شرح ابن طولون - ج ٢

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

وقد فهم من هذه الأبيات أنّ قوله :

وما به لمنتهى الجمع ...

 ...

البيت مقيّد بأن لا يكون المصغّر أحد هذه الثّمانية فإنّها لا يحذف منها شيء.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى / :

وألف التّأنيث ذو القصر متى

زاد على أربعة لن يثبتا

يعني : أنّ ألف التّأنيث المقصورة إذا كانت خامسة فصاعدا حذفت ، لأنّها لمّا لم يستقلّ النّطق بها ـ حكم لها بحكم المتّصل ، فحذفت ، لأنّ بقاءها يخرج البناء عن مثال : «فعيعل ، وفعيعيل» ، وذلك نحو «قرقرى (١) وقريقر ، وحبركى (٢) وحبيرك (٣)».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وعند تصغير حبارى خيّر

بين الحبيرى فادر والحبيّر (٤)

إن كان ثالث ما فيه ألف التّأنيث الخامسة ألفا ، وصغّرته ، كـ «حبارى» ـ جاز فيه حذف الألف الأولى ، وإبقاء ألف التّأنيث ، فتقول : «حبيرى» ، وحذف ألف التّأنيث ، فتقول : «حبيّر» بقلب الألف الأولى (ياء) (٥) ، وإدغام ياء التّصغير فيها.

وفهم منه : أنّ ما سوى نحو «حبارى» ، ممّا ألفه خامسة للتّأنيث ـ يجب حذف ألفه.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

واردد لأصل ثانيا لينا قلب

فقيمة صيّر قويمة تصب

يعني : أنّ ثاني الاسم المصغّر يردّ إلى أصله ، إذا كان منقلبا عن غيره ، فشمل ستّة أنواع :

__________________

(١) قرقرى : اسم صوت الريح الذي يكون في البطن ، وقيل : اسم موضع ، وفي معجم ما استعجم : قرقرى : ماء لبني عبس بين برك وخيم ، وقال ياقوت : أرض باليمامة فيها قرى وزروع ونخيل كثيرة. انظر اللسان : ٥ / ٣٥٨٣ (قرر) ، معجم ما استعجم : ٣ / ١٠٦٥ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٤ ، ١٧٥ ، معجم البلدان : ٤ / ٣٢٦ ، مراصد الاطلاع : ٣ / ١٠٨٠.

(٢) الحبركى : الطويل الظهر ، القصير الرجلين ، وقيل : الضعيف الرجلين الذي كاد يكون مقعدا من ضعفها ، وقيل : هو اسم للقراد. انظر اللسان : ٢ / ٧٥٢ (حبرك) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٤.

(٣) في الأصل : حبريك. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٤.

(٤) في الأصل : والحبيرى. انظر الألفية : ١٨١.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٤.

٣٤١

الأوّل : ما أصله واو ، فقلبت ياء ، نحو «قيمة» ، فتقول فيه : «قويمة».

الثّاني : ما أصله واو ، فقلبت ألفا ، نحو «باب» ، فتقول فيه : «بويب».

الثّالث : ما أصله ياء ، فانقلبت واوا ، نحو «موقن» ، فتقول فيه : «مييقن».

الرّابع : ما أصله ياء ، فانقلبت (ألفا ، نحو «ناب» للمسنّ من الإبل ، فتقول / فيه : «نييب» (١).

الخامس : ما أصله همزة فانقلبت) (٢) ياء ، نحو «ذيب» ، فتقول فيه : «ذؤيب».

السّادس : ما أصله حرف من غير حروف العلّة ، نحو «قيراط (٣) ، ودينار» فتقول فيهما : «قريريط ، ودنينير» ، لأنّ أصلهما : «قرّاط ، ودنّار».

وإنّما رجع ذلك كلّه إلى أصله ، لزوال موجب القلب.

وفهم من تخصيصه الثّاني : أنّ الثّالث إذا كان منقلبا عن أصل ـ لم يرجع إلى أصله ، نحو «قائم» فإنّ الهمزة بدل من الواو ، فتقول : «قويئم» (٤).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وشذّ في عيد عييد وحتم

للجمع من ذا ما لتصغير علم

يعني : قد جاء بعض ما هو منقلب عن أصل غير مردود لأصله ، نحو «عييد» تصغير «عيد» ، ووجه (٥) شذوذه : أنّ الياء فيه منقلبة عن واو ، فقياسه «عويد» ، كـ «قويمة» ، فلم يردّه إلى أصله ، لئلا يلتبس بتصغير «عود» بضمّ العين. وقوله :

 ... وحتم

للجمع من ذا ما لتصغير علم

يعني : أنّ ما ردّ إلى أصله في التّصغير يردّ أيضا إلى أصله في الجمع ، فيقال في جمع «ميزان» : «موازين» ، وفي «باب» : «أبواب» ، وفي «ناب» : «أنياب» ، وفي «عيد» : «أعياد» ، كما قالوا : «عيد وعييد».

__________________

(١) وأجاز الكوفيون في نحو «ناب» مما ألفه ياء : «نويب» بالواو ، وأجازوا أيضا إبدال الياء في نحو «شيخ» واوا. وقد وافقهم الناظم في التسهيل على جوازه فيهما جوازا مرجوحا ، ويؤيده أنه سمع في «ناب» : «نويب» ، وفي «بيضة» : بويضة ، وهو عند البصريين شاذ.

انظر شرح المرادي : ٥ / ١٠٧ ، التسهيل : ٢٨٤ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٦٥ ـ ١٦٦ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٧٤ ، الهمع : ٦ / ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٤.

(٣) القيراط والقراط من الوزن : معروف ، وهو نصف دانق ، والدانق : سدس الدرهم.

انظر اللسان : ٥ / ٣٥٩١ (قرط) ، ٢ / ١٤٣٣ (دنق).

(٤) في الأصل : قويم. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٤.

(٥) في الأصل : وجه. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٥.

٣٤٢

ثمّ قال :

والألف الثّاني المزيد يجعل

واوا كذا ما الأصل فيه يجهل

الألف الثّانية لها خمسة أحوال :

الأوّل : أن تكون مبدلة من واو.

الثّاني : أن تكون مبدلة من ياء.

وتقدّم حكمهما في البيت / الّذي قبله.

الثّالث : أن تكون زائدة ، كـ «ضارب».

الرّابع : أن تكون مجهولة ، كـ «عاج».

الخامس : أن تكون مبدلة من همزة ، نحو «آدم».

وقد ذكر في هذا البيت : الزّائدة والمجهولة ، ولم يذكر المبدلة (من) (١) همزة ، وسيأتي في باب الإبدال.

ثمّ قال :

وكمّل المنقوص في التّصغير ما

لم يحو غير التّاء ثالثا كما

يعني : أنّ المنقوص إذا صغّر ردّ ما (٢) حذف منه.

والمراد بالمنقوص هنا : ما حذف منه حرف ، لا المنقوص القياسيّ ، وهو ما آخره ياء تقدّر فيه الضّمّة والكسرة.

فشمل قوله : «المنقوص» ما حذفت فاؤه كـ «عدة» (٣) ، أو عينه ، كـ «ثبة» (٤) ، أو لامه ، كـ «سنة ، ويد».

وشمل ما ليس فيه تاء ، كـ «يد» ، وما فيه التّاء ، كـ «سنة».

