفا ، وقد ذكرها في التّسهيل (٢) ، واقتصر هنا على المشتهر وهو تسعة أحرف ، وهي الّتي تضمّنها «هدأت موطيا» (٣) : «الهاء ، والدّال ، والهمزة ، والتّاء ، والميم ، والواو ، والطّاء ، والياء ، والألف» ، ومعنى :
__________________
(١) في الأصل : حرف. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٧٩.
(٢) قال ابن مالك في التسهيل : (٣٠٠): «يجمع حروف البدل الشائع في غير إدغام قولك : «لجدّ صرف شكس آمن طيّ ثوب عزّته». انتهى. والذي ذكره سيبويه منها أحد عشر حرفا ، يجمعهما في اللفظ قولك : «أجد طويت منهلا». وعد كثير من أهل التصريف حروف الإبدال اثني عشر حرفا ، جمعوها في تراكيب ، منها : «طال يوم أنجدته» ، وعدها بعضهم أربعة عشر حرفا يجمعها قولهم : «انصت يوم جد طاه زل» ، وعدها الزمخشري في المفصل خمسة عشر حرفا يجمعها قولك : «استنجده يوم طال زط». وقال ابن الخباز : وتتبعتها في كتبهم فلم تجاوز خمسة عشر ، وجمعها في قوله : «استنجده يوم صال زط». وقال المرادي : لا طريق إلى حصرها إلا الاستقراء ، وقد تقدم أنها اثنان وعشرون حرفا.
انظر الكتاب : ٢ / ٢١٣ ، التبصرة والتذكرة : ٢ / ٨١٢ ، شرح الشافية لنقرة كار (مجموعة الشافية) : ٢ / ٢٢٢ ، شرح المرادي : ٦ / ٤ ، شرح الشافية لزكريا الأنصاري (مجموعة الشافية) : ٢ / ٢٢١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٦٧ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٢١ ، المفصل : ٣٦٠.
(٣) قال ابن مالك في شرح الكافية (٤ / ٢٠٧٧) :
هادأت مطوي كلام جمعا |
|
حروف إبدال فشا متّبعا |
وقال في التسهيل (٣٠٠): «والضروري في التصريف هجاء» : «طويت دائما». انتهى.
فأنقص الهاء. وانظر شرح المرادي : ٦ / ٥ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٨١ ، الهمع : ٦ / ٢٥٦ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٢٥.
«هدأت» : سكنت (١) ، و «موطيا» اسم فاعل من «أوطأته» إذا جعلته وطيئا (٢).
ثمّ شرع في بيان مواضع الإبدال ، وبدأ بإبدال الهمزة من غيرها ، وذلك في أربعة مواضع ، أشار إلى الأوّل منها ، فقال رحمهالله تعالى :
... |
|
فأبدل الهمزة من واو ويا |
آخرا اثر ألف زيد ... |
|
... |
يعني : أنّ الهمزة تبدل من الواو والياء (٣) الواقعتين أخيرا بعد ألف زائدة (٤) ، نحو «كساء ، ورداء» ، أصلهما (٥) «كساو ، ورداي» ، لأنّهما من «الكسوة ، والرّدية» (٦).
__________________
(١) انظر اللسان : ٦ / ٤٦٢٨ (هدأ) ، شرح المكودي : ٢ / ١٨٠ ، شرح المرادي : ٦ / ٦.
(٢) انظر اللسان : ٦ / ٤٨٦٢ (وطأ) ، شرح المرادي : ٦ / ٦ ، شرح المكودي : ٢ / ١٨٠.
(٣) تبدل الهمزة من الواو والياء ، وكذا الألف كثيرا ، وتبدل من الهاء والعين قليلا. فمثال إبدالها من الهاء «ماء» وأصله «ماه» كقولهم في الجمع : «أمواه» ، وفي التصغير : «مويه» ، ومثال إبدالها من العين قولهم : «إباب بحر» في «عباب بحر» ، وذهب بعضهم منهم ابن جني إلى أن الهمزة في هذا أصل من «أب» ، بمعنى : تهيأ ، لأن البحر يتهيأ لما يزخر به.
