أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]
المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الباب الثامن والأربعون
الترخيم
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
التّرخيم
ترخيما احذف آخر المنادى |
|
كيا سعا فيمن دعا سعادا |
التّرخيم : عبارة عن حذف آخر الكلمة (١) ، واشتقاقه من الصّوت الرّخيم ، وهو الرّقيق (٢) ، ولا يستعمل في غير النّداء ، إلّا ضرورة ـ كما يأتي ـ.
ولا يرخّم فيه معرب ـ سواء كان نكرة أو مضافا ـ ، ولا محكيّ ، ولا مستغاث ، ولا متعجّب منه ، ولا مندوب.
وقد مثّله الناظم بقوله : «يا سعا» في نداء «يا سعاد» ، وكقراءة الأعمش (٣) : ونادوا يا مال (٤) [الزخرف : ٧٧].
__________________
(١) وقال ابن عصفور : وهو في اصطلاح النحويين حذف أواخر الأسماء في النداء. وقال المرتضى : حذف في آخر الاسم تحسينا أو تخفيفا حسب الاشتقاقين.
انظر في ذلك شرح ابن عصفور : ٢ / ١١٣ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٧٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٣٢ ، شرح المكودي : ٢ / ٤٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٤ ، الهمع : ٣ / ٧٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٤ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٩ ، الفوائد الضيائية : ١ / ٣٤١ ، التعريفات : ٥٦ ، معجم المصطلحات النحوية : ٩٢ ، معجم النحو : ٩٩.
(٢) قال الأزهري : وهو لغة : التسهيل والتليين ، يقال : صوت رخيم : أي : سهل لين. وقال المرتضى : وهو في اللغة التحسين ، قال :
لها بشر مثل الحرير ومنطق |
|
رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر |
والقطع ، كقولهم : «رخمت الدجاجة» إذا قطعت البيض.
انظر في ذلك التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٧٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٣٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧١ ، شرح المكودي : ٢ / ٤٩ ، الهمع : ٣ / ٧٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٣ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١١٣ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ١٩ ، اللسان (رخم) ، معجم المصطلحات النحوية : ٩٢.
(٣) هو سليمان بن مهران الأسدي بالولاء أبو محمد الكوفي الملقب بالأعمش ، تابعي جليل ، أحد القراء الأربع عشر ، أصله من بلاد الري ، ومنشؤه ووفاته في الكوفة ، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض ، ولد سنة ٦١ ه ، وروى نحو (١٣٠٠) حديث وتوفي سنة ١٤٨ ه.
وإنّما توسّع في ترخيم المنادى ، لأنّه قد تغيّر بالنّداء ، والتّرخيم تغيير ، والتّغيير يؤنس بالتّغيير (١).
ثمّ قال :
وجوّزنه مطلقا في كلّ ما |
|
أنّث بالها والّذي قد رخّما |
بحذفها وفّره (٢) بعد واحظلا |
|
ترخيم ما من هذه الها قد خلا |
إلّا الرباعيّ فما فوق العلم |
|
دون إضافة وإسناد متم / |
التّرخيم جائز مطلقا في كلّ ما أنّث بالهاء ، سواء كان لمذكّر (٣) ، كـ «طلحة» أو لمؤنّث ، كـ «عائشة» ، زائدا على ثلاثة أحرف ـ كما مثّل ـ ، أو ثلاثة ، كـ «ثبة» ، علما (ـ كما مثّل ـ) (٤) ، أو غير علم ، كـ «جارية».
ويرخّم ما هي فيه بحذفها ، كما مثّل بقولهم : «عائش يا لقومك» ، ويوفّر ما رخّم بحذفها ، فلا يحذف منه شيء بعد ذلك ، بل حرف اللّين إن كان قبلها بقي على حاله مطلقا.
ويحظل : أي : يمتنع ترخيم ما خلا من «هاء» التّأنيث ، إلّا إذا كان علما زائدا على ثلاثة أحرف ، خاليا (٥) من تركيبي : الإضافة والإسناد ، كـ «جعفر» من أعلام المذكّر ، و «زينب» من أعلام المؤنّث.
فلا يرخّم نحو «إنسان» لفقد العلميّة ، ولا نحو «زيد» ، لانتفاء الزّيادة
__________________
انظر ترجمته في طبقات ابن سعد : ٦ / ٢٣٨ ، تاريخ بغداد : ٩ / ٣ ، الأعلام : ٣ / ١٣٥ ، طبقات القراء : ١ / ٣١٥.
بكسر اللام ، وهي قراءة علي وابن مسعود أيضا. وفيه لغتان : يقال : «مال أقبل» بكسر اللام ، وهذا أفصح اللغتين ، ومن العرب من يقول : «يا مال أقبل» بضم اللام ، فيجعلون ما بقي اسما على حاله.
انظر القراءات الشاذة : ١٣٦ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ٢٢٨ ، إعراب النحاس : ٤ / ١٢١ ، أسرار العربية : ١٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٦.
(١) انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٧٢ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١١٣ ، شرح دحلان : ١٣٧ ، أسرار العربية : ٢٣٦ ، وراجع الأشباه والنظائر : ١ / ١٣٣ ـ ١٣٥.
(٢) في الأصل : وفر. انظر الألفية : ١٣٢.
(٣) في الأصل : المذكر.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٥) في الأصل : خال.
على الثّلاثة ، ولا تأثير لحركة وسطه ، كـ «حكم» (١) ، ولا نحو «عبد الله» (٢) ، لأنّه مضاف (٣) ، ولا نحو «برق نحره» ، لأنّ فيه إسنادا (٤).
ثمّ قال رحمهالله :
ومع الآخر احذف الّذي تلا |
|
إن زيد لينا ساكنا مكمّلا |
أربعة فصاعدا والخلف في |
|
واو وياء بهما فتح قفي |
إذا حذف الآخر للتّرخيم ، وكان ما قبله صحيحا ـ أقرّ ، فلم يحذف (٥) ، وإن كان معتلا ، وهو المراد بقوله : «لينا» حذف مع الآخر ، سواء كان واوا ، كـ «منصور» ، أو ياء ، كـ «مسلمين» ، أو ألفا ، كـ «مروان» ، وإنّما يحذف (٦) بشرطين :
أحدهما : أن يكون ساكنا.
الثّاني : أن يكون مكمّلا أربعة (٧) أحرف فصاعدا ـ كما مثّل ـ ، ومن وروده :
__________________
(١) هذا مذهب البصريين ، وإليه ذهب الكسائي من الكوفيين. وذهب الكوفيون إلى جواز ترخيم الاسم الثلاثي إذا كان أوسطه متحركا ، وذلك نحو قولك في «عنق» : «يا عن» ، وفي «كتف» ، «يا كت». ونقل ابن بابشاذ أن الأخفش وافق الكوفيين على ذلك ، وفي شرح ابن عصفور وغيره أن ذلك مذهب الفراء. وذهب بعضهم إلى أن الترخيم يجوز في الأسماء على الإطلاق.
انظر الإنصاف (مسألة : ٤٩) : ١ / ٣٥٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٣ ، الهمع : ٣ / ٨١ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٩ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١١٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٥ ، التسهيل : ١٨٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٥.
(٢) في الأصل : ولا نحو عبد الله. مكرر.
