شرح ابن طولون - ج ٢

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

يعني : إذا خيف الّلبس ينسب إلى الثّاني ، نحو «عبد شمس (١) ، وعبد مناف (٢) ، وعبد الأشهل» (٣) ، فتقول : «شمسيّ ، / ومنافيّ ، وأشهليّ» ، لأنّك لو نسبت إلى الصّدر ، فقلت : «عبديّ» لالتبس ، فلم يدر : هل هو منسوب لـ «عبد شمس» ، أو لـ «عبد مناف» ، أو لـ «عبد الأشهل».

وهذا هو القسم الرّابع ممّا ينسب (٤) فيه للثّاني.

ثمّ إنّ الثلاثيّ المحذوف منه حرف : إمّا أن يكون المحذوف الفاء ، أو العين ، أو الّلام.

فإن حذف منه الّلام ، فهو (إمّا) (٥) جائز الجبر (٦) ، أو واجبه ، وقد أشار إلى الأوّل فقال :

واجبر بردّ الّلام ما منه حذف

جوازا إن لم يك ردّه (٧) ألف

في جمعي التّصحيح أو في التّثنية

 ...

يعني : أنّ الثّلاثيّ المحذوف منه (الّلام) (٨) ، إذا لم يردّ المحذوف في التّثنية وجمعي التّصحيح ـ جاز جبره ، وإبقاؤه على حاله ، فتقول في «يد ، وغد ،

__________________

(١) عبد شمس هو : عبد شمس بن مناف بن قصي ، من قريش من عدنان ، جد جاهلي ، كان له من الولد : أمية وحبيب وعبد أمية ونوفل وربيعة وعبد العزى وعبد الله.

انظر نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٣٧ ، المحبر : ١٦٢ ، جمهرة الأنساب : ٦٧ ، الأعلام : ٤ / ١٠ ، معجم قبائل العرب : ٢ / ٧٢٤.

(٢) عبد مناف هو : عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم القرشي ، أبو طالب ، والد علي رضي‌الله‌عنه وعم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكافله ومربيه ومناصره ، ولد بمكة سنة ٨٥ ق. ه ، وتوفي فيها سنة ٣ ق. ه ، فقال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب.

انظر طبقات ابن سعد : ١ / ٧٥ ، الأعلام : ٤ / ١٦٦ ، شواهد المغني : ١ / ٣٩٦ ، الخزانة : ٢ / ٧٥.

(٣) عبد الأشهل هو : عبد الأشهل بن جشم بن الحارث من بني النبيت ، من الأوس ، من قحطان ، جد جاهلي ، من نسله سعد بن معاذ الأوسي الأنصاري وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم.

انظر نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٣٥ ، جمهرة الأنساب : ٣١٩ ، الأعلام : ٣ / ٢٦٩ ، معجم قبائل العرب : ٢ / ٧٢٢.

(٤) في الأصل : القسم الذي ينسب. شرح المكودي : ٢ / ١٥٣.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٤.

(٦) في الأصل : الحذف. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٤.

(٧) في الأصل : يك في رده. انظر الألفية : ١٨٧.

(٨) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٤.

٣٦١

ودم» : «يديّ ويدويّ ، وغديّ وغدويّ ، ودميّ ودمويّ» ، لأنّك تقول في تثنيتها (١) : «يدان ، وغدان ، ودمان» (٢).

وفي نحو «ثبة» (٣) : «ثبيّ وثبويّ» ، لأنّك تقول في جمعها : «ثبات» بغير ردّ.

ثمّ أشار إلى الثّاني (بقوله) (٤) :

 ...

وحقّ مجبور بهذي توفيه

يعني : أنّ ما جبر في التّثنية وجمعي التّصحيح ـ جبر في النّسب وجوبا ، نحو «أب ، وأخ ، وعضة (٥) ، وسنة» ، فتقول : «أبويّ ، وأخويّ ، وعضويّ ، وسنهيّ ، أو سنويّ» على الخلاف في لامها ، لأنّك تقول في التّثنية : «أخوان ، وأبوان» ، وفي الجمع : «عضوات ، وسنوات ، أو سنهات».

ثمّ قال / :

وبأخ أختا وبابن بنتا

ألحق ويونس أبى حذف التّا

يعني : أنّ «أختا» إذا نسبت إليها ، قلت : «أخويّ» ، كما تقول في النّسب إلى أخ» ، وإذا نسبت إلى «بنت» ، قلت : «بنويّ» ، كما تقول في النّسب إلى «ابن».

أمّا إلحاقه (٦) «أختا» بـ «أخ» فلا إشكال فيه ، وأمّا إلحاقه «بنتا» بـ «ابن»

__________________

(١) في الأصل : تثنيتهما. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٤.

(٢) ومذهب سيبويه وأكثر النحويين أن المجبور تفتح عينه ، وإن كان أصله السكون ، فتقول : «يدوي ، ودموي ، وعدوي» بالفتح فيه. وذهب الأخفش إلى تسكين ما أصله السكون ، فتقول : يديي ، ودميي ، وغدوي» بالسكون فيهما ، لأنه أصل العين في هذه الكلمات ، وحكى عنه أبو حيان أنه رجع في الأوسط إلى مذهب سيبويه ، وذكره سماعا من العرب. قال المرادي : والصحيح مذهب سيبويه وبه ورد السماع.

انظر الكتاب : ٢ / ٧٩ ، شرح المرادي : ٥ / ١٤٥ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٨٦ ، شرح الأشموني : ٦ / ١٦٧ ـ ١٦٨ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٦٣ ، المقتضب : ٣ / ١٥٢ ، المنصف لابن جني : ١ / ٦٣ ـ ٦٤.

(٣) «ثبة» هنا محذوف اللام ، وهو بمعنى الجماعة من الناس. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٥٤ ، اللسان : ١ / ٤٧٠ (ثبا).

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٤.

(٥) «عضة» وجمعه «عضاة» وهو كل شجر له شوك ، وقيل : أعظم الشجر ، وقيل : اسم يقع على ما عظم من شجر الشوك وطال واشتد شوكه ، انظر اللسان : ٤ / ٢٩٩١ (عضه) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٥٤.

(٦) في الأصل : إلحاق. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٤.

٣٦٢

ففيه نظر ، لأنّ النّسب إلى «ابن» يجوز فيه : «ابنيّ ، وبنويّ» ، فمن أين يعلم أنّ «بنتا» يقال في النّسب إليها : «بنويّ» فقط والعذر له في ذلك : أنّه أحال على من قال في «ابن» : «بنويّ» ، ولا يصحّ حمله على من (١) قال : «ابنيّ» لعدم همزة الوصل في «بنت».