انظر شرح المرادي : ٦ / ٨ ، سر الصناعة : ١ / ١٠٠ ، ١٠٦ ، الممتع : ١ / ٣٤٨ ، ٣٥٢ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، شرح الملوكي : ٢٧٩.
(٤) وتشاركهما الألف أيضا في هذا الإبدال ، فإذا تطرفت الألف بعد ألف زائدة وجب قلبها همزة ، نحو «صحراء» مما ألفه للتأنيث ، فإن الهمزة في هذا النوع بدل من ألف مجتلبة للتأنيث كاجتلاب ألف «سكرى» ، لكن ألف «سكرى» غير مسبوقة بالألف ، فسلمت ، وألف صحراء مسبوقة بألف فحركت فرارا من التقاء الساكنين ، فانقلبت همزة ، لأنها من مخرجها.
انظر شرح المرادي : ٦ / ١٠ ـ ١١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢٠٨٠ ـ ٢٠٨١ ، شرح الملوكي : ٢٦٧ ، الممتع : ١ / ٣٢٩ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٨٥.
(٥) في الأصل : أصلها. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٠.
(٦) وقد اختلف في كيفية هذا الإبدال : فقيل : أبدلت الياء والواو همزة ، وهو ظاهر كلام ابن مالك. وقال حذاق أهل التصريف : أبدل من الواو والياء ألف ، ثم أبدلت الألف همزة ، وذلك أنه لما قيل : «كسا ، ورداي» ، تحركت الواو والياء بعد فتحة ولا حاجز بينهما إلا الألف الزائدة ، وليست بحاجز حصين لسكونها وزيادتها ، وانضم إلى ذلك أنهما في محل التغيير ، وهو الطرف ، فقلبا ألفا حملا على باب «عصا ورحا» ، فالتقى ساكنان ، فقلبت الألف الثانية همزة ، لأنها من مخرج الألف. انظر شرح المرادي : ٦ / ١٠ ، الممتع : ١ / ٣٢٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٨٦ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ٢٠٤ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٢٥ ، سر الصناعة : ١ / ٩٣ ، شرح الملوكي : ٢٧٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٦٨.
وفهم من قوله : «آخرا» أنّ الواو والياء إن لم يكونا طرفين لم يبدلا همزة نحو «تباين / ، وتعاون».
وفهم منه أيضا : أنّ الألف إذا كانت غير زائدة لم يبدلا ، نحو «واو ، وزاي».
وفهم منه أيضا : أنّ حكم ما لحقته (تاء) (١) التّأنيث ـ حكم المتطرّفة ، لأنّ تاء التّأنيث زائدة عن الكلمة ، نحو «عباءة» (٢).
وفهم منه أيضا أنّ الكلمة إذا بنيت على تاء التّأنيث ـ لم تبدل ، لأنّها لم تقع طرفا نحو «درحاية» (٣).
ثمّ أشار إلى الموضع الثّاني ، فقال رحمهالله تعالى :
... وفي |
|
فاعل ما أعلّ عينا ذا اقتفي |
«ذا» إشارة إلى إبدال الواو والياء همزة ، وهو في كلّ واو وياء ، وقعتا عينا لاسم فاعل أعلّت في فعله ، نحو «قائل ، وبائع» ، أصلهما «قاول ، وبايع» (٤).
وفهم من قوله : «ما أعلّ عينا» أنّ اسم الفاعل من الفعل الّذي لم تعلّ عينه يصحّح ، نحو «عاور» من «عور» ، و «صائد» من «صيد» (٥).
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٠.
(٢) العباية : ضرب من الأكسبة واسع ، فيه خطوط سود كبار ، والعباءة : لغة فيها ، والجمع : عباء.
