شرح ابن طولون - ج ٢

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

[الأنعام : ١٥١] ، (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي)(١) [مريم : ٥ ـ ٦].

ثمّ هو بعد الأمر بلا شرط ، وبعد النّهي بشرط صحّة وقوع «إن (لا) (٢)» موقع حرف النّهي (٣) ، فيكون الكلام مستقيما ، نحو : «لا تعص الله يدخلك الجنّة» ، لصحّة تقديره بـ : إن (لا) (٤) تعص الله يدخلك الجنّة ، بخلاف : «لا تعص الله يدخلك النّار» فإنّه يتعيّن الرّفع فيه ، لعدم صحّة التّقدير المذكور.

والجزم في قول أبي طلحة (٥) : «بأبي أنت وأمّي ، لا تشرف يصبك سهم» (٦) على البدل ، ولا يجوز على الجواب عند الأكثرين ، وفيه نظر.

__________________

الثاني : أن لفظ الطلب ضمن معنى الشرط فجزم ، وإليه ذهب ابن خروف ، واختاره ابن مالك ونسبه إلى الخليل وسيبويه.

الثالث : أن لفظ الطلب ناب مناب الشرط ، أي : حذفت جملة الشرط وأنيب الطلب منابها فجزم ، وهو مذهب السيرافي والفارسي وابن عصفور.

الرابع : أن الجزم بـ «لام» مقدرة ، فإذا قال : «ألا تنزل تصب خيرا» ، فمعناه : لتصب خيرا ، قال المرادي : «وهو ضعيف ولا يطرد إلا بتجوز وتكلف».

انظر شرح المرادي : ٤ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤١ ، الهمع : ٤ / ١٣٣ ـ ١٣٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥١ ، الكتاب : ١ / ٤٤٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٠٩ ـ ٣١٠ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩٢ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٤١٩.

(١) و «يرثني» بالجزم على الجواب قراءة أبي عمر والكسائي ، ويحيى بن يعمر ، ويحيى بن وثاب والأعمش ، وقرأ الباقون بالرفع على أنه صفة لـ «وليا».

انظر إتحاف فضلاء البشر : ٢٩٧ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٣١٧ ، المبسوط في القراءات العشر : ٢٨٧ ، حجة القراءات : ٤٣٨ ، إعراب النحاس : ٣ / ٦ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ١١٠ ـ ١١١ ، البيان لابن الأنباري : ٢ / ١٢٠.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ٢٤٢.

(٣) قال الأزهري : وشرط غير الكسائي الجزم بعد النهي صحة وقوع «إن لا» في موضعه ، وهو أن تضع موضع النهي شرطا مقرونا بـ «لا» النافية مع صحة المعنى ، قاله الموضح في شرح القطر والمرادي في شرح النظم ، وظاهر قول النظم :

وشرط جزم بعد نهي أن تضع

«إن» قبل «لا» دون تخالف يقع

أنك تضع «أن» قبل لا الناهية بالهاء ، وشرحه على ذلك الشاطبي. انتهى. كما شرحه على ذلك أيضا المكودي وابن عقيا وابن الجزري.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٢ ، شرح الشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٩١٣ ، شرح القطر : ١٠٨ ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٣ ، شرح المكودي : ٢ / ٨٩ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١١٧ ، كاشف الخصاصة : ٣١٢.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ٢٤٢.

(٥) في الأصل : أين طلحد. راجع التصريح : ٢ / ٢٤٣. وأبو طلحة هو زيد بن سهل بن الأسود النجاري الأنصاري ، صحابي من الشجعان الرماة المعدودين في الجاهلية والإسلام ، ولد في المدينة سنة ٣٦ ق. ه ، ولما ظهر الإسلام كان من كبار أنصاره ، فشهد العقبة وبدرا وسائر

٢٢١

والكسائيّ (١) لا يشترط ذلك (٢) ، أجاز : «لا تدن من الأسد يأكلك» على أنّه جواب ، وهو الصّحيح.

والمسألة مبنيّة على كون الجزم بعد الطّلب جوابا لشرط مقدّر ، أو جوابا للطّلب نفسه (٣) ، فمن قال بالثّاني : لم يحتج إلى التّقدير المذكور.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

والأمر إن كان بغير افعل فلا

تنصب جوابه وجزمه اقبلا

قد سبق أنّ شرط الطّلب الّذي ينتصب بعده الفعل المقترن بالفاء بإضمار

__________________

المشاهد ، وكان ردف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم خيبر ، توفي بالمدينة سنة ٣٤ ه‍.

انظر ترجمته في أسد الغابة : ٢ / ٢٨٩ ، صفة الصفوة : ١ / ١٩٠ ، طبقات ابن سعد : ٣ / ٦٤ ، تهذيب ابن عساكر : ٦ / ٤ ، الأعلام : ٣ / ٥٩.

روى البخاري في صحيحه (٥ / ٤٦ ـ باب مناقب ابن طلحة رضي‌الله‌عنه) قول أبي طلحة : «يا نبيّ الله بأبي أنت وأمّي لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك».

وانظر : ٥ / ١٢٥ (باب غزوة أحد) ، فتح الباري : ٧ / ١٢٨ ، السيرة النبوية لابن كثير : ٣ / ٥٣ ، اللسان (شرف) ، والرواية في هذه المصادر : «يصيبك» بالرفع. وروي بالجزم في شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩٣ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١١ ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٣ ، أمالي السهيلي : ٨٥ ، ١١٨ ، عمدة الحافظ وعدة اللافظ : ٢٣٨.

(١) في الأصل : الواو. ساقط.

(٢) ونسبه ابن عصفور للكوفيين ، واحتجوا بالقياس على النصب ، فإنه يجوز «لا تدن من الأسد فيأكلك» بالنصب ، وفي التنزيل : (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ) وبقول أبي طلحة المتقدم ، وبالحديث : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض». وأجاب البصريون بأنه لو صح القياس على النصب لصح الجزم بعد النفي قياسا له على النصب ، و «يصبك» بدل من «تشرف» ، و «يضرب» مدغم. وفي رد القياس نظر. فالكوفيون يجوزون الجزم بعد النفي ، وبه قال الزجاجي ، وذكر الجرمي في «الفرح» أنه يجوز على رداءة وقبح.

انظر شرح المرادي : ٤ / ٢١٤ ـ ٢١٥ ، التسهيل : ٢٣٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، الأشموني مع الصبان : ٣ / ٣١١ ، الهمع : / ١٣٣ ٤ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩٢ ، ١٩٣ ، شرح ابن الناظم : ٦٨٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٦٧ ، جمل الزجاجي : ٢١٠ ، حاشية الخضري : ٢ / ١١٧.

(٣) ذهب إلى الأول أكثر المتأخرين واختاره المرادي والأشموني ، وإلى الثاني الخليل وسيبويه وابن خروف واختاره ابن مالك ، ونسبه الأزهري للسيرافي والفارسي.

انظر الكتاب : ١ / ٤٤٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥١ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩٩٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١٠.

٢٢٢

«أن» ـ أن يكون محضا ، وذلك بأن (١) يكون الأمر بصيغة «افعل» ـ كما مثّل ـ ، فلا ينصب بعد الطّلب باسم الفعل ، نحو : «نزال فتصيب خيرا» ، ولا بعد / طلب بلفظ الخبر ، نحو : «حسبك حديث فينام النّاس» (٢) ، وأجاز الكسائيّ النّصب فيهما (٣) ، ولا شاهد معه.

وأمّا الجزم بعدهما ، إذا حذفت الفاء ، فلا خلاف في جوازه (٤) ، ومنه في الأوّل :

٢٥٤ ـ ...

مكانك تحمدي أو تستريحي

لأنّ مكانك «بمعنى : اثبتي ، ومن الثّاني قول عمر : «اتّقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه» (٦) إذ معناه : ليتّق الله.

__________________

(١) في الأصل : أن.

(٢) انظر شرح المرادي : ٤ / ٢١٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٣ ، الهمع : ٤ / ١١٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٣.

(٣) ووافقه ابن جني وابن عصفور في جواز نصب جواب «نزال» ونحوه من اسم الفعل المشتق.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٦ ـ ٢١٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١٢ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٤٩ ، الهمع : ٤ / ١١٩ ، التسهيل : ٢٣٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٣.