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٥.

(٢) في الأصل : مما. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٥.

(٣) في الأصل : كـ «شية». انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٥ ، حيث أنه قال بعد : «فتقول فيها : «وعيدة» برد الفاء».

(٤) ثبة : من ثاب يثوب ، وأصله : «ثوب» حذفت عينه التي هي الواو ، وعوض منها هاء التأنيث ، وإلى ذلك ذهب الزجاج ، وذهب غيره إلى أنها محذوفة اللام من «ثبيت» إذا جمعت ، قال المرادي : وهو الأولى. وهذا الخلاف في «ثبة» التي بمعنى : مجتمع الماء من وسط الحوض ، أما «الثبة» التي هي الجماعة من الناس ، فهي محذوفة اللام ، وأصله : «ثبو» ، قال المرادي : لا أعرف في ذلك خلافا.

انظر شرح المرادي : ٥ / ١٠٩ ، اللسان : ١ / ٥١٨ (ثوب) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٥.

٣٤٣

وشمل أيضا ما كان على حرفين ـ كالمثل المذكورة ـ ، وما كان على أكثر ، كـ «هار» (١) بمعنى : «هائر» في قول من جعل الإعراب في الرّاء ، وأصله «هائر» فحذفت منه الهمزة.

فهذه كلّها يردّ إليها المحذوف ، إلا ما كان له ثالث وليس تاء ، فتقول فيها : «وعيدة» بردّ الفاء ، و «ثويبة» (٢) بردّ العين ، و «سنيهة ، ويديّة» بردّ الّلام. وتقول في «هار» : «هوير» للاستغناء عن ردّ الأصل بإقامة وزن التّصغير (٣).

وذلك مفهوم من قوله : «ما لم يحو غير التّاء ثالثا» ، أي : ما لم يحو ثالثا غير / التّاء ، فإن حوي ثالثا غير التّاء ، لم يردّ إليه المحذوف ، ثمّ مثّل ذلك بـ «ما» ، ويحتمل «ما» الاسميّة ، و «ما» الحرفيّة ، وحكمهما في ذلك واحد ، (وذلك أنّه) (٤) إذا سمّي بها ، ثمّ صغّرت ، فتصير كالمنقوص الّذي على حرفين ، فلا بدّ من تكميلها ، ليتوصّل بذلك إلى بناء التّصغير ، فتقول : «مويّ» ، وفي تمثيله بذلك نظر ، فإنّ ما يسمّى به من الموضوع على حرفين (٥) ، ثانيه حرف لين ـ (يجب) (٦) تكميله قبل التّصغير ، فتقول في رجل مسمّى بـ «ما» : «ماه» ، وليس تكميله موقوفا على التّصغير.

__________________

(١) هار : اسم فاعل من «هار يهور» إذا انهدم ، واسم الفاعل منه هائر ، ثم فيه قولان : قيل : حذفت الهمزة عين الكلمة المبدلة من الواو حذفا على غير قياس ، وأصله : «هاور» ، فـ «هار» حينئذ على وزن «فال» ، والإعراب حينئذ على الراء ، وهذا ما ذكره المؤلف. وقيل : داخله القلب ، فقدمت لام الكلمة على العين ، وهي الراء ، وأخرت العين ، فصار «هارو» على وزن «فالع» فأبدلت الواو ياء ، لانكسار ما قبلها ، فصار «هاري» ، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت ، فالتقى ساكنان ، فحذفت الياء فهو بمنزلة «قاض وغاز» ، فيكون معربا بالضمة والكسرة المقدرتين على الياء. وعلى كلا القولين يصغر على «هوير» بغير رد المحذوف.

انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٥ ، حاشية الصبان : ٤ / ١٦٧ ، اللسان : ٦ / ٤٧١٩ (هور) ، المصباح المنير : ٢ / ٦٤٢ (هور).

(٢) في الأصل : ثييبة. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٥.

(٣) وروي عن بعض العرب : «هويئر» برد المحذوف ، وهو من الشاذ الذي لا يقاس عليه خلافا لأبي عمرو ويونس والمازني.

انظر شرح المرادي : ٥ / ١١٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩١١ ، شرح الشافية للرضي : ١ / ٢٢٤ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٦٧ ، التسهيل : ٢٨٥ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، الهمع : ٦ / ١٣٧.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٥.

(٥) في الأصل : فرفين. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٥.

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٥.

٣٤٤

ولم ينبّه على ذلك أحد من الشّرّاح غير المكوديّ ، فانظره (١).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ومن بترخيم يصغّر اكتفى

بالأصل كالعطيف يعني المعطفا

التّرخيم في التّصغير حذف الزّائد من المصغّر ، فإن كان ثلاثيّا في الأصل صغّر على «فعيل» ، نحو «حميد» في «أحمد ، وحمدان ، ومحمود ، وحمّاد» ، و «عطيف» في «المعطف».

و «المعطف» ـ بكسر الميم ـ : هو (٢) الكساء (٣).

وإن كان رباعيّا ، صغّر على «فعيعل» ، نحو «شملال» (٤) ، وعصفور» ، فتقول : «شميلل (٥) ، وعصيفر».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

واختم بتا التّأنيث ما صغّرت من

مؤنّث عار ثلاثيّ كسن

يعني : أنّ الاسم الثّلاثيّ ، المؤنّث ، العاري من (تاء) (٦) التّأنيث ـ يختم بالتّاء في التّصغير ، نحو «سنّ وسنينة».

وشمل / قوله : «ثلاثيّ» أربعة أنواع :

الأوّل : ما هو ثلاثيّ في الحال ، نحو «كتف».

والثّاني : ما هو ثلاثيّ في الأصل ، نحو (٧) «يد» ، فتقول فيه : «يديّة».

الثّالث : ما كان نحو «سماء» ، فإنّك تقول فيه («سميّة» ، والأصل) (٨) «سميّ» ، فتجتمع ثلاث ياءات : الأولى : ياء التّصغير ، والثّانية : بدل ألف «سماء» ،

__________________

(١) انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٥.

(٢) في الأصل : وهو. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٦.

(٣) والكساء : الرداء ، ويطلق المعطف أيضا : على جانب كل شيء ، ويطلق أيضا على السيف.

انظر اللسان : ٤ / ٢٩٩٧ (عطف) ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ١٤٦ ، حاشية الصبان : ٤ / ١٦٩.

(٤) في الأصل : شمال. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٦.

(٥) في الأصل : شميل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٦.

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٦.

(٧) في الأصل : وهو. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٦.

(٨) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ٣٢٣.

٣٤٥

والمبدلة منها الهمزة ، فحذفت إحدى الياءات (١) على القياس المقرّر (٢) في هذا الباب (٣) ، فبقي منه ثلاثة أحرف ، فلحقت التّاء ، كما تلحق الثلاثيّ.

الرّابع : ما كانت فيه زيادة ، وهو مؤنّث ، فصغّر تصغير ترخيم ، نحو «شمال» فتقول فيه : «شميلة».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ما لم يكن بالتّا يرى ذا لبس

كشجر وبقر وخمس

وشذّ ترك دون لبس وندر

لحاق تا فيما ثلاثيّا كثر

هذا استثناء من الضّابط المتقدّم لنوعين لا تلحقهما التّاء ، أشار إلى الأوّل بقوله :

ما لم يكن ...

