شرح ابن طولون - ج ٢

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الباب الثاني والثلاثون

أبنية المصادر

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

أبنية المصادر /

فعل قياس مصدر المعدّى

من ذي ثلاثة كردّ ردّا

وفعل اللّازم بابه فعل

كفرح وكجوى وكشلل

وفعل اللّازم مثل قعدا

له فعول باطّراد كغدا

اعلم أنّ الفعل الماضي ثلاثيّ ومزيد ، فالثّلاثيّ أربعة أقسام : متعدّ ، ولازم مكسور العين ، ولازم مفتوح العين ، ولازم مضموم العين.

وقد أشار إلى الأوّل بقوله :

فعل قياس ...

 ...

البيت يعني : أنّ مصدر الفعل الثّلاثيّ المتعدّي يأتي (على) (١) «فعل» بسكون العين.

وشمل قوله : «المعدّى» ، «فعل» المفتوح العين ، نحو «ضرب ضربا» و «فعل» المكسور (٢) العين ، نحو «فهم فهما» ، والمعتلّ الفاء ، نحو «وعد وعدا» ، والمعتلّ العين ، نحو «باع بيعا» ، والمعتلّ اللّام ، نحو «رمى رميا» ، والمضاعف ، نحو «ردّ ، ردّا» (٣).

ثمّ أشار إلى الثّاني بقوله :

وفعل اللّازم ...

 ... البيت

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٦.

(٢) في الأصل : المكسورة. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٦.

(٣) في الأصل : ر. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٦.

٣

يعني : أنّ الفعل اللازم المكسور العين ـ قياس مصدره يأتي على «فعل» بفتح العين ، ويستوي في ذلك الصّحيح كـ «فرح فرحا» ، والمعتلّ اللّام ، كـ «عمي عمى» ، والمضاعف ، كـ «شلّ شللا» (١).

ثمّ أشار إلى الثّالث بقوله :

وفعل اللّازم ...

 ... البيت

يعني : أنّ فعل اللازم يأتي مصدره على «فعول» ، واستوى في ذلك الصّحيح / ، نحو «قعد قعودا» ، والمعتلّ العين ، نحو «حال حؤولا» ، والمعتلّ اللّام ، نحو «سما سموّا» (٢).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ما لم يكن مستوجبا فعالا

أو فعلانا فادر أو فعالا

فأوّل لذي امتناع كأبى

والثّاني للّذي اقتضى تقلّبا

للدّا فعال أو لصوت وشمل

سيرا وصوتا الفعيل كصهل

اطّراد «فعول» في «فعل» اللّازم يشترط فيه أن لا يكون الفعل مستوجبا لأحد الأوزان المذكورة ، وإلى ذلك أشار بقوله :

ما لم يكن مستوجبا ...

 ... البيت (٣)

فذكر فيه ثلاثة أوزان ، وسيذكر رابعا بعد ، وهي : «فعال ـ بكسر الفاء ـ ، وفعلان ـ بفتح الفاء والعين ـ ، وفعال ـ بضمّ الفاء ـ».

ثمّ بيّن معاني الأفعال الّتي تستحقّ هذه الأوزان ، فقال :

فأوّل لذي امتناع كأبى

__________________

(١) في الأصل : شلا. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٧. قال المرادي (٣ / ٣٠): «أطلق الناظم في «فعل» اللازم ، وينبغي أن يقيد بألا يكون لونا ، لأن «فعلة» هو الغالب فيه كـ «الشهلة ، والسمرة». انتهى. واستثنى في التوضيح ما دل على حرفة أو ولاية ، فقياسه : «الفعالة» ، ومثل للثاني فقال : «كولي عليهم ولاية» ، ولم يمثل للأول استغناء بالثاني ، لأن الولاية في معنى الحرف.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٣ ، شرح الأشموني : ٢ / ٣٠٥.

(٢) قال المرادي (٣ / ٣١): «يستثنى أيضا من «فعل» اللازم ما دل على حرفة وشبهها ، فإن الغالب في مصدره «فعالة» نحو «تجر تجارة ، وأمر إمارة». انتهى. وذكر ابن عصفور أن «فعالة» مقيس في الولاية والصناعة ، نحو «الإمارة ، والخلافة ، والخياطة ، والتجارة». انظر المقرب : ٢ / ١٣١ ، شرح المرادي : ٣ / ٣١ ، شرح الأشموني : ٢ / ٣٠٦.

(٣) في الأصل : البيت. مكرر.

٤

يعني بـ «الأوّل» : «فعالا» ، وهو مصدر مطّرد في «فعل» اللّازم ، الدّالّ على الامتناع ، نحو «أبى إباء ، ونفر نفارا ، وفرّ فرارا». وقوله :

والثّاني للّذي اقتضى تقلّبا

يعني بـ «الثّاني» : «فعلانا» ، وهو أيضا مصدر «فعل» اللّازم ، الدّالّ على التّقلّب والاضطراب ، نحو «لمع لمعانا ، وجال جولانا ، وغلت القدر غليانا».

وقوله : «للدّا فعال». هذا هو الوزن الثّالث ، وهو «فعال» ، وهو مصدر مطّرد في «فعل» (اللازم) (١) الدّالّ على الدّاء والمرض ، نحو «سعل سعالا / ، وزكم زكاما».

وأراد : «للدّاء» بالمدّ ، فقصره ضرورة.

