شرح ابن طولون - ج ٢

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

اسم الفاعل ، فإنّه يكون سببيّا ، نحو «زيد ضارب أباه» ، وأجنبيّا ، نحو «زيد ضارب عمرا» ، وهو المنبّه عليه بقوله :

وكونه ذا سببيّة وجب

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

فارفع بها وانصب وجرّ مع أل

ودون أل مصحوب أل وما اتّصل

بها مضافا أو مجرّدا ولا

تجرر بها مع أل سما من (أل) (١) خلا

ومن إضافة لتاليها وما

لم يخل فهو بالجواز وسما (٢)

هذه الأبيات الثّلاثة تكلّم (٣) فيها على مسائل الصّفة ، وهي ستّ (٤) وثلاثون / مسألة ، وذلك أن الصّفة ترفع معمولها على الفاعليّة ، وتنصبه إن كان معرّفا على التّشبيه بالمفعول ، وإن كان منكّرا على التّمييز ، وتجرّه على الإضافة ، فمعمولها إمّا مرفوع أو منصوب أو مجرور ، وذلك مع كون الصّفة معرّفة بـ «أل» ، أو مجرّدة منها ، فهي (٥) ستّ مسائل ، وقد أشار إلى ذلك بقوله :

فارفع بها وانصب وجرّ مع أل

ودون أل ...

ثمّ أخذ يتكلّم في (أحوال) (٦) معمول الصفة ، فذكر أنّه إمّا أن يكون فيه «أل» ، وهو الّذي عبّر عنه بقوله : «مصحوب أل» ، وإمّا أن يتّصل (٧) بالصّفة ، أي : لم يفصل بينها وبين لفظه «أل» ، وإلى هذا أشار بقوله : «وما اتّصل بها».

ثمّ بيّن لك أنّ المتّصل بالصّفة إمّا مضافا وإمّا (٨) مجرّدا عن الإضافة ، وإلى هذا أشار بقوله : «مضافا أو مجرّدا».

والمضاف على أربعة أنواع :

ـ إمّا مضاف إلى ضمير الموصوف (٩) ، نحو «الحسن وجهه».

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر الألفية : ١٠١.

(٢) في الأصل : رسما. انظر الألفية : ١٠١.

(٣) في الأصل : يكلم. انظر شرح الهواري : (١٢٩ / ب).

(٤) في الأصل : ستة.

(٥) في الأصل : وهي. انظر شرح الهواري : (١٢٩ / ب).

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٢٩ / ب).

(٧) في الأصل : يتصلا.

(٨) في الأصل : أو ما. انظر شرح الهواري : (١٢٩ / ب).

(٩) في الأصل : الصفة. راجع شرح المكودي : ١ / ٢٢٧.

٢١

ـ أو ظاهر (١) معرّف بالألف واللّام ، نحو «الحسن وجه الأب».

ـ أو ظاهر مجرّد من الألف واللّام والإضافة ، نحو «حسن وجه أب».

ـ وإمّا مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف (٢) ، نحو «حسن وجه أبيه».

فهذه أربعة أنواع من المضاف (٣).

وقد علمت أنّ معمول الصفة إمّا بالألف واللّام ، أو عاريا عنها : مضافا ، أو مجرّدا ، فمعمول الصّفة إذن على ستّة أنواع ، وقدّمت ستّة بحسب رفع المعمول ونصبه وجرّه / ، مع تعريف الصّفة وتنكيرها ، وإذا ضربت ستّة في ستّة بلغت ستّة وثلاثين.

ثمّ ذكر أنّه أنه لا يجرّ بالصّفة إذا كان فيها الألف واللّام اسم خلا منهما ، ومن الإضافة إلى ما هما فيه ، وإلى هذا أشار بقوله :

 ... ولا

تجرر بها مع أل سما من أل (٤) خلا

ومن إضافة لتاليها ...

 ...

يعني : ولا تجرر بالصّفة مع وجود الألف واللّام فيها سما ، أي : اسما خلا منهما ومن الإضافة إلى تاليهما (٥).

__________________

(١) أي : أو مضاف إلى ظاهر معرف بالألف واللام.

(٢) في الأصل : وإما مضاف إلى ضمير الصفة. راجع شرح المكودي : ١ / ٢٢٧.

(٣) ذكرها الهواري في شرحه (١٢٩ / ب). وقد ذكر في أنواعه أربعة أخرى :

الأول : مضاف إلى ضمير مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو «جميلة أنفه» من قولك : «مررت بامرأة حسن وجه جاريتها جميلة أنفه» فـ «الأنف» معمول لـ «جميلة» ، وهو مضاف إلى ضمير «الوجه» ، و «الوجه» مضاف إلى ضمير الجارية ، و «الجارية» مضاف إلى ضمير المرأة.

الثاني : مضاف إلى ضمير معمول صفة أخرى ، نحو «جميل خالها» من قولك : «مررت برجل حسن الوجنة جميل خالها».

الثالث : مضاف إلى موصول نحو «والطيبي كل ما التاثت به الأزر» ، من قوله :

فعج بها قبل الأخيار منزلة

والطّيّبي كلّ ما التاثت به الأزر

الرابع : مضاف إلى موصوف يشبهه ، نحو «رأيت رجلا حديدا سنان رمح يطعن به».

انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، شرح المرادي : ٣ / ٤٨ ـ ٤٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ٦ ـ ٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٥.

(٤) في الأصل : أن. انظر الألفية : ١٠١.

(٥) في الأصل : تاليها.

٢٢

وحاصله أنّ الممتنع من المسائل السّتّة والثّلاثين (١) ـ أربع مسائل : «الحسن وجهه ، الحسن وجه أبيه ، (الحسن) (٢) وجه ، الحسن وجه أب» ، وإنّما (ذلك مع) (٣) جرّ المعمول ، فلو نصبت أو رفعت ـ جاز.

ثمّ نبّه على أنه ما عدا ذلك جائز الجرّ بقوله :

 ... وما

لم يخل فهو بالجواز وسما

يريد : وما لم يخل من «أل» ومن الإضافة إلى تاليها ـ فهو جائز الجرّ بالصّفة وإن (٤) كان فيه الألف واللّام.

وقد أوصل المكوديّ الصّور الحاصلة من الصّفة ومعمولها إلى أربع عشرة ألف صورة ومائتين وستّ وخمسين صورة (٥) ، ومن أراد توجيهها (٦) فعليه بشرحه (٧).

__________________

(١) في الأصل : والثلاثون. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / أ).

(٢ ـ ٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / أ).

(٤) في الأصل : الواو. ساقط. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / أ).

(٥) وذلك أنه جعل الصفة : إما بـ «أل» أو لا ، فهذه حالتان ، ومعمولها : إما بـ «أل» أو مضاف أو مجرد ، والمقرون بـ «أل» ، نوع واحد كـ «الحسن الوجه» ، والمضاف ثمانية أنواع ، والمجرد من الإضافة و «أل» ثلاثة أنواع ، فهذه اثنتا عشرة صورة ، مضروبة في حالتي تنكير الصفة وتعريفها ـ تصير أربعا وعشرين ، وكل من هذه الأربع والعشرين مضروبة في ثلاثة أحوال الإعراب ـ تبلغ اثنتين وسبعين صورة ، ويضم إليها صور ما إذا كان معمول الصفة ضميرا ، وهي ثلاث :

الأولى : أن يكون مجرورا ، وذلك إذا باشرته الصفة المجردة من «أل» نحو قولك : «مررت برجل حسن الوجه جميله».

الثانية : أن تفصل الصفة من الضمير ، وهي مجردة من «أل» نحو «قريش نجباء الناس ذرية وكرامهموها».

الثالثة : أن تتصل به ولكن تكون الصفة بـ «أل» نحو «زيد الحسن الوجه الجميله».