وإنما همزت «العباءة» وإن كانت الهاء حرف الإعراب ، لأن الهاء لحقت «العباء» بعد أن وجب فيها الهمز ، لأن الإعراب جرى على الياء التي الهمزة بدل منها ، فجرت الهاء في ذلك مجرى الهاء في «مرضيه» ، التي لحقت ما جاز قلبه قبل دخول الهاء ، فلما دخلت بقي بحالة من القلب. وأما «العبابة» فقد بنيت في أول أحوالها على التأنيث ، ولم تجىء على المذكر ، ولو جاءت عليه لقالوا : «عباءة» ، كما تقدم.
انظر المنصف : ٢ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ، ١٣١ ، الكتاب : ٢ / ٣٨٣ ، اللسان : ٤ / ٢٧٩١ (عبا).
(٣) يقال : رجل درحاية : كثير اللحم ، قصير ، سمين ، ضخم البطن ، لئيم الخلقة.
انظر اللسان : ٢ / ١٣٥٤ (درج) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٨٠.
(٤) وقد اختلف في هذا الإبدال : فقيل : أبدلت الواو والياء همزة ، وهو ظاهر كلام ابن مالك.
وقيل : بل قلبتا ألفا ، ثم أبدلت الألف همزة ، كما تقدم في نحو «كساء ورداء» ، وكسرت الهمزة على أصل التقاء الساكنين ، وبهذا قال أكثرهم. وقال المبرد : أدخلت ألف فاعل قبل الألف المنقلبة في «قال ، وباع» وأشباههما ، فالتقى ألفان ، وهما ساكنان فحركت العين ، لأن أصلها الحركة ، والألف إذا تحركت صارت همزة.
انظر شرح المرادي : ٦ / ١٢ ـ ١٣ ، المقتضب : ١ / ٢٣٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ٨٨ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ٢٠٤ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٢٥ ، الممتع : ١ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، سر الصناعة : ١ / ٩٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٦٨.
(٥) الأصيد : الذي لا يستطيع الالتفات ، وقد صيد صيدا ، وملك أصيد ، وأصيد الله بعيره. انظر اللسان : ٤ / ٢٥٣٤ (صيد).
ثمّ أشار إلى الموضع الثّالث فقال رحمه الله تعالى :
والمدّ زيد ثالثا في الواحد |
|
همزا يرى في مثل كالقلائد |
يعني : إذا كان في المفرد مدّ ثالث زائد ـ قلب في الجمع الّذي على مثل «قلائد» همزة.
وشمل «المدّ» الألف نحو «قلادة وقلائد» ، والياء (١) نحو «صحيفة وصحائف» ، والواو نحو «عجوز وعجائز».
وفهم منه : أنّ الثّالث إن كان غير مدّ ـ لم يقلب ، نحو «قسور وقساور» (٢).
وفهم منه أيضا : أنّه إن كان مدّا غير زائد ـ لم يقلب ، نحو «مثوبة (٣) ومثاوب ، ومعيشة ومعايش» ، لأنّ الواو في «مثوبة» ، والياء في «معيشة» عين (٤) / الكلمة.
ثمّ أشار إلى الموضع الرّابع ، فقال رحمهالله تعالى :
كذاك ثاني ليّنين اكتنفا |
|
مدّ مفاعل كجمع نيّفا |
يعني : أنّه إذا وقعت ألف التّكسير بين حرفي علّة ـ وجب إبدال ثانيهما همزة.
وفهم من إطلاقه في قوله : «ليّنين» أنّه (لا) (٥) يشترط زيادتهما ، ولا زيادة ما بعد الألف ، كما اشترط في الفصل (٦) الّذي قبله.
وشمل قوله : «ليّنين» أربع صور :
الأولى : أن يكونا واوين ، نحو «أوائل» أصله «أواول».
الثّانية : أن يكونا ياءين ، نحو «نيّف ونيائف» (٧).
الثّالثة : أن تكون الأولى واوا ، والثّانية ياء ، نحو «صائد وصوائد».