ثمّ قال : «أو لصوت» ، يعني : أنّ «فعالا» يكون أيضا مطّردا في «فعل» اللازم ، الدّالّ على الصّوت ، نحو «نعق نعاقا (٢) ، ويعرت الشّاة يعارا (٣) ، ورغا البعير رغاء (٤)» ، فـ «فعال» (٥) يكون على هذا لـ «فعل» (٦) الدّالّ على (الدّاء ، ول «فعل» الدّالّ على) (٧) الصّوت.

وقوله :

 ... وشمل

سيرا وصوتا الفعيل كصهل

هذا هو الوزن الرّابع ، وهو «فعيل» ، ويكون مصدرا مطّردا في «فعل» اللّازم ، الدّالّ على السّير ، نحو «ذمل ذميلا (٨) ، ورسم رسيما» (٩) ، والدّالّ على الصّوت ، نحو «صهل صهيلا» (١٠) ، وهذا معنى قوله : «وشمل سيرا وصوتا».

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٧.

(٢) يقال : نعق الراعي بالغنم نعاقا : صاح بها وزجرها. انظر اللسان : ٦ / ٤٤٧٦ (نعق).

(٣) أي : صاحت. انظر اللسان : ٦ / ٤٩٦٢ (يعر).

(٤) أي : صوت. انظر اللسان : ٣ / ١٦٨٤ (رغا).

(٥) في الأصل : ففعل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٧.

(٦) في الأصل : للفعل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٧.

(٧) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٧.

(٨) الذميل : ضرب من سير الإبل ، وقيل : هو السير اللين ما كان ، وقيل : هو فوق العنق.

انظر اللسان : ٣ / ١٥١٦ (ذمل) ، حاشية الصبان : ٢ / ٣٠٥.

(٩) الرسيم من سير الإبل فوق الذميل ، وقد رسم يرسم ـ بالكسر ـ رسيما ، ولا يقال : أرسم.

انظر اللسان : ٣ / ١٦٤٧ (رسم) ، ٣ / ١٥١٦ (ذمل).

(١٠) الصهيل : صوت الفرس ، وقال ابن سيده : الصهيل من أصوات الخيل ، وفرس صهال : كثير الصهيل. انظر اللسان : ٤ / ٢٥١٧ (صهل) ، حاشية يس : ٢ / ٧٤.

٥

و «شمل» فيه لغتان : «شمل يشمل» ـ بفتح العين في الماضي ، وضمّها في المضارع ـ ، و «شمل يشمل» ـ بكسر العين في الماضي ، وفتحها في المضارع ـ وهي الفصحى ، إلّا أنّه ينبغي أن تضبط هنا بالفتح صونا (١) من السّناد ، وهو : اختلاف حركة الحرف الّذي قبل الرّويّ المقيّد (٢).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

فعولة فعالة لفعلا

كسهل الأمر وزيد جزلا

هذا إشارة إلى الرّابع ، وهو «فعل» ـ المضموم العين ـ ، فذكر أنّه لا يكون إلّا لازما ، ويطّرد في مصدره وزنان :

الأوّل : فعولة ، نحو «سهولة ، وصعوبة».

والثّاني : فعالة / ، نحو «جزالة (٣) ، ونظافة».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وما أتى مخالفا لما مضى

فبابه النّقل كسخط ورضى

يعني : أنّ ما خالف ما ذكره من مصادر الفعل الثلاثيّ ـ فهو منقول سماعا عن العرب.

وفهم منه : أنّ جميع ما تقدّم من المصادر مقيس.

وفهم منه أيضا : أنّ مصادر الثّلاثيّ أتت على غير قياس ، وذكر منها مصدرين :

ـ «سخطا» ، وهو مصدر «سخط» ، وقياسه «سخط» ـ بفتح (السّين و) (٤) الخاء ـ وقد جاء كذلك (٥).

__________________

(١) في الأصل : صوتا. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٧.

(٢) وهو سناد التوجيه ، فإن كانت الضمة مع الكسرة لم يكن سنادا ـ كما ذكره التبريزي ، وإن جاءت الفتحة مع إحداهما فهو سناد عند الخليل ، وكان سعيد بن مسعدة لا يراه سنادا لكثرته في أشعار العرب. انظر الوافي في العروض والقوافي للخطيب التبريزي : ٢٤٦ ، مفتاح العلوم للسكاكي : ٢٧٢ ، معجم مصطلحات النحو والصرف والعروض والقافية : ١٦٥ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٢١٧.

(٣) قال الزمخشري : ومن المجاز رجل جزل : ذو عقل ورأي ، وقد جزل ، وما أبين الجزالة فيه ، وقد استجزلت رأيك في هذا الأمر ، وهو جزل العطاء وله عطاء جزل وجزيل وأجزل عطيته ، وأجزل له في العطاء. انظر أساس البلاغة : ٥٩ (جزل) ، تاج العروس : ٧ / ٢٥٦ (جزل) ، اللسان : ١ / ٦١٨ (جزل).

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٨.

(٥) انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٤ ، شرح المكودي : ١ / ٢١٨ ، شرح دحلان : ١١٠ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٢ ، إعراب الألفية : ٤ ، إرشاد الطالب النبيل : (٥ / ب).

٦

ـ و «رضى» ، وقياسه «رضى» بفتح الرّاء (١) ـ.

وفهم من قوله : «كسخط» في إتيانه بكاف التّشبيه : أنّه قد جاء غير هذين المصدرين على غير قياس (٢).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وغير ذي ثلاثة مقيس

مصدره كقدّس التّقديس

لمّا فرغ من مصادر الثّلاثيّ شرع في بيان المزيد ، فقال : إنّ غير الثّلاثيّ من الأفعال له مصدر مقيس ، غير متوقّف على السّماع.

