شرح ابن طولون - ج ٢

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

الباب الثامن والأربعون

الترخيم

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

التّرخيم

ترخيما احذف آخر المنادى

كيا سعا فيمن دعا سعادا

التّرخيم : عبارة عن حذف آخر الكلمة (١) ، واشتقاقه من الصّوت الرّخيم ، وهو الرّقيق (٢) ، ولا يستعمل في غير النّداء ، إلّا ضرورة ـ كما يأتي ـ.

ولا يرخّم فيه معرب ـ سواء كان نكرة أو مضافا ـ ، ولا محكيّ ، ولا مستغاث ، ولا متعجّب منه ، ولا مندوب.

وقد مثّله الناظم بقوله : «يا سعا» في نداء «يا سعاد» ، وكقراءة الأعمش (٣) : ونادوا يا مال (٤) [الزخرف : ٧٧].

__________________

(١) وقال ابن عصفور : وهو في اصطلاح النحويين حذف أواخر الأسماء في النداء. وقال المرتضى : حذف في آخر الاسم تحسينا أو تخفيفا حسب الاشتقاقين.

انظر في ذلك شرح ابن عصفور : ٢ / ١١٣ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٧٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٣٢ ، شرح المكودي : ٢ / ٤٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٤ ، الهمع : ٣ / ٧٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٤ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٩ ، الفوائد الضيائية : ١ / ٣٤١ ، التعريفات : ٥٦ ، معجم المصطلحات النحوية : ٩٢ ، معجم النحو : ٩٩.

(٢) قال الأزهري : وهو لغة : التسهيل والتليين ، يقال : صوت رخيم : أي : سهل لين. وقال المرتضى : وهو في اللغة التحسين ، قال :

لها بشر مثل الحرير ومنطق

رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر

والقطع ، كقولهم : «رخمت الدجاجة» إذا قطعت البيض.

انظر في ذلك التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٧٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٣٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧١ ، شرح المكودي : ٢ / ٤٩ ، الهمع : ٣ / ٧٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٣ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١١٣ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ١٩ ، اللسان (رخم) ، معجم المصطلحات النحوية : ٩٢.

(٣) هو سليمان بن مهران الأسدي بالولاء أبو محمد الكوفي الملقب بالأعمش ، تابعي جليل ، أحد القراء الأربع عشر ، أصله من بلاد الري ، ومنشؤه ووفاته في الكوفة ، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض ، ولد سنة ٦١ ه‍ ، وروى نحو (١٣٠٠) حديث وتوفي سنة ١٤٨ ه‍.

١٤١

وإنّما توسّع في ترخيم المنادى ، لأنّه قد تغيّر بالنّداء ، والتّرخيم تغيير ، والتّغيير يؤنس بالتّغيير (١).

ثمّ قال :

وجوّزنه مطلقا في كلّ ما

أنّث بالها والّذي قد رخّما

بحذفها وفّره (٢) بعد واحظلا

ترخيم ما من هذه الها قد خلا

إلّا الرباعيّ فما فوق العلم

دون إضافة وإسناد متم /

التّرخيم جائز مطلقا في كلّ ما أنّث بالهاء ، سواء كان لمذكّر (٣) ، كـ «طلحة» أو لمؤنّث ، كـ «عائشة» ، زائدا على ثلاثة أحرف ـ كما مثّل ـ ، أو ثلاثة ، كـ «ثبة» ، علما (ـ كما مثّل ـ) (٤) ، أو غير علم ، كـ «جارية».

ويرخّم ما هي فيه بحذفها ، كما مثّل بقولهم : «عائش يا لقومك» ، ويوفّر ما رخّم بحذفها ، فلا يحذف منه شيء بعد ذلك ، بل حرف اللّين إن كان قبلها بقي على حاله مطلقا.

ويحظل : أي : يمتنع ترخيم ما خلا من «هاء» التّأنيث ، إلّا إذا كان علما زائدا على ثلاثة أحرف ، خاليا (٥) من تركيبي : الإضافة والإسناد ، كـ «جعفر» من أعلام المذكّر ، و «زينب» من أعلام المؤنّث.

فلا يرخّم نحو «إنسان» لفقد العلميّة ، ولا نحو «زيد» ، لانتفاء الزّيادة

__________________

انظر ترجمته في طبقات ابن سعد : ٦ / ٢٣٨ ، تاريخ بغداد : ٩ / ٣ ، الأعلام : ٣ / ١٣٥ ، طبقات القراء : ١ / ٣١٥.

بكسر اللام ، وهي قراءة علي وابن مسعود أيضا. وفيه لغتان : يقال : «مال أقبل» بكسر اللام ، وهذا أفصح اللغتين ، ومن العرب من يقول : «يا مال أقبل» بضم اللام ، فيجعلون ما بقي اسما على حاله.

انظر القراءات الشاذة : ١٣٦ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ٢٢٨ ، إعراب النحاس : ٤ / ١٢١ ، أسرار العربية : ١٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٦.

(١) انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٧٢ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١١٣ ، شرح دحلان : ١٣٧ ، أسرار العربية : ٢٣٦ ، وراجع الأشباه والنظائر : ١ / ١٣٣ ـ ١٣٥.

(٢) في الأصل : وفر. انظر الألفية : ١٣٢.

(٣) في الأصل : المذكر.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٥) في الأصل : خال.

١٤٢

على الثّلاثة ، ولا تأثير لحركة وسطه ، كـ «حكم» (١) ، ولا نحو «عبد الله» (٢) ، لأنّه مضاف (٣) ، ولا نحو «برق نحره» ، لأنّ فيه إسنادا (٤).

ثمّ قال رحمه‌الله :

ومع الآخر احذف الّذي تلا

إن زيد لينا ساكنا مكمّلا

أربعة فصاعدا والخلف في

واو وياء بهما فتح قفي

إذا حذف الآخر للتّرخيم ، وكان ما قبله صحيحا ـ أقرّ ، فلم يحذف (٥) ، وإن كان معتلا ، وهو المراد بقوله : «لينا» حذف مع الآخر ، سواء كان واوا ، كـ «منصور» ، أو ياء ، كـ «مسلمين» ، أو ألفا ، كـ «مروان» ، وإنّما يحذف (٦) بشرطين :

أحدهما : أن يكون ساكنا.

الثّاني : أن يكون مكمّلا أربعة (٧) أحرف فصاعدا ـ كما مثّل ـ ، ومن وروده :

__________________

(١) هذا مذهب البصريين ، وإليه ذهب الكسائي من الكوفيين. وذهب الكوفيون إلى جواز ترخيم الاسم الثلاثي إذا كان أوسطه متحركا ، وذلك نحو قولك في «عنق» : «يا عن» ، وفي «كتف» ، «يا كت». ونقل ابن بابشاذ أن الأخفش وافق الكوفيين على ذلك ، وفي شرح ابن عصفور وغيره أن ذلك مذهب الفراء. وذهب بعضهم إلى أن الترخيم يجوز في الأسماء على الإطلاق.

انظر الإنصاف (مسألة : ٤٩) : ١ / ٣٥٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٣ ، الهمع : ٣ / ٨١ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٩ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١١٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٥ ، التسهيل : ١٨٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٥.

(٢) في الأصل : ولا نحو عبد الله. مكرر.