__________________
(١) في الأصل : والهاء. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٢) في الأصل : وقساورة. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٣) في الأصل : مثبوبة. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١. والمثوبة : جزاء الطاعة ، قال تعالى : (لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ) انظر اللسان : ١ / ٥١٩ (ثوب).
(٤) في الأصل : عين. مكرر.
(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٦) في الأصل : الفعل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٧) في الأصل : نياف. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
الرّابعة : أن تكون الأولى ياء ، والثّانية واوا ، نحو «جيّد وجيائد» ، أصله «جياود» (١) ، لأنّه من «جاد (٢) يجود» (٣).
ومثّل بما حرف العلّة فيه ياآن ، نحو «نيّف» ، ووزنه «فيعل» (٤) ، والياء (٥) الأولى زائدة ، وعينه ياء ، لأنّه (٦) من «ناف ينيف» إذا زاد (٧) ، فاجتمعت ياآن وأدغمت (٨) الأولى في الثّانية ، فلمّا جمع على «مفاعل» فصلت ألف الجمع بين الياءين ، وقلبت الّتي بعد الألف همزة.
وإنّما قلب حرف العلّة في هذه الصّور همزة ـ وإن كانت أصلا ـ لثقل الألف بين حرفي علّة.
وفهم من قوله : «مدّ مفاعل» أنّها لا تقلب إلا إذا كانت متّصلة بالطّرف ـ كالمثل المتقدّمة ـ ، فلو بعدت من الطّرف ـ لم تقلب نحو «طواويس» (٩) /.
ثمّ إنّ إبدال ثاني الّليّنين همزة إنّما هو فيما لم يكن فيه ثاني الّلينين بدلا من الهمزة ، وإلى ذلك أشار ، فقال رحمهالله تعالى :
وافتح وردّ الهمز (١٠) يا فيما أعلّ |
|
لاما وفي مثل هراوة جعل |
واوا ... |
|
... |
يعني : أنّ الهمزة الواقعة بعد ألف الجمع ، إذا كان مفرد ما هي (١١) فيه معلّ
__________________
(١) في الأصل : جياد. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٢) في الأصل : وجود. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٣) هذا مذهب سيبويه والخليل ومن وافقهما ، وذهب الأخفش إلى أن الهمزة في الواوين فقط ، ولا يهمز في الياءين ، ولا في الواو مع الياء ، فيقول : «نيايف ، وصوايد. وجياود» على الأصل.
انظر الكتاب : ٢ / ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ، شرح المرادي : ٦ / ١٥ ، المقتضب : ١ / ٢٦٣ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٢٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٨٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٧٠.
(٤) في الأصل : فعيل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٥) في الأصل : والألف والياء. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٢٣٣.
(٦) في الأصل : لأن. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٧) انظر اللسان : ٦ / ٤٥٨٠ (نوف).
(٨) في الأصل : الواو. ساقط. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٩) في الأصل : طراويس. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(١٠) في الأصل : الهمزة. انظر الألفية : ٢٠٣.
(١١) في الأصل : مفردا هي. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
الّلام ـ يجب فتحها وقلبها (١) ياء ، إن كانت في المفرد غير واو سالمة ، وواوا إن كانت في المفرد واوا سالمة.
فالألف واللّام في «الهمز» للعهد المتقدّم (٢) ، وشمل :
ـ ما استحقّ الهمز ، لكونه مدّا زائدا في المفرد (ولامه ياء.
ـ وما استحقّ الهمز ، لكونه مدّا زائدا في المفرد) (٣) ولام الكلمة واو.
ـ وما استحقّ الهمز ، لكونه اكتنفه لينان.
ـ وما أصله همز.
فمثال الأوّل : «هديّة وهدايا» أصله «هدائي» ، استثقلت الكسرة في الهمزة فأبدلت فتحة ، فصار «هداءي» ، فانقلبت الياء الأخيرة ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، فصار «هداءا» فاستثقل اجتماع الأمثال ، فأبدلت الهمزة ياء ، فصار «هدايا».
وبيان اجتماع الأمثال : أنّ الهمزة من مخرج الألف ، فكان ذلك كتوالي ثلاث ألفات.