 ...

البيت يعني : أنّ التّاء لا تلحق في التّصغير اسم الجنس الّذي يتميّز من واحده بحذف التّاء ، نحو «شجر ، وبقر» ، فتقول : «شجير ، وبقير» ، إذ لو قلت : «شجيرة ، وبقيرة» لالتبس بتصغير «شجرة ، وبقرة».

ولا تلحق أيضا «عشرا» ولا «ثلاثا» ، وما بينهما من أسماء العدد ، فتقول في تصغيره : «عشير ، وتسيع ، وخميس» ، ولا تلحقها التّاء ، لئلا يلتبس بتصغير «عشرة» ، وتسعة ، وخمسة».

ثمّ / أشار إلى الثّاني بقوله :

وشذّ ترك دون لبس ...

 ...

__________________

(١) وفي المرادي والتصريح : «فحذفت إحدى اليائين على القياس المقرر في هذا الباب». قال يس : وفي نسخة من نسخ المرادي : «إحدى الياآت» بالجمع ، وكل صحيح ، كما هو ظاهر ، والأول أولى». انتهى.

انظر شرح المرادي : ٥ / ١١٤ ، التصريح مع حاشية يس عليه : ٢ / ٣٢٣ ، الأشموني مع الصبان : ٤ / ١٧١.

(٢) في الأصل : المقدر. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٦.

(٣) قال ابن حمدون : «أي : باب المنقوص ، كما قال ابن غازي ، وهذا القياس لم يذكره في الألفية ، بل نص عليه سيبويه ، ونصه : «اعلم أنه إذا كان بعد ياء التصغير ياآن حذفت الياء التي آخر الحروف ، تقول في «عطاء» : «عطيّ» ، وفي «قضاء» : «قضيّ». انتهى. وفي حاشية الصبان : أن المحذوف الياء الثالثة التي هي لام الكلمة عند الجمهور ، ومقتضى كلام الناظم في التسهيل أنها الثانية المنقلبة عن الألف.

انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٦ ، الكتاب : ٢ / ١٤٢ ، حاشية الصبان : ٤ / ١٧١.

٣٤٦

يعني : شذّ ترك التّاء دون لبس في ألفاظ تحفظ ، ولا يقاس عليها ، وهي : «ذود» (١) و «شول» (٢) ، و «ناب» للمسنّ من الإبل (٣) ، و «حرب» (٤) ، و «فرس» ، و «قوس» ، و «درع الحديد» ، و «عرس» (٥) ، و «ضحى» (٦) ، و «نعل» (٧) ، و «نصف (٨)» (٩).

وقد شذّ أيضا لحاق التّاء فيا زاد على الثّلاثيّ وإلى ذلك أشار بقوله :

 ... وندر

 ...

البيت يعني : أنّه ندر لحاق التّاء في الزّائد على الثّلاثة ، كقولهم في «قدّام» : «قديديمة» ، وفي «وراء» : «وريّئة» (١٠) ، وفي «أمام» : «أميمة».

__________________

(١) في الأصل : ذول. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٦ ، والذود : الإبل من الثلاث إلى التسع ، وقيل : ما بين الثلاث إلى العشر ، وقيل غير ذلك. انظر اللسان : ٣ / ١٥٢٥ (ذود) ، حاشية ابن حمدون ٢ / ١٤٦.

(٢) شول : جمع شائلة على غير قياس ، والشائلة من الإبل : التي أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر فخف لبنها. انظر اللسان : ٤ / ٢٣٦٣ (شول) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٦ ـ ١٤٧.

(٣) قال ابن منظور : والناب ـ الناقة المسنة ، سموها بذلك حين طال نابها وعظم ، مؤنثة أيضا ، وهو مما سمي به الكل باسم الجزء. انظر اللسان : ٦ / ٤٥٩١ (نيب).

(٤) حرب : ـ بفتح الحاء وسكون الراء ، وبالباء الموحدة ـ الناقة المهزولة ، ويطلق أيضا على القتال ، لأنها مؤنثة أيضا ، قال تعالى : (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ،) فإن الهاء عائدة على الحرب. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٧ ، اللسان : ٢ / ٨١٥ ـ ٨١٦ (حرب).

(٥) عرس الرجل ـ : امرأة الرجل ، وبضمتين : اسم من أعراس الرجل بأهله إذا بني عليها ودخل بها ، وبضم فسكون : طعام الوليمة. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٧ ، اللسان : ٤ / ٢٨٧٩ (عرس) ، حاشية الصبان : ٤ / ١٧١.

(٦) الضحوة : ارتفاع الهاء والضحى فويق ذلك ، وقيل : الضحى من طلوع الشمس إلى أن يرتفع النهار وتبيض الشمس جدا ، ثم بعد ذلك الضحاء إلى قريب من نصف النهار.

انظر اللسان : ٤ / ٢٥٥٩ (ضحا) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٧.

(٧) نعل : اسم للنعل المعلوم ، وهو ما وقيت به القدم من الأرض ، ويقال لزوجة الرجل : هي نعله ، والعرب تكنى عن المرأة بالنعل. انظر اللسان : ٦ / ٤٤٧٧ ، ٤٤٧٨ (نعل) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٧.

(٨) في الأصل : وصعب. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٧ ، النصف ـ بفتح النون والصاد المهملة ـ : المرأة الكهلة ، كأن نصف عمرها ذهب ، وقال ابن مالك : وهي المرأة المتوسطة بين الصغر والكبر. انظر اللسان : ٦ / ٤٤٤ (نصف) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٧١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩١٤.

(٩) قال المرادي في شرحه (٥ / ١١٥) : وبعض العرب يذكر «الحرب ، والدرع ، والفرس» فلا يكون من هذا القبيل ، وبعضهم ألحق التاء في «عرس وقوس» ، فقال «عريسة ، وقويسة». انتهى. انظر شرح الأشموني : ٤ / ١٧١.

(١٠) في الأصل : ورية. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٧.

٣٤٧

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وصغّروا شذوذا الّذي الّتي

وذا مع الفروع منها تاوتي

التّصغير من جملة التّصريف ، فحقّه أن لا يدخل غير المتمكّن (١) من الاسم ، إلا «ذا» و «الّذي» ، وفروعهما ، لشبهها (٢) بالأسماء المتمكّنة في كونها توصف ويوصف بها ، فاستبيح لذلك تصغيرها ، لكن على وجه خولف به تصغير المتمكّن ، فترك أوّلها على ما كان عليه قبل التّصغير ، وعوّض من ضمّه ألف مزيدة في الآخر ووافقت المتمكّن في زيادة ياء ساكنة ، فقيل في «الّذي ، والّتي» : «الّلذيّا ، والّلتيّا» ، وفي «ذا ، وتا» : «ذيّا ، وتيّا» (٣).

وقد اعترض المراديّ هذا البيت ، ولا بدّ من إيراد اعتراضه لصحّته ، قال : «اعلم أنّ قول النّاظم :

وصغّروا شذوذا ...

 ... /

معترض من ثلاثة أوجه :

أوّلها : أنّه لم يبيّن الكيفيّة ، بل ظاهره يوهم أنّ تصغيرها كتصغير المتمكّن.

وثانيها : أنّ قوله : «مع الفروع» ليس على عمومه ، لأنّهم لم يصغّروا جميع الفروع.