(٣) وأجازه الكوفيون بحذف آخر المضاف إليه ، كقوله :
خذوا حظكم يا آل عكرم واذكروا
وهو عند البصريين نادر. انظر الإنصاف (مسألة : ٤٨) : ١ / ٣٤٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٥ ، الهمع : ٣ / ٧٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٥ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٩.
(٤) في الأصل : إسناد.
(٥) وذهب الكوفيون إلى أن ترخيم الاسم الذي قبل آخره حرف ساكن يكون بحذفه وحذف الحرف الذي بعده ، وذلك نحو قولك في «قمطر» : «يا قم» ، وفي «سبطر» : «يا سب» ، وما أشبه ذلك ونسب للفراء.
انظر الإنصاف (مسألة : ٥٠) : ١ / ٣٦١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٧.
(٦) في الأصل تحذف.
(٧) في الأصل : لأربعة.
٢١١ ـ يا مرو إنّ (٢) مطيّتي محبوسة |
|
... |
فلو كان حرف اللّين الّذي يليه الآخر متحرّكا ، نحو «هبيّخ ، وقنوّر» (٣) إذا سمّيت بهما ـ / ويتصوّر ذلك في الألف المنقلبة عن متحرّك ، كـ «مختار ، ومنقاد» علمين ـ لم يحذف حرف اللّين في ذلك كلّه ، وكذا لو كان حرف اللّين ثالثا كـ «ثمود ، وسعيد ، وعماد» ـ لم يحذف.
وفي اشتراط كون ما قبل الواو والياء مجانسا لها ـ بأن يكون مكسورا (٤) قبل الياء ، ومضموما قبل الواو ـ خلاف :
فسيبويه والأكثرون يشترطون ذلك ، فلا يجيزون حذف حرف العلّة في نحو «فرعون ، وغرنيق» (٥) ، لأنّ ما قبل الواو والياء فيهما مفتوح (٦).
والفرّاء لا يشترط ذلك ، فيجيز حذفه (٧).
__________________
٢١١ ـ من الكامل للفرزدق من أبيات له في ديوانه (٤٨٢) يخاطب بها مروان بن الحكم وعجزه :
ترجو الحباء وربّها لم ييأس
ويروى :
مروان إنّ مطيّتي معكوسة
الحباء : العطاء. وأسند «ترجو» إلى المطية مجازا ، وأراد به نفسه. قوله : «وربها لم ييأس» أي : وصاحب المطية غير آيس من حبائك. والشاهد في قوله : «يا مرو» حيث رخم «مروان» ، فحذف منه الألف والنون ، لأنه بعد حذف النون بقي ما قبله حرف علة ـ وهو الألف ـ فحذف لسكونه ولكونه مكملا أربعة أحرف.
انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٧٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٦ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٩٢ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٣٣٧ ، جمل الزجاجي : ١٧٢ ، الحلل : ٢٣٩ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ١٨٧ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٢٢ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ٥٠٥ ، ٥٠٦ ، شواهد ابن النحاس : ٢٣٥ ، التبصرة والتذكرة : ٣٦٩ ، شرح الجمل لابن هشام : ٢٥٥ ، اللمع : ١٩٩ ، توجيه اللمع : ٢٧٧ ، أوضح المسالك : ٢٠٩.
(١) في الأصل : أ. بدل «إن». انظر المراجع المتقدمة.
(٢) في الأصل : ومستور. راجع التصريح : ٢ / ١٨٧. و «الهبيّخ» الغلام الممتلئ ، والقنوّر : الصعب اليبوس من كل شيء.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٧ ، اللسان : ٦ / ٤٦٠٢ (هبخ) ٥ / ٣٧٦٣ (قنور).
(٣) في الأصل : مكسور.
(٤) الغرنيق : طير من طيور الماء طويل العنق. انظر اللسان (غرنق) ، التصريح : ٢ / ١٨٧.
(٥) انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٧ ، الهمع : ٣ / ٨٥ ، البهجة المرضية : ١٣٨ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٨.
(٦) والجرمي أيضا ، وذكر أن ما ذهب إليه مذهب الأكثرين. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٤٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٨ ، الهمع : ٣ / ٨٥ ، البهجة المرضية : ١٣٨.
وإلى هذه المسألة أشار بقوله :
... والخلف في |
|
واو وياء بهما فتح قفي |
لأنّه لا يتصوّر قبلهما حركة غير مجانسة ، إلّا الفتحة ، فلا يتصوّر ضمّة قبل الياء ، ولا كسرة (١) قبل الواو.
ولا خلاف في الواو والياء من نحو «مصطفون ومصطفين» وإن كان قبلهما فتح ، لأنّ الحركة المجانسة فيهما مقدّرة ، وإنّما عدل إلى الفتح للّبس (٢) باسم الفاعل.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والعجز احذف من مركّب وقل |
|
ترخيم جملة وذا عمرو نقل |
هذا القسم الثّاني من قسمي التّرخيم ، وهو ما تحذف منه الكلمة الأخيرة ، وهو المركّب تركيب مزج ، فإنّك تحذف عجزه ، فتقول في «معدي كرب ، وسيبويه» مرخّمين : «يا معدي ، ويا سيب» (٣).
وقلّ ترخيم الجملة المنقولة إلى العلميّة لحذف عجزها ، وهذا نقله عمرو أبو بشر إمام / النّحو الملقّب بـ «سيبويه» في باب النّسب في كتابه لا في باب التّرخيم (٤).
__________________
(١) في الأصل : ولا كثرة.
(٢) في الأصل : اللبس.
(٣) وقال ابن كيسان : لا يجوز حذف الثاني من المركب ، بل إن حذفت الحرف أو الحرفين فقلت : «يا بعلب ويا حضرم» لم أر به بأسا ، والمنقول أن العرب لم ترخم ـ أي : المركب ـ ، وإنما أجازه النحويون. ومنع الفراء ترخيم المركب من العدد إذا سمي به. ومنع أكثر الكوفيين ترخيم ما آخره «ويه» ، وذهب الفراء إلى أنه لا يحذف مه إلا الهاء ، فتقول : «يا سيبوي» ، ونسب إليه أنه قال : ثم تقلب الياء ألفاء فيقال : «يا سيبوا».
انظر شرح المرادي : ٤ / ٥٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، الهمع : ٣ / ٨٢ ـ ٨٣.
(٤) انظر الكتاب : (٢ / ٨٨) ونص في باب الترخيم على المنع فقال (١ / ٣٤٢): «واعلم أن الحكاية لا ترخم لأنك لا تريد أن ترخم غير منادى وليس مما يغيره النداء ، وذلك نحو «تأبط شرا وبرق نحره» وما أشبه ذلك». انتهى. قال ابن مالك : وأكثر النحويين لا يجيزون ترخيم المركب المضمن إسنادا كـ «تأبط شرا» وهو جائز ، لأن سيبويه حكى ذلك في بعض أبواب النسب فقال : «تقول في النسب إلى «يا تأبط شرا» : تأبطي ، لأن من العرب من يقول : «يا تأبط» ، ومنع ترخيمه في باب الترخيم ، فعلم بذلك أن منع ترخيمه كثير ، وجواز ترخيمه قليل. انتهى.
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٩ ، شرح دحلان : ١٣٨ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٠ ، شرح المرادي : ٤ / ٥٠.