(٣) وأجازه الكوفيون بحذف آخر المضاف إليه ، كقوله :

خذوا حظكم يا آل عكرم واذكروا

وهو عند البصريين نادر. انظر الإنصاف (مسألة : ٤٨) : ١ / ٣٤٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٥ ، الهمع : ٣ / ٧٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٥ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٩.

(٤) في الأصل : إسناد.

(٥) وذهب الكوفيون إلى أن ترخيم الاسم الذي قبل آخره حرف ساكن يكون بحذفه وحذف الحرف الذي بعده ، وذلك نحو قولك في «قمطر» : «يا قم» ، وفي «سبطر» : «يا سب» ، وما أشبه ذلك ونسب للفراء.

انظر الإنصاف (مسألة : ٥٠) : ١ / ٣٦١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٧.

(٦) في الأصل تحذف.

(٧) في الأصل : لأربعة.

١٤٣

٢١١ ـ يا مرو إنّ (٢) مطيّتي محبوسة

 ...

فلو كان حرف اللّين الّذي يليه الآخر متحرّكا ، نحو «هبيّخ ، وقنوّر» (٣) إذا سمّيت بهما ـ / ويتصوّر ذلك في الألف المنقلبة عن متحرّك ، كـ «مختار ، ومنقاد» علمين ـ لم يحذف حرف اللّين في ذلك كلّه ، وكذا لو كان حرف اللّين ثالثا كـ «ثمود ، وسعيد ، وعماد» ـ لم يحذف.

وفي اشتراط كون ما قبل الواو والياء مجانسا لها ـ بأن يكون مكسورا (٤) قبل الياء ، ومضموما قبل الواو ـ خلاف :

فسيبويه والأكثرون يشترطون ذلك ، فلا يجيزون حذف حرف العلّة في نحو «فرعون ، وغرنيق» (٥) ، لأنّ ما قبل الواو والياء فيهما مفتوح (٦).

والفرّاء لا يشترط ذلك ، فيجيز حذفه (٧).

__________________

٢١١ ـ من الكامل للفرزدق من أبيات له في ديوانه (٤٨٢) يخاطب بها مروان بن الحكم وعجزه :

ترجو الحباء وربّها لم ييأس

ويروى :

مروان إنّ مطيّتي معكوسة

الحباء : العطاء. وأسند «ترجو» إلى المطية مجازا ، وأراد به نفسه. قوله : «وربها لم ييأس» أي : وصاحب المطية غير آيس من حبائك. والشاهد في قوله : «يا مرو» حيث رخم «مروان» ، فحذف منه الألف والنون ، لأنه بعد حذف النون بقي ما قبله حرف علة ـ وهو الألف ـ فحذف لسكونه ولكونه مكملا أربعة أحرف.

انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٧٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٦ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٩٢ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٣٣٧ ، جمل الزجاجي : ١٧٢ ، الحلل : ٢٣٩ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ١٨٧ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٢٢ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ٥٠٥ ، ٥٠٦ ، شواهد ابن النحاس : ٢٣٥ ، التبصرة والتذكرة : ٣٦٩ ، شرح الجمل لابن هشام : ٢٥٥ ، اللمع : ١٩٩ ، توجيه اللمع : ٢٧٧ ، أوضح المسالك : ٢٠٩.

(١) في الأصل : أ. بدل «إن». انظر المراجع المتقدمة.

(٢) في الأصل : ومستور. راجع التصريح : ٢ / ١٨٧. و «الهبيّخ» الغلام الممتلئ ، والقنوّر : الصعب اليبوس من كل شيء.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٧ ، اللسان : ٦ / ٤٦٠٢ (هبخ) ٥ / ٣٧٦٣ (قنور).

(٣) في الأصل : مكسور.

(٤) الغرنيق : طير من طيور الماء طويل العنق. انظر اللسان (غرنق) ، التصريح : ٢ / ١٨٧.

(٥) انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٧ ، الهمع : ٣ / ٨٥ ، البهجة المرضية : ١٣٨ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٨.

(٦) والجرمي أيضا ، وذكر أن ما ذهب إليه مذهب الأكثرين. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٨ ، الهمع : ٣ / ٨٥ ، البهجة المرضية : ١٣٨.

١٤٤

وإلى هذه المسألة أشار بقوله :

 ... والخلف في

واو وياء بهما فتح قفي

لأنّه لا يتصوّر قبلهما حركة غير مجانسة ، إلّا الفتحة ، فلا يتصوّر ضمّة قبل الياء ، ولا كسرة (١) قبل الواو.

ولا خلاف في الواو والياء من نحو «مصطفون ومصطفين» وإن كان قبلهما فتح ، لأنّ الحركة المجانسة فيهما مقدّرة ، وإنّما عدل إلى الفتح للّبس (٢) باسم الفاعل.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

والعجز احذف من مركّب وقل

ترخيم جملة وذا عمرو نقل

هذا القسم الثّاني من قسمي التّرخيم ، وهو ما تحذف منه الكلمة الأخيرة ، وهو المركّب تركيب مزج ، فإنّك تحذف عجزه ، فتقول في «معدي كرب ، وسيبويه» مرخّمين : «يا معدي ، ويا سيب» (٣).

وقلّ ترخيم الجملة المنقولة إلى العلميّة لحذف عجزها ، وهذا نقله عمرو أبو بشر إمام / النّحو الملقّب بـ «سيبويه» في باب النّسب في كتابه لا في باب التّرخيم (٤).

__________________

(١) في الأصل : ولا كثرة.

(٢) في الأصل : اللبس.

(٣) وقال ابن كيسان : لا يجوز حذف الثاني من المركب ، بل إن حذفت الحرف أو الحرفين فقلت : «يا بعلب ويا حضرم» لم أر به بأسا ، والمنقول أن العرب لم ترخم ـ أي : المركب ـ ، وإنما أجازه النحويون. ومنع الفراء ترخيم المركب من العدد إذا سمي به. ومنع أكثر الكوفيين ترخيم ما آخره «ويه» ، وذهب الفراء إلى أنه لا يحذف مه إلا الهاء ، فتقول : «يا سيبوي» ، ونسب إليه أنه قال : ثم تقلب الياء ألفاء فيقال : «يا سيبوا».

انظر شرح المرادي : ٤ / ٥٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، الهمع : ٣ / ٨٢ ـ ٨٣.

(٤) انظر الكتاب : (٢ / ٨٨) ونص في باب الترخيم على المنع فقال (١ / ٣٤٢): «واعلم أن الحكاية لا ترخم لأنك لا تريد أن ترخم غير منادى وليس مما يغيره النداء ، وذلك نحو «تأبط شرا وبرق نحره» وما أشبه ذلك». انتهى. قال ابن مالك : وأكثر النحويين لا يجيزون ترخيم المركب المضمن إسنادا كـ «تأبط شرا» وهو جائز ، لأن سيبويه حكى ذلك في بعض أبواب النسب فقال : «تقول في النسب إلى «يا تأبط شرا» : تأبطي ، لأن من العرب من يقول : «يا تأبط» ، ومنع ترخيمه في باب الترخيم ، فعلم بذلك أن منع ترخيمه كثير ، وجواز ترخيمه قليل. انتهى.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٩ ، شرح دحلان : ١٣٨ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٠ ، شرح المرادي : ٤ / ٥٠.