هذا الّذي ذكره في النّسب إلى «أخت (وبنت) (٢)» مذهب الجمهور (٣) ، وخالف يونس في ذلك ، وعليه نبّه بقوله :

 ...

 ... ويونس أبى حذف التّا

يعني : أنّ يونس يقول في النّسب إلى «أخت» : «أختيّ» ، وإلى «بنت» : «بنتيّ» (٤).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وضاعف الثّاني من ثنائي

ثانيه ذو لين كلا ولائي

يعني : أنّك إذا نسبت إلى اسم على حرفين ، ثانيه حرف لين ـ وجب أن تضعّف الثّاني ، فتقول في «لو ، وكي ، ولا» مسمّى بها : «لوويّ ، وكيويّ ، ولائيّ» ، وفي ذلك نظر ، لأنّ ما يسمّى (٥) به ممّا ثانيه ذو لين ـ يجب تضعيفه ، وجعله من ثلاثة أحرف ، دون نسب ، وتقدّم مثل ذلك عند ذكر «ما» في التّصغير (٦).

ثمّ انتقل إلى / المحذوف الفاء ، فقال رحمه‌الله تعالى :

وإن يكن كشية ما الفا عدم

فجبره وفتح عينه التزم

__________________

(١) في الأصل : ما. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٤.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٤.

(٣) وهو مذهب الخليل وسيبويه أيضا.

انظر الكتاب : ٢ / ٨١ ، شرح المرادي : ٥ / ١٤٥ ، الهمع : ٦ / ١٧٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٣٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٥٥ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٣١٥ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٨٨.

(٤) فينسب إليهما على لفظهما ولا تحذف التاء ، لأن التاء فيهما للإلحاق وليست للتأنيث. وأبو الحسن الأخفش يحذف التاء ويبقي ما قبل تاء الإلحاق على ما هي عليه من الحركات فيقول في النسب إلى «أخت وبنت» : «أخوي وبنتي».

انظر الكتاب : ٢ / ٨١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٣٤ ، شرح المرادي : ٥ / ١٤٥ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٤٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٥٥ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٨٨ ، الهمع : ٦ / ١٧٠.

(٥) في الأصل : مسمى. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٥.

(٦) انظر ص ٣٤٤ / ٢ من هذا الكتاب.

٣٦٣

يعني : أنّ ما حذفت منه الفاء ، وكانت لامه ياء ، كـ «شية (١) ، ودية» يجب جبره ، يعني : ردّ ما حذف منه ، وهو الواو ، ويفتح عينه ، فتقول : «وشويّ ، وودويّ» (٢).

وفي قوله : «فتح عينه التزم» موافقة لمذهب سيبويه (٣) ، والأخفش يتركها ساكنة ، فيقول : «وشييّ» (٤).

وفهم منه أنّ المحذوف الفاء ، إذا كان لامه غير ياء ـ لم يردّ ، نحو «عدّة» فتقول فيه : «عديّ» ، وفي (٥) «صفة» : «صفيّ».

وفهم أيضا أنّ المحذوف العين لا يردّ (٦) محذوفه ، لسكوته عنه ، نحو «مذ» مسمّى بها ، فإنّ أصلها «منذ» (٧).

__________________

(١) في الأصل : لشيه. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٥.

(٢) في الأصل : لشيه. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٥. قال ابن عصفور في شرح الجمل (٢ / ٣١٥): «وإنما لزم الرد فيما ثانيه حرف علة ، لأنك إذا أردت النسبة إلى مثل «شية» حذفت التاء ، فيبقى الاسم على حرفين ، ثانيه حرف علة ، وذلك لا يوجد ، لما يؤدي إليه من بقاء الاسم على حرف واحد في التنوين ، لأن حرف العلة تستثقل فيه الحركة فتحذف ، فيبقى ساكنا والتنوين ساكن فيحذف حرف العلة لالتقاء الساكنين ، فيبقى الاسم على حرف واحد ، واسم معرب على حرف واحد لا يوجد ، فلزم الرد لذلك ، ما لم يكن الاسم المحذوف اللام فيه تاء الإلحاق أو همزة فصل». انتهى. وانظر المقتضب : ٣ / ١٥٦ ، التبصرة والتذكرة : ٢ / ٦٠٠.

(٣) قال سيبويه في الكتاب (٢ / ٨٥) : وتقول في الإضافة إلى «شية» : «وشوي» لم تسكن العين ، كما لم تسكن الميم إذا قلت : «دموي».

انظر شرح ابن عصفور : ٢ / ٣١٥ ، شرح المرادي : ٥ / ١٤٨ ، المقتضب : ٣ / ١٥٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٥٧ ، شرح المكودي : ٢ / ١٥٥ ، التبصرة والتذكرة : ٢ / ٦٠٠ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٨٥.

(٤) انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٥٨ ، شرح المكودي : ٢ / ١٥٥ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٣١٥ ، شرح المرادي : ٥ / ١٤٩ ، التبصرة والتذكرة : ٢ / ٦٠٠ ، المقتضب : ٣ / ١٥٦ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٨٥.

(٥) في الأصل : ولي.

(٦) في الأصل : ترد. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٥.

(٧) هذا مذهب الجمهور. وذهب ابن ملكون إلى أن «مذ» ليست محذوفة من «منذ» ، قال : لأن الحذف والتصريف لا يكون في الحروف ، ورده الشلوبين بتخفيف «إن» وأخواتها ، وقال المالقي : الصحيح أنه إذا كان اسما فهو مقتطع من «منذ» ، وأما إذا كان حرفا فهو لفظ قائم بنفسه.

انظر الجنى الداني : ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، رصف المباني للمالقي : ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، مغني اللبيب : ٢ / ٤٤ ـ ٤٤٣ ، الهمع : ٣ / ٢٢٠ ـ ٢٢٢ ، شرح الرضي : ٢ / ١١٧ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٢٤١.

٣٦٤

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

والواحد اذكر ناسبا للجمع

إن لم يشابه واحدا بالوضع

يعني : إذا نسبت إلى جمع باق على جمعيّته (١) ولم يشابه في الوضع المفرد ـ جيء بواحده ونسب إليه ، كقولك في النّسب إلى («فرائض : فرضيّ».

وفهم من قوله :

إن لم يشابه واحدا بالوضع

أنّه إذا شابهه نسب إلى) (٢) لفظه.

وشمل نوعين :

أحدهما : ما أهمل واحده ، كـ «عباديد» (٣).

والآخر : ما يسمّى به ، كـ «أنصار» (٤).