وشمل قوله : «غير ذي ثلاثة» الرباعيّ الأصول ، نحو «دحرج» ، والمزيد على الرباعيّ ، (نحو «احرنجم» ، والمزيد على الثلاثيّ) (٣) ، نحو «استخرج».

وله أبنية كثيرة ، وبدأ منها بـ «فعّل» فقال : «كقدّس التّقديس».

يعني : أنّ «فعّل» (٤) المشدّد العين ، نحو «قدّس» يأتي مصدره على «تفعيل» ، نحو «قدّس تقديسا ، وعلّم تعليما».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وزكّه تزكية وأجملا

إجمال من تجمّلا تجمّلا /

هذا البيت اشتمل على ثلاثة أفعال بمصادرها ، وكلّها من الثلاثيّ المزيد فيه :

__________________

(١) انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٤ ، شرح دحلان : ١١٠ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٢ ، شرح المكودي : ١ / ٢١٨ ، إرشاد الطالب النبيل : (٥ / ب) ، إعراب الألفية : ٤.

(٢) وذلك كقولهم في «فعل» المفتوح العين المتعدي : «جحده جحودا ، وشكره شكورا وشكرانا» والقياس : «جحدا وشكرا» ، وقالوا : «جحدا» على القياس ، وكقولهم في «فعل» المفتوح العين القاصر : «مات موتا ، وفاز فوزا ، وحكم حكما ، وشاخ شيخوخة ونم نميمة ، وذهب ذهابا» بفتح الذال المعجمة ، والقياس فيها : «فعول» وكقولهم في «فعل» المكسور العين المتعدي : «علم علما» بكسر العين ، والقياس فتحها ، وكقولهم في «فعل» المكسور العين القاصر : «رغب رغوبة» بزيادة الواو والتاء ، والقياس : «رغبا» ، وكقولهم في «فعل» المضموم العين : «حسن حسنا ، وقبح قبحا» ، بضم أولهما وسكون ثانيهما ، وقياسهما : «الفعولة». فهذه نبذة من المصادر ، وهي كثيرة لا تكاد تنضبط ، وذكر في التسهيل منها تسعة وتسعين مصدرا.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٤ ، التسهيل : ٢٠٤ ، المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل : ٢ / ٦١٨ ، شرح دحلان : ١١٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢٢٢٢ ، ٢٢٢٣.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع شرح المكودي : ١ / ٢١٨.

(٤) في الأصل : الفعل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٨.

٧

الأوّل : «زكّه» ، وهو أمر من «زكّى» ، ومصدره يأتي على «تزكية» ، ومثله «نمّى تنمية».

الثّاني : «أجمل» ، وهو أمر من «أجمل» ، ومصدره يأتي على «إجمال» ومثله «أكرم إكراما ، وأعطى إعطاء».

الثّالث : «تجمّل» (وهو) (١) فعل ماض ، ومصدره يأتي على «تفعّل» ، ومثله «تكلّم تكلّما ، وتعلّم تعلّما».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

واستعذ استعاذة ثمّ أقم

إقامة وغالبا ذا التّا لزم

ذكر في هذا البيت فعلين مع مصدريهما من الثلاثيّ المزيد :

الأوّل : «استعذ» ، وهو فعل أمر من «استعاذ» ، ومصدره يأتي على «استعاذة» ، ومثله «استقام استقامة».

الثّاني : «أقم» ، وهو فعل أمر من «أقام» ، ومصدره يأتي على «إقامة» ، ومثله «أجاز إجازة».

وقوله : «وغالبا» ذا التّا لزم الإشارة للفعلين معا ، وإنّما أفرده على إرادة ما ذكر ، وإنّما لزمته (٢) التّاء ، لأنّ «استعاذة» أصلها «استعواذا» ، و «إقامة» ، أصلها «إقواما» ، فنقلت حركة الواو فيها إلى السّاكن ، وانقلب الواو ألفا ، وحذفت إحدى الألفين ، وعوّض منها التّاء.

وفهم من قوله : «غالبا» أنّها تحذف في غير الغالب (٣) ، كقول بعضهم : «أرى (٤) إراء» (٥) و «استفاه استفاها» (٦)(٧).

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٩.

(٢) في الأصل : ألزمت. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٩.

(٣) قال ابن عصفور : وحذفها شاذ نحو قوله تعالى (وَأَقامَ الصَّلاةَ) وظاهر كلام سيبويه جوازه ، قال : «وإن شئت لم تعوض». وقال الفراء : لا يجوز إلا إذا كانت الإضافة عوضا من التاء ، نحو «وإقام الصلاة».

انظر المقرب : ٢ / ١٣٥ ، الكتاب : ٢ / ٢٤٤ ، معاني الفراء : ٢ / ٢٥٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٣.

(٤) في الأصل : وأرى. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٩.

(٥) حكاه الأخفش. وحكى أيضا من قولهم : «أجاب إجابا».

انظر شرح الأشموني : ٢ / ٣٠٧ ، شرح دحلان : ١١١ ، شرح ابن الناظم : ٤٣٦.

(٦) أي : اشتد أكله بعد قلة. انظر اللسان : ٥ / ٣٤٩٤ (فوه).

(٧) انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٩.