١٤٥

ثمّ قال :

وإن نويت بعد حذف ما حذف

فالباقي استعمل بما فيه ألف

واجعله إن لم ينو محذوف كما

لو كان بالآخر وضعا تمّما

إذا رخّم المنادى ، فلك فيما بقي منه (١) وجهان :

أحدهما : أن ينوى المحذوف ، فيترك الباقي على ما كان عليه قبل الحذف من حركة أو سكون ، فتقول : «يا جعف ، ويا منص ، ويا حار ، ويا هرق» (٢) بفتح الأوّل ، وضمّ الثّاني ، (وكسر) (٣) الثّالث ، وإسكان الرّابع.

والثّاني : أن لا ينوى المحذوف ، بل تجعل ما بقي بمنزلة الاسم المستقلّ الّذي تمّ وضعه بالحرف الأخير منه ، فتبنيه على الضّمّ مطلقا ، وتجعل الضّمّة في «يا منص» حادثة للبناء.

والأوّل أكثر في (٤) الاستعمال.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

فقل على الأوّل في ثمود يا

ثمو ويا ثمي على الثّاني بيا

إنّما قلت على الوجه الأوّل «يا ثمو» ، لأنّ المحذوف كالملفوظ به ، فليست الواو آخرا (٥).

وأمّا على الثّاني ، فتقلب الواو ياء ، والضّمّة الّتي قبلها كسرة ، لأنّه ليس في كلامهم اسم معرب آخره واو لازمة ، قبلها ضمّة ، وقد يوجد ذلك في الفعل ، كـ «يغزو» ، وفي المبنيّ ، كـ «هو» ، وفيما واوه غير لازمة ، كـ «أبوه» ، ومع سكون ما قبل الواو ، كـ «عدو» ، فلذلك قلبت الواو ياء ، كما قلبت في جمع «دلو» مع أنّ قيامه (٦) «أدلو» على وزن «أفعل» ، واللّام واو.

ولذلك تقول على الأوّل : «يا علاو» (٧) ترخيم «علاوة» ، لأنّ / الواو ليست آخرا في التّقدير.

وتقول على الثّاني : «يا علاء» (٨) ، بإبدال الواو همزة ، لوقوعها آخرا بعد ألف ، كـ «كساء».

__________________

(١) في الأصل : فيه.

(٢) في الأصل : ويا هو. راجع التصريح : ٢ / ١٨٨.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٤) في الأصل : من.

(٥) في الأصل : جزا.

(٦) في الأصل : يقاسه.

(٧) في الأصل : علا. راجع شرح الأشموني : ٣ / ١٨٢.

(٨) في الأصل : علاه. راجع شرح الأشموني : ٣ / ١٨٢.

١٤٦

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

والتزم الأوّل في كمسلمه

وجوّز الوجهين في كمسلمه

ما رخّم بحذف تاء التّأنيث ، فلك في آخره من مراعاة المحذوف وعدم مراعاته وجهان كغيره ، فتقول في «مسلمة» على الأوّل : «يا مسلم» ـ بالفتح ـ ، وعلى الثّاني : «يا مسلم» ـ بالضّمّ ، وكذلك تقول : «يا فاطم» ، ويا فاطم» ، إلّا أن يعرض (١) بسبب عدم مراعاة المحذوف لبس ، كما في نحو «مسلمة ، وقائمة» ، ونحوهما من صفات المؤنّث ، كـ «حارثة ، وحفصة» ، ونحوهما من أعلامه ، فإنّه يجب إبقاء أواخرها كلّها على الفتح ، لما يعرض من الضّمّ من التباسها بصفة المذكّر ، أو غيره (٢)(٣).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ولاضطرار رخّموا دون ندا

ما للنّدا يصلح نحو أحمدا

يرخّم غير المنادى في ضرورة الشّعر ، لكن بشرط صلاحيّته للنّداء ، نحو «أحمد» وغيره من الأعلام ، فلو لم يصلح لمباشرة حرف النّداء له ، كـ «الغلام» ـ لم يرخّم.

ومن شرطه أيضا أن يصلح للتّرخيم في النّداء ، فلا يرخّم مضاف ، ولا ثلاثيّ ، إلّا أن يكون مختتما (٤) بالتّاء ، ثمّ لك أن تجعله بعد ترخيمه كالمستقلّ ، فتعرب ما بقي بما يقتضيه العامل ، وهو الأكثر (٥) ، كقوله :

__________________

(١) في الأصل : يعوض.

(٢) في الأصل : أو عدمه.

(٣) وذلك كأن يلزم بتقدير تمامه الأداء إلى عدم النظير ، كما لو رخم «طيلسان» بكسر اللام ، فإنه لو قدر تماما لزم وجود «فيعل» بكسر العين في الصحيح ، وهو بناء مفقود إلا ما ندر من «صيقل» اسم امرأة ، و «بيئس» في قراءة. ومن ذلك «حبلوى وحمراوى» فإنهما لو رخما على هذا الوجه لقيل فيهما «يا حبلى ويا حمرا» فيلزم من ذلك ثبوت ما لا نظير له ، وهو كون ألف «فعلى» وهمزة «فعلاء» مبدلتين من واو ، وهما لا يكونان إلا للتأنيث. وهذا سبب مختلف فيه ، وممن ذهب إلى اعتباره الأخفش والمازني والمبرد ، ونقل عنهم في ترخيم «حبلوى» ، ونقل عن الأخفش في «طيلسان» ونقله ابن إصبع عن كثير من النحويين.

وذهب السيرافي وغيره إلى عدم اعتباره فأجاز الترخيم في ذلك.

انظر شرح المرادي : ٤ / ٥٥ ـ ٥٦ ، المقتضب : ٤ / ٤ ـ ٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٦٥ ، الهمع : ٣ / ٩٠ ، شرح دحلان : ١٣٩.

(٤) في الأصل : مختما.

(٥) وهذا الوجه في الضرورة مجمع على جوازه. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧١ ، شرح المرادي : ٤ / ٥٦ ، التسهيل : ١٨٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٤ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٢ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٦.

١٤٧

٢١٢ ـ مررت بعقب وهو قد ذلّ للعدا

 ...

ولك أن تنوي المحذوف / فتتركه على حاله (٢) ، كما هو الأرجح في النّداء ، كقوله :

٢١٣ ـ ...

وأضحت (٤) منك شاسعة أماما

أصله : أمامة.

__________________

٢١٢ ـ من الطويل ، ولم أعثر على قائله ، وعجزه :

فعدّوا لقائي له خير ناصر

عقب : ترخيم عقبة ، وفيه الشاهد ، حيث بقي الاسم بعد ترخيمه كالمستقل ، وأعرب بما يقتضيه العامل ، وهو الأكثر.

انظر المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل : ٢ / ٥٦٠ ، السراج المنير شرح الجامع الصغير لأبي الفداء الزبيدي : ص ٥٤٤ (مخطوط).

(١) وإلى جواز ذلك ذهب سيبويه وجمهور البصريين ، ومنعه المبرد. انظر الكتاب : ١ / ٣٤٢ ، التسهيل : ١٩٠ ـ ١٩١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧١ ، شرح المرادي : ٤ / ٥٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٤ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٩ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٢٥ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٣ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٦.