والضمير في هاتين الصورتين منصوب وإلا لزم إضافة الشيء إلى نفسه ، فصار خمسا وسبعين.

والصفة إما أن تكون لمفرد مذكر أو لمثناه أو لمجموعه جمع سلامة أو جمع تكسير ، أو لمفرد مؤنث أو لمثناه أو لمجموعه جمع سلامة أو جمع تكسير ، هذه ثمان في خمس وسبعين ـ تصير ستمائة. وإذا نوعت نفس الصفة إلى مرفوعة ومنصوبة ومجرورة ، وضربتها في الستمائة تصير ألفا وثمانمائة. وإذا نوعت الصفة أيضا من وجه آخر إلى مفرد مذكر ومثناه ومجموعه ، وإلى مفرد مؤنث ، ومثناه ومجموعه ، كانت ثمانية ، فإذا ضربت فيها الألف والثمانمائة تصير أربع عشرة ألفا وأربعمائة. قال : ويستثنى من هذه الصور : الضمير فإنه لا يكون مجموعا جمع تكسير ولا جمع سلامة ، وجملة صوره مائة وأربع وأربعون ، فالباقي أربع عشرة ألفا ومائتان وست وخمسون ، بعضها جائز وبعضها ممتنع ، فيخرج منها الممتنع على ما تقدم.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٥ ـ ٨٦ ، شرح المكودي : ١ / ٢٢٧ ـ ٢٣١.

(٦) في الأصل : توجهها.

(٧) انظر شرح المكودي : ١ / ٢٢٧ ـ ٢٣١.

٢٣

الباب الخامس والثلاثون

التعجب

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

التّعجّب

بأفعل انطق بعد ما تعجّبا

أو جئ بأفعل قبل مجرور ببا

نبّه بهذا على أنّك إذا أردت أن تتعجّب التعجّب المصطلح عليه عند النّحويّين (١) ـ أتيت بصيغة «أفعل» بعد «ما» ، نحو «ما أحسن زيدا» ، وإلى هذا أشار بقوله :

بأفعل انطق بعد ما تعجّبا

أو تأتي بـ «أفعل» قبل / مجرور بالباء ، نحو «أحسن بزيد» ، وإليه (أشار) (٢) بقوله :

أو جئ بأفعل قبل مجرور ببا

فأمّا «ما» من نحو قولك : «ما أحسن (زيدا) (٣)» ، فمبتدأ.

وهي عند سيبويه نكرة موصوفة ، وفعل التّعجّب وفاعله ـ ضمير «ما» ـ في موضع الخبر والتّقدير : شيء عظيم أحسن (٤) زيدا ، أي : جعله حسنا (٥).

__________________

(١) التعجب ـ كما في التعريفات ـ انفعال النفس عما خفي سببه. وقال الأزهري : هو استعظام زيادة في وصف الفاعل خفي سببها. وقال ابن يعيش : التعجب معنى يحصل عند المتعجب عند مشاهدة ما يجهل سببه ويقل في العادة وجود مثله ، وذلك المعنى كالدهش والحيرة.

انظر التعريفات : ٦٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٦ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٤٢ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٧٦ ، شرح المرادي : ٣ / ٥٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٣٨ ، معجم المصطلحات النحوية : ١٤٣ ، معجم النحو : ١٠٩.

(٢ ـ ٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / ب).

(٤) في الأصل : حسّن. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / ب).

(٥) وهو مذهب جمهور البصريين والأخفش في أحد قوليه ، قال المرادي : «وهو الصحيح لأن قصد المتعجب الإعلام بأن المتعجب منه ذو مزية إدراكها جلي ، وسبب الاختصاص بها خفي ، فاستحق الجملة المعبر بها عن ذلك أن تفتح بنكرة غير مختصة ليحصل بذلك إبهام

٢٤

وعند الأخفش موصولة ، وصلتها فعل التّعجّب ، والخبر محذوف ، أي : الذي أحسن زيدا شيء عظيم (١).

وكون هذا الخبر لم يسمع في حال من الأحوال ـ يرجّح كلام سيبويه ، لأنّ عدم ذكر الخبر في حال (من الأحوال) (٢) ـ يقتضي أنّ حذفه من قبيل الحذف (٣) اللازم ، وذلك لا يكون إلّا إذا سدّ مسدّ الخبر غيره ، وذلك هنا معدوم.

وأمّا «أفعل» (ففعل) (٤) عند البصريّين ، لدخول نون الوقاية عليه (٥) ، اسم عند الكوفيّين ، لثبوت تصغيره (٦) في قول الشّاعر :

__________________

متلو بإفهام». انتهى.

انظر الكتاب : ١ / ٣٧ ، شرح المرادي : ٣ / ٥٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٧ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٠٧ ، ٣٠٩ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٨٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٨١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧ ، شرح الهواري : (١٣٠ / ب) ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٤٩ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٤٨.

(١) وذلك في قول الأخفش الآخر. قال الرضي : وفيه بعد ، لأنه حذف الخبر وجوبا مع عدم ما يسد مسده ، وأيضا ليس في هذا التقدير معنى الإبهام اللائق في التعجب كما كان في تقدير سيبويه. وقال الكسائي : لا موضع لـ «ما» من الإعراب. وقال الفراء وابن درستويه : هي استفهامية دخلها معنى التعجب لإجماعهم على ذلك في «أي رجل زيد» ونقله في شرح التسهيل عن الكوفيين.

انظر شرح ابن عصفور : ١ / ٥٨٢ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٠٧ ، ٣١٠ ، شرح المرادي : ٣ / ٥٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٨١ ، شرح الهواري : (١٣٠ / ب) ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧ ـ ١٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٧ ، الهمع : ٥ / ٥٦ ـ ٥٧ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٤٨ ـ ٨٤٩ ، المقتضب : ٤ / ١٧٧.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / ب).

(٣) في الأصل : قبل المحذوف. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / ب).

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / ب).

(٥) ولبنائه على الفتح ، ولنصبه المفعول به.

انظر الكتاب : ١ / ٣٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٧ ، شرح المرادي : ٣ / ٦٢ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٨٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٧٧ ، المقتضب : ٤ / ١٧٣.

(٦) وبأنه لا يتصرف ، ولا مصدر له. انظر الخلاف في ذلك الإنصاف (مسألة : ١٥) : ١ / ١٢٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٨ ، الهمع : ٥ / ٥٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٦٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨ ، شرح الهواري (١٣٠ / ب) ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٤٣ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٨٣ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٥٠.

٢٥

١٥٣ ـ يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا

 ...

وأمّا «أفعل به» ، ففعل باتّفاق (٢) ولفظه لفظ الأمر ، ومعناه الخبر ، وفاعله المجرور بالباء (٣).

__________________

١٥٣ ـ من البسيط ، لقيس بن الملوح (صاحب ليلى) ، من قصيدة له في ديوانه (١٦٨) ، وعجزه :

من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر

وروي فيه «هؤلياء بين» بدل «من هؤليائكن». ونسب في الشواهد الكبرى للعرجي ، وهو في ذيل ديوانه (١٨٣) ، ونسب أيضا للحسين بن عبد الرحمن العريني ، ولبدوي اسمه كامل الثقفي في دمية القصر للباخرزي (٢٩) مع بيتين آخرين ، ولذي الرمة (وليس في ديوانه) ولكثير عزة (وليس في ديوانه) ، ولعلي بن محمد العريني. أميلح : تصغير «مليح» أي : حسن. الغزلان : جمع غزال وهو ولد الظبية. شدن الغزال : قوي وطلع قرناه واستغنى عن أمه.