وثالثها : أنّ قوله : «منها «تا وتي» يوهم أنّ «تي» صغّر كما صغّر «تا» ، وقد نصّوا على أنّهم لم يصغّروا من ألفاظ (٤) المؤنّث ، إلا «تا» (٥).

__________________

(١) في الأصل : الممكن. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٧.

(٢) في الأصل : لتشبيههما. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٧.

(٣) أصل «ذيا وتيا» : «ذييا وتييا» ، بثلاث ياءات ، الأولى عين الكلمة ، والثانية للتصغير ، والثالثة لام الكلمة ، فاستثقلوا ذلك مع زيادة الألف آخره ، فحذفت الياء الأولى ، لأن ياء التصغير لمعنى ، فلا تحذف ، ولأن الثالثة لو حذفت لزم فتح ياء التصغير لأجل الألف.

انظر شرح المرادي : ٥ / ١١٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٧٤ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٤٧ ـ ١٤٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٣٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٢٤ ـ ١٩٢٥ ، حاشية الخضري : ٢ / ١٦٩.

(٤) في الأصل : الألفاظ. انظر شرح المرادي : ٥ / ١٢٠ ، انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٧.

(٥) انظر شرح المرادي : ٥ / ١٢٠ ، شرح المكودي : ٢ / ١٤٧.

٣٤٨

الباب السادس والستون

النسب

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

النّسب

ياء كيا الكرسي زادوا للنسب

وكلّ ما تليه كسره وجب

هذا الباب يسمّى : باب النّسب ، وباب الإضافة ، وقد سمّاه سيبويه رحمه‌الله تعالى بالتّسميتين (١).

قوله :

ياء ...

 ...

البيت يعني : أنّه إذا أريد أن ينسب اسم إلى أب أو قبيلة أو بلد ـ زيد في آخره ياء مشدّدة ، وكسر ما قبلها.

وفهم منه ثلاث تغييرات : زيادة الياء ، وكسر ما قبلها ، وانتقال الإعراب إلى الياء ، فهم ذلك من تشبيهها بياء الكرسيّ ، فإنّها حرف الإعراب ، وفهم منه أنّ ياء الكرسيّ ليست للنسب لتشبيهه ياء النّسب بها.

ثمّ إنّ هذه التّغييرات (٢) الثّلاث الّتي ذكرها (٣) في هذا البيت مطّردة في جميع الأسماء المنسوبة ، وقد يضاف إليها في بعض الأسماء تغييرات أخر ، أشار إلى بعضها ، فقال رحمه‌الله تعالى :

ومثله ممّا حواه احذف وتا

تأنيث او مدّته لا تثبتا /

__________________

(١) قال سيبويه في الكتاب (٢ / ٦٩): «هذا باب الإضافة وهو باب النسبة». انتهى. وانظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٧٧ ، شرح المرادي : ٥ / ١٢١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٢٧ ، قال المرادي : النسب : هذا الأعرف في ترجمته. انتهى. وقال المبرد أيضا في المقتضب (٣ / ١٣٣): «هذا باب الإضافة وهو باب النسب».

(٢) في الأصل : التصغيرات. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٨.

(٣) في الأصل : ذكر. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٨.

٣٤٩

يعني : أنّ آخر المنسوب إذا كان ياء مشدّدة ، أو تاء تأنيث ، أو ألف تأنيث مقصورة ـ حذفت جميعها للنّسب ، وجعلت موضعها ياء النّسب ، وشمل اليّاء المشدّدة ثلاثة أنواع :

ـ ما كانت فيه الياء للنّسب ، كـ «بصريّ» ، فتقول في النّسب إليه : «بصريّ».

ـ وما كانت فيه لغير النّسب ، نحو «كرسيّ» ، فتقول في النّسب إليه : «كرسيّ».

ـ وما كان أصلها واوا ، وقلبت ياء ، نحو «مرميّ» ، أصله «مرمويّ» فقلبت الواو ياء ، وأدغمت في الياء ، فتقول في النّسب إليه : «مرميّ».

وفي هذا الأخير وجه آخر ، نبّه عليه بعد (١).

وإنّما حذفت الياء في جميع ذلك كراهة اجتماع أربع ياءات.

وكذلك أيضا تحذف تاء التّأنيث ، فتقول في النّسب إلى «فاطمة» : «فاطميّ» ، وإنّما حذفت التّاء ، لئلا يجمع بين علامتي تأنيث ، إذا كان المنسوب إليه مؤنّثا ، نحو «مكّيّة».

وأمّا ألف التّأنيث المقصورة ـ فإن كانت خامسة فصاعدا ـ وجب حذفها للنّسب ، نحو «قرقريّ» في «قرقرى» (٢) ، و «حثّيثيّ» في «حثّيثى» (٣).

وأمّا الرّابعة ، فقد أشار إليها ، فقال رحمه‌الله تعالى :

وإن تكن (٤) تربع ذا ثان سكن

فقلبها ووا وحذفها حسن

يعني : أنّ ألف التّأنيث المقصورة ، إذا كانت رابعة في اسم ساكن الثّاني ـ جاز فيها الحذف ، والقلب / واوا ، نحو «حبلى ، وحبلويّ» (٥).

وفهم منه أنّها إذا كانت خامسة فما فوق ، أو رابعة في اسم ثانيه متحرّك ـ وجب حذفها ، لدخولها في الضّابط الأوّل.

__________________

(١) في الأصل : بعده. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٨ ، وذلك عند قوله :

وقيل في المرميّ مرمويّ

واختير في استعمالهم مرميّ

(٢) في الأصل : قرقوي. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٨.

(٣) حثيثى : هو الحث ، وهو الاستعجال. انظر اللسان : ٢ / ٧٧٣ (حثث).

(٤) في الأصل : يكن. انظر الألفية : ١٨٤.

(٥) ويجوز مع القلب أن يفصل بينها وبين اللام بألف زائدة تشبيها بالممدودة ، فتقول : «حبلاوي».

انظر شرح المرادي : ٥ / ١٢٣ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٣١٩ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٧٨ ، الهمع : ٦ / ١٦١ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٨١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٤١.

٣٥٠

ولم يتعرّض للرّاجح من الوجهين ، قيل : والحذف أحسن (١).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

لشبهها الملحق والأصلي ما

لها ...

يعني : أنّ الألف الرّابعة إذا كانت للإلحاق ، نحو «ذفرى» (٢) ، أو منقلبة عن أصل ، نحو «مرمى» ـ جاز فيها ما جاز في ألف التّأنيث من قلبها واوا (٣) ، وحذفها ، فتقول : «ذفريّ وذفرويّ» ، و «مرميّ ومرمويّ» ، إلا أنّ القلب في الأصليّ (٤) أحسن من الحذف ، وإلى (٥) ذلك أشار ، فقال رحمه‌الله تعالى :

 ...

 ... وللأصليّ قلب يعتمى

ف «مرمويّ» أحسن من «مرميّ» ، ومعنى يعتمى : يختار (٦).

وفهم من تخصيصه الألف الأصليّ (٧) باختيار (٨) القلب : أنّ ألف الإلحاق بالعكس ، فيكون كألف التّأنيث في اختيار الحذف.

والمنصوص (٩) عنه بغير هذا الكتاب : أنّ القلب في ألف الإلحاق أجود (١٠).