٢١٣ ـ مطلع قصيدة من الوافر لجرير بن عطية الخطفي في ديوانه (٥٠٢) ، يمدح فيها هشاما ، وصدره :

ألا أضحت حبالكم رماما

ويروى :

أصبح حبل وصلكم رماما

وما عهد كعهدك يا أماما

حبالكم : جمع حبل ، يريد به العهد. رماما : جمع رمة ، وهي القطعة البالية من الحبل.

شاسعة : بعيدة. والمعنى : يقول للمخاطبين : ما كان بيني وبينكم من أسباب التواصل قد انقطع ، ثم رجع إلى نفسه يخاطبها فقال : وأضحت منك أمامة بعيدة ، فليس في الاجتماع بها مطمع. والشاهد في قوله : «أماما» حيث جاء على لغة من لم ينو المحذوف ، ـ وهي غير منادى ـ فبقيت حركة الحرف الأخير منه بعد ترخيمه ـ وهو الفتح ـ على ما كانت عليه قبل الترخيم ، وهو الأرجح في النداء. وقد ذهب إلى ذلك سيبويه وجمهور البصريين ، ومنعه المبرد وروى البيت برواية :

وما عهد كعهدك يا أماما

على غير الضرورة. قال ابن مالك : والإنصاف يقتضي تقرير الروايتين ولا تدفع إحداهما بالأخرى.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٠ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٨٢ ، ٣٠٢ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٣٤٣ ، الخزانة : ٢ / ٣٦٣ ، نوادر أبي زيد : ٢٠٧ ، جمع الزجاجي : ١٧٤ ، الحلل : ٢٤٨ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ١٢٦ ، ٢ / ٧٩ ، ٩١ ، الإنصاف : ٣٥٣ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٧٣ ، شرح ابن النحاس : ٢٣٧ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٥٨ ، الضرائر : ١٣٨ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٢٤ ، ٥٧١ ، كاشف الخصاصة : ٢٧٥ ، شرح الجمل لابن هشام : ٢٥٧ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٢٩٦ ، أسرار العربية : ٢٤٠.

(٢) في الأصل : أوضحت. انظر المصادر المتقدمة.

١٤٨

الباب التاسع والأربعون

الاختصاص

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

الاختصاص (١)

الاختصاص كنداء دون يا

كأيّها الفتى بإثر ارجونيا

الباعث على الاختصاص إمّا فخر ، نحو : «بي أيّها الشجاع فدافع».

وإمّا تواضع ، نحو «إنّي أنا العبد الفقير إلى عفو ربّي».

وإمّا تأكيد ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» (٢).

__________________

(١) الاختصاص في الأصل مصدر اختصصته بكذا أي : خصصته به. وفي الاصطلاح : تخصيص حكم علق بضمير ما تأخر عنه من اسم ظاهر معروف. قاله الأزهري. وقال المرادي : هو ما جيء به على صورة هي لغيره توسعا ، كما يرد الأمر بصيغة الخبر ، والخبر بصيغة الأمر. وقال الأشموني : هو قصر الحكم على بعض أفراد المذكور ، وهو خبر كنداء.

انظر التصريح علي التوضيح : ٢ / ١٩٠ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٥ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٥٥ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٦ ، معجم المصطلحات النحوية : ٧٤ ، معجم مصطلحات النحو : ١٢٢ ، معجم النحو : ٣.

(٢) لم أجد الحديث بهذه الرواية فيما اطلعت عليه من كتب الحديث ، وما وجدته فيها بلفظ : «لا نورث ما تركنا صدقة».

انظر صحيح البخاري : ٨ / ١٨٥ ، صحيح مسلم رقم : ١٧٥٩ ، سنن أبي داود رقم : ٢٩٦٣ ، ٢٩٦٨ ، سنن الترمذي رقم : ١٦١٠ ، مسند أحمد : ١ / ٤ ، ٦ ، سنن البيهقي : ٦ / ٣٠ ، ٣٠٢ ، جمع الجوامع للسيوطي : ١ / ١١٦٨. وفي فتح الباري (١٢ / ٨) قال ابن حجر : «وأما ما اشتهر في كتب أهل الأصول وغيرهم بلفظ : «نحن معاشر الأنبياء» فقد أنكره جماعة من الأئمة ، وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ «نحن» ، لكن أخرجه النسائي من طريق ابن عيينة عن أبي الزناد بلفظ «إنا معاشر الأنبياء لا نورث». انتهى. وهو برواية المؤلف في شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٤ ، شرح المكودي : ٢ / ٥٦ ، الهمع : ٣ / ٣١ ، الجامع الصغير لابن هشام : ١٠٤ ، كاشف الخصاصة : ٢٧٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٧ ، شرح دحلان : ١٣٩ ، ١٤٠ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٥ ، مغني اللبيب : ٥٠٧ ، ٧١٤ ، ٨٩٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٧ ، وروي : «إنا معاشر الأنبياء لا نورث» في التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩١ ، اللسان (ورث).

١٤٩

ولا يقع إلّا بعد ضمير المتكلّم : إمّا متّصلا ، وإمّا منفصلا ـ كما ترى ـ.

ويعامل الاسم في الاختصاص بما يعامل به في النّداء.

وأكثر ما يكون الاختصاص بـ «أيّ» ، أو تأنيثها ، فيبنيان على الضّمّ ، لشبههما بالمنادى ، مردوفان بـ «هاء» مقحمة للتّنبيه ، متبعان بصفة لازمة واجبة الرّفع ، متّصلة بـ «أل» الجنسيّة ، نحو «أنا أيّها الرّجل أولى بالجميل» ، و «اللهمّ اغفر لنا أيّتها العصابة» (١)(٢).

ويفارق النّداء في أنّه لا يستعمل معه حرف النّداء ، ولا يقع في ابتداء الكلام ، وإنّما يقع في أثنائه ، وبعد تمامه ـ كما مثّل ـ ، وينتصب مع الإفراد ، وتدخل عليه الألف واللّام قياسا ، ولا يأتي علما.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وقد يرى ذا دون أيّ تلو أل

كمثل نحن العرب أسخى من بذل

قد يرى الاختصاص دون «أيّ» ، فيكون اسما ، مفردا ، تاليا لـ «أل» ، كمثل : «نحن العرب أسخى من بذل» ، وقد يأتي مضافا إلى متلبّس بـ «أل» ، كمثل : «نحن / معاشر الأنبياء لا نورث» (٣) ، ويجب نصبه في المثالين بفعل محذوف لا يظهر ، تقديره : أخصّ ، وليس نصبه بحرف النّداء مقدّرا ، لامتناع تقدير الحرف مع «أل» في مثل : «نحن العرب».

__________________

(١) هذا من قول العرب. انظر الكتاب : ١ / ٤٨٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٤ ، كاشف الخصاصة : ٢٧٦ ، الهمع : ٣ / ٢٩ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٢ ، المسائل المنثورة : ١٩٦ ، مغني اللبيب : ٨٩١.

(٢) و «أيها» و «أيتها» في موضع نصب بـ «أخص» مضمرا عند الجمهور. وذهب الأخفش إلى أنه منادى. قال : «ينكر أن ينادي الإنسان نفسه ، ألا ترى إلى قول عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه : «كل الناس أفقه منك يا عمر». انتهى. وذهب السيرافي إلى أن «أيها» في الاختصاص معربة وأنها تحتمل وجهين :

أحدهما : أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف ، والتقدير : أنا أفعل كذا هو أيها الرجل ، أي : المخصوص به.