ومثال الثّاني : «مطيّة ومطايا» ، فالياء الثّانية فيه أصلها واو (٤) ، لأنّها من «مطا يمطو» ، ففعل به ما فعل بـ «هدايا».
ومثال الثّالث : «زاوية وزوايا» ، ففعل به أيضا ما فعل بـ «هدايا ومطايا».
__________________
(١) في الأصل : وقبلها. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨١.
(٢) في قوله :
همزا يرى في مثل كالقلائد
انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٨٢.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٢٣٣.
(٤) فأصل «مطية» ـ وهي الراحلة ـ : «مطيوة» ، اجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء ، فيقال في الجمع الأصلي : «مطايو» بياء بعد الألف ـ وهي ياء فعيلة ـ ، وبواو ـ هي لام الكلمة ـ ، ثم تقلب الواو ياء لتطرفها إثر كسرة ، ثم تقلب الياء بعد الألف همزة ، لقوله :
والمدّ زيد ثالثا في الواحد |
|
همزا يرى في مثل كالقلائد |
فيصير : «مطائي» ، ثم تقلب كسرة الهمزة فتحة ، فيصير : «مطاءي» ، ثم تقلب الياء آخرا ألفا ، ثم الهمزة ياء ، فصار «مطايا» بعد خمسة أعمال.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٧٢ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٩٢ ، حاشية الملوي على المكودي : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٨٢.
ومثال الرّابع : «خطيئة وخطايا» ، أصله «خطائيء» (١) ، بهمزتين ، فأبدلت الهمزة / الأخيرة ياء على قياس الهمزتين المتحرّكتين فصار «خطائي» ، ثمّ قلبت الكسرة فتحة على حدّ قلبها في «هدائي» فصار «خطاءي» ، فانقلبت الياء الأخيرة المبدلة من الهمزة ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، ثمّ أبدلت من الهمزة الأولى ياء.
وأمّا «هراوى» جمع «هراوة» فأصله «هرائو» ، فالهمزة (٢) الّتي بعد الألف ـ هي المبدلة من الألف الزّائدة في «هراوة» ، والواو الأخيرة هي واو «هراوة» ، فقلبت الكسرة فتحة ، ثمّ انقلبت الواو الأخيرة ألفا ، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ثمّ أبدل من الهمزة ووا ليناسب المفرد الجمع ، فالواو في «هراوى» (٣) ليست الواو في «هراوة» ، بل الواو في «هراوى» (٤) هي الألف الّتي كانت في المفرد ، وأمّا الواو الّتي كانت في المفرد ، فهي الأخيرة الّتي انقلبت (ألفا) (٥).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
... وهمزا أوّل الواوين ردّ |
|
في بدء غير شبه ووفي الأشدّ (٦) |
يعني : ردّ أوّل الواوين المصدّرتين همزة ما لم تكن الثّانية بدلا من ألف «فاعل» ، كـ «ووفي الأشدّ» (٧) ، فإنّ أصله «وافى» (٨).
وإنّما استثني ذلك لأنّ فعل الفاعل أصل لفعل المفعول ، ولم يجتمع في
__________________
(١) في الأصل : خطأ. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٢.
(٢) في الأصل : فالهمز. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٢.
(٣ ـ ٤) في الأصل : هراو. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٢.
(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٢.
(٦) هذا هو الموضع الخامس من المواضع التي تبدل فيها الهمزة من غيرها ، إلا أن الإبدال هنا خاص بالواو. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٨٢ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٩٤.
(٧) الأشد : نائب فاعل «ووفى» وهو مبلغ الرجل الحنكة والمعرفة ، قال تعالى : (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) ، قال الزجاج : هو من نحو سبع عشرة إلى الأربعين ، وقال مرة : هو ما بين الثلاثين والأربعين ، وقال ابن عباس : الأشد ثلاث وثلاثون سنة.