هؤليائكن : مصغر «هؤلاء» شذوذا. الضال : السدر البري ، واحده ضالة. والسدر : شجر النبق ، واحدتها سدرة. السمر : ـ بضم الميم ـ ضرب من شجر الطلح ، واحده سمرة ، والطلح نوع من العضاه وهو شجر عظام ، والعضاه ـ بكسر العين ـ جمع عضاهة ، وهو كل شجر عظيم له شوك. والشاهد في قوله «ما أميلح» حيث استدل به الكوفيون على اسمية «أفعل» التعجب ، لأنه مصغر هاهنا ، والتصغير لا يكون إلا في الأسماء ، وهو شاذ عند البصريين.

انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٨ ، ٢٦ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٤١٦ ، ٣ / ٦٤٣ ، شرح ابن يعيش : ١ / ٦١ ، ٣ / ١٣٤ ، ٥ / ١٣٥ ، ٧ / ١٤٣ ، الخزانة : ١ / ٩٣ ، ٩ / ٣٦٣ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ١٣٠ ، ١٣٣ ، ١٣٥ ، الإنصاف : ١٢٧ ، شواهد الشافية : ٨٣ ، مغني اللبيب (رقم) : ١١٥٨ ، شواهد المغني : ٢ / ٩٦١ ، أبيات المغني : ٨ / ٧١ ، الهمع (رقم) : ٢٠١ ، ٢٠٦ ، ١٤٤٦ ، ١٧٨٠ ، الدرر اللوامع : ١ / ٤٩ ، ٥٠ ، ٢ / ١١٩ ، ٢٢٩ ، اللسان (ملح ، شدن) ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٥١ ، شرح ابن الناظم : ٤٥٧ ، شرح المرادي : ١ / ١٩٧ ، شرح ابن عصفور : ١ / ١١٣ ، التبصرة والتذكرة : ٢٧٢ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ٢٧٤ ، توجيه اللمع : ٣٢٥ ، فتح رب البرية : ١ / ٦٥.

(١) وفي الهمع : وزعم ابن الأنباري أن «أفعل به» اسم ، لكونه لا تلحقه الضمائر ، قال المرادي : ولا حجة له. انظر الهمع : ٥ / ٥٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٨ ، شرح المرادي : ٣ / ٦٣ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٨.

(٢) و «أفعل به» في الأصل فعل ماض صيغته على صيغة «أفعل» بفتح العين وهمزته للصيرورة بمعنى : صار ذا كذا ، فأصل «أحسن بزيد» : «أحسن زيد» ، أي : صار ذا حسن ، كـ «أبقلت الأرض» أي : صارت ذات بقل ، ثم غيرت الصيغة الماضوية إلى الصيغة الأمرية ، فصار : «أحسن زيد» بالرفع ، فقبح إسناد لفظ صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر ، لأن صيغة الأمر لا ترفع الظاهر ، فزيدت الباء في الفاعل ليصير على صورة المفعول به المجرور بالباء ، كـ «أمرر بزيد» ، ولذلك القبح التزمت زيادتها صونا للفظ عن الاستقباح. هذا مذهب البصريين. وقال الفراء والزجاج والزمخشري وابنا كيسان وخروف : لفظه ومعناه الأمر ، وفيه ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية ، والباء للتعدية داخلة على المفعول به لا زائدة ، ثم اختلفوا في مرجع الضمير

٢٦

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وتلو أفعل انصبنّه كما

أو فى خليلينا وأصدق بهما

لمّا بيّن صيغتي التّعجّب نبّه على أنّك تنصب تلو «أفعل» أي : الواقع بعد «أفعل» (١) ، ثمّ مثّل ذلك بقوله : «ما أوفى خليلينا» ، ثمّ مثّل الصّيغة الثّانية من فعلي التّعجب بقوله : «وأصدق بهما» وجرّ ما بعدها بالباء ، ليعلم أنّ الحكم ذلك.

وحصل من البيت تمثيل فعلي التعجّب ، وأنّ (٢) ما يلي «أفعل» ينصب ، وذلك بالنّصّ منه ، وما يلي «أفعل» يجرّ بالباء ، وذلك مفهوم / من المثال ، وإن لم ينصّ عليه.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وحذف ما منه تعجّبت استبح

إن كان عند الحذف معناه يضح

نبّه (في هذا البيت) (٣) علي أنّ المتعجّب منه يستباح حذفه ، إذا كان معلوما عند السّامع متّضحا ، فدخل تحت قوله : («ما منه) (٤) تعجّبت» : المنصوب بعد «أفعل» ، والمجرور بالباء بعد «أفعل» ، لأنّ كليهما متعجّب منه.

فمثال حذف المنصوب بعد «أفعل» قول عليّ رضي‌الله‌عنه :

١٥٤ ـ جزى الله عنّا والجزاء بفضله

ربيعة خيرا ما أعفّ وأكرما

__________________

المستتر في «أفعل» فقال ابن كيسان : الضمير للحسن المدلول عليه بأحسن ، وقال الفراء والزجاج وابن خروف والزمخشري : الضمير المستتر في «أفعل» للمخاطب المستدعى منه التعجب ، وإنما التزم إفراده وتذكيره لأن «أفعل» المستتر فيه الضمير كلام جرى مجرى المثل ، والأمثال لا تغير عن حالها.

انظر في ذلك التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٨ ، شرح المرادي : ٣ / ٥٧ ، شرح الرضي : ٢ / ٣١٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٤٧ ، الهمع : ٥ / ٥٨ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٥٢ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ٣٩.

(١) قال المرادي في شرحه (٣ / ٥٤): «مذهب البصريين أنه مفعول به ، وزعم الفراء ومن وافقه من الكوفيين أن نصبه على حد النصب في نحو «زيد كريم الأب». وانظر الهمع : ٥ / ٥٥.

(٢) في الأصل : الواو. ساقط. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / ب).

(٣ ـ ٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / ب).

١٥٤ ـ من الطويل لعلي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، من قصيدة له في ديوانه (١٢٧) ، يمدح فيها قبيلة ربيعة في وقعة صفين ، وكانوا أبلوا بلاء حسنا ، ورواية الديوان :

جزى الله قوما قاتلوا في لقائهم

لدى البأس خيرا ما أعفّ وأكرما

ربيعة أعني إنّهم أهل نجدة

وبأس إذا لاقوا خميسا عرمرما

ويروى : «عنى» بدل «عنا». والشاهد فيه حذف المنصوب من «أعف وأكرم» ولحذفه

٢٧

التّقدير : ما أعفّ ربيعة وأكرمهم (١).

ومثال حذف المجرور بالباء بعد «أفعل» ، قوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) [مريم : ٣٨] ، أي : وأبصر بهم.

وأكثر ما يحذف المجرور بالباء إذا كان معطوفا ، كالآية ، وجاز حذف المجرور (بالباء) (٢) وإن كان فاعلا لشبهه بالفضلات ، حيث جاء مجرورا.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفي كلا الفعلين قدما لزما

منع تصرّف بحكم حتما

نبّه في هذا البيت على أنّ فعلي التّعجّب ممنوعان (٣) من التّصرّف ، وإلى (هذا) (٤) أشار بقوله :

وفي كلا الفعلين قدما لزما

منع تصرّف ...

ثمّ نبّه على أنّ منع تصرّفهما إنّما هو بحكم تحتّم فيهما ، وهو مجيئهما (٥) لخصوص التعجّب ، وذلك معنى هو أليق بالحرف ، فاستحقّا أن لا يتصرّفا ، وأن تكون (بنيتهما) (٦) جارية على طريقة واحدة ، لتدلّ بلفظها على المعنى المراد منها (٧).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى / :

وصغهما من ذي ثلاث صرّفا

قابل فضل تمّ غير ذي انتفا

وغير ذي وصف يضاهي أشهلا

وغير سالك سبيل فعلا

__________________

دليل ، وهو «ربيعة» المتقدم.