فتقول فيهما : «عباديديّ ، وأنصاريّ».

ثمّ اعلم أنّ النسب يكون بالياء المشدّدة المذكورة ـ كما تقدّم ـ ويكون بأوزان نبّه عليها ، فقال رحمه‌الله تعالى :

ومع فاعل وفعّال فعل

في نسب أغنى عن اليا فقبل /

فذكر ثلاثة أوزان :

الأوّل : «فاعل» بمعنى : صاحب كذا ، نحو «تامر ، ولابن ، وكاس» أي : صاحب تمر ، وصاحب لبن ، وصاحب كسوة.

الثّاني : «فعّال» في الحرف غالبا ، نحو «حدّاد ، وقزّاز».

ـ و «فعل» بمعنى : صاحب كذا ، نحو «طعم ، ولبس» بمعنى : ذي طعام ، وذي لباس.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وغير ما أسلفته مقرّرا

على الّذي ينقل منه اقتصرا

__________________

(١) في الأصل : جمعية. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٥.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٥.

(٣) العباديد : الفرق ، فمن الناس والخيل الذاهبون في كل وجه وطريق ، وهو أيضا : الآكام والأطراف البعيدة. انظر اللسان : ٤ / ٢٧٨٠ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٥٥ ، حاشية الصبان : ٤ / ١٩٨.

(٤) أنصار : هو في الأصل جمع «ناصر» ، ثم صار علما على قبيلتي الأوس والخزرج. انظر اللسان : ٦ / ٤٤٣٩ ـ ٤٤٤٠ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٥٥.

٣٦٥

يعني : أنّ ما خالف ما قدّمته من الأحكام والضّوابط في النّسب ـ يقتصر على ما نقل منه ، أي : يحفظ ولا يقاس عليه ، ومنه كثير ، ومنه قولهم في المنسوب إلى «البصرة» : «بصريّ» بكسر الباء ، وإلى «الدّهر» : «دهريّ» بضمّ الدّال (١) ، وإلى «مرو» (٢) : «مروزيّ» بزيادة الزّاي.

__________________

(١) وهذا يقال للشيخ الكبير الذي عاش طويلا ، والقياس فتح الدال.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٣٧ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٥٦ ، اللسان : ٢ / ١٤٤٠ ، حاشية الخضري : ٢ / ١٧٥.

(٢) مرو : قال البكري : مدينة بفارس معروفة ، وذكر ياقوت في المعجم : مرو الروذ : مدينة قريبة من مرو الشاهجان بينهما خمسة أيام ، وهي على نهر عظيم نسبت إليه ، وهي أصغر من مرو الأخرى ، ومرو الشاه جان : وهي أشهر مدن خراسان ، وقصبتها ، وهي العظمى بينهما وبين نيسابور سبعون فرسخا.

انظر معجم ما استعجم للبكري : ٤ / ١٢١٦ ، معجم البلدان : ٥ / ١١٢ ، مراصد الاطلاع : ٣ / ١٢٦٢.

٣٦٦

الباب السابع والستون

الوقف

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

الوقف

الوقف : قطع النّطق عند آخر الكلمة.

وإن كان الموقوف عليه منوّنا ففيه (١) ثلاث لغات :

ـ حذف التّنوين مطلقا ، وتسكين ما قبله ، نحو «قام زيد ، ورأيت زيد ، ومررت بزيد» (٢).

ـ وإبدال التّنوين من جنس حركة ما قبله مطلقا ، نحو «قام زيد و، ورأيت زيدا ، ومررت بزيدي» (٣).

ـ وحذفه بعد ضمّة (٤) ، أو كسرة ، وإبداله ألفا بعد فتحة.

وهذه (هي) (٥) اللّغة الفصيحة (٦) ، ولذلك اقتصر النّاظم عليها ، فقال :

تنوينا اثر فتح اجعل ألفا

وقفا وتلو غير فتح احذفا /

__________________

(١) في الأصل : فيه. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٦.

(٢) ذكر ذلك أبو الحسن وقطرب وأبو عبيدة والكوفيون ، ونسبها ابن مالك إلى ربيعة.

انظر شرح المرادي : ٥ / ١٥٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٨٠ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٣٩٢ ، التسهيل : ٣٢٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٠٤ ، الهمع : ٦ / ٢٠٠.

(٣) ونسب ابن مالك هذه اللغة إلى الأزد ، وقيده غيره بأزد السراة ، وزعم المازني أنها لغة قوم من اليمن ليسوا فصحاء. انظر شرح المرادي : ٥ / ١٥٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٨١ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٣٩٣ ، التسهيل : ٣٢٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٠٤ ، الهمع : ٦ / ٢٠١.

(٤) في الأصل : الضمة. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٦.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٦.

(٦) وهي لغة سائر العرب. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٨١ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٠٤ ، شرح المرادي : ٥ / ١٥٥ ، شرح المكودي : ٢ / ١٥٦.

٣٦٧

يعني : أنّ التّنوين إذا كان إثر فتحة جعلته ـ أي : التّنوين ـ ألفا ، وإذا كان إثر غير فتح حذفته.

وشمل غير الفتح (١) : الضّمّ والكسر ، والمراد بالفتح : فتح الإعراب.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

واحذف لوقف في سوى اضطرار

صلة غير الفتح في الإضمار

يعني : أنّ (صلة) (٢) هاء الضّمير في الوقف ، إذا كانت (٣) صلة غير الفتح ـ حذفت (٤) ، وشمل الضّمّ والكسر ، نحو «رأيته ، ومررت به» ، فتقف عليهما بالسّكون.

وفهم من قوله : «غير الفتح» أنّ الواقعة بعد الفتح لا تحذف ، وهي ضمير المؤنّث نحو «رأيتها ، ومررت بها» ، والمراد بالفتح : فتح البناء.

وفهم من قوله : «في سوى اضطرار» أنّ الوقف يأتي على الواو والياء في الاضطرار (٥).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وأشبهت إذا منوّنا نصب

فألفا في الوقف نونها قلب

يعني : أنّ «إذن» الّتي هي من النّواصب يوقف عليها بإبدال النّون ألفا ، لشبهه بالتّنوين بعد الفتح ، فتقول : «إذا» (٦).

__________________

(١) في الأصل : فتح. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٦.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

(٣) في الأصل : كان. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

(٤) في الأصل : حذفته. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

(٥) نحو قول رؤبة :

ومهمه مغبرّة أرجاؤه

كأنّ لون أرضه سماؤه

بإثبات الواو فيهما لفظا ، لأن صلة الضمير المرفوع والمجرور لا صورة لها في الخط كالتنوين. وقوله :

تجاوزت هندا رغبة عن قتاله

إلى ملك أعشو إلى ضوء ناره

بإثبات الياء فيهما لفظا لا خطا كما تقدم ، والضمير لـ «هند» هو علم رجل. انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٣٩. أوضح المسالك : ٢٨٦.