فينبغي أن يحمل كلامه هنا على أنّ القلب في الأصليّة أكثر من القلب في

__________________

(١) واختاره ابن مالك ، وذكر أبو حيان : أنه الأفصح ، وذلك لأن شبهها بتاء التأنيث أقوى من شبهها بالمنقلبة عن أصل. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٤١ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٨١ ، شرح المرادي : ٥ / ١٢٣ ، الهمع : ٦ / ١٥٩ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٣٩ ، الأشموني مع الصبان : ٤ / ١٧٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٢٨ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٣١٩.

(٢) الذفرى : هو العظم الشاخص خلف الأذن ، بعضهم يؤنثها ، وبعضهم ينونها إشعارا بالإلحاق.

انظر اللسان : ٣ / ١٥٠٥ (زفر).

(٣) في الأصل : واو. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩.

(٤) في الأصل : الأصل. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٢١٣.

(٥) في الأصل : ولى. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩.

(٦) انظر اللسان : ٤ / ٣١١٨ (عمى) ، شرح المكودي : ٢ / ١٤٩ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٧٨ ، شرح المرادي : ٥ / ١٢٤ ، إعراب الألفية : ١٣٣.

(٧) في الأصل : الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩.

(٨) في الأصل : باختار. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩.

(٩) في الأصل : والمنقوص. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩.

(١٠) قال ابن مالك في شرح الكافية (٤ / ١٩٤١ ـ ١٩٤٢): «ثم نبهت بقولي :

 ... وفي

مرمى وشبهه انقلاب اقتفي

والحذف نزر ...

 ...

على أن الألف الرابعة إذا لم تكن زائدة يجوز حذفها على قلة ، وقلبها واوا ، وهو الكثير. وما ألفه للإلحاق جار مجرى ما ألفه غير زائدة. انتهى.

٣٥١

الّتي للإلحاق ، وإن كان القلب فيهما جميعا أجود من الحذف كما نصّ (١) عليه في شرح الكافية (٢).

ثمّ انتقل إلى الألف (٣) الخامسة (فصاعدا) (٤) ، فقال رحمه‌الله تعالى :

والألف الجائز أربعا أزل

 ...

يعني : أنّ الألف الخامسة فما فوق ـ يجب حذفها للنّسب.

وشمل الألف الأصليّة نحو «مصطفى» (٥) ، وألف التّأنيث ، نحو «حبارى» ، وألف التّكثير (نحو «قبعثرى») (٦).

وشمل الألف الخامسة ـ كالمثل المتقدّمة ـ ، والسّادسة نحو «مستدعى / ، وخلّيطى (٧) ، وقبعثرى» ، فتقول : «مصطفيّ ، وحباريّ (٨) ، ومستدعيّ ، وخلّيطيّ ، وقبعثريّ» بالحذف في جميع ذلك.

ثمّ انتقل إلى المنقوص ، وبدأ بالخامسة ، فقال رحمه‌الله تعالى :

 ...

كذاك يا المنقوص خامسا عزل

يعني : أنّ ياء المنقوص إذا كانت خامسة وجب حذفها ، فتقول في «معتد» : «معتديّ».

وفهم من ذلك : أنّ حذفها إذا كانت سادسة ـ واجب أيضا ، لأنّه من باب أحرى ، لأنّ موجب الحذف إنّما هو الثّقل ، وهي سادسة أثقل منها خامسة.

__________________

(١) في الأصل : يخص. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩.

(٢) انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٤١ ـ ١٩٤٢.

(٣) في الأصل : ألف. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩.

(٥) تابع ابن طولون في ذلك المكودي والأشموني. وفي التصريح : «وفي الألف المنقلبة عن أصل ، كـ «مصطفى» ، فإنها منقلبة عن واو «الصفوة». انتهى. ولعلهم عبروا بذلك تجوزا ، وذلك لأن الألف لا تكون أبدا أصلا ، بل تكون زائدة أو منقلبة عن ياء أو واو ، كما قال ابن عصفور في الممتع.

انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٧٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٢٨ ، الممتع في التصريح : ١ / ٢٧٩.

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩ ، والقبعثرى : الجمل العظيم ، ورجل قبعثرى : شديد. انظر اللسان : ٥ / ٣٥١٦ (قبعثر).

(٧) يقال : وقع القوم في خليطى ، أي : اختلاط ، فاختلط عليهم أمرهم ، ويقال : للقوم إذا خلطوا ما لهم بعضه ببعض : خليطى ، والخليطى : تخليط الأمر ، وإنه لفي خليطى من أمره. انظر اللسان : ٢ / ١٢٢٩ ، ١٢٣٠ ، (خلط).

(٨) في الأصل : حيارى. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٤٩.

٣٥٢

ثمّ نبّه على ياء المنقوص الرّابعة ، فقال رحمه‌الله تعالى :

والحذف في اليا رابعا أحقّ من

قلب ...

يعني : أنّ ياء المنقوص إذا كانت رابعة جاز حذفها وقلبها واوا ، وحذفها أحسن من قلبها ، نحو «قاض ، ومعط» ، فتقول : «قاضيّ وقاضويّ ، ومعطيّ ومعطويّ» ، ومن قلبها واوا قول الشّاعر :

(١) ـ فكيف لنا بالشّرب إن لم يكن لنا

دراهم عند الحانويّ ولا نقد

وهو منسوب إلى «حانية» (٢) ، وهو الموضع الّذي يباع فيه الخمر (٣).

__________________

(٢٨٨) ـ من الطويل ، اختلف في نسبته لقائله ، فنسب في الشواهد الكبرى للفرزدق (وليس في ديوانه) ، وقيل : هو لأعرابي ، وقيل : قائله مجهول ، وهو من قصيدة دالية ـ كما في الشواهد الكبرى ـ ، وبعده :

أندّان أم نعتان أم ينبري لنا

فتى مثل نصل السّيف شيمته المجد

ونسبه ابن يعيش لعمارة (ولعله عمارة بن عقيل بن جرير الخطفي) ونسب في اللسان (عون) لذي الرمة ، وهو في ملحقات ديوانه (٧٤٨ ـ المكتب الإسلامي) ، ويروى :

وكيف لنا بالشّرب فيها وما لنا

دوانيق عند الحانويّ ولا نقد

وتعاقبت روايته في المصادر الآتية بين «فكيف» و «وكيف» ، وبين «يكن» ، «وتكن» ، وبين «دراهم» و «دوانق» و «دوانيق» و «دنانير» ، والدوانيق : جمع دانق ، وهو عشر الدرهم ، ويقال : سدسه. والشاهد في قوله : «الحانوي» ، وهو منسوب إلى «حانية» ، فقلبت الياء واوا.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٤٣ ، توجيه اللمع : ٤٧٠ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ١٥٠ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٥٣٨ ، شرح ابن يعيش : ٥ / ١٥١ ، الكتاب مع الأعلم : ٢ / ٧١ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٨٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٢٩ ، شرح المرادي : ٥ / ١٢٨ ، شرح المفصل والمتوسط : ٢ / ٤٠٧ ، المحتسب : ١ / ٣٤ ، شرح ابن الناظم : ٧٩٧ ، اللسان : (حنى ، عون) ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٣٢٠ ، المقرب : ٢ / ٦٥ ، شرح المرادي : ٥ / ١٢٨.