(٤) قال ابن مالك في شرح الكافية (٣ / ١٥٥٣) : وأما الجزم عند التعري من الفاء فجائز إجماعا.

وانظر شرح الأشموني : ٣ / ٣١١ ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٣.

٢٥٤ ـ من الوافر لعمر بن الإطنابة الأنصاري من قصيدة له ، وصدره :

وقولي كلّما جشأت وجاشت

جشأت : نهضت من فزع ، وفاعله ضمير النفس في البيت قبله. جاشت : اضطربت ، مكانك : اسم فعل أمر بمعنى : اثبتي. والشاهد في قوله : «تحمدي» حيث جزم لوقوعه بعد الطلب باسم الفعل وهو «مكانك» ، وقد سقطت منه الفاء ، والفاء إذا سقطت بعد الطلب وقصد معنى الجزاء يجزم الفعل بعده جوابا لشرط مقدر لتضمنه معنى الشرط ، لا لأجل الطلب.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٣ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١٢ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤١٥ ، مغني اللبيب : ٣٦٥ ، شواهد المغني : ٢ / ٥٤٦ ، أبيات المغني : ٤ / ٢٤٣ ، الخصائص : ٣ / ٣٥ ، ابن يعيش : ٤ / ٧٤ ، المقرب : ١ / ٢٧٣ ، شذور الذهب : ٣٣٥ ، ٤٠٩ ، شواهد الفيومي : ١٠٦ ، الهمع : ١٠٢٨ ، الدرر اللوامع : ٢ / ٩ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٨٩ ، أمالي القالي : ١ / ٢٥٥ ، الخزانة : ٢ / ٤٣٨ ، سمط اللآلىء : ٢ / ٥٧٤ ، اللسان : (جشأ) ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٦ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٣٣ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٦٦.

(٥) انفرد المؤلف بنسبة هذا القول لعمر رضي‌الله‌عنه ، وهو فيما رجعت إليه من مصادر منسوب للعرب ، وفي شرح الأشموني : «وقوله ...». ويروى : «وفعل خيرا» ، و «عمل خيرا» بدل «فعل خيرا».

٢٢٣

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وإن على اسم خالص فعل عطف

تنصبه إن ثابتا أو منحذف

هذا هو الموضع الثّاني مما ينتصب فيه المضارع بـ «أن» جائزة الإضمار والإظهار ، وهو ما إذا عطف الفعل المضارع على اسم خالص (١) ليس في تأويل الفعل ولا يستعمل في ذلك من حروف العطف إلا الواو نحو :

٢٥٥ ـ للبس عباءة وتقرّ عيني

 ...

أو الفاء ، نحو :

٢٥٦ ـ لو لا توقّع معترّ (٤) فأعطيه

 ...

__________________

انظر الكتاب : ١ / ٤٥٢ ، ٢ / ١٤٧ ، الهمع : ٤ / ١٣٢ ، شرح المكودي : ٢ / ٨٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٣ ، شرح الأشموني : / ٣١١ ٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٥ ، المفصل : ٢٥٣ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ٤٩ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٧٩٥ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٦٣.

(١) في الأصل : خاص.

٢٥٥ ـ من الوافر لميسون بنت بحدل الكلابية زوج معاوية بن أبي سفيان رضي‌الله‌عنه ، وأم ابنه يزيد ، من أبيات لها قالتها لما ضاقت نفسها عند ما تسرى عليه؟؟؟ ا ، فعذلها على ذلك معاوية ، وقال لها : أنت في ملك عظيم وما تدري قدره ، وكنت قبل اليوم في العباءة فقالت تلك الأبيات ، وعجزه :

أحبّ إليّ من لبس الشّفوف

ويروى : «ولبس» بدل «للبس». تقر : تبرد سرورا. الشفوف : جمع «شف» ، وهو الثوب الرقيق. والشاهد في قوله : «وتقر» حيث نصب الفعل بـ «أن» مضمرة جوازا ، لوقوعه بعد عاطف وهو الواو ، تقدم عليه اسم خالص من التقدير بالفعل ، وهو «لبس».

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٧ ، الأصول : ٢ / ١٥٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١٣ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٩١ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٩٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٤ ، الخزانة : ٨ / ٥٠٣ ، ٥٧٤ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٤٢٦ ، المقتضب : ٢ / ٢٦ ، جمل الزجاجي : ١٨٧ ، الحلل : ٣٣ ، ٢٦١ ، المحتسب : ١ / ٣٢٦ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ٢٨٠ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ٢٥ ، مغني اللبيب : ٤٧١ ، ٥١٦ ، ٦٧٠ ، ٨٦٤ ، ٩٤٨ ، شذور الذهب : ٣١٤ ، الهمع : ١٠٣٦ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٠ ، شواهد المغني : ٢ / ٦٥٣ ، ٧٧٨ ، أبيات المغني : ٥ / ٦٤ تاج علوم الأدب : ٢ / ٤٠٠ ، شواهد الفيومي : ٩٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١١٨ ، شواهد الجرجاوي : ٢٣٤ ، شرح ابن الناظم : ٦٨٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٨ ، شرح دحلان : ١٥٤ ، شرح ابن عصفور : ١ / ١٣١ ، ٢ / ١٤٠ ، ١٥٧ ، الجنى الداني : ١٥٧ ، كاشف الخصاصة : ٣١٣ ، نتائج الفكر : ٣١٨ ، ٣١٩ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٤٢٢ ، شرح الجمل لابن هشام : ٢٧١ ، فتح رب البرية : ١ / ٢٠٦.

٢٥٦ ـ من البسيط ولم أعثر على قائله ، وعجزه :

٢٢٤

أو «ثمّ» ، نحو :

(١) ـ إنّي وقتلي سليكا ثمّ أعقله

 ...

أو «أو» ، نحو : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً ، أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) [الشورى : ٥١].

__________________

ما كنت أوثر إترابا على تربي

ويروى : «فأرضيه» بدل «فأعطيه». والتوقع : تنظر الأمر ، يقال : توقت مجيئه وتنظرته (اللسان : وقع). المعتر : الفقير المتعرض للسؤال. وترب الرجل : من يولد في الوقت الذي يولد فيه ، فيساويه في سنه. والمعنى : لو لا أني متوقع لإرضاء كل من سألني ما كنت أوثر على أترابي بالعطاء أحدا بل أقتصر عليه. وقال الشنقيطي : والصواب أن «إترابا» بكسر الهمزة مصدر أترب الرجل بمعنى : استغنى ، والترب : بالفتح مصدر ترب الرجل بمعنى : افتقر ، والمعنى : لو لا توقع معتر فأرضيه ما آثرت الغنى على الفقر ، أي : سواء عندي كنت غنيا أم فقيرا. انتهى. والشاهد في قوله : «فأرضيه» حيث نصب الفعل بـ «أن» مضمرة جوازا لوقوعه بعد عاطف وهو الفاء ، تقدم عليه اسم خالص من التقدير بالفعل ، وهو «توقع».

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٨ ، المطالع السعيدة : ٣٨٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٤ ، شواهد الفيومي : ٩٧ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١١ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١٤ ، شذور الذهب : ٣١٥ ، الهمع : ١٠٣٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١١٨ ، شواهد الجرجاوي : ٢٣٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٢٠ ، شرح دحلان : ١٥٤ ، كاشف الخصاصة : ٣١٣ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ٣٤١ ، البهجة المرضية : ١٥٤ ، فتح رب البرية : ١ / ٢٠٧ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٤٢٢.

(٢) في الأصل : معترف. انظر المراجع الآتية.