(٦) وهو مذهب أبي علي والجمهور. انظر ارتشاف الضرب : ١ / ٣٩٣ ، الهمع : ٦ / ٢٠٥ ، شرح المرادي : ٥ / ١٥٩ ، الجنى الداني : ٣٦٥ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٠٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٣٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٨١ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٧٩.

٣٦٨

وفهم من قوله : «وأشبهت» أنّ الوقف عليها بالألف على خلاف الأصل ، وإنّما هو للشّبه ، ولذلك ذكر بعضهم الوقف عليها بالنّون على الأصل (١).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وحذف يا المنقوص ذي التّنوين ما

لم ينصب اولى من ثبوت فاعلما

يعني : أنّ حذف الياء من المنقوص ، إذا كان غير منصوب أولى من / ثبوتها ، (فشمل) (٢) المرفوع نحو «هذا قاض» ، والمجرور نحو «مررت بقاض» بحذف الياء فيهما.

وفهم من قوله : «ما لم ينصب» أنّ الياء لا تحذف من المنصوب.

وفهم ممّا تقدّم في قوله (٣) :

تنوينا اثر فتح اجعل ألفا

أنّ المنقوص المنوّن المنصوب يبدل فيه التّنوين ألفا ، نحو «رأيت قاضيا» (٤).

وفهم من قوله : «أولى» أنّ جواز الوقف عليهما بالياء مرجوح ، نحو «هذا قاضي ، ومررت بقاضي».

هذا حكم المنقوص المنوّن ، وأمّا غير المنوّن فقد أشار إليه ، فقال رحمه‌الله تعالى :

وغير ذي التّنوين بالعكس ...

 ...

يعني : أنّ المنقوص غير المنوّن بالعكس من المنوّن ، فإثبات الياء فيه أولى من حذفها ، نحو «هذا القاضي ، ومررت بالقاضي».

__________________

(١) ونقل عن المازني والمبرد واختاره ابن عصفور.

انظر شرح المرادي : ٥ / ١٥٩ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٧٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٣٩ ، الهمع : ٦ / ٢٠٥ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٠٦ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٣٩٣ ، الجنى الداني : ٣٦٥ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٧٩.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

(٣) في الأصل : تقدم وقوله. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

(٤) قال المرادي في شرحه (٥ / ١٦١): «وحكى الأبدي : أن من العرب من يقف عليها بحذف التنوين» ، وعلى ذلك بنى المتنبي قوله :

ألا أذّن فما أذكرت ناسي

٣٦٩

ويعني بغير ذي التّنوين : المقرون (١) (ب «أل») (٢).

وما ذكره (٣) من أنّه عكس المنوّن إنّما ذلك في المرفوع والمجرور ـ كما مثّل ـ ، وأمّا المنصوب فليس في الوقف (عليه) (٤) إلا إثبات الياء.

وإن كان المنقوص محذوف العين ، فليس فيه إلا وجه واحد ، أشار إليه بقوله رحمه‌الله تعالى :

 ... وفي

نحو مر لزوم ردّ اليا اقتفي

يعني : أنّ نحو «مر» اسم فاعل من «أرى» (٥) إذا وقف عليه لزم (٦) ردّ الياء ، فتقول : «هذا مري ، ومررت بمري» ، وإنّما لزم فيه ردّ الياء لكثرة ما حذف منه ، فإنّ أصله : «مرئي» ، على وزن «مفعل» ، فنقلت حركة الهمزة إلى الرّاء ، وحذفت الهمزة ، / وفعل بالياء ما فعل بياء «قاض» ونحوه ، من حذف حركته وحذفه ، لالتقائه مع التّنوين ، ولم يبق من أصول الكلمة إلا الرّاء ، فلو سكّنوها في الوقف لكان ذلك إجحافا بها.

ثم اعلم أنّ الموقوف عليه إذا كان متحرّكا ، فإمّا أن يكون تاء تأنيث أو غيرها.

فإن كان تاء تأنيث ـ وقف عليها بالسّكون خاصّة ، وهو الأصل.

وإن كان غيرها ـ جاز فيه السّكون ، والرّوم ، والإشمام ، والتّضعيف ، والنّقل ، وذلك بشروط يأتي ذكرها.

وقد أشار إلى الأوّل والثاني ، فقال رحمه‌الله تعالى :

وغيرها التّأنيث من محرّك

سكّنه أو قف رائم التّحرّك

يعني : أنّ غير تاء التّأنيث من المحرّك ـ يجوز تسكينه ورومه ، والأصل التّسكين.

__________________

(١) في الأصل : والمقرون. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

(٣) في الأصل : وما ذكر. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

(٥) أصل الماضي : «أرأى» بهمزتين بينهما راء ساكنة على وزن «أكرم» ، نقلت حركة الهمزة الثانية إلى الراء قبلها ، وحذفت الهمزة تخفيفا ، ومضارعه : «يرى» ، وأصله : «يرئي» ، ففعل به ما ذكر بالماضي. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٥٨.

(٦) في الأصل : لزوم. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٧.

٣٧٠

وأمّا الرّوم : فهو إخفاء الصّوت بالحركة (١) ، ويجوز في الحركات الثّلاث (٢).

وفهم من استثنائه هاء التّأنيث : أنّه لا يجوز فيها ما جاز في غيرها من التّحرّك ، وسنبيّن بعد كيف يوقف عليها.

ثمّ أشار إلى الثّالث ، فقال رحمه‌الله تعالى :

أو أشمم الضّمّة ...

 ...

الإشمام : هو الإشارة بالشّفتين إلى الحركة ، حال سكون الحرف (٣).

وفهم من قوله : «الضّمّة» أنّه مخصوص بها ، ولا يجوز في الفتحة ، ولا في الكسرة.

ثمّ أشار إلى الرّابع فقال :

 ... أو قف مضعفا

ما / ليس همزا أو عليلا إن قفا

(محرّكا) (٤) ...

 ...

يعني : أنّه يجوز الوقف على المتحرّك ـ غير التّاء ـ بالتّضعيف ، بشرط أن لا يكون همزة ، ولا حرف علّة ، وأن يكون قبله متحرّك.

__________________

(١) وقال السيد الشريف : الروم : أن تأتي بالحركة الخفيفة بحيث لا يشعر به الأصم.