(١) قال الأعلم : «الحانوي : وهو منسوب إلى الحانة ، والحانة والحانوت : بيت الخمار ، كأنه بنى «حانة» على «حانية» ، من «حنت تحنو» ، ثم نسب إليها على الأصل وفتح ما قبل الياء ، فقال : حانوي ، كما يقال في «تغلب» : «تغلبي» ، والقياس : «حاني» كما يقال في «ناجية» : ناجي. انتهى. وقال ابن حمدون : «والحق أنه منسوب إلى «حاني» الذي هو بائع الخمر ، لأنه هو الذي يقبض الدراهم ويكون للنقد عنده مزية». انتهى.

انظر شواهد الأعلم : ٢ / ٧١ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ١٥٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٢٩ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٨٠ ، شرح المرادي : ٥ / ١٢٨.

(٢) قال السيرافي : والمعروف في الموضع الذي يباع فيه الخمر «حانة» بلا ياء.

انظر اللسان : ٢ / ١٠٣٤ (حنى) ، شرح المكودي : ٢ / ١٥٠ ، شرح المرادي : ٥ / ١٢٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٨٠.

٣٥٣

ثمّ انتقل إلى ما ثالثه ياء أو ألف ، فقال رحمه‌الله تعالى :

 ...

 ... وحتم قلب ثالث يعن

فشمل قوله : «ثالث» الياء والألف ، وهما مستويان في وجوب قلبهما واوا ، نحو «عم وعمويّ ، وفتى وفتويّ» ، وإنّما وجب / قلب الألف في «فتى» واوا ، وأصلها الياء كراهة اجتماع الكسرة والياءات (١).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وأول ذا القلب انفتاحا ...

 ...

يعني : أنّ ياء المنقوص إذا قلبت (٢) واوا ـ فتح ما قبل الواو ـ كما سبق في التّمثيل ـ.

والتّحقيق : أنّ الفتح سابق للقلب (٣) ، لأنّه يفتح إذا قصد فيه النّسب ، ووجب قلب الكسرة فتحة ، كما في «عم» ، فيجب حينئذ قلب الواو والياء ألفا ، لتحرّكهما وانفتاح ما قبلهما (٤) ، فيصير كـ «فتى» ، فيقلب الألف بعد واوا ، كما قلب في «فتى».

وكذلك أيضا نحو : «قاضويّ» ، لأنّ نظيره «تغلب» (٥) ، فيفتح أيضا ضاد «قاض» ، كما تفتح لام «تغلب» عند بعض العرب (٦).

__________________

(١) في الأصل : والياء. شرح المكودي : ٢ / ١٥٠.

(٢) في الأصل : قلت. شرح المكودي : ٢ / ١٥٠.

(٣) في الأصل : للقب. شرح المكودي : ٢ / ١٥٠.

(٤) في الأصل : قبلها. شرح المكودي : ٢ / ١٥٠.

(٥) تغلب : قبيلة عظيمة تنتسب إلى تغلب بن وائل بن قاسط من أسد بن ربيعة بن نزار بن معد ابن عدنان ، وتتفرع منها فروع كثيرة.

انظر نهاية الأرب للنويري : ٢ / ٣٣٠ ، صبح الأعشى : ١ / ٣٣٨ ، الفاخر : ٧٨ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ١٨٦ ، معجم قبائل العرب : ١ / ١٢.

(٦) فيقول : «تغلبيّ» بفتح اللام ، وفي القياس عليه خلاف : فذهب المبرد وابن السراج والرماني والفارسي والصيمري أنه جائز مطرد ، ذكره أبو حيان. وذهب الخليل وسيبويه إلى أنه شاذ مقصور على السماع ، وقال الجزولي : المختار ألا تفتح. قال أبو حيان : وفي الشرح المنسوب للصفار أن الجمهور قالوا بجواز الوجهين ، وأن أبا عمرو قال : الفتح شاذ.

انظر ارتشاف الضرب : ١ / ٢٨٥ ، الكتاب : ٢ / ٧٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٩٤٧ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ١٩ ، شرح ابن يعيش : ٥ / ١٤٦ ، شرح المرادي : ٥ / ١٣١ ، الهمع : ١ / ٦٥ ، وانظر التبصرة والتذكرة : ٢ / ٥٨٦ ، الأصول : ٣ / ٦٤ ، حيث إنهما لم يصرح فيهما بالاطراد.

٣٥٤

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

 ... وفعل

وفعل عينهما افتح وفعل

يعني : أنّ الاسم الثّلاثيّ المكسور العين ، يجب فتح عينه (١) ، سواء كان مفتوح الفاء ، كـ «نمر» ، أو مكسورها كـ «إبل» ، أو مضمومها كـ «دئل» ، فنقول : نمريّ وإبليّ ودؤليّ» ، كراهة اجتماع الكسرة مع الياء.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وقيل في المرميّ مرمويّ

واختير في استعمالهم مرميّ

قد تقدّم دخول هذه المسألة تحت عموم قوله :

(ومثله ممّا) (٢) حواه ...

 ...

لكن فيما إحدى ياءيه أصليّة ، كـ «مرميّ» ـ لغتان (٣) :

الحذف ، وهو الكثير ، والقلب ، وذلك مفهوم من قوله في البيت.

وكان حقّه أن يأتي بهذا البيت عقيب قوله :

ومثله ممّا حواه احذف ...

 ...

كما فعل في الكافية (٤) ، لكن الأبيات الّتي ذكرها / مرتبط بعضها ببعض فلم يمكن إدخاله (٥) في أثنائها ، فتعيّن تأخيره عنها.

ثمّ اعلم أنّ ما آخره ياء مشدّدة : إن تقدّمها ثلاثة أحرف فصاعدا ، فالوجه الحذف ـ وقد تقدّم (٦) ـ ، وإن تقدّمها حرفان ـ فسيأتي (٧) ، وإن تقدّمها حرف واحد ـ فقد أشار إليه بقوله رحمه‌الله تعالى :

__________________

(١) قال أبو حيان : وفي مقدمة طاهر القزويني : جوازا.

انظر ارتشاف الضرب : ١ / ٢٨٤ ، الهمع : ٦ / ١٦٥ ، شرح المرادي : ٥ / ١٣٠ ، حاشية الصبان : ٤ / ١٨١.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. شرح المكودي : ٢ / ١٥١.

(٣) في الأصل : فيه اثنان. شرح المكودي : ٢ / ١٥١.

(٤) قال ابن مالك في شرح الكافية (٤ / ١٩٢٨) :

وشبه ذا اليا رابعا فصاعدا

تحذف حتما حيث كان زائدا

كذا افعلن بمشبه المرميّ

والقلب قد يأتي كمرمويّ

(٥) في الأصل : إدخالها. شرح المكودي : ٢ / ١٥١.

(٦) في قوله :

ومثله ممّا حواه احذف وتا

تأنيث او مدّته لا تثبتا

ص ٣٥٠ / ٢ من هذا الكتاب.

(٧) في قوله :

٣٥٥

ونحو حيّ فتح ثانيه يجب

واردده واوا إن يكن عنه قلب

يعني : أنّه إذا تقدّم على الياء حرف واحد ، ونسب إليه لم يحذف منه شيء ، بل يفتح ثانيه ـ وهي الياء المسكّنة المدغمة في الأخيرة ـ ، فإن (كان) (١) أصله واوا ـ رددتها ، فقلت في «طيء» : «طوويّ» (٢) ، لأنّه من «طويت» ، وإنّما قلبت الياء الأخيرة واوا ، وهي منقلبة عن ياء ، كما قلبت في «فتى» ـ وقد تقدّم (٣).