ثمّ قال :
وإن نويت بعد حذف ما حذف |
|
فالباقي استعمل بما فيه ألف |
واجعله إن لم ينو محذوف كما |
|
لو كان بالآخر وضعا تمّما |
إذا رخّم المنادى ، فلك فيما بقي منه (١) وجهان :
أحدهما : أن ينوى المحذوف ، فيترك الباقي على ما كان عليه قبل الحذف من حركة أو سكون ، فتقول : «يا جعف ، ويا منص ، ويا حار ، ويا هرق» (٢) بفتح الأوّل ، وضمّ الثّاني ، (وكسر) (٣) الثّالث ، وإسكان الرّابع.
والثّاني : أن لا ينوى المحذوف ، بل تجعل ما بقي بمنزلة الاسم المستقلّ الّذي تمّ وضعه بالحرف الأخير منه ، فتبنيه على الضّمّ مطلقا ، وتجعل الضّمّة في «يا منص» حادثة للبناء.
والأوّل أكثر في (٤) الاستعمال.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
فقل على الأوّل في ثمود يا |
|
ثمو ويا ثمي على الثّاني بيا |
إنّما قلت على الوجه الأوّل «يا ثمو» ، لأنّ المحذوف كالملفوظ به ، فليست الواو آخرا (٥).
وأمّا على الثّاني ، فتقلب الواو ياء ، والضّمّة الّتي قبلها كسرة ، لأنّه ليس في كلامهم اسم معرب آخره واو لازمة ، قبلها ضمّة ، وقد يوجد ذلك في الفعل ، كـ «يغزو» ، وفي المبنيّ ، كـ «هو» ، وفيما واوه غير لازمة ، كـ «أبوه» ، ومع سكون ما قبل الواو ، كـ «عدو» ، فلذلك قلبت الواو ياء ، كما قلبت في جمع «دلو» مع أنّ قيامه (٦) «أدلو» على وزن «أفعل» ، واللّام واو.
ولذلك تقول على الأوّل : «يا علاو» (٧) ترخيم «علاوة» ، لأنّ / الواو ليست آخرا في التّقدير.
وتقول على الثّاني : «يا علاء» (٨) ، بإبدال الواو همزة ، لوقوعها آخرا بعد ألف ، كـ «كساء».
__________________
(١) في الأصل : فيه.
(٢) في الأصل : ويا هو. راجع التصريح : ٢ / ١٨٨.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٤) في الأصل : من.
(٥) في الأصل : جزا.
(٦) في الأصل : يقاسه.
(٧) في الأصل : علا. راجع شرح الأشموني : ٣ / ١٨٢.
(٨) في الأصل : علاه. راجع شرح الأشموني : ٣ / ١٨٢.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والتزم الأوّل في كمسلمه |
|
وجوّز الوجهين في كمسلمه |
ما رخّم بحذف تاء التّأنيث ، فلك في آخره من مراعاة المحذوف وعدم مراعاته وجهان كغيره ، فتقول في «مسلمة» على الأوّل : «يا مسلم» ـ بالفتح ـ ، وعلى الثّاني : «يا مسلم» ـ بالضّمّ ، وكذلك تقول : «يا فاطم» ، ويا فاطم» ، إلّا أن يعرض (١) بسبب عدم مراعاة المحذوف لبس ، كما في نحو «مسلمة ، وقائمة» ، ونحوهما من صفات المؤنّث ، كـ «حارثة ، وحفصة» ، ونحوهما من أعلامه ، فإنّه يجب إبقاء أواخرها كلّها على الفتح ، لما يعرض من الضّمّ من التباسها بصفة المذكّر ، أو غيره (٢)(٣).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ولاضطرار رخّموا دون ندا |
|
ما للنّدا يصلح نحو أحمدا |
يرخّم غير المنادى في ضرورة الشّعر ، لكن بشرط صلاحيّته للنّداء ، نحو «أحمد» وغيره من الأعلام ، فلو لم يصلح لمباشرة حرف النّداء له ، كـ «الغلام» ـ لم يرخّم.
ومن شرطه أيضا أن يصلح للتّرخيم في النّداء ، فلا يرخّم مضاف ، ولا ثلاثيّ ، إلّا أن يكون مختتما (٤) بالتّاء ، ثمّ لك أن تجعله بعد ترخيمه كالمستقلّ ، فتعرب ما بقي بما يقتضيه العامل ، وهو الأكثر (٥) ، كقوله :
__________________
(١) في الأصل : يعوض.
(٢) في الأصل : أو عدمه.
(٣) وذلك كأن يلزم بتقدير تمامه الأداء إلى عدم النظير ، كما لو رخم «طيلسان» بكسر اللام ، فإنه لو قدر تماما لزم وجود «فيعل» بكسر العين في الصحيح ، وهو بناء مفقود إلا ما ندر من «صيقل» اسم امرأة ، و «بيئس» في قراءة. ومن ذلك «حبلوى وحمراوى» فإنهما لو رخما على هذا الوجه لقيل فيهما «يا حبلى ويا حمرا» فيلزم من ذلك ثبوت ما لا نظير له ، وهو كون ألف «فعلى» وهمزة «فعلاء» مبدلتين من واو ، وهما لا يكونان إلا للتأنيث. وهذا سبب مختلف فيه ، وممن ذهب إلى اعتباره الأخفش والمازني والمبرد ، ونقل عنهم في ترخيم «حبلوى» ، ونقل عن الأخفش في «طيلسان» ونقله ابن إصبع عن كثير من النحويين.
وذهب السيرافي وغيره إلى عدم اعتباره فأجاز الترخيم في ذلك.
انظر شرح المرادي : ٤ / ٥٥ ـ ٥٦ ، المقتضب : ٤ / ٤ ـ ٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٦٥ ، الهمع : ٣ / ٩٠ ، شرح دحلان : ١٣٩.
(٤) في الأصل : مختما.
(٥) وهذا الوجه في الضرورة مجمع على جوازه. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧١ ، شرح المرادي : ٤ / ٥٦ ، التسهيل : ١٨٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٤ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٢ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٦.
٢١٢ ـ مررت بعقب وهو قد ذلّ للعدا |
|
... |
ولك أن تنوي المحذوف / فتتركه على حاله (٢) ، كما هو الأرجح في النّداء ، كقوله :
٢١٣ ـ ... |
|
وأضحت (٤) منك شاسعة أماما |
أصله : أمامة.
__________________
٢١٢ ـ من الطويل ، ولم أعثر على قائله ، وعجزه :
فعدّوا لقائي له خير ناصر
عقب : ترخيم عقبة ، وفيه الشاهد ، حيث بقي الاسم بعد ترخيمه كالمستقل ، وأعرب بما يقتضيه العامل ، وهو الأكثر.
انظر المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل : ٢ / ٥٦٠ ، السراج المنير شرح الجامع الصغير لأبي الفداء الزبيدي : ص ٥٤٤ (مخطوط).
(١) وإلى جواز ذلك ذهب سيبويه وجمهور البصريين ، ومنعه المبرد. انظر الكتاب : ١ / ٣٤٢ ، التسهيل : ١٩٠ ـ ١٩١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧١ ، شرح المرادي : ٤ / ٥٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٤ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٩ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٢٥ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٣ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٦.