٨

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى / :

وما يلي الآخر مدّ وافتحا

مع كسر تلو الثّان ممّا افتتحا

بهمز وصل كاصطفى وضمّ ما

يربع في أمثال قد تلملما

هذا ضابط في مصدر كلّ فعل افتتح بهمزة الوصل ، يعني : أنّ الحرف المتّصل به الحرف الآخر من الفعل ، إذا كان الفعل مفتتحا بهمزة الوصل ـ مدّه وافتح ما قبل المدّة ، فينشأ من ذلك الألف ، ثمّ تكسر تلو الحرف (١) الثّاني من الفعل ، وهو الحرف الثّالث ، ثمّ مثّل ذلك بقوله : «كاصطفى» ، (فتقول : «اصطفى) (٢) اصطفاء» و «انطلق انطلاقا». ثمّ قال :

 ... وضمّ ما

يربع في أمثال قد تلملما

يعني : أنّ مصدر «تفعّل» يضمّ فيه رابع الفعل ، فيصير مصدرا ، نحو «تلملم تلملما» ، ومثله «تدحرج تدحرجا ، وتنفّس تنفّسا».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

فعلال (٣) أو فعللة لفعللا

واجعل مقيسا ثانيا لا أوّلا

يعني : أنّ «فعلل» يأتي مصدره على «فعلال» ، وعلى «فعللة» نحو «دحرج دحراجا ، ودحرجة».

وفهم منه : أنّ مصدر الملحق بـ «فعلل» كمصدر «فعلل» ، نحو «جلبب وحوقل» ، فتقول : «جلبب جلبابا وجلببة ، وحوقل حيقالا وحوقلة».

إلّا أنّ المقيس منهما «فعللة» دون «فعلال» ، وقد نبّه على ذلك بقوله :

واجعل مقيسا ثانيا لا أوّلا

وجعلهما في التّسهيل مقيسين معا (٤).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى / :

لفاعل الفعال والمفاعله

وغير ما مرّ السّماع عادله

__________________

(١) في الأصل : الفعل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٠.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٠.

(٣) في الأصل : فعلالة. انظر الألفية : ٩٨.

(٤) قال ابن مالك في التسهيل (٢٠٦): «ومصدر «فعلل» والملحق به : بزيادة هاء التأنيث في آخره ، أو بكسر أوله وزيادة ألف قبل آخره». وانظر : شرح المكودي : ١ / ٢٢٠.

٩

يعني : أنّ «فاعل» له مصدران ، وهما : «الفعال» و «المفاعلة» ، نحو «قاتل قتالا ومقاتلة ، وخاصم (١) خصاما ومخاصمة». وقوله :

وغير ما مرّ السّماع عادله

يعني : أنّ ما تقدّم من مصادر غير الثلاثيّ هو (٢) القياس ، وما جاء على خلافه عادله السّماع ، أي : صار عديلا له ، وممّا جاء من ذلك قول الرّاجز :

١٥٢ ـ باتت تنزّي دلوها تنزيّا

وقياس مصدر «نزّى» : «تنزية» ، مثل «زكّى تزكية».

ومن ذلك «كذّاب» في مصدر «كذّب» ، وقياسه «تكذيب».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفعلة لمرّة كجلسه

وفعلة لهيئة كجلسه

يعني : أنّك إذا أردت المرّة الواحدة من مصدر الثلاثيّ أتيت بـ «فعلة» ـ بفتح الفاء ، وسكون العين ـ ، نحو «جلس جلسة ، وضرب ضربة» ، وإذا أردت الهيئة أتيت بـ «فعلة» ـ بكسر الفاء ـ ، نحو «جلس جلسة».

وقد يكون بناء المصدر على «فعلة» كـ «رحمة» ، وعلى «فعلة» ، كـ «ذربة» (٤) ،

__________________

(١) في الأصل : الواو. ساقط. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٠.

(٢) في الأصل : وهو. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٠.

١٥٢ ـ من الرجز ، ولم أعثر على قائله : وبعده :

كما تنزّي شهلة صبيّا

ويروى : «فهي» بدل «باتت» ، ويروى أيضا : «وهي» و «هي» بدل «باتت» ، ويروى :

بات ينزّي دلوه تنزيّا

تنزى : من التنزية وهي رفع الشيء إلى أعلى. الشهلة : العجوز الكبيرة. شبه يديها إذا جذبت بهما الدلو ليخرج من البئر بيدي امرأة ترقص صبيا ، وخص الشهلة لأنها أضعف من الشابة ، فهي تنزي الصبي باجتهاد. والشاهد فيه واضح كما ذكره المؤلف.

انظر المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٢٢٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٦ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٥٧١ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٦٣٤ ، شرح ابن يعيش : ٦ / ٥٨ ، الخصائص : ٢ / ٣٠٢ ، المنصف : ٢ / ١٩٥ ، شرح ابن الناظم : ٤٣٨ ، اللسان (شهل ، نزا) ، المقرب : ٢ / ١٣٤ ، شرح الأشموني : ٢ / ٣٠٧ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٥ ، شواهد المفصل والمتوسط : ٢ / ٤٣٧ ، شواهد الشافية : ٦٧ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٩٠٢ ، كاشف الخصاصة : ٢٠٢ ، أوضح المسالك : ١٦٣.

(٣) في الأصل : كزربة. راجع شرح الأشموني : ٢ / ٣١٠ ، والذربة : هي الحدة في الشيء ، يقال : رجل ذرب ، أي : حاد. انظر حاشية الصبان : ٢ / ٣١٠ ، وراجع اللسان : ٣ / ١٤٩٢ (ذرب).