انظر التعريفات للسيد الشريف : ١١٢ ، الهمع : ٦ / ٢٠٧ ، شرح المكودي : ٢ / ١٥٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٠٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٨٩ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٣٩٧ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٧٥ ، معجم المصطلحات النحوية : ٩٦ ، معجم مصطلحات النحو : ١٤٥ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ١٢١.

(٢) قال ابن مالك في شرح الكافية (٤ / ١٩٨٩): «وهو عند النحويين جائز في الحركات الثلاث ، وعند الفراء يجوز في الضمة والكسرة ، ولا يجوز في الفتحة». وقال أبو حيان في الارتشاف (١ / ٣٩٧): «ومذهب الجمهور جوازه في الفتحة ، وقال أبو الحسن ابن الباذش : «زعم أبو حاتم أن الروم لا يكون في المنصوب لخفته ، والناس على خلاف».

وانظر شرح المرادي : ٥ / ١٦٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢١٠ ، الهمع : ٦ / ٣٠٧ ـ ٢٠٨ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ١٢٦.

(٣) وقال السيد الشريف : الإشمام : تهيئة الشفتين للتلفظ بالضم ، ولكن لا يتلفظ به تنبيها على ضم ما قبلها ، أو على ضمة الحرف الموقوف عليه ، ولا يشعر به الأعمى.

انظر التعريفات للسيد الشريف : ٢٧ ، شرح المكودي : ٢ / ١٥٨ ، الهمع : ٦ / ٢٠٨ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ١٢١ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٠٩ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٧٥ ، شرح المرادي : ٥ / ١٦٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٨٩ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٣٩٧ ، معجم مصطلحات النحو : ١٧٧٥ ، معجم المصطلحات النحوية : ١١٩.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٨.

٣٧١

وهذه الشّروط كلّها مفهومة من البيت ، فتقول في «جعفر ، وضارب ، ودرهم» : «جعفرّ ، وضاربّ ، ودرهمّ» بالتّضعيف.

ثمّ أشار إلى الخامس فقال :

 ... وحركات (١) انقلا

لساكن تحريكه (٢) لن (٣) يحظلا

يعني : أنّه يجوز (٤) نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله ، وذكر له في هذا البيت شرطين :

أحدهما : أن يكون ساكنا وهو قوله : «لساكن» ، واحترز (به) (٥) من المتحرّك ، فلا ينقل إليه.

والآخر : أن يكون السّاكن ممّا يقبل الحركة ، وشمل الألف ، لتعذّر حركته ، نحو «دار» ، والواو والياء ، لثقل الحركة فيهما ، نحو «قنديل ، وعصفور» ، والمضعّف ، نحو «الجدّ» ، لأنّ نقله يستلزم فكّه ، وهو ممتنع في غير الضرورة.

وبقي عليه شرط ثالث خلافيّ ، أشار إليه ، فقال رحمه‌الله تعالى :

ونقل فتح من سوى المهموز لا

يراه بصريّ وكوف نقلا

يعني : أنّ البصريّين منعوا نقل الفتحة إذا كان المنقول منه غير همزة ، فلا يقال في «رأيت الحصن» : «(رأيت الحصن)» (٦) ، لأنّ المفتوح إذا كان منوّنا ـ لزم من النقل حذف ألف التّنوين ، وحمل عليه غير المنوّن.

وأجاز ذلك الكوفيّون (٧).

وفهم / من قوله : «سوى المهموز» أنّ نقل الفتحة من المهموز جائز عند

__________________

(١) في الأصل : أو حركات. انظر الألفية : ١٩٠.

(٢) في الأصل : تحريحكه. انظر الألفية : ١٩٠.

(٣) في الأصل : ان. انظر الألفية : ١٩٠.

(٤) في الأصل : يجو. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٩.

(٥ ـ ٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٩.

(٧) ونقل عن الجرمي والأخفش أنهما أجازاه مطلقا كالكوفيين ، ونقل عن الأخفش أيضا أنه أجازه في المنون على لغة من قال : «ورأيت بكر» بفتح الباء ، والكاف ، وهم ربيعة.

انظر في ذلك شرح المرادي : ٥ / ١٧٠ ، الأشموني مع الصبان : ٤ / ٢١١ ـ ٢١٢ ، الهمع : ٦ / ٢١٤ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٨٨ ـ ١٩٨٩ ، شرح المكودي : ٢ / ١٥٩. التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٤٢.

٣٧٢

الجميع ، لثقل الهمزة ، نحو «رأيت الخبأ ، والرّدأ ، والبطأ» (١) بنقل الحركة في جميع ذلك.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

والنّقل إن يعدم نظير ممتنع

 ...

يعني : أنّ نقل الحركة للسّاكن ، إذا أدّى نقلها إلى عدم النّظير ـ ممتنع ، فلا يجوز النّقل في نحو «هذا بشر» فتقول : «هذا بشر» لما يؤدّي إليه من بناء «فعل» بكسر الفاء ، وضمّ العين (في الأسماء) (٢) وهو غير موجود ، ولا في «انتفعت ببسر (٣)» : («إنتفعت ببسر») (٤) ، لما يؤدّي إليه من بناء «فعل» ـ بضمّ الفاء وكسر العين ـ في الأسماء ، وهو خاصّ بالأفعال.

فإن (كان) (٥) الحرف المنقول إليه همزة ـ جاز ، وإليه أشار ، فقال رحمه‌الله تعالى :

 ...

وذاك في المهموز ليس يمتنع

الإشارة (٦) بـ «ذاك» للنّقل الّذي يؤدّي إلى عدم النّظير (٧).

يعني : أنّ ذلك في المهموز غير ممتنع ، لثقل الهمزة ، فتقول في نحو «هذا ردء» : «ردء» ، و «مررت بالكفء» (٨).

__________________

(١) في الأصل : النطأ. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٩. والخبء : ما خبىء وستر في غيره ، والرّدء : المعين ، والبطء : ضد السرعة.

انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٥٩ ، اللسان : ٢ / ١٨٥ (خبأ) ، ٣ / ١٦١٩ (ردأ) ، ١ / ٢٩٩ (بطأ) ، حاشية الصبان : ٤ / ٢١٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٤٢.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٩.

(٣) في الأصل : بلشر. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٩. والبسر : التمر قبل أن يرطب لغضاضته ، واحدته بسرة ، وهو أيضا الماء الطري الحديث بالمطر ساعة ينزل من المزن ، والجمع بسار.

انظر اللسان : ١ / ٢٨٩ ، ٢٩٠ (بسر) ، المصباح المنير : ١ / ٤٨ (بسر).

(٤ ـ ٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٩.