انظر المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٢٣٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٨٩ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٦٤٩ ، الهمع (رقم) : ١٤٥٢ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٢١ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٠ ، شرح ابن الناظم : ٤٦٠ ، شرح المرادي : ٣ / ٦٠ ، شرح دحلان : ١١٥ ، فتح رب البرية : ١ / ٥٦ ، التحفة المكية (رسالة ماجستير) : ١٥٧ ، البهجة المرضية : ١١٥ ، أوضح المسالك : ١٦٨ ، الدرة المضية (رسالة ماجستير) : ٣٣٠.

(١) في الأصل : وأكرمه. انظر شرح الهواري : (١٣٠ / ب).

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٣١ / أ).

(٣) في الأصل : ممنوعا. انظر شرح الهواري : (١٣١ / أ).

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٣١ / أ).

(٥) في الأصل : مجيئها.

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٣١ / أ).

(٧) في الأصل : بها. انظر شرح الهواري : (١٣١ / أ).

٢٨

(لا يصاغ) (١) فعل التّعجّب إلّا ممّا (٢) اجتمعت فيه ثمانية شروط :

أحدها : أن يكون فعلا ، فلا يبنى من غير فعل ، وقول العامّة : «ما أحمره» من لفظ «الحمار» خطأ ، إذ لا فعل له.

الثّاني : أن يكون ثلاثيّا (٣) ، وقول الفقهاء : «ما أخصره» (٤) لا يعرف به سماع (٥).

الثالث : أن يكون متصرّفا ، فلا يبنى من «نعم وبئس» وما جرى مجراهما.

الرّابع : أن يكون معناه قابلا للتّفاضل ، فلا يبنى (من) (٦) نحو «ذهب» ، وقول العامّة : «ما أموته» خطأ.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٢) في الأصل : ما.

(٣) فلا يصاغان من الرباعي المجرد باتفاق ، نحو «دحرج» ، ولم يشذ منه شيء. وأما الثلاثي المزيد :

١ ـ فإن كان «أفعل» بفتح العين ، ففيه مذاهب :

أحدها : جواز صوغهما منه قياسا مطلقا ، وهو مذهب سيبويه والمحققين من أصحابه ، واختاره ابن مالك.

الثاني : منعه ، إلا أن يشذ منه شيء فيحفظ ، وهو مذهب الأخفش والمازني والمبرد وابن السراج والفارسي ومن وافقهم.

الثالث : التفصيل ، فإن كانت همزته للنقل لم يجز ، وإن كانت لغيره جاز وصححه ابن عصفور ، ونسبه إلى سيبويه. قال المرادي : والظاهر أن مذهب سيبويه هو الأول لتمثيله بـ «أعطى» والهمزة فيه للنقل.

٢ ـ وإن كان غير «أفعل» فقد شذ منه ألفاظ منها : «ما أشده» من «اشتد» ، و «ما أشوقه» من «اشتاق» ، و «ما أحوله» من «احتال» ، و «ما أخصره» من «اختصر». ونقل عن الأخفش أنه أجاز التعجب من كل فعل مزيد على استكراه ، كأنه راعى أصله.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٦٤ ـ ٦٥ ، الكتاب : ١ / ٣٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٨٩ ، المقتضب : ٤ / ١٧٨ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٧٩ ، شرح الرضي : ٢ / ٩١ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٥٣.

(٤) في الأصل : ما أحصره.

(٥) قال ابن مالك في شرح الكافية (٢ / ١٠٨٦): «فمن الشاذ قولهم في المختصر «ما أخصره» والفعل المستعمل منه قبل التعجب «اختصر» وهو خماسي مبني للمفعول ففيه مانعان».

وانظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٩١ ـ ٩٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٢ ، شرح ابن الناظم : ٤٦٣ ، شرح دحلان : ١١٦ ، شرح المرادي : ٣ / ٦٥.

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

٢٩

الخامس : أن يكون تاما ، فلا يبنى من نحو «كان» ، وقولهم : «ما أصبح أبردها ، وما أمسى أدفأها» (١) لحن (٢).

السّادس : أن يكون غير منفيّ ، فلو كان لازم الاستعمال في النّفي ، نحو «ما عجت (٣) بالدّواء» أي : ما انتفعت به (٤) ، أو عرض له النّفي ، نحو «ما قام زيد» لم يبن منه فعل التّعجّب.

السّابع : أن لا يكون الوصف منه على «أفعل» ، فلا يبنى من نحو «عرج ، وعور ، وشهل» ، وقول العامّة : «ما أشقره» خطأ.

الثّامن : أن لا يكون مبنيا للمفعول ، فلو كان لازم البناء للمفعول ، كـ «عني (٥) بحاجتك» ، لم يبن (٦) منه ، وقول العامّة : «ما أزهاه» خطأ.

وقد سمع من العرب أشياء لم تستوف الشّروط ، فتحفظ ، ولا يقاس عليها ، فمنها قولهم : «ما / أتقاه» ، لأنّه من «اتّقى» ، وهو رباعيّ ، و:

١٥٥ ـ أخلق بذي الصّبر أن يعنى بحاجته

 ...

__________________

(١) نسب الرضي حكاية ذلك للأخفش ، وابن عصفور وابن مالك للكوفيين. قال الأشموني : وأما قولهم : «ما أصبح أبردها وما أمسى أدفأها» فإن التعجب فيه داخل على «أبرد وأدفأ» و «أصبح وأمسى» زائدتان». انتهى.

انظر شرح الرضي : ٢ / ٢٩٥ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٤١٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٤١٣ ـ ٤١٤ ، الأصول : ١ / ١٠٦ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨١٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٢ ، الهمع : ٢ / ١٠٠ ، الضرائر : ٧٩ ، شرح دحلان : ١١٦.

(٢) وفي التصريح على التوضيح (٢ / ٩٢): «وذهب الكوفيون إلى جواز «ما أكون زيدا لأخيك» دون «ما أكون زيدا لقائم» ، وحكى ابن السراج والزجاج عنهم : «ما أكون زيدا قائما» وهو مبني على أصلهم من أن المنصوب بعد «كان» حال ، فسهل الأمر عليهم ، ولم يأت بذلك سماع». وانظر الأصول : ١ / ١٠٨.

(٣) في الأصل : ما عجبت. راجع شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٨٥.

(٤) جاء في اللسان : وما عاج بالدواء عجيا ، أي : ما انتفع به ، تقول : تناولت دواء فما عجت به ، أي : لم أنتفع به. انظر اللسان : ٤ / ٣١٨٥ (عيج) ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٨٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٢.

(٥) في الأصل : لعني.

(٦) في الأصل : لا يبني.

١٥٥ ـ من البسيط لمحمد بن بشير الخارجي ، من أبيات له في شرح الحماسة للمرزوقي (١١٧٥) ، وعجزه :

ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

ويروى : «يحظى» بدل «يعنى» ، كما يروى أيضا : «يظفر» بدل «يعنى» وقد انفرد المؤلف

٣٠

لأنّه لا يعرف له فعل.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وأشدد او أشدّ أو شبههما

يخلف ما بعض الشّروط عدما

(ومصدر العادم بعد ينتصب

وبعد أفعل جرّه بالبا يجب) (١)

إذا أريد التّعجّب من فعل لم يستكمل شروط «أفعل» التّعجّب (٢) ـ أقيم مقامه «أشدد» قبل مجرور بباء ، أو «أشدّ» بعد «ما» ، أو ما أشبههما من «أكثر ، وأسرع» ، ونحوهما ، ثمّ يؤتى بمصدر الفعل الّذي امتنع بناء فعل التّعجّب منه مضافا إلى المتعجّب (٣) منه ، منصوبا بعد «ما أفعل» ، ومجرورا بالباء بعد «أفعل» ، نحو (ما) (٤) أشدّ انطلاقه ، وأشدد بانطلاقه ، وما أسرع فناءه ، وأسرع بفنائه (٥) ، وما أكثر كونه منطلقا ، وأكثر بكونه منطلقا» ، فإن لم يكن للفعل مصدر ـ أتي بفعله مع (٦) حرف مصدريّ ، نحو «ما أكثر ما عنيت بحاجتي ، وما أكثر أن كان زيد يقوم» (٧).