وفهم أنّ الياء الأولى إذا كانت ياء بالأصالة بقيت على حالها ، فنقول في «حيّ» : «حيويّ».

ثمّ قال :

وعلم التّثنية احذف للنّسب

ومثل ذا في جمع تصحيح وجب

يعني : أنّك إذا نسبت إلى مثنّى أو مجموع على حدّه ـ حذفت العلامة ، ونسبت إلى واحده ، فنقول في النّسب إلى «زيدين ، وزيدين» : «زيديّ» (٤).

وحمل الشّارح كلام النّاظم على أنّ ذلك فيما يسمّى به من المثنّى والمجموع (٥) ، وتبعه (٦) المرادي (٧).

قال المكوديّ : «وفيه نظر ، والّذي ينبغي أن يحمل عليه ما ذكرت» (٨).

__________________

وألحقوا معلّ لام عريا

من المثالين بما التّا أوليا

ص ٣٥٨ / ٢ من هذا الكتاب.

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. شرح المكودي : ٢ / ١٥١.

(٢) في الأصل : طوى. شرح المكودي : ٢ / ١٥١.

(٣) في قوله :

 ...

 ... وحتم قلب ثالث يعن

ص ٣٥٤ / ٢ من هذا الكتاب.

(٤) في الأصل : وزيدي. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥١.

(٥) قال ابن الناظم في شرحه (٧٩٩) : يحذف من المنسوب ما فيه علامة تثنية أو جمع تصحيح ، فيقال فيمن اسمه «زيدان» معربا بالحروف : «زيدي» ، ومن أجراه مجرى «حمدان» قال : «زيداني». انتهى.

(٦) في الأصل : وتبع. شرح المكودي : ٢ / ١٥١.

(٧) قال المرادي في شرحه (٥ / ١٣٢): «يحذف من المنسوب إليه أيضا ما فيه علامة تثنية وجمع تصحيح ، كقولك فيمن اسمه «مسلمان» ، أو «مسلمون» أو «مسلمات» : «مسلمي». انتهى.

(٨) انظر شرح المكودي : ٢ / ١٥١. قال ابن حمدون في حاشيته (٢ / ١٥١) : نظره ساقط ، وكلا التقريرين صحيح وذلك مبني على الاختلاف في معنى الجمع في قول المصنف بعد :

٣٥٦

ويفهم منه أنّ حكم ما يسمّى به من / النّوعين على لغة الحكاية ـ حكم المثنّى والمجموع.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وثالث من نحو طيّب حذف

 ...

يعني : أنّه إذا وقع قبل الحرف المكسور لأجل ياء النّسب ياء مكسورة مدغم فيها مثلها ـ حذفت المكسورة ، كقولك في «طيّب» : «طيبيّ» ، كراهة اجتماع الياءات والكسرة.

وفهم من المثال أنّ الياء إذا كانت مفتوحة لم تحذف ، نحو «هبيّخ».

وكان القياس على هذا في النّسب إلى «طيّء» : «طيّئيّ» (١) ، لكن جاء على خلاف ذلك ، وعلى ذلك نبّه بقوله رحمه‌الله :

 ...

وشذّ طائيّ مقولا بالألف

ووجه الشّذوذ فيه أنّ أصله على مقتضى القياس «طيئيّ» (٢) بسكون الياء ، لكن قلبوا الياء ألفا ، والياء إنّما تقلب قياسا إذا كانت متحرّكة.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفعليّ في فعيلة التزم

وفعليّ في فعيلة حتم

يعني : أنّ ما كان على وزن «فعيلة» نحو «حنيفة» (٣) ، تحذف (٤) منه تاء التّأنيث ، ولا تجتمع مع ياء النّسب ، وتحذف منه أيضا الياء ، ويفتح ما قبلها.

__________________

والواحد اذكر ناسبا للجمع

 ...

فمن حمل ـ كالمرادي والشارح ـ الجمع على الجمع اللغوي الصادق بالمثنى وجمعي السالم والتكسير خص ما هنا بما بعد التسمية ، لئلا يقع التكرار ، ومن حمل ـ كالمكودي ـ الجمع فيما يأتي على خصوص جمع التكسير عمم هنا فيما قبل التسمية ، وفيما بعدها ، لأن التكرار منتف. وأطلق المصنف «علم» على جنس العلامة ، ويؤخذ من قوله : «علم» أنّ محل حذف العلّامة إذا كان المثنى والجمع معربين بالحروف. وإنما وجب حذف العلامة لئلا يجتمع في اللفظ إعرابان بالحروف وبالحركات على ياء النسب ، وإن لم يكن المثنى والمجموع معربين بالحروف ، فلا يحذف منهما شيء. انتهى.

(١ ـ ٢) في الأصل : طي. شرح المكودي : ٢ / ١٥١ ، بسكون الياء الأولى كـ «طيبي».

انظر شرح الأشموني : ٤ / ١٨٥.

(٣) حنيفة : قبيلة من بكر بن وائل ، تنتسب إلى حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، من العدنانية ، وتتفرع إلى بطون كثيرة.

انظر نهاية الأرب للقلقشندي : ٢٣٨ ، صبح الأعشى : ١ / ٣٣٩ ، نهاية الأرب للنويري : ٢ / ٣٣١ ، معجم قبائل العرب : ١ / ٣١٢.

(٤) في الأصل : يحذف. شرح المكودي : ٢ / ١٥٢.

٣٥٧

وإن كان على وزن «فعيلة» ـ بضمّ الفاء ـ ، نحو «جهينة» (١) تحذف منه أيضا التّاء والياء ، وتبقى الفتحة الّتي قبل الياء.

فنقول في «حنيفة» : «حنفيّ» ، وفي «جهينة» : «جهنيّ» (٢).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وألحقوا معلّ لام عريا

من المثالين بما التّا أوليا

يعني : أنّهم ألحقوا بـ «فعيلة ، وفعيلة» ـ بحذف الياء ـ ما كان على «فعيل / وفعيل» بغير تاء ، وكان معتلّ الّلام ، نحو «عديّ ، وقصيّ» ، فتقول فيهما : «عدويّ ، وقصويّ».

ثمّ ما ذكر في «فعيلة ، وفعيلة» من حذف ياءيهما (٣) إنّما ذلك ما لم يكونا معتلّي العين أو مضعّفيها (٤) وإلى ذلك أشار فقال :

وتمّموا ما كان كالطّويله

هكذا ما كان كالجليله

يعني : أنّ ما كان معتلّ العين أو مضعّفها من الوزنين ـ يتمّم ، أي : لا يحذف ياؤهما (٥) ، لثقل التّضعيف ، والإعلال.

ومثّل لـ «فعيلة» ـ بفتح الفاء ـ ، ولم يمثّل لـ «فعيلة» ـ بضمّها وهما سواء في وجوب التّتميم ، وإنّما استغنى بـ «فعيلة» عن «فعيلة» ، لأنّ العلّة موجودة فيهما.