٢٥٧ ـ من البسيط لأنس بن مدركة الخثعي ، ثاني بيتين له قالهما في قتله للسليك بن السلكة المشهور ، وعجزه :

كالثّور يضرب لمّا عافت البقر

سليكا : اسم رجل. أعقله : أعطى ديته. عافت البقر : كرهته. والمعنى : أن الشاعر إنما قتل هذا الرجل وأعطى ديته ليخوف غيره منه ، كما أن البقر إذا امتنعت من شروعها في الماء لا تضرب ، لأنها ذات لبن ، وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب. والشاهد في قوله : ثم «أعقله» حيث نصب الفعل بـ «أن» مضمرة جوازا ، لوقوعه بعد عاطف وهو «ثم» ، تقدم على اسم خالص من التقدير بالفعل ، وهو «قتلي». انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٨ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ٣٤٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١٤ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٩٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٤ ، شذور الذهب : ٣١٦ ، الهمع : ١٠٣٨ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١١ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٩١ ، شرح ابن الناظم : ٦٨٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٢١ ، شرح دحلان : ١٥٤ ، كاشف الخصاصة : ٣١٤ ، المطالع السعيدة : ٣٨٦ ، فتح رب البرية : ١ / ٢٠٩ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٤٢٢ ، البهجة المرضية : ١٥٤.

٢٢٥

وذكر في العمدة : أنّ إظهار «أن» في ذلك كلّه أحسن (١) ، وذكر ابنه : أنّه أقيس (٢) ، ولم يوردا عليه شاهدا.

أمّا لو كان العطف على اسم (٣) مؤوّل بالفعل ، كاسم الفاعل ، نحو : «الطائر فيغضب زيد الذّباب» تعيّن الرّفع.

ولو كان العطف على فعل مؤوّل باسم ، نحو : «ما تأتينا (٤) فتحدّثنا» ، فإنّ تقديره : ما يكون منك إتيان فحديث ، فإضمار «أن» واجب ، لأنّ (٥) المعطوف عليه / ليس باسم خالص ، بخلاف المصدر في المثل المتقدّمة ، فإنّه إمّا اسم ، وإمّا راجع إلى «أن» والفعل (٦) ، الّلذين هما في تأويل الاسم فما خرج عن الاسميّة.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

والفعل بعد الفاء في الرّجا نصب

كنصب ما إلى التّمنّي ينتسب

أجاز الفرّاء ، ووافقه المصنّف : النّصب بعد الفاء في جواب التّرجّي ، لقربه من معنى التّمنّي (٧) ، ومنه قراءة حفص : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ ، أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ)(٨) [غافر : ٣٦ ـ ٣٧].

__________________

(١) قال ابن مالك في شرح عمدة الحافظ (٢٣٦): «والإظهار في هذا أكثر وأشهر». وقال في شرح الكافية (٣ / ١٥٥٨) بعد إيراده البيت : «للبس عباءة ... الخ» : أراد للبس عباءة وأن تقر عيني ، فحذف «أن» وأبقى عملها دليلا عليها ، ولو استقام الوزن بإظهارها لكان أقيس» انتهى.

(٢) قال ابن الناظم في شرحه (٦٨٦) بعد أن أورد البيت «للبس عباءة .... الخ» : أراد للبس عباءة وأن تقر عيني ، فحذف «أن» وأبقى عملها ، ولو استقام له الوزن فأثبتها لكان أقيس».

(٣) في الأصل : فعل. راجع التصريح : ٢ / ٢٤٥.

(٤) في الأصل : ما تأتنا.

(٥) في الأصل : فان.

(٦) في الأصل : الواو. ساقط.

(٧) قال ابن مالك : «وألحق الفراء الرجاء بالتمني ، فجعل له جوابا منصوبا ، وبقوله أقول لثبوت ذلك سماعا» انتهى. ونسب السيوطي ذلك للكوفيين.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥ ، الهمع : ٤ / ١٢٣ ، معاني الفراء : ٣ / ٩ ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٣٨.

(٨) وقرأ الباقون : «فأطّلع» بالرفع عطفا على «أبلغ».

انظر حجة القراءات : ٦٣١ ، إتحاف فضلاء البشر : ٣٧٩ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٣٦٥ ، المبسوط في القراءات العشر : ٣٩٠ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ٢١٩ ، إعراب النحاس : ٤ / ٣٣ ، البيان لابن الأنباري : ٢ / ٣٣١ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١٢ ، الهمع : ٤ / ١٢٣ ـ ١٢٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٤ ، شرح المرادي : ٤ / ٢١٧ ، معاني الفراء : ٣ / ٩.

٢٢٦

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وشذّ حذف أن ونصب في سوى

ما مرّ فاقبل منه ما عدل روى

لا ينصب بـ «أن» مضمرة في غير المواضع المذكورة ، إلا شذوذا ، فيقتصر على المنقول منه ، ولا يقاس عليه (١).

ويقع ذلك في الجواب لغير الأشياء المذكورة ، كقوله :

٢٥٨ ـ سأترك منزلي لبني تميم

وألحق بالحجاز فأستريحا

وأحسنه قولهم : «خذ الّلص قبل يأخذك» (٣) ، وقوله :

٢٥٩ ـ ...

ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله

__________________

(١) وذهب الكوفيون ومن وافقهم من البصريين إلى جواز القياس عليه. وأجاز الأخفش حذف «أن» قياسا ، ولكن بشرط رفع الفعل مثل (تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ ،) و «تسمع بالمعيدي» في رواية الرفع فيهما. وذهب قوم إلى أن حذف : «أن» مقصور على السماع مطلقا ، فلا ينصب ولا يرفع بعد الحذف إلا ما سمع ، وإليه ذهب متأخر والمغاربة ، قيل : وهو الصحيح.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٥ ، التسهيل : ٢٣٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٢٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣١٥.

٢٥٨ ـ من الوافر ، للمغيرة بن حبناء (وحبناء : لقب ، واسمه : حبين التيمي) ، قال البغدادي : وقد رجعت إلى ديوانه وهو صغير فلم أجده فيه. ويروى : «بالعراق» بدل «بالحجاز» ، ويروى : «لأستريحا» بدل «فأستريحا» ، والشاهد في قوله : «فأستريحا» حيث نصب الفعل بـ «أن» مضمرة بعد الفاء وليس بمسبوق بنفي أو طلب ، وهو ضرورة.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٠ ، النكت الحسان : ١٤٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٠٥ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٩٠ ، الخزانة : ٨ / ٥٢٢ ، الكتاب : ١ / ٤٢٣ ، ٤٤٨ ، شواهد ابن النحاس : ٢٢٧ ، المقتضب : ٢ / ٢٢ ، المحتسب : ١ / ١٩٧ ، شرح ابن يعيش : ١ / ٢٧٩ ، المقرب : ١ / ٢٦٣ ، مغني اللبيب : ٣١٩ ، شذور الذهب : ٢٢٢ ، الهمع : ٢١٠ ، ١٠٢٢ ، ١٣٥١ ، الدرر اللوامع : ١ / ٥١ ، ٢ / ٧ ، ١٠ ، ٩٠ ، أبيات المغني : ٤ / ١١٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٣٩٢ ، المقتصد : ٢ / ١٠٦٨ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٤٤ ، ٦١٠ ، الضرائر : ٢٨٤ ، معاني الأخفش : ٦٦ ، التبصرة والتذكرة : ٤٠٣ ، الأصول : ٢ / ١٨٢ ، الإفصاح : ١٨٤ ، شواهد المغني : ١ / ٤٩٧ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٤٢١.

(٢) أي قبل أن يأخذك. انظر الكتاب : ١ / ١٥٥ ، الهمع : ٤ / ١٤٣ ، مغني اللبيب : ٦٤٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٩ ، شرح المكودي : ٢ / ٩٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٢٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٥ ، الضرائر : ١٥٢ ، مجالس ثعلب : ٣١٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١١٩ ، كاشف الخصاصة : ٣١٥.

٢٥٩ ـ من الطويل لعامر بن جوين الطائي من أبيات له قالها في هند أخت امرىء القيس بن حجر ، لما هرب من النعمان بن المنذر ونزل عليه ، فأراد عامر الغدر به ، فتحول عنه ، وصدره :

٢٢٧

لتعيّن الموضع للاسم في الأوّل ، وصلاحيّته لـ «أن» في الثّاني.