والثاني : أن تكون مبتدأ والخبر محذوف ، والتقدير : أيها الرجل المخصوص أنا المذكور.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٦٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٠ ـ ١٩١ ، الهمع : ٣ / ٢٩ ـ ٣٠.

(٣) الحديث تقديم تخريجه في ص ١٤٩ / ٢.

١٥٠

الباب الخمسون

التحذير والإغراء

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

التّحذير والإغراء

إيّاك والشّرّ ونحوه نصب

محذّر بما استتاره وجب

الفرق بين التّحذير والإغراء ـ أنّ التّحذير : تنبيه المخاطب على أمر مكروه ليجتنبه (١) ، والإغراء : تنبيه المخاطب على أمر محبوب ليرتكبه (٢).

وإذا ذكر المحذّر بلفظ «إيّا» وجب استتار النّاصب له وللمحذّر منه (٣) ، سواء كان المحذّر (٤) معطوفا (عليه) (٥) بالواو ، نحو «إيّاك والشّرّ» ، أو غير (٦)

__________________

(١) وقال السيوطي : هو إلزام المخاطب الاحتراز من مكروه بـ «إيا» أو ما جرى مجراه. انتهى. وهو في اللغة : تخوف شيء من شيء وتبعيده منه.

انظر الهمع : ٣ / ٢٤ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٧ ، الفوائد الضيائية : ١ / ٣٦٥ ، شرح الرضي : ١ / ١٨٠ ، معجم المصطلحات النحوية : ٦١ ، معجم النحو : ٩٦.

(٢) وقال ابن مالك : «ومعنى الإغراء : إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد العكوف عليه في مواصلة ذوي القربى والمحافظة على عهود المعاهدين ونحو ذلك». انتهى. وهو في الأصل مصدر أغريت ، يقال : أغريت الكلب بالصيد إذا أرشته عليه وحرضته وسلطته.

انظر شرح المرادي : ٤ / ٧٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٩ ، الهمع : ٣ / ٢٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، معجم المصطلحات النحوية : ١٦٥ ، معجم مصطلحات النحو : ٢٢٤ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٦٤٠ ، اللسان (غرا).

(٣) في الأصل : المحذر منه. والواو. ساقط. قال الشاطبي في شرحه (٢ / ٦٤٠ ـ رسالة دكتوراه) : «فإنك إن أتيت بـ «إيا» معطوفا عليها أو غير معطوف عليها فالفعل لازم الإضمار ، وهو الناصب لهما». انتهى.

(٤) في الأصل : المحذر منه.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ١٩٢.

(٦) في الأصل : وغير.

١٥١

معطوف ، نحو «إيّاك الأسد ، وإيّاك (١) من الأسد» أو مكرّرا ، نحو :

٢١٤ ـ إيّاك إياك المراء ...

 ...

فإنّ تقدير العامل (لا) (٣) يختلف في ذلك ، فتقدير الأوّل : احذر تلاقي نفسك والشّرّ (٤) ، ثمّ حذف المضاف الأوّل ـ وهو «تلاقي» ـ ، وأقيم الثّاني مقامه ، ثمّ حذف الثّاني ، وأقيم الثالث ـ وهو الضّمير ـ مقامه ، فانتصب (٥) ، فعطف عليه بالنّصب ، ثمّ حذف الفعل ، فانفصل الضّمير (٦).

وكذلك تقدير الثّاني (٧) والثالث (٨) ، إلّا أنّه كرّر فيه (٩) الضّمير تأكيدا (١٠).

__________________

(١) في الأصل : الواو. ساقط.

٢١٤ ـ من الطويل للفضل بن عبد الرحمن القرشي ، قاله لابنه القاسم ، وتمامه :

إيّاك إيّاك المراء فإنّه

إلى الشّرّ دعّاء وللشّر جالب

وقد تقدم الكلام عليه في صفحة ٧٢ / ٢. والشاهد في قوله : «إياك إياك» حيث ذكر المحذر بلفظ «إيا» مكررا ، وهو المحذر منه منصوبان بفعل واجب الحذف ، والتقدير : جنب نفسك المراء. وعند سيبويه أن نصب المراء بإضمار فعل لأنه لم يعطف على «إياك» ، والتقدير : اتق المراء ، كما يقدر فعلا آخر ينصب «إياك». وقال المازني : لما كرر «إياك» مرتين ، كان أحدهما عوضا من الواو. وابن أبي إسحاق ينصب المراء على أن أصله : إياك من المراء ، فحذف حرف الجر لما كان المراء بمعنى : أن تماري.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٣) في الأصل : والأسد. راجع الأشموني : ٣ / ١٨٨.

(٤) في الأصل : فانفصل. راجع التصريح : ٢ / ١٩٣٠.

(٥) وقيل : يجب تقدير الناصب بعد «إياك» والأصل : «إياك احذر» ، لأنه لو قدر قبله لاتصل به ، فقيل : احذرك ، فيلزم تعدي فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل ، وذلك خاص بأفعال القلوب وما ألحق بها. واختلف في إعراب ما بعد الواو على أقوال : فقيل : هو معطوف على «إياك» والتقدير : احذر نفسك أن تدنو من الشر ، والشر أن يدنو منك ، وهذا مذهب كثير منهم السيرافي واختاره ابن عصفور. وذهب ابن طاهر وابن خروف إلى أن ما بعد الواو منصوب بفعل آخر محذوف ، فهو عندهما من قبيل عطف الجمل. واختار ابن مالك في شرح التسهيل قولا ثالثا : وهو أن يكون معطوفا عطف مفرد على تقدير : اتق تلافي نفسك والشر ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٢ ـ ١٩٣ ، الهمع : ٣ / ٢٥ ـ ٢٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٦ ـ ٦٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٨ ـ ١٩٠ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٥٧ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٢٨١.

(٦) الثاني : هو كون المحذر غير معطوف عليه بالواو ، نحو «إياك الأسد» و «إياك من الأسد».

وقد اختلف في تحقيق العامل المحذوف : فقيل : عامله فعل متعد لاثنين ، والتقدير : جنب نفسك الأسد ، وجنب نفسك من الأسد أو أحذرك الأسد ، وأحذرك من الأسد ، وإليه ذهب أبو البقاء ، وتبعه ابن الناظم. وقال الجمهور : عامله فعل متعد لواحد ، والأصل في «إياك من الأسد» : باعد نفسك من الأسد ، ثم حذف «باعد» وفاعله المستتر فيه ، فصار : نفسك من

١٥٢

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ودون عطف ذا لإيّا انسب وما

سواه ستر فعله لن يلزما

إلّا مع العطف أو التّكرار

كالضّيغم الضّيغم يا ذا السّاري

قد تقرّر أنه مع العطف يكون العامل فيهما مضمرا ، فبدون العطف / يكون العامل في «إيّا» واجب الاستتار أيضا.

وما سوى التّحذير بـ «إيّا» إن كان مفردا ، غير معطوف ـ لم يجب ستر العامل فيه ، سواء ذكرت المحذّر ، نحو «رأسك» ، أو المحذّر منه (١) ، نحو «الأسد» فيجوز ظهور العامل فيهما ، ومنه :

٢١٥ ـ خلّ الطّريق لمن يبني المنار به

 ...