__________________

من بين ما اطلعت عليه من مصادر برواية «يعنى» ، ومعناه : يهتم (انظر اللسان : عنا) ، ولعل المعنى على رواية غير المؤلف أوفق وأدل على المراد. والمعنى : أن مدمن الصبر في الأمور حقيق بأن يظفر ببغيته ، وينال مراده ، كما أن من أدام قرع أبواب مداخله وغمز مفاصل آرابه حقيق بولوجه ووصوله. والشاهد فيه شذوذ مجيء أفعل التعجب مما لا فعل له ، كما في قوله «أخلق بذي الصبر» ، فيحفظ ولا يقاس عليه.

انظر العقد الفريد : ١ / ٧٠ ، ٢٤١ ، البيان والتبيين : ٢ / ٣٦٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٨٢٩ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٣٤ ، الضرائر : ٨٩ ، فتح رب البرية : ٢ / ٢٩٣.

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر الألفية : ١٠٣.

(٢) في الأصل : التعجب منه.

(٣) في الأصل : التعجب.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٥) ذكر الأزهري في التصريح أن الذي لا يتفاوت معناه ، نحو «مات وفنى» لا يتعجب منه البتة ، لأنه وإن كان له مصدر ، فليس قابلا للتفاضل. وقال : «إلا إن أريد وصف زائد عليه ، فيقال في نحو «مات زيد» : «ما أفجع موته ، وأفجع بموته» كما يرشد إليه كلام الشارح». انتهى.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٣ ، شرح ابن الناظم : ٤٦١ ـ ٤٦٢ ، المساعد على تسهيل الفوائد : ٢ / ١٦٤.

(٦) في الأصل : من.

(٧) أغفل المؤلف شرح قول الناظم :

وبالنّدور احكم لغير ما ذكر

ولا تقس على الّذي منه أثر

والإشارة بهذا البيت إلى أنه قد ورد بناء فعل التعجب مما لم يستوف الشرط على وجه

٣١

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفعل هذا الباب لن (١) يقدّما

معموله ووصله به الزما

وفصله بظرف او بحرف جر

مستعمل والخلف في ذاك استقر

قد تقدّم أنّ فعل التّعجّب غير متصرّف في نفسه ، فلذلك لا يتصرّف في معموله ، فلا يجوز تقديمه عليه ، فلا يجوز «ما زيدا أحسن ، ولا بزيد أحسن» ، ووصله به لازم ، فلا يفصل بينهما بغير الظّرف والجارّ والمجرور ، فلا يقال : «ما أحسن لو لا البخل زيدا» ، ولا «أحسن يا أخي (٢) بزيد».

وأما الفصل بالظّرف والجارّ والمجرور فمستعمل ، ومن كلامهم : «ما أحسن بالرّجل أن يصدق ، وما أقبح به أن يكذب» (٣) ، ومنه :

١٥٦ ـ ...

وأحر إذا حالت بأن أتحوّلا

وقوله :

١٥٧ ـ ...

وأحبب إلينا أن يكون المقدّما

__________________

الندور ، فيحفظ ولا يقاس عليه ، وقد تقدم بيان المؤلف لذلك عند شرحه لقول الناظم :

وصغهما من ذي ثلاث صرّفا

قابل فضل تمّ غير ذي انتفا

وغير ذي وصف يضاهي أشهلا

وغير سالك سبيل فعلا

وانظر في ذلك شرح المرادي : ٣ / ٧١ ، شرح دحلان : ١١٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٤ ، البهجة المرضية : ١١٦ ، شرح ابن الناظم : ٤٦٣ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٤١ ، كاشف الخصاصة : ٢١٣ ، شرح المكودي : ١ / ٢٣٥.

(١) في الأصل : إن. انظر الألفية : ١٠٣.

(٢) في الأصل : ياخي.

(٣) انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٩٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٠ ، الهمع : ٥ / ٦٠ ، المفصل : ٢٧٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٤.

١٥٦ ـ من الطويل ، لأوس بن حجر ، من قصيدة له في ديوانه (٨٣) وصدره :

أقيم بدار الحرب مادام حزمها

ويروى : «الحزم» بدل «الحرب». والمعنى : أقيم بدار الحرب ما دامت هي حازمة في الإقامة ، فأنا أيضا حازم لها ، فإذا تحولت هي فالأولى لي أن أتحول. والشاهد فيه على جواز الفصل بالظرف وهو «إذا حالت» بين فعل التعجب ، وهو «أحر» ، وفاعله وهو «بأن أتحولا».

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٠ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٢٣٦ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٦٥٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٤ ، شرح ابن الناظم : ٤٦٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٩٦ ، أوضح المسالك : ١٦٩ ، فتح رب البرية : ١ / ٦١.

١٥٧ ـ من الطويل للعباس بن مرداس أحد الصحابة المؤلفة قلوبهم رضي‌الله‌عنهم أجمعين ، وهو من قصيدة له في ديوانه (١٠٢) ، وصدره:

وقال نبيّ المسلمين تقدّموا

٣٢

ولذلك صحّح المصنّف جوازه (١) ، موافقة للفرّاء والفارسيّ (٢) ، مع مخالفته أكثر البصريّين (٣).

واعلم أنّ محلّ الخلاف ما إذا كان الظّرف والجارّ والمجرور معمولين لفعل التعجّب ، فإن كانا متعلّقين بمعمول الفعل ـ امتنع الفصل بهما اتّفاقا (٤) ، فلا يقال : «ما أحسن في المسجد اعتكافك» ، ولا «أحسن عند زيد بجلوسك».

__________________

ويروى :

وقال نبيّ المؤمنين تقدّموا

وحبّ إلينا أن نكون المقدّما

ويروى : «أمير المؤمنين» بدل «نبي المسلمين» ، ويروى : «تكون» بدل «يكون». والشاهد في قوله «إلينا» حيث فصل به بين فعل التعجب وهو «أحبب» ، وبين معموله وهو «أن يكون المقدما».

انظر المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٢٣٦ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٦٥٦ ، ٤ / ٥٩٣ ، الهمع (رقم) : ١٤٤٨ ، ١٤٥٣ ، ١٨١٦ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١١٩ ، ٢٢١ ، ٢٤٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٤١ ، شواهد الجرجاوي : ١٨٩ ، شرح ابن الناظم : ٤٦٥ ، شرح المرادي : ٣ / ٥٩ ، شرح دحلان : ١١٥ ، شواهد العدوي : ١٨٩ ، البهجة المرضية : ١١٦ ، الجنى الداني : ٥٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٩٦ ، فتح رب البرية : ١ / ٥٤ ، التحفة المكية (رسالة ماجستير) : ١٦٠ ، الدرة المضية (رسالة ماجستير) : ٣٢٨.

(١) قال ابن مالك في شرح الكافية (٢ / ١٠٩٦): «وفي الفصل بينهما بالظرف والجار والمجرور خلاف ، والصحيح جوازه لثبوت ذلك عن العرب».

(٢) والكرمي والمازني والزجاج وابن خروف والشلوبين أيضا.

انظر المسائل المشكلة للفارسي (البغداديات) : ٢٥٦ ، شرح المرادي : ٣ / ٧٣ ـ ٧٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٠ ، الهمع : ٥ / ٦٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٠٩ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٨٧ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٥٤ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٥٠ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٦٦٢.