٢١٣ ـ مطلع قصيدة من الوافر لجرير بن عطية الخطفي في ديوانه (٥٠٢) ، يمدح فيها هشاما ، وصدره :
ألا أضحت حبالكم رماما
ويروى :
أصبح حبل وصلكم رماما |
|
وما عهد كعهدك يا أماما |
حبالكم : جمع حبل ، يريد به العهد. رماما : جمع رمة ، وهي القطعة البالية من الحبل.
شاسعة : بعيدة. والمعنى : يقول للمخاطبين : ما كان بيني وبينكم من أسباب التواصل قد انقطع ، ثم رجع إلى نفسه يخاطبها فقال : وأضحت منك أمامة بعيدة ، فليس في الاجتماع بها مطمع. والشاهد في قوله : «أماما» حيث جاء على لغة من لم ينو المحذوف ، ـ وهي غير منادى ـ فبقيت حركة الحرف الأخير منه بعد ترخيمه ـ وهو الفتح ـ على ما كانت عليه قبل الترخيم ، وهو الأرجح في النداء. وقد ذهب إلى ذلك سيبويه وجمهور البصريين ، ومنعه المبرد وروى البيت برواية :
وما عهد كعهدك يا أماما
على غير الضرورة. قال ابن مالك : والإنصاف يقتضي تقرير الروايتين ولا تدفع إحداهما بالأخرى.
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٥١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٠ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٨٢ ، ٣٠٢ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٣٤٣ ، الخزانة : ٢ / ٣٦٣ ، نوادر أبي زيد : ٢٠٧ ، جمع الزجاجي : ١٧٤ ، الحلل : ٢٤٨ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ١٢٦ ، ٢ / ٧٩ ، ٩١ ، الإنصاف : ٣٥٣ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٧٣ ، شرح ابن النحاس : ٢٣٧ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٥٨ ، الضرائر : ١٣٨ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٢٤ ، ٥٧١ ، كاشف الخصاصة : ٢٧٥ ، شرح الجمل لابن هشام : ٢٥٧ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٢٩٦ ، أسرار العربية : ٢٤٠.
(٢) في الأصل : أوضحت. انظر المصادر المتقدمة.
الباب التاسع والأربعون
الاختصاص
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
الاختصاص (١)
الاختصاص كنداء دون يا |
|
كأيّها الفتى بإثر ارجونيا |
الباعث على الاختصاص إمّا فخر ، نحو : «بي أيّها الشجاع فدافع».
وإمّا تواضع ، نحو «إنّي أنا العبد الفقير إلى عفو ربّي».
وإمّا تأكيد ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» (٢).
__________________
(١) الاختصاص في الأصل مصدر اختصصته بكذا أي : خصصته به. وفي الاصطلاح : تخصيص حكم علق بضمير ما تأخر عنه من اسم ظاهر معروف. قاله الأزهري. وقال المرادي : هو ما جيء به على صورة هي لغيره توسعا ، كما يرد الأمر بصيغة الخبر ، والخبر بصيغة الأمر. وقال الأشموني : هو قصر الحكم على بعض أفراد المذكور ، وهو خبر كنداء.
انظر التصريح علي التوضيح : ٢ / ١٩٠ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٥ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٥٥ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٦ ، معجم المصطلحات النحوية : ٧٤ ، معجم مصطلحات النحو : ١٢٢ ، معجم النحو : ٣.
(٢) لم أجد الحديث بهذه الرواية فيما اطلعت عليه من كتب الحديث ، وما وجدته فيها بلفظ : «لا نورث ما تركنا صدقة».
انظر صحيح البخاري : ٨ / ١٨٥ ، صحيح مسلم رقم : ١٧٥٩ ، سنن أبي داود رقم : ٢٩٦٣ ، ٢٩٦٨ ، سنن الترمذي رقم : ١٦١٠ ، مسند أحمد : ١ / ٤ ، ٦ ، سنن البيهقي : ٦ / ٣٠ ، ٣٠٢ ، جمع الجوامع للسيوطي : ١ / ١١٦٨. وفي فتح الباري (١٢ / ٨) قال ابن حجر : «وأما ما اشتهر في كتب أهل الأصول وغيرهم بلفظ : «نحن معاشر الأنبياء» فقد أنكره جماعة من الأئمة ، وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ «نحن» ، لكن أخرجه النسائي من طريق ابن عيينة عن أبي الزناد بلفظ «إنا معاشر الأنبياء لا نورث». انتهى. وهو برواية المؤلف في شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٤ ، شرح المكودي : ٢ / ٥٦ ، الهمع : ٣ / ٣١ ، الجامع الصغير لابن هشام : ١٠٤ ، كاشف الخصاصة : ٢٧٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٧ ، شرح دحلان : ١٣٩ ، ١٤٠ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٥ ، مغني اللبيب : ٥٠٧ ، ٧١٤ ، ٨٩٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٧ ، وروي : «إنا معاشر الأنبياء لا نورث» في التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩١ ، اللسان (ورث).
ولا يقع إلّا بعد ضمير المتكلّم : إمّا متّصلا ، وإمّا منفصلا ـ كما ترى ـ.
ويعامل الاسم في الاختصاص بما يعامل به في النّداء.
وأكثر ما يكون الاختصاص بـ «أيّ» ، أو تأنيثها ، فيبنيان على الضّمّ ، لشبههما بالمنادى ، مردوفان بـ «هاء» مقحمة للتّنبيه ، متبعان بصفة لازمة واجبة الرّفع ، متّصلة بـ «أل» الجنسيّة ، نحو «أنا أيّها الرّجل أولى بالجميل» ، و «اللهمّ اغفر لنا أيّتها العصابة» (١)(٢).
ويفارق النّداء في أنّه لا يستعمل معه حرف النّداء ، ولا يقع في ابتداء الكلام ، وإنّما يقع في أثنائه ، وبعد تمامه ـ كما مثّل ـ ، وينتصب مع الإفراد ، وتدخل عليه الألف واللّام قياسا ، ولا يأتي علما.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وقد يرى ذا دون أيّ تلو أل |
|
كمثل نحن العرب أسخى من بذل |
قد يرى الاختصاص دون «أيّ» ، فيكون اسما ، مفردا ، تاليا لـ «أل» ، كمثل : «نحن العرب أسخى من بذل» ، وقد يأتي مضافا إلى متلبّس بـ «أل» ، كمثل : «نحن / معاشر الأنبياء لا نورث» (٣) ، ويجب نصبه في المثالين بفعل محذوف لا يظهر ، تقديره : أخصّ ، وليس نصبه بحرف النّداء مقدّرا ، لامتناع تقدير الحرف مع «أل» في مثل : «نحن العرب».
__________________
(١) هذا من قول العرب. انظر الكتاب : ١ / ٤٨٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٤ ، كاشف الخصاصة : ٢٧٦ ، الهمع : ٣ / ٢٩ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٢ ، المسائل المنثورة : ١٩٦ ، مغني اللبيب : ٨٩١.
(٢) و «أيها» و «أيتها» في موضع نصب بـ «أخص» مضمرا عند الجمهور. وذهب الأخفش إلى أنه منادى. قال : «ينكر أن ينادي الإنسان نفسه ، ألا ترى إلى قول عمر بن الخطاب رضياللهعنه : «كل الناس أفقه منك يا عمر». انتهى. وذهب السيرافي إلى أن «أيها» في الاختصاص معربة وأنها تحتمل وجهين :
أحدهما : أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف ، والتقدير : أنا أفعل كذا هو أيها الرجل ، أي : المخصوص به.