(٦) في الأصل : الأشار. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٩.

(٧) في الأصل : النظر. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٩.

(٨) الكفء : النظير والمساوي ، ومنه الكفاءة في النكاح ، وهو أن يكون الزوج مساويا للمرأة في حسبها ودينها ونسبها وبيتها وغير ذلك ، وتكافأ الشيئان : تماثلا. انظر اللسان : ٥ / ٣٨٩٢ (كفأ) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٥٩.

٣٧٣

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

في الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل

إن لم يكن بساكن صحّ وصل

يعني : أنّ تاء التّأنيث الّلاحقة للأسماء ـ تجعل في الوقف هاء.

واحترز بـ «تاء تأنيث» من التّاء الّتى ليست للتّأنيث ، نحو «فرات».

واحترز بـ «تاء تأنيث الاسم» من تاء التّأنيث / السّاكنة الّلاحقة للأفعال ، نحو «قامت».

واحترز بقوله :

إن لم يكن بساكن (١) صحّ وصل

من (٢) نحو «بنت وأخت».

وفهم منه : أنّ السّاكن إذا كان غير صحيح ، والتّاء للتّأنيث ـ أنّه يوقف عليها بالهاء ، نحو «فتاه ، وحصاه».

ودخل في ذلك التّاء في جمع المؤنّث السّالم ، نحو «هندات» ، فأخرجه فقال :

وقلّ ذا في جمع تصحيح وما

ضاهى ...

أي : قلّ جعل التّاء هاء في الوقف في جمع المؤنّث السّالم ، كـ «هندات» وما ضاهاه ، كـ «أولات ، وهيهات» ، والأعرف في ذلك الوقف بالتّاء.

ومن الوقف بالهاء قول بعضهم : «دفن البناه من المكرماه» (٣).

__________________

(١) في الأصل : لساكن. انظر الألفية : ١٩١.

(٢) في الأصل : في ، انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥٩.

(٣) روى ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ١٥) عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما قال : لما عزي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بابنته رقية قال : «الحمد لله دفن البنات من المكرمات» ، وعزاه صاحب المجمع إلى الطبراني في الأوسط والكبير.

وانظر الحديث في كنز العمال (رقم) : ٤٥٣٧٧ ، تذكرة الموضوعات للفتني : ٢١٧ ، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي : ٢ / ٦٩٣ ، الموضوعات لابن الجوزي : ٣ / ٢٣٥.

وانظر الحديث برواية المؤلف منسوبا للعرب (حكاه قطرب عن طيء) في التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٤٣ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢١٤ ، شرح المرادي : ٥ / ١٧٥ ، شرح المكودي : ٢ / ١٦٠ ، الهمع : ٦ / ٢١٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٩٥ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ٣٧٥ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٤٠٤.

٣٧٤

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

 ...

 ... وغير ذين بالعكس انتمى

يعني : أنّ غير جمع المؤنّث السّالم وما ضاهاه بالعكس من جمع المؤنّث ومضاهيه ، فالوقف بالهاء هو الكثير ، نحو «فاطمه» ، والوقف بالتّاء قليل ، ومنه قولهم : «يا أهل سورة البقرت» ، فقال مجيب : «ما أحفظ منها ولا آيت» (١).

ثمّ اعلم أنّ من عوارض الوقف زيادة هاء السّكت على آخر الموقوف عليه ، وأكثر ما تزاد (٢) بعد الفعل المحذوف الآخر جزما كـ «لم يعطه» ، أو وقفا ، كـ «أعطه» ، وبعد «ما» الاستفهاميّة المجرورة ، كقولك في «على م» : «على مه» (٣) ، وقد تزاد في غيرهما ، كما سيأتي.

فأما إلحاقها بالفعل المحذوف الآخر ، فقد أشار إليه فقال رحمه‌الله تعالى / :

وقف بها السّكت على الفعل المعلّ

بحذف آخر كأعط من سأل (٤)

يعني : أنّ هاء السّكت تلحق في الوقف آخر الفعل المحذوف الآخر ، فشمل المضارع المجزوم ، نحو «لم يعطه ، ولم يقه» ، والأمر من المعتلّ الّلام ، نحو «أعطه ، وقه» إلا أنّ لحاقها بنحو «لم يقه ، وقه» ممّا بقي من الفعل فيه حرف واحد ، أو (حرفان أحدهما) (٥) حرف المضارعة ـ واجب ، وإلى ذلك أشار ، فقال رحمه‌الله تعالى :

وليس حتما في سوى ما كع أو

كيع مجزوما فراع ما رعوا

يعني : أنّه يجب لحاق هاء السّكت في نحو المثالين المذكورين تقوية لهما.

وفهم منه : أنّ لحاقها لما بقي من حروفه أكثر من حرفين ، نحو «أعط ، ولم

__________________

(١) قال ثابت بن قيس الأنصاري : «يا أهل سورت البقرت» لما كان يقاتل مع المسلمين مسيلمة الكذاب وحزبه ، واختلط المسلمون بالعدو ، وخاف فرار المسلمين ، فأراد أن يجمع إليه من كان يجاهد في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنهم يصبرون على ملاقاة العدو أكثر من غيرهم لقوة إيمانهم ، فقال مجيب ـ وهو ثابت رجل من طيء ـ : ما أحفظ منها ولا آيت.

انظر المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ١٦٠ ، شرح المرادي : ٥ / ١٧٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢١٤ ، شرح القطر : ٤٦١ ، الهمع : ٦ / ٢١٥.

(٢) في الأصل : يزاد. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٠.

(٣) في الأصل : فقلت. على مه.

(٤) في الأصل : تسأل. انظر الألفية : ١٩١.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦١.

٣٧٥

يعط ـ جائز ، لا لازم ، فتقول في «لم يعط ، وأعط» : («لم يعط ، وأعط») (١) بالسّكون ، و «لم يعطه ، وأعطه» بلحاق الهاء ، وفي نحو «قه ، ولم يقه» بلحاق الهاء خاصّة.

ثمّ انتقل إلى لحاقها بعد «ما» الاستفهاميّة ، فقال رحمه‌الله تعالى :

وما في الاستفهام إن جرّت حذف

ألفها وأولها الها إن تقف

يعني : أنّ «ما» الاستفهاميّة إن جرّت حذف ألفها في الوقف ، ولحقتها (٢) هاء السّكت.

واحترز بقوله : «ما في الاستفهام» من الموصولة والشّرطيّة والمصدريّة ، فلا يحذف ألف شيء من ذلك في الوقف ، ولا يلحقه هاء السّكت.