(٣) منهم الأخفش والمبرد ، فمنعوا الفصل بهما أيضا ، ونسب الصيمري هذا الرأي إلى سيبويه ، قال المرادي : «والحق أنه ليس لسيبويه فيه نص». وقيل : يجوز على قبح. وجوز الجرمي وهشام الفصل بالحال أيضا ، نحو «ما أحسن مقبلا زيدا». وزاد الجرمي : الفصل بالمصدر ، ونحو «ما أحسن إحسانا زيدا». والجمهور على المنع فيهما. وجوزه ابن مالك بالنداء ، كقول علي : «اعزز علي أبا اليقظان أن أراك صريعا مجدلا» وجوزه ابن كيسان بـ «لو لا» الامتناعية ، نحو «ما أحسن لو لا بخله زيدا» ، قال أبو حيان : ولا حجة له على ذلك.

انظر في ذلك الهمع : ٥ / ٦٠ ـ ٦١ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٤١ ، التبصرة والتذكرة للصيمري : ١ / ٢٦٨ ، شرح المرادي : ٣ / ٧٤ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٥٤ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٥٠ ، المسائل المشكلة (البغداديات) : ٢٥٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٠ ، المقتضب : ٤ / ١٧٨ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٠٩ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٦٦٢.

(٤) انظر الهمع : ٥ / ٦٠ ـ ٦١ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٧٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٠.

٣٣

الباب السادس والثلاثون

نعم وبئس وما جرى مجراهما

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

نعم وبئس وما جرى مجراهما

فعلان غير متصرّفين

نعم وبئس رافعان اسمين

مقارني أل أو مضافين لما

قارنها كنعم عقبى الكرما

الأصل في «نعم وبئس» : «نعم ، وبئس» بفتح الفاء ، وكسر العين ـ نقلت حركة العين إلى الفاء بعد إلغاء حركتها ، وقد يأتيان على الأصل ، وقد تحذف حركة العين ، وتترك حركة الفاء على حالها ، وقد تتبع حركة الفاء بحركة (١) العين.

واللغات الأربع جارية في كلّ ثلاثيّ أوّله مفتوح ، وثانيه حرف حلقيّ مكسور ، كـ «شهد» في الأفعال ، و «فخذ» في الأسماء.

والدّليل على فعليّة «نعم ، وبئس» / دخول تاء التّأنيث عليهما في نحو «فبها (٢) ونعمت» (٣) ، ونحوه مشهور في اللّسان (٤).

__________________

(١) في الأصل : لحركة.

(٢) في الأصل : فيهما.

(٣) روى النسائي في سننه حديث رقم (١٣٨٠) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «من توضّأ يوم الجمعة فبها ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل أفضل». وانظر سنن أبي داود حديث رقم : ٣٥٤ ، سنن الترمذي رقم : ٤٩٧ ، سنن البيهقي : ١ / ٢٩٦ ، مسند أحمد : ٥ / ١٥ ، تلخيص الحبير : ٢ / ٦٧ ، مجمع الزوائد : ٢ / ١٧٨ ، مشكاة المصابيح : ٥٤٠. وانظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٠٦ ، الهمع : ٥ / ٣٢٤ ، اللسان : (نعم) ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٤ ، توجيه اللمع : ٣٣١.

(٤) وهو مذهب البصريين والكسائي ، واستدلوا على فعليتهما بوجهين آخرين :

الأول : اتصال ضمير الرفع البارز بهما في لغة قوم ، وحكاها الكسائي والأخفش.

الثاني : بناؤهما على الفتح كسائر الأفعال الماضية.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٠٢ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، شرح المرادي : ٣ / ٧٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٤.

٣٤

ولا دليل للكوفيّين على اسميّتهما (١) : باتّصالهما بحرف الجرّ (٢) ، نحو «نعم (٣) السير على بئس العير» (٤) ، و «ما هي بنعم الولد» (٥) ، لتأوّله بدخول حرف الجرّ على موصوف محذوف ، تقديره : على عير بئس العير (٦) ، وبمولود نعم الولد.

ويلزمهما عدم التّصرّف (٧) ، ويعمل كلّ منهما الرّفع في اسم يكون فاعلا لهما ، وشرطه إن كان ظاهرا : أن يكون بالألف واللّام الجنسيّة ، نحو (نِعْمَ (٨)

__________________

(١) في الأصل : اسميتها.

(٢) وهو مذهب الفراء وأكثر الكوفيين ، واحتجوا أيضا على اسميتها بلزومهما عدم التصرف ، وبأنه لا مصدر لهما ، وأجيب عنه : بأن عدم التصرف والمصدر لا يدلان على الاسمية ، بدليل : «ليس وعسى» ، ونحوهما.

انظر الخلاف في ذلك الإنصاف (مسألة : ١٤) : ١ / ٩٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٧٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٣١٢ ، معاني الفراء : ١ / ٥٦ ، ٥٧ ، ٢٦٧ ، ٢ / ١١٩ ، ١٤١ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٢٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٤٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٦ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٥٦ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٩٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٠٢ ، الهمع : ٥ / ٢٥ ـ ٢٦.

(٣) في الأصل : بئس.

(٤) حكي هذا القول عن بعض فصحاء العرب ، قاله وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٠٢ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٩٨ ، الإنصاف : ١ / ٩٨ ، شرح المرادي : ٣ / ٧٥ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ١ / ٤ ، التحفة المكية (رسالة ماجستير) : ١٦٥ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٥٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٤ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٤٢ ، شرح ابن الناظم : ٤٦٧ ، شرح دحلان : ١١٧ ، حاشية الصبان : ١ / ١٦٧.

(٥) وهو لبعض العرب قاله لمن بشره ببنت ، وتمامه : «والله ما هي بنعم الولد ، نصرها بكاء وبرّها سرقة». انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٠٢ ، شرح المرادي : ٣ / ٧٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٤ ، حاشية الصبان : ١ / ١٦٧ ، شرح ابن الناظم : ٤٦٧ ، شرح دحلان : ١١٧ ، التحفة المكية (رسالة ماجستير) : ١٦٥ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ١٤٧ ، ١٤٨ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٤٢.

(٦) في الأصل : غير بئس الغير.

(٧) وإنما لم يتصرفا للزومهما إنشاء المدح والذم على سبيل المبالغة ، فنقلتا عما وضعتا له من الدلالة على المضي ، وصارتا للإنشاء ، فـ «نعم» منقولة من قولك : «نعم الرجل» إذا أصاب نعمة ، و «بئس» منقولة من قولك : «بئس الرجل» إذا أصاب بؤسا.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٧٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٧.

(٨) في الأصل : بئس.

٣٥

الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص : ٤٤] ، أو مضافا إلى مقترن بها ، كـ : «نعم عقبى الكرما» (١) ، وقوله تعالى : (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر : ٧٢].

وقد يقع مضافا إلى مضاف إلى المقترن بها ، كقوله :

١٥٨ ـ فنعم ابن أخت القوم غير مكذّب

 ...

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ويرفعان مضمرا يفسّره

مميّز كنعم قوما معشره

كما يكون فاعلهما اسما ظاهرا ، يكون ضميرا مستترا واجب الاستتار ، يفسّره اسم بعده منصوب على التّمييز ، كقوله تعالى : (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) [الكهف : ٥٠] ، تقديره : بئس هو ، أي : البدل.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وجمع تمييز وفاعل ظهر

فيه خلاف عنهم قد اشتهر

اختلف النحاة في جواز إظهار فاعلهما مع التّمييز ، فمنعه سيبويه وأكثر أصحابه (٣) ، وأجازه المبرّد والفارسيّ (٤) ، وهو / الحقّ لورود السّماع به في نحو :

__________________

(١) فـ «نعم» فعل مدح ، و «بمعنى» فاعله ، و «الكرما» جمع «كريم» مضاف إليه والمخصوص بالمدح محذوف ، أي : الجنة ، والجملة محكية بقول مقدر مجرور بالكاف.

انظر المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٢٣٧ ، إعراب الألفية : ٨١.