١٠

فلا يكون لحاق التّاء دلالة على المرّة (١) ، ولا على الهيئة ، إلّا بقرينة تدلّ على ذلك.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

في غير ذي الثّلاث بالتّا المرّه

وشذّ فيه هيئة كالخمره

يعني : أنّ مصدر غير الثلاثيّ إذا أريد منه المرّة ألحقت / التّاء بمصدره القياسيّ ، فتقول في نحو «أكرمه إكراما» إذا أردت المرّة : «إكرامة» ، وفي نحو «انطلق انطلاقا» : «انطلاقة» ، فلو كان المصدر من ذلك (٢) مبنيّا على التّاء في نحو «زكّى تزكية ، واستعاذ استعاذة» لم يدلّ على المرّة فيه إلّا بقرينة ، نحو «زكّى تزكية واحدة».

وأمّا الهيئة فلم تستعمل من المزيد إلّا على وجه الشّذوذ ، وإلى ذلك أشار بقوله :

وشذّ فيه هيئة كالخمره

يعني : أنّه قد جاءت الهيئة على «فعلة» في مصدر غير الثلاثيّ ، كقولهم : «خمرة» ، وهو من «اختمرت المرأة إذا لبست الخمار» (٣) ، ومثله «العمّة» من «اعتمّ» و «القمصة» من «تقمّص» ، و «النّقبة» من «انتقب» (٤).

__________________

(١) في الأصل : المرأة. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢١.

(٢) في الأصل : من غير ذلك. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢١.

(٣) انظر اللسان : ٢ / ١٢٦١ (خمر) ، شرح المكودي : ١ / ٢٢١.

(٤) انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢١.

١١

الباب الثالث والثلاثون

أبنية أسماء الفاعلين والصّفات المشبهة بها

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

أبنية أسماء الفاعلين والصّفات المشبّهة بها

كفاعل (١) صغ اسم فاعل إذا

من ذي ثلاثة يكون كغذا

وهو قليل في فعلت وفعل

غير معدّى ...

الفعل على قسمين : ثلاثيّ وغير ثلاثيّ ، والثلاثيّ بالنّظر إلى هذا الباب ثلاثة أنواع : مفتوح العين (مطلقا) (٢) ، ومكسور العين متعدّ ، فهذا هو القسم الأوّل ، ومكسور العين لازم ، وهو القسم الثّاني ، ومضموم العين ، ولا يكون إلّا لازما ، (وهذا هو القسم الثّالث) (٣).

وقد / أشار إلى الأوّل بقوله :

كفاعل صغ ...

 ...

البيت المراد بقوله : «كفاعل» هذا الوزن الّذي على صيغة «فاعل» ، والمراد باسم الفاعل : الّذي هو صفة دالة على فاعل ، جارية في التّذكير والتّأنيث على المضارع من أفعالها ، سواء كان على وزن «فاعل» كـ «ضارب» ، ومنه : «غاد» ، أو على غيره ، كـ «مكرم ، ومدحرج» (٤).

وشمل قوله : «من ذي ثلاثة» جميع أنواع الفعل ، ثمّ أخرج «فعل» اللّازم و «فعل» ، ولا يكون إلّا لازما ، بقوله :

وهو قليل (في) (٥) فعلت وفعل

غير معدّى ....

__________________

(١) في الأصل : لفاعل. انظر الألفية : ٩٨.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٢.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٢.

(٤) انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٢ ، التسهيل : ١٣٦ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٩٢ ، شرح المرادي : ٣ / ١٤ ، حاشية الخضري : ٢ / ٢٤.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر الألفية : ٩٩.

١٢

«هو» : ضمير عائد على «فاعل» في البيت الّذي قبله ، يعني : أنّ «فاعلا» قليل في اسم الفاعل من «فعل» المضموم العين ، و «فعل» المكسور (١) العين اللازم ، نحو «فره (٢) العبد فهو فاره (٣) ، وسلم فهو سالم».

وفهم (منه) (٤) : أنّه كثير فيما عدا هذين الوزنين من الثلاثيّ ، وهو ثلاثة أنواع : مفتوح العين متعدّ ، نحو «ضرب فهو ضارب» ، وغير متعدّ ، نحو «قعد فهو قاعد» ، ومكسور العين (٥) متعدّ ، نحو «شرب فهو شارب».

و «غذا» يحتمل أن يكون من «غذوت الصّبيّ باللّبن» أي : ربّيته (به) (٦) ، فيكون / متعدّيا ، ويحتمل أن يكون بمعنى : «غذا الماء» أي : سال (٧) ، فيكون لازما.

والمراد بالقليل هنا : الشّاذّ ، ولذلك قال بعد : «بل قياسه فعل».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

 ....

 ... بل قياسه فعل

وأفعل فعلان نحو أشر

ونحو صديان ونحو الأجهر

هذا إشارة إلى النّوع الثّاني من (٨) المثالين ، فذكر لاسم الفاعل من «فعل» اللّازم : ثلاثة أوزان : «فعل ، وأفعل ، وفعلان» ، وتجوّز في إطلاق اسم الفاعل عليها ، وإنّما هي صفات مشبّهة باسم الفاعل.

ولمّا كان كلّ واحد من هذه الأوزان يختصّ بمعنى في الفعل يقتضيه نبّه على ذلك بالمثل فقال :

 ... نحو أشر

ونحو صديان ونحو الأجهر

__________________

(١) في الأصل : المكسورة. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٢.

(٢) في الأصل : فوه. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٢.