وفهم من قوله : «إن جرّت» أنّ المرفوعة والمنصوبة ، لا يلحقها هاء / السكت ، وشمل قوله : «إن جرّت» المجرور بحرف الجرّ ، نحو «عمّه ، ولمه» ، والمجرور بالإضافة ، نحو «اقتضاء مه» ، إلّا أنّ المجرورة بالإضافة يلزمها الحذف ولحاق الهاء ، وإلى ذلك أشار ، فقال رحمه‌الله تعالى :

وليس حتما في سوى ما انخفضا

باسم كقولك اقتضاء م اقتضى

يعني : أنّ المجرورة بغير الإضافة ـ وهو حرف الجرّ ـ ليس في لحاق الهاء لها حتم.

ففهم منه : أنّ لحاقها جائز في المجرورة بحرف.

وفهم أيضا أنّه لازم في المجرورة بالإضافة.

(ثمّ مثّل ذلك بقوله : «اقتضاء م اقتضى».

هذا مثال المجرورة بالإضافة) (٣) ، فـ «اقتضاء» مضاف لـ «م» ، فإذا وقفت عليها ، قلت (في) (٤) «اقتضاء م اقتضى زيد» : «اقتضاء مه».

ثمّ انتقل إلى لحاقها في غير الفعل المعلّ الآخر ، و «ما» الاستفهاميّة ، فقال رحمه‌الله تعالى :

ووصلها بغير تحريك بنا

أديم شذّ في المدام استحسنا (٥)

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦١.

(٢) في الأصل : ولحاقها. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٠.

(٣ ـ ٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦١.

(٥) قال ابن حمدون : يوجد قبل هذا البيت في بعض نسخ المكودي بيت آخر نصه :

ووصل ذي الهاء أجز بكلّ ما

حرّك تحريك بناء لزما

٣٧٦

يعني : أنّ وصل هاء السّكت بغير الحركة الّتي للبناء المدام (١) شاذّ ، ووصلها بحركة البناء المدام مستحسن.

وفهم منه أنّه لا يوصل بحركة الإعراب البتّة.

فمثال حركة البناء المدام الّذي يستحسن لحاق الهاء معه ـ حركة «الواو والياء» من «هو ، (وهي» ، فيجوز «هوه) (٢) وهيه» ، وقد قرئ بهما (٣) ، وقد شذّ لحاقها في «عل» في قول الرّاجز :

٢٨٩ ـ يا ربّ يوم لي لا أظلّله

أرمض من تحت وأضحى من عله

__________________

ويوجد أيضا عقبه شرحا له : ذكر في هذا البيت أنّ هاء السّكت إنّما توصل بحركة بناء لازم ، لا كبناء المفرد العلم ، فلا تتّصل به ، وإنّما تتّصل به على وجه الشّذوذ ، وإليه أشار بقوله :

ووصلها ...

 ... إلخ

وقال ابن حمدون : لكن قول الناظم :

«ووصلها ... البيت»

يغني عن البيت وشرحه الموجودين في بعض النسخ. وقال الصبان : يوجد في بعض النسخ قبل هذا البيت بيت آخر ، وهو :

ووصل ذي الهاء أجز بكلّ ما

حرّك تحريك بناء لزما

فيكون قوله : «ووصلها بغير ... إلخ» تفصيلا لإجمال هذا البيت. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٦٢ ، حاشية الصبان : ٤ / ٢١٧ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ١٧٨ ، الألفية : ١٩٢.

(١) البناء المدام : أي : الملتزم. انظر شرح المرادي : ٥ / ١٨٣ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢١٨.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٢.

(٣) قرأ يعقوب الحضرمي : «هو وهي» في الوقف بهاء السكت حيث وقعا وكيف جاءا من غير خلاف عنه. وقراءة غيره بغير هاء مع إسكان الواو والياء وقفا.

انظر النشر في القراءات العشر : ٢ / ١٣٥ ، ٢١٠ ، إتحاف فضلاء البشر : ١٠٤ ، شرح المكودي : ٢ / ١٦٢ ، شرح المرادي : ٥ / ١٨٣.

٢٨٩ ـ من الرجز ، لابن ثروان (قال البغدادي : وهو من جملة الأعراب الذين كانوا ملازمين باب الخلفاء ، تؤخذ عنهم اللغة والأشعار والنوادر ، وكان أبو ثروان ممن يلازم الكسائي) ، ونسب ثانيهما برواية «من عل» آخر عدة أبيات نسبت في شواهد السيوطي لابن الهجنجل. قوله : «يا رب» ، يا : إما أداة نداء والمنادى محذوف ، والتقدير يا قوم رب ، وإما لمجرد التنبيه ، لأنها دخلت على ما لا يصلح للنداء. لا أظلله : بالبناء للمفعول من «الظل» وهو من باب الحذف والإيصال ، والأصل : لا أظلل فيه فحذف «في» توسعا وانتصب الضمير بالفعل والجملة في محل نصب. ارمض : من رمضت قدمه إذا احترقت من الرمضاء وهي الأرض الحامية من حر الشمس. «من تحت» أصله : «من تحتي» فلما قطع بنيت على الضم.

أضحى : من ضحيت الشمس ضحاء : إذا برزت في وقت الضحى. عله : بمعنى : فوق.

والشاهد في قوله : «عله» حيث لحقته هاء السكت شذوذا ، لأن البناء فيه عارض.

٣٧٧

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وربّما أعطي لفظ الوصل ما

للوقف نثرا وفشا منتظما

يعني : أنّه قد يحكم للوصل بحكم الوقف ، فيعطى حكمه ، وذلك في النّثر قليل ، وفهم ذلك من قوله / : «وربّما» ، ومنه قوله تعالى في قراءة غير حمزة والكسائيّ : (لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ)(١) ، وقراءة قالون (٢) : (وَمَحْيايَ وَمَماتِي)(٣)(٤) ، وفي الشّعر فاش ، وقد صرّح بذلك في قوله : «وفشا منتظما» ومنه قوله :

(٥) ـ أتوا ناري فقلت منون أنتم

 ...

__________________

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢٠٠٠ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٥٤٥ ، أبيات المغني : ٣ / ٣٥٣ ، شواهد المغني : ١ / ٤٤٨ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ١٦٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٤٦ ، مغني اللبيب رقم : ٢٧٦ ، الهمع رقم : ٧٩١ ، ١٨٠٢ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٧٢ ، ٢ / ٢٣٥ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٧١ ، ٤ / ٢١٨ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ٨٧ ، شرح ابن الناظم : ٨١٢ ، شرح المرادي : ٥ / ١٨٢ ، كاشف الخصاصة : ٣٨٩ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ١٠٦.