__________________

فلم أر مثلها خباسة واحد

وقيل : هو لامرىء القيس (وليس في ديوانه) ، وقيل : هو لبعض الطائيين يصف مظلمة هم بها ثم صرف نفسه عنها. مثلها : أي مثل هند. الخباسة : الغنيمة. نهنهت : كففت. والهاء في «أفعله» ضمير المصدر ، أي : بعد ما كدت أفعل الفعل ، وقيل : ضمير ، الغدر المفهوم من المقام. والشاهد في قوله : «أفعله» حيث نصب الفعل بـ «أن» مضمرة شذوذا ، لأنه ليس من المواضع التي ينصب فيها الفعل بـ «أن» مضمرة.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٥٩ ، المطالع السعيدة : ٣٨٧ ، الكتاب : ١ / ١٥٥ ، شرح الأشموني : ١ / ٣٦١ ، ٣ / ٣١٥ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤٠١ ، الإنصاف ٥٦١ ، المقرب : ١ / ٢٧٠ ، مغني اللبيب : ١٠٨٧ ، الهمع : ١٣٢ ، الدرر اللوامع : ١ / ٣٣ ، ٢ / ١٢ ، اللسان (خبس) ، شواهد المغني : ٢ / ٩٣١ ، أبيات المغني : ٧ / ٣٤٧ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ٣٣٧ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٩٢ ، شرح ابن الناظم : ٦٨٨ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٢٣ ، شرح ابن عصفور : ١ / ١٣٢ ، كاشف الخصاصة : ٣١٥ ، أمالي السهيلي : ٨٤ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ١٠١.

٢٢٨

الباب الخامس والخمسون

عوامل الجزم

ثمّ قال :

عوامل الجزم

بلا ولام طالبا ضع جزما

في الفعل هكذا بلم ولمّا

عوامل الجزم تنقسم إلى ما يجزم فعلا واحدا ، وهو (١) الأربعة الّتي / ذكرها النّاظم في هذا البيت ، وإلى ما يجزم فعلين ، وهو بقيّتها.

والأربعة : «لا (٢) ، والّلام» الطّلبيّتان ، سواء أريد بهما النّهي أو الأمر ، نحو : (فَلا)(٣) تَقُلْ لَهُما أُفٍ [الإسراء ٢٣] ، (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ) [البقرة : ٢٨٢] ، أو الدّعاء ، نحو : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) [آل عمران : ٨] ، ونحو : (لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) [الزخرف : ٧٧].

ودخول الّلام على فعل المتكلّم المفرد أو المشارك ، ما دام مبنيّا للفاعل ـ قليل ، نحو : «قوموا فلأصلّ لكم» (٤) ، وكقوله : (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) [العنكبوت : ١٢] ، ودخول «لا» عليه أقلّ ، نحو :

__________________

(١) في الأصل : وهي.

(٢) «لا» الطلبية : كلمة بسيطة. وزعم بعضهم أن أصلها : لام الأمر زيدت عليه ألف فانفتحت.

وزعم السهيلي والكسائي أنها «لا» النافية ، والجزم بعدها بلام الأمر مضمرة قبلها ، وحذفت كراهية اجتماع لامين في اللفظ. قال المرادي : وهما زعمان ضعيفان.

انظر شرح المرادي : ٤ / ٢٢٨ ، الهمع : ٤ / ٣١٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٤٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣ ، الجنى الداني : ٣٠٠ ، مغني اللبيب : ٣٢٧ ، جواهر الأدب : ٣١٠ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٤٣.

(٣) في الأصل : ولا.

(٤) الحديث بهذا اللفظ في صحيح البخاري : ١ / ١٠٧ (كتاب الصلاة : باب الصلاة على الحصير). وروي بلفظ «فلأصلّي» بإثبات الياء في البخاري : ١ / ٢١٨ ، مسلم حديث رقم : ٢٦٦ ، مسند أحمد : ٣ / ١٦٤ ، فتح الباري : ١ / ٤٩٠ ، ١ / ٤٥٠. والحديث بلفظ المؤلف في شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٦٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣ ، شرح الرضي : ٣ / ٢٥٢ ، شرح ابن الناظم : ٦٩٠ ، الهمع : / ٣٠٨ ، مغني اللبيب : ٢٩٦ ، كاشف الخصاصة : ٣١٦ ،

٢٢٩

٢٦٠ ـ (إذا) (٢) ما خرجنا من دمشق فلا نعد

 ...

ومثله في (٣) القلّة دخول الّلام على فعل المخاطب ، نحو : «لتأخذوا مصافّكم» (٤) ، لأنّهم استغنوا فيه بفعل الأمر.

أما إذا بني فعل المتكلّم للمفعول ، فدخول اللام و «لا» عليه كثير ، نحو : «لننصر ولا نظلم» (٥).

__________________

شرح المرادي : ٤ / ٢٢٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٦ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ١٦٠ ، ١٨٦ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٤١.

٢٦٠ ـ من الطويل ، وقد اختلف في قائله ، فنسب في أمالي ابن الشجري للفرزدق (وليس في ديوانه) ، وقيل : هو للوليد بن عقبة يعرض بمعاوية رضي‌الله‌عنه ، قاله حين وفد على معاوية في دمشق في أيام خلافته ، وعجزه :

لها أبدا ما دام فيها الجراضم

ويروى : «فلا بدت» بدل «فلا نعد» ، و «لنا» بدل «لها». الجراضم : الواسع البطن ، وأراد به معاوية رضي‌الله‌عنه. والشاهد في قوله : «فلا نعد» حيث جزم الفعل بـ «لا» الناهية ، وهو للمتكلم مع غيره ، وهو قليل ، لأن المتكلم لا ينهي نفسه إلا على سبيل المجاز ، وتنزيلها منزلة الأجنبي.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٦٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٦ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤٢٠ ، مغني اللبيب : ٤٥١ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ٢٢٦ ، شواهد المغني : ٢ / ٦٣٣ ، أبيات المغني : ٥ / ١٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣ ، شرح ابن الناظم : ٦٩٢ ، كاشف الخصاصة : ٣١٧ ، الأزهية : ١٥٠ ، أوضح المسالك : ٢٣٦ ، فتح رب البرية : ١ / ٢٢٣.

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر المراجع المتقدمة.

(٢) في الأصل : من.

(٣) استشهد بهذا الحديث كثيرا في كتب النحو والقراءات ، ولم أعثر عليه فيما رجعت إليه من كتب الحديث ، وفي سنن الترمذي حديث رقم (٣٢٣٥): «قال لنا : على مصافكم كما أنتم». وانظر الدرر المنثور : ٥ / ٣١٩ ، إتحاف السادة المتقين : ٥ / ٧٧ ، وفي مسند أحمد (٥ / ٢٤٣) أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «كما أنتم على مصافّكم». ويمكن أن يستشهد لما ذهب إليه ابن طولون بما أخرجه السيوطي في «الجامع الصغير» (٢ / ٤٠١) ، حديث رقم (٧٢٢١) : «لتأخذوا عنّي مناسككم ، فإنّي لا أدري لعلّي لا أحجّ بعد حجّتي هذه». وانظر الحديث بلفظ المؤلف في شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٦٦ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٥٢ ، البحر المحيط : ٥ / ١٧٢ ، تفسير القرطبي : ٨ / ٣٥٤ ، النثر في القراءات العشر : ٢ / ٢٨٥ ، الإنصاف : ٢ / ٥٥٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٢٨ ، الهمع : ٤ / ٣٠٨ ، شرح ابن الناظم : ٦٩٠ ، الإيضاح لابن الحاجب : ٢ / ٢٧٢ ، شرح الملوكي : ٣٤٨ ، مغني اللبيب : ٢٩٧ ، ٣٠٠ ، كاشف الخصاصة : ٣١٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٦.

(٤) ما ذكره المؤلف من التفصيل بين المبني للفاعل ، والمبني للمفعول طريقة لبعضهم ، وسوى ابن الناظم في «لا» بين المخاطب والغائب في الكثرة ، ولم يفصل في المتكلم بين المبني

٢٣٠

و «لم» ، و «لمّا» (١) ، وهما حرفا نفي يجزمان المضارع ، ويقلبان معناه إلى المضيّ (٢).

وتنفرد «لمّا» باتّصال نفي ما دخلت عليه بالحال ، ولذلك امتنع «لمّا يكن ثمّ كان» بخلاف (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) [الإنسان : ١] ، وبلزوم كونه متوقّعا للثبوت ، نحو : (وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) [البقرة : ٢١٤] ، ولذلك يمتنع «لمّا يجتمع الضّدّان» (٣) ، بخلاف «لم» ، فإنّه لا يلزم فيها ذلك ، نحو : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) [الإخلاص : ٣].