(٣) في الأصل : فوه. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٢ ، أي : حاذق. انظر : اللسان : ٥ / ٣٤٠٦ (فره) ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٨.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٢.

(٥) في الأصل : ومكسور العين. مكرر.

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٢ ، وانظر اللسان : ٥ / ٣٢٢٣ (غذا).

(٧) يقال : غذا الماء يغذو إذا مر مرا مسرعا. انظر اللسان : ٥ / ٣٢٢٤ (غذا).

(٨) في الأصل : في. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٢.

١٣

فـ «فعل» للأعراض ، نحو «فرح فهو فرح ، وأشر فهو أشر» (١) ، و «فعلان» للامتلاء ، وحرارة البطن ، نحو «غرث فهو غرثان (٢) ، وصدي فهو صديان (٣)» ، و «أفعل» للخلق والألوان ، نحو «حمر فهو أحمر ، وجهر فهو أجهر» (٤).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفعل اولى وفعيل بفعل

كالضّخم والجميل والفعل جمل

وأفعل فيه قليل وفعل

وبسوى الفاعل قد يغني فعل

هذا إشارة إلى النّوع الثّالث ، فذكر أنّ الأولى بـ «فعل» / ـ مضموم العين ـ «فعل» ـ بسكونها ـ ، نحو «سهل الأمر فهو سهل ، وضخم فهو ضخم» ، و «فعيل» نحو «ظرف فهو ظريف ، وجمل فهو جميل».

وفهم من قوله : «أولى» أنّ اسم الفاعل منه يأتي على غير الوزنين المذكورين ، وهو المنبّه عليه بقوله :

وأفعل (٥) فيه قليل وفعل

يعني : أنّ اسم الفاعل من «فعل» ـ مضموم العين ـ قد يأتي على وزن «أفعل» ، نحو «حرش (٦) فهو أحرش» (٧) ، وعلى وزن «فعل» ، نحو «بطل فهو بطل (٨) ، وحسن فهو حسن».

__________________

(١) أي : بطر ، وكفر النعمة فلم يشكرها. انظر المصباح المنير : ١ / ١٥ (أشر) ، اللسان : ١ / ٨٤ (أشر) ، إعراب الألفية : ٧٦.

(٢) أي : جائع. انظر اللسان : ٥ / ٣٢٣١ (غرث) ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٢٢٢.

(٣) أي : عطشان. انظر اللسان : ٤ / ٢٤٢١ (صدى).

(٤) الأجهر من الرجال : الذي لا يبصر في الشمس. انظر اللسان : ١ / ٧١١ (جهر) ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٢٢٢ ، إعراب الألفية : ٧٦.

(٥) في الأصل : وفعل. انظر الألفية : ٩٩.

(٦) في الأصل : جرجس. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٣.

(٧) في الأصل : أجرمش. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٣. والأحرش من الدنانير : ما فيه خشونة لجدته ، وضب أحرش : خشن الجلد كأنه محزز ، وقيل : كل شيء خشن فهو أحرش.

انظر اللسان : ٢ / ٨٣٤ (حرش).

(٨) في الأصل : أبطل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٣.

١٤

وفهم من تنصيصه على القلّة في «أفعل» ، و «فعل» : أنّ الوزنين السّابقين كثيران. وقوله :

وبسوى الفاعل قد يغني فعل

يعني : أنّ «فعل» ـ المفتوح العين ـ قد يأتي اسم فاعله على وزن غير «فاعل» ، ولم يذكر الوزن الّذي يأتي على غير «فاعل».

وفهم منه أنّه غير مخصوص بوزن واحد ، والّذي جاء من ذلك «طاب فهو طيّب ، وشاخ فهو شيخ ، وشاب فهو أشيب ، وعفّ فهو عفيف».

وفهم من قوله : «قد يغني» : التّقليل.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وزنة المضارع اسم فاعل

من غير ذي الثّلاث كالمواصل

مع كسر متلوّ الأخير مطلقا

وضمّ ميم زائد قد سبقا

لمّا فرغ (من) (١) اسم الفاعل من الثلاثيّ ، شرع في بيان اسم الفاعل / من غيره ، فذكر له ضابطا ، وهو أنّه إذا أردت اسم الفاعل من غير الثلاثيّ أتيت بوزن مضارعه ، إلّا أنّك تكسر ما قبل الآخر ، وتجعل عوض حرف المضارعة ميما زائدة مضمومة.

وشمل غير الثلاثيّ : الرباعيّ الأصول ، كـ «يدحرج» ، والرباعيّ المزيد ، كـ «يحرنجم» ، والثلاثيّ المزيد ، كـ «ينطلق» و «يستخرج» ، فتقول في اسم الفاعل من «دحرج» : «مدحرج» ، ومن «احرنجم» : «محرنجم» ، ومن «انطلق» : «منطلق» ، ومن «استخرج» : «مستخرج».

ومعنى قوله : «مع كسر متلوّ الأخير» ـ يعني : أنّه إذا كان مفتوحا في المضارع ، كسر في اسم الفاعل ، نحو «يتدحرج فهو متدحرج».

وفهم من قوله : «مطلقا» (٢) أنّه إذا كان مكسورا في المضارع ـ يكسر في اسم الفاعل ، فتكون الكسرة غير الكسرة ، نحو «منطلق» ، في «ينطلق».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٣.

(٢) في الأصل : منطلقا. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٣.