والثاني : أن تكون مبتدأ والخبر محذوف ، والتقدير : أيها الرجل المخصوص أنا المذكور.
انظر شرح المرادي : ٣ / ٦٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٠ ـ ١٩١ ، الهمع : ٣ / ٢٩ ـ ٣٠.
(٣) الحديث تقديم تخريجه في ص ١٤٩ / ٢.
الباب الخمسون
التحذير والإغراء
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
التّحذير والإغراء
إيّاك والشّرّ ونحوه نصب |
|
محذّر بما استتاره وجب |
الفرق بين التّحذير والإغراء ـ أنّ التّحذير : تنبيه المخاطب على أمر مكروه ليجتنبه (١) ، والإغراء : تنبيه المخاطب على أمر محبوب ليرتكبه (٢).
وإذا ذكر المحذّر بلفظ «إيّا» وجب استتار النّاصب له وللمحذّر منه (٣) ، سواء كان المحذّر (٤) معطوفا (عليه) (٥) بالواو ، نحو «إيّاك والشّرّ» ، أو غير (٦)
__________________
(١) وقال السيوطي : هو إلزام المخاطب الاحتراز من مكروه بـ «إيا» أو ما جرى مجراه. انتهى. وهو في اللغة : تخوف شيء من شيء وتبعيده منه.
انظر الهمع : ٣ / ٢٤ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٧ ، الفوائد الضيائية : ١ / ٣٦٥ ، شرح الرضي : ١ / ١٨٠ ، معجم المصطلحات النحوية : ٦١ ، معجم النحو : ٩٦.
(٢) وقال ابن مالك : «ومعنى الإغراء : إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد العكوف عليه في مواصلة ذوي القربى والمحافظة على عهود المعاهدين ونحو ذلك». انتهى. وهو في الأصل مصدر أغريت ، يقال : أغريت الكلب بالصيد إذا أرشته عليه وحرضته وسلطته.
انظر شرح المرادي : ٤ / ٧٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٩ ، الهمع : ٣ / ٢٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، معجم المصطلحات النحوية : ١٦٥ ، معجم مصطلحات النحو : ٢٢٤ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٦٤٠ ، اللسان (غرا).
(٣) في الأصل : المحذر منه. والواو. ساقط. قال الشاطبي في شرحه (٢ / ٦٤٠ ـ رسالة دكتوراه) : «فإنك إن أتيت بـ «إيا» معطوفا عليها أو غير معطوف عليها فالفعل لازم الإضمار ، وهو الناصب لهما». انتهى.
(٤) في الأصل : المحذر منه.
(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ١٩٢.
(٦) في الأصل : وغير.
معطوف ، نحو «إيّاك الأسد ، وإيّاك (١) من الأسد» أو مكرّرا ، نحو :
٢١٤ ـ إيّاك إياك المراء ... |
|
... |
فإنّ تقدير العامل (لا) (٣) يختلف في ذلك ، فتقدير الأوّل : احذر تلاقي نفسك والشّرّ (٤) ، ثمّ حذف المضاف الأوّل ـ وهو «تلاقي» ـ ، وأقيم الثّاني مقامه ، ثمّ حذف الثّاني ، وأقيم الثالث ـ وهو الضّمير ـ مقامه ، فانتصب (٥) ، فعطف عليه بالنّصب ، ثمّ حذف الفعل ، فانفصل الضّمير (٦).
وكذلك تقدير الثّاني (٧) والثالث (٨) ، إلّا أنّه كرّر فيه (٩) الضّمير تأكيدا (١٠).
__________________
(١) في الأصل : الواو. ساقط.
٢١٤ ـ من الطويل للفضل بن عبد الرحمن القرشي ، قاله لابنه القاسم ، وتمامه :
إيّاك إيّاك المراء فإنّه |
|
إلى الشّرّ دعّاء وللشّر جالب |
وقد تقدم الكلام عليه في صفحة ٧٢ / ٢. والشاهد في قوله : «إياك إياك» حيث ذكر المحذر بلفظ «إيا» مكررا ، وهو المحذر منه منصوبان بفعل واجب الحذف ، والتقدير : جنب نفسك المراء. وعند سيبويه أن نصب المراء بإضمار فعل لأنه لم يعطف على «إياك» ، والتقدير : اتق المراء ، كما يقدر فعلا آخر ينصب «إياك». وقال المازني : لما كرر «إياك» مرتين ، كان أحدهما عوضا من الواو. وابن أبي إسحاق ينصب المراء على أن أصله : إياك من المراء ، فحذف حرف الجر لما كان المراء بمعنى : أن تماري.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٣) في الأصل : والأسد. راجع الأشموني : ٣ / ١٨٨.
(٤) في الأصل : فانفصل. راجع التصريح : ٢ / ١٩٣٠.
(٥) وقيل : يجب تقدير الناصب بعد «إياك» والأصل : «إياك احذر» ، لأنه لو قدر قبله لاتصل به ، فقيل : احذرك ، فيلزم تعدي فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل ، وذلك خاص بأفعال القلوب وما ألحق بها. واختلف في إعراب ما بعد الواو على أقوال : فقيل : هو معطوف على «إياك» والتقدير : احذر نفسك أن تدنو من الشر ، والشر أن يدنو منك ، وهذا مذهب كثير منهم السيرافي واختاره ابن عصفور. وذهب ابن طاهر وابن خروف إلى أن ما بعد الواو منصوب بفعل آخر محذوف ، فهو عندهما من قبيل عطف الجمل. واختار ابن مالك في شرح التسهيل قولا ثالثا : وهو أن يكون معطوفا عطف مفرد على تقدير : اتق تلافي نفسك والشر ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٢ ـ ١٩٣ ، الهمع : ٣ / ٢٥ ـ ٢٧ ، شرح المرادي : ٤ / ٦٦ ـ ٦٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٨ ـ ١٩٠ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٥٧ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٢٨١.
(٦) الثاني : هو كون المحذر غير معطوف عليه بالواو ، نحو «إياك الأسد» و «إياك من الأسد».
وقد اختلف في تحقيق العامل المحذوف : فقيل : عامله فعل متعد لاثنين ، والتقدير : جنب نفسك الأسد ، وجنب نفسك من الأسد أو أحذرك الأسد ، وأحذرك من الأسد ، وإليه ذهب أبو البقاء ، وتبعه ابن الناظم. وقال الجمهور : عامله فعل متعد لواحد ، والأصل في «إياك من الأسد» : باعد نفسك من الأسد ، ثم حذف «باعد» وفاعله المستتر فيه ، فصار : نفسك من
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ودون عطف ذا لإيّا انسب وما |
|
سواه ستر فعله لن يلزما |
إلّا مع العطف أو التّكرار |
|
كالضّيغم الضّيغم يا ذا السّاري |
قد تقرّر أنه مع العطف يكون العامل فيهما مضمرا ، فبدون العطف / يكون العامل في «إيّا» واجب الاستتار أيضا.