١٥٨ ـ من الطويل ، لأبي طالب عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قصيدة له في ديوانه (ورقة : ٣) يمدح فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويذكر فيها مقاطعة قريش لهم ، وهي من أجود الشعر ، وعجزه :

زهير حسام مفرد من حمائل

الحسام : السيف القاطع. الحمائل : جمع حمالة وهي علاقة السيف. زهير : هو أحد الخمسة الذين سعوا في نقض الصحيفة التي تعاقدت فيها قريش على قطيعة بني هاشم. والشاهد في قوله : «فنعم ابن أخت القوم» حيث جاء فاعل نعم مظهرا مضافا إلى ما أضيف إلى المعرف بالألف واللام.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٥ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٠٥ ، أوضح المسالك : ١٧١ ، الهمع (رقم) : ١٤٠٨ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٠٩ ، شرح ابن الناظم : ٤٦٩ ، شرح المرادي : ٣ / ٧٩ ، فتح رب البرية : ١ / ٧٩.

(٢) منهم السيرافي ، إذ لا إبهام يرفعه التمييز ، وتأولوا ما سمع ، واحتج سيبويه بأن المقصود من المنصوب والمرفوع الدلالة على الجنس ، وأحدهما كاف عن الآخر ، وأيضا فإن ذلك ربما أوهم أن الفعل الواحد له فاعلان ، وذلك أنك رفعت اسم الجنس بأنه فاعل ، وإذا نصبت النكرة بعد ذلك آذنت بأن الفعل فيه ضمير فاعل ، لأن النكرة المنصوبة لا تأتي إلا كذلك.

انظر الكتاب : ١ / ٣٠٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٤ ، الهمع : ٥ / ٣٥ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٣٢ ، شرح الرضي : ٢ / ٣١٦ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٦٠٦ ، المقرب : ١ / ٦٨.

(٣) وابن السراج والناظم وولده أيضا. انظر الإيضاح للفارسي : ١ / ٨٨ ، المقتصد للجرجاني :

٣٦

١٥٩ ـ ...

فنعم الزّاد زاد أبيك زادا

وفي قوله :

١٦٠ ـ نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت

ردّ التّحيّة نطقا أو بإيماء

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وما مميّز وقيل فاعل

في نحو نعم ما يقول الفاضل

تتّصل «ما» بهذين الفعلين ، نحو (فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١] ، وفي الحديث : «بئسما لأحدهم أن يقول نسيت آية كذا» (٣) ومحلّها (٤) النّصب على

__________________

١ / ٣٧٢ ، المقتضب : ٢ / ١٥٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٠٦ ، الأصول لابن السراج : ١ / ١١٧ ، شرح ابن الناظم : ٤٧٠ ـ ٤٧١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٥ ـ ٩٦ ، شرح المرادي : ٣ / ٩٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٤ ، الهمع : ٥ / ٣٥ ـ ٣٦ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٣٢ ، شرح الرضي : ٢ / ٣١٦ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٦٠٦.

١٥٩ ـ من الوافر ، لجرير بن عطية الخطفي ، من قصيدة له في ديوانه (١٣٥) ، يمدح فيها عمر بن عبد العزيز المرواني ، وصدره :

تزوّد مثل زاد أبيك فينا

والاستشهاد به على جواز إظهار فاعل «نعم» ، وهو «الزاد» مع التمييز وهو «زادا».

انظر المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٢٣٧ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٠٧ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ١٣٢ ، مغني اللبيب (رقم) : ٨٤٠ ، شواهد المغني : ١ / ٥٧ ، ٢ / ٨٦٢ ، الخصائص : ١ / ٨٣ ، الخزانة : ٩ / ٣٩٤ ، المقتصد : ١ / ٣٧٢ ، شواهد المفصل والمتوسط : ٢ / ٥٤٢ ، أبيات المغني : ١ / ٦٣ ، ٧ / ٢٧ ، شواهد الجرجاوي : ١٩٣ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١١٢ ، اللسان (زود) ، المقتضب : ٢ / ١٤٨ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٠٣ ، ٣ / ٣٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٩١ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٤٣ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٦٠٦ ، المقرب : ١ / ٦٩ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٦١ ، كاشف الخصاصة : ٢١٦.

١٦٠ ـ من البسيط ، ولم أعثر على قائله. والاستشهاد به على جواز الجمع بين فاعل نعم الظاهر ، وهو قوله : «الفتاة» ، والتمييز وهو قوله «نطقا».

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٤ ، ٤ / ٢٠٣ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٢ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ١١٠ ، شرح دحلان : ١١٨ ، الهمع (رقم) : ١٤١٦ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١١٢ ، مغني اللبيب (رقم) : ٨٤١ ، أبيات المغني : ٧ / ٢٩ ، شواهد المغني : ٢ / ٨٦٢ ، شرح المرادي : ٣ / ٩٣ ، أوضح المسالك : ١٧١ ، فتح رب البرية : ١ / ٨٢ ، ٩٢ ، الدرة المضية (رسالة ماجستير) : ٣٥٠.

(١) روى الإمام أحمد في مسنده (١ / ٤٣٨) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «بئسما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت ، بل هو نسي ، واستذكروا القرآن فإنّه أسرع تفصيّا من صدور الرّجال من النّعم بعقله أو من عقله». وانظر سنن البيهقي : ٢ / ٣٩٥ ، شرح السنة للبغوي : ٤ / ٤٩٥ ، كنز العمال حديث رقم : ٢٨٣١ ، ٢٨٤٩ ، اللسان (كيت).

(٢) في الأصل : ومحلهما.

٣٧

التّمييز ، والفاعل مستتر والتّقدير : نعم هو ، أي : الشّيء شيئا (١). هذا اختيار الفارسيّ (٢).

وقيل : بل هي معرفة عامّة في محلّ الرّفع ، لأنّها فاعل ، وهو مذهب السّيرافيّ والأكثرين ، وهو ظاهر كلام سيبويه (٣).

__________________

(١) والمرفوع بعدها هو المخصوص. قيل : وهو مذهب البصريين. ونسبه ابن مالك للزمخشري ، وإليه ذهب ابن الأنباري في البيان.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٩٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١١١ ، المفصل : ٢٧٣ ، البيان لابن الأنباري : ١ / ١٧٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٦ ، الهمع : ٥ / ٣٩.

(٢) قال الفارسي في الحجة (٢ / ٢٩٨): «والمعنى في قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) أن في «نعم» ضمير الفاعل ، و «ما» في موضع نصب ، وهي تفسير الفاعل المضمر قبل الذكر ، فالتقدير : نعم شيئا إبداؤها ، فالإبداء : هو المخصوص بالمدح ، إلا أن المضاف حذف وأقيم المضاف إليه الذي هو ضمير الصدقات مقامه ، فالمخصوص بالمدح هو الإبداء بالصدقات لا الصدقات». وانظر المسائل المشكلة للفارسي (البغداديات) : ٢٥٨ ـ ٢٥٩.

(٣) قال السيوطي : وهو قول سيبويه والمبرد وابن السراج والفارسي ، وقال المرادي : وهو قول الفراء ، ونسب في شرح الرضي لسيبويه والكسائي. وقال ابن الأنباري : وزعم الأخفش أن «ما» بمعنى : الذي ، وجعل «هي» خبر مبتدأ محذوف في صلة «الذي» ، ويكون التقدير : فنعم الذي هو هي ، ويكون المقصود بالمدح محذوفا وهو إبداء الصدقات.

انظر الكتاب : ١ / ٣٧ ، المقتضب : ٤ / ١٧٥ ، الهمع : ٥ / ٣٩ ، شرح المرادي : ٢ / ٩٨ ، شرح الرضي : ٢ / ٣١٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٩٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ٩٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١١١ ـ ١١١٢ ، البيان لابن الأنباري : ١ / ١٧٦ ـ ١٧٧.