١٥

وإن فتحت منه ما كان انكسر

صار اسم مفعول كمثل المنتظر

يعني : أنّ الحرف الّذي قبل الآخر في اسم الفاعل من غير الثلاثيّ ، إذا فتحته صار اسم مفعول ، فتقول في اسم الفاعل من «دحرج» : «مدحرج» ـ بكسر الرّاء ـ ، وفي اسم المفعول : «مدحرج» ـ بفتحها ـ وفي اسم الفاعل من «انتظر» : «منتظر» ، وفي اسم المفعول : «منتظر».

وقد تبرّع (١) بذكر (اسم) (٢) المفعول في هذا الباب ، لأنّه إنّما ترجم لاسم الفاعل ، والصّفات المشبّهات به (٣) /.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفي اسم مفعول الثلاثيّ اطّرد

زنة مفعول كآت من قصد

وناب نقلا عنه ذو فعيل

نحو فتاة أو فتى كحيل

يعني : أنّ اسم المفعول من الثلاثيّ يأتي على وزن «مفعول».

وقوله : «كآت من قصد» أي : كالمفعول الآتي من «قصد» ، وهو «مقصود» ومثله : «مضروب» من «ضرب» ، و «مرضيّ» من «رضي» ، وأصله : «مرضوي» (٤).

وقوله :

وناب نقلا ...

 ...

البيت يعني : أنّ صاحب هذا الوزن الّذي هو «فعيل» ناب عن «مفعول» ، نحو

__________________

(١) في الأصل : تبر. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٣.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٣.

(٣) لم يترجم لاسم المفعول في نسخة المؤلف ونسختي المكودي والسيوطي أيضا ، وقد ترجم له في نسخة الألفية التي بين أيدينا ، ونسخ كل من ابن الناظم والمرادي والأشموني وابن عقيل ودحلان، فقيل : «أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة (أو المشبهات) بها».

انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢ ، البهجة المرضية : ١١٢ ، الألفية : ٩٨ ، شرح ابن الناظم : ٤٣٩ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٧ ، شرح الأشموني : ٢ / ٣١٢ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٣٣ ، شرح دحلان : ١١٢.

(٤) اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء ، وقلبت الضمة كسرة مناسبة للياء. وقيل : قلب الحركة قبل قلب الواو.

انظر حاشية ابن حمدون : ١ / ٢٢٤.

١٦

«قتيل» بمعنى : مقتول ، و «جريح» بمعنى : مجروح ، (وهو كثير) (١) ومع كثرته (فهو) (٢) غير مقيس (٣) ، وقيل : يقاس (٤).

وفهم من تمثيله بـ «فتاة ، وفتى» : أنّ «فعيلا» المذكور يجري على المذكّر والمؤنّث بلفظ واحد ، (نحو) (٥) «فتى كحيل ، وفتاة كحيل».

__________________

(١ ـ ٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٤.

(٣) قال ابن الناظم : «وهو كثير في كلام العرب ، وعلى كثرته لم يقس عليه بإجماع». وخالفه والده في هذا الإجماع ، ونص على وجود الخلاف حيث قال : وليس مقيسا خلافا لبعضهم.

انظر شرح ابن الناظم : ٤٤٢ ، التسهيل : ١٣٨ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٩ ، شرح المكودي : ١ / ٢٢٤ ، شرح الأشموني : ٢ / ٣١٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٣٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٠.

(٤) قال ابن مالك في التسهيل : وليس مقيسا خلافا لبعضهم ، وقال في شرحه : وجعله بعضهم مقيسا فيما ليس له «فعيل» بمعنى : «فاعل» نحو «قدر ورحم» ، لقولهم : قدير ورحيم.

انظر التسهيل : ١٣٨ ، شرح المكودي : ١ / ٢٢٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٤٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ٣١٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٣٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٠.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٤.

١٧

الباب الرابع والثلاثون

الصفة المشبهة باسم الفاعل

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

الصّفة المشبّهة باسم الفاعل

صفة استحسن جرّ فاعل (١)

معنى بها المشبهة اسم الفاعل

الصّفة المشبّهة باسم الفاعل : ما صيغ لغير تفضيل من فعل لازم لقصد نسبة الحدث إلى الموصوف دون إفادة معنى الحدوث (٢).

وتتميّز (٣) من اسم الفاعل باستحسان جرّ فاعلها بإضافتها إليه ، وإلى ذلك أشار بقوله :

صفة استحسن ...

 ...

البيت يعني : أنّ الصّفة المشبّهة باسم الفاعل مستحسن (٤) أن يجرّ بها ما هو / فاعل بها في المعنى ، نحو «(الحسن) (٥) الوجه» ، إذ أصله : «الحسن وجهه» ، وذلك لا يصحّ في اسم الفاعل.

__________________

(١) في الأصل : الفاعل. انظر الألفية : ١٠٠.

(٢) وقال ابن مالك : الصفة المشبهة باسم الفاعل هي المصوغة من فعل لازم صالحة للإضافة إلى ما هو فاعل في المعنى. وقال في التسهيل : وهي الملاقية فعلا لازما ثابتا معناها تحقيقا أو تقديرا ، قابلة للملابسة والتجرد ، والتعريف والتنكير بلا شرط. وقال ابن يعيش : الصفة المشبهة باسم الفاعل ضرب من الصفات تجري على الموصوفين في إعرابها جري أسماء الفاعلين.

انظر في ذلك شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٥٤ ، التسهيل : ١٣٩ ، شرح ابن يعيش : ٦ / ٨١ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٧٨ ، التعريفات : ١٣٣ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٠٥ ، شرح المكودي : ١ / ٢٢٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٠ ، معجم مصطلحات النحو : ٣٠٢ ، معجم النحو : ٢١١.