انظر اللسان : ٤ / ٢٢١٥ ـ ٢٢١٦ (شدد) ، حاشية الصبان : ٤ / ٢٩٤.
(٨) اقتصر الناظم هنا على هذا الشرط ، واشترط في شرح الكافية شرطا آخر ، وهو ألا تكون الثانية بدلا من همزة نحو «وولى» مخفف من الوؤلى أنثى «الأوائل» أفعل تفصيل من «وأل» إذا لجأ. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢٠٨٩ ، شرح المرادي : ٦ / ٢٢ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٩٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٧٠.
فعل الفاعل واوان ، فاجتماعهما في «ووفي» غير معتدّ به ، فلم يبق للواو الأولى غير حكم الواو المضمومة المنفردة ، من جواز إبدالها (١) همزة.
فمثال ما يجب إبداله «أواصل» في جمع «واصلة» (٢) ، أصله «وواصل» ، فالواو الأولى / هي الّتي في المفرد ، والواو الثّانية انقلبت عن ألف فاعلة ، كما انقلبت في نحو «ضوارب» ـ ، فلما اجتمعت واوان في بدء الكلمة ـ قلبت الأولى همزة ، فقالوا : «أواصل».
ثمّ انتقل إلى حكم الهمزتين في كلمة واحدة ، وهي في ذلك على ثلاثة أقسام :
ساكنة بعد (متحرّكة ، و) (٣) متحرّكتان ، ومتحرّكة بعد ساكنة.
وقد أشار إلى الأوّل ، فقال رحمهالله تعالى :
ومدّا ابدل ثاني الهمزين من |
|
كلمة ان يسكن كآثر وائتمن |
يعني : أنّه إذا اجتمع همزتان في كلمة واحدة ، أولاهما متحرّكة ، والأخرى ساكنة ـ وجب إبدال الثّانية مدّا (٤) مجانسا لحركة ما قبله.
فإن كانت فتحة أبدلت ألفا ، نحو : «آثر ، وآمن» أصله «أأثر» ، و «أأمن» بهمزتين. وإن كانت كسرة أبدلت ياء ، نحو : «إيلاف» (٥). وإن كانت ضمّة أبدلت واوا ، نحو : «أوتمن ، وأوتي».
وفهم منه : أنّ الهمزة السّاكنة إن لم يكن قبلها همزة أخرى لم يجب إبدالها.
وفهم منه أيضا : أنّها لو لم تكن من كلمة واحدة ـ لم يجب إبدالها (نحو) (٦) «يا قرّاء ائتوا (٧)».
__________________
(١) في الأصل : جراز بدلها. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٣.
(٢) الواصلة من النساء : التي تصل شعرها بشعر غيرها. انظر اللسان : ٦ / ٤٨٥١ (وصل).
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٣.
(٤) في الأصل : مد. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٣.
(٥) يقال : آلفت الشيء إذا ألزمته إياه أولفه إيلافا ، والمعنى في قوله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) لتؤلف قريش الرحلتين فتتصلا ولا تنقطعا ، فاللام متصلة بالسورة التي قبلها ، أي : أهلك الله أصحاب الفيل لتؤلف قريش رحلتيها آمنين. انظر اللسان : ١ / ١٠٨ (ألف) ، معاني الأخفش : ٢ / ٥٤٥.
(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٣.
(٧) في الأصل : أنت. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٣.
والمراد بالكلمة : أن تكون الهمزتان من بناء الكلمة ، فلا يقال عند النّحويّين في نحو (أَأَنْذَرْتَهُمْ) [البقرة : ٦] : إنّها من كلمة واحدة ، لأنّ الهمزة الأولى همزة استفهام ، فهي منفصلة عن الكلمة ، وأمّا القرّاء : فيجعلون ذلك من اجتماع الهمزتين في كلمة (١).
وكذا أيضا نحو «أأتمن» فإنّ الأولى همزة استفهام والثّانية فاء الفعل.