وما سوى التّحذير بـ «إيّا» إن كان مفردا ، غير معطوف ـ لم يجب ستر العامل فيه ، سواء ذكرت المحذّر ، نحو «رأسك» ، أو المحذّر منه (١) ، نحو «الأسد» فيجوز ظهور العامل فيهما ، ومنه :
٢١٥ ـ خلّ الطّريق لمن يبني المنار به |
|
... |
وإن كان مكرّرا ، نحو «الضّيغم الضّيغم» يريد : الأسد الأسد ، أو معطوفا
__________________
الأسد ، وحذف المضاف ، وهو «نفس» ، فانفصل الضمير ، وانتصب ، فصار «إياك من الأسد» ، فـ «إياك» منصوب «باعد» محذوفا ، و «من الأسد» متعلق بذلك المحذوف. وعلى هذا القول يمتنع نحو «إياك الأسد» لما يلزم عليه من حذف «من» ونصب المجرور ، وهو غير مطرد إلا مع «أن» بتشديد النون ، و «أن» بسكونها ، و «كي».
انظر في ذلك المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل : ٢ / ٥٧٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٣ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٨٩ ، شرح الرضي : ١ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٣٠٥.
(٧) وهو كون المحذر مكررا نحو «إياك إياك المراء».
(٨) أي : في الثالث.
(٩) في الأصل : تأكيد.
(١) في الأصل : والمحذر منه.
٢١٥ ـ من البسيط لجرير الخطفي من قصيدة له في ديوانه (٢٨٤) يخاطب بها عمرو بن لجأ التميمي ، وعجزه :
وابرز ببرزة حيث اضطرّك القدر
والمعنى : تنح عن طريق الفضل والشرف والفخر وخله لمن هو أحق منك به ممن يعمره ويبني مناره ، وابرز ببرزة إلى حيث اضطرك القدر من اللؤم والضعة وبرزة : إحدى جدات عمرو بن لجأ فعيره بها. والشاهد في قوله : «خل الطريق» حيث أظهر فيه الفعل الناصب ـ وهو «خل» ـ مع ذكر المحذر منه وهو الطريق.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، التبصرة والتذكرة : ٢٦٣ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩١ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٠٧ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ١٢٨ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ٣٤٢ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٣٠ ، اللسان (برز) ، أوضح المسالك : ٢١٣.
عليه نحو «رأسك والسّيف» أو عطف أحد المحذّر منهما على الآخر ، كـ (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها)(١) [الشمس : ١٣] ، فاستتار الفعل النّاصب في ذلك كلّه واجب ، كما يجب مع «إيّا» (٢).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وشذّ إيّاي وإيّاه أشذ |
|
وعن سبيل القصد من قاس انتبذ |
«إيّا» المستعملة في التّحذير (هي) (٣) المردفة بالكاف التي للخطاب نحو «إيّاك ، وإيّاك ، وإيّاكما ، وإيّاكم ، وإيّاكنّ».
وشذّ استعماله مردوفا بما يدلّ على التّكلّم ، كقول عمر رضياللهعنه : «وإيّاي ونعم ابن عفّان» (٤).
__________________
(١) والتقدير : احذروا ناقة الله وسقياها. انظر شرح دحلان : ١٤٠.
(٢) وأجاز بعضهم إظهار العامل مع المكرر ، وقال الجزولي : يقبح فيه الإظهار ولا يمتنع.
انظر شرح المرادي : ٤ / ٦٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩١ ، الهمع : ٣ / ٢٤.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٤) روى البيهقي في سننه (٦ / ١٤٦ ـ ١٤٧) أن عمر رضياللهعنه استعمل مولى له يدعى هنيا على الحمى فقال له : «يا هني اضمم جناحك عن المسلمين واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة ، وادخل الصريمة والغنيمة ، وإياي ونعم ابن عفان ونعم ابن عوف ، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع ... الخ». وروي بلفظ : «إياي ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان» في صحيح البخاري : ٤ / ٨٧ ، فتح الباري : ٦ / ١٧٥ ، جمع الجوامع للسيوطي (مسند عمر) : ١ / ١١٤٧ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ١٥٨. ومثله قول عمر رضياللهعنه أيضا : «لتذك لكم الأسل والرّماح والسّهام وإيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب». فقيل الكلام جملتان ، ثم قال الزجاج أصله : «إياي وحذف الأرنب وإياكم وحذف الأرنب» ، فحذف من كل جملة ما أثبت في الأخرى ، وقال الجمهور أصله : «إياي باعدوا عن حذف الأرنب ، وباعدوا أنفسكم أن يحذف أحدكم الأرنب» ، ثم حذف من الأول المحذور ، وهو حذف الأرنب ـ وحذف من الثاني المحذر ـ وهو باعدوا أنفسكم. وقيل : الكلام جملة واحدة ، ثم اختلف. فقيل : حذفت أربعة أشياء ، وأصله : «إياي باعدوا عن حذف الأرنب وحذف الأرنب عني» ، فحذف فعل وفاعل ومفعول مقيد وما عطف على هذا المفعول المقيد ، فإن الواو عطفت شيئين على شيئين. وقال السيرافي : حذف شيئين فقط وأصله : «باعدوني وحذف الأرنب». قال الأزهري : «ولا يخفى ما في هذه الأقوال من الضعف».
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٤ ، الكتاب : ١ / ١٣٨ ، شرح الأشموني : ١٩١ ـ ١٩٢ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٣٠٧ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٨ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٩.
وأشذّ منه اتّصاله بما يدلّ على الغائب ، وأشذّ منه اتّصاله (١) باسم ظاهر ، وقد اجتمعا في قول بعضهم : «إذا بلغ الرّجل السّتين ، فإيّاه وإيّا الشّوابّ» (٢).
(ولا) (٣) ينقاس شيء من ذلك إلّا مع الخطاب (٤).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وكمحذّر بلا إيّا اجعلا |
|
مغرى به في كلّ ما قد فصّلا |
أي : حكم المغرى به حكم المحذّر منه ، إذا لم يكن معه «إيّا» ، فيلزم ستر العامل فيه مع العطف ، نحو «السّلاح والخيل» ، ومع التّكرار ، نحو :
٢١٦ ـ أخاك / أخاك إنّ من لا أخا له |
|
.... |
__________________
(١) في الأصل : انفصاله.
(٢) الشواب جمع شابة ، وهي المرأة الصغيرة ، ويروى : «السوآت» جمع «سوأة». والمعنى : إذا بلغ الرجل ستين سنة فلا يتولع بشابة ، أو لا يفعل سوأة. قال الأزهري : والكلام جملة واحدة ، والتقدير : فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب ، فحذف الفعل وفاعله ثم المضاف الأول ، وأنيب عنه الثاني ، ثم الثاني وأنيب عنه الثالث ، فانتصب وانفصل ، وأبدل «أنفس» بـ «إيا» لأنها تلاقيها في المعنى.
انظر الكتاب : ١ / ١٤١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٧٨ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٠٠ ، اللسان (إيا) ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٢ ، الإنصاف : ٦٩٥ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٥٦ ، سر الصناعة : ١ / ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، الهمع : ١ / ٢١٢ ، ٣ / ٢٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٧١.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٤) قال الأشموني : «ظاهر كلام التسهيل أنه يجوز القياس على «إياي وإيانا» ، فإنه قال : «ينصب محذر «إياي وإيانا» معطوفا عليه المحذور ، فلم يصرح بشذوذ وهو خلاف ما هنا». انتهى.
انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٩٢ ، التسهيل : ١٩٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٢.
٢١٦ ـ من الطويل لمسكين الدارمي (ربيعة بن عامر) من مقطوعة له في ديوانه (٢٩) ، وعجزه :
كساع إلى الهيجا بغير سلاح
ونسب لإبراهيم بن هرمة في ملحقات ديوانه (٢٦٣). ويروى : «البيدا» بدل «الهيجا».
والهيجا : الحرب ، تمد وتقصر ، وهي هنا مقصورة. والشاهد في قوله : «أخاك» حيث نصب المغرى به وهو مكرر بفعل مضمر تقديره : الزم أخاك ، وهذا الإضمار لازم ، وكذلك التقدير في «أخاك» الثاني.
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٨٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٥٨ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٠٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٢ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ١٢٩ ، الخصائص : ٢ / ٤٨٠ ، الخزانة : ٣ / ٦٥ ، شذور الذهب : ٢٢٢ ، شواهد
وتقدير العامل : الزم.
ولا يلزم ستر العامل دونهما (١) ، نحو «الصّلاة جامعة» ، فإنّ تقديره : احضروا ، ولو ظهر جاز ، و «جامعة» منصوب على الحال من «الصّلاة» ، ولو رفعا على الابتداء والخبر جاز (٢).
__________________
الفيومي : ٧٢ ، الهمع (رقم) : ٦٥٢ ، ١٥٦٥ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٤٦ ، ٢ / ١٥٨ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ١٢٧ ، شرح ابن الناظم : ٦٠٩ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٣ ، شرح دحلان : ١٤١ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٢٦٢ ، ٢ / ٣٦٦ ، الإفصاح : ١٤٦ ، أوضح المسالك : ٢١٣ ، فتح رب البرية : ٢ / ٧٤ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٦١٦.
(١) أي : دون عطف أو تكرار.
(٢) قال المرادي : «قد يرفع المكرر في الإغراء والتحذير ، كقوله :
لجديرون بالوفاء إذا قا |
|
ل أخو النّجدة السلاح السّلاح |
وأجاز الفراء الرفع في (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) على إضمار «هذه» انتهى.
انظر شرح المرادي : ٤ / ٧٣ ، معاني الفراء : ٣ / ٢٦٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٨١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٣.
الباب الحادي والخمسون
أسماء الأفعال والأصوات
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
أسماء الأفعال والأصوات
ما ناب عن فعل كشتّان وصه |
|
هو اسم فعل وكذا أوّه ومه |
هذا المبوّب عليه داخل في قسم الأسماء عند البصريّين (١) ، لدخول التّنوين عليهما من غير ضرورة ، وأفعال عند الكوفيّين (٢) ، للزومها الإسناد.
وقيل : ما سبق استعماله في ظرفيّة ، أو مصدريّة باق على اسميّته (٣) ، كـ «دونك زيدا ، وفرطك (٤) زيدا» (٥) ، وما عداه فعل كـ «نزال» (٦).
وقيل : بل قسم مستقل يسمّى : خالفة (٧).
واسم الفعل : هو ما ناب عن الفعل معنى واستعمالا (٨).
__________________
(١) انظر الكتاب : ٢ / ١٥٨ ، المقتضب : ٣ / ٢٠٢ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٠٩ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٥ ، الهمع : ٥ / ١٢١ ، شرح المكودي : ٢ / ٥٩ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٦٥٨.
(٢) انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٥ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٥ ، الهمع : ٥ / ١٢١ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٩ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٥٩ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٦٥٨ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٠٩.
(٣) في الأصل : اسمية.
(٤) في الأصل : طرفك.
(٥) فـ «دونك» بمعنى : خذ ، و «فرطك» بمعنى : تقدم. انظر الهمع : ٥ / ١٢٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٨.
(٦) انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٧) قال بهذا ابن صابر. ومعنى خالفة : خليفة الفعل ونائبه في الدلالة على معناه.
انظر الأشموني مع الصبان : ٣ / ١٩٦ ، الهمع : ٥ / ١٢١ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٩٥ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٠٩.
(٨) وقال ابن مالك : «أسماء الأفعال ألفاظ تقوم مقامها غير متصرفة بتصرفها ولا تصرف الأسماء». انتهى.
والمراد بالاستعمال : جريانه كالفعل في عدم التّأثّر بالعوامل ، وبذلك خرجت (١) المصادر والصّفات العاملة ، فإنّها تتأثّر بالعوامل.
وينقسم إلى :
ـ نائب عن الماضي كـ «شتّان» بمعنى : افترق (٢) ، ولذلك لا يسند إلّا إلى متعدّد ، إمّا بعطف ، نحو «شتّان زيد وعمرو» ، أو بضمّ ، كـ «شتّان القوم» (٣).
ومنه : «شتّان ما بين زيد وعمرو» ، لأنّ «ما» موصولة بمعنى : الأمكنة (٤).
وقيل : «ما» ، و «بين» زائدتان (٥).
ـ وإلى نائب عن الأمر ، كـ «صه» بمعنى : اسكت ، و «مه» بمعنى : اكفف ، ولا يسند إلى ظاهر.
__________________
انظر التسهيل : ٢١٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٩ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٥ ، الهمع : ٥ / ١١٩ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٢٥٦ ، الفوائد الضيائية : ٢ / ١١١ ، معجم النحو : ٢٠.
(١) في الأصل : جر.
(٢) كذا أطلقه الجمهور ، وقيده الزمخشري بكون الافتراق في المعاني والأحوال ، كالعلم والجهل والصحة والسقم ، فلا يستعمل في غير ذلك ، فلا يقال : شتان الخصمان عن مجلس.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٦ ، المفصل : ١٦١ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ٦٨ ، حاشية الصبان : ٣ / ١٩٧ ، حاشية الخضري : ٢ / ٩٠.
(٣) وفسر بعضهم «شتان» بـ «بعد» ، وعلى هذا يكتفى بالواحد. انظر المساعد لابن عقيل : ٢ / ٦٥١ ، شرح الرضي : ٢ / ٧٤.
(٤) قال الفارسي : فأما قولك : «شتان ما بينهما» فالقياس لا يمنعه إذا جعلت «ما» بمنزلة الذي ، وجعلت «بين» صلة ، لأن «ما» لإبهامها قد تقع على الكثرة ، ألا ترى قوله : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) ، ثم قال : «ويقولون» فعلمت أن المراد به جمع. انتهى.
وقال الرضي : إنما جاز : «شتان ما بينهما» على أن «شتان» بمعنى «بعد» ، لأنه لا يستلزم فاعلين فصاعدا ، و «ما» كناية عن البون أو المسافة ، أي : بعد ما بينهما من المسافة. وأنكر الأصمعي هذا التركيب ، وفي البسيط : أجازه الأصمعي ومنعه الأكثرون.
انظر المسائل العسكرية للفارسي : ١١٨ ، شرح الرضي : ٢ / ٧٤ ، المساعد لابن عقيل : ٢ / ٦٥١ ، الخزانة : ٦ / ٢٧٦ ـ ٢٧٨ ، حاشية الخضري : ٢ / ٩٠ ، شرح الشذور : ٤٠٤.