(٣) في الأصل : ويتميز. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٤.

(٤) في الأصل : مستحسنة.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٥.

١٨

وفهم من قوله : «استحسن» أنّ ذلك موجود في اسم الفاعل ، إلّا أنّه غير مستحسن ، نحو «كاتب الأب» ، وفيه خلاف ، ومذهب النّاظم جوازه (١).

وفهم منه أيضا : أنّ الجرّ بها غير لازم ، بل يجوز فيه الرّفع والنّصب على ما (سيأتي) (٢).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وصوغها من لازم لحاضر

كطاهر القلب جميل الظّاهر

يعني : أنّ الصّفة المشبّهة باسم الفاعل ـ لا تصاغ (إلّا من) (٣) الفعل اللّازم ، ولا تكون إلّا للحال (٤) ، وبهذين الوصفين خالفت اسم الفاعل ، (فإنّ اسم الفاعل) (٥) يصاغ (٦) من اللّازم والمتعدّي ، ويكون للحال والاستقبال والمضيّ.

__________________

(١) إن كان اسم الفاعل لازما وقصد ثبوت معناه عوامل معاملة الصفة المشبهة ، وساغت إضافته إلى ما هو فاعل في المعنى ، فتقول : «زيد قائم الأب» بالرفع والنصب والجر ، على حد «الحسن الوجه».

ـ وإن كان من متعد بحرف جر فرأيان :

الأول : المنع عند الجمهور.

والثاني : الجواز عند الأخفش ، وصححه ابن عصفور بدليل قولهم : «هو حديث عهد بوجع».

ـ وإن كان من متعد إلى واحد ، فمذاهب :

١ ـ ذهب ابن مالك إلى جواز ذلك ، بشرط أمن لبسه بالمضاف إلى المفعول ، وفاقا للفارسي.

وفي الهمع : أن الفارسي أجاز ذلك مطلقا ، ولم يقيد بأمن اللبس.

٢ ـ وذهب كثير إلى منعه.

٣ ـ وفصل قوم فقالوا : إن حذف مفعوله اقتصارا جاز ، وإلا فلا ، وهو اختيار ابن عصفور وابن أبي الربيع ، والسماع يوافقه ، كقوله :

ما الرّاحم القلب ظلّاما وإن ظلما

ـ وإن كان متعديا إلى أكثر من واحد لم يجز جعله كالصفة ، قال بعضهم : بغير خلاف.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٤١ ـ ٤٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٠ ـ ٧١ ، الصبان مع الأشموني : ٣ / ٢ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ٣٥ ، الهمع : ٥ / ١٠٤ ـ ١٠٦ ، شرح المكودي : ١ / ٢٢٥ ، شرح ابن الناظم : ٤٤٥ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٦٢٠ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٣٦.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٥.

(٤) في الأصل : الحال. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٥.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٥.

(٦) في الأصل : مصاغ. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٥ ، فإنه قال بعد : ويكون للحال.

١٩

ثمّ أتى بمثالين ، وهما (١) : «طاهر» ، و «جميل» ، فـ «طاهر» مصوغ من «طهر» ، وهو لازم ، والمراد به الحال ، و «جميل» وهو مصوغ من «جمل» وهو أيضا لازم ، ويراد به الحال.

وفهم من تمثيله بالوصفين : أنّ الصّفة المشبّهة تكون جارية على الفعل المضارع في الحركات ، والسّكنات ، وعدد الحروف ، كـ «طاهر» ، فإنّه جار فيما ذكر على «يطهر» ، وغير جارية كـ «جميل» ، فإنّه غير جار على «يجمل».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وعمل اسم الفاعل المعدّى

لها على الحدّ الّذي قد حدّا

يعني : أنّ الصّفة المشبّهة باسم الفاعل تعمل عمل اسم الفاعل المعدّى / فتقول : «زيد حسن الوجه» ، كما تقول : «زيد ضارب الرّجل».

والمراد بـ «المعدّى» : المعدّى إلى مفعول واحد.

وفهم من قوله : «على الحدّ الّذي قد حدّا» أنّها تعمل بالشّروط المتقدّمة في اسم الفاعل من الاعتماد ، ولا ينبغي أن يحمل (٢) على جميع الشّروط السّابقة التي منها : أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال ، لأنّه نصّ على أنّ الصفة لا تكون إلّا للحال بقوله : «لحاضر».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وسبق ما تعمل فيه يجتنب

وكونه ذا سببيّة وجب

يعني : أنّ الصفة تخالف اسم الفاعل في شيئين :

الأوّل : أنّ معمولها لا يجوز تقديمه عليها ، فتقول : «زيد حسن الوجه» ، ولا يجوز «زيد الوجه حسن» ، بخلاف اسم الفاعل ، فإنّه يجوز أن تقول : «زيد (الرّجل) (٣) ضارب» ، (وهو المنبّه عليه بقوله :

وسبق ما تعمل فيه يجتنب) (٤)

الثّاني : أنّه (٥) لا يكون إلّا سببيّا ، كالمثال المتقدّم ، بخلاف (معمول) (٦)

__________________

(١) في الأصل : وهو. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٥.

(٢) في الأصل : تحمل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٦.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٧.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٧ ، فقد قال بعد : وهو المنبه عليه بقوله ... الخ.

(٥) في الأصل : ان. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٧.

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٧.

٢٠