(١) (فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ، وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ.) قرأ غير حمزة والكسائي «لم يتسنه» بإثبات الهاء فيه وصلا ووقفا ، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وخلف «لم يتسن» بحذف الهاء وصلا.

انظر حجة القراءات : ١٤٢ ، المبسوط في القراءات العشر : ١٥٠ ، إتحاف فضلاء البشر : ١٦٢ ، إعراب النحاس : ١ / ٣٣٢ ، البيان لابن الأنباري : ١ / ١٧١ ، إملاء ما من به الرحمن : ١ / ١٠٩ ، شرح المكودي : ٢ / ١٦٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٤٤٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢١٩ ، شرح المرادي : ٥ / ١٨٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢٠٠١.

(٢) هو عيسى بن ميناء بن وردان بن عيسى المدني ، مولى الأنصار ، أبو موسى ، (وقالون : لقب دعاه به نافع القارئ لجودة قراءته ، ومعناه بلغة الروم : جيد) أحد القراء المشهورين ، ولد في المدينة سنة ١٢٠ ه‍ ، وانتهت إليه الرياسة في علوم العربية والقراءة في زمنه بالحجاز ، وكان أصم يقرأ عليه القرآن وهو ينظر إلى شفتي القارىء ، فيرد عليه اللحن والخطأ ، توفي سنة ٢٢٠ ه‍.

انظر ترجمته في طبقات القراء : ١ / ٦١٥ ، الأعلام : ٥ / ١١٠ ، النجوم الزاهرة : ٢ / ٢٣٥.

(٣) في الأصل : الواو. ساقط.

(٤) بإسكان الياء من «محياي» ، وهي قراءة نافع وأبو جعفر أيضا. وقراءة الجمهور على فتح الياء.

انظر المبسوط في القراءات العشر : ٢٠٦ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٢٦٧ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢٢١ ، إعراب النحاس : ٢ / ١١١ ، إملاء ما من به الرحمن : ١ / ٢٦٧ ، البيان لابن الأنباري : ١ / ٣٥٢ ، شرح المكودي : ٢ / ١٦٣.

(٢٩٠) ـ من الوافر ، وقد اختلف في نسبته لقائله ، فقيل : هو لشمير بن الحارث الضبي ، وقيل : لتأبط شرا ، وقيل غير ذلك ، وعجزه :

فقالوا : الجنّ ، قلت : عموا ظلاما

وقد تقدم الكلام عليه ص ٢٨٥ / ٢ من هذا الكتاب. والشاهد في قوله : «منون» ، فإنه أدخل

٣٧٨

الباب الثامن والستون

الإمالة

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

الإمالة

الإمالة على قسمين : إمالة الألف ، وإمالة الفتحة.

فإمالة (١) الألف: هي أن تنحو بالألف نحو الياء ، والفتحة (٢) نحو الكسرة، وذكر لها النّاظم ستّة أسباب :

الأوّل : انقلابها عن الياء.

الثّاني : مآلها إلى الياء.

الثّالث : كونها تدلّ على ما يقال فيه : «فلت».

الرّابع : ياء قبلها ، أو بعدها.

الخامس : كسرة قبلها ، أو بعدها.

السّادس : التّناسب.

وقد أشار إلى الأوّل ، فقال رحمه‌الله تعالى :

الألف المبدل من يا في طرف

أمل ...

يعني : أنّ الألف المبدلة من الياء في طرف ـ تمال ، وشمل آخر الفعل ، كـ «رمى» ، وآخر (٣) الاسم ، كـ «مرمى».

__________________

علامة الجمع في «من» إجراء للوصل مجرى الوقف ، وحق هذه العلامة ألا تدخل فيها إلا في الوقف ، وذلك شاذ ، وهو كثير في الشعر.

(١) في الأصل : فإما. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٣.

(٢) أي : الفتحة التي قبل الألف. انظر ارتشاف الضرب : ١ / ٢٣٨ ، شرح المرادي : ٥ / ١٨٦ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٦٣ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٦١٣.

(٣) في الأصل : والآخر. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٣.

٣٧٩

وفهم منه أنّ الألف إذا كانت وسطا ـ لا تمال ، وإن كانت مبدلة من ياء ، إلا بشرط يأتي.

ثمّ أشار إلى الثّاني ، فقال رحمه‌الله تعالى :

 ...

 ... كذا الواقع منه اليا خلف

دون مزيد أو شذوذ (١) ...

 ...

يعني : أنّ الألف تمال إذا كانت صائرة إلى الياء ، دون شذوذ ، ولا زيادة ، وذلك نحو «حبلى ، ومعزى» (٢) ، فإنّ الألف فيهما غير مبدلة من (ياء) (٣) ، لكنّها تصير إلى الياء في التّثنية والجمع / بالألف والتّاء ، فتقول : «حبليان وحبليات ، ومعزيان ومعزيات».

واحترز بالشّذوذ من قلب الألف ياء في لغة هذيل ، إذا أضيف إلى ياء المتكلّم ، نحو «عصيّ» في «عصاي».

واحترز بالمزيد من رجوع الألف إلى الياء بسبب زيادة ، كقولهم في تصغير «قفا» : «قفيّ» ، وفي جمعه «قفيّ».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

 ... ولما

تليه ها التّأنيث ما الها عدما

يعني : أنّ ما آخره تاء التّأنيث ممّا آخره ألف ، يستحق الإمالة ـ يمال ، كما يمال المجرّد من التّاء ، نحو «مرماة ، وفتاة» ، لأنّ (التّا) (٤) في حكم الانفصال ، فهي (٥) غير معتدّ بها.

ثمّ أشار إلى السبب الثّالث ، فقال رحمه‌الله تعالى :

وهكذا بدل عين الفعل إن

يؤل إلى فلت كماضي خف ودن

يعني أنّ الألف تمال أيضا إذا كانت بدلا من عين فعل ، تكسر (٦) فاؤه إذا أسند إلى تاء الضمير.

__________________

(١) في الأصل : وشذوذ. انظر الألفية : ١٩٣ ، شرح المكودي : ٢ / ١٦٣.

(٢) الماعز : ذو الشعر من الغنم ، خلاف الضأن ، وهو اسم جنس ، وهي العنز ، والأنثى ماعزة ومعزاة ، والمعزى : اسم للجمع ، وألفه ملحقة له ببناء «هجرع». انظر اللسان : ٦ / ٤٢٣١ (معز) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٦٣.

(٣ ـ ٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٣.

(٥) في الأصل : فهو. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٤.

(٦) في الأصل : أن تكسر. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٤.

٣٨٠