ثمّ قال رحمهالله تعالى / :
إن يفتح (٢) اثر ضمّ او فتح قلب |
|
واوا وياء اثر كسر ينقلب |
يعني : أنّ الهمزة المفتوحة إذا كانت ثانية بعد همزة أخرى ـ لها حالتان :
إحداهما : تنقلب فيها واوا ، وذلك بعد ضمّة نحو «أو يدم» في تصغير «آدم» ، أصله «أؤيدم» ، أو بعد فتحة نحو «أوادم» في جمع «آدم».
والثّانية : تنقلب (٣) فيها ياء ، وذلك إذا وقعت بعد كسرة ـ نحو «إيمّ» إذا بنيت من «أمّ» نحو : «إصبع» بكسر الهمزة ، وفتح الثّالث ، فتقول فيه : «إئمم» (٤) ، فتنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة السّاكنة ، فتدغم الميم (في الميم) (٥) ، فيصير «إأمّ» فتجتمع همزتان : الأولى مكسورة ، والثّانية مفتوحة ، فتقلب الثّانية ياء ، فتقول : «إيمّ».
ثمّ انتقل إلى المكسورة فقال رحمهالله تعالى :
ذو الكسر مطلقا (كذا) (٦) ... |
|
... |
يعني : أنّ الهمزة الثّانية إذا كانت مكسورة وجب إبدالها ياء مطلقا ، أي : بعد مفتوحة ، أو مكسورة ، أو مضمومة. والحاصل ثلاث صور :
الأولى : مكسورة بعد فتحة ، نحو «أيمّة» في جمع «إمام» ، أصله «أأممة» (٧) فنقلت حركة الميم إلى الهمزة السّاكنة ، وأدغمت الميم في الميم ، فصار «أإمّة» ، فأبدلت من الهمزة الثّانية ياء.
__________________
(١) انظر النشر في القراءات العشر : ١ / ٣٦٢ ، إتحاف فضلاء البشر : ٤٤ ، المبسوط في القراءات العشر : ١٢٣.
(٢) في الأصل : تفتح ، انظر الألفية : ٢٠٣.
(٣) في الأصل : ينقلب. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٣.
(٤) في الأصل : أيم. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٢٣٥.
(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٣.
(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٧) في الأصل : أأيمه. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
الثّانية : مكسورة بعد كسرة ، نحو «إيم» في بناء مثل «إصبع» ، من «أمّ» ـ بكسر الهمزة والباء ـ فتقول : «إأمم» ، فتفعل به كما فعلت بالّذي / قبله من نقل وإدغام وقلب.
الثّالثة : مكسورة (١) بعد ضمّة ، نحو «أينّ» مضارع «أأننته» (٢) أي : جعلته يئنّ (٣) ، ففعل (٤) به ، كما فعل (٥) بما تقدّم (٦).
ثمّ انتقل إلى المضمومة ، (فقال) (٧) رحمهالله تعالى :
... وما يضمّ |
|
واوا أصر ... |
يعني : أنّ الهمزة الثّانية إذا كانت مضمومة ـ قلبت واوا مطلقا ، فشمل أيضا ثلاثة أنواع :
(الأوّل) (٨) : مضمومة بعد مفتوحة ، نحو «أوبّ» جمع «أبّ» وهو النّبات (٩) أصله «أأبب» على وزن «أفعل» ، فنقلت ضمّة الباء (١٠) إلى الهمزة ، وأدغمت الباء في الباء (١١) ، ثمّ قلبت الهمزة المضمومة واوا.
الثّاني : مضمومة بعد مضمومة ، نحو «أوم» (١٢) إذا بنيت من «أمّ» مثال «أبلم» (١٣).
__________________
(١) في الأصل : كسرة. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٢) في الأصل : أننته. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٣) انظر اللسان : ١ / ١٥٤ (أنن) ، شرح المكودي : ٢ / ١٨٤ ، شرح المرادي : ٦ / ٢٧.