وإن كان مكرّرا ، نحو «الضّيغم الضّيغم» يريد : الأسد الأسد ، أو معطوفا

__________________

الأسد ، وحذف المضاف ، وهو «نفس» ، فانفصل الضمير ، وانتصب ، فصار «إياك من الأسد» ، فـ «إياك» منصوب «باعد» محذوفا ، و «من الأسد» متعلق بذلك المحذوف. وعلى هذا القول يمتنع نحو «إياك الأسد» لما يلزم عليه من حذف «من» ونصب المجرور ، وهو غير مطرد إلا مع «أن» بتشديد النون ، و «أن» بسكونها ، و «كي».

انظر في ذلك المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل : ٢ / ٥٧٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٣ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٩ ، شرح الرضي : ١ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٣٠٥.

(٧) وهو كون المحذر مكررا نحو «إياك إياك المراء».

(٨) أي : في الثالث.

(٩) في الأصل : تأكيد.

(١) في الأصل : والمحذر منه.

٢١٥ ـ من البسيط لجرير الخطفي من قصيدة له في ديوانه (٢٨٤) يخاطب بها عمرو بن لجأ التميمي ، وعجزه :

وابرز ببرزة حيث اضطرّك القدر

والمعنى : تنح عن طريق الفضل والشرف والفخر وخله لمن هو أحق منك به ممن يعمره ويبني مناره ، وابرز ببرزة إلى حيث اضطرك القدر من اللؤم والضعة وبرزة : إحدى جدات عمرو بن لجأ فعيره بها. والشاهد في قوله : «خل الطريق» حيث أظهر فيه الفعل الناصب ـ وهو «خل» ـ مع ذكر المحذر منه وهو الطريق.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، التبصرة والتذكرة : ٢٦٣ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩١ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٠٧ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ١٢٨ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ٣٤٢ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٣٠ ، اللسان (برز) ، أوضح المسالك : ٢١٣.

١٥٣

عليه نحو «رأسك والسّيف» أو عطف أحد المحذّر منهما على الآخر ، كـ (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها)(١) [الشمس : ١٣] ، فاستتار الفعل النّاصب في ذلك كلّه واجب ، كما يجب مع «إيّا» (٢).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وشذّ إيّاي وإيّاه أشذ

وعن سبيل القصد من قاس انتبذ

«إيّا» المستعملة في التّحذير (هي) (٣) المردفة بالكاف التي للخطاب نحو «إيّاك ، وإيّاك ، وإيّاكما ، وإيّاكم ، وإيّاكنّ».

وشذّ استعماله مردوفا بما يدلّ على التّكلّم ، كقول عمر رضي‌الله‌عنه : «وإيّاي ونعم ابن عفّان» (٤).

__________________

(١) والتقدير : احذروا ناقة الله وسقياها. انظر شرح دحلان : ١٤٠.

(٢) وأجاز بعضهم إظهار العامل مع المكرر ، وقال الجزولي : يقبح فيه الإظهار ولا يمتنع.

انظر شرح المرادي : ٤ / ٦٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩١ ، الهمع : ٣ / ٢٤.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٤) روى البيهقي في سننه (٦ / ١٤٦ ـ ١٤٧) أن عمر رضي‌الله‌عنه استعمل مولى له يدعى هنيا على الحمى فقال له : «يا هني اضمم جناحك عن المسلمين واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة ، وادخل الصريمة والغنيمة ، وإياي ونعم ابن عفان ونعم ابن عوف ، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع ... الخ». وروي بلفظ : «إياي ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان» في صحيح البخاري : ٤ / ٨٧ ، فتح الباري : ٦ / ١٧٥ ، جمع الجوامع للسيوطي (مسند عمر) : ١ / ١١٤٧ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ١٥٨. ومثله قول عمر رضي‌الله‌عنه أيضا : «لتذك لكم الأسل والرّماح والسّهام وإيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب». فقيل الكلام جملتان ، ثم قال الزجاج أصله : «إياي وحذف الأرنب وإياكم وحذف الأرنب» ، فحذف من كل جملة ما أثبت في الأخرى ، وقال الجمهور أصله : «إياي باعدوا عن حذف الأرنب ، وباعدوا أنفسكم أن يحذف أحدكم الأرنب» ، ثم حذف من الأول المحذور ، وهو حذف الأرنب ـ وحذف من الثاني المحذر ـ وهو باعدوا أنفسكم. وقيل : الكلام جملة واحدة ، ثم اختلف. فقيل : حذفت أربعة أشياء ، وأصله : «إياي باعدوا عن حذف الأرنب وحذف الأرنب عني» ، فحذف فعل وفاعل ومفعول مقيد وما عطف على هذا المفعول المقيد ، فإن الواو عطفت شيئين على شيئين. وقال السيرافي : حذف شيئين فقط وأصله : «باعدوني وحذف الأرنب». قال الأزهري : «ولا يخفى ما في هذه الأقوال من الضعف».

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٤ ، الكتاب : ١ / ١٣٨ ، شرح الأشموني : ١٩١ ـ ١٩٢ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٣٠٧ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٨ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٩.

١٥٤

وأشذّ منه اتّصاله بما يدلّ على الغائب ، وأشذّ منه اتّصاله (١) باسم ظاهر ، وقد اجتمعا في قول بعضهم : «إذا بلغ الرّجل السّتين ، فإيّاه وإيّا الشّوابّ» (٢).

(ولا) (٣) ينقاس شيء من ذلك إلّا مع الخطاب (٤).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وكمحذّر بلا إيّا اجعلا

مغرى به في كلّ ما قد فصّلا

أي : حكم المغرى به حكم المحذّر منه ، إذا لم يكن معه «إيّا» ، فيلزم ستر العامل فيه مع العطف ، نحو «السّلاح والخيل» ، ومع التّكرار ، نحو :

٢١٦ ـ أخاك / أخاك إنّ من لا أخا له

 ....

__________________

(١) في الأصل : انفصاله.

(٢) الشواب جمع شابة ، وهي المرأة الصغيرة ، ويروى : «السوآت» جمع «سوأة». والمعنى : إذا بلغ الرجل ستين سنة فلا يتولع بشابة ، أو لا يفعل سوأة. قال الأزهري : والكلام جملة واحدة ، والتقدير : فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب ، فحذف الفعل وفاعله ثم المضاف الأول ، وأنيب عنه الثاني ، ثم الثاني وأنيب عنه الثالث ، فانتصب وانفصل ، وأبدل «أنفس» بـ «إيا» لأنها تلاقيها في المعنى.

انظر الكتاب : ١ / ١٤١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٨ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٠٠ ، اللسان (إيا) ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٢ ، الإنصاف : ٦٩٥ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٥٦ ، سر الصناعة : ١ / ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، الهمع : ١ / ٢١٢ ، ٣ / ٢٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٧١.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٤) قال الأشموني : «ظاهر كلام التسهيل أنه يجوز القياس على «إياي وإيانا» ، فإنه قال : «ينصب محذر «إياي وإيانا» معطوفا عليه المحذور ، فلم يصرح بشذوذ وهو خلاف ما هنا». انتهى.

انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٩٢ ، التسهيل : ١٩٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٢.

٢١٦ ـ من الطويل لمسكين الدارمي (ربيعة بن عامر) من مقطوعة له في ديوانه (٢٩) ، وعجزه :

كساع إلى الهيجا بغير سلاح

ونسب لإبراهيم بن هرمة في ملحقات ديوانه (٢٦٣). ويروى : «البيدا» بدل «الهيجا».

والهيجا : الحرب ، تمد وتقصر ، وهي هنا مقصورة. والشاهد في قوله : «أخاك» حيث نصب المغرى به وهو مكرر بفعل مضمر تقديره : الزم أخاك ، وهذا الإضمار لازم ، وكذلك التقدير في «أخاك» الثاني.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٨٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٥٨ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٠٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٢ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ١٢٩ ، الخصائص : ٢ / ٤٨٠ ، الخزانة : ٣ / ٦٥ ، شذور الذهب : ٢٢٢ ، شواهد

١٥٥

وتقدير العامل : الزم.

ولا يلزم ستر العامل دونهما (١) ، نحو «الصّلاة جامعة» ، فإنّ تقديره : احضروا ، ولو ظهر جاز ، و «جامعة» منصوب على الحال من «الصّلاة» ، ولو رفعا على الابتداء والخبر جاز (٢).

__________________

الفيومي : ٧٢ ، الهمع (رقم) : ٦٥٢ ، ١٥٦٥ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٤٦ ، ٢ / ١٥٨ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ١٢٧ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٩ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٣ ، شرح دحلان : ١٤١ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٢٦٢ ، ٢ / ٣٦٦ ، الإفصاح : ١٤٦ ، أوضح المسالك : ٢١٣ ، فتح رب البرية : ٢ / ٧٤ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٦١٦.

(١) أي : دون عطف أو تكرار.

(٢) قال المرادي : «قد يرفع المكرر في الإغراء والتحذير ، كقوله :

لجديرون بالوفاء إذا قا

ل أخو النّجدة السلاح السّلاح

وأجاز الفراء الرفع في (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) على إضمار «هذه» انتهى.

انظر شرح المرادي : ٤ / ٧٣ ، معاني الفراء : ٣ / ٢٦٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٨١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٣.

١٥٦

الباب الحادي والخمسون

أسماء الأفعال والأصوات

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

أسماء الأفعال والأصوات

ما ناب عن فعل كشتّان وصه

هو اسم فعل وكذا أوّه ومه

هذا المبوّب عليه داخل في قسم الأسماء عند البصريّين (١) ، لدخول التّنوين عليهما من غير ضرورة ، وأفعال عند الكوفيّين (٢) ، للزومها الإسناد.

وقيل : ما سبق استعماله في ظرفيّة ، أو مصدريّة باق على اسميّته (٣) ، كـ «دونك زيدا ، وفرطك (٤) زيدا» (٥) ، وما عداه فعل كـ «نزال» (٦).

وقيل : بل قسم مستقل يسمّى : خالفة (٧).

واسم الفعل : هو ما ناب عن الفعل معنى واستعمالا (٨).

__________________

(١) انظر الكتاب : ٢ / ١٥٨ ، المقتضب : ٣ / ٢٠٢ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٠٩ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٥ ، الهمع : ٥ / ١٢١ ، شرح المكودي : ٢ / ٥٩ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٦٥٨.

(٢) انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٥ ، الهمع : ٥ / ١٢١ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٩ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٥٩ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٦٥٨ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٠٩.

(٣) في الأصل : اسمية.

(٤) في الأصل : طرفك.

(٥) فـ «دونك» بمعنى : خذ ، و «فرطك» بمعنى : تقدم. انظر الهمع : ٥ / ١٢٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٨.

(٦) انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٩٥ ـ ١٩٦.

(٧) قال بهذا ابن صابر. ومعنى خالفة : خليفة الفعل ونائبه في الدلالة على معناه.

انظر الأشموني مع الصبان : ٣ / ١٩٦ ، الهمع : ٥ / ١٢١ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٩٥ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٠٩.

(٨) وقال ابن مالك : «أسماء الأفعال ألفاظ تقوم مقامها غير متصرفة بتصرفها ولا تصرف الأسماء». انتهى.

١٥٧

والمراد بالاستعمال : جريانه كالفعل في عدم التّأثّر بالعوامل ، وبذلك خرجت (١) المصادر والصّفات العاملة ، فإنّها تتأثّر بالعوامل.

وينقسم إلى :

ـ نائب عن الماضي كـ «شتّان» بمعنى : افترق (٢) ، ولذلك لا يسند إلّا إلى متعدّد ، إمّا بعطف ، نحو «شتّان زيد وعمرو» ، أو بضمّ ، كـ «شتّان القوم» (٣).

ومنه : «شتّان ما بين زيد وعمرو» ، لأنّ «ما» موصولة بمعنى : الأمكنة (٤).

وقيل : «ما» ، و «بين» زائدتان (٥).

ـ وإلى نائب عن الأمر ، كـ «صه» بمعنى : اسكت ، و «مه» بمعنى : اكفف ، ولا يسند إلى ظاهر.

__________________

انظر التسهيل : ٢١٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٩ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٥ ، الهمع : ٥ / ١١٩ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٢٥٦ ، الفوائد الضيائية : ٢ / ١١١ ، معجم النحو : ٢٠.

(١) في الأصل : جر.

(٢) كذا أطلقه الجمهور ، وقيده الزمخشري بكون الافتراق في المعاني والأحوال ، كالعلم والجهل والصحة والسقم ، فلا يستعمل في غير ذلك ، فلا يقال : شتان الخصمان عن مجلس.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٦ ، المفصل : ١٦١ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ٦٨ ، حاشية الصبان : ٣ / ١٩٧ ، حاشية الخضري : ٢ / ٩٠.

(٣) وفسر بعضهم «شتان» بـ «بعد» ، وعلى هذا يكتفى بالواحد. انظر المساعد لابن عقيل : ٢ / ٦٥١ ، شرح الرضي : ٢ / ٧٤.

(٤) قال الفارسي : فأما قولك : «شتان ما بينهما» فالقياس لا يمنعه إذا جعلت «ما» بمنزلة الذي ، وجعلت «بين» صلة ، لأن «ما» لإبهامها قد تقع على الكثرة ، ألا ترى قوله : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) ، ثم قال : «ويقولون» فعلمت أن المراد به جمع. انتهى.

وقال الرضي : إنما جاز : «شتان ما بينهما» على أن «شتان» بمعنى «بعد» ، لأنه لا يستلزم فاعلين فصاعدا ، و «ما» كناية عن البون أو المسافة ، أي : بعد ما بينهما من المسافة. وأنكر الأصمعي هذا التركيب ، وفي البسيط : أجازه الأصمعي ومنعه الأكثرون.

انظر المسائل العسكرية للفارسي : ١١٨ ، شرح الرضي : ٢ / ٧٤ ، المساعد لابن عقيل : ٢ / ٦٥١ ، الخزانة : ٦ / ٢٧٦ ـ ٢٧٨ ، حاشية الخضري : ٢ / ٩٠ ، شرح الشذور : ٤٠٤.