وفهم من البيتين : أنّ ما كان «فعيل» صحيح الّلام ، مجرّدا من التّاء ـ يتمّم على الأصل ، نحو «عقيل (٦) وعقيل» (٧) ، فتقول فيهما : «عقيليّ ، وعقيليّ».

__________________

(١) جهينة : من قبائل الحجاز العظيمة ، تنقسم إلى بطنين كبيرين : مالك ، وموسى ، وكل بطن منهما فيه عدة أفخاذ. وجهينة أيضا : من قبائل مصر ، تقطن الشرقية والقليوبية وقنا. انظر معجم قبائل العرب : ٢١٤ ، ٢١٥.

(٢) في الأصل : جهيني. شرح المكودي : ٢ / ١٥٢.

(٣) في الأصل : تائها. شرح المكودي : ٢ / ١٥٢.

(٤) في الأصل : ومضعفيهما. شرح المكودي : ٢ / ١٥٢.

(٥) في الأصل : ياؤها. شرح المكودي : ٢ / ١٥٢.

(٦) عقيل ـ بفتح العين ـ : بطن من الطاليبين ، من بني هاشم من العدنانية ، وهم بنو عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن عبد مناف. انظر معجم قبائل العرب : ٢ / ٨٠٠ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٦٥ ، نهاية الأرب للنويري : ٢ / ٣٦٠.

(٧) عقيل : ـ بضم العين ـ بطن من عامر بن صعصعة من قيس عيلان ، من العدنانية. وعقيل أيضا بطن من بني أسد بن جمهرة من العدنانية ، وبطن من بني حرام بن جذام من القحطانية.

انظر نهاية الأرب للنويري : ٢ / ٣٤٠ ، جمهرة أنساب العرب : ٢٧٣ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٦٦ ، صبح الأعشى : ١ / ٣٤١ ، معجم قبائل العرب : ٢ / ٨٠١.

٣٥٨

ثمّ قال :

وهمز ذي مدّ ينال في النّسب

ما كان في تثنية له انتسب

يعني : أنّ حكم الممدود في النّسب كحكمه (١) في التّثنية ، فتقول في «حمراء» : «حمراويّ» ، كما تقول : «حمراوان» ، وتقول في «علباء ، وكساء ، وحياء» : «علباويّ ، وكساويّ ، (وحياويّ» ، و «علبائيّ وكسائيّ) (٢) وحيائيّ» ، وقد تقدّم ذلك كلّه (٣).

ثمّ انتقل إلى النّسب إلى المركّب ، وهو ثلاثة أنواع :

مركّب تركيب إسناد ، وتركيب مزج ، وتركيب إضافة.

وقد أشار إلى الأوّل والثّاني ، فقال رحمه‌الله تعالى :

وانسب لصدر جملة وصدر ما /

ركّب مزجا ...

يعني بالجملة : الجملة المسمّى بها ، وهو تركيب الإسناد ، فينسب إلى صدرها ، وصدر (٤) المركّب تركيب مزج ، والمزج : الخلط (٥).

فمثال الجملة : «برق نحره» ، فتقول في النّسب إليه : «برقيّ» ، ومثال المزج : «بعلبكّ» ، فتقول في النّسب إليه : «بعليّ» (٦).

__________________

(١) في الأصل : كحمه. شرح المكودي : ٢ / ١٥٢.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. شرح المكودي : ٢ / ١٥٢.

(٣) تقدم ذلك في باب كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا ، في قوله :

وما كصحراء بواو ثنّيا

ونحو علباء كساء وحيا

بواو او همز ...

 ...

(٤) في الأصل : وهو صدر. شرح المكودي : ٢ / ١٥٢.

(٥) انظر اللسان : ٦ / ٤١٩١ (مزج) ، شرح المكودي : ٢ / ١٥٢ ، إعراب الألفية : ١٣٥.

(٦) في النسب إلى المركب تركيب مزج خمسة أوجه :

الأول : مقيس اتفاقا ، وهو النسب إلى صدره ، فتقول في «بعلبك» : «بعلي» ، وكذا حكم «خمسة عشر» ، فتقول : «خمسي».

الثاني : أن ينسب إلى عجزه ، فتقول : «بكي» ، وهذا الوجه أجازه الجرمي ، ولا يجيزه غيره ، ولم يسمع النسب إلى العجز مقتصرا عليه.

الثالث : أن ينسب إليهما معا مزالا تركيبهما ، فتقول : «بعلي بكي» ، وهذا أجازه قوم منهم أبو حاتم قياسا على قول الشاعر :

تزوّجتها راميّة هرمزيّة

وظاهر كلام أبي الحسن الأخفش في الأوسط موافقته.

الرابع : أن ينسب إلى مجموع المركب ، فتقول : «بعلبكي».

٣٥٩

ثمّ انتقل إلى الثّالث ، وهو المركّب الإضافيّ ، وهو على قسمين : قسم ينسب إلى عجزه ، وقسم ينسب إلى صدره ، وقد أشار إلى الأوّل ، فقال رحمه‌الله تعالى :

 ...

 ... ولثان تمّما

إضافة مبدوءة بابن أو اب

أو ما له التّعريف بالثّاني وجب

فهذه ثلاثة (١) أنواع ينسب فيها (٢) للعجز :

أوّلها : أن يكون مبدوءا بـ «ابن» نحو «ابن الزّبير» ، فتقول في النّسب إليه : «زبيريّ».

وثانيها : أن يكون مبدوءا بـ «أب» وهي الكنية ، نحو «أبي بكر» ، فتقول فيه : «بكريّ».

وثالثها : أن يكون الأوّل تعرّف بالثّاني ، نحو «غلام زيد» ، فتقول فيه : «زيديّ» ، كذا قال الشّارح (٣).

ثمّ أشار (٤) إلى الثّاني ، وهو ما ينسب إلى صدره ، فقال رحمه‌الله تعالى :

فيما سوى هذا انسبن للأوّل

 ...

يعني : أنّ المضاف إن لم يكن أحد الثّلاثة المذكورة ـ نسب إلى صدره ، نحو «امرىء القيس» ، فتقول فيه : «امرئيّ» ، فإن خيف لبس نسب إلى العجز ، وإليه أشار فقال :

 ...

ما لم يخف لبس كعبد الأشهل

__________________

الخامس : أن يبنى من جزئي المركب اسم على «فعلل» ، وينسب إليه ، قالوا في «حضر موت» : «حضرمي».

وهذان الوجهان شاذان يقتصر فيهما على ما سمع. انظر شرح المرادي : ٥ / ١٤٠ ـ ١٤٢ ، الهمع : ٦ / ١٥٧٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٩٠ ، شرح الشافية للرضي : ٢ / ٧١ ـ ٧٤ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٧٩ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٣١٢ ـ ٣١٣.

(١) في الأصل : الثلاثة. شرح المكودي : ٢ / ١٥٣.

(٢) في الأصل : إلى. بدل : «فيها» شرح المكودي : ٢ / ١٥٣.

(٣) قال ابن الناظم في شرحه (٨٠١) : وإذا نسب إلى مضاف ، فإن كان صدره معرفا بعجزه أو كان كنية ، حذف صدره ونسب إلى عجزه كقولك في «غلام زيد ، وابن الزبير وأبي بكر» : «زيدي ، وزبيري ، وبكري». انتهى.

(٤) في الأصل : أشا. شرح المكودي : ٢ / ١٥٣.

٣٦٠