وتنفرد «لم» بجواز دخول أداة الشّرط عليها ، نحو : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ)(٤).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى / :

واجزم بإن ومن وما ومهما

أيّ متى أيّان أين إذما

وحيثما أنّى وحرف إذما

كإن وباقي الأدوات اسما

فعلين يقتضين شرط (٥) قدّما

يتلو الجزاء وجوابا وسما (٦)

__________________

للفاعل والمبني للمفعول ، وهو موافق لظاهر الكافية والتسهيل.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٤٦ ، شرح المرادي ، شرح ابن الناظم : ٦٩٢ ، التسهيل : ٢٣٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٦٧ ـ ١٥٦٨.

(١) اختلف في «لما» : فقيل : مركبة من «لم» و «ما» ، وهو مذهب الجمهور. وقيل : بسيطة.

انظر شرح المرادي : ٤ / ٢٣٩ ، الجنى الداني : ٥٩٣ ، الهمع : ٤ / ٣١٣ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٥١ ، التصريح على التوضيح : ٤ / ٨ ، معاني الحروف للرماني : ١٣٢ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٤٤.

(٢) وفاقا للمبرد وأكثر المتأخرين ، وهو ظاهر مذهب سيبويه. وذهب قوم منهم الجزولي إلى أنهما يدخلان على لفظ الماضي فيقلبانه إلى لفظ المضارع ، ونسب إلى سيبويه. قال الرضي : والأول الأولى لأن قلب المعنى أظهر وأكثر في كلامهم. انتهى.

انظر شرح المرادي : ٤ / ٢٣٣ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٣٢ ، الكتاب : ١ / ٤٦٠ ، الجنى الداني : ٢٦٧ ، ٥٩٢ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٤٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٧.

(٣) وذلك لاستحالة اجتماعهما ، وتوقع المستحيل محال. انظر التصريح : ٢ / ٢٤٧.

(٤) في الأصل : وتفرد ، حيث قال قبل : «وتنفرد لما ...».

(٥) في الأصل : شرطا. انظر الألفية : ١٥٠ ، و «شرط» قال الشاطبي : مبتدأ و «قدما» خبره ، وهي جملة مستأنفة لا تعلق لها من حيث اللفظ بما تقدم ، إلا أن يقدر حذف العاطف. وقال المكودي : «شرط» خبر مبتدأ مضمر ، أي : أحدهما شرط ، أو مبتدأ والخبر محذوف ، أي : منهما شرط ، ولا يجوز نصب شرط على البدل من «فعلين» لأن التابع غير مستوف للمتبوع ، وإنما يجوز الإتباع فيما إذا كان مستوفيا للمتبوع نحو «لقيت من القوم ثلاثة زيدا وعمرا وجعفرا». انظر إعراب الألفية : ١١٣ ، شرح المكودي : ٢ / ٩٥.

(٦) في الأصل : رسما. انظر الألفية : ١٥٠.

٢٣١

هذا هو القسم الثاني ، وهو ما يجزم فعلين يقتضيهما ، يسمّى المقدّم منهما شرطا (١) ، والتّالي له جزاء وجوابا (٢) ، وهو إحدى عشرة أداة ، منها أداتان حرفان ، وهما : «إن» بالاتّفاق (٣) ، وهي أمّ الباب ، والجزم بها كثير ، و «إذما» (٤) عند الأكثرين (٥) ، ومن استعمالها قوله :

٢٦١ ـ وإنّك إذما تأت (ما أنت) (٧) آمر

 ...

__________________

(١) اختلف في جازم الشرط : فذهب جمهور البصريين إلى أن الجازم للشرط هو الأداة. وقيل : إن الشرط والجزاء تجازما ، نقله ابن جني عن الأخفش.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٨ ، الأشموني مع الصبان : ٣ / ١٦ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٤٧١ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٥٤ ، الإنصاف : ٢ / ٦٠٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤٤ ، جواهر الأدب : ٣٤٤ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٤٢.

(٢) في الأصل : وجوبا. راجع التصريح : ٢ / ٢٤٨ ، وقد اختلف أيضا في الجازم للجزاء على أقوال :

الأول : أن الأداة هي الجازمة له ، قيل : وهو مذهب المحققين من البصريين ، وعزاه السيرافي إلى سيبويه.

الثاني : ذهب الأخفش إلى أن الجزم بفعل الشرط ، واختاره في التسهيل.

الثالث : أن الجزم بالأداة والفعل معا ، وهو مذهب المبرد ، ونسب إلى سيبويه والخليل.

الرابع : أن الجزم بالجوار ، وهو مذهب الكوفيين.

انظر الإنصاف (مسألة : ٨٤) : ٢ / ٦٠٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤٤ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٥ ـ ١٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٨ ، شرح الرضي : : ٢ / ٢٥٤ ، التسهيل : ٢٣٧ ، المقتضب : ٢ / ٤٨ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٤٧١ ـ ٤٧٢ ، جواهر الأدب : ٣٤٤ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ٤١.

(٣) انظر أوضح المسالك : ٢٣٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٧ ، الهمع : ٤ / ٣٢١.

(٤) في الأصل : و «إذا». راجع التصريح : ٢ / ٢٤٧.

(٥) وهو مذهب سيبويه. وذهب المبرد في أحد قوليه ، وابن السراج والفارسي ومن تابعهم : إلى أنها اسم ظرف زمان زيد عليه «ما». قال السيوطي : وأنكر قوم الجزم بها وخصوه بالضرورة كـ «إذا».

انظر الكتاب : ١ / ٤٣١ ـ ٤٣٣ ، المقتضب : ٢ / ٤٦ ، مغني اللبيب : ٤ / ٣١٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ١١ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٣٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٦٢٢ ، التسهيل : ٢٣٦ ، الجنى الداني : ١٩٠ ـ ١٩١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩٥ ، الهمع : ٤ / ٣١٨ ، ٣٢١ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٤٧ ، الإيضاح لابن الحاجب : ٢ / ٣٥.

٢٦١ ـ من الطويل ولم أعثر على قائله ، وعجزه :

به تلف من إيّاه تأمر آتيا

ويروى : «تأب» بدل «تأت» ، و «أبيا» بدل «آتيا» ، وهي من الإباء أي : الامتناع ، و «تأت» و «آتيا» من الإتيان ، وهو المجيء. تلف : من ألفى إذا وجد. ويروى البيت :

٢٣٢

وباقي الأدوات أسماء بلا خلاف ، إلا في «مهما» (١).

ومن الجزم بـ «من» ، نحو : (وَمَنْ)(٢) يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً [الفرقان : ٦٨]. ومنه بـ «ما» : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) [البقرة : ١٩٧]. ومنه بـ «مهما» :

٢٦٢ ـ ومهما تكن عند امرىء من خليقة

ولو خالها تخفى على النّاس تعلم

والأكثرون على أنّها مركّبة (٤) ، وهل هي مركبة من (ما) (٥) الشرطيّة ، و «ما» (٦) الّتي تزاد بعد «إن» ، ثمّ أبدلت ألف الأولى هاء ، أو من «مه» بمعنى : اكفف ، و «ما» الشّرطيّة؟ على قولين (٧).

ومنه بـ «أيّ» : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠].

__________________

وإنّك إذ ما تأب ما أنت آمر

به لا تجد من أنت تأمر فاعلا

والشاهد في قوله : «إذما» حيث جزمت فعلين وهما «تأت وتلف» بحذف الياء فيهما.

انظر شرح الأشموني : ٤ / ١١ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤٢٥ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٢١ ، شواهد الجرجاوي : ٢٤١ ، شرح ابن الناظم : ٦٩٥ ، شرح دحلان : ١٥٥ ، فتح البرية : ١ / ٢٢٤ ، شواهد العدوي : ٢٤١.

(١) فقال الجمهور إنها اسم بدليل عود الضمير عليها في قوله تعالى : (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ.) وذهب السهيلي وابن يسعون وخطاب إلى أنها حرف.

انظر التصريح على التوضيح : ٢٤٨ ، الهمع : ٤ / ٣١٩ ، مغني اللبيب : ٤٣٥ ، النكت الحسان : ١٥١ ، المقتضب : ٢ / ٤٥ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩٥ ، الجنى الداني : ٦٠٩ ، ٦١١ ، ٦١٢ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ٤٢ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٤٧ ـ ٥٤٨.