(٤ ـ ٥) في الأصل : تفعل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٦) فأصل «أين» : «أأننن» بهمزتين مضمومة فساكنة ، فنقلت كسرة النون إلى الهمزة الساكنة ، وأدغمت النون في النون ، ثم قلبت الهمزة المكسورة ياء لأنها تجانس حركتها ، فصار «أين». وقد أشار ابن طولون بقوله : «مضارع أأننته» إلى أنه مضارع الرباعي ، أما إذا كان من الثلاثي فيجوز فيه الوجهان الإبدال والتصحيح عملا بقوله :
... وأؤمّ |
|
ونحوه وجهين في ثانيه أمّ |
انظر شرح المرادي : ٦ / ٢٧ ، ٢٨ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٨٤ ، حاشية الخضري : ٢ / ١٥٩.
(٧ ـ ٨) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٩) الأب : كل ما أخرجت الأرض من النبات ، وقيل : هو الكلأ ، وقل : هو ما يأكله الأنعام. انظر اللسان : ١ / ٣ (أبب) ، شرح المرادي : ٦ / ٢٧ ، شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(١٠) في الأصل : الياء. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(١١) في الأصل : الياء في الياء. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(١٢) في الأصل : أم. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(١٣) الأبلم : الخصوصة ، والجمع خوص ، وهو ورق المقل والنخل والنارجيل وما شكلها ، وقيل :
الثّالث : مضمومة بعد كسرة (١) ، نحو «إوم» إذا بنيت من «أمّ» مثل «إصبع» ـ بكسر الهمزة وضمّ الباء ـ.
وتفعل في ذلك (٢) كلّه ما فعلت فيما قبله من النّقل ، والإدغام والقلب.
والحاصل أنّ الهمزة الثّانية من المتحرّكتين (٣) تقلب واوا في خمسة مواضع :
إذا كانت مضمومة مطلقا ، فهذه ثلاثة مواضع ، أو كانت مفتوحة بعد فتحة أو ضمّة.
وتقلب ياء في أربعة مواضع :
إذا كانت مكسورة مطلقا ، فهذه ثلاثة مواضع ، أو كانت مفتوحة بعد كسرة. وهذا ما لم تكن الهمزة / الثّانية آخر الكلمة ، فإن كانت آخر الكلمة ، فقد أشار إليها ، فقال رحمهالله تعالى :
... |
|
... ما لم يكن لفظا أتمّ |
فذاك ياء مطلقا جا ... |
|
... |
يعني : أنّ ثاني الهمزتين إذا كان متطرّفا قلب ياء مطلقا ، فشمل أربعة أنواع :
وهو أن تكون بعد فتحة ، وبعد ضمّة ، وبعد كسرة ، وبعد سكون.
فمثال الأوّل : إذا بنيت من «قرأ» مثل «جعفر» قلت : «قرأى» (٤) ، وأصله («قرأأ» بهمزتين ، قلبت الثّانية ياء ، فصار) (٥) «قرأي» تحرّكت الياء وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا.
ومثال الثّاني : أن تبني من «قرأ» مثل «برثن» فنقول : («قرء») (٦) منقوصا والأصل «قرؤؤ» بهمزتين ، فأبدل من الثّانية ياء ، وكسرت الهمزة الّتي قبلها لتصحّ الياء ، فصار «قرئي» ، فاستثقلت (٧) الضّمّة في الياء فحذفت ، وبقي منقوصا.
__________________
الأبلم : فرع الشجر مطلقا. انظر اللسان : ١ / ٣٥٢ (بلم) ، ٢ / ١٢٨٨ (خوص) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٨٤.
(١) في الأصل : كسر. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٢) في الأصل : وتفعل ذلك. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٣) في الأصل : المتحركين. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٤) في الأصل : قرأو. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٥ ـ ٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤.
(٧) في الأصل : والأصل «قرأو» كسر ما قبل الواو ، وأبدل من الواو ياء لانكسار ما قبلها فاستثقلت.
انظر شرح المكودي : ٢ / ١٨٤. قال ابن حمدون في حاشيته (٢ / ١٨٤): «وقوله» : والأصل :