(٥) وذلك كقوله :

فشتّان ما بين اليزيدين في النّدى

فـ «اليزيدين» فاعل مرفوع تقديرا ، و «ما بين» زائدتان. وأجاز الرضي أن يكون «ما» زائدة ، وشتان بمعنى : بعد ، وفاعله : «بين».

انظر حاشية الصبان : ٣ / ١٩٧ ، حاشية الخضري : ٢ / ٩٠ ، شرح الرضي : ٢ / ٧٤ ، الخزانة : ٦ / ٢٧٨.

١٥٨

ـ وإلى نائب عن المضارع ، كـ «أوّه» بمعنى : أتوجّع ، و «أفّ» بمعنى : أتضجّر ، و «كخّ» بمعنى : أتكرّه (١) ، ولم يستعمل إلّا بمعنى مضارع المتكلّم ، ولذلك لا يظهر بعده الفاعل.

ثمّ قال / :

وما بمعنى افعل كآمين كثر

وغيره كوي وهيهات نزر

أكثر ما استعمل أسماء الأفعال نائبة عن فعل الأمر ، كـ «آمين» بمعنى : استجب ، وقد تحذف المدّة منه ، وقد تشدّد الميم مع حذفها (٢).

__________________

(١) في الأصل : أكره. قال السيوطي : و «إخ وكخ» بكسر الهمزة والكاف ، وتشديد الخاء ساكنة ومكسورة بمعنى : أتكره. انتهى. انظر الهمع : ٥ / ١٢٣ ، التسهيل : ٢١٢ ، شرح الفريد : ٤٢٨ ، المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل : ٢ / ٦٥٢.

(٢) أي : مع حذف المدة. والمذكور في «آمين» أربع لغات : إحداها : «آمين» بالمد على وزن فاعيل ، وهي لغة الحجازيين ، قال ابن هشام : «وهذه أكثر اللغات استعمالا ، لكن فيها بعد عن القياس». انتهى وذلك نحو قوله :

ويرحم الله عبدا قال آمينا

وقيل على هذه اللغة : إنه أعجمي معرب ، لأنه ليس في كلام العرب «فاعيل» ، وقيله : أصله «أمين» بالقصر ، فأشبعت فتحة الهمزة ، فتولدت الألف ، قال ابن إياز : وهذا أولى.

الثانية : «أمين» بالقصر على وزن «فعيل» وهي لغة في بني عامر ، قال الشاعر :

تباعد منّي فطحل وابن أمّه

أمين فزاد الله ما بيننا بعدا

قال ابن هشام : «وهذه اللغة أفصح في القياس ، وأقل في الاستعمال ، حتى إن بعضهم أنكرها ، قال صاحب الإكمال : حكى ثعلب القصر وأنكره غيره ، وقال إن جاء مقصورا في الشعر. انتهى ، وانعكس القول عن ثعلب على ابن قرقول ، فقال : أنكر ثعلب القصر إلا في الشعر ، وصححه غيره ، وقال صاحب التحرير في شرح مسلم : وقد قال جماعة إن القصر لم يجئ عن العرب ، وإن البيت إنما هو :

فآمين زاد الله ما بيننا بعدا

انتهى كلام ابن هشام.

الثالثة : «آمين» بالمد والتشديد ، قال ابن هشام : «روي ذلك عن الحسن ، والحسين بن الفضل ، وعن جعفر الصادق ، وأنه قال : تأويله قاصدين نحوك وأنت أكرم من أن تخيب قاصدا ، نقل ذلك عنهم الواحدي في البسيط ، وقال صاحب الإكمال : حكى الداودي تشديد الميم مع المد ، وقال : وهي لغة شاذة ، ولم يعرفها غيره. انتهى ، قلت : أنكر ثعلب والجوهري والجمهور أن يكون ذلك لغة وقالوا : لا نعرف «آمين» إلا جمعا بمعنى : قاصدين ، كقوله تعالى : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ.) انتهى كلام ابن هشام.

الرابعة : «آمين» بالمد مع إمالة الألف للكسرة بعدها ، قال ابن هشام «ورويت عن حمزة والكسائي». انتهى.

١٥٩

ومثله في الدّلالة على الأمر : «هيت» بمعنى : أسرع ، و «نزال» وبابه ، وقد تقدّم في باب الأسماء اللّازمة للنّداء : أنّه ينقاس من كلّ فعل ، ثلاثيّ ، تامّ ، متصرّف (١).

ويقلّ استعمالها نائبة عن المضارع (٢) (ك «أوّه» بمعنى أتوجّع ، و «وي» بمعنى : أعجب) (٣) ، كقوله تعالى : (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) [القصص : ٨٢] ، ويقال فيها : «وا» (٤) ، نحو :

(٥) ـ وا بأبي أنت وفوك الأشنب

أو نائبة عن الماضي كـ «هيهات» بمعنى (٦) : بعد ، وهي مفتوحة التّاء عند الحجازيّين ، وبنو تميم : يكسرونها ، وعقيل : تضمّها (٧) ، وبها قرئ شاذّا :

__________________

انظر في ذلك شرح المرادي : ٤ / ٧٨ ، شرح الشذور : ١١٦ ـ ١١٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٧ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١١١ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٣٤ ـ ٣٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٦ ، اللسان (أمن) ، التسهيل : ٢١١ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٧ ، المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل : ٢ / ٦٤٩ ، المصباح المنير : ١ / ٢٤ (أمن) ، المعجم الكامل في لهجات الفصحى : ٣٤.

(١) انظر ص ١٣٢ / ٢ من هذا الكتاب.

(٢) في الأصل : المضاف. راجع الأشموني : ٣ / ١٩٧.

(٣) ما بين القوسين في الأصل : كـ «وي» بمعنى : أتوجع.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٦ ، ١٩٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٨٥ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٨ ، الهمع : ٥ / ١٢٣ ، الجنى الداني : ٣٥٢.

(٤) ويقال فيها «واها» أيضا ، كقوله :

واها لسلمى ثمّ واها واها

انظر مغني اللبيب : ٤٨٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٧ ، الهمع : ٥ / ١٢٣.

(٢١٧) ـ من الرجز ، لراجز من رجاز تيم ، يصف امرأة ، وبعده :

كأنّما ذرّ عليه الزّرنب

ويروى : وا بأبي ثغرك ذاك الأشنب. الفو : الفم. الأشنب : افعل من الشنب ، وهو حدة في الأسنان ، وقيل : برد الأسنان وعذوبة مذاقها. ذر : نثر. الزرنب : ضرب من النبت طيب الرائحة. والشاهد في قوله : «وا بأبي» حيث جاءت فيه «وا» نائبة عن الفعل المضارع ، وهي بمعنى : أعجب ، وذلك قليل.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٨٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٨ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣١٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٧ ، مغني اللبيب (رقم) : ٦٨٤ ، الهمع (رقم) : ١٥٠٩ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٣٩ ، اللسان (زرنب) ، شواهد المغني : ٢ / ٧٨٦ ، أبيات المغني : ٦ / ١٤٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٩ ، الجنى الداني : ٣٥٢ ، جواهر الأدب : ٣٥٩.

(٥) في الأصل : يعني.

(٦) وإذا ضمت فمذهب أبي علي أنها تكتب بالتاء ، ومذهب ابن جني أنها تكتب بالهاء.

انظر شرح المرادي : ٤ / ٨١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٩ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ٦٥ ـ ٦٦.

١٦٠