(٢) في الأصل : الواو. ساقط.

٢٦٢ ـ من الطويل ، لزهير بن أبي سلمى ، من معلقته المشهورة في القصائد السبع (٢٨٩) ، التي أولها :

أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم

بحومانة الدّرّاج فالمتثلّم

ويروى : «وإن» بدل «ولو». والخليقة : الطبيعة. والشاهد في قوله : «ومهما» حيث جزمت فعلين ، هما «تكن وتعلم». انظر القصائد العشر : ١٩٨ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٩٣ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٠ ، جمل الزجاجي : ٢١٥ ، الحلل : ٢٨٨ ، مغني اللبيب (رقم) : ٦٠٤ ـ ٦١٤ ، الهمع (رقم) : ١١٣٢ ـ ١٢٩١ ، الدرر اللوامع : ٢ / ٣٥ ـ ٧٤ ، شواهد المغني : ١ / ٣٨٦ ، ٢ / ٧٣٨ ، أبيات المغني : ٥ / ٣٢٧ ، الجنى الداني : ٦١٢ ، التنبيهات لعلي بن حمزة : ٢٤٩ ، النكت الحسان : ١٥١.

(٣) في الأصل : مؤكدة.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع الأشموني : ٤ / ١٢.

(٥) في الأصل : مؤكدة.

(٦) ذهب إلى الأول الخليل ، ونسبه الأشموني للبصريين ، واختاره الرضي قياسا على أخواتها ، وإلى الثاني ذهب الأخفش والزجاج والبغداديون. وقيل : إنها بسيطة ، وزنها «فعلى» وألفها إما للتأنيث ، وإما للإلحاق ، وزاد تنوينها للبناء ، واختاره أبو حيان. وقال السيوطي : أو هي «مه»

٢٣٣

ومنه بـ «متى» (١) :

٢٦٣ ـ ...

ولكن متى يسترفد النّاس أرفد

ومنه بـ «أيّان» (٣) :

٢٦٤ ـ أيّان نؤمنك تأمن (٥) غيرنا ...

 ...

__________________

المذكورة أضيفت لـ «ما» الشرطية ، وهو رأي سيبويه.

انظر الكتاب : ١ / ٤٣٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤١ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٥٣ ، الهمع : / ٣١٦ ٤ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩٥ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٤٦٠ ، مغني اللبيب : ٤٣٦ ، النكت الحسان : ١٥١ ، الجنى الداني : ٦١٢ ـ ٦١٣ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ٤٢ ، حروف المعاني للزجاجي : ٢٠ ، المسائل العضديات : ٤٧ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٤٧.

(١) في الأصل : في متى.

٢٦٣ ـ من الطويل ، لطرفة بن العبد البكري ، وهو من معلقته المشهورة في القصائد السبع (١٨٦) ، وصدره :

ولست بحلال التّلاع مخافة

ويروى : «بولاج» و «بمحلال» بدل «بحلال» ، والمحلال : من قولهم : مكان محلال : إذا كان يحل به الناس كثيرا. ويروى «ببيته» بدل «مخافة». بحلال : مبالغة «حال» بتشديد اللام ، ومن الحلول وهو النزول. قال البغدادي : والجيد أن يكون «فعال» هنا للنسبة ، أي : لست بذي حلول. التلاع : جمع تلعة ، وهو مجرى الماء من الجبال إلى الأودية. يسترفد الناس : يطلبوا الرفد وهو العطية ، وقيل المعونة. والمعنى : لست ممن يستتر في الأماكن المنخفضة مخافة الضيف أو العدو ، ولكن أظهر وأعين القوم إذا استعانوا بي إما في قرى ، وإما في دفع عدو. والشاهد في قوله : «متى» حيث جزمت فعلين ، وهما : يسترفد ، وارفد».

انظر القصائد العشر : ١٢٥ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤٢٢ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٤٤٢ ، الخزانة : ٩٩ / ٦٦ ، مغني : اللبيب : ١٠٢٦ ، شذور الذهب : ١٣٥ ، أبيات المغني : ٧ / ٢٧٠ ، شواهد الفيومي : ١٠٣ ، شواهد ابن النحاس : ٢٩٠ ، شرح ابن الناظم : ٦٩٤ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٢٠٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٨١ ، المطالع السعيدة : ٤٤٤.

(٢) في الأصل : نابان.

٢٦٤ ـ من البسيط ولم أعثر على قائله ، وتمامه :

أيّان نؤمنك تأمن غيرنا وإذا

لم تدرك الأمن منّا لم تزل حذرا

حذرا : خائفا. والمعنى : إن نعطك الأمان لم تخف غيرنا ، وإذ لم تنله منا فإنك تستمر على الخوف والوجل. والشاهد في قوله : «أيان» حيث جزمت فعلين ، وهما : «نؤمنك ، وتأمن» بالسكون فيهما.

انظر شرح الأشموني : ٤ / ١٠ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤٢٣ ، شذور الذهب : ٣٣٦ ، شواهد الفيومي : ١٠٤ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٢١ ، شواهد الجرجاوي : ٢٣٩ ، شرح ابن الناظم : ٦٩٤ ، المطالع السعيدة : ٤٤٣ ، شواهد العدوي : ٢٣٩ ، فتح رب البرية : ١ / ٢٢٨.

٢٣٤

ومنه بـ «أين» :

٢٦٥ ـ أين تضرب بنا العداة تجدنا

 ...

ومنه بـ «حيثما» :

٢٦٦ ـ حيثما تستقم يقدّر لك اللّ

ه نجاحا في غابر الأزمان

ومنه بـ «أنّى» :

٢٦٧ ـ خليليّ أنّى تأتياني تأتيا

أخا غير ما يرضيكما لا يحاول

وأكثر ما تستعمل (٤) ظرف زمان بمعنى : أين / ، وقد تستعمل للدّلالة على الأحوال ، كـ «كيف» ، نحو : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة : ٢٢٣].

ثمّ قال :

وماضيين أو مضارعين

تلفيهما أو متخالفين

__________________

٢٦٥ ـ من الخفيف لعبد الله بن همام السلولي ، وعجزه :

تصرف العيس نحوها للتّلاقي

ويروى : «تصرف» بدل «تضرب». والعيس : البيض من الإبل. والمعنى : أن تضرب بنا العداة في موضع من الأرض ، نصرف العيس نحوها للقاء ، فكانوا يرحلون على الإبل ، فإذا لقوا العدو قاتلوا على الخيل ، ولم يرد أنهم يلقون العدو على العيس. والشاهد في قوله : «أين» حيث جزمت فعلين ، وهما : «تضرب وتجدنا» بالسكون فيهما.

انظر الكتاب مع الأعلم : ١ / ٤٣٢ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٠ ، المقتضب : ٢ / ٤٧ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ١٠٥ ، ٧ / ٤٥ ، شواهد ابن النحاس : ٢٨٥.

٢٦٦ ـ من الخفيف ، ولم أعثر على قائله. تستقم : أي : تعتدل وتحسن السلوك. نجاحا : فوزا ونجاة.

غابر الأزمان : أي : في باقي الأزمان ، من غبر إذا بقي ، وغبر إذا مضى أيضا ، وهو من الأضداد.

والشاهد في قوله : «حيثما» حيث جزمت فعلين ، وهما : «تستقم ويقدر» بالسكون فيهما.

انظر شرح الأشموني : ٤ / ١١ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤٢٦ ، شذور الذهب : ٣٣٧ ، مغني اللبيب : ٢١٨ ، حاشية يس : ٢ / ٣٩ ، شواهد الفيومي : ١٠٤ ، شواهد المغني : ١ / ٣٩١ ، أبيات المغني : ٣ / ١٥٣ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٢١ ، شواهد الجرجاوي : ٢٤١ ، شرح ابن الناظم : ٦٩٥ ، شرح دحلان : ١٥٥ ، المطالع السعيدة : ٤٤٣ ، إصلاح الخلل للبطليوسي : ٣٤٨ ، فتح رب البرية : ٢٣٢.