وهذا الخلاف في محل «ما» فيما إذا وليها اسم ، أما إذا وليها فعل نحو «نعم ما صنعت» ففيها عشرة أقوال ، ومرجعها إلى أربعة :

الأول : أنها نكرة في موضع نصب على التمييز.

الثاني : أنها في موضع رفع على الفاعلية.

الثالث : أنها المخصوص.

الرابع : أنها كافة.

١ ـ فأما القائلون بأنها في موضع نصب على التمييز فاختلفوا على ثلاثة أقوال :

الأول : أنها نكرة موصوفة بالفعل بعدها ، والمخصوص محذوف ، وهو مذهب الأخفش والزجاج والفارسي في أحد قوليه والزمخشري وكثير من المتأخرين.

الثاني : أنها نكرة غير موصوفة والفعل بعدها صفة لمخصوص محذوف.

الثالث : أنها تمييز والمخصوص «ما» أخرى موصولة محذوفة ، والفعل صلة لـ «ما» الموصولة المحذوفة ، ونقل عن الكسائي.

٢ ـ وأما القائلون بأنها الفاعل فاختلفوا على خمسة أقوال :

الأول : أنها اسم معرفة تام أي : غير مفتقر إلى صلة ، والفعل بعدها صفة لمخصوص ،

٣٨

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ويذكر المخصوص بعد مبتدا

أو خبر اسم ليس يبدو أبدا

يذكر المخصوص بالمدح أو بالذّمّ بعد فاعل «نعم ، وبئس» مرفوعا (١) نحو «نعم الرّجل زيد ، وبئس الرّجل عمرو» ، ورفعه بالابتداء ، والجملة قبله خبره ، وليس بواجب التّأخير ، بل يجوز ، (نحو) (٢) «زيد نعم الرّجل» (٣).

وقيل : ارتفاعه لأنّه خبر مبتدأ لازم الحذف ، والتّقدير : «هو زيد» ، والضّمير عائد على الممدوح بعد «نعم» ، وعلى المذموم بعد «بئس» (٤).

__________________

نعم الشيء شيء صنعت ، وقال به قوم منهم ابن خروف ، ونقله في التسهيل عن سيبويه والكسائي.

الثاني : أنها موصولة ، والفعل صلتها ، والمخصوص محذوف ، ونقل عن الفارسي.

الثالث : أنها موصولة ، والفعل صلتها ، وهي فاعل يكتفى بها وبصلتها عن المخصوص ، ونقله في شرح التسهيل عن الفراء والفارسي.

الرابع : أنها مصدرية ولا حذف هنا ، وتأويله : بئس صنعك ، وإن كان لا يحسن في الكلام : «بئس صنعك» حتى تقول : «بئس الصنع صنعك» ، كما تقول «أظن أن تقوم» ، ولا تقول : «أظن قيامك».

الخامس : أنها نكرة موصوفة في موضع رفع.

٣ ـ وأما القائل : بأنها المخصوص ، فقال : إنها موصولة ، وهي المخصوص و «ما» أخرى محذوفة هي المميز ، والأصل : نعم ما ما صنعت ، والتقدير : نعم شيئا الذي صنعته. وهو قول الفراء.

٤ ـ وأما القائل : بأنها كافة ، فقال : إنما كفت «نعم» كما كفت «قل» فصارت تدخل على الجملة الفعلية.

انظر في ذلك شرح المرادي : ٣ / ٩٦ ـ ٩٨ ، الهمع : ٣ / ٨٣ ـ ٣٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٦ ـ ٩٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٥ ـ ٣٦.

(١) في الأصل : مرفوعان.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٣) وهو مذهب سيبويه. قال الأزهري : ولا يجوز غير ذلك عند سيبويه وابن خروف وابن الباذش ، وقيل : يجوز هذا ويجوز أن يكون خبرا لمبتدأ واجب الحذف ، أي : الممدوح أبو بكر ، والمذموم أبو لهب ، وهو مذهب الجمهور ومنهم الجرمي والمبرد وابن السراج والفارسي وابن جني وغيرهم. انتهى. وذكر في شرح التسهيل أن سيبويه أجازه.

انظر الكتاب : ١ / ٣٠٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٧ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٢٧٥ ، الأصول : ١ / ١١٢ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٦٠٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٧ ، الفوائد الضيائية : ٢ / ٣١٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١١٠ ، شرح الرضي : ٢ / ٣١٨.

(٤) وقيل : ارتفاعه لأنه مبتدأ حذف خبره ، وإليه ذهب ابن عصفور. وذهب ابن كيسان إلى أن

٣٩

ثمّ قال رحمه الله تعالى :

وإن يقدّم مشعر به كفى

كالعلم نعم المقتنى والمقتفى

يحذف المخصوص بالمدح كثيرا ، لتقدّم ما يدلّ عليه ، نحو (نِعْمَ الْعَبْدُ) [ص : ٤٤] بعد قوله : (عَبْدَنا أَيُّوبَ) [ص : ٤١] ، و (بِئْسَ الشَّرابُ) [الكهف : ٢٩] بعد قوله : (يُغاثُوا / بِماءٍ كَالْمُهْلِ) [الكهف : ٢٩].

وليس منه ما مثّل به النّاظم من قولهم : «العلم نعم المقتنى» ، لأنه من باب تقديم المخصوص ـ كما سبق مثله ـ لا من باب حذفه (١).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

واجعل كبئس ساء واجعل فعلا

من ذي ثلاثة كنعم مسجلا

«ساء» بمنزلة «بئس» في دلالتها على الذّمّ ، وعدم تصرّفها ، واقتضائها فاعلا كفاعلها ، ومخصوصا ، ومن استعمالها قوله تعالى : (ساءَتْ مُسْتَقَرًّا) [الفرقان : ٦٦] ، وفاعلها مستتر مفسّر بالتّمييز ، والمخصوص محذوف للعلم به.

ويستعمل من كلّ فعل ثلاثيّ «فعل» ـ بضمّ العين ـ سواء كان مبنيّا على ذلك كـ «ظرف ، وشرف» ، أو محوّلا إليه كـ «فهم ، وفقه» استعمال «نعم» في الدّلالة على المدح ، واقتضاء فاعل كفاعلها ، ومخصوص بالمدح ، نحو «فقه الرّجل زيد» ، و (حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩].

ولا يختصّ ذلك بالمدح ـ كما يقتضيه كلام المصنّف (٢) ـ ، بل يستعمل في الذّمّ أيضا كـ «خبث الرّجل زيد».

__________________

المخصوص بدل من الفاعل. ورد : بأنه لازم وليس البدل بلازم ، وبأنه لا يصح لمباشرة «نعم».

انظر شرح المرادي : ٣ / ١٠٠ ـ ١٠١ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٧ ، الهمع : ٥ / ٤١ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٢٧٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٧ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ٤٤ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٦٠٣ ، الفوائد الضيائية : ٢ / ٣١٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٣١٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١١٠.

(١) قال الأزهري : هذا إذا رفعنا «العلم» على الابتداء ، أما إذا جعلناه خبرا لمبتدأ محذوف تقديره : هذا العلم ، على حد(سُورَةٌ أَنْزَلْناها) أي : هذه سورة ، أو مفعولا لفعل محذوف تقديره : الزم العلم ونحوه ، فيكون من الحذف لا من التقديم ، كما ذكر الناظم.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٧ ، أوضح المسالك : ١٧٢ ، شرح المرادي : ٣ / ١٠٣ ـ ١٠٤ ، حاشية الخضري : ٢ / ٤٤.

(٢) قال ابن مالك في التسهيل (١٢٨): «وتلحق «ساء» بـ «بئس» وبها وب «نعم» «فعل» موضوعا أو محولا من «فعل» أو «فعل» مضمنا تعجبا». انتهى.

٤٠