(٥) وذلك كقوله :
فشتّان ما بين اليزيدين في النّدى
فـ «اليزيدين» فاعل مرفوع تقديرا ، و «ما بين» زائدتان. وأجاز الرضي أن يكون «ما» زائدة ، وشتان بمعنى : بعد ، وفاعله : «بين».
انظر حاشية الصبان : ٣ / ١٩٧ ، حاشية الخضري : ٢ / ٩٠ ، شرح الرضي : ٢ / ٧٤ ، الخزانة : ٦ / ٢٧٨.
ـ وإلى نائب عن المضارع ، كـ «أوّه» بمعنى : أتوجّع ، و «أفّ» بمعنى : أتضجّر ، و «كخّ» بمعنى : أتكرّه (١) ، ولم يستعمل إلّا بمعنى مضارع المتكلّم ، ولذلك لا يظهر بعده الفاعل.
ثمّ قال / :
وما بمعنى افعل كآمين كثر |
|
وغيره كوي وهيهات نزر |
أكثر ما استعمل أسماء الأفعال نائبة عن فعل الأمر ، كـ «آمين» بمعنى : استجب ، وقد تحذف المدّة منه ، وقد تشدّد الميم مع حذفها (٢).
__________________
(١) في الأصل : أكره. قال السيوطي : و «إخ وكخ» بكسر الهمزة والكاف ، وتشديد الخاء ساكنة ومكسورة بمعنى : أتكره. انتهى. انظر الهمع : ٥ / ١٢٣ ، التسهيل : ٢١٢ ، شرح الفريد : ٤٢٨ ، المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل : ٢ / ٦٥٢.
(٢) أي : مع حذف المدة. والمذكور في «آمين» أربع لغات : إحداها : «آمين» بالمد على وزن فاعيل ، وهي لغة الحجازيين ، قال ابن هشام : «وهذه أكثر اللغات استعمالا ، لكن فيها بعد عن القياس». انتهى وذلك نحو قوله :
ويرحم الله عبدا قال آمينا
وقيل على هذه اللغة : إنه أعجمي معرب ، لأنه ليس في كلام العرب «فاعيل» ، وقيله : أصله «أمين» بالقصر ، فأشبعت فتحة الهمزة ، فتولدت الألف ، قال ابن إياز : وهذا أولى.
الثانية : «أمين» بالقصر على وزن «فعيل» وهي لغة في بني عامر ، قال الشاعر :
تباعد منّي فطحل وابن أمّه |
|
أمين فزاد الله ما بيننا بعدا |
قال ابن هشام : «وهذه اللغة أفصح في القياس ، وأقل في الاستعمال ، حتى إن بعضهم أنكرها ، قال صاحب الإكمال : حكى ثعلب القصر وأنكره غيره ، وقال إن جاء مقصورا في الشعر. انتهى ، وانعكس القول عن ثعلب على ابن قرقول ، فقال : أنكر ثعلب القصر إلا في الشعر ، وصححه غيره ، وقال صاحب التحرير في شرح مسلم : وقد قال جماعة إن القصر لم يجئ عن العرب ، وإن البيت إنما هو :
فآمين زاد الله ما بيننا بعدا
انتهى كلام ابن هشام.
الثالثة : «آمين» بالمد والتشديد ، قال ابن هشام : «روي ذلك عن الحسن ، والحسين بن الفضل ، وعن جعفر الصادق ، وأنه قال : تأويله قاصدين نحوك وأنت أكرم من أن تخيب قاصدا ، نقل ذلك عنهم الواحدي في البسيط ، وقال صاحب الإكمال : حكى الداودي تشديد الميم مع المد ، وقال : وهي لغة شاذة ، ولم يعرفها غيره. انتهى ، قلت : أنكر ثعلب والجوهري والجمهور أن يكون ذلك لغة وقالوا : لا نعرف «آمين» إلا جمعا بمعنى : قاصدين ، كقوله تعالى : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ.) انتهى كلام ابن هشام.
الرابعة : «آمين» بالمد مع إمالة الألف للكسرة بعدها ، قال ابن هشام «ورويت عن حمزة والكسائي». انتهى.
ومثله في الدّلالة على الأمر : «هيت» بمعنى : أسرع ، و «نزال» وبابه ، وقد تقدّم في باب الأسماء اللّازمة للنّداء : أنّه ينقاس من كلّ فعل ، ثلاثيّ ، تامّ ، متصرّف (١).
ويقلّ استعمالها نائبة عن المضارع (٢) (ك «أوّه» بمعنى أتوجّع ، و «وي» بمعنى : أعجب) (٣) ، كقوله تعالى : (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) [القصص : ٨٢] ، ويقال فيها : «وا» (٤) ، نحو :
(٥) ـ وا بأبي أنت وفوك الأشنب
أو نائبة عن الماضي كـ «هيهات» بمعنى (٦) : بعد ، وهي مفتوحة التّاء عند الحجازيّين ، وبنو تميم : يكسرونها ، وعقيل : تضمّها (٧) ، وبها قرئ شاذّا :
__________________
انظر في ذلك شرح المرادي : ٤ / ٧٨ ، شرح الشذور : ١١٦ ـ ١١٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٧ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١١١ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٣٤ ـ ٣٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٦ ، اللسان (أمن) ، التسهيل : ٢١١ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٧ ، المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل : ٢ / ٦٤٩ ، المصباح المنير : ١ / ٢٤ (أمن) ، المعجم الكامل في لهجات الفصحى : ٣٤.
(١) انظر ص ١٣٢ / ٢ من هذا الكتاب.
(٢) في الأصل : المضاف. راجع الأشموني : ٣ / ١٩٧.
(٣) ما بين القوسين في الأصل : كـ «وي» بمعنى : أتوجع.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٦ ، ١٩٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٨٥ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٨ ، الهمع : ٥ / ١٢٣ ، الجنى الداني : ٣٥٢.
(٤) ويقال فيها «واها» أيضا ، كقوله :
واها لسلمى ثمّ واها واها
انظر مغني اللبيب : ٤٨٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٧ ، الهمع : ٥ / ١٢٣.
(٢١٧) ـ من الرجز ، لراجز من رجاز تيم ، يصف امرأة ، وبعده :
كأنّما ذرّ عليه الزّرنب
ويروى : وا بأبي ثغرك ذاك الأشنب. الفو : الفم. الأشنب : افعل من الشنب ، وهو حدة في الأسنان ، وقيل : برد الأسنان وعذوبة مذاقها. ذر : نثر. الزرنب : ضرب من النبت طيب الرائحة. والشاهد في قوله : «وا بأبي» حيث جاءت فيه «وا» نائبة عن الفعل المضارع ، وهي بمعنى : أعجب ، وذلك قليل.
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٨٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٨ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣١٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٩٧ ، مغني اللبيب (رقم) : ٦٨٤ ، الهمع (رقم) : ١٥٠٩ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٣٩ ، اللسان (زرنب) ، شواهد المغني : ٢ / ٧٨٦ ، أبيات المغني : ٦ / ١٤٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٩ ، الجنى الداني : ٣٥٢ ، جواهر الأدب : ٣٥٩.
(٥) في الأصل : يعني.
(٦) وإذا ضمت فمذهب أبي علي أنها تكتب بالتاء ، ومذهب ابن جني أنها تكتب بالهاء.
انظر شرح المرادي : ٤ / ٨١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٩ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ٦٥ ـ ٦٦.