١٦٧ ـ من الطويل ولم أعثر على قائله. والمعنى : لا أريد شيئا غير ما يرضيكما. والشاهد في قوله : «أنى» حيث جزمت فعلين ، وهما : «تأتياني وتأتيا» بحذف النون فيهما.

انظر شرح الأشموني : ٤ / ١١ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤٢٦ ، شذور الذهب : ٣٣٦ ، شواهد الفيومي : ١٠٤ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٢١ ، شواهد الجرجاوي : ٢٤٢ ، شرح ابن الناظم ٦٩٦ ، شرح دحلان : ١٥٥ ، المطالع السعيدة : ٤٤٤ ، فتح رب البرية : ١ / ٢٣١.

(١) في الأصل : يستعمل. فإنه قال بعد : وقد تستعمل.

٢٣٥

يكون فعل الشّرط والجواب ماضيين ، نحو : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) [الإسراء : ٨] ، فيكون الجزم لمحلّهما ، ومضارعين ، فيظهر الجزم فيهما ، نحو : (وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ) [الأنفال : ١٩] ، ومتخالفين بأن يكون الأول ماضيا والثّاني مضارعا ، فيكون حكم كلّ منهما ما سبق ، نحو : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) [الشورى : ٢٠] ، وعكسه على الصّحيح (١) ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما (تقدّم) (٢) من ذنبه» (٣).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وبعد ماض رفعك الجزا حسن

ورفعه بعد مضارع وهن

يجوز في المضارع الواقع جوابا لشرط ماض ـ الرّفع (٤) ، سواء كان ماضي الّلفظ ، نحو :

٢٦٨ ـ وإن أتاه خليل يوم مسغبة

يقول لا غائب مالي ولا حرم

__________________

(١) وهو ما ذهب إليه الفراء والمبرد وابن مالك وابن هشام ، حيث أجازوه في الاختيار ولقلته وعدم وروده في القرآن الكريم خصه سيبويه والجمهور بالضرورة ، كقوله :

إن تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا

ملأتم أنفس الأعداء إرهابا

انظر الكتاب : ١ / ٤٣٦ ، المقتضب : ٢ / ٥٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٦ ، أوضح المسالك : ٢٣٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٨٦ ـ ٥٨٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٩ ، معاني الفراء : ٢٧٦ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٦١٤ ، ٢ / ١٩٨ ، التسهيل : ٢٤٠ ، الهمع : ٢ / ٣٢٢ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٦٠.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٣) الحديث بهذا اللفظ في صحيح البخاري : ١ / ١٥ ، فتح الباري : ١ / ٩١ ، كنز العمال : ٢٤٠٨٧ ، وفي صحيح مسلم : «من يقم ليلة القدر فيوافقها (أراه قال : إيمانا واحتسابا) غفر له».

وانظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٨٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٩ ، شرح ابن الناظم : ٦٩٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٦ ، الخزانة : ٩ / ٧٦ ، شرح دحلان : ١٥٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٢٢.

(٤) قال ابن مالك : فإن كان الجواب مضارعا والشرط ماضيا فالجزم مختار ... والرفع جائز كثير. انتهى. ورفعه عند سيبويه : على تقدير تقديمه وكون الجواب محذوفا ، وعند الكوفيين والمبرد على تقدير الفاء. وذهب قوم إلى أنه ليس على التقديم والتأخير ولا على حذف الفاء ، بل لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط لكونه ماضيا ضعفت عن العمل في الجواب.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٨٩ ، الكتاب : ٤٣٦ ، المقتضب : ٢ / ٦٨ ، شرح الأشموني : ١٨١٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤٧.

٢٦٨ ـ من البسيط لزهير بن أبي سلمى ، من قصيدة له في ديوانه (١٥٣) ، يمدح فيها هرم بن سنان المري ، وقبله :

٢٣٦

أو ماضي المعنى ، لاقترانه بـ «لم» نحو : «وإن لم يقم أقوم».

أمّا رفعه إذا كان الشّرط مضارعا ، فضعيف ، نحو :

٢٦٩ ـ إنّك إن يصرع أخوك تصرع

__________________

هو الجواد الّذي يعطيك نائله

عفوا ويظلم أحيانا فيظّلم

ويروي : «مسغبة» بدل «مسألة» أي : مجاعة. وخليل : أي : فقير ، من الخلة ، وهي القلة.

حرم : بمعنى : الحرمان ، وهو مبتدأ محذوف الخبر ، والتقدير : ولا عندي حرم ، أو هو مصدر بمعنى : اسم المفعول ، أي : محروم منه ، فهو معطوف على «غائب». والشاهد في قوله : «يقول» حيث وقع جواب الشرط فعلا مضارعا مرفوعا غير مجزوم ، وذلك لكون فعل الشرط جاء فعلا ماضيا ، وهو حسن ، ولكن الجزم أحسن من الرفع لأنه على الأصل.

انظر الكتاب مع الأعلم : ١ / ٤٣٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٨٩ ، شرح ابن الناظم : ٦٩٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٩ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤٦ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤٢٩ ، شواهد ابن السيرافي : ٢ / ٨٥ ، المقتضب : ٢ / ٦٨ ، الإنصاف : ٦٢٥ ، شرح ابن يعيش : ٨ / ١٥٧ ، مغني اللبيب : ٧٨٥ ، شواهد المغني : ٢ / ٨٣٨ ، اللسان : (حرم ، خلل) ، أبيات المغني : ٦ / ٢٩٠ شواهد الفيومي : ١٠٧ ، الدرر اللوامع : ٢ / ٧٦ ، شواهد المفصل والمتوسط : ٢ / ٦٢٩ ، المقتصد : ٢ / ١١٠٤ ، شواهد الجرجاوي : ٢٤٣ ، المحتسب : ٢ / ٦٥ ، سمط اللآلىء : ١ / ٤٦٦ ، شذور الذهب : ٣٤٩ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٧ ، الهمع : ١٣٠٣ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٢٣ ، شواهد ابن النحاس : ٢٨٧ ، جواهر الأدب : ٢٤٧ ، التوطئة : ١٥١ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٩٥ ، شرح دحلان : ١٥٦.

٢٦٩ ـ من الرجز ، نسب في الكتاب : لجرير بن عبد الله البجلي الصحابي رضي‌الله‌عنه ، وقبله :

يا أقرع بن حابس يا أقرع

ونسبه البغدادي : لعمرو بن خثارم البجلي (وهو جاهلي). قوله : «يا أقرع بن حابس» : هو الأقرع بن حابس بن عقال التميمي المجاشعي الدارمي ، من الصحابة رضي‌الله‌عنه. تصرع : تهلك. والشاهد في قوله : «تصرع» حيث وقع جواب الشرط فعلا مضارعا ، ووقع فعل الشرط فعلا مضارعا مجزوما وهو ضعيف.

انظر الكتاب مع الأعلم : ١ / ٤٣٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٩٠ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٤٩ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٤٣٠ ، المقتضب : ٢ / ٧٠ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ٨٤ ، الإنصاف : ٦٢٣ ، شرح ابن يعيش : ٨ / ١٥٧ ، المقرب : ١ / ٢٧٥ ، الخزانة : ٨ / ٢٠ ، ٩ / ٤٧ ، مغني اللبيب : ٩٥٤ ، الهمع (رقم) : ١٩٢ ، الدرر اللوامع : ١ / ٤٧ ، ٢ / ٧٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٢٣ ، شواهد الجرجاوي : ٢٤٤ ، تاج علوم الأدب : ٤٦٦ ، الضرائر : ١٦٠ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩٨ ، التوطئة : ١٥١ ، شواهد المغني : ٢ / ٨٩٧ ، أبيات المغني : ٧ / ١٨١ ، شواهد ابن السيرافي : ٢ / ١٢١ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٩٦ ، شرح ابن الناظم : ٧٠٠ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤٧ ، شرح دحلان : ١٥٦ ، كاشف الخصاصة : ٣١٩ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٥٥.

٢٣٧

ولا يختصّ (١) بالضّرورة (٢) ، بدليل قراءة بعضهم : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ)(٣) [النساء : ٧٨].

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

واقرن بفا حتما (جوابا) (٤) لو جعل

شرطا لإن (أو) (٥) غيرها لم ينجعل

دخول الفاء في جواب الشّرط جائز وواجب وممتنع /. فالواجب دخول الفاء عليه : ما لا يصلح وقوعه شرطا لـ «إن» أو غيرها من أدوات الشّرط وليس ذلك بتقسيم ، وإنّما هو تأكيد ، فإنّ ما لا يصلح وقوعه شرطا لـ «إن» لا يصلح وقوعه شرطا لغيرها.

ثمّ ذلك قد يكون لمانع فيه ، مثل كونه جملة اسميّة ، نحو : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنعام : ١٧] ، أو فعل أمر ، نحو : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) [آل عمران : ٣١] ، أو فعلا غير متصرّف ، نحو : (إِنْ) ترني (أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً ، فَعَسى رَبِّي أَنْ) يؤتيني (٦) [الكهف : ٣٩ ـ ٤٠] ، وقد يكون لما يتّصل به ، مثل كونه مقرونا بـ «قد» أو حرف تنفيس ، أو «لن» ، نحو : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ) [يوسف : ٧٧] ، (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) [التوبة : ٢٨] ، (وَما) تفعلوا (مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ) تكفروه (٧) [آل عمران : ١١٥].

والممتنع اقترانه بالفاء : ما كان مضارعا مجزوما.

__________________

(١) في الأصل : تختص.

(٢) كما أشعر كلام ابن مالك هنا ، وهو مقتضى كلامه في شرح الكافية. وظاهر كلام سيبويه أنه مختص بالضرورة ، حيث قال : وقد جاء في الشعر.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٩٠ ، الكتاب : ١ / ٤٣٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٩ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤٨.

(٣) برفع «يدرككم» وهي قراءة شاذة لطلحة بن سليمان. والجمهور على الجزم.

انظر القراءات الشاذة : ٢٧ ، إملاء ما من به الرحمن : ١ / ١٨٧ ، المحتسب : ١ / ١٩٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٩٠ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٩ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٤٩.

(٤ ـ ٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر الألفية : ١٥٠.

(٦) وإثبات الياء في «ترني» و «يؤتيني» وصلا ووقفا قراءة ابن كثير ويعقوب. انظر الإتحاف : ٢٩٠.

(٧) قرأ حمزة والكسائي وعاصم (برواية حفص) ، وخلف بالياء في «تفعلوا» و «تكفروه» ، وقرأ الباقون بالتاء فيهما. انظر المبسوط في القراءات العشر : ١٦٨ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٢٤١ ، حجة القراءات : ١٧٠ ـ ١٧١ ، إتحاف فضلاء البشر : ١٧٨.

٢٣٨

والجائز دخول الفاء عليه (١) : الماضي المجرّد (٢) ، والمضارع غير المجزوم ، والأكثر تجرّدهما منها ، ومن اقترانهما بها ، نحو : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ)(٣) فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي (٤) النَّارِ [النمل : ٩٠] ، (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ) [طه : ١١٢].

ثمّ قال رحمه‌الله :

وتخلف الفاء إذا المفاجأه

كإن تجد إذا لنا مكافأة

تقع «إذا» الفجائيّة عوضا عن فاء الجزاء الواجب اقترانه بها ، ويختصّ ذلك (٥) بالمثال الّذي ذكره المصنّف ، ونحوه مما أداة الشّرط فيه «إن» ، والجواب جملة اسميّة ، غير طلبيّة / ، ومثله : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦].

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

والفعل من بعد الجزا إن يقترن

بالفا أو الواو بتثليث قمن

إذا عطف على جواب الشّرط مضارع بالفاء أو الواو ، فلك فيه ثلاثة أوجه : جزمه بالعطف ، ورفعه بالاستئناف ، ونصبه بـ «أن» مضمرة.

وبالجزم والرّفع قرىء في المتواتر : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٨٤] ، وقرىء شاذا بالنّصب (٦) ، وبالأوجه الثلاثة روي :

٢٧٠ ـ ونأخذ (٨) بعده بذناب عيش

 ...

__________________

(١) في الأصل : على.

(٢) وقيد بما كان مستقبلا معنى ، وقصد به وعدا أو وعيدا. انظر شرح الأشموني : ٤ / ٢٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٩٥ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٥١.

(٣) في الأصل : ومن نحو جاء بالحسنة.

(٤) في الأصل : من.

(٥) في الأصل : ذاك.

(٦) وهي قراءة ابن عباس وأبو حيوة والأعرج. وقرأ عاصم وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بالرفع ، وباقيهم بالجزم.

انظر البحر المحيط : ٢ / ٣٦٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٦٠٣ ـ ١٦٠٤ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٥١ ، إعراب النحاس : ١ / ٣٥٠ ، الكتاب : ١ / ٤٤٨ ، البيان لابن الأنباري : ١ / ١٨٦ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٢٣٧ ، حجة القراءات : ١٥٢ ، إتحاف فضلاء البشر : ١٦٧ ، شرح دحلان : ١٥٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٥٥.

٢٧٠ ـ من الوافر للنابغة الذبياني (زياد بن معاوية) ، من قصيدة له في ديوانه (٧٥) ، يمدح فيها

٢٣٩

بعد :

فإن يهلك أبو قابوس يهلك

ربيع النّاس والشّهر الحرام (١)

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وجزم او نصب لفعل إثرفا

أو واو إن بالجملتين اكتنفا

إذا كان العطف (بالفاء أو الواو) (٢) على جملة الشّرط قبل الإتيان بجملة الجزاء ، فالمعطوف مكتنف بالجملتين ، ففيه وجهان :

الجزم : وهو الأشهر نحو : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف : ٩٠].

__________________

النعمان بن المنذر ، عند ما علم (وهو فار عند الغساسنة) بمرضه ، وعجزه :

أجبّ الظّهر ليس له سنام

ويروى : «ونمسك» ، و «وتمسك» بدل «ونأخذ» ، ويروى «بذناب عنس» بدل «بذناب عيش». والذناب : عقب كل شيء ، والعنس : الناقة القوية (اللسان : عنس) ، والأجب : الجمل المقطوع السنام. والشاهد في قوله : «ونأخذ» حيث عطف الفعل المضارع بالواو على جواب الشرط وهو «يهلك» الثاني في البيت الذي قبله ، وعليه جاز فيه ثلاثة أوجه : الجزم بالعطف على الجزاء ، والرفع على الاستئناف ، والنصب على تقدير «أن» ، والجزم أقوى من الرفع ، وهو أقوى من النصب.

انظر الكتاب مع الأعلم : ١ / ١٠٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٦٦ ، ٣ / ١٦٠٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١١ ، ٢ / ٢٤ ، شرح ابن الناظم : ٤٤٩ ، ٧٠٣ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٥٧٩ ، ٤ / ٤٣٤ ، شواهد السيرافي : ١ / ٢٨ ، شرح ابن يعيش : ٦ / ٨٣ ، ٨٥ ، الخزانة : ٩ / ٣٦٣ ، شواهد ابن النحاس : ٦٣ ، ٦٨ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ١٤٣ ، المقتضب : ٢ / ١٧٧ ، الإنصاف : ١ / ١٣٤ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٢٤ ، شواهد الجرجاوي : ٢٤٥ ، اللسان : (جبب ، ذنب) ، معاني الأخفش : ١ / ٦٠ ، حاشية يس : ٢ / ٨٠ ، شواهد المفصل والمتوسط : ٢ / ٤٥٨ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٩٧ ، كاشف الخصاصة : ٣٢٠.

(٧) في الأصل : ويأخذ. انظر المراجع الآتية.

(١) أبو قابوس كنية النعمان بن المنذر. قوله : «يهلك ربيع الناس» جعله بمنزلة الربيع في الخصب لكثرة عطائه وفضله. قوله : «والشهر الحرام» : أي : هو موضع آمن في كل مخافة لمستجير وغيره.

انظر ديوان النابغة الذبياني : ٧٥ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٤ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٥٧٩ ، ٤ / ٤٢٤ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ٢١ ، شواهد السيرافي : ١ / ٢٨ ، الخزانة : ٩ / ٣٦٥ ، شواهد الجرجاوي : ٢٤٥ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٢٤ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٩٧ ، كاشف الخصاصة : ٣٢٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٦٠٤.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ٢٥١.